قال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ) : (
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا القاضي الفقيه الإمام العالم الصدر الكبير، شيخ القضاة، بقية المشايخ، الزاهد العابد الورع، جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري أثابه الله الجنة، بقراءتي عليه في يوم الجمعة منتصف رمضان من سنة تسع وستمائة بزاوية الخضر من جامع دمشق.
قلت له: أخبرك الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان المرادي قراءة عليه وأنت تسمع فأقر به، قال: أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي قلت للقاضي: وأخبرك أبو عبد الله الفراوي إجازة فأقر به قال: أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي الحافظ قراءة سنة خمسين وأربعمائة قال: الحمد لله الذي خلق الخلق كما شاء لما شاء، واختار من الخلق لرسالته والدعاء لمعرفته والتمسك بطاعته من شاء، وهدى إلى إجابة دعوته واجتناب معصيته بما أقام من البينات وأظهر من الآيات من شاء، ووعد لأهل طاعته ما أعد لهم في الجنة من الثواب كما شاء، وأوعد أهل معصيته بما أعد لهم في النار من العقاب كيف شاء، لا معقب لحكمه، كما قال جل ثناؤه في محكم كتابه الذي أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله: (وربك يخلق ما يشاء ويختار)، وقال: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس)، وقال: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) إلى قوله: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما)، وقال: (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)، وقال: (ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى)، وقال: (واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين)، وقال: (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين)، فمن آمن وأصلح (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون). فالحمد لله على جميع نعمه، وصلى الله على كافة رسله، وخص نبينا محمدا بأفضل الصلاة والتحية والبركة، وآتاه ما وعده من الوسيلة والفضيلة والرفعة في الدنيا والآخرة، وبعثه يوم القيامة مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، وجمع بيننا وبينه في جنات النعيم مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بفضله ورحمته إنه أرحم الراحمين وخير الغافرين. أما بعد، فإني بتوفيق الله سبحانه وتعالى صنفت فيما يفتقر أهل التكليف إلى معرفته في أصول العلم وفروعه ما قد انتشر ذكره في بعض البلاد، وانتفع به من وفق لسماعه وتحصيله من العباد، غير أن جل ما يحتاج إلى معرفته من ذلك للاعتقاد على السداد مفرقة في تلك الكتب، ولا يكاد يتفق لجماعتهم الإتيان على جمعها والإحاطة بجميعها، فأردت والمشيئة لله تعالى أن أجمع كتابا يشتمل على بيان ما يجب على المكلف اعتقاده والاعتراف به مع الإشارة إلى أطراف أدلته على طريق الاختصار، وما ينبغي أن يكون شعاره على سبيل الإيجاز، فاستخرت الله عز وجل في ذلك وفي جميع أموري، وابتدأت به مستعينا بالله عز اسمه على إتمامه، وأسأله أن يجعلني والناظرين فيه ممن يخصه بجميل إنعامه وإكرامه، وجزيل إحسانه وامتنانه؛ إنه وليه والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله