الإسلاميون ...عثرات على طريق الغربة

[أم البراء صبرين جلاييف]

إن عالمية رسالتنا واجهتها الكثير من العقبات على طول سنوات الصحوة و لعلها بلغت زروتها بعد الثورات حينما كان خيار الشعوب هو دعم هذه الرسالة حتى تحقق غايتها و لكن في خضم الأحداث و بعيداً عن المضامين السياسية لها .. فضلت أن يكون هذا المقال حديثاً موجهاً لأرواحنا المؤمنة و نقداً لذواتنا و لواقعنا في آنٍ واحد .. فهناك عثرات على طريق الغربة تؤخر بزوغ الفجر ليست جديدة و لكنها تحتاج إلى طرحٍ موضوعي لجذور الأمر ووضع حلولٍ له بمنظورٍ عملي يخلو من التنظير المفرغ من المضمون .. عثرات على طريق الغربة هي خاطرة عابرة على الطريق في صورة سلسلة مقالات متصلة سنلقي فيها الضوء على كل عثرة و كيفية اجتيازها بدون أن يهتز لثباتنا جدار بل نجعلها جدر محطمة و عبرة للمعتبر..

العثرة الأولى ....تغريب الطغاة للدعوة مع سبق الإصرار و الترصد

لقد تعمد الطغاة على طول سنوات القهر لإرادة شعوبنا الحرة - فمعدنها حر و إن علاه بعض الغبار- تغريب الدعوة و تشويه صورة رموزها و هذا ظهر واضحاً جلياً في محاربته للكتب و الدعاة و كأنهم الخطر القادم من الشرق و تم استغلال هذه الترسانة الأمنية و الإعلامية الضخمة لهذه الغاية فباتت شعوبنا بين جاهلٍ لحقيقة دعوة هؤلاء الرموز و بين متخوفٍ منها أو معادٍ لرموزها عن جهلٍ بحقيقة الأمر ..
هذه العثرة ظهرت جلية بعد الثورات مع الغياب الغير متعمد للتربية الروحية الكاملة للجيل الجديد من أبناء الصحوة مع استمرار الترسانة الإعلامية في التشويه أكثر و أكثر و كذا التركيز على الجانب السياسي بصورة مركزة لطبيعة المرحلة و تحدياتها .
هذه العثرة تم استغلالها من قبل قوى الباطل بنجاح لإظهار أبناء الصحوة كطرفٍ خصم في معركة سياسية تجعل معركتها أولاً و مصالح الشعوب ثانياً و هذا التضليل المتعمد ليس حقيقة الأمر على أرض الواقع الفعلي و إنما غاية الإعلام المضلل توجيه الشعوب لفهمه لأنه يدرك أنه لن يجابه هذا التحول في موزاين الأمور فلا أقل من خوض معركة بشراسة لعدم تعجيله .
و إذا نظرنا بموضوعية لهذه العثرة فإن تخطيها لن يتم إلا على محورين لا انفصام بينهما .. ترسانة دعوية ضخمة تميط اللثام عن عظمة هؤلاء الرموز لتعرف الشعوب مقدار عظمتمهم و ما لاقوه من ظلمٍ و تشويهٍ متعمد .
و المحور الأهم و المستفاد من التجربة التركية ..من الخطأ الذي طالما تحدث عنه نجم الدين أربكان هذه القمة في تاريخ الفكر الإسلامي المعاصر .. من الخطأ أن ترقى برسالتك لمكانها الرئيسي في قيادة الأمة و البروز لجميع نواحي الحياة و أنت تترك إعلاماً وضيعاً - يزين الباطل و يهاجم الحق - عثرةً في طريقك .
التوثيق :http://sabreenelmasry.blogspot.com/p/blog-page_23.html

يتبع

[أم البراء صبرين جلاييف]

العثرة الثانية : غياب المعنى الحضاري للإسلام عن إذهان بعض أبناء الصحوة

من أهم العثرات في طريق الغربة هي المفاهيم الخاطئة لمباديء الإسلام النابعة من نقص التحصيل العلمي و المعرفي لدى بعض أبناء الصحوة المنتمين لبعض الأيدلوجيات فإذا ذكرت بأن الإسلام حضارة شاملة فكأنك تستحضر غائباً طال غيابه و للأسف غياب هذا الفهم جعل الإسلام متهم في نظر من يرون الحضارة المادية المتمثلة في الغرب اليبرالي هي المهيمن و المسيطر .. إن استحضار حضارة الإسلام التي ترعى الجانب الأخلاقي و تقدمه على الجانب المادي و تجعله حاكماً له واجبً ترجمته واقعاً عملياً لدى أبناء الصحوة حتى إذا تحدث عن الحضارة لا يسمع نفس الرد: إنما يهمنا الإسلام و ليس الحضارة!. و ما وعوا أن الإسلام هو أعظم حضارة كانت واقعاً عملياً ناجحاً و أنه لا تمكين للإسلام إلا باستحضار هذا الغائب

التوثيق :http://sabreenelmasry.blogspot.com/p/blog-page_23.html

يتبع

[سلمى نصار]

جزاك الله خيراً
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا واجعلنا خير دعاة لدينك المتين

[أم البراء صبرين جلاييف]

اللهم آآآآآآآآآآآآمين , أختي الفاضلة

[أم البراء صبرين جلاييف]

العثرة الثالثة : التغيير الهرمي بين النظرية و الفاعلية

التغيير الهرمي الذي يبدأ من القاع إلى القمة بداءاً من القاعدة العريضة انتهاءاً بالرأس و القيادة هو مسار التغيير السليم نظرياً في مسار نهضة أي أمة .
أن نبدأ تغييراً هرمياً يبدأ من الفرد ثم الأسرة ثم الإطار الأوسع من ذلك في إطار منظومة دعوية اجتماعية انتهاءاً بالقيادة التي تتغير تلقائياً بصلاح ما تقوده من منظومات و أفراد ..هذا هو التغيير الهرمي الناجح نظرياً ..التغيير الواسع المكاسب لقليل المضار أم عن مدى فعالية هذا التغيير في الواقع الحالي فإنه حتى يتم التغيير الهرمي يجب أن تكون هناك قيادة تسمح به و تفتح له الأبواب و هذه القيادة ضرورة ليحدث هذا التغيير الهرمي و تواجد هذا التغيير في حد ذاته ضرورة لتثبيت أركان هذه القيادة ليكون تمكيناً على أسسه السليمة ..و الواقع أن القيادات التي أسقطتها الثورات لم تكن فاسدة فحسب بل كانت حجر عثرة في طريق هذا التغيير بل و تحاربه بكل ما أوتيت من قوةٍ و عزم .
و على هذا فعند انغلاق هذا الباب لا يتواجد إلا حل واحد و هو قلب الهرم و تغيير الرأس و من ثم البدء في الهرمية من الأسفل و حينها علينا الانصدام مع واقع الفوضى النابع عن عدم وجود القاعدة العريضة الواعية على نحوٍ صحيح .
و كأن قدرنا بين طريقين إما مساراً هرمياً مسدوداً أو قلباً للهرم لبدءه و علينا حينها أن نتحمل التبعات و على هذه القيادة الجديدة أن تكون واعية و لا تنشغل عن الغاية بمعركة المكاسب و المضار و التي يدفع ثمنها الضعفاء دون غيرهم في النهاية .

التوثيق : http://sabreenelmasry.blogspot.com/2...g-post_14.html

[أم البراء صبرين جلاييف]

العثرة الرابعة .. تمكين أم تنازل؟!

إن من أهم العثرات على طريق الغربة أن إيماننا بعالمية الرسالة و اتساعها و فعاليتها لا يطبق واقعاً عملياً تاماً عند الاحتكاك مع تضربات الحياة و خاصةً على الساحتين السياسية و الاقتصادية و حينها يتحول الاقتحام إلى طريق تنازلات و ليس طريق تمكين على الحقيقة!..و هنا أقصد اقتحام المجال بقواعده لا بمبادئنا و إذا فعلنا ذلك فحينها سيظهر للمواطن العامي الانفصام الواضح بين الشخص و المنهج فيضع الكل في نفس الميزان و نفس الكفة و نفس الحكم الذي لن يكون جائراً مادام هذا هو الحال الغالب على الواقع و الحقيقة .
إن اتساع الفجوة بين المنهج و التطبيق و بعد المقاربة عند الأجيال الجديدة من أبناء الصحوة لتداخل أهواء النفس مع المباديء مما يقلل عمقها داخل النفس المؤمنة التي لا تنتصر إلا إذا حافظت على نقاء الغاية و الهدف.
و هذه العقبة ناتجة عن غياب التربية الروحية الكاملة لهذا الجيل الذي ينشأ وسط مجتمعات تحركها المصالح و الأهواء و المكاسب و الأغراض هي عثرة من العيار الثقيل في طريق الغربة .. إذ أن العامي الذي يرى الشخص مثالاً على المنهج سيقيس الأمر بذات الطريقة... و حينها سيكون هذا الجيل الوافد وبالاً على الدعوة و ليس انتصاراً لها ما لم نعنى بالجانب الروحي و الإيماني لهؤلاء قبل غيرهم .
التوثيق : http://sabreenelmasry.blogspot.com/2...post_8701.html

[أم البراء صبرين جلاييف]

العثرة الخامسة : التدرج في العودة بناء على رمل أم ساعة رمل ؟!

التدرج طرح ليس بجديد.. بدء في العهد النبوي مع إشراقات هذه الدعوة الخالدة الأولى , فبدء الحبيب المصطفى صلىى الله عليه و سلم بترسيخ الجانب العقائدي السليم و من ثم الاعتناء بالجانب الإيماني و الروحي و بناء الفرد وفق مباديء الشريعة و من ثم كانت الأحكام التي تنظم علاقة الفرد بالمجتمع و لم تخلو من درجات التدرج في التطبيق أيضاً و أخيراً كانت الأحكام الشرعية التي تنظم علاقة الدولة الإسلامية مع الخارج و لم تخلو من التدرج مراعاةً لحال الأمة من الضعف حتى القوة و العدة .
و هذا التدرج كان لحكمة بالغة و هي انشاء مجتمع إسلامي على قواعد راسخة و خاصةً أن هذه النشاءة كانت وسط مجمتمعات تحاربه بكل ما أوتيت من قوةٍ و عزم .
و لكن هل طرح التدرج الآن و هو المراد به تزامن الجانب الدعوي و العقائدي مع دساتير تطبق المباديء دون الأحكام الكاملة وقتياً حتى تختفي الصورة السلبية التي صنعها الإعلام الموجه عن أطروحة تطبيق الأحكام الشرعية و العودة لها حتى يطلب المجتمع بنفسه بعد بناء هذه القاعدةالدعوية العريضة تطبيق الأحكام بمضامنيها كاملة غير منقوصة .. هل هذا الطرح الآن هو ساعة رمل تتجه بمجتماعاتنا إلى سماحة الإسلام الكاملة و ترعى غربة المجتمعات في غالبيتها عن الدعوة الحقة الواضحة أم هو بناء على رمل و ضرب آخر من التنازل بعد التمكين ؟!.
التوثيق : http://sabreenelmasry.blogspot.com/2...g-post_15.html

[أم البراء صبرين جلاييف]

العثرة السادسة :تنوع الأيدلوجيات .. من نعمة إلى نقمة ممنهجة
؟!

إن الاختلاف في الفروع كان دوماً رحمةً للأمة ما دامت لا تختلف في أصولها و ثوابتها و لكن هذا كان عندما كان هناك من يعي أن الاختلاف رحمةٌ من الله مراعاةً لاختلاف الأنفس البشرية في قبولها و رفضها و ميل بعضها للترغيب دون الترهيب و العكس و لاختلاف الأزمنة و الأماكن و الظروف .
و لكن عندما غاب هذا المعنى عن أجيالنا التي تظل سنوات عديدة فقط لتصلح عيب النفوس الدخيل , ظهر التحزب الضيق و لا أقصد به التحزب لرأيٍ ما أو حزبٍ ما أو فكرةٍ ما بقدر ما أقصد به ضيق الأفق في هذا التحزب , هذا الضيق النابع من نقص علمٍ و معرفة بأن كل جهة لها جانب تميز في جزء من الدين و في جانبٍ منه و أنه لا تكامل إلا بالجميع فهذا يدرك من العقيدة ما لا يدركه غيره و هذا بلغ في السياسة و الدراية بتصريف أمور الحكم باعاً و الآخر لا يوجد غيره أقدر على مخاطبة الآخر .
إن اتباع الأهواء جعل الأخوة في الدعوة الواحدة أعداءاً عند تضارب الرؤى و المصالح و التي من المفترض أن تنحى جانباً عندما تعارض الغاية العليا الأكبر و الأهم .
و للأسف حينها ندخل في نفق التمحيص فيثبت على الحق من يثبت بمقدار صدقه و إن أخطأ في بعض أوجه رؤيته و ينزلق من أراد إتباع الهوى و إن ظن نفسه محقاً فالله أعلم بالصادقين ...و لا يبقى لنا إلا البكاء على صفحات الواقع المر الذي نلقي فيه أنفسنا مع سبق إصرارٍ و ترصد و أن نلقيها تذكرة عسى أن تجد من يسمع .
التوثيق :http://sabreenelmasry.blogspot.com/2...post_2000.html

[أم البراء صبرين جلاييف]

العثرة السابعة : شعور الاغتراب بعمقٍ سلبي

إن من أشد العقبات في طريق الغربة هو مردود الاغتراب بروحٍ سلبية على الملتزم إذ يشعر بالوحدة و الاختلاف و لكن يتعمق لديه لبعد السلبي لهذا الاختلاف فلا يجد فيه الرحمة التي تكمن ورائه و لكن يجد فيه بعداً آخر .. بعداً سلبياً للانفراد بالمباديء في مجتمع ليس ملائكياً فحسب بل ليس انسانياً حتى في بعده المجتمعي في الغالب إلا في صورة الخير الباقي في امة محمد و الذي تبحث عنه كأبرة صغيرة وسط كومة ركام لتراكم البعد..ابتعاد جيل يليه آخر حتى صار البعد طبعاً و عادة .
لهذا فانتقاد الملتزم في غربته يوسع لديه هوة البعد السلبي فإذا لم يستشعر السعادة الكاملة في المعية للخالق و لم لم تتدفق لكل كيانه فسيتعبه البعد السلبي لذلك لأن الاختلاف الذي في نظره رحمة صار شبح انتقادٍ و هجوم!.. و ليس مجرد طيفٍ عادي كباقي الأطياف فأنى له بأن يكون رحمة ؟!
و هنا يجد الملتزم نفسه مستهدف من قبل خطرين العزلة أو الانزلاق ... و كلاهما عثرة على طريق الغربة و منحدرات لا يجب أن نقع فيها لكل من يتجه لطريق الاستقامة و يملك نفساً تأبى النكوص .
التوثيق : http://sabreenelmasry.blogspot.com/2...g-post_17.html