المجلس الثاني عشر: مجلس مذاكرة القسم الثالث من نخبة الفكر

[د.محمد بشار]

الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع

عناصر الموضوع وفهرسته:
أولا: الحدبث المرفوع
1- تعريف الحديث المرفوع
2- من صيغ الرَّفع في الحديث المرفوع
3- أنواع الحديث المرفوع
4- حكم الاحتجاج بالحديث المرفوع
ثانيا: الحديث الموقوف
1- تعريف الحديث الموقوف
2- أمثلة على الحديث الموقوف
ثالثا: الحديث المقطوع:
1- تعريف الحديث المقطوع
2- أمثلة الحديث المقطوع
3- شروط الاحتجاج بالحديث المقطوع
رابعا: الفرق بين الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع، والفرق بين المنقطع والمقطوع
-------------------------------------

أولا: الحديث المرفوع
تعريف الحديث المرفوع:
- هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، وسواء كان المضيف هو الصحابي أو من دونه، متصلاً كان الإسناد أو منقطعاً.
وقد سمي هذا النوع من الحديث بالمرفوع، نسبة إلى رفعه إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

من صيغ الرَّفع في الحديث المرفوع:
ومن صيغ الرّفع في القول: قول الصحابي رضي الله عنه أو غيره: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أمثلته أيضا في الفعل: فعل رسول الله صلى الله عليه كذا، أو فُعِل بحضرته كذا، أو كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس.

أنواع الحدبث المرفوع:
المرفوع تصريحا، والمرفوع حكما.
فأما المرفوع تصريحا: فهو ما وقع فيه القول أو الفعل أو التقرير أو الحال أو الصفة بشكل صريح بيّن.
وأما المرفوع حكما: هو حديث موقوف على الصحابيّ؛ ولكنّ جاءت القرينة لتدلّ على أنّ أصل نسبته إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وينقسم إلى خمسة أنواع:
- ما سكت عنه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أفعال الصّحابة الكرام بغير حضرته، مثل: مسألة العزل في الجماع، حيث قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (كنَّا نعزلُ على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والقرآنُ ينزلُ).
- ما جاء عن الصحابيّ بصيغة تحملُ أمراً أو نهياً بالفعل المبنيّ للمجهول، مثل القول: إنّا أُمرنا بكذا، أو كنّا نُهينا عن كذا، فالاحتمال الرّاجح عند العلماء أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الآمر أو النّاهي.
- ومثاله في الأمر قول عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما: (أُمرْنا أن نكِّلمَ النَّاسَ على قدرِ عقولِهم).
- ومثال النّهي قول أمّ عطيّة رضي الله عنها: (نُهِينا عن اتباعِ الجنائزِ، ولم يُعْزَمْ علينا).
- ومنه ما قاله الصحابيّ رضي الله عنه في أمرٍ لا مجال للاجتهاد فيه، ومثاله: قول حذيفة رضي الله عنه: (يا معشرَ القُرّاءِ استقِيموا، فقد سُبِقتُم سبقاً بعيداً، فإن أخذتم يميناً وشمالاً، لقد ضللتُم ضلالاً بعيداً).

ويشترط علماء الحديث للمرفوع حكما:
- أن يكون الصحابيّ رضي الله عنه غير معروف بالرواية عن أهل الكتاب، حتى لا تختلط الرواية بما يُنسب إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
- أن توصف الرواية بالرفع، أو يخبر التّابعيّ عن الصحابيّ رضي الله عنه، أنّه رفعه للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو بلّغ به، ومثاله: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: (بينما كلبٌ يُطِيفُ برَكيَّةٍ، كاد يقتُلُه العطشُ، إذ رأَتْه بغيٌّ من بغايا بني إسرائيلَ، فنزَعَت مُوقَها، فسَقَتْه فغُفِر لها به).

حُكْم الاحتجاج بالحديث المرفوع:
الحديث المرفوع صفة للحديث لا تُوجب صحّةً ولا ضعفاً، فرفع الحديث للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليس سبباً للحُكْم بصحّته، فقد يكون المرفوع مُرسلاً إذا سقط من رواه من الصّحابة رضي الله عنهم، وقد يكون منقطعاً، وقد يكون مُعضلاً، وحينئذٍ يُحكم عليه بالضّعف.
والحُكْم بصحّته يلزم اتّصال السّند من أوّله إلى منتهاه، ثمّ ثبوت درجة رجاله من الرّواة، والانقطاع سبب كافٍ لإدارج الحديث المرفوع في أبواب الأحاديث الضعيفة، ولكنّ درجة الضّعف يُحكم عليها تبعاً لنوع الانقطاع، وإذا ثبت اتّصال سنده يكون صالحاً لوصفه بالصّحيح أو بالحسن، وذلك بعد إنزال رواته على شروط الصّحة المعتبرة عند علماء الحديث.
أمّا حكم الاحتجاج به فأهل الأصول وعلماء الحديث متّفقون على أنّه صالح للاحتجاج بتوفّر شروط الحديث الصّحيح أو الحديث الحسن فيه.
--------------------------------------------

ثانيا: الحديث الموقوف
تعريف الحديث الموقوف:
هو ما أضيف إلى الصحابي رضي الله عنه من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، سواء كان السند متصلاً أو منقطعاً.

أمثلة الحديث الموقوف:
قول الراوي: قال سيدنا الإمام علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله.
وقوله أيضا رضي الله عنه: أَحْبِبْ حَبيبَكَ هَوْنًا مَّا عسَى أن يكونَ بغيضَكَ يومًا مَّا، وأبغِضْ بغيضَكَ هَوْنًا مَّا عسى أنْ يكونَ حبيبَكَ يومًا مَّا.
ومن أمثلته أيضاً قول البخاري: وأمَّ ابن عباس وهو متيمم.
--------------------------------------------

ثالثا: الحديث المقطوع
تعريف الحديث المقطوع:
هو ما أضيف إلى التابعي، أو من دونه من قول أو فعل، سواء اتصل السند إلى التابعي أو انقطع.

أمثلة الحديث المقطوع:
قول الحسن البصري رحمه الله تعالى في الصلاة خلف المبتدع: "صلّ، وعليه بدعته".

شروط الاحتجاج بالحديث الموقوف:
- أن يكون راوي هذا الحديث وقائله عالماً معتبراً بين العلماء.
- يشترط أن يكون سند هذا الحديث صحيحاً، فقد كان علماء السلف يسألون رواة الحديث عن أسماء رجال السند بقولهم سموا لنا رجالكم.
- يشترط في حجية الحديث الموقف عدم مخالفته للنص القرآني أو الحديث النبوي الصحيح، وأن لا يخالف حديثاً موقوفاً أو مقطوعاً ثبتت صحته.
--------------------------------------------

الفرق بين الحديث الموقوف والمرفوع والمقطوع:
الاختلاف بين الحديث الموقوف وغيره من أنواع الأحاديث مثل المرفوع والمقطوع يظهر في تعريف كل منهما، فالحديث المقطوع ما أضيف إلى تابعي من قول أو فعل أو ما دونه بغض النظر عن اتصال السند أو إنقطاعه، أما الحديث المرفوع فقد سمي بذلك نسبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام فهو حديث يرفعه صحابي أو ما دونه إلى النبي عليه الصلاة والسلام متضمناً قولاً أو فعلاً أو صفة له.

الفرق بين المقطوع والمنقطع:
بالنسبة للْمَقْطُوعِ وَالْمُنْقَطِعِ، فَيعتبر الْمُنْقَطِعُ مِن مَبَاحِثِ الإِسْنَادِ، وأما الْمَقْطُوعُ فهو مِن مَبَاحِثِ الْمَتْنِ. وقد أَطْلَقَ بعضُهُمْ هَذَا في مَوْضِعِ هَذَا، وبِالْعَكْسِ، تَجَوُّزًا عَن الاصْطِلاَحِ.
ويعرف المنقطع بأنه الحديث الذي سقط من إسناده راو واحد قبل الصحابي في موضع واحد، أو مواضع متعددة، بحيث لا يزيد الساقط في كل منها على واحد وألا يكون الساقط في أول السند.