دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الفتوى الحموية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 محرم 1432هـ/9-12-2010م, 02:03 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 2: أهل التأويل

وَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ: فَيَقُولُونَ: إِنَّ النَّصوصَ الوَارِدَةَ فِي الصِّفَاتِ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الرَّسُولُ صلَّى الله عليه وسلَّم أَنْ يَعْتَقِدَ النَّاسُ البَاطِلَ، وَلَكِنْ قَصَدَ بِهَا مَعَانِيَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ تِلْكَ المَعَانِيَ، وَلا دَلَّهُمْ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرُوا فَيَعْرِفُوا الحَقَّ بِعُقُولِهِمْ، ثُمَّ يَجْتَهِدُوا فِي صَرْفِ تِلْكَ النُّصُوصِ عَنْ مَدْلُولِهَا، وَمَقْصُودُهُ امْتِحَانُهُمْ وَتَكْلِيفُهُمْ، وَإِتْعَابُ أَذْهَانِهِمْ وَعُقُولِهِمْ فِي أَنْ يَصْرِفُوا كَلامَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ وَمُقْتَضَاهُ، وَيَعْرِفُوا الحَقَّ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ المُتَكَلِّمَةِ والجهميَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

وَالَّذِينَ قَصَدْنَا الرَّدَّ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الفُتْيَا هُمْ هَؤُلاءِ، إِذْ كَانَ نُفُورُ النَّاسِ عَنِ الأَوَّلِينَ مَشْهُورًا، بِخِلافِ هَؤُلاءِ فَإِنَّهُمْ تَظَاهَرُوا بِنَصْرِ السُّنَّةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُمْ فِي الحَقِيقَةِ لاَ للإِسْلامِ نَصَرُوا، وَلا لِلْفَلاسِفَةِ كَسَرُوا، وَلَكِنْ أُولَئِكَ الفَلاسِفَةُ أَلْزَمُوهُمْ فِي النُصُوصِ، نصوص الميَعَادِ نَظِيرَ مَا ادَّعَوْهُ فِي نُصُوصِ الصِّفَاتِ. فَقَالُوا لَهُمْ: نَحْنُ نَعْلَمُ بِالاضْطِرَارِ أَنَّ الرُّسُلَ جَاءَتْ بِمَيعَادِ الأَبْدَانِ، وَقَدْ عَلِمْنَا الشُّبَهَ المَانِعَةَ مِنْهُ.
وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ لِهَؤُلاءِ: وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالاضْطِرَارِ أَنَّ الرُّسُلَ جَاءَتْ بِإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، وَنُصُوصُ الصِّفَاتِ فِي الكُتُبِ الإِلَهِيَّةِ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنْ نُصُوصِ المَعَادِ.
وَيَقُولُونَ لَهُمْ: مَعْلُومٌ أَنَّ مُشْرِكِي العَرَبِ وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ المَعَادَ، وَقَدْ أَنْكَرُوهُ عَلَى الرَّسُولِ وَنَاظَرُوهُ عَلَيْهِ، بِخِلافِ الصِّفَاتِ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ شَيْئًا مِنْهَا أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ.
فَعُلِمَ أَنَّ إِقْرَارَ العُقُولِ بِالصِّفَاتِ أَعْظَمُ مِنْ إِقْرَارِهَا بِالْمَعَادِ، وَأَنَّ إِنْكَارَ المَعَادِ أَعْظَمُ مِنْ إِنْكَارِ الصِّفَاتِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الصِّفَاتِ لَيْسَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ المَعَادِ هُوَ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ(1).

وأَيْضًا: فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ صلَّى الله عليه وسلَّم قَدْ ذَمَّ أَهْلَ الكِتَابِ عَلَى مَا حَرَّفُوهُ وَبَدَّلُوهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْرَاةَ مَمْلُوءَةٌ مِنْ ذِكْرِ الصِّفاتِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا بُدِّلَ وحُرِّفَ لَكَانَ إِنْكَارُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَوْلَى، فَكَيْفَ وَكَانُوا إِذَا ذَكَرُوا بَيْنَ يَدَيْهِ الصِّفَاتِ يَضْحَكُ تعجُّبًا مِنْهُمْ وَتَصْدِيقًا لها وَلَمْ يَعِبْهُمْ قَطُّ بِمَا تَعِيبُ النُّفاةُ أَهْل الإِثْبَاتِ، مِثْلُ لَفْظِ التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ عَابَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ )، وَقَوْلِهِمْ: (إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ )، وَقَوْلِهِمْ: إنه اسْتَرَاحَ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، فَقَالَ تَعَالَى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ }(2).
وَالتَّوْرَاةُ مَمْلُوءَةٌ مِنَ الصِّفَاتِ المُطَابِقَةِ لِلصِّفَاتِ المَذْكُورَةِ فِي القُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِالْمَعَادِ كَمَا فِي القُرْآنِ. فَإِذَا جَازَ أَنْ تُتَأَوَّلَ الصِّفَاتُ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا الكِتَابَانِ فَتَأْوِيلُ المَعَادِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا أَوْلَى، وَالثَّانِي مِمَّا يُعْلَمُ بِالاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ صلَّى الله عليه وسلَّم أَنَّهُ بَاطِلٌ، فَالأَوَّلُ أَوْلَى بِالْبُطْلانِ.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
2, أهل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir