دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:16 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي زيارة القبور

(فصلٌ ) تُسَنُّ زيارةُ القبورِ إلا لنساءٍ وأن يَقولَ إذا زَارَها أو مَرَّ بها: (السلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤمنينَ، وإنَّا إن شاءَ اللهُ بكم لَلَاحقونَ، يَرحمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ منكم والْمُسْتَأْخِرِينَ، نَسألُ اللهَ لنا ولكم العافيةَ، اللهمَّ لا تَحْرِمْنا أَجْرَهم، ولا تَفْتِنَّا بعدَهم، واغْفِرْ لنا ولهم).


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 09:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 09:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فَصْلٌ

تُسَنُّ زِيَارَةُ القُبُورِ

وحَكَاهُ النَّوَوِيُّ إِجْمَاعاً لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا)) روَاهُ مُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ وزَادَ: ((فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ)). وسُنَّ أَنْ يَقِفَ زَائِراً أَمَامَهُ قَرِيباً مِنْهُ كزِيَارَتِه في حَيَاتِه (إلا للنِّسَاءِ) فتُكْرَهُ لَهُنَّ زِيَارَتُهَا غَيْرَ قَبْرِه صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ وقَبْرِ صَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
روَى أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ). (و) يُسَنُّ (أن يَقُولَ إذَا زَارَهَا أو مَرَّ بها: السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ يَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ والمُسْتَأْخِرِينَ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُم العَافِيَةَ اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُم واغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ).
للأخبارِ الوَارِدَةِ بذلك، وقَوْلُه: "إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُم لاحِقُونَ" استِثْنَاءٌ للتَّبَرُّكِ أو رَاجِعٌ للُّحُوقِ لا للمَوْتِ أو إلى البِقَاعِ. ويَسْمَعُ المَيِّتُ الكَلامَ ويَعْرِفُ زَائِرَهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وفِي (الغُنْيَةِ): يَعْرِفُه كُلَّ وَقْتٍ. وهذا الوَقْتُ آكَدُ، وتُبَاحُ زِيَارَةُ قَبْرِ كَافِرٍ.


  #4  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 10:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل([1])
(تسن زيارة القبور) ([2]) وحكاه النووي إجماعًا([3]) لقوله عليه السلام ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها)) رواه مسلم، والترمذي وزاد ((فإنها تذكر الآخرة)) ([4]).
وسن أن يقف زائر أمامه، قريبًا منه، كزيارته في حياته([5]) (إلا للنساء) فتكره لهن زيارتها([6]).
غير قبره صلى الله عليه وسلم، وقبري صاحبيه رضي الله عنهما([7]) روى أحمد والترمذي وصححه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور([8]).
(و) يسن أن (يقول إذا زارها) أو مر بها([9]) (السلام عليكم دار قوم مؤمنين([10])
وإنا إن شاءَ الله بكم للاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأْخرين([11]) نسأل الله لنا ولكم العافية([12]) اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) ([13]) للأخبار الواردة في ذلك([14]).
وقوله ((إن شاء الله بكم للاحقون)) استثناء للتبرك، أو راجع للحوق لا للموت، أَو إلى البقاع([15]) ويسمع الميت الكلام([16]) ويعرف زائره يوم الجمعة، بعد الفجر، قبل طلوع الشمس، وفي الغنية: يعرفه كل وقت، وهذا الوقت آكد([17]).
وتباح زيارة قبر كافر([18])


([1]) في سنية زيارة القبور، وهي مشروعة بالسنة والإجماع، فإنها تورث رقة القلب، وتذكر الموت والبلى، وينتفع المزور بدعاء الزائر له.
([2]) للذكور بلا شَدَّ رَحْلٍ، لما في الصحيحين ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) وأجمعوا على العمل به في الجملة.
ولمسلم ((إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد)) لاختصاصها بما اختصت به، ولازمة منع السفر إلى كل موضع غيرها.
([3]) وكذا حكاه الموفق وغيره، للذكور دون النساء، ولما ينشأ بقلب زائرها من الرجال، دون النساء لضعفهن.
([4]) والحديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة.
وقال: أبو هريرة زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، وقال «استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت» متفق عليه، ولأحمد وغيره عن أبي سعيد «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإن فيها عبرة» ولفظ ابن ماجه بسند صحيح عن ابن مسعود «فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة» وقال تعالى]وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ[فزيارة الميت المشروعة بالدعاء والاستغفار، هي من هذا القيام المشروع.
وذكر شيخ الإسلام أن الزيارة على قسمين: شرعية وبدعية، فالشرعية المقصود بها السلام على الميت، والدعاء له، كما يقصد بالصلاة على جنازته، من غير شد رحل، والبدعية أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت، وهذا شرك أكبر، أو يقصد الدعاء عند قبره، أو الدعاء به، وهذا بدعة منكرة، ووسيلة إلى الشرك، وليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا استحبه أحد من سلف الأمة، وأئمتها. اهـ. والمقصود من زيارة القبور الاعتبار، ونفع المزور، والزائر، بالدعاء، فلا ينبغي أن يغفل الزائر عن الدعاء لنفسه، وللميت، ولا عن الاعتبار بحاله، كيف تقطعت أوصاله، وتفرقت أجزاؤه، وكيف يبعث من قبره، وأنه عما قريب يلحق به، وقال القرطبي: ينبغي أن يتأدب بآدابها، ويحضر قلبه في إتيانها ويتعظ بأهلها وأحوالهم، ويعتبر بهم، وما صاروا إليه.
([5]) وتقدم، فينبغي أن يدنو منه، من جهة رأسه، بقدر ما يدنو من صاحبه في الحياة، ويكون مستقبلاً وجهه مستدبرًا القبلة، ولا يتمسح به، ولا يصلي عنده، ولا يقصده لأجل الدعاء عنده، قال شيخ الإسلام: ليس هذا ونحوه من دين المسلمين، بل مما أحدث من البدع القبيحة التي هي من شعب الشرك. وقال: اتفق السلف والأئمة على أن من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم، أو غيره من الأنبياء والصالحين، فإنه لا يتمسح بالقبر، ولا يقبله، بل اتفقوا أنه لا يستلم ولا يقبل إلا الحجر الأسود، والركن اليماني يستلم ولا يقبل، على الصحيح.
([6]) يعني كراهة تحريم، لصراحة الحديث، ورجحه الشيخ وغيره، وقال: وعلى هذا العمل في أظهر قولي أهل العلم، واحتج أهل القول الآخر بالإذن، وليس بجيد، فإن اللفظ لفظ مذكر، وهو مختص بالذكور، أو متناول لغيرهم، فإن كان مختصًا فلا ذكر للنساء، وإن كان متناولاً كان لفظ الحديث الآتي وغيره مختصًا، ولم يعلم أنه متقدم على الرخصة، فكان مقدمًا على العام، عند عامة أهل العلم، كما لو علم أنه بعدها. اهـ. وفي الخبر: ((واحتملها الرجال))، ولأبي يعلى من حديث أنس قال «أتحملنه؟» قلن: لا قال «أتدفنه؟» قلن: لا. قال «فارجعن مأزورات، غير مأجورات» ونقل النووي أنه لا خلاف في ذلك.
([7]) يعني أبا بكر وعمر، وهذا الاستثناء فيه نظر ظاهر، فإنها تحرم زيارتهن لقبره صلى الله عليه وسلم، وقبريهما رضي الله عنهما لعدم الاستثناء في النصوص الصحيحة الصريحة في نهيهن مطلقًا، ولبقاء العلة المعلل بها في زيارة القبور.
([8]) وفي لفظ ((زائرات القبور)) وهذا صريح في التحريم، وعن ابن عباس مرفوعًا: لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج. رواه الخمسة، وحسنه الترمذي، قال شيخ الإسلام: وفي نسخ صحيحة تصحيحه، وقد تعددت طرقها، وليس فيها متهم، ولا خالفها أحد من الثقات، وقد روي هذا عن صاحب وهذا عن صاحب آخر، وذلك يبين أن الحديث في الأصل معروف، وفي الصحيح أنه نهى النساء عن اتباع الجنائز، وفي السنن، وصححه أبو حاتم من حديث ابن عمر، قال: فلما فرغنا – يعني من دفن الميت – انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرفنا معه، فلما توسطنا الطريق، إذا نحن بامرأة مقبلة، فلما دنت إذا هي فاطمة، فقال لها ((ما أخرجك؟)) قالت: أتيت أهل هذا البيت فعزيناهم بميتهم، فقال ((لعلك بلغت معهم الكدى؟)) قالت: معاذ الله أن أكون بلغت معهم الكدى، وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر. فقال ((لو بلغتيها معهم، ما رأيت الجنة، حتى يراها جد أبيك)) وقد فسر الكدى بالقبور، وبالأرض الصلبة، لأن مقابرهم كانت في مواضع صلبة، والنبي صلى الله عليه وسلم علل الإذن للرجال بأن ذلك يذكر بالموت، ويرقق القلب، ويدمع العين.
ومعلوم أن المرأة إذا فتح لها هذا الباب، أخرجها إلى الجزع والندب والنياحة، لما فيها من الضعف، وكثرة الجزع، وقلة الصبر، وأيضًا فإن ذلك سبب لتأذى الميت ببكائها، والرجال بصوتها وصورتها، كما في الخبر ((فإنكن تفتن الحي، وتؤذين الميت)) وإذا كانت مظنة، فمن أصول الشريعة أن الحكمة إذا كانت خفية، أو غير منتشرة علق الحكم بمظنتها، فيحرم هذا الباب سدًا للذريعة، وليس في ذلك من المصلحة ما يعارض هذه المفسدة، فإنه ليس في ذلك إلا دعاؤها للميت، وذلك ممكن في بيتها، ولهذا قال الفقهاء: إذا علمت من نفسها أنها إذا زارت المقبرة بدا منها ما لا يجوز، من قول أو عمل، لم تجز لها الزيارة بلا نزاع. وقال: إذا كانت زيارة النساء فطنة ومنشأ للامور المحرمة، فغنه لا يمكن أن يحد المقدار الذي لا يفضي إلى ذلك، ولا التمييز بين نوع ونوع، اما لو مرت في طريقها على مقبرة وسلمت فلا بأس، لأنها لا تسمّى زائرة، وقال: وإن اجتازت بقبر في طريقها، ولم تكن خرجت له، فسلمت عليه ودعت له فحسن.
([9]) أي زار قبور المسلمين قاصدًا ذلك، أو مر بها على طريقه، من غير قصد زيارتها.
([10]) أو أهل الديار من المؤمنين. فالمتن: لفظ حديث أبي هريرة. ودار منصوب على النداء، وقيل: على الاختصاص. وفي المطالع: يجوز جره يعني أهل دار، وعلى البدل.
([11]) أي المتقدمين بالوفاة، والمستأخرين بها، ليعم أولهم وآخرهم، ولفظ مسلم «منا ومنكم».
([12]) من كل مكروه، وعافاه الله معافاة وعفاء وعافية، أو العافية اسم منه وهب له العافين من كل سوء، والحديث في الصحيح من حديث أبي هريرة، ولمسلم من حديث بريدة: كان يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم «السلام عليكم أهل الديار من المسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية».
([13]) رواه أحمد من حديث عائشة، وللترمذي من حديث ابن عباس «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا، ونحن بالأثر» و «حرمَهُ» الشيء يحرمُه حرمانًا إذا منعه إياه، وكان بعض السلف إذا وقف على المقابر قال: أنس الله وحشتكم، ورحم غربتكم، وتجاوز من سيئاتكم، وقبل حَسَناتكم. وروي ((ما الميت في قبره إلا كالغريق المبهوت، ينتظر دعوة تلحقه، من ابنه أو أخيه أو صديقه، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها، وإن هدايا الأحياء للأموات الدعاء والاستغفار)) والزيارة الشرعية: المقصود منها ثلاثة أشياء، الدعاء للميت، والإحسان إليه بذلك الدعاء، واعتبار الزائر بحاله، والتفكر في مآله، وتذكر الآخرة كما في الخبر.
([14]) المستفيضة مما تقدم وغيره، وللإجماع، واستمرار فعلها خلفًا عن سلف.
([15]) فالأول قاله أكثر العلماء، وقال النووي: هو أصحها، لأن الموت واقع لا محالة، وامتثالاُ لقوله{وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} والثاني ذكره البغوي وغيره،والثالث ذكره في الشافي وغيره، والتبرك التّيَمُّنُ والفوز بالبركة، والتبرك به تفاؤل بالبركة منه، واللحوق اللزوم في الإسلام، واللحاق الإدراك، والبقاع والبقعة القطع والقطعة من الأرض في الدفن معهم فيها.
([16]) في الجملة لما في الصحيحين وغيرهما، قال ((إنه ليسمع خفق نعالهم)) وقال في قتلى بدر ((ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)) وقال ((إنهم ليسمعون الآن)) وأمر بالسلام على أهل القبور، ولم يكن ليأمر بالسلام على من لا يسمع، وغير ذلك من البراهين الدالة على أن الميت يسمع في الجملة، وقال الشيخ، وابن كثير وغيرهما: سماع الموتى هو الصحيح من كلام أهل العلم، وهذا السمع سمع إدراك، لا يترتب عليه جزاء، ولا هو السمع المنفي في القرآن، وإن سمع فلا يمكنه إجابة الداعي، ولا ينتفع بالأمر والنهي، ولا يجب أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع بحال دون حال، كما يعرض للحي.
([17]) قال ابن القيم: والأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء، علم به المزور، وسمع كلامه، وأنس به، ورد عليه، وذلك عام في حق الشهداء وغيرهم، ولا توقيت في ذلك. اهـ. وقال شيخ الإسلام: استفاضت الآثار بمعرفة الميت بأحوال أهله وأصحابه في الدنيا، وأن ذلك يعرض عليه، وجاءت الآثار
بأنه يرى، ويدري بما فعل عنده، ويُسَرُّ بما كان حسنًا، ويتألم بما كان قبيحًا. وقال: جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم، وعرض أعمال الأحياء على الأموات، فيجتمعون إذا شاء الله، كما يجتمعون في الدنيا، مع تفاوت منازلهم، وسواء كانت المدافن متباعدة في الدنيا أو متقاربة، لكن الأعلى ينزل إلى الأسفل، والأسفل لا يصعد إلى الأعلى، وللروح اتصال بالبدن متى شاء الله، وذلك في اللحظة بمنزلة نزول الملك وظهور الشعاع في الأرض، وانتباه النائم، كما تظاهرت به الآثار، وقال مالك: بلغنا أن الأرواح مرسلة، تذهب حيث شاءت.
([18]) ولا يسلم عليه، كحال الحياة، ولا يدعو له، لأن الدعاء والاستغفار له منهي عنه، وقال شيخ الإسلام: تجوز زيارته للاعتبار، ولزيارته عليه الصلاة والسلام قبر أمه.



  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 01:49 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

تُسَنُّ زِيَارَةُ القُبُورِ ..........
وقوله: «تسن زيارة القبور» وهذه الزيارة زيارة للدعاء لهم، وليست زيارة لدعائهم.
وهل هي زيارة للاعتبار، أو للتبرك بأتربتهم؟
الجواب: زيارة للاعتبار.
وسنية الزيارة ثابتة: بالسنة، والإجماع، كما نقله النووي -رحمه الله-:
أما السنة فمن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم وفعله.
- أما قوله فقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)).
- وأما فعله: فقد ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يخرج إلى البقيع فيسلم عليهم.
وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى أولاً عن زيارة القبور؛ لأن الناس حديثو عهد بالكفر والشرك، فخاف أن يكون ذلك وسيلة للإشراك، ولما استقر الإيمان في القلوب أذن لهم. فقال لهم صلّى الله عليه وسلّم: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها))، ثم بين الرسول صلّى الله عليه وسلّم الحكمة من ذلك فقال: ((فإنها تذكركم الآخرة))، أي: تذكركم بلسان الحال لا بلسان المقال؛ لأن الإنسان إذا جاء إلى القبور، وتذكر أن فلاناً الذي في القبر الآن كان بالأمس معه، يأكل كما يأكل، ويشرب كما يشرب، ويتمتع بمتع الدنيا كما يتمتع، ويستطيع أن يعمل العمل الصالح كما يستطيع هو الآن، إذا تذكر ذلك فلا بد أن يؤثر على قلبه، وأن يستعد لهذا اليوم الذي آل إليه صاحبه بالأمس، فيتذكر أن مآله إلى هذا القبر، وأنه ربما يكون فيه عن قرب، فيتذكر، ويتعظ ويمتثل، ولهذا ينبغي للزائر أن يستشعر هذا المعنى، لا أن يستشعر مجرد الدعاء لهم؛ لأن هذا المعنى هو الذي علل به النبي صلّى الله عليه وسلّم الأمر بالزيارة فقال: ((فإنها تذكركم الآخرة)) .

إِلاَّ لِنِسَاءٍ .........
قوله: «إلا لنساء» ، فليست بسنة، وفي المسألة خمسة أقوال:
فقيل: إنها سنة للنساء، كالرجال.
وقيل: تكره.
وقيل: تباح.
وقيل: تحرم.
وقيل: من الكبائر.
والمشهور من المذهب عند الحنابلة: أنها تكره، والكراهة عندهم للتنزيه، أي لو زارت المرأة القبور، فإنه لا إثم عليها.
والصحيح: أن زيارة المرأة للقبور من كبائر الذنوب.
ودليل ذلك ما يلي:
1- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لعن زائرات القبور)).
واللعن لا يكون إلا على كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا وعيد شديد.
2- من جهة النظر، فلأنَّ المرأة ضعيفة التحمل، قوية العاطفة، سريعة الانفعال فلا تتحمل أن تزور القبر، وإذا زارته حصل لها من البكاء، والعويل، وربما شق الجيوب، ولطم الخدود، ونتف الشعور، وما أشبه ذلك.
وأيضاً إذا ذهبت وحدها إلى المقابر، فالغالب أن المقابر تكون في مكان خال، يخشى عليها من الفتنة أو العدوان عليها، فكان النظر الصحيح موافقاً للأثر.
واستثنى الأصحاب من فقهاء الحنابلة: قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقبري صاحبيه، وقالوا: إن زيارة النساء لهذه القبور الثلاثة لا بأس بها.
وعللوا ذلك: بأن زيارتهن لهذه القبور الثلاثة لا يصدق عليها أنها زيارة؛ لأن بينهن وبين هذه القبور ثلاثة جدر، كما قال ابن القيم:
فأجاب رب العالمين دعاءه، وأحاطه بثلاثة الجدران
والذي يترجح عندي: أنه لا استثناء؛ لأن وصولهن إلى القبور إما أن يكون زيارة، أو لا يكون، فإن كان زيارة وقعن في الكبيرة، وإن لم تكن زيارة فلا فرق بين أن يحضرن إلى مكان القبر، أو أن يسلمن على النبي صلّى الله عليه وسلّم من بعيد، وحينئذٍ يكون مجيئهن للقبور لغواً لا فائدة منه، بل في زماننا هذا قد يكون هناك مزاحمة للرجال، وأعمال لا تليق بالمرأة المسلمة في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
فإن قال قائل: ما تقولون في حديث عائشة -رضي الله عنها-:«أنها زارت قبر أخيها»؟
فالجواب: أن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يعارض بقول أحد كائناً من كان، وها هي عائشة ـ رضي الله عنها ـ تقول: «شبَّهتمونا بالحمير والكلاب»، أي في قطع الصلاة إذا مرت المرأة من بين يدي المصلي مع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صرح بأن: ((الكلب الأسود، والحمار، والمرأة تقطع الصلاة))، فهي ـ رضي الله عنها ـ غير معصومة، ولا يمكن أن يستدل بفعلها مع قول النبي صلّى الله عليه وسلّم.
فإن قيل: ما تقولون في الحديث الثابت في صحيح مسلم؛ حيث فقدت عائشة النبي صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة، وطلبته، ثم أدركته في البقيع يسلم عليهم، ثم رجع من البقيع ورجعت هي قبله حتى أدركها في البيت،.... قالت يا رسول الله: أرأيت إن خرجت ماذا أقول؟ قال: قولي: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين....)) إلخ؟
فالجواب: يفرق بين المرأة إذا خرجت بقصد الزيارة، وإذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة، فإذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة، فلا حرج أن تسلم على أهل القبور، وأن تدعو لهم بما قاله النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة ـ رضي الله عنها ـ.
وأما إذا خرجت لقصد الزيارة فهذه زائرة للمقبرة فيصدق عليها اللعن.
فإن قيل: ما تقولون في اللفظ الوارد في الحديث: ((لعن الله زوَّارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج))، ((زوارات)) بصيغة المبالغة؟
فالجواب: الحديث ورد بلفظين: ((زائرات))، و((زوارات)).
فإن كانت ((زوارات)) للنسبة فلا إشكال، وإن كانت للمبالغة فإن لفظ ((زائرات)) فيه زيادة علم، فيؤخذ به؛ لأن ((زائرات)) يصدق بزيارة واحدة.
و((زوارات)) في الكثير للمبالغة، ومعلوم أن الوعيد إذا جاء معلقاً بزيارة واحدة، ومعلقاً بزيارات متعددة؛ فإن مع المعلق بزيارة واحدة زيادة علم؛ لأنه يحق الوعيد على من زار مرة واحدة على لفظ ((زائرات))، دون لفظ: «زوارات».
ولو أخذنا «بزوارات» ألغينا دلالة «زائرات». وقد تكلم شيخ الإسلام رحمه الله على هذه المسألة في مجموع الفتاوى كلاماً جيداً ينبغي لطالب العلم أن يراجعه وذكر عدة أوجه في الرد على من قال: إن النساء يسن لهن زيارة القبور.
قوله: «ويقول إذا زارها» ، «يقولُ» بالضم، والفتح، فإن جعلنا الواو للاستئناف فبالضم، وإن جعلناها للعطف على «زيارة» فبالفتح؛ لأن المضارع إذا عطف على اسم خالص نصب بأن مضمرة جوازاً.
قال ابن مالك:
وإن على اسم خالص فعل عُطف تنصبه «أن» ثابتاً أو منحذف، واستشهدوا لذلك بقوله:


ولُبْس عباءة وتقرَّ عيني
=
أحب إلي من لبس الشفوف

تقر: معطوف على «لبس» اسم خالص وهو مصدر.

وَيَقُولُ إِذَا زَارَهَا:.........
و«يقول» عطف على «زيارة» فعليه يكون المعنى: ويسن أن يقول، أما إذا جعلناها بالرفع فإنها مستأنفة، «ويقول: إذا زارها، أو مر بها».
قوله: «إذا زارها» ، أي: قصد زيارتها وخرج إليها، أو مر بها مروراً قاصداً غيرها.
قوله: «السلام عليكم» السلام: اسم من أسماء الله كما في قوله تعالى: {السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] ، لكنه في التحية لا يراد به اسم الله، وإنما يراد به التسليم، فهو اسم مصدر كالكلام بمعنى التكليم، والمعنى التسليم عليكم، أي: الدعاء بالسلام عليكم.
والسلامة بالنسبة لأهل القبور تكون من العذاب.
فقد يكون الإنسان معذباً في قبره، ولو عذاباً خفيفاً، فإذا سألت الله له السلامة سلم، ثم أنت تسلم على عموم القبور.

«السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ..........
وقوله: «السلام عليكم» ، أتى بكاف الخطاب، فهل الكاف هذه تدل على أنهم يسمعون؛ لأنه لا يخاطب إلا من يسمع ما لم يكن دليل ظاهر على أن المخاطب لا يسمع، وإنما قلت: ما لم يكن دليل ظاهر؛ لئلا يورد علينا مورد قول عمر -رضي الله عنه- للحجر الأسود: «إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أنني رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبِّلك ما قبَّلتك»، فهنا خاطبه وهو حجر، لكن أهل القبور هل هم يخاطبون مخاطبة الحجر أو مخاطبة السامع؟.
الجواب: الظاهر الثاني، أي: «مخاطبة السامع».
وقد ذكر ابن القيم في كتاب الروح حديثاً عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ما مسلم يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام)) ، وقد صححه ابن عبد البر، وأقره ابن القيم عليه، فلا يبعد أن يكون أهل المقبرة عموماً إذا سُلم عليهم يسمعون، ولا نقيسهم بالحجر الأسود؛ لأن الحجر عندنا دلالة حسية ملموسة أنه لا يسمع وهي أنه حجر، وحتى الحـجـر فـإنـه قـد يسـمع أيضاً. قال الله تعالى عن الأرض عموماً: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا *بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 4-5] .
«تحدث أخبارها» أي: ما عمل عليها من خير أو شر، سواء قول مسموع أو فعل مرئي فتحدث به يوم القيامة، والجلود تنطق أنطقها الله الذي أنطق كل شيء، فلا تستبعد هذه الأمور؛ لأن قدرة الله ـ عز وجل ـ لا يمكن أن يدركها العقل.
فلا يبعد أنك إذا قلت لأهل المقبرة: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» أنهم يسمعون. وأما قول الله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] أي موتى القلوب؛ فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يخرج لأهل القبور يدعوهم.
قوله: «دار قوم مؤمنين» ، أي: يا دار قوم، والمراد بالدار هنا: أهلها، كما في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] المراد: أهلها.
قوله: «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» ، لاحقون على ماذا؟
الجواب: إذا قلنا: لاحقون بالموت ورد علينا إشكال، وهو تعليق ذلك بمشيئة الله مع أنه محقق، والمحقق لا يحتاج إلى تعليق بالمشيئة، والتعليق بالمشيئة في أمر لا يدرى عنه فيوكل إلى الله ـ عز وجل ـ قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ} [الجمعة: 8] ، ولم يقل: فإنه لاحقكم؛ لأن اللاحق قد يدرك، وقد لا يدرك، لكن الملاقي مدرك لا محالة.
فقيل في التخلص من هذا الإشكال ما يأتي:
1- أن المراد على الإيمان، فيكون لحوقاً معنوياً لا حسياً، بدليل قوله: «دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» . وحينئذٍ فتعليق ذلك بالمشيئة مشروع.
2- أن المراد اللحاق على أصل الموت، لكن التعليق للتعليل، أي: أن لحوقنا إياكم سيكون بمشيئة الله.
3- أن التعليق هنا ليس على أصل الموت، ولكن على وقت الموت، كأنه قال: وإنا إذا شاء الله أي: متى ما شاء الله، لحقناكم، أي: سنلحق بكم في الوقت الذي يشاء الله أن نلحق، والتعليق بالمشيئة هنا واضح.
والمقصود من هذه الجملة: توطين النفس على ما صار إليه هؤلاء من أجل تحقيق التذكر.

يَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالمُسْتَأْخِرِينَ. نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ».
قوله: «يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين» ، جملة خبرية لفظاً إنشائية معنى، أي: نسأل الله أن يرحم المستقدمين منكم، والمستأخرين.
قوله: «نسأل الله لنا ولكم العافية» ، أما بالنسبة لنا فإنها عافية حسية كعافية البدن، وعافية معنوية من الذنوب والمعاصي.
أما العافية لأهل القبور فهي: العافية من عذاب القبر.
قوله: «اللهم لا تحرمنا أجرهم» .
أجرنا على الأموات متعدد:
أولاً: الحزن عليهم، فكم من ميت في هذه المقبرة قد حزنت عليه، إما لقرابة، أو لصداقة، أو نفع، أو غير ذلك، ولا شك أن الإنسان إذا أصيب بمصاب وتحمل فله أجر.
ثانياً: أجر الزيارة، أي لا تحرمنا أجر الزيارة لهم؛ لأن زيارتنا لهم سنة أمر بها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفعلها بنفسه، فنحن نفعلها امتثالاً واقتداءً.
امتثالاً لأمره، واقتداء بفعله صلّى الله عليه وسلّم.
قوله: «ولا تفتنا بعدهم» هذه جملة عظيمة، فتسأل الله ألاَّ يفتنك بعدهم؛ لأن الإنسان قد يفتن بعد موت أقاربه، وأصحابه، ومشايخه، وغير ذلك، فقد يفارقون هذا الرجل مستقيم الحال، ثم يفتن وبالعكس، فتسأل الله ألاَّ يفتنك بعدهم بشبهات تعرض لك، أو بإرادات سيئة، وهي فتنة الشهوات، والإنسان ما دامت روحه في جسده، فهو معرض للفتنة.
يُذكر أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ، وهو في سياق الموت يغمى عليه ويُسمع يقول: بعد، بعد، فلما أفاق قيل له: يا أبا عبد الله ما بعد، بعد، قال: رأيت الشيطان أمامي يعض على يديه، يقول: فُتَّنِي يا أحمد، أي: عجزت أن أدركك وأغويك، فأقول: بعد بعد. أي: ما دامت الروح في الجسد، فالإنسان على خطر، ويدل لهذا قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيصدق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)).
ولهذا أوصي نفسي وإياكم أن نسأل الله دائماً الثبات على الإيمان وأن تخافوا؛ لأن تحت أرجلكم مزالق، فإذا لم يثبتكم الله ـ عز وجل ـ وقعتم في الهلاك، واسمعوا قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ لرسوله صلّى الله عليه وسلّم أثبت الخلق وأقواهم إيماناً: {ولَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً *}، أي: تميل ميلاً قليلاً، ولو فعلت ذلك {لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 74 ، 75] .
فإذا كان هذا للرسول صلّى الله عليه وسلّم فما بالنا نحن؛ ضعفاء الإيمان، واليقين، وتعترينا الشبهات، والشهوات؛ فنحن على خطر عظيم. فعلينا أن نسأل الله تعالى الثبات على الحق، وألاَّ يزيغ قلوبنا.
وهذا هو دعاء أولي الألباب: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] .
قوله: «واغفر لنا ولهم» الغفر: هو ستر الذنب مع العفو، والتجاوز عنه، يدل على ذلك الاشتقاق؛ لأنه مشتق من المغفر، وهو ما يوضع على الرأس أثناء القتال؛ لأجل وقاية السهام، فهو ساتر وواقٍ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القبور, زيارة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir