التطبيق الثالث :
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَالْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}
علوم السورة :
أسماءالسورة
ورد فيها ثلاثة أقوال :
-سُورَةُ (ألم نشرح) ذكره ابن كثير في تفسيره
-سُورَةُ (ألم نشرحَ لكَ صدركَ ) ذكره السعدي في تفسيره
-سُورَةُ (الشَّرْحِ) ذكره الأشقر في تفسيره
نزول السورة
-مكية ذكره ابن كثير والسعدي
المسائل التفسيرية :
سبب نزول السورة :
قال ابن أبيحاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا حميد بن حمّاد بن أبي خوارٍ أبو الجهم، حدّثنا عائذ بن شريحٍ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جالساً وحياله حجرٌ، فقال: ((لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاءاليسر حتّى يدخل عليه فيخرجه)) فأنزل الله عزّ وجلّ: {فإنّ مع العسر يسراً إنّ معالعسر يسراً}.
رواه أبوبكرٍ البزّار في مسنده، عن محمد بن معمرٍ، عن حميد بن حمّادٍ به ؛ ثمّ قال البزّار: لا نعلم رواه عن أنسٍ إلاّ عائذ بنشريحٍ.عن حميد بن حمّادٍ به، ولفظه: ((لو جاء العسر حتّى يدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتّى يخرجه)) ثمّ قال: {فإنّ مع العسر يسراً إنّ مع العسر يسراً})). قلت: وقد قالفيه أبو حاتمٍ الرّازيّ: في حديثه ضعفٌ، ولكن رواه شعبة عن معاوية بن قرّة، عنرجلٍ، عن عبد الله بن مسعودٍ موقوفاً.
ذكره ابن كثير في تفسيره
المخاطب في الآيات:
النبي صلى الله عليه وسلم ذكره السعدي و الأشقر
الفائدة من الاستفهام:
ورد فيها قولان :
-الامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم؛ يعني: : يَا مُحَمَّدُ، أما شرحنا لك صدرك؟ خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي
-التحقيق؛ الْمَعْنَى: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ شَرَحْنَا لَكَ صَدْرَكَ ذكره الأشقر في تفسيره
المراد بالشرح :
القول الأول :الشرح المعنويّ : أي: نوّرناه وجعلناه فسيحاً رحيباً واسعاً، فلمْ يكنْ ضيقاً حرجاً لا يكادُ ينقادُ لخيرٍ، ولاتكادُ تجدهُ منبسطاً كقوله: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
القول الثاني : الشرح الحسي : وورد فيه حادثتان :
-شرح صدره ليلة الإسراء: كما تقدّم في رواية مالك بن صعصعة، وقد أورده التّرمذيّ ههنا. ذكره ابن كثير في تفسيره
-شرح صدره في الصغر/ حادثة شق الصدر : عن أبيّ بن كعبٍ: أن أبا هريرة كان حريًّا على أن يسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أشياء لا يسأله عنها غيره.فقال: يا رسول الله، ما أوّل مارأيت من أمر النّبوّة؟ .
فاستوى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالساً. وقال: ((لقدسألت يا أبا هريرة، إنّي لفي الصّحراء ابن عشر سنين وأشهرٍ، وإذا بكلامٍ فوق رأسي،وإذا رجلٌ يقول لرجلٍ: أهو هو؟ فاستقبلاني بوجوهٍ لم أرها لخلقٍ قطّ، وأرواحٍ لمأجدها من خلقٍ قطّ، وثيابٍ لم أرها على أحدٍ قطّ، فأقبلا إليّ يمشيان، حتّى أخذ كلّ واحدٍ منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مسًّا، فقال أحدهما لصاحبه: أضجعه. فأضجعاني بلاقصرٍ ولا هصرٍ، فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره. فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دمٍ، ولا وجعٍ، فقال له: أخرج الغلّ والحسد. فأخرج شيئاً كهيئة العلقة، ثمّ نبذها فطرحها، فقال له: أدخل الرّأفة والرّحمة. فإذا مثل الّذي أخرج، شبه الفضّة،ثمّ هزّ إبهام رجلي اليمنى فقال: اغد واسلم. فرجعت بها أغدو رقّةً على الصّغير ورحمةً للكبير . رواه عبد الله ابن الإمام أحمد: حدّثني محمد بن عبد الرّحيم أبو يحيى البزّاز، حدّثنا يونس بنمحمدٍ، حدّثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبيّ بن كعبٍ، حدّثني أبي محمد بن معاذٍ، عنمعاذٍ، عن محمدٍ،عن أبي بن كعب . ذكره ابن كثير في تفسيره
ترجيح ابن كثير :
يحتمل القولين ؛فالشرح الحسي وإن كان واقعاً، لكن لا منافاة؛ فإنّ من جملة شرح صدره الذي فعل بصدره ليلة الإسراء، وما نشأ عنه من الشرح المعنويّ أيضاً. والله أعلم. ذكره ابن كثير في تفسيره
الحكمة من شرح صدرالنبي صلى الله عليه وسلم :
شُرح صدره صلى الله عليه وسلم لِقَبُولِ النُّبُوَّةِ وشرائعِ الدينِ والدعوةِ إلى اللهِ، والاتصافِ بمكارمِ الأخلاقِ، والإقبالِ على الآخرةِ، وتسهيلِ الخيراتِ وَمِنْ هُنَا قَامَ بِمَا قَامَ بِهِ منالدَّعْوةِ، وَقَدَرَ عَلَى حَمْلِ أعباءِ النُّبُوَّةِ وَحِفْظِ الْوَحْيِ . خلاصة ما ذكره السعدي و الأشقر
لطيفة من الآية :
كما شرح الله صدره لشرعه و قبول نبوته كذلك جعل شرعه فسيحاً واسعاً سمحاً سهلاً، لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق. ذكره ابن كثير في تفسيره
معنى وضعنا :
حَطَطْنَا عَنْكَ و غفرنا لك وقوله: {ووضعنا عنك وزرك} بمعنى: {ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وماتأخّر}خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي و الأشقر
المقصود بالوزر :المراد بالوزر.
القول الأول : ذنبكَ مطلقاً خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي
القول الثاني : ذنبكَ الَّذِي سَلَفَ مِنْكَ فِي الجاهليَّةِ ذكره الأشقر في تفسيره
القول الثالث : حَمْلُ أعباءِالنُّبُوَّةِ، سَهَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى تَيَسَّرَتْ لَهُ ذكره الأشقر في تفسيره
معنى انقض :
الإنقاض: الصوت و أنقض : أثقل ؛ أي : أَنَّهُ لَوْ كَانَ حِمْلاً يُحْمَلُ لَسُمِعَ نَقِيضُ ظَهْرِهِ من ثقل ما يحمل. خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي و الأشقر
معنى رفعنا :معنى "رفعنا لك ذكرك".
أي: أعلينَا قدركَ وشهرنا ذكرك خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي
بيان رفع الله ذكر النبي صلى الله عليه وسلم :
-أعلى الله قدر النبي صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ و رفع الله ذكره في الأوّلين والآخرين، ونوّه به حين أخذ الميثاق على جميع النبيّين أن يؤمنوا به، وأن يأمروا أممهم بالإيمان به وجعل له الثناءَ الحسنَ العالي، الذي لمْ يصلْ إليهِ أحدٌ منَالخلقِ؛ فلا يُذكرُ اللهُ إلا ذُكرَ معهُ رسولُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كمَافي الدخولِ في الإسلامِ، إِذَا قَالُوا: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ أَنْ يَقُولُوا: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وفي الأذانِ والإقامةِ والخطبِ.
-وَمِنْ رفع ذكره صلى الله عليه وسلم أَمْرُهُمْ بالصلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ وَأَمْرُ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ ولهُ في قلوبِ أمتهِ مِنَ المحبةِ والإجلالِ والتعظيمِ مَا ليسَ لأحدٍ غيرهِ، بعدَ اللهِ تعالى وغيرِ ذلكَ منَ الأمورِ التي أعلى اللهَ بهَا ذكرَ رسولهِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ فجزاهُ اللهُ عنْ أمتهِ أفضلَ مَا جزى نبيّاً عنْ أمتهِ . وهو قول قتادة وقول ومجاهد وابن عباس حكاه عنه البغوي خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي و الأشقر
وورد في ذلك أحاديث :
*عن أبي سعيدٍ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: ((أتاني جبريل فقال: إنّ ربّي وربّك يقول: كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم. قال: إذا ذكرت ذكرت معي )) رواه ابن جريرٍ عن يونس، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، عن أبيالهيثم، عن أبي سعيدٍ /كذا رواه ابنأبي حاتمٍ، عن يونس بن عبد الأعلى به، ورواه أبو يعلى من طريق ابن لهيعة، عن درّاجٍ. ذكره ابن كثير في تفسيره
*عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم: ((سألت ربّي مسألةً وددت أنّي لم أكن سألته: قلت: قد كان قبلي أنبياء،منهم من سخّرت له الرّيح، ومنهم من يحيي الموتى. قال: يا محمّد، ألم أجدك يتيماً فآويتك؟ قلت: بلى يا ربّ. قال: ألم أجدك ضالاًّ فهديتك؟ قلت: بلى يا ربّ. قال: ألم أجدك عائلاً فأغنيتك؟ قلت: بلى يا ربّ. قال: ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أرفع لك ذكرك؟قلت: بلى يا ربّ)).
رواه ابن أبي حاتمٍ عن أبو زرعة، حدّثنا أبو عمر الحوضيّ، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، حدّثناعطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عباس . ذكره ابن كثير في تفسيره
*عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((لمّا فرغت ممّا أمرني الله به من أمر السّماوات والأرض قلت: يا ربّ، إنّه لم يكننبيٌّ قبلي إلاّ وقد كرّمته؛ جعلت إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً، وسخّرت لداودالجبال، ولسليمان الرّيح والشّياطين، وأحييت لعيسى الموتى، فما جعلت لي؟ قال: أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كلّه؛ إنّي لا أذكر إلاّ ذكرت معي، وجعلت صدور أمّتك أناجيل يقرؤون القرآن ظاهراً ولم أعطها أمّةً، وأعطيتك كنزاً من كنوز عرشي: لا حولولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم)).رواه أبونعيمٍ في (دلائل النّبوّة): حدّثنا أبو أحمد الغطريفيّ، حدّثنا موسى بن سهلٍالجونيّ، حدّثنا أحمد بن القاسم بن = بهرام الهيتيّ، حدّثنا نصر بن حمّادٍ، عنعثمان بن عطاءٍ، عن الزّهريّ، عن أنس ذكره ابن كثير في تفسيره
قال حسّان بن ثابتٍ رضي الله عنه :
أغرّ عليه للنّبوّة خاتمٌ ............... من الله من نورٍ يلوح ويشهد
وضمّ الإلهاسم النّبيّ إلى اسمه .... إذا قال في الخمس المؤذّن أشهد
وشقّ له من اسمه ليجلّه ............ فذو العرش محمودٌ وهذا محمّد ذكره ابن كثير في تفسيره
قال الصّرصريّ رحمه الله:
لا يصحّ الأذان في الفرض إلاّ ....... باسمه العذب في الفم المرضيّ
وقالأيضاً:
ألم تر أنّا لا يصحّ أذاننا ........... ولا فرضنا إن لم نكرّره فيهما ذكره ابن كثير في تفسيره
الفائدة من التكرار في قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَالْعُسْرِ يُسْرًا (6)) :
التأكيد. ذكره ابن كثير في تفسيره
معنى الآيتين إجمالا :مقصد الآيتين.
-في الآيتين بشارةٌ عظيمةٌ، أنَّهُ كلما وجدَ عسرٌ وصعوبةٌ، فإنَّ اليسرَ يقارنُهُ ويصاحبهُ، حتى لودخلَ العسرُ جحرَ ضبٍّ لدخلَ عليهِ اليسرُ فأخرجهُ، كمَا قالَتعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍيُسْراً)
وكمَا قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِوسلَّمَ: ((وإنَّ الفرجَ معَ الكربِ، وإنَّ معَالعسرِ يسراً)). ذكره السعدي في تفسيره
دلالة التعريف والتنكير في الآيتين :
تدل على أنه لا يغلب عسرٌ واحدٌ يسرين اثنين.:
- فالعسر معرّفٌ في الحالين؛ فهو مفردٌ يدلُّ على أنَّهُ واحدٌ. واليسر منكّرٌ فتعدّد، ولهذا قال: ((لن يغلب عسرٌ يسرين)) يعني: قوله: {فإنّ معالعسر يسراً إنّ مع العسر يسراً} فالعسر الأوّل هو الثاني، واليسرتعدّد.
-في تعريف العسر بالألفِ واللامِ، الدالةِ على الاستغراقِ والعمومِ، ما يدلُّ على أنَّ كلَّ عسرٍ - وإنْ بلغَ منَ الصعوبةِ مَا بلغَ - فإنهُ في آخرهِ التيسيرُ ملازمٌ لهُ خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي و الأشقر
والدليل :
*عَن ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعاً: ((لَوْ كَانَ الْعُسْرُ فِي جُحْرٍ لَتَبِعَهُ الْيُسْرُ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ فَيُخْرِجَهُ، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ؛ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً})) ). ذكره الأشقر في تفسيره
*عن الحسن، قال: خرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوماً مسروراً فرحاً، وهو يضحك، وهو يقول: ((لن يغلب عسرٌ يسرين، لن يغلب عسرٌ يسرين، إنّ مع العسر يسراً، إنّ مع العسريسراً)).رواه ابن جريرٍقال حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ،عن الحسن/وكذا رواه من حديث عوفٍ الأعرابيّ، ويونس بن عبيدٍ، عن الحسن مرسلاً. ذكره ابن كثير في تفسيره
*عن أبي هريرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((نزل المعونة من السّماء على قدر المؤونة، ونزل الصّبر على قدر المصيبة)).رواه الحسن بن سفيان: حدّثنا يزيد بن صالحٍ، حدّثنا خارجة، عن عبّاد بن كثيرٍ، عن أبي الزّناد، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة ذكره ابن كثير في تفسيره
*أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشّر أصحابه بهذه الآية،فقال: ((لن يغلب عسرٌ يسرين)) رواه سعيدٌ،عن قتادة. ذكره ابن كثير في تفسيره
*قال الحسن : (لا يغلب عسرٌ واحدٌ يسرين اثنين) رواه ابن أبي حاتمٍ عن الحسن من طريق الحسن بن محمد بن الصّبّاح، حدّثنا أبو قطنٍ، حدّثنا المبارك بن فضالة . . ذكره ابن كثير في تفسيره
وممّا يروى عن الشافعيّ أنه قال:
صبراً جميلاًما أقرب الفرجا = من راقب الله في الأمور نجا
من صدّق الله لم ينله أذى = ومن رجاه يكون حيث رجا ذكره ابن كثير في تفسيره
وقال ابن دريدٍ: أنشدني أبو حاتمٍ السّجستانيّ:
إذا اشتملت على اليأس القلوب = وضاق لما به الصّدر الرّحيب
وأوطأت المكاره واطمأنّت = وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضّرّ وجهاً = ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ = يمنّ به اللّطيف المستجيب
وكلّ الحادثات إذا تناهت = فموصولٌ بها الفرج القريب ذكره ابن كثير في تفسيره
وقالآخر:
ولربّ نازلةٍ يضيق بها الفتى = ذرعاً وعند الله منها المخرج
كملت فلمّا استحكمت حلقاتها = فرجت وكان يظنّها لا تفرج ك ذكره ابن كثير في تفسيره
مقصد الآية (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}
-أمرٌ من اللهُ لرسولهُ صلى الله عليه وسلم أصلاً، والمؤمنينَ تبعاً، بشكرهِ والقيامِ بواجبِ نعمهِ. ذكره السعدي في تفسيره
متعلق الفعل (فرغت) والفعل (فانصب) :
ورد فيه خمسة أقوال :
القول لأول : إذا فرغت من الدنيا فانصب إلى العبادة و الصلاة والدعاء ؛وهو قول مجاهد وقال به عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ ؛و الدليل :
قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المتّفق على صحّته: ((لا صلاة بحضرةطعامٍ، ولا وهو يدافعه الأخبثان)).
