دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 22 ربيع الأول 1438هـ/21-12-2016م, 02:37 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


رسالة في قول الله تعالى

( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) ) يونس


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد :

فهذه رسالة في قول الله تعالى ( ألا إن أولياء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون – الذين آمنوا وكانوا يتقون – لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )
وجدير بالعبد أن يرعي سمعه ويجمع قلبه لفهم هذه الآيات وتدبرها ؛ إذ أن الله افتتحها بأداة التنبيه ألا الدالة على أهمية ما بعدها ورفعة شأنه وجليل قدره , ولذلك عقبّها بإن المؤكدة.
ثم أخبر تعالى أنه كتب لأوليائه أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون , ونفى الخوف بلا الدالة على نفي الجنس , والمراد أنه لا خوف عليهم فيما يستقبلهم من المخاوف والعذاب والأهوال يوم القيامة ؛ لأن الله يؤمنهم ويسلمهم , وكذلك لا يخافون شيئا من أمر الدنيا ؛ لقوة يقينهم بالله وتوكلهم عليه واستعانتهم به , فهم أنفسهم إذا ما خافوا أمنّ الله قلوبهم من الفزع ونصرهم على عدوهم .
وقد أشار ابن عاشور- رحمه الله - إلى معنى لطيف وهو أن من حولهم أيضا ومن قرُب منهم , وعلم حقيقة ما هم عليه من خير وصلاح لم يخف عليهم من أن يصيبهم مكروه , فحالهم حال من لا ينبغي الخوف عليه .
ولا ريب في ذلك ؛ فإن الله يدافع عن أوليائه ويعادي من يعاديهم , كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته"
وتبين لك بهذا الحديث سعة كرم الله ولطفه بأوليائه وعنايته بهم ,وتيسيره لأمورهم , وصرف الشرور عنهم ونصرته لهم , ومن مزيد فضل الله عليهم أن نفى الحزن عنهم على ما فاتهم من الدنيا من منازلها وأموالها , وعلى ما خلفوا وراءهم من ذرية وعلى كل ما يُحزن لفواته من نعيم الدنيا , وإذا نفى الله عنهم الخوف والحزن , فمفهومه أن أولياء الله في أمن وسعادة .
ثم قد يشكل على أحدهم فيقول قائل: فكيف أُثبت الحزن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أولى الخلق بالولاية في الحديث المخرج في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم (وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) ؟
والجواب عنه كما قال ابن عاشور في تفسيره "أن ذَلِكَ حُزْنٌ وِجْدَانِيٌّ لَا يَسْتَقِرُّ بَلْ يَزُولُ بِالصَّبْرِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَلْحَقُهُمُ الْحُزْنُ الدَّائِمُ وَهُوَ حَزْنُ الْمَذَلَّةِ وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ وَزَوَالِ دَيْنِهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ "

وإذا تبينّ لك هذا الفضل العظيم والخير الجزيل مما أعد الله لأوليائه الصالحين حملتك نفسك إلى معرفة من هم أولياء الله وما هي صفتهم , فالولاية في اللغة من النصرة وتدل على القرب , وإذا تأملت الآيات وجدت أن الله وصفهم بأنهم ( الذين ءامنوا وكانوا يتقون ) وهذا خير الأوصاف وأشملها وخير ما تفسر به الولاية إذ أن كل عمل صالح يرجى له القبول دائر بين الإيمان وتقوى الله , فبينّ سبحانه أنّ أولياءه هم الذين صدّقوا بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره , وحققّوا التقوى فجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية بفعل ما أمرهم به واجتناب ما نهاهم عنه , فكان جزاؤهم من جنس عملهم فهم لمّا اتقوا الله وجاهدوا أنفسهم خوفا من عذاب الله آمنهم الله من الخوف , ولمّا تولوا الله بالطاعة تولاهم الله بالكرامة .
ولا تظن أن ثوابهم مقتصر على عدم الخوف والحزن , بل هذا بعض ما أخبر الله به مما أعد لأوليائه, وما أخفى لهم يوم القيامة أعظم وأكبر , ولكن من رحمته بعباده وعلمه بحقيقة الأنفس البشرية رغبّها سبحانه بما تحب وزاد في الترغيب بأن أخبر أنّ (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) فلهم في الحياة الدنيا بشارة بالرؤيا الصالحة التي يرونها أو تُرى لهم , ولهم بشارة من الملائكة برحمة الله عند نزع أرواحهم , ولهم بشارة بوعد الله لهم بالثواب في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى :(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) سورة البقرة , ولهم بشارة بالثناء الحسن , وبشارة بلطف الله وتيسيره وعنايته بهم وصرفهم عن المساوئ كما أشار إلى ذلك الطبري – رحمه الله - , وأما بشارتهم في الآخرة فهي الجنة وهذا الوعد من الله عز وجل و (لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) فإن وعده سبحانه لا يُخلف , و خبره لا ينسخ , وأمره لا يرد , وكفى به شرفا وفضلا , فهو كما قال ربنا (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فأي فوز وفلاح وظفر بعد هذا الفوز ؟

فهنيئا لمن سعى لمثل هذا الفضل وجاهد نفسه لبلوغ تلك الغاية , فنال شرف الولاية نسأل الله من فضله وواسع رحمته


وصلى الله وسلم على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين .



المراجع :
جامع البيان في تأويل القرآن للطبري ت (310)
معاني القرآن وإعرابه للزجاج ت ( 311هـ)
النكت والعيون للماوردي ت (450هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية ت (542هـ)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير ت (774هـ)
التحرير والتنوير لابن عاشور ت (1393هـ)

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir