دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > فضائل القرآن > فضائل القرآن لابن كثير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ربيع الثاني 1431هـ/1-04-2010م, 08:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي جمع القرآن


جمع القرآن
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ قال عمر: هذا والله خير؟ فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان على أثقل مما أمرني به من جمع القرآن قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال؟ هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} حتى خاتمة براءة
فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه ألله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهم
وقد روى البخاري هذا في غير موضع من كتابه ورواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري به وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق رضي الله عنه فإنه أقامه الله تعالى بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد من بعده: قاتل الأعداء من ما نعي الزكاة والمرتدين والفرس والروم ونفذ الجيوش وبعث البعوث والسرايا ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
فجمع الصديق الخير وكف الشرور رضي الله عنه وأرضاه ولهذا روى عن غير واحد من الأئمة منهم وكيع وابن زيد وقبيصة عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير عن عبد خير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين هذا إسناد صحيح
وقال أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف: حدثنا هارون بن إسحاق ثنا عبد ة عن هشام عن أبيه أن أبا بكر رضي الله عنه هو الذي جمع القرآن بعد النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ختمه صحيح أيضا وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي تنبه لذلك لما استحر القتل بالقراء أي اشتد القتل وكثر في قراء القرآن يوم اليمامة يعني يوم قتال مسيلمة الكذاب وأصحابه بني حنيفة بأرض اليمامة في حديقة الموت
وذلك أن مسيلمة التف معه من المرتدين قريب من مائة ألف فجهز الصديق لقتاله خالد بن الوليد في قريب من ثلاثة عشر ألفا فالتقوا معهم فانكشف الجيش الإسلامي لكثرة من فيه من الأعراب فنادى القراء من كبار الصحابة: يا خالد خلصنا يقولون ميزنا من هؤلاء الأعراب فتميزوا منهم وانفردوا فكانوا قريبا من ثلاثة آلاف ثم صدقوا الحملة وقاتلوا قتالا شديدا وجعلوا يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله عليهم وولى جيش الكفار فارا واتبعتهم السيوف المسلمة في أقفيتهم قتلا وأسرا وقتل الله مسيلمة وفرق شمل أصحابه ثم رجعوا إلى الإسلام
ولكن قتل من القراء يومئذ قريب من خمسمائة رضي الله عنهم فلهذا أشار عمر على الصديق بأن يجمع القرآن لئلا يذهب منه بسبب موت من يكون يحفظه من الصحابة بعد ذلك في مواطن القتال فإذا كتب وحفظ صار محفوظا فلا فرق بين حياة من بلغه أو موته فراجعه الصديق قليلا ليستثبت الأمر ثم وافقه وكذلك راجعهما زيد بن ثابت في ذلك ثم صار إلى ما رأياه رضي الله عنهم أجمعين وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصاري ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا يزيد بن مبارك عن فضالة عن الحسن أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة فقال: إنا لله ثم أمر بالقرآن فجمع فكان أول من جمعه في المصحف وهذا منقطع فإن الحسن لم يدرك عمر ومعناه أنه أشار بجمعه فجمع ولهذا كان مهيمنا على حفظه وجمعه كما رواه ابن أبي داود حيث قال: ثنا أبو الطاهر ثنا ابن وهب ثنا عمر بن طلحة الليثي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر لما جمع القرآن كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان وذلك عن أمر الصديق له في ذلك كما قال أبو بكر بن أبي داود: ثنا أبو الطاهر أنا ابن وهب
[أخبرني ابن أبي الزناد عن هشام ابن عروة عن أبيه قال: لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر رضي الله عنه أن يضيع فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه] منقطع حسن
ولهذا قال زيد بن ثابت: ووجدت آخر سورة التوبة - يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين - مع أبي خزيمة الأنصاري [وفي رواية مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره] فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الأعرابي فأنكر الأعرابي البيع فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي
والحديث رواه أهل السنن وهو مشهور
وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية أن أبي بن كعب أملاها عليهم مع خزيمة بن ثابت وقد روى ابن وهب عن عمر بن طلحة الليثي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عثمان شهد بذلك أيضا
وأما قول زيد بن ثابت: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال وفي رواية: من العسب والرقاع والأضلاع وفي رواية: من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال أما العسب فجمع عسيب قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري وهو من السعف فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص وما نبت عليه الخوص فهو السعف واللخاف جمع لخفة وهي القطعة من الحجارة مستدقة كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه فكان يحفظه فتلقاه زيد هذا من عسبه وهذا من لخافه ومن صدر هذا أي من حفظه وكانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} ففعل صلوات الله وسلامه عليه
ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين فقال: [إنكم مسئولون عني فما أنتم قائلون] قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت فجعل يشير بأصبعه إلى السماء عليهم ويقول: [اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد] رواه مسلم بن جابر وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: [بلغوا عني ولو آية] يعني ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه فبلغوا عنه أمرهم به فأدوا القرآن قرآنا والسنة سنة لم يلبسوا هذا بهذا
ولهذا قال عليه السلام: [من كتب عني سوى القرآن فليمحه] أي لئلا يختلط بالقرآن وليس معناه أن لا يحفظوا السنة ويرووها والله أعلم فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن ما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم - إلا وقد بلغوه إلينا ولله الحمد والمنة
فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما من أكبر المصالح الدينية وأعظمها من حفظهما كتاب الله في الصحف لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين حتى أخذها أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه كما سنذكره إن شاء الله

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن, جمع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir