دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الآخرة 1441هـ/28-01-2020م, 01:08 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي تطبيقات على درس أسلوب الحجاج

تطبيقات على درس أسلوب الحجاج
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 جمادى الآخرة 1441هـ/30-01-2020م, 11:35 PM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

رسالة في تفسير سورة الإخلاص

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ,
فهذه رسالة تفسيرية لأسلوب الحجاج , ففي هذه السورة رد على المشركين وعلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى في نسبتهم الولد لله تعالى .
وورد في سبب نزول السورة روايات منها ما أخرجه ابن جرير عن قتادة ال: (جاء ناس من اليهود إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: أنسب لنا ربك، وفي لفظ: صف لنا ربك فلم يدر ما يرد عليهم فنزلت {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] حتى ختم السورة)) .
وما أخرجه عن عكرمة رضي الله عنه: (أن المشركين قالوا يا محمد: أخبرنا عن ربك صف لنا ربك ما هو ومن أي شيء هو فأنزل الله {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص: 1-4])).
وذكر ابن كثير في تفسيره , وقال عكرمة: لمّا قالت اليهود: «نحن نعبد عزيراً ابن اللّه». وقالت النّصارى: «نحن نعبد المسيح ابن اللّه». وقالت المجوس: «نحن نعبد الشّمس والقمر». وقالت المشركون: «نحن نعبد الأوثان»؛ أنزل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل هو اللّه أحدٌ}.
وجاء في بعض الآثار أنهم قالوا : يا محمد هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله , فنزلت السورة .
وفي هذه السورة قطع لحجج المشركين من أن الله تعالى يشابهه أحد من خلقه أو هو سبحانه يشبه أحد من خلقه , فهو سبحانه الخالق لهذا الكون الموجد له وكل من عداه مخلوقين ويتبين ذلك من خلال :
أولا : أن الله تعالى وصف نفسه بالأحدية : أي : أنه سبحانه واحد وهو ضد التثنية , فهو واحد في ذاته , وواحد في صفاته, وواحد في أفعاله , فمن كانت هذه صفته بأنه واحد لا شريك له فهو الخالق ومن عداه مخلوق , فكيف يليق بخالق أن يكون متعددا فهذا حري بأن لا يكون خالقا بل يكون أي شيء آخر , فالله سبحانه هو الأحد الذي لا يتعدد.
ثانيا : أنه تعالى صمد أي : لا جوف له فلا يأكل ولا يشرب بخلاف المخلوقين فإنهم لهم جوف ويدخل منه الهواء والطعام وسبل معيشتهم التي لا يستطيعون أن يعيشوا بدونها , ومقتضى إثبات الصمدية له سبحانه أنه غير محتاج لأحد بل الخلق هم الذين يحتاجون إليه في قضاء حوائجهم وشئونهم وتدبيرها لهم .
ثالثا : أنه تعالى لم يلد ولم يولد , فإذا اعتبرنا أن هناك إله يلد فإن ذلك يعني أنه سيكون منه ولد وسيكون ابنه أيضا ولابد إله , أو لو كان يولد فحتما سيكون له أب وهذا الاب قطعا سيكون إله ؛ فهنا يأتي دليل التمانع فمن من هذه الآلهة سوف تتصرف في الكون , ومن ستكون له الغلبة على الإله الآخر , فلو ثم هناك أكثر من إله لفسدت الأرض وجميع الكون كما قال تعالى : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) , فمن الذي يتحكم في الكون الإله الأب أم الإله الابن ومن قدرته التي ستغلب قدرة الآخر فعلم بذلك بطلان قولهم أن لله نسب .
وأيضا ما ذكره ابن حجر قال : ولما كان الرب سبحانه واجب الوجود لذاته قديما موجودا قبل وجود الأشياء وكان كل مولود محدثا انتفت عنه الوالدية ولما كان لا يشبهه أحد من خلقه ولا يجانسه حتى يكون له من جنسه صاحبة فتتوالد انتفت عنه الولدية ومن هذا قوله تعالى : ( أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) .
رابعا : أنه تعالى لم يكن له كفوا أحد : أي : أنه تعالى ليس له صاحبة ,وأنه تعالى لا يشبه أحد ولا يماثله أحد فهو الخالق ومن عداه هم المخلوقين .
ففي هذه الآيات تقرير من أن الله سبحانه وتعالى منزه عما نسبه له الكفار والمشركون من أن له ولد سواء عزير أو المسيح , أو أن له والد , أو أن له شريك في خلقه وملكه , أو أن يشابهه أحد من خلقه , أو أن يشبه هو أحد من خلقه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا , فقد قال تعالى : ( ما قدروا الله حق قدره ) .

والله أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 11:15 AM
ندى توفيق ندى توفيق غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 237
افتراضي

قال تعالى : {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8){ [ سورة القلم]
يقسم الله تعالى في هذه الآيات الكريمات، على صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، و تبليغها على أكمل وجه، يستحق به الأجر العظيم، و الثواب الجزيل، بما تخلق به من مكارم الأخلاق و الأعمال، إخباراً و تقريراً، ثم وعداً للرسول الكريم، و وعيداً لمخالفيه، بعلم الله تعالى الواسع، ثم أمراً له بمخالفتهم، مع نعتهم بصفة الكذب
فكان تفنيد أقوال الكفار من عدة جوانب، منها:
1. إقسام الله عز وجل بما شاء من مخلوقاته، فقال سبحانه : {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1){
2. نفي الله تعالى صفة الجنون عن نبيه صلى الله عليه وسلم، و التي ادعاها مشركو قريش ظلماً و زوراً، قال الزجاح : " وهذا جواب لقولهم: {وقالوا يا أيّها الّذي نزّل عليه الذّكر إنّك لمجنون ( 6) }" [ سورة الحجر[
3. وعد الله تعالى لنبيه الكريم؛ الأجر العظبم، الذي لا يُقادر قدره، فلا يُحسب و لا ينقص ولا ينقطع، و لا يحصل به منّ عليه، جزاء صبره و تحمله أذى المشركين و افترائهم و تكذيبهم،
قال تعالى : {فلهم أجرٌ غير ممنونٍ} [التّين: 6] أي: غير مقطوعٍ عنهم
قال الفراء : " يقال للضّعيف: المنين "
و قال مكي بن أبي طالب :" يقال: مَنَنْتُ الحبل: إذا قطعته"
4. مدح الرسول صلى الله عليه وسلم و الثناء عليه، لامتثاله الأخلاق الرفيعة، و آداب القرآن الكريم، ففي الحديث الذي صححه الألباني :" دخلنا على عائشةَ فقلنا: يا أمَّ المؤمنين ! ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القرآنُ"
5. إظهار الله تعالى أي الفريقين؛ فريق الرسول و من معه من المؤمنين، أم فريق الكفار و المشركين، هو الأولى بالشيطان لافتتانه و ضلاله عن الحق، و في قول اخر : في أيكم الجنون، و ذلك بجعل المفتون بمعنى المصدر؛ الفتون؛ أي الجنون، و جعل الباء بمعنى :في، و فيه انتصار للرسول الكريم ووعيد للمشركين،بفضح عاقبتهم
6. التعريض بذكر علم الله تعالى بمن ضل و بمن اهتدى؛ و يتضمن تقرير الهداية لرسوله و لمن معه من المؤمنين، و وسم المشركين بالضالين
7. نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن طاعة المشركين و مداراتهم، ووصفهم بالمكذبين

و هذا الأسلوب القرآني في الحجاج و دحض الأقوال الباطلة، يخاطب العقل بالبراهين الساطعة، و الأدلة الدامغة، ليتبعها كل ذي لب سليم، متجرد من أهوائه و حظوظ نفسه، صادق في تتبع الحق و اتباعه، من كلام رب البرية، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1441هـ/3-02-2020م, 08:01 PM
مريم البلوشي مريم البلوشي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 343
افتراضي

(صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين)

سورة الفاتحة هي أم القرآن و أعظم سور القرآن فهي الشافية و الكافية و الوافية ، و قد تضمنت و اشتملت على حمد و تمجيد الله و الثناء عليه و ذكر يوم المعاد
و توجيه العباد لإخلاص العبادة لله و توحيده و سؤاله الهداية الذي أنعم بها على عباده المؤمنين ( صراط الذين أنعمت عليهم)
و قد و رد عن ابن كثير في المراد ب (الذين أنعمت عليهم ) عدة اقوال :
القول الأول :هم الملائكة و الأنبياء والصّدّيقين، والشّهداء، والصّالحين.
هم المذكورين في سورة النساء {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً}
القول الثاني : هم النبيون .
القول الثالث : هم المؤمنون و المسلمون.
القول الرابع: هم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ومن معه.
و قد ذهب جمهور المفسرين على أن القول الأول هو أصح الاقوال و أشملها.

و قد احتج بعضهم بهذه الآية و قال بان هذه الآية دلت و تشير على أن الله قد خص النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بالإنعام فقط و أنه ليس على الكفار و غيرهم
من الناس نعمة و احتجوا أيضا {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً} ، و بقوله تعالى لعباده المؤمنين {وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} و قالوا كيف ينعم الله على من خلق للعذاب الابدي و احتجوا بان الإنعام ينافي العقوبة و الانتقام.

و يكون الرد عليهم بقوله تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} و هذا للناس عامة و قوله لليهود في حال كفرهم برسول الله و معادتهم إياه {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} فذكرهم الله بنعمته على أباهم و ذلك بإنجاهم من فرعون و أنعم عليهم بالمن و السلوى و غيره من النعم . فقد كانت نعمته على آبائهم بمثابة نعمة عليهم تستدعي شكرها . و ما ذكره سبحانه من النعم الكثيرة في سورة النحل لعباده جميعا دون تخصيص من أولها إلى قوله تعالى {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} و هذا دليل صريح لا يحتمل صرفا على ان جميع الناس برهم و فاجرهم و مؤمنهم و كافرهم الجميع بدون استثناء يعيش في نعمة من الله تعالى تستدعي شكره .
و نعمة الله على عباده تنقسم إلى نوعين :
- النعمة المطلقة :و هي مختصة بأهل الإيمان المتصلة بالسعادة الأبدية و النعيم المقيم .
- مطلق النعمة : عام للخليقة كلهم البر و الفاجر و المؤمن و الكافر.
و المراد في هذه الأية النعمة المطلقة و هي نعمة الهداية و الإيمان المشتملةٌ على العلم بالحقّ والعمل به.

و المراد بالمغضوب عليهم هم اليهود و الضالين النصارى وقد صحّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قوله ( اليهود مغضوبٌ عليهم والنّصارى ضالّون ). وكتاب اللّه يدلّ على ذلك في مواضع مثل قوله تعالى في اليهود (فباءوا بغضبٍ من اللّه وضربت عليهم المسكنة) و قد قال في النّصارى (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحقّ ولا تتّبعوا أهواء قومٍ قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرًا وضلّوا عن سواء السّبيل ).


المراجع
-تفسير ابن كثير
- بدائع الفوائد لابن القيم رحمه الله
- بيان معنى الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فتاوى

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 جمادى الآخرة 1441هـ/15-02-2020م, 05:50 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقويم تطبيقات أسلوب الحجاج


أحسنتم بارك الله فيكم على متابعتكم وحرصكم.

أسلوب الحجاج يقوم على تقرير الأدلة والإلزام بالحجة وتزييف الباطل، وأدوات الحجاج في القرآن متنوعة.
وبعد مذاكرة الدرس وتأمّل النماذج الموضوعة على أسلوب الحجاج الشرعي، إليكم هذه التوصيات:
1: العناية باختيار الآية أو الآيات موضوع الرسالة.
وآيات الجدل في القرآن كثيرة، والمبطلون وأصحاب الشبه كثر، وأكثرها يدور حول وجود الله أو وحدانيته وصفاته، والبعث والجزاء، والرسالة والوحي، وغيرها.
2: قبل مطالعة أي تفسير، تأمّل الآية جيدا، واستخرج منها مسائلها التي يمكنك استخراجها بمجرّد النظر، اجتهد في التعرّف على الدعاوى والشبه التي يراد إبطالها، تأمّل جيدا كل لفظة وكل أسلوب واجتهد في فهم فائدته وما يراد من ورائه، هذه المسائل ستدلّك -بإذن الله- على أدوات الحجاج في الآية.
3: اجتهد في استخراج أدوات الحجاج الشرعي التي وردت في الآية، مع الانتباه إلى أن الآيات تتفاوت في وجودها زيادة ونقصانا.
4: ابدأ في المرحلة الأولى لكتابة الرسالة، بعرض الشبه والاعتراضات التي أوردها أهل الباطل، وكيف ردّت عليهم الآية مستعملا أدوات الحجاج التي اشتملت عليها الآية، ورتّبها ترتيبا جيدا بحسب ورودها في الآية، وأوصيكم بمحاكاة رسالة شيخنا -حفظه الله- في تفسير قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}.
5: طالع ما يمكنك من التفاسير، وقارن ما خلصت إليه من نتائج، ولاحظ الزيادات التي ذكرها المفسّرون ثم لخصها بأسلوبك.
6: أضف ما توصّلت إليه، وعدّل ما يحتاج إلى تعديل، ثم أعد ترتيب عناصر الرسالة، وتكون الرسالة بذلك قد تمّت في مرحلتها الثانية.

وأرجو أن يعينكم اتّباع هذه الخطوات على تحسين أسلوب الحجاج لديكم، وليستحضر الطالب باستمرار مقصود الرسالة وهي إبراز المحاجّة في الآية، لأن بعض الطلاب قد ينصرف إلى تفسير الآية إذا لم ينتبه إلى هذا المقصد.


1: صلاح الدين محمد.أ+
أحسنت في رسالتك بارك الله فيك،فاتك فقط بيان بعض أدوات الحجاج كـ:
- وحدانية الله تعالى أبطلها بالأصالة والاستقلال.
-في قوله تعالى:( الله الصمد)، قصر قلب لإِبطال ما تعوّده أهل الشرك في الجاهلية من دعائهم لأصنامهم، حيث تعريف المسند أفاد قصر صفة الصمدية على الله تعالى.
- في النقطة الثانية حيث ذكرت[أنه تعالى لم يلد ولم يولد] الاستدلال على النقض لما زعموا بالعقل والنقل.
هذه الأدوات تتضح لك من خلال تفسيري ابن عاشور والشنقيطي.


2: ندى توفيق.ه
بارك الله فيكِ إليك بعض الملحوظات.
-المقصد من الآيات هو التوصل لتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم بنعته بالجنون.
- أسلوب رسالتك استنتاجي لأن أسلوب الحجاج يقوم على أصلين رئيسين:
1: بيان الشبهة، وهذا ما أشرتِ إليه.
2: رد الشبهة بواسطة أدوات الحجاج من خلال الآيات، وهنا لم تبيني هذا الرد، فكانت الرّسالة عبارة عن فوائد.
فمثلا في قوله تعالى :( ما أنت بنعمة ربك بمجنون ) هنا أبطل الله تعالى بهتانهم إذا نظروا إلى الدلائل وتوسموا الشمائل لعلموا أي الفريقين هو المفتون وهذا ما ذكره ابن عاشور في تفسيره، فالإبطال هنا بصرف النظر إلى واقع الحال أداة من أدوات الحجاج، وعليه بالنظر للتفاسير التي عنيت بهذا الأسلوب تتبين لكِ الأدوات، وبمراجعة الدرس والأمثلة المعروضة مزيدا من الفائدة لك.
الأفضل أن تختاري من الآيات التي يكون فيها أسلوب الحجاج أظهر، حتى تتمكني من تفسيرها على هذا الأسلوب.
وإليكِ أنموذج تطبيق الطالب صلاح لعلكِ تستفيدين من المطلوب فيها.
بانتظارك رعاكِ الله.



3: مريم البلوشي.ه

بارك الله فيكِ.
أيضا اختي مريم اختيارك للآية لا يتضح مناسبته لأسلوب الحجاج، فالمراد أن تذكر في الآية شبهة والرّد عليها وهذا الرّد يكون بأدوات كما بينّها فضيلة الشيخ عبدالعزيز الداخل - حفظه الله - في الدرس، انظري للنماذج المقدمة واستفيدي من تفسيري ابن عاشور والشنقيطي في بيان هذا الأسلوب.
بانتظار تعديلك وفقكِ الله.


زادكم الله علما ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 جمادى الآخرة 1441هـ/17-02-2020م, 03:19 PM
أمل حلمي أمل حلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 253
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين * مالكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمانٌ علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون* سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين}

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:

عندما أرسل الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى المشركين ليخرجهم من ظلمات الشرك إلى نور الهدى والإيمان اعترضوا على دعوته واستهزأوا به وأذوه هو وأصحابه، وكان من أساليبهم أنهم كانوا يوردون الشبه حتى يفتنوا المؤمنين عن دينهم وحتى يصدوا الناس عن دين الإسلام، ولكن الله عز وجل كان يُنزل من الآيات ما يرد على هذه الشبهات ويدحض حجتهم
ومن هذه الشبه التي ذكروها أنهم زعموا أنهم إذا بُعثوا بعد الموت فسوف يكونوا أفضل حالاً من المؤمنين قياسًا على حالهم في الدنيا حيث كانوا يتفاخرون بالما ل والأولاد حيث قالوا: إنا نُعطى في الآخرة خير مما تُعطون، فظنوا أنهم بذلك سيكونون أفضل عند الله إذا بعثهم بعد الموت.
فأنزل الله عز وجل هذه الآيات ردًا على هذه الشبهة وقد حاجهم فيها بالأدلة العقلية في صورة أسئلة استنكارية ولم يستطيعوا الرد عليها:
قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}
يخبر الله تعالى عن التفاوت بين مصير من آمن بالله وصدّق رسله واتبعهم وبين من أجرم في حق الله تعالى وحق نفسه وذكر أنهم لا يتساوون أبدًا لأنه الله تعالى عدل فلن يظلم أحدًا ولن يساوي بين من نصب وتعب في العبادة وجاهد نفسه وشهواته وفعل كل ذلك ابتغاء مرضاة الله وبين من انغمس في الشهوات ولم يكن مراده الله.
وقد رد القرآن عليهم ووبخهم بقوله تعالى: {مالكم كيف تحكمون}
أي كيف تظنون ذلك وكيف حكمتم هذا الحكم وكأن أمر الجظاء مفوض إليكم تحكموا فيه بما شئتم.
ثم يقول الله تعالى استهزاء بهم وبقولهم: {أم لكم كتاب فيه تدرسون}
أي هل حكمتم بهذا الحكم لأن بين أيديكم كتاب من عند الله أتاكم به رسول من رسله فتقرأونه وتحفظونه.
والجواب بالطبع أن هذا غير متحقق وأنهم ليس عندهم كتاب يشهد بذلك.
ويستمر التوبيخ والسخرية مما قال هؤلاء المشركين: يقول الله تعالى: {إن لكم فيه لما تخيرون}
أي إن لكم في هذا الكتاب ما تختارون وتشتهون.
ثم يقول تعالى: {أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون}
أي هل لكم عهود ومواثيق مؤكدة على الله لا تنقطع إلى يوم القيامة قد استوثقتم بها أنكم ستدخلون الجنة؟!
ثم يوجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويقول له: {سلهم أيهم بذلك زعيم} أي اسأل هؤلاء المشركين أيهم يكفل ويضمن لهم أن ما زعموه هو الصحيح وأنهم سيكونوا أفضل حالاً من المؤمنين يوم القيامة.
ويستمر السؤال لهم توبيخًا وتقريعًا وإبطالاً لحجتهم التي زعموها:
{أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا مؤمنين}
وهذا فيه تعجيز لهم حيث يقول لهم إن كان لكم شركاء من الأصنام فلتأتوا بهم يشهدون على هذا الزعم الذي زعمتم.
ومن المعلوم أن كل ذلك منتف، فليس لهم كتاب وليس لهم عهد عند الله في النجاة وليس لهم شركاء يعينونهم فعُلم أن هذا الدعوى التي ادعوها باطلة وفاسدة.

المصادر:
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير السعدي

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24 جمادى الآخرة 1441هـ/18-02-2020م, 12:37 PM
مريم البلوشي مريم البلوشي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 343
افتراضي

(هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين .

هذه الآية اشتملت على العديد من أسماء الله الحسنى و أوصافه العظيمة جلا في علاه و كانت مكملة للآيات التي سبقتها في ذكر صفات الله و أسمائه الحسنى . و هي بمثابة رد على الطوائف التي انكرت كل أو بعض من صفات الله و أسمائه الحسنى كالجهمية و المعتزلة و أولوها حسب أهوائهم.
أخبر الله تعالى أنه هو الإله المعبود و كل ما يعبد دونه باطل ، الخالق ،الخلق: التّقدير، أي المقدر للأشياء على مقتضى إرادته و مشيئته الخالق لجميع المخلوقات . البارئ ، المنفذ و الموجد لما قدر ، المصور منفذ ما يريد إيجاده على الصّفة التي يريدها كقوله [COLOR="Green"](في أيّ صورةٍ ما شاء ركّبك).
[COLOR="green"]
( له الأسماء الحسنى )
هنا تذييل لما عُدّد من صفات الله تعالى ، أي له جميع الأسماء الحسنى التي بعضها الصفات المذكورة آنفاً. فالمراد بالأسماء الصفات عبر عنها بالأسماء لأنه متصف بها على ألسنة خلقه ولكونها بالغة منتهى حقائقها بالنسبة لوصفه تعالى بها فصارت كالأعلام على ذاته تعالى. و الحسنى تدل على صفات كمال لا نقص فيها في أي وجه من الوجوه.
و هنا أيضا رد صريح على منكرين أسماء الله و صفاته :
- أنه لا يتم تحقيق التوحيد إلا بالإيمان بالله و الإيمان بأسمائه و صفاته .
- أن الله سبحانه وتعالى أثبت لنفسه الأسماء والصفات فقد صرح الله بأن له الأسماء الحسنى في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم في سورةِ الأعرافِ: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) ، وفي سورةِ طه: (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) ، وفي سورةِ الْحَشْرِ: (هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) .
وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصّحيحين عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ للّه تعالى تسعةً وتسعين اسمًا، مائةٌ إلّا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحبّ الوتر". فكيف ينفي هؤلاء أمر قد اثبته الله و رسوله !!!!
- من أنكر شيء من الصفات و الأسماء فهو من الهالكين ، لأنه يجب على العبد الإيمان بكل ما صح عن الله و رسوله عليه الصلاة و السلام سواء فهمه أو لم يفهمه و لهذا قال الله تعالى عن عباده الصالحين ( يقولون آمنا به كل من عند ربنا).
- أنه الذي ليس له صفات كمال لا يصلح أن يكون إلها ، و لهذا قال إبراهيم عليه السلام لأبيه ( لما تعبد ما لا يسمع و لا يبصر ) ، و قال تعالى في الرد على الذين عبدوا العجل (ألم يروا أنه لا يكلمهم و لا يهديهم سبيلا).
- أن إثبات الصفات كمال ونفيها نقص , فالذي ليس له صفات , إما معدوم وإما ناقص , والله تعالى منزه عن ذلك (يسبح له ما في السماوات و الأرض).

و أيضا في هذه الآية رد على من ألحد في أسماء الله الحسنى و ذلك بالميل بها عما يجب كاشتقاق أسماء الأصنام منها مثل اشتقاق العزى من العزيز و اللات من الإله . فذكر الله تعالى بأن أسمائه مختصة به (لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض) كما اختص تعالى بالألوهية و العبودية وحده سبحانه ، و أن كل من في السماوات و الأرض يسبحونه كلا حسب صلاته و تسبيحه له ، فإنه سبحانه و تعالى مختص بالأسماء الحسنى فإن تسمية غيره بها نوع من الإلحاد الذي هو محرم بجميع أنواعه (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

(العزيز الحكيم) الذي لا يغلب و إذا أراد شيء كان لحكمة و مصلحة و الحكيم في شرعه و قدره.


المراجع :
تفسير ابن عاشور .
تفسير ابن كثير.
تفسير السعدي.
قواعد في أسماء الله الحسنى ، محمد بن صالح بن محمد العثيمين.
كتاب التوحيد.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 رجب 1441هـ/25-02-2020م, 05:01 AM
ندى توفيق ندى توفيق غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 237
افتراضي

{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ یُدۡعَىٰۤ إِلَى ٱلۡإِسۡلَـٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (٧) یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ (٨) هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ (٩){ [ الصف]
تتجلى في الآيات الكريمة، أساليب الحجاج المختلفة مع المكذبين، من خلال :
التشنيع على افتراء الكذب على الله تعالى، من خلال معاندة أنبيائه و رسله، و تكذيب رسالاتهم ، وأن لا أحد أظلم من هذا المكذب، و ذلك من خلال الاستفهام الاستنكاري، و صيغة التفضيل "أفعل" الدالة على المبالغة، في قوله تعالى : {وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ} ، و يزداد التشنيع بشاعة بوصف حال المكذب، و أنه إنما افترى الكذب و الظلم حال دعوة الرسول له إلى الإسلام و الهدى و الخير و الصلاح، قال تعالى : { وَهُوَ یُدۡعَىٰۤ إِلَى ٱلۡإِسۡلَـٰمِۚ }، إذ كان الأولى به الشكر و التسليم و الاتباع
فهو ضال ّمستمر الضلال؛ دل عليه نفي فعل الاهتداء المضارع، المفيد للتجدد، و هومحروم من الهداية، ليس له نصيب منها، دل عليه مفهوم الموافقة، في قوله تعالى : { وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (٧)} ؛ ذلك أنه لم يعتبر بمصير الأمم المكذبة لأنبيائها و رسلها، كقوم موسى و قوم عيسى، الذين تم ذكرهم في مقدمة المحاجة؛ تمهيداً لإقامة الحجة عليهم و على من بعدهم، لاسيما وأن عيسى عليه السلام قد بشر بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من بعده،
قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5) وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6)} [ الصف]
وبالمقابل فإن مفهوم المخالفة في قوله تعالى : { وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (٧)}، يقضي بهداية الله تعالى للمصدقين المتبعين لرسله، المؤمنين برسالته، دون غيرهم
ثم تظهر براعة التعليل، في قوله تعالى :{ یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡ }، واضحة جلية في بيان علة التكذيب و الظلم، و تأكيدها بلام التعليل، و هي إطفاء نور الله تعالى المتمثل في رسالته، فكما أن النور يبدد الظلمات، و ينير طريق السالكين، فكذلك الإيمان يبدد ظلمات الكفر و الضلال و يهدي إلى الطريق المستقيم.
كما تضمنت الآية الإشارة إلى ضعف حجتهم، و فساد إرادتهم ، بإضافة النور لله تعالى، فكيف لنور عظيم، صادر من رب العالمين، الذي له صفات الجلال و الكمال أجمعين، أن تطفئه أفواه المكذبين الضالين
ثم يأتي بعد ذلك الإضراب الإبطالي ، ليدحض باطلهم و يفسد مرادهم بقوة ، في قوله تعالى : { وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ} ، حيث أن الجملة الإسمية تدل على الثبوت، و أن نور الله تعالى المتمثل في دينه و شرعه، هو المهيمن الغالب مهما استمر ضلالهم و تكذيبهم،{ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ (٨)} و تقدير معنى الشرط فيها : " و إن لم يكره الكافرون بل وإن كره الكافرون"
و هي نتيجة الآية المشابهة في سورة التوبة، في قوله تعالى : {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة : 32]، فإن إتمام النور جاء في صيغة فعلية تدل على مرحلة الحدوث التي تسبق الثبات ، قال تعالى : { وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ}
كما تحدثت السنة المطهرة عن إتمام الله تعالى لنوره و ظهور دينه، في الحديث الذي رواه البخارى في صحيحه : عن خباب بن الأرت: "شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ على رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتّى يَسِيرَ الرّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلّا اللَّهَ، والذِّئْبَ على غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ ".
و في الآية : { هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ (٩){ ، تم نقض دعوى التكذيب، و ردها على أهل الكتاب و المشركين، حيث أفاد ضمير الفصل" هو " و الاسم الموصول" الذي" القصر المؤكد؛ أي أن الله تعالى هو المرسل للنبي صلى الله عليه وسلم، و لا مرسل غيره ، و لم يُذكر المرسل إليهم لعموم رسالته إلى البشرية جمعاء، فهي رسالة تتضمن الهداية للإسلام الحنيف، " لِیُظۡهِرَهُۥ" اللام للتعليل، و الظهور هو النصر و الغلبة و الانتشار، على جميع الأديان، حيث أن التعريف في لفظ " الدين" يفيد الاستغراق، كما أن لفظ " كله" يفيد التوكيد،{ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ}، فذلوا له صاغرين منكسرين
و قد تم النور و لله الحمد و المنة، و صدق وعد الله تعالى، فأعز جنده و نصر عبده و هزم الأحزاب وحده



المصادر و المراجع :
اضواء البيان للشنقيطي
التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور
نظم الدرر للبقاعي

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 رجب 1441هـ/25-02-2020م, 05:45 PM
أريج نجيب أريج نجيب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 341
افتراضي

أسلوب الحجاج
قال تعالى : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين * مالكم كيف تحكمون )
الذين كفروا يزعمون بأن الله سيفضلهم على المؤمنين يوم القيامة ويعطيم في الاخرة أفضل مما يعطون .
لهذا رد عليهم الله سبحانه وتعالى : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين )
لأن هذا محال فالله يخبرهم أنه يكون حكما عدل يوم القيامة ولاتكن مساواة في الجزاء كل حسب عمله لأن التفاضل بالتقوى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
فالمؤمنين امنوا بيوم القيامة واستعدوا له أما الذين كفروا انكروا الحساب والبعث وهم يحاربون الذين امنوا وغير طائعين لله سبحانه وتعالى وهذه حجة عليهم في انتفاء المساواة بينهم وبين من أطاع الله وامن .
وحكمة الله لا تنقضي أن يجعل المسلمين المنقادين لأوامره المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أوضعوا في معاصيه والكفر باياته ومعاندة رسله ومحاربة أوليائه
فال ابن عباس وغيره : قالت كفار مكة : إنا نعطى في الاخرة خير مما تعطون
فنزلت الاية ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين )

المراجع :
تفسير البغوي
تفسير السعدي
تفسير القرطبي

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12 رجب 1441هـ/6-03-2020م, 10:49 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل حلمي مشاهدة المشاركة
رسالة في تفسير قوله تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين * مالكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمانٌ علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون* سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين}

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:

عندما أرسل الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى المشركين ليخرجهم من ظلمات الشرك إلى نور الهدى والإيمان اعترضوا على دعوته واستهزأوا به وأذوه هو وأصحابه، وكان من أساليبهم أنهم كانوا يوردون الشبه حتى يفتنوا المؤمنين عن دينهم وحتى يصدوا الناس عن دين الإسلام، ولكن الله عز وجل كان يُنزل من الآيات ما يرد على هذه الشبهات ويدحض حجتهم
ومن هذه الشبه التي ذكروها أنهم زعموا أنهم إذا بُعثوا بعد الموت فسوف يكونوا أفضل حالاً من المؤمنين قياسًا على حالهم في الدنيا حيث كانوا يتفاخرون بالما ل والأولاد حيث قالوا: إنا نُعطى في الآخرة خير مما تُعطون، فظنوا أنهم بذلك سيكونون أفضل عند الله إذا بعثهم بعد الموت.
فأنزل الله عز وجل هذه الآيات ردًا على هذه الشبهة وقد حاجهم فيها بالأدلة العقلية في صورة أسئلة استنكارية ولم يستطيعوا الرد عليها:
قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}
يخبر الله تعالى عن التفاوت بين مصير من آمن بالله وصدّق رسله واتبعهم وبين من أجرم في حق الله تعالى وحق نفسه وذكر أنهم لا يتساوون أبدًا لأنه الله تعالى عدل فلن يظلم أحدًا ولن يساوي بين من نصب وتعب في العبادة وجاهد نفسه وشهواته وفعل كل ذلك ابتغاء مرضاة الله وبين من انغمس في الشهوات ولم يكن مراده الله.
وقد رد القرآن عليهم ووبخهم بقوله تعالى: {مالكم كيف تحكمون}
أي كيف تظنون ذلك وكيف حكمتم هذا الحكم وكأن أمر الجظاء مفوض إليكم تحكموا فيه بما شئتم.
ثم يقول الله تعالى استهزاء بهم وبقولهم: {أم لكم كتاب فيه تدرسون} فهنا إضراب انتقال من توبيخ إلى احتجاج على كذبهم، وتتضمن استفهام إنكاري مقدّر، وعليه فدعواهم هذه لا تخلو من سند يستندون عليه سواء كان سندهم هذا كتاب سماويا أو عهدا لهم من الله أو كفيل، ومن ثمّ نبين كل منها كما ذكرتِ.
أي هل حكمتم بهذا الحكم لأن بين أيديكم كتاب من عند الله أتاكم به رسول من رسله فتقرأونه وتحفظونه.
والجواب بالطبع أن هذا غير متحقق وأنهم ليس عندهم كتاب يشهد بذلك.
ويستمر التوبيخ والسخرية مما قال هؤلاء المشركين: يقول الله تعالى: {إن لكم فيه لما تخيرون}
أي إن لكم في هذا الكتاب ما تختارون وتشتهون.
ثم يقول تعالى: {أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون}
أي هل لكم عهود ومواثيق مؤكدة على الله لا تنقطع إلى يوم القيامة قد استوثقتم بها أنكم ستدخلون الجنة؟!
ثم يوجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويقول له: {سلهم أيهم بذلك زعيم} أي اسأل هؤلاء المشركين أيهم يكفل ويضمن لهم أن ما زعموه هو الصحيح وأنهم سيكونوا أفضل حالاً من المؤمنين يوم القيامة.
ويستمر السؤال لهم توبيخًا وتقريعًا وإبطالاً لحجتهم التي زعموها:
{أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا مؤمنين}
وهذا فيه تعجيز لهم حيث يقول لهم إن كان لكم شركاء من الأصنام فلتأتوا بهم يشهدون على هذا الزعم الذي زعمتم.
ومن المعلوم أن كل ذلك منتف، فليس لهم كتاب وليس لهم عهد عند الله في النجاة وليس لهم شركاء يعينونهم فعُلم أن هذا الدعوى التي ادعوها باطلة وفاسدة.

