بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة القسم الثاني من "خلاصة تفسير القرآن
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.
قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِیَ لَهُۥ مِنۡ أَخِیهِ شَیۡءࣱ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَاۤءٌ إِلَیۡهِ بِإِحۡسَـٰنࣲۗ ذَ لِكَ تَخۡفِیفࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةࣱۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَ لِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِیم}
المخاطب في الآية: عموم المؤمنين، وذلك يشمل أولياء القاتل، والقاتل نفسه.
ودلالة ذلك:
- وجوب إعانة ولي المقتول إذ طلب القصاص وتمكينه من القاتل.
- وأنهم لا يحل لهم أن يحولوا بينه وبين القاتل إذا تمت الشروط.
معنى القصاص في القتلى: المساواة فيه.
المراد بالقصاص: هو أن يقتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول.
الحكمة من القصاص: إقامة العدل بين العباد.
معنى قوله تعالى: (الحر بالحر):
-دلت بالمنطوق على أن النفس تقتل بالنفس، لا اعتبار للجنس، فالذكر يقتل بالأنثى، وتقتل الأنثى بالذكر.
وذلك بتقديم دلالة المنطوق على دلالة المفهوم من قوله تعالى: ( والأنثى بالأنثى).
- ويستدل لذلك بما ورد من صريح السنة الصحيحة قتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي بالجارية.
-ودلت بالمفهوم على أن الحر لا يقتل بالعبد لكونه غير مساو له.
-وخرج من عموم قوله ( الحر بالحر):
1.الأبوان وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك.
- ولدلالة لفظ القصاص أنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده.
- ولدلالة العرف أنه يمتنع أن يصدر عن الوالد قتل لولده إلا لخلل عقلي أو ضرر شديد أو عدم القصد.
2. أن المسلم لا يقتل بالكافر لثبوت السنة بذلك.
- ولدلالة لفظ القصاص أنه ليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} ذكرا كان أو أنثى تساوت قيمتهما أو اختلفت.
قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}:
-في الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في العمد العدوان، وأن الدية بدل عنه.
- وفيها ترقيق وحث عل العفو إلى الدية، والأكمل العفو مجانا.
معنى العفو:
- أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية.
- أو عفا بعض الأولياء فإنه يسقط القصاص وتجب الدية.
- وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي.
دلالة التعبير بــ (أخيه):
-دليل على أن القاتل عمدا لا يكفر، ولكنه مستحق للعذاب، والمراد بالأخوة هنا: أخوة الإسلام.
الواجب عند العدول من القصاص إلى الدية:
-الواجب على ولي المقتول إذا عفا عن القاتل: الإحسان في الاقتضاء والطلب وعدم إحراجه، وعدم حمله ما لا يطيق.
- الواجب على القاتل متى عفا عنه ولي المقتول: الأداء بإحسان من غير مطل ولا نقص ولا إساءة.
- والإحسان في أداء الحق مأمور به، لقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله عبدا سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى)
قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }:
أي من اعتدى بعد حصول العفو، فله عذاب أليم أي: في الآخرة.
الحكمة من مشروعية القصاص:
- قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} فالقصاص فيه إحقان للدماء، وردع للأشقياء.
لأن من عرف أنه إذا قَتَلَ قُتِلَ لا يكاد يصدر منه قَتْلٌ، وإذا رئي القاتل مقتولا انزجر غيره بذلك.
- لو كان عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل من انكفاف الشر ما يحصل بالقتل.
ما يفيده تنكير (حياة): التعظيم.
دلالة توجيه الخطاب إلى أولي الألباب:
- لأن هذا الحكم لا يعرف حق المعرفة إلا أهل العقول الكاملة.
-محبة الله أن يعمل العباد عقولهم في تدبر أحكامه وما ترتب عليها من مصالحا.
- وفيه المدح لهم بوصفهم بهذه الصفة بتوجيه الخطاب لهم.
دلالة ختم الآية بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}:
- من عرف ربه، وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة أوجب له أن ينقاد لأمر الله، ويخضع لشرعه طاعة لله ولرسوله.
قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
حد الزنا:
الزاني المحصن: الرجم حتى الموت، كما ورد في السنة والإجماع.
الزاني غير المحصن من ذكر أو أنثى: الرجم والتغريب.
- الجلد مائة جلدة، جلدات تؤلمه وتزجره ولا تهلكه، مع التغريب عام كامل، كما علم من السنة.
إقامة الحد علنا والحكمة من ذلك:
- إقامة الحد تكون علنا لا سرا، يشهده طائفة من المؤمنين.
- والحكمة من ذلك: إظهار شعائر الدين، وقمع أهل الجرائم، واشتهار إقامة الحد يحصل به الردع والانزجار.
وفي الاستتار مفاسد كثيرة.
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} :
معنى السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه.
حكم السرقة: هى من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة.
حد السرقة: تقطع يده اليمنى فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم.
- المراد بقوله (أيديهما): واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط.
شروط إقامة حد السرقة:
1.أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك.
2. أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه.
عقوبة عود السارق:
- قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فقيل تقطع يده اليسرى، ثم إن عاد قطعت رجله اليمنى.
- وقيل: يحبس حتى يموت، وورد في ذلك آثار عن السلف مختلفة.
سبب إيقاع حد السرقة:عقوبة التجرؤ على أموال الناس، كما قال تعالى:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}.
الحكمة من إقامة حد السرقة: تنكيلا للمجرمين، وحفظا للأموال، وردعا للسراق، كما قال تعالى: {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}
قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ}
حد الحرابة:
- قيل: إن الإمام مخير في إيقاع العقوبة الي تقتضيها المصلحة ويحصل بها النكاية.
- وقيل: أن العقوبة بحسب الجرم:
* القتل وأخذ المال: القتل والصلب.
* القتل وعدم أخذ المال: القتل دون الصلب.
* أخذ المال وعدم القتل: قطع الأيدي والأرجل من خلاف (اليد اليمنى مع الرجل اليسرى).