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((إذا أقيمت الصّلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء)). ذكره ابن كثير والسعدي و الأشقر
القول الثاني : إذا قمت للصلاة فانصب في حاجتك ؛ قول آخر لمجاهد ذكره ابن كثير في تفسيره
القول الثالث : إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل ؛ وهو قول ابن مسعودٍ و ابن عياضٍ. ذكره ابن كثير في تفسيره
القول الرابع : إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء وأنت جالس وهو روايةٍ أخرى عن ابن مسعودٍ ذكره ابن كثير والسعدي و الأشقر
القول الخامس : إذا فرغت من الجهاد والتبليغ فانصب في العبادة ؛ وهو قول زيد بن أسلم والضحّاك . ذكره ابن كثير و الأشقر
الحكمة من الأمر بالعبادة حال الفراغ :
-أن العبادة حال الفراغ من الشواغل الدنيوية والأمور المهمة من جهاد وتبليغ وفرائض أنشط للبال و أجمع للقلب ؛ ولأن من إذا فرغ وتفرغ لعب وأعرض عن ربِّه وعن ذكرهِ، كانَ من الخاسرينَ .
ومن هذا القبيل قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المتّفق على صحّته: ((لا صلاة بحضرةطعامٍ، ولا وهو يدافعه الأخبثان)). وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((إذا أقيمت الصّلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء)).خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي في تفسيره
معنى (فارغب ) :
أي :أعظم الرغبة ذكره السعدي في تفسيره .
متعلق الفعل (فارغب ) :
-أعظم وأخلص الرغبةَ في إجابةِ دعائكَ وقبولِ عباداتِكَ، إلى الله وحده و تَضَرَّعْ إِلَيْهِ رَاهِباً مِنَ النَّارِ، رَاغِباً فِي الْجَنَّةِ وهو قول الثوري .خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي و الأشقر
مسائل فقهية :
مشروعيةِ الدعاءِ والذكرِ عقبَ الصلواتِ المكتوباتِ :
-قوله تعالى :(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) أي :إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء وأنت جالس ؛ استدلَّ مَنْ قالَ بهذا القولِ، على مشروعيةِ الدعاءِ والذكرِ عقبَ الصلواتِ المكتوباتِ،واللهُ أعلمُ ذكره السعدي في تفسيره
مبطلات الصلاة :
-لا تجوز الصلاة وقلب المصلي معلق بالطعام أو هو يدافع الأخبثان والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المتّفق على صحّته: ((لا صلاة بحضرة طعامٍ، ولا وهو يدافعه الأخبثان)). وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((إذا أقيمت الصّلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء)). ذكره ابن كثير في تفسيره
مسائل عقدية :
دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام قبل البعثة :
شرح صدره في الصغر : عن أبيّ بن كعبٍ: أن أبا هريرة كان حريًّا على أن يسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أشياء لا يسأله عنها غيره.فقال: يا رسول الله، ما أوّل مارأيت من أمر النّبوّة؟ .
فاستوى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالساً. وقال: ((لقد سألت يا أبا هريرة، إنّي لفي الصّحراء ابن عشر سنين وأشهرٍ، وإذا بكلامٍ فوق رأسي،وإذا رجلٌ يقول لرجلٍ: أهو هو؟ فاستقبلاني بوجوهٍ لم أرها لخلقٍ قطّ، وأرواحٍ لم أجدها من خلقٍ قطّ، وثيابٍ لم أرها على أحدٍ قطّ، فأقبلا إليّ يمشيان، حتّى أخذ كلّ واحدٍ منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مسًّا، فقال أحدهما لصاحبه: أضجعه. فأضجعاني بلاقصرٍ ولا هصرٍ، فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره. فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دمٍ، ولا وجعٍ، فقال له: أخرج الغلّ والحسد. فأخرج شيئاً كهيئة العلقة، ثمّ نبذها فطرحها، فقال له: أدخل الرّأفة والرّحمة. فإذا مثل الّذي أخرج، شبه الفضّة،ثمّ هزّ إبهام رجلي اليمنى فقال: اغد واسلم. فرجعت بها أغدو رقّةً على الصّغير ورحمةً للكبير . رواه عبد الله ابن الإمام أحمد: حدّثني محمد بن عبد الرّحيم أبو يحيى البزّاز، حدّثنا يونس بن محمدٍ، حدّثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبيّ بن كعبٍ، حدّثني أبي محمد بن معاذٍ، عنمعاذٍ، عن محمدٍ،عن أبي بن كعب
ذكره ابن كثير في تفسيره