المصادر:
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير السعدي
أحسنتِ وفقكِ الله وبارك فيكِ، أسلوب الحجاج واضح في رسالتك فقط وددت أن تبيني الأدوات أكثر، كما وضحت لكِ في النص.
وفي تفسير ابن عاشور مزيد فائدة في بيان هذا الأسلوب.

الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 12 رجب 1441هـ/6-03-2020م, 11:15 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى توفيق مشاهدة المشاركة
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ یُدۡعَىٰۤ إِلَى ٱلۡإِسۡلَـٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (٧) یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ (٨) هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ (٩){ [ الصف]
تتجلى في الآيات الكريمة، أساليب الحجاج المختلفة مع المكذبين، من خلال :
التشنيع على افتراء الكذب على الله تعالى، من خلال معاندة أنبيائه و رسله، و تكذيب رسالاتهم ، وأن لا أحد أظلم من هذا المكذب، و ذلك من خلال الاستفهام الاستنكاري، و صيغة التفضيل "أفعل" الدالة على المبالغة، في قوله تعالى : {وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ} ، و يزداد التشنيع بشاعة بوصف حال المكذب، و أنه إنما افترى الكذب و الظلم حال دعوة الرسول له إلى الإسلام و الهدى و الخير و الصلاح، قال تعالى : { وَهُوَ یُدۡعَىٰۤ إِلَى ٱلۡإِسۡلَـٰمِۚ }، إذ كان الأولى به الشكر و التسليم و الاتباع
فهو ضال ّمستمر الضلال؛ دل عليه نفي فعل الاهتداء المضارع، المفيد للتجدد، و هومحروم من الهداية، ليس له نصيب منها، دل عليه مفهوم الموافقة، في قوله تعالى : { وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (٧)} ؛ ذلك أنه لم يعتبر بمصير الأمم المكذبة لأنبيائها و رسلها، كقوم موسى و قوم عيسى، الذين تم ذكرهم في مقدمة المحاجة؛ تمهيداً لإقامة الحجة عليهم و على من بعدهم، لاسيما وأن عيسى عليه السلام قد بشر بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من بعده،
قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5) وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6)} [ الصف]
وبالمقابل فإن مفهوم المخالفة في قوله تعالى : { وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (٧)}، يقضي بهداية الله تعالى للمصدقين المتبعين لرسله، المؤمنين برسالته، دون غيرهم
ثم تظهر براعة التعليل، في قوله تعالى :{ یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡ }، واضحة جلية في بيان علة التكذيب و الظلم، و تأكيدها بلام التعليل، و هي إطفاء نور الله تعالى المتمثل في رسالته، فكما أن النور يبدد الظلمات، و ينير طريق السالكين، فكذلك الإيمان يبدد ظلمات الكفر و الضلال و يهدي إلى الطريق المستقيم.
كما تضمنت الآية الإشارة إلى ضعف حجتهم، و فساد إرادتهم ، بإضافة النور لله تعالى، فكيف لنور عظيم، صادر من رب العالمين، الذي له صفات الجلال و الكمال أجمعين، أن تطفئه أفواه المكذبين الضالين
ثم يأتي بعد ذلك الإضراب الإبطالي ، ليدحض باطلهم و يفسد مرادهم بقوة ، في قوله تعالى : { وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ} ، حيث أن الجملة الإسمية تدل على الثبوت، و أن نور الله تعالى المتمثل في دينه و شرعه، هو المهيمن الغالب مهما استمر ضلالهم و تكذيبهم،{ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ (٨)} و تقدير معنى الشرط فيها : " و إن لم يكره الكافرون بل وإن كره الكافرون"
و هي نتيجة الآية المشابهة في سورة التوبة، في قوله تعالى : {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة : 32]، فإن إتمام النور جاء في صيغة فعلية تدل على مرحلة الحدوث التي تسبق الثبات ، قال تعالى : { وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ}
كما تحدثت السنة المطهرة عن إتمام الله تعالى لنوره و ظهور دينه، في الحديث الذي رواه البخارى في صحيحه : عن خباب بن الأرت: "شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ على رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتّى يَسِيرَ الرّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلّا اللَّهَ، والذِّئْبَ على غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ ".
و في الآية : { هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ (٩){ ، تم نقض دعوى التكذيب، و ردها على أهل الكتاب و المشركين، حيث أفاد ضمير الفصل" هو " و الاسم الموصول" الذي" القصر المؤكد؛ أي أن الله تعالى هو المرسل للنبي صلى الله عليه وسلم، و لا مرسل غيره ، و لم يُذكر المرسل إليهم لعموم رسالته إلى البشرية جمعاء، فهي رسالة تتضمن الهداية للإسلام الحنيف، " لِیُظۡهِرَهُۥ" اللام للتعليل، و الظهور هو النصر و الغلبة و الانتشار، على جميع الأديان، حيث أن التعريف في لفظ " الدين" يفيد الاستغراق، كما أن لفظ " كله" يفيد التوكيد،{ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ}، فذلوا له صاغرين منكسرين
و قد تم النور و لله الحمد و المنة، و صدق وعد الله تعالى، فأعز جنده و نصر عبده و هزم الأحزاب وحده



المصادر و المراجع :
اضواء البيان للشنقيطي
التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور
نظم الدرر للبقاعي
أحسنتِ نفع الله بك وزادكِ علما.
فاتكِ بيان بعض المسائل لتوضيح الصورة للقارئ كــ: من المقصود في الآيات، وما متعلق الظلم ، ففي مقدمة تفسير ابن اشور لهذه الآية ما يفيد في تهيئة القارئ لجو النص وعلاقة الآية بسياق السورة إجمالا.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 12 رجب 1441هـ/6-03-2020م, 11:18 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أريج نجيب مشاهدة المشاركة
أسلوب الحجاج
قال تعالى : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين * مالكم كيف تحكمون )
الذين كفروا يزعمون بأن الله سيفضلهم على المؤمنين يوم القيامة ويعطيم في الاخرة أفضل مما يعطون .
لهذا رد عليهم الله سبحانه وتعالى : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين )
لأن هذا محال فالله يخبرهم أنه يكون حكما عدل يوم القيامة ولاتكن مساواة في الجزاء كل حسب عمله لأن التفاضل بالتقوى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
فالمؤمنين امنوا بيوم القيامة واستعدوا له أما الذين كفروا انكروا الحساب والبعث وهم يحاربون الذين امنوا وغير طائعين لله سبحانه وتعالى وهذه حجة عليهم في انتفاء المساواة بينهم وبين من أطاع الله وامن .
وحكمة الله لا تنقضي أن يجعل المسلمين المنقادين لأوامره المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أوضعوا في معاصيه والكفر باياته ومعاندة رسله ومحاربة أوليائه
فال ابن عباس وغيره : قالت كفار مكة : إنا نعطى في الاخرة خير مما تعطون
فنزلت الاية ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين )

المراجع :
تفسير البغوي
تفسير السعدي
تفسير القرطبي
بارك الله فيك، أحسنتِ في بيان الشبهة والرد عليه إلا أنّ رسالتك مختصرة وتحتاج لبيان أدوات الحجاج، ويفيدك تفسير ابن عاشور والشنقيطي في ذلك.
الدرجة:ج+

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14 رجب 1441هـ/8-03-2020م, 09:50 PM
الصورة الرمزية وسام عاشور
وسام عاشور وسام عاشور غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 347
افتراضي

رسالة تفسيرية في اسلوب الحجاج في قوله تعالى:
"مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)" نوح


مقدمة:
طالت مدة دعوة سيدنا نوح عليه السلام في قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، لاقى فيها من قومه عنادا وكبرا شديدين وتنقل السورة لنا بعض المشاهد والحوارات التي دارت بين نوح عليه السلام وبين قومه
حيث ساق فيها جملة من الحجج والأساليب المختلفة والمتنوعة لدحض شبهاتهم وافتراءاتهم فبدأ معهم في بداية السورة بالدعوة بالترغيب والنصح بأن أطمعهم في الغفران وبثمرة الاستغفار وأنه سبب في سعة الرزق ونزول الغيث وكثرة الأموال والأولاد.....
، ثم انتقل في الآيات التي معنا للدعوة بالترهيب والتوبيخ فقال كما يحكي القرآن عنه:

مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)
-المراد بالرجاء الخوف، وبالوقار العظمة، أي مالكم لا ترجون لله عظمة على قول ابن عباس ومجاهد والضحاك
-استخدم معهم اسلوب التبكيت فالاستفهام هنا استنكاري للتوبيخ وفيه أيضا تخويف ووعيد، أي كيف لا تعظمون هذا العظيم فتفردوه بالعبادة، وكيف لا تخافون عقابه وترجون ثوابه، وكيف لا تشكرون له نعمة ولا تعرفون له حقا
-وفيه أيضا مفهوم المخالفة فكما أنكر عليهم عدم تعظيمهم وتوقيرهم لله ، فهو ينكر عليهم تعظيمهم وتوقيرهم وعبادتهم غير الله

وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)
- انتقل بهم نوح عليه السلام من التوبيخ والتقريع إلى الاستدلال، فنبههم أولاً للنظر في أنفسهم لأنها أول محسوس يشعرون به
-وأطواراً أي من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم خلقا طورا بعد طور (قاله قتادة ومجاهد)، ويشهد لهذا المعنى آية سورة المؤمنون (14)
"ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"
قال السعدى فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع حري أن يفرد بالعبادة
-وفيه تعريض بكفرهم النعمة فالرب الرحمن الذي دبر شؤنكم في بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا يستحق أن يشكر، " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (78) النحل
-كما فيه تعريض وتخويف بالبعث والنشور فالذي خلق من عدم قادر على الإحياء بعد البلى فهو عليه أهون، " وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ..."الروم (27)

أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15)

-ثم انتقل بهم من الدلائل البينة في أنفسهم إلى الدلائل البينات في الآفاق فاستدل بالظاهر المحسوس على المغيب وهي لا تدل إلا على عظمة الخالق وأحقيته بالعبادة

-كما تدرج معهم من الاستدلال بخلق أنفسهم أطواراً إلى الاستدلال بخلق أعظم وأكبر من خلق الإنسان " لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)"غافر

- فسألهم هذ المرة استفهام تقريري للإخبار عن حقائق مسلمة لا مجال للاعتراض عليها ، وإلا فهم لم يشاهدوا خلق السماوات والأرض، " مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) الكهف

وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)
-فمايز المولى عز وجل بين ضوء القمر الذي هو نور لا حرارة فيه (وعبر بالمصدر للدلالة على المبالغة في الإنارة) وبين ضوء الشمس فقال سراجا أي كالمصباح ضوء فيه حرارة وهذا من على دلائل قدرة الخالق فكل منهما آية على حدى فقدر القمر منازل ويعرف منه تعاقب الشهور والأعوام والشمس يعرف منها تعاقب الليل والنهار

-وفي الاستدلال هنا امتنان بخلق الشمس والقمر وما فيهما منافع للبشر تستوجب الشكر لا الكفر والجحود

وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)
-ثم عاد مرة أخرى ليستدل بقدرة الله وعظمته بالنشأة الأولى ثم بالموت والإقبار، وهذه المرة لم يعرض بالبعث والنشور بل ذكره صراحة فكان للالتفات من التعريض للتصريح وقع الجرس في النفوس وأكده كذلك بالمفعول المطلق
، فكأنما يقول لهم بهذا التصريح لا مجال للتغافل والتجاهل
-وكان لترتيب الأفعال في الآية والعطف بثم التي تفيد التراخي "ثم يعيدكم" ، ثم العطف بالواو "ويخرجكم" وقع تنخلع له القلوب أي إن البعث الذي تنكرونه أت أت بأسرع مما تتخيلوا
-واستخدم لفظ إنباتا فيه مشابهه بين الإنسان والنبات في إنشائهما من عناصر الأرض وفيه إشارة لخلق آدم عليه السلام من تراب

واللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)
-عاد نوح عليه السلام للاستدلال والامتنان بالآيات الكونية ومنها خلق الأرض وما فيها من منافع للبشر كخلقها مسطحة ممدودة وما يترتب على ذلك مصالح كالزرع والحرث والسيروالبناء

خاتمة:
أوردت الآيات جملة من الأساليب والوسائل التي استخدمها نوح عليه السلام في حجاج قومه فكأنه كلما ازادوا له عنادا كلما ازاد تنقلا بين الأساليب لعله يلفت بها انتباههم أو تلين له قلوبهم

فتنقل عليه السلام من الترغيب للترهيب ومن التوبيخ والتخويف للاستدلال والامتنان ومن التعريض للتصريح ومن الاستنكار للتقرير ومن الدعوة للتفكر في خلق الإنسان للدعوة للتفكر في الآفاق
فسبحان الذي خلق الأطوار وأبدع في الآفاق حري به أن يعبد حري به أن يعظم ويحب ويخاف ويرجي.............سبحانك ربي ما عبدناك حق عبادتك

وفي الآيات دروس كثيرة مستفادة في الدعوة لا يتسع المقام لذكرها هنا

المراجع:
كتب
-التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور التونسي(ت:1393 هـ)
-الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت: 671هـ)
-ضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،محمد الأمين الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ)
مواقع وبرامج
موقع جمهرة العلوم
المكتبة الشاملة

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 21 رجب 1441هـ/15-03-2020م, 06:48 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وسام عاشور مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في اسلوب الحجاج في قوله تعالى:
"مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)" نوح


مقدمة:
طالت مدة دعوة سيدنا نوح عليه السلام في قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، لاقى فيها من قومه عنادا وكبرا شديدين وتنقل السورة لنا بعض المشاهد والحوارات التي دارت بين نوح عليه السلام وبين قومه
حيث ساق فيها جملة من الحجج والأساليب المختلفة والمتنوعة لدحض شبهاتهم وافتراءاتهم فبدأ معهم في بداية السورة بالدعوة بالترغيب والنصح بأن أطمعهم في الغفران وبثمرة الاستغفار وأنه سبب في سعة الرزق ونزول الغيث وكثرة الأموال والأولاد.....
، ثم انتقل في الآيات التي معنا للدعوة بالترهيب والتوبيخ فقال كما يحكي القرآن عنه:

مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)
-المراد بالرجاء الخوف، وبالوقار العظمة، أي مالكم لا ترجون لله عظمة على قول ابن عباس ومجاهد والضحاك
-استخدم معهم اسلوب التبكيت فالاستفهام هنا استنكاري للتوبيخ وفيه أيضا تخويف ووعيد، أي كيف لا تعظمون هذا العظيم فتفردوه بالعبادة، وكيف لا تخافون عقابه وترجون ثوابه، وكيف لا تشكرون له نعمة ولا تعرفون له حقا
-وفيه أيضا مفهوم المخالفة فكما أنكر عليهم عدم تعظيمهم وتوقيرهم لله ، فهو ينكر عليهم تعظيمهم وتوقيرهم وعبادتهم غير الله

وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)
- انتقل بهم نوح عليه السلام من التوبيخ والتقريع إلى الاستدلال، فنبههم أولاً للنظر في أنفسهم لأنها أول محسوس يشعرون به
-وأطواراً أي من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم خلقا طورا بعد طور (قاله قتادة ومجاهد)، ويشهد لهذا المعنى آية سورة المؤمنون (14)
"ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"
قال السعدى فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع حري أن يفرد بالعبادة
-وفيه تعريض بكفرهم النعمة فالرب الرحمن الذي دبر شؤنكم في بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا يستحق أن يشكر، " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (78) النحل
-كما فيه تعريض وتخويف بالبعث والنشور فالذي خلق من عدم قادر على الإحياء بعد البلى فهو عليه أهون، " وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ..."الروم (27)

أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15)

-ثم انتقل بهم من الدلائل البينة في أنفسهم إلى الدلائل البينات في الآفاق فاستدل بالظاهر المحسوس على المغيب وهي لا تدل إلا على عظمة الخالق وأحقيته بالعبادة

-كما تدرج معهم من الاستدلال بخلق أنفسهم أطواراً إلى الاستدلال بخلق أعظم وأكبر من خلق الإنسان " لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)"غافر

- فسألهم هذ المرة استفهام تقريري للإخبار عن حقائق مسلمة لا مجال للاعتراض عليها ، وإلا فهم لم يشاهدوا خلق السماوات والأرض، " مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) الكهف

وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)
-فمايز المولى عز وجل بين ضوء القمر الذي هو نور لا حرارة فيه (وعبر بالمصدر للدلالة على المبالغة في الإنارة) وبين ضوء الشمس فقال سراجا أي كالمصباح ضوء فيه حرارة وهذا من على دلائل قدرة الخالق فكل منهما آية على حدى فقدر القمر منازل ويعرف منه تعاقب الشهور والأعوام والشمس يعرف منها تعاقب الليل والنهار

-وفي الاستدلال هنا امتنان بخلق الشمس والقمر وما فيهما منافع للبشر تستوجب الشكر لا الكفر والجحود

وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)
-ثم عاد مرة أخرى ليستدل بقدرة الله وعظمته بالنشأة الأولى ثم بالموت والإقبار، وهذه المرة لم يعرض بالبعث والنشور بل ذكره صراحة فكان للالتفات من التعريض للتصريح وقع الجرس في النفوس وأكده كذلك بالمفعول المطلق
، فكأنما يقول لهم بهذا التصريح لا مجال للتغافل والتجاهل
-وكان لترتيب الأفعال في الآية والعطف بثم التي تفيد التراخي "ثم يعيدكم" ، ثم العطف بالواو "ويخرجكم" وقع تنخلع له القلوب أي إن البعث الذي تنكرونه أت أت بأسرع مما تتخيلوا
-واستخدم لفظ إنباتا فيه مشابهه بين الإنسان والنبات في إنشائهما من عناصر الأرض وفيه إشارة لخلق آدم عليه السلام من تراب

واللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)
-عاد نوح عليه السلام للاستدلال والامتنان بالآيات الكونية ومنها خلق الأرض وما فيها من منافع للبشر كخلقها مسطحة ممدودة وما يترتب على ذلك مصالح كالزرع والحرث والسيروالبناء

خاتمة:
أوردت الآيات جملة من الأساليب والوسائل التي استخدمها نوح عليه السلام في حجاج قومه فكأنه كلما ازادوا له عنادا كلما ازاد تنقلا بين الأساليب لعله يلفت بها انتباههم أو تلين له قلوبهم

فتنقل عليه السلام من الترغيب للترهيب ومن التوبيخ والتخويف للاستدلال والامتنان ومن التعريض للتصريح ومن الاستنكار للتقرير ومن الدعوة للتفكر في خلق الإنسان للدعوة للتفكر في الآفاق
فسبحان الذي خلق الأطوار وأبدع في الآفاق حري به أن يعبد حري به أن يعظم ويحب ويخاف ويرجي.............سبحانك ربي ما عبدناك حق عبادتك

وفي الآيات دروس كثيرة مستفادة في الدعوة لا يتسع المقام لذكرها هنا

المراجع:
كتب
-التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور التونسي(ت:1393 هـ)
-الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت: 671هـ)
-ضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،محمد الأمين الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ)
مواقع وبرامج
موقع جمهرة العلوم
المكتبة الشاملة
أحسنتِ وتميّزتِ بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 28 رجب 1441هـ/22-03-2020م, 11:01 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم البلوشي مشاهدة المشاركة
(هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين .

هذه الآية اشتملت على العديد من أسماء الله الحسنى و أوصافه العظيمة جلا في علاه و كانت مكملة للآيات التي سبقتها في ذكر صفات الله و أسمائه الحسنى . و هي بمثابة رد على الطوائف التي انكرت كل أو بعض من صفات الله و أسمائه الحسنى كالجهمية و المعتزلة و أولوها حسب أهوائهم.
أخبر الله تعالى أنه هو الإله المعبود و كل ما يعبد دونه باطل ، الخالق ،الخلق: التّقدير، أي المقدر للأشياء على مقتضى إرادته و مشيئته الخالق لجميع المخلوقات . البارئ ، المنفذ و الموجد لما قدر ، المصور منفذ ما يريد إيجاده على الصّفة التي يريدها كقوله [color="green"](في أيّ صورةٍ ما شاء ركّبك).
[color="green"]
( له الأسماء الحسنى )
هنا تذييل لما عُدّد من صفات الله تعالى ، أي له جميع الأسماء الحسنى التي بعضها الصفات المذكورة آنفاً. فالمراد بالأسماء الصفات عبر عنها بالأسماء لأنه متصف بها على ألسنة خلقه ولكونها بالغة منتهى حقائقها بالنسبة لوصفه تعالى بها فصارت كالأعلام على ذاته تعالى. و الحسنى تدل على صفات كمال لا نقص فيها في أي وجه من الوجوه.
و هنا أيضا رد صريح على منكرين أسماء الله و صفاته :
- أنه لا يتم تحقيق التوحيد إلا بالإيمان بالله و الإيمان بأسمائه و صفاته .
- أن الله سبحانه وتعالى أثبت لنفسه الأسماء والصفات فقد صرح الله بأن له الأسماء الحسنى في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم في سورةِ الأعرافِ: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) ، وفي سورةِ طه: (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) ، وفي سورةِ الْحَشْرِ: (هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) .
وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصّحيحين عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ للّه تعالى تسعةً وتسعين اسمًا، مائةٌ إلّا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحبّ الوتر". فكيف ينفي هؤلاء أمر قد اثبته الله و رسوله !!!!
- من أنكر شيء من الصفات و الأسماء فهو من الهالكين ، لأنه يجب على العبد الإيمان بكل ما صح عن الله و رسوله عليه الصلاة و السلام سواء فهمه أو لم يفهمه و لهذا قال الله تعالى عن عباده الصالحين ( يقولون آمنا به كل من عند ربنا).
- أنه الذي ليس له صفات كمال لا يصلح أن يكون إلها ، و لهذا قال إبراهيم عليه السلام لأبيه ( لما تعبد ما لا يسمع و لا يبصر ) ، و قال تعالى في الرد على الذين عبدوا العجل (ألم يروا أنه لا يكلمهم و لا يهديهم سبيلا).
- أن إثبات الصفات كمال ونفيها نقص , فالذي ليس له صفات , إما معدوم وإما ناقص , والله تعالى منزه عن ذلك (يسبح له ما في السماوات و الأرض).

و أيضا في هذه الآية رد على من ألحد في أسماء الله الحسنى و ذلك بالميل بها عما يجب كاشتقاق أسماء الأصنام منها مثل اشتقاق العزى من العزيز و اللات من الإله . فذكر الله تعالى بأن أسمائه مختصة به (لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض) كما اختص تعالى بالألوهية و العبودية وحده سبحانه ، و أن كل من في السماوات و الأرض يسبحونه كلا حسب صلاته و تسبيحه له ، فإنه سبحانه و تعالى مختص بالأسماء الحسنى فإن تسمية غيره بها نوع من الإلحاد الذي هو محرم بجميع أنواعه (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

(العزيز الحكيم) الذي لا يغلب و إذا أراد شيء كان لحكمة و مصلحة و الحكيم في شرعه و قدره.


المراجع :
تفسير ابن عاشور .
تفسير ابن كثير.
تفسير السعدي.
قواعد في أسماء الله الحسنى ، محمد بن صالح بن محمد العثيمين.
كتاب التوحيد.
بارك الله في اجتهادك ونفع بكِ، كان يحسن أن تختاري من الآيات ما فيها أدوات ظاهرة في أسلوب الحجاج ، حتى تتضح لكِ طريقة المحاججة من نفس الآيات، أوصيكِ بمراجعة تطبيقات الزملاء لعل الصورة تكون أقرب.
الدرجة:ج+

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 10 شعبان 1441هـ/3-04-2020م, 11:37 PM
منى فؤاد منى فؤاد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 162
افتراضي

رسالة تفسيرية في اسلوب الحجاج من خلال عرض بعض آيات من سورة القيامة:

————————————————————————إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا أنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ثم أما بعد فقد اشتملت سورة القيامة علي قضية عقدية مهمة جدا ألا وهي إثبات البعث وإثبات الجزاء علي الأعمالوالتذكير بالموت والنهي عن الاغترار بالدنيا العاجلة والإعراض عن الآخرة الباقية وقد جاءت السورة لتثبت ذلك من خلال حجاج المشركين المكذبين بالبعث من خلال آياتها كما سيتضح لنابإذن الله:
قوله تعالي :(لا أقسم بيوم القيامة) :
وصيغة (لا أقسم ) صيغة قسم لدخول ما النافية علي الفعل( أقسم )للتأكيد وللمبالغة في تحقيق حرمة المقسم به وافتتاح السورة بالقسم مؤذن بأن مابعده أمر مهم فتتشوق نفس السامع لمعرفته وهذا من براعة الاستهلال.
وقال البعض أن هذا الأسلوب الغرض من الاستفهام علي سبيل الإنكار فيكون المعني: ألا أقسم بيوم القيامة. والاستفهام الإنكاري من أقوي أساليب الحجاج في القرآن الكريم .
وجواب القسم يؤخذ من قوله تعالي(أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه)والتي جاءت أيضا بأسلوب الإستفهام الإنكاري لتبكيت وتوقريع المكذبين بالبعث والنشور ويكون تقدير المعني علي هذا المنحي :لنجمع عظام الإنسان أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه.

قوله تعالي:(ولاأقسم بالنفس اللوامة)
———————————————
قسم آخر معطوف علي القسم بيوم القيامة وهو قسم بجميع النفوس الخيرة والفاجرة وقيل هو قسم بالنفوس المؤمنة لأنها تكثر من لوم صاحبها علي التقصير في الطاعات وقيل هي نفوس الأشقياء تلوم أصحابها من العصاة علي تفريطهم في جنب الله
ومن المفسرين من ذهب إلي أن (لا أقسم ) المراد منه هنا عدم القسم وأن النفس اللوامة هنا هي التي لوم أصحابها علي فعل الخير فابلتالي لم يقسم بها رب العالمين هنا تحقيرا لها وأن القسم بيوم القيامه فقط لعظمته.
(أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلي قادرين علي أن نسوي بنانه):فيهما دليل علي جواب القسم وتقديره لنجمعن عظامكم ونبعثكم للحساب.
أما ماحوته الآيات من اساليب الحجاج فتفصيله كالآتي:الاستفهام الإنكاري في قوله تعالي (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه)
(بلي)حرف ابطال للنفيين:النفي الذي أفاده الاستفهام الانكاري من قوله(أيحسب الإنسان) والنفي الذي في مفعول (يحسب) وهو إبطال بزجر،أي بل ليحسبنا قادرين.فالأسلوب المستخدم هنا من أساليب الحجاج هو أسلوب الإضراب الإبطالي.

——————————————-
(بل يريد الإنسان ليفجر أمامه):هذه الآية الكريمة فيها من أساليب الحجاج اسلوب الإضراب وهو هنا اضراب انتقالي بمعني انتقال الكلام إلي ذكر حال آخر من أحوال فجور هؤلاء المكذبين بالبعث فكأنهم بعدما دُعوا الإي نبذ الشرك ومايتبعه من دنوب عظيمة وأنذروا بالعقاب يوم القيامة كانوا مصممين علي التمادي في الكفر والفجور وهو فعل السوء الشديد ويطلق أيضا علي الكذب
وقوله تعالي(يريد الإنسان) قد يكون اخبارا عما في نفوس أهل الشرك من محبتهم للتمادي في الفسق والفجور وقد يكون استفهام انكاري موافقا لقوله تعالي (أيحسب الإنسان)
وأعيد لفظ (الإنسان ) إظهارا في مقام الإضمار لأن المقام مقام تبكيت وتقريع لهذا المخلوق وتعجيبا من ضلاله.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 23 شوال 1441هـ/14-06-2020م, 03:12 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى فؤاد مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في اسلوب الحجاج من خلال عرض بعض آيات من سورة القيامة:

————————————————————————إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا أنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ثم أما بعد فقد اشتملت سورة القيامة علي قضية عقدية مهمة جدا ألا وهي إثبات البعث وإثبات الجزاء علي الأعمالوالتذكير بالموت والنهي عن الاغترار بالدنيا العاجلة والإعراض عن الآخرة الباقية وقد جاءت السورة لتثبت ذلك من خلال حجاج المشركين المكذبين بالبعث من خلال آياتها كما سيتضح لنابإذن الله:
قوله تعالي :(لا أقسم بيوم القيامة) :
وصيغة (لا أقسم ) صيغة قسم لدخول ما النافية علي الفعل( أقسم )للتأكيد وللمبالغة في تحقيق حرمة المقسم به وافتتاح السورة بالقسم مؤذن بأن مابعده أمر مهم فتتشوق نفس السامع لمعرفته وهذا من براعة الاستهلال.
وقال البعض أن هذا الأسلوب الغرض من الاستفهام علي سبيل الإنكار فيكون المعني: ألا أقسم بيوم القيامة. والاستفهام الإنكاري من أقوي أساليب الحجاج في القرآن الكريم .
وجواب القسم يؤخذ من قوله تعالي(أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه)والتي جاءت أيضا بأسلوب الإستفهام الإنكاري لتبكيت وتوقريع المكذبين بالبعث والنشور ويكون تقدير المعني علي هذا المنحي :لنجمع عظام الإنسان أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه.

قوله تعالي:(ولاأقسم بالنفس اللوامة)
———————————————
قسم آخر معطوف علي القسم بيوم القيامة وهو قسم بجميع النفوس الخيرة والفاجرة وقيل هو قسم بالنفوس المؤمنة لأنها تكثر من لوم صاحبها علي التقصير في الطاعات وقيل هي نفوس الأشقياء تلوم أصحابها من العصاة علي تفريطهم في جنب الله
ومن المفسرين من ذهب إلي أن (لا أقسم ) المراد منه هنا عدم القسم وأن النفس اللوامة هنا هي التي لوم أصحابها علي فعل الخير فابلتالي لم يقسم بها رب العالمين هنا تحقيرا لها وأن القسم بيوم القيامه فقط لعظمته.
(أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلي قادرين علي أن نسوي بنانه):فيهما دليل علي جواب القسم وتقديره لنجمعن عظامكم ونبعثكم للحساب.
أما ماحوته الآيات من اساليب الحجاج فتفصيله كالآتي:الاستفهام الإنكاري في قوله تعالي (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه)
(بلي)حرف ابطال للنفيين:النفي الذي أفاده الاستفهام الانكاري من قوله(أيحسب الإنسان) والنفي الذي في مفعول (يحسب) وهو إبطال بزجر،أي بل ليحسبنا قادرين.فالأسلوب المستخدم هنا من أساليب الحجاج هو أسلوب الإضراب الإبطالي.

——————————————-
(بل يريد الإنسان ليفجر أمامه):هذه الآية الكريمة فيها من أساليب الحجاج اسلوب الإضراب وهو هنا اضراب انتقالي بمعني انتقال الكلام إلي ذكر حال آخر من أحوال فجور هؤلاء المكذبين بالبعث فكأنهم بعدما دُعوا الإي نبذ الشرك ومايتبعه من دنوب عظيمة وأنذروا بالعقاب يوم القيامة كانوا مصممين علي التمادي في الكفر والفجور وهو فعل السوء الشديد ويطلق أيضا علي الكذب
وقوله تعالي(يريد الإنسان) قد يكون اخبارا عما في نفوس أهل الشرك من محبتهم للتمادي في الفسق والفجور وقد يكون استفهام انكاري موافقا لقوله تعالي (أيحسب الإنسان)
وأعيد لفظ (الإنسان ) إظهارا في مقام الإضمار لأن المقام مقام تبكيت وتقريع لهذا المخلوق وتعجيبا من ضلاله.
أحسنتِ في بيانكِ لأدوات الحجاج ولو ذكرتِ في مقدمتك بعض الآيات على شبهة إنكار البعث لكان أتم.
نفع الله بك.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir