دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 محرم 1440هـ/10-10-2018م, 02:08 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس السادس: مجلس مذاكرة القسم التاسع عشر من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم التاسع عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (258-274)


اكتب رسالة بأسلوب التقرير العلمي في تفسير واحدة من الآيات التالية:

1: قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.
2: قوله تعالى: {
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.
3: قوله تعالى: {
لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}.




تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.


تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 06:05 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم

ا
قال تعالى :{{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.


أولا: سبب سؤال إبراهيم ربه .

ذكر أهل العلم في سبب سؤال إبراهيم عليه الصلاة والسلام ربه كيفية إحياء الموتى أقوال:
القول الأول:
كان السبب أن الخليل عليه السلام رأى دابة قد تقسمتها السباع والطير،فسأل ربه أن يريه كيفية إحيائه إياها مع تفرق لحومها في بطون السباع والطيور ، ليرى ذلك عيانا فيزداد يقينا برؤيته ذلك عيانا إلى علمه به خبرا فأراه الله ذلك. وهو قول قتادة والضحاك وابن جريج.. كما ذكره ابن جرير ونسبه ابن الجوزي إلى ابن عباس والحسن،وعطاء الخراساني، ومقاتل.
وقد ساق الطبري روايات عن السلف في ذلك منها :
- عن قتادة أنه قال: ذكر لنا أن خليل الله إبراهيم عليه السلام أتى على دابة توزعتها الدواب والسباع فقال: { رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}

وعن الضحاك قال: مر إبراهيم عليه السلام على دابة ميتة قد بليت وتقسمتها الرياح والسباع فقام ينظر فقال: سبحان الله كيف يحيي الله هذه ، وقد علم أن الله قادر على ذلك فذلك قوله {رب أرني كيف تحيي الموتى}
- وقال ابن زيد: رأى الدابة تتقسمها السباع والحيتان لأنها كانت على حاشية البحر.
القول الثاني:
كان سبب مسألته ربه ذلك المناظرة والمحاجة التي جرت بينه وبين النمرود.
وتلك المناظرة قد ذكرها الله في قوله تعالى:{ ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك .. } الآية وهو وقول ابن إسحاق
قال ابن كثير: ( ذكروا لسؤال إبراهيم عليه السلام أسباباً منها : أنه لما قال لنمرود: {ربي الذي يحيي ويميت } أحب أن يترقى من علم اليقين بذلك إلى عين اليقين، وأن يرى ذلك مشاهدة، فقال :{ رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}.
فبعد تلك المناظرة طلب إبراهيممن ربه أن يريه كيف يحيي الموتى؛ ليتضح استدلاله عياناً بعد أن كان بياناً.
القول الثالث:
كانت مسألته ربه ذلك عند البشارة التي أتته من الله سبحانه بأنه اتخذه خليلا، فسأل ربه أن يريه علامة على ذلك يطمئن قلبه بأنه قد اصطفاه لنفسه خليلا ،ويكون ذلك مؤيدا لما عنده من اليقين...وهو قول السدي وسعيد ابن جبير كما ذكره ابن جرير ونسبه ابن الجوزي إلى ابن مسعود وابن عباس
-عن سعيد بن جبير: (ولكن ليطمئن قلبي) قال: بالخُلَّة. .

القول الرابع :
كانت مسألته لكون إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان شاكا .في قدرة الله على إحياء الموتى...ذكره ابن جرير الطبري .و استدل عليه بالحديث والآثار
وسأفرد لهذه المسألة بحثا خاصا إن شاء الله تعالى
القول الخامس
أنه سأل ذلك ليزيل عوارض الوسواس، ذكره ابن الجوزي ونسبه إلى عطاء بن أبي رباح.
عن ابن جريج ، قال سالت عطاء عن قوله : { رب ارني كيف تحي الموتى } قال : دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فقال : { رب ارني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى } رواه ابن أبي حاتم
وقد يدخل في هذا المعنى ما رواه الطبري عن ابن زيد أنه قال:.. مر إبراهيم بحوت نصفه في البرّ، ونصفه في البحر، فما كان منه في البحر فدواب البحر تأكله، وما كان منه في البرِّ فالسباع ودواب البر تأكله، فقال له الخبيث:. يا إبراهيم، متى يجمع الله هذا من بطون هؤلاء؟ فقال: يا رب، أرني كيف تحيي الموتى! قال: أولم تؤمن؟ قال: بلى! ولكن ليطمئن قلبي!
القول السادس :
سأل من أجل أن يطمئن قلبه بأن قومه يعلمون أن الله يحيي الموتى.
ومن المعلوم أن أقوام الأنبياء كثيراً ما يسألونهم، ويطلبون منهم أموراً باطلة تارة، وتارة حقا ، كما سأل بنو إسرائيل موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة ،وكما سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء كثيرة من مثل ذلك، فقد يكون إبراهيم عليه السلام سئل ذلك ، فأراد أن يشاهدوه فيزول الإنكار عن قلوبهم..وفي كلام ابن عطية إشارة إلى هذا القول.
القول السابع:
سأل لأنه كان مشتاقاً ومحباً أن يرى ذلك.
ذكر ابن الجوزي : أن قلب الخليل كان متعلقا برؤية إحياء الموتى، فأراد أن يطمئن قلبه بالنظر، وقيل كانت نفسه تائقة إلى رؤية ذلك ، وطالب الشيء قلق إلى أن يظفر بطلبته(

مناقشة:
هذه أشهر الأقوال التي ذكرت في سبب سؤال الخليل عليه السلام لربه ذلك السؤال.
هذه الأقوال منها ما هو منسوب إلى السلف ومنها ما هو مجهول النسبة لقائله
وما كان منسوبا للسلف مأخوذة من الأخبار الإسرائيلية. وليس فيها شيء مرفوع إلى الصادق صلى الله عليه وسلم.
فيمكن أن يكون أحد تلك الأقوال هو الحق ، ويمكن أن يكون سأل لسبب آخر لم يذكر، أو سأل بدون سبب، وليس في تقديم أحد الأقوال على غيره دليل صحيح يعتمد عليه.
وعلى كل حال ، ولأي سبب سأل الخليل عليه الصلاة والسلام ربه ذلك السؤال لا يعود نقص عليه من ذلك ، ولا يقدح في عصمته عليه الصلاة والسلام .
-و الذي يفهم من كلام الطبري أنه يميل إلى القوم الخامس وهو أن سيدنا إبراهيم عرض له عارض ومن عوارض الوسواس و الذي أداه إلى ذلك حديث أبي هريرة المرفوع" فنحن حق بالشك من إبراهيم" فعلم من دلالة الحديث أنه عرض له من الوساوس ما يجعله يشك ..واستدلال الطبري بالحديث لا يستقيم له لما سنراه لاحقا إن شاء الله
- والذي ظهر لي-والله أعلم- أن إبراهيم كان قانتا لله حنيفا وكان غواصا طالبا للمعرفة يتأمل في كل شيء ويتقصى بفكره باحثا وراء الحقيقة طالبا لها؛ كما يدل على ذلك آيات كثيرة من كتاب الله. فقد يمكن أن يكون أي شيء أثار فكره ؛كما يمكن أن يكون هو سأل من عند نفسه لكون طبيعة نفسه التفكر والسؤال والبحث عن الحقيقة .
فقال "ليطمئن قلبي" فأراد أن يعلم بالحس كما علم بالقول الحق ، وبالعيان كما علم بالبرهان.

ثم ظهر لي نظر آخر؛ أن هناك مناسبة بين هذه القصة وبين من قال أن سبب سؤال إبراهيم كونه رأى دابة تأكلها و تزقهما السباع والطير فسأل ربه أن يريه كيفية إحيائه إياها مع تفرق لحومها في بطون السباع والطيور؛ فأمره الله تعالى أن يفعل نفس الأمر نفس الصورة التي رءاها وهو تمزيق الطير وتقطيعه وتفريق أجزاءه ليتبن له ويذهب ما كان يجد في قلبه .. فإن ثبتت الأخبار في ذلك وصحت .تكون -والله أعلم- أقرب الأقوال إلى الصواب

ثانيا : تفسير الآية

{قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى}

{وَإِذْ} في محل نصب ؛ بمعنى واذكر إذ سأل الخليل عليه الصلاة والسلام ربه قائلا: (رب أرني كيف تحيي الموتى ) .
قوله "رب ": دليل أن إبراهيم عليه السلام مقر بأنه خالقه ومربيه والقائم على أمره .
الرؤية : إدراك المرئي بالنظر إليه بالعين أو بالقلب؛ والمراد بها في الآية الرؤية بالعين.
قال القرطبي في تفسيره : ( لم يُرد رؤية القلب وإنما أراد رؤية العين.)
{أرني}: يريد أن يعلم بالحس كما علم بالقول الحق ، وبالعيان كما علم بالبرهان .

كيف:سؤال عن الكيفية لا عن الإمكان ؛ سؤال عن كيفية الإحياء لا عن الإحياء ؛ بدافع زيادة اليقين ..لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام مؤمن بالبعث بل على يقين بالبعث وإحياء الموتى فهو أب الموحدين
قال ابن عطية :" وكَيْفَ في هذه الآية إنما هي استفهام عن هيئة الإحياء؛والإحياء متقرر" اهـ ...ولذا لما سأل الخليل عليه السلام ربه ذلك قال له سبحانه وتعالى "أولم تؤمن" الهمزة للتقرير ؛ واو عاطفة؛ وقدمت الهمزة لأن لها الصدارة
والعطف على مقدر والمعنى . أتسأل ولم تؤمن بأني قادر على الإحياء كيف أشاء .
قال ابن الجوزي: ( أي أولست قد آمنت أني أحيي الموتى).
و
ذكر السعدي: أن الله قال له: { أولم تؤمن } ليزيل الشبهة عن خليله.
فالخليل كان تواقاً إلى مشاهدة الإحياء عياناً ليجمع بين يقين القلب والنظر ، ومن هنا قال مجيباً على سؤال الله له: {بلى ولكن ليطمئن قلبي}
بلى :حرف جواب لتثبت الإيمان المنفي. والمعنى بلى آمنت بذلك ؛ وأنا مصدق ومؤمن بذلك.
وإذا كان إبراهيم مؤمنا فلماذا طلب ما طلب ؟ فقد قال مستدركا ولكن ليطمئن قلبي
: [ ليطمئن قلبي ]
{ لِّيَطْمَئِنَّ } اللامُ لامُ كي ، . ولا بد من تقدير محذوف ليصح تعليق اللام، أي ولكن سألتك كيفية الإحياء ليطمئن قلبي، بمشاهدة ذلك عياناً.

الطُّمأنينة " السكونُ ، وهي مصدرُ " اطمأنَّ " بوزن اقشعرَّ .
قال الراغب " السكون وعدم الانزعاج.. .
قال ابن فارس.(طَمَنَ) الطَّاءُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ أُصَيْلٌ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ. يُقَالُ: اطْمَأَنَّ الْمَكَانُ يَطْمَئِنُّ طُمَأْنِينَةً. وَطَامَنْتُ مِنْهُ: سَكَّنْتُ."
وقيده ابن القيم بالسكون إلى الشيء قال رحمه الله :{ الطُّمَأْنِينَةُ سُكُونُ الْقَلْبِ إِلَى الشَّيْءِ. وَعَدَمُ اضْطِرَابِهِ وَقَلَقِهِ.}
وفي الفرق بينها وبين السكينة قال رحمه الله : الطُّمَأْنِينَةُ مُوجِبُ السَّكِينَةِ. وَأَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا. وَكَأَنَّهَا نِهَايَةُ السَّكِينَةِ.

وقد اختلف أهل العلم في "المراد بالطمأنينة" ؛ وهذا الاختلاف انسحب عن اختلافهم في سبب سؤال إبراهيم ربه.

أولا: ليطئمن قلبي لصحة الخلة . وأعلم أنك تجيبني إذا دعوتك
كما قال ابن جبير: (ولكن ليطمئن قلبي) قال: بالخُلَّة. رواه ابن جرير
عن ابن عباس ، قوله : { قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } يقول : انك تجيبني إذا دعوتك ، وتعطيني إذا سألتك

ثانيا: إنما ذلك لكي يطمئن قومي أنك قادر على إحياء الموتي
عن عكرمة ، في قوله : { قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } قال : لكي يعلموا انك تحي الموتى .رواه ابن أبي حاتم

ثالثا: ليزداد قلبي يقينا
قيل أن الاطمئنان الذي طلبه إبراهيم عليه السلام هو الاستدلال بالعيان بعد الاستدلال بالبرهان ؛ليزداد بذلك إيماناً ويقيناً، ويترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، وذلك عندما يرى كيفية الإحياء، ولم يكن بذلك شاكاً في القدرة، ولا جاهلاً بمعنى الإحياء. وهذا قول جمهور أهل العلم

قال الطبري : معنى قوله { ليطمئن قلبي} ليسكن ويهدأ باليقين الذي يستيقنه.
قال الشوكاني: (بلى علمت وآمنت بأنك قادر على ذلك ، ولكن سألت ليطمئن قلبي باجتماع دليل العيان إلى دلائل الإيمان) اهـ.. فإن الحس يحمل الإنسان على الإذعان أكثر مما يحمل الدليل العقلي.
ومن أقوال السلف .
- عن سعيد بن جبير { ولكن ليطمئن قلبي } قال : ليوقن . رواه ابن أبي حاتم
-قال الضحاك والربيع: ليزداد يقينا. رواه ابن جرير
-عن سعيد بن جبير ، في قوله : { ولكن ليطمئن قلبي } قال ليزداد إيمانا رواه ابن جرير
-وعن قتادة قال : أراد نبي الله إبراهيم ليزداد يقيناً إلى يقينه . رواه ابن جرير
- وقال الحسن :كان إبراهيم موقناً ولكن ليس الخبر كالمعاينة. رواه ابن جرير
وقيل لأزيد إيمانا مع إيماني ذكره ابن عطية ولم ينسبه إلى أحد.

-وقد رد ابن عطية على هذا القول بحجة أن اليقين لا يتبعض ؛ فلا معنى للزيادة المذكور في كلام المفسرين إلا السكون عن الفكر في صورة الإحياء.

رابعا: ليطمئن قلبي ويسكن فكري بالنظر
قيل إن حيرة إبراهيم كانت في الكيفية لا في أصل القضية . فطلب ما طلب ليطمئن عقله الحائر الذي حاولة في معرفة كيفية الإعادة وهي فوق القدرة العقلية البشرية .
قال ابن الجوزي: كان قلبه متعلقا برؤية إحياء الموتى ، فأراد : ليطمئن قلبه بالنظر ، قاله ابن قتيبة .
وقال غيره : كانت نفسه تائقة إلى رؤية ذلك ، وطالب الشيء قلق إلى أن يظفر بطلبته
قال ابن عطية :( والطمأنينة : اعتدال وسكون ، فطمأنينة الأعضاء معروفة، وطمأنينة القلب: هي أن يسكن فكره في الشيء المعتقد. والفكر في صورة الإحياء غير محظور كما لنا نحن اليوم أن نفكر فيها ، إذ هي فكر فيها عبر ، فأراد الخليل أن يعاين فيذهب فكره في صورة الإحياء).
قال ابن جزي { ولكن ليطمئن قلبي } أي : بالمعاينة .
فمعنى الطمأنينة التي رامها الخليل حينئذ: سكون القلب عن الجولان في كيفيات الإحياء بظهور التصوير المشاهد لها عياناً . وعدم حصول هذه الطمأنينة قبل المشاهدة لا ينافي حصول الإيمان بالقدرة على الإحياء على أكمل الوجوه .

وهذا القول قريب من الذي قبله إلا أن بينهما فرقا ؛ فكان الدافع للسؤال في القول الأول هو تعزيز الأدلة و الانتقال من الدليل النظري العلمي إلى الدليل الحسي المشاهد؛و بذلك يرتقي من علم اليقين إلى عين اليقين ؛فيسكن القلب و يطمئن إذا زاد اليقين
أما الدافع في هذا القول الأخير هو إسكان الفكر الذي يجول و يبحث عن كيفية الإحياء؛ فإذا علم ذلك وشاهدها سكن فكره وقلبه بعد ذهاب الاضطراب عنه
وهما متلازمان ؛ ولعل هذا هو أقرب الأقوال للصواب فإن إبراهيم كان مديم النظر كثير التفكر طالبا الحقيقة وباحثا لها فأراد أن يصل إلى مرتبة الكمال؛ إلى تمام وكمال اليقين إلى الحق اليقين .- والله أعلم.
-وقد استدل بعض أهل العلم بالآية أن الإيمان والاعتقاد عموما يزد وينقص
.

قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ
لم يبين سبحانه وتعالى نوع الطير ؛ وقد اختلف المفسرون في تعيينها؛ قيل الْغُرْنُوقُ، وَالطَّاوُسُ، وَالدِّيكُ، وَالْحَمَامَةُ؛وقيل الوز وفرغ النعام والديك والطاووس وقيل غير ذلك ..ولا طائل في البحث عنها ؛ وأغلب تلك الروايات من الإسرائيليات التي لا يمكن الوقوف على صحتها فلا حكم عليها صدقا ولا كذبا
قال ابن كثير :اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: مَا هِيَ؟ وَإِنْ كَانَ لَا طَائِلَ تَحْتَ تَعْيِينِهَا"

فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ:
وفي " صرهن " قراءتان : بكسر الصاد وبضمها.بكسر الصاد من صار يصير ؛ وبضمها من صار يصور .
قال الفراء : "
وهما لغتان . فأما الضمُّ فكثير ، وأما الكسر ففي هُذَيل وسُلَيم ."
وقد اختلف في معناها.؛ قيل هما بمعنى ؛ واختلف فيه على أقوال:
أحدها : معناه انْتُفْهُنَّ بريشهن ولحومهن ، قاله مجاهد .

والثاني : قَطِّعْهُن؛ يقال صار يصير صيراً إذا قطع ، وانصار الشيء إنصاراً إذا انقطع ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن . قال الضحاك : هي بالنبطية صرتا ، وهي التشقق . وقال أبو الأسود : هي بالسريانية.. وعبر عنه قتادة بقوله : فصلهن.
. قال الفراء : هو مقلوب من صريت أصرى صرياً إذا قطعت
والثالث : اضْمُمْهُن إليك وأجمعهن؛ يقال : صار يصور صوراً ، إذا اجتمع ومنه قيل لجماعة النحل صور ، قاله عطاء ، وابن زيد .

والرابع : أَمِلْهُن إليك ، ووجههن ، يقال : صرت الشيء أصوره إذا أملته ، ورجل أصور إذا كان مائل العنق..والصور : الميل ، ومنه قول الشاعر في وصف إبل :
تظَلُّ مُعقّلات السوق خرساً *** تصور أنوفها ريح الجنوب

الخامس: أوثقهن؛ وهو من الصِّرًّو وهو الشد..قاله ابن عباس
وقيل أن معنى الضم مختلف عن معنى الكسر .وفي اختلافهما قولان :
أحدهما : قاله أبو عبيدة أن معناه بالضم : اجْمَعْهن ، وبالكسر : قَطِّعْهُنّ .
والثاني : قاله الكسائي ومعناه بالضم أَمِلْهُنّ ، وبالكسر : أقْبِلْ بهن .
ولعل أكثر المعاني وأقربها صحة وهو الذي عليه جمهور أهل اللغة : القطع .والإمالة إلى الشيء
وأما باقي المعاني فقد تكون من دلالة التضمن أو دلالة اللزوم..فإن القطع لا يكون إلا بعد الذبح ونتف الريش واللحم
ويظهر بمجموع ما قيل في معنى فصرهن : أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ذبح الطيور ونتف ريشهن وقطعهن ثم جمعهن وخلط بينهم وأملهن وحولهن إليه ثم جعل على كل جبل منهم جزء . .

ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا .
في "جزءا" قراءات : إسكان الزاي و ضمها وهما لغتان كما قال ابن عاشور
جزَّا :بشد الزاي وهي لغة في الوقف أجري الوصل مجراه
والجزء من كل شيء هو البعض منه
.لم يبين الله عزوجل أي تلك الجبال المقصودة ولا عددها ؛ فقيل كانت أربع أجبل بحسب عدد الطير ؛و قيل سبع؛ وقيل : الجبال التي وصل إليها حينئذ من غير حصر بعدد .

وفي تعين كيفية وضعها أقوال :
-قيل:أنه أمر أن يضع على أربعة أجبل جزءا من ذلك المجموع
-قيل : " أمر أن يذبحن ثم يخلط بين لحومهن وريشهن ودمائهن ثم يجزئهن على أربعة أجبل " .وهو قول قتادة
وقيل : " اجعل لُحُومَهُنَّ وريشهن على سبعة أجبل وهي الأجبال التي التي كانت الطير والسباع حين تأكل الدابة تطير إليها وتسير نحوها وتتفرق فيها. قاله ابن جريج والسدي

- وقيل أن لفظ "كل" يدل على الإحاطة فلا حصر لعدد الجبال؛ بل أمر أن يجعل على كل جبل يليه جزءا . و هي التي كان يصل إبراهيم إليها وقت تكليف الله إياه . وهو قول مجاهد
عن مجاهد: قال "(ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا) ثم بددهن أجزاءً على كل جبل = ثم (ادعهن) ، تعالين بإذن الله. فكذلك يُحيي الله الموتى. مثل ضربه الله لإبراهيم صلى الله عليه وسلم. رواه ابن جرير.

- وأبعد الأقوال من قال: اجعل جزءا على كل ربع من أرباع الدنيا كأن المعنى اجعلها في أركان الأرض الأربعة. روي عن ابن عباس

ولا دليل يبين عدد تلك الجبال إلا ما ورد من أخبار إسرائيلية لا تقوى للاعتماد عليها ؛ وهي من الأخبار المسكوت عنها في شرعنا فيتوقف فيها لا يحكم عليها بالصدق ولا بالكذب..وعليه كان لزاما الرجوع لنص الآية فهو الفيصل .. والآية نصت على لفظ "كل" مما يدل على العموم.
والسؤال المطروح هل المراد بالعموم هنا عموم كلي أم العموم النسبي
هل المطلوب أن يضع إبراهيم على كل الجبال الأرض جزء من تلك الطيور المجموعة المقطعة ؛أم على كل جبال يعرفه ويمكن له الوصول إليه..فلا شك أن القول متعذر لاستحالة تحقيقه ووقوعه ..فيبقى الثان هو المراد وهو الذي قاله مجاهد. والله أعلم

ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا...
ثم أمره الله عز وجل أن يدعوهن ، فدعاهن ، فجعل ينظر إلى الأجزاء من كل طائر من تلك الطيور يتصل بعضها ببعض والتحمت ببعضها ، وعاد كل جزء إلى ما كان عليه قبل التقطيع ، حتى قام كل طائر على حدته .
وقد ورد أخبار في بيان كيف كان ذلك اتصلت تلك الطيور والتحمت كلها من الأخبار الإسرائيلية التي لا يمكن الاعتماد ولا التعويل عليها.

سعيا : مشية المجد الراغب فيما يمشى إليه ؛ أي وأتينه يمشين سعياً .
ليكون ذلك أبلغ له في الرؤية التي سألها عليه السلام
؛ فيتأكد منها ويزادا إيمانا ويقينا
.قال ابن عطية : { ولو جاءته مشيا لزالت هذه القرينة، ولو جاءت طيرانا لكان ذلك على عرف أمرها، فهذا أغرب منه...}. ولهذا قال الله سبحانه وتعالى : { واعلم أن الله عزيز حكيم }.

أمره بذبح هذه الطيور، ثم تقطيعها، وتفريقها على عدة جبال، ثم دعاها فلبت النداء، واجتمعت الأجزاء المتفرقة، والتحمت كما كانت من قبل، ودبت فيها الحياة، وطارت محلقة في الفضاء، فسبحان الله ما أعظم شأنه، وأجلَّ قدرته.
ونلحظ في هذه القصة أن الله عزوجل صور لإبراهيم هيئة البعث بالضبط مثل ما تكون يوم القيامة .
-فتقطيع الطير وتشتيتها وتفرقها وتمزقها دليل على عظم قدرة الله عزوجل على جمع أجزاء العباد ولو تنافرت وتباعدت
-وفي أمره بدعاء الطير إشارة إلى أن البعث يكون إثرة دعوة الداعي و الخلق يستجيب لدعوته . الله عزوجل يدعوهم بكلمة التكوين (كونوا أحياء) فيكونوا أحياء، كما قال تعالى :{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}
وقال:{ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}

-وفي أمره أن يميل الطير إليه حتى تعرفه وتستجيب لدعوته إشارة أن الناس كلهم يستجيبون لربهم خالقهم؛ فهو الذي فطرهم على الربوبية؟ كما قال تعالى :{ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}

فكان في قصته تقريبا حسي لهيئة البعث ومعنى الإحياء ؛ وتصوير صغير لليوم البعث ؛ وإن لم يكن بيانا كاملا للكيفية ؛ لأن الكيفية عند الله العليم الخبير علمها . {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [.
{ واعلم أن الله عزيز حكيم }.
سبحانه له صفة العزة عزة القوة والغلبة وعزة القهر وعزة القدرة لا يغلبه شيء ولا يمتنع عنه شيء وما شاء كان بلا ممانع لأنه القاهر لكل شيء ،
وله صفة الحكم والحكمة التي بها إتقان كل شيء
فهو سبحانه عزيز حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.



ثالثا : هل سيدنا إبراهيم كان شاكا ؟

الآية يرد على ظاهرها إشكالا أن الخليل عليه الصلاة والسلام طلب من ربه أن يريه إحياء الموتى عيانا لكي يطمئن قلبه، فهل كان عليه السلام يشك في إحياء الموتى - وهو النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام .
وقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين
القول الأول: أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكن شاكا
وهو قول جمهور المفسرين؛حجتهم في ذلك
1 -
أن قوله :{ كيف تحي الموتى} سؤال عن كيفية الإحياء وصورته وليس عن وقوعه؛ فلم يقل: "{ هل تحيي الموتى)

قال ابن عطية : ( وإذا تأملت سؤاله عليه السلام ، وسائر ألفاظ الآية ، لم تعط شكا، وذلك أن الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حال شيء موجود متقرر الوجود عند السائل والمسئول، نحو قولك : كيف علم زيد ؟ وكيف نسج الثوب ؟ ونحو هذا، ومتى قلت : كيف ثوبك ، وكيف زيد فإنما السؤال عن حال من أحواله ... وقد تكون " كيف " خبرا عن شيء شأنه أن يستفهم عنه " بكيف " ، نحو قولك : كيف شئت فكن)
فإبراهيم عليه السلام إنما سأل أن يشاهد كيفية جمع أجزاء الموتى بعد تفريقها ، وإيصال الأعصاب والجلود بعد تمزيقها،فأراد عليه السلام أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين. فقوله" أرني كيف " طلب مشاهدة الكيفية(

وقال ابن جزي : "كيف" سؤال عن حال الإحياء وصورته لا عن وقوعه)

2 – أن الألف في قوله : {أولم تؤمن} للتقرير. كما ذهب إليه جماهير المفسرين ؛أي قد آمنت فلم تسأل ؟ فرد بقوله( بلى ) ، وهذا يزيل كل لبس، وينفي كل توهم في نسبة الشك في القدرة إلى إبراهيم

قال أبو المظفر السمعاني : ( فإن قال قائل : أكان إبراهيم شاكا فيه حتى احتاج إلى السؤال؟ ... فالجواب أنه لم يكن شاكاً فيه، ولكنه إنما آمن بالخبر والاستدلال، فأراد أن يعرفه عياناً.)
وقد أخبر عليه السلام عن نفسه أنه مؤمن مصدق، وإنما أراد أن يرى الهيئة.

القول الثاني:

قيل إنه عليه الصلاة والسلام كان شكا وهو الذي ذهب إليه ابن جرير الطبري
حجة من يثبت شك الخليل عليه السلام .
1- ظاهر الآية فقد سأل الخليل عليه السلام ربه أن يريه إحياء الموتى، وعلل رغبته تلك بأنه يريد الحصول على الاطمئنان.
2-ما ورد من روايات تدل على ذلك ومنها :
ما رواه الطبري عن ابن زيد أن الخليل صلى الله عليه وسلم مر بحوت، نصفه في البر ،ونصفه في البحر ،فما كان منه في البحر فدواب البحر تأكله ،وما كان منه في البر فالسباع ودواب البر تأكله ، فقال له الخبيث : يا إبراهيم متى يجمع الله هذا من بطون هؤلاء؟ فقال: يا رب أرني كيف تحيي الموتى {قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)
فالباعث على سؤال إبراهيم لربه ما دخل قلبه - مما يدخل قلوب البشر - من وساوس الشيطان، حيث قال له إبليس الخبيث ذلك.
وإلى هذا أشار ابن الجوزي بقوله : (سأل ذلك ليزيل عوارض الوسواس).

3-أن بعض السلف جعل هذه الآية أرجى آية في كتاب الله.
روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ما في القرآن عندي آية أرجي منها)
4–
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: { رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} ، ورحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي)

وقد
مال الطبري إلى ترجيح هذا القول فقال:( وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما صح به الخبر عن رسول الله أنه قال: نحن أحق بالشك من إبراهيم { قال رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن } ،وأن تكون مسألته ربه ما سأله أن يريه من إحياء الموتى لعارض من الشيطان عرض في قلبه كما ذكر،فسؤال إبراهيم حينئذ ربه أن يريه كيف يحيي الموتى ليعاين ذلك عيانا ،فلا يقدر بعد ذلك الشيطان أن يلقي في قلبه مثل الذي ألقى فيه عند رؤيته ما رأى من ذلك، فقال له ربه: { أولم تؤمن } يقول : أولم تصدق يا إبراهيم بأني على ذلك قادر، قال: بلى يا رب ، لكن سألتك أن تريني ذلك ليطمئن قلبي فلا يقدر الشيطان أن يلقي في قلبي مثل الذي فعل عند رؤيتي هذا الحوت.)
مناقشة الأدلة
أولاً : أن ما استدلوا به من أن ظاهر الآية يدل على ما ذهبوا إليه لا يسلم،فإن الرؤية إما أن تكون قلبية أو بصرية وإبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم إنما أراد الرؤية البصرية، وهذه لا يتعلق بها شك ، والشك إنما يتعلق بالرؤية القلبية ، وهذا منتف قطعاً عن الخليل وقد أثبته بقوله { بلى} أي بلى أؤمن بذلك.
وأما الطمأنينة التي رامها الخليل من سؤاله فهي: السكون باجتماع دليل العيان مع دليل القلب ليس إلا ...
ثانياُ : استدلالهم بما ورد عن ابن زيد وغيره ليس فيه دلالة ظاهرة على ما ذهبوا إليه ، بل فيه إشارة إلى أن إبليس لعنه الله قذف في قلب إبراهيم عليه السلام شيئا مما يقذفه في قلوب البشر ، ويمكن أن يحمل ذلك على حب المعاينة ومشاهدة كيفية الإحياء، وأما حمله على الشك فلا يسلم به خاصة والقضية تتعلق بنبي معصوم .
قال ابن عطية: وأما قول عطاء بن أبي رباح: دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فمعناه من حب المعاينة، وذلك أن النفوس مستشرفة إلى رؤية ما أخبرت به، ولهذا قال النبي عليه السلام: «ليس الخبر كالمعاينة».

ثم إن هذه الرواية من باب الأخبار الإسرائيلية، فلا تقبل إذا خالفت شيئاً مما ثبت في ديننا ، وقد ثبت أن الله عصم أنبياءه من المعاصي، والقول بأن الشيطان قذف في قلب الخليل الشك في إحياء الأموات يخالف ما ثبت من عصمة الأنبياء .
ثالثاً : دليلهم أن بعض السلف جعل الآية أرجى آية، يجاب عليه بما يلي:
1-أن قول ابن عباس رضي الله عنهما اجتهاد منه مردود عليه .لأنه يفهم منه أن الشك تسرب إلى قلب إبراهيم عليه السلام ، وهذا قدح في الخليل ، مردود بعصمة الأنبياء.

2-يمكن أن يحمل قول ابن عباس رضي الله عنهما :"أنها أرجى آية "من حيث أن الإيمان كاف لا يحتاج معه إلى تنقير وبحث. ولذلك قال : فرضى من إبراهيم قوله "بلى"
رابعاً : استدلالهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه " نحن أحق بالشك من إبراهيم " لا يستقيم لهم فقد ذكر الحافظ ابن كثير أن لفظة الشك الواردة فيه لا تفهم على ظاهرها فقال في ذلك : ( ليس المراد ههنا بالشك ما قد يفهمه من لا علم عنده بلا خلاف)
لفظ الشك في الحديث إما أن يحمل على ظاهره و هو استواء أمرين لا مزية لأحدها على الأخر أو يحمل على غير ذلك
أولا: الشك بمعنى استواء الطرفين.
قد بين العلماءمعنى هذا الحديث بل ؛عدوه من فضائل إبراهيم .
فقالوا المراد من الحديث: تنزيه إبراهيمعليه الصلاةونبينا محمدعليه الصلاةعن الشك في قدرة الله على إحياء الموتى، والقطع بعدم دلالة الحديث على ذلك، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم.
فكأنهقال في الحديث : إن إبراهيملم يشك، ولو كان الشك متطرقاً إليه لكنا نحن أحق بالشك منه، فإذا كنا نحن لم نشك في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، فإبراهيممن باب أولى ألا يشك. قال ذلكعلى سبيل التواضع وهضم النفس.وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء.
قال النووي : ( اختلف أهل العلم في معنى " نحن أحق بالشك من إبراهيم " على أقوال كثيرة : أحسنها وأصحها ...أن الشك مستحيل في حق إبراهيم، فإن الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم ، وقد علمتم أني لم أشك، فاعلموا أن إبراهيم عليه السلام لم يشك)
قال الخطابي: " مذهب الحديث التواضع والهضم من النفس، وليس في قوله : ( نحن أحق بالشك من إبراهيم )؛ اعتراف بالشك على نفسه، ولا على إبراهيم، لكن فيه نفي الشك عن كل واحد منهما"
وقال ابن الجوزي: " مخرج هذا الحديث مخرج التواضع وكسر النفس"

ثانيا : حمل معنى الشك على غير معناه الظاهر
ذكر أهل العلم أن الشك في اللغة والشرع له إطلاقات أوسع من المعنى الاصطلاحي
الشك في الاصطلاح ما تساوى فيه كلا الاحتمالين، ولم يترجح فيه أحد الطرفين.
أما في لغة العرب واستخدامات القرآن فهو أوسع استعمالاً، إذ الشك خلاف اليقين، فيطلق على الظن، وعلى الجهل وعدم العلم بالشيء أيضاً.

قال تعالى: ( وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه مالهم به من علمٍ إلا اتباع الظن ) .
قال البيضاوي في تفسير هذه الآية : " الشك كما يطلق على ما لا يرجح أحد طرفيه، يطلق على مطلق التردد، وعلى ما يقابل العلم، ولذلك أكده بقوله (ما لهم بذلك من علم) ... ويجوز أن يفسر الشك بالجهل، والعلم بالاعتقاد الذي تسكن إليه النفس جزماً كان أو غيره "

وكذا قوله تعالى مخاطباً رسوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك ) أي: إن كنت يا محمد لا علم عندك بما جاء في التوراة والإنجيل من صفاتك وشأنك، فاسأل أهل الكتاب عن ذلك، فإنهم على علم بك لما ورد في كتبهم من خبرك وصفاتك، فإنهم يعرفونك كما يعرفون أبناءهم.

- أن النبي
صلى لله عليه وسلم سمّى التفاوت بين الإيمان والاطمئنان شكاً، فأطلق على ما دون طمأنينة القلب التي طلبها إبراهيماسمَ الشك، وإلا فإبراهيم كان مؤمناً موقناً، ليس عنده شك يقدح في يقينه، ولكن الرسولصلى الله عليه وسلم عبّر عن هذا المعنى بهذه العبارة. وهذا من إطلاقات الشرع للفظة الشك . وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ومعلوم أن إبراهيم كان مؤمناً كما أخبر الله عنه بقوله: ( أولم تؤمن قال بلى ) ولكن طلب طمأنينة قلبه كما قال: ( ولكن ليطمئن قلبي ) فالتفاوت بين الإيمان والاطمئنان سماه النبيصلى الله عليه وسلم شكاً لذلك بإحياء الموتى"..

ومقصوده –والله أعلم – أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق على تلك المنزلة التي بين الإيمان و الطمأنينة؛ ألا وهى منزلة عين اليقين بالشك فإن كان إبراهيم خليل الرحمان و أب الأنبياء طلبها وأراد الوصول إليها فنحن أحق بها منه ؛ لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلبها لأنه قد حصل له عين اليقين ما يقر به قلبه ويطمأن ويصل إلى تمام وكمال الإيمان .
فقد أسري به في ليلة المعراج فكلم الله ؛ و رأى وشاهد بعينه الجنة والنار؛ وأراه الله الشيطان و وزويت له الأرض .إلى غير ذلك من المشاهد التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم
و أقرب الأقوال بالصواب القول الأول أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكن شاكا في قدرة الله عزوجل
. لأنه لا يجر إلى محذور شرعي بخلاف الأول الذي فيه قدح لعصمة النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
تم بحمد لله
جزاكم الله خيرا

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 08:53 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

أعتذر عن تأخري في الواجب
لم اتمكن من أدائه الأسبوع الماضي لظروف قاهرة حالت بيني وبينه ، وتأخرت حتى نهاية هذا الأسبوع لأنني خشيت فوات أيامه قبل أن أتمكن من تدارك ما تراكم من امتحانات وددت أن أنهيها ثم أعود إلى التطبيق ..


مجلس مذاكرة القسم التاسع عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (258-274)


اكتب رسالة بأسلوب التقرير العلمي في تفسير واحدة من الآيات التالية:
2: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

بسم الله الرحمن الرحيم ..
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}

وسط آيات الإنفاق ، وبعد بيان فضله في سبيل الله وما أعد الله لمن ينفق قاصدا وجهه ولم يتبع صدقته منا ولا أذى ... وفي وسط الآيات التي ترغب وتحبب وتبين أين ينفق وعلى من ؛ تأتي هذه الآية مبتدئة بذلك النداء الحبيب ( يا أيها الذين آمنوا ) تنبيها وتشنيفا للأسماع إليها لما فيها من أمر قد يغفل عنه ؛ فقد يظن المنفق أنه لو أنفق ما استغنى عنه زهادة فيه لقلة جودته ما دام في سبيل الله فهو حسن ... فتأتي هذه الآية تصحح المسار وتعيد توجيه بوصلة الإنفاق ... فقد بينت الآيات السابقة ثم اللاحقة المقصود من الصدقة وأجرها وفضلها ، ومستحقها ، وكيف تكون الصدقة ...
- فقصدها الله خالصة له
- ومستحقها الفقير المحتاج إليها ( مع أنه نبه تعالى أن أجرها يقع وإن وقعت في يد غير مستحقها ما دام صاحبها صح قصده وأراد بها وجه الله وأن تكون لمستحقها )
- وتكون بلا من ولا أذى سرا وعلانية بحسب الحال والمقام
- وأجرها عظيم مضاعف يرى أثره في الدنيا بالبركة والنماء وفي الآخرة أجورا مضاعفة ...

ثم تأتي هذه الآية لتضيف طبيعة المال المنفق في سبيل الله ...( من طيبات ما كسبتم ) فالله طيب لا يقبل من عباده إلا طيبا ... وهذا المال ينبغي أن يكون من طيب الكسب ومما ترضاه بل تحبه لنفسك ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )

- ولله در أبي طلحة الأنصاري حين قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري من حديث أنس بن مالك ( قَامَ أَبُو طَلْحَةَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )(آل عمران آية 92 )وَإِنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ أَوْ رَايِحٌ ..)
فإلى الآية ...
🔹المعنى الإجمالي للآية :
يدعو الله المؤمنين إلى اختيار أجود أموالهم لينفقوها في سبيله ، فالله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وما لا يرضاه العبد لنفسه أن يهدى إليه أو لا يرضى أن يبتاعه أو يتقاضاه في حقه فكيف ينفقه لله .. الله أغنى منه عن رديء الكسب ؛ فلا يرضى لله إلا ما تطيب به نفسه .

🔹مقصد الآية :
الصدقة تقع في يد الله فلينظر المرء ماذا يقدم لله ... فلا يكن إنفاقك إلا من أحب مالك لنفسك وأنفسه وأجوده ...

🔹نزول الآية :
- عن البراء بن عازبٍ قال: «نزلت في الأنصار، كانت الأنصار إذا كان أيّام جذاذ النّخل، أخرجت من حيطانها أقناء البسر، فعلّقوه على حبلٍ بين الأسطوانتين في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيأكل فقراء المهاجرين منه، فيعمد الرّجل منهم إلى الحشف، فيدخله مع أقناء البسر، يظنّ أنّ ذلك جائزٌ، فأنزل اللّه فيمن فعل ذلك: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون}» رواه ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والحاكم من طريق السدي ونقله ابن عطية وابن كثير ...

🔹القراءات في الآية :
تيمموا : قرأ البزي عن ابن كثير بتشديد التاء في تيمموا بعد لا ( لا تّيمموا )
والقراء على ( تيمموا ) بفتح التاء والميم الأولى ..

- وذكر ابن عطية بعض ما قرئت به مما لا يقرأ به :
- قرأ عبد الله بن مسعود «ولا تؤموا الخبيث» من أممت إذا قصدت، ومنه إمام البناء، والمعنى في القراءتين واحد،
- وقرأ الزهري ومسلم بن جندب «ولا تُيمّموا» بضم التاء وكسر الميم

تغمضوا:
وقرأ جمهور القرا «إلا أن تغمضوا» بضم التاء وسكون الغين وكسر الميم.

- وذكر ابن عطية بعض ما قرئت به مما ليست عليه القراءة :
- وقرأ الزهري بفتح التاء وكسر الميم مخففا، وروي عنه أيضا «تغمّضوا» بضم التاء وفتح الغين وكسر الميم مشددة
وحكى مكي عن الحسن البصري «تغمّضوا» مشددة الميم مفتوحة وبفتح التاء.
وقرأ قتادة بضم التاء وسكون الغين وفتح الميم مخففا قال أبو عمرو: «معناه إلا أن يغمض لكم».

وهذه القراءات تفيد في توضيح المعنى لكن لا يقرأ إلا بما اتفق عليه أئمة القراء ... وليس في الكلمتين خلاف في القراءة إلا بتشديد التاء للبزي في (و لا تيمموا)

🔹تفسير الآية :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
بهذا النداء المحبب صدر الله هذه الآية ... بنداء الإيمان ؛ ليصغي كل من في قلبه إيمان فهو معني بهذه الآية .. وليعلم السامع ثم أن هذه الآية تضمنت لازما من لوازم إيمانه ينبغي أن يعيه ليعمل به إن كانت أمرا أو ينتهي عنه إن كانت نهيا ...
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك ؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه" رواه ابن أبي حاتم

أَنْفِقُوا
هي دعوة للإنفاق مجددا ...
ولأن الإنفاق إما أن يكون واجبا أو ندبا ، اختلف في النفقة المقصودة هنا هل هي واجبة أم مندوبة ، وعليه فهل الأمر هنا على الوجوب أم الندب :
1- فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين: «هي في الزكاة المفروضة». نهى الناس عن إنفاق الرديء فيها بدل الجيد ..أما التطوع فكما للمرء أن يتطوع بقليل فكذلك له أن يتطوع بنازل في القدر .. ذكره ابن عطية
فالأمر على هذا القول للوجوب

2- وقيل بل هي صدقة التطوع . ذكره المفسرون الثلاثة .
وما يشعر به لفظ الآية هو كما ذكر الزجاج و ابن كثير أن المقصود هنا صدقات التطوع
وكذلك فإن سبب النزول الذي رواه البراء بن عازب كان في صدقة تطوع

- لكن بين ابن عطية أن الآية تتناول الوجهين ... فمن كان ينفق نفقة واجبة ويزكي عن ماله فتكون له على سبيل الوجوب أن يخرج طيب ماله ، وإن كان متطوعا في نفقته كان الأمر له ندبا ..
والعبرة بعموم اللفظ ، فالأصل أن يتحرى المسلم جيد ماله في زكاته وفي صدقته .. والله أعلم

▪ثم تأخذ الآية ببيان ماذا تنفق وكيف تختار ما تنفق من مالك ، وهل يصلح كل شيء لتنفقه في سبيل الله أم ينبغي أن تتخير ..
فيأتي الجواب :
أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
هي إذن دعوة للإنفاق من الطيب .. طيب الكسب
والكسب التجارة وما يحصله المرء من عمله ..

واختلف في المراد ب( طيبات ما كسبتم ) فقيل :
1- طيبات ما كسبتم : أي الجيد الحسن المختار من كسبكم
وعلى ذلك فالخبيث في( ولا تيمموا الخبيث منه ) هو الرديء والسيء
ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير

- قال ابن عبّاسٍ: «أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه، ونهاهم عن التّصدّق برذالة المال ودنيه -وهو خبيثه -فإنّ اللّه طيب لا يقبل إلّا طيّبًا ) ذكره ابن كثير

2- وقيل الطيب الحلال ، وعليه فالخبيث هنا الحرام ذكره ابن عطية من قول ابن زيد ، وذكره ابن كثير
قال ابن زيد معناه: «من حلال ما كسبتم»،
قال: وقوله: {ولا تيمّموا الخبيث} أي الحرام. ذكره ابن عطية
وقال ابن كثير وقيل: معناه: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون} أي: لا تعدلوا عن المال الحلال، وتقصدوا إلى الحرام، فتجعلوا نفقتكم منه.

- وبين ابن عطية أن كلام ابن زيد صحيح في نفسه ، أي أن الصدقة لا تكون إلا من حلال ولا يجوز أن تكون من حرام ، ولكن الحلال والحرام هنا ليسا المقصودين في سياق الآية ...
- كما ذكر ابن كثير أن الله لا يقبل حراما فذكر في حديث عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ولا يكسب عبدٌ مالًا من حرامٍ فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلّا كان زاده إلى النّار، إنّ اللّه لا يمحو السّيّئ بالسّيّئ، ولكن يمحو السّيّئ بالحسن، إنّ الخبيث لا يمحو الخبيث». رواه أحمد

3- وقال ابن عطية أنه يحتمل أن تكون الآية حض على الإنفاق فقط ، وإنما الطيب هو صفة الكسب ، أي أنفقوا من كسبكم ( وهو طيب ) أي الكسب ، وهو كما يقال أطعمتك من مشبع الخبز ... فالطيب على هذا الوجه يعم الجودة والحل .
وأيد ذلك بقول عبد الله بن معقل : ليس في مال المؤمن خبيث ... ( والحقيقة أن تتمة هذا القول كما أورده ابن كثير يدل على المعنى الأول وهو أن الطيب هو الجيد والخبيث الرديء )

🔺الترجيح :
والأقرب إلى سياق الآيات وسبب النزول هو القول الأول ، وقد ذكره الزجاج ولم يذكر غيره ، وقال ابن كثير أنه هو الصحيح ، ومال إليه ابن عطية

- عن البراء بن عازب قال : {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} قال: «نزلت فينا، كنّا أصحاب نخلٍ، وكان الرّجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلّته، فيأتي الرّجل بالقنو فيعلّقه في المسجد، وكان أهل الصّفّة ليس لهم طعامٌ، فكان أحدهم إذا جاع جاء فضربه بعصاه، فيسقط منه البسر والتّمر، فيأكل، وكان أناسٌ ممّن لا يرغبون في الخير يأتي بالقنو فيه الحشف والشّيص، ويأتي بالقنو قد انكسر فيعلّقه، فنزلت:{ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} قال: لو أنّ أحدكم أهدي له مثل ما أعطى ما أخذه إلّا على إغماضٍ وحياء، فكنّا بعد ذلك يجيء الرّجل منّا بصالح ما عنده».ذكره ابن كثير فهو يؤيد أن المقصود هو الجيد .. إذ يفترض ألا يكون كسب المؤمن إلا حلالا .

مَا كَسَبْتُمْ :
الكسب هو ما كان للمرء فيه سعي لكسبه كما بين ابن عطية .. وتدخل التجارة دخولا أوليا فيه كما ذكر المفسرون :
- قال الزجاج ( كسبتم ) التجارة ومن ورق وعين وثمار ذكره الزجاج
- وقال ابن عطية : التجارة وما ورثه المرء من كسب غيره .
- وقال مجاهدٌ: كسبتم : «يعني التّجارة بتيسيره إيّاها لهم».
وقال عليٌّ والسّدّيّ: «{من طيّبات ما كسبتم}يعني: الذّهب والفضّة، ومن الثّمار والزّروع الّتي أنبتها لهم من الأرض».ذكره ابن كثير

وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ
- وممّا أخرجنا لكم من الأرض النباتات والمعادن والركاز وما ضارع ذلك ...ذكره ابن عطية
ومن الثّمار والزّروع الّتي أنبتها لهم من الأرض».ذكره ابن كثير
فهي كل ما أخرجته الأرض من خيرات ..من ثمر وزرع ومعدن وركاز

وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ
بعد أن أمرهم بالإنفاق من الأجود والأحسن مما كسبوا بتجاراتهم وما أخرجته لهم الأرض من خيراتها ، نهاهم عن تعمد الإنفاق من الرديء ... ذكر هذا المعنى المفسرون الثلاثة

تيمموا : تعمدوا و تقصدوا ...
يقال تيمم الرجل كذا وكذا إذا قصده،
ومنه قول امرئ القيس:
تيمّمت العين التي عند ضارج .. يفيء عليها الظّلّ عرمضها طام

و قول الأعشى:
تيمّمت قيسا وكم دونه ... من الأرض من مهمه ذي شزن

ومنه التيمم الذي هو البدل من الوضوء عند عدم الماء؛ ذكر ذلك ابن عطية

الخبيث : كما مر فالخلاف فيه تبع للخلاف في معنى الطيب
فعلى اعتبار الطيب جيد الكسب ، فالخبيث رديئه
وعلى اعتبار الطيب الحلال فالخبيث الحرام
وسياق الآية على الأول ، وإن كان المعنى الثاني صحيحا

- الخبيث منه أي من الكسب
قال ابن عطية «فالضمير في منه عائد على ما كسبتم، ويجيء تنفقون كأنه في موضع نصب على الحال )
فالكلام متصل بما قبله ، وكأن تنفقون حال لهم ..

📌 فنهاهم الله عن إنفاق رديء المال وما لا يرضونه لأنفسهم ، فالصدقة تكون من نفيس المال وجيده لأنها تقع في يد الله قبل وقوعها في يد العبد ...
واستدل لهذا المعنى بـ:
- عن أبي أمامة بن سهل بن حنيفٍ، عن أبيه: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن لونين من التّمر: الجعرور ولون الحبيق. وكان النّاس يتيمّمون شرار ثمارهم ثمّ يخرجونها في الصّدقة، فنزلت: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون}».ذكره ابن كثير ..

- عن سليمان بن كثيرٍ، عن الزّهريّ، ولفظه: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذا في الصّدقة».رواه أبو داود وذكره ابن كثير وذكر الزجاج وابن عطية مثله

- عن عائشة قالت: «أتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضبٍّ فلم يأكله ولم ينه عنه. قلت: يا رسول اللّه، نطعمه المساكين؟ قال: «لا تطعموهم ممّا لا تأكلون».
قال ابن كثير : ثمّ رواه عن عفان عن حمّاد بن سلمة، به. فقلت: يا رسول اللّه، ألا أطعمه المساكين؟ قال: «لا تطعموهم ما لا تأكلون». رواه أحمد وذكره ابن كثير

🖋ففي هذا الحديث بين معيارا هاما في ما يتصدق به ... ما لا ترضاه لنفسك لا تتصدق به ، وما لا تأكله لا تطعمه لغيرك ... فكيف ترفض شيئا لرداءته أو كراهة له ثم تنفقه لله !!

- عن عبد اللّه بن معقل في هذه الآية: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون} قال: «كسب المسلم لا يكون خبيثًا، ولكن لا يصّدّق بالحشف، والدّرهم الزّيف، وما لا خير فيه».ذكره ابن كثير

🔺وذكر ابن عطية معنى آخر يحتمل أن يفهم من تركيب الآية ، وهو ما أورده عن الجرجاني فقال : قال الجرجاني في كتاب نظم القرآن: «قال فريق من الناس: إن الكلام تم في قوله: الخبيث .. ثم ابتدأ خبرا آخر في وصف الخبيث فقال: تنفقون منه وأنتم لا تأخذونه إلا إذا أغمضتم أي ساهلتم».
أي أن هذا في مقابل القول الثالث الذي أورده ابن عطية من أن الطيب قد يكون وصفا للكسب لا علاقة له بالأمر بالإنفاق .. فيكون صفة الخبيث هنا أنهم ينفقون منه وهم لا يأخذونه ...
قال ابن عطية : «كأن هذا المعنى عتاب للناس وتقريع، والضمير في منه عائد على الخبيث».
فكأن المعنى ولا تنفقوا الخبيث ...
ثم استأنف ( منه تنفقون ) أي من هذا الخبيث ...

🔺والراجح الاول ؛ فهو المتبادر إلى الذهن عند تلاوة الآية ، وهو ما يدل عليه نزول الآية ثم عمل الصحابة بعدها .

وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ
هو عتاب من الله للمؤمنين ، أن كيف تنفقون من رديء مالكم الذي لو أهدي إليكم أو عرض عليكم شراؤه أو تقاضيتم به في ديونكم لم تقبلوا به ولم تأخذوه إلا بهضم ثمنه أو التساهل والتجاوز في حقكم أو استحياء وإغضاء عما فيه ... فكما لم تطب نفسكم به لأنفسكم فلا ينبغي أن تطيب بها لغيركم
وما لا ترضون أنتم أخذه كيف ترضون إنفاقه في سبيل الله ؟!

- تُغْمضوا من الإغماض ...
والإغماض : الإغضاء والتساهل والتجاوز

وقد بين ابن عطية أن لفظ ( تغمضوا ) قد يكون :
أ- إما من قول العرب أغمض الرجل في أمر كذا إذا تساهل فيه ورضي ببعض حقه وتجاوز»،
فمن ذلك قول الطرماح بن حكيم:
لم يفتنا بالوتر قوم وللضـ ... ـيم أناس يرضون بالإغماض

ب - وإما أن تنتزع من تغميض العين لأن الذي يريد الصبر على مكروه يغمض عنه عينيه
ومنه قول الشاعر:
إلى كم وكم أشياء منكم تريبني... أغمض عنها لست عنها بذي عمى
وهذا كالإغضاء عند المكروه،
قال ابن عطية : وقد ذكر النقاش هذا المعنى في هذه الآية وأشار إليه مكي،

ج- وإما من قول العرب أغمض الرجل إذا أتى غامضا من الأمر كما تقول: أعمن إذا أتى عمان، وأعرق إذا أتى العراق، وأنجد، وأغور، إذا أتى نجدا والغور الذي هو تهامة،
ومنه قول الجارية: وإن دسر أغمض

▪ثم بين أن القراءة ( تغمضوا ) بضم التاء وسكون الغين وكسر الميم وهي قراءة الجمهور هي على معنى التجاوز وتغميض العين عن المكروه ... وهو المعنى الأول والثاني ..
وقرءة قتادة ( تُغْمَضوا) على ما لم يسم فاعله فقال ابن جني: «معناها توجدوا قد غمضتم في الأمر بتأولكم أو بتساهلكم وجريتم على غير السابق إلى النفوس، وهذا كما تقول: أحمدت الرجل وجدته محمودا إلى غير ذلك من الأمثلة» ذكره ابن عطية

- {ولستم بآخذيه إلّا أن تغمضوا فيه}
1- على اعتبار أن الطيب جيد الكسب والخبيث رديئه فالمعنى كما بين المفسرون الثلاثة أنكم لستم تأخذون هذا الرديء في ديونكم وحقوقكم وهداياكم إلا على إغضاء وتجاوز وشعور بانتقاص من حقكم ... وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس والبراء بن عازب والضحاك وغيرهم :
- عن البراء {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: «لو كان لرجلٍ على رجلٍ، فأعطاه ذلك لم يأخذه؛ إلّا أن يرى أنّه قد نقصه من حقّه» رواه ابن جريرٍ وذكره ابن كثير
- وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: «لو كان لكم على أحدٍ حقٌّ، فجاءكم بحقٍّ دون حقّكم لم تأخذوه بحساب الجيّد حتّى تنقصوه، قال: فذلك قوله:{إلا أن تغمضوا فيه}فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم، وحقّي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه!!» رواه ابن أبي حاتمٍ
وذكره ابن كثير .. وذكر ابن عطية ما يشبهه

- وقال الحسن بن أبي الحسن معنى الآية: «لستم بآخذيه لو وجدتموه في السوق يباع، إلا أن يهضم لكم من ثمنه»، وروي نحوه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ذكرهابن عطية
ثم قال أن هذا المعنى يناسب كون الآية في الزكاة الواجبة

- وقال البراء بن عازب أيضا: «معناه ولستم بآخذيه لو أهدي إليكم إلّا أن تغمضوا أي تستحيي من المهدوي أن تقبل منه ما لا حاجة لك فيه، ولا قدر له في نفسه».
ذكره ابن عطية وقال أنه يناسب كون الآية في صدقة التطوع

2- وعلى قول ابن زيد أن الطيب الحلال والخبيث الحرام قال ابن زيد معنى الآية: «ولستم بآخذي الحرام إلا أن تغمضوا في مكروهه» أي تتساهلوا في المكروه فتقعون في الحرام ؛ ذكره ابن عطية

والأول كما مر هو سياق الآيات ، وإن كان الثاني صحيحا في نفسه ..

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
ثم بين لهم سبحانه أنه ما طلب منهم الصدقات والإنفاق إلا لأجلهم هم ... كما قال في موضع آخر ( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم )
فالله غني عن عباده مستغن عنهم وعن أموالهم ، وإنما أمرهم بالإنفاق امتحانا واختبارا لهم ... وليعود صاحب المال بماله على من لا مال له ، فلا يطغى الغنى ولا يقتل الفقر ...
فالله غني عن عباده وكل الخلق مفتقر إليه سبحانه ...
فاعلموا أيها المؤمنون أن جودة نفقتكم تعود لكم أنتم بالنفع والأجر والبركة والنماء .. وسيضاعف الله للمنفق في سبيله أضعافا كثيرة ...
والله حميد محمود بذاته محمود في صفاته وأفعاله وقدره وشرعه سبحانه

وكما روي في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاًً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً)
متفق عليه.

وقال تعالى ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
اللهم اجعلنا من المفلحين الذين وقوا شح أنفسهم ، وهب لنا من اليقين ما يجعلنا ممن يعطون عطاء من لا يخشى الفقر ...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 09:55 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم التاسع عشر من تفسير سورة البقرة
عقيلة زيان: أ+
أحسنتِ جدًا، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
الملحوظات:
1: القول الآخر الذي اخترتيه في سبب سؤال إبراهيم عليه السلام مبني على أخبار سبق وحكمتِ عليها بأنها من الإسرائيليات ولا يوجد بين أيدينا ما يكذبها أو يصدقها فهي متوقف فيها، ومن ذلك ما روي عن قتادة والضحاك.
2: القول السادس: يُذكر أصل كلام ابن عطية الذي يشير إليه !
3: لم تعلقي على رد ابن عطية بأن اليقين لا يتبعض، وعلى القول بأن الإيمان لا يحتاج إلى تنقير وبحث !
والأقوال التي لها علاقة بالعقيدة يحسن الرجوع فيها لكتب أهل السنة، أو إذا ذكرنا قولا مخالفًا فللرد عليه وبيان مخالفته.
4: أثني على نسبتكِ الأقوال لمن قالها من السلف، ولكن احرصي على ذكر الأسانيد من مخرجها ليتسنى للقارئ معرفة الأسانيد.
وأهم ما تركتِ تخريجه بل وذكر حكمه من حيث الصحة والضعف حديث: " نحنُ أحق بالشك من إبراهيم ..." !
5: أحسبُ أنكِ لو بدأتِ بتفسير الآية ثم عرجت على بيان سبب السؤال ومن ثم تفصيل مسألة الشك، وبيان معنى " ولكن ليطمئن قلبي " لكان الترتيب أفضل والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 11:34 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة القسم التاسع عشر من تفسير سورة البقرة

هناء محمد علي: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
فيما عدا فقدان الترابط بين بعض المسائل، وتكرار لأخرى، فقد أحسنتِ جدًا في كتابة الرسالة بأسلوب التقرير العلمي - في حدود ما توفر من معلومات في التفاسير الثلاثة المقرر- مع إضافة معنى وعظي في أثناء الرسالة.

ملحوظة عامة:
المقرر في واجبات تفسير سورة البقرة التفاسير الثلاثة ( الزجاج، ابن عطية، ابن كثير )، وفي مقررات قادمة بإذن الله سيكون عليكم التوسع بتطبيق المهارات المتقدمة في التفسير على واجبات التفسير.
لكن بعض الآيات، مثل رسالة الأخت عقيلة زيان، التفاسير الثلاثة لم تستوعب مسائلها، لذا وجب التوسع لإجادة كتابة الرسالة وتخريج الآثار...، وأنا أثني كثيرًا على مجهود الأخت في كتابتها للرسالة وتوسعها في المصادر حتى تخرج بهذه الصورة الجيدة.
فأرجو متى ما تيسر الأمر، محاولة تطبيق ما تعلمتم في مهارات التفسير المتقدمة على واجبات التفسير.
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 ربيع الثاني 1440هـ/6-01-2019م, 09:54 AM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي

قوله تعالى: { {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

المعنى العام للآية
الخطاب في هذه الآية هو لجميع أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , تحضهم الآية على الإنفاق من جيد وأفضل وأجود ما كسبوا لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً , وترغبهم الآية بالإنفاق من الجيد والأجود عن طريق تذكيرهم بأنهم لا يريدون أن يأخذوا شيئاً إلا أفضل ما يكون وإن أخذوا أقل من الجيد لا يأخذوه إلا بأن يغمضوا ويتغافلوا عن الذي لم يعجبهم , والذي يريد أن يتاجر مع الله فعليه بالمال الرابح لأنه يطلب جنة عرضها السموات والأرض , وفوق كل ذلك ربنا سبحانه يعلمنا في ختام الآية أنه غني حميد وهذه الصدقة إنما هي لأنفسنا ( وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) .


معاني المفردات
- {أنفقوا}: تصدقوا
- الغني : يقال قد غني زيد يغنى غنى - مقصور - إذا استغنى، وقد وقد غني القوم إذا نزلوا في مكان يقيهم، والمكان الذي ينزلون فيه مغنى، وقد غنّى فلان غناء إذا بالغ في التطريب في الإنشاد حتى يستغنى الشعر أن يزاد في نغمته، وقد غنيت المرأة غنيانا.
قال قيس بن الخطيم:
أجدّ بعمرة غنيانها... فتهجر أم شأننا شأنها
غنيانها: غناها.
والغواني: النساء، قيل إنهن سمين غواني لأنهن غنين بجمالهن. وقيل بأزواجهن)

- طيبات
1- جمهور المتأولين قالوا معنى من طيّبات من جيد ومختار ما كسبتم،
2- قال ابن زيد معناه: «من حلال ما كسبتم»،

- الخبيث
1- جمهور المتأولين جعلوا الخبيث بمعنى الرديء والرذالة
2- قال ابن زيد : {ولا تيمّموا الخبيث} أي الحرام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وقول ابن زيد ليس بالقوي من جهة نسق الآية لا من معناه في نفسه»،
3- قال القاضي أبو محمد : وقوله: {من طيّبات ما كسبتم} يحتمل أن لا يقصد به لا الجيد ولا الحلال، لكن يكون المعنى كأنه قال: أنفقوا مما كسبتم، فهو حض على الإنفاق فقط. ثم دخل ذكر الطيب تبيينا لصفة حسنة في المكسوب عاما وتعديدا للنعمة كما تقول: أطعمت فلانا من مشبع الخبز وسقيته من مروي الماء، والطيب على هذا الوجه يعم الجودة والحل، ويؤيد هذا الاحتمال أن عبد الله بن مغفل قال: ليس في مال المؤمن خبيث،

- كسبتم معناه كانت لكم فيه سعاية، إما بتعب بدن أو مقاولة في تجارة، والموروث داخل في هذا لأن غير الوارث قد كسبه، إذ الضمير في كسبتم إنما هو لنوع الإنسان أو المؤمنين،

- وممّا أخرجنا لكم من الأرض النباتات والمعادن والركاز وما ضارع ذلك،

- تيمّموا معناه
1- تعمدوا وتقصدوا، يقال تيمم الرجل كذا وكذا إذا قصده، ومنه قول امرئ القيس:
تيمّمت العين التي عند ضارج ....... يفيء عليها الظّلّ عرمضها طام
ومنه قول الأعشى:
تيمّمت قيسا وكم دونه ....... من الأرض من مهمه ذي شزن
ومنه التيمم الذي هو البدل من الوضوء عند عدم الماء،
2- لا تعدلوا عن المال الحلال، وتقصدوا إلى الحرام، فتجعلوا نفقتكم منه.

- حميدٌ معناه محمود في كل حال

مسائل الآية
أولاً : هل المراد بالإنفاق هنا الزكاة أم الصدقة ؟
اختلف المفسرون هنا عن المراد بالإنفاق الزكاة أم صدقة التطوع على أقوال :

القول الأول : هي زكاة الفرض وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين (نهى الناس عن إنفاق الرديء فيها بدل الجيد ) فالأمر على هذا القول للوجوب
وأجابوا عن كونها المواد منها الصدقة فقالوا : وأما التطوع فكما للمرء أن يتطوع بقليل فكذلك له أن يتطوع بنازل في القدر، ودرهم زائف خير من تمرة .
القول الثاني : أن المراد من الإنفاق هنا صدقة التطوع وهو قول ابن عباس و البراء بن عازب والحسن بن أبي الحسن وقتادة , والأمر على هذا القول على الندب، وكذلك ندبوا إلى أن لا يتطوعوا إلا بجيد مختار
القول الثالث : وهو الراجح أن الآية تعم الوجهين : لكن صاحب الزكاة يتلقاها على الوجوب وصاحب التطوع يتلقاها على الندب

مسألة : معنى ( ولستم بآخذيه )
واختلف المتأولون في معنى قوله تعالى: {ولستم بآخذيه إلّا أن تغمضوا فيه}

القول الأول : قال البراء بن عازب وابن عباس والضحاك وغيرهم: «معناه ولستم بآخذيه في ديونكم وحقوقكم عند الناس إلا بأن تساهلوا في ذلك، وتتركون من حقوقكم وتكرهونه ولا ترضونه، أي فلا تفعلوا مع الله ما لا ترضونه لأنفسكم»
القول الثاني : قال الحسن بن أبي الحسن معنى الآية: «لستم بآخذيه لو وجدتموه في السوق يباع، إلا أن يهضم لكم من ثمنه»، وروي نحوه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ونقل ابن عطية عن القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذان القولان يشبهان كون الآية في الزكاة الواجبة»
القول الثالث : قال البراء بن عازب أيضا: «معناه ولستم بآخذيه لو أهدي إليكم إلّا أن تغمضوا أي تستحيي من المهدوي أن تقبل منه ما لا حاجة لك فيه، ولا قدر له في نفسه».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذا يشبه كون الآية في التطوع»
القول الرابع : قال ابن زيد معنى الآية: «ولستم بآخذي الحرام إلا أن تغمضوا في مكروهه»
القول الخامس : قاله ابن عباس : {الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه} أي: لو أعطيتموه ما أخذتموه، إلّا أن تتغاضوا فيه، فاللّه أغنى عنه منكم، فلا تجعلوا للّه ما تكرهون».

مسألة : فائدة ختم الآية بصفتي الحمد والغنى
فائدة ختم الآية بصفتي الغنى و الحمد
ثم نبه تعالى على صفة الغنى أي لا حاجة به إلى صدقاتكم، فمن تقرب وطلب مثوبة فليفعل ذلك بما له قدر .
قوله: {واعلموا أنّ اللّه غنيٌّ حميدٌ} أي: وإن أمركم بالصّدقات وبالطّيّب منها فهو غنيٌّ عنها، وما ذاك إلّا ليساوي الغنيّ الفقير، كقوله: {لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التّقوى منكم}[الحجّ: 37] وهو غنيٌّ عن جميع خلقه، وهو واسع الفضل لا ينفد ما لديه، وهو الحميد، أي: المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، لا إله إلّا هو، ولا ربّ سواه).

مسألة ما المراد بالطيبات
من طيّبات ما رزقهم من الأموال الّتي اكتسبوها.
- قال مجاهدٌ: «يعني التّجارة بتيسيره إيّاها لهم».
- وقال عليٌّ والسّدّيّ: «{من طيّبات ما كسبتم}يعني: الذّهب والفضّة، ومن الثّمار والزّروع الّتي أنبتها لهم من الأرض».

مسألة لغوية
تغمضوا
- إما من قول العرب أغمض الرجل في أمر كذا إذا تساهل فيه ورضي ببعض حقه وتجاوز»، فمن ذلك قول الطرماح بن حكيم:
لم يفتنا بالوتر قوم وللضـ ....... ـيم أناس يرضون بالإغماض
- وإما من تغميض العين لأن الذي يريد الصبر على مكروه يغمض عنه عينيه ومنه قول الشاعر:
إلى كم وكم أشياء منكم تريبني ....... أغمض عنها لست عنها بذي عمى
وهذا كالإغضاء عند المكروه، وقد ذكر النقاش هذا المعنى في هذه الآية وأشار إليه مكي،
- وإما من أغمض الرجل إذا أتى غامضا من الأمر كما تقول: أعمن إذا أتى عمان، وأعرق إذا أتى العراق، وأنجد، وأغور، إذا أتى نجدا والغور الذي هو تهامة، ومنه قول الجارية: وإن دسر أغمض

القراءات
ولا تيمموا
- وهكذا قرأ جمهور الناس وروى البزي عن ابن كثير تشديد التاء في أحد وثلاثين موضعا أولها هذا الحرف،
- وحكى الطبري أن في قراءة عبد الله بن مسعود «ولا تؤموا الخبيث» من أممت إذا قصدت، ومنه إمام البناء، والمعنى في القراءتين واحد،
- وقرأ الزهري ومسلم بن جندب «ولا تيمّموا» بضم التاء وكسر الميم، وهذا على لغة من قال: يممت الشيء بمعنى قصدته، وفي اللفظ لغات، منها أممت الشيء خفيفة الميم الأولى وأممته بشدها ويممته وتيممته،
- وحكى أبو عمرو أن ابن مسعود قرأ «ولا تؤمموا» بهمزة بعد التاء، وهذه على لغة من قال أممت مثقلة الميم، وقد مضى القول في معنى الخبيث

( إلا أن تغمضوا فيه )
- وقرأ جمهور الناس «إلا أن تغمضوا» بضم التاء وسكون الغين وكسر الميم , فقراءة الجمهور تخرج على التجاوز وعلى تغميض العين لأن أغمض بمنزلة غمض وعلى أنها بمعنى حتى تأتوا غامضا من التأويل والنظر في أخذ ذلك إما لكونه حراما على قول ابن زيد، وإما لكونه مهديا أو مأخوذا في دين على قول غيره
- وقرأ الزهري بفتح التاء وكسر الميم مخففا، ، وأما قراءة الزهري الأولى فمعناها تهضموا سومها من البائع منكم فيحطكم، قال أبو عمرو:«معنى قراءتي الزهري حتى تأخذوا بنقصان».
- وروي عنه أيضا «تغمّضوا» بضم التاء وفتح الغين وكسر الميم مشددة، قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وأما قراءته الثانية فهذا مذهب أبي عمرو الداني فيها». ويحتمل أن تكون من تغميض العين.
- وحكى مكي عن الحسن البصري «تغمّضوا» مشددة الميم مفتوحة وبفتح التاء.
- وقرأ قتادة بضم التاء وسكون الغين وفتح الميم مخففا قال أبو عمرو: «معناه إلا أن يغمض لكم» , وقال ابن جني: «معناها توجدوا قد غمضتم في الأمر بتأولكم أو بتساهلكم وجريتم على غير السابق إلى النفوس، وهذا كما تقول: أحمدت الرجل وجدته محمودا إلى غير ذلك من الأمثلة»

مسألة في الوقف والابتداء
- وقال الجرجاني في كتاب نظم القرآن: «قال فريق من الناس: إن الكلام تم في قوله: الخبيث ثم ابتدأ خبرا آخر في وصف الخبيث فقال: تنفقون منه وأنتم لا تأخذونه إلا إذا أغمضتم أي ساهلتم».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «كأن هذا المعنى عتاب للناس وتقريع، والضمير في منه عائد على الخبيث».
- قال الجرجاني وقال فريق آخر: «بل الكلام متصل إلى قوله فيه».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «فالضمير في منه عائد على ما كسبتم، ويجيء تنفقون كأنه في موضع نصب على الحال، وهو كقوله: أنا أخرج أجاهد في سبيل الله»،

الآثار الواردة في الآية
سبب النزول
أولاً : وهو الصحيح من الأقوال : بما معنى أن الخبيث هو الرديء والمفضول من الصدقة , والطيب هو الجيد والأفضل من الصدقة
- وروى البراء بن عازب، وعطاء بن أبي رباح ما معناه: «أن الأنصار كانوا أيام الجداد يعلقون أقناء التمر في حبل بين أسطوانتين في المسجد فيأكل من ذلك فقراء المهاجرين فعلق رجل حشفا فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بئسما علق هذا»، فنزلت الآية».
- قال ابن جريرٍ: حدّثني الحسين بن عمرٍو العنقزيّ، حدّثني أبي، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن عديّ بن ثابتٍ، عن البراء بن عازبٍ في قول اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما كسبتم وممّا أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون} الآية. قال: «نزلت في الأنصار، كانت الأنصار إذا كان أيّام جذاذ النّخل، أخرجت من حيطانها أقناء البسر، فعلّقوه على حبلٍ بين الأسطوانتين في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيأكل فقراء المهاجرين منه، فيعمد الرّجل منهم إلى الحشف، فيدخله مع أقناء البسر، يظنّ أنّ ذلك جائزٌ، فأنزل اللّه فيمن فعل ذلك: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون}».ثمّ رواه ابن جريرٍ، وابن ماجه، وابن مردويه، والحاكم في مستدركه، من طريق السدي، عن عديّ بن ثابتٍ، عن البراء، بنحوه. وقال الحاكم: «صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه».
- ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر السعاة إلا يخرص الجعرور ومعى الفارة وذلك أنها من رديء النخل، فأمر ألا تخرص عليهم لئلا يعتلوا به في الصدقة.
- وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن البراء: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} قال: «نزلت فينا، كنّا أصحاب نخلٍ، وكان الرّجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلّته، فيأتي الرّجل بالقنو فيعلّقه في المسجد، وكان أهل الصّفّة ليس لهم طعامٌ، فكان أحدهم إذا جاع جاء فضربه بعصاه، فيسقط منه البسر والتّمر، فيأكل، وكان أناسٌ ممّن لا يرغبون في الخير يأتي بالقنو فيه الحشف والشّيص، ويأتي بالقنو قد انكسر فيعلّقه، فنزلت:{ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} قال: لو أنّ أحدكم أهدي له مثل ما أعطى ما أخذه إلّا على إغماضٍ وحياء، فكنّا بعد ذلك يجيء الرّجل منّا بصالح ما عنده».
وكذا رواه التّرمذيّ، عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الدّارميّ، عن عبيد اللّه -هو ابن موسى العبسيّ -عن إسرائيل، عن السّدّيّ -وهو إسماعيل بن عبد الرّحمن -عن أبي مالكٍ الغفاريّ -واسمه غزوان -عن البراء، فذكر نحوه.
ثمّ قال: وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
- وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا سليمان بن كثيرٍ، عن الزّهريّ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيفٍ، عن أبيه: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن لونين من التّمر: الجعرور ولون الحبيق. وكان النّاس يتيمّمون شرار ثمارهم ثمّ يخرجونها في الصّدقة، فنزلت: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون}».
- ورواه أبو داود من حديث سفيان بن حسينٍ، عن الزّهريّ به. ثمّ قال: أسنده أبو الوليد، عن سليمان بن كثيرٍ، عن الزّهريّ، ولفظه: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذا في الصّدقة».
- وقد روى النّسائيّ هذا الحديث من طريق عبد الجليل بن حميد اليحصبي، عن الزّهريّ، عن أبي أمامة. ولم يقل: عن أبيه، فذكر نحوه. وكذا رواه ابن وهبٍ، عن عبد الجليل.
- وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا يحيى بن المغيرة، حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن عبد اللّه بن معقل في هذه الآية: {ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون} قال: «كسب المسلم لا يكون خبيثًا، ولكن لا يصّدّق بالحشف، والدّرهم الزّيف، وما لا خير فيه».
- وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو سعيدٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن حمّادٍ -هو ابن أبي سليمان -عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: «أتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضبٍّ فلم يأكله ولم ينه عنه. قلت: يا رسول اللّه، نطعمه المساكين؟ قال: «لا تطعموهم ممّا لا تأكلون».
- ثمّ رواه عن عفّان عن حمّاد بن سلمة، به. فقلت: يا رسول اللّه، ألّا أطعمه المساكين؟ قال: «لا تطعموهم ما لا تأكلون».
- وقال الثّوريّ: عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن البراء {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: «لو كان لرجلٍ على رجلٍ، فأعطاه ذلك لم يأخذه؛ إلّا أن يرى أنّه قد نقصه من حقّه» رواه ابن جريرٍ.
- وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: «لو كان لكم على أحدٍ حقٌّ، فجاءكم بحقٍّ دون حقّكم لم تأخذوه بحساب الجيّد حتّى تنقصوه، قال: فذلك قوله:{إلا أن تغمضوا فيه}فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم، وحقّي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه!!» رواه ابن أبي حاتمٍ، وابن جريرٍ، وزاد: وهو قوله: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون}[آل عمران:92]. ثمّ روى من طريق العوفيّ وغيره، عن ابن عبّاسٍ نحو ذلك، وكذا ذكر غير واحدٍ.

ثانياً : وهو المرجوح من الأقوال بأن الطيب هو الحلال وأن الخبيث هو الحرام
- روى الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، حدّثنا أبان بن إسحاق، عن الصّبّاح بن محمّدٍ، عن مرّة الهمداني، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «إن اللّه قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإنّ اللّه يعطي الدّنيا من يحبّ ومن لا يحبّ، ولا يعطي الدّين إلّا لمن أحبّ، فمن أعطاه اللّه الدّين فقد أحبّه، والّذي نفسي بيده، لا يسلم عبدٌّ حتّى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتّى يأمن جاره بوائقه». قالوا: وما بوائقه يا نبيّ اللّه؟. قال: «غشمه وظلمه، ولا يكسب عبدٌ مالًا من حرامٍ فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلّا كان زاده إلى النّار، إنّ اللّه لا يمحو السّيّئ بالسّيّئ، ولكن يمحو السّيّئ بالحسن، إنّ الخبيث لا يمحو الخبيث».

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 ذو القعدة 1440هـ/30-07-2019م, 04:23 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم..

ماهر القسي د
بارك الله فيك ونفع بك.
وقد بذلت جهدا في فهم أقوال المفسّرين وجمعها واستخلاص المسائل، لكننا لم نتعوّد في كتابة الرسالة بأسلوب التقرير العلمي على هذه الطريقة في الكتابة، أعني البدء بالمعنى الإجمالي ثم معاني المفردات ثم بعض المسائل المتفرّقة ثم القراءات ثم سرد أسباب النزول.
ولابد من استيفاء جميع مسائل الآية وتناولها مرتّبة كما جاءت في الآية ونلحق مسائل القراءات والوقف والابتداء وأسباب النزول بمواضعها من التفسير، لا أن نفصلها عنه، كما علينا أن نحسن الربط بين مسائل الآية، فأرجو مراعاة الطريقة التي تعلّمناها في الكتابة حتى لا يؤثّر ذلك على التقويم، فإن هذه الرسالة حقّها الإعادة رغم أن مادّتها العلمية جيّدة بنسبة كبيرة.
وأوصيك بالاستفادة من رسالة الأستاذة هناء، مع مراعاة ملاحظات التقويم بالنسبة لها، وفقك الله ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السادس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir