دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 جمادى الآخرة 1442هـ/31-01-2021م, 05:59 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة القسم الثاني من "خلاصة تفسير القرآن


لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.

قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِیَ لَهُۥ مِنۡ أَخِیهِ شَیۡءࣱ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَاۤءٌ إِلَیۡهِ بِإِحۡسَـٰنࣲۗ ذَ
لِكَ تَخۡفِیفࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةࣱۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِیم}
المخاطب في الآية: عموم المؤمنين، وذلك يشمل أولياء القاتل، والقاتل نفسه.
ودلالة ذلك:
- وجوب إعانة ولي المقتول إذ طلب القصاص وتمكينه من القاتل.
- وأنهم لا يحل لهم أن يحولوا بينه وبين القاتل إذا تمت الشروط.
معنى القصاص في القتلى: المساواة فيه.
المراد بالقصاص: هو أن يقتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول.
الحكمة من القصاص: إقامة العدل بين العباد.

معنى قوله تعالى: (الحر بالحر):
-دلت بالمنطوق على أن النفس تقتل بالنفس، لا اعتبار للجنس، فالذكر يقتل بالأنثى، وتقتل الأنثى بالذكر.
وذلك بتقديم دلالة المنطوق على دلالة المفهوم من قوله تعالى: ( والأنثى بالأنثى).
- ويستدل لذلك بما ورد من صريح السنة الصحيحة قتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي بالجارية.
-ودلت بالمفهوم على أن الحر لا يقتل بالعبد لكونه غير مساو له.

-وخرج من عموم قوله ( الحر بالحر):
1.الأبوان وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك.
- ولدلالة لفظ القصاص أنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده.
- ولدلالة العرف أنه يمتنع أن يصدر عن الوالد قتل لولده إلا لخلل عقلي أو ضرر شديد أو عدم القصد.

2. أن المسلم لا يقتل بالكافر لثبوت السنة بذلك.
- ولدلالة لفظ القصاص أنه ليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} ذكرا كان أو أنثى تساوت قيمتهما أو اختلفت.

قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}:
-في الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في العمد العدوان، وأن الدية بدل عنه.
- وفيها ترقيق وحث عل العفو إلى الدية، والأكمل العفو مجانا.

معنى العفو:
- أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية.
- أو عفا بعض الأولياء فإنه يسقط القصاص وتجب الدية.
- وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي.

دلالة التعبير بــ (أخيه):
-دليل على أن القاتل عمدا لا يكفر، ولكنه مستحق للعذاب، والمراد بالأخوة هنا: أخوة الإسلام.

الواجب عند العدول من القصاص إلى الدية:
-الواجب على ولي المقتول إذا عفا عن القاتل: الإحسان في الاقتضاء والطلب وعدم إحراجه، وعدم حمله ما لا يطيق.
- الواجب على القاتل متى عفا عنه ولي المقتول: الأداء بإحسان من غير مطل ولا نقص ولا إساءة.
- والإحسان في أداء الحق مأمور به، لقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله عبدا سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى)

قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }:
أي من اعتدى بعد حصول العفو، فله عذاب أليم أي: في الآخرة.

الحكمة من مشروعية القصاص:
- قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} فالقصاص فيه إحقان للدماء، وردع للأشقياء.
لأن من عرف أنه إذا قَتَلَ قُتِلَ لا يكاد يصدر منه قَتْلٌ، وإذا رئي القاتل مقتولا انزجر غيره بذلك.
- لو كان عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل من انكفاف الشر ما يحصل بالقتل.

ما يفيده تنكير (حياة): التعظيم.
دلالة توجيه الخطاب إلى أولي الألباب:
- لأن هذا الحكم لا يعرف حق المعرفة إلا أهل العقول الكاملة.
-محبة الله أن يعمل العباد عقولهم في تدبر أحكامه وما ترتب عليها من مصالحا.
- وفيه المدح لهم بوصفهم بهذه الصفة بتوجيه الخطاب لهم.

دلالة ختم الآية بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}:
- من عرف ربه، وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة أوجب له أن ينقاد لأمر الله، ويخضع لشرعه طاعة لله ولرسوله.


قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
حد الزنا:
الزاني المحصن: الرجم حتى الموت، كما ورد في السنة والإجماع.
الزاني غير المحصن من ذكر أو أنثى: الرجم والتغريب.
- الجلد مائة جلدة، جلدات تؤلمه وتزجره ولا تهلكه، مع التغريب عام كامل، كما علم من السنة.
إقامة الحد علنا والحكمة من ذلك:
- إقامة الحد تكون علنا لا سرا، يشهده طائفة من المؤمنين.
- والحكمة من ذلك: إظهار شعائر الدين، وقمع أهل الجرائم، واشتهار إقامة الحد يحصل به الردع والانزجار.
وفي الاستتار مفاسد كثيرة.

قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} :
معنى السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه.
حكم السرقة: هى من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة.
حد السرقة: تقطع يده اليمنى فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم.
- المراد بقوله (أيديهما): واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط.
شروط إقامة حد السرقة:
1.أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك
.
2. أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه.

عقوبة عود السارق:
- قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فقيل تقطع يده اليسرى، ثم إن عاد قطعت رجله اليمنى.
- وقيل: يحبس حتى يموت، وورد في ذلك آثار عن السلف مختلفة
.
سبب إيقاع حد السرقة:عقوبة التجرؤ على أموال الناس، كما قال تعالى:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}.
الحكمة من إقامة حد السرقة: تنكيلا للمجرمين، وحفظا للأموال، وردعا للسراق، كما قال تعالى: {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}

قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ}
حد الحرابة:
- قيل: إن الإمام مخير في إيقاع العقوبة الي تقتضيها المصلحة ويحصل بها النكاية.
- وقيل: أن العقوبة بحسب الجرم:
* القتل وأخذ المال: القتل والصلب.
* القتل وعدم أخذ المال: القتل دون الصلب.
* أخذ المال وعدم القتل: قطع الأيدي والأرجل من خلاف (اليد اليمنى مع الرجل اليسرى).


2. قصة آدم عليه السلام:
خلق آدم عليه السلام وتفضيله بالخلافة:
- خلق الله آدم بقبضة قبضها من الأرض سهلها وحزنها، وطيبها وخبيثها، وذلك ليكون النسل على هذه الطبائع.
- كان آدم ترابا فألقى الله عليه الماء فصار طينا، ثم صار بعد فترة حمأ مسنون أي: طينا أسودا ثم يبس فصار كالفخار له صلصلة، بلا روح.

- ولما تكامل خلق جسده، نفخ الله فيه الروح فصار حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان.
- وقد فضل الله عز وجل آدم عليه السلام وبني البشر على سائر مخلوقاته، فجعله خليفة في الأرض.
- ومعنى خليفة أنه يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا الله.
- وقد أعده الله للخلافة بكل علم وخير، ومن ذلك تعليمه الأسماء كلها.

إعلام الله للملائكة بخلق آدم عليه السلام وتعجبهم من ذلك:
- أعلم الله ملائكته بخلقه لآدم عليه السلام، فقال تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}.
- قالت الملائكة لا على وجه الاعتراض، بل تعظيما لله: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}.
- قول الملائكة محتمل لأمور:
أ. لعلمهم بالخلق الأول الذي سبق آدم فقاسوا خلق آدم على خلق من سبقه من الأمم.
ب. أو أن الله عز وجل أعلمهم بأن من ذرية آدم من سيفسد في الأرض.
ج. أو فهم الملائكة من وجود الخليفة اقتضاء وقوع الخصومات والفساد.
د. أو فهم الملائكة ذلك من طبيعة البشر، حيث أن خلق آدم من قبضة من تراب الأرض.

فضل الله آدم عليه السلام على الخلق بالعلم:
- إن الله عز وجل عليم وسع علمه كل شيء، حكيم لا يخلق شيئا عبثا، لذلك خلق آدم عليه السلام،
وقال تعالى لملائكته: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، وعلمه الأسماء كلها، ليظهر للملائكة حكمته سبحانه.
- عرض الله على الملائكة المسميات، وقال لهم: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
- فعجزت الملائكة عليهم السلام عن معرفة أسماء هذه المسميات، وقالوا: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.
- فقال تعالى: {يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}.

- فعلم الملائكة من كمال آدم عليه السلام وعلمه، وعلموا بما شاهدوه كمال حكمة الله.
- وأمر الله ملائكته أن يسجدوا لآدم تعظيما له واحتراما فقال للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ}.
- وسجود الملائكة لآدم عليه السلام هو من طاعة الله الذي أمرهم بذلك وطاعة له ومحبة وذلا.
- فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس كان معهم لكنه ليس من جنسهم.

مبدأ العداوة من إبليس لآدم عليه السلام:
- إبليس هو خلق خلقه الله من نار السموم وهو من الجن.
- وكان يبطن الكفر بالله والحسد لبني آدم، فأبى أن يكون مع الساجدين حين أمره الله مع جملة الملائكة بالسجود.
- وصرح إبليس بسبب تركه الامتثال لأمر الله فقال: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}.
- فقال الله له: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ}.
- فعاقبه الله عز وجل على كفره وكبره بالطرد من رحمته واللعن، فقال تعالى: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}.
- فبارز إبليس ربه بالعداوة، وتوعد بني آدم أن يتربص بهم بكل طريق ليكونوا من حزبه الخاسرين.

اقتضاء حكمة الله لوقوع الابتلاء بإبليس:
- سأل إبليس له عز وجل أن يمهله إلى يوم القيامة، ليتمكن من تحقيق غايته، وقال:{رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
- وقد أجاب الله دعوة إبليس، فقال تعالى: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس ذلك إكراما له بل هو من الأسباب التي قدرها الله لتقع سنة الابتلاء في الدنيا.
- فزاد اللعين في عداوة آدم وذريته: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}.
- وذلك أن إبليس علم ما جبل عليه البشر فمنهم من يتخذه وليا مطاعا: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
- فمكنه الله من الأمر الذي يريده في آدم وذريته، فقال الله له:{اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ}.
- وجعل الله لإبليس نصيبا من ذرية آدم وهم الذين عصوا الله، واتخذوا إبليس وليا، فجعل يدفعهم إلى الشر دفعا.
- وحفظ الله خواص الذرية من الأنبياء، وأتباعهم من الصديقين والأصفياء
، والأولياء والمؤمنين من تسلط إبليس، بصدق توكلهم على الله وكمال إيمانهم به سبحانه، قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.

