دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > اختصار علوم الحديث

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 11:29 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أفضل الصحابة رضي الله عنهم

وأفضلُ الصَّحَابَةِ، بَل أَفْضَلُ الخَلقِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلامُ- أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ (أَبِي قُحَافَةَ) التَّيْمِيُّ، خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وسُمِّيَ بالصِّدِّيقِ لِمُبَادَرَتِهِ إلى تَصْدِيقِ الرسولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَبْلَ الناسِ كُلِّهِمْ. قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (مَا دَعَوْتُ أَحَدًا للإيمانِ إلا كانَتْ لَهُ كَبْوَةٌ، إلا أَبَا بَكْرٍ؛ فإنه لم يَتَلَعْثَمْ). وقد ذَكَرْتُ سِيرَتَهُ وفَضَائِلَهُ ومُسْنَدَهُ والفَتَاوَى عَنْهُ في مُجَلَّدٍ على حِدَةٍ، وللهِ الحَمْدُ.
ثم مِن بَعدِه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ، ثم عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ.
هذا رَأْيُ المُهَاجِرِينَ والأنصارِ حِينَ جَعَلَ عُمَرُ الأمرَ مِن بَعْدِه شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ، فَانْحَصَرَ فِي عُثْمَانَ وعَلِيٍّ، واجتَهَدَ فِيهِمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، حَتَّى سَأَلَ النِّسَاءَ فِي خُدُورِهِنَّ، والصِّبْيَانَ فِي المَكَاتِبِ، فلَمْ يَرَهُم يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ أَحَدًا، فقَدَّمه على عَلِيٍّ، ووَلَّاهُ الأمرَ قَبْلَهُ.
ولهذا قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَن قَدَّم عَلِيٌّ علَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالمُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ، وصَدَقَ -رَضِيَ اللهُ عنه- وأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وجَعَلَ جَنَّةَ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ.
والعَجَبُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الكُوفَةِ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ إلى تَقْدِيمِ عَلِيٍّ علَى عُثْمَانَ، ويُحْكَى عن سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، لكن يُقَالُ: إنه رَجَعَ عَنْهُ، ونُقِلَ مِثْلُه عن وَكِيعِ بنِ الجَرَّاحِ، ونَصَرَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ والخَطَّابِيُّ، وهو ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَدَّمَ.
ثم بَقِيَّةُ العَشَرَةِ، ثم أَهْلُ بَدْرٍ، ثم أَهْلُ أُحُدٍ، ثم أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ.
وأما السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ فقِيلَ: هُمْ مَن صَلَّى (إلى) القِبْلَتيْنِ، وقِيلَ: أَهْلُ بَدْرٍ وقِيلَ: بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ، وقيلَ غَيْرُ ذلك، واللهُ أَعْلَمُ.
فرع قالَ الشَّافِعِيُّ: رَوَى عَن رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ورآه مِن المُسْلِمِينَ نَحْوٌ مِن سِتِّينَ أَلفًا. وقال أبو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: شَهِدَ حَجَّةَ الوَدَاعِ أَرْبَعُونَ أَلفًا، وكان معه بِتَبُوكَ سَبْعُونَ أَلفًا، وقُبِضَ -عليه الصلاةُ والسلامُ- عَن مِائةِ أَلفٍ وأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلفًا مِنَ الصَّحَابَةِ.
قال أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: وأَكْثَرُهُم رِوَايَةً سِتَّةٌ: أَنَسٌ، وجَابِرٌ، وابنُ عَبَّاسٍ، وابنُ عُمَرَ، وأَبُو هُرَيْرَةَ، وعَائِشَةُ.
قلت: وعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، وأَبُو سَعِيدٍ، وابنُ مَسْعُودٍ، ولكنه تُوُفِّيَ قَدِيمًا، ولهذا لم يَعُدُّهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ في العَبَادِلَةِ، بل قالَ: العَبَادِلَةُ أَرْبَعَةٌ: عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وابنُ عَبَّاسٍ، وابنُ عُمَرَ، وعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ.

فرع: وأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ الأَحْرَارِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَن أَسْلَمَ مُطْلَقًا، ومِنَ الوِلدَانِ عَلِيٌّ، وقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مُطْلَقًا، ولا دَلِيلَ عَلَيهِ مِن وَجْهٍ يَصِحُّ، ومِنَ المَوَالِي زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ، ومِنَ الأرقَّاءِ بِلالٌ، ومِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وقِيلَ: إِنَّهَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مُطْلَقًا، وهو ظَاهِرُ السِّيَاقَاتِ فِي أَوَّلِ البَعْثَةِ، وهو مَحْكِيٌّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ والزُّهْرِيِّ وقَتَادَةَ ومُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارٍ صاحبِ المَغازِي وجَمَاعَةٍ، وادَّعَى الثّعْلَبِيُّ المُفَسِّرُ على ذلك الإجماعَ، قال: وإنما الخلافُ فيمَن أَسْلَمَ بعدَها.
فرع: وآخِرُ الصحابةِ مَوْتًا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، ثم أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ اللَّيْثِيُّ.
قال عليُّ بنُ المَدِينِيِّ: وكانَت وَفَاتُهُ بمَكَّةَ. فعَلَى هَذا هو آخِرُ مَن مَاتَ بِهَا.
ويُقالُ: آخِرُ مَن مَاتَ بِمَكَّةَ ابنُ عُمَرَ، وقِيلَ: جَابِرٌ، والصَّحِيحُ أنَّ جَابِرًا ماتَ بالمدينةِ، وكانَ آخِرَ مَن مَاتَ بِهَا، وقيلَ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وقيلَ: السَّائِبُ بنُ يَزِيدَ، وبِالبَصْرَةِ أَنَسٌ، وبالكوفةِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي أَوْفَى، وبالشامِ عَبْدُ اللهِ بنُ بُسْرٍ بحِمْصَ، وبدِمَشْقَ وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ، وبمِصْرَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ، وباليمامةِ الهِْرْمَاسُ بنُ زِيادٍ، وبالجَزِيرَةِ العُرْسُ بنُ عَمِيرَةَ، وبإِفْرِيقِيَّةَ رُوَيْفِعُ بنُ ثَابِتٍ، وبالبَادِيَةِ سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ -رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُم.

  #2  
قديم 8 ذو الحجة 1429هـ/6-12-2008م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الباعث الحثيث للشيخ: أحمد شاكر


وأفضلُ الصَّحَابَةِ، بَلْ أَفْضَلُ الخَلْقِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلامُ- أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ (أَبِي قُحَافَةَ) التَّيْمِيُّ، خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وسُمِّيَ بالصِّدِّيقِ لِمُبَادَرَتِهِ إلى تَصْدِيقِ الرسولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَبْلَ الناسِ كُلِّهِمْ. قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: "مَا دَعَوْتُ أَحَدًا للإيمانِ إلا كانَتْ لَهُ كَبْوَةٌ، إلا أَبَا بَكْرٍ؛ فإنه لم يَتَلَعْثَمْ". وقد ذَكَرْتُ سِيرَتَهُ وفَضَائِلَهُ ومُسْنَدَهُ والفَتَاوَى عَنْهُ في مُجَلَّدٍ على حِدَةٍ، وللهِ الحَمْدُ.
ثم مِن بَعدِه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ، ثم عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ.
هذا رَأْيُ المُهَاجِرِينَ والأنصارِ حِينَ جَعَلَ عُمَرُ الأمرَ مِن بَعْدِه شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ، فَانْحَصَرَ فِي عُثْمَانَ وعَلِيٍّ، واجتَهَدَ فِيهِمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، حَتَّى سَأَلَ النِّسَاءَ فِي خُدُورِهِنَّ، والصِّبْيَانَ فِي المَكَاتِبِ، فلَمْ يَرَهُم يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ أَحَدًا، فقَدَّمه على عَلِيٍّ، ووَلَّاهُ الأمرَ قَبْلَهُ.

ولهذا قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَن قَدَّم عَلِيٌّ علَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالمُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ، وصَدَقَ -رَضِيَ اللهُ عنه- وأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وجَعَلَ جَنَّةَ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ.
والعَجَبُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الكُوفَةِ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ إلى تَقْدِيمِ عَلِيٍّ علَى عُثْمَانَ، ويُحْكَى عن سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، لكن يُقَالُ: إنه رَجَعَ عَنْهُ، ونُقِلَ مِثْلُه عن وَكِيعِ بنِ الجَرَّاحِ، ونَصَرَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ والخَطَّابِيُّ، وهو ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَدَّمَ.
ثم بَقِيَّةُ العَشَرَةِ، ثم أَهْلُ بَدْرٍ، ثم أَهْلُ أُحُدٍ، ثم أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ.
وأما السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ فقِيلَ: هُمْ مَن صَلَّى (إلى) القِبْلَتيْنِ، وقِيلَ: أَهْلُ بَدْرٍ وقِيلَ: بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ، وقيلَ غَيْرُ ذلك، واللهُ أَعْلَمُ[1].
(فرعٌ) قالَ الشَّافِعِيُّ: رَوَى عَن رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ورآه مِن المُسْلِمِينَ نَحْوٌ مِن سِتِّينَ أَلْفًا. وقال أبو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: شَهِدَ حَجَّةَ الوَدَاعِ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وكان معه بِتَبُوكَ سَبْعُونَ أَلْفًا، وقُبِضَ -عليه الصلاةُ والسلامُ- عَن مِائةِ أَلْفٍ وأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ[2].
قال أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: وأَكْثَرُهُم رِوَايَةً سِتَّةٌ: أَنَسٌ، وجَابِرٌ، وابنُ عَبَّاسٍ، وابنُ عُمَرَ، وأَبُو هُرَيْرَةَ، وعَائِشَةُ[3].
(قُلْتُ): وعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، وأَبُو سَعِيدٍ، وابنُ مَسْعُودٍ، ولكنه تُوُفِّيَ قَدِيمًا، ولهذا لم يَعُدُّهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ في العَبَادِلَةِ، بل قالَ: العَبَادِلَةُ أَرْبَعَةٌ: عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وابنُ عَبَّاسٍ، وابنُ عُمَرَ، وعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ[4].
(فرعٌ): وأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ الأَحْرَارِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَن أَسْلَمَ مُطْلَقًا، ومِنَ الوِلْدَانِ عَلِيٌّ، وقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مُطْلَقًا، ولا دَلِيلَ عَلَيهِ مِن وَجْهٍ يَصِحُّ[5]، ومِنَ المَوَالِي زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ، ومِنَ الأرقَّاءِ بِلالٌ، ومِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وقِيلَ: إِنَّهَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مُطْلَقًا، وهو ظَاهِرُ السِّيَاقَاتِ فِي أَوَّلِ البَعْثَةِ، وهو مَحْكِيٌّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ والزُّهْرِيِّ وقَتَادَةَ ومُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارٍ صاحبِ المَغازِي وجَمَاعَةٍ، وادَّعَى الثّعْلَبِيُّ المُفَسِّرُ على ذلك الإجماعَ، قال: وإنما الخلافُ فيمَن أَسْلَمَ بعدَها.
(فرعٌ): وآخِرُ الصحابةِ مَوْتًا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ[6]، ثم أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ اللَّيْثِيُّ.
قال عليُّ بنُ المَدِينِيِّ: وكانَت وَفَاتُهُ بمَكَّةَ. فعَلَى هَذا هو آخِرُ مَن مَاتَ بِهَا[7].
ويُقالُ: آخِرُ مَن مَاتَ بِمَكَّةَ ابنُ عُمَرَ، وقِيلَ: جَابِرٌ، والصَّحِيحُ أنَّ جَابِرًا ماتَ بالمدينةِ، وكانَ آخِرَ مَن مَاتَ بِهَا، وقيلَ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وقيلَ: السَّائِبُ بنُ يَزِيدَ، وبِالبَصْرَةِ أَنَسٌ، وبالكوفةِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي أَوْفَى، وبالشامِ عَبْدُ اللهِ بنُ بُسْرٍ[8] بحِمْصَ، وبدِمَشْقَ وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ[9]، وبمِصْرَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ[10]، وباليمامةِ الهِْرْمَاسُ بنُ زِيادٍ[11]، وبالجَزِيرَةِ العُرْسُ بنُ عَمِيرَةَ[12]، وبإِفْرِيقِيَّةَ رُوَيْفِعُ بنُ ثَابِتٍ[13]، وبالبَادِيَةِ سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ -رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُم.



[1] اختلفوا في طبقات الصحابة، فجعلها بعضهم خمس طبقات، وعليه عمل ابن سعد في كتابه، ولو كان المطبوع كاملا لاستخرجناها منه وذكرناها. وجعلها الحاكم اثنتي عشرة طبقة، وزاد بعضهم أكثر من ذلك. والمشهور ما ذهب إليه الحاكم، وهذه الطبقات هي:
1- قوم تقدم إسلامهم بمكة: كالخلفاء الأربعة.
2- الصحابة الذين أسلموا قبل تشاور أهل مكة في دار الندوة.
3- مهاجرة الحبشة.
4- أصحاب العقبة الأولى.
5- أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار.
6- أول المهاجرين الذين وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقباء قبل أن يدخل المدينة.
7- أهل بدر.
8- الذين هاجروا بين بدر والحديبية.
9- أهل بيعة الرضوان في الحديبية.
10- من هاجر بين الحديبية وفتح مكة. كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص.
11- مسلمة الفتح، الذين أسلموا في فتح مكة.
12- صبيان وأطفال رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وفي حجة الوداع وغيرهما.
وأفضل الصحابة على الإطلاق: أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب. بإجماع أهل السنة. قال القرطبي: ولا مبالاة بأقوال أهل الشرع ولا أهل البدع. ثم عثمان بن عفان. ثم علي بن أبي طالب، وحكى الخطابي عن أهل السنة من الكوفة تقديم علي على عثمان، وبه قال ابن خزيمة. ثم بعدهم بقية العشرة المبشرين بالجنة، وهم: سعد بن أبي وقاص، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، عبد الرحمن بن عوف، أبو عبيدة عامر بن الجراح، ثم بعدهم أهل بدر، وهم ثلاثمائة وبضعة عشر، ثم أهل أحد، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية.
وممن لهم مزية فضل غيرهم: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. واختلف في المراد بهم على أربعة أقوال: فقيل: هم أهل بيعة الرضوان، وهو قول الشعبي. وقيل هم الذين وصلوا إلى القبلتين، وهو قول سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وقتادة وغيرهم. وقيل: هم أهل بدر، وهو قول محمد بن كعب القرطبي وعطاء بن يسار. وقيل: هم الذين أسلموا قبل فتح مكة، وهو قول الحسن البصري. وتفصيل هذا كله في التدريب (307- 308).


[2] عدد الصحابة كثير جدًّا. فقد نقل ابن الصلاح عن أبي زرعة: أنه سئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ((ومن يضبط هذا؟ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون ألفًا، وشهد معه تبوك سبعون ألفا)). ونقل عنه أيضًا: أنه قيل له: (أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ قال: ومن قال ذا؟ قلقل الله أنيابه، هذا قول الزنادقة! ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة، ممن روى عنه وسمع منه. فقيل له: يا أبا زرعة، هؤلاء أين كانوا؟ وأين سمعوا منه؟ قال: أهل المدينة، وأهل مكة، ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع. كل رآه وسمع منه بعرفة).


[3] أكثر الصحابة رواية للحديث: أبو هريرة، ثم عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أنس بن مالك، ثم عبد الله بن عباس حبر الأمة، ثم عبد الله بن عمر، ثم جابر بن عبد الله الأنصاري، ثم أبو سعيد الخدري، ثم عبد الله بن مسعود، ثم عبد الله بن عمرو بن العاص.
وقد ذكر العلماء عدد أحاديث كل واحد منهم، واتبعوا في العدد ما ذكره ابن الجوزي في تلقيح فهوم الأثر -المطبوع في الهند- (ص184) وقد اعتمد في عده على ما وقع لكل صحابي في مسند أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد، لأنه أجمع الكتب. فذكر أصحاب الألوف، يعني من روي عنه أكثر من ألفي حديث، ثم أصحاب الألف، يعني من روي عنه أقل من ألفين، ثم أصحاب المئين، يعني من روي عنه أكثر من مائة وأقل من ألف. وهكذا إلى أن ذكر من روي عنه حديثان، ثم من روي عنه حديث واحد.
ومسند بقي بن مخلد من أهم مصادر السنة، وقد قال فيه ابن حزم: (مسند بقي روى فيه عن ألف وثلثمائة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله في الحديث).
انظر نفح الطيب: ج1 ص581 وج 2 ص131 ولكن هذا الكتاب الجليل لم نسمع بوجوده في مكتبة من مكاتب الإسلام، وما ندري: أفقد كله؟ ولعله وجد في بعض البقايا التي نجت من التدمير في الأندلس.
وأكثر الكتب التي بين أيدينا جمعا للأحاديث: مسند الإمام أحمد بن حنبل، وقد يكون الفرق كبيرا جدًّا بين ما ذكره ابن الجوزي عن مسند بقي، وبين ما في مسند أحمد -كما سنرى في أحاديث أبي هريرة- ولا يمكن أن يكون كل هذا الفرق أحاديث فاتت الإمام أحمد، بل هو في اعتقادي ناشئ عن كثرة الطرق والروايات للحديث الواحد.
فقد قال الإمام أحمد في شأن مسنده: هذا الكتاب جمعته وانتقيته من أكثر من أربعمائة ألف حديث وخمسين ألفا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه، فإن كان فيه، وإلا فليس بحجة).
وقال أيضًا: (عملت هذا الكتاب إماما، إذا اختلف الناس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إليه).
وقال الحافظ الذهبي: (هذا القول منه على غالب الأمر، وإلا فلنا أحاديث قوية في الصحيحين والسنن والأجزاء ما هي في المسند).
وقال ابن الجزري: (يريد أصول الأحاديث، وهو صحيح: فإنه ما من حديث غالبا- إلا وله أصل في هذا المسند. انظر خصائص المسند للحافظ أبي موسى المديني، والمصعد الأحمد لابن الجزري، المطبوعين في مقدمة المسند بتحقيقنا ج1 ص21، 22، وص31).
نعم إن مسند أحمد فاتته أحاديث كثيرة، ولكنها ليست بالكثرة التي تصل إلى الفرق بينه وبين مسند بقي في مثل أحاديث أبي هريرة، والمتتبع لكتب السنة يجد ذلك واضحًا مستبينا.
ومع هذا فإن في مسند أحمد أحاديث مكررة مرارا، ولم يسبق للمتقدمين أن ذكروا عدد ما فيه بالضبط، إلا أنهم قدروه بنحو ثلاثين ألف حديث إلى أربعين ألفا. وأنا أظن أنه لا يقل عن خمسة وثلاثين ألفا: ولا يزيد على الأربعين. وسيتبين عدده بالضبط عندما أكمل الفهارس التي أعملها له إن شاء الله تعالى.
وسأذكر هنا عدد الأحاديث التي ذكرها ابن الجوزي لهؤلاء التسعة المكثرين من الصحابة، وأذكر عدد أحاديثهم في مسند أحمد. ما عدا عائشة، فإني لم أبدأ في مسندها بعد.
أبو هريرة: ذكر ابن الجوزي أن عدد أحاديثه 5374، وفي مسند أحمد 3848 حديثا (ج2 ص228- 541).
عائشة: ذكر ابن الجوزي أن عدد أحاديثها 2210، وحديثها في المسند: ج6 ص29- 282.
أنس بن مالك: عند ابن الجوزي 2286 حديثا، وفي مسند أحمد 2178 حديثا (ج3- ص 98- 392).
عبد الله بن عباس: عند ابن الجوزي 1660 حديثا، وفي مسند أحمد 1996 حديثا (ج1 ص 214- 374 من طبعة الحلبي. وج 3- ص 252- ج5 ص 183 من طبعتين بشرحنا).
عبد الله بن عمر: عند ابن الجوزي 2630 حديثا، وفي مسند أحمد 2019 حديثا ج2 ص2- 158 من طبعة الحلبي . وج6 ص 209- ج9 ص229 من طبعتنا).
جابر بن عبد الله: عند ابن الجوزي 1540 حديثا، وفي مسند أحمد 1206 (ج 3 ص292 – 400).
أبو سعيد الخدري عند ابن الجوزي 1170 حديثا، وفي مسند أحمد 958 حديثا (ج3 ص 2- 98).
عبد الله بن مسعود: عند ابن الجوزي 848 حديثا، وفي مسند أحمد 892 حديثا (ج1 ص374- 466 من طبعة الحلبي. وج5 ص184- ج6 ص205 من طبعتنا).
عبد الله بن عمرو بن العاص: عند ابن الجوزي 700 حديث وفي مسند أحمد 722 حديثا (ج2 ص: 158- 226).
واعلم أن هذه الأعداد في مسند أحمد يدخل فيها المكرر، أي أن الحديث الواحد يعد أحاديث بعدد طرقه التي رواه بها.
ومن المهم معرفة العدد الحقيقي بحذف المكرر واعتبار كل الطرق لتحديث حديثا واحدًا. ولم أتمكن من تحقيق ذلك إلا في مسند أبي هريرة فظهر لي أن عدد أحاديثه في مسند أحمد بعد حذف المكرر منها هو 1579 حديثا فقط.
فأين هذا من العدد الضخم الذي ذكره ابن الجوزي وهو 5374؟ وهل فات أحمد هذا كله؟ ما أظن ذلك.
وأنها الذي أرجحه: أن ابن الجوزي عد ما رواه بقي لأبي هريرة مطلقا. وأدخل فيه المكرر، فتعدد الحديث الواحد مرارا بتعدد طرقه. وقد يكون بقي أيضًا روى الحديث الواحد مقطعًا أجزاء، باعتبار الأبواب والمعاني كما يفعل البخاري، ويؤيده أن ابن حزم يصفه بأنه رتب أحاديث كل صحابي على أبواب الفقه.
وأيضًا فإن في مسند احمد أحاديث كثيرة يذكرها استطرادًا في غير مسند الصحابي الذي رواها، وبعضها يكون مرويا عن اثنين أو أكثر من الصحابة، فتارة يذكر الحديث في مسند كل واحد منهما، وتارة يذكره في مسند أحدهما دون الآخر.
وقد وجدت فيه أحاديث لبعض الصحابة ذكرها أثناء مسند لغير راويها، ولم يذكرها في مسند راويها أصلا.
ولكن هذا كله لا ينتج منه هذا الفرق الكبير بين العدد . . . في مثل مسند أبي هريرة. ولعلنا نوفق لتحقيق عدد الأحاديث التي رواها عن كل صحابي، كما صنعنا في رواية أبي هريرة، إن شاء الله.
وقد جمعت عدد الأحاديث التي نسبها ابن الجوزي للصحابة في مسند بقي، فكانت 31064 حديثا، وهذا يقل عن مسند أحمد أو يقاربه.

[4] قال البيهقي: (هؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة).
وابن مسعود ليس منهم، لأنه تقدم موته عنهم، واقتصر الجوهري في الصحاح على ثلاثة منهم، فحذف ابن الزبير.
وذكر الرافعي والزمخشري أن العبادلة هم: ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر وهذا غلط من حيث الاصطلاح.
وذكر ابن الصلاح أن من يسمى (عبد الله) من الصحابة نحو 220 نفسا، وقال العراقي (ص: 262): (يجتمع من المجموع نحو 200 رجل).

[5] وقال الحاكم: (لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب أولهم إسلاما). واستنكر ابن الصلاح دعوى الحاكم الإجماع، ثم قال: (ص: 226): (والأورع أن يقال: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن الصبيان أو الأحداث علي، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن العبيد بلال).

[6] الذي جزم به ابن الصلاح، وصوبه شارحه العراقي، ونقله عن مسلم بن الحجاج ومصعب بن عبد الله وأبي زكريا بن منده وغيرهم: أن آخر الصحابة موتا على الإطلاق هو أبو الطفيل عامر بن وائلة.

[7] مات عامر سنة 100، وقيل سنة 102، وقيل سنة 107، وقيل سنة 110، والأخير صححه الذهبي.

[8] بسر بضم الباء الموحدة وإسكان السين المهملة.

[9] واثلة: بالثاء المثلثة، والأسقع بإسكان السين المهملة وفتح القاف.

[10] جزء بفتح الجيم وإسكان الزاي.

[11] الهرماس بكسر الهاء وإسكان الراء وآخره سين مهملة.

[12] الجزيرة: هي ما بين الدجلة والفرات من العراق: والعروس بضم العين المهملة وإسكان الراء وآخره سين مهملة و(عميرة) بفتح العين المهملة وكسر الميم.

[13] رويفع: تصغير رافع.


  #3  
قديم 8 ذو الحجة 1429هـ/6-12-2008م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: عبد الكريم الخضير (مفرغ)

...................


  #4  
قديم 8 ذو الحجة 1429هـ/6-12-2008م, 02:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: إبراهيم اللاحم (مفرغ)


القارئ:
النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
والصحابي: من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال إسلام الراوي،وإن لم تطل صحبته له، وإن لم يرو عنه شيئا.
هذا قول جمهور العلماء خلفًا وسلفًا،وقد نَصَّ على أن مجرد الرؤية كاف في إطلاق الصحبة البخاريُّ وأبو زرعة،وغير واحد ممن صنف في أسماء الصحابة؛ كابن عبد البر،وابن منده،وأبو موسى المديني،وابن الأثير في كتابه الغابة في معرفة الصحابة،وهو أجمعها وأكثرها فوائد، وأوسعها،أثابهم الله أجمعين.
قال ابن الصلاح: وقد شان ابن عبد البر في كتابه استيعاب ذكر ما شجر بين الصحابة،مما تلقاه في كتب الأخباريين وغيرهم.وقال آخرون: لابد في إطلاق الصحبة مع الرؤية أن يروي حديثا أو حديثين.
وعن سعيد بن المسيب: لابد من أن يصحبه سنة أو سنتين،أو يغزوا معه غزوة أو غزوتين.
وروى شعبة عن موسى السبلاني،وأثنى عليه خيرًا،قال: قلتلأنس بن مالك: هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك ؟ قال: ناس من الأعراب رأوا.فأما من صحبه فلا رواه مسلم بحضرة أبي زرعة،وهذا إنما نفى فيه الصحبة خاصة،ولا ينفي ما اصطلح عليه الجمهور من أن مجرد الرؤية كاف في إطلاق الصحبة لشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم،وجلالة قدره، وقدر من رآه من المسلمين.
ولهذا جاء في بعض ألفاظ الحديث: ((تغزون فيقال: هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم.فيفتح لكم)) حتى ذكر من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث بتمامه.
وقال بعضهم في معاوية وعمر بن عبد العزيز: ليوم شهده معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمر بن عبد العزيز وأهل بيته.
فرع: والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة؛ بما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز،وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم،وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل والجزاء الجميل.
وأما ما شجر بينهم بعده عليه الصلاة والسلام،فمنه ما وقع عن غير قصد كيوم الجمل،ومنه ما كان عن اجتهاد كيوم صفين،والاجتهاد يخطئ ويصيب،ولكن صاحبه معذور، وإن أخطأ،ومأجور أيضًا،وأما المصيب فله أجران اثنان.
وكان علي رضي الله تعالى عنه وأصحابه أقرب إلى الحق من معاوية رضي الله تعالى عنه وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين.
وقولك معتزلة الصحابة عدول إلا من قاتل عليا قول باطل ومردود،وقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن ابن بنته الحسن بن علي،وكان معه على المنبر:((إن ابني هذا سيد،وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)). وظهر مصداق ذلك في نزول الحسن لمعاوية عن الأمر بعد موت أبيه علي،واجتمعت الكلمة على معاوية،وسمي عام الجماعة،وذلك سنة أربعين من الهجرة،فسمي الجميع مسلمين،وقال تعالى: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } فسماهم مؤمنين مع الاقتتال،ومن كان من الصحابة مع معاوية يقال: إن لم يكن في الفريقين مائة من الصحابة. والله أعلم.
وجميعهم صحابة،فكلهم عدول،وأما طوائف الروافض وجهلهم وقلة عقلهم،ودعاويهم أن الصحابة كفروا إلا سبعة عشرة صحابيًّا،وسموهم،فهو من الهذيان بلا دليل، إلا مجرد الرأي الفاسد عن ذهن بارد، وهو متبع، وهو أقل من أن يرد،والبرهان على خلافه أظهر وأشهر مما علم من امتثالهم أمره بعده عليه الصلاة والسلام،وفتحهم الأقاليم والآفاق،وتبليغهم عنه الكتاب والسنة،وهدايتهم الناس إلى طريق الجنة،ومواظبتهم إلى الصلوات والزكوات،وأنواع القربات،في سائر الأحيان والأوقات،مع الشجاعة والبراعة، والكرم والإيثار،والأخلاق الجميلة،التي لم تكن في أمة من الأمم المتقدمة،ولا يكون أحد بعدهم مثلهم في ذلك،فرضي إليه عنهم أجمعين، ولعن من يتهم الصادق ويصدق الكاذبين،آمين يا رب العالمين.
وأفضل الصحابة،بل أفضل الخلق بعد الأنبياء عليهم السلام أبو بكر عبد الله بن عثمان أبي قحافة التيمي،خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم،وسمي بالصديق؛لمبادرته إلى تصديق الرسول عليه الصلاة والسلام قبل الناس كلهم،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما دعوت أحدًا إلى الإيمان إلا كانت له كبوة،إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم)).
وقد ذكرت سيرته وفضائله ومسنده،والفتاوي عنه في مجلد على حدة،ولله الحمد.
ثم من بعده عمر بن الخطاب،ثم عثمان بن عفان،ثم علي بن أبي طالب،هذا رأي المهاجرين والأنصار،حين جعل عمر الأمر من بعده شورى بين ستة،فانحصر في عثمان وعلي،واجتهد فيهما عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام بلياليها،حتى سائل النساء في خدورهن والصبيان في المكاتب،فلم يرهم يعدلون بعثمان أحدًا،فقدمه على علي،وولاه الأمر قبله.
ولهذا قال الدارقطني: من قدم عليا على عثمان فقد أذرى بالمهاجرين والأنصار،وصدق رضي الله عنه،وأكرم مسواه،وجعل جنة الفردوس مأواه.
والعجب أنه قد ذهب بعض أهل الكوفة من أهل السنة إلى تقديم علي على عثمان،ويحكى عن سفيان الثوري،لكن يقال: إنه رجع عنه.ونقل مثله عن وكيع بن الجراح،ونصره ابن خزيمة والخطابي،وهو ضعيف مردود بما تقدم.
ثم بقية العشرة،ثم أهل بدر،ثم أهل أحد،ثم أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية،وأما السابقون الأولون فقيل: هم من صلى إلى القبلتين.وقيل: أهل بدر. وقيل: بيعة الرضوان.وقيل غير ذلك.والله أعلم.
فرع: قال الشافعي: روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه من المسلمين نحو من ستين ألفا.
وقال أبو زرعة الرازي: شهد حجة الوداع أربعون ألفا،وكان معه بتبوك سبعون ألفا،وقبض عليه الصلاة والسلام عن مائة ألف وأربعة عشرة ألفا من الصحابة.
الشيخ: هذا الكلام في معرفة الصحابة رضوان الله عليهم أولا عرفه ابن كثير رحمه الله على قول الجمهور بأنه من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال إسلام الراوي،وإن لم تطل صحبته له،وإن لم يرو عنه شيئا،وهذا قول الجمهور،وهو عمل المصنفين في كتب الصحابة،ويعني قول الجمهور،نقل عن بعض الأئمة رحمة الله عليهم،مثل سعيد بن المسيب،بعض الشروط ثم عقبها بأن هذا أو أن هذه الشروط المراد بها الصحبة الخاصة،وهذا لا ينافي إثبات الصحبة العامة لكل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به.
وثم ساح قلم ابن كثير رحمه الله وجرى ببيان فضل الصحابة رضوان الله عليهم،وبيان منزلتهم وفضلهم على الإسلام والمسلمين،وما قاموا به من جهود في نشر الإسلام،وفي تبليغه إلينا،ثم عرج على ذكر بعض الطوائف الضالة،ومحل هذا الكلام أين يذكره العلماء كثيرا ؟
أخذتموه في كتب العقائد؛لأنه في الحقيقة مفترق طريق محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بغضهم،إما أن يوفق الشخص المسلم للسعادة،ويوفق إلى الخير،ويحب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،ويترضى عنهم،ويعتقد فيهم أن ما وقع منهم من خطأ وهم مجتهدون فيه،أو وقع من غير قصد كما ذكر ابن كثير في قصة وقعة الجمل؛فإن التحقيق في هذه الوقعةأن المعركة جرت دون قصد من كبار القواد رضي الله عنهم،وإما وقع قصدا،ولكن باجتهاد منهم.
وأشار ابن الصلاح إلى أنابن عبد البر ساق أخبارا لا تصح فيما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم؛ لأن بعض رواة تلك الفترة إنما هو من الشيعة المحترقين مثل لوط بن يحيى،الذين كذبهم الأئمة،ومثل سيف بن عمر،وغيرهما.وقامت دراسات بحمد الله تعالى لتبرئة الصحابة،وهذا هو الواجب على المسلم،وأما كما ذكر ابن كثير ما نقله عن الرافضة وغيرهم،فهذا كما ذكرت عاره وشناره ووزره وأثره بحمد الله لن ينال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،وإنما هو على معتقده فهو الضار لو رأيت شخصا ينطح جبلًا لا تأبه له،لماذا؟ لأنه مضرته في النهاية إنما هو عليه كما قال:
كناطح صخرة يوما ليوهنها = فلن يضرها وأوهى قرنه الوعل
أول ما يبدؤون يدغدغون الأحلام بأي شيء؟ بمعاوية رضي الله عنه،أول ما يبدؤون به بمعاوية لما جرى بينه وبين علي،ومع ذلك ينطلي هذا الكلام على بعض الكتاب ممن ينتسبون للسنة،وننتبه إلى أنه ليس الغرض هو معاوية،وبعضهم يتكلم في الصحابة غير المعروفين من أين أتت عدالتهم وهم غير معروفين؟
و لابد من الانتباه إلى أنه ليسوا هؤلاء هم الغرض؛لأن هؤلاء كم رووا من السنة؟ إنما رووا القليل جدا،وإنما هذه مرحلة تهيئة للعقول؛للانتقال إلىما هو أعظمإلى الصحابة المشهورين،إلى رواة السنة،ونحن نعرف أنه إذا قيل وسائل الإعلام فالآن تصلنا وسائل إعلام رغما عنا: لا نستطيع حجبها،لا سيما في السنوات الأخيرة،وقد انتشرت فيها هذه القضية،تطرح بين الآونة والأخرى.
وقد نبه العلماء قديمًا إلى أن الطعن في الصحابة ليس الغرض هو الصحابة؛وإنما الغرض هو ما نقلوه؛ القرآن كيف نقل إلينا؟ إنما نقل إلينا عن طريق هؤلاء رضي الله عنهم،وكذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمهم ابن كثير رحمه الله ساح قلمه وحق له ذلك في بيان فضلهم
القارئ: قال أحمد بن حنبل: وأكثرهم رواية ستة: أنس،وجابر،وابن عباس،وابن عمر،وأبو هريرة،وعائشة،رضي الله تعالى عنهم.
قلت: وعبد الله بن عمرو،وأبو سعيد، وابن مسعود،ولكنه توفي قديمًا،ولهذا لم يعده أحمد بن حنبل في العبادلة،بل قال: العبادلة أربعة: عبد الله بن الزبير،وابن عباس،وابن عمر،وعبد الله بن عمرو بن العاص،رضي الله تعالى عنهم.
فرع: وأول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق،وقيل: إنه أول من أسلم مطلقا.
ومن الولدان: علي،وقيل: إنه أول من أسلم مطلقا.ولا دليل عليه من وجه يصح.
ومن الموالي: زيد بن حارثة.
ومن الأرقاء: بلال.
ومن النساء: خديجة،وقيل: إنها أول من أسلم مطلقا.وهو ظاهر السياقات في أول البعثة،وهو محكي عن ابن عباس والزهري وقتادة،ومحمد بن إسحاق بن يسار،صاحب المغازي،وجماعة.
وادعى الثعلبي المفسر على ذلك الإجماع قال: وإنما الخلاف فيمن أسلم بعدها.
فرع: وآخر الصحابة موتا أنس بن مالك،ثم الطفيل عامربن واثلة الليثي.قال علي بن المديني: وكانت وفاته بمكة،فعلى هذا هو آخر من مات بها.ويقال: آخر من مات بمكة ابن عمر.وقيل: جابر.والصحيح أن جابرا مات بالمدينة،وكان آخر من مات بها،وقيل: سهل بن سعد.وقيل: السائب بن يزيد،وفي البصرة أنس،وفي الكوفة عبد الله بن أبي أوفى، وبالشام عبد الله بن بسر بحمص،وبدمشق واثلة بن الأسقع،وبمصر عبد الله بن الحارث بن جزء،وباليمامة هرماس بن زياد،وبالجزيرة نعوس بن عميرة،وبإفريقية رويفع بن ثابت،وبالبادية سلمة بن الأكوع،رضي الله تعالى عنهم.
فرع: وتعرف صحبة الصحابة تارة بالتواتر، وتارة بأخبار مستفيضة، وتارة بشهادة غيره من الصحابة له، وتارة بروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم سماعًا،أو مشاهدة مع المعاصرة.
فأما إذا قال المعاصر العدل : أنا صحابي،فقد قال ابن الحاجب في مختصره: احتمل الخلاف،يعني: لأنه يخبر عن حكم شرعي،كما لو قال في الناسخ: هذا ناسخ لهذا،لاحتمال خطئه في ذلك،أما لو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كذا،أو رأيته فعل كذا،أو كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو هذا،فهذا مقبول،لا محالة،إذا صح السند إليه،وهو ممن عاصره عليه الصلاة والسلام.
الشيخ:.هذا تكملة للنوع المتعلق بالصحابة، وذكر فيه ابن كثير عددا من الأمور؛منها ذكر المكثرين من الصحابة،وهم معروفون،ذكرهمأو ذكر منهم ستة الإمام أحمد،ولم يرد بهذا الترتيب ترتيبهم في الكثرة.
وقد ذكر أبو هريرة قبل عائشة في الأخير،مع أنه كما هو معروف هو أكثر الصحابة رواية رضي الله عنه،وأضاف ابن كثير عددا من المكثرين.
ثم عرج على قضية مصطلح العبادلة،إذا قيل: العبادلة فيراد بهم أربعة،وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير،وعبد الله بن عمر،وعبد الله بن عمروبن العاص،ولا يعدون فيهم عبد الله بن مسعود؛لأنه مات قديمًا،وهؤلاء عاشوا في عصر واحد،وحتى وفاتهم يعني متقاربة،بينهم سنوات قليلة،فهؤلاء يقال لهم: العبادلة الأربعة.
ثم تكلم على قضية أول من أسلم من الرجال،وهذه لا تدخل في علم المصطلح،من يعني دخولًا مباشرًا ولا أثر لها في نقد السنة.
ثم تكلم على آخر الصحابة موتًا أنس بن مالك،وهذا يعني إلى آخر ما ذكره،وهذا يستفيد منه الناقد أحيانًا في معرفة الاتصال والانقطاع بين هذا الصحابي وبين الراوي عنه رضوان الله عليهم.
ثم ذكر ابن كثير بما تعرف الصحبة، وقال: بالتواتر أو بأخبار مستفيضة أو بشهادة غيره من الصحابة له،أو بروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم سماعًا أو مشاهدة.. فهذه طرق إثبات.. فإذا صح الإسناد إلى تابعي ثقة وقال: سمعت فلان يحدث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم،فهذا كاف في إثبات الصحبة،لماذا؟
لأن إثبات الصحبة عبارة عن تعديل،وقد مر بنا أنه يقبل في التعديل قول واحد،هذا يعني الذي عليه العمل في إثبات الصحبة، ولهذا يقولون: هذا ليس بصحابي؛لأنه الإسناد إليه لم يصح هكذا في الكتب المؤلفة في الصحابة.

تمت مراجعته وتهذيبه بواسطة ام العنان


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أفضل, الصحابة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir