السؤال الثاني
-{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}
لمراد بالطاغية
اختلفت الأقوال إلى أربعة أقوال :
القول الأول : الصيحة العظيمة، قاله قتادة و هو اختيار بن جرير ، ذكر لك عنهم بن كثير و اختاره هو و السعدي و الأشقر
و قد زاد بن كثير عنهم : الزلزلة التي أسكتتهم .
القول الثاني : الذنوب ، قاله مجاهد ، ذكر ذلك عنه بن كثير .
القول الثالث : الطغيان ، قاله الربيع بن أنس و بن زيد ,، ذكر ذلك عنهم بن كثير
و قد استدل بن زيد بالآية ( كذبت ثمود بطغواها ) ، كما ذكر بن كثير
القول الرابع : عاقر الناقة ، قاله السدي ، ذكر ذلك عنه بن كثير .
الأقوال مختلفة و اختلافها اختلاف تنوع ، ولعل ما يجمعها تجاوز الحد ، فالطغيان تجاوز الحد في الظلم ، و الكفر و الذنوب : تجاوز الحد في ارتكاب المعاصي ، و هو تفسير بالمعنى ، و عاقر الناقة هنا المعنى المراد أنهم عوقبوا بتجاوز عاقر الناقة الحد و طغيانه ،و هو سبب العقوبة ، أم التفسير بالصيحة العظيمة فهو تفسير بنوع العذاب الذي جاوز الحد كما ذكر الأشقر.
و حاصل قول كلاً من بن جرير و بن كثير و السعدي و الأشقر أن المراد من الطاغية هي الصيحة العظيمة التي أفزعت القلوب و الزلزلة التي أسكتتهم .
2: معنى "زنيم" في قوله تعالى: {عتل بعد ذلك زنيم} القلم.
القول الأول : الدّعيّ في القوم، الملحق النسب ، الملصق بهم و ليس منهم ،ولد الزنا : حاصل قول كلاً من ؛ بن عباس و عكرمة (في رواية لابن ابي حاتم) ،و مجاهد ، سعيد بن المسيب ، ابن جريرٍ وغير واحدٍ من الأئمّة ، ذكر ذلك عنهم بن كثير ، و قاله السعدي و الأشقر.
و ذكر بن كثير أن بن جرير استدل بقول حسّان بن ثابتٍ، يعني يذمّ بعض كفّار قريشٍ:
وأنت زنيم نيط في آل هاشمٍ = كما نيط خلف الرّاكب القدح الفرد
القول الثاني : الدعي الفاحش اللئيم ، قاله بن عباس في رواية لابن أبي حاتم ، ذكر ذلك عنه بن كثير ، قاله السعدي
و ذكر بن كثير قول ابن عبّاسٍ:
زنيمٌ تداعاه الرجال زيادةً = كما زيد في عرض الأديم الأكارع
القول الثالث : الزّنيم: رجلٌ كانت به زنمةٌ، يعرف بها ، قال ذلك بن عباس ، ذكر ذلك عنه بن كثير
و استدل برواية عن البخاري عن ابن عبّاسٍ قال : {عتلٍّ بعد ذلك زنيمٍ} قال: رجلٌ من قريشٍ له زنمة مثل زنمة الشّاة
و عقب بن كثير على ذلك ( يقال: هو الأخنس بن شريق الثّقفيّ، حليف بني زهرة. وزعم أناسٌ من بني زهرة أنّ الزّنيم الأسود بن عبد يغوث الزّهريّ، وليس به ) .
القول الرابع : الزّنيم علامة الكفر ، يعرف المؤمن من الكافر مثل الشّاة الزّنماء:قاله عكرمة ، أبو رزين ، ذكر ذلك عنهم بن كثير .
القول الخامس : الزّنيم: الّذي يعرف بالشّرّ كما تعرف الشّاة بزنمتها. قاله، بن عباس ، عكرمة ، مجاهد ، سعيد بن جبير ، بن جرير ،ذكر ذلك عنهم بن كثير ، و قاله السعدي
الأقوال متقاربة المعنى
و بالنظر إلى هذه الأقوال يكون معنى زنيم هو ما ذكره بن كثير حين جمع الاقوال فقال (الأقوال في هذا كثيرةٌ، وترجع إلى ما قلناه، وهو أنّ الزّنيم هو: المشهور بالشّرّ، الّذي يعرف به من بين الناس، وغالبًا يكون دعيًا وله زنًا ) و هو حاصل أقوال كلاً من بن عباس ، عكرمة ، مجاهد ، سعيد بن جبير ، بن جرير ،( كما أوردها بن كثير )و قول كلاً من السعدي و الأشقر.
و عقب بن كثير على قوله السابق ب ( فإنّه في الغالب يتسلّط الشّيطان عليه ما لا يتسلّط على غيره) و استدل بالحديث: "لا يدخل الجنّة ولد زنًا" و الحديث(: "ولد الزّنا شرّ الثّلاثة إذا عمل بعمل أبويه").
و يجوز أن يكون الزنيم رجلاً بعينه كما ذكر بن كثير عن بن عباس في رواية للبخاري