دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 ربيع الثاني 1441هـ/20-12-2019م, 09:22 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

مزمار الحق (أبو موسى الأشعري)

-يحبهم ويحبونه:
يقدم الأشعري من أرضه وأذنه متلهفة لسماع الحق، وقلبه عطشان ظمآن للارتواء من نهله، فيقبل على رسول الله بنفس متلهفة، ليستمع للحق من في رسول الله حتى لان قلبه، ونطق بالحق لسانه، فلما تذوق تلك الحلاوة، لم يطق صبرا أن لا يذيق أهله وعشيرته، ويدعوهم معه لسفينة النجاة، ليعود لرسول الله فرحا مسرورا يبشره بمجيء الوفد مسلما متيقنا.
أسلم القوم وحسن إسلامهم حتى قال رسول الله لما نزلت {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه}: «هم قومك يا أبا موسى، وأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي موسى الأشعري» “رواه بن ابن أبي شيبة في مسنده، والحاكم في مستدركه وصححه”.
آه يا أبا موسى! أي مرحلة وصلت فيها من الإيمان أنت وقومك حتى تنالون رأفة الله؟ رحمة الله؟ كرم الله؟
كلا والله بل كل ذلك وأعظم.. محبته سبحانه! أي عمل نلتم به تلك الدرجة الرفيعة؟
لم تحل المسافات الطوال بينهم وبين رسول الله من ذلكم الحب! كيف يحرم بعض أعمام رسول الله وأخواله من تلك المنزلة؟ وينالها قوم قد يكون منهم من مات لم ير رسول الله! لكنهم والله مع ذلك أحبوه حق الحب، واتبعوه حق الاتباع، وساروا على نهجه وإن لم يروه! فاللهم ارزقنا ما رزقت الأشاعرة فقد حالت السبل بيننا وبين نبيك، فلا تحل بيننا وبين حبك.

-سفينة الخير:
تضيق الدنيا على المسلمين في مكة فيهاجرون للحبشة، يعود بعضهم ويبقى البعض، بقي أبو موسى في أرض الحبشة، والأشواق تدفعه للعودة، تصله الأخبار بأن المسلمين هاجروا للمدينة، ويصله معها أحاديث الهجرة وأفضالها، يعود جارا حسرته معه بعد سنوات، يستقل السفينة فتجري به على هون، ولو قادها شوقه لفاقت الطير سرعة وتعجلا، يتبادل همومه مع البحر وأمواجه، يحكي لها مدى حبه وتشوقه لأن تقر عيناه برؤيا حبيبه، يذكره تقلب البحر وأجواؤه تقلب الحياة، فيهون الهم في عينه، ويزيد من تفاؤله سعة الأفق وعدم انقضائه.
تصل السفينة إلى شاطئ لم ير في تلك الدنيا شاطئا أكثر أمانا منه، يشعر بالرمال تدغدغ قدميه، فيشعر بأن لا سعادة تعدل سعادته ذلك اليوم، تسير الركاب لتكمل رحلتها إلى خيبر، حيث لا جهاد يتوقف في الحياة حتى الموت، فمعركة رسول الله مع اليهود تنتظره، ليصل إلى أرض المعركة ويخط بجوارحه ودمائه حبه لدينه ودفاعه عن نبيه.
يستقبله نبي الله متهللا فرحا بعودته ومن معه، يرى في أعينهم الحزن أن فاتهم فضل الهجرة المدنية، ليشنف آذانهم بأطيب خبر سمعوه، وقد كانت في شوق لمثل تلكم البشائر: « لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان » “رواه البخاري في صحيحه”.
يتهلل أبو موسى ومن معه، الله أكبر! والله لا يضيع أجر عامل مع رب عادل!

-مزمار داود:
رزق أبو موسى صوتا جميلا عذبا رائقا شائقا لا ينقصه سوى التغني بالحق ليكون في أكمل صورة، وقد اكتمل جماله لأول مرة حينما ترنم بآيات كتاب الله ورتلها، حتى أصبحت أنيس لياليه الطوال، وخير جليسها.
يخرج رسول الله في ليلة من الليالي، يقوده ما يقوده من الدواعي والهواجس، ليمر على آذانه ذلك الترتيل العذب، حتى قاده إلى مصدر ذلك الصوت العجيب في حسنه وجماله، فإذا بمصدر هذا الصوت بيت أبي موسى الأشعري.
يعود لبيته وذلك الصوت لا يزال عالقا في قلبه قبل ذاكرته، حتى جاء صباح الغد، فيرى فيه أبو موسى ويخبره قائلا: (( لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيتَ مزمارا من مزامير آل داود )).
لم يتكتم حبيب الله على ذلكم الثناء، ولم يخف ذلك الإعجاب، فقد كان سيد الأخلاق ومتممها، وأكمل ثناءه بالدعاء له قائلا: (( اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريماً )) “مسلم”.
ترى كيف كان شعور أبي موسى بعد ذلك الثناء المصحوب بالدعوات النبوية المباركة؟ كيف نام ليلته تلك؟ وكيف استطاع كف لسانه عن الإفصاح بتلك الدعوة وذلك الثناء لكل من رآه؟

-سفير الدعوة:
لم يكتف أبو موسى بعد تذوق حلاوة الإيمان بنفسه ولا بقومه، فقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم معلّماً لأهل اليمن، ثم استعمله على زبيد وعدن ورمع والساحل، فانطلق يدعو ويعلم، وينشر الحق في الأرجاء.
حتى بعثه عمر أميراً على الكوفة والبصرة وقائداً لجيوش المسلمين فافتتح أصبهان وغيرها زمن عمر.
وكان مجاهداً فقيهاً قاضياً مقرئاً معلّما حكيماً.
قال أبو رجاء: عنه أخذت هذه السورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} وكانت أول سورة نزلت على محمد). “رواه ابن جرير”.
وقد أخذ أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين وعن عائشة ومعاذ وابن مسعود وجابر بن عبد الله.
وروى عنه في التفسير:
من الصحابة: عياض بن عمرو الأشعري.
ومن التابعين: ابنه أبو بردة، ومعاوية بن قرّة، وأبو عثمان النهدي، وحطان بن عبد الله الرقاشي، وأبو رجاء العطاردي، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي، وأبو تميمة الهجيمي، وسعيد بن المسيب، وقسامة بن زهير، وأبو العالية الرياحي، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، ومرة بن شراحيل الهمداني، وعبادة بن نسي الكندي قاضي طبرية.
وأرسل عنه: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وقتادة السدوسي، ومحمد بن سيرين.

-الأمان الباقي .. فالبشرى يا أمة محمد:
يقول أبو موسى: " إنه كان فيكم أمانان: قوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] قال: أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى، وأما الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة "”رواه ابن جرير”.

-وانطفأ الصوت العذب:
رحل أبو موسى مع رحيل العام الهجري في ذي الحجة سنة 44هـ، وقيل سنة 42هـ، والأول أرجح. ليبقى عمله، وتشهد له ذرية الأشاعرة، وذرية كل قوم اهتدوا على يده، أو طالتهم معاركه.
رحل .. وكل أذن من بعده تحن لذلك الصوت العذب، وذلك الترتيل الشجي، فقد رحل في تلك الليلة من كان يشنف آذانها بكلام ربها، ليبقى كلام الله، ويفنى كل صوت سواه.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 جمادى الآخرة 1441هـ/4-02-2020م, 11:58 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
مزمار الحق (أبو موسى الأشعري)

-يحبهم ويحبونه:
يقدم الأشعري من أرضه وأذنه متلهفة لسماع الحق، وقلبه عطشان ظمآن للارتواء من نهله، فيقبل على رسول الله بنفس متلهفة، ليستمع للحق من في رسول الله حتى لان قلبه، ونطق بالحق لسانه، فلما تذوق تلك الحلاوة، لم يطق صبرا أن لا يذيق أهله وعشيرته، ويدعوهم معه لسفينة النجاة، ليعود لرسول الله فرحا مسرورا يبشره بمجيء الوفد مسلما متيقنا.
أسلم القوم وحسن إسلامهم حتى قال رسول الله لما نزلت {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه}: «هم قومك يا أبا موسى، وأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي موسى الأشعري» “رواه بن ابن أبي شيبة في مسنده، والحاكم في مستدركه وصححه”.
آه يا أبا موسى! أي مرحلة وصلت فيها من الإيمان أنت وقومك حتى تنالون رأفة الله؟ رحمة الله؟ كرم الله؟
كلا والله بل كل ذلك وأعظم.. محبته سبحانه! أي عمل نلتم به تلك الدرجة الرفيعة؟
لم تحل المسافات الطوال بينهم وبين رسول الله من ذلكم الحب! كيف يحرم بعض أعمام رسول الله وأخواله من تلك المنزلة؟ وينالها قوم قد يكون منهم من مات لم ير رسول الله! لكنهم والله مع ذلك أحبوه حق الحب، واتبعوه حق الاتباع، وساروا على نهجه وإن لم يروه! فاللهم ارزقنا ما رزقت الأشاعرة فقد حالت السبل بيننا وبين نبيك، فلا تحل بيننا وبين حبك.
[جائز أن يكون تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للآية من باب التفسير بالمثال، أي أن قوم أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم داخلون في تفسير هذه الآية لأنهم اتصفوا بما فيها من الصفات، وتعيينهم فيه تشريف لهم، لكن حصر تفسير الآية فيهم - كما هو ظاهر عبارتكِ- لا أراه يصح، والله أعلم، وقد ورد في تفسير الآية أقوال أخرى فراجعيها مع إعمال القواعد التي درستيها]
-سفينة الخير:
تضيق الدنيا على المسلمين في مكة فيهاجرون للحبشة، يعود بعضهم ويبقى البعض، بقي أبو موسى في أرض الحبشة، والأشواق تدفعه للعودة، تصله الأخبار بأن المسلمين هاجروا للمدينة، ويصله معها أحاديث الهجرة وأفضالها، يعود جارا حسرته معه بعد سنوات، يستقل السفينة فتجري به على هون، ولو قادها شوقه لفاقت الطير سرعة وتعجلا، يتبادل همومه مع البحر وأمواجه، يحكي لها مدى حبه وتشوقه لأن تقر عيناه برؤيا حبيبه، يذكره تقلب البحر وأجواؤه تقلب الحياة، فيهون الهم في عينه، ويزيد من تفاؤله سعة الأفق وعدم انقضائه.
تصل السفينة إلى شاطئ لم ير في تلك الدنيا شاطئا أكثر أمانا منه، يشعر بالرمال تدغدغ قدميه، فيشعر بأن لا سعادة تعدل سعادته ذلك اليوم، تسير الركاب لتكمل رحلتها إلى خيبر، حيث لا جهاد يتوقف في الحياة حتى الموت، فمعركة رسول الله مع اليهود تنتظره، ليصل إلى أرض المعركة ويخط بجوارحه ودمائه حبه لدينه ودفاعه عن نبيه.
يستقبله نبي الله متهللا فرحا بعودته ومن معه، يرى في أعينهم الحزن أن فاتهم فضل الهجرة المدنية، ليشنف آذانهم بأطيب خبر سمعوه، وقد كانت في شوق لمثل تلكم البشائر: « لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان » “رواه البخاري في صحيحه”.
يتهلل أبو موسى ومن معه، الله أكبر! والله لا يضيع أجر عامل مع رب عادل!

-مزمار داود:
رزق أبو موسى صوتا جميلا عذبا رائقا شائقا لا ينقصه سوى التغني بالحق ليكون في أكمل صورة، وقد اكتمل جماله لأول مرة حينما ترنم بآيات كتاب الله ورتلها، حتى أصبحت أنيس لياليه الطوال، وخير جليسها.
يخرج رسول الله في ليلة من الليالي، يقوده ما يقوده من الدواعي والهواجس، ليمر على آذانه ذلك الترتيل العذب، حتى قاده إلى مصدر ذلك الصوت العجيب في حسنه وجماله، فإذا بمصدر هذا الصوت بيت أبي موسى الأشعري.
يعود لبيته وذلك الصوت لا يزال عالقا في قلبه قبل ذاكرته، حتى جاء صباح الغد، فيرى فيه أبو [أبا] موسى ويخبره قائلا: (( لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيتَ مزمارا من مزامير آل داود )).
لم يتكتم حبيب الله على ذلكم الثناء، ولم يخف ذلك الإعجاب، فقد كان سيد الأخلاق ومتممها، وأكمل ثناءه بالدعاء له قائلا: (( اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريماً )) “مسلم”.
ترى كيف كان شعور أبي موسى بعد ذلك الثناء المصحوب بالدعوات النبوية المباركة؟ كيف نام ليلته تلك؟ وكيف استطاع كف لسانه عن الإفصاح بتلك الدعوة وذلك الثناء لكل من رآه؟

-سفير الدعوة:
لم يكتف أبو موسى بعد تذوق حلاوة الإيمان بنفسه ولا بقومه، فقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم معلّماً لأهل اليمن، ثم استعمله على زبيد وعدن ورمع والساحل، فانطلق يدعو ويعلم، وينشر الحق في الأرجاء.?حتى بعثه عمر أميراً على الكوفة والبصرة وقائداً لجيوش المسلمين فافتتح أصبهان وغيرها زمن عمر.?وكان مجاهداً فقيهاً قاضياً مقرئاً معلّما حكيماً.
قال أبو رجاء: عنه أخذت هذه السورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} وكانت أول سورة نزلت على محمد). “رواه ابن جرير”.
وقد أخذ أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين وعن عائشة ومعاذ وابن مسعود وجابر بن عبد الله.
وروى عنه في التفسير:
من الصحابة: عياض بن عمرو الأشعري.
ومن التابعين: ابنه أبو بردة، ومعاوية بن قرّة، وأبو عثمان النهدي، وحطان بن عبد الله الرقاشي، وأبو رجاء العطاردي، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي، وأبو تميمة الهجيمي، وسعيد بن المسيب، وقسامة بن زهير، وأبو العالية الرياحي، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، ومرة بن شراحيل الهمداني، وعبادة بن نسي الكندي قاضي طبرية.
وأرسل عنه: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وقتادة السدوسي، ومحمد بن سيرين.

-الأمان الباقي .. فالبشرى يا أمة محمد:
يقول أبو موسى: " إنه كان فيكم أمانان: قوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] قال: أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى، وأما الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة "”رواه ابن جرير”.

-وانطفأ الصوت العذب:
رحل أبو موسى مع رحيل العام الهجري في ذي الحجة سنة 44هـ، وقيل سنة 42هـ، والأول أرجح. ليبقى عمله، وتشهد له ذرية الأشاعرة، وذرية كل قوم اهتدوا على يده، أو طالتهم معاركه.
رحل .. وكل أذن من بعده تحن لذلك الصوت العذب، وذلك الترتيل الشجي، فقد رحل في تلك الليلة من كان يشنف آذانها بكلام ربها، ليبقى كلام الله، ويفنى كل صوت سواه.

التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir