دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:10 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وتَقْضي الحائِضُ الصَّوْمَ، لا الصَّلاةَ، ولا يَصِحَّان مِنْهَا، بل يَحْرُمَانِ،............
قوله: «وتقضي الحائض الصَّوم، لا الصَّلاة» ، استفدنا من هذه العبارة أربعةَ أحكام:
الأول: أنَّها لا تصوم.
الثاني: أنَّها لا تُصلِّي.
الثَّالث: أنَّها تقضي الصوم.
الرَّابع: أنَّها لا تقضي الصَّلاة.
أما الأول والثَّاني، فاستفدناهما بدلالة الالتزام والإِشارة؛ لأنَّ من لازم قوله: «تقضي» أنها لم تفعل.
وأما الثَّالث والرَّابع، فاستفدناهما من منطوق كلام المؤلِّف، والدِّلالة عليه من باب دَلالة المطابقة.
والدَّليل عليه ما يلي:
1- أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لما سألته النِّساء: وما نُقصانُ ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: «... أليس إِذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟»، قُلن: بلى، قال: «فذلك من نقصان دينها» [(892)].
2- أن عائشة رضي الله عنها سُئِلتْ ما بَالُ الحائض تقضي الصَّوم، ولا تقضي الصَّلاة؟ قالت: «كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصَّلاة»[(893)].
3- أن الإِجماع قائم على ذلك.
فإِن قيل: ما الحكمة أنَّها تقضي الصَّوم، ولا تقضي الصَّلاة؟.
قلنا: الحكمة قول الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم كما سبق.
واستنبط العلماء ـ رحمهم الله ـ لذلك حكمة،
فقالوا: إِن الصَّوم لا يأتي في السَّنة إِلا مَرَّةً واحدة، والصَّلاة تتكرَّر كثيراً، فإِيجاب الصَّوم عليها أسهل، ولأنها لو لم تقضِ ما حصل لها صومٌ.
وأمَّا الصَّلاة فتتكرَّر عليها كثيراً، فلو ألزمناها بقضائها لكان ذلك عليها شاقًّا.
ولأنَّها لن تعدم الصَّلاة لتكرُّرِها، فإِذا لم تحصُل لها أوَّل الشَّهر حصلت لها آخره[(894)].
قوله: «ولا يَصحَّان منها» ،
أي: لا يصحُّ منها صومٌ، ولا صلاةٌ.
فلو أنها تذكَّرت فائتةً قبل حيضها، ثم قضتها حال الحيض لم تبرأ ذمَّتُها بذلك، وإِنّما مَثَّلتُ بالفائتة لأنَّها واجبةٌ عليها، أما الحاضرة فليست واجبةً عليها.
وكذا لو قالت:
أحبُّ الصَّوم مع النَّاس وأتحفَّظ حتى لا ينزل الدَّم، فصامت؛ فصومُها غيرُ صحيح للحديث السَّابق.
قوله: «بل يحرمان» ، أي: الصَّوم والصَّلاة.
وتعليل ذلك: أنَّ كلَّ ما لا يصح فهو حرام.
قال صلّى الله عليه وسلّم: «كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإِن كان مائة شرط»[(895)].

ويَحْرُمُ وطؤُها في الفَرْج، فإِن فعل فعليه دينارٌ، أو نِصْفُهُ كفَّارةٌ، ويَسْتَمْتِعُ منها بما دُونَه ....
قوله: «ويحرم وطؤها في الفرج» ، أي يحرم وطء الحائض في فرجها.
والحرام: ما نُهِيَ عنه على سبيل الإِلزام بالترك.
وحكمه: يُثاب تاركُه امتثالاً، ويستحقُّ العقابَ فاعلُه.
والدَّليل على تحريم وطء الحائض في الفَرْج:
1- قوله تعالى: {{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}} [البقرة: 222] .
والمحيض: مكان وزمان الحيض، أي: في زمنه ومكانه وهو الفَرْج، فما دامت حائضاً فوطؤها في الفَرْج حرام.
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم لما نزلت هذه الآية:«اصنعوا كلَّ شيءٍ إِلا النِّكاح»[(896)]، أي: إِلا الوَطء.
قوله: «فإِن فعل» ، أي: وَطئها في الفَرْج.
قوله: «فعليه دينار، أو نصفه كفَّارة» ، أي: يجب عليه دينار أو نصفه كفَّارة.
والدِّينار: العُملة من الذَّهب، وزِنةُ الديِّنار الإِسلاميِّ مثقالٌ من الذهب، والمثقالُ غرامان وربع، والجنيه السعودي: مثقالان إِلا قليلاً، فنصف جنيه سعودي يكفي، فيُسأل عن قيمته في السُّوق.
فمثلاً: إِذا كان الجنيه السعودي يساوي مائة ريال، فالواجب خمسون أو خمسة وعشرون ريالاً تقريباً، ويُدفع إِلى الفقراء.
وقوله:«أو نِصْفُه» أو: للتخيير، فيجب عليه أن يتصدَّق بدينار، أو نصفه، لأنَّ الأصل في «أو» أنها للتخيير.
والدَّليل على ذلك: ما رواه أهلُ السُّنن عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: «يتصدَّق بدينار أو بنصف دينار»[(897)].
واختلف العلماء في تصحيحه، فصحَّحه جماعةٌ من العلماء حتى قال الإِمام أحمد:
ما أحسنه من حديث[(898)].
وقال أبو داود لمَّا رواه: هذه هي الرِّواية الصَّحيحة[(899)].
وضعَّفه بعض العلماء حتى قال الشَّافعيُّ رحمه الله: «لو ثبت هذا الحديث لَقُلْتُ به»[(900)]. ولهذا كان وجوبُ الكفَّارة من مفردات المذهب، والأئمة الثَّلاثة يرون أنَّه آثم بلا كفارة[(901)].
والحديثُ صحيحٌ، لأنَّ رجالَه كلَّهم ثقاتٌ، وإِذا صحَّ فلا يضرُّ انفرادُ أحمد بالقول به.
فالصحيح: أنها واجبةٌ، وعلى الأقل نقولُ بالوجوب احتياطاً.
وهل على المرأة كفَّارة؟ سكت المؤلِّفُ عن ذلك.
فقيل: لا كفارة عليها[(902)]؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «يتصدَّقُ بدينار؛ أو نصفه». وسكت عن المرأة.
وقيل: عليها كفَّارة كالرَّجل إِن طاوعته (902) .
وعلَّلوا:
بأن الجنايةَ واحدةٌ، فكما أنَّ عليه ألاَّ يقربها، فعليها ألا تمكِّنه، فإِذا مكَّنته فهي راضيةٌ بهذا الفعل المحرَّم فلزمتها الكفَّارة.
وأيضاً:
تجب عليها قياساً على بقية الوَطء المحرَّم، فهي إذا زنت باختيارها فإِنه يُقامُ عليها الحدُّ، وإِذا جامعها زوجُها في الحجِّ قبل التَّحلُّل الأول فسد حجُّها، وكذا إِذا طاوعته في الصِّيام فسد صومُها ولزمتها الكفارة.
وسكوتُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عن المرأة لا يقتضي الاختصاص بالرَّجل، لأن الخطاب الموجَّه للرِّجال يشمَل النِّساء، وبالعكس، إِلا بدليل يقتضي التَّخصيص.
ولا تجب الكفَّارة إِلا بثلاثة شروط:
1- أن يكون عالماً.
2- أن يكون ذاكراً.
3- أن يكون مختاراً.
فإِن كان جاهلاً للتّحريم، أو الحيضِ، أو ناسياً، أو أُكرهت المرأةُ، أو حَصَلَ الحيضُ في أثناء الجماع، فلا كفَّارة، ولا إِثم.
قوله: «ويستمتعُ منها بما دُونه» ، أي يستمتعُ الرَّجل من الحائض بما دون الفَرْج.
فيجوز أن يستمتعَ بما فوق الإِزار، وبما دون الإزار، إِلا أنَّه ينبغي أن تكون متَّزرة؛ لأنَّه صلّى الله عليه وسلّم كان يأمر عائشة رضي الله عنها أن تَتَّزِرَ فيباشرها وهي حائض[(903)]، وأَمْرُه صلّى الله عليه وسلّم لها بأن تتَّزِرَ لئلاَّ يَرى منها ما يكره من أثر الدَّم، وإِذا شاء أن يستمتع بها بين الفخذين مثلاً، فلا بأس.
فإِن قيل: كيف تجيب عن قوله صلّى الله عليه وسلّم لما سُئِلَ ماذا يَحِلُّ للرَّجُل من امرأته وهي حائض؟ قال: «لك ما فوق الإِزار»[(904)]، وهذا يدلُّ على أن الاستمتاع يكون بما فوق الإِزار.
فالجواب عن هذا بما يلي:
1- أنَّه على سبيل التنزُّه، والبعد عن المحذور.
2- أنه يُحمَلُ على اختلاف الحال، فقولُه صلّى الله عليه وسلّم: «اصنعوا كلَّ شيء إِلا النكاح»[(905)]، هذا فيمن يملك نفسه، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لك ما فوق الإِزار»، هذا فيمن لا يملك نفسه إِما لقلَّة دينه أو قوَّة شهوته.
وإِذا استمتع منها بما دون الفَرْج فلا يجب عليه الغُسْل إِلا أن يُنزِلَ.
والمرأة إِذا أنزلت وهي حائض استُحِبَّ لها أن تغتسل للجنابة، لئلا يبقى عليها أثر الجنابة، سواء حَدَثت لها الجنابة بعد الحيض كما لو احتلمت، أو كانت على جنابة حين الحيض، هكذا قال العلماء[(906)]، وتستفيد من هذا الغسل استباحة قراءة ما تحتاجه من القرآن كالأوراد والتَّعلُّمِ والتَّعليم.

وإِذا انقَطَعَ الدَّمُ، ولم تغتسلْ لم يُبَحْ غَيْرُ الصِّيامِ، والطَّلاقِ.
قوله: «وإِذا انقطع الدَّم ولم تغتسل لم يُبَحْ غير الصيِّام والطَّلاق» .
يعني: إِذا انقطع الدَّمُ ولم تغتسل؛ بقي كلُّ شيء على تحريمه إِلا الصِّيامَ، والطَّلاقَ.
أما الصِّيام فقالوا:
لأنها إِذا طَهُرَتْ صارت كالجُنُبِ تماماً، والجُنُبُ يصحُّ منه الصِّيامُ بدلالة الكتاب والسُّنَّة:
فالكتاب قوله تعالى: {{فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}} [البقرة: 187] ، وإِذا جاز الجِمَاع إِلى طُلوع الفجر لزمَ من ذلك أن يصبحَ جُنُباً.
والسُّنَّة ما روته عائشةُ أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يصبحُ جُنُباً من جماعٍ غير احتلامٍ، في رمضان ثم يصوم[(907)].
ولم يذكر المؤلِّف فيما سبق تحريم الطَّلاق، لكن يُفْهَمُ من قوله هنا: «لم يُبَحْ غير الصِّيام والطَّلاق»، أنه محرَّمٌ.
والدَّليل على جواز الطَّلاق بعد انقطاع الدم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثم لِيُطَلِّقْهَا طاهراً أو حاملاً»[(908)]، والمرأة تَطْهُرُ بانقطاع الدَّم.
فإِن قيل: هل يجوز الجِمَاع؟
فالجواب: لا، والدَّليلُ على هذا قوله تعالى: {{وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}} [البقرة: 222] .
فإِن قيل: المرأة إِذا كان عليها جنابةٌ جاز أن تُجَامَعَ قبل الغُسل فكذلك هذه أيضاً؟.
فالجواب: أن هذا قياسٌ في مقابلة النَّصِّ، فلا يُعتَبَرُ.
فإن قيل: المراد بقوله: {تَطَهَّرْنَ} أي: غَسَّلْنَ أثرَ الدَّم؟.
الجواب: أنَّ هذا قال به بعضُ العلماء كابن حزم رحمه الله[(909)]، ولكن نقول: إن المراد بالتطهُّر هو التطهُّر من الحَدَث، وهذا لا يكون إِلا بالاغتسال، والدَّليل على ذلك قوله تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة: 6] ، وقال تعالى: {{وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}}.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, دية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir