دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثالث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 رجب 1443هـ/26-02-2022م, 08:53 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا المناديلي مشاهدة المشاركة
رسالة في تفسير قول الله تعالى:
{ ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ ، وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾}
بأسلوب الحجاج.


بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وبعد..

في هذه الآيات يخبرنا الله سبحانه وتعالى أن القرآن ذكر للعالمين الذين أرسل اللهُ إليهم الرسول، فما هو إلا موعظة للخلق أجمعين، فمن أراد الهداية فعليه بالقرآن،
والمنتفع بتذكير القرآن هو الذي شاء أن يستقيم على أمر الله ، فمن لم يشأ الاستقامة لا ينتفع بهذا القرآن العظيم.
عن سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: الْأَمْرُ إِلَيْنَا، إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَسْتَقِمْ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(١٦)) ولهذا قيل إنّ رأس القدرية هو أبو جهل.

فأثبت الله سبحانه وتعالى مشيئة العبد وجعلها تابعة لمشيئته سبحانه وتعالى، أي أنّ مشيئة الله سابقة لمشيئة العبد، ومشيئة العبد لا تحصل إلا بمشيئة الله،
وهذا ما يدل عليه حرف ( أن )فقد أتى بعده الفعل المضارع، وهذا يفيد الاستقبال، فتبين أن العبد لا يفعل الخير إلا بتوفيق الله، ولا يفعل الشر إلا بخذلان الله له.
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ مَا شَاءَتِ الْعَرَبُ الْإِسْلَامَ حَتَّى شَاءَهُ اللَّهُ لَهَا.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: قَرَأْتُ فِي سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ كِتَابًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ: مَنْ جَعَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ.
وقد قال تعالى: { والله خلقكم وما تعملون} فإنّ الله خلق العبد وخلق له قدرة ومشيئة يستطيع بها الإقدام على الفعل أو تركه،
لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا أو يترك شيئا إلا أن يشاء الله له ذلك. {وَما تَشاءُونَ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ} . إذن ما نفعله هو باختيارنا وارادتنا ولو لم يكن ذلك ما كان إرسال الرسل حجة على الخلق،
والكل يعلم من نفسه أن يختار ويريد. قال الشيخ ابن عثيمين: ، فإذا شئنا الشيء عَلِمْنَا أن الله قد شاءه، ولولا أن الله شاءه ما شئناه،
كما قال تعالى: { ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا)}

فإنّ المعتزلة القدرية يقولون: قد يشاء العبد ما لا يشاء الله، ويقولون: إنّ الله يشاء ما لا يشاؤون، وأصل هذا الكلام اعتقادهم أنّ فعل العبد بخلق العبد وإرادته لا بخلق الله ولا بإرادته.
وقد قال تعالى: {﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ ، وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ﴾}

ففي هذه الآيات رد عليهم من عدة أوجه:
الوجه الأول: قوله تعالى:{ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}
أي أنهم لا يشاؤون إلا ما يشاء الله تمكينهم منه وإقدارهم عليه والتخلية بينهم وبينه، ذكره القاسمي.
وعلم من هذا أن مشيئتهم تابعة لمشيئة الله، ومن كذب بالقرآن فقد كفر .

-ويرى الإنسان في حياته أنه تحول بينهم وبين ما يشاء في بعض الأحيان صوارف، فكيف يكون قد خلق عمله؟
؛ ولهذا قال الشيخ ابن عثيمين: (ولهذا قيل لأعرابي: بِمَ عَرَفْتَ ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم؛ بنقض العزائم، يعني: الإنسان يعزم على الشيء عزمًا مؤكَّدًا وإذا به ينتقض!! مَن نقض عزيمته؟
لا يشعر، ما يشعر أن هناك مُرَجِّحًا أوجب أن يعدل عن العزيمة الأولى، بل بمحض إرادة الله، صرف الهمم؛ يهم الإنسان بالشيء ويتجه إليه تمامًا، وإذا به يجد نفسه منصرفًا عنه، سواء كان الصارف مانعًا حِسٍّيًّا، أو كان الصارف مجرد اختيار، اختار الإنسان أن ينصرف، كل هذا من الله عز وجل).

-وفي مناظرة ذَكَرَها البعضُ بَيْنَ أبِي إسْحاقَ الإسْفَرايِينِيِّ وعَبْدِ الجَبّارِ المُعْتَزِلِيِّ تُوَضِّحُ هَذا.
وَهِيَ أنَّ عَبْدَ الجَبّارِ قالَ: سُبْحانَ مَن تَنَزَّهَ عَنِ الفَحْشاءِ، يَعْنِي أنَّ السَّرِقَةَ والزِّنا لَيْسا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ؛ لِأنَّهُ في زَعْمِهِ أنْزَهُ مِن أنْ تَكُونَ هَذِهِ الرَّذائِلُ بِمَشِيئَتِهِ.
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِها باطِلٌ.
ثُمَّ قالَ: سُبْحانَ مَن لَمْ يَقَعْ في مُلْكِهِ إلّا ما يَشاءُ.
فَقالَ عَبْدُ الجَبّارِ: أتَراهُ يَشاؤُهُ ويُعاقِبُنِي عَلَيْهِ.
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: أتَراكَ تَفْعَلُهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، آنْتَ الرَّبُّ وهو العَبْدُ ؟
فَقالَ عَبْدُ الجَبّارِ: أرَأيْتَ إنْ دَعانِي إلى الهُدى، وقَضى عَلَيَّ بِالرَّدِيءِ، دَعانِي وسَدَّ البابَ دُونِي ؟ أتَراهُ أحْسَنَ أمْ أساءَ ؟
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: أرى أنَّ هَذا الَّذِي مَنَعَكَ إنْ كانَ حَقًّا واجِبًا لَكَ عَلَيْهِ - فَقَدْ ظَلَمَكَ، وقَدْ أساءَ، سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا،
وإنْ كانَ مِلْكُهُ المَحْضُ فَإنْ أعْطاكَ فَفَضْلٌ، وإنْ مَنعَكَ فَعَدْلٌ. فَبُهِتَ عَبْدُ الجَبّارِ، وقالَ الحاضِرُونَ: واللَّهِ ما لِهَذا جَوابٌ.

ومما جعل عبد الجبار يقول هذا الكلام عدم تفريقه بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية وكذلك عدم تفريقه بين نوعي الهداية.


الوجه الثاني: قوله: {اللهُ رب العالمين} ، فهو الذي خلق العالمين ورزقهم وأعدهم وأمدهم وأحسن إليهم غاية الإحسان
ودلهم على سبيل الهدى وحذرهم سبيل الردى، والعالمين: كل ما سوى الله، كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فهو الرب سبحانه المصلح لعباده المدبر لشؤونهم،
الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه ولا نقص فيه بوجه من الوجوه، المستحق للعبادة فكيف يحدث في ملكه ما لا يشاء؟ كيف يقول المعتزلة هذا وهم لا ينزهون الله سبحانه وتعالى عن النقص بقولهم هذا.

الوجه الثالث: قوله رب العالمين، ولم يقل ربكم، مما يدل على عموم ربوبية الله سبحانه وتعالى وتذكيره لهم بأنه الرب والسيد المطاع،
فالقسمة اثنين رب ومربوب لا قسمة ثالثة، فكيف تعطون المخلوق المربوب من خصائص الله تعالى شيء؟ كقولكم إنّ الإنسان يخلق فعله وله إرادة خارجة عن إردة الله والله لا إرادة له به ،
فإنّ هذا لا ينبغي لأن فيه إنكار لقدرة الرب، وقد قال أحمد : القدر قدرة الله. قال تعالى: { والله خلقكم وما تعملون} ما هنا مصدرية أو موصولة فيكون المعنى : والله خلقكم وخلق عملكم أو والله خلقكم والذي تعملون.
وقال الشيخ ابن عثيمين :قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ ، وتقولون أنتم: لا؟!
فأي شيء يحصل في الكون نعلم أن الله علمه وكتبه وشاءه ثم خلقه.


وكذلك هذه الآيات ترد على الجهمية الجبرية الذي يقولون أن الإنسان مجبور ولا مشيئة له ولا اختيار وكل هذا غلط؛ فكل إنسان يعلم من نفسه أنه يستطيع أن يختار،
وأن له اختيارا وقدرة ومشيئة. ونحن نعلم أن مراتب القدر أربعة: العلم والكتابة والمشيئة والخلق.
لكن الجبرية الجهمية يقولون أن الكتابة تعني الجبر، ومن أخبرهم بأنّ الكتابة تعني الجبر؟ بل إنها كاشفة لعلم الله، فكيف يُعبد رب لا يعلم ما يحصل في الكون؟ فعلم من هذا أنه لا سبيل للجهمية للتحجج بالقدر وأنهم مجبرون.

قال تعالى: { وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ }
وفي هذه الآية رد على باطلهم من وجه ألا وهو قوله : {وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ } فعلم من هذا أن لهم مشيئة واختيار وقد قلنا أنها تبع لمشيئة الله لكن ما نقصده هو أن الله أثبت لهم مشيئة واختيار، ومن كذب بالقرآن فقد كفر.
ولو أنّ أحدا سرق أحدا أو ضرب أحدا ثم تحجج بأنه مجبور وأنه لا اختيار له لَما قُبِلَ ذلك منه، ولظنه الناس مجنونا.
الوجه الثاني: قوله تعالى: { إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ}
فدلّ ذلك على أنهم لم يهتدوا ليس لأنهم مجبرين بل لأنهم اختاروا ألا يستقيموا على ما شرعه الله وما هو مطلوب منهم، أرادوا التفلت من النصوص ومن الدين وأرادوا
استباحة الحرام بقولهم : إنا مجبرين. ولم يعلموا أنهم هانوا على الله وخذلهم الله لسوء ما في قلوبهم فقد استحبوا العمى على الهدى.


-ووجه آخر يُرى من خلال حالهم، أنهم جبرية في الأمور الدينية فقط، أما الأمور الدنيوية فإنهم فيها يأخذون بالأسباب بكل ما أوتوا من قوة، ويسعون ويجاهدون لنيل ما يريدون،
وليسوا بمجبرين، ولو قال إنسان: أجلس في منزلي وسيأتيني الرزق بلا عمل لعده الناس مجنونا ولا يفعل هذا أحد، لكن في الأمور الدينية يقولون مجبرين ولا خيار لدينا لإرادتهم التفلت من العمل، لكن لإرادتهم الفاسدة ما أحسنوا العمل.

ختاما: مع أنّ الآيات نرد بها قول هؤلاء الباطل إلا أننا لا نريد أن نغفل عن معنى مهم وهو الافتقار لله تعالى والتضرع إليه دائما بطلب التفضل من الله تعالى علينا بالمشيئة بالاستقامة فضلا من عنده، ذكره الشنقيطي.
والله تعالى أعلم.
أحسنتِ وفقكِ الله.
- يحسن أن تتطرقي لذكر الشبهة ابتداءً لأنها العنصر الأول من عناصر أسلوب الحجاج ثمّ يليه الرد عليها.
- وددت بيان أدوات الحجاج في الآية.


الدرجة:ب+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir