دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 شعبان 1439هـ/18-04-2018م, 03:14 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي التطبيق الأول من أصول القراءة العلمية

التطبيق الأول



لخّص مقاصد إحدى الرسالتين التاليتين:
1: رسالة "الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية.
2: رسالة "كلمة الإخلاص" للحافظ ابن رجب الحنبلي.


إرشادات حلّ التطبيق:

المطلوب في أداء هذه التطبيقات أربعة أمور:
أولا: استخلاص مسائل الرسالة.
فتكتب عناوين المسائل، ويعبّر عنها بعبارات واضحة كاشفة عن مضمونها، ثم تصنّف المسائل، فتجمع المسائل المتّصلة تحت صنف واحد، ويعنون كل صنف بعنوان جامع، وهذه الأصناف يمكن أن نسمّيها عناصر الرسالة، مع مراعاة ترتيبها ترتيبا موضوعيّا.
ثانيا: استخلاص المقاصد الفرعيّة للرسالة.
وهي أصناف المسائل أو العناصر المستخلصة سابقا، وأثناء استخلاص المقاصد الفرعية والنظر فيها قد يظهر للطالب ارتباط بين بعضها فيحسن دمجها ثانية تحت مقصد فرعيّ واحد، وبهذا تتركّز المقاصد الفرعيّة للرسالة.
ثالثا: استخراج المقصد الكلّي للرسالة.
ويكون بالتعبير عن المقاصد الفرعية بعنوان جامع واف، وأحيانا يذكر المؤلّف المقصد الرئيس لرسالته فيكون أولى بالذكر.
رابعا: تلخيص المقاصد.
وذلك بتلخيص كلام صاحب الرسالة في كل مقصد فرعي.

وليس المقصود بالتلخيص عنونة بعض فقرات الرسالة ونسخها بالكامل، كما أن تلخيص المقاصد ليس شرحا تفصيليّا مستطردا، وإنما المطلوب شرح مركّز يدور حول بيان العماد والسناد.

والوفاء بهذه المطالب الأربعة يضمن -بإذن الله- فهم الطالب لمقاصد الرسالة فهما جيدا، لذا فإن فوات أي مطلوب منها يتطلّب تعديل التطبيق.
ولا بأس أن يقدّم المقصد الكلّي أولا ثم المقاصد الفرعيّة ثم المسائل ثم التلخيص آخرا، لكن لابد من تقديمها جميعا، ويفضّل الترتيب المذكور أولا في مرحلة التدرّب.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 4 شعبان 1439هـ/19-04-2018م, 06:43 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تلخيص رسالة "كلمة الإخلاص" للحافظ ابن رجب.

*المقصد الكلي: فضل كلمة الإخلاص ومقتضياتها.
*المقاصد الفرعية:
*ضمانات كلمة الإخلاص لصاحبها, وأدلة ذلك.
* المراد بتحريم النار على الموحد.
* عدم تحقق ثمرة الشهادة إلا بشروطها وانتفاء موانعها, وأدلة ذلك.
*معنى الشهادة ومقتضياتها.
*فضائل كلمة الإخلاص.

*التلخيص:
*ضمانات كلمة الإخلاص لصاحبها, وأدلة ذلك:
تضمن كلمة الإخلاص لصاحبها أمرين:
- الأول: دخوله الجنة.
-الثاني: تحريم النار عليه.
*أدلة ذلك:
- عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذا يتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما). أخرجه البخاري ومسلم.
- عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله). أخرجه البخاري ومسلم.
- عن أبي هريرة أو أبي سعيد –بالشك- أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأصابتهم مجاعة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم فجعل الرجل يجيء بكف ذرة ويجيء الآخر بكف تمر ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بالبركة ثم قال: ((خذوا في أوعيتكم)) فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملؤوه فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)). أخرجه مسلم.
- عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر. أخرجه البخاري ومسلم.
- عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرمه الله على النار)) وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). أخرجه مسلم.
*مسألة: المراد بتحريم النار على الموحد:
كما ورد في الأحاديث السابقة, فإن مقتضاها يدل على تحريم صاحبها على النار, وقد حمله العلماء على الخلود لا مجرد الدخول, لما ورد من أحاديث تبين أن تحريم الدخول ابتداء لا يقع إلا باستوفاء شروط كلمة الإخلاص وانتفاء موانعها, وقد ورد في الصحيحين : (إن الله تعالى يقول وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله), مما يدل على وجود فئة تدخل النار ابتداء, وذلك لمن لم تشمله الرحمة من العصاة, وهذا هو قول جماعة من العلماء, منهم الحسن, ووهب بن المنبه, وهو الأظهر.
* عدم تحقق ثمرة الشهادة إلا بشروطها وانتفاء موانعها, وأدلة ذلك:
لذا كما تبين سابقا, فإن الموحد لا يضمن نجاته من النار ابتداء, ما لم يستوف الشروط, وهذه الشروط جاءت متناثرة في الأحاديث والآثار, وهي مؤكدة لهذا المعنى, موضحة له, نذكرها على سبيل التدليل:
*الأدلة من القرآن:
- قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}. فدلت الآية على اعتبار الدخول في الإسلام بالعمل بمقتضى الشهادة من أركان الإسلام.
- قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} . فدلت الآية على أن الأخوّة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد.
*الأدلة من السنة:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص، كما في الصحيحين عن أبي أيوب أن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم)).
- وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان)) فقال الرجل: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا)).
- وفي المسند عن بشير بن الخصاصية قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أؤدي الزكاة وأن أحج حجة الإسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت: يا رسول الله أما اثنتين فوالله لا أطيقهما الجهاد والصدقة، فإنهم زعموا أنه من ولّى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف إن حضرت تلك جشمت نفسي وكرهت الموت، والصدقة فوالله ما لي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهن، قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حركها ثم قال: ((فلا جهاد ولا صدقة فبم تدخل الجنة إذا؟)) قلت: يا رسول الله أبايعك فبايعته عليهن كلهن)، ففي هذا الحديث دليل على أن الجهاد والصدقة شرط في دخول الجنة مع حصول التوحيد والصلاة والصيام والحج.
- كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله))، ففهم عمر وجماعة من الصحابة أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك فتوقفوا في قتال مانع الزكاة، وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله صلى الله عليه وسلم:((فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله))وقال: ((الزكاة حق المال)).
وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة)).
*الأدلة من الأثر:
- قال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة، قال الحسن: نِعم العدة، لكن لـ "لا إله إلا الله" شروطا، فإياك وقذف المحصنة.
- قيل للحسن: إن أناسا يقولون: من قال: "لا إله إلا الله" دخل الجنة، فقال: من قال: "لا إله إلا الله" فأدّى حقها وفرضها دخل الجنة.
- قال وهب بن منبه لمن سأله أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك.
*ويضاف إلى تلك الأدلة ما جاء من تفسيرات كثر للأحاديث الواردة في صدر الباب, والتي تعاملت معها بعدة طرق, كالتالي:
أولا: أن هذه الأحاديث المذكورة أولا وما في معناها كانت قبل نزول الفرائض والحدود. قال بذلك الزهري والثوري وغيرهما.
وهذا بعيد جدا فإن كثيرا منها كان بالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك وهي في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: أنها منسوخة. صرح بذلك الثوري وغيره.
ثالثا: أنها محكمة ولكن ضم إليها شرائط.
وبغض النظر عن الخلاف بين الأصوليين في النقطتين الأخيرتين وأي منهما يقع عليه اسم النسخ, فإن الرد عليهما بأنه يجب أن يوضع بالحسبان أن مما شاع استعماله عند السلف أن تطلق مفردة النسخ وقد يكون المراد بها البيان والإيضاح, وهذا ما ترجحه الأدلة وتقويه.
رابعا: أن تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيدة في أحاديث أخر ففي بعضها: ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا)) وفي بعضها: ((مستيقنا)) وفي بعضها ((يصدق لسانه)) وفي بعضها((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها ((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)), فلا تقع على إطلاقها, بل يجب أن تقيد.
*معنى الشهادة ومقتضياتها:
معنى: "لا إله إلا الله": أن لا يأله القلب غير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا واستعانة وخضوعا وإنابة وطلبا.
وتحقيقه: بأن محمدا رسول الله, ألا يعبد الله بغير ما شرعه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جاء هذا المعنى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحا أنه قال: ((من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة))،قيل: ما إخلاصها يا رسول الله؟ قال: ((أن تحجزك عما حرم الله عليك))، وهذا يروى من حديث أنس بن مالك وزيد بن أرقم ولكن إسنادهما لا يصحّ، وجاء أيضا من مراسيل الحسن بنحوه.
والإله: هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحا في إخلاصه, ونقصا في توحيده, وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك وهذا كله من فروع الشرك، ولهذا ورد إطلاق الكفر والشرك على كثير من المعاصي التي منشؤها من طاعة غير الله أو خوفه أو رجائه أو التوكل عليه والعمل لأجله، كما ورد إطلاق الشرك على الرياء, وعلى الحلف بغير الله, وغير ذلك.
ويشهد لذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش))، فدلّ هذا على أن كل من أحب شيئا وأطاعه وكان غاية قصده ومطلوبه ووالى لأجله وعادى لأجله فهو عبده وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه.
ويدلّ عليه أيضا أن الله تعالى سمى طاعة الشيطان في معصيته عبادة للشيطان، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان}.
ومن هاهنا يعلم أنه لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمدا رسول الله، فإنه إذا علم أنه لا تتم محبة الله إلا بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة محمد المبلّغ عن الله ما يحبه وما يكرهه باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته، ولهذا قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم} إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله}، كما قرن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقده الله منه كما يكره أن يلقى في النار)). فهذا هو مقتضى الشهادة, وأعظم لوازمها.
*فضائل كلمة الإخلاص:
بالإضافة لما ورد عن كونها مفتاح دخول الجنة والنجاة من النار, والذي هو من أهم وأعظم وأولى فضائلها, فإن لها فضائل أخر, نذكر منها:
- أنها كلمة التقوى كما قال عمر -رضي الله عنه- من الصحابة.
- أنها كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوته والبراءة من الشرك ونجاة هذا الأمر.
- لأجلها خلق الخلق.
كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
- لأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
- أنها أول ما عدّد الله على عباده من النعم في سورة آية النعم التي تسمى النحل، ولهذا قال ابن عيينة: ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم "لا إله إلا الله" وإن "لا إله إلا الله" لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا.
- لأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
- لأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
- أنها مفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
- أنها ثمن الجنة، قاله الحسن وجاء مرفوعا من وجوه ضعيفة.
- من كانت آخر كلامه دخل الجنة.
- أنها توجب المغفرة.
ففي المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما: ((ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله)) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: ((الحمد لله اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني بها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد)) ثم قال: ((أبشروا فإن الله قد غفر لكم)).
- أنها أحسن الحسنات.
قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كلمني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: ((إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها)) قلت: يا رسول الله "لا إله إلا الله" من الحسنات؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)).
- أنها تمحو الذنوب والخطايا.
ففي سنن ابن ماجه عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل)).
- أنها تجدد ما درس من الإيمان في القلب.
ففي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله").
- لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نوحا قال لابنه عند موته: آمرك بـ "لا إله إلا الله"، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت "لا إله إلا الله" في كفة رجحت بهن "لا إله إلا الله"، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن في حلقة مبهمة فصمتهن "لا إله إلا الله".
وفيه أيضا عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أن موسى عليه السلام قال: يا رب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به قال: يا موسى قل "لا إله إلا الله"، قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا، قال: قل "لا إله إلا الله"، قال: لا إله إلا أنت يا رب إنما أريد شيئا تخصني به، قال: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة و"لا إله إلا الله" في كفة مالت بهن "لا إله إلا الله").
- أنها ترجح بصحائف الذنوب.
كما في حديث السجلات والبطاقة، وقد خرجه أحمد والنسائي والترمذي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- أنها تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل.
وفي الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه)).
وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر)).
ويروى عن ابن عباس مرفوعا: ((ما من شيء إلا بينه وبين الله حجاب إلا قول لا إله إلا الله كما أن شفتيك لا تحجبها كذلك لا يحجبها شيء حتى تنتهي إلى الله عز وجل)).
وقال أبو أمامة: ما من عبد يهلل تهليلة فينهنها شيء دون العرش.
- أنها هي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه.
خرج النسائي في كتاب اليوم والليلة من حديث رجلين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مخلصا بها روحه مصدقا بها لسانه إلا فتق له السماء فتقا حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر إليه أن يعطيه سؤله)).
- أنها الكلمة التي يصدق الله قائلها.
كما أخرج النسائي والترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال العبد: "لا إله إلا الله والله أكبر" صدقه ربه وقال: "لا إله إلا أنا وأنا أكبر"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" يقول الله: "لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد" قال الله: "لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد"، وإذا قال: "لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله" قال الله: "لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي")) وكان يقول: ((من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار)).
- أنها أفضل ما قاله النبيون، كما ورد ذلك في دعاء يوم عرفة.
- أنها أفضل الذكر.
كما في حديث جابر المرفوع: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله))، وعن ابن عباس: أحب كلمة إلى الله لا إله إلا الله لا يقبل الله عملا إلا بها.
- أنها أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان.
وكما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحي عنه مائة سيئة ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
وفيهما أيضا عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)).
وفي الترمذي عن ابن عمر مرفوعا: ((من قالها إذا دخل السوق وزاد فيها: "يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا الله عنه ألف ألف سيئة ورفع الله له ألف ألف درجة))، وفي رواية: ((ويبني له بيت في الجنة)).
- أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
كما في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله قد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن))، وفي حديث مرسل: ((من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين كل يوم مائة مرة كانت له أمانا من الفقر وأنسا من وحشة القبر واستجلبت له الغنى واستفرغت له باب الجنة)).
- أنها شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.
قال النضر بن عربي: بلغني أن الناس إذا قاموا من قبورهم كان شعارهم لا إله إلا الله، وقد خرج الطبراني حديثا مرفوعا: ((إن شعار هذه الأمة على الصراط لا إله إلا أنت)).
- أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
كما في حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أتى بالشهادتين بعد الوضوء وقد خرجه مسلم.
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)).
وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة منامه الطويل وفيه قال: ((ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فأغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله فتحت له الأبواب وأدخلته الجنة)).
- أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها.
ففي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)).

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 شعبان 1439هـ/22-04-2018م, 01:02 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بيان مقاصد رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية

==المقصد الكلي للرسالة ==
بيان شروط وأوصاف العبادات المقبولة، وبيان قسمي البدع وهما ما له أصل شرعي فغير عنه، وما ليس له أصل شرعي، وذكر بعض أمثلتهما وبعض الشبه عند أصحابهما وبيان ردها، وبيان خطر البدع على دين العباد، وسوء عاقبتها في الدنيا والآخرة.

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
==المقاصد الفرعية للرسالة:==
المقدمة
 الأصل الذي يعرف به الدين
 أوصاف العبادة المقبولة وأقسامها وبعض أمثلتها
 القسم الأول من البدع وهو فعل العبادات على غير وجهها الشرعي، وخطرها على دين العبد.
القسم الثاني من البدع؛ وهو الإتيان بعبادات محدثةٍ غير مشروعة، وذكر أمثلة منها، وبيان غلطها، وسوء عاقبتها.
 أهل البدع لا يحبون العلم وأهله، ويدعون أنهم يأخذون علمهم من غير الكتاب والسنة
 حقيقة مصدر علم هؤلاء المبتدعين هو الشيطان، وذكر بعض الطرق التي يفعلونها للوصول إليه كالخلوات وتفريغ القلب من كل شيء، وكالمعازف، والخمر والشرك.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
==المقاصد الفرعية والمسائل في الرسالة: ==
المقدمة
[وقوع الاضطراب في التفريق بين العبادة الشرعية والبدعية]
 الأصل الذي يعرف به الدين
[الأصل في معرفة الحلال والحرام]
[الأصل في الدين عامة]
[لا يجوز الخروج عما حدّه الله ورسوله]
[بيان أن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبين وأنه يجب اتباع الشرع الذي جاء به لأنه نسخ ما قبله]
 أوصاف العبادة المقبولة وأقسامها وبعض أمثلتها
[العبادة التي يتقرب بها إلى الله ورسوله هي المحبوبة المرضية عنده]
[العبادات منها ما هو واجب كالصلوات الخمس ومنها ما هو مستحب كنافلتها]
[تعريف المشروع من العبادات سواء كان واجباً أو مستحباً وذكر بعض الأمثلة عليه]
[العبادات الدّينيّة أصولها الصّلاة والصّيام والقراءة]
[طريقة معرفة المشروع من الأعمال والأقوال]

 القسم الأول من البدع وهو فعل العبادات على غير وجهها الشرعي، وخطرها على دين العبد.
[الخوارج أصحاب صلاة وصيام وقراءة كثيرة]
[سبب انحراف الخوارج هو غلوهم في العبادات بلا فقه حتى آلت بهم إلى البدعة]
[سوء عاقبة الخوارج في الدنيا والآخرة بسبب فعل البدع والخروج عما حده الشرع]
[الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة]
[تخصيص العبادات بمكان أو زمان أو عدد لا يكون إلا وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم]
[مسألة هل يستحب فعل ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم بحكم الاتفاق مثل نزوله في السفر في مكان معين]
[حكم فعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من المباحات التي لم يقصد فعلها]

القسم الثاني من البدع؛ وهو الإتيان بعبادات محدثةٍ غير مشروعة، وذكر أمثلة منها، وبيان غلطها، وسوء عاقبتها.
[المراد في الرسالة هو العبادات غير المشروعة التي أحدثها المتأخرون]
[من العبادات غير الشرعية عند المتأخرين الخلوات مقابلة للاعتكاف في المساجد، وبيان بطلانها]
[الرد على استدلال طائفتين ممن يفعلون الخلوات]
[من عواقب فعل العبادات البدعية في الخلوات أن تأتيه الشياطين وتوحي إليه الباطل المبين]
[أكثر من يخرجون للخلوات يفعلون أجناس غير مشروعة من العبادات؛ كذكر الله باسمه المفرد "الله الله" أو بالضمير "هو هو" ويسمون الأول ذكر الخاصة والثاني ذكر خاصة الخاصة]
[حكم ذكر الله بالاسم المفرد سواء مظهرا أو مضمرا]
[دعوى المتأخرين أن المراد بذكرهم الاسم الإلهي مفردا هو جمع القلب على شيء معين، وبيان حقيقة هذه الدعوى]
[تطور البدع إلى أشياء لا تخطر على بال من بدأها]
[بيان أن الفلسفة لها أثر عظيم في ضلال أصحاب الأهواء]
[الرد على قول الفلاسفة بأن العلم عند الأنبياء هو من العقل الفعال وأن النبوة مكتسبة من سبعة وجوه]
[ذكر أشياء أخرى تفعل في بعض الخلوات]

[العزلة المشروعة تعريفها وأمثلتها]
[من الأشياء المخالفة التي يفعلها أصحاب الخلوات ذهابهم لأماكن ليس فيها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا مسجدٌ يصلّى فيه الصّلوات الخمس؛ كالمساجد المهجورة أو الكهوف أو أماكن يقال أن بها أثر نبي أو رجل صالح]
[سبب ذهابهم للقبور والأماكن التي يظن أن بها أثر أنبياء، ونتيجة الذهاب لها]
[قد يكون هناك شيوخ لهم زهد وعلم وورع ويصدقون أن الأنبياء يأتون في صورهم في اليقظة]
[الشريعة جاءت بسد الذرائع المفضية للمحرمات مثل تحريم اتخاذ القبور مساجد لأنها ذريعة للشرك بالله]
[مسألة: كيف فهم الصحابة والتابعين أدلة تحريم البناء على القبور واتخاذها مساجد]

 أهل البدع لا يحبون العلم وأهله، ويدعون أنهم يأخذون علمهم من غير الكتاب والسنة
[الأصل في العبادات المنع حتى يأتي الدليل عليها من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله]
[من علامات أصحاب العبادات البدعية أنهم لا يحبون العلم الذي مرجعه القرآن والحديث، ولا يحبون أهله وهذا من ضلالهم]

 حقيقة مصدر علم هؤلاء المبتدعين هو الشيطان، وذكر بعض الطرق التي يفعلونها للوصول إليه كالخلوات وتفريغ القلب من كل شيء، وكالمعازف، والخمر والشرك.
[من كذبهم وافترائهم الادعاء بأن علمهم يأخذونه من الله بلا واسطة]
[الرد على أهل الضلال في زعمهم أخذ العلم عن الله بلا واسطة من وجهين]
[خطر المعازف وما تفعله بالعبد فهي وسيلة لتسلط الشيطان]
[قصة لشيخ الإسلام مع جماعة من هؤلاء المدّعون للزهد]
[النذر المحرم سبيل لنيل أعطيات الشيطان، ولا يجوز أن يأكل منه العبد كمن ينذر لميت أو صنم أو نجم أو شيخ]



---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
==تفصيل المسائل في الرسالة وشرحها: ==
المقدمة
[وقوع الاضطراب في التفريق بين العبادة الشرعية والبدعية]
كثر فيه الاضطراب كما كثر في باب الحلال والحرام، فإنّ أقوامًا استحلّوا بعض ما حرّمه اللّه وأقوامًا حرّموا بعض ما أحلّ اللّه تعالى وكذلك أقوامًا أحدثوا عباداتٍ لم يشرّعها اللّه بل نهى عنها.
 الأصل الذي يعرف به الدين
[الأصل في معرفة الحلال والحرام]
أصل الدّين: أنّ الحلال ما أحلّه اللّه ورسوله والحرام ما حرّمه اللّه ورسوله
[الأصل في الدين عامة]
والدّين ما شرعه اللّه ورسوله؛
[لا يجوز الخروج عما حدّه الله ورسوله]
ليس لأحد أن يخرج عن الصّراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله.
والدليل قوله تعالى:
- {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}،
-وفي حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله}".
وقد ذكر اللّه تعالى في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما ما ذمّ به المشركين حيث حرّموا ما لم يحرّمه اللّه تعالى كالبحيرة والسّائبة، واستحلّوا ما حرّمه اللّه كقتل أولادهم، وشرعوا دينًا لم يأذن به اللّه، فقال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به اللّه}، ومنه أشياء هي محرّمةٌ جعلوها عباداتٍ كالشّرك والفواحش مثل الطّواف بالبيت عراةً وغير ذلك.
[بيان أن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبين وأنه يجب اتباع الشرع الذي جاء به لأنه نسخ ما قبله]
محمّدٌ -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاتم النّبيّين لا نبيّ بعده
وقد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره فلم يبق طريقٌ إلى اللّه إلّا باتّباع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فما أمر به من العبادات أمر إيجابٍ أو استحبابٍ فهو مشروعٌ
وكذلك ما رغّب فيه وذكر ثوابه وفضله.
 أوصاف العبادة المقبولة وأقسامها وبعض أمثلتها
[العبادة التي يتقرب بها إلى الله ورسوله هي المحبوبة المرضية عنده]
فالعبادة تكون محبوبة لله ورسوله مرضية عندهما سواء الواجب أو المستحب
والدليل ما جاء في الصّحيح
عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه).
[العبادات منها ما هو واجب كالصلوات الخمس ومنها ما هو مستحب كنافلتها]
فالصّلاة منها فرضٌ وهي الصّلوات الخمس ومنها نافلةٌ كقيام اللّيل، وكذلك الصّيام فيه فرضٌ وهو صوم شهر رمضان ومنه نافلةٌ كصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، وكذلك السّفر إلى المسجد الحرام فرضٌ وإلى المسجدين الآخرين -مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبيت المقدس - مستحبٌّ، وكذلك الصّدقة منها ما هو فرضٌ ومنها ما هو مستحبٌّ وهو العفو كما قال تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}، وفي الحديث الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (يا ابن آدم إنّك إن تنفق الفضل خيرٌ لك وإن تمسكه شرٌّ لك ولا تلام على كفافٍ، واليد العليا خيرٌ من اليد السّفلى وابدأ بمن تعول).

[تعريف المشروع من العبادات سواء كان واجباً أو مستحباً وذكر بعض الأمثلة عليه]
فالمشروع: هو الّذي يتقرّب به إلى اللّه تعالى وهو سبيل اللّه وهو البرّ والطّاعة والحسنات والخير والمعروف
و يدخل فيه الصّلوات المشروعة واجبها ومستحبّها ويدخل في ذلك قيام اللّيل المشروع وقراءة القرآن على الوجه المشروع والأذكار والدّعوات الشّرعيّة، وكذلك يدخل فيه الصّيام الشّرعيّ كصيام نصف الدّهر وثلثه أو ثلثيه أو عشره وهو صيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ ويدخل فيه السّفر الشّرعيّ كالسّفر إلى مكّة وإلى المسجدين الآخرين إلى غيرها من العبادات التي يكون فيها ما هو واجب وفيها ما هو مستحب.
[العبادات الدّينيّة أصولها الصّلاة والصّيام والقراءة]
العبادات الدّينيّة أصولها الصّلاة والصّيام والقراءة الّتي جاء ذكرها في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ قال: بلى، قال: فلا تفعل فإنّك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النّفس، ثمّ أمره بصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، فقال إنّي أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يومٍ وفطر يومٍ، فقال: إنّي أطيق أكثر من ذلك فقال: لا أفضل من ذلك وقال: أفضل الصّيام صيام داود عليه السّلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرّ إذا لاقى، وأفضل القيام قيام داود كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأمره أن يقرأ القرآن في سبعٍ).
[طريقة معرفة المشروع من الأعمال والأقوال]
لا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ،
ولا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ،
وهذا هو الّذي كان الإمام أحمد بن حنبلٍ وغيره يرخّصون فيه وفي روايات أحاديث الفضائل، وأمّا أن يثبتوا أنّ هذا عملٌ مستحبٌّ مشروعٌ بحديث ضعيفٍ فحاشا للّه، كما أنّهم إذا عرفوا أنّ الحديث كذبٌ فإنّهم لم يكونوا يستحلّون روايته إلّا أن يبيّنوا أنّه كذبٌ لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصّحيح: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).

وما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه،
 القسم الأول من البدع وهو فعل العبادات على غير وجهها الشرعي، وخطرها على دين العبد.
[الخوارج أصحاب صلاة وصيام وقراءة كثيرة]
في حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى تحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
[سبب انحراف الخوارج هو غلوهم في العبادات بلا فقه حتى آلت بهم إلى البدعة]
فهؤلاء غلوا في العبادات بلا فقهٍ فآل الأمر بهم إلى البدعة، فقال: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة، أينما وجدتموهم فاقتلوهم فإنّ في قتلهم أجرًا عند اللّه لمن قتلهم يوم القيامة)،
[سوء عاقبة الخوارج في الدنيا والآخرة بسبب فعل البدع والخروج عما حده الشرع]
فإنّهم قد استحلّوا دماء المسلمين وكفّروا من خالفهم، فكان من سوء عاقبتهم في الدنيا إباحة دمائهم بل ويؤجر من قتلهم، وأما في الآخرة فهم كلاب النار كما صح فيهم هذا، وجاءت فيهم الأحاديث الصّحيحة،
ومنها الحديث المتقدم وفيه: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة، أينما وجدتموهم فاقتلوهم فإنّ في قتلهم أجرًا عند اللّه لمن قتلهم يوم القيامة)،
قال الإمام أحمد بن حنبلٍ -رحمه اللّه تعالى-: "صحّ فيهم الحديث من عشرة أوجهٍ"، وقد أخرجها مسلمٌ في صحيحه وأخرج البخاريّ قطعةً منها.
[الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة]
قال أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ". وهذا لخطورة البدعة على دين العبد فقد تذهب به كلية.
[تخصيص العبادات بمكان أو زمان أو عدد لا يكون إلا وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم]
فإن فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان من السنة فعله، كتخصيصه العشر الأواخر بالاعتكاف فيها وكتخصيصه مقام إبراهيم بالصّلاة فيه فالتّأسّي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الّذي فعل لأنّه فعل.

[مسألة هل يستحب فعل ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم بحكم الاتفاق مثل نزوله في السفر في مكان معين]
كان ابن عمر يحبّ أن يفعل مثل ذلك، وأمّا الخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة فلم يستحبّوا ذلك؛ لأنّ هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بدّ فيها من القصد فإذا لم يقصد هو ذلك الفعل بل حصل له بحكم الاتّفاق كان في قصده غير متابعٍ له،
وابن عمر رضي اللّه عنه يقول: وإن لم يقصده؛ لكنّ نفس فعله حسنٌ على أيّ وجهٍ كان فأحبّ أن أفعل مثله إمّا لأنّ ذلك زيادةٌ في محبّته وإمّا لبركة مشابهته له.
[حكم فعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من المباحات التي لم يقصد فعلها]
للنّاس قولان فيما فعله من المباحات على غير وجه القصد هل متابعته فيه مباحةٌ فقط أو مستحبّةٌ على قولين في مذهب أحمد وغيره
ولم يكن ابن عمر ولا غيره من الصّحابة يقصدون الأماكن الّتي كان ينزل فيها ويبيت فيها مثل بيوت أزواجه ومثل مواضع نزوله في مغازيه وإنّما كان الكلام في مشابهته في صورة الفعل فقط،
فأمّا الأمكنة نفسها فالصّحابة متّفقون على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع، ولذلك لم يكونوا يذهبون إليها للصلاة أو الدعاء أو العبادة فيها.
القسم الثاني من البدع؛ وهو الإتيان بعبادات محدثةٍ غير مشروعة، وذكر أمثلة منها، وبيان غلطها، وسوء عاقبتها.

[المراد في الرسالة هو العبادات غير المشروعة التي أحدثها المتأخرون]
قال شيخ الإسلام "إذ المقصود هنا الكلام في أجناس عباداتٍ غير مشروعةٍ حدثت في المتأخّرين كالخلوات فإنّها تشتبه بالاعتكاف الشّرعيّ" إلى آخر ما ذكر رحمه الله.
[من العبادات غير الشرعية عند المتأخرين الخلوات مقابلة للاعتكاف في المساجد، وبيان بطلانها]
الاعتكاف الشّرعيّ يكون في المساجد كما كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يفعله هو وأصحابه من العبادات الشّرعيّة،
وأمّا الخلوات فبعضهم يحتجّ فيها بتحنّثه بغار حراءٍ قبل الوحي وهذا خطأٌ؛ فإنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم قبل النّبوّة إن كان قد شرعه بعد النّبوّة فنحن مأمورون باتّباعه فيه وإلّا فلا. وهو من حين نبّأه اللّه تعالى لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراءٍ ولا خلفاؤه الرّاشدون. مع وجود فرص لفعله كفتح مكة وحجة الوداع وغيرها.
[الرد على استدلال طائفتين ممن يفعلون الخلوات]
=طائفةٌ يجعلون الخلوة أربعين يومًا ويعظّمون أمر الأربعينية ويحتجّون فيها بأنّ اللّه تعالى واعد موسى -عليه السّلام- ثلاثين ليلةً وأتمّها بعشر وقد روي أنّ موسى عليه السّلام صامها وصام المسيح أيضًا أربعين للّه تعالى وخوطب بعدها فيقولون يحصل بعدها الخطاب والتّنزّل
=كما يقولون في غار حراءٍ حصل بعده نزول الوحي.
وهو غلط لأنه شرع من قبلنا ولم يشرع لنا
[من عواقب فعل العبادات البدعية في الخلوات أن تأتيه الشياطين وتوحي إليه الباطل المبين]
قال شيخ الإسلام: "فتأتيه الشّياطين ويحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه، وأعرِف من هؤلاء عددًا طلبوا أن يحصل لهم من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين؛ لأنّهم خرجوا عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي أمروا بها، قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين}، " انتهى مختصرا
[أكثر من يخرجون للخلوات يفعلون أجناس غير مشروعة من العبادات؛ كذكر الله باسمه المفرد "الله الله" أو بالضمير "هو هو" ويسمون الأول ذكر الخاصة والثاني ذكر خاصة الخاصة]
فيأمرون صاحب الخلوة أن لا يزيد على الفرض لا قراءةً ولا نظرًا في حديثٍ نبويٍّ ولا غير ذلك بل قد يأمرونه بالذّكر ثمّ قد يقولون ما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
[حكم ذكر الله بالاسم المفرد سواء مظهرا أو مضمرا]
والذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا.
وقد ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ)، والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرةٌ صحيحةٌ.
[دعوى المتأخرين أن المراد بذكرهم الاسم الإلهي مفردا هو جمع القلب على شيء معين، وبيان حقيقة هذه الدعوى]
قال شيخ الإسلام: "صار بعض من يأمر به من المتأخّرين يبيّن أنّه ليس قصدنا ذكر اللّه تعالى ولكن جمع القلب على شيءٍ معيّنٍ حتّى تستعدّ النّفس لما يرد عليها، فكان يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرّاتٍ فإذا اجتمع قلبه ألقى عليه حالًا شيطانيًّا فيلبسه الشّيطان ويخيّل إليه أنّه قد صار في الملأ الأعلى وأنّه أعطي ما لم يعطه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة المعراج ولا موسى عليه السّلام يوم الطّور وهذا وأشباهه وقع لبعض من كان في زماننا.

وأبلغ من ذلك من يقول ليس مقصودنا إلّا جمع النّفس بأيّ شيءٍ كان، حتّى يقول لا فرق بين قولك: يا حيّ، وقولك: يا جحش. وهذا ممّا قاله لي شخصٌ منهم وأنكرت ذلك عليه، ومقصودهم بذلك أن تجتمع النّفس حتّى يتنزّل عليها الشّيطان،
ومنهم من يقول: إذا كان قصدٌ وقاصدٌ ومقصودٌ فاجعل الجميع واحدًا فيدخله في أوّل الأمر في وحدة الوجود. " أ.ه.
[تطور البدع إلى أشياء لا تخطر على بال من بدأها]
وأمّا أبو حامدٍ وأمثاله ممّن أمروا بهذه الطّريقة فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر - لكن ينبغي أن يعرف أنّ البدع بريد الكفر - ولكن أمروا المريد أن يفرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب، بل قد يقولون إنّه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء.
ومنهم من يزعم أنّه حصل له أكثر ممّا حصل للأنبياء، وأبو حامدٍ يكثر من مدح هذه الطّريقة في " الإحياء " وغيره كما أنّه يبالغ في مدح الزّهد، " ا.ه من كلام شيخ الإسلام مختصرا.

[بيان أن الفلسفة لها أثر عظيم في ضلال أصحاب الأهواء]
فإنّ المتفلسفة كابن سينا وأمثاله يزعمون أنّ كلّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنّما هو من "العقل الفعّال"؛ ولهذا يقولون النّبوّة مكتسبةٌ، فإذا تفرّغ صفا قلبه - عندهم - وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء، وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى.
وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب،
[الرد على قول الفلاسفة بأن العلم عند الأنبياء هو من العقل الفعال وأن النبوة مكتسبة من سبعة وجوه]
ذكر شيخ الإسلام في أن الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ سبعة أنقلها مختصرة :
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه "العقل الفعّال" باطلٌ لا حقيقة له كما قد بسط هذا في موضعٍ آخر.
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا، والملائكة والشّياطين أحياءٌ ناطقون كما قد دلّت على ذلك الدّلائل الكثيرة من جهة الأنبياء وكما يدّعي ذلك من باشره من أهل الحقائق، وهم يزعمون أنّ الملائكة والشّياطين صفاتٌ لنفس الإنسان فقط، وهذا ضلالٌ عظيمٌ.
الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي، ومنهم من كلّمه اللّه تعالى فقرّبه وناداه كما كلّم موسى عليه السّلام، لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان؛ فإنّ الشّيطان إنّما يمنعه من الدّخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر اللّه الّذي أرسل به رسله فإذا خلا من ذلك تولّاه الشّيطان، قال اللّه تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون}،
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل،
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ فاسدٌ؛ لأنّ هذا الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلبٌ آخر يحصل له به التّحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول إنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ ويسمّي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، وقد بيّنّا في غير هذا الموضع أنّ "اللّوح المحفوظ" الّذي ذكره اللّه ورسوله ليس هو النّفس الفلكيّة وابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماءً جاء بها الشّرع فوضعوا لها مسمّياتٍ مخالفةً لمسمّيات صاحب الشّرع ثمّ صاروا يتكلّمون بتلك الأسماء فيظنّ الجاهل أنّهم يقصدون بها ما قصده صاحب الشّرع فأخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة، وهذا كلفظ " الملك " و " الملكوت " و " الجبروت " و " اللّوح المحفوظ " و " الملك " و " الشّيطان " و " الحدوث " و " القدم " وغير ذلك، وقد ذكرنا من ذلك طرفًا في الرّدّ على " الاتّحاديّة " لمّا ذكرنا قول ابن سبعين وابن عربيٍّ وما يوجد في كلام أبي حامدٍ ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الّذين يحرّفون كلام اللّه ورسوله عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة الباطنيّة.
والمقصود هنا أنّه لو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعم هؤلاء فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
[ذكر أشياء أخرى تفعل في بعض الخلوات]
ومن أهل هذه الخلوات من لهم أذكارٌ معيّنةٌ وقوتٌ معيّنٌ ولهم تنزلات معروفةٌ، وقد بسط الكلام عليها ابن عربيٍّ الطّائيّ ومن سلك سبيله كالتلمساني، وهي تنزلات شيطانيّةٌ قد عرفتها وخبرت ذلك من وجوهٍ متعدّدةٍ لكن ليس هذا موضع بسطها وإنّما المقصود التّنبيه على هذا الجنس.
وممّا يأمرون به الجوع والسّهر والصّمت مع الخلوة بلا حدودٍ شرعيّةٍ، بل سهرٌ مطلقٌ وجوعٌ مطلقٌ وصمتٌ مطلقٌ مع الخلوة كما ذكر ذلك ابن عربيٍّ وغيره، وهي تولّد لهم أحوالًا شيطانيّةً، وأبو طالبٍ قد ذكر بعض ذلك؛ لكن أبو طالبٍ أكثر اعتصامًا بالكتاب والسّنّة من هؤلاء ولكن يذكر أحاديث كثيرةً ضعيفةً بل موضوعةً من جنس أحاديث المسبّعات الّتي رواها عن الخضر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو كذبٌ محضٌ وإن كان ليس فيه إلّا قراءة قرآنٍ ويذكر أحيانًا عباداتٍ بدعيّةً من جنس ما بالغ في مدح الجوع هو وأبو حامدٍ وغيرهما

[العزلة المشروعة تعريفها وأمثلتها]
الخلوة والعزلة والانفراد المشروع فهو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
-فالأوّل
كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها،
الدليل:
قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}،
ومنه قوله تعالى عن الخليل: {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا}،
وقوله عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف}، فإنّ أولئك لم يكونوا في مكانٍ فيه جمعةٌ ولا جماعةٌ ولا من يأمر بشرع نبيٍّ فلهذا أووا إلى الكهف وقد قال موسى: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}.
-ومن الثاني
اعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه فهو مستحبٌّ،
وقد قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
-وإذا أراد الإنسان تحقيق علمٍ أو عملٍ فتخلّى في بعض الأماكن مع محافظته على الجمعة والجماعة فهذا حقٌّ كما في الصّحيحين أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ النّاس أفضل؟ قال: (رجلٌ آخذٌ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلّما سمع هيعةً طار إليها يتتبّع الموت مظانّه، ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من الشّعاب يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة ويدع النّاس إلّا من خيرٍ) وقوله: (يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة) دليلٌ على أنّ له مالًا يزكّيه وهو ساكنٌ مع ناسٍ يؤذّن بينهم وتقام الصّلاة فيهم، فقد قال صلوات اللّه عليه: (ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصّلاة جماعةً إلّا وقد استحوذ عليهم الشّيطان) وقال:(عليكم بالجماعة فإنّما يأخذ الذّئب القاصية من الغنم

[من الأشياء المخالفة التي يفعلها أصحاب الخلوات ذهابهم لأماكن ليس فيها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا مسجدٌ يصلّى فيه الصّلوات الخمس؛ كالمساجد المهجورة أو الكهوف أو أماكن يقال أن بها أثر نبي أو رجل صالح]
وهذه الخلوات قد يقصد أصحابها الأماكن الّتي ليس فيها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا مسجدٌ يصلّى فيه الصّلوات الخمس؛ إمّا مساجد مهجورةٌ وإمّا غير مساجد مثل الكهوف والغيران الّتي في الجبال ومثل المقابر لا سيّما قبر من يُحسن به الظّنّ ومثل المواضع الّتي يقال إنّ بها أثر نبيٍّ أو رجلٍ صالحٍ، ولهذا يحصل لهم في هذه المواضع أحوالٌ شيطانيّةٌ يظنّون أنّها كراماتٌ رحمانيّةٌ.
[سبب ذهابهم للقبور والأماكن التي يظن أن بها أثر أنبياء، ونتيجة الذهاب لها]
فمنهم من يرى أنّ صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرةٍ ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا، كما جرى للتّونسيّ مع نعمان السّلاميّ.
والشّياطين كثيرًا ما يتصوّرون بصورة الإنس في اليقظة والمنام وقد تأتي لمن لا يعرف فتقول: أنا الشّيخ فلانٌ أو العالم فلانٌ، وربّما قالت: أنا أبو بكرٍ وعمر، وربّما أتى في اليقظة دون المنام وقال: أنا المسيح.. أنا موسى.. أنا محمّدٌ،

[قد يكون هناك شيوخ لهم زهد وعلم وورع ويصدقون أن الأنبياء يأتون في صورهم في اليقظة]
كما حكى شيخ الإسلام عن تجربة فقال:
وقد جرى مثل ذلك أنواعٌ أعرفها وثمّ من يصدّق بأنّ الأنبياء يأتون في اليقظة في صورهم، وثَمّ شيوخٌ لهم زهدٌ وعلمٌ وورعٌ ودينٌ يصدّقون بمثل هذا.
ومن هؤلاء من يظنّ أنّه حين يأتي إلى قبر نبيٍّ أنّ النّبيّ يخرج من قبره في صورته فيكلّمه، ومن هؤلاء من رأى في دائرة ذرى الكعبة صورة شيخٍ قال إنّه إبراهيم الخليل، ومنهم من يظنّ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خرج من الحجرة وكلّمه، وجعلوا هذا من كراماته، ومنهم من يعتقد أنّه إذا سأل المقبور أجابه.
وبعضهم كان يحكي أنّ ابن منده كان إذا أشكل عليه حديثٌ جاء إلى الحجرة النّبويّة ودخل فسأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك
وجعل ذلك من كراماته حتّى قال ابن عبد البرّ لمن ظنّ ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السّابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار؟ فهل في هؤلاء من سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد الموت وأجابه؟ وقد تنازع الصّحابة في أشياء فهلّا سألوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأجابهم؟ وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثه فهلّا سألته فأجابها؟ اهـ.

[الشريعة جاءت بسد الذرائع المفضية للمحرمات مثل تحريم اتخاذ القبور مساجد لأنها ذريعة للشرك بالله]
=حيث يحرم اتخاذ القبور مساجد لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك، كما في الحديث: الذي رواه الحارث النجراني قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول: ((ألا وإنَّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك). رواه ابن أبي شيبة وصححه الألباني
وغيره من النصوص الصّريحة التي توجب تحريم اتّخاذ قبورهم مساجد مع أنّهم مدفونون فيها وهم أحياءٌ في قبورهم، ويستحبّ إتيان قبورهم للسّلام عليهم
=وسبب هذا النهي لأنّه ذريعةٌ إلى الشّرك، فيشرك صاحب القبر مع الله في العبادة كما وقع ممن كان قبلنا من اليهود والنصارى كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان مرض النبي صلى الله عليه وسلم تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة يقال لها: مارية - وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة - فذكرن من حسنها وتصاويرها قالت: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال: ((أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة) متفق عليه.
وهو الّذي قصد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم منع أمّته منه، كما قال اللّه تعالى: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا}
وقال تعالى: {قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ وادعوه مخلصين له الدّين}
وقال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللّه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النّار هم خالدون * إنّما يعمر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلّا اللّه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}،
ملحوظة : [لخصت كلام شيخ الإسلام وأتيت بنص الحديث لوجود فقد في المخطوطة عند هذا الموضع وأتيت بحديث آخر لعله هو مراده الذي تكلم عليه]
[مسألة: كيف فهم الصحابة والتابعين أدلة تحريم البناء على القبور واتخاذها مساجد]
الصّحابة والتّابعين لم يصلّوا في جميع حجر أزواجه وفي كلّ مكانٍ نزل فيه في غزواته أو أسفاره. ولم يستحبّوا أن يبنوا هناك مساجد ولم يفعل السّلف شيئًا من ذلك، وهذا هو الدليل على تحريم ذلك عندهم لأنهم عرفوا أن الذي شرع لهم للصلاة هو المسجد لا القبر، وأن الذي شرع وخصص من الأماكن هي مشاعر الحج كعرفة ومزدلفة وغيرها وفق ما جاء به الشرع، وأما ما سواها فلا يقصد بشيء من التعظيم أو العبادة إلا بدليل من الشرع.

 أهل البدع لا يحبون العلم وأهله، ويدعون أنهم يأخذون علمهم من غير الكتاب والسنة

[الأصل في العبادات المنع حتى يأتي الدليل عليها من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله]
فالفعل الّذي لم يشرعه هو لنا ولا أمرنا به ولا فعله فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتّخاذ هذا قربةً مخالفةٌ له صلّى اللّه عليه وسلّم،
وما فعله من المباحات على غير وجه التّعبّد يجوز لنا أن نفعله مباحًا كما فعله مباحًا، وأكثر السّلف والعلماء على أنّا إذا فعلناه فلا نجعله عبادةً وقربةً بل نتّبعه فيه؛ تأسياً فقط.
[من علامات أصحاب العبادات البدعية أنهم لا يحبون العلم الذي مرجعه القرآن والحديث، ولا يحبون أهله وهذا من ضلالهم]
الشيطان يزين لأصحاب العبادات البدعية بدعهم، وفي المقابل يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره،
-كما حكى النصرأباذي أنّهم كانوا يقولون: يدع علم الخرق ويأخذ علم الورق، قال: وكنت أستر ألواحي منهم فلمّا كبرت احتاجوا إلى علمي،
-وكذلك حكى السّريّ السقطي أنّ واحدًا منهم دخل عليه فلمّا رأى عنده محبرةً وقلمًا خرج ولم يقعد عنده؛
-ولهذا قال سهل بن عبد اللّه التستري: يا معشر الصّوفيّة لا تفارقوا السّواد على البياض فما فارق أحدٌ السّواد على البياض إلّا تزندق،
-وقال الجنيد: علمنا هذا مبنيٌّ على الكتاب والسّنّة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشّأن.

فينفرون من العلم وأهله وذلك أنّهم استشعروا أنّ هذا فيه ما يخالف طريقهم فصارت شياطينهم تهرّبهم من هذا كما يهرّب اليهوديّ والنّصرانيّ ابنه أن يسمع كلام المسلمين حتّى لا يتغيّر اعتقاده في دينه، وكما كان قوم نوحٍ يجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم لئلّا يسمعوا كلامه ولا يروه، وقال اللّه تعالى عن المشركين: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون
} وقال تعالى: {فما لهم عن التّذكرة معرضين * كأنّهم حمرٌ مستنفرةٌ * فرّت من قسورةٍ}،
وهم من أرغب النّاس في السّماع البدعيّ سماع المعازف ومن أزهدهم في السّماع الشّرعيّ سماع آيات اللّه تعالى.

 حقيقة مصدر علم هؤلاء المبتدعين هو الشيطان، وذكر بعض الطرق التي يفعلونها للوصول إليه كالخلوات وتفريغ القلب من كل شيء، وكالمعازف، والخمر والشرك.

[من كذبهم وافترائهم الادعاء بأن علمهم يأخذونه من الله بلا واسطة]
قال شيخ الإسلام: "فمنهم من يظنّ أنّه يلقّن القرآن بلا تلقينٍ، ويحكون أنّ شخصًا حصل له ذلك وهذا كذبٌ، نعم قد يكون سمع آيات اللّه فلمّا صفّى نفسه تذكّرها فتلاها؛ فإنّ الرّياضة تصقل النّفس فيذكر أشياء كان قد نسيها، ويقول بعضهم أو يحكى أنّ بعضهم قال: أخذوا علمهم ميّتًا عن ميّتٍ وأخذنا علمنا عن الحيّ الّذي لا يموت، وهذا يقع لكنّ منهم من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان وليس عندهم فرقانٌ يفرّق بين الرّحمانيّ والشّيطانيّ فإنّ الفرق الّذي لا يخطئ هو القرآن والسّنّة فما وافق الكتاب والسّنّة فهو حقٌّ وما خالف ذلك فهو خطأٌ، وقد قال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون * حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}،
وذكر الرّحمن هو ما أنزله على رسوله قال تعالى: {وهذا ذكرٌ مباركٌ أنزلناه}،
وقال تعالى: {وما هو إلّا ذكرٌ للعالمين}،
وقال تعالى: {فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}، ...
إلى أن قال:
ثمّ إنّ هؤلاء لمّا ظنّوا أنّ هذا يحصل لهم من اللّه بلا واسطةٍ صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول، يقول أحدهم: فلانٌ عطيّته على يد محمّدٍ وأنا عطيّتي من اللّه بلا واسطةٍ، ويقول أيضًا: فلانٌ يأخذ عن الكتاب وهذا الشّيخ يأخذ عن اللّه، ومثل هذا.
[الرد على أهل الضلال في زعمهم أخذ العلم عن الله بلا واسطة من وجهين]
-أحدهما: أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟ فإنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم.
-الثّاني: أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وذلك أنّه ينظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له:
اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد،
أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب،
أو ادع هذا المخلوق واستغث به مثل أن يدعو الكواكب كما يذكرونه في كتب دعوة الكواكب أو أن يدعو مخلوقًا كما يدعو الخالق سواءٌ كان المخلوق ملكًا أو نبيًّا أو شيخًا،
فإذا دعاه كما يدعو الخالق سبحانه إمّا دعاء عبادةٍ وإمّا دعاء مسألةٍ صار مشركًا به فحينئذٍ ما حصل له بهذا السّبب حصل بالشّرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج،
فكانوا يبذلون لهم هذا النّفع القليل بما اشتروه منهم من توحيدهم وإيمانهم الّذي هلكوا بزواله كالسّحر،
قال اللّه تعالى: {وما يعلّمان من أحدٍ حتّى يقولا إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر فيتعلّمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارّين به من أحدٍ إلّا بإذن اللّه ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}،
[خطر المعازف وما تفعله بالعبد فهي وسيلة لتسلط الشيطان]
هذا الضلال أيضا قد يكون سببه سماع المعازف
كما يذكر عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أنّه قال:
" اتّقوا الخمر فإنّها أمّ الخبائث؛ وإنّ رجلًا سأل امرأةً فقالت: لا أفعل حتّى تسجد لهذا الوثن، فقال: لا أشرك باللّه،
فقالت: أو تقتل هذا الصّبيّ؟ فقال: لا أقتل النّفس الّتي حرّم اللّه،
فقالت: أو تشرب هذا القدح؟ فقال هذا أهون فلمّا شرب الخمر قتل الصّبيّ وسجد للوثن وزنى بالمرأة ".

فإن أصحابها إذا سكروا وقع منهم الظلم والفواحش والشرك والقتل

[قصة لشيخ الإسلام مع جماعة من هؤلاء المدّعون للزهد]
قال شيخ الإسلام: "وكنت في أوائل عمري حضرت مع جماعةٍ من أهل الزّهد والعبادة والإرادة فكانوا من خيار أهل هذه الطّبقة، فبتنا بمكان وأرادوا أن يقيموا سماعًا وأن أحضر معهم فامتنعت من ذلك فجعلوا لي مكانًا منفردًا قعدت فيه، فلمّا سمعوا وحصل الوجد والحال صار الشّيخ الكبير يهتف بي في حال وجده ويقول: يا فلان قد جاءك نصيبٌ عظيمٌ تعال خذ نصيبك، فقلت في نفسي ثمّ أظهرته لهم لمّا اجتمعنا: أنتم في حلٍّ من هذا النّصيب فكلّ نصيبٍ لا يأتي عن طريق محمّد بن عبد اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فإنّي لا آكل منه شيئًا، وتبيّن لبعض من كان فيهم ممّن له معرفةٌ وعلمٌ أنّه كان معهم الشّياطين وكان فيهم من هو سكران بالخمر.
والّذي قلته معناه أنّ هذا النّصيب وهذه العطيّة والموهبة والحال سببها غير شرعيٍّ ليس هو طاعةً للّه ورسوله ولا شرعها الرّسول فهو مثل من يقول: تعال اشرب معنا الخمر ونحن نعطيك هذا المال، أو عظّم هذا الصّنم ونحن نولّيك هذه الولاية ونحو ذلك."

[النذر المحرم سبيل لنيل أعطيات الشيطان، ولا يجوز أن يأكل منه العبد كمن ينذر لميت أو صنم أو نجم أو شيخ]
فإذا أشرك بالنّذر فقد يعطيه الشّيطان بعض حوائجه كما تقدّم في السّحر،

وهذا بخلاف النّذر للّه تعالى
فإنّه ثبت في الصّحيحين عن ابن عمر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى عن النّذر وقال: (إنّه لا يأتي بخير وإنّما يستخرج به من البخيل)، وفي الصّحيحين عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه،
وفي روايةٍ: (فإنّ النّذر يلقي ابن آدم إلى القدر)،
ولكن إذا كان قد عقده فعليه الوفاء به كما في صحيح البخاريّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (من نذر أن يطيع اللّه فليطعه ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه).

وإنّما نهى عنه صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه لا فائدة فيه إلّا التزام ما التزمه وقد لا يرضى به فيبقى آثمًا، وإذا فعل تلك العبادات بلا نذرٍ كان خيرًا له، وأمّا ما يفعله على وجه النّذر فإنّه لا يجلب منفعةً ولا يدفع عنه مضرّةً، لكنّه كان بخيلًا فلمّا نذر لزمه ذلك فاللّه تعالى يستخرج بالنّذر من البخيل فيعطي على النّذر ما لم يكن يعطيه بدونه واللّه أعلم


والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 شعبان 1439هـ/22-04-2018م, 02:17 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

أولا: استخلاص مسائل الرسالة.
أولا: ما ورد من أحاديث في كلمة التوحيد
تحليل تلك الأحاديث و هي على قسمين:
-ما يدل على من أتى بالشهادة دخل الجنة وإن دخل النار تطهيرا
-ما يدل أن من أتى بالشهادة حرم عليه النار والمراد بالتحريم تحريم الخلود فيها أو تحريم ما سوى الدرك الأعلى من النار
مذاهب العلماء في الجمع بين الأحاديث
1-لا يتحقق مقتضى كلمة التوحيد وهو الدخول الجنة و السلامة من النار إلا بتحقيق الشروط وانتفاء الموانع
عرض الأقوال
عرض الأدلة
2-القائلون بالنسخ
ما يدل على تعليق دخول النار بمجرد قول لا اله إلا الله منسوخ بما جاء ما يدل على وجوب الإتيان بالفرائض والحدود
3-الأحاديث محكمة لكن ورد من النصوص ما يقيدها
معنى كلمة التوحيد
أن لا يكون في القلب غير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا واستعانة وخضوعا وإنابة وطلبا
-ما يقدح في تحقيق كلمة التوحيد
كل ما يحب ويطاع ويكون غاية القصد ومطلوب العبد ويوالى لأجله فهو محبوب العبد ومعبوده و إلالهه
ما تقتضيه كلمة التوحيد
-أن لا يحب مع الله سواه ومن تاما محبته محبة ما يبحه وبغض ما يبغضه وكراهية ما يكرهه
ومن تمام محبة الله محبة الرسول و تصديقه ومتابعته
-القيام بعبادة الله وتحقيق مراضيه ومراده
-أن لا يكون في القلب سوى الله محبة وتعظيما وشوا فيطرح الرياء وعبادة الهوى و عبادة الشهوة
-معنى الصدق في قول لا اله إلا الله؛وأثره على القلب
-تحقيق كلمة الصدق؛.. و الصدق في قولها لا يعنى العصمة من الذنب
-ما يعين على تحقيق كلمة التوحيد
الاستغفار من الذنوب و الخطايا
مجاهدة هوى النفس
مراقبة الله
*********
استخلاص المقاصد

المقصد الكلي
معنى كلمة التوحيد وبيان فضلها و ما تقتضيه .

المقاصد الفرعية


-معنى كلمة التوحيد
-ما ورد من الأحاديث والآثار في الكلمة الإخلاص ودلالتها
-ما تقتضيه كلمة التوحيد
-ما يقدح في تحقيق كلمة التوحيد
-ما يعين على تحقيق كلمة التوحيد
-فضل كلمة لا إله إلا الله

تلخيص

المقصد الكلي
معنى كلمة التوحيد وبيان فضلها و ما تقتضيه .
المقاصد الفرعية
معنى كلمة التوحيد
كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله محمد رسول الله" الكلمة العظيم ؛كلمة الحق و كلمة التقوى هي الفصل بين الكفر والإيمان ؛ لأجلها أرسل الرسل و أنزلت الشرائع؛ لأجلها شرع الجهاد؛ ولأجلها أعدت الجنة والنار.
لا إله إلا الله" الإله هو المألوه المعبود الذي تألهه القلوب محبة وتعظيما وخضوعا وذلة و انكسارا.
الإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة وإجلالا وحبة وخوفا و توكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له؛ ولا ينبغي ولا يصلح ذلك لغير الله؛ فمن صرف شيء من ذلك لغير الله فقد أشرك مع الله غيره ولم يحقق التوحيد الذي خلق لأجله.
فلا يكون في القلب إلا فرد واحد يفرد بالذل و الخضوع و المحبة و شدة التعلق ..
محمد رسول الله : وهو أن لا يعبد الله عزوجل إلا بما شرعه الله وأحبه ورضيه لعباده؛ولا يعرف ذلك إلا بإتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم..فكانت معنى شهادة أن محمد رسول الله الإيمان به رسولا مبعوث من رب العالمين و تصديقه فيما أخبر و إتباعه فيما أمر وترك عما عنه نهى و زجر.
ما ورد من الأحاديث والآثار في الكلمة الإخلاص ودلالتها
مما ورد من الأحاديث
عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذايتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما). أخرجهما
وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)).
و عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرمه الله على النار))
وعنه أيضا أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"{ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)).

وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.
ظاهر هذه الأحاديث أن من قال و أتى بكلمة التوحيد أنه لا يحجب عن الجنة بل يدخلها وبالمقابل يحرم عليه النار...ففيها تعليق دخول الجنة والحرمان من النار على مجرد قول كلمة التوحيد... و هل القول وحده كاف للفوز بالجنة والنجاة من النار..؟
فللعلماء مذاهب في توجيهها
-أولا: من يرى أن مقتضى قول الشهادة والإتيان بها دخول الجنة و النجاة من الخلود في النار.. ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع فكلمة التوحيد بمثابة مفتاح الجنة و لكل مفتاح أسنان فكان تحقيق الشروط بمثابة أسنان المفتاح.
-فعن معاذ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألك أهلاليمن عن مفتاح الجنة فقل: شهادة أن لا إله إلا الله)
. وشرط دخول الجنة لمن قال و أتى بالشهادة هو القيام بالأعمال الصالحة؛ امتثال الأمر و اجتناب النهي ؛كما دل عليه القران في قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}،
فإن التوبة من الشرك لا تكون إلا بالتوحيد و التوحيد لا يثبت الإخوة إلا بأداء الفرائض
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص، كما في الصحيحين عن أبي أيوبأن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم)).
والذي يدل عليه أيضا فهم السلف و عملهم فإن أبا بكر الصديق لم يمتنع من قتال مانعي الزكاة رغم قوله الشهادة إلا بأداء حقوقها وهو الإتيان بالفرائض.ووافقه على ذلك الصحابة..فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا تُرفع عمن أدّى الشهادتين مطلقا بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام فكذلك عقوبة الآخرة.
ثانيا:وذهبت طائفة أخرى من أهل العلم أن هذه الأحاديث وما كان في معناها كانت قبل نزول الفرائض والحدود. وهذا مستبعد لورود بعض الأحاديث متأخرة فبعضها كان في غزوة تبوك بعد نزول الفرائض والحدود. .ثم من هؤلاء من يقول بالنسخ؛ والذي نسخها آيات ونصوص الفرائض والحدود .
فإن كان المراد بالنسخ ؛مصطلح المتأخرين فهذا مستبعد لما تقدم.
وإن كان المراد بالنسخ ما كان معروفا عند المتقدمين وهو مطلق البيان والإيضاح ؛ فيدخل فيه التقيد المطلق وبيان المجمل و تفسير المحكم والتخصيص العام ؛ فهذا لا إشكال فيه ؛ ..فتكون آيات الفرائض والحدود تَبين بها توقف دخول الجنة والنجاة من النار على فعل الفرائض واجتناب المحارم، فصارت تلك النصوص منسوخة أي مبيَّنة مفسَّرة ونصوص الحدود والفرائض ناسخة أي مفسِّرة لمعنى تلك موضحة لها.

ثالثا :من أهل العلم من قال أن هذه الأحاديث مطلقة لكن ورد ما يقيدها في أحاديث أخر ففي بعضها: ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا))وفي بعضها: ((مستيقنا))وفي بعضها((يصدق لسانه))وفي بعضها((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)). .
وهذا بيان لأهمية عمل القلب..وضرورة تحققه لتحقيق قول "لا إله إلا الله"..وهو أن لا يأله القلب غير الله حبا وتعظيما وهيبة وإجلالا وخوفا ورجاء و توكلا وسؤالا ودعاء.. فلا يصلح ذلك كله إلا لله عزوجل ؛ فإذا انعقد القلب على ذلك انقادت الجوارح و استجابت لأمر الله عزوجل؛.. امتثالا و نهيا .فتحقق بذلك قول "لا إله إلا الله" مع القيام بشرع الله عزوجل
فهذه هي مذاهب العلماء في بيان معنى أن قول " لا إله إلا الله" تستوجب الدخول الجنة؛ مذهب النسخ وهو أضعفها ؛ ومذهب التقييد وهو أن القول كلمة الإخلاص مقيد بما انعقد عليه القلب من محبة الله وتعظيمه ؛ و مذهب الآخر أن كلمة التوحيد لها شروط لابد من تحقها و لها موانع لابد من انتفائها..
فيكون خلاصة ما تدل عليه أحاديث الباب
1- أن من قال لا إله إلا الله" فلا تحجب عنه الجنة وإن دخل النار تطهيرا من ذنوبه؛ لأن النار لا يخلد فيها موحد..وليس في هذه الأحاديث ما يدل على أنه لا يعذب على ذنوبه إن كان تستوجب النار مع التوحيد
2- أن الموحد ترحم عليه النار و المراد بحرام النار هو حرام الخلود فيها؛ أو الذي يحرم عليه هو الدرك الأسفل من النار؛ أما الدرك الأعلى فلا تحرم عليه فكثير من الموحدين يدخلون الدرك الأعلى من النار ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين.
.
-ما تقتضيه كلمة التوحيد
من علم معنى كلمة " لا إله إلا لله " وتيقن به؛ أوجب له ذلك العلم خلوص القلب من محبة سوى الله عزوجل.
.فمن تمام تحقيق وكمال التوحيد إفراد الله بالمحبة فلا يكون في القلب محبا معظما غير الله؛ فانشغل القلب بالسعي في تحقيق مراضيه و مراده
.ومن محبة الله محبة ما يحبه و بغض و كراهية ما يبغضه ويكرهه..فمن وجد في قلبه محبة ما يكره الله أو بغض ما يحبه الله فليراجع توحيده لأنه لم يكمل توحيد وصدقه في قول لا إله إلا الله؛ وقد ذم الله عزوجل من لم يقدم محاب الله و عاقبه بإحباط عمله
كما قال تعالى :{ ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه"}
وقال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.
وسئل ذو النون متى أحب ربي قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر.
وقال بشر بن السرّي: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك.
وقال أبو يعقوب النهر جوري: كل من ادّعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة.
وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده.
وإذا زاحمت محبة غير اله عزوجل محبة الله في القلب فقد صار ذلك المحبوب شريكا ؛و الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة "
"الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض)"
فمحبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة فيه من الشرك الخفي..
.فمحبة الله تطهر القلب من كل محاب سواه فتطرح الشرك والرياء و الهوى والشهوة
ومن تمام محبة الله عزوجل محبة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم وإتباعه؛ ذلك انه لا يتم تحقيق كلمة الإخلاص و شهادة التوحيد
إلا بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة محمد المبلّغ عن الله ما يحبه وما يكرهه بإتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته، ولهذا قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم}إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله}.
كما قرن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقده الله منه كما يكره أن يلقى في النار)).
ومن آثار وعلامات محبة الله عزوجل واستغراقها القلب أن الجوارح تكون تبعا لهذه المحبة وتنقاد لهافلم تنبعث الجوارح إلا إلى مراضي الرب وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة مولاها عن مرادها وهواها.
فلا ترى جوارح المحب إلا ساعية في البحث عن مراضي الله وتحققيها والآتيان بها ؛ فتكون عبوديته تبعا لمراد الله منه لا تبعا تحقيقا لمراد العبد من الله...فتحقيق مرادات الله هي هم المحب وسعيه
وقد جاء في الحديث الصحيح"{ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها))، وقد قيل إن في بعض الروايات: ((فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطشوبي يمشي}
وعن الحسن قال: ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت علىقدمي حتى أنظر على طاعة الله أو على معصيته، فإن كانت طاعة تقدمت وإن كانت معصية تأخرت. وقد جاء في الحديث: { أحبوا من كل قلوبكم}

فمن امتلأ قلبه من محبة الله لم يكن فيه شيء أفرغ من إرادات النفس والهوى .متى بقي للمحب حظ من نفسه فما بيده من المحبة إلا الدعوى، إنما المحب من يفنى عن كله ويبقى بحبيبه، ((فبي يسمع، وبي يبصر))
من تمام محبة الله عزوجل أن يبقى في شوق إلى لقاء الله عزوجل فليس شيء أحب إليه و ألذ له من لقاء الله عزوجل و النظر على وجه الكريم
كم قال بعض العارفين: أليس عجبا أن أكون بين أظهركم وفي قلبي من الاشتياق إلى ربي مثل الشعل التي لا تنطفئ.
خلاصة "لا إله إلا الله " توجب وتقتضي امتلاء القلب محبة لله عزوجل وتعظيما؛ فإذا قويت المعرفة والمحبة في قلب العبد لم يرد العبد إلا ما يريد مولاه ؛ ومن يكن شيء عنده آثر من رضاه .ولم يكن في القلب شيء أفرغ من إرادات النفس و الهوى .
ومما تقتضيه "لا إله إلا الله" الصدق في قولها كما جاء في الحديث"{ من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار}.
من صدق في قول"لا إله إلا الله"لم يحب سواه ولم يرج سواه ولم يخش أحدا إلا الله ولم يتوكل إلا على الله ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه،....فهذه الكلمة إذا صدقت طهرت القلب من كل ما سوى الله، ومتى بقي في القلب أثر سوى الله فمن قلة الصدق في قولها.

ومع هذا فلا يظن أن المحب مطالب بالعصمة، وإنما هو مطالب كلما زلّ أن يتلافى تلك الوصمة.
-ما يقدح في تحقيق كلمة التوحيد
قول العبد: "لا إله إلا الله" يقتضي أن لا إله له غير الله، والإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل... فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول "لا إله إلا الله" ونقصا في توحيده وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيهمن ذلك وهذا كله من فروع الشرك.
وهذا الشرك هو الذي يقدح في صح التوحيد أو تمامه وكماله وهما قسمان ما يخرج عن ملة الإسلام
- كإتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون.
ومنه ما هو دون ذلك والذي اصطلح عليه العلماء بتسميته كفر دون كفر
- كالرياء و الحلف بغير الله والتوكل على غير الله والاعتماد عليه.
- ومنها المعاصي التي سببها طاعة غير الله
- -تسوية بين المخلوق والخالق في المشيئة
- كل ما يقدح فيما هو محض حق لله ولم يصل إلى الكفر الأكبر..كالتفرد بالنفع والضر كالطيرة والرقى المكروهة
ومما يقدح في التوحيد أن يكون للعبد محب يحبه و يطيعه ويكون غايته ومقصوده ومطلوبه ويوالي لأجله ويعادي لأجله؛ فكون العبد عبدا وذلك الشيء معبوده وإلهه..
كما ورد إطلاق الإله على الهوى المتَّبع، قال الله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}
-وقال تعالى:{ ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}، وقال{ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}، فكن عبد الله لا عبد الهوى فإن الهوى يهوي بصاحبه في النار.
وكما سمى الله طاعة الشيطان في معصيته عبادة للشيطان، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان}.
وقال تعالى حاكيا عن خليله إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا}.
فمن لم يتحقق بعبودية الرحمن وطاعته فإنه يعبد الشيطان بطاعته له، ولم يخلص من عبادة الشيطان إلا من أخلص عبودية الرحمن. .
- وكما سمى أيضا محبة الدرهم والدينار عبادة كما ورد في الحديث :{تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار }
والله لا ينجو غدا من عذاب الله إلا من حقّق عبودية الله وحده ولم يلتفت إلى شيء من الأغيار، من علم أن معبوده الله فرْد فليفرده بالعبودية ولا يشرك بعبادة ربه أحدا..
-ما يعين على تحقيق كلمة التوحيد
-كثرة الاستغفار
مجاهدة هوى النفس
مراقبة الله عزوجل
-فضل كلمة لا إله إلا الله
فهي كلمة التقوى وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوة الحق وبراءة من الشرك ونجاة هذا الأمر ولأجلها خلق الخلق.

-ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
-ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
-ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
-وهي مفتاح الجنة ومفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
-وهي ثمن الجنة، .
-ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة.
-وهي نجاة من النار،
-وهي توجب المغفرة.
-وهي أحسن الحسنات.
-وهي تمحو الذنوب والخطايا.
-وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب.
-وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
-وكذلك ترجح بصحائف الذنوب.

-وهي التي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل.

-وهي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه.

-وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها.


-وهي أفضل ما قاله النبيون، كما ورد ذلك في دعاء يوم عرفة.

-وهي أفضل الذكر.
-وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان.
-ومن فضائلها أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
-وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.

-ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.

-ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 شعبان 1439هـ/22-04-2018م, 04:25 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

لخّص مقاصد إحدى الرسالتين التاليتين:
1: رسالة "الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية.

المقصد الرئيسي : الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية في حكمها ومعناها وأمثلتها والأثر المترتب عليها ، وردّ الشبهات في بابها .
المقاصد الفرعية :
1- المقصود بالعبادات المشروعة وأنواعها وأمثلتها .
المقصود بالعبادات هنا هي كل ما يُتقرّب بها إلى اللّه تعالى مما كان محبوبًا للّه ورسوله مرضيًّا لهما ،وهو البرّ والطّاعة والحسنات والخير والمعروف ، وتُقسّم إلى واجب و مستحبٌّ ، فالصلاة والصيام والصدقة منها االفرض ، ومنها النافلة ، وأصولها الصلاة والصيام والقراءة وهي الّتي جاء ذكرها في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ قال: بلى، قال: فلا تفعل فإنّك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النّفس، ثمّ أمره بصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، فقال إنّي أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يومٍ وفطر يومٍ، فقال: إنّي أطيق أكثر من ذلك فقال: لا أفضل من ذلك وقال: أفضل الصّيام صيام داود عليه السّلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرّ إذا لاقى، وأفضل القيام قيام داود كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأمره أن يقرأ القرآن في سبعٍ).

وفيه مسائل :
- الفرق بين ماهو مشروع من العبادات وماهو غير مشروع سواءً كان واجباً أو مستحباً وما يدخل فيه .
- ذكر أصول العبادات و الأدلة عليها .
- بيان القدر المشروع من أصول العبادات الثلاثة .

2- ذكر بعض أسباب البدعة ، وبيان حكم العبادات البدعية :
الغلو في العبادات بلا فقه من أعظم أسباب البدعة ، ومثال ذلك فرقة الخوارج ، جاء في حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى يحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
والابتداع في الدين أمر محرم دلت عليه نصوص الوحيين ، قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين} .
و قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}، وفي حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله}".
وفيه مسائل :
- الغلو في العبادات بلا فقه ، كالخوارج ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم لاجتهادهم في أصول العبادات من صلاة وصيام وذكر .
- بيان عدم جواز الخروج عن شريعة الله تعالى وأدلة ذلك .

3- ذكر بعض أجناس العبادات الغير مشروعة أوالمشروعة أصلا المبتدعة صفة و التي حدثت في المتأخرين .
& الخلوات البدعية .
وهي تشتبه بالاعتكاف الشرعي ، لكنها تفترق عنه في مشروعية الأول بأدلة من الكتاب والسنة وبدعية الثاني ، واحتج المبتدعة على جوازها بأمور لا تصح ، أجاب عنها ابن تيمية رحمه الله ، فإن الاستدلال على الصحة والمشروعية بتحنثه عليه الصلاة والسلام في غار حراء فإنّ هذا الأمر إنما كان قبل الوحي وقبل النبوة والتشريع ، أما بعده فلم يرد عنه صلى الله عليه وسلم فعله رغم تكرار ذهابه إلى مكة و حصول الفرصة في ذلك من قرب المكان و سعة الوقت لكنه لم يفعل ولم يأمر بذلك ، ولم يفعله صحابته الكرام ، و كان المشروع هو الاعتكاف في المسجد على حال مخصوصة وهي عبادة مشروعة .
وأما تعظيم أمر الخلوة أربعين يوما اقتداء بموسى عليه السلام فهذه ليست من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بل شرعت لموسى عليه السّلام كما شرع له السّبت والمسلمون لا يسبتون، وكما حرّم في شرعه أشياء لم تحرّم في شرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فهذا تَمسُّكٌ بشرع منسوخٍ وذاك تمسّكٌ بما كان قبل النّبوّة.
أما العزلة المشروعة فهي ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ ، فالأوّل كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}، ومنه قوله تعالى عن الخليل: {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا}، وقوله عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف}، وأمّا اعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه فهو مستحبٌّ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أيّ النّاس أفضل؟ قال: (رجلٌ آخذٌ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلّما سمع هيعةً طار إليها يتتبّع الموت مظانّه، ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من الشّعاب يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة ويدع النّاس إلّا من خيرٍ)
وهذا المقصد فيه مسائل :
* الرد على شبهة خلوة النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء .
* الرد على شبهة الأربعينية .
* الابتداع في الأمر بالجوع والسهر والصمت ، والرد على أدلتهم في ذلك .
* بيان أن ما يحصل لهم في الخلوات المبتدعة أحوال شيطانية ، و الاستدلال على ذلك بالشرع والعقل والحال .
* تفنيد اعتقاد عودة الموتى للدنيا جسدا أو روحا ، وإتيانهم لأصحاب الخلوات .
* بيان التخلية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم .
* بيان العزلة المشروعة .
& في الذكر .
* بيان أن الذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ ، والرد عليها .
* فضح مراد أهل البدع من الذكر المبتدع وتكراره ، وبيان الحكم في ذلك .
* الرد على القائلين بأن النبوة مكتسبة ، وأنّ مايحصل للأنبياء من العلم إنما هو من العقل الفعال .
* الرد على القائلين بأنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ و تسمية ذلك " باللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا .
* الرد على شبهة الأخذ من الله تعالى مباشرة دون الحاجة إلى واسطة نبي ، أو عالم عنه .
- أمثلة على الابتداع في تشريع عبادات مماحرمه الله وسدّ ذرائعه :
* اتخاذ القبور مساجد .

4- الطرق الشرعية لإثبات العبادات .
كلّنا نعلم أنّ جميع الأنبياء بشّروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمروا أقوامهم باتباعه ، وبعد بعثته عليه الصلاة والسلام نسخ كل الأديان قبله ، ولم يعد هناك طريق يوصل إلى الله سوى من طريقه ، ونحن مأمورون باتباع أمره واجتناب نهيه ، ومن الطرق التي يُعلم بها إثبات العبادات :
- الأمر ، وهو إما أن يكون أمر وجوب أو أمر استحباب .
- الترغيب في أمر وذكر ثوابه وفضله .
- ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التعبد .
وفيه مسائل :
- طرق التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم .
أصل الدين متابعة النبي صلى الله عليه وسلم بفعل أمره والتأسي به فيما فعله عبادة إلا ما كان من خصائصه عليه الصلاة والسلام ، أمّا الفعل الّذي لم يشرعه لنا ولا أمرنا به ولا فعله فعلًا سنّ لنا أنّ نتأسّى به فيه فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتّخاذه قربةً مخالفةٌ له صلّى اللّه عليه وسلّم، وما فعله من المباحات على غير وجه التّعبّد يجوز لنا أن نفعله مباحًا كما فعله مباحًا؛ و لا يشرع لنا أن نجعله عبادةً وقربةً على قول جمهور أهل العلم بل نتّبعه فيه؛ فإن فعله مباحًا فعلناه مباحًا وإن فعله قربةً فعلناه قربةً، ومن جعله عبادةً رأى أنّ ذلك من تمام التّأسّي به والتّشبّه به ورأى أنّ في ذلك بركةً لكونه مختصًّا به نوع اختصاصٍ .
* البيان فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الاتفاق هل يستحب قصد متابعته فيه ؟
والجمهور على عدم القصد لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقصده ، فلا يمكن المتابعة له في ذلك .
* تحريم قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكانٍ لم يقصد الأنبياء فيه الصّلاة والعبادة و إن كانوا مرّوا به ونزلوا فيه أو سكنوه ، والرد على القائلين بذلك .
* حكم إثبات مشروعية عبادة بدليل ضعيف .
* الترخيص في روايات أحاديث الفضائل ولو كان إسنادها ضعيفا إذا ثبت العمل بدليل شرعي .
* تحريم رواية المكذوب من الأحاديث .

5- أثر الابتداع في الدين على أصحابه :
_ الرغبة في السماع البدعي كالمعازف ، والرغبة عن السماع الشرعي .
_ النفور من الشرع والقرآن والعلم وأهله.
_ مكر الشياطين بهم وخداعهم وتزيين الباطل لهم .

6- الفاصل بين الخطاب الرحماني والخطاب الشيطاني وطرق التفريق بينهما .
_ ما وافق الكتاب والسنة فهو حق وما خالفهما فهو باطل .
_ ننظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به ، أو كان نذرا لغير الله ، أو فعل معاقرة فعل محرم كالفواحش و سماع المعازف وشرب الخمر ،فما يحصل له بعد ذلك حال شيطانية ولا ريب .
- ذكر بعض القصص والأحوال الشيطانية التي تحصل نتيجة الابتداع في الدين .
وخلاصة القول أنّ الطريق إلى الله في عدم الخروج عن شريعة الله ، وأنّ مخالفة ذلك ليس بطريق إليه سبحانه .
*

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 شعبان 1439هـ/22-04-2018م, 04:58 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

تلخيص مقاصد رسالة كلمة الإخلاص لابن رجب الحنبلي

🔹أولا : مسائل الرسالة :
كلمة التوحيد توجب لصاحبها الجنة وتحرم صاحبها على النار
- من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة على ما كان من عمله
- وردت نصوص مطلقة في دخول الموحد الجنة وتحريمه على النار لكنها قيدت في مواضع متفرقة

شروط التوحيد الموجب للجنة
- ينبغي في كلمة التوحيد أن تكون خالصة لله من غير شك ولا ريب
- كلمة التوحيد تقتضي دخول الجنة والنجاة من النار لمن استجمع شروطها وانتفت موانع عملها عنده . ( قول الحسن ووهب من منبه )
- من تحقيق كلمة لا إله إلا الله الإخلاص في قولها وتصديق القول بالعمل سواء كان عمل القلب أو عمل الجوارح

دخول بعض الموحدين النار
- شهادة التوحيد خالصة توجب لصاحبها الجنة لكنها لا تنفي تعذيبه في النار على بعض ذنوبه
- دخول النار للموحدين تطهير لهم ثم يخرجون منها
- لا يخلد في النار موحد
- لا ينجو إلا من لقي الله بقلب سليم
- القلب السليم هو الطاهر من المخالفات
- من يدخل النار من الموحدين هم من لزم أن يتطهروا من عدم تحقيق التوحيد
- من دخل النار من الموحدين فلقلة صدق الكلمة في قلبه

توجيه النصوص الواردة في تحريم النار على الموحدين
- ما حرم على الموحد من النار هو ما كتب على أهله الخلود فيها كالدرك الأسفل من النار
- الدرك الأعلى من النار يدخله كثير من عصاة الموحدين
- يخرج الموحدون من النار برحمة الله وشفاعة الشافعين

كلمة التوحيد لها حقوق وفروض
- كلمة التوحيد كالمفتاح للجنة والعمل الصالح له كالأسنان للمفتاح فمن جاء بالمفتاح مع أسنانه رجى أن يفتح له
- العمل الصالح مع الإيمان يدخل صاحبه الجنة
- كان رسول الله يأخذ على من أراد الدخول في الإسلام أن يشهد الشهادتين ويقيم الأركان .
- رتب رسول الله دخول الجنة على العمل الصالح مع الإيمان
- عمل القلب وتحققه بمعنى الشهادتين وعمل الجوارح بشرع الله من مقتضيات الشهادتين

تصحيح فهم من قال أن كلمة التوحيد وحدها تمنع عقوبة الدنيا
- قاتل الصديق من امتنع عن أداء الزكاة لامتناعه عن حق من حقوق كلمة التوحيد
- دلت كثير من النصوص أن الأخوة في الدين والعصمة من عقوبة الدنيا لا تكون إلا لمن وحد وأقام حقوق التوحيد من أعمال .
- عقوبة الدنيا لا ترفع عن الموحد لمجرد التوحيد
- توجيه النصوص التي وردت في أن مجرد التوحيد يمنع العقوبة في الدنيا

ما ينقص التوحيد أو يقدح فيه
- بعض الأعمال التي تقدح في التوحيد ووصفها بالكفر أو الشرك
- جاء هذا الوصف لبعض الأعمال القلبية التي لا تنبغي لغير الله فينقص من توحيد العبد بقدر ما يدخل قلبه منها
- الأعمال القادحة في التوحيد لا تخرج صاحبها من الملة إن كان مؤمنا بالشهادتين
- كل هوى متبع إله لمن اتبعه
- من أحب شيئا أطاعه ووحد قصده له فكان له كالإله المعبود
- من أطاع الشيطان وتبع هواه وعاش للدرهم والدينار كان عبدا لها
- من لم يتحقق بعبودية الرحمن كان عبدا للشيطان
- لا يتخلص من عبودية الشيطان إلا من أخلص عبوديته للرحمن
- أول من تسعر بهم النار يوم القيامة من الموحدين المرائين
- ما راءى العبد إلا لجهله بعظمة خالقه فبذل لغيره وأقام لغيره حسابا لينال خيرا عاجلا
- أهل الأهواء والشهوات بعد أهل الرياء في دخول النار من الموحدين

من كمال التوحيد إفراده تعالى بالمحبة
- من أعمال القلوب التي يستلزمها التوحيد الحب والخوف والرجاء والتوكل والإنابة
- من مقتضيات التوحيد ألا يحب سوى الله
- أن يحب ما يحبه الله ويبغض ما أبغضه من تمام المحبة
- محبة الله تستلزم محبة طاعته
- محبة الله تستلزم طاعة أوامره
- حال سحرة فرعون لما تمكنت المحبة من قلوبهم
- إذا تمكنت المحبة في القلب تبعتها الجوارح بالطاعات
- متى قويت المعرفة والمحبة لم يردصاحبها إلا مراد مولاه
- من أحب الله آثر رضاه على محابه وهواه
- لا تتم المحبة الحقة لله إلا بألا يبقى للنفس حظ عند المحب
- الله أغنى الأغنياء عن الشرك فالله غيور ولا يرضى لعباده أن يسكن قلوبهم سواه
- من حقق التوحيد والمحبة كانت في قلبه كالنار تطفى حر نار جهنم
- المحبون لله حقا يكونون مع الخلق بأبدانهم ومع الخالق بقلوبهم .
- إذا صدق التوحيد في قلب العبد طهرت القلب من سوى الله
- المحب ليس مطالبا بالعصمة ولكنه مطالبة بالأوبة بعد المعصية
- من أحبه الله يسر له التوبة وبصره بذنوبه وألهمه الأوبة منها
- المصائب واللأواء التي تصيب المؤمن وتكفر ذنوبه في الدنيا خير له من أن يلقى الله بها يوم القيامة

لا تتم شهادة التوحيد إلا بشهادة أن محمدا رسول الله
- لا تتم محبة الله إلا بمحبة رسوله وموافقته
- قرن الله بين محبته ومحبة رسوله واتباعه وطاعته
- الاسلام يقتضي الاستسلام والانقياد

دوام المراقبة من كمال المعرفة والمحبة وحسن الاتباع
- دموع الخشية والتوبة تطهر القلوب من الذنوب
- دوام استشعار العبد مراقبة الله له واطلاعه عليه يمنعه عن المعاصي
- يستعان على غض البصر بدوام مراقبة الله
- استح من الله قدر حيائك من رجل من صالح قومك

فضائل لا اله الا الله
- هي كلمة التقوى التي مدح الله الصحابة بها
- هي كلمة الإخلاص وشهادة الحق
- هي براءة من الشرك وحرز من الشيطان
- هي غاية الخلق ولأجلها أرسلت الرسل وأمرت بالجهاد ولأجلها أنزلت الكتب
- أعظم نعمة أنعم الله بها على الخلق
- لأجلها أعدت الجنة ثوابا والنار عقابا
- هي مفتاح الجنة و ثمنها ؛ تفتح لقائلها أبواب الجنة يدخل من أيها شاء
- أهل التوحيد وإن دخلوا النار بذنوبهم لكنهم لابد خارجون منها
- موجبة للمغفرة وتمحو الذنوب والخطايا
- هي أحسن الحسنات فلا يعدلها شيء في الميزان فهي ترجح بصاحئف الذنوب ولو وزنت بالسماوات والأرض رجحت بها
- تجدد الإيمان في القلب
- ليس بينها وبين الله حجاب ؛ فينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاءه
- هي الكلمة التي يصدق الله قائلها
-هي أفضل ما قاله النبيون
- وهي أفضل الذكر
- أفضل الأعمال وأكثرها مضاعفة ؛ فهي تعدل عتق الرقاب
- هي أمان من وحشة القبر و شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم

🔹ثانيا : المقاصد الفرعية
1- ذكر ما ورد من الأحاديث في أن كلمة التوحيد توجب الجنة وتحرم النار على قائلها
2- التوفيق بين ما ورد من النصوص بأن مجرد النطق بالشهادتين موجب للجنة ومحرم على النار وبين النصوص التي قيدت ذلك بعمل القلب أو الجوارح .
3- بيان أن كلمة التوحيد سبب لدخول الجنة لابد من تحقق شروطها وانتفاء موانعها لتحقق مقتضاها
4- بيان حقوق كلمة التوحيد وشروطها
5- بيان ما ينقص التوحيد أو يقدح فيه
6- بيان ما ورد في ترتب دخول الجنة على العمل الصالح
7- بيان أن الموحد العاصي قد يعذب في النار بذنوبه ولكن لا يخلد في النار موحد
8- بيان أن كلمة التوحيد لا تمنع عقوبة الدنيا عن قائلها مطلقا
9- بيان أن صدق التوحيد يستلزم صدق المحبة وصدق المحبة تستلزم صدق الاتباع وحسن الاتباع يقتضي دوام المراقبة
10- بيان أن من اتبع هواه أو شيطانه كان له عبدا
11- بيان أن من مستلزمات ( لا إله إلا الله ) شهادة أن محمدا رسول الله واتباعه
11- بيان فضائل لا إله إلا الله وأنها أحسن الأعمال وأحبها إلى الله

🔹ثالثا : المقصد العام
بيان معنى كلمة التوحيد ومقتضياتها وفضائلها وكيفية تحققها

🔷 رابعا : تلخيص المقاصد
كلمة التوحيد توجب لصاحبها الجنة
بينت كثير من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله أن من قال الشهادتين أو وحد الله لم يشرك به دخل الجنة وحرم على النار ... ومن ذلك :
- روى مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) فبين الحديث أن من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة على ما كان من عمله

- وقد ورد في الصحيحين من حديث أنس بن مالك عن معاذ بن جبل أن رسول الله قال له : ( ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا ؟ قال ( إذن يتكلوا )، فأخبر بها معاذ عند موته تأثما .
وفي الحديثين روى عبادة ومعاذ الحديث عند موتهما خوفا من كتمان العلم لخوفهم من اتكال الناس .

▪ ورود بعض النصوص في أن قول الشهادتين مطلقا موجب للجنة وبعضها قيدها
- ومما ورد أن نطق الشهادتين موجب للجنة مطلقا
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.

- ومما قيدت به الشهادتان اللتان توجبان الجنة وتحرمان النار :
- ما روي في الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)). فجعل ابتغاء رضوان الله قيدا للشهادتين
- وكذلك ما روي في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أو أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال : ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة ) فقيده بعدم الشك

هل مجرد النطق بالشهادتين توجب الجنة وتحرم النار ؟
- وردت نصوص كثيرة توجب الجنة لمن نطق بالشهادتين وأخرى تحرم قائلها على النار
- تضافرت النصوص على أن النار لا يخلد فيها موحد ، والجنة يدخلها كل موحد
- حاول السلف توجيه ما ورد من الأحاديث في إيجاب الجنة وتحريم النار لمجرد النطق بالشهادتين ، والتوفيق بينها وما قيدته أحاديث أخر باشتراط العمل الصالح مع التوحيد .
وأظهر ما قيل في بيان ذلك وتوجيهه قول الحسن ووهب بن منبه إذ بينا أن كلمة التوحيد سبب لدخول الجنة والنجاة من النار لمن استجمع شروطها وانتفت موانع عملها عنده .
- دخول الجنة للموحدين يعني دخولها بعد تطهيرهم من ذنوبهم
- شهادة التوحيد الخالصة توجب لصاحبها الجنة لكنها لا تنفي تعذيبه في النار على بعض ذنوبه
- من كان ارتكب المخالفات لا بد أن يتطهر منها قبل أن يدخل الجنة لأن الجنة لايدخلها إلا طاهر من الآفات والمخالفات
لقوله تعالى ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )
- القلب السليم هو الطاهر من المخالفات والذنوب
- من خالط توحيده وكدره شيء من المخالفات طهر منها قبل دخول الجنة
- لا يمنع الذنب مع الإيمان دخول الجنة
- دموع الخشية والتوبة تطهر القلوب من الذنوب وتذيب قساوة القلب ليصير قلبا سليما .

شروط التوحيد الموجب للجنة
- ينبغي في كلمة التوحيد الموجبة للجنة والمحرمة على النار أن تكون خالصة لله تعالى ويبتغى بها وجه الله لا غيره ، ولا خوفا من حصول مكروه أو فوات مطلوب بالامتناع عن قولها كما ورد في الحديث المذكور ( يبتغي بذلك وجه الله )

- ينبغي فيمن قال كلمة التوحيد أن يقولها يقينا متحققا صدقها موقنا بها من غير شك ولا ريب كما ورد في الحديث ( غير شاك فيهما )
فمن كان شهادته خالصة لله موقنا بها رجي له أن يكون من أهل الجنة .

- قد يتخلف حصول المقتضى ( وهو هنا دخول الجنة ) لتخلف شروط حدوثه أو وجود موانعه ، حيث بين الحسن كما ذكر أن لا إله إلا الله سبب لدخول الجنة لمن استكمل شروطها وانتفت عنده موانعها ... فمن لم يستكملها لم يستوجب مقتضاها .

- قال الحسن للفرزدق حين أخبره أن عدته ليوم الرحيل ( لا إله إلا الله ) قال : نعم العدة ، ولكن ل( لا إله إلا الله ) شروطا فإياك وقذف المحصنة
- وقيل للحسن: إن أناسا يقولون: من قال: "لا إله إلا الله" دخل الجنة، فقال: من قال: "لا إله إلا الله" فأدّى حقها وفرضها دخل الجنة.


حقوق كلمة التوحيد
- كلمة التوحيد لها حقوق وفروض فهي ليست مجرد كلمة تقال وألفاظ تنطق ولا بد ممن قالها أن يعي ما يترتب على قولها حتى يحققه
- كان رسول الله يأخذ على من أراد الدخول في الإسلام أن يشهد الشهادتين ويقيم الأركان وحديثه في بيعة بشير بن الخصاصية واضح في ذلك حيث قال : قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أؤدي الزكاة وأن أحج حجة الإسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت: يا رسول الله أما اثنتين فوالله لا أطيقهما الجهاد والصدقة، فإنهم زعموا أنه من ولّى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف إن حضرت تلك جشمت نفسي وكرهت الموت، والصدقة فوالله ما لي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهن، قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حركها ثم قال: ((فلا جهاد ولا صدقة فبم تدخل الجنة إذا؟)) قلت: يا رسول الله أبايعك فبايعته عليهن كلهن)،

- ما ورد عن رسول الله من أن مجرد النطق بهما يوجب الجنة والموت عليهما محمول على أن القول هو قول اليقين الذي يصدقه العمل ، وهذا وإن كان يوجب الجنة لقائلها لكنه لم يحرم عليه النار بتركه أو تقصيره في الفعل والعمل .

- قاتل الصديق من امتنع عن أداء الزكاة لامتناعه عن حق من حقوق كلمة التوحيد
- عمل القلب وتحققه بمعنى الشهادتين وعمل الجوارح بشرع الله من حقوق كلمة التوحيد

ترتيب دخول الجنة على العمل الصالح
- كلمة التوحيد كالمفتاح للجنة والعمل الصالح له كالأسنان للمفتاح فمن جاء بالمفتاح مع أسنانه رجى أن يفتح له
وقال وهب بن منبه لمن سأله أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك.


- العمل الصالح مع الإيمان يدخل صاحبه الجنة وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة نصوص أن بعض الأعمال شرط في دخول الجنة مع حصول التوحيد والصلاة الصيام وغيرها .

- رتب رسول الله دخول الجنة على العمل الصالح مع الإيمان
فقد سئل كثيرا عن أعمال تدخل الجنة فجمع فيها بين النطق بالشهادتين والعمل بالأركان .
: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ))

كلمة التوحيد تحرم صاحبها على النار
- حمل البعض تحريم النار على الموحد بتحريم الخلود فيها وإلا فإن من عصاة الموحدين من يعذب بالنار
- وحمله البعض على أن ما حرم على الموحد من النار هو ما كتب على أهله الخلود فيها كالدرك الأسفل من النار
- أما الدرك الأعلى من النار يدخله كثير من عصاة الموحدين
- و دخول النار للموحدين تطهير لهم من عدم تحقيقهم التوحيد ثم يخرجون منها
- من دخل النار من الموحدين فلقلة صدقها ( أي كلمة التوحيد ) في قلبه ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم ( من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار )
- يخرج الموحدون من النار برحمة الله وشفاعة الشافعين
فقد روي في الصحيحين: (إن الله تعالى يقول وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله)
- لا يخلد في النار موحد خالص في توحيده .

تصحيح فهم من قال أن كلمة التوحيد وحدها تمنع عقوبة الدنيا والآخرة عن قائلها .
- فهم بعض الصحابة أن من أتى بمجرد الشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل التاس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله )
- بينما فهم الصديق أن ذلك الامتناع لمن أتى بهما على وجههما وحقق حقوقهما لقوله عليه السلام ( فإن فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقها ) وقال تعالى ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) ؛ ثم إن الله شرح صدر عمر والصحابة معه لما رأى أبو بكر وعلموا أنه الصواب .

- دل فعل أبي بكر في قتال مانعي الزكاة أن العصمة من عقوبة الدنيا لا تكون إلا لمن وحد وأقام حقوق التوحيد من أعمال ؛ وأن عقوبة الدنيا لا ترفع عن الموحد مطلقا بل يعاقب إن أخل بحق من حقوقها .

- دل قوله تعالى ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) على أن أخوة الدين تثبت بأداء الفروض مع التوحيد.
فلا يكفي مجرد التوحيد لإحقاق معنى الأخوة .

- ذهب الزهري والثوري وغيرهما أن النصوص التي أطلقت القول بأن مجرد الشهادتين يعصم من عقوبة الدنيا كان قبل نزول الفرائض والحدود
و هذا القول مردود لكون بعض هذه الأحاديث جاءت في وقت متأخر في المدينة كحديث غزوة تبوك في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم

- وقال الثوري وغيره أن هذه الأحاديث نسخت بآيات الحدود ونسخت هنا حسب اصطلاح المتقدمين أي بينت وفسرت ، فالأحاديث جاءت بالإطلاق ، وآيات الحدود والفرائض بينت أن دخول الجنة والنجاة من عقوبة الدنيا والآخرة متوقف على أداء الفروض واجتناب المحارم .

- وقالت طائفة أن الأحاديث المطلقة قيدتها نصوص أخرى في بيان شرائط التوحيد الذي يعصم صاحبه من العقوبة ( من قال لا إله إلا الله مخلصا ) أو ( مستيقنا) أو ( يقولها من قلبه حقا ) أو ( ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه ) فهذه القيود قيدت المطلق ، فهو محكم لكن جاء ما قيد إطلاقه .

بم يتحقق التوحيد وبم ينقص
- من تحقيق كلمة لا إله إلا الله الإخلاص في قولها وتصديق القول بالعمل سواء كان عمل القلب أو عمل الجوارح
- يتحقق التوحيد بأن يفقه العبد أن قوله ( لا إله إلا الله ) ينفي به وجود إله معبود له سوى الله .
- من أدرك معنى الإله المعبود علم أن ذلك يستلزم منه طاعة إلهه وتوحيده بالخوف والرجاء والإنابة والتوكل والدعاء .
- ينقص توحيد العبد بقدر نقصه في شيء من أعمال القلوب التي هي من خصائص الألوهية ، فخوفه من المخلوق قادح في توحيده منقص له ، وكذلك توكله على الأسباب أو دعاؤه ورجاؤه غير الله .

بعض الأعمال القادحة للتوحيد والتي وصفت بالكفر أو الشرك
- أطلق الشرك على معاص منشؤها طاعة غير الله وخوف غيره أو رجاء هذا الغير أوالتوكل عليه أو مراءاته .
- من الأعمال التي تقدح في التوحيد ووصف صاحبها بالكفر أو الشرك الحلف بغير الله والرياء والتوكل على غيره سبحانه والتسوية بين الله والمخلوقين في المشيئة ، واعتقاد النفع والضر من غير الله منا يجر إلى التطير والرقى المكروهة .
- اتباع هوى النفس فيما نهى الله عنه كذلك قادح في التوحيد وأطلق على بعض ذنوب الهوى كفر وشرك ؛ كقتال المسلم أو شرب الخمر بعد أن حد ثلاثا ...
- الأعمال القادحة في التوحيد لا تخرج صاحبها من الملة إن كان موقنا بالشهادتين بل هي كما قالوا كفر دون كفر وشرك دون شرك
- أول من تسعر بهم النار يوم القيامة من الموحدين المراؤون بأعمالهم مهما بلغ شأنها ، فقد ورد أن العالم والمجاهد والمتصدق رياء هم أول من اسعر بهم النار
- ما راءى العبد إلا لجهله بعظمة خالقه فبذل لغيره وأقام لغيره حسابا لينال خيرا عاجلا
- أهل الأهواء والشهوات بعد أهل الرياء في دخول النار من الموحدين

من أحب شيئا أطاعه وألهه
- كل هوى متبع إله لمن اتبعه ؛ قال تعالى ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) فكلما هوى شيئا أو اشتهاه أتاه وفعله دون نظر إلى هدى . فمن أحب شيئاو أطاعه ووحد قصده له كان له كالعبد ؛ فمن أطاع الشيطان وتبع هواه وعاش للدرهم والدينار كان عبدا لها
- من أخطر ما ينقض التوحيد اتباع الهوى فمن آثر هواه ودنياه على دينه صار له عبدا ؛ والهوى لا يقود إلى خير .
- من لم يتحقق بعبودية الرحمن كان عبدا للشيطان ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان ) فجعل طاعته عبادته
- لا يتخلص من عبودية الشيطان إلا من أخلص عبوديته للرحمن فكان ممن قال فيهم ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )
- من نطق بالشهادتين ثم أطاع الشيطان فقد كذب فعله قوله بمقدار ما عصى الله وأطاع الشيطان

من كمال توحيد الله إفراده بالمحبة
- من علم أن الله لا إله إلا هو وقالها موقنا بها مدركا معناها أفرده وحده بالعبودية ولم يشرك به
- من مقتضيات لا إله إلا الله إفراده وحده بالحب والخوف والرجاء
فهذه من ن أعمال القلوب التي يستلزمها التوحيد
- من تمام توحيد الله بالمحبة أن يحب ما يحبه الله ويبغض ما أبغضه
- من أحب شيئا يكرهه الله أو كره ما يحبه الله كان ذلك نقصا في توحيده ؛ قال تعالى ( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم )
قال بشر بن السري : ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك
- محبة الله تستلزم محبة طاعته
قال الحسن : اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته
- محبة الله تستلزم طاعة أوامره ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) فمن ادعى المحبة فليعرض نفسه على هذه الآية
قال أبو يعقوب : كل من ادعى المحبة ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة
- إذا تمكنت المحبة في القلب تبعتها الجوارح بالطاعات إذ القلب ملك والجوارح له تبع ، فلا تملك مخالفته .
- لما تمكنت محبة الله وتوحيده من سحرة فرعون سجدوا لله خضوعا ووقفوا بوجه عدوه عزا وقالوا ( لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) فهان عليهم كل وعيد توعدهم بهم وكل عذاب علموا أنهم ملاقوه منه مقابل ما طاقوا من حلاوة التوحيد وغمرت المحبة قلوبهم حتى فاضت على الجوارح يقينا وصدقا وصبرا
- إذا اطمأنت النفس بإرادة مولاها وانبعثت الجوارح لطاعته تمكنت من عبادة الله لمراده منك لا لمرادك منه
- متى قويت المعرفة والمحبة لم يردصاحبها إلا مراد مولاه
- من أحب الله آثر رضاه
- من امتلأ قلبه لله حبا قدم محاب الله ورضاه على محابه وهواه
- لا تتم المحبة الحقة لله إلا بألا يبقى للنفس حظ عند المحب
- من حقق المحبة الحقة وصارت جوارحه لا تنبعث إلا بمراد مولاه حقق قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ( كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها )
- الله أغنى الأغنياء عن الشرك فالله غيور ولا يرضى لعباده أن يسكن قلوبهم سواه
- من حقق التوحيد والمحبة كانت في قلبه كالنار تطفى حر نار جهنم ، عن جابر عن رسول الله قال : ( لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم )
- المحبون لله حقا يكونون مع الخلق بأبدانهم ومع الخالق بقلوبهم وأرواحهم
- المحب ليس مطالبا بالعصمة ولكنه مطالبة بالأوبة بعد المعصية
- من أحب الله حقا وأحبه الله يسر الله له التوبة بعد الزلة وبصره بذنوبه وألهمه الأوبة منها
-إذا أحب الله عبده ابتلاه في الدنيا ليطهره ويكفر عنه ، فكل ما يصيب المؤمن من المصائب واللأواء تكفر ذنوبه في الدنيا وذلك خير له من أن يلقى الله بها يوم القيامة

شهادة أن محمدا رسول الله من مستلزمات شهادة التوحيد
- لا تتم شهادة التوحيد إلا بشهادة أن محمدا رسول الله
- لا تتم محبة الله إلا بمحبة رسوله وموافقته
- من ادعى توحيد الله ومحبته فلابد أن يحب ما أحب الله وهذا يستلزم محبة رسوله وتصديقه ومتابعته
- قرن الله بين محبته ومحبة رسوله واتباعه وطاعته ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
- لا يجد حلاوة الإيمان إلا من كان حبه لله ولرسوله مقدما على غيره من المحاب كلها ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما )
- الاسلام المتضمن للشهادتين يقتضي الاستسلام والانقياد

من صدق التوحيد وحسن الاتباع دوام المراقبة
- كلما قوي التوحيد قويت المعرفة ، وكلما قويت المعرفة قويت المحبة ، وكلما قوي ذلك قوي الحياء من نظر الله ومراقبته
- من كان صادقا في توحيده كان دائم الاستشعار لمراقبة الله له ، ومن داوم استشعار مراقبة الله له واطلاعه عليه منعه ذلك عن المعاصي ( ألم يعلم بأن الله يرى )
- يستعان على غض البصر بدوام مراقبة الله
قال الجنيد وقد سئل بم يستعان على غض البصر قال : بعلمك أن نظره إليك أسبق من نظرك إليه .
- قالوا استح من الله قدر حيائك من رجل من صالح قومك

من فضائل كلمة التوحيد ( لا اله الا الله )
🔺هي أفضل الكلمات والأقوال :
- فهي أفضل ما قاله النبيون
فقد ورد في دعاء يوم عرفة : خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ) الحديث

- وهي أفضل الذكر
كما في حديث جابر المرفوع: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله))، وعن ابن عباس: أحب كلمة إلى الله لا إله إلا الله لا يقبل الله عملا إلا بها.

- و هي كلمة التقوى كما قال بعض الصحابة ( وألزمهم كلمة التقوى ) ،
- وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق
- و هي الكلمة التي يصدق الله قائلها
عن أبي هريرة وأبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا قال العبد ( لا إله إلا الله والله أكبر ) صدقه ربه وقال ( لا إله إلا أنا وأنا أكبر )
- ليس بينها وبين الله حجاب فينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاءه
وهي التي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل.
وفي الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه)).
وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر)).

🔺أفضل الأعمال وأحسن الحسنات
- قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كلمني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: ((إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها)) قلت: يا رسول الله "لا إله إلا الله" من الحسنات؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)).
- وأفضل الأعمال وأكثرها مضاعفة
- فلا يعدلها شيء في الميزان ولو وزنت بالسماوات والأرض رجحت بها
- و تعدل عتق الرقاب
وكما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحي عنه مائة سيئة ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
وفيهما أيضا عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)).

🔺هي أعظم النعم
- أعظم نعمة أنعم الله بها على الخلق
وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون}، وهذه الآية أول ما عدّد الله على عباده من النعم في سورة آية النعم التي تسمى النحل، ولهذا قال ابن عيينة: ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم "لا إله إلا الله" وإن "لا إله إلا الله" لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا.

🔺 غاية الخلق وإرسال الرسل
- هي غاية الخلق
كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

- ولأجلها أرسلت الرسل وأمرت بالجهاد ولأجلها أنزلت الكتب
كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.

🔺توجب لصاحبها المغفرة ودخول الجنة وتحرم عليه الخلود في النار
- فلأجلها أعدت الجنة ثوابا والنار عقابا
- هي مفتاح الجنة وثمنها ، فمن قام بها دخل الجنة
- تفتح لقائلها أبواب الجنة يدخل من أيها شاء
ففي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)).

- وهي توجب المغفرة.
ففي المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما: ((ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله)) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: ((الحمد لله اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني بها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد)) ثم قال: ((أبشروا فإن الله قد غفر لكم)).

- وهي تمحو الذنوب والخطايا.
وفي سنن ابن ماجه عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل)).

- وأهل التوحيد وإن دخلوا النار بذنوبهم لكنهم لابد خارجون منها
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)).

🔺 واقية من الشيطان
- هي براءة من الشرك
- وحرز من الشيطان

🔺 تجدد الإيمان في القلب وتطهره
وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله").

-إذا صدق التوحيد في قلب العبد طهرت القلب من سوى الله

🔺 علامة للمؤمن يوم القيامة وأنس له
- أمان من وحشة القبر
كما في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله قد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن))

- شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم .
قال النضر بن عربي: بلغني أن الناس إذا قاموا من قبورهم كان شعارهم لا إله إلا الله، وقد خرج الطبراني حديثا مرفوعا: ((إن شعار هذه الأمة على الصراط لا إله إلا أنت)).

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 شعبان 1439هـ/22-04-2018م, 06:30 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

أعتذر بشدة
لم استطع اكمال الواجب
لعل الله ييسر لي اتمامه لاحقا
أكرر اعتذاري

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 شعبان 1439هـ/24-04-2018م, 05:37 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم التطبيق الأول من تطبيقات دورة أصول القراءة العلمية
(درجة التطبيق: 40 درجة)



أولا: رسالة الفرق بين العبادات الشرعية والبدعية.
1: علاء عبد الفتاح ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- أوصيك بالعناية أكثر بصياغة عناوين المسائل والمقاصد، وأن تكون مختصرة مركّزة قدر المستطاع ومعبّرة في الوقت ذاته عما يراد بها، فلا يطول العنوان أكثر من اللازم ولا يختصر اختصارا مخلّا، فمثلا مسألة "مقدّمة" يجب أن يبيّن العنوان في أي شيء موضوع هذه المقدّمة، فنقول: "مقدّمة في بيان كذا وكذا".

- وقد أحسنت استخلاص المسائل بدرجة كبيرة، مع التنبيه على أن طائفة كبيرة من مسائل الرسالة تدور حول مقصد مهمّ ذكره ابن تيمية رحمه الله وهو التنبيه على جنس من العبادات البدعيّة وهي الخلوات البدعيّة وما فيها من العبادات البدعيّة سواء ما كان جنسها غير مشروع أو كان جنسها مشروعا ولكن غير مقدّر.
ويدخل تحت هذا المقصد عدّة مسائل أهمّها: أصل هذه العبادة ومقصد أصحابها منها ووقتها ومكانها وأجناس العبادات التي تكون فيها، فكان من المهمّ الحفاظ على هذا التصنيف وعدم تفريقه.
وبعد استخلاص المسائل عموما يعاد النظر فيها، فقد تتكرّر بعض المسائل، أو يظهر لنا إمكانية الاستغناء عن بعضها.

وأخيرا ينظر في ترتيبها ويحدّد أليق المقاصد بكل مسألة فنلحقها به، وقد ألحقت بعض المسائل بمقاصد ليست مناسبة، كإلحاقك المسائل الخاصّة بحكم متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما فعله اتّفاقا أو ما فعله من المباحات ضمن مقصد "بيان النوع الأول من البدع"، والأولى أن تكون ضمن مقصد آخر يتعلّق بوجوب الاتّباع.

- بعض المقاصد الفرعيّة يمكن دمجها، كالمقاصد الثلاثة الأولى يمكن أن يضمّها عنوان واحد، أيضا المقصدين الرابع والخامس يمكن ضمّهما تحت مقصد واحد.

- وقد أحسنت استخراج المقصد الكلّي، وتطبيقك يدلّ على الجهد المبذول في فهم الرسالة وتلخيص مقاصدها، وا
جتهد أن يكون التلخيص أكثر اختصارا، وليس شرطا التزام كلام ابن تيمية بنصّه.


2: سارة المشري
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأرجو منك استكمال التطبيق والتزام الترتيب المذكور أعلاه في إرشادات الحلّ، لأنك أدخلتِ التلخيص في استخلاص المسائل، فحصل أن لُخّص بعضها وفات البعض الآخر.
وانتبهي أن ابن تيمية -رحمه الله- نقد الخلوات البدعيّة من عدة محاور، أصلها ووقتها ومكانها وأجناس العبادات فيها، ولكنك فصلتِ بينها، فجعلتِ مثلا الخلوات البدعيّة شيئا والذكر البدعيّ شيئا منفصلا، رغم أن ابن تيمية تكلّم عن هذا الذكر البدعيّ ضمن نقد هذه الخلوات.




ثانيا: رسالة كلمة الإخلاص.
المتأمّل في رسالة ابن رجب -رحمه الله- يجد أن مقصده الرئيس من رسالته توضيح معنى الأحاديث الدالّة على تحريم الموحّدين على النار مطلقا، وتأمّلوا كلامه في نهايات رسالته:
"إذا فهمتم هذا المعنى فهمتم معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرّمه الله على النار)، فأما من دخل النار من أهل هذه الكلمة فلقلّة صدقه في قولها".
وهذا لا يتعارض مع صياغة المقصد الكلّي بعبارة وافية جامعة للمقاصد الفرعيّة، ولكن أردنا التنبيه على دقّة مقصده رحمه الله، فإنه لما بيّن فضل هذه الكلمة في تحريم صاحبها على النار وبيّن المعنى الصحيح للتحريم شرع في بيان شرطها وهو الصدق، وبيّن ما ينافي هذا الصدق مما يستوجب دخول النار مدّة من الزمن قبل دخول الجنة.

ومقاصد هذه الرسالة يمكن جمعها في خمسة مقاصد تقريبا وهي:
1: بيان أن "لا إله إلا الله" تقتضي دخول صاحبها الجنة وتحريمه على النار وأن لها شروطا.
2: بيان أن تحقيق شهادة التوحيد يستلزم تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله.

3: بيان أن الذنوب والمعاصي مناقضة لإخلاص شهادة التوحيد ومانعة من تحقّق مقتضاها من دخول الجنة والتحريم على النار.
4: بيان ما يجب على الموحّد إذا قارف شيئا من الذنوب والمعاصي، وبيان عناية الله بأهل التوحيد.
5: بيان فضائل "لا إله إلا الله".
وأرجو أن يكون كل مقصد دالّا على ما يشمله من مسائل.


3: نورة الأمير د

بارك الله فيك ونفع بك.

- لم تستخلصي مسائل الرسالة.
- المقاصد قليلة، وأول مقصدين موضوعهما واحد، وفاتتك مقاصد أخرى مهمّة، فأرجو مراجعة المقاصد المذكورة أعلاه للفائدة.

- التلخيص يجب أن يكون مختصرا، وكما بيّنا في إرشادات الحلّ أن التلخيص ليس معناه نسخ فقرات كبيرة من الرسالة ووضع عناوين لها، لأن ذلك يفوّت مسائل دقيقة ومهمة، وغالب تلخيصك يدور حول المقصد الأول وهو الأدلّة على أن "لا إله إلا الله" تدخل صاحبها الجنة وتحرّمه على النار، وفات الكثير مما يتعلّق بشروط "لا إله إلا الله" وأن الذنوب والمعاصي مما يقدح في إخلاصها.
تصويب: قول الحسن ووهب بن منبّه أن "لا إله إلا الله" سبب ومقتض لدخول الجنة لكنه لا يعمل إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، وليس أنهم حملوا التحريم على الخلود في النار.
ويمكنك إعادة التطبيق للفائدة وتحسين الدرجة، وفقك الله.


4: عقيلة زيان ب

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وقد أحسنت استخلاص المقصد الرئيس، وكذلك المقاصد الفرعيّة جيّدة بنسبة كبيرة، وأرجو مراجعة المقاصد المذكورة أعلاه.
- الصحيح في معنى التحريم على النار أن "لا إله إلا الله" سبب ومقتض لدخول الجنة لكنه لا يعمل إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، وهذه الشروط ذكرت في نصوص أخرى، فكانت مقيّدة لتلك النصوص المطلقة، وليس المراد بالتحريم الخلود في النار بل كلمة الشهادة ضامنة للتحريم المطلق على النار.
والتلخيص طويل جدا، ويجمع فقرات كاملة من الرسالة، وليس هذا هو المقصود، فأرجو مراجعة الأمثلة المذكورة في الدرس التاسع والاجتهاد في محاكاتها.
وقد فاتك تلخيص مسائل في أواخر الرسالة، أما آخر مقصد فلابد من ذكر الأدلّة على هذه الأقوال.


5: هناء محمد علي ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- انتبهي للفرق بين المسائل ولاحظي التشابه والاختلاف، فمثلا قولك: "كلمة التوحيد كالمفتاح للجنة والعمل الصالح له كالأسنان للمفتاح فمن جاء بالمفتاح مع أسنانه رجى أن يفتح له - العمل الصالح مع الإيمان يدخل صاحبه الجنة" فهنا يوجد تكرار، ولو جئتِ تلخّصين المسألتين لما وجدتِ خلافا.
وأوصيك بالعناية أكثر بصياغة عناوين المسائل والمقاصد، وأن تكون مختصرة مركّزة قدر المستطاع ومعبّرة في الوقت ذاته عما يراد بها، فلا يطول العنوان أكثر من اللازم ولا يختصر اختصارا مخلّا
وقد لاحظت بعض الخلاف بين عناوين المسائل المستخلصة فقط وبين المسائل الملخّصة.
- وكذلك انتبهي للفرق بين المسائل والمقاصد، فقولك: "
تصحيح فهم من قال إن كلمة التوحيد وحدها تمنع عقوبة الدنيا" ليس مقصدا لذاته، إنما استدلّ ابن رجب بمحاربة الصدّيق -رضي الله عنه- لمانعي الزكاة على أن لـ "لا إله إلا الله" شروطا، وأن من لم يستكملها يكون مستحقّا للعقوبة في الدنيا ففي الآخرة أولى، فهذه مسألة تندرج تحت مقصد الاستدلال على شروط "لا إله إلا الله".
وكذلك "ترتّب دخول الجنة على العمل الصالح" إنما سيق للاستدلال على شروطها.

- المقاصد الفرعيّة كثيرة جدا، ويمكن اختصارها أكثر من ذلك، وأرجو أن تفيدك المقاصد المذكورة أعلاه.
- أصحّ الأقوال في معنى الأحاديث في تحريم الموحّدين على النار أنه تحريم تامّ على حقيقته لكنه مشروط، وقد وردت شروطه في نصوص أخرى، وليس المقصود تحريم الخلود فيها ونحوه.

وأقوال العلماء في حلّ الإشكال بين النصوص المطلقة التي ورد فيها تحريم الموحّد مطلقا على النار، وبين النصوص التي فيها دخول بعض عصاة الموحّدين النار أربعة:
1: أن التحريم يراد به تحريم الخلود في النار، أو الخلود في نار يخلد أهلها فيها وهي ما عدا الدرك الأعلى.
2: أن لـ "لا إله إلا الله" شروطا بتحقّقها يتحقّق مقتضاها وهو التحريم المطلق على النار، وبتخلّفها يتخلّف المقتضى فيعذّب الموحّد في النار فترة قبل دخول الجنة.
3: أن النصوص المطلقة نزلت قبل الفرائض، فتكون الفرائض قد أثبتت الشروط، فمنهم من قال هي منسوخة بالفرائض، ومنهم من قال هي محكمة ولكن ضمّ إليها شرائط.
4: أن النصوص المطلقة وردت مقيّدة في نصوص أخر.

رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 شعبان 1439هـ/26-04-2018م, 11:03 PM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

لخّص مقاصد إحدى الرسالتين التاليتين:
رسالة "الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية.


المقاصد الفرعية :
1- أهمية الموضوع وسبب اختياره .

2- المقصود بالعبادات الشرعية وأنواعها وأمثلتها والقدر المشروع منها :
وفيه مسائل :
- معنى العبادات الشرعية ، وأنواعها ، وأمثلة عليها .
- الفرق بين ماهو مشروع من العبادات وما هو غير مشروع سواءً كان واجباً أو مستحباً وما يدخل فيه .
- ذكر أصول العبادات والأدلة عليها .
- بيان القدر المشروع من أصول العبادات الثلاث .
3- ذكر بعض أسباب البدعة ، وبيان حكم العبادات البدعية .
وفيه مسائل :
- الغلو في العبادات بلا فقه ، ومثال الخوارج عليه .
- بيان حكم الابتداع في الدين ، وأدلته .
4- التنبيه على جنسٍ من العبادات البدعية وهي " الخلوات البدعية " وما يحصل فيها من العبادات البدعية إمّا الّتي جنسها مشروعٌ ولكن غير مقدّرةٍ، وإمّا ما كان جنسه غير مشروعٍ .
وفيه مسائل :
- حكم الخلوات البدعية .
- الفرق بين الخلوات البدعية وبين الاعتكاف .
- ذكر الشبهات فيها والجواب عليها .
* الردّ على شبهة خلوة النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء .
* الرد على شبهة الأربعينية .
- ذكر أمور مبتدعة تحصل مع الخلوة .
* الابتداع في الأمرِ بالجوع والسهر والصمت ، والرد على أدلتهم في ذلك .
* البدع في الذكر ، وبيان أن الذكر بالاسم المفرد مظهراً ومضمراً بدعة ، والرد عليها .
* فضح مراد أهل البدع من الذكر المبتدع وتكراره ، وبيان الحكم في ذلك .
* الرد على بدعة تفريغ القلب ، وبيان أصلها .
- الرد على القائلين بأن النبوة مكتسبة ، وأنّ ما يحصل للأنبياء من العلم إنّما هو من العقل الفعّال .
- الردّ على القائلين بأن العلم منقوشٌ في النفس الفلكية ؛ وتسمية ذلك " باللوح المحفوظ " تبعاً لابن سينا .
- الردّ على شبهة الأخذ من الله تعالى مباشرة دون الحاجة إلى واسطة نبي أو عالم .
* الأحوال الحاصلة لهم وبيان أنّها أحوال شيطانية ، والاستدلال على ذلك بالشرع والعقل والحال .
* شبهة إتيان الموتى لأصحاب الخلوات ، وتفنيد اعتقاد عودة الموتى للدنيا جسداً أو روحاً .
- الابتداع في تشريع عبادات ممّا حرّمه الله وسدّ ذرائعه ، اتخاذ القبور مساجد مثالا على ذلك .
- بيان التخلية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم .
_ بيان العزلة المشروعة .
5- الطرق الشرعية لإثبات العبادات :
وفيه مسائل :
- ذكر بعض الطرق الشرعية التي يُعلم بها إثبات العبادات .
- معنى التأسي ، وشرطه .
- أحوال التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأحكامه .
- البيان في ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الاتفاق هل يستحب قصد متابعته فيه ؟
- تحريم قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكان لم يقصد الأنبياء فيه الصلاة والعبادة ، وإن كانوا نزلوا فيه أو سكنوه ، والرد على القائلين بذلك .
- الترخيص في روايات أحاديث الفضائل ول كان إسنادها ضعيفاً إذا ثبت العمل بدليل شرعي .
- تحريم رواية المكذوب من الأحاديث .
6- أثر الابتداع في الدين على أصحابه .
وفيه :
- ذكر بعض الأمور المترتبة على الابتداع في الدين .
7- الفاصل بين الخطاب الرحماني والخطاب الشيطاني وطرق التفريق بينهما .
وفيه مسائل :
- بيان طرق التفريق بين الخطاب الرحماني والخطاب الشيطاني .
- ذكر بعض القصص والأحوال الشيطانية التي تحصل نتيجة الابتداع في الدين .

المقاصد الفرعية :
1- بيان أهمية الموضوع وسبب اختياره .
2- المقصود بالعبادات المشروعة وأنواعها وأمثلتها .
3- ذكر بعض أسباب البدعة ، وبيان حكم العبادات البدعية .
4- التنبيه على جنسٍ من العبادات البدعية وهي " الخلوات البدعية " وما يحصل فيها من العبادات البدعية إمّا الّتي جنسها مشروعٌ ولكن غير مقدّرةٍ، وإمّا ما كان جنسه غير مشروعٍ .
5- الطرق الشرعية لإثبات العبادات .
6- أثر الابتداع في الدين على أصحابه .
7 - الفاصل بين الخطاب الرحماني والخطاب الشيطاني ، وطرق التفريق بينهما .

المقصد الرئيسي : الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية في حكمها ومعناها وأمثلتها والأثر المترتب عليها ، وردّ الشبهات في بابها .

المقاصد الفرعية :
1- أهمية الموضوع وسبب اختياره :
هذا الباب كثُر فيه الاضطراب ، كما حصل في باب الحلال والحرام ، حتى أحدث البعض عبادات لم يشرّعها الله ، بل نهى عنها ، وأصل الدين أن الحلال ما أحله الله ورسوله ، والحرام ما حرمه الله ورسوله ، والدين ما شرّعه الله ورسوله ، ولا يجوز لأحد الخروج عن ذلك، ففي حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ) ، كما ذمّ الله تعالى المشركين لأنهم حرموا ما أحله ، وأحلوا ما حرّمه ، وشرعوا من الدين ما لم يأذن به ، قال تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به اللّه ) ، حتى وصل بهم الأمر إلى تشريع المحرمات ، ولأنّ الطريق الموصل إلى الله هو في اتباع شرعه ، ولا طريق إلى الله سواه ، مع كثرة ما استحدث الناس من بدع يظنونها قربات ، ويستدلون عليها بشبهات ومشتبهات وهي من أشد المحرمات وخطوات للشيطان لصرف الناس عن دين الحق .

2- المقصود بالعبادات المشروعة ، أصولها وأنواعها وأمثلتها والقدر المشروع منها .
المقصود بالعبادات هنا هي كل ما يُتقرّب بها إلى اللّه تعالى مما كان محبوبًا للّه ورسوله مرضيًّا لهما ،وهو البرّ والطّاعة والحسنات والخير والمعروف ، وتُقسّم إلى واجب و مستحبٌّ ، فالصلاة والصيام والصدقة منها االفرض ، ومنها النافلة ، وأصولها الصلاة والصيام والقراءة وهي الّتي جاء ذكرها في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ قال: بلى، قال: فلا تفعل فإنّك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النّفس، ثمّ أمره بصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، فقال إنّي أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يومٍ وفطر يومٍ، فقال: إنّي أطيق أكثر من ذلك فقال: لا أفضل من ذلك وقال: أفضل الصّيام صيام داود عليه السّلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرّ إذا لاقى، وأفضل القيام قيام داود كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأمره أن يقرأ القرآن في سبعٍ) .
وقد صنّف ابن تيمية كتابه "الاقتصاد في العبادة" لبيان القدر المشروع منها ، وأصل ذلك قول أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".


3- ذكر بعض أسباب البدعة ، وبيان حكم العبادات البدعية :
الغلو في العبادات بلا فقه من أعظم أسباب البدعة ، ومثال ذلك فرقة الخوارج ، جاء في حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى يحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
والابتداع في الدين أمر محرم دلت عليه نصوص الوحيين ، قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين} .
و قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}، وفي حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله}".

4- التنبيه على جنسٍ من العبادات البدعية وهي " الخلوات البدعية " وما يحصل فيها من العبادات البدعية إمّا الّتي جنسها مشروعٌ ولكن غير مقدّرةٍ، وإمّا ما كان جنسه غير مشروعٍ . ا
& الخلوات البدعية :
الرد على شبهة خلوة النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء و بيان الفرق بين الاعتكاف والخلوة البدعية .
وهي تشتبه بالاعتكاف الشرعي ، لكنها تفترق عنه في مشروعية الأول بأدلة من الكتاب والسنة وبدعية الثاني من أوجه كثيرة ، واحتج المبتدعة على جوازها بأمور لا تصح ، أجاب عنها ابن تيمية رحمه الله ، فإن الاستدلال على الصحة والمشروعية بتحنثه عليه الصلاة والسلام في غار حراء لا يصح لأنّ هذا الأمر إنما كان قبل الوحي وقبل النبوة والتشريع ، أما بعده فلم يرد عنه صلى الله عليه وسلم فعله رغم تكرار ذهابه إلى مكة و حصول الفرصة في ذلك من قرب المكان و سعة الوقت لكنه لم يفعل ولم يأمر بذلك ، ولم يفعله صحابته الكرام ، و كان المشروع هو الاعتكاف في المسجد على حال مخصوصة ، لا ما يزعمونه من الخلوة في مساجد مهجورةٌ أو غير المساجد من الكهوف والغيران الّتي في الجبال أو المقابر لا سيّما قبر من يُحسن به الظّنّ ومثل المواضع الّتي يقال إنّ بها أثر نبيٍّ أو رجلٍ صالحٍ، ولهذا يحصل لهم في هذه المواضع أحوالٌ شيطانيّةٌ يظنّون أنّها كراماتٌ رحمانيّةٌ .
الرد على شبهة الخلوة الأربعينية :
وأما تعظيم أمر الخلوة أربعين يوما اقتداء بموسى عليه السلام فهذه ليست من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بل شرعت لموسى عليه السّلام كما شرع له السّبت والمسلمون لا يسبتون، وكما حرّم في شرعه أشياء لم تحرّم في شرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فهذا تَمسُّكٌ بشرع منسوخٍ وذاك تمسّكٌ بما كان قبل النّبوّة.

تفنيد اعتقاد عودة الموتى للدنيا جسدا أو روحا ، وإتيانهم لأصحاب الخلوات ، و بيان أن ما يحصل لهم في الخلوات المبتدعة أحوال شيطانية ، و الاستدلال على ذلك بالشرع والعقل والحال .
ولم تقف خطوات الشيطان على ابتداع الخلوة المطلقة ، بل تعدى الأمر إلى ابتداعات أخرى في هذا الابتداع بعضها اعتقادي خطير ، وبعضها سلوكي ، فظنّ البعض أنّ الأموات يأتونهم في اليقظة ، ومنهم من يظنّ أنّه حين يأتي إلى قبر نبيٍّ أنّ النّبيّ يخرج من قبره في صورته فيكلّمه، ومن هؤلاء من رأى في دائرة ذرى الكعبة صورة شيخٍ قال إنّه إبراهيم الخليل، ومنهم من يظنّ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خرج من الحجرة وكلّمه، وجعلوا هذا من كراماته، ومنهم من يعتقد أنّه إذا سأل المقبور أجابه ، ومن المعلوم المجرّب أنّ من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشّياطين وحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه ، وفي حقيقة الأمر أنّ الشّياطين كثيرًا ما يتصوّرون بصورة الإنس في اليقظة والمنام وقد تأتي لمن لا يعرف فتقول: أنا الشّيخ فلانٌ أو العالم فلانٌ، وربّما قالت: أنا أبو بكرٍ وعمر ونحو ذلك .
الابتداع في الأمر بالجوع والسهر والصمت ، والرد عليهم في ذلك .
ومن بدعهم أنهم أمروا بالصمت والجوع والسهر ، والجلوس في الظلام ، ونقلوا في ذلك أحاديث مكذوبة ، وأدت بهم هذه الأمور إلى خيالات فاسدة .
بيان أن الذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ ، والرد عليهم ، و فضح مراد أهل البدع من الذكر المبتدع وتكراره ، مع بيان الحكم في ذلك .
كما شرعوا طرقاً للأذكار وصفات لم ترد في الشرع ، منها ما ذكره أبو حامدٍ من أنّ ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
والذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس بكلام يُعقل ، ولا فيه إيمان ، ولهذا صرح بعض المتأخرين بأن المقصود منه جمع القلب على شيء معين ، لا الذكر ، وذلك حتى تستعد النفس لما يرد عليها من حال هي في الحقيقة من إلقاء الشيطان ، فيخيل له أنه في الملأ الأعلى ، وأنه أعطي ما لم يعطه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ، ولا موسى يوم الطور ، وهذا كله بدع لم يثبت شيء منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته ،
وإنما ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ) ، وغير ذلك مما هو مشروع .
الرد على شبهة تفريغ القلب وبيان أصلها : و تضم
*الرد على القائلين بأن النبوة مكتسبة ، وأنّ مايحصل للأنبياء من العلم إنما هو من العقل الفعال .
*الرد على القائلين بأنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ و تسمية ذلك " باللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا .
و أصل شبهة تفريغ القلب وحصول الفيض عائد إلى الفلسفة ، فزعم ابن سينا أنّ النبوة مكتسبة ، وأنّ كل ما يحصل للأنبياء هو من العقل الفعّال ، فإذا تفرّغ القلب فاض عليه من جنس ما فاض على الأنبياء ، ويعتقدون أن موسى عليه السلام لم يسمع الكلام من خارج وإنما سمعه من سماء عقله ، وهذا كله نقص في الإيمان بالرسل ، و كفران لبعض ما جاءت به الرسل ، ونقض ابن تيمية دعواهم من وجوه :
الأول : بطلان مايسمونه بالعقل الفعال .
والثاني : أنّ مايجعله الله في القلوب إمّا أن يكون بواسطة الملائكة إن كان حقا ، أو بواسطة الشياطين إن كان باطلا ، وهم أحياء ناطقون لا كما يزعمون بأنهم صفات للنفس البشرية .
والثالث : أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة بالوحي ومنهم من كلمه الله ، وليس ما حصل لهم فيض كما يزعمون .
والرابع : أنه إذا فرّغ قلبه من أين يعلم أنّ ما حصل له حق ؟ وهذا إنما يعلم بالعقل أو السماع وكلاهما لم يدل على لك .
والخامس : أنّ المعلوم سمعا وعقلا أن القلب إذا فُرّغ من كل شيء حلّت فيه الشياطين وتنزلت فيه كما تتنزل على الكهان ، وما يمنعها من ذلك إلاّ ذكر الله ، قال تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون) .
والسادس : أنّ هذه الطريقة لو افترضنا أنها حق فهي في حقّ من لم يأته رسول ، أمّا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فقد وجب اتباع شرعه ولم يأت بتفريغ القلب من كل خاطر وانتظار ما ينزل ، بل لو كانت شريعة لنبي لكانت منسوخة بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكيف وهي طريقة جاهلية لا توصل إلى المطلوب إلا بطريق الاتفاق بأن يقذف الله في قلب عبد إلهام ينفعه ، وهذا لكل أحد وليست من لوازم هذا الطريق .
والسابع : أنّ تشبيه أبوحامد هذا الأمر بنقش أهل الصين والروم قياس فاسد لأنّ هذا الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلبٌ آخر يحصل له به التّحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول إنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ ويسمّي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، و "اللّوح المحفوظ" الّذي ذكره اللّه ورسوله ليس هو النّفس الفلكيّة وابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماءً جاء بها الشّرع فوضعوا لها مسمّياتٍ مخالفةً لمسمّيات صاحب الشّرع ثمّ صاروا يتكلّمون بتلك الأسماء فيُظنّ أنّها ما قصده الشارع ، وليست كذلك ، ولو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعمون فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
الرد على شبهة الأخذ من الله تعالى مباشرة دون الحاجة إلى واسطة نبي ، أو عالم عنه .
يحكى أنّ بعضهم قال: أخذوا علمهم ميّتًا عن ميّتٍ وأخذنا علمنا عن الحيّ الّذي لا يموت، وهذا يقع لكنّ منهم من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان ، وقد قال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون * حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}، أمّا ذكر الرّحمن فهو ما أنزله على رسوله قال تعالى: {وهذا ذكرٌ مباركٌ أنزلناه}، وقال تعالى: ( فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى ) ، وأدّى بهم ذلك أن صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول، يقول أحدهم: فلانٌ عطيّته على يد محمّدٍ وأنا عطيّتي من اللّه بلا واسطةٍ ،ومن المعلوم أنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم ، وكل ما كان مخالفاً لأمر الله وأمر رسوله فهو من الشياطين .
بيان التخلية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم و العزلة المشروعة :
إنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول صلى الله عليه وسلم هي أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه، فيفرّغه من عبادة غير اللّه ويملؤه بعبادة اللّه، وكذلك يفرّغه عن محبّة غير اللّه ويملؤه بمحبّة اللّه، وكذلك يخرج عنه خوف غير اللّه ويدخل فيه خوف اللّه تعالى، وينفي عنه التّوكّل على غير اللّه ويثبّت فيه التّوكّل على اللّه .
أما العزلة المشروعة فهي ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ ، فالأوّل كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}، ومنه قوله تعالى عن الخليل: {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا}، وقوله عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف}، وأمّا اعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه فهو مستحبٌّ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أيّ النّاس أفضل؟ قال: (رجلٌ آخذٌ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلّما سمع هيعةً طار إليها يتتبّع الموت مظانّه، ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من الشّعاب يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة ويدع النّاس إلّا من خير .
5- الطرق الشرعية لإثبات العبادات .
من المعلوم أنه لا يجوز إثبات عبادات إلا بطريق شرعي ، وكلّنا نعلم أنّ جميع الأنبياء بشّروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمروا أقوامهم باتباعه ، وبعد بعثته عليه الصلاة والسلام نسخ كل الأديان قبله ، ولم يعد هناك طريق يوصل إلى الله سوى من طريقه ، ونحن مأمورون باتباع أمره واجتناب نهيه ، ومن الطرق التي يُعلم بها إثبات العبادات :
- الأمر ، وهو إما أن يكون أمر وجوب أو أمر استحباب .
- الترغيب في أمر وذكر ثوابه وفضله .
- ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التعبد .
معنى التأسي ، وشرطه :
التّأسّي بالنبي صلى الله عليه وسلم هو أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الّذي فعل لأنّه فعل، وذلك إنّما يكون بأن يقصد مثلما قصد، فإذا سافر لحجّ أو عمرةٍ أو جهادٍ وسافرنا كذلك كنّا متّبعين له وكذلك إذا ضرب لإقامة حدٍّ؛ بخلاف من شاركه في السّفر وكان قصده غير قصده أو شاركه في الضّرب وكان قصده غير قصده فهذا ليس بمتابع له.
أحوال التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأحكامه :
أمّا أحوال التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنّ أصل الدين متابعة النبي صلى الله عليه وسلم بفعل أمره والتأسي به فيما فعله عبادة إلا ما كان من خصائصه عليه الصلاة والسلام ، أمّا الفعل الّذي لم يشرعه لنا ولا أمرنا به ولا فعله فعلًا سنّ لنا أنّ نتأسّى به فيه فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتّخاذه قربةً مخالفةٌ له صلّى اللّه عليه وسلّم، وما فعله من المباحات على غير وجه التّعبّد يجوز لنا أن نفعله مباحًا كما فعله مباحًا؛ و لا يشرع لنا أن نجعله عبادةً وقربةً على قول جمهور أهل العلم بل نتّبعه فيه؛ فإن فعله مباحًا فعلناه مباحًا وإن فعله قربةً فعلناه قربةً، ومن جعله عبادةً رأى أنّ ذلك من تمام التّأسّي به والتّشبّه به ورأى أنّ في ذلك بركةً لكونه مختصًّا به نوع اختصاصٍ .
أمّا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الاتفاق فهل يستحب قصد متابعته فيه ؟
الجمهور على عدم القصد لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقصده ، فلا يمكن المتابعة له في ذلك .
تحريم قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكانٍ لم يقصد الأنبياء فيه الصّلاة والعبادة و إن كانوا مرّوا به ونزلوا فيه أو سكنوه ، والرد على القائلين بذلك .
و يدخل في معناه الابتداع في تشريع عبادات ممّا حرّمه الله وسَدَّ ذرائعه ، كاتخاذ القبور مساجد .
هذا الأمر ليس فيه متابعة لا في عمل ولا في قصد ، ولم يكن ابن عمر يفعله ، ومن البدع التي حصلت في ذلك اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : ( (فلا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك) ، وهناك نصوص أخرى كلها توجب تحريم اتّخاذ قبور الأنبياء مساجد مع أنّهم مدفونون فيها وهم أحياءٌ في قبورهم، ويستحبّ إتيان قبورهم للسّلام عليهم ومع هذا يحرم إتيانها للصّلاة عندها واتّخاذها مساجد ، سدّاً لذريعة الشرك ، ولتكون المساجد خالصة لله تُبنى لأجل عبادته فقط لا يشركه في ذلك مخلوق ، و كانت النّصارى يبنون الكنائس على قبر النّبيّ والرّجل الصّالح وعلى أثره وباسمه، وهذا الّذي خاف عمر رضي اللّه عنه أن يقع فيه المسلمون وهو الّذي قصد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم منع أمّته منه، كما قال اللّه تعالى: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} وقال تعالى: ( قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ وادعوه مخلصين له الدّين ) ، ولو كان هذا الأمر مستحباً لصلّى الصحابة في حجر أزواجه ، وفي كل مكان نزل فيه وبنوا عليها مساجد ، لكنهم لم يفعلوا .
والمقصود أنه لا يستحبّ قصد بقعةٍ بعينها للصّلاة ولا الدّعاء ولا الذّكر إذ لم يأت في شرع اللّه ورسوله قصدها لذلك وإن كان مسكنًا لنبيّ أو منزلًا أو ممرًّا .
حكم إثبات مشروعية عبادة بدليل ضعيف ، و الترخيص في روايات أحاديث الفضائل ولو كان إسنادها ضعيفا إذا ثبت العمل بدليل شرعي ، و حكم رواية المكذوب من الأحاديث .
لا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ، وذلك أنّ مقادير الثّواب غير معلومةٍ فإذا روي في مقدار الثّواب حديثٌ لا يعرف أنّه كذبٌ لم يجز أن يكذّب به، وهذا هو الّذي كان الإمام أحمد بن حنبلٍ وغيره يرخّصون فيه وفي روايات أحاديث الفضائل، وأمّا أن يثبتوا أنّ هذا عملٌ مستحبٌّ مشروعٌ بحديث ضعيفٍ فحاشا للّه، كما أنّهم إذا عرفوا أنّ الحديث كذبٌ فإنّهم لم يكونوا يستحلّون روايته إلّا أن يبيّنوا أنّه كذبٌ لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصّحيح: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).

5- أثر الابتداع في الدين على أصحابه :
_ الرغبة في السماع البدعي كالمعازف ، والرغبة عن السماع الشرعي .
_ النفور من الشرع والقرآن والعلم وأهله.
_ مكر الشياطين بهم وخداعهم وتزيين الباطل لهم وشدة صرفهم عن الحق .
- الوقوع فيما وقع فيه أصحاب الشرك طلباً للأحوال .

6- الفاصل بين الخطاب الرحماني والخطاب الشيطاني وطرق التفريق بينهما .
_ ما وافق الكتاب والسنة فهو حق وما خالفهما فهو باطل .
_ ننظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به ، أو كان نذرا لغير الله ، أو فعل معاقرة فعل محرم كالفواحش و سماع المعازف وشرب الخمر ،فما يحصل له بعد ذلك حال شيطانية ولا ريب .
- ذكر بعض القصص والأحوال الشيطانية التي تحصل نتيجة الابتداع في الدين .
- التنزلّ الشيطاني والخطاب الشيطاني ، وبعضهم يطير به شيطانه .
-قد يحصل أن يقتل بعضهم بعضًا في السّماع و يقولون: قتله بحاله، ويعدّون ذلك من قوّته، وذلك أنّ معهم شياطين تحضرهم فأيّهم كانت شياطينه أقوى قتل الآخر ، وقد جرى مثل هذا لكثير منهم ومنهم من يقتل إمّا شخصًا وإمّا فرسًا أو غير ذلك بحاله ثمّ يقوم صاحب الثّأر ويستغيث بشيخه فيقتل ذلك الشّخص وجماعةً معه إمّا عشرةً وإمّا أقلّ أو أكثر، كما جرى مثل هذا لغير واحدٍ وكان الجهّال يحسبون هذا من باب الكرامات، فلمّا تبيّن لهم أنّ هذه أحوالٌ شيطانيّةٌ وأنّ هؤلاء معهم شياطين تعينهم على الإثم والعدوان، عرف ذلك من بصّره اللّه تعالى وانكشف التّلبيس والغشّ الّذي كان لهؤلاء.
وخلاصة القول أنّ الطريق إلى الله في عدم الخروج عن شريعة الله ، وأنّ مخالفة ذلك ليس بطريق إليه سبحانه .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12 شعبان 1439هـ/27-04-2018م, 06:18 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

سارة المشري أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- اعتني أكثر بصياغة المقاصد والمسائل، فقولك: "أهمية الموضوع وسبب اختياره" ونحن لم نعرف الموضوع بعد غير مناسب، والأصوب أن نقول: مقدّمة في بيان كذا وكذا.
وتطبيقك جيّد -بارك الله فيك- وقد استوفى أهمّ مسائل الرسالة ومقاصدها، وكذلك تلخيصها، وأثني على اجتهادك، وبقيت ملاحظة على طريقة فصل وترتيب المسائل،
فاستخراج مقاصد الكتاب ومسائله يجب أن يكون كاشفا بدقة عن خطة الكتاب.
وشيخ الإسلام -رحمه الله- نقد الخلوات البدعيّة من عدّة محاور كما أشرنا سابقا، أصلها ومدتها وأماكنها وأجناس العبادات فيها وغرضهم من كل ذلك، فالواجب أن نصنّف المسائل في هذه الأوصاف أولا ثم نردّ عليها، ولا ندخل في النقد مباشرة، حتى يفهم القاريء علاقة هذه الشبه بهذه الخلوات البدعيّة، فنقول مثلا (والتسمية اجتهادية ولكن هذه رؤوس المسائل):
أصل الخلوات البدعيّة وبيان بطلانها.
الوقت المحدّد للخلوات البدعيّة والرد عليه.
أماكنها وسبب اختيارها.
أجناس العبادات في الخلوات البدعيّة.
= ما كان غير مشروع ((الذكر البدعي، صفته وغرضهم من هذه الطريقة وبيان بطلانه لغة وشرعا)).
= ما كان مشروعا ولكن غير مقدّر ((الجوع والعطش والسهر المطلق)).
......
وهكذا ينتظم تفريع المسائل، وتظهر كل مسألة في موقعها المناسب.
والرسالة في مجملها تدور حول وجوب الاتّباع وذمّ الابتداع وبيان بطلانه من خلال نقد هذه الخلوات البدعيّة، ومن أهمّ المقاصد الفرعيّة لهذه الرسالة بيان موقف أصحاب البدع مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وادّعائهم أنهم لا حاجة لهم إلى الأخذ عنه وأنهم يأخذون عن الله بلا واسطة، والردّ عليهم في ذلك.


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 15 شعبان 1439هـ/30-04-2018م, 03:38 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

تعديل التطبيق

جزاكم الله خيرا على ملحوظاتكم ، وقد اجتهدت في إعادة مراجعة التطبيق وجمع المسائل المتشابهة في مسألة واحدة والاختصار دون إخلال ، وإعادة الصياغة للمسائل والمقاصد ، وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك :

]
تلخيص مقاصد رسالة كلمة الإخلاص لابن رجب الحنبلي

🔹أولا : مسائل الرسالة :
كلمة التوحيد توجب لصاحبها الجنة وتحرم صاحبها على النار وذلك إذا حقق شروطها وعمل بمستلزماتها
- من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة على ما كان من عمله
- أنواع الأحاديث التي وردت فيما توجبه كلمة التوحيد لصاحبها
- أقوال العلماء في توجيه النصوص الواردة في تحريم النار على الموحدين
- شروط كلمة التوحيد التي تقتضي دخول صاحبها الجنة وتعصمه من النار
- فهم الصحابة والتابعين بعدهم لضرورة الإتيان بشروط الشهادة لتحقيق مقتضاها
- كيف يحقق العبد ما تقتضيه الشهادتان

لا تتم شهادة التوحيد إلا بشهادة أن محمدا رسول الله
- قرن الله بين محبته ومحبة رسوله واتباعه وطاعته
- وجوب تقديم محبة الله ورسوله على ما سواهما
- الاسلام المتضمن للشهادتين يقتضي الاستسلام والانقياد

بيان بعض ما ينقص التوحيد أو يقدح فيه
- ينقص توحيد العبد بقدر نقصه في شيء من أعمال القلوب التي هي من خصائص الألوهية
- بعض الأعمال التي تقدح في التوحيد ووصفها بالكفر أو الشرك
- خطورة اتباع الهوى ومراءاة الناس على صاحبها يوم القيامة
- دخول النار لأهل المعاصي من الموحدين تطهير لهم قبل دخول الجنة
- لا يخلد في النار موحد ، ويخرج الموحدون من النار برحمة الله وشفاعة الشافعين

ماذا يفعل الموحد إذا وقع في الذنوب والمعاصي
- لا ينجو إلا من لقي الله بقلب سليم من الآفات والمخالفات
- من أحبه الله يسر له التوبة وبصره بذنوبه وألهمه الأوبة منها
- المصائب واللأواء التي تصيب المؤمن وتكفر ذنوبه في الدنيا خير له من أن يلقى الله بها يوم القيامة
- دوام استشعار العبد مراقبة الله له واطلاعه عليه والحياء منه يمنعه عن المعاصي

بيان فضائل لا اله الا الله
- هي أفضل الكلمات والأقوال ( فهي أفضل الذكر وأفضل ما قاله النبيون وهي كلمة الإخلاص والتقوى ...)
-أفضل الأعمال وأكثرها مضاعفة وهي أحسن الحسنات
- هي أعظم نعمة أنعم الله بها على الخلق
- هي غاية الخلق وإرسال الرسل
- توجب لصاحبها المغفرة ودخول الجنة وتحرم عليه النار
- واقية من الشيطان
- تجدد الإيمان في قلب العبد وتطهره
- وهي علامة المؤمن يوم القيامة وأمان وأنس له

🔹ثانيا : المقاصد الفرعية
1- كلمة التوحيد توجب لصاحبها الجنة وتحرم صاحبها على النار وذلك إذا حقق شروطها وعمل بمستلزماتها
2- لا تتم شهادة التوحيد إلا بشهادة أن محمدا رسول الله
3- بيان بعض ما ينقص التوحيد أو يقدح فيه
4- ماذا يفعل الموحد إذا وقع في الذنوب والمعاصي
5-بيان فضائل لا اله الا الله

🔹ثالثا : المقصد العام
بيان ما تقتضيه كلمة التوحيد التي تدخل صاحبها الجنة وتحرمه على النار وشروطها وقوادحها وفضائلها وعناية الله بأهلها ؛ وتوضيح معاني النصوص التي أشكلت في ذلك

🔷 رابعا : تلخيص المقاصد
🔶 كلمة التوحيد توجب لصاحبها الجنة وتحرم صاحبها على النار وذلك إذا حقق شروطها وعمل بمستلزماتها
🔺 من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة على ما كان من عمله
بينت كثير من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله أن من قال الشهادتين ووحد الله لم يشرك به دخل الجنة وحرم على النار ... وقد ورد بعض هذه النصوص مطلقا وبعضها مقيدا ؛ ومن ذلك :
مما ورد من النصوص مطلقا :
- روى مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))
فبين الحديث أن من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة على ما كان من عمله

- وقد ورد في الصحيحين من حديث أنس بن مالك عن معاذ بن جبل أن رسول الله قال له : ( ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا ؟ قال ( إذن يتكلوا )، فأخبر بها معاذ عند موته تأثما .

وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.

- ومما ورد مقيدا :
- ما روي في الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)). فجعل ابتغاء رضوان الله قيدا للشهادتين
- وكذلك ما روي في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أو أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال : ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة ) فقيده بعدم الشك

🔺أنواع الأحاديث التي وردت فيما توجبه كلمة التوحيد لصاحبها
▪والأحاديث كما يظهر توضح أمرين :
1- الأول أن من أتى بالشهادتين دخل الجنة ، وهذا لا خلاف فيه ولا مرية ؛ إذ حتى لو كان من عصاة أهل التوحيد الذين يعذبون في النار فإنه يدخل الجنة ويخلد فيها بعد تطهيره من ذنوبه ... فالجنة حق لكل من وحد الله .

2- الأمر الثاني أن الإتيان بالشهادتين يحرم صاحبه على النار ؛
وهنا اختلف سلف الأمة وعلماؤها في معنى التحريم على النار على ما سيأتي :

🔺 أقوال العلماء في توجيه النصوص الواردة في تحريم النار على الموحدين
من الأحاديث المذكورة آنفا يتبين أن من الأحاديث من بين أن النطق بالشهادتين مطلقا يحرم صاحبه على النار ، وبعضها قيد ذلك ، واختلفت أقوال السلف في هذا المعنى في محاولة منهم لإزالة الإشكال وتوضيح ما التبس من معنى أو مقصود لهذه الأحاديث :

وكانوا في ذلك على أربعة أقوال :
1 - حمل البعض تحريم النار على الموحد بتحريم الخلود فيها وذلك لأن من عصاة الموحدين من يعذب بالنار كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
- وقال بعضهم بل المحرم عليه من النار هو ما كتب على أهله الخلود فيها كالدرك الأسفل من النار؛ أما الدرك الأعلى من النار يدخله كثير من عصاة الموحدين تطهيرا لهم ثم يخرجون منها

2 - ذهب الزهري والثوري وغيرهما أن النصوص التي أطلقت القول بأن مجرد نطق الشهادتين يعصم من العقوبة كان قبل نزول الفرائض والحدود وأن نزول الفرائض أثبت لها شروطا ؛ و الحقيقة أن بعض هذه الأحاديث جاءت في وقت متأخر في المدينة كحديث غزوة تبوك في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم أي أن الفرائض والحدود كانت قد نزلت وبينت قبل ذلك ؛
وهؤلاء اختلفوا هل هذه الأحاديث محكمة أم منسوخة ، فقال الثوري أن هذه الأحاديث نسخت بآيات الحدود
▪ونسخت هنا :
- إن كانت حسب اصطلاح المتقدمين أي بينت وفسرت فالأحاديث التي جاءت بالإطلاق محكمة ، وآيات الحدود والفرائض جاءت كالشروط التي ضمت إلى تلك الأحاديث المحكمة .
- وإن كانت بمعنى نسخ الحكم وإزالته فقال البعض أن الفرائض نسخت تلك الأحاديث وبالتالي بينت أن دخول الجنة والنجاة من عقوبة الدنيا والآخرة متوقف على أداء الفروض واجتناب المحارم .

3- وقالت طائفة أن الأحاديث المطلقة قيدتها نصوص أخرى في بيان شرائط التوحيد الذي يعصم صاحبه من العقوبة ( من قال لا إله إلا الله مخلصا ) أو ( مستيقنا) أو ( يقولها من قلبه حقا ) أو ( ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه ) فهذه القيود قيدت المطلق ، فهو محكم لكن جاء ما قيد إطلاقه .

4- القول الرابع وهو أظهرها وأصح ما حملت عليه أن ( لا إله إلا الله ) سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتض لذلك ، لكن حتى يحصل مقتضاها لا بد من استيفاء شروطها وانتفاء موانعها ؛ إذ قد يتخلف المقتضى ( وهو هنا دخول الجنة والتحريم على النار ) لفوات شرط أو وجود مانع ... وهذا قول الحسن البصري ووهب بن منبه ...
وهذا يعني أن كلمة التوحيد تحرم صاحبها على النار لكن لها شرائط لا بد منها ليحصل مقتضاها .

🔺 شروط كلمة التوحيد التي تقتضي دخول صاحبها الجنة وتعصمه من النار :
1- أول شروط التوحيد أن يكون صادقا خالصا لله تعالى خاليا من الشك والريب
- إذ ينبغي في كلمة التوحيد الموجبة للجنة والمحرمة على النار أن تكون خالصة لله تعالى ويبتغى بها وجه الله لا غيره ، ولا خوفا من حصول مكروه أو فوات مطلوب بالامتناع عن قولها كما ورد في الحديث المذكور ( يبتغي بذلك وجه الله )
- و ينبغي فيمن قال كلمة التوحيد أن يقولها يقينا متحققا صدقها موقنا بها من غير شك ولا ريب كما ورد في الحديث ( غير شاك فيهما )

2- أن يفقه العبد تماما أن توحيده لله يعني نفي معبود أو مألوه له سوى الله وبالتالي يطهر القلب من سوى الله
فلا بد ممن قالها أن يعي ما يترتب على قولها حتى يحققه ومن ذلك أن يفقه أن قوله ( لا إله إلا الله ) ينفي به وجود إله معبود له سوى الله ؛ و من أدرك معنى الإله المعبود علم أن ذلك يستلزم منه طاعة إلهه وتوحيده بالخوف والرجاء والإنابة والتوكل والدعاء . فلا توجه ولا رجاء ولا دعاء ولا إنابة إلا له سبحانه .

- ومن هذا التطهير أن يوحد قلبه لمحبوبه فلا محبة في قلبه إلا لله ؛ وكل محبة بعدها تابعة لحبه لله ؛ فيحب في الله ويبغض في الله ، ويحب ما أحب الله ويبغض ما أسخطه ، ويحب طاعته ويكره معصيته ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) ؛ و كلما قويت معرفته بربه وإلهه ومعبوده قوي داعي المحبة في قلبه وظهرت على جوارحه

- قال الحسن : اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته
- وقال أبو يعقوب : كل من ادعى المحبة ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة

- إذا تمكنت محبة الله وحده في القلب تبعتها الجوارح بالطاعات إذ القلب ملك والجوارح له تبع ، فلا تملك مخالفته ؛ ومن حقق المحبة الحقة وصارت جوارحه لا تنبعث إلا بمراد مولاه حقق قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ( كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها )

- ومثل ذلك لما تمكنت محبة الله وتوحيده من سحرة فرعون سجدوا لله خضوعا ووقفوا بوجه عدوه عزا وقالوا ( لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) فهان عليهم كل وعيد توعدهم بهم وكل عذاب علموا أنهم ملاقوه منه مقابل ما ذاقوا من حلاوة التوحيد وغمرت المحبة قلوبهم حتى فاضت على الجوارح يقينا وصدقا ورضا بقضاء الله وصبرا

▪ وإذا تحقق الشرطان الأولان لا بد أن يتبعهما الشرط الثالث وهو :
3- عمل الجوارح بالشرائع والأركان وسائر الأعمال الصالحة ابتداء بالفرائض من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها واجتناب للمحرمات من أكل محرم أو فعل فاحش أو ارتكاب الكبائر ...

- فقد كان رسول الله يأخذ على من أراد الدخول في الإسلام أن يشهد الشهادتين ويقيم الأركان فقال في بيعة بشير بن الخصاصية : قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أؤدي الزكاة وأن أحج حجة الإسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت: يا رسول الله أما اثنتين فوالله لا أطيقهما الجهاد والصدقة، فإنهم زعموا أنه من ولّى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف إن حضرت تلك جشمت نفسي وكرهت الموت، والصدقة فوالله ما لي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهن، قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حركها ثم قال: ((فلا جهاد ولا صدقة فبم تدخل الجنة إذا؟)) قلت: يا رسول الله أبايعك فبايعته عليهن كلهن)،

- وقد سئل رسول الله كثيرا عن أعمال تدخل الجنة فجمع فيها بين النطق بالشهادتين والعمل بالأركان .
: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم )

🔺 فهم الصحابة والتابعين بعدهم لضرورة الإتيان بشروط الشهادة لتحقيق مقتضاها
- وقد فهم الصديق هذا المعنى وأنه لا بد لحصول مقتضى الشهادتين من تحقيق شروطهما فقاتل مانعي الزكاة ؛ فلما قال له عمر والصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أمرت أن أقاتل التاس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) : بين لهم أنه قال في تتمة الحديث: ( فإن فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقها ) فبين أن لها حقا ليحصل مقتضاها ؛ ويدل على ذلك قوله تعالى ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) ؛ فشرح الله صدر عمر والصحابة معه لما رأى أبو بكر وعلموا أنه الصواب .

- فدل فعله رضي الله عنه أن العصمة من عقوبة الدنيا لا تكون إلا لمن وحد وأقام حقوق التوحيد من أعمال ؛ وأن عقوبة الدنيا لا ترفع عن الموحد مطلقا بل يعاقب إن أخل بحق من حقوقها ؛ إذ تارك الزكاة ممتنع عن حق من حقوق التوحيد

وقد فهم السلف هذا المعنى وأنه لا بد من تحقيق شروط التوحيد والإتيان بمستلزماتها لتحقق مقتضاها ؛ ففي ذلك :
- قال وهب بن منبه لمن سأله أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: ( بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك ) ... فالمفتاح القول والعمل أسنانه .

- وقال الحسن للفرزدق حين أخبره أن عدته ليوم الرحيل ( لا إله إلا الله ) قال : نعم العدة ، ولكن ل( لا إله إلا الله ) شروطا فإياك وقذف المحصنة
- وقيل للحسن: إن أناسا يقولون: من قال: "لا إله إلا الله" دخل الجنة، فقال: من قال: "لا إله إلا الله" فأدّى حقها وفرضها دخل الجنة.


- وقد بين تعالى أن أخوة الدين بين المسلمين بإقامة الأركان والفروض مع التوحيد فقال تعالى ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )

🔺كيف يحقق العبد ما تقتضيه الشهادتان
فتبين مما سبق أنه لا بد لتحقيق كلمة لا إله إلا الله من :
- الإخلاص في قولها ؛
- وتصديق القول بالعمل( عمل القلب و عمل الجوارح )؛
فالقول عمل اللسان ؛ والتصديق والمحبة والخوف والرجاء والتوكل والإنابة عمل القلب ، والقيام بالشرائع والعمل بالأركان عمل الجوارح ...

🔶 لا تتم شهادة التوحيد إلا بشهادة أن محمدا رسول الله
🔺 قرن الله بين محبته ومحبة رسوله واتباعه وطاعته
- قرن الله بين محبته ومحبة رسوله واتباعه وطاعته في مواضع كثيرة من القرآن كقوله تعالى : ( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
؛فبين أن من ادعى توحيد الله ومحبته فلابد أن يحب ما أحب الله وهذا يستلزم محبة رسوله وتصديقه ومتابعته ؛ فمحبة رسول الله من لوازم التوحيد ، إذ لا تتم الشهادتان إلا بهما معا ؛ ولا يتم إيمان امرئ حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

🔺 وجوب تقديم محبة الله ورسوله على ما سواهما
ولا يتم إيمان عبد حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ؛ فتوعد الله من قدم أعراض الدنيا ومعايشها ومحابها على محبة الله ورسوله فقال ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره )

- و لا يجد حلاوة الإيمان إلا من كان حبه لله ولرسوله مقدما على غيره من المحاب كلها ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ) وذكر منها :( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما )

🔺 الاسلام المتضمن للشهادتين يقتضي الاستسلام والانقياد
فمن كل ذلك يتضح أن من شهد شهادة الإسلام فقد أسلم وجهه لله وسلم له أمره ، إذ الإسلام كمال الاستسلام والنقياد والخضوع لله تعالى والانقياد لشرعه واتباع رسوله وطاعته والسير على نهجه والاقتداء به .

🔶 بيان بعض ما ينقص التوحيد أو يقدح فيه
🔺 ينقص توحيد العبد بقدر نقصه في شيء من أعمال القلوب التي هي من خصائص الألوهية
- خوف العبد من المخلوق قادح في توحيده منقص له ، وكذلك توكله على الأسباب أو دعاؤه ورجاؤه غير الله .
- من أحب شيئا يكرهه الله أو كره ما يحبه الله كان ذلك نقصا في توحيده ؛ قال تعالى ( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم )
قال بشر بن السري : ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك

🔺بعض الأعمال التي تقدح في التوحيد ووصفها بالكفر أو الشرك
- أطلق الشرك على معاص منشؤها طاعة غير الله وخوف غيره أو رجاء هذا الغير أوالتوكل عليه أو مراءاته .

- من الأعمال التي تقدح في التوحيد ووصف صاحبها بالكفر أو الشرك الحلف بغير الله والرياء والتوكل على غيره سبحانه والتسوية بين الله والمخلوقين في المشيئة ، واعتقاد النفع والضر من غير الله مما يجر إلى التطير والرقى المكروهة .

- من أخطر ما ينقض التوحيد اتباع الهوى فمن آثر هواه ودنياه على دينه صار له عبدا ؛ والهوى لا يقود إلى خير ؛ فاتباع هوى النفس فيما نهى الله عنه وما ينجم عنه من أفعال وصفت بالكفر أو الشرك كقتال المسلم أو شرب الخمر بعد أن حد ثلاثا وغيرها .. من أخطر المعاصي على الموحد

- من أطاع غير الله في معصية الله ووحد له قصده وسعيه كان له عبدا؛ فمن أطاع الشيطان وتبع هواه وعاش للدرهم والدينار كان عبدا لها كما قال تعالى ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان ) فسمى طاعته عبادة ؛ وقال صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش)؛ ولا يتخلص من عبوديتها إلا من أخلص عبوديته للرحمن فكان ممن قال فيهم ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )

- الأعمال القادحة في التوحيد لا تخرج صاحبها من الملة إن كان موقنا بالشهادتين بل هي كما قالوا كفر دون كفر وشرك دون شرك

🔺 خطورة اتباع الهوى ومراءاة الناس على صاحبها يوم القيامة
- أول من تسعر بهم النار يوم القيامة من الموحدين المراؤون بأعمالهم مهما بلغ شأنها ، فقد ورد أن العالم والمجاهد والمتصدق رياء هم أول من تسعر بهم النار

- ما راءى العبد إلا لجهله بعظمة خالقه فبذل لغيره وأقام لغيره حسابا لينال خيرا عاجلا

- كل هوى متبع إله لمن اتبعه ؛ قال تعالى ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) فكلما هوى شيئا أو اشتهاه أتاه وفعله دون نظر إلى هدى .

- أهل الأهواء والشهوات بعد أهل الرياء في دخول النار من الموحدين

🔺دخول النار لأهل المعاصي من الموحدين تطهير لهم قبل دخول الجنة
إذا أنقص العبد من توحيده أو ارتكب قادحا من قوادحه ولقي الله يتلك المعاصي لم يتب منها فإنه يطهر من ذلك بدخول النار ليدخل الجنة بعدها سليم القلب خاليا من الآفات والمخالفات ؛ فلا ينجو إلا صاحب القلب السليم ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )

- من دخل النار من الموحدين فلقلة صدقها ( أي كلمة التوحيد ) في قلبه ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم ( من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار )

🔺 لا يخلد في النار موحد ؛ ويخرج الموحدون منها برحمة الله وشفاعة الشافعين
اتفقت النصوص على أن النار لا يخلد فيها موحد ؛ بل يعذبون فيها بمقدار ذنوبهم ثم يخرجون برحمة الله وشفاعة رسوله والشافعين
- فقد روي في الصحيحين: (إن الله تعالى يقول وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله)
- كما روي في حديث الشفاعة أن الله يأمر رسوله أن يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ... وهذا لفضل هذه الكلمة وعظمتها عند الله .

🔶 ماذا يفعل الموحد إذا وقع في الذنوب والمعاصي
🔺لا ينجو إلا من لقي الله بقلب سليم من الآفات والمخالفات
ولأنه لا ينجو ولا يدخل العبد الجنة إلا طاهرا من ذنوبه نقيا منها فإن الله قد جعل له فسحة وبابا من التوبة مفتوح يلجه متى شاء ما دام في دار العمل ؛ إذ الموحد والمحب لله حقا ليس مطالبا بالعصمة ولكنه مطالبة بالأوبة بعد المعصية

🔺من أحبه الله يسر له التوبة وبصره بذنوبه وألهمه الأوبة منها
ولعناية الله بأهل التوحيد ، ولفضل هذه الكلمة وعظمة ما أعد الله لأهلها فإن من أحبه الله بصره بذنوبه ؛ فلا يكاد يرتكب الذنب حتى تلومه نفسه ويسارع إلى التوبة والأوبة والاستغفار وإكثار الحسنات ليمحو بها السيئات ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) وتراه دائم اللوم لنفسه دائم البكاء خشية وخوفا من الله ومما قد أقدم عليه ، وهذه الدموع دموع الخشية والتوبة تطهر القلوب من الذنوب والآفات وتجلوه ؛ حتى إن الله جعل صاحبها ممن يظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله ( ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه )

🔺المصائب واللأواء التي تصيب المؤمن تكفر ذنوبه في الدنيا وذلك خير له من أن يلقى الله بها يوم القيامة
وإن مما يكفر عن العبد الذنوب ما يصيبه من مصائب الدنيا وآلامها ، فأشد الناس ابتلاء هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل .. فكل ما أصاب المسلم من نصب أو وصب حتى الشوكة يشاكها يكفر الله له بها خطيئة أو يرفعه بها درجة
- وقد ورد في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث)).

- وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن مغفل أن رجلا لقي امرأة كانت بغيا في الجاهلية فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها فقالت: مه فإن الله قد أذهب الشرك وجاء بالإسلام، فتركها وولى، فجعل يلتفت خلفه ينظر إليها حتى أصاب الحائط وجهه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر، فقال: ((أنت عبد أراد الله بك خيرا)) ثم قال: ((إن الله إذا أراد بعبده شرا أمسك ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة)).


🔺دوام استشعار العبد مراقبة الله له واطلاعه عليه والحياء منه يمنعه عن المعاصي
وحصن الموحد في ذلك هو دوام استشعار مراقبة الله له ، فيعلم أنه محيط به مطلع على كل حركاته وسكناته ، فإذا أراد فعل المعصية استشعر مراقبة الله له فاستحيا وامتنع ، ولذلك قال الجنيد أن أفضل ما يستعان به على غض البصر دوام المراقبة ، وكذلك قالوا : استح من الله قدر حيائك من رجل من صالح قومك ؛ فمن وضع ذلك نصب عينيه استقامت له نفسه وأمسكها بزمام الخشية والمراقبة ؛ وإن زلت وسهت ولج من باب التوبة والأوبة ...

🔶بيان فضائل لا إله إلا الله
🔺هي أفضل الكلمات والأقوال :
- فهي أفضل ما قاله النبيون
فقد ورد في دعاء يوم عرفة : خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ) الحديث

- وهي أفضل الذكر
كما في حديث جابر المرفوع: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله))، وعن ابن عباس: أحب كلمة إلى الله لا إله إلا الله لا يقبل الله عملا إلا بها.

- و هي كلمة التقوى كما قال بعض الصحابة ( وألزمهم كلمة التقوى ) ،
- وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق
- و هي الكلمة التي يصدق الله قائلها
عن أبي هريرة وأبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا قال العبد ( لا إله إلا الله والله أكبر ) صدقه ربه وقال ( لا إله إلا أنا وأنا أكبر )

- ليس بينها وبين الله حجاب فينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاءه
وهي التي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل.
وفي الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه)).
وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر)).

🔺أفضل الأعمال وأكثرها مضاعفة وهي أحسن الحسنات
- قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كلمني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: ((إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها)) قلت: يا رسول الله "لا إله إلا الله" من الحسنات؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)).
- وأفضل الأعمال وأكثرها مضاعفة
- فلا يعدلها شيء في الميزان ولو وزنت بالسماوات والأرض رجحت بها
- و تعدل عتق الرقاب
وكما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحي عنه مائة سيئة ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
وفيهما أيضا عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)).

🔺هي أعظم نعمة أنعم الله بها على الخلق
- أعظم نعمة أنعم الله بها على الخلق
وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون}، وهذه الآية أول ما عدّد الله على عباده من النعم في سورة آية النعم التي تسمى النحل، ولهذا قال ابن عيينة: ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم "لا إله إلا الله" وإن "لا إله إلا الله" لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا.

🔺 غاية الخلق وإرسال الرسل
- هي غاية الخلق
كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

- ولأجلها أرسلت الرسل وأمرت بالجهاد ولأجلها أنزلت الكتب
كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.

🔺توجب لصاحبها المغفرة ودخول الجنة وتحرم عليه الخلود في النار
- فلأجلها أعدت الجنة ثوابا والنار عقابا
- هي مفتاح الجنة وثمنها ، فمن قام بها دخل الجنة
- تفتح لقائلها أبواب الجنة يدخل من أيها شاء
ففي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)).

- وهي توجب المغفرة.
ففي المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما: ((ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله)) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: ((الحمد لله اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني بها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد)) ثم قال: ((أبشروا فإن الله قد غفر لكم)).

- وهي تمحو الذنوب والخطايا.
وفي سنن ابن ماجه عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل)).

- وأهل التوحيد وإن دخلوا النار بذنوبهم لكنهم لابد خارجون منها
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)).

🔺 واقية من الشيطان
- هي براءة من الشرك
- وحرز من الشيطان

🔺 تجدد الإيمان في القلب وتطهره
وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله").

-إذا صدق التوحيد في قلب العبد طهرت القلب من سوى الله

🔺 علامة للمؤمن يوم القيامة وأمان وأنس له
- أمان من وحشة القبر
كما في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله قد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن))

- شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم .
قال النضر بن عربي: بلغني أن الناس إذا قاموا من قبورهم كان شعارهم لا إله إلا الله، وقد خرج الطبراني حديثا مرفوعا: (([color="purple"]إن شعار هذه الأمة على الصراط لا إله إلا أنت)).

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 16 شعبان 1439هـ/1-05-2018م, 05:07 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

هناء محمد علي أ+
أحسنت نفع الله بك وجعلك مباركة أينما كنت، وأيّدك بمعونته وتوفيقه.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 24 شوال 1439هـ/7-07-2018م, 01:52 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المسائل التي تعرض لها المؤلف :
المقدمة
  • ثواب من أتى بالشهادتين .
*من أتى بالشهادتين دخل الجنة ولم يحجب عنها.
*من أتى بالشهادتين حرم على النار .
*حمل البعض الأدلة على تحريم النار عليهم على:
1- الخلود فيها .
2- على نار يخلد فيها أهلها وهي ما سوى الدرك الأعلى .

  • الإتيان بالشهادتين يقتضي دخول الجنة والنجاة من النار ولكن إذا أتى العبد بشىروطها وانتفت عنه موانعها.
*أهمية الأعمال الصالحة لدخول الجنة فالإيمان قول وعمل .
*اختلاف العلماء في الأحاديث المذكور فيها ثواب الشهادتين ولم تذكر فيها الأعمال .
1- أنها كانت قبل نزول الفرائض والحدود .
2- أنها منسوخة بالفرائض والحدود.
3- أنها محكمة ولكن ضم إليها شرائط .
4-أن تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيدة في أحاديث أخر.
*يطلق الشرك والكفر على كثير من المعاصي التي تؤدي إلى نقص توحيد العبد وإن كان المقصود به الشرك الأصغر الغير مخرج عن الملة .
*المحبة الخالصة لله من مقتضيات شهادة أن لا إله إلا الله .

  • لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمدا رسول الله
*محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته.
قرن الله محبته تعالى بمحبة رسوله في كثير من النصوص .
اقتران طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة .

  • آثار تمكن محبة الرب من قلب العبد.
  • عواقب إشراك العبد أحدا مع ربه في قلبه
    1- عدم رضى الرب بالمزاحمة في قلب العبد وإشراك غيره معه في محبته .

2- هلاك من لقى الله بقلب غير سليم قد أشرك فيه معه غيره وعدم نجاته يوم القيامة
معنى القلب السليم .
3- أول من تسعر به النار من الموحدين العباد المراؤون بأعمالهم .
4- وبعد أهل الرياء، يدخل النار أصحاب الشهوة وعبيد الهوى .

  • جزاء أهل محبة الرب تبارك وتعالى .
*نار المحبة في قلوب المحبين تخاف منها نار جهنم وتنطفئ بنور إيمانهم .
*لشوق المحب ووجده حرارة في قلبه لا يطفئ بعضها إلا دموعه.
*شوق المحبين لربهم يشغلهم عمن سواه .

  • *آثار الصدق في كلمة التوحيد .

  • *عاقبة ضعف الصدق فيها .

  • * عناية الله تعالى بمن يحب من عباده .

  • فطر الله القلوب على أصل الطهارة وعلى العبد أن يبذل وسعه في ردها إلى أصلها بعد أن نجستها الخطايا .

فصل في فضائل لا إله إلا الله
  • فهي كلمة التقوى وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوة الحق وبراءة من الشرك ونجاة هذا الأمر ولأجلها خلق الخلق.
  • ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
  • ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
  • ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
  • وهي مفتاح الجنة ومفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
  • وهي ثمن الجنة، قاله الحسن وجاء مرفوعا من وجوه ضعيفة.
  • ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة.
  • وهي نجاة من النار.
  • وهي توجب المغفرة.
  • وهي أحسن الحسنات.
  • وهي تمحو الذنوب والخطايا.
  • وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب.
  • وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
  • وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
  • وهي تحجب الحجب حتى تصل إلى الله .
  • وهي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه.
  • وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها.
  • وهي أفضل ما قاله النبيون، كما ورد ذلك في دعاء يوم عرفة.
  • وهي أفضل الذكر.
  • وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان.
  • أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
  • وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.
  • ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء
  • ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها.
  • لا يسوي الله بين من كان من أهلها وإن قصّر وبين المشرك.
  • من كان من أهلها وعارفا محبا لله خاف أن يحجب عنه أكثر من خوفه عدابه .




المقاصد الفرعية للرسالة
بيّن المصنف في المقدمة ما يلي :
  • ثواب من أتى بالشهادتين .
  • الإتيان بالشهادتين يقتضي دخول الجنة والنجاة من النار إذا أتى العبد بشروطها وانتفت عنه موانعها.
  • لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمدا رسول الله وما تستلزمه من المحبة .
  • آثار تمكن محبة الرب من قلب العبد.
  • عواقب إشراك العبد أحدا مع ربه في قلبه .
  • جزاء أهل محبة الرب تبارك وتعالى .
  • آثار الصدق في كلمة التوحيد .
  • عاقبة ضعف الصدق فيها .
  • عناية الله تعالى بمن يحب من عباده .
  • فطرة الله القلوب على أصل الطهارة ، وعلى العبد أن يبذل وسعه في ردها إلى أصلها بعد أن نجستها الخطايا


ثم بين في فصل آخر: فضائل لا إله إلا الله .

المقصد العام للرسالة : بيان أهمية "لا إله إلا الله " وإبراز أهم فضائلها ، وما تقتضيه هذه الكلمة إذا اكتملت شروطها وانتفت موانعها ، ووجوب الصدق فيها وأن الإيمان بها يقتضي الإيمان بأن محمدا رسول الله وما يستلزمه هذا الإيمان من محبة الله ورسوله ووجوب طاعتهما ، مع إلقاء الضوء على أثار هذه المحبة وجزاء أهلها وعناية الرب تبارك وتعالى لمن أحب من عباده ، وعواقب الإشراك مع الله واتباع الهوى

التلخيص :

المقدمة
  • ثواب من أتى بالشهادتين .
  • من أتى بالشهادتين دخل الجنة ولم يحجب عنها .
وأدلته :ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة أو أبي سعيد بالشك أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأصابتهم مجاعة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم فجعل الرجل يجيء بكف ذرة ويجيء الآخر بكف تمر ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بالبركة ثم قال: ((خذوا في أوعيتكم)) فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملؤوه فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)).

  • وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.

  • وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة يطول ذكرها.
فمن أتى بالتوحيد الخالص رغم ما أتى به من الذنوب وإن كانت من الكبائر ؛ لم يحجب عن الجنة إذا طهر من ذنوبه أو عذب عليها ويشهد له مافي مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ((من قال: لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه)).

  • من أتى بالشهادتين حرم على النار .
وأدلته : ماخرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذا يتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما).
  • وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)).
  • وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرمه الله على النار))

وحمل البعض الأدلة على تحريم النار عليهم على:
1- الخلود فيها .
2- على نار يخلد فيها أهلها وهي ما سوى الدرك الأعلى .

وذكر آخرون أنّ الإتيان بالشهادتين يقتضي دخول الجنة والنجاة من النار ولكن إذا أتى العبد بشىروطها وجاء بها بحقها وانتفت عنه موانعها.
فإن تخلف شرط من شروط لا إله إلا الله ، أو وجد مانع ؛ منع من دخول الجنة أو النجاة من النار .
وقد استدل ابن رجب على صحة هذا القول بـــأن النبى صلى الله عليه وسلم رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص منها :
  • ما في الصحيحين عن أبي أيوب أن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم)).

- وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان)) فقال الرجل: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا)).

  • وفي المسند عن بشير بن الخصاصية قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أؤدي الزكاة وأن أحج حجة الإسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت: يا رسول الله أما اثنتين فوالله لا أطيقهما الجهاد والصدقة، فإنهم زعموا أنه من ولّى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف إن حضرت تلك جشمت نفسي وكرهت الموت، والصدقة فوالله ما لي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهن، قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حركها ثم قال: ((فلا جهاد ولا صدقة فبم تدخل الجنة إذا؟)) قلت: يا رسول الله أبايعك فبايعته عليهن كلهن)، ففي هذا الحديث أن الجهاد والصدقة شرط في دخول الجنة مع حصول التوحيد والصلاة والصيام والحج.

- ونظير هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله))، ففهم عمر وجماعة من الصحابة أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك فتوقفوا في قتال مانع الزكاة، وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله صلى الله عليه وسلم:((فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله)) وقال:((الزكاة حق المال)).
وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة))، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}، كما دلّ قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} على أن الأخوّة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد، فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابا، فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا تُرفع عمن أدّى الشهادتين مطلقا بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام فكذلك عقوبة الآخرة.


فكل ما سبق من أدلة يؤيد أهمية الأعمال الصالحة لدخول الجنة وأن الإيمان قول وعمل .

*اختلاف العلماء في الأحاديث المذكور فيها ثواب الشهادتين ولم تذكر فيها الأعمال .
1- أنها كانت قبل نزول الفرائض والحدود .ذكره ابن رجب الزهري والثوري وغيرهما .
واستبعده الشيخ لأن كثيرا منها كان بالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك وهي في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أنها منسوخة بالفرائض والحدود .ذكره ابن رجب عن الثوري وغيره.
وقد وجّه مرادهم بالنسخ هو البيان والإيضاح ، وأن السلف كثيرا ما كانوا يطلقون النسخ ويراد به البيان ، ومقصودهم أن آيات الفرائض والحدود تبين بها توقف دخول الجنة والنجاة من النار على فعل الفرائض واجتناب المحارم، فصارت تلك النصوص منسوخة أي مبيَّنة مفسَّرة ونصوص الحدود والفرائض ناسخة أي مفسِّرة لمعنى تلك موضحة لها.
3- أنها محكمة ولكن ضم إليها شرائط .
4-أن تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيدة في أحاديث أخر.
واستدل له بــــ ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا)) وفي بعضها: ((مستيقنا)) وفي بعضها ((يصدق لسانه)) وفي بعضها ((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها ((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)).
وعند التحقيق نجد أن هذا النصوص تشير إلى عمل القلب بل وتؤكد على أهميته في اقتضاء الشهادتين لدخول الجنة والنجاة من النار ، فإذا خلا القلب من أعمال القلوب من الإخلاص والمحبة والرجاء والخوف والتوكل والإجلال وغيرها ، فكيف يعبد ربه إذن ؟ فقد غاب الدافع على العمل .
ومن أشرك مخلوقا في هذه الأمور فقد نقص توحيده بقدر إشراكه ، ولذلك:


*يطلق الشرك والكفر على كثير من المعاصي التي تؤدي إلى نقص توحيد العبد وإن كان المقصود به الشرك الأصغر الغير مخرج عن الملة .
وأمثلته :
  • إطلاق الشرك على الرياء
  • وعلى الحلف بغير الله
  • وعلى التوكل على غير الله والاعتماد عليه.
  • وعلى من سوّى بين الله وبين المخلوق في المشيئة مثل أن يقول: ما شاء الله وشاء فلان وكذا قوله: ما لي إلا الله وأنت.
  • وكذلك ما يقدح في التوحيد وتفرُّد الله بالنفع والضر كالطيرة والرقى المكروهة، وإيتان الكهان وتصديقهم بما يقولون.
  • وكذلك اتّباع هوى النفس فيما نهى الله عنه قادح في تمام التوحيد وكماله،.
ولهذا أطلق الشرع على كثير من الذنوب التي منشؤها من هوى النفس أنها كفر وشرك .
  • كقتال المسلم
  • ومن أتى حائضا أو امرأة في دبرها
  • ومن شرب الخمرة في المرة الرابعة.
وإن كان ذلك لا يخرج عن الملة بالكلية ولهذا قال السلف: كفر دون كفر وشرك دون شرك ،
*كما ورد إطلاق الإله على الهوى المتَّبع.
  • ويدل عليه قوله تعالى : : {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال: هو الذي لا يهوى شيئا إلا ركبه، وقال قتادة: هو الذي كلما هوي شيئا ركبه وكلما اشتهى شيئا أتاه لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى.
    - وروي من حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف: ((ما تحت ظل سماء إله يعبد أعظم عند الله من هوى متبع)).
    - وفي حديث أخر: ((لا تزال "لا إله إلا الله" تدفع عن أصحابها حتى يؤثروا دنياهم على دينهم فإذا فعلوا ذلك ردت عليهم ويقال لهم: كذبتم)).
    - ويشهد لذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش))،
  • ويدلّ عليه أيضا أن الله تعالى سمى طاعة الشيطان في معصيته عبادة للشيطان، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان}.
    وقال تعالى حاكيا عن خليله إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا}،
  • فدلّ هذا على أن كل من أحب شيئا وأطاعه وكان غاية قصده ومطلوبه ووالى لأجله وعادى لأجله فهو عبده وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه.
    كما أن من قال: "لا إله إلا الله" بلسانه ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعله قوله ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى،
  • ويشهد لذلك قوله: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}،
  • وقوله :{ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}.

    ونخلص مما تقدم أن :
*المحبة الخالصة لله من مقتضيات شهادة أن لا إله إلا الله .
فمن أحب شيئا مما يكرهه الله أو كره شيئا مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قول "لا إله إلا الله" وكان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما يحبه الله وما أحبه مما يكرهه الله.
  • قال الله تعالى: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}.
    -و قال الليث عن مجاهد في قوله: {لا يشركون بي شيئا} قال: لا يحبون غيري.
    - وفي صحيح الحاكم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض))
  • قال الله عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله})) وهذا نصّ في أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة فيه من الشرك الخفي.
    - وقال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.
    - وسئل ذو النون متى أحب ربي قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر.
    - وقال بشر بن السرّي: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك.
    - وقال أبو يعقوب النهر جوري: كل من ادّعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة.
    - وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده.
    - وقال رويم: المحبة الموافقة في جميع الأحوال وأنشد:
ولو قلت لي مت قلت سمعا طاعة .. وقلت لداعي الموت أهلا ومرحبا

ويشهد لهذا المعنى أيضا قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}.
قال الحسن: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا نحب ربنا حبا شديدا"، فأحب الله أن يجعل لحبه علما فأنزل الله تعالى هذه الآية.
ومن هاهنا يعلم أنه:

  • لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمدا رسول الله
*محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته.
فلا طريق إلى معرفة ما يحبه الله وما وما يكرهه إلا من جهة محمد المبلّغ عن الله ما يحبه وما يكرهه باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه .
*وقد قرن الله تعالى محبتة بمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم في كثير من النصوص :
في قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم} إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله}،
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقده الله منه كما يكره أن يلقى في النار)).
*اقتران طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة.
كقوله : (( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول )) وغيرها من النصوص .


* آثار تمكن محبة الرب من قلب العبد:
إذا تمكنت المحبة من قلب العبد كانت له باعثا على طاعة ربه وبذل نفسه وروحه سمحة طيبة فداء لذلك كما كان حال سحرة فرعون فقد قالوا لفرعون: {اقض ما أنت قاض}
  • وهذا هو معنى الحديث الإلهي الذي خرجه البخاري في صحيحه وفيه: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها))، وقد قيل إن في بعض الروايات: ((فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي))،
والمعنى أن محبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى مراضي الرب وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة مولاها عن مرادها وهواها، ومتى بقي للمحب حظ من نفسه فما بيده من المحبة إلا الدعوى.

* عواقب إشراك العبد أحدا مع ربه في قلبه :
1- عدم رضى الرب بالمزاحمة في قلب العبد وإشراك غيره معه في محبته .
متى كان القلب فيه غير الله فالله أغنى الأغنياء عن الشرك وهو لا يرضى بمزاحمة أصنام الهوى، فالحق تعالى غيور يغار على عبده المؤمن أن يسكن في قلبه سواه أو يكن فيه شيء ما يرضاه.

أردناكم صرفا فلما مزجتم ** بعدتم بمقدار التفاتكم عنا
وقلنا لكم لا تسكنوا القلب غيرنا ** فأسكنتم الأغيار ما أنتم منا.

2- هلاك من لقى الله بقلب غير سليم قد أشرك فيه معه غيره وعدم نجاته يوم القيامة .
فلا ينجو غدا إلا من لقي الله بقلب سليم ليس فيه سواه قال الله تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}.
.
معنى القلب السليم .
الطاهر من أدناس المخالفات، فأما المتلطخ بشيء من المكروهات فلا يصلح لمجاورة حضرة القدوس إلا بعد أن يطهر في كير العذاب، فإذا زال عنه الخبث صلح حينئذ للمجاورة، ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا))، فأما القلوب الطيبة فتصلح للمجاورة من أول الأمر {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} {الذين يتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة}.
أما من لم يكمل تحقيق التوحيد والقيام بحقوقه فقد يحتاج إلى التطهر بنار جهنم أعاذنا الله وإياكم منها .

3- أول من تسعر به النار من الموحدين العباد المراؤون بأعمالهم .
وأولهم العالم والمجاهد والمتصدق للرياء لأن الرياء شرك ولو كان يسيراً .
فما نظر المرائي إلى الخلق بعلمه إلا لجهله بعظمة الخالق.


4- وبعد أهل الرياء، يدخل النار أصحاب الشهوة وعبيد الهوى .
الذين أطاعوا هواهم وعصوا مولاهم واتبعوا خطوات الشيطان .

جزاء أهل محبة الرب تبارك وتعالى .
*نار المحبة في قلوب المحبين تخاف منها نار جهنم وتنطفئ بنور إيمانهم .
  • وفي الحديث تقول النار للمؤمن: ((جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي)).
    - وفي المسند عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجا من بردهم)).
وهذه ميراث ورثه المحبون من حال الخليل عليه السلام.
- قال الجنيد: قالت النار: يا رب لو لم أطعك هل كنت تعذبني بشيء أشد مني قال: أسلط عليك ناري الكبرى قالت: وهل نار أعظم مني وأشد؟ قال: نعم نار محبتي أسكنتها قلوب أوليائي المؤمنين.

قفا قليلا بها علي فلا ** أقل من نظرة أزودها
ففي فؤاد المحب نار جوى ** أحر نار الجحيم أبردها.

*لشوق المحب ووجده حرارة في قلبه لا يطفئ بعضها إلا دموعه.

- كان بعض العارفين يقول: أليس عجبا أن أكون بين أظهركم وفي قلبي من الاشتياق إلى ربي مثل الشعل التي لا تنطفئ.

ولم أر مثل نار الحب نارا ** تزيد ببعد موقدها اتقادا.

فلولا دموع المحبين تطفئ بعض حرارة الوجد والشوق لاحترقوا كمدا.

دعوه يطفي بالدموع حرارة ** على كبد حري دعوه دعوه
سلوا عاذليه يعذروه هنيهة ** فبالعذل دون الشوق قد قتلوه


*شوق المحبين لربهم يشغلهم عمن سواه .

ما للعارفين شغل بغير مولاهم ولا هم في غيره، وفي الحديث: ((من أصبح وهمه غير الله فليس من الله)).
قال بعضهم: من أخبرك أن وليه له هم في غيره فلا تصدقه.
وكان داود الطائي يقول: همك عطّل علي الهموم، وحالف بيني وبين السهاد، وشوقي إلى النظر إليك أوبق مني اللذات، وحال بيني وبين الشهوات، فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب.

ما لي شغل سواه ما لي شغل ** ما يصرف عن هواه قلبي عذل
ما أصنع إن جفا وخاب الأمل ** مني بدل ومنه ما لي بدل.


*آثار الصدق في كلمة التوحيد .
قال صلى الله عليه وسلم: ((من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار))،
فمن قالها مصدقا بها قلبه طهر هذا القلب ممن سوى الله ، ومن ثم لم يحب سوي الله ولم يرج سواه ولم يخش أحدا إلا الله ولم يتوكل إلا على الله ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه .
ومع ذلك فالمحب غير مطالب بالعصمة ولكن كلما زلّ عليه بالمسارعة بالإنابة والتوبة .


*آثار ضعف الصدق فيها .
من قلّ صدقه في كلمة التوحيد عرّض نفسه لدخول النار ؛رغم أنه من أهل هذه الكلمة ؛وذلك لبقاء أثر سوى الله في قلب العبد .


* عناية الله تعالى بمن يحب من عباده .
قال زيد بن أسلم: إن الله ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول: اذهب فاعمل ما شئت فقد غفرت لك.
وقال الشعبي: إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب.
ومعناه : أن الله إذا أحب عبده كان له به عناية وتربية خاصة ، فكلما زل العبد تاب الله عليه بأن حبب إليه التوبة ويسر له طرقها ثم يقبلها منه ، ويبتليه بالمصائب حتى يكفر عنه ما اقترف من الذنوب .
  • وفي بعض الآثار يقول الله تعالى: ((أهل ذكرى أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب)).
  • وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث)).
  • وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن مغفل أن رجلا لقي امرأة كانت بغيا في الجاهلية فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها فقالت: مه فإن الله قد أذهب الشرك وجاء بالإسلام، فتركها وولى، فجعل يلتفت خلفه ينظر إليها حتى أصاب الحائط وجهه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر، فقال: ((أنت عبد أراد الله بك خيرا)) ثم قال: ((إن الله إذا أراد بعبده شرا أمسك ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة)).


  • فطر الله القلوب على أصل الطهارة وعلى العبد أن يبذل وسعه في ردها إلى أصلها بعد أن نجستها الخطايا .
فطر الله القلوب على أصل الطهارة فطرة الله السوية ، وإنما نجستها الذنوب والخطايا ، وعلى العبد المبادرة بالتوبة والأوبة، وغسيل الذنوب وتطهيرها بدموع العيون ، وفطام النفس عن رضاع الهوى ، وتذكيرها بما عند الله من الثواب ، وجبرها على الانقياد والاستسلام لطاعة الله ، وتعريفها بخالقها وواسع علمه وعظيم مراقبته ؛ لعلها تستحي من قربه ونظره ومراقبته ،
قال المحاسبي: المراقبة علم القلب بقرب الرب كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره.
وصّى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يستحي من الله كما يستحي من رجل صالح من عشيرته لا يفارقه.
قال بعضهم: استح من الله على قدر قربه منك وخف الله على قدر قدرته عليك.
كان بعضهم يقول لي: منذ أربعين سنة ما خطوت لغير الله، ولا نظرت إلى شيء أستحسنه حياء من الله عز وجل.

كأن رقيبا منك يرعى خواطري ** وآخر يرعى ناظري ولساني
فما أبصرت عيناي بعدك منظرا ** لغيرك إلا قلت قد رمقاني
ولا بدرت من في بعدك لفظة ** لغيرك إلا قلت قد سمعاني
ولا خطرت من ذكر غيرك خطرة ** على القلب إلا عرجا بعناني).

فصل: في فضائل لا إله إلا الله.
كلمة التوحيد لها فضائل عظيمة نذكر بعض ما ورد فيها..

  • فهي كلمة التقوى كما قال عمر -رضي الله عنه- من الصحابة.
  • وهي كلمة الإخلاص
  • وشهادة الحق
  • ودعوة الحق
  • وبراءة من الشرك
  • ونجاة هذا الأمر
  • ولأجلها خلق الخلق.
كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

  • ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.
وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون}، وهذه الآية أول ما عدّد الله على عباده من النعم في سورة آية النعم التي تسمى النحل،
ولهذا قال ابن عيينة: ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم "لا إله إلا الله" وإن "لا إله إلا الله" لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا.

  • ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
  • ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
  • وفي مسند البزار وغيره عن عياض الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لا إله إلا الله كلمة حق على الله كريمة، ولها من الله مكان، وهي كلمة من قالها صادقا أدخله الله بها الجنة، ومن قالها كاذبا حقنت دمه واحرزت ماله ولقي الله غدا فحاسبه))،
  • وهي مفتاح الجنة ومفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
  • وهي ثمن الجنة، قاله الحسن وجاء مرفوعا من وجوه ضعيفة.
  • ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة.
  • وهي نجاة من النار، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: ((خرج من النار)) خرجه مسلم.
  • وهي توجب المغفرة.
في المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما: ((ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله)) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: ((الحمد لله اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني بها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد)) ثم قال: ((أبشروا فإن الله قد غفر لكم)).
  • وهي أحسن الحسنات.
قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كلمني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: ((إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها)) قلت: يا رسول الله "لا إله إلا الله" من الحسنات؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)).
  • وهي تمحو الذنوب والخطايا.
وفي سنن ابن ماجه عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل)).
رؤي بعض السلف بعد موته في المنام فسئل عن حاله فقال: ((ما أبقت "لا إله إلا الله" شيئا)).
  • وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب.
وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله").
  • وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نوحا قال لابنه عند موته: آمرك بـ "لا إله إلا الله"، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت "لا إله إلا الله" في كفة رجحت بهن "لا إله إلا الله"، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن في حلقة مبهمة فصمتهن "لا إله إلا الله".
وفيه أيضا عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أن موسى عليه السلام قال: يا رب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به قال: يا موسى قل "لا إله إلا الله"، قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا، قال: قل "لا إله إلا الله"، قال: لا إله إلا أنت يا رب إنما أريد شيئا تخصني به، قال: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة و"لا إله إلا الله" في كفة مالت بهن "لا إله إلا الله").
  • وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
كما في حديث السجلات والبطاقة، وقد خرجه أحمد والنسائي والترمذي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
  • وهي تحجب الحجب حتى تصل إلى الله .
وفي الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه)).
وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر)).
ويروى عن ابن عباس مرفوعا: ((ما من شيء إلا بينه وبين الله حجاب إلا قول لا إله إلا الله كما أن شفتيك لا تحجبها كذلك لا يحجبها شيء حتى تنتهي إلى الله عز وجل)).
وقال أبو أمامة: ما من عبد يهلل تهليلة فينهنها شيء دون العرش.
  • وهي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه.
خرج النسائي في كتاب اليوم والليلة من حديث رجلين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مخلصا بها روحه مصدقا بها لسانه إلا فتق له السماء فتقا حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر إليه أن يعطيه سؤله)).

  • وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها.
كما أخرج النسائي والترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال العبد: "لا إله إلا الله والله أكبر" صدقه ربه وقال: "لا إله إلا أنا وأنا أكبر"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" يقول الله: "لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد" قال الله: "لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد"، وإذا قال: "لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله" قال الله: "لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي")) وكان يقول: ((من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار)).

  • وهي أفضل ما قاله النبيون، كما ورد ذلك في دعاء يوم عرفة.

  • وهي أفضل الذكر.
كما في حديث جابر المرفوع: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله))، وعن ابن عباس: أحب كلمة إلى الله لا إله إلا الله لا يقبل الله عملا إلا بها.

  • وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان.
وكما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحي عنه مائة سيئة ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
وفيهما أيضا عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)).
وفي الترمذي عن ابن عمر مرفوعا: ((من قالها إذا دخل السوق وزاد فيها: "يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا الله عنه ألف ألف سيئة ورفع الله له ألف ألف درجة))، وفي رواية: ((ويبني له بيت في الجنة)).

  • ومن فضائلها أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
كما في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله قد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن))، وفي حديث مرسل: ((من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين كل يوم مائة مرة كانت له أمانا من الفقر وأنسا من وحشة القبر واستجلبت له الغنى واستفرغت له باب الجنة)).

  • وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.
قال النضر بن عربي: بلغني أن الناس إذا قاموا من قبورهم كان شعارهم لا إله إلا الله، وقد خرج الطبراني حديثا مرفوعا: ((إن شعار هذه الأمة على الصراط لا إله إلا أنت)).

  • ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
كما في حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أتى بالشهادتين بعد الوضوء وقد خرجه مسلم.
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)).
وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة منامه الطويل وفيه قال: ((ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فأغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله فتحت له الأبواب وأدخلته الجنة)).

  • ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها.
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)).
  • لا يسوي الله بين من كان من أهلها وإن قصّر وبين المشرك .
وأخرج الطبراني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم فيقول لهم عبدة اللات والعزى ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله فيغضب الله لهم فيخرجهم من النار فيدخلون الجنة))، ومن كان في سخطه يحسن فكيف يكون إذا ما رضي لا يسوي بين من وحده وإن قصر في حقوق توحيده وبين من أشرك به
قال بعض السلف: كان إبراهيم عليه السلام يقول: اللهم لا تشرك من كان يشرك بك شيئا بمن كان لا يشرك بك.
كان بعض السلف يقول في دعائه: اللهم إنك قلت عن أهل النار: إنهم {أقسموا بالله جهد إيمانهم لا يبعث الله من يموت}، ونحن نقسم بالله جهد أيماننا ليبعثن الله من يموت، اللهم لا تجمع بين أهل القسمين في دار واحدة.

كان أبو سليمان يقول: إن طالبني ببخلي طالبته بجوده وإن طالبني بذنوبي طالبته بعفوه وإن أدخلني النار أخبرت أهل النار أني أحبه.

ما أطيب وصله وما أعذبه ** وما أثقل هجره وما أصعبه
وفي السخط والرضى ما أهيبه ** القلب يحبه وإن عذبه

وكان بعض العارفين يبكي طول ليله ويقول: إن تعذبني فإني لك محب وإن ترحمني فإني لك محب.
  • المحبون العارفون يخافون من الحجاب أكثر مما يخافون من العذاب.
قال ذو النون: خوف النار عند خوف الفراق كقطرة في بحر لجي.
كان بعضهم يقول: إلهي وسيدي ومولاي لو أنك عذبتني بعذابك كله كان ما فاتني من قربك أعظم عندي من العذاب.
قيل لبعضهم: لو طردك ما كنت تفعل؟ فقال:

إذا أنا لم أجد من الحب وصلا ** رمت في النار منزلا ومقيلا
ثم أزعجت أهلها بندائي ** بكرة في عرصاتها وأصيلا
معشر المشركين ناحوا على من ** يدعي أنه يحب الجليلا
لم يكن في الذي ادعاه محقا ** فجزاه به العذاب الطويلا

ثم ختم المؤلف رسالته بهذه الكلمة :
إخواني!
اجتهدوا اليوم في تحقيق التوحيد فإنه لا ينجي من عذاب الله إلا إياه ما نطق الناطقون إذ نطقوا أحسن من "لا إله إلا الله".

ما نطق الناطقون إذ نطقوا ** أحسن من لا إله إلا هو
تبارك الله ذو الجلال ومن ** أشهد أن لا إله إلا هو
من لذنوبي ومن يمحصها ** غيرك يا من لا إله إلا هو
جنان خلد لمن يوحده ** أشهد أن لا إله إلا هو
نيرانه لا تحرق من ** يشهد أن لا إله إلا هو
أقولها مخلصا بلا بخل ** أشهد أن لا إله إلا هو


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 8 ذو الحجة 1439هـ/19-08-2018م, 10:50 AM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي تلخيص مقاصد رسالة ابن تيمية العبادات الشرعية والبدعية

عنوان الرسالة ( تمييز الحق من الباطل في العبادات بين شرعيها وبدعيها ) والرد على المخالفين
*** الحدود الفاصلة بين الحلال والحرام

= كثرة الاضطراب في هذه المسألة
= أصل الدين بالنسبة للحلال والحرام
= ذم المشركين في تغيير شرع الله
= أمثلة عن تحريف المشركين لشرع الله

*** أنواع العبادات الشرعية

= تعريف المشروع :
= أصول العبادات الدينية
= القدر المشروع من العبادات
= ماذا يتضمن الوجه المشروع من العبادات
= ترتيب العبادات البدنية من ناحية الأفضلية
= أمثلة عن العبادات والتي منها واجب ومستحب
= الأماكن المشروعة التي تقصد للعبادة
*** الحدود الفاصلة بين الحلال والحرام
*** الغلو في العبادات

= أصل الغلو في العبادات
= النذر ( أمثلة من العبادات التي تقضد على وجه الغلو )
*** متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وأحوالها

أولاً : متابعة النبي صلى الله عليه وسلم التي أمرنا بها
ثانياً : متى يكون الأمر مستحبا أو مشروعا
ثالثاً : اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله متى يكون عبادة
رابعاً : تباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله المباحة التي لم يقصد منها التعبد
خامساً : هل يجوز فعله عبادة ؟؟
= التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم هل هو مباح أم بدعة ؟؟
*** مجانبة أهل البدع لأهل العلم
= حرص أهل البدع في البعد عن العلم وأهله
= السبب الداعي لأهل البدع في البعد عن العلم
*** أمثلة عن العبادات البدعية والرد عليها
أولاً : الذكر بالاسم المفرد

= حكم الذكر بالاسم المفرد
= الحجج التي يستند إليها من يجيز الذكر بالاسم المفرد
= حكم الاقتصار على الذكر الشرعي المجرد
ثانياً : الخلوة

= الخلوة الشرعية وأحوالها
= أنواع العبادات في الخلوات
= أمثلة على البدع في الخلوات والرد عليها
= الرد على هذه البدع
1-: الرد على كلام الموتى .
2-: الفرق بين الخاطر الرحماني والخاطر الشيطاني
3- الرد على قولهم "أعطاني الله "
4- الحجج الواهية لأصحاب الخلوات
5- تشبيه دين بدين وما قبل النبوة على ما بعد النبوة
ثالثاً : المعازف
1- مايسببه سماع المعازف من الاثام
2- قصة ابن تيمية مع أهل السماع

تفاصيل مسائل الرسالة
= كثرة الاضطراب في هذه المسألة
فإنّ هذا بابٌ كثر فيه الاضطراب كما كثر في باب الحلال والحرام، فإنّ أقوامًا استحلّوا بعض ما حرّمه اللّه وأقوامًا حرّموا بعض ما أحلّ اللّه تعالى وكذلك أقوامًا أحدثوا عباداتٍ لم يشرّعها اللّه بل نهى عنها.

= أصل الدين بالنسبة للحلال والحرام
وأصل الدّين: أنّ الحلال ما أحلّه اللّه ورسوله والحرام ما حرّمه اللّه ورسوله والدّين ما شرعه اللّه ورسوله؛ ليس لأحد أن يخرج عن الصّراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله. قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}، وفي حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله}".

= ذم المشركين في تغيير شرع الله
وقد ذكر اللّه تعالى في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما ما ذمّ به المشركين حيث حرّموا ما لم يحرّمه اللّه تعالى

= أمثلة عن تحريف المشركين لشرع الله
كالبحيرة والسّائبة،
واستحلّوا ما حرّمه اللّه كقتل أولادهم،
وشرعوا دينًا لم يأذن به اللّه، فقال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به اللّه}،
ومنه أشياء هي محرّمةٌ جعلوها عباداتٍ كالشّرك والفواحش مثل الطّواف بالبيت عراةً وغير ذلك. والكلام في الحلال والحرام له مواضع أخر،


*** أنواع العبادات الشرعية

= تعريف المشروع :
هو الّذي يتقرّب به إلى اللّه تعالى وهو سبيل اللّه وهو البرّ والطّاعة والحسنات والخير والمعروف وهو طريق السّالكين ومنهاج القاصدين والعابدين وهو الّذي يسلكه كلّ من أراد اللّه هدايته وسلك طريق الزّهد والعبادة وما يسمّى بالفقر والتّصوّف ونحو ذلك.
منها ما كان محبوبًا للّه ورسوله مرضيًّا للّه ورسوله، إمّا واجبٌ وإمّا مستحبٌّ كما في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه).

= أصول العبادات الدينية
و العبادات الدّينيّة أصولها الصّلاة والصّيام والقراءة الّتي جاء ذكرها في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ قال: بلى، قال: فلا تفعل فإنّك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النّفس، ثمّ أمره بصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، فقال إنّي أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يومٍ وفطر يومٍ، فقال: إنّي أطيق أكثر من ذلك فقال: لا أفضل من ذلك وقال: أفضل الصّيام صيام داود عليه السّلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرّ إذا لاقى، وأفضل القيام قيام داود كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأمره أن يقرأ القرآن في سبعٍ).

= القدر المشروع من العبادات
ثمّ هذه الأجناس الثّلاثة مشروعةٌ؛ ولكن يبقى الكلام في القدر المشروع منها، وله صُنّف كتاب "الاقتصاد في العبادة"، وقال أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
والكلام في سرد الصّوم وصيام الدّهر سوى يومي العيدين وأيّام التّشريق وقيام جميع اللّيل هل هو مستحبٌّ كما ذهب إلى ذلك طائفةٌ من الفقهاء والصّوفيّة والعبّاد أو هو مكروهٌ كما دلّت عليه السّنّة، وإن كان جائزًا لكنّ صوم يومٍ وفطر يومٍ أفضل وقيام ثلث اللّيل أفضل

= ماذا يتضمن الوجه المشروع من العبادات
- الصّلوات المشروعة واجبها ومستحبّها ويدخل في ذلك
* قيام اللّيل المشروع وقراءة القرآن على الوجه المشروع والأذكار والدّعوات الشّرعيّة،
* ما كان من ذلك موقّتًا بوقت كطرفي النّهار
* ما كان متعلّقًا بسبب كتحيّة المسجد وسجود التّلاوة وصلاة الكسوف وصلاة الاستخارة
* ما ورد من الأذكار والأدعية الشّرعيّة في ذلك وهذا يدخل فيه أمورٌ كثيرةٌ وفي ذلك من الصّفات ما يطول وصفه
- وكذلك يدخل فيه الصّيام الشّرعيّ
* كصيام نصف الدّهر وثلثه أو ثلثيه أو عشره وهو صيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ
- ويدخل فيه السّفر الشّرعيّ
* كالسّفر إلى مكّة وإلى المسجدين الآخرين
- يدخل فيه الجهاد على اختلاف أنواعه وأكثر الأحاديث النّبويّة في الصّلاة والجهاد
- يدخل فيه قراءة القرآن على الوجه المشروع.

= ترتيب العبادات البدنية من ناحية الأفضلية
- بل أفضل العبادات البدنيّة الصّلاة ثمّ القراءة ثمّ الذّكر ثمّ الدّعاء،
- والمفضول في وقته الّذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتّسبيح في الرّكوع والسّجود فإنّه أفضل من القراءة، وكذلك الدّعاء في آخر الصّلاة أفضل من القراءة،
- ثمّ قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل، وقد ييسّر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقّه لعجزه عن الأفضل كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسّرًا عليه والفاضل متعسّرًا عليه فإنّه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذٍ أولى به.

= أمثلة عن العبادات والتي منها واجب ومستحب
* الصّلاة منها فرضٌ وهي الصّلوات الخمس ومنها نافلةٌ كقيام اللّيل،
* الصّيام فيه فرضٌ وهو صوم شهر رمضان ومنه نافلةٌ كصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ،
* السّفر إلى المسجد الحرام فرضٌ وإلى المسجدين الآخرين -مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبيت المقدس - مستحبٌّ،
* الصّدقة منها ما هو فرضٌ ومنها ما هو مستحبٌّ وهو العفو كما قال تعالى:{ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}، وفي الحديث الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (يا ابن آدم إنّك إن تنفق الفضل خيرٌ لك وإن تمسكه شرٌّ لك ولا تلام على كفافٍ، واليد العليا خيرٌ من اليد السّفلى وابدأ بمن تعول).

= الأماكن المشروعة التي تقصد للعبادة
ولم يشرع اللّه تعالى للمسلمين مكانًا يقصد للصّلاة إلّا المسجد ولا مكانًا يقصد للعبادة إلّا المشاعر، فمشاعر الحجّ كعرفة ومزدلفة ومنًى تقصد بالذّكر والدّعاء والتّكبير لا الصّلاة بخلاف المساجد فإنّها هي الّتي تقصد للصّلاة وما ثمّ مكانٌ يقصد بعينه إلّا المساجد والمشاعر وفيها الصّلاة والنّسك، قال تعالى: {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت}، وما سوى ذلك من البقاع فإنّه لا يستحبّ قصد بقعةٍ بعينها للصّلاة ولا الدّعاء ولا الذّكر إذ لم يأت في شرع اللّه ورسوله قصدها لذلك وإن كان مسكنًا لنبيّ أو منزلًا أو ممرًّا .

*** الغلو في العبادات

= أصل الغلو في العبادات
الأصل في ذلك حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى تحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
وهؤلاء غلوا في العبادات بلا فقهٍ فآل الأمر بهم إلى البدعة، فقال: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة، أينما وجدتموهم فاقتلوهم فإنّ في قتلهم أجرًا عند اللّه لمن قتلهم يوم القيامة)، فإنّهم قد استحلّوا دماء المسلمين وكفّروا من خالفهم. وجاءت فيهم الأحاديث الصّحيحة، قال الإمام أحمد بن حنبلٍ -رحمه اللّه تعالى-: "صحّ فيهم الحديث من عشرة أوجهٍ"، وقد أخرجها مسلمٌ في صحيحه وأخرج البخاريّ قطعةً منها.

= النذر ( أمثلة من العبادات التي تقضد على وجه الغلو )
- النذر بين الشرك والإيمان
وقد يكون سببه نذرًا لغير اللّه سبحانه وتعالى، مثل أن ينذر لصنم أو كنيسةٍ أو قبرٍ أو نجمٍ أو شيخٍ ونحو ذلك من النّذور الّتي فيها شركٌ، فإذا أشرك بالنّذر فقد يعطيه الشّيطان بعض حوائجه كما تقدّم في السّحر، وهذا بخلاف النّذر للّه تعالى فإنّه ثبت في الصّحيحين عن ابن عمر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى عن النّذر وقال: (إنّه لا يأتي بخير وإنّما يستخرج به من البخيل)، وفي الصّحيحين عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه، وفي روايةٍ: (فإنّ النّذر يلقي ابن آدم إلى القدر)، فهذا المنهيّ عنه هو النّذر الّذي يجب الوفاء به منهيٌّ عن عقده، ولكن إذا كان قد عقده فعليه الوفاء به كما في صحيح البخاريّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (من نذر أن يطيع اللّه فليطعه ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه).

- حكمة النهي عن النذر
= وإنّما نهى عنه صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه لا فائدة فيه إلّا التزام ما التزمه وقد لا يرضى به فيبقى آثمًا، وإذا فعل تلك العبادات بلا نذرٍ كان خيرًا له،
= والنّاس يقصدون بالنّذر تحصيل مطالبهم فبيّن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ النّذر لا يأتي بخير، فليس النّذر سببًا في حصول مطلوبهم وذلك أنّ النّاذر إذا قال: للّه عليّ إن حفّظني اللّه القرآن أن أصوم مثلًا ثلاثة أيّامٍ أو إن عافاني اللّه من هذا المرض أو إن دفع اللّه هذا العدوّ أو إن قضى عنّي هذا الدّين فعلت كذا فقد جعل العبادة الّتي التزمها عوضًا من ذلك المطلوب، واللّه سبحانه لا يقضي تلك الحاجة بمجرّد تلك العبادة المنذورة، بل ينعم على عبده بذلك المطلوب ليبتليه أيشكر أم يكفر؟ وشكره يكون بفعل ما أمره به وترك ما نهاه عنه.
= وأمّا تلك العبادة المنذورة فلا تقوم بشكر تلك النّعمة ولا ينعم اللّه تلك النّعمة ليعبده العبد تلك العبادة المنذورة الّتي كانت مستحبّةً فصارت واجبةً؛ لأنّه سبحانه لم يوجب تلك العبادة ابتداءً، بل هو يرضى من العبد بأن يؤدّي الفرائض ويجتنب المحارم، لكنّ هذا النّاذر يكون قد ضيّع كثيرًا من حقوق اللّه ثمّ بذل ذلك النّذر لأجل تلك النّعمة وتلك النّعمة أجلّ من أن ينعم اللّه بها لمجرّد ذلك المبذول المحتقر،
= وإن كان المبذول كثيرًا والعبد مطيعٌ للّه فهو أكرم على اللّه من أن يحوجه إلى ذلك المبذول الكثير؛ فليس النّذر سببًا لحصول مطلوبه كالدّعاء فإنّ الدّعاء من أعظم الأسباب وكذلك الصّدقة وغيرها من العبادات جعلها اللّه تعالى أسبابًا لحصول الخير ودفع الشّرّ إذا فعلها العبد ابتداءً،
= وأمّا ما يفعله على وجه النّذر فإنّه لا يجلب منفعةً ولا يدفع عنه مضرّةً، لكنّه كان بخيلًا فلمّا نذر لزمه ذلك فاللّه تعالى يستخرج بالنّذر من البخيل فيعطي على النّذر ما لم يكن يعطيه بدونه

*** متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وأحوالها

أولاً : متابعة النبي صلى الله عليه وسلم التي أمرنا بها
- فإنّ الدّين أصله متابعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا وسنّه لنا ونقتدي به في أفعاله الّتي شرع لنا الاقتداء به فيها
- بخلاف ما كان من خصائصه،
- فأمّا الفعل الّذي لم يشرعه هو لنا ولا أمرنا به ولا فعله فعلًا سنّ لنا أنّ نتأسّى به فيه فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتّخاذ هذا قربةً مخالفةٌ له صلّى اللّه عليه وسلّم،

ثانياً : متى يكون الأمر مستحبا أو مشروعا
ولا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ، ولا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ، وذلك أنّ مقادير الثّواب غير معلومةٍ فإذا روي في مقدار الثّواب حديثٌ لا يعرف أنّه كذبٌ لم يجز أن يكذّب به، وهذا هو الّذي كان الإمام أحمد بن حنبلٍ وغيره يرخّصون فيه وفي روايات أحاديث الفضائل، وأمّا أن يثبتوا أنّ هذا عملٌ مستحبٌّ مشروعٌ بحديث ضعيفٍ فحاشا للّه، كما أنّهم إذا عرفوا أنّ الحديث كذبٌ فإنّهم لم يكونوا يستحلّون روايته إلّا أن يبيّنوا أنّه كذبٌ لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصّحيح: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).

ثالثاً : اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله متى يكون عبادة
وما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه، فإذا خصّص زمانًا أو مكانًا بعبادة كان تخصيصه بتلك العبادة سنّةً، كتخصيصه العشر الأواخر بالاعتكاف فيها وكتخصيصه مقام إبراهيم بالصّلاة فيه فالتّأسّي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الّذي فعل لأنّه فعل، وذلك إنّما يكون بأن يقصد مثلما قصد، فإذا سافر لحجّ أو عمرةٍ أو جهادٍ وسافرنا كذلك كنّا متّبعين له وكذلك إذا ضرب لإقامة حدٍّ؛ بخلاف من شاركه في السّفر وكان قصده غير قصده أو شاركه في الضّرب وكان قصده غير قصده فهذا ليس بمتابع له.

رابعاً : تباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله المباحة التي لم يقصد منها التعبد
= ولو فعل فعلًا بحكم الاتّفاق مثل نزوله في السّفر بمكان أو أن يفضل في إداوته ماءٌ فيصبّه في أصل شجرةٍ أو أن تمشي راحلته في أحد جانبي الطّريق ونحو ذلك، فهل يستحبّ قصد متابعته في ذلك؟
- كان ابن عمر يحبّ أن يفعل مثل ذلك، و يقول: وإن لم يقصده؛ لكنّ نفس فعله حسنٌ على أيّ وجهٍ كان فأحبّ أن أفعل مثله إمّا لأنّ ذلك زيادةٌ في محبّته وإمّا لبركة مشابهته له , ومن هذا الباب إخراج التّمر في صدقة الفطر لمن ليس ذلك قوته،
- وأمّا الخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة فلم يستحبّوا ذلك؛ لأنّ هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بدّ فيها من القصد فإذا لم يقصد هو ذلك الفعل بل حصل له بحكم الاتّفاق كان في قصده غير متابعٍ له،

= وهكذا للنّاس قولان فيما فعله من المباحات على غير وجه القصد هل متابعته فيه مباحةٌ فقط أو مستحبّةٌ على قولين في مذهب أحمد وغيره كما قد بسط ذلك في موضعه،
- ولم يكن ابن عمر ولا غيره من الصّحابة يقصدون الأماكن الّتي كان ينزل فيها ويبيت فيها مثل بيوت أزواجه ومثل مواضع نزوله في مغازيه وإنّما كان الكلام في مشابهته في صورة الفعل فقط، وإن كان هو لم يقصد التّعبّد به،
- فأمّا الأمكنة نفسها فالصّحابة متّفقون على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع
- وأمّا قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكانٍ لم يقصد الأنبياء فيه الصّلاة والعبادة بل روي أنّهم مرّوا به ونزلوا فيه أو سكنوه فهذا كما تقدّم لم يكن ابن عمر ولا غيره يفعله؛ فإنّه ليس فيه متابعتهم لا في عملٍ عملوه ولا قصدٍ قصدوه.
- ومعلومٌ أنّ الأمكنة الّتي كان النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يحلّ فيها إمّا في سفره وإمّا في مقامه مثل طرقه في حجّه وغزواته ومنازله في أسفاره ومثل بيوته الّتي كان يسكنها والبيوت الّتي كان يأتي إليها أحيانًا

خامساً : هل يجوز فعله عبادة ؟؟
وما فعله من المباحات على غير وجه التّعبّد يجوز لنا أن نفعله مباحًا كما فعله مباحًا؛ ولكن هل يشرع لنا أن نجعله عبادةً وقربةً؟ فيه قولان كما تقدّم، وأكثر السّلف والعلماء على أنّا لا نجعله عبادةً وقربةً بل نتّبعه فيه؛ فإن فعله مباحًا فعلناه مباحًا وإن فعله قربةً فعلناه قربةً، ومن جعله عبادةً رأى أنّ ذلك من تمام التّأسّي به والتّشبّه به ورأى أنّ في ذلك بركةً لكونه مختصًّا به نوع اختصاصٍ.

= التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم هل هو مباح أم بدعة ؟؟
- حكمه
وأحمد قد وافق ابن عمر ويرخّص في مثل ما فعله ابن عمر وكذلك رخّص أحمد في التّمسّح بمقعده من المنبر اتّباعًا لابن عمر، وعن أحمد في التّمسّح بالمنبر روايتان أشهرهما أنّه مكروهٌ كقول الجمهور، وأمّا مالكٌ وغيره من العلماء فيكرهون هذه الأمور وإن فعلها ابن عمر؛ فإنّ أكابر الصّحابة كأبي بكرٍ وعمر وعثمان وغيرهم لم يفعلها، فقد ثبت الإسناد الصّحيح عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه أنّه كان في السّفر فرآهم ينتابون مكانًا يصلّون فيه فقال: "ما هذا؟ قالوا: مكانٌ صلّى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: أتريدون أن تتّخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنّما هلك من كان قبلكم بهذا، من أدركته فيه الصّلاة فليصلّ فيه وإلّا فليمض".

- حكم اتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسجدا
(فلا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك).
فهذه نصوصه الصّريحة توجب تحريم اتّخاذ قبورهم مساجد مع أنّهم مدفونون فيها وهم أحياءٌ في قبورهم، ويستحبّ إتيان قبورهم للسّلام عليهم ومع هذا يحرم إتيانها للصّلاة عندها واتّخاذها مساجد.
ومعلومٌ أنّ هذا إنّما نهى عنه لأنّه ذريعةٌ إلى الشّرك، وأراد أن تكون المساجد خالصةً للّه تعالى تبنى لأجل عبادته فقط لا يشركه في ذلك مخلوقٌ، فإذا بني المسجد لأجل ميّتٍ كان حرامًا فكذلك إذا كان لأثر آخر فإنّ الشّرك في الموضعين حاصلٌ، ولهذا كانت النّصارى يبنون الكنائس على قبر النّبيّ والرّجل الصّالح وعلى أثره وباسمه، وهذا الّذي خاف عمر رضي اللّه عنه أن يقع فيه المسلمون وهو الّذي قصد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم منع أمّته منه، كما قال اللّه تعالى: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} وقال تعالى: {قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ وادعوه مخلصين له الدّين} وقال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللّه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النّار هم خالدون * إنّما يعمر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلّا اللّه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}، ولو كان هذا مستحبًّا لكان يستحبّ للصّحابة والتّابعين أن يصلّوا في جميع حجر أزواجه وفي كلّ مكانٍ نزل فيه في غزواته أو أسفاره. ولكان يستحبّ أن يبنوا هناك مساجد ولم يفعل السّلف شيئًا من ذلك.

*** مجانبة أهل البدع لأهل العلم

= حرص أهل البدع في البعد عن العلم وأهله
وأهل العبادات البدعيّة يزيّن لهم الشّيطان تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره، وقد يبغّض إليهم حتّى الكتاب فلا يحبّون كتابًا ولا من معه كتابٌ ولو كان مصحفًا أو حديثًا؛ كما حكى النصرأباذي أنّهم كانوا يقولون: يدع علم الخرق ويأخذ علم الورق، قال: وكنت أستر ألواحي منهم فلمّا كبرت احتاجوا إلى علمي، وكذلك حكى السّريّ السقطي أنّ واحدًا منهم دخل عليه فلمّا رأى عنده محبرةً وقلمًا خرج ولم يقعد عنده؛ ولهذا قال سهل بن عبد اللّه التستري: يا معشر الصّوفيّة لا تفارقوا السّواد على البياض فما فارق أحدٌ السّواد على البياض إلّا تزندق، وقال الجنيد: علمنا هذا مبنيٌّ على الكتاب والسّنّة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشّأن.
وكثيرٌ من هؤلاء ينفر ممّن يذكر الشّرع أو القرآن أو يكون معه كتابٌ أو يكتب؛ وذلك أنّهم استشعروا أنّ هذا الجنس فيه ما يخالف طريقهم فصارت شياطينهم تهرّبهم من هذا كما يهرّب اليهوديّ والنّصرانيّ ابنه أن يسمع كلام المسلمين حتّى لا يتغيّر اعتقاده في دينه، وكما كان قوم نوحٍ يجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم لئلّا يسمعوا كلامه ولا يروه، وقال اللّه تعالى عن المشركين: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} وقال تعالى: {فما لهم عن التّذكرة معرضين * كأنّهم حمرٌ مستنفرةٌ * فرّت من قسورةٍ}، وهم من أرغب النّاس في السّماع البدعيّ سماع المعازف ومن أزهدهم في السّماع الشّرعيّ سماع آيات اللّه تعالى.

= السبب الداعي لأهل البدع في البعد عن العلم
وكان ممّا زيّن لهم طريقهم أن وجدوا كثيرًا من المشتغلين بالعلم والكتب معرضين عن عبادة اللّه تعالى وسلوك سبيله، إمّا اشتغالًا بالدّنيا وإمّا بالمعاصي وإمّا جهلًا وتكذيبًا بما يحصل لأهل التّألّه والعبادة، فصار وجود هؤلاء ممّا ينفّرهم، وصار بين الفريقين نوع تباغضٍ يشبه من بعض الوجوه ما بين أهل الملّتين، هؤلاء يقولون ليس هؤلاء على شيءٍ، وهؤلاء يقولون ليس هؤلاء على شيءٍ، وقد يظنّون أنّهم يحصل لهم بطريقهم أعظم ممّا يحصل في الكتب، فمنهم من يظنّ أنّه يلقّن القرآن بلا تلقينٍ، ويحكون أنّ شخصًا حصل له ذلك وهذا كذبٌ، نعم قد يكون سمع آيات اللّه فلمّا صفّى نفسه تذكّرها فتلاها؛ فإنّ الرّياضة تصقل النّفس فيذكر أشياء كان قد نسيها، ويقول بعضهم أو يحكى أنّ بعضهم قال: أخذوا علمهم ميّتًا عن ميّتٍ وأخذنا علمنا عن الحيّ الّذي لا يموت،

*** أمثلة عن العبادات البدعية والرد عليها

وإنّما الغرض التّنبيه بهذا على جنسٍ من العبادات البدعيّة وهي "الخلوات البدعيّة" سواءٌ قدّرت بزمان أو لم تقدّر لما فيها من العبادات البدعيّة؛
إمّا الّتي جنسها مشروعٌ ولكن غير مقدّرةٍ،
وإمّا ما كان جنسه غير مشروعٍ،

أولاً : الذكر بالاسم المفرد

= حكم الذكر بالاسم المفرد
والذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا.
وقد ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ)، والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرةٌ صحيحةٌ.
وأمّا ذكر الاسم المفرد فبدعةٌ لم يشرّع، وليس هو بكلام يُعقل ولا فيه إيمانٌ؛

= الحجج التي يستند إليها من يجيز الذكر بالاسم المفرد
ولهذا صار بعض من يأمر به من المتأخّرين يبيّن أنّه ليس قصدنا ذكر اللّه تعالى ولكن جمع القلب على شيءٍ معيّنٍ حتّى تستعدّ النّفس لما يرد عليها، فكان يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرّاتٍ فإذا اجتمع قلبه ألقى عليه حالًا شيطانيًّا فيلبسه الشّيطان ويخيّل إليه أنّه قد صار في الملأ الأعلى وأنّه أعطي ما لم يعطه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة المعراج ولا موسى عليه السّلام يوم الطّور وهذا وأشباهه وقع لبعض من كان في زماننا.
وأبلغ من ذلك من يقول ليس مقصودنا إلّا جمع النّفس بأيّ شيءٍ كان، حتّى يقول لا فرق بين قولك: يا حيّ، وقولك: يا جحش. وهذا ممّا قاله لي شخصٌ منهم وأنكرت ذلك عليه، ومقصودهم بذلك أن تجتمع النّفس حتّى يتنزّل عليها الشّيطان، ومنهم من يقول: إذا كان قصدٌ وقاصدٌ ومقصودٌ فاجعل الجميع واحدًا فيدخله في أوّل الأمر في وحدة الوجود.

= حكم الاقتصار على الذكر الشرعي المجرد
وأمّا الاقتصار على الذّكر المجرّد الشّرعيّ مثل قول: "لا إله إلّا اللّه" فهذا قد ينتفع به الإنسان أحيانًا لكن ليس هذا الذّكر وحده هو الطّريق إلى اللّه تعالى دون ما عداه،

التماس العذر لأبي حامد الغزالي في طريقته
وأمّا أبو حامدٍ وأمثاله ممّن أمروا بهذه الطّريقة فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر - لكن ينبغي أن يعرف أنّ البدع بريد الكفر - ولكن أمروا المريد أن يفرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب، بل قد يقولون إنّه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء.
ومنهم من يزعم أنّه حصل له أكثر ممّا حصل للأنبياء،

ثانياً : الخلوة

= الخلوة الشرعية وأحوالها
فأمّا الخلوة والعزلة والانفراد المشروع فهو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
1- فالأوّل كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}، ومنه قوله تعالى عن الخليل: {فلمّا اعتزلهم ومايعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا}، وقوله عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف}، فإنّ أولئك لم يكونوا في مكانٍ فيه جمعةٌ ولا جماعةٌ ولا من يأمر بشرع نبيٍّ فلهذا أووا إلى الكهف وقد قال موسى: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}.
2- وأمّا اعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه فهو مستحبٌّ، وقد قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
3- وإذا أراد الإنسان تحقيق علمٍ أو عملٍ فتخلّى في بعض الأماكن مع محافظته على الجمعة والجماعة فهذا حقٌّ كما في الصّحيحين أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ النّاس أفضل؟ قال: (رجلٌ آخذٌ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلّما سمع هيعةً طار إليها يتتبّع الموت مظانّه، ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من الشّعاب يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة ويدع النّاس إلّا من خيرٍ) وقوله: (يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة) دليلٌ على أنّ له مالًا يزكّيه وهو ساكنٌ مع ناسٍ يؤذّن بينهم وتقام الصّلاة فيهم، فقد قال صلوات اللّه عليه: (ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصّلاة جماعةً إلّا وقد استحوذ عليهم الشّيطان) وقال: (عليكم بالجماعة فإنّما يأخذ الذّئب القاصية من الغنم [
4- الخلوات فإنّها تشتبه بالاعتكاف الشّرعيّ، والاعتكاف الشّرعيّ في المساجد كما كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يفعله هو وأصحابه من العبادات الشّرعيّة .
ثانياً : الخلوة

= الخلوة الشرعية وأحوالها
= أنواع العبادات في الخلوات
ثمّ صار أصحاب الخلوات فيهم من يتمسّك بجنس العبادات الشّرعيّة الصّلاة والصّيام والقراءة والذّكر،
وأكثرهم يخرجون إلى أجناسٍ غير مشروعةٍ؛ فمن ذلك طريقة أبي حامدٍ ومن تبعه، وهؤلاء يأمرون صاحب الخلوة أن لا يزيد على الفرض لا قراءةً ولا نظرًا في حديثٍ نبويٍّ ولا غير ذلك بل قد يأمرونه بالذّكر ثمّ قد يقولون ما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
ثانياً : الخلوة

= الخلوة الشرعية وأحوالها
= أنواع العبادات في الخلوات
= أمثلة على البدع في الخلوات والرد عليها
- ومن أهل هذه الخلوات من لهم أذكارٌ معيّنةٌ وقوتٌ معيّنٌ ولهم تنزلات معروفةٌ، وقد بسط الكلام عليها ابن عربيٍّ الطّائيّ ومن سلك سبيله كالتلمساني، وهي تنزلات شيطانيّةٌ قد عرفتها وخبرت ذلك من وجوهٍ متعدّدةٍ لكن ليس هذا موضع بسطها وإنّما المقصود التّنبيه على هذا الجنس.
- وممّا يأمرون به الجوع والسّهر والصّمت مع الخلوة بلا حدودٍ شرعيّةٍ، بل سهرٌ مطلقٌ وجوعٌ مطلقٌ وصمتٌ مطلقٌ مع الخلوة كما ذكر ذلك ابن عربيٍّ وغيره، وهي تولّد لهم أحوالًا شيطانيّةً، وأبو طالبٍ قد ذكر بعض ذلك؛ لكن أبو طالبٍ أكثر اعتصامًا بالكتاب والسّنّة من هؤلاء ولكن يذكر أحاديث كثيرةً ضعيفةً بل موضوعةً من جنس أحاديث المسبّعات الّتي رواها عن الخضر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو كذبٌ محضٌ وإن كان ليس فيه إلّا قراءة قرآنٍ ويذكر أحيانًا عباداتٍ بدعيّةً من جنس ما بالغ في مدح الجوع هو وأبو حامدٍ وغيرهما وذكروا أنّه يزن الخبز بخشب رطبٍ كلّما جفّ نقص الأكل، وذكروا صلوات الأيّام واللّيالي وكلّها كذبٌ موضوعةٌ؛ ولهذا قد يذكرون مع ذلك شيئًا من الخيالات الفاسدة وليس هذا موضع بسط ذلك.
- وهذه الخلوات قد يقصد أصحابها الأماكن الّتي ليس فيها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا مسجدٌ يصلّى فيه الصّلوات الخمس؛ إمّا مساجد مهجورةٌ وإمّا غير مساجد مثل الكهوف والغيران الّتي في الجبال ومثل المقابر لا سيّما قبر من يُحسن به الظّنّ ومثل المواضع الّتي يقال إنّ بها أثر نبيٍّ أو رجلٍ صالحٍ، ولهذا يحصل لهم في هذه المواضع أحوالٌ شيطانيّةٌ يظنّون أنّها كراماتٌ رحمانيّةٌ.
- فمنهم من يرى أنّ صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرةٍ ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا، كما جرى للتّونسيّ مع نعمان السّلاميّ.
- والشّياطين كثيرًا ما يتصوّرون بصورة الإنس في اليقظة والمنام وقد تأتي لمن لا يعرف فتقول: أنا الشّيخ فلانٌ أو العالم فلانٌ، وربّما قالت: أنا أبو بكرٍ وعمر، وربّما أتى في اليقظة دون المنام وقال: أنا المسيح.. أنا موسى.. أنا محمّدٌ، وقد جرى مثل ذلك أنواعٌ أعرفها
- وثمّ من يصدّق بأنّ الأنبياء يأتون في اليقظة في صورهم، وثَمّ شيوخٌ لهم زهدٌ وعلمٌ وورعٌ ودينٌ يصدّقون بمثل هذا , ومن هؤلاء من يظنّ أنّه حين يأتي إلى قبر نبيٍّ أنّ النّبيّ يخرج من قبره في صورته فيكلّمه، ومن هؤلاء من رأى في دائرة ذرى الكعبة صورة شيخٍ قال إنّه إبراهيم الخليل، ومنهم من يظنّ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خرج من الحجرة وكلّمه، وجعلوا هذا من كراماته، ومنهم من يعتقد أنّه إذا سأل المقبور أجابه.
- وبعضهم كان يحكي أنّ ابن منده كان إذا أشكل عليه حديثٌ جاء إلى الحجرة النّبويّة ودخل فسأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته
- مدة الخلوة
* وطائفةٌ يجعلون الخلوة أربعين يومًا ويعظّمون أمر الأربعينية ويحتجّون فيها بأنّ اللّه تعالى واعد موسى -عليه السّلام- ثلاثين ليلةً وأتمّها بعشر وقد روي أنّ موسى عليه السّلام صامها وصام المسيح أيضًا أربعين للّه تعالى وخوطب بعدها فيقولون يحصل بعدها الخطاب والتّنزّل كما يقولون في غار حراءٍ حصل بعده نزول الوحي.
* وكثيرٌ منهم لا يحدّ للخلوة مكانًا ولا زمانًا بل يأمر الإنسان أن يخلو في الجملة.

= الرد على هذه البدع
1-: الرد على كلام الموتى .
- ويحك أترى هذا أفضل من السّابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار؟ فهل في هؤلاء من سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد الموت وأجابه؟ وقد تنازع الصّحابة في أشياء فهلّا سألوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأجابهم؟ وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثه فهلّا سألته فأجابها؟
- والأنبياء -صلوات اللّه عليهم وسلامه أجمعين- قد أُمرنا أن نؤمن بما أوتوه وأن نقتدي بهم وبهداهم، قال تعالى: {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
- ومحمّدٌ -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاتم النّبيّين لا نبيّ بعده وقد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره فلم يبق طريقٌ إلى اللّه إلّا باتّباع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فما أمر به من العبادات أمر إيجابٍ أو استحبابٍ فهو مشروعٌ وكذلك ما رغّب فيه وذكر ثوابه وفضله.

2-: الفرق بين الخاطر الرحماني والخاطر الشيطاني
وهذا يقع لكنّ منهم من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان وليس عندهم فرقانٌ يفرّق بين الرّحمانيّ والشّيطانيّ فإنّ الفرق الّذي لا يخطئ هو القرآن والسّنّة فما وافق الكتاب والسّنّة فهو حقٌّ وما خالف ذلك فهو خطأٌ، وقد قال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون * حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}، وذكر الرّحمن هو ما أنزله على رسوله قال تعالى: {وهذا ذكرٌ مباركٌ أنزلناه}، وقال تعالى: {وما هو إلّا ذكرٌ للعالمين}، وقال تعالى: {فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}، وقال تعالى: {إنّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرًا كبيرًا * وأنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابًا أليمًا}، وقال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ * صراط اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}، وقال تعالى: {كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد}، وقال تعالى: {فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}.
ثمّ إنّ هؤلاء لمّا ظنّوا أنّ هذا يحصل لهم من اللّه بلا واسطةٍ صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول، يقول أحدهم: فلانٌ عطيّته على يد محمّدٍ وأنا عطيّتي من اللّه بلا واسطةٍ، ويقول أيضًا: فلانٌ يأخذ عن الكتاب وهذا الشّيخ يأخذ عن اللّه، ومثل هذا.

3- الرد على قولهم "أعطاني الله "
وقول القائل: " يأخذ عن اللّه، وأعطاني اللّه " لفظٌ مجملٌ،
- فإن أراد به الإعطاء والأخذ العامّ وهو الكونيّ الخلقي أي بمشيئة اللّه وقدرته حصل لي هذا فهو حقٌّ، ولكنّ جميع النّاس يشاركونه في هذا، وذلك الّذي أخذ عن الكتاب هو أيضًا عن اللّه أخذ بهذا الاعتبار، والكفّار من المشركين وأهل الكتاب أيضًا هم كذلك،
- وإن أراد أنّ هذا الّذي حصل له هو ممّا يحبّه اللّه ويرضاه ويقرّب إليه وهذا الخطاب الّذي يلقى إليه هو كلام اللّه تعالى فهنا طريقان:
أحدهما: أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟ فإنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم، فإنّ هذه الأحوال قد تكون شيطانيّةً وقد تكون رحمانيّةً فلا بدّ من الفرقان بين أولياء الرّحمن وأولياء الشّيطان، والفرقان إنّما هو الفرقان الّذي بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فهو {الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا}، وهو الّذي فرّق اللّه به بين الحقّ والباطل وبين الهدى والضّلال وبين الرّشاد والغيّ وبين طريق الجنّة وطريق النّار وبين سبيل أولياء الرّحمن وسبيل أولياء الشّيطان،كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، والمقصود هنا أنّه يقال لهم: إذا كان جنس هذه الأحوال مشتركًا بين أهل الحقّ وأهل الباطل فلا بدّ من دليلٍ يبيّن أنّ ما حصل لكم هو الحقّ.
الطّريق الثّاني: أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وذلك أنّه ينظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به مثل أن يدعو الكواكب كما يذكرونه في كتب دعوة الكواكب أو أن يدعو مخلوقًا كما يدعو الخالق سواءٌ كان المخلوق ملكًا أو نبيًّا أو شيخًا، فإذا دعاه كما يدعو الخالق سبحانه إمّا دعاء عبادةٍ وإمّا دعاء مسألةٍ صار مشركًا به فحينئذٍ ما حصل له بهذا السّبب حصل بالشّرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج، فكانوا يبذلون لهم هذا النّفع القليل بما اشتروه منهم من توحيدهم وإيمانهم الّذي هلكوا بزواله كالسّحر، قال اللّه تعالى: {وما يعلّمان من أحدٍ حتّى يقولا إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر فيتعلّمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارّين به من أحدٍ إلّا بإذن اللّه ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}،

4- الحجج الواهية لأصحاب الخلوات
وأمّا الخلوات فبعضهم يحتجّ فيها بتحنّثه بغار حراءٍ قبل الوحي وهذا خطأٌ؛ فإنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم قبل النّبوّة إن كان قد شرعه بعد النّبوّة فنحن مأمورون باتّباعه فيه وإلّا فلا. وهو من حين نبّأه اللّه تعالى لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراءٍ ولا خلفاؤه الرّاشدون. وقد أقام صلوات اللّه عليه بمكّة قبل الهجرة بضع عشرة سنةً ودخل مكّة في عمرة القضاء وعام الفتح أقام بها قريبًا من عشرين ليلةً وأتاها في حجّة الوداع؛ وأقام بها أربع ليالٍ وغار حراءٍ قريبٌ منه ولم يقصده. وذلك أنّ هذا كانوا يأتونه في الجاهليّة ويقال إنّ عبد المطّلب هو من سنّ لهم إتيانه؛ لأنّه لم تكن لهم هذه العبادات الشّرعيّة الّتي جاء بها بعد النّبوّة صلوات اللّه عليه كالصّلاة والاعتكاف في المساجد فهذه تغني عن إتيان حراءٍ بخلاف ما كانوا عليه قبل نزول الوحي فإنّه لم يكن يقرأ بل قال له الملك عليه السّلام: اقرأ، قال -صلوات اللّه عليه وسلامه-: (فقلت: لست بقارئ)، ولا كانوا يعرفون هذه الصّلاة؛ ولهذا لمّا صلّاها النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- نهاه عنها من نهاه من المشركين كأبي جهلٍ، قال اللّه تعالى: {أرأيت الّذي ينهى * عبدًا إذا صلّى * أرأيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتّقوى * أرأيت إن كذّب وتولّى * ألم يعلم بأنّ اللّه يرى *كلّا لئن لم ينته لنسفعن بالنّاصية * ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ * فليدع ناديه * سندع الزّبانية * كلّا لا تطعه واسجد واقترب}.

5- تشبيه دين بدين وما قبل النبوة على ما بعد النبوة
وهذا أيضًا غلطٌ فإنّ هذه ليست من شريعة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بل شرعت لموسى عليه السّلام كما شرع له السّبت والمسلمون لا يسبتون، وكما حرّم في شرعه أشياء لم تحرّم في شرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فهذا تَمسُّكٌ بشرع منسوخٍ وذاك تمسّكٌ بما كان قبل النّبوّة.
وقد جرّب أنّ من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشّياطين وحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه، وأعرِف من هؤلاء عددًا طلبوا أن يحصل لهم من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين؛ لأنّهم خرجوا عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي أمروا بها، قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين}،

ثالثاً : المعازف
1- مايسببه سماع المعازف من الاثام
= وكذلك قد يكون سببه سماع المعازف وهذا كما يذكر عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أنّه قال: " اتّقوا الخمر فإنّها أمّ الخبائث؛ وإنّ رجلًا سأل امرأةً فقالت: لا أفعل حتّى تسجد لهذا الوثن، فقال: لا أشرك باللّه، فقالت: أو تقتل هذا الصّبيّ؟ فقال: لا أقتل النّفس الّتي حرّم اللّه، فقالت: أو تشرب هذا القدح؟ فقال هذا أهون فلمّا شرب الخمر قتل الصّبيّ وسجد للوثن وزنى بالمرأة ".
والمعازف هي خمر النّفوس تفعل بالنّفوس أعظم ممّا تفعل حميّا الكؤوس فإذا سكروا بالأصوات حلّ فيهم الشّرك ومالوا إلى الفواحش وإلى الظّلم فيشركون ويقتلون النّفس الّتي حرّم اللّه ويزنون، وهذه " الثّلاثة " موجودةٌ كثيرًا في أهل سماع المعازف سماع المكاء والتّصدية،
= أمّا الشّرك فغالبٌ عليهم بأن يحبّوا شيخهم أو غيره مثل ما يحبّون اللّه ويتواجدون على حبّه.
= وأمّا الفواحش فالغناء رقية الزّنا وهو من أعظم الأسباب لوقوع الفواحش، ويكون الرّجل والصّبيّ والمرأة في غاية العفّة والحرّيّة حتّى يحضره فتنحلّ نفسه وتسهل عليه الفاحشة ويميل لها فاعلًا أو مفعولًا به أو كلاهما كما يحصل بين شاربي الخمر وأكثر.
= وأمّا القتل فإنّ قتل بعضهم بعضًا في السّماع كثيرٌ، يقولون: قتله بحاله، ويعدّون ذلك من قوّته، وذلك أنّ معهم شياطين تحضرهم فأيّهم كانت شياطينه أقوى قتل الآخر، كالّذين يشربون الخمر ومعهم أعوانٌ لهم فإذا شربوا عربدوا فأيّهم كانت أعوانه أقوى قتل الآخر، وقد جرى مثل هذا لكثير منهم ومنهم من يقتل إمّا شخصًا وإمّا فرسًا أو غير ذلك بحاله ثمّ يقوم صاحب الثّأر ويستغيث بشيخه فيقتل ذلك الشّخص وجماعةً معه إمّا عشرةً وإمّا أقلّ أو أكثر، كما جرى مثل هذا لغير واحدٍ وكان الجهّال يحسبون هذا من باب الكرامات، فلمّا تبيّن لهم أنّ هذه أحوالٌ شيطانيّةٌ وأنّ هؤلاء معهم شياطين تعينهم على الإثم والعدوان، عرف ذلك من بصّره اللّه تعالى وانكشف التّلبيس والغشّ الّذي كان لهؤلاء.
ثالثاً : المعازف
1- مايسببه سماع المعازف من الاثام
2- قصة ابن تيمية مع أهل السماع
وكنت في أوائل عمري حضرت مع جماعةٍ من أهل الزّهد والعبادة والإرادة فكانوا من خيار أهل هذه الطّبقة، فبتنا بمكان وأرادوا أن يقيموا سماعًا وأن أحضر معهم فامتنعت من ذلك فجعلوا لي مكانًا منفردًا قعدت فيه، فلمّا سمعوا وحصل الوجد والحال صار الشّيخ الكبير يهتف بي في حال وجده ويقول: يا فلان قد جاءك نصيبٌ عظيمٌ تعال خذ نصيبك، فقلت في نفسي ثمّ أظهرته لهم لمّا اجتمعنا: أنتم في حلٍّ من هذا النّصيب فكلّ نصيبٍ لا يأتي عن طريق محمّد بن عبد اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فإنّي لا آكل منه شيئًا، وتبيّن لبعض من كان فيهم ممّن له معرفةٌ وعلمٌ أنّه كان معهم الشّياطين وكان فيهم من هو سكران بالخمر.
والّذي قلته معناه أنّ هذا النّصيب وهذه العطيّة والموهبة والحال سببها غير شرعيٍّ ليس هو طاعةً للّه ورسوله ولا شرعها الرّسول فهو مثل من يقول: تعال اشرب معنا الخمر ونحن نعطيك هذا المال، أو عظّم هذا الصّنم ونحن نولّيك هذه الولاية ونحو ذلك.

والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 17 صفر 1440هـ/27-10-2018م, 08:03 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي


تابع التقويم ..
تلخيص رسالة كلمة الإخلاص

حنان علي محمود ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وقد أحسنتِ استخلاص المسائل بدرجة كبيرة، وهي تنمّ عن فهم جيد لمقاصد الرسالة، غير أن المقاصد الفرعية كثيرة ويمكن اختصارها، ويكون ذلك بجمع ما اشترك في أصل الموضوع تحت عنوان جامع.
مثال:
- ثواب من أتى بالشهادتين.
- الإتيان بالشهادتين يقتضي دخول الجنة والنجاة من النار إذا أتى العبد بشروطها وانتفت عنه موانعها.
يمكن ضمّ هذين المقصدين تحت عنوان واحد وهو الثاني لأنه تضمّن ثواب من أتى بالشهادتين، إضافة إلى بيان الشروط المقتضية للتحريم المطلق على النار دون سابقة عذاب.
مثال آخر:
- آثار تمكن محبة الرب من قلب العبد.
- عواقب إشراك العبد أحدا مع ربه في قلبه .
- جزاء أهل محبة الرب تبارك وتعالى .
كل ما سبق متعلّق بموضوع واحد فيمكن ضمّه تحت مقصد واحد جامع وليكن: آثار تمكّن محبة الله من القلب وجزاء أهل محبة الله وعقوبة من أشرك معه غيره.
أما الملاحظة الأهمّ فهي طول التلخيص، وتكرار عبارات مترادفة، والمطلوب التعبير عن المقصد بجمل مختصرة تحوي مسائل العماد ومسائل السناد فقط.
وأوصيك بمراجعة التلخيص الثاني للأستاذة هناء، وكذلك تقويمات بقية الزملاء للفائدة.
وفقك الله.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 1 جمادى الآخرة 1440هـ/6-02-2019م, 10:39 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم

ماهر القسي ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- يكتفى في المقصد الكلي بعبارة: "تمييز الحقّ من الباطل في العبادات، والردّ على المخالفين".
- بالنسبة للمسائل المستخلصة والمقاصد الفرعية فهي جيدة بدرجة كبيرة، وقد استوفت أهم المسائل، لكن حصل فيها تغيير كبير في الترتيب الوارد في الرسالة، خاصّة في مسائل الخلوات البدعية فإنه كان من الأولى الحفاظ على وحدتها تحت مقصد واحد، ولعلك تراجع تقويم التطبيق الثاني فيما يتعلّق بهذه الملحوظة، مع ملاحظة فوات مسائل أخرى خاصّة فيما يتعلّق بالخلوات البدعية.
- بالنسبىة لتلخيص كلام المؤلف رحمه الله ففيه طول كبير، فأنت تضع أحيانا فقرات بتمامها من الرسالة.
- يلاحظ تكرار لعناوين المسائل في التلخيص، كذلك تكرار لبعض الفقرات، وكان الواجب مراجعة التطبيق قبل إرساله.
وعلى العموم فإن تطبيقك يدلّ على فهم جيّد واجتهاد في تلخيص مقاصد الرسالة، وقد لمست ذلك في عدة تطبيقات -بارك الله فيك- لكن التلخيص بحاجة إلى تجويد أكبر، ولعلك تقوم به في وقت لاحق للاستفادة أكثر من هذه الرسائل القيّمة، وأوصيك بمراجعة تقويمات الزملاء للفائدة، وفقك الله.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir