دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 7 ربيع الأول 1436هـ/28-12-2014م, 12:33 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله آل عثمان
أم عبد الله آل عثمان أم عبد الله آل عثمان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 424
افتراضي

تلخيص مقاصد المرشد الوجيز

المقصد الرئيسي:
وهي معرفة كيفية نزول القرآن وجمعه وتلاوته، ومعنى الأحرف السبعة التي نزل عليها، والمراد بالقراءات السبع وضابط ما قوي منها، وبيان ما انضم إليها، والتعريف بحق تلاوته وحسن معاملته

المقاصد الفرعية:(باللون البني)

البيان عن كيفية نزولالقرآن وتلاوته وكتابته في عهد النزول وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
* جمع الصحابة رضي الله عنهمالقرآن وإيضاح ما فعله أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
* الأحرفالسبعة
* معنى القراءات السبعالمشهورة الآن وتعريف الأمر في ذلك كيف كان.
* الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية.
* الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل بها، وترك التعمق في تلاوة ألفاظه والغلو بسببها.


المقصد الأول:

** البيان عن كيفية نزول القرآن وتلاوته وكتابته في عهد النزول وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
* بدء نزول القرآن
فيه قولان:
1- نزل في ليلة القدر في رمضان
قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر{
فليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في شهر رمضان جمعا بين هؤلاء الآيات؛ إذ لا منافاة بينها، فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتماسها في العشر الأخير منه، ولا ليلة أبرك من ليلة هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة} على ليلة القدر. كيف، وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم{
2- نزل في ليلة النصف من شعبان
وحجة هذا القول أن الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان، وأن قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن} معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه، وأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين، واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان

والصحيح من القولين هو أنه بدأ نزوله في ليلة القدر
والدليل ما أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات"، من حديث السري عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.

المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدرورمضان
فيه أقوال:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.
أن أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته وكان ذلك في رمضان

والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك مفرقًا.
روى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام بسنده عن ابن عباس في "كتاب فضائل القرآن"، وأخرجه الحاكم في " المستدرك ": " أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}"
قال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.

والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
قال أبو الحسن الواحدي المفسر: وقال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة.

والرابع: نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه
وهذا رواه داود عن الشعبي
و لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل بنسخ أو إباحة تغيير بعض ألفاظه على ما سيأتي، وإن ضم إلى ذلك كونه ابتدأ نزوله في شهر رمضان ظهرت قوته.

الخلاصة: يجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كل ذلك، وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}

نزوله جملة

وقت نزوله جملة ، والحكمة من نزوله جملة:
فيه قولان كلاهما محتمل
- قبل النبوة : فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء
وتكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم

- بعد النبوة :فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم
وتسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد

قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} هل هو من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟
قلت: له وجهان:
- أحدهما أن يكون معنى الكلام: إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به، وقدرناه في الأزل، وأردناه، وشئناه، وما أشبه ذلك.
- والثاني أن لفظه لفظ الماضي، ومعناه الاستقبال، وله نظائر في القرآن وغيره، أي ننزله جملة في ليلة مباركة، هي ليلة القدر، واختير لفظ الماضي لأمرين: أحدهما تحققه وكونه أمرا لا بد منه، والثاني أنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة
وكل ذلك حسن واضح.
نزوله مفرقًا
فائدة نزوله مفرقًا
-{لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك: فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب
- أشد عناية بالمرسل إليه
- ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة
- ليتيسر على النبي صلى الله عليه وسلم حفظه، إذكان أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد
- في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول
- لأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.

مدة التنجيم "التفريق"
وكان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون ، أو ثلاث وعشرون ، أو خمس وعشرون سنة
وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة

أول ما نزل
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق
ثم نزل {يا أيها المدثر} بعد فترة الوحي ، ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل
آخر ما نزل من الآيات
فيها أقوال:
1: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}
قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.

2: آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن
قال: حدثنا عبد الله بن صالح وابن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.يعني من آيات الأحكام
3: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها
4: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.

جمع القرآن وكتابته وحفظه
* في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
- كان ترتيب آي السور ومعرفة مواضعها وضبط التلاوة ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا)) فالقرآن لم يثبت آيه على تاريخ نزوله، بل قدم ما تأخر إنزاله، وأخر بعض ما تقدم نزوله على ما قد وقف عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك.
روى الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه: عن ابن عباس عن عثمان رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))
- وكان يعرض القرآن على جبريل في شهر رمضان في كل عام، وعرضه عليه عام وفاته مرتين، وكذلك كان يعرض جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين.

وسائل الكتابة
اللوح والدواة والكتف
في البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون}
وخلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني، فإني رجل ضرير البصر؟ فنزلت مكانها {غير أولي الضرر}
كتاب الوحي:
منهم زيد بن ثابت ، وذكر في "تاريخ دمشق" نحو خمسة وعشرين اسما
الحفاظ في زمن النبي
وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر
ماجاء في تعيين أسمائهم وحصرهم:
- عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)) رواه البخاري
- وعن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه، وفي رواية: أحد عمومتي. رواه البخاري
قال الحافظ البيهقي في "كتاب المدخل": الرواية الأولى أصح، ثم أسند عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة، لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء، وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
ما جاء في أن الآثار ليست للحصر:
أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة على ما سيأتي ذكره، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
وقد ذكر القاضي وغيره له تأويلات سائغة:
- منها أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
- ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
- ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
- ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
- ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
- ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل من،.ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
قال المازري: وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، وكيف تتصور الإحاطة بهذا، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقون في البلاد؟ وهذا لا يتصور، حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن. وهذا بعيد تصوره في العادة.


نسخ القرآن:
على ثلاثة أضرب:
1: منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه
كآية الرجم
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.

2: منه ما نسخت تلاوته وحكمه
كآية الرضاع.
في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته
كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا }
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

* جمع الصحابة رضي الله عنهم القرآن وإيضاح ما فعله أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
جمع أبي بكر
سبب الجمع:
مقتل القراء في اليمامة
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رآه عمر.
سبب اختيار زيد للجمع:
قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمراني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}، حتى خاتمة "براءة"، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر.
غرض الجمع:
جمع القرآن مكتوبا مجتمعا غير مفرق على اللفظ الذي أملاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتبة الوحي ليعلم ذلك، وألا يكل ذلك إلى حفظ من حفظه خشية فنائهم بالقتل، ولاختلاف لغاتهم في حفظهم على ما كان أبيح لهم من قراءته على سبعة أحرف
جمع عثمان
سبب الجمع:
الاختلاف في القراءة
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك: (( أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق. فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى... فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان))
المكلفون بالجمع:
((فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق)) رواه البخاري.
كيف تم الجمع؟
قال ابن شهاب: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت قال: سمعت زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخت الصحف، قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}، فألحقتها في سورتها في المصحف.


ومعنى قوله: "فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان..."
- أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يجد كتابة تلك الآية مع ذلك الشخص، وإلا فالآية كانت محفوظة عنده وعند غيره، وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره: أنهم كانوا يحفظون الآية، لكنهم أنسوها فوجدوها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها وأثبتوها لسماعهم إياها من النبي صلى الله عليه وسلم.
أو كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكتبوا من حفظهم لأن قراءتهم كانت مختلفة لما أبيح لهم من قراءة القرآن على سبعة أحرف
الغرض من الجمع:
حملهم على اللفظ الذي جمعه زيد في زمن أبي بكر
الأمصار التي أرسلت لها نسخ مصحف عثمان:
قال أبو حاتم السجستاني: لما كتب عثمان رضي الله عنه المصاحف حين جمع القرآن كتب سبعة مصاحف، فبعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا.

* الأحرف السبعة
في الصحيحين عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل عليه السلام على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ))


وصار الأصل ما استقرت عليه القراءة في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما عارضه به جبريل عليه السلام في تلك السنة مرتين، ثم اجتمعت الصحابة على إثباته بين الدفتين، وبقي من الأحرف السبعة التي كان أبيح قراءة القرآن عليها ما لا يخالف المرسوم، وهو ما يتعلق بتلك الألفاظ من الحركات والسكنات والتشديد والتخفيف وإبدال حرف بحرف يوافقه في الرسم، ونحو ذلك؛ وما لا يحتمله المرسوم الواحد فرق في المصاحف فكتب بعضها على رسم قراءة، وبعضها على رسم قراءة أخرى، وأمثلة ذلك كله معروفة عند العلماء بالقراءات، وصح عن زيد بن ثابت رضي الله عنه وعن غيره أنه قال: إن القراءة سنة.
قال البيهقي: أراد أن اتباع من قبلنا في الحروف سنة متبعة، لا يجوز مخالفة المصحف الذي هو إمام، ولا مخالفة القراءات التي هي مشهورة، وإن كان غير ذلك سائغا في اللغة، أو أظهر منها.

فائدة الرخصة في الأحرف السبعة:
- لأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك، فتأخذه العزة، فجعلهم يقرءونه على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم منّا منه عز وجل
- لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان
- لو أخذوا بأن يقرءوه على حرف واحد لشق عليهم، ولكان ذلك داعية إلى الزهادة فيه وسببا للنفور عنه
- لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغتهم؛ لأنهم كانوا أميين، لا يكتبون إلا القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة

أقوالهم في الأحرف السبعة

1- سبع لغات
قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى في كتاب "غريب الحديث": قوله سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة
وليس الشرط أن تأتي سبع لغات في كل حرف، بل يجوز أن يأتي في حرف وجهان أو ثلاثة أو أكثر
وحصر بعضهم هذه اللغات في قريش فقط "قال الأهوازي: وقالت طائفة: سبع لغات من قريش فحسب. وقال بعضهم: خمس منها بلغة هوازن، وحرفان لسائر لغات العرب"
دليلهم
واستدلوا بما روي عن ابن عباس: (أنزل القرآن على سبعة أحرف صار في عجز هوازن منها خمسة)
علة هذا القول:
أ- قال أبو عمر: وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) سبع لغات، وقالوا: هذا لا معنى له؛ لأنه لو كان كذلك لم ينكر القوم بعضهم على بعض في أول الأمر؛ لأنه من كانت لغته شيئا قد جبل وطبع عليه وفطر به لم ينكر عليه، وأيضا فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي مكي، وقد اختلفت قراءتهما، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، كما محال أن يقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا منهما بغير ما يعرفه من لغته، والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا.
ثم ذكر الأحاديث في ذلك، منها: حديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك)) -زاد بعضهم- ((ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)) قال: "وهذه الآثار كلها تدل على أنه لم يعن به سبع لغات، والله أعلم".
ب- ضعف الأهوازي تفسير الأحرف السبعة باللغات، قال: لأن اللغات في القبائل كثير عددها

2- سبعة اوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو : أقبل وهلم وتعال، وعلى هذا أكثر أهل العلم
دليلهم:
قول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال"، وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل"، ثم فسره ابن سيرين فقال: في قراءة ابن مسعود (إن كانت إلا زقية واحدة)، وفي قراءتنا: {صيحة واحدة}، فالمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللغات، وبمثلقوله قال أبو حاتم، فقالوا: إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم.

3-أن المراد به التوسعة، ليس حصرا للعدد
دليل أصحاب هذا القول:
ما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس أنهما قالا: "نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب"، وفي رواية عن ابن عباس: (أن النبي- صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة فاشتد ذلك عليهم،فنزل جبريل فقال: يامحمد، اقرئ كل قوم بلغتهم)

4- سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه
دليلهم:
احتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
علة هذا القول:
قال أبو عمر بن عبد البر:
أ- هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران فيما سمعه الطحاوي منه قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد؛ لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله. قال أبو عمر: ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا". قاله ابن عبد البر
ب- ذكر أبو علي الأهوازي في "كتاب الإيضاح"، والحافظ أبو العلاء في "كتاب المقاطع"، أن قوله "زاجر وآمر" إلى آخره استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه، لاتفاقهما في العدد وهو السبعة، وروي "زاجرا وآمرا..." بالنصب، أي نزل على هذه الصفة من سبعة أبواب على سبعة أحرف، ويكون المراد بالأحرف غير ذلك.
جـ - أن يكون ذلك تفسيرًا للأبواب، لا للأحرف، أي هذه سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه وأنواعه، أي أنزله الله تعالى كائنا من هذه الأصناف، لم يقتصر به على صنف واحد، بخلاف ما يحكى أن الإنجيل كله مواعظ وأمثال، والله أعلم.
د- أبطل الاهوازي تفسيرها بالأصناف؛ لأن أصنافه أكثر من ذلك، منها الإخبار، والاستخبار على وجه التقرير والتقريع، ومنها الوعد، والوعيد، والخبر بما كان وبما يكون، والقصص، والمواعظ، والاحتجاج، والتوحيد، والثناء، وغير ذلك.
الأحرف السبعة الموجودة في القراءات السبع:
اختلفوا في تعيينها
* ذكر مكي بن أبي طالب أنها:
أ- ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهرُ لكم} , (أطهرَ لكم)، {ويضيقُ صدري} (ويضيقَ صدري) بالرفع والنصب فيهما
ب- ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعِد بين أسفارنا) و {ربنا باعَد بين أسفارنا}
ج- ومنها ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي
د- ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش)
ه- ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود"
و- ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت"
ز- ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد

* واختار أبو علي الأهوازي طريقة أخرى ونسبها إلى أبي طاهر بن أبي هاشم فقال:
يجمع ذلك سبعة أوجه:
أ- الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه"
ب- والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل"
ج- والإعراب، كقوله تعالى: "المجيدُ" و {المجيدِ}
د- والتصريف، كقوله تعالى: "يعرِشون" و {يعرُشون}
ه- والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكنَّ الشياطين" {ولكنْ الشياطين}
و- واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار ز- وتغيير اللفظ والنقط باتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك"

*وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن واصل :معنى ذلك سبعة معان في القراءة:
أ: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
ب: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
ج: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}
د: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرُّشد" والرشد".
ه: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}
و: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
ز: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد}

* قال أبو الحسن رحمه الله في كتابه "جمال القراء":
جملة ذلك سبعة أوجه:
الأول: كلمتان تقرأ بكل واحدة في موضع الأخرى، نحو {يسيركم} و"ينشركم"، و {لنبوئنهم} و"لنثوينهم"، و {فتبينوا} و"فتثبتوا".
الثاني: زيادة كلمة، نحو "من تحتها"، و {هو الغني}
الثالث: زيادة حرف، نحو {بما كسبت} و"فبما كسبت"، -يعني في سورة الشورى".
الرابع: مجيء حرف مكان آخر، نحو {يقول} و"نقول"، و {تبلو} و"تتلو".
الخامس: تغيير حركات، إما بحركات أخر، أو بسكون، نحو {فتلقى آدم من ربه كلمات}، و"ليحكم أهل الإنجيل".
السادس: التشديد والتخفيف، نحو {تسَّاقط} {تُساقط} و"بلد ميِّت وميْت".
"السابع: التقديم والتأخير، نحو {وقاتلوا وقتلوا}، (وقتلوا وقاتلوا)
علة هذه الأقوال:
وهذه الطرق المذكورة في بيان وجود السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة؛ إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا. ثم لم يحصل حصر جميع القراءات فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على جعل ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم، وكان أولى من جميع ذلك لو حملت على سبعة أوجه من الأصول المطردة كصلة الميم، وهاء الضمير، وعدم ذلك، والإدغام، والإظهار، والمد، والقصر، وتحقيق الهمز، وتخفيفه، والإمالة، وتركها، والوقف بالسكون، وبالإشارة إلى الحركة، وفتح الياءات، وإسكانها، وإثباتها، وحذفها
قال قاسم بن ثابت: "وهذه الأحاديث الصحاح التي ذكرنا بالأسانيد الثابتة المتصلة تضيق عن كثير من الوجوه التي وجهها عليها من زعم أن الأحرف في صورة الكتبة وفي التقديم والتأخير والزيادة والنقصان؛ لأن الرخصة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم والعرب ليس لهم يومئذ كتاب يعتبرونه، ولا رسم يتعارفونه، ولا يقف أكثرهم من الحروف على كتبه، ولا يرجعون منها إلى صورة، وإنما كانوا يعرفون الألفاظ بجرسها، أي بصوتها، ويجدونها بمخارجها، ولم يدخل عليهم يومئذ من اتفاق الحروف ما دخل بعدهم على الكتبين من اشتباه الصور، وكان أكثرهم لا يعلم بين الزاي والسين سببا، ولا بين الصاد والضاد نسبا".
حكم القراءة بالأحرف السبعة:
جواز ذلك في غير الصلاة :روي هذا عن مالك ، وخصه ابن عبد البر فيما كان على وجه التعليم وعلم الخاصة
ذكر ابن وهب في كتاب الترغيب من جامعه قال: قيل لمالك: أترى أن يقرأ بمثل ما قرأ به عمر بن الخطاب: "فامضوا إلى ذكر الله" ؟ قال: ذلك جائز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه))، مثل تعملون ويعملون، وقال مالك: لا أرى باختلافهم في مثل هذا بأسا".
وقال مالك: إن من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود، أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصل وراءه".
قال أبو عمر: معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة على وجه التعليم والوقوف على ما روي في ذلك من علم الخاصة، وإنما ذكرنا ذلك عن مالك تفسيرا لمعنى الحديث، وإنما لم تجز القراءة به في الصلاة؛ لأن ما عدا مصحف عثمان لا يقطع عليه، وإنما يجري مجرى السنن التي نقلها الآحاد، لكنه لا يقدم أحد على القطع في رده
وعلماء المسلمين مجمعون على ذلك، إلا قوما شذوا، لا يعرج عليهم، منهم الأعمش
روي عن بعضهم: (حم سق)، (إذا جاء فتح الله والنصر)، فهذا الضرب وما أشبهه متروك، لا تجوز القراءة به، ومن قرأ بشيء منه غير معاند ولا مجادل عليه وجب على الإمام أن يأخذه بالأدب، بالضرب والسجن على ما يظهر له من الاجتهاد، فإن جادل عليه ودعا الناس إليه وجب عليه القتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المراء في القرآن كفر)) ولإجماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم"
يشترط أن يكون المقروء به قد تواتر نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا أو استفاض نقله كذلك وتلقته الأمة بالقبول كهذه القراءات السبع؛ لأن المعتبر في ذلك اليقين والقطع على ما تقرر وتمهد في الأصول، فما لم يوجد فيه ذلك كما عدا السبع أو كما عدا العشر فممنوع من القراءة به منع تحريم لا منع كراهة في الصلاة وخارج الصلاة، وممنوع منه من عرف المصادر والمعاني ومن لم يعرف ذلك، وواجب على من قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يقوم بواجب ذلك، وإنما نقلها من نقلها من العلماء لفوائد فيها تتعلق بعلم العربية، لا للقراءة بها، هذا طريق من استقام سبيله".
وقال شيخ المالكية رحمه الله:
"لا يجوز أن يقرأ بالقراءة الشاذة في صلاة ولا غيرها، عالما كان بالعربية أو جاهلا. وإذا قرأ بها قارئ فإن كان جاهلا بالتحريم عرف به وأمر بتركها، وإن كان عالما أدب بشرطه، وإن أصر على ذلك أدب على إصراره وحبس إلى أن يرتدع عن ذلك".
"وأما تبديل "أتينا" بأعطينا و"سولت" بزينت ونحوه، فليس هذا من الشواذ، وهو أشد تحريما، والتأديب عليه أبلغ، والمنع منه أوجب".

الأحرف السبعة غير القراءات السبعة
"قال أبو بكر محمد بن عبد الله الأصبهاني المقرئ: أخبرنا أبو علي الحسن بن صافي الصفار أن عبد الله بن سليمان حدثهم قال: حدثنا أبو الطاهر قال: سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين، هل تدخل في السبعة الأحرف؟ فقال: لا، وإنما السبعة الأحرف كقولهم هلم، أقبل، تعال، أي ذلك قلت أجزاك. قال أبو الطاهر: وقاله ابن وهب. قال أبو بكر الأصبهاني: ومعنى قول سفيان هذا أن اختلاف العراقيين والمدنيين راجع إلى حرف واحد من الأحرف السبعة، وبه قال محمد بن جرير الطبري".
قال: "فأما من ظن أن قراءة كل واحد من هؤلاء القراء كنافع وعاصم وأبي عمرو، أحد الأحرف السبعة التي نص النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك منه غلط عظيم؛ إذ يجب أن يكون ما لم يقرأ به هؤلاء السبعة متروكا؛ إذ قد استولوا على الأحرف السبعة عنده، فما خرج عن قراءتهم فليس من السبعة عنده".
"ويجب من هذا القول أن تترك القراءة بما روي عن أئمة هؤلاء السبعة من التابعين والصحابة مما يوافق خط المصحف، مما لم يقرأ به هؤلاء السبعة".
"ويجب منه أن لا تروى قراءة عن ثامن فما فوقه؛ لأن هؤلاء السبعة عند معتقد هذه القول قد أحاطت قراءتهم بالأحرف السبعة".
"فكيف يجوز أن يظن ظان أن هؤلاء السبعة المتأخرين قراءة كل واحد منهم أحد الحروف السبعة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم، هذا تخلف عظيم، أكان ذلك ينص من النبي صلى الله عليه وسلم أم كيف ذلك".
قال: "وكيف يكون ذلك والكسائي إنما ألحق بالسبعة بالأمس في أيام المأمون، وغيره كان السابع -وهو يعقوب الحضرمي- فأثبت ابن مجاهد في سنة ثلاثمائة أو نحوها الكسائي في موضع يعقوب"؟.
"وكيف يكون ذلك والكسائي إنما قرأ على حمزة وغيره، وإذا كانت قراءة حمزة أحد الحروف السبعة فكيف يخرج حرف آخر من الحروف السبعة؟".


المجموع في المصحف هل هو جميع الأحرف السبعة التي أبيحت القراءة عليها أو حرف واحد منها؟
قولان:
الأول: جميعها، وبه قال القاضي أبو بكر:
"ليس الأمر على ما توهمتم من أن عثمان رضي الله عنه جمعهم على حرف واحد وقراءة واحدة، بل إنما جمعهم على القراءة بسبعة أحرف وسبع قراءات كلها عنده وعند الأمة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم".
حجة هذا القول:
" لئلا تسقط قراءة قرأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعفو أثرها، ويندرس رسمها، ويظن بعد ذلك القارئ بها أنه قارئ بغير ما أنزل الله من القرآن"
"وعرف عثمان حاجة الناس إلى معرفة جميع تلك الأحرف، كتبها في مصاحفه، وأنفذ كل إمام منها إلى ناحية، لتكون جميع القراءات محروسة محفوظة".
الثاني: أنه حرف منها،وبه صرح أبو جعفر الطبري والأكثرون من بعده
الثالث: جميعها فيما جمعه أبو بكر، وحرف منها فيما جمعه عثمان رضي الله عنهما، وبه قال الشاطبي

والحق أن يلخص الأمر على ذلك فيقال: المجموع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به، وهو ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو ثبت عنه أنه قرأ به أو أقرأ غيره به.
وما اختلفت فيه المصاحف حذفا وإثباتا، نحو "من تحتها"، {هو الغني}، {فبما كسبت أيديكم} فمحمول على أنه نزل بالأمرين، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته على الصورتين لشخصين أو في مجلسين، أو أعلم بهما شخصا واحدا وأمره بإثباتهما.
وأما ما لم يرسم فهو مما كان جوز به القراءة، وأذن فيه، ولما أنزل ما لم يكن بذلك اللفظ خير بين تلك الألفاظ توسعة على الناس وتسهيلا عليهم، فلما أفضى ذلك إلى ما نقل من الاختلاف والتكثير اختار الصحابة رضي الله عنهم الاقتصار على اللفظ المنزل المأذون في كتابته، وترك الباقي للخوف من غائلته، فالمهجور هو ما لم يثبت إنزاله، بل هو من الضرب المأذون فيه بحسب ما خف وجرى على ألسنتهم.
قال أبو طاهر: وهذا النوع من الاختلاف معدوم اليوم، غير مأخوذ به ولا معمول بشيء منه بل هو اليوم متلو على حرف واحد متفق الصورة في الرسم غير متناف في المعاني إلا حروفا يسيرة اختلفت صور رسمها في مصاحف الأمصار واتفقت معانيها فجرى مجرى ما اتفقت صورته".
قال أبو محمد مكي:
"هذه القراءات كلها التي يقرؤها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ما سواه، ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل لذلك".
* معنى القراءات السبع المشهورة الآن وتعريف الأمر في ذلك كيف كان.
نشأة القراءات السبع
المشتهرون بالإقراء
"فكان من قراء المدينة: أبو جعفر ثم شيبة بن نصاح ثم نافع وإليه صارت قراءة أهل المدينة".
"وكان من قراء مكة: عبد الله بن كثير وحميد بن قيس الأعرج ومحمد بن محيصن، وأقدمهم ابن كثير، وإليه صارت قراءة أهل مكة أو أكثرهم".
"وكان من قراء الكوفة: يحيى بن وثاب وعاصم والأعمش، ثم تلاهم حمزة رابعا، وهو الذي صار عظم أهل الكوفة إلى قراءته من غير أن يطبق عليه جماعتهم. وأما الكسائي فإنه يتخير القراءات، فأخذ من قراءة حمزة بعضا وترك بعضا".
"وكان من قراء البصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر. والذي صار إليه أهل البصرة في القراءة، واتخذوه إماما أبو عمرو. وقد كان لهم رابعا، وهو عاصم الجحدري، غير أنه لم يرو عنه في الكثرة ما روي عن هؤلاء الثلاثة".
"وكان من قراء الشام: عبد الله بن عامر ويحيى بن الحارث الذماري وثالث، قد سمي لي بالشام ونسيت اسمه، فهؤلاء قراء الأمصار الذين كانوا من التابعين".
الثالث إما خليد بن سعد صاحب أبي الدرداء، أو عطية بن قيس الكلابي أو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر.
فإن كل واحد منهما كان قارئا للجند، وكان عطية بن قيس تصلح المصاحف على قراءته بدمشق على ما نقلناه في ترجمتهما في التاريخ.
اختيار ابن مجاهد للقراء السبعة:
قال أبو الحسن علي بن محمد رحمه الله:
"لما كان العصر الرابع سنة ثلاثمائة وما قاربها، كان أبو بكر بن مجاهد رحمه الله، قد انتهت إليه الرياسة في علم القراءة، وقد تقدم في ذلك على أهل ذلك العصر، اختار من القراءات ما وافق خط المصحف ومن القراء بها من اشتهرت قراءته، وفاقت معرفته، وقد تقدم أهل زمانه في الدين والأمانة والمعرفة والصيانة، واختاره أهل عصره في هذا الشأن، وأطبقوا على قراءته، وقصد من سائر الأقطار، وطالت ممارسته للقراءة والإقراء، وخص في ذلك بطول البقاء
فكان أبو بكر بن مجاهد أول من اقتصر على هؤلاء السبعة
سبب اختيار ابن مجاهد سبع قراءات
ورأى أن يكونوا سبعة تأسيا بعدة المصاحف الأئمة، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف من سبعة أبواب))
القراء السبعة
وأول من اقتصر على هؤلاء السبعة أبو بكر بن مجاهد، قبل سنة ثلاثمائة أو في نحوها وتابعه على ذلك من أتى بعده إلى الآن، و القراء هم:
- أبو عمرو من أهل البصرة
- الكسائي من أهل العراق
- ابن كثير من أهل مكة
- ابن عامر من أهل الشام
- نافع من أهل المدينة
- حمزة وعاصم من أهل الكوفة وسوادها
سبب اشتهار هؤلاء القراء السبعة:
أن الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيرا في العدد، كثيرا في الاختلاف. فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة في النقل وحسن الدين وكمال العلم، واشتهر أمره وأجمع أهل مصره على عدالته فيما نقل، وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرئ به، ولم تخرج قراءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان رضي الله عنه مصحفا إماما، هذه صفته وقراءته على مصحف ذلك المصر".
السبب في اختلاف هؤلاء الأئمة بعد المرسوم لهم
قيل: لما خلت تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه وكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه". وذكر نحوه مكي وأبو بكر بن العربي
* الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية.
أركان القراءة الصحيحة :
1- موافقة رسم المصحف
2- صحة النقل فيها
3- ومجيئها على الفصيح من لغة العرب
القراءة الشاذة:
فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة
أفصح القراءات:
اختار قوم قراءة عاصم ونافع فيما اتفقا عليه وقالوا: قراءة هذين الإمامين أصح القراءات سندا وأفصحها في العربية، وبعدهما في الفصاحة قراءة أبي عمرو والكسائي".
"وإذا اجتمع للحرف قوته في العربية وموافقة المصحف واجتماع العامة عليه فهو المختار عند أكثرهم.
المقصود بقراءة العامة:
1- ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة.
2- ما اجتمع عليه أهل الحرمين
ما جاء في القراءات السبع وكان فيه إنكار لأهل اللغة وغيرهم:
1: الجمع بين الساكنين في تاءات البزي
2: إدغام أبي عمرو
3: قراءة حمزة "فما اسطاعوا"
4: تسكين من أسكن "بارئكم" و"يأمركم" ونحوه و"سبأ" و"يا بني" و"مكر السيئ""
5: إشباع الياء في "نرتعي" و"يتقي ويصبر" و"أفئدة من الناس"
6: قراءة "ليكة" بفتح الهاء
7: وهمز "سأقيها"
8: خفض "والأرحام"
9: نصب "كن فيكون"
10: والفصل بين المضافين في "الأنعام
فكل هذا محمول على قلة ضبط الرواة فيه على ما أشار إليه كلام ابن مجاهد المنقول في أول هذا الباب.
وإن صح فيه النقل فهو من بقايا الأحرف السبعة التي كانت القراءة مباحة عليها، على ما هو جائز في العربية، فصيحا كان أو دون ذلك.
فإن القراءات السبع المراد بها ما روي عن الأئمة السبعة القراء المشهورين، وذلك المروي عنهم منقسم إلى ما أجمع عليه عنهم لم يختلف فيه الطرق، وإلى ما اختلف فيه بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق.
فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.
هل تجوز قراءة كل آية بقراءة مختلفة؟
ورد إلى دمشق استفتاء من بلاد العجم عن ذلك وعن قراءة القارئ عشرا، كل آية بقراءة قارئ
قال شيخ الشافعية:
"وأما القراءة بالقراءات المختلفة في آي العشر الواحد فالأولى أن لا يفعل، نعم، إن قرأ بقراءتين في موضع إحداهما مبنية على الأخرى، مثل أن يقرأ "نغفر لكم" بالنون و"خطيئاتكم" بالرفع، ومثل "إن تضل إحديهما" بالكسر "فتذكر إحديهما" بالنصب، فهذا أيضا ممتنع"

* الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل بها، وترك التعمق في تلاوة ألفاظه والغلو بسببها.
من الآداب مع القرآن:
- الترسل في القراءة
- تلاوته حق تلاوته والتدبر
"وتلاوة القرآن حق تلاوته أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر والانزجار والائتمار. فاللسان يرتل والعقل يترجم والقلب يتعظ".
- القيام به في الصلاة
- التحزن والتباكي عند قراءته وتحسين الصوت به، والبعد عن الألحان
- البعد عن التكلف فيه والتنطع في إخراج المخارج
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني الحافظ المقرئ رحمه الله:
"التحقيق الوارد عن أئمة القراءة حده أن يوفي الحروف حقوقها من المد والهمز والتشديد والإدغام والحركة والسكون والإمالة والفتح، إن كانت كذلك من غير تجاوز ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف".
قال: "فأما ما يذهب إليه بعض أهل الغباوة من القراء من الإفراط في التمطيط، والتعسف في التفكيك، والإسراف في إشباع الحركات إلى غير ذلك من الألفاظ المستبشعة والمذاهب المكروهة فخارج عن مذاهب الأئمة وجمهور سلف الأمة، وقد وردت الآثار عنهم بكراهة ذلك".
- ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد من الخلق حاجة، إلى الخليفة فمن دونه، وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه".
وفي "كتاب شعب الإيمان":
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه خلطه الله بلحمه ودمه، وجعله رفيق السفرة الكرام البررة، وإذا كان يوم القيامة كان القرآن له حجيجا))
سبب الحرمان من فهم القرآن:
1: أن يكون الهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها فلا يزال يعمل على ترديد الحرف و يكون تأمله مقصورا على مخارج الحروف فأنى تنكشف له المعاني؟







رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبةأم, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir