دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الظهار

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:14 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي بيان كفارة الظهار، ومسائل في عتق الرقبة

فصلٌ
كَفَّارَتُه عِتْقُ رَقبةٍ فإن لم يَجِدْ صامَ شَهرينِ مُتَتَابِعَيْنِ فإن لم يَسْتَطِعْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، ولا تَلْزَمُ الرَّقَبَةُ إلا لِمَنْ مَلَكَها أو أَمْكَنَه ذلك بثَمَنِ مِثْلِها فاضلاً عن كِفايتِه دَائمًا وكفايةِ مَن يَمُونُه وعَمَّا يَحتاجُه من مَسكنٍ وخَادمٍ ومَركوبٍ وعَرْضِ بِذْلةٍ وثِيابٍ تُجْعَلُ, ومالٍ يَقُومُ كَسْبُه بِمُؤْنَتِه وكُتُبِ عِلْمٍ ووفاءِ دَيْنٍ، ولا يَجْزِي في الكَفَّاراتِ كلِّها إلا رَقَبَةٌ مُؤمِنَةٌ سَليمةٌ من عَيبٍ يَضُرُّ بالعملِ ضَرَرًا بَيِّنًا كالْعَمَى والشلَلِ ليَدٍ أو رِجْلٍ أو أَقْطَعِهما أو أَقطعِ الإصْبَعِ الوُسْطَى أو السَّبَّابَةِ أو الإبهامِ أو الأَنْمُلَةِ من الإبهامِ أو أَقْطَعِ الْخِنصَرِ والبِنْصَرِ من يدٍ واحدةٍ، ولا يَجْزِي مَريضٌ مَأْيُوسٌ منه ونحوُه ولا أمُّ وَلَدٍ، ويَجْزِي الْمُدَبِّرُ ووَلَدُ الزِّنَا والأحمَقُ والْمَرهونُ والجاني والأَمَةُ الحاملُ ولو اسْتَثْنَى حَمْلَها.


  #2  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 06:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 06:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ
(وكَفَّارَتُه)؛ أي: كَفَّارَةُ الظِّهَارِ على الترتيبِ، (عِتْقُ رَقَبَةٍ، فإنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً)؛ لقولِهِ تعالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الآيةَ. والمُعْتَبَرُ في الكَفَّارَاتِ وَقْتُ وُجُوبٍ، فلو أَعْسَرَ مُعْسِرٌ قبلَ تكفيرٍ، لم يُجْزِئْهُ صَوْمٌ، ولو أَيْسَرَ مُعْسِرٌ لم يَلْزَمْهُ عِتْقٌ ويُجْزِئْهُ، (ولا تَلْزَمُ الرَّقَبَةُ) في الكَفَّارَةِ (إلاَّ لِمَن مَلَكَهَا أو أَمْكَنَه ذلكَ)؛ أي: مَلَكَها (بِثَمَنِ مِثْلِها) أو معَ زِيادةٍ لا تُجْحِفُ بمالِهِ، ولو نَسِيئَةً، وله مالٌ غائبٌ أو مُؤَجَّلٌ، لا بِهِبَةٍ، ويُشْتَرَطُ لِلُزُومِ شِراءِ الرَّقَبةِ أنْ يَكُونَ ثَمَنُها (فَضْلاً عن كِفَايَتِهِ دائماً، و) عن (كِفَايَةِ مَن يَمُونُهُ) مِن زوجةٍ ورَقيقٍ وقريبٍ، (و) فَاضِلاً (عَمَّا يَحْتَاجُهُ) هو، ومَن يَمُونُهُ (مِن مَسْكَنٍ وخادِمٍ) صالِحَيْنِ لِمِثْلِهِ إِذَا كانَ مِثْلُه يُخْدَمُ، (ومركوبٍ وعَرْضِ بِذْلَةٍ) يَحتاجُ إلى استعمالِهِ، (وثِيابِ تَجَمُّلٍ و) فاضلٍ عن (مالٍ يَقومُ كَسْبُهُ بِمُؤْنَتِهِ) ومُؤْنَةِ عِيَالِهِ، (وكُتُبِ عِلْمٍ) يَحتاجُ إليها، (ووَفَاءِ دَيْنٍ)؛ لأنَّ ما اسْتَغْرَقَتْهُ حاجةُ الإنسانِ فهو كالمعدومِ، (ولا يُجْزِئُ في الكَفَّارَاتِ كلِّها)؛ ككَفَّارَةِ الظِّهَارِ والقتلِ والوَطْءِ في نَهَارِ رَمَضَانَ واليمينِ باللهِ سُبْحَانَهُ، (إلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ)؛ لقولِهِ تعالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}. وأُلْحِقَ بذلكَ سائرُ الكفَّاراتِ، (سَلِيمةٌ من عيبٍ يَضُرُّ بالعملِ ضَرَراً بَيِّناً)؛ لأنَّ المقصودَ تَمْلِيكُ الرقيقِ مَنَافِعَه وتَمْكِينُه من التصرُّفِ لنفسِه، ولا يَحْصُلُ هذا معَ ما يَضُرُّ بالعملِ ضَرَراً بَيِّناً؛ (كالعَمَى والشَّلَلِ لِيَدٍ أو رِجْلٍ أو قَطْعِها)؛ أي: اليدِ أو الرِّجْلِ، (أو أَقْطَعِ الأُصْبَعِ الوُسْطَى أو السَّبَّابَةِ أو الإبهامِ أو الأَنْمُلَةِ مِن الإبهامِ) أو أَنْمُلَتَيْنِ من وُسْطَى أو سَبَّابَةٍ، (أو أَقْطَعِ الخِنْصَرِ والبِنْصَرِ) معاً (مِن يَدٍ واحدةٍ)؛ لأنَّ نَفْعَ اليدِ يَزُولُ بذلكَ، وكذا أَخْرَسُ لا تُفْهَمُ إِشَارَتُهُ، (ولا يُجْزِئُ مَرِيضٌ مَيْؤُوسٌ مِنه ونَحْوُه)؛ كزَمِنٍ ومُقْعَدٍ؛ لأنَّهما لا يُمْكِنُهُما العَمَلُ في أكثرِ الصَّنائِعِ، وكذا مَغْصوبٌ، (ولا) تُجْزِئُ (أُمُّ وَلَدٍ)؛ لأَنَّ عِتْقَهَا مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ، (ويُجْزِئُ المُدَبَّرُ)، والمكاتَبُ إذا لم يُؤَدِّ شيئاً، (ووَلَدُ الزِّنَا والأَحْمَقُ والمرهونُ والجانِي) والصغيرُ والأعرَجُ يَسِيراً (والأَمَةُ الحامِلُ، ولو اسْتَثْنَى حَمْلَها)؛ لأنَّ ما في هؤلاءِ من النقصِ لا يَضُرُّ بالعملِ.


  #4  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 06:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل([1])
(وكفارته) أي كفارة الظهار على الترتيب([2]) (عتق رقبة([3]) فإن لم يجد صام شهرين متتابعين([4]) فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا)([5]) لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا([6]).فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الآية([7]) والمعتبر في الكفارات وقت وجوب([8])فلو أعسر موسر قبل تكفير لم يجزئه صوم([9]) ولو أيسر معسر لم يلزمه عتق([10]) ويجزئه([11]) (ولا تلزم الرقبة) في الكفارة (إلا لمن ملكها أو أمكنه ذلك) أي ملكها([12]) (بثمن مثلها) أو مع زيادة لا تجحف بماله([13]).
ولو نسيئة وله مال غائب أو مؤجل([14]) لا بهبة([15]) ويشترط للزوم شراء الرقبة، أن يكون ثمنها (فاضلا عن كفايته دائما([16]) و) عن (كفاية من يمونه) من زوجة ورقيق وقريب([17]) (و) فاضلا (عما يحتاجه) هو ومن يمونه (من مسكن وخادم) صالحين لمثله([18]) إذا كان مثله يخدم([19]) (ومركوب وعرض بذلة) يحتاج إلى استعماله (وثياب تجمل([20]) .
و) فاضلا عن (مال يقوم كسبه بمؤونته) ومؤونة عياله([21]) (وكتب علم) يحتاج إليها (ووفاء دين)([22]) لأن ما استغرقته حاجة الإنسان، فهو كالمعدوم([23]) (ولا يجزئ في الكفارات كلها) ككفارة الظهار، والقتل، والوطء في نهار رمضان، واليمين بالله تعالى (إلا رقبة مؤمنة)([24]).
لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}([25]) وألحق بذلك سائر الكفارات([26]) (سليمة من عيب يضر بالعمل ضررا بينا)([27]) لأن المقصود تمليك الرقيق منافعه، وتمكينه من التصرف لنفسه، ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل ضررا بينا (كالعمى([28]) والشلل ليد، أو رجل، أو اقطعهما) أو اليد والرجل([29]) (أو اقطع الأصبع الوسطى، أو السبابة، أو الإبهام([30]) أو الأنملة من الإبهام) أوأنملتين من وسطى، أو سبابة([31]).
(أو اقطع الخنصر والبنصر) معا (من يد واحدة) لأن نفع اليد يزول بذلك([32]) وكذا أخرس لا تفهم إشارته([33]) (ولا يجزئ مريض ميئوس منه([34]) ونحوه) كزمن ومقعد، لأنهما لا يمكنهما العمل في أكثر الصنائع([35]) وكذا مغصوب([36]) (ولا) تجزئ (أم ولد)([37]) لأن عتقها مستحق بسبب آخر([38]).
(ويجزئ المدبر)([39]) والمكاتب إذا لم يؤد شيئا([40]) (وولد الزنا والأحمق([41]) والمرهون والجاني)([42]) والصغير والأعرج يسيرا([43]) (والأمة الحامل ولو استثنى حملها)([44]) لأن ما في هؤلاء من النقص لا يضر بالعمل([45]).


([1]) في بيان أحكام كفارة الظهار، وغيرها مما هو في معناها، والكفارة الستر؛ من قولهم كفرت الشيء إذا غطيته وسترته، فكأنها تكفر الذنوب، أي تسترها، وكذا الغفر أيضا، معناه: الستر.
([2]) بلاخلاف، حكاه الموفق وغيره، إذا كان المظاهر حرا، وكذا كفارة وطء نهار رمضان، في ظاهر المذهب.
([3]) مؤمنة تجب على من ملكها، وأمكنه ذلك.
([4]) أي فإن لم يجد رقبة يعتقها، على ما سيأتي صام شهرين متتابعين.
([5]) أي فإن لم يستطع الصيام، لمرض أو سفر أو فرط شهوة، أطعم ستين مسكينا، فتجب الكفارة على هذا الترتيب، بلا نزاع، وإن عجز سقطت.
([6]) أي: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} بأن يقول أحدهم لامرأته: أنت علي كظهر أمي، وما أشبه ذلك، {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} قال أحمد ومالك وغيرهما من السلف: هو أن يعود المظاهر إلى الجماع، فيحرم قبل أن يكفر، ولا تحل له حتى يكفر بما ذكر الله في هذه الآية، وقاله غيره واحد من أهل التفسير، هو أن يعود إلى الجماع، الذي قد حرمه على نفسه، فإن وطئ فيه كفر لظهاره إجماعا.
([7]) وتمامها: {من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فقدم تعالى تحرير الرقبة، وثنى بصيام شهرين متتابعين على من لم يجد الرقبة، وثلث بإطعام ستين مسكينا، على من لم يستطع الصيام، فدلت الآية الكريمة، على ترتيب الكفارات ولا نزاع في ذلك.
([8]) وهو في المظاهرة، من وقت العود لا وقت المظاهرة، وفي وطء نهار رمضان وقته، وفي القتل وقت زهوق، وفي اليمين من الحنث، لا وقت اليمين.
([9]) لأنه غير ما وجب عليه وتبقى الرقبة في ذمته إلى يساره.
([10]) لأن الاعتبار بوقت الوجوب، قال الوزير: إذا شرع في الصيام ثم وجد الرقبة، فقال مالك والشافعي وأحمد: لا يلزمه الخروج منه والعتق، بل إن شاء بنى على صومه، وإن شاء أعتق، إلا أن مالكا فرق، إن كان شرع في الصيام اليوم واليومين إلى الثلاث، عاد إلى العتق، وإن كان قد مضى في صومه أتمه.
([11]) أي العتق، لأنه الأصل في الكفارات، فوجب أن يجزئه كسائر الأصول.
([12]) بنقد أو غيره، وقت الوجوب.
([13]) لزمه العتق، قال في المبدع: إجماعا، ولو كثرت، لعدم تكرارها، بخلاف ماء الوضوء.
([14]) لأنه لا ضرر عليه فيهن ويجوز أن يأخذ قرضا لثمن الرقبة، وله ما يفي به، وفي الغاية: ومن له فوق ما يصلح مثله، من خادم ونحوه، وأمكنه بيعه، وشراء صالح لمثله، ورقبة بالفاضل، لزمه فلو تعذر، أو كان له سرية يمكن بيعها وشراء سرية ورقبة بثمنها لم يلزمه.
([15]) بأن وهبت له هي أو ثمنها، للمنة عليه في قبولها، وذلك ضرر في حقه.
([16]) مرادهم سنة كاملة.
([17]) كأب، أو أم، أو ولد، أو أخ، وغيرهم، ممن تجب نفقتهم عليه، على ما يأتي.
([18]) فلا يأخذ من رأس المال، الذي يقوم كسبه بمؤونته، وقال الموفق وغيره: من ملك رقبة، أو أمكنه تحصيلها، فاضلا عن كفايته، وكفاية من يمونه على الدوام، وغيرها من حوائجه الأصلية، بثمن مثلها، لزمه العتق، أجمع أهل العلم على ذلك، وأنه ليس له الانتقال عنه إلى الصيام، إذا كان حرا مسلما.
([19]) عادة، أو لكبر، أو مرض، أو زمانه، أو عظم خلق، ونحوه مما يعجز عن خدمته، ولا يجد رقبة فاضلة عن خدمته لم يلزمه العتق وهو قول الشافعي.
([20]) أي وأن يكون ثمنها فاضلا عن مركوب يحتاج إلى استعماله وعرض بذلة، كفرشه، وأوانيه وآلة حرفته، وثيابه التي يلبسها دائما، وغير ذلك مما يحتاج إلى استعماله، وفاضلا عن ثياب تجمل كلباسه الذي يتجمل به، ولا يزيد على ملبوس مثله، لم يلزمه العتق بثمنها.
([21]) كعقار يحتاج إلى غلته، أو عرض للتجارة، ولا يستغني عن ربحه، في مؤونته ومؤونة عياله، وحوائجه، الأصلية، لم يلزمه العتق، لأنه غير فاضل عن حاجته.
([22]) أي وفاضلا عن كتب علم يحتاج إليها، ووفاء دين الله، أو لآدمي حال أو مؤجل، لم يلزمه العتق قولا واحدا.
([23]) في جواز الانتقال إلى بدله، وإن استغنى عن شيء من ذلك، مما يمكنه أن يشتري به رقبة لزمه العتق، لقدرته عليه بلا ضرر، فلو كان له خادم يمكن بيعه،ويشتري بثمنه رقبتين يستغني بخدمة أحدهما ويعتق الآخر لزمه، أوله دار فوق ما يحتاجه يمكنه بيعها، أو صنعة يفضل منها عن كفايته ما يمكنه به شراء رقبة، أو له ثياب فاخرة، تزيد على ملابس مثله يمكنه بيعها، وإن كان له مال غائب، أو دين يرجو الوفاء، وأمكنه شراء رقبة نسيئة، لزمه، لأنه قادر بمالا مضرة فيه.
([24]) أي مطلق الإيمان، ذكره شيخ الإسلام، وهو مذهب مالك والشافعي.
([25]) وهو في القتل إجماع، حكاه ابن المنذر وغيره، ولقوله صلى الله عليه وسلم «أعتقها فإنها مؤمنة».
([26]) قياسا عليه، وحملا للمطلق على المفيد،وهو ظاهر المذهب، وقول مالك والشافعي، وغيرهما.
([27]) وهو مذهب الجمهور، مالك والشافعي، وأصحاب الرأي.
([28]) لأن الأعمى لا يمكنه العمل، في أكثر الصنائع.
([29]) لأن اليد آلة البطش، والرجل آلة المشي، فلا يتهيأ له كثير من العمل، مع شلل إحداهما أو قطعها.
([30]) لأن نفع اليد يزول بذلك.
([31]) لا واحدة لبقاء نفع اليد.
([32]) ويجزئ من قطعت خنصره فقط، أو بنصره فقط، أو قطعت إحداهما من يد واحدة، وقطعت الأخرى من اليد الأخرى، لأن نفع الكفين باق ومفهومه أنه يجزئ من قطعت أصابع قدمه كلها، وجزم به في الإقناع، واختاره الموفق وغيره وهو مذهب الشافعي.
([33]) أي وكذا لا يجزئ عتق أخرس، لا تفهم إشارته لأن منفعته زائلة، أشبه زوال العقل، ولا أصم أخرس، ولو فهمت إشارته لفقد حاستين، فإن كان أخرس فقط، وفهمت إشارته أجزأ، لأن الإشارة تقوم مقام الكلام، ولا يجزئ مجنون مطبق، لأنه معدوم النفع.
([34]) كمرض السل، لعدم تمكنه من العمل، وإن رجي برؤه كحمى وصداع، أجزأ، لأن ذلك لا يمنعه من العمل.
([35]) فلم يجز عتقه في كفارة ظهار، أو غيره.
([36]) أي لا يجزئ عتق عبد مغصوب، وإذا أعتقه مالكه، لعدم تمكنه من منافعه، وكذا عبد غصب منه حال كونه في يد غاصب، وكذا غائب لا يعلم خبره.
([37]) ولا يجزئ عتق رحم محرم.
([38]) وهو إيلاد السيد لها، ولا يجزئ أيضا ولد أم ولده، الذي ولدته بعد كونها أم ولد.
([39]) صرح به في المنتهى وغيره، لقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ولأنه عبد كامل المنفعة لم يحصل عن شيء منه عوض، ولأنه يجوز بيعه، وهذا قول الشافعي وقال بعضهم: لا يجزئ عتق المدبر،وهو مذهب مالك،وأصحاب الرأي، لأن عتقه مستحق في غير الكفارة، فلم يجزئه، كالذي استحق عليه الإطعام في النفقة، فدفعه في الكفارة فالله أعلم.
([40]) من كتابته لأنه رقبة كاملة، سالمة، لم يحصل عن شيء منها عوض، وإن أدى منها شيئا لم تجز، لحصول العوض عن بعضه، كما لو أعتق بعض رقبة.
([41]) أي: ويجزئ عتق ولد الزنا، وهو قول الأكثر، وفي الإنصاف: لا اعلم فيه خلافا؛ قال الشيخ: ويحصل له أجره كاملا، فإنه يشفع مع صغره لأمه لا لأبيه اهـ ويجزئ عتق الأحمق، وهو الذي يعمل القبيح والخطأ على بصيرة لقلة مبالاته بما يعقبه من المضار.
([42]) سواء كان الراهن معسرا أولا، وسواء كانت الجناية موجبة لقتله، أولا.
([43]) أي ويجزئ الصغير لا الجنين، في قول أكثر أهل العلم، ويجزئ الأعرج عرجا يسيرا، لأنه قليل الضرر بالعمل، فإن كان فاحشا كثيرا لم يجز، وكذا يجزئ مجبوب، وخصي وأجدع أنف، وأذن ومن يخنق في بعض الأحيان والمعلق عتقه بصفة قبل وجودها.
([44]) أي من العتق، لكمالها من دونه وتجزئ الأمة المزوجة.
([45]) ضررا بينا، ومالا يضر بالعمل، لا يمنع تمليك السيد العبد منافعه، وتكميل أحكامه، فأجزأ عتق أحدهم في الكفارة، كالسالم من العيوب.


  #5  
قديم 28 ربيع الثاني 1432هـ/2-04-2011م, 07:05 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ
وكَفَّارَتُهُ عِتْقُ رَقَبةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً،......................
قوله: «وكفارته» أي: كفارة الظهار.
قوله: «عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً» هذا الكلام يدل على أن الكفارة على الترتيب لا على التخيير.
أولاً: عتق رقبة، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ في الشروط.
ثانياً: إن لم يجد ما يعتق به رقبة، أو لم يجد رقبة وعنده الثمن فعليه الصيام لقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} فيشمل من لم يجد الرقبة، كرجل يوجد عنده ملايين، لكن ما يجد رقبة يعتقها، أو وجد رقبة لكن ليس عنده مال يشتري به هذه الرقبة، فإنه ينتقل من ذلك إلى صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع لمرض، فإن كان المرض يرجى زواله فإنه يؤجل، كرمضان تماماً.
ثالثاً: إذا كان المرض لا يرجى زواله، كشيخ كبير فهنا ينتقل إلى الإطعام فيطعم ستين مسكيناً، وكأنه ـ والله أعلم ـ عن كل يوم مسكين؛ لأن الغالب أن الشهرين يتمَّان، أو يقال: إن هذا هو غاية التمام في الشهور، ولما جاء البدل وهو الإطعام صار ستين مسكيناً، والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: 3، 4] ؛ إذاً النص على هذه الخصال في القرآن الكريم، وترتيبها ـ أيضاً ـ في القرآن الكريم، ولا نزاع في ذلك.
وقوله: «مسكيناً» يشمل الفقير.
ومتى يعتبر الوجود، والعكس، أو الاستطاعة؟
يعتبر عند وجوب الكفارة، فعلى هذا القول إذا لم يجد رقبة، فشرع في الصوم، ثم وجدها في أثناء الصوم هل يلزمه الانتقال؟ لا يلزمه، وكذلك لو فرض أنه كان عند زمن الوجوب لا يستطيع الصوم، فأطعم ستين مسكيناً، أو لم يطعم فإنه في هذه الحال لو قَدِرَ بعد ذلك على الصوم لا يلزمه الانتقال؛ لأن العبرة في القدرة، أو عدم القدرة هو وقت الوجوب.
وقوله: «أطعم ستين مسكيناً» هل إطعام الستين مسكيناً تمليك أو إطعام؟ نقول: في القرآن الكريم أنه إطعام، ولم يقل: أعطوا، بل قال: أطعموا، وحينئذٍ نعلم أنه ليس بتمليك، وبناء على ذلك نقول: إطعام ستين مسكيناً له صورتان:
الأولى : أن يصنع طعاماً، غداء أو عشاء، ويدعو المساكين إليه فيأكلوا وينصرفوا.
الثانية : أن يعطي كل واحد طعاماً ويصلحه بنفسه، ولكن مما يؤكل عادة، إما مُدُّ بُرٍّ، أو نصف صاع من غيره، وفي عهدنا ليس يكال الطعام، ولكنه يوزن، فيقال: تقدير ذلك كيلو من الأرز لكل واحد، وينبغي أن يجعل معه ما يؤدمه من لحم ونحوه، ليتم الإطعام، وهل هذا العدد مقصود، أو المقصود طعام هذا العدد؟ المقصود إطعام هذا العدد، لا طعامه، بمعنى لو أن إنساناً تصدق بما يكفي ستين مسكيناً على مسكين واحد لا يجزئ.
ولو أطعم ثلاثين مرتين لا يكفي؛ لأن العدد منصوص عليه، فلا بد من اتباعه، اللهم إلا ألا يجد إلا ثلاثين مسكيناً فهنا نقول: لا بأس للضرورة.
فلو قال قائل: ما الحكمة في أن يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكيناً؟ نقول: هذا السؤال غير وارد؛ لأن هذا لا مجال للعقل فيه، وإلا لقلنا: كيف صارت الصلوات خمساً؟! وإنما وظيفة المؤمن التسليم، وأن يقول: سمعنا وأطعنا.
فإن قال قائل: وهل إطعام الستين مسكيناً مربوط بصيام الشهرين المتتابعين، بمعنى أنه جعل عن صيام كل يوم إطعام مسكين؟ الظاهر: لا، بدليل أنه لو صام شهرين متتابعين ثمانية وخمسين يوماً أجزأ؛ لأن الله تعالى قال: صيام شهرين، فإذا كان الشهر الأول ناقصاً، والثاني ناقصاً فصام ثمانية وخمسين يوماً لأجزأ.

وَلاَ تَلْزَمُ الرَّقَبَةُ إِلاَّ لِمَنْ مَلَكَها، أَوْ أَمْكَنَهُ ذلِكَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، فَاضِلاً عَنْ كِفَايَتِهِ دَائِماً، وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ، وَعَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَمَرْكُوبٍ،........................
قوله: «ولا تلزم الرقبة إلا لمن ملكها» يعني كانت عنده حاضرة تحت ملكه.
قوله: «أو أمكنه ذلك» أي: أمكنه ملكها، فليس عنده رقيق، لكن عنده دراهم يمكنه أن يشتري بها رقبة، لكن اشترط المؤلف فقال:
«بثمن مثلها» فلو لم يجد رقبة إلا بأكثر من ثمن مثلها لم تلزمه.
فمثلاً رجل عنده مائة مليون ريال، وعليه كفارة ظهار، ووجد رقبة فقالوا له: بعشرة آلاف ريال، وثمن مثلها تسعة آلاف وتسعمائة ريال فلا تلزمه؛ لأنها أكثر من ثمن مثلها، لكن لو اشتراها بعشرة آلاف ريال، وكفّر بها تجزئه، فالكلام على اللزوم.
لكن الصحيح أن ظاهر قوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} أنه متى صار واجداً على وجه لا يضره، ولا تجحف بماله فإنه يجب عليه أن يعتق؛ لأنه ما اشترط إلا عدم الوجود، فلو فرض أن هذه تساوي خمسة آلاف ريال وقيل: بعشرة، وهو واجد، فظاهر الآية وجوبها عليه.
قوله: «فاضلاً عن كفايته دائماً» أما إن كانت الدراهم التي عنده يحتاجها لكفايته، حتى لو كان لزواجه ـ مثلاً ـ فإنه لا تلزمه الرقبة، ولكن المؤلف يقول: «دائماً» فهل يمكن انضباط ذلك؟ ما يمكن؛ لأننا لا ندري، فيمكن أن يطول عمره ويحتاج لدراهم كثيرة، ويمكن أن يقصر عمره، ويكون هذا الذي عنده زائداً، فهذا لو كان عنده مالٌ كثير ما يستطيع أن يقول: هذا يكفيني دائماً، ولو كان عنده مال قليل لا يستطيع أن يقول: هذا لا يكفيني دائماً؛ والسبب في ذلك أن الأعمار بيد الله عزّ وجل، ولأن الأوقات تختلف، فيمكن أن يقدر الإنسان أن نفقته لهذا العام خمسون ألف ريال، ثم تختلف الأسعار وترتفع فما تكفيه الخمسون ألفاً، ويمكن أن يقدر أن نفقته خمسون ألف ريال وترخص الأسعار ويكفيه عشرون ألف ريال، فهذا أمر لا يمكن انضباطه، وما لا يمكن انضباطه فإن إلزام الناس به عسير، إذاً يمكن أن نؤول كلمة «دائماً» بأن نقول: معناها أن عنده مثلاً صنعة، أو ملك يغل عليه كل سنة عشرة آلاف ريال تكفيه، فهذا نقول: عنده ما يكفيه دائماً، أما أن نقول: إن المراد المؤونة دائماً النقود، فالنقود لا يمكن انضباطها أبداً، فنقول: ما دام عندك مال يمكن أن تشتري به رقبة فاشترِ، فإذا قال: الذي عندي لا يكاد يكفيني خمسين سنة، نقول: وما أدراك أنك ستبقى خمسين سنة؟! والفقهاء ـ رحمهم الله ـ إنما أرادوا مَنْ له دخل مستمر يكفيه.
قوله: «وكفاية من يمونه» أي: يقوم بنفقته، كالزوجة، والأولاد، والأقارب الذين تلزمه نفقتهم، فيقدم مؤونة هؤلاء على العتق الواجب عليه، بل ولم يجب عليه في الواقع.
قوله: «وعما يحتاجه من مسكن» لو كان هذا الرجل عنده مسكن يحتاجه، وقال: لو بعت هذا المسكن، واستأجرت أمكنني أن أعتق رقبة، فلا يجب عليه أن يبيعه؛ لأنه يحتاجه.
وإن كان لديه مسكن يكفيه نصفه وجب عليه أن يبيع النصف الآخر ليعتق الرقبة. فإذا قال: إذا بعت نصفه صار مشقصاً علي، وربما يؤذيني الذي يشتريه، قلنا: هناك طريقة وهي أن يبيعه كله ويشتري مسكناً يناسبه.
قوله: «وخادم» مرادهم الخادم المملوك؛ لأن الخادم الحر ليس بملكك، والخادم يكون عند الإنسان على وجه الترفه والتنعم، وعلى وجه الحاجة، فإذا كان شيخاً كبيراً يحتاج من يساعده إذا قام للمرحاض، أو قام يصلي، أو يلبس ثيابه، وما أشبه ذلك، فهذه حاجة، أما إذا كان عنده خادم لا يحتاجه، إلا أن يقول: قدم لي حذائي، أو افرش لي فراشي، فهذا لا يحتاج إليه، نقول: بعه واشترِ رقبة، أما إذا كان يحتاج إليه، فهل نقول: أعتقه أو بعه واشترِ رقبة؟ الجواب: لا؛ لأن هذا تتعلق به حاجته، وتعلق حاجته به سابق على ظهاره، فتقدم الحاجة السابقة، لكن قال في الروض[(124)]: «صَالِحَيْنِ لمثله إذا كان مثله يخدم» فقيَّدها بقيدين:
الأول: أنهما صالحان لمثله، فلو كان المسكن كبيراً أكثر من مثله، فإنه يبيعه ويشتري ما يكون صالحاً لمثله، ويشتري بالباقي رقبة.
الثاني : أن يكون مثله يخدم.
قوله: «ومركوب» إذا كان غنياً، فمعلوم أنَّ مركوبه سيكون فخماً، وإذا كان وسطاً فمركوبه وسط، وإذا كان فقيراً فمركوبه مركوب فقير، فهذا رجل وسط لكن عنده سيارة فخمة، لا يركبها إلا الملوك وأبناؤهم، وقال: عليَّ عتق رقبة، والسيارة التي معي فخمة أستطيع أن أبيعها وأشتري سيارة تكفيني، وأشتري رقبة بما زاد عن الثمن، فيلزمه أن يبيعها، حتى لو قيل: يلزمه أن يبيعها مطلقاً لكان له وجه؛ لأنها بالنسبة إليه إسراف وتجاوز للحد؛ لأنه يجب أن يعرف الإنسان منزلته وقدره في قومه.

وَعَرَضِ بِذْلَةٍ وَثِيَابِ تَجَمُّلٍ، وَمَالٍ يَقُومُ كَسْبُهُ بِمَؤنَتِهِ، وَكُتُبِ عِلْمٍ وَوَفَاءِ دَيْنٍ، وَلاَ يُجْزِئُ فِي الكَفَّارَاتِ كُلِّهَا إِلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ،................
قوله: «وعَرَضِ بذْلَةٍ» يعني العرض الذي يبتذل، وهي الأشياء التي تتكرر الحاجة إليها، مثل ثياب العادة، والأواني، وما أشبهها.
قوله: «وثياب تجمُّل» أي: يتجمل بها مثله، فثياب التجمل لا نقول للإنسان: بعْها، واشترِ عبداً تعتقه.
قوله: «ومالٍ يقوم كسبه بمؤنته» أيضاً لا بد أن يكون فاضلاً عن مالٍ يقوم كسبه بمَؤُونته، كرجل عنده مائة ألف لو اشترى عبداً بأربعين ألفاً أمكنه ذلك، لكن مائة الألف كسبها لا يكاد يكفيه وعائلته، فلو أنه اشترى منها عبداً نقص الربح، فتنقص الكفاية والمؤونة، فهل نقول: يلزمك أن تشتري عبداً بأربعين ألفاً، ولو نقصت كفايتك؟ الجواب: لا؛ لأن ذلك إضرار به.
قوله: «وكتب علم» لكن بشرط أن يحتاج إليها، مثل إنسان يحتاج إلى كتب علم في الفقه، في الحديث، في التفسير، في التوحيد، في النحو، المهم أنه يحتاج إليه، أما ما لا يحتاج إليه كما لو كان عنده كتب علم من نوع لا يتعلمه، مثلاً عنده كتب علم حساب، ولا عنده نية أن يتعلمه، أو عنده كتب علم جولوجيا، لكن ما عنده نية أن يتعلم هذا العلم، فهذه يبيعها، كذلك عنده نسختان من كتاب واحد يستغني بإحداهما عن الأخرى يبيعها؛ لأنه ليس في حاجة إليها.
كذلك إذا كان عنده كتب يندر أن يحتاج إليها، وكانت قيمتها يحصل بها إعتاق رقبة وجب عليه بيعها، لا سيما إذا كان في مدينة فيها مكتبة عامة، يستطيع إذا عرضت له هذه المسألة بعد سنة أن يذهب إلى المكتبة ويحررها.
قوله: «ووفاء دين» هذا من أهم الأشياء، فهذا إنسان عنده مائة ألف، لكن عليه ثمانون ألفاً، فيسدد الدَّين أولاً، لأن قضاء الدي واجب، وهو حق للعباد، وأما الكفارة فهي فيما بينك وبين ربك، فإذا بقي شيء بعد الدين ولا يحتاجه لما ذُكِرَ قبل اشترى به رقبة، وإلا فلا، والدين من أهم الأشياء، حتى إن الإنسان يجوز أن يعطى من الزكاة لوفاء دينه.
قوله: «ولا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة» قد يقول قائل: إن ظاهر كلام المؤلف أن كل الكفارات فيها رقبة، وليس كذلك، وإنما مراده الكفارات التي تحرر فيها الرقبة، فلا يجزئ فيها إلا رقبة مؤمنة، ونحصيها: كفارة الظهار، وكفارة القتل، وكفارة اليمين، وكفارة الوطء في رمضان.
وقوله: «إلا رقبة مؤمنة» هذا من باب إطلاق الجزء على الكل، ولا يمكن إطلاق الجزء على الكل إلا إذا كان هذا الجزء شرطاً في وجوده، وهذه قاعدة مهمة، يعني ما يمكن أن تقول: أصبع؛ لأنه قد يزول أصبع والحياة باقية، وأما الرقبة فلو زالت يموت، ولهذا إذا عبر الله تعالى عن الصلاة بالركوع والسجود فهي واجبات فيها.
وقوله: «مؤمنة» هذا هو الشرط الأول، والمراد بالإيمان هنا مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق، وبينهما فرق، فالإيمان المطلق هو الكامل كالذي في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *} [الأنفال] ، وأما مطلق الإيمان فإنه يشمل من آمن وإن لم يكن على هذا الوصف، فيشمل الفاسق، فالمراد مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق.
ولننظر في الدليل على أنه لا بد من الإيمان في جميع الكفارات، كفارة القتل الإيمان فيها صريح منصوص عليه: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: 92] ، وفي كفارة اليمين قال: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89] ، وفي كفارة الظهار قال: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا} [المجادلة: 3] ، هذا الذي في القرآن، وكفارة الوطء في رمضان ثبتت في السنة، قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ للرجل: «هل تجد رقبة» ؟ قال: لا[(125)]، ولم يقل: مؤمنة، فإذا كانت ثلاثة نصوص ليس فيها التقييد بالإيمان، ونص واحد فيه التقييد بالإيمان، وهذا النص الواحد يختلف عن البقية بأنه أعظم منها من وجه، وإن كان أخف منها من وجه آخر، فالتي فيها التقييد بالإيمان هي كفارة القتل، وهي أعظم من الموجَبات الأخرى؛ فهي أعظم من الظهار، ومن الجماع في نهار رمضان، ومن الحنث في اليمين، وأخف منها من وجه؛ لأنها خطأ وهذه عمد، وعلى كل حال المؤلف ـ رحمه الله ـ يشترط الإيمان في كل الكفارات.
ودليله: أن الله شرط الإيمان في كفارة القتل، فَقِيسَ الباقي عليها؛ لأن الموجَبَ واحد وهو عتق الرقبة، ولأنه ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن معاوية بن الحكم ـ رضي الله عنه ـ قال: يا رسول الله إن لي جارية غضبت عليها يوماً فصككتها، وإني أريد أن أعتقها، فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة» [(126)]، ولم يستفصل الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما هذه الرقبة التي عليه، فإذا كان لا يمكن إعتاق الكافر في غير الكفارة، ففي الكفارة من باب أولى، فدل هذا على أن الإيمان شرط في جميع الرقاب الواجبة، ثم نقول ـ أيضاً ـ من جهة النظر: إنه إذا أعتق الرقبة وهي كافرة، فإننا لا نأمن أن يلحق بالكفار؛ لأنه كافر، وتحرر، ولا لأحد عليه قول، وإذا كان مملوكاً فلا يقدر أن يذهب عن سيده فإذا كان يخشى من هذه المفسدة فإنه لا يُعتق الكافر، بل يبقى، وهذا القول رجحانه قوي.
أما الذين قالوا: إن الله تعالى أطلق في موضعين، وقيد في الثالث، والرسول عليه الصلاة والسلام أطلق في الموضع الرابع فقالوا: نطلق ما أطلقه الله، ونقيد ما قيده الله {} [مريم: 64] والأسباب مختلفة، فليس الحنث في اليمين ولا الظهار من الزوجة كالقتل، فالقتل أعظم؛ فلهذا اشترط الله في كفارته أن تكون الرقبة مؤمنة، وإذا كان القتل أشد فلا يمكن أن نقيس الأخف على الأشد، فكلامهم جيد لولا ما يعارضه، ومن ثم اختلف العلماء في غير كفارة القتل هل يشترط الإيمان أو لا يشترط؟ والراجح الاشتراط؛ لقوة دليله وتعليله، ولأنه أحوط وأبرأ للذمة.

سَلِيمَةٌ مِنْ عَيْبٍ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَراً بَيِّناً، كَالعَمَى وَالشَّلَلِ لِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، أَوْ أَقْطَعِهِمَا، أَوْ أَقْطَعِ الإِصْبعِ الْوُسْطَى، أَوِ السَّبَّابَةِ، أَوِ الإِبْهَامِ، أَو الأَنْمُلَةِ مِنَ الإِبْهَامِ، أَوْ أَقْطَعِ الخِنْصَرِ وَالبِنْصَرِ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَلاَ يُجْزِئُ مَرِيضٌ مَيْؤُوسٌ مِنْهُ وَنَحْوُهُ، ..............................
الشرط الثاني : قوله: «سليمة من عيب يضر بالعمل ضرراً بيناً» وهذا الشرط لم يذكره الله ولا رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والدليل على اشتراطه قالوا: لأنه إذا أعتق من كان فيه عيب يضر بالعمل ضرراً بيناً صار هذا العتيق كلاًّ على الناس، بخلاف ما إذا بقي عند سيده، فإن سيده مأمور أن ينفق عليه، فكأنهم استنتجوا من المعنى اشتراط أن يكون المعتق سليماً من الآفات والعيوب الضارة بالعمل ضرراً بيناً، والعيوب على حسب ما قال المؤلف تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: لا يضر بالعمل أبداً.
الثاني: يضر بالعمل لكن ضرراً خفيفاً.
الثالث: يضر بالعمل ضرراً بيناً.
فأما القسمان الأولان، الضرر الذي لا يضر بالعمل إطلاقاً، أو يضر به ضرراً خفيفاً فإنهما لا يمنعان من إجزاء الرقبة، وأما ما يضر بالعمل ضرراً بيناً فإنه لا تجزئ فيه الرقبة.
مثاله: قوله: «كالعمى» التمثيل بالعمى فيه نظر؛ لأنه ليس كل عمى يمنع من العمل، فكم من أناسٍ عمي وعندهم أعمال يتعيشون بها، فلهذا يجب أن يقيد بالعمى الذي يمنعه من العمل؛ لأن المقصود من العتق هو أن يملك الإنسان نفعه وكسبه، والأعمى الذي يمنعه عماه من العمل إذا أعتق صار عالة على غيره؛ لأنه قبل أن يتحرر كان سيده ينفق عليه فلهذا لا يجزئ، وأما إذا كان لا يمنعه فلا يضر.
وقال بعض أهل الظاهر: إن المعيب يجزئ؛ لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ما ذكر في القرآن إلا الإيمان فقط، وهذا إن كان لا يستطيع العمل لكنه يتحرر من سيده، فيجد نفسه حُرّاً طليقاً يذهب حيث شاء، ويرجع حيث شاء فهو يستفيد من هذا العتق، ولكن جمهور العلماء ـ حتى إن بعضهم ذكره إجماعاً ـ يقولون: لا بد أن يكون سليماً مما يضر بالعمل ضرراً بيناً.
وأما الأعور فقد قيل: إنه لا يجزئ قياساً على العوراء في الأضحية، ولكن يقال: وإن سلمنا أن العور يضر العمل، فإنه يضر ضرراً خفيفاً فيجزئ.
قوله: «والشلل ليد أو رجل» الشلل في اليد أو الرجل واضح أنه يضر بغالب الأعمال؛ لأن الأشل بالرِّجل قد ينتفع بعمل آخر لا يحتاج إلى رجله فيه، كالغزل والنسج وما أشبه ذلك.
قوله: «أو أقطعهما» أقطع اليد أو الرجل، وهذا ظاهر.
قوله: «أو أقطع الأصبع الوسطى أو السبابة أو الإبهام» يعني الإبهام والوسطى وما بينهما، فإنه إذا قطع واحد منها فإنه يضر بالعمل ضرراً بيناً، لا سيما إذا كانت اليد اليمنى، فإذا كان كاتباً لا يستطيع أن يكتب، وإن كان خياطاً لا يستطيع أن يخيط، وعند الحمل كذلك.
قوله: «أو الأنملة من الإبهام» في الإبهام أنملتان، وفي الوسطى والسبابة ثلاث، والإبهام جعله الله يقابل الأصابع الأربعة، كفاءته ككفاءة الأربعة؛ ولهذا جعل الله فيه أنملتين؛ لأنه أسهل، ولأنه لو كان طويلاً لأمكن أن ينعكف، وجعله رحباً ليتحمل، ولهذا فالأنملة من السبابة فيها ثُلُث عشر الدية، ومن الإبهام فيها نصف العشر، فقطع الأنملة من السبابة أو من الوسطى لا يضر.
قوله: «أو أقطع الخنصر والبنصر من يد واحدة» الخنصر هو الأصبع الصغرى، والبنصر الذي يليه، فأقطعهما ـ أي: الاثنين ـ يمنع من العمل، وأما أقطع الواحد فلا يمنع.
وقوله: «من يد واحدة» لو كان مِنْ يَدَيْن؛ اليمنى مقطوعة الخنصر، واليسرى مقطوعة البنصر، فهذا لا شك أنه يضر بتمام العمل، لكن ليس ضرراً بيناً، وعلى كل حال القاعدة أهم من التمثيل، وهي: إذا كانت الرقبة معيبة عيباً يضر بالعمل ضرراً بيناً فإنها لا تجزئ.
قوله: «ولا يجزئ مريض ميؤوس منه» مثل السل في زمن مضى، فإنه كان لا يشفى منه، والآن أصبح السل غير ميؤوس منه، وكذلك السرطان لم يجدوا له دواء، فهو يعتبر من الأمراض التي إذا أصابت الإنسان فهو ميؤوس منه.
قوله: «ونحوه» مثل الزَّمِن والمشلول، فهذا لا يجزئ؛ لأنه لا يمكن أن يعمل العمل الذي يطلب منه.

وَلاَ أُمُّ وَلَدٍ، وَيُجْزِئُ المُدَّبَّرُ، وَوَلَدُ الزِّنَا، وَالأَحْمَقُ، والمَرْهُونُ، وَالْجَانِي، وَالأَمَةُ الْحَامِلُ وَلَوِ اسْتَثْنَى حَمْلَهَا.
قوله: «ولا أُمّ ولد» وهي التي ولدت من سيدها ما تبين فيه خلق إنسان، وإن لم يكن حياً، فإن ولدته قبل ذلك فليست أم ولد، فهذه حكمها حكم الرقيق، ولكنها إذا مات سيدُها عتقت، وهل يجوز بيعها؟ اختلف أهل العلم في ذلك، والمعروف في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وصدر من خلافة عمر أنها تباع، ولكن لما رأى عمر رضي الله عنه أنه كثر التفريق بينها وبين أولادها منع بيع أمهات الأولاد[(127)]، وأما كونها لا تجزئ؛ فلأن سبب عتقها قد انعقد بالولادة، فليست في الحقيقة رقيقة خالصة.
قوله: «ويجزئ المدبر» وهو الذي علق سيدُه عتقَه بموته، مثل أن يقول للعبد: إذا مِتُّ فأنت حر، فهذا يسمى مدبَّراً؛ لأن عتقه دبر حياة سيده ـ أي: بعدها ـ فيجزئ؛ لأن الملك فيه تام، فما يمكن أن يعتق إلا بعد موت السيد، ولهذا لو باع الإنسان المدبر جاز؛ لأنه إلى الآن لم يعتق، مثل لو قال: هذا البيت وقف بعد موتي، فله أن يبيعه؛ لأنه إلى الآن ما صار وقفاً.
وقيل: إن المدبر لا يجزئ؛ لأنه ناقص، ووجه النقصان أن عتقه معلق بموت سيده، والصواب الأول؛ لأن المدبر إذا أعتق فقد استفاد تعجيل العتق والتحرر، وإذا كان يجوز بيع المدبر، فلماذا لا يجوز عتقه، مع أن عتقه فيه فائدة وهو تحرره؟!
قوله: «وولد الزنا» أي: يجزئ، كحربي وُلِد من الزنا، ثم استرققناه، أو رجل زنى بأمة إنسان وولدت، فإن الولد يكون رقيقاً لسيدها؛ لأنه مملوك.
قوله: «والأحمق» أي: يجزئ عتق الأحمق، وهو الذي يرتكب الخطأ عن عمد، يعني أن عنده عجلة ولا يتأنى في الأمور، وقيل: هو الذي تصرُّفُه غير سليم.
قوله: «والمرهون» أي: يجزئ إعتاق العبد المرهون، كسيد رهن عبده لشخص يطلبه دراهم، فإذا حل الدَّين ولم يوفِ يباع العبد، ويوفى دَينه، فهل يجزئ هذا المرهون بإعتاقه؟ المؤلف يقول: يجزئ؛ لأن العتق له نفوذ قوي، ولذلك لو أعتق الإنسان ربع عبده عتق العبد كله، ولكن سبق لنا في باب الرهن أن عتق الراهن للمرهون لا يصح إلا بموافقة المرتهن؛ لأنه تعلق حقه به، فأنت إذا أعتقته صار حراً فلا ينتفع به، فيكون في ذلك إسقاط لحقه، والجواب على تعليلهم: أن هذا العبد مشغول، وإذا كان يحرم أن يعتقه سيده فكيف ينفذ؟! وبناء على هذا، فإنه لا يصح إعتاقه في الكفارة.
قوله: «والجاني» أي: يصح أن يعتق الجاني، كعبد قتل شخصاً، ولا شك أنه يقتص منه، فأعتق عن كفارة فيجزئ؛ لأنه ربما يُعفى عنه، فقتله غير متعين، لكن في النفس من هذا شيء؛ لأن هذا العبد تعلُّقُ النفس به ليس كتعلقها بمن ليس بجانٍ؛ لأن سيده لما رأى أنه يقتل أعتقه، فالمسألة فيها نظر؛ ولهذا فبعض العلماء يقول: إن الجاني لا يصح أن يعتق في الكفارة؛ لأن الجاني يطالب بأن يقتل، فهو ناقص القيمة.
قوله: «والأمة الحامل ولو استثنى حَمْلَها» الأمة الحامل تجزئ، وإن كان فيها شيء يمنع العمل، ويضر بالعمل ضرراً بيناً؛ لأن هذا مؤقت ومعتاد.
فإذا قال قائل: يعتقها وحملَها معها، نقول: ما يلزم، فلو استثنى حملها فلا حرج، فيقول: أنت حرة إلا ما في بطنك، فيجوز ويبقى الحمل حرّاً.
فإن قيل: الحمل مجهول، قلنا: هذا ليس معاوضة، فالشيء المجهول لا يجوز في المعاوضات؛ لأن باذل العوض مخاطر، وأمره بين الغنم والغرم، أما ما ليس فيه عوض فيجوز ولو كان مجهولاً، وسبق في البيع أن الإنسان إذا باع شيئاً واستثنى الحمل فالمذهب لا يصح، لكن الصحيح أنه يجوز؛ لأن الحمل معلوم، وليس شيئاً ينقص عين المبيع، بل هو منفصل، فكما لو باعها وهي حائل يصح، كذلك لو باعها وهي حامل واستثنى حملها، وقد سبق أنه يجوز وأوردنا عليه إشكالاً، وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام «نهى عن بيع الحمل» [(128)]، فكيف تجيزون الاستثناء؟
وأجبنا عن ذلك بأن استثناء الحمل في البيع استبقاء، وليس تجديد ملك، فأنا عندما أقول لك: بعتك هذه البقرة ـ وهي حامل ـ إلا حملها، فأنت ما اشتريت الحمل مني حتى تكون قد بذلت عوضاً في مجهول؛ وإنما هو استبقاء، وفرق بين الاستبقاء وبين المعاوضة، والحاصل أنه يجوز أن يعتق الحامل في الكفارة، ويستثني حملها، ويكون الحمل رقيقاً لسيدها.


[124] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (7/17).
[125] أخرجه البخاري في الصوم/ باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء... (1936)، ومسلم في الصيام/ باب تحريم الجماع في شهر رمضان... (1111).
[126] أخرجه مسلم في الصلاة/ باب تحريم الكلام في الصلاة... (537) عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه.
[127] أخرجه الدارقطني (4/134)، وابن حبان (10/166)، والبيهقي (10/342).
[128] أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الغرر وحبل الحبلة (2143)، ومسلم في البيوع/ باب تحريم بيع حبل الحبلة (1514) عن ابن عمر رضي الله عنهما.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بيان, كفارة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir