المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}
يقول الذين اتبعوا ( الأتباع) لو أن لنا عودة وكرة إلى الدنيا فتنبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم ونوحد الله وحده، وهو كاذبون فيما زعموا لقوله تعالى : ( ولو ردوا لعادورا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) ، وحينها سيرون أعمالهم حسرات هم على مافاتهم في الدنيا ويلزمون النار ولا يغادرونها ولا يخفف عنهم من عذابها ولا هم يُنظرون–نسأل الله السلام والعافية
موضع الكاف في قوله ( كم)
-نصب على النعت إما لمصدر أو لحال ، تقديرها متبرئين كما
موضع الكاف في قوله (كذلك)
-في موضع رفع خبر ابتداء تقديره ( الأمر كذلك)
-قيل هي كاف تشبيه ، وفيه اشارة بذلك إلى حالهم وقت تمنيهم الكرة .
الرؤية في الآية:
-إما رؤية بصرية ، وتكون حسرات حال
-إما رؤية قلبية ، وتكون حسرات مفعول
أعمالهم :
-قال الربيع وابن زيد المعنى : الفاسدة التي ارتكبوها فوجبت لهم النار ، أضيفت لهم من حيث عملوها
-قال ابن مسعود والسدي: الأعمال الصالحة التي تركوها ففاتتهم الجنة ( وأضيفت إليهم هذه الأعمال لأنهم المأمورون بها)
حسرات :
الحسرة هي أعلى درجات الندامةوالهم بما فات وهي :
-إما مشتقة من الشيء الحسير ، الذي انقطع وذهبت قوته
-وقيل من حسر أ يكشف ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : (يحسر الفرات عن جبل من ذهب)
2: حرّر القول في كل من:
أ: معنى قوله تعالى: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}.
إن الله وملائكته يلعنونهم ، واللعن هو الطرد من رحمة الله
والقول في الناس:
-قال قتادة والربيع : (الناس) المؤمنون خاصة : فهم يلعنون من يلعنه الله ويبغضبه ، وغايتهم رضى ربه وموافقة مراده.
-قال أبو العالية : بمعنى أن ذلك في الآخرة / فهم يلعنون أنفسهم ويلعن بعضهم بعضا ، مصداق قوله تعالى : ( ويوم القيامة يكفربعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا)
-قالت فرقة : في الدنيا يقول الكافرون : لعن الله الكافرين فيلعنون أنفسهم من حيث لا يشعرون
وعلى هذ الأقوال فلعنة المؤمنين عليهم متحققة ، ولعنتهم يوم القيامة بعضهم بعضا مصداق قوله تعالى ، ولعنتهم في الدنيا لأنفسهم وذلك من شدة ضلالهم ، وهم تحت أمر ربهم وسلطانه وتنفذ فيهم قدرته لا إله إلا هو سبحانه
ب: معنى قوله تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}.
-جمهور المفسرين (ما) تعجب ، قال قتادة والحسن وابن جبير والربيع : أظهر التعجب من صبرهم على النار لما عملوا عمل من وطن نفسه عليها ، وتقديره : ما أجرأهم على النار إذ تجرؤوا على الأعمال المؤدية بهم إلى النار- واختاره ابن عطية
-قال ابن كثير: من رآهم في العذاب مع شدة ماهم فيه من النكال عجب لصبرهم
-قيل : (ما) استفهام : أي شيء أًصبرهم على النار؟؟
-قال المبرد في باب التعجب من المقتصب إلى أن هذه الآية تقرير واستفهام لا تعجب ، وأن لفظة (أُصبِر) بمعنلا اضطر وحُبس ، ورد ابن عطية هذا القول بأنه لا يُعرف في اللغة أَصبر بمعنى صُبِر
-قيل : ما أصبرهم وما أدومهم على عمل يؤديهم إلى النار (تفضي بهم إلى النار)
3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق البيان في قوله تعالى: {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم}.
-من فسر الآية على العموم قال أنهم يبينوا توبتهم بالعمل ويبرزوه
-ومن فسرها على أنها كتمان أمر محمد صلى الله عليه وسلم قال : المعنى أن يبينوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي على هذا في اليهود والنصارى فيمن أسلم منهم كما قال ابن عطية
ب: سبب نزول قوله تعالى: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر} الآية.
قال ابن عطية عن سعيد بن المسيب: قالوا : إن كان هذه يامحمد فأتنا بآية من عند الله تكون علامة الصدق، حتى قالوا: اجعل لنا الصفا ذهبا ، فقيل لهم : ذلك لكم ، وإن كفرتم بعد ذلك عذبتم، فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ( دعني أدعهم يوما بيوم) ، فنزل قوله تعالى : ( إن في خلق السماوات والأرض... )