إغواء إبليس لآدم عليه السلام:
- ومن جملة النعم لتي أنعم الله بها على آدم عليه السلام أن خلق له زوجا من جنسه وهى حواء.
- والحكمة من خلق حواء: ليسكن إليها آدم، وتتم مقاصد ومنافع من الزواج، وتحصل الذرية.
- وقد أنعم الله عليهما بالجنة فقال تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}.
-وأباح الله لهما الجنة يأكلان مما شاءا منها إلا شجرة حرمها عليهما، فقال: {فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.
- ولما كان إبليس قد توعد بإغواء آدم، فقد زين له ولزوجه الأكل من الشجرة المحرمة، ودخل إليهما مدخل الناصح، وأخبر آدم أنها شجرة الخلد، فمن أكل منها خلد منعما في الجنة، ولم يزل يوسوس ويزين حتى عصا الله.

الخروج من الجنة:
-فلما وقعا في المعصية زالت عنهما نعم الجنة، وحلت بهما العقوبة العاجلة، فبدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين، وشرعا يلزقان على أنفسهما من أوراق الجنة.
- وقال الله لهما معاتبا: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
- ولأنه سبحانه هو الغفور الرحيم، فقد أوقع في قلبيهما التوبة والإنابة، وألهمها كلمات التوبة، فقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
- فتاب الله عليهما، ولكنه سبحانه قد قضى بخروجهما من الجنة، فخرجا منها إلى الأرض التي حشي خيرها بشرها، وسرورها بكدرها.
- وأخبرهما الله عز وجل بوقوع الابتلاء في الأرض، والسعيد من لزم طاعة ربه، والشقي من خالفه وكفر.

تحذير الله لبني آدم من عدوهم وإرشادهم إلى سبل الحماية منه:
- فلما قضى الله بأن يكون آدم وذريته في الأرض، فحذرهما من عدوهما فقال:{يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}.
- وأنعم الله على آدم وذريته بلباسين يتقيان بهما إبليس وجنده، أحدهما حسي يستر العورات ويتخذ للزينة، وآخر معنوي وهو أعلى من سابقه وهو لباس التقوى، وهو لباس القلب والروح، فهو لباس الإيمان والإخلاص، وكل خلق رفيع، وفعل حميد.
- وعرف الله عباده بعدوهم ومداخله، وذلك بإنزال الكتب المحتوية على العلوم النافعة، والمواعظ المؤثرة، والترغيب إلى الخير، والترهيب من الشر.
- وإرسال الرسل بالبشارة بالثواب لمن آمن بالله، والنذارة بالعقاب لمن كفر وتولى.
- فقد تضمنت الكتب، ودعوة الرسل التحذير من العدو المبين وسبل النجاة من شره.
- وضمن الله عز وجل لمن اتبع الهدى عدم الضلال والشقاء في الدنيا والآخرة، وألا خوف عليه ولا حزن يعتريه.

فوائد وهدايات من قصة آدم عليه السلام:
- قصة آدم عليه السلام من القصص التي ذكرت في مواضع كثيرة صريحة ولا ريب فيها، قد اتفقت عليها الرسل والكتب المنزلة، فمن أنكرها واعتمد على ما ثبت من طريق المعارف الإنسانية القاصرة ضل.

- وجوب الإيمان بما أنزل الله عز وجل، وعدم الخوض في الغيببات بما يخالف ما ثبتت صحته شرعا.
- لزوم مذهب أهل السنة والجماعة، وأقوال أهل العلم والأئمة في تفسير كتاب الله، كذلك لزوم منهجهم في إثبات ما أثبته الله لنفسه من أسماء وصفات، كإثبات صفة اليدين لله.

- بيان فضيلة العلم، ومكانة العلماء، ووجوب توقير الأعلم، كما أقر الملائكة لآدم بفضله وعظموه.
- الاعتراف بنعم الله على العبد وأعظمها نعمة العلم النافع،والهداية إلى الإيمان، وشكر هذه النعمة بالثناء على المنعم، وبث العلم ونشره.
- التورع عن القول بغير علم، وأعظمه القول على الله عز وجل، ووجوب السكوت عند انتفاء العلم بالشيء.
- من سيئ الخصال الحسد والكبر والحرص، وهى التي ضل بها إبليس.
- من مظاهر رحمة الله بعباده محبته لعباده الذين وقعوا في الذنوب أن يباردوا إلى التوبة والاعتراف، فهذا سبيل النجاة.
- تحذير الله لعباده من عدوهم المبين، وإرشادهم إلى ما يدفعوا به شره، كالتحصن بالعلوم النافعة، والمداومة على الأذكار، والتعوذات الشرعية، وتصحيح العبادات والأعمال القلبية، ودفع خواطره الخبيثة، ووساوسه الردئية.

3. قصة شعيب عليه السلام:

دعوة شعيب عليه السلام لأهل مدين:
-
أهل مدين، كانوا على الشرك، واتصفوا بصفات أخرى ذميمة، كالبخس في الموازين والمكاييل، والغش في المعاملات.
-
فدعاهم شعيب عليه السلام إلى التوحيد، وذكرهم بما أوتوا من خير ورزق، ودعاهم إلى نبذ الشرك والكف عن التطفيف والبخس، وأنذرهم وخوفهم عذاب الله.
-
فما كان ردهم إلا أن قالوا:{ياشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْنَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْأَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَانَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.
-
فبين لهم أنه أوتي الهدى ومعرفة سبيل الحق، وأن الله أغناه فلن يقع فيما ينهاهم عنهمن معاملات فاسدة، فقال لهم:{ياقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا}.
-
وبين لهم رغبته وحرصه على صلاح أحواهم الدينية والدنيوية، فقال: {وَمَاتَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

تخويف بمآلات الأمم الظالمة، ودعوة إلى التوبة:
-
خوف شعيب قومه أن ينزل بهم عذاب من ربهم أليم كما حل بالأمم التي سبقتهم في الزمان والمكان، فقال:{لَايَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْقَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَاقَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}.
-
ثم عرض عليهم التوبة، ورغبهم فيها فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّرَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.

ظلم وعتو وحلول العقوبة:
-
فاشتد عنادهم وظلمهم، وقالوا: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ* قَالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّيبِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} وكان رد شعيب عليهم لما علم من شدة كفرهم.
-
فتركهم وقد علم أنهم لم يبق إلا أن تحل بهم العقوبةكما جاء في قوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْيَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْهُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ * وَلَمَّاجَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا}.

- فأرسل الله عليهم حرا أخذ بأنفاسهم حتى كادوايختنقون من شدته، ثم في أثناء ذلك أرسل سحابة باردة فأظلتهم، فتنادوا إلى ظلها غير الظليل، فلما اجتمعوا فيها التهبتعليهم نارا، فأحرقتهم وأصبحوا خامدين معذبين مذمومين ملعونين في جميع الأوقات
فوائدمن قصة شعيب عليه السلام:
1.أن بخس المكاييل والموازين خصوصا، وبخس الناس أشياءهم عموما من أعظم الجرائم الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة.
2.أن المعصية الواقعة لمن عدم منه الداعيوالحاجة إليها أعظم، لهذا قال شعيب لقومه: {إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ}.فلم يكن لهم حاجة للطرق المحرمة في الكسب.

3.الحث على الرضا بما أعطى الله، والاكتفاء بحلاله عن حرامه ومنها: قوله:{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ}.
4. رحمة الله وحكمته من مظاهرها فرض الصلاة، فهي سبب لفعل الخيرات،وترك المنكرات، وللنصيحة لعباد الله،وقد علم ذلك الكفار بما قالوا لشعيب:{أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُآبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِيأَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.
5.
وجوب لزوم العبد الشريعة ليس فقط في عباداته بل في جميع معاملته ومنها المعاملات المالية، فهو من كمال الإيمان.
6.
الناصح للخلق الذي يأمرهم وينهاهم منتمام قبول الناس له: أنهإذا أمرهم بشيء أن يكون أول الفاعلين له،وإذا نهاهم عن شيء كان أول التاركين؛ لقولشعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}.
7. ما بعث به الإنبياء هو الإصلاح والصلاح، فالهدى كل الهدى في لزوم ما دعوا إليه، ومن باب أولى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته الناسخة لما سبقها من شرائع، ولا سبيل لقيام العبد بذلك إلا باستمداد المعونة من ربه وحده، كما قال شعيب : {إِنْ
أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَااسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّابِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
8. حاجة الداعي إلى الحلم وحسن الخلق في مقابلة المسيئين، وصبره على الدعوة إلى الحق، ومما يعين على ذلك ما يبصره الداعي من حسن المآل والفوز العظيم والثواب الجزيل.

4. قصة أيوب عليه السلام:
نبي الله الصابر أيوب عليه السلام:
-
أيوب عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل، أثنى الله عليه بالخصال الحميدة، وضُرب به المثل في الصبر.
-
وقد ذكره الله في كتابه، وأثنى على عبادته وصبره، فقد ابتلي ببلاءً عظيما، لم يصب به أحد من الخلق، فابتلي بولده وأهله وماله وبجسده فصبر، فكان نعم العبد الصابر، المنيب لربه.

دعاء الله والشكوى إليه وحده لا تنافي مقام الصبر:
-
ولما تطاول به مرضه نادى ربه وهو سبحانه أعلم بما أصابه، فقال: (أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)، فأُمر أن يركض برجله فنبعت بركضته عين ماء بارد، فشرب منها واغتسل فأذهب الله ما به من بلاء ظاهرا وباطنا، وأعاد له أهله وماله، وأغدق عليه من نعمه.
الوفاء بالقسم من خصال أهل الإيمان:
-
ولما كان في مرضه أيو عليه السلام في مرضه، قد وجد على زوجته في بعض شيء، فحلف على جلدها مائة جلدة.
-
فخفف الله عنهما فأمره أن يأخذ ضغثا أي حزمة بها مائة عود فيضربها بها، فينحل بذلك يمينه.

فوائد من قصة أيوب عليه السلام:
1.
واجب العبد في البلاء الصبر على ما أصابه، وتذكير نفسه بما جُعلت الدنيا له، فهى دار بلاء واختبار، واجتياز بلائها يكون بالصبر والرضا والشكر.
2.
أن شكوى العبد لربه ما أصابه لا تنافي مقام الصبر، إنما الذي ينافي مقام الصبر هو الشكوى للمخلوق الذي لا يملك نفعا ولا ضرا، والتسخط على قدر الله.
3.
أن لكل أمد انقضاء، فالبلاء وإن طال فإن عاقبته خير لمن صبر ورضى.
4.
من إحدى الحكم التي من أجلها سيقت قصص الأنبياء وأحوالهم، أن يجد فيها المكروب سلواه، ويتصبر على بلواه، فيفزع لمولاه، يبث له شكواه.
5.
من كمال شريعة الإسلام أن شرع الله كفارة اليمين لهذه الأمة، فلم تشرع كفارة اليمين لأمة قبلها، وهذا من كمال رحمة الله بأمة نبيه صلى الله عليه وسلم وعظيم فضلهم على الأمم.
6.
أن العبد بعد انقضاء بلائه لا ينسى ما كان منه من وعد أو نذر، فكثيرا ما يقع من وعود ونذور قد لا يفي بها العبد إما لعدم استطاعته عليها ومشقتها، وإما لمخالفتها للشرع، فالواجب الاحتراز من الوقوع في هذا.
7.
إن إقامة الحدود الغرض منها التنكيل لا الإتلاف والإهلاك، والله رحيم بعباده يحب منهم طاعته ولا يرضى بمعصيته.

5.
قصة الخضر مع موسى عليه السلام:

{
وفوق كل ذي علم عليم}:
-
موسى عليه السلام نبي الله لبني إسرائيل له أخبار مع قومه كثيرة، وله في قصته مع الخضر شأن آخر.
-
فقد قام موسى عليه السلام ذات يوم يعظ قومه ويعلمهم، فأعجب الناس بعلمه وسُئل أهناك أعلم منك فقال لا وذلك بحسب علمه، فأخبره الله عز وجل أن له عبدا في مجمع البحرين عنده علوم ليست عند موسى.
-
فود موسى عليه السلام لو يتلقى من علوم ذلك العبد، فأذن له ربه وأخبره بمكانه وكيف يلتقيه.
-
فذهب موسى وفتاه فوجداه بعدما نسيا الحوت، وكان ما قص الله من نبأهما في الكهف: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}.
-
والعبد الذي لقياه ليس نبيا، بل هو عبد صالح عالم ملْهَم؛ لأن الله ذكره بالعلم والعبودية الخاصة والأوصاف الجميلة، ولم يذكر معها أنه نبي أو رسول.
-
وفي قوله:{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} ،فإنه لا يدل على أنه نبي، وإنما يدل على الإلهام والتحديث، وذلك يكون لغير الأنبياء، قال تعالى:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، وقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} .


فوائد من قصة موسى عليه السلام مع الخضر:
فوائد في العلم:
1.
العلم له فضل عظيم، وشرف كبير، والارتحال في طلبه مشروع.
2.
العلم الذي يعلمه الله للعبد نوعان: علم مكتسب، يدركه العبد بطلبه وجدّه، وعلم إلهي لدنِّي، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده، لقوله: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}، وكان للخضر وافر الحظ منه.
3.
نهمة العلم لا ينقضي منها العالم الحق، فتجده يسعى للتعلم ممن هو أعلم منه، وذلك أهم من تعليمه لغيره، بل هو أصل يتفرع عنه التعليم.
4.
جواز إخبار العالم عن علمه ترغيبا للناس في الإقبال عليه.
5.
أن العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير، وكل علم لم يكن فيه خير أو فائدة فليس بنافع، لقوله: {أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}.


آداب المتعلم مع المعلم:
1.
وجوب التأدب مع المعلم والتلطف في خطابه لقول موسى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، كما أخرج موسى الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي أم لا؟
2.
إظهار حاجة المتعلم إلى المعلم، وأنه يتعلم منه ومشتاق إلى ما عنده، بخلاف حال أهل الكبر والجفاء الذين لا يظهرون حاجتهم إلى علم المعلم.
3.
تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه، فإن موسى بلا ريب أفضل من الخضر.
4.
تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم درجات؛ كما سأل موسى الخضر أن يعلمه مما ليس عنده.
5.
العلم يدرك بالصبر، فمن ليس له صبر على صحبة العالم، والثبات على طريقة التعلم فليس بأهل للتلقي، فإن الخضر اعتذر عن موسى أنه لا يصبر على علمه الخاص، ومما يعين على الصبر إحاطة العبد بمنافع الأشياء وثمراتها ونتائجها، فمن لا يدري هذه الأمور يصعب عليه الصبر لقوله: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}.
6.
المعلم إذا رأى من المصلحة أن يخبر المتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها، فإن المصلحة تتبع، كما إذا كان فهمه قاصرا، أو نهاه عن التدقيق الشديد أو الأسئلة التي لا تتعلق بالموضوع.
7.
وضع أسس وقواعد يتفق عليها المتعلم مع معلمه، يرفع حرج المؤاخذة، كما أصّل موسى والخضر أنه لا يسأله ولا يعترض عليه حتى يكون الخضر هو المبتدئ.

آداب المرء في الحديث عن القدر وما ينسب إلى الله:
1.
إضافة الخير إلى الله فعلا وقولا، وهو من الأدب مع الله، لقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} ونسبة غيره إلى العبد كما أضاف الخضر عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}.
*
ونحوه قول إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}.
*
وقالت الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}.
2.
إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، وكذلك النقص، لقول فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}.
3.
وجوب نسبة النعم والفضائل إلى الله عز وجل وحده، والاعتراف بذلك، وشكر الله عليه، ومن جملة النعم الواجب نسبتها إلى الله العلم لقوله: {تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}.
4.
مشروعية تعليق إيجاد الأمور المستقبلة على مشيئة الله لقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} وإن العزم على الشيء ليس بمنزلة فعله، فموسى عزم على الصبر، ولكن لم يفعل.

آداب المصاحبة:
1.
أنه ينبغي للعبد أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال ويترك صحبته، بل يفي له بذلك حتى لا يجد للصبر محلا.
2.
موافقة الصاحب لصاحبه في غير الأمور المحذورة مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكُّدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة.
3.
جواز إخبار الإنسان عما يجده مما هو مقتضى الطبيعة البشرية، من نصب أو جوع أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط، وكان صدقا لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}.

آداب المرء مع الخادم:

1. أنه ينبغي أن يتخذ الإنسان خادما ذكيا فطنا كيِّسا ليتم له أمره الذي يريد.
2.
استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا؛ لأن ظاهر قوله: {آتِنَا غَدَاءَنَا} أنه للجميع.

فوائد وآداب في السفر:
1.
جواز أخذ الخادم في السفر والحضر لكفاية المؤن وطلب الراحة، كما فعل موسى عليه السلام.
2.
جواز إخبار المسافر بنيته في سفره، سواء كان سفر طاعة أو غيره بما تقتضيه المصلحة، وليتم الاستعداد له كما يجب، كما في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}.
3.
جواز ركوب البحر إذا لم يكن في ذلك خطر.

فوائد في حصول المعونة والحفظ من الله:
1.
أن المعونة تنزل على العبد بحسب قيامه بالأمر الشرعي، وأن ما وافق رضا الله يعان عليه ما لا يعان على غيره لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}، والإشارة إلى السفر المجاوز لمجمع البحرين، وأما الأول فلم يشتك منه مع طوله.
2.
أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته، وما يتعلق به، لقوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}.

فوائد في التعامل مع الخلق:
1.
خدمة الصالحين وعمل مصالحهم أفضل من غيرهم؛ لأنه علَّل أفعاله بالجدار بقوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}.
2.
الأمر بالتأنِّي والتثبت وعدم المبادرة على الحكم على الأشياء حتى يعرف ما يراد منه، وما هو المقصود.
3.
عدم مؤاخذة الناس، في حق الله أول في حق العباد، إلا إن ترتب على ذلك إتلاف مال، ففيه الضمان حتى على الناسي لقوله: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}.
4.
ينبغي للعبد أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم أو يرهقهم، فإن هذا داع إلى النفور، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.
5.
أن عمل الإنسان في مال غيره - إذا كان على وجه المصلحة ودفع المضرة - يجوز بلا إذن، حتى ولو ترتب عليه إتلاف بعض المال، كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم.

فوائد عامة:
1.
يجوز دفع الشر الكبير بارتكاب الشر الخفيف، ويراعى أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما.
فإن قتل الغلام الصغير شر، ولكن بقاءه حتى يبلغ ويفتن أبويه عن دينهما أعظم شرا، فلذلك قتله الخضر بعدما ألهمه الله الحقيقة، فكان إلهامه الباطني بمنزلة البينات الظاهرة في حق غيره.
2.
أن العمل يجوز في البحر كما يجوز في البر، لقوله: {يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}.
3.
أن القتل من أكبر الذنوب.


6.قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليهوسلم:
- تناول المؤلف قصة النبي صلى الله عليه وسلم، بطريقة جمعت بين مقامات دعوته، وبين ربط تلك الأحداث بما تنزل من القرآن الكريم حيث نزل تبعا لمناسبات سيرته صلى الله عليه وسلم، وصرح قائلا بأن فائدة معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله)، وما أشار إليه هو معرفة سبب النزول وهو علم من علوم القرآن.
- وقد اجتهدت في إظهار مقصد المؤلف بالتقسيم للفقرات وانتقاء العنوان المناسب لها.


نزول القرآن منجما على النبي صلى الله عليه وسلم، والحكمة من ذلك:
- نزل القرآن منجما أي مفرقا على النبي صلى الله عليه وسلم تبعا لمناسبات سيرته.
- والحكمة من ذلك: ربطه بأسباب وحوادث ينزل من أجلها التشريع، ويحق الله الحق، ويبطل الباطل، كما قال تعالى:
{كَذَلِكَ
لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}.

التهيئة لنزول القرآن:
- أول مقامات إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم،كانت قبل البعثة وذلك بتهيئة فطرته صلى الله عليه وسلم لقول الحق والعمل به، وتبغيض عبادة الأوثان إليه، وما كان في الجاهلية من قبيح أقوال وأفعال.
- فطهر الله قلبه وزكاه، وحُبب إليه التحنث في غار حراء، فكان يذهب إليه في الليالي ذوات العدد.
- ولما بلغ الأربعين، وتمت قوته العقلية، وصلح لتلقي الرسالة، أرسل الله إليه جبريل عليه السلام، وقد سبق نزول الوحي الرؤيا الصادقة.
- وكان صلى الله عليه وسلم قبل نزول القرآن لا يعرف القراءة، كما قال الله : {وَوَجَدَكَ ضَالًّا
فَهَدَى}
- وأتاه الله الكتاب والعلم والهداية، كما قال تعالى: {مَاكُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَاالْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًانَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}.

أول ما نزل به القرآن الأمر بالقراءة:
- أول ما أنزل الله علي من القرآن الكريم، قوله تعالى:{اقْرَأْبِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، وبها بدأت نبوته.
- فأتاه جبريل عليه السلام وأمره بأن يقرأ وقال له: اقرأ، وغطه مرتين
أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم،ويتجرد قلبه وهمته وظاهره وباطنه لذلك.
- فجاء بها إلى
خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرهابما رآه، فوفقها الله لتهون عليه من قلقه وخوفه، وقالت: فوالله لا يخزي كالله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف،وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.

فتور الوحي وعودته بنزول قوله تعالى: (يا أيها المدثر):
- فتر عنه الوحي
مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده.
-
وكان قد رأى الملك على صورته فانزعج، فجاءإلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: (دثروني دثروني).
- فأنزل الله عليه
:{ياأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَفَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}.
- وفي الآية الأمر له بدعوة الخلق
وإنذارهم، فشمر صلى الله عليه وسلم عنعزمه، وصمم على الدعوة إلى ربه.

دلالة اعتناء الله بنبيه صلى الله عليه وسلم، ونزول سورة الضحى:
- وأيد الله نبيه صلى الله عليه وسلم بروح منه، وبالدين الذي جاء به، وجاءته وجاءته وسورة الضحى في فترة الوحي لما قال المكذبون
: إن رب محمد قلا،قال:{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} الآيات.
- وفي الآية: وهذا اعتناء عظيم
من الله برسوله، ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها،و أن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه.

موضوعات السور المكية:
- تضمنت السور المكية الدعوة إلى التوحيد الخالص، والنهي عن ضده، وقد تنوعت الآيات في ذلك.
- وحصلت استجابة لدعوته على شدة عظيمة من قومه، ومعنادتهم له، رغم علمهم بصدقه وأمانته، لكنهم جحدوا آيات الله،كما أخبر الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَبِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}.
- ولما قدر الله على أقوام الضلالة لعلمه سبحانه بزيغ قلوبهم، وخبيث أصلهم،فمنعهم من الاهتداء، وعطل انتفاعهم بالآيات لما تكرر إعراضهم عنها، وقد تولوا الشياطين ، وهو م أخبر الله تعالى عنه: قال الله تعالى:{فَرِيقًا
هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
- وهدى الله من جعل قصده إرادة الحق إلى صراطه المستقيم، كما قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ
مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

تناول القرآن لمقامات النبي صلى الله عليه وسلم معالمكذبين:
- الافتراء على القرآن:

- عمل النبي صلى الله عليه وسلم على دعوة قومه بالحكمة والموعظة الحسنة، ومجادلتهم بالتي هى أحسن.
- وتذكيرهم بالقرآن بتلاوته في الصلاة وخارجها، فكانوا ينفرون أشد النفور من ذلك كما أخبر الله في غير آية.
- وقد أخبر الله عز وجل عن أقوالهم المفتراة على القرآن، ورد عليهم بما أبطل أقوالهم، حيث زعموا إنه سحر، إنه كهانة،
إنه شعر، إنه كذب، إنه أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين.
- وقد تعرض القرآن لأباطليهم بذكرها تارة بمجرد تصورها، وهذا يؤدي لتبين بطلانها.
- وتارة يذكرها ويرد عليها ردودا هى كالصواعق المرسلة تنسف باطلهم نسفا، وهذا كثير في القرآن.

- طريقة القرآن في الرد على تكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم :
- وكما ذهب المكذبون الجاحدون إلى التقول على القرآن والسعي في إبطاله.
- فقد كذبوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وطلبوا أدلة على صدقه واقترحوا آيات عدة كنزول العذاب، أو زوال الجبال ونحو ذلك، مما يدل على فساد عقولهم.
- فيأتيهم الرد في القرآن بأن الله هو أعلم بما ينزل من آيات ينتفع بها الصادقون الراغبون في الهدى.
- وتارة تنزل الآيات مبينة أن تحقيق ما اقترحوا معناه زوالهم، وإلحاق العقوبة بهم إن لم يؤمنوا.
- وتارة
يبين لهم أن الرسول إنما هو نذير مبين،ليس له من الأمر شيء، ولا من الآيات شيء،وأن هذا من عند الله، فطلبهم من الرسولمحض الظلم والعدوان، وهذه المعاني فيالقرآن كثيرة بأساليب متعددة.
- وتارة يقدحون في شخصه حقدا وحسدا، فيجيبهم الله بذكر
فضله، وأن فضله يؤتيه من يشاء، وأنه أعلم حيث يجعل رسالته والمحل اللائق بها، ويشرح لهم من صفات رسوله التي يشاهدونها رأي عين ما يعلمون هم وغيرهم أنه أعظم رجل في العالم، وأنه ما وجد ولن يوجد أحد يقاربهفي الكمال، مؤيدا ذلك بالأمور المحسوسةوالبراهين المسلمة، وقد أبدا الله هذه المعاني وأعادها معهم في مواضع كثيرة.

- طريقة القرآن في الرد على إعراض المكذبين عن عيب إلهتهم الباطلة :
- ولما علموا صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وتكشف لهم ولكل ذي عقل نقص وعوار ما يدعون إليه، رغبوا لو أنه كف عن التعرض لعيب آلهتهم التي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا.
- وقد ذكر الله هذا في آيات متعددة مثل قوله: {وَدُّوا
لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}.
- ولم يدعو القرآن إلى سب آلهتهم لما يترتب على ذلك من عظيم المفاسد والشرور كما قال تعالى
:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}.

- طريقة القرآن في بيام مقام النبي صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين:
- فهو صلى الله عليه وسلم رؤوف بالمؤمنين رحيم بهم، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
- وهو نعمة لله المهداة والرحمة المرسلة لعباده المؤمنين، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ
اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْبَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
- وبين الله عز وجل من أسباب التآلف والمحبة بينه وبين عباده، فقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.

الهجرة إلى المدينة انتشار الإسلام:
- ولم تزل الفروض تتنزل عليه شيئا فشيئا وهو من الحكمة من الدعوة، التدرج في التنزيل والتشرع، ففرضت الصلاة في واقعة الإسراء والمعراج، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، وبعد أن استكمل عشر سنين في الدعوة في مكة، أمره الله بالهجرة إلى المدينة.
- وكانت قريش قد عزمت على الخلاص من محمد صلى الله عليه وسلم وقتله، لما عجزوا عن رده ورد من آمن به، فأمره الله عز وجل بالهجرة إلى المدينة.
- فهدى الله العرب الذين سكنوا المدينة للإيمان به، وكفر اليهود، وكانت هجرة المسلمين من مكة إلى الحبشة، ولم استوطن الإيمان في المدينة دعاهم للهجرة إلى المدينة.

طريق الهجرتين:
- أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بذلك وطلب منه الصحبة، وكان ثاني اثنين، فترك ماله وأهله وهاجر إلى الله.
- ولما علم المشركون فشل خطتهم في قتله صلى الله عليه وسلم، خرجوا في آثره ولكن الله أعمى أبصارهم كما أعمى قلوبهم فلم يظفروا به.
- وقد أنزل الله، قوله واصفا حال نبيه صلى الله عليه وسلم وحال صاحبه الصديق: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

مرحلة الاستقرار وتوالي التشريعات:
السنة الثانية من الهجرة:
- وبعد الاستقرار في المدينة فإن التشريعات قد بدأت تتوالى، فنزل الأمر بالقتال والجهاد، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
- وفرضت الزكاة، وفرض الصيلم في السنة الثانية من الهجرة، وجاءت فيها آيات.
- وكانت غزوة بدر، وقد أيد المسلمون على قلة عددهم على المشركين مع كثرتهم، وأظهر الله دينه، فدخل بعض المشركين من أهل المدينة في الإسلام نفاقا، فنزلت جميع الآيات في المنافقين بعد غزوة بدر.
- وهذا بخلاف المراد من قوله: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}، فإن المراد زكاة القلب وطهارته بالتوحيد وترك الشرك.

السنة الثالثة من الهجرة:
- وكانت غزوة أحد وأعظم درس للمسلمين بوجوب طاعة الله ورسوله، وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران، وبسط متعلقاتها، فالوقوف على هذه الغزوة من كتب السير يعين على فهم الآيات الكثيرة التي نزلت فيها كبقية الغزوات.

السنة الرابعة من الهجرة:
-وفيها تواعد المسلمون والمشركون ولكن المشركون تخلفوا فكتب الله أجر المسلمين وأنزل قوله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.

السنة الخامسة من الهجرة:
- وفيها غزوة الخندق، حيث تمت محاصرة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في المدينة، ووصف الله المشركون الذين حاصروهم فقال تعالى:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}.
فأخذلهم الله وردهم خائبين.
- ثم حاصر النبي صلى الله عليه وسل بنى قريظة الذين تظاهروا عليه مع مشركي مكة، واحتكموا و نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله
:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا، وقوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.

السنة السادسة من الهجرة:
-وفيها صلح الحديبية، حيث صد المشركون النبي صلى الله عليه وسم ومن معه من المسلمين، فعقد النبي صلى الله عليه وسلم معهم صلحا، حقنا للدماء في بيت الله الحرام، وغيره من المصالح.

السنة السابعة من الهجرة:
وفيها اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم بموجب ما عقده في صلح الحديبية، وقد أنزل الله في هذه القضية سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.
- وقد وقع من بني النضير هم بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم، ويدعوا الأرض والعقار وما لم تحمله الإبل للمسلمين؛ فأنزل الله في هذه القضية أول سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} إلى آخر القصة.

السنة الثامنة من الهجرة:
- وقع من قريش نقض للعهد الذي بينهم، فأعد النبي صلى الله عليه وسلم جيشا عظيما يقارب عشرة آلاف، وفتح مكة، ثم غزوة حنين، وقد من الله بالنصر عليه وعلى المسلمين، وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة
.

السنة التاسعة من الهجرة:
- كانت غزوة تبوك، التي تخلف فيها أهل الأعذار والمنافقون، وثلاثة من المؤمنين، وقد سار الجيش إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة؛ فأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة، تناولت تفاصيلها وعسرتها، والثناء على المؤمنين، وذم المنافقي، وتوبة الله على النبي وعلى من معه الذين صبروا وتوبة الثلاثة الذين خلفوا.
- وفي سياق هذه الغزوات، كانت آيات الجهاد، وفرضه وفضله وثواب أهله.
-كما أنه في أثناء هذه المدة ينزل الله الأحكام الشرعية شيئا فشيئا بحسب ما تقتضيه حكمته
.
- ثم فرض الحج، فحج أبو بكر بالناس في تلك السنة، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا.

السنة العاشرة من الهجرة:
- حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه.
- وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.

الحمد لله رب العالمين
اجتهدت من خلال التقسيم للموضوعات إظهار الفوائد.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 رجب 1442هـ/12-02-2021م, 12:59 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنشاد راجح مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة القسم الثاني من "خلاصة تفسير القرآن


لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.

قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِیَ لَهُۥ مِنۡ أَخِیهِ شَیۡءࣱ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَاۤءٌ إِلَیۡهِ بِإِحۡسَـٰنࣲۗ ذَ
لِكَ تَخۡفِیفࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةࣱۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِیم}
المخاطب في الآية: عموم المؤمنين، وذلك يشمل أولياء القاتل، والقاتل نفسه.
ودلالة ذلك:
- وجوب إعانة ولي المقتول إذ طلب القصاص وتمكينه من القاتل.
- وأنهم لا يحل لهم أن يحولوا بينه وبين القاتل إذا تمت الشروط.
معنى القصاص في القتلى: المساواة فيه.
المراد بالقصاص: هو أن يقتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول.
الحكمة من القصاص: إقامة العدل بين العباد.

معنى قوله تعالى: (الحر بالحر):
-دلت بالمنطوق على أن النفس تقتل بالنفس، لا اعتبار للجنس، فالذكر يقتل بالأنثى، وتقتل الأنثى بالذكر.
وذلك بتقديم دلالة المنطوق على دلالة المفهوم من قوله تعالى: ( والأنثى بالأنثى).
- ويستدل لذلك بما ورد من صريح السنة الصحيحة قتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي بالجارية.
-ودلت بالمفهوم على أن الحر لا يقتل بالعبد لكونه غير مساو له.

-وخرج من عموم قوله ( الحر بالحر):
1.الأبوان وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك.
- ولدلالة لفظ القصاص أنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده.
- ولدلالة العرف أنه يمتنع أن يصدر عن الوالد قتل لولده إلا لخلل عقلي أو ضرر شديد أو عدم القصد.

2. أن المسلم لا يقتل بالكافر لثبوت السنة بذلك.
- ولدلالة لفظ القصاص أنه ليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} ذكرا كان أو أنثى تساوت قيمتهما أو اختلفت.

قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}:
-في الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في العمد العدوان، وأن الدية بدل عنه.
- وفيها ترقيق وحث عل العفو إلى الدية، والأكمل العفو مجانا.

معنى العفو:
- أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية.
- أو عفا بعض الأولياء فإنه يسقط القصاص وتجب الدية.
- وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي.

دلالة التعبير بــ (أخيه):
-دليل على أن القاتل عمدا لا يكفر، ولكنه مستحق للعذاب، والمراد بالأخوة هنا: أخوة الإسلام.

الواجب عند العدول من القصاص إلى الدية:
-الواجب على ولي المقتول إذا عفا عن القاتل: الإحسان في الاقتضاء والطلب وعدم إحراجه، وعدم حمله ما لا يطيق.
- الواجب على القاتل متى عفا عنه ولي المقتول: الأداء بإحسان من غير مطل ولا نقص ولا إساءة.
- والإحسان في أداء الحق مأمور به، لقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله عبدا سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى)

قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }:
أي من اعتدى بعد حصول العفو، فله عذاب أليم أي: في الآخرة.

الحكمة من مشروعية القصاص:
- قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} فالقصاص فيه إحقان للدماء، وردع للأشقياء.
لأن من عرف أنه إذا قَتَلَ قُتِلَ لا يكاد يصدر منه قَتْلٌ، وإذا رئي القاتل مقتولا انزجر غيره بذلك.
- لو كان عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل من انكفاف الشر ما يحصل بالقتل.

ما يفيده تنكير (حياة): التعظيم.
دلالة توجيه الخطاب إلى أولي الألباب:
- لأن هذا الحكم لا يعرف حق المعرفة إلا أهل العقول الكاملة.
-محبة الله أن يعمل العباد عقولهم في تدبر أحكامه وما ترتب عليها من مصالحا.
- وفيه المدح لهم بوصفهم بهذه الصفة بتوجيه الخطاب لهم.

دلالة ختم الآية بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}:
- من عرف ربه، وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة أوجب له أن ينقاد لأمر الله، ويخضع لشرعه طاعة لله ولرسوله.


قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
حد الزنا:
الزاني المحصن: الرجم حتى الموت، كما ورد في السنة والإجماع.
الزاني غير المحصن من ذكر أو أنثى: الرجم والتغريب.
- الجلد مائة جلدة، جلدات تؤلمه وتزجره ولا تهلكه، مع التغريب عام كامل، كما علم من السنة.
إقامة الحد علنا والحكمة من ذلك:
- إقامة الحد تكون علنا لا سرا، يشهده طائفة من المؤمنين.
- والحكمة من ذلك: إظهار شعائر الدين، وقمع أهل الجرائم، واشتهار إقامة الحد يحصل به الردع والانزجار.
وفي الاستتار مفاسد كثيرة.

قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} :
معنى السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه.
حكم السرقة: هى من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة.
حد السرقة: تقطع يده اليمنى فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم.
- المراد بقوله (أيديهما): واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط.
شروط إقامة حد السرقة:
1.أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك
.
2. أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه.

عقوبة عود السارق:
- قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فقيل تقطع يده اليسرى، ثم إن عاد قطعت رجله اليمنى.
- وقيل: يحبس حتى يموت، وورد في ذلك آثار عن السلف مختلفة
.
سبب إيقاع حد السرقة:عقوبة التجرؤ على أموال الناس، كما قال تعالى:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}.
الحكمة من إقامة حد السرقة: تنكيلا للمجرمين، وحفظا للأموال، وردعا للسراق، كما قال تعالى: {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}

قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ}
حد الحرابة:
- قيل: إن الإمام مخير في إيقاع العقوبة الي تقتضيها المصلحة ويحصل بها النكاية.
- وقيل: أن العقوبة بحسب الجرم:
* القتل وأخذ المال: القتل والصلب.
* القتل وعدم أخذ المال: القتل دون الصلب.
* أخذ المال وعدم القتل: قطع الأيدي والأرجل من خلاف (اليد اليمنى مع الرجل اليسرى).


2. قصة آدم عليه السلام:
خلق آدم عليه السلام وتفضيله بالخلافة:
- خلق الله آدم بقبضة قبضها من الأرض سهلها وحزنها، وطيبها وخبيثها، وذلك ليكون النسل على هذه الطبائع.
- كان آدم ترابا فألقى الله عليه الماء فصار طينا، ثم صار بعد فترة حمأ مسنون أي: طينا أسودا ثم يبس فصار كالفخار له صلصلة، بلا روح.

- ولما تكامل خلق جسده، نفخ الله فيه الروح فصار حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان.
- وقد فضل الله عز وجل آدم عليه السلام وبني البشر على سائر مخلوقاته، فجعله خليفة في الأرض.
- ومعنى خليفة أنه يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا الله.
- وقد أعده الله للخلافة بكل علم وخير، ومن ذلك تعليمه الأسماء كلها.

إعلام الله للملائكة بخلق آدم عليه السلام وتعجبهم من ذلك:
- أعلم الله ملائكته بخلقه لآدم عليه السلام، فقال تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}.
- قالت الملائكة لا على وجه الاعتراض، بل تعظيما لله: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}.
- قول الملائكة محتمل لأمور:
أ. لعلمهم بالخلق الأول الذي سبق آدم فقاسوا خلق آدم على خلق من سبقه من الأمم.
ب. أو أن الله عز وجل أعلمهم بأن من ذرية آدم من سيفسد في الأرض.
ج. أو فهم الملائكة من وجود الخليفة اقتضاء وقوع الخصومات والفساد.
د. أو فهم الملائكة ذلك من طبيعة البشر، حيث أن خلق آدم من قبضة من تراب الأرض.

فضل الله آدم عليه السلام على الخلق بالعلم:
- إن الله عز وجل عليم وسع علمه كل شيء، حكيم لا يخلق شيئا عبثا، لذلك خلق آدم عليه السلام،
وقال تعالى لملائكته: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، وعلمه الأسماء كلها، ليظهر للملائكة حكمته سبحانه.
- عرض الله على الملائكة المسميات، وقال لهم: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
- فعجزت الملائكة عليهم السلام عن معرفة أسماء هذه المسميات، وقالوا: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.
- فقال تعالى: {يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}.

- فعلم الملائكة من كمال آدم عليه السلام وعلمه، وعلموا بما شاهدوه كمال حكمة الله.
- وأمر الله ملائكته أن يسجدوا لآدم تعظيما له واحتراما فقال للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ}.
- وسجود الملائكة لآدم عليه السلام هو من طاعة الله الذي أمرهم بذلك وطاعة له ومحبة وذلا.
- فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس كان معهم لكنه ليس من جنسهم.

مبدأ العداوة من إبليس لآدم عليه السلام:
- إبليس هو خلق خلقه الله من نار السموم وهو من الجن.
- وكان يبطن الكفر بالله والحسد لبني آدم، فأبى أن يكون مع الساجدين حين أمره الله مع جملة الملائكة بالسجود.
- وصرح إبليس بسبب تركه الامتثال لأمر الله فقال: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}.
- فقال الله له: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ}.
- فعاقبه الله عز وجل على كفره وكبره بالطرد من رحمته واللعن، فقال تعالى: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}.
- فبارز إبليس ربه بالعداوة، وتوعد بني آدم أن يتربص بهم بكل طريق ليكونوا من حزبه الخاسرين.

اقتضاء حكمة الله لوقوع الابتلاء بإبليس:
- سأل إبليس له عز وجل أن يمهله إلى يوم القيامة، ليتمكن من تحقيق غايته، وقال:{رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
- وقد أجاب الله دعوة إبليس، فقال تعالى: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس ذلك إكراما له بل هو من الأسباب التي قدرها الله لتقع سنة الابتلاء في الدنيا.
- فزاد اللعين في عداوة آدم وذريته: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}.
- وذلك أن إبليس علم ما جبل عليه البشر فمنهم من يتخذه وليا مطاعا: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
- فمكنه الله من الأمر الذي يريده في آدم وذريته، فقال الله له:{اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ}.
- وجعل الله لإبليس نصيبا من ذرية آدم وهم الذين عصوا الله، واتخذوا إبليس وليا، فجعل يدفعهم إلى الشر دفعا.
- وحفظ الله خواص الذرية من الأنبياء، وأتباعهم من الصديقين والأصفياء
، والأولياء والمؤمنين من تسلط إبليس، بصدق توكلهم على الله وكمال إيمانهم به سبحانه، قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.

إغواء إبليس لآدم عليه السلام:
- ومن جملة النعم لتي أنعم الله بها على آدم عليه السلام أن خلق له زوجا من جنسه وهى حواء.
- والحكمة من خلق حواء: ليسكن إليها آدم، وتتم مقاصد ومنافع من الزواج، وتحصل الذرية.
- وقد أنعم الله عليهما بالجنة فقال تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}.
-وأباح الله لهما الجنة يأكلان مما شاءا منها إلا شجرة حرمها عليهما، فقال: {فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.
- ولما كان إبليس قد توعد بإغواء آدم، فقد زين له ولزوجه الأكل من الشجرة المحرمة، ودخل إليهما مدخل الناصح، وأخبر آدم أنها شجرة الخلد، فمن أكل منها خلد منعما في الجنة، ولم يزل يوسوس ويزين حتى عصا الله.

الخروج من الجنة:
-فلما وقعا في المعصية زالت عنهما نعم الجنة، وحلت بهما العقوبة العاجلة، فبدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين، وشرعا يلزقان على أنفسهما من أوراق الجنة.
- وقال الله لهما معاتبا: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
- ولأنه سبحانه هو الغفور الرحيم، فقد أوقع في قلبيهما التوبة والإنابة، وألهمها كلمات التوبة، فقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
- فتاب الله عليهما، ولكنه سبحانه قد قضى بخروجهما من الجنة، فخرجا منها إلى الأرض التي حشي خيرها بشرها، وسرورها بكدرها.
- وأخبرهما الله عز وجل بوقوع الابتلاء في الأرض، والسعيد من لزم طاعة ربه، والشقي من خالفه وكفر.

تحذير الله لبني آدم من عدوهم وإرشادهم إلى سبل الحماية منه:
- فلما قضى الله بأن يكون آدم وذريته في الأرض، فحذرهما من عدوهما فقال:{يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}.
- وأنعم الله على آدم وذريته بلباسين يتقيان بهما إبليس وجنده، أحدهما حسي يستر العورات ويتخذ للزينة، وآخر معنوي وهو أعلى من سابقه وهو لباس التقوى، وهو لباس القلب والروح، فهو لباس الإيمان والإخلاص، وكل خلق رفيع، وفعل حميد.
- وعرف الله عباده بعدوهم ومداخله، وذلك بإنزال الكتب المحتوية على العلوم النافعة، والمواعظ المؤثرة، والترغيب إلى الخير، والترهيب من الشر.
- وإرسال الرسل بالبشارة بالثواب لمن آمن بالله، والنذارة بالعقاب لمن كفر وتولى.
- فقد تضمنت الكتب، ودعوة الرسل التحذير من العدو المبين وسبل النجاة من شره.
- وضمن الله عز وجل لمن اتبع الهدى عدم الضلال والشقاء في الدنيا والآخرة، وألا خوف عليه ولا حزن يعتريه.

فوائد وهدايات من قصة آدم عليه السلام:
- قصة آدم عليه السلام من القصص التي ذكرت في مواضع كثيرة صريحة ولا ريب فيها، قد اتفقت عليها الرسل والكتب المنزلة، فمن أنكرها واعتمد على ما ثبت من طريق المعارف الإنسانية القاصرة ضل.

- وجوب الإيمان بما أنزل الله عز وجل، وعدم الخوض في الغيببات بما يخالف ما ثبتت صحته شرعا.
- لزوم مذهب أهل السنة والجماعة، وأقوال أهل العلم والأئمة في تفسير كتاب الله، كذلك لزوم منهجهم في إثبات ما أثبته الله لنفسه من أسماء وصفات، كإثبات صفة اليدين لله.

- بيان فضيلة العلم، ومكانة العلماء، ووجوب توقير الأعلم، كما أقر الملائكة لآدم بفضله وعظموه.
- الاعتراف بنعم الله على العبد وأعظمها نعمة العلم النافع،والهداية إلى الإيمان، وشكر هذه النعمة بالثناء على المنعم، وبث العلم ونشره.
- التورع عن القول بغير علم، وأعظمه القول على الله عز وجل، ووجوب السكوت عند انتفاء العلم بالشيء.
- من سيئ الخصال الحسد والكبر والحرص، وهى التي ضل بها إبليس.
- من مظاهر رحمة الله بعباده محبته لعباده الذين وقعوا في الذنوب أن يباردوا إلى التوبة والاعتراف، فهذا سبيل النجاة.
- تحذير الله لعباده من عدوهم المبين، وإرشادهم إلى ما يدفعوا به شره، كالتحصن بالعلوم النافعة، والمداومة على الأذكار، والتعوذات الشرعية، وتصحيح العبادات والأعمال القلبية، ودفع خواطره الخبيثة، ووساوسه الردئية.

3. قصة شعيب عليه السلام:

دعوة شعيب عليه السلام لأهل مدين:
-
أهل مدين، كانوا على الشرك، واتصفوا بصفات أخرى ذميمة، كالبخس في الموازين والمكاييل، والغش في المعاملات.
-
فدعاهم شعيب عليه السلام إلى التوحيد، وذكرهم بما أوتوا من خير ورزق، ودعاهم إلى نبذ الشرك والكف عن التطفيف والبخس، وأنذرهم وخوفهم عذاب الله.
-
فما كان ردهم إلا أن قالوا:{ياشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْنَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْأَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَانَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.
-
فبين لهم أنه أوتي الهدى ومعرفة سبيل الحق، وأن الله أغناه فلن يقع فيما ينهاهم عنهمن معاملات فاسدة، فقال لهم:{ياقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا}.
-
وبين لهم رغبته وحرصه على صلاح أحواهم الدينية والدنيوية، فقال: {وَمَاتَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

تخويف بمآلات الأمم الظالمة، ودعوة إلى التوبة:
-
خوف شعيب قومه أن ينزل بهم عذاب من ربهم أليم كما حل بالأمم التي سبقتهم في الزمان والمكان، فقال:{لَايَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْقَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَاقَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}.
-
ثم عرض عليهم التوبة، ورغبهم فيها فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّرَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.

ظلم وعتو وحلول العقوبة:
-
فاشتد عنادهم وظلمهم، وقالوا: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ* قَالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّيبِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} وكان رد شعيب عليهم لما علم من شدة كفرهم.
-
فتركهم وقد علم أنهم لم يبق إلا أن تحل بهم العقوبةكما جاء في قوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْيَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْهُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ * وَلَمَّاجَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا}.

- فأرسل الله عليهم حرا أخذ بأنفاسهم حتى كادوايختنقون من شدته، ثم في أثناء ذلك أرسل سحابة باردة فأظلتهم، فتنادوا إلى ظلها غير الظليل، فلما اجتمعوا فيها التهبتعليهم نارا، فأحرقتهم وأصبحوا خامدين معذبين مذمومين ملعونين في جميع الأوقات
فوائدمن قصة شعيب عليه السلام:
1.أن بخس المكاييل والموازين خصوصا، وبخس الناس أشياءهم عموما من أعظم الجرائم الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة.
2.أن المعصية الواقعة لمن عدم منه الداعيوالحاجة إليها أعظم، لهذا قال شعيب لقومه: {إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ}.فلم يكن لهم حاجة للطرق المحرمة في الكسب.

3.الحث على الرضا بما أعطى الله، والاكتفاء بحلاله عن حرامه ومنها: قوله:{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ}.
4. رحمة الله وحكمته من مظاهرها فرض الصلاة، فهي سبب لفعل الخيرات،وترك المنكرات، وللنصيحة لعباد الله،وقد علم ذلك الكفار بما قالوا لشعيب:{أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُآبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِيأَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.
5.
وجوب لزوم العبد الشريعة ليس فقط في عباداته بل في جميع معاملته ومنها المعاملات المالية، فهو من كمال الإيمان.
6.
الناصح للخلق الذي يأمرهم وينهاهم منتمام قبول الناس له: أنهإذا أمرهم بشيء أن يكون أول الفاعلين له،وإذا نهاهم عن شيء كان أول التاركين؛ لقولشعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}.
7. ما بعث به الإنبياء هو الإصلاح والصلاح، فالهدى كل الهدى في لزوم ما دعوا إليه، ومن باب أولى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته الناسخة لما سبقها من شرائع، ولا سبيل لقيام العبد بذلك إلا باستمداد المعونة من ربه وحده، كما قال شعيب : {إِنْ
أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَااسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّابِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
8. حاجة الداعي إلى الحلم وحسن الخلق في مقابلة المسيئين، وصبره على الدعوة إلى الحق، ومما يعين على ذلك ما يبصره الداعي من حسن المآل والفوز العظيم والثواب الجزيل.

4. قصة أيوب عليه السلام:
نبي الله الصابر أيوب عليه السلام:
-
أيوب عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل، أثنى الله عليه بالخصال الحميدة، وضُرب به المثل في الصبر.
-
وقد ذكره الله في كتابه، وأثنى على عبادته وصبره، فقد ابتلي ببلاءً عظيما، لم يصب به أحد من الخلق، فابتلي بولده وأهله وماله وبجسده فصبر، فكان نعم العبد الصابر، المنيب لربه.

دعاء الله والشكوى إليه وحده لا تنافي مقام الصبر:
-
ولما تطاول به مرضه نادى ربه وهو سبحانه أعلم بما أصابه، فقال: (أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)، فأُمر أن يركض برجله فنبعت بركضته عين ماء بارد، فشرب منها واغتسل فأذهب الله ما به من بلاء ظاهرا وباطنا، وأعاد له أهله وماله، وأغدق عليه من نعمه.
الوفاء بالقسم من خصال أهل الإيمان:
-
ولما كان في مرضه أيو عليه السلام في مرضه، قد وجد على زوجته في بعض شيء، فحلف على جلدها مائة جلدة.
-
فخفف الله عنهما فأمره أن يأخذ ضغثا أي حزمة بها مائة عود فيضربها بها، فينحل بذلك يمينه.

فوائد من قصة أيوب عليه السلام:
1.
واجب العبد في البلاء الصبر على ما أصابه، وتذكير نفسه بما جُعلت الدنيا له، فهى دار بلاء واختبار، واجتياز بلائها يكون بالصبر والرضا والشكر.
2.
أن شكوى العبد لربه ما أصابه لا تنافي مقام الصبر، إنما الذي ينافي مقام الصبر هو الشكوى للمخلوق الذي لا يملك نفعا ولا ضرا، والتسخط على قدر الله.
3.
أن لكل أمد انقضاء، فالبلاء وإن طال فإن عاقبته خير لمن صبر ورضى.
4.
من إحدى الحكم التي من أجلها سيقت قصص الأنبياء وأحوالهم، أن يجد فيها المكروب سلواه، ويتصبر على بلواه، فيفزع لمولاه، يبث له شكواه.
5.
من كمال شريعة الإسلام أن شرع الله كفارة اليمين لهذه الأمة، فلم تشرع كفارة اليمين لأمة قبلها، وهذا من كمال رحمة الله بأمة نبيه صلى الله عليه وسلم وعظيم فضلهم على الأمم.
6.
أن العبد بعد انقضاء بلائه لا ينسى ما كان منه من وعد أو نذر، فكثيرا ما يقع من وعود ونذور قد لا يفي بها العبد إما لعدم استطاعته عليها ومشقتها، وإما لمخالفتها للشرع، فالواجب الاحتراز من الوقوع في هذا.
7.
إن إقامة الحدود الغرض منها التنكيل لا الإتلاف والإهلاك، والله رحيم بعباده يحب منهم طاعته ولا يرضى بمعصيته.

5.
قصة الخضر مع موسى عليه السلام:

{
وفوق كل ذي علم عليم}:
-
موسى عليه السلام نبي الله لبني إسرائيل له أخبار مع قومه كثيرة، وله في قصته مع الخضر شأن آخر.
-
فقد قام موسى عليه السلام ذات يوم يعظ قومه ويعلمهم، فأعجب الناس بعلمه وسُئل أهناك أعلم منك فقال لا وذلك بحسب علمه، فأخبره الله عز وجل أن له عبدا في مجمع البحرين عنده علوم ليست عند موسى.
-
فود موسى عليه السلام لو يتلقى من علوم ذلك العبد، فأذن له ربه وأخبره بمكانه وكيف يلتقيه.
-
فذهب موسى وفتاه فوجداه بعدما نسيا الحوت، وكان ما قص الله من نبأهما في الكهف: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}.
-
والعبد الذي لقياه ليس نبيا، بل هو عبد صالح عالم ملْهَم؛ لأن الله ذكره بالعلم والعبودية الخاصة والأوصاف الجميلة، ولم يذكر معها أنه نبي أو رسول.
-
وفي قوله:{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} ،فإنه لا يدل على أنه نبي، وإنما يدل على الإلهام والتحديث، وذلك يكون لغير الأنبياء، قال تعالى:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، وقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} .


فوائد من قصة موسى عليه السلام مع الخضر:
فوائد في العلم:
1.
العلم له فضل عظيم، وشرف كبير، والارتحال في طلبه مشروع.
2.
العلم الذي يعلمه الله للعبد نوعان: علم مكتسب، يدركه العبد بطلبه وجدّه، وعلم إلهي لدنِّي، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده، لقوله: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}، وكان للخضر وافر الحظ منه.
3.
نهمة العلم لا ينقضي منها العالم الحق، فتجده يسعى للتعلم ممن هو أعلم منه، وذلك أهم من تعليمه لغيره، بل هو أصل يتفرع عنه التعليم.
4.
جواز إخبار العالم عن علمه ترغيبا للناس في الإقبال عليه.
5.
أن العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير، وكل علم لم يكن فيه خير أو فائدة فليس بنافع، لقوله: {أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}.


آداب المتعلم مع المعلم:
1.
وجوب التأدب مع المعلم والتلطف في خطابه لقول موسى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، كما أخرج موسى الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي أم لا؟
2.
إظهار حاجة المتعلم إلى المعلم، وأنه يتعلم منه ومشتاق إلى ما عنده، بخلاف حال أهل الكبر والجفاء الذين لا يظهرون حاجتهم إلى علم المعلم.
3.
تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه، فإن موسى بلا ريب أفضل من الخضر.
4.
تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم درجات؛ كما سأل موسى الخضر أن يعلمه مما ليس عنده.
5.
العلم يدرك بالصبر، فمن ليس له صبر على صحبة العالم، والثبات على طريقة التعلم فليس بأهل للتلقي، فإن الخضر اعتذر عن موسى أنه لا يصبر على علمه الخاص، ومما يعين على الصبر إحاطة العبد بمنافع الأشياء وثمراتها ونتائجها، فمن لا يدري هذه الأمور يصعب عليه الصبر لقوله: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}.
6.
المعلم إذا رأى من المصلحة أن يخبر المتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها، فإن المصلحة تتبع، كما إذا كان فهمه قاصرا، أو نهاه عن التدقيق الشديد أو الأسئلة التي لا تتعلق بالموضوع.
7.
وضع أسس وقواعد يتفق عليها المتعلم مع معلمه، يرفع حرج المؤاخذة، كما أصّل موسى والخضر أنه لا يسأله ولا يعترض عليه حتى يكون الخضر هو المبتدئ.

آداب المرء في الحديث عن القدر وما ينسب إلى الله:
1.
إضافة الخير إلى الله فعلا وقولا، وهو من الأدب مع الله، لقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} ونسبة غيره إلى العبد كما أضاف الخضر عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}.
*
ونحوه قول إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}.
*
وقالت الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}.
2.
إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، وكذلك النقص، لقول فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}.
3.
وجوب نسبة النعم والفضائل إلى الله عز وجل وحده، والاعتراف بذلك، وشكر الله عليه، ومن جملة النعم الواجب نسبتها إلى الله العلم لقوله: {تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}.
4.
مشروعية تعليق إيجاد الأمور المستقبلة على مشيئة الله لقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} وإن العزم على الشيء ليس بمنزلة فعله، فموسى عزم على الصبر، ولكن لم يفعل.

آداب المصاحبة:
1.
أنه ينبغي للعبد أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال ويترك صحبته، بل يفي له بذلك حتى لا يجد للصبر محلا.
2.
موافقة الصاحب لصاحبه في غير الأمور المحذورة مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكُّدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة.
3.
جواز إخبار الإنسان عما يجده مما هو مقتضى الطبيعة البشرية، من نصب أو جوع أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط، وكان صدقا لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}.

آداب المرء مع الخادم:

1. أنه ينبغي أن يتخذ الإنسان خادما ذكيا فطنا كيِّسا ليتم له أمره الذي يريد.
2.
استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا؛ لأن ظاهر قوله: {آتِنَا غَدَاءَنَا} أنه للجميع.

فوائد وآداب في السفر:
1.
جواز أخذ الخادم في السفر والحضر لكفاية المؤن وطلب الراحة، كما فعل موسى عليه السلام.
2.
جواز إخبار المسافر بنيته في سفره، سواء كان سفر طاعة أو غيره بما تقتضيه المصلحة، وليتم الاستعداد له كما يجب، كما في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}.
3.
جواز ركوب البحر إذا لم يكن في ذلك خطر.

فوائد في حصول المعونة والحفظ من الله:
1.
أن المعونة تنزل على العبد بحسب قيامه بالأمر الشرعي، وأن ما وافق رضا الله يعان عليه ما لا يعان على غيره لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}، والإشارة إلى السفر المجاوز لمجمع البحرين، وأما الأول فلم يشتك منه مع طوله.
2.
أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته، وما يتعلق به، لقوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}.

فوائد في التعامل مع الخلق:
1.
خدمة الصالحين وعمل مصالحهم أفضل من غيرهم؛ لأنه علَّل أفعاله بالجدار بقوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}.
2.
الأمر بالتأنِّي والتثبت وعدم المبادرة على الحكم على الأشياء حتى يعرف ما يراد منه، وما هو المقصود.
3.
عدم مؤاخذة الناس، في حق الله أول في حق العباد، إلا إن ترتب على ذلك إتلاف مال، ففيه الضمان حتى على الناسي لقوله: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}.
4.
ينبغي للعبد أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم أو يرهقهم، فإن هذا داع إلى النفور، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.
5.
أن عمل الإنسان في مال غيره - إذا كان على وجه المصلحة ودفع المضرة - يجوز بلا إذن، حتى ولو ترتب عليه إتلاف بعض المال، كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم.

فوائد عامة:
1.
يجوز دفع الشر الكبير بارتكاب الشر الخفيف، ويراعى أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما.
فإن قتل الغلام الصغير شر، ولكن بقاءه حتى يبلغ ويفتن أبويه عن دينهما أعظم شرا، فلذلك قتله الخضر بعدما ألهمه الله الحقيقة، فكان إلهامه الباطني بمنزلة البينات الظاهرة في حق غيره.
2.
أن العمل يجوز في البحر كما يجوز في البر، لقوله: {يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}.
3.
أن القتل من أكبر الذنوب.


6.قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليهوسلم:
- تناول المؤلف قصة النبي صلى الله عليه وسلم، بطريقة جمعت بين مقامات دعوته، وبين ربط تلك الأحداث بما تنزل من القرآن الكريم حيث نزل تبعا لمناسبات سيرته صلى الله عليه وسلم، وصرح قائلا بأن فائدة معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله)، وما أشار إليه هو معرفة سبب النزول وهو علم من علوم القرآن.
- وقد اجتهدت في إظهار مقصد المؤلف بالتقسيم للفقرات وانتقاء العنوان المناسب لها.


نزول القرآن منجما على النبي صلى الله عليه وسلم، والحكمة من ذلك:
- نزل القرآن منجما أي مفرقا على النبي صلى الله عليه وسلم تبعا لمناسبات سيرته.
- والحكمة من ذلك: ربطه بأسباب وحوادث ينزل من أجلها التشريع، ويحق الله الحق، ويبطل الباطل، كما قال تعالى:
{كَذَلِكَ
لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}.

التهيئة لنزول القرآن:
- أول مقامات إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم،كانت قبل البعثة وذلك بتهيئة فطرته صلى الله عليه وسلم لقول الحق والعمل به، وتبغيض عبادة الأوثان إليه، وما كان في الجاهلية من قبيح أقوال وأفعال.
- فطهر الله قلبه وزكاه، وحُبب إليه التحنث في غار حراء، فكان يذهب إليه في الليالي ذوات العدد.
- ولما بلغ الأربعين، وتمت قوته العقلية، وصلح لتلقي الرسالة، أرسل الله إليه جبريل عليه السلام، وقد سبق نزول الوحي الرؤيا الصادقة.
- وكان صلى الله عليه وسلم قبل نزول القرآن لا يعرف القراءة، كما قال الله : {وَوَجَدَكَ ضَالًّا
فَهَدَى}
- وأتاه الله الكتاب والعلم والهداية، كما قال تعالى: {مَاكُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَاالْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًانَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}.

أول ما نزل به القرآن الأمر بالقراءة:
- أول ما أنزل الله علي من القرآن الكريم، قوله تعالى:{اقْرَأْبِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، وبها بدأت نبوته.
- فأتاه جبريل عليه السلام وأمره بأن يقرأ وقال له: اقرأ، وغطه مرتين
أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم،ويتجرد قلبه وهمته وظاهره وباطنه لذلك.
- فجاء بها إلى
خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرهابما رآه، فوفقها الله لتهون عليه من قلقه وخوفه، وقالت: فوالله لا يخزي كالله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف،وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.

فتور الوحي وعودته بنزول قوله تعالى: (يا أيها المدثر):
- فتر عنه الوحي
مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده.
-
وكان قد رأى الملك على صورته فانزعج، فجاءإلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: (دثروني دثروني).
- فأنزل الله عليه
:{ياأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَفَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}.
- وفي الآية الأمر له بدعوة الخلق
وإنذارهم، فشمر صلى الله عليه وسلم عنعزمه، وصمم على الدعوة إلى ربه.

دلالة اعتناء الله بنبيه صلى الله عليه وسلم، ونزول سورة الضحى:
- وأيد الله نبيه صلى الله عليه وسلم بروح منه، وبالدين الذي جاء به، وجاءته وجاءته وسورة الضحى في فترة الوحي لما قال المكذبون
: إن رب محمد قلا،قال:{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} الآيات.
- وفي الآية: وهذا اعتناء عظيم
من الله برسوله، ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها،و أن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه.

موضوعات السور المكية:
- تضمنت السور المكية الدعوة إلى التوحيد الخالص، والنهي عن ضده، وقد تنوعت الآيات في ذلك.
- وحصلت استجابة لدعوته على شدة عظيمة من قومه، ومعنادتهم له، رغم علمهم بصدقه وأمانته، لكنهم جحدوا آيات الله،كما أخبر الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَبِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}.
- ولما قدر الله على أقوام الضلالة لعلمه سبحانه بزيغ قلوبهم، وخبيث أصلهم،فمنعهم من الاهتداء، وعطل انتفاعهم بالآيات لما تكرر إعراضهم عنها، وقد تولوا الشياطين ، وهو م أخبر الله تعالى عنه: قال الله تعالى:{فَرِيقًا
هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
- وهدى الله من جعل قصده إرادة الحق إلى صراطه المستقيم، كما قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ
مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

تناول القرآن لمقامات النبي صلى الله عليه وسلم معالمكذبين:
- الافتراء على القرآن:

- عمل النبي صلى الله عليه وسلم على دعوة قومه بالحكمة والموعظة الحسنة، ومجادلتهم بالتي هى أحسن.
- وتذكيرهم بالقرآن بتلاوته في الصلاة وخارجها، فكانوا ينفرون أشد النفور من ذلك كما أخبر الله في غير آية.
- وقد أخبر الله عز وجل عن أقوالهم المفتراة على القرآن، ورد عليهم بما أبطل أقوالهم، حيث زعموا إنه سحر، إنه كهانة،
إنه شعر، إنه كذب، إنه أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين.
- وقد تعرض القرآن لأباطليهم بذكرها تارة بمجرد تصورها، وهذا يؤدي لتبين بطلانها.
- وتارة يذكرها ويرد عليها ردودا هى كالصواعق المرسلة تنسف باطلهم نسفا، وهذا كثير في القرآن.

- طريقة القرآن في الرد على تكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم :
- وكما ذهب المكذبون الجاحدون إلى التقول على القرآن والسعي في إبطاله.
- فقد كذبوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وطلبوا أدلة على صدقه واقترحوا آيات عدة كنزول العذاب، أو زوال الجبال ونحو ذلك، مما يدل على فساد عقولهم.
- فيأتيهم الرد في القرآن بأن الله هو أعلم بما ينزل من آيات ينتفع بها الصادقون الراغبون في الهدى.
- وتارة تنزل الآيات مبينة أن تحقيق ما اقترحوا معناه زوالهم، وإلحاق العقوبة بهم إن لم يؤمنوا.
- وتارة
يبين لهم أن الرسول إنما هو نذير مبين،ليس له من الأمر شيء، ولا من الآيات شيء،وأن هذا من عند الله، فطلبهم من الرسولمحض الظلم والعدوان، وهذه المعاني فيالقرآن كثيرة بأساليب متعددة.
- وتارة يقدحون في شخصه حقدا وحسدا، فيجيبهم الله بذكر
فضله، وأن فضله يؤتيه من يشاء، وأنه أعلم حيث يجعل رسالته والمحل اللائق بها، ويشرح لهم من صفات رسوله التي يشاهدونها رأي عين ما يعلمون هم وغيرهم أنه أعظم رجل في العالم، وأنه ما وجد ولن يوجد أحد يقاربهفي الكمال، مؤيدا ذلك بالأمور المحسوسةوالبراهين المسلمة، وقد أبدا الله هذه المعاني وأعادها معهم في مواضع كثيرة.

- طريقة القرآن في الرد على إعراض المكذبين عن عيب إلهتهم الباطلة :
- ولما علموا صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وتكشف لهم ولكل ذي عقل نقص وعوار ما يدعون إليه، رغبوا لو أنه كف عن التعرض لعيب آلهتهم التي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا.
- وقد ذكر الله هذا في آيات متعددة مثل قوله: {وَدُّوا
لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}.
- ولم يدعو القرآن إلى سب آلهتهم لما يترتب على ذلك من عظيم المفاسد والشرور كما قال تعالى
:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}.

- طريقة القرآن في بيام مقام النبي صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين:
- فهو صلى الله عليه وسلم رؤوف بالمؤمنين رحيم بهم، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
- وهو نعمة لله المهداة والرحمة المرسلة لعباده المؤمنين، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ
اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْبَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
- وبين الله عز وجل من أسباب التآلف والمحبة بينه وبين عباده، فقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.

الهجرة إلى المدينة انتشار الإسلام:
- ولم تزل الفروض تتنزل عليه شيئا فشيئا وهو من الحكمة من الدعوة، التدرج في التنزيل والتشرع، ففرضت الصلاة في واقعة الإسراء والمعراج، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، وبعد أن استكمل عشر سنين في الدعوة في مكة، أمره الله بالهجرة إلى المدينة.
- وكانت قريش قد عزمت على الخلاص من محمد صلى الله عليه وسلم وقتله، لما عجزوا عن رده ورد من آمن به، فأمره الله عز وجل بالهجرة إلى المدينة.
- فهدى الله العرب الذين سكنوا المدينة للإيمان به، وكفر اليهود، وكانت هجرة المسلمين من مكة إلى الحبشة، ولم استوطن الإيمان في المدينة دعاهم للهجرة إلى المدينة.

طريق الهجرتين:
- أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بذلك وطلب منه الصحبة، وكان ثاني اثنين، فترك ماله وأهله وهاجر إلى الله.
- ولما علم المشركون فشل خطتهم في قتله صلى الله عليه وسلم، خرجوا في آثره ولكن الله أعمى أبصارهم كما أعمى قلوبهم فلم يظفروا به.
- وقد أنزل الله، قوله واصفا حال نبيه صلى الله عليه وسلم وحال صاحبه الصديق: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

مرحلة الاستقرار وتوالي التشريعات:
السنة الثانية من الهجرة:
- وبعد الاستقرار في المدينة فإن التشريعات قد بدأت تتوالى، فنزل الأمر بالقتال والجهاد، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
- وفرضت الزكاة، وفرض الصيلم في السنة الثانية من الهجرة، وجاءت فيها آيات.
- وكانت غزوة بدر، وقد أيد المسلمون على قلة عددهم على المشركين مع كثرتهم، وأظهر الله دينه، فدخل بعض المشركين من أهل المدينة في الإسلام نفاقا، فنزلت جميع الآيات في المنافقين بعد غزوة بدر.
- وهذا بخلاف المراد من قوله: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}، فإن المراد زكاة القلب وطهارته بالتوحيد وترك الشرك.

السنة الثالثة من الهجرة:
- وكانت غزوة أحد وأعظم درس للمسلمين بوجوب طاعة الله ورسوله، وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران، وبسط متعلقاتها، فالوقوف على هذه الغزوة من كتب السير يعين على فهم الآيات الكثيرة التي نزلت فيها كبقية الغزوات.

السنة الرابعة من الهجرة:
-وفيها تواعد المسلمون والمشركون ولكن المشركون تخلفوا فكتب الله أجر المسلمين وأنزل قوله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.

السنة الخامسة من الهجرة:
- وفيها غزوة الخندق، حيث تمت محاصرة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في المدينة، ووصف الله المشركون الذين حاصروهم فقال تعالى:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}.
فأخذلهم الله وردهم خائبين.
- ثم حاصر النبي صلى الله عليه وسل بنى قريظة الذين تظاهروا عليه مع مشركي مكة، واحتكموا و نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله
:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا، وقوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.

السنة السادسة من الهجرة:
-وفيها صلح الحديبية، حيث صد المشركون النبي صلى الله عليه وسم ومن معه من المسلمين، فعقد النبي صلى الله عليه وسلم معهم صلحا، حقنا للدماء في بيت الله الحرام، وغيره من المصالح.

السنة السابعة من الهجرة:
وفيها اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم بموجب ما عقده في صلح الحديبية، وقد أنزل الله في هذه القضية سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.
- وقد وقع من بني النضير هم بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم، ويدعوا الأرض والعقار وما لم تحمله الإبل للمسلمين؛ فأنزل الله في هذه القضية أول سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} إلى آخر القصة.

السنة الثامنة من الهجرة:
- وقع من قريش نقض للعهد الذي بينهم، فأعد النبي صلى الله عليه وسلم جيشا عظيما يقارب عشرة آلاف، وفتح مكة، ثم غزوة حنين، وقد من الله بالنصر عليه وعلى المسلمين، وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة
.

السنة التاسعة من الهجرة:
- كانت غزوة تبوك، التي تخلف فيها أهل الأعذار والمنافقون، وثلاثة من المؤمنين، وقد سار الجيش إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة؛ فأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة، تناولت تفاصيلها وعسرتها، والثناء على المؤمنين، وذم المنافقي، وتوبة الله على النبي وعلى من معه الذين صبروا وتوبة الثلاثة الذين خلفوا.
- وفي سياق هذه الغزوات، كانت آيات الجهاد، وفرضه وفضله وثواب أهله.
-كما أنه في أثناء هذه المدة ينزل الله الأحكام الشرعية شيئا فشيئا بحسب ما تقتضيه حكمته
.
- ثم فرض الحج، فحج أبو بكر بالناس في تلك السنة، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا.

السنة العاشرة من الهجرة:
- حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه.
- وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.

الحمد لله رب العالمين
اجتهدت من خلال التقسيم للموضوعات إظهار الفوائد.

التقويم: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, العاشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir