دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 صفر 1441هـ/20-10-2019م, 02:24 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الثامن: مجلس مذاكرة القسم الرابع من تفسير سورة النساء

مجلس مذاكرة القسم الرابع من تفسير سورة النساء من الآية 22 إلى الآية 28

-
لخص أحد الدروس التالية مطبقا ما درسته سابقا في دورة المهارات الأساسية والمهارات المتقدمة في التفسير .

- تفسير سورة النساء [ من الآية (22) إلى الآية (24) ]
- تفسير سورة النساء [ الآية (25) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (26) إلى الآية (28) ]



- ثم صحح أحد تلخيصات زملائك.
ملحوظة:
يمكن اقتسام الدرس الأول من الآية 22 إلى الآية 24 بين طالبتين.



قواعد مجالس مذاكرة سورة النساء:

١. يفتح المجلس في بداية كل أسبوع بإذن الله.
٢. ‏يختار كل طالب أحد الموضوعات المقررة في مقرر الأسبوع، ويمنع التكرار حتى تستوعب كل الدروس.
٣. يعمل الطالب على تلخيص الدرس من خلال تطبيق المهارات التي تعلمها في المهارات الأساسية والمتقدمة في التفسير، وطلاب مستوى الامتياز يجدر بهم تقديم عمل جيد يناسب مستواهم وما مارسوه من تطبيقات سابقة.
٤. يحبذ تسليم التلخيص يوم الخميس من كل أسبوع كحد أقصى.
٥. يومي الجمعة والسبت:
يختار الطالب أحد تلخيصات زملائه ويعمل على تصحيحه، مبينا ما فاته من مسائل وما قصر فيه من أدوات التحرير العلمي و الصياغة والعرض ونحو هذا؛ وحتى يحقق هذا المطلوب سيحتاج الطالب قراءة جيدة للدرس ربما تفوق قراءته الشخصية لعمل واجبه، وهذا المطلوب سينمي لديكم عدة مهارات منها التصحيح، والتفطن لمواضع الخطأ ومن ثم تجنبها فيما يستقبل من أعمالكم، والتوسع في فهم بعض المسائل حتى تتمكنوا من شرحها للآخرين.
٦. تقوم هيئة التصحيح بتصحيح جميع أعمالكم في الأسبوع التالي بإذن الله، بما فيها إرشادات على تصحيحكم على نماذج زملائكم.
٧. في النهاية يفتح كل منكم ملفا في حاسوبه، يحتفظ فيه بتلخيص كامل دروس القسم ويفضل تعديل التلخيص وفق ملحوظات التصحيح، ليكتمل له في نهاية هذا المقرر بإذن الله أصلا علميا في تفسير سورة النساء.


وبهذا فإن المطلوب الأسبوعي منكم باختصار:
١. دراسة مقرر كل أسبوع.
٢. تلخيص أحد الدروس.
٣. تصحيح عمل واحد من أعمال زملائكم.
- يمنع التكرار في كل الأحوال حتى تستوعب جميع الأعمال.
زادكم الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 صفر 1441هـ/26-10-2019م, 07:37 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( ويتوب عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السَّجَاوَنْدِيُّ ، والأشموني .

مناسبة الآية :
الإشارة إلى ما سبق ذكره من آيات الميراث وأحوال النكاح الذي كان فيه البيان والهداية ، وهذا من خلاصة ما ذكره البقاعي .
مقصد الآية :
الإخبار والبيان عن الذي أحله وحرمه لنا من الشرائع ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وابن كثير.

المسائل التفسيرية :
معنى الإرادة :
لغة : المشيئة ، ذكر ذلك الجوهري .
وهو العزم والقصد ، كما ذكر ابن عاشور .

المراد بالإرادة في الآية :
الإرادة الشرعية ، ذكره ابن عاشور وغيره .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يريد ) :
تفيد التجدد والاستمرار ، ذكره ابن عاشور .
وذكر الزجاج أنها تفيد الاستقبال .


متعلق الفعل ( يريد ) :
فيه قولان :
القول الأول : أن متعلق الفعل هو التبيين ، وهو مذهب الكوفيين ، و ذكره أبو حيان.
وعلى هذا القول َاللَّامُ هِيَ النَّاصِبَةُ بِنَفْسِهَا لَا أَنْ مُضْمَرَةٌ بَعْدَهَا.
القول الثاني : أن متعلق الفعل محذوف ، وهو مذهب البصرين ، ذكره أبوحيان .
وقال ابو حيان : وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقُ الْإِرَادَةِ التَّبْيِينَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَعَدِّي الْفِعْلِ إِلَى مَفْعُولِهِ الْمُتَأَخِّرِ بِوَسَاطَةِ اللَّامِ.
الراجح : رجح أبو حيان القول الأول .

نوع اللام في قوله ( ليبين ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : أنها لام الجر ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأن لام الجر لا تدخل إلا على الأسماء .
القول الثاني : أنها لام زائدة ، ولها معنى لام التعليل ، وقول قول أبو البقاء وذكر ذلك النحاس والزمخشري وغيره .
القول الثالث :أنها لام كي ، وهو قول الفراء وذكره ابن عطية .
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأنه يلزمه تقدير أن ، لدخولها على الأسماء .
القول الرابع : اللام بمعنى أن ، وهو قول جماعة من أهل اللغة واختاره ابن جرير ، وضعفه الزجاج وابن عطية .
وهذا القول يعتبرون أن ( أن ) مصدرية ، و يحتجون بالنصوص الأخرى ، كقوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) وقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) .

الراجح:
أن القول الثاني والثالث ، محتملة ، وأما بقية الأقوال ففيها ضعف ، ورجح ابن عاشور أيضا القول الثاني ، وهو قول سيبويه أيضا ، وَمَفْعُولُ الْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهَا مَحْذُوفٌ يُقَدَّرُ بِالْقَرِينَةِ، أَيْ يُرِيدُ اللَّهُ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ لِيُبَيِّنَ.


الغرض من زيادة اللام في قوله ( ليبين ) :
للتأكيد على إرادةِ التَّبيينِ، وكذلك لتأكيدِ معنى الاستقبال اللَّازم للإرادة ، وهو حاصل ماذكره الزمخشري والبيضاوي .

المراد بالبيان في الآية :
بيان الحلال والحرام ، ذكره ابن كثير .

معنى الهداية :
الارشاد والدلالة ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج و ابن عطية .
هنا في هذه الآية لا يراد بها إلا الارشاد بسبب القرينة هنا وهي قوله ( سنن ) أي الطرق ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .

معنى سنن :
لغة : طرق ، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير .
قال الراغب الأصفهاني : السنن: جمع السنة أي الطريقة المستقيمة.
وأصلها من سن الماء، وعنه استُعير من سن السيف
لما كان يشبه عند صقله بالماء.

المراد بالسنن في الآية :
الطرائق الحميدة ، والشرائع التي يحبها الله ويرضاه ، ذكره ابن كثير ,

المراد بقوله ( من قبلكم ) :
المؤمنون جميعا من الأنبياء والذين اتبعوهم من قبل ،وهو حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية .

أوجه التماثل في هدايتنا مع الأمم السابقة :
ذكر ابن عطية وجهان :
الوجه الأول : من جهة مخطابتنا في القصص أمرا ونهيا كخطابهم في القصص ، وشرع لنا كما شرع لهم ، وإن اختلفت الأحكام .
الوجه الثاني : في السمع والطاعة فسمعنا وأطعنا كما سمعوا وأطاعوا .

نوع الواو في قوله ( ويتوب ) :
واو عطف ذكره النحاس وغيره .

معنى التوبة :
هي رجوعه به عن المعاصي إلى الطاعات ، ذكره ابن عطية .

المراد بالتوبة :
من الإثم والمحارم ، ذكره ابن كثير .

معنى ( عليم ) :
بموضع السنن و المصالح وبالشرائع ، ذكره ابن عطية .

معنى (حكيم ):
مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان ، ذكره ابن عطية .

دلالة استعمال صيغة ( عليم ) ( حكيم ) :
للدلالة على المبالغة والكمال ، وهو حاصل ما ذكره أبو السعود .

مناسبة ختم الآية بقوله ( عليم حكيم ) :
ذكر ابن عطية مناسبتها ببداية الآية فقال :
عليمٌ هنا بحسب ما تقدم من سنن الشرائع وموضع المصالح وحكيمٌ أي مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان .

تفسير قوله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .
الوقف في قوله ( عظيما ) :
تام ، ذكره الأشموني .

القراءات:
القراءة في قوله ( ميلا ) :
القراءة الأولى :
«ميلا» بسكون الياء، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على أنها ميلا من الميل في اللغة .
القراءة الثانية :
«ميلا» بفتح الياء، وهي قراءة الحسن بن أبي الحسن ، ذكره ابن عطية وغيره .
لم أجد هذه القراءة .
الصواب : هي القراءة الأولى وهي قراءة الجمهور لان القراءة الأخرى لم تثبت .

مناسبة الآية :
هذه الآية تقوي الإخبار الأول ، ذكره ابن عطية

مقصد الآية :
-الدلال على الطاعات التي يكون فيها مغفرة للذنوب ،وهو حاصل ماذكره الزجاج .
-والإخبار واظهار فساد إرادة متبعي الشهوات ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية .

سبب نزول الآية :
كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية، وهذا قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .

المسائل التفسيرية :
معنى الواو في قوله ( والله يريد ) :
واو استئنافية ، ذكره النحاس .

الغرض من تقديم إرادة الله :
قدمت إرادة الله توطئة ، مظهرة لفساد إرادة متبعي الشهوات ، ذكره ابن عطية .

الغرض من تكرار الإرادة :
تقوية للإخبار الأول ، وليس المقصد في هذه الآية إلا الإخبار عن إرادة الذين يتبعون الشهوات ،ذكره ابن عطية .
وذكر السمين الحلبي ضعف هذا القول، و بين عدم وجود تكرار في الاية ، لأن الإرادة الأولى متعلقها تختلف عن متعلق الإرادة الثانية .
فقال : لا تكرار في الآية؛ لأنَّ تعلُّقَ الإِرادة بالتوبة في الأولِ على جهة العِلَّيَّة، وفي الثاني على جهةِ المفعولية، فقد اختلف المتعلَّقان.

معنى ( التوبة ) :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بقوله ( أن يتوب عليكم) في هذه الآية :
أن يكون سببا للتوبة والمغفرة عن سالف الذنوب .

معنى يتبعون الشهوات :
يتغلب عليهم شهواتهم ، ذكر ذلك ابن عاشور .

معنى الشهوات :
في اللغة جمع شهوة ، وتطلق في اللغة على رغبات النفس وميلولها .
قال الفيومي في المصباح المنير : الشَّهْوَةُ اشْتِيَاقُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ وَالْجَمْعُ شَهَوَاتٌ وَاشْتَهَيْتُهُ فَهُوَ مُشْتَهًى وَشَيْءٌ شَهِيٌّ مِثْلُ لَذِيذٍ.
وقال ابن منظور : شَهِيَ الشيءَ وشَهاهُ يَشْهاهُ شَهْوَةً واشْتَهَاهُ وتَشَهَّاهُ: أَحَبَّه ورَغِب فِيهِ.

المراد بالشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :الزنا ، وهو قول ابن عباس و مجاهد .
وقول ابن عباس عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على بعض معانيها اللغوية .فالشهوة هنا يقصد نوع من أنواع الشهوات المحرمة وهو الزنا .

القول الثاني : عموم أنواع الشهوات المذمومة ، وهو ما ذكره ابن جرير .

الراجح : عموم الشهوات المذمومة ، لعدم وجود مخصص في الآية ، ولوجود أل التعريف ، فيعم ، فيشمل الكل ، لقوله تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)، فذكرت الآيات أنواع الشهوات المباحة ، ولكن عندما قال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ، فهنا ذكر في صيغة الذم والوعيد فدل على أنه المقصود هو الشهوات المحرمة ، في الحديث الصحيح الذي وراه مسلم : (وحُفَّت النار بالشهوات) ، فهنا أيضا يقصد الشهوات المذمومة ؛ لأن الآية في سياق الذم ، فقال ( تميلوا ميلا عظيما ) ، أي أنه ليس بالميل العادي بل الميل العظيم عن القصد .

المراد بمتبعي الشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول : الزناة ، وهو قول ابن عباس ومجاهد .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وهذا القول مبني على تخصيص ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات .
ووجه هذا القول أيضا أن الآيات السابقة تتكلم عن النكاح ، وهو الشهوة المباحة وذكر بعدها الشهوة المحرمة وهو الزنا فيكون على هذا أن متبعي الشهوات هم الزناة .
وأيضا هذا القول مبني على ذكر بعض أنواع متبعي الشهوات وهم الزناة .

الثاني : اليهود والنصارى ، وهو قول السدي .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/621)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به).
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات .
ووجه هذا القول أيضا وهو سياق الآيات التي بعد ذلك التي تكلمت عن أهل الكتاب ، ففي قوله تعالى : ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يَشْتَرُونَ الضلالة وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السبيل}، فكان هذا مبينا لما كان مجملا في أولها .

الثالث : اليهود خاصة ، وهو قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .
وبكير بن معروف ثقة ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات .
وهذا القول مبني على سبب نزول هذه الآية ، حيث كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية.

الرابع : المجوس ، وهو قول ذكره البغوي وغيره .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد الذين يتبعون الشهوات، ومبني على سبب نزول الآية التي قيل فيها .
قال البغوي : كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرمهنّ اللَّه قالوا: فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة، والخالة والعمة عليكم حرام، فانكحوا بنات الأخ والأخت، فنزلت.
لم أجد هذا السبب في النزول في المجوس .

الخامس : كل متبع شهوة في دينه ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن ابن وهب عن ابن زيد .
ابن زيد ضعيف ، قال عنه الذهبي : لين ، وذكره ضعفه أيضا العقيلي في الضعفاء .
وهذا القول مبني على عموم اللفظ بصيغة الجمع في قوله ( يتبعون ) ، فعم جميع الأفراد ،سواء يهود أو نصارى أو أهل الفسق .

الراجح : الراجح عموم جميع الأقوال دون تخصيص لعدم وجود مخصص لها لفرد دون آخر ، ورجح ها القول ابن جرير وغيره ، وأيضا في قوله ( الشهوات ) : أل التعريف تفيد العموم ، ولم يخصص نوع دون دون من الشهوات فيدل على العموم ، كما قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ، ومنه قوله تعالى : ( ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].
وبقية الأقوال كلها من قبيل الأمثلة على متبعي الشهوات .

دلالة إضافة الاتباع إلى الشهوات :
اتباع الشهوات دليل على اتباعهم الشيطان ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثير .
ووجه هذا القول هو دلالة النصوص الأخرى التي تذكر عن أن اتباع الباطل هو اتباع للشيطان وخطواته ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ) ، وقوله تعالى : (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ) ، وقال أيضا : (أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يبَنِى ءادَمَ أَن لاَّ تَعبُدُوا الشَّيطَـانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوُّ مٌّبِينٌ وَأَنِ اعبُدُونِى هَـاذَا صِراطٌ مٌّستَقِيمٌ} [يس: 60، 61].


معنى الميل :
العدل عن القصد والحق إلى الباطل ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية .

المراد بالميل العظيم :
اختلفوا في المراد على أقوال :
القول الأول : أن تكونوا مثلهم تزنون كما يزنون. ،وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيه جهالة لعدم ذكر الرجل .
ووجه هذا القول على من قال أن الشهوات هو الزنا فيكون الميل بالوقوع في الباطل بشكل شديد وهو الزنا .

القول الثاني : استحلال نكاح الأخوات ،وهو قول السدي ومقاتل بن حيان .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به).
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وأما قول مقاتل بن حيان فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/926 ) عن عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ.
وهذا القول مبني على أن الآية نزلت في نكاح الأخوات .

القول الثالث ، ترك أمر الله وترك الدين ، وهو قول ابن زيد .
وهذا القول مبني على معنى الميل في اللغة هو العدول عن القصد ، والعدل عن الصراط المستقيم بترك بأمر أمر الله أو بترك الدين كله .

الراجح :
أنها تشمل كل الأقوال ، فلا تعارض بينها ، فيمكن حمل الأقوال جميعها ، وأن الميل العظيم هو في أي أنواع المعاصي أو في كل المعاصي أو في ترك الدين كله ، ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) .

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}
الوقف :
الوقف في قوله ( أن يخفف عنكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .

الوقف في قوله ( عنكم ) :
قولان :
الأول : كاف ، وذكره الأشموني .
ومبني على قراءة ضم الخاء .
الثاني : الوصل ، وذكره الأشموني .
وهذا مبني على قراءة فتح الخاء ( خلق ) ، لأن الكلام واحد .
الصواب أن القراءة الثانية لم تثبت .

الوقف في قوله ( ضعيفا ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .
تام للابتداء بياء النداء .

القراءات :
القراءة في قوله ( خلق الإنسان ) :
القول الأول : (خلق الإنسان ) قراءة الجمهور بالضم .
القول الثاني : قراءة الفتح : أي خلق الله الإنسان ، روي عن ابن عباس ، ذكره مكي وابن عطية وغيرهم .
لم أجد هذا الأثر عن ابن عباس .

مناسبة الآية :
تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك ، ذكره ابن عطية .

مقصد الآية :
بيان يسر الدين وتيسيره ، ذكره ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
الغرض من تكرار الإرادة :
للتأكيد ،وبسط التقرير ،ذكره النحاس .

المراد بالتخفيف :
فيه قولان :
الأول : التيسير في نكاح الأمة ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وهذا القول مبني على الآيات السابقة التي تتكلم عن نكاح الأمة .

الثاني : التيسير في نكاح الأمة وفي كل أمر ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن المنذر في تفسيره (2/658) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره (153) عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
وهو قول مبني على عموم الآية وعلى الايات السابقة ، فلم يذكر في هذه الآية نوع دون نوع فيدل على عموم ذلك .
الراجح :
الراجح هو القول الثاني لشمول يسر هذا الدين ، كقوله تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ، وقوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج }، ومن جهة أخرى نجد لفظ ( يخفف ) جاءت بصيغة المضارع فيدل على استمرارية التخفيف في شرائع الدين كلها .

متعلق الجار والمجرور في قوله : ( عنكم ) :
في الشرائع والأوامر والنواهي وما يقدره لنا ، ذكره ابن كثير .

معنى خلق :
قولان :
الأول : بمعنى في أصل بنيته ونفسه ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
وهذا القول على أن خلق بالضم فعل لما لم يسم فاعله ، بمعنى : أي وخلق الله الإنسان ضعيفا.
الثاني : بمعنى جعل ، ذكره ابن عطية .
وهذا القول ذكر ابن عادل خطأه .
الراجح :
الراجح هو القول الأول لأن القول الثاني لم يصح في اللغة العربية أن خلق تأتي بمعنى جعل ، ولا تتعدى بمفعولين .
وقال أبو حيان : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، بَلِ الَّذِي ذَكَرَ النَّاسُ أَنَّ مِنْ أَقْسَامِ جَعَلَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى خَلَقَ، فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ )، أَمَّا الْعَكْسُ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْنَاهُ.

دلالة أل التعريف في قوله : ( الإنسان ) :
أل للجنس ، وتفيد الاستغراق ، وهو جميع جنس الإنسان ، وذكره أيوب جرجيس وغيره .

معنى الضعف :
ضد القوة ، ذكر ذلك ابن منظور وغيره من أهل اللغة .

المراد بالضعف :
فيه قولان :
القول الأول : الضعف العام ، في همته وعزيمته ونفسه ،فيستميله هواه وشهوته ، وهو حاصل قول مجاهد وطاوس ذكره البغوي وابن كثير .
ولم يصح نسبة الأقوال إلى مجاهد وطاووس .
وهذا القول مبني على أنه حال للإنسان عموما ، وأن الإنسان لفظ جنس عام .

القول الثاني : الضعف في النساء ، وهو قول طاوس بن كيسان .
وقول طاووس بن كيسان أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/154)والثوري في تفسيره و مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جرير في تفسيره (6/624) معمر عن ابن طاووس عن أبيه، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)من طرق عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه ، بألفاظ متقاربة .
ووجه هذا القول من جهة سياق الآيات السابقة التي تكلمت عن النكاح ، ثم في هذه الآية التخفيف فختمها في بيان سبب التخفيف وهو علمه سبحانه بضعفه في ترك النكاح فهو ضعيف في أمر النكاح ، وهو ضعف في بعض أمور هذا الإنسان .

القول الثالث : ضعف من جهة خلقه من ماء مهين ، وهو قول الحسن ، ذكره البغوي .
ووجه هذا القول من جهة كونه مجمل وجاء تفصيله في نص آخر من القرآن ، فقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الرُّومِ: 54]
الراجح :
أنه يشمل كل الأقوال ، لأن الإنسان هنا جاء معرف بأل ، ويشمل جنس الإنسان ، فيكون الكلام عاما على جنس الإنسان ، ويؤيد هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحه من طرق عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسِ بْنِ قُهْدٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ طَعَامًا فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَوَجَدَهُ حَارًّا فَقَالَ: "حَسِّ" وَقَالَ: "ابْنُ آدَمَ إِنَّ أَصَابَهُ بَرْدٌ, قَالَ: حَسِّ وَإِنَّ أَصَابَهُ حر) واللفظ لابن حبان ، وكلهم بنفس اللفظ مع زيادات .( صححه الألباني ) .
فالإنسان في نشأته وتكوينه ضعيف ، كما قال تعالى : ( هل على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا . إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) ، فبعد ضعفه وعدم قدرته جعل له السمع والأبصار ليبتليه ، ويشهد على ذلك أيضا قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)
وأما ضعفه في أمر النساء ، يشهد لذلك في قصة يوسف عليه السلام حينما راودت المرأة يوسف عليه السلام ،فعصمه الله وصرف عنه السوء والفحشاء ، فقال تعالى : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ . وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
وقد قال الله تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء ) ، فهذا دليل على أنه مجبول على هذا الضعف فلا يستطيع تركه .
وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.

الموضع الإعرابي لقوله تعالى : ( ضعيفا ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول :حال ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول على أن أنه حال من الإنسان وهي حال مؤكدة، أي لا يقوى على مغالبة الشهوات ومدافعة النفس الأمّارة بالسوء.

الثاني : نصب على أنه مفعول ثاني ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول باعتبار خلق بمعنى جعل وتتعدى لمفعولين .

الراجح : كلا القولين صحيحين عند ابن عطية ، غير أن ابن عادل يرى عدم صحة القول الثاني لأنه لم يرد عن أهل اللغة من ذكر أن خلق بمعنى جعل وتتعدى مفعولين .
فقال ابن عادل : وهذا الذي ذكره غريب لم نرهم نَصُّوا على أن خلق يكون ك «جعل» فيتعدى لاثنين مع حصرهم الأفعال المتعدية للاثنين، ورأيناها يقولون: إن «جَعَلَ» إذا كان بمعنى «خَلَقَ» تعدت لواحد.

مناسبة ختم الآية بقوله ( وخلق الإنسان ضعيفا ) :
لبيان علة التخفيف ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وغيره .

مسألة عقدية :
نوع الإرادة في الآيات السابقة :
ارادة شرعية دينية ،وهو قول أهل السنة والجماعة ، وذكر ذلك الحكمي وغيره من أهل العلم .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 صفر 1441هـ/26-10-2019م, 09:59 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل وإضافة :
تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( ويتوب عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السَّجَاوَنْدِيُّ ، والأشموني .

مناسبة الآية :
الإشارة إلى ما سبق ذكره من آيات الميراث وأحوال النكاح الذي كان فيه البيان والهداية ، وهذا من خلاصة ما ذكره البقاعي .
مقصد الآية :
الإخبار والبيان عن الذي أحله وحرمه لنا من الشرائع ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وابن كثير.

المسائل التفسيرية :
معنى الإرادة :
لغة : المشيئة ، ذكر ذلك الجوهري .
وهو العزم والقصد ، كما ذكر ابن عاشور .

المراد بالإرادة في الآية :
الإرادة الشرعية ، ذكره ابن عاشور وغيره .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يريد ) :
تفيد التجدد والاستمرار ، ذكره ابن عاشور .
وذكر الزجاج أنها تفيد الاستقبال .


متعلق الفعل ( يريد ) :
فيه قولان :
القول الأول : أن متعلق الفعل هو التبيين ، وهو مذهب الكوفيين ، و ذكره أبو حيان.
وعلى هذا القول َاللَّامُ هِيَ النَّاصِبَةُ بِنَفْسِهَا لَا أَنْ مُضْمَرَةٌ بَعْدَهَا.
القول الثاني : أن متعلق الفعل محذوف ، وهو مذهب البصرين ، ذكره أبوحيان .
وقال ابو حيان : وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقُ الْإِرَادَةِ التَّبْيِينَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَعَدِّي الْفِعْلِ إِلَى مَفْعُولِهِ الْمُتَأَخِّرِ بِوَسَاطَةِ اللَّامِ.
الراجح : رجح أبو حيان القول الأول .

نوع اللام في قوله ( ليبين ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : أنها لام الجر ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأن لام الجر لا تدخل إلا على الأسماء .
القول الثاني : أنها لام زائدة ، ولها معنى لام التعليل ، وقول قول أبو البقاء وذكر ذلك النحاس والزمخشري وغيره .
القول الثالث :أنها لام كي ، وهو قول الفراء وذكره ابن عطية .
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأنه يلزمه تقدير أن ، لدخولها على الأسماء .
القول الرابع : اللام بمعنى أن ، وهو قول جماعة من أهل اللغة واختاره ابن جرير ، وضعفه الزجاج وابن عطية .
وهذا القول يعتبرون أن ( أن ) مصدرية ، و يحتجون بالنصوص الأخرى ، كقوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) وقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) .

الراجح:
أن القول الثاني والثالث ، محتملة ، وأما بقية الأقوال ففيها ضعف ، ورجح ابن عاشور أيضا القول الثاني ، وهو قول سيبويه أيضا ، وَمَفْعُولُ الْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهَا مَحْذُوفٌ يُقَدَّرُ بِالْقَرِينَةِ، أَيْ يُرِيدُ اللَّهُ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ لِيُبَيِّنَ.


الغرض من زيادة اللام في قوله ( ليبين ) :
للتأكيد على إرادةِ التَّبيينِ، وكذلك لتأكيدِ معنى الاستقبال اللَّازم للإرادة ، وهو حاصل ماذكره الزمخشري والبيضاوي .

معنى يبين :
يوضح ، ذكره ابن منظور والسمعاني .

المراد بالبيان في الآية :
بيان الحلال والحرام ، ذكره ابن كثير .

معنى الهداية :
الارشاد والدلالة ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج و ابن عطية .
هنا في هذه الآية لا يراد بها إلا الارشاد بسبب القرينة هنا وهي قوله ( سنن ) أي الطرق ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .

معنى سنن :
لغة : طرق ، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير .
قال الراغب الأصفهاني : السنن: جمع السنة أي الطريقة المستقيمة.
وأصلها من سن الماء، وعنه استُعير من سن السيف
لما كان يشبه عند صقله بالماء.

المراد بالسنن في الآية :
الطرائق الحميدة ، والشرائع التي يحبها الله ويرضاه ، ذكره ابن كثير ,

المراد بقوله ( من قبلكم ) :
المؤمنون جميعا من الأنبياء والذين اتبعوهم من قبل ،وهو حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية .

أوجه التماثل في هدايتنا مع الأمم السابقة :
ذكر ابن عطية وجهان :
الوجه الأول : من جهة مخطابتنا في القصص أمرا ونهيا كخطابهم في القصص ، وشرع لنا كما شرع لهم ، وإن اختلفت الأحكام .
الوجه الثاني : في السمع والطاعة فسمعنا وأطعنا كما سمعوا وأطاعوا .

نوع الواو في قوله ( ويتوب ) :
واو عطف ذكره النحاس وغيره .

معنى التوبة :
هي رجوعه به عن المعاصي إلى الطاعات ، ذكره ابن عطية .

المراد بالتوبة :
من الإثم والمحارم ، ذكره ابن كثير .

معنى ( عليم ) :
بموضع السنن و المصالح وبالشرائع ، ذكره ابن عطية .

معنى (حكيم ):
مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان ، ذكره ابن عطية .

دلالة استعمال صيغة ( عليم ) ( حكيم ) :
للدلالة على المبالغة والكمال ، وهو حاصل ما ذكره أبو السعود .

مناسبة ختم الآية بقوله ( عليم حكيم ) :
ذكر ابن عطية مناسبتها ببداية الآية فقال :
عليمٌ هنا بحسب ما تقدم من سنن الشرائع وموضع المصالح وحكيمٌ أي مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان .

تفسير قوله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .
الوقف في قوله ( عظيما ) :
تام ، ذكره الأشموني .

القراءات:
القراءة في قوله ( ميلا ) :
القراءة الأولى :
«ميلا» بسكون الياء، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على أنها ميلا من الميل في اللغة .
القراءة الثانية :
«ميلا» بفتح الياء، وهي قراءة الحسن بن أبي الحسن ، ذكره ابن عطية وغيره .
لم أجد هذه القراءة .
الصواب : هي القراءة الأولى وهي قراءة الجمهور لان القراءة الأخرى لم تثبت .

مناسبة الآية :
هذه الآية تقوي الإخبار الأول ، ذكره ابن عطية

مقصد الآية :
-الدلال على الطاعات التي يكون فيها مغفرة للذنوب ،وهو حاصل ماذكره الزجاج .
-والإخبار واظهار فساد إرادة متبعي الشهوات ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية .

سبب نزول الآية :
كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية، وهذا قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .

المسائل التفسيرية :
معنى الواو في قوله ( والله يريد ) :
واو استئنافية ، ذكره النحاس .

الغرض من تقديم إرادة الله :
قدمت إرادة الله توطئة ، مظهرة لفساد إرادة متبعي الشهوات ، ذكره ابن عطية .

الغرض من تكرار الإرادة :
تقوية للإخبار الأول ، وليس المقصد في هذه الآية إلا الإخبار عن إرادة الذين يتبعون الشهوات ،ذكره ابن عطية .
وذكر السمين الحلبي ضعف هذا القول، و بين عدم وجود تكرار في الاية ، لأن الإرادة الأولى متعلقها تختلف عن متعلق الإرادة الثانية .
فقال : لا تكرار في الآية؛ لأنَّ تعلُّقَ الإِرادة بالتوبة في الأولِ على جهة العِلَّيَّة، وفي الثاني على جهةِ المفعولية، فقد اختلف المتعلَّقان.

معنى ( التوبة ) :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بقوله ( أن يتوب عليكم) في هذه الآية :
أن يكون سببا للتوبة والمغفرة عن سالف الذنوب .

معنى يتبعون الشهوات :
يتغلب عليهم شهواتهم ، ذكر ذلك ابن عاشور .

معنى الشهوات :
في اللغة جمع شهوة ، وتطلق في اللغة على رغبات النفس وميلولها .
قال الفيومي في المصباح المنير : الشَّهْوَةُ اشْتِيَاقُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ وَالْجَمْعُ شَهَوَاتٌ وَاشْتَهَيْتُهُ فَهُوَ مُشْتَهًى وَشَيْءٌ شَهِيٌّ مِثْلُ لَذِيذٍ.
وقال ابن منظور : شَهِيَ الشيءَ وشَهاهُ يَشْهاهُ شَهْوَةً واشْتَهَاهُ وتَشَهَّاهُ: أَحَبَّه ورَغِب فِيهِ.

المراد بالشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :الزنا ، وهو قول ابن عباس و مجاهد .
وقول ابن عباس عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على بعض معانيها اللغوية .فالشهوة هنا يقصد نوع من أنواع الشهوات المحرمة وهو الزنا .

القول الثاني : عموم أنواع الشهوات المذمومة ، وهو ما ذكره ابن جرير .

الراجح : عموم الشهوات المذمومة ، لعدم وجود مخصص في الآية ، ولوجود أل التعريف ، فيعم ، فيشمل الكل ، لقوله تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)، فذكرت الآيات أنواع الشهوات المباحة ، ولكن عندما قال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ، فهنا ذكر في صيغة الذم والوعيد فدل على أنه المقصود هو الشهوات المحرمة ، في الحديث الصحيح الذي وراه مسلم : (وحُفَّت النار بالشهوات) ، فهنا أيضا يقصد الشهوات المذمومة ؛ لأن الآية في سياق الذم ، فقال ( تميلوا ميلا عظيما ) ، أي أنه ليس بالميل العادي بل الميل العظيم عن القصد .

المراد بمتبعي الشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول : الزناة ، وهو قول ابن عباس ومجاهد .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وهذا القول مبني على تخصيص ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات .
ووجه هذا القول أيضا أن الآيات السابقة تتكلم عن النكاح ، وهو الشهوة المباحة وذكر بعدها الشهوة المحرمة وهو الزنا فيكون على هذا أن متبعي الشهوات هم الزناة .
وأيضا هذا القول مبني على ذكر بعض أنواع متبعي الشهوات وهم الزناة .

الثاني : اليهود والنصارى ، وهو قول السدي .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/621)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به).
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات .
ووجه هذا القول أيضا وهو سياق الآيات التي بعد ذلك التي تكلمت عن أهل الكتاب ، ففي قوله تعالى : ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يَشْتَرُونَ الضلالة وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السبيل}، فكان هذا مبينا لما كان مجملا في أولها .

الثالث : اليهود خاصة ، وهو قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .
وبكير بن معروف ثقة ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات .
وهذا القول مبني على سبب نزول هذه الآية ، حيث كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية.

الرابع : المجوس ، وهو قول ذكره البغوي وغيره .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد الذين يتبعون الشهوات، ومبني على سبب نزول الآية التي قيل فيها .
قال البغوي : كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرمهنّ اللَّه قالوا: فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة، والخالة والعمة عليكم حرام، فانكحوا بنات الأخ والأخت، فنزلت.
لم أجد هذا السبب في النزول في المجوس .

الخامس : كل متبع شهوة في دينه ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن ابن وهب عن ابن زيد .
ابن زيد ضعيف ، قال عنه الذهبي : لين ، وذكره ضعفه أيضا العقيلي في الضعفاء .
وهذا القول مبني على عموم اللفظ بصيغة الجمع في قوله ( يتبعون ) ، فعم جميع الأفراد ،سواء يهود أو نصارى أو أهل الفسق .

الراجح : الراجح عموم جميع الأقوال دون تخصيص لعدم وجود مخصص لها لفرد دون آخر ، ورجح ها القول ابن جرير وغيره ، وأيضا في قوله ( الشهوات ) : أل التعريف تفيد العموم ، ولم يخصص نوع دون دون من الشهوات فيدل على العموم ، كما قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ، ومنه قوله تعالى : ( ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].
وبقية الأقوال كلها من قبيل الأمثلة على متبعي الشهوات .

دلالة إضافة الاتباع إلى الشهوات :
اتباع الشهوات دليل على اتباعهم الشيطان ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثير .
ووجه هذا القول هو دلالة النصوص الأخرى التي تذكر عن أن اتباع الباطل هو اتباع للشيطان وخطواته ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ) ، وقوله تعالى : (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ) ، وقال أيضا : (أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يبَنِى ءادَمَ أَن لاَّ تَعبُدُوا الشَّيطَـانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوُّ مٌّبِينٌ وَأَنِ اعبُدُونِى هَـاذَا صِراطٌ مٌّستَقِيمٌ} [يس: 60، 61].


معنى الميل :
العدل عن القصد والحق إلى الباطل ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية .
معنى عظيما :
شديدا ، ذكره ابن جرير .

المراد بالميل العظيم :
اختلفوا في المراد على أقوال :
القول الأول : أن تكونوا مثلهم تزنون كما يزنون. ،وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيه جهالة لعدم ذكر الرجل .
ووجه هذا القول على من قال أن الشهوات هو الزنا فيكون الميل بالوقوع في الباطل بشكل شديد وهو الزنا .

القول الثاني : استحلال نكاح الأخوات ،وهو قول السدي ومقاتل بن حيان .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به).
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وأما قول مقاتل بن حيان فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/926 ) عن عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ.
وهذا القول مبني على أن الآية نزلت في نكاح الأخوات .

القول الثالث ، ترك أمر الله وترك الدين ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن ابن وهب عن ابن زيد .
ابن زيد ضعيف ، قال عنه الذهبي : لين ، وذكره ضعفه أيضا العقيلي في الضعفاء .
وهذا القول مبني على معنى الميل في اللغة هو العدول عن القصد ، والعدل عن الصراط المستقيم بترك بأمر أمر الله أو بترك الدين كله .

الراجح :
أنها تشمل كل الأقوال ، فلا تعارض بينها ، فيمكن حمل الأقوال جميعها ، وأن الميل العظيم هو في أي أنواع المعاصي أو في كل المعاصي أو في ترك الدين كله ، ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ، وقوله تعالى : ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) ، وقوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ).

مناسبة ختم الآية بقوله ( ميلا عظيما ) :
للتخصيص ، فمن ترك الخيرات والعمل الصالح للكسل أسهل ممن تركه لضلالته ، وهذا خلاصة ما ذكره الراغب الأصفهاني .


تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}
الوقف :
الوقف في قوله ( أن يخفف عنكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .

الوقف في قوله ( عنكم ) :
قولان :
الأول : كاف ، وذكره الأشموني .
ومبني على قراءة ضم الخاء .
الثاني : الوصل ، وذكره الأشموني .
وهذا مبني على قراءة فتح الخاء ( خلق ) ، لأن الكلام واحد .
الصواب أن القراءة الثانية لم تثبت .

الوقف في قوله ( ضعيفا ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .
تام للابتداء بياء النداء .

القراءات :
القراءة في قوله ( خلق الإنسان ) :
القول الأول : (خلق الإنسان ) قراءة الجمهور بالضم .
القول الثاني : قراءة الفتح : أي خلق الله الإنسان ، روي عن ابن عباس ، ذكره مكي وابن عطية وغيرهم .
لم أجد هذا الأثر عن ابن عباس .

مناسبة الآية :
تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك ، ذكره ابن عطية .

مقصد الآية :
بيان يسر الدين وتيسيره ، ذكره ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
الغرض من تكرار الإرادة :
للتأكيد ،وبسط التقرير ،ذكره النحاس .

المراد بالتخفيف :
فيه قولان :
الأول : التيسير في نكاح الأمة ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وهذا القول مبني على الآيات السابقة التي تتكلم عن نكاح الأمة .

الثاني : التيسير في نكاح الأمة وفي كل أمر ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن المنذر في تفسيره (2/658) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره (153) عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
وهو قول مبني على عموم الآية وعلى الايات السابقة ، فلم يذكر في هذه الآية نوع دون نوع فيدل على عموم ذلك .
الراجح :
الراجح هو القول الثاني لشمول يسر هذا الدين ، كقوله تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ، وقوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج }، ومن جهة أخرى نجد لفظ ( يخفف ) جاءت بصيغة المضارع فيدل على استمرارية التخفيف في شرائع الدين كلها .

متعلق الجار والمجرور في قوله : ( عنكم ) :
في الشرائع والأوامر والنواهي وما يقدره لنا ، ذكره ابن كثير .

معنى خلق :
قولان :
الأول : بمعنى في أصل بنيته ونفسه ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
وهذا القول على أن خلق بالضم فعل لما لم يسم فاعله ، بمعنى : أي وخلق الله الإنسان ضعيفا.
الثاني : بمعنى جعل ، ذكره ابن عطية .
وهذا القول ذكر ابن عادل خطأه .
الراجح :
الراجح هو القول الأول لأن القول الثاني لم يصح في اللغة العربية أن خلق تأتي بمعنى جعل ، ولا تتعدى بمفعولين .
وقال أبو حيان : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، بَلِ الَّذِي ذَكَرَ النَّاسُ أَنَّ مِنْ أَقْسَامِ جَعَلَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى خَلَقَ، فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ )، أَمَّا الْعَكْسُ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْنَاهُ.

دلالة أل التعريف في قوله : ( الإنسان ) :
أل للجنس ، وتفيد الاستغراق ، وهو جميع جنس الإنسان ، وذكره أيوب جرجيس وغيره .

معنى الضعف :
ضد القوة ، ذكر ذلك ابن منظور وغيره من أهل اللغة .

المراد بالضعف :
فيه قولان :
القول الأول : الضعف العام ، في همته وعزيمته ونفسه ،فيستميله هواه وشهوته ، وهو حاصل قول مجاهد وطاوس ذكره البغوي وابن كثير .
ولم يصح نسبة الأقوال إلى مجاهد وطاووس .
وهذا القول مبني على أنه حال للإنسان عموما ، وأن الإنسان لفظ جنس عام .

القول الثاني : الضعف في النساء ، وهو قول طاوس بن كيسان .
وقول طاووس بن كيسان أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/154)والثوري في تفسيره و مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جرير في تفسيره (6/624) معمر عن ابن طاووس عن أبيه، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)من طرق عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه ، بألفاظ متقاربة .
ووجه هذا القول من جهة سياق الآيات السابقة التي تكلمت عن النكاح ، ثم في هذه الآية التخفيف فختمها في بيان سبب التخفيف وهو علمه سبحانه بضعفه في ترك النكاح فهو ضعيف في أمر النكاح ، وهو ضعف في بعض أمور هذا الإنسان .

القول الثالث : ضعف من جهة خلقه من ماء مهين ، وهو قول الحسن ، ذكره البغوي .
ووجه هذا القول من جهة كونه مجمل وجاء تفصيله في نص آخر من القرآن ، فقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الرُّومِ: 54]
الراجح :
أنه يشمل كل الأقوال ، لأن الإنسان هنا جاء معرف بأل ، ويشمل جنس الإنسان ، فيكون الكلام عاما على جنس الإنسان ، ويؤيد هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحه من طرق عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسِ بْنِ قُهْدٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ طَعَامًا فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَوَجَدَهُ حَارًّا فَقَالَ: "حَسِّ" وَقَالَ: "ابْنُ آدَمَ إِنَّ أَصَابَهُ بَرْدٌ, قَالَ: حَسِّ وَإِنَّ أَصَابَهُ حر) واللفظ لابن حبان ، وكلهم بنفس اللفظ مع زيادات .( صححه الألباني ) .
فالإنسان في نشأته وتكوينه ضعيف ، كما قال تعالى : ( هل على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا . إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) ، فبعد ضعفه وعدم قدرته جعل له السمع والأبصار ليبتليه ، ويشهد على ذلك أيضا قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)
وأما ضعفه في أمر النساء ، يشهد لذلك في قصة يوسف عليه السلام حينما راودت المرأة يوسف عليه السلام ،فعصمه الله وصرف عنه السوء والفحشاء ، فقال تعالى : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ . وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
وقد قال الله تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء ) ، فهذا دليل على أنه مجبول على هذا الضعف فلا يستطيع تركه .
وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.

الموضع الإعرابي لقوله تعالى : ( ضعيفا ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول :حال ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول على أن أنه حال من الإنسان وهي حال مؤكدة، أي لا يقوى على مغالبة الشهوات ومدافعة النفس الأمّارة بالسوء.

الثاني : نصب على أنه مفعول ثاني ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول باعتبار خلق بمعنى جعل وتتعدى لمفعولين .

الراجح : كلا القولين صحيحين عند ابن عطية ، غير أن ابن عادل يرى عدم صحة القول الثاني لأنه لم يرد عن أهل اللغة من ذكر أن خلق بمعنى جعل وتتعدى مفعولين .
فقال ابن عادل : وهذا الذي ذكره غريب لم نرهم نَصُّوا على أن خلق يكون ك «جعل» فيتعدى لاثنين مع حصرهم الأفعال المتعدية للاثنين، ورأيناها يقولون: إن «جَعَلَ» إذا كان بمعنى «خَلَقَ» تعدت لواحد.

مناسبة ختم الآية بقوله ( وخلق الإنسان ضعيفا ) :
لبيان علة التخفيف ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وغيره .

مسألة عقدية :
نوع الإرادة في الآيات السابقة :
ارادة شرعية دينية ،وهو قول أهل السنة والجماعة ، وذكر ذلك الحكمي وغيره من أهل العلم .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 4 ربيع الأول 1441هـ/1-11-2019م, 07:24 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

عذرا هناك نقص انتبهت له وعدلته :
القول الثاني : الضعف في النساء ، وهو قول طاوس بن كيسان .
وقول طاووس بن كيسان أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/154)والثوري في تفسيره و مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جرير في تفسيره (6/624)وأبو بكر المالكي في المجالسة (3/463)وأبو نعيم في الحلية (4/12) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه، بألفاظ متقاربة ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)والخرائطي في اعتلال القلوب (1/103 )من طرق عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه ، بألفاظ متقاربة أيضا .
وطاووس بن كيسان ثقة ،قال ابن معينٍ وأبو زرعة: طاوس ثقةٌ.
ووجه هذا القول من جهة سياق الآيات السابقة التي تكلمت عن النكاح ، ثم في هذه الآية التخفيف فختمها في بيان سبب التخفيف وهو علمه سبحانه بضعفه في ترك النكاح فهو ضعيف في أمر النكاح ، وهو ضعف في بعض أمور هذا الإنسان .

القول الثالث : ضعف من جهة خلقه من ماء مهين ، وهو قول الحسن ، ذكره البغوي .
وقول الحسن لم أجده .
ووجه هذا القول من جهة كونه مجمل وجاء تفصيله في نص آخر من القرآن ، فقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ). [الرُّومِ: 54]
==============

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 ربيع الأول 1441هـ/1-11-2019م, 05:20 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22)
-سبب النزول :
سبب نزول الآية: أن العرب كان منهم قبائل قد اعتادت أن يخلف الرجل على امرأة أبيه وكان ذلك سائغًا عندهم ،فأنزل الله تعالى هذه الآية ليحرم هذا الفعل الشنيع ، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشِرْكهم إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه.
وقد روى ابن جرير عن ابن عباس من طريق عكرمة أنه قال : كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما يَحْرُم إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين. قال: فأنزل الله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" = ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ﴾
وروى ابن أبي حاتم عن عديّ بن ثابتٍ، عن رجلٍ من الأنصار قال: لمّا توفّي أبو قيس -يعني ابن الأسلت-وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيسٌ امرأته، فقالت: إنّما أعدّكّ ولدًا وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأستأمره. فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: إنّ أبا قيسٍ توفّي. فقال: "خيرًا". ثمّ قالت: إنّ ابنه قيسًا خطبني وهو من صالحي قومه. وإنّما كنت أعدّه ولدًا، فما ترى؟ فقال لها: "ارجعي إلى بيتك". قال: فنزلت هذه الآية {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} الآية.
وروى ابن جريرٍ عن عكرمة من طريق جريج أنها نزلت في أبي قيس ابن الأسلت، خلّف على أمّ عبيد اللّه بنت صخرٍ وكانت تحت الأسلت أبيه، وفي الأسود بن خلف، وكان خلف على ابنة أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدّار، وكانت عند أبيه خلف، وفي فاختة ابنة الأسود بن المطّلب بن أسدٍ، كانت عند أميّة بن خلف، فخلّف عليها صفوان ابن أميّة. ذكره ابن كثير وابن عطية
-مقصد الآية :
هي نص قاطع بين في تحريم نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة، كما عرفه أهل الجاهلية، لأنهم لم يعرفوا نكاح حلائل الآباء إلا على هذه الصورة التي بينها الله في كتابه، والتي أجمعت الأخبار على صفتها، أن يخلف الرجل على امرأة أبيه.
-القراءات في قوله تعالى : ( إلا ما قدسلف)
في قراءة أبيّ بن كعب «إلا ما قد سلف إلا من تاب».ذكره ابن عطية
أخرجه سفيان الثوري عن عاصمٍ عن زرٍّ عن أبي بن كعبٍ أنّه قال:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} إلّا من تاب فإنّ اللّه كان غفورا رحيما ).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زرّ بن حبيشٍ، عن أبيّ بن كعبٍ أنّه كان يقرؤها: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إلا من مات.
المسائل التفسيرية :
-المخاطب في الآية :
هذه الآية مخاطبة للمؤمنين من العرب في مدة نزول الآية .ذكره ابن عطية
-معنى النكاح :
"النِّكاحَ" في أصْلِ اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وقَدْ سَمَّوُا الوَطْءَ نَفْسَهُ نِكاحًا مِن غَيْرِ عَقْدٍ.
وقالَ القاضِي أبُو يَعْلى: قَدْ يُطْلَقُ النِّكاحُ عَلى العَقْدِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحْزابِ: 49] وهو حَقِيقَةٌ في الوَطْءِ، مَجازٌ في العَقْدِ، لِأنَّهُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، والجَمْعُ: إنَّما يَكُونُ بِالوَطْءِ، فَسُمِّيَ العَقْدُ نِكاحًا، لِأنَّهُ سَبَبٌ إلَيْهِ.ذكره ابن الجوزي
-حكم نكاح زوجة الأب :
أجمع العلماء على تحريم من وطئها الأب بتزويجٍ أو ملكٍ أو بشبهةٍ أيضًا.هذا حاصل ما ذكره المفسرون
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} يقول: « كل امرأة تزوجها أبوك أو ابنك دخل أو لم يدخل بها فهي عليك حرام ».
-المراد ب ( ما نكح ) في قوله تعالى( مانكح آباؤكم ) :
قالت فرقة: قوله: ما نكح يراد به النساء.
أي لا تنكحوا النساء اللواتي نكح آباؤكم، وقوله: إلّا ما قد سلف معناه: لكن ما قد سلف فدعوه .
وقال بعضهم: المعنى لكن ما قد سلف فهو معفو عنكم لمن كان واقعه، فكأنه قال تعالى ولا تفعلوا حاشا ما قد سلف، ف ما على هذا القول واقعة على من يعقل من حيث هؤلاء النساء صنف من أصناف من يعقل، وما تقع للأصناف والأوصاف ممن يعقل.
وقالت فرقة: قوله: ما نكح يراد به فعل الآباء، أي لا تنكحوا كما نكح آباؤكم من عقودهم الفاسدة، وقوله: إلّا ما قد سلف معناه إلا ما تقدم منكم ووقع من تلك العقود الفاسدة فمباحة لكم الإقامة عليه في الإسلام، إذا كان مما يقرر الإسلام عليه من جهة القرابة، ويجوزه الشرع أن لو ابتدئ نكاحه في الإسلام على سنته.
وقيل: معنى إلّا ما قد سلف أي فهو معفو عنكم.
قال ابن عطية :وما على هذا مصدرية .
وقال ابن زيد: معنى الآية: النهي عن أن يطأ الرجل امرأة وطئها الآباء، «إلا ما قد سلف» من الآباء في الجاهلية من الزنا، لا على وجه المناكحة، فذلك جائز لكم زواجهم في الإسلام، لأن ذلك الزنا كان فاحشة ومقتا، قال ابن زيد: فزاد في هذه الآية المقت.ذكره ابن عطية .
فأما قول ابن زيد فأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عنه .
الترجيح :
رجح الطبري رحمه الله القول الثالث بأن (مامصدرية )، فيكون قوله:"من النساء" من صلة قوله:"ولا تنكحوا"، ويكون قوله:"ما نكح آباؤكم" بمعنى المصدر، ويكون قوله:"إلا ما قد سلف" بمعنى الاستثناء المنقطع، لأنه يحسن في موضعه:"لكن ما قد سلف فمضى" ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا".
وبهذا يكون حرَّم عليهم في الإسلام بهذه الآية، نكاحَ حلائل الآباء وكلَّ نكاح سواه نهى الله تعالى ذكره [عن] ابتداء مثله في الإسلام،مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه في شِرْكهم.
المراد ب (كان ) في الآية :
(كان )في هذه الآية تقتضي الماضي والمستقبل»
روى هذا القول ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة .
وقال المبرد: هي زائدة، وذلك خطأ يرد عليه وجود الخبر منصوبا.ذكره ابن عطية .
-معنى فاحشة :
زنا .ذكره الزجاج
-معنى (مقتًا):
المقت: هو أشد البغض والاحتقار بسبب رذيلة يفعلها الممقوت، وهو فعل كبير في نفسه، وقال أبو عبيدة وغيره: كانت العرب تسمي الولد الذي يجيء من زوج الوالد المقتي .هذا حاصل ماذكره المفسرون .
-المراد بالمقت في الاية :
في المراد به قولان :
أحَدُهُما: أنَّهُ اسْمٌ لِهَذا النِّكاحِ، وكانُوا يُسَمُّونَ نِكاحَ امْرَأةَ الأبِ في الجاهِلِيَّةِ: مَقْتًا، ويُسَمُّونَ الوَلَدَ مِنهُ: "المَقْتِيَّ" . فَأُعْلِمُوا أنَّ هَذا الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ [مِن نِكاحِ امْرَأةِ الأبِ] لَمْ يَزَلْ مُنْكَرًا [فِي قُلُوبِهِمْ] مَمْقُوتًا عِنْدَهم. هَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ.
والثّانِي: أنَّهُ يُوجِبُ مَقْتَ اللَّهِ لِفاعِلِهِ، قالَه عطاء .هذا حاصل ماذكره المفسرون .
فأماقول عطاء فرواه عنه ابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد .
-سبب تسمية نكاح زوجة الأب مقتًا :
سمى الله تعالى هذا النكاح مقتاً إذ هو ذا مقت يلحق فاعله.ذكره ابن عطية
-الحكمة من تحريم زوجة الأب :
لأن هذا النكاح يؤدّي إلى مقت الابن أباه بعد أن يتزوّج بامرأته، فإنّ الغالب أنّ من تزوّج بامرأةٍ يبغض من كان زوجها قبله؛
وقال عطاء بن أبي رباح في قوله: {ومقتًا} أي: يمقت اللّه عليه
-فأما قول عطاء فرواه عنه ابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد .
-معنى قوله ( وساء سبيلا)
أي :بئس الطريق والمنهج لمن يسلكه، إذ عاقبته إلى عذاب الله.هذا حاصل ماذكره المفسرون .
-حكم من تزوج زوجة أبيه :
من تعاطاه بعد نزول الآية فقد ارتدّ عن دينه، فيقتل، ويصير ماله فيئًا لبيت المال. كما رواه الإمام أحمد وغيره ، عن البراء بن عازبٍ، عن خاله أبي بردة -وفي رواية: ابن عمر-وفي روايةٍ: عن عمّه: أنّه بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى رجلٍ تزوّج امرأة أبيه من بعده أن يقتله ويأخذ ماله.ذكره ابن كثير
استطرادات فقهية :
-حكم التزوج بالمرأة التي باشرها الوالد :
اختلف العلماء فيمن باشرها الأب بشهوةٍ دون الجماع، أو نظر إلى ما لا يحلّ له النّظر إليه منها لو كانت أجنبيّةً.ذكره ابن كثير
-الحكمة من تحريم الزواج بأمهات المؤمنين :
لأن في الغالب أنّ من تزوّج بامرأةٍ يبغض من كان زوجها قبله؛
والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، هو كالأب للأمّة بل حقّه أعظم من حقّ الآباء بالإجماع، بل حبّه مقدّمٌ على حبّ النّفوس صلوات اللّه وسلامه عليه.

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)
-سبب النزول :
قال ابن جريج: سألت عطاءً عن قوله: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} قال: كنّا نحدّث، واللّه أعلم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا نكح امرأة زيدٍ، قال المشركون بمكّة في ذلك، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} ونزلت: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}. ونزلت: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم}. ذكره ابن كثير وابن عطية .
روى قول عطاء ابن أبي حاتم وعبد الرزاق من طريق ابن جريج عنه .
-مقصد الآية :
مقصد هذه الآية الكريمة هو بيان المحرمات من النّسب، وما يتبعه من الرّضاع والمحارم بالصّهر.
-القراءات في قوله تعالى :(من الرضاعة )
قرأ أبو حيوة «من الرّضاعة» بكسر الراء.ذكره ابن عطية .
-القراءات في قوله تعالى :(اللآئي )
قرأ ابن مسعود «اللاي» بكسر الياء.ذكره ابن عطية .
-القراءات في قوله تعالى (أمهاتكم )
قرأ ابن هرمز «وأمهاتكم التي» بالإفراد، كأنه من جهة الإبهام يقع مع الواحد والجماعة.ذكره ابن عطية .
-المسائل التفسيرية :
-نوع التحريم في الآية :
يسمى التحريم المبهم، وكثير من أهل العلم لا يفرق في المبهم وغير المبهم تفريقا مقنعا.ذكره الزجاج
-معنى المبهم :
سمي المحرم المبهم بهذا الاسم لأنه لا يحل بوجه ولا سبب ولأن قوة التحريم فيه قوية .ذكره الزجاج وابن عطية .
بيان المحرمات من النساء:
روى سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: حرمت عليكم سبعٌ نسبًا، وسبعٌ صهرًا، وقرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم} الآية.
أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير .
وروى عمير مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: يحرم من النّسب سبعٌ ومن الصّهر سبعٌ، ثمّ قرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت} فهنّ النّسب.ذكره ابن عطية وابن كثير .
روى هذا القول عن ابن عباس الثوري من طريق عمير مولى ابن عباس .
وقال عمرو بن سالم مولى الأنصار: مثل ذلك، وجعل السابعة قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء}ذكره ابن عطية .
وأما قول عمرو بن سالم فرواه عنه ابن جرير من طريق مطرف .
وأماالسَّبْعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ: الْأُمَّهَاتُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالْأَخَوَاتُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَأُمَّهَاتُ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبُ وَحَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَالسَّابِعَةُ (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ).ذكره القرطبي .
-المراد بالأم في قوله تعالى( حرمت عليكم أمهاتهكم)
الأم كل من ولدت المرء وإن علت.ذكره ابن عطية
- المراد بالبنت في قوله تعالى (وبناتكم )
البنت كل من ولدها وإن سفلت .ذكره ابن عطية
- المراد بالأخت في قوله تعالى ( وأخواتكم )
الأخت كل من جمعه وإياها صلب أو بطن.ذكره ابن عطية
-المراد بالعمة في قوله تعالى ( وعماتكم ):
العمة أخت الأب وفيها العموم والإبهام .
وكذلك عمة الأب وعمة الأم وعمة العمة .ذكره ابن عطية
-المراد بالخالة في قوله تعالى ( وخالاتكم):
الخالة أخت الأم، كذلك فيهاالعموم والإبهام، وكذلك خالة الأب وخالة الأم وأما خالة العمة فينظر، فإن كانت العمة أخت أب لأم، أو لأب وأم فلا تحل خالة العمة، لأنها أخت الجدة، وإن كانت العمة إنما هي أخت أب لأب فقط فخالتها أجنبية من بني أخيها، تحل للرجال، ويجمع بينها وبين النساء، وكذلك عمة الخالة ينظر، فإن كانت الخالة أخت أم لأب، فعمتها حرام، لأنها أخت جد، وإن كانت الخالة أخت أم لأم فقط فعمتها أجنبية من بني أختها.ذكره ابن عطية
-المراد ببنات الأخ وبنات الأخت في قوله تعالى ( وبنات الأخ وبنات الأخت ) :
المراد بهم العموم سواء كانت الأخوة شقيقة. أو لأب أو لأم.ذكره ابن عطية
-أحكام الرضاع :
الرضاع يحرم ما يحرم النسب، والمرضعة أم، وما تقدم من أولادها وتأخر إخوة، وفحل اللبن أب، وما تقدم من أولاده وتأخر إخوة.
ولهذا روى البخاريّ ومسلمٌ في الصّحيحين من حديث مالك بن أنسٍ، عن عبد اللّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزمٍ، عن عمرة بنت عبد الرّحمن، عن عائشة أمّ المؤمنين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الرّضاعة تحرّم ما تحرّم الولادة»، وفي لفظٍ لمسلمٍ: «يحرم من الرّضاعة ما يحرم من النّسب».
واختلف الأئمة في عدد الرضاعة المحرمة على أقوال :
1- قيل أنّه يحرّم مجرّد الرّضاع لعموم هذه الآية. وهذا قول مالكٍ، ويحكى عن ابن عمر، وإليه ذهب سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزّبير، والزّهري.
2- قال غيرهم :« لا يحرّم أقلّ من ثلاث رضعاتٍ » لما ثبت في صحيح مسلمٍ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: « لا تحرّم المصة والمصّتان».
وقال قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد اللّه بن الحارث، عن أمّ الفضل قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم:« لا تحرم الرّضعة ولا الرّضعتان، والمصّة ولا المصّتان »، وفي لفظٍ آخر: « لا تحرّم الإملاجة ولا الإملاجتان » رواه مسلمٌ.
وممّن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد بن حنبلٍ، وإسحاق بن راهويه وغيرهم .
3-وقال آخرون: «لا يحرّم أقلّ من خمس رضعاتٍ»، لما ثبت في صحيح مسلمٍ من طريق مالكٍ، عن عبد اللّه بن أبي بكرٍ، عن عمرة عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: «كان فيما أنزل اللّه من القرآن: عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يحرّمن. ثمّ نسخن بخمسٍ معلوماتٍ، فتوفّي رسول اللّه صلّى للّه عليه وسلّم وهنّ فيما يقرأ من القرآن ».
وروى عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة نحو ذلك.
وفي حديث سهلة بنت سهيلٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمرها أن ترضع مولى أبي حذيفة خمس رضعاتٍ وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعاتٍ. وبهذا قال الشّافعيّ، رحمه اللّه تعالى وأصحابه.ذكره ابن كثير
الترجيح :
قال القرطبي : وَأَنَصُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ ﷺ: (لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَهُوَ يُفَسِّرُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) أَيْ أَرْضَعْنَكُمْ ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ فَأَكْثَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ، لِقَوْلِهِ: (عَشْرُ رَضَعَاتٍ معلومات. وخمس رضعات معلومات). فوصفها بِالْمَعْلُومَاتِ إِنَّمَا هُوَ تَحَرُّزٌ مِمَّا يُتَوَهَّمُ أَوْ يُشَكُّ فِي وُصُولِهِ إِلَى الْجَوْفِ. وَيُفِيدُ دَلِيلُ خِطَابِهِ أَنَّ الرَّضَعَاتِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَاتٍ لَمْ تُحَرِّمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْإِمْلَاجَةِ وَالْإِمْلَاجَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ، لِأَنَّهُ مَرَّةً يَرْوِيهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ، وَمِثْلُ هَذَا الِاضْطِرَابِ يُسْقِطُهُ.
-الوقت الذي يحصل فيه التحريم بالإرضاع :
اختلف الأئمة أيضا في الوقت الذي تحرم فيه الرضاعة على قولين :
أن الرضاعة تحرم في أي وقت من العمر وينسب هذا القول لعائشة رضي الله عنها وحجتها في ذلك حديث سهلة بنت سهيلٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمرها أن ترضع مولى أبي حذيفة خمس رضعاتٍ وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعاتٍ.
2-أنّه لا بدّ أن تكون الرّضاعة في سنّ الصّغر دون الحولين وهذا قول الجمهور. وحجتهم في ذلك قولهتعالى : {يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة}.وبأن حادثة سالم مولى أبي حُذيفة حكم خاص به .وهذا هو الراجح والله أعلم .هذا حاصل ما ذكره المفسرون
حكم لبن الفحل :
اختلف الأئمة فيه :
1-القول الأول أنه يحرم ، وهذا قول جمهور الأئمّة الأربعة وغيرهم.
2-أنه لا يحرم وإنّما يختصّ الرّضاع بالأمّ فقط، ولا ينتشر إلى ناحية الأب .
والقول الأول هو الراجح وهو الذي عليه عمل هذه الأمة سلفًا وخلفًا .
-حكم تحريم أم الزوجة :
قال جمهور أهل العلم: هي تامة العموم فيمن دخل بها أو لم يدخل، فبالعقد على الابنة حرمت الأم، وهذا مذهب جملة الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، وروي عن علي بن أبي طالب أنه قيل له في رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أيتزوج أمها؟ قال:« نعم، هي بمنزلة الربيبة».هذا حاصل ماذكره المفسرون .
فأما قول علي رضي الله عنه فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق خلاس بن عمرو .
الترجيح :
والقول الأول هو الراجح وهو مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا كما قال ابن جرير رحمه الله وغيره من المفسرين .
-نوع التحريم في قوله تعالى ( وأمهات نسائكم)
(وأمّهات نسائكم} قد اختلف الناس في هذه: فجعلها بعضهم مبهمة وجعلها بعضهم غير مبهمة.ذكره الزجاج .
وروي عن ابن عباس أنه قال: {وأمّهات نسائكم} من المبهمة.
روى قول ابن عباس عنه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة .
الراجح :
الراجح كما قال الطبري أنها مبهمة لأن جميع أهل العلم متقدّمهم ومتأخّرهم يرى أنها من المبهمات، وحرامٌ على من تزوّج امرأةً أمّها دخل بامرأته الّتي نكحها أو لم يدخل بها.

-مرجع الضمير في قوله تعالى ( اللاتي دخلتم بهن )
من جعلها مبهمة ،احتج بأن {اللّاتي دخلتم بهنّ} إنما هو متصل بالربائب، وبهذا تحرم أم الزوجة فور العقد على البنت ،ومن جعلها غير مبهمة احتج بأن (اللّاتي دخلتم بهنّ}متصل بالأمهات والربائب ، وبذلك لا تحرم أم الزوجة إلا بعد الدخول بالبنت ، وقالالزجاج : الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا.
هذا حاصل ماذكره المفسرون .
الترجيح :
قال الطبري : "الأمّ من المبهمات"؛ لأنّ اللّه لم يشرط معهنّ الدّخول كما شرط ذلك مع أمّهات الرّبائب، مع أنّ ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجّة الّتي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متّفقةً عليه ،وهذا مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا.
ويقوي هذا القول أن الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدًا .
معنى الربيبة :
الربيبة هي بنت امرأة الرجل من غيره،ومعناها: مربوبة، لأن الرجل هو يربّها، ويجوز أن تسمى: ربيبة لأنه تولى تربيتها، كانت في حجره أو لم تكن تربت في حجره.ذكره الزجاج وابن عطية .
حكم الربيبة :
أمّا الرّبيبة وهي بنت المرأة فلا تحرم بمجرّد العقد على أمّها حتّى يدخل بها، فإن طلّق الأمّ قبل الدّخول بها جاز له أن يتزوّج بنتها، ولهذا قال: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم} أي في تزويجهنّ، فهذا خاصٌّ بالرّبائب وحدهنّ.
و هي محرمة وإن كانت في غير الحجر، لأنها في حكم أنها في الحجر، إلا ما روي عن علي أنه قال: تحل إذا لم تكن في الحجر وإن دخل بالأم، إذا كانت بعيدة عنه.ذكره ابن عطية وابن كثير
فأما قول علي رضي الله عنه فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أوس الحدثان .
معنى الحجر :
يقال: حجر بكسر الحاء وفتحها، وهو مقدم ثوب الإنسان وما بين يديه منه في حالة اللبس، ثم استعملت اللفظة في الحفظ والستر، لأن اللابس إنما تحفظ طفلا وما أشبهه بذلك الموضع من الثوب.ذكره ابن عطية .
وقال ابن المنذر: حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، حدّثنا الأثرم، عن أبي عبيدة قوله: {اللاتي في حجوركم} قال:«في بيوتكم».ذكره ابن كثير .
سبب تخصيص الحجر بالذكر :
قوله تعالى: اللّاتي في حجوركم ذكر الأغلب في هذه الأمور، إذ هي حالة الربيبة في الأكثر.ذكره ابن عطية .
مرجع الضمير في قوله : ( اللآتي دخلتم بهن )
اختلف العلماء في ذلك على قولين :
1-أنه عائد على الأمهات والربائب ،فقال: لا تحرم واحدةٌ من الأم ولا البنت بمجرّد العقد على الأخرى حتّى يدخل بها؛ لقوله: {فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم}.
روي هذا القول عن علي رضي الله عنه من طريق خلاس بن عمرو وأخرجه عنه ابن جرير .
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ وعبد الأعلى، عن سعيدٍ عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، في رجلٍ تزوّج امرأةً فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوّج أمّها؟ قال:«هي بمنزلة الرّبيبة».
وروي أيضًا عن زيد بن ثابت من طريق سعيد ابن المسيب وأخرج هذا القول عنه ابن جرير.
عن سعيد بن المسيّب، عن زيد بن ثابتٍ قال: « إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوّج أمّها».
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن سماك بن الفضل، عن رجلٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير قال: الرّبيبة والأمّ سواءٌ، لا بأس بها إذا لم يدخل بالمرأة. وفي إسناده رجلٌ مبهمٌ لم يسمّ.
2-أنه عائد على الربائب فقط
الترجيح :
قال الزجاج : الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا.
فيكون بذلك القول الثاني هو الراجح وهو مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا
-المراد بالدخول في قوله تعالى (اللآتي دخلتم بهن )
اختلف العلماء في معنى قوله: دخلتم بهنّ على قولين :
1-أن المراد بذلك (النكاح والجماع) وقال بهذا القول ابن عباس وطاوس.
والمعنى أنه إذا طلق الرجل امرأته بعد البناء وقبل الوطء، فإن ابنتها له حلال.
فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة .
وأما قول طاووس فنسبه إليه ابن أبي حاتم دون ذكر الإسناد .
2-أن المراد بذلك( التجريد )وهذا قول جمهور من العلماء منهم مالك بن أنس وعطاء بن أبي رباح وغيرهم.
والمعنى : أن التجريد والتقبيل والمضاجعة وجميع أنواع التلذذ يحرم الابنة كما يحرمها الوطء.
وأما قول عطاء فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن جريج .
وأما قول مالك بن أنس فلم أعثر عليه .
-الترجيح :
قال ابن جريرٍ: وفي إجماع الجميع على أنّ خلوة الرّجل بامرأته لا يحرم ابنتها عليه إذا طلّقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النّظر إلى فرجها بشهوةٍ، ما يدلّ على أنّ معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
معنى الحلائل :
الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة، لأنها تحل مع الرجل حيث حل، فهي فعلية بمعنى فاعلة، وذهب الزجاج وقوم: إلى أنها من لفظة الحلال، فهي حليلة بمعنى محللة.ذكره ابن عطية والزجاج
سبب تخصيص أبناء الصلب بالتحريم :
ليحترز بذلك عن الأدعياء الّذين كانوا يتبنونهم في الجاهليّة، كما قال تعالى: {فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرًا}.هذا حاصل ما ذكره المفسرون
-معنى (أن ) في قوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين )
.أن} في موضع رفع، المعنى: حرمت هذه الأشياء والجمع بين الأختين.ذكره الزجاج
حكم الجمع بين الأختين :
التحريم ودل على هذاقوله تعالى ( وأن تجمعوا بين الأختين ) وهو لفظ يعم الجمع
بينهما بنكاحوبملك يمين ، وأجمعت الأمة على منع جمعهما بنكاح.
واختلفوا في جواز الجمع في النكاح بملك يمين على قولين :
1-محرم :وهذا قول جمهور العلماء
2-جائز مع الكراهة : وروي هذا القول عن عثمان وابن عباس .
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فأما أنا في خاصة نفسي فلا أرى الجمع بينهما حسنا.حاصل ما ذكره المفسرون .
أما الجمع بينهما في ملك اليمين بدون نكاح فلا خلاف في جوازذلك الملك كما قال ابن عطية .
فأما قول عثمان فأخرجه عنه الإمام مالك من طريق قبيصة بن ذؤيب .
وأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن المنذر من طريق عمرو بن دينار .
الترجيح :
قال ابن كثير :وقد أجمع المسلمون على أنّ معنى قوله تعالى {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم} إلى آخر الآية: أنّ النّكاح وملك اليمين في هؤلاء كلّهنّ سواءٌ، فكذلك يجب أن يكون نظرًا وقياسًا الجمع بين الأختين وأمّهات النّساء والرّبائب. وكذلك هو عند جمهورهم، وهم الحجّة المحجوج بها.
معنى قوله :(إلا ما قد سلف )
المعنى: سوى ما قد سلف في الجاهلية فإنه مغفور لكم والإسلام يجبه .هذا حاصل ماذكره المفسرون .
-معنى ( إن الله كان غفورا رحيمًا )
أي : غفورًا لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها {رحيمًا} بهم فيما كلّفهم من الفرائض وخفّف عنهم فلم يحمّلهم فوق طاقتهم.ذكره الطبري
مسائل فقهية مستطردة :
حكم بنت الزنى :
استدلّ جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزّاني عليه بعموم قوله تعالى: {وبناتكم}؛ فإنّها بنتٌ فتدخل في العموم، كما هو مذهب أبي حنيفة، ومالكٍ، وأحمد بن حنبلٍ. وقد حكي عن الشّافعيّ شيءٌ في إباحتها؛ لأنّها ليست بنتًا شرعيّةً، فكما لم تدخل في قوله تعالى: {يوصيكم اللّه في أولادكم} فإنّها لا ترث بالإجماع، فكذلك لا تدخل في هذه الآية. ذكره ابن كثير
حكم زوجة الابن من الرضاع :
حرمت حليلة الابن من الرضاع وإن لم يكن للصلب بالإجماع المستند إلى قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب".ذكره ابن عطية وابن كثير .
-حكم الجمع بين الأم وابنتها في الوطأ في ملك اليمين :
1-محرم ،ويجيء من قول إسحاق أن يرجم الجامع بينهما بالوطء
2- مكروه وتستقرأ الكراهية من قول مالك: «إنه إذا وطئ واحدة ثم وطئ أخرى وقف عنهما حتى يحرم إحداهما فلم يلزمه حدا»ذكره ابن عطية
-حكم وطأ الاخت بملك اليمين ثم إرادة وطأ الأخرى :
اختلف العلماء في ذلك :
1-قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عمر والحسن البصري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق: «لا يجوز له وطء الثانية حتى يحرم فرج الأخرى بإخراجها من ملكه، ببيع أو عتق أو بأن يزوجها».
2- قولقتادة، وهو أنه إن كان يطأ واحدة وأراد وطء الأخرى فإنه ينوي تحريم الأولى على نفسه وأن لا يقربها، ثم يمسك عنها حتى يستبرئ الأولى المحرمة، ثم يغشى الثانية.ذكره ابن عطية
-حكم التزوج بأخت الأمة الموطوءة في المذهب المالكي :
إن كانت عند رجل أمة يطؤها ثم تزوج أختها، ففيها في المذهب ثلاثة أقوال، في النكاح الثالث من المدونة أنه يوقف عنهما إذا وقع عقد النكاح حتى يحرم إحداهما مع كراهيته لهذا النكاح، إذ هو عقد في موضع لا يجوز فيه الوطء، وذلك مكروه إلا في الحيض، لأنه أمر غالب كثير، وفي الباب بعينه قول آخر: إن النكاح لا ينعقد، وقال أشهب في كتاب الاستبراء: عقد النكاح في الواحدة تحريم لفرج المملوكة.ذكره ابن عطية .
-حكم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، وأجمعت الأمة على ذلك وقد رأى بعض العلماء أن هذا الحديث ناسخ لعموم قوله تعالى: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} وذلك لأن الحديث من المتواتر.ذكره ابن عطية .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 4 ربيع الأول 1441هـ/1-11-2019م, 06:01 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
تعديل وإضافة :
تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( ويتوب عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السَّجَاوَنْدِيُّ ، والأشموني .

مناسبة الآية :
الإشارة إلى ما سبق ذكره من آيات الميراث وأحوال النكاح الذي كان فيه البيان والهداية ، وهذا من خلاصة ما ذكره البقاعي .
مقصد الآية :
الإخبار والبيان عن الذي أحله وحرمه لنا من الشرائع ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وابن كثير.

المسائل التفسيرية :
معنى الإرادة :
لغة : المشيئة ، ذكر ذلك الجوهري .
وهو العزم والقصد ، كما ذكر ابن عاشور .

المراد بالإرادة في الآية :
الإرادة الشرعية ، ذكره ابن عاشور وغيره .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يريد ) :
تفيد التجدد والاستمرار ، ذكره ابن عاشور .
وذكر الزجاج أنها تفيد الاستقبال .


متعلق الفعل ( يريد ) :
فيه قولان :
القول الأول : أن متعلق الفعل هو التبيين ، وهو مذهب الكوفيين ، و ذكره أبو حيان.
وعلى هذا القول َاللَّامُ هِيَ النَّاصِبَةُ بِنَفْسِهَا لَا أَنْ مُضْمَرَةٌ بَعْدَهَا.
القول الثاني : أن متعلق الفعل محذوف ، وهو مذهب البصرين ، ذكره أبوحيان .
وقال ابو حيان : وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقُ الْإِرَادَةِ التَّبْيِينَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَعَدِّي الْفِعْلِ إِلَى مَفْعُولِهِ الْمُتَأَخِّرِ بِوَسَاطَةِ اللَّامِ.
الراجح : رجح أبو حيان القول الأول .

نوع اللام في قوله ( ليبين ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : أنها لام الجر ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأن لام الجر لا تدخل إلا على الأسماء .
القول الثاني : أنها لام زائدة ، ولها معنى لام التعليل ، وقول قول أبو البقاء وذكر ذلك النحاس والزمخشري وغيره .
القول الثالث :أنها لام كي ، وهو قول الفراء وذكره ابن عطية .
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأنه يلزمه تقدير أن ، لدخولها على الأسماء .
القول الرابع : اللام بمعنى أن ، وهو قول جماعة من أهل اللغة واختاره ابن جرير ، وضعفه الزجاج وابن عطية .
وهذا القول يعتبرون أن ( أن ) مصدرية ، و يحتجون بالنصوص الأخرى ، كقوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) وقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) .

الراجح:
أن القول الثاني والثالث ، محتملة ، وأما بقية الأقوال ففيها ضعف ، ورجح ابن عاشور أيضا القول الثاني ، وهو قول سيبويه أيضا ، وَمَفْعُولُ الْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهَا مَحْذُوفٌ يُقَدَّرُ بِالْقَرِينَةِ، أَيْ يُرِيدُ اللَّهُ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ لِيُبَيِّنَ.


الغرض من زيادة اللام في قوله ( ليبين ) :
للتأكيد على إرادةِ التَّبيينِ، وكذلك لتأكيدِ معنى الاستقبال اللَّازم للإرادة ، وهو حاصل ماذكره الزمخشري والبيضاوي .

معنى يبين :
يوضح ، ذكره ابن منظور والسمعاني .

المراد بالبيان في الآية :
بيان الحلال والحرام ، ذكره ابن كثير .

معنى الهداية :
الارشاد والدلالة ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج و ابن عطية .
هنا في هذه الآية لا يراد بها إلا الارشاد بسبب القرينة هنا وهي قوله ( سنن ) أي الطرق ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .

معنى سنن :
لغة : طرق ، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير .
قال الراغب الأصفهاني : السنن: جمع السنة أي الطريقة المستقيمة.
وأصلها من سن الماء، وعنه استُعير من سن السيف
لما كان يشبه عند صقله بالماء.

المراد بالسنن في الآية :
الطرائق الحميدة ، والشرائع التي يحبها الله ويرضاه ، ذكره ابن كثير ,

المراد بقوله ( من قبلكم ) :
المؤمنون جميعا من الأنبياء والذين اتبعوهم من قبل ،وهو حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية .

أوجه التماثل في هدايتنا مع الأمم السابقة :
ذكر ابن عطية وجهان :
الوجه الأول : من جهة مخطابتنا في القصص أمرا ونهيا كخطابهم في القصص ، وشرع لنا كما شرع لهم ، وإن اختلفت الأحكام .
الوجه الثاني : في السمع والطاعة فسمعنا وأطعنا كما سمعواوأطاعوا
هنا نسيت مسألة : المقصود بقوله تعالى في الاسم الموصول ( الذين من قبلكم ) [*]هم المؤمنون في كل شريعة .ذكره ابن عطية


نوع الواو في قوله ( ويتوب ) :
واو عطف ذكره النحاس وغيره .

معنى التوبة :
هي رجوعه به عن المعاصي إلى الطاعات ، ذكره ابن عطية .

المراد بالتوبة :
من الإثم والمحارم ، ذكره ابن كثير .
هنا كان من الأحسن أن يكون عنوان المسألة ( متعلق التوبة في الآية )
معنى ( عليم ) :
بموضع السنن و المصالح وبالشرائع ، ذكره ابن عطية .

معنى (حكيم ):
مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان ، ذكره ابن عطية .

دلالة استعمال صيغة ( عليم ) ( حكيم ) :
للدلالة على المبالغة والكمال ، وهو حاصل ما ذكره أبو السعود .

مناسبة ختم الآية بقوله ( عليم حكيم ) :
ذكر ابن عطية مناسبتها ببداية الآية فقال :
عليمٌ هنا بحسب ما تقدم من سنن الشرائع وموضع المصالح وحكيمٌ أي مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان .

تفسير قوله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .
الوقف في قوله ( عظيما ) :
تام ، ذكره الأشموني .

القراءات:
القراءة في قوله ( ميلا ) :
القراءة الأولى :
«ميلا» بسكون الياء، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على أنها ميلا من الميل في اللغة .
القراءة الثانية :
«ميلا» بفتح الياء، وهي قراءة الحسن بن أبي الحسن ، ذكره ابن عطية وغيره .
لم أجد هذه القراءة .
الصواب : هي القراءة الأولى وهي قراءة الجمهور لان القراءة الأخرى لم تثبت .

مناسبة الآية :
هذه الآية تقوي الإخبار الأول ، ذكره ابن عطية

مقصد الآية :
-الدلال على الطاعات التي يكون فيها مغفرة للذنوب ،وهو حاصل ماذكره الزجاج .
-والإخبار واظهار فساد إرادة متبعي الشهوات ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية .

سبب نزول الآية :
كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية، وهذا قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .

المسائل التفسيرية :
معنى الواو في قوله ( والله يريد ) :
واو استئنافية ، ذكره النحاس .

الغرض من تقديم إرادة الله :
قدمت إرادة الله توطئة ، مظهرة لفساد إرادة متبعي الشهوات ، ذكره ابن عطية .

الغرض من تكرار الإرادة :
تقوية للإخبار الأول ، وليس المقصد في هذه الآية إلا الإخبار عن إرادة الذين يتبعون الشهوات ،ذكره ابن عطية .
وذكر السمين الحلبي ضعف هذا القول، و بين عدم وجود تكرار في الاية ، لأن الإرادة الأولى متعلقها تختلف عن متعلق الإرادة الثانية .
فقال : لا تكرار في الآية؛ لأنَّ تعلُّقَ الإِرادة بالتوبة في الأولِ على جهة العِلَّيَّة، وفي الثاني على جهةِ المفعولية، فقد اختلف المتعلَّقان.

معنى ( التوبة ) :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بقوله ( أن يتوب عليكم) في هذه الآية :
أن يكون سببا للتوبة والمغفرة عن سالف الذنوب .

معنى يتبعون الشهوات :
يتغلب عليهم شهواتهم ، ذكر ذلك ابن عاشور .

معنى الشهوات :
في اللغة جمع شهوة ، وتطلق في اللغة على رغبات النفس وميلولها .
قال الفيومي في المصباح المنير : الشَّهْوَةُ اشْتِيَاقُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ وَالْجَمْعُ شَهَوَاتٌ وَاشْتَهَيْتُهُ فَهُوَ مُشْتَهًى وَشَيْءٌ شَهِيٌّ مِثْلُ لَذِيذٍ.
وقال ابن منظور : شَهِيَ الشيءَ وشَهاهُ يَشْهاهُ شَهْوَةً واشْتَهَاهُ وتَشَهَّاهُ: أَحَبَّه ورَغِب فِيهِ.

المراد بالشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :الزنا ، وهو قول ابن عباس و مجاهد .
وقول ابن عباس عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على بعض معانيها اللغوية .فالشهوة هنا يقصد نوع من أنواع الشهوات المحرمة وهو الزنا .

القول الثاني : عموم أنواع الشهوات المذمومة ، وهو ما ذكره ابن جرير .

الراجح : عموم الشهوات المذمومة ، لعدم وجود مخصص في الآية ، ولوجود أل التعريف ، فيعم ، فيشمل الكل ، لقوله تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)، فذكرت الآيات أنواع الشهوات المباحة ، ولكن عندما قال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ، فهنا ذكر في صيغة الذم والوعيد فدل على أنه المقصود هو الشهوات المحرمة ، في الحديث الصحيح الذي وراه مسلم : (وحُفَّت النار بالشهوات) ، فهنا أيضا يقصد الشهوات المذمومة ؛ لأن الآية في سياق الذم ، فقال ( تميلوا ميلا عظيما ) ، أي أنه ليس بالميل العادي بل الميل العظيم عن القصد .

المراد بمتبعي الشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول : الزناة ، وهو قول ابن عباس ومجاهد .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وهذا القول مبني على تخصيص ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات .
ووجه هذا القول أيضا أن الآيات السابقة تتكلم عن النكاح ، وهو الشهوة المباحة وذكر بعدها الشهوة المحرمة وهو الزنا فيكون على هذا أن متبعي الشهوات هم الزناة .
وأيضا هذا القول مبني على ذكر بعض أنواع متبعي الشهوات وهم الزناة .

الثاني : اليهود والنصارى ، وهو قول السدي .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/621)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به).
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات .
ووجه هذا القول أيضا وهو سياق الآيات التي بعد ذلك التي تكلمت عن أهل الكتاب ، ففي قوله تعالى : ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يَشْتَرُونَ الضلالة وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السبيل}، فكان هذا مبينا لما كان مجملا في أولها .

الثالث : اليهود خاصة ، وهو قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .
وبكير بن معروف ثقة ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات .
وهذا القول مبني على سبب نزول هذه الآية ، حيث كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية.

الرابع : المجوس ، وهو قول ذكره البغوي وغيره .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد الذين يتبعون الشهوات، ومبني على سبب نزول الآية التي قيل فيها .
قال البغوي : كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرمهنّ اللَّه قالوا: فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة، والخالة والعمة عليكم حرام، فانكحوا بنات الأخ والأخت، فنزلت.
لم أجد هذا السبب في النزول في المجوس .

الخامس : كل متبع شهوة في دينه ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن ابن وهب عن ابن زيد .
ابن زيد ضعيف ، قال عنه الذهبي : لين ، وذكره ضعفه أيضا العقيلي في الضعفاء .
وهذا القول مبني على عموم اللفظ بصيغة الجمع في قوله ( يتبعون ) ، فعم جميع الأفراد ،سواء يهود أو نصارى أو أهل الفسق .

الراجح : الراجح عموم جميع الأقوال دون تخصيص لعدم وجود مخصص لها لفرد دون آخر ، ورجح هذا القول ابن جرير وغيره ، وأيضا في قوله ( الشهوات ) : أل التعريف تفيد العموم ، ولم يخصص نوع دون دون من الشهوات فيدل على العموم ، كما قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ، ومنه قوله تعالى : ( ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].
وبقية الأقوال كلها من قبيل الأمثلة على متبعي الشهوات .

دلالة إضافة الاتباع إلى الشهوات :
اتباع الشهوات دليل على اتباعهم الشيطان ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثير .
ووجه هذا القول هو دلالة النصوص الأخرى التي تذكر عن أن اتباع الباطل هو اتباع للشيطان وخطواته ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ) ، وقوله تعالى : (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ) ، وقال أيضا : (أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يبَنِى ءادَمَ أَن لاَّ تَعبُدُوا الشَّيطَـانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوُّ مٌّبِينٌ وَأَنِ اعبُدُونِى هَـاذَا صِراطٌ مٌّستَقِيمٌ} [يس: 60، 61].


معنى الميل :
العدل عن القصد والحق إلى الباطل ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية .
معنى عظيما :
شديدا ، ذكره ابن جرير .

المراد بالميل العظيم :
اختلفوا في المراد على أقوال :
القول الأول : أن تكونوا مثلهم تزنون كما يزنون. ،وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيه جهالة لعدم ذكر الرجل .
ووجه هذا القول على من قال أن الشهوات هو الزنا فيكون الميل بالوقوع في الباطل بشكل شديد وهو الزنا .

القول الثاني : استحلال نكاح الأخوات ،وهو قول السدي ومقاتل بن حيان .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به).
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وأما قول مقاتل بن حيان فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/926 ) عن عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ.
وهذا القول مبني على أن الآية نزلت في نكاح الأخوات .

القول الثالث ، ترك أمر الله وترك الدين ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن ابن وهب عن ابن زيد .
ابن زيد ضعيف ، قال عنه الذهبي : لين ، وذكره ضعفه أيضا العقيلي في الضعفاء .
وهذا القول مبني على معنى الميل في اللغة هو العدول عن القصد ، والعدل عن الصراط المستقيم بترك بأمر أمر الله أو بترك الدين كله .

الراجح :
أنها تشمل كل الأقوال ، فلا تعارض بينها ، فيمكن حمل الأقوال جميعها ، وأن الميل العظيم هو في أي أنواع المعاصي أو في كل المعاصي أو في ترك الدين كله ، ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ، وقوله تعالى : ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) ، وقوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ).

مناسبة ختم الآية بقوله ( ميلا عظيما ) :
للتخصيص ، فمن ترك الخيرات والعمل الصالح للكسل أسهل ممن تركه لضلالته ، وهذا خلاصة ما ذكره الراغب الأصفهاني .


تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}
الوقف :
الوقف في قوله ( أن يخفف عنكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .

الوقف في قوله ( عنكم ) :
قولان :
الأول : كاف ، وذكره الأشموني .
ومبني على قراءة ضم الخاء .
الثاني : الوصل ، وذكره الأشموني .
وهذا مبني على قراءة فتح الخاء ( خلق ) ، لأن الكلام واحد .
الصواب أن القراءة الثانية لم تثبت .

الوقف في قوله ( ضعيفا ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .
تام للابتداء بياء النداء .

القراءات :
القراءة في قوله ( خلق الإنسان ) :
القول الأول : (خلق الإنسان ) قراءة الجمهور بالضم .
القول الثاني : قراءة الفتح : أي خلق الله الإنسان ، روي عن ابن عباس ، ذكره مكي وابن عطية وغيرهم .
لم أجد هذا الأثر عن ابن عباس .

مناسبة الآية :
تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك ، ذكره ابن عطية .

مقصد الآية :
بيان يسر الدين وتيسيره ، ذكره ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
الغرض من تكرار الإرادة :
للتأكيد ،وبسط التقرير ،ذكره النحاس .

المراد بالتخفيف :
فيه قولان :
الأول : التيسير في نكاح الأمة ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وهذا القول مبني على الآيات السابقة التي تتكلم عن نكاح الأمة .

الثاني : التيسير في نكاح الأمة وفي كل أمر ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن المنذر في تفسيره (2/658) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره (153) عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
وهو قول مبني على عموم الآية وعلى الايات السابقة ، فلم يذكر في هذه الآية نوع دون نوع فيدل على عموم ذلك .
الراجح :
الراجح هو القول الثاني لشمول يسر هذا الدين ، كقوله تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ، وقوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج }، ومن جهة أخرى نجد لفظ ( يخفف ) جاءت بصيغة المضارع فيدل على استمرارية التخفيف في شرائع الدين كلها .

متعلق الجار والمجرور في قوله : ( عنكم ) :
في الشرائع والأوامر والنواهي وما يقدره لنا ، ذكره ابن كثير .

معنى خلق :
قولان :
الأول : بمعنى في أصل بنيته ونفسه ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
وهذا القول على أن خلق بالضم فعل لما لم يسم فاعله ، بمعنى : أي وخلق الله الإنسان ضعيفا.
الثاني : بمعنى جعل ، ذكره ابن عطية .
وهذا القول ذكر ابن عادل خطأه .
الراجح :
الراجح هو القول الأول لأن القول الثاني لم يصح في اللغة العربية أن خلق تأتي بمعنى جعل ، ولا تتعدى بمفعولين .
وقال أبو حيان : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، بَلِ الَّذِي ذَكَرَ النَّاسُ أَنَّ مِنْ أَقْسَامِ جَعَلَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى خَلَقَ، فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ )، أَمَّا الْعَكْسُ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْنَاهُ.

دلالة أل التعريف في قوله : ( الإنسان ) :
أل للجنس ، وتفيد الاستغراق ، وهو جميع جنس الإنسان ، وذكره أيوب جرجيس وغيره .

معنى الضعف :
ضد القوة ، ذكر ذلك ابن منظور وغيره من أهل اللغة .

المراد بالضعف :
فيه قولان :
القول الأول : الضعف العام ، في همته وعزيمته ونفسه ،فيستميله هواه وشهوته ، وهو حاصل قول مجاهد وطاوس ذكره البغوي وابن كثير .
ولم يصح نسبة الأقوال إلى مجاهد وطاووس .
وهذا القول مبني على أنه حال للإنسان عموما ، وأن الإنسان لفظ جنس عام .

القول الثاني : الضعف في النساء ، وهو قول طاوس بن كيسان .
وقول طاووس بن كيسان أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/154)والثوري في تفسيره و مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جرير في تفسيره (6/624) معمر عن ابن طاووس عن أبيه، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)من طرق عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه ، بألفاظ متقاربة .
ووجه هذا القول من جهة سياق الآيات السابقة التي تكلمت عن النكاح ، ثم في هذه الآية التخفيف فختمها في بيان سبب التخفيف وهو علمه سبحانه بضعفه في ترك النكاح فهو ضعيف في أمر النكاح ، وهو ضعف في بعض أمور هذا الإنسان .

القول الثالث : ضعف من جهة خلقه من ماء مهين ، وهو قول الحسن ، ذكره البغوي .
ووجه هذا القول من جهة كونه مجمل وجاء تفصيله في نص آخر من القرآن ، فقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الرُّومِ: 54]
الراجح :
أنه يشمل كل الأقوال ، لأن الإنسان هنا جاء معرف بأل ، ويشمل جنس الإنسان ، فيكون الكلام عاما على جنس الإنسان ، ويؤيد هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحه من طرق عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسِ بْنِ قُهْدٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ طَعَامًا فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَوَجَدَهُ حَارًّا فَقَالَ: "حَسِّ" وَقَالَ: "ابْنُ آدَمَ إِنَّ أَصَابَهُ بَرْدٌ, قَالَ: حَسِّ وَإِنَّ أَصَابَهُ حر) واللفظ لابن حبان ، وكلهم بنفس اللفظ مع زيادات .( صححه الألباني ) .
فالإنسان في نشأته وتكوينه ضعيف ، كما قال تعالى : ( هل على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا . إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) ، فبعد ضعفه وعدم قدرته جعل له السمع والأبصار ليبتليه ، ويشهد على ذلك أيضا قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)
وأما ضعفه في أمر النساء ، يشهد لذلك في قصة يوسف عليه السلام حينما راودت المرأة يوسف عليه السلام ،فعصمه الله وصرف عنه السوء والفحشاء ، فقال تعالى : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ . وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
وقد قال الله تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء ) ، فهذا دليل على أنه مجبول على هذا الضعف فلا يستطيع تركه .
وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.

الموضع الإعرابي لقوله تعالى : ( ضعيفا ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول :حال ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول على أن أنه حال من الإنسان وهي حال مؤكدة، أي لا يقوى على مغالبة الشهوات ومدافعة النفس الأمّارة بالسوء.

الثاني : نصب على أنه مفعول ثاني ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول باعتبار خلق بمعنى جعل وتتعدى لمفعولين .

الراجح : كلا القولين صحيحين عند ابن عطية ، غير أن ابن عادل يرى عدم صحة القول الثاني لأنه لم يرد عن أهل اللغة من ذكر أن خلق بمعنى جعل وتتعدى مفعولين .
فقال ابن عادل : وهذا الذي ذكره غريب لم نرهم نَصُّوا على أن خلق يكون ك «جعل» فيتعدى لاثنين مع حصرهم الأفعال المتعدية للاثنين، ورأيناها يقولون: إن «جَعَلَ» إذا كان بمعنى «خَلَقَ» تعدت لواحد.

مناسبة ختم الآية بقوله ( وخلق الإنسان ضعيفا ) :
لبيان علة التخفيف ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وغيره .

مسألة عقدية :
نوع الإرادة في الآيات السابقة :
ارادة شرعية دينية ،وهو قول أهل السنة والجماعة ، وذكر ذلك الحكمي وغيره من أهل العلم .
بارك الله فيك أستاذة هيا وأحسن إليك ، ماشاء الله احتوى تلخيصك على كل المسائل وتوسعت فيها والنقص الحاصل قد أصلحته في التعديل الآخير .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 ربيع الأول 1441هـ/2-11-2019م, 10:00 AM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25)}

علوم الآية :

ما جاء في نسخ الآية

-توهم قوم أن قوله تعالى {ذلك لمن خشي العنت منكم }ناسخ لقوله {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات}
ولا نسخ فيه لأن الناسخ لايكون متصلا بالمنسوخ إنما هو تخصيص وتبيين لما يباح من نكاح الإماء ،ذكره مكى ابن ابي طالب
-وزعم قوم أن قوله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة }ناسخ لما كان وجب على الأمة حين تزنى قبل الإحصان وهو مائة جلدة لقوله تعالى {فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} وأن لفظ الآية عام في الإماء والحرائر ،فنسخ بجلد الأمة خمسين إذا زنت بعد الإحصان ،ذكره مكي والسخاوى بغير نسبة
وهذا القول يبدو أنه قول أهل الظاهر ومن وافقهم ويرده الإجماع على أن الأمة لا تجلد أكثر من خمسين جلدة محصنة كانت أو غير محصنة فالآية محكمة غير ناسخة لشىء

القراءة في {المحصنات }:
-قراءة بفتح الصاد وهم عامة قراء المدينة والعراق في كل المواضع في القرآن والمعنى في كل موضع بحسبه فتدور بين معنى التزويج أو الحرية أو الإسلام
-قراءة بكسر الصاد وهم جماعة من قراء الكوفيين والمكيين على معنى العفة في جميع المواضع في القرآن بمعنى أنهن عففن وأحصن أنفسهن
عدا قوله تعالى {والمحصنات من النساء} قرئت بالفتح بمعنى المزوجات فأزواجهن أحصنوهن
وذكرت هذه القراءة أعنّي بكسر الجميع عن علقمة على الاختلاف في الرّواية عنه،كما ذكر ابن جرير
قال أبو جعفرٍ: والصّواب عندنا من القول في ذلك أنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار مع اتّفاق ذلك في المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب

القراءة في { فإذا أحصنّ }
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «أحصن» على بناء الفعل للمفعول، فوجه الكلام أن تكون القراءة الأولى بالتزوج،
وقرأ حمزة والكسائي على بناء الفعل للفاعل، ولكن يدخل كل معنى منهما على الآخر، واختلف عن عاصم، ووجه هذه القراءة الإسلام أو غيره مما هو من فعلهن، ابن عطية
اختلف القراء في {أحصنّ} فقرأه بعضهم بضمّ الهمزة وكسر الصّاد، مبنيٌّ لما لم يسمّ فاعله، وقرئ بفتح الهمزة والصّاد فعلٌ لازمٌ ثمّ قيل: معنى القراءتين واحدٌ.ابن كثير

قوله تعالى {ومن لم يستطع منكم}
-معنى {ومن }
من إما شرطية، وما بعدها شرطها، وإما موصولة وما بعدها صلتها،مفاتيح الغيب

المراد بالطول :
-القول الاول : السعة والفضل والمال أو الغنى وهو قول ابن عباس ومجاهد وابن جبير وقتادة والسدى وابن زيد
قول ابن عباس:رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق على بن أبي طلحة
قول مجاهد رواه ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح
وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق يزيد عن سعيد عنه
وقول ابن جبير رواه ابن جرير من طرق عن هشيم عن أبي بشر بألفاظ متقاربة
وقول السدي رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه
وقول ابن زيد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه
ومحمل هذا القول من جهة اللغة :فالطول لغة الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه كما ذكر الأزهري
ومعنى الطول القدرة على مهر الحرة وقال الله عزوجل {ذى الطول لا إله إلا هو}أي ذى القدرة
وقيل الطول الغنى وقيل الفضل
يتبين من هذه المعانى مجتمعة أن الطول في الآية بمعنى السعة والفضل والغنى ومنه القدرة على مهر الحرة وعلى هذا فمن يملك سعة من المال يطول بها مهر الحرة ونفقتها فليس له أن ينكح أمة
التوجيه :وجه هذا القول مبنى على معنى الطول في لغة العرب :
قال ابن عاشور : والطول- بفتح الطاء وسكون الواو- القدرة، وهو مصدر طال المجازي بمعنى قدر، وذلك أن الطول يستلزم المقدرة على المناولة فلذلك يقولون: تطاول لكذا، أي تمطى ليأخذه، ثم قالوا: تطاول، بمعنى تكلف المقدرة «وأين الثريا من يد المتطاول» فجعلوا لطال الحقيقي مصدرا- بضم الطاء- وجعلوا لطال المجازي مصدرا- بفتح الطاء- وهو مما فرقت فيه العرب بين المعنيين المشتركين. انتهى كلامه
قلت:ويفهم من قوله رحمه الله أن طال لها معنيان أحدهما حقيقي والآخر مجازي فالحقيقي منهما بمعنى تمطى ليأخذ ونحوه وهذا مصدره بضم الطاء
وأما المجازى فهو لازم المعنى الحقيقي وهو القدرة وهذا مصدره طولا بفتح الطاء فبهذا فرقت العرب بين المعنيين
وقال رحمه الله : وظاهر الآية أن الطول هنا هو القدرة على بذل مهر لامرأة حرة احتاج لتزوجها أولى أو ثانية او ثالثة او رابعة لأن الله ذكر عدم استطاعة الطول في مقابلة قوله{أن تبتغوا بأموالكم}وقوله {فآتوهن أجورهن فريضة} ولهذا كان هذا هو الأصح في تفسير الطول.

-والقول الثانى :الهوى وهو قول ربيعة والشعبي وجابر وعطاء
قول ربيعة: رواه ابن وهب المصري و ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الجبار بن عمر عنه
وروى ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد قوله كان ربيعة يلين فيه بعض التليين
قول جابر ر واه ابن جرير من طريق حماد بن سلمة عن أبي الزبير عنه أنّه سئل عن الحرّ، يتزوّج الأمة، فقال
إن كان ذا طولٍ فلا. قيل: إن وقع حبّ الأمة في نفسه؟ قال: إن خشي العنت فليتزوّجها
ويتضح من قوله أنه يعمل القول الأول على الأصل إلا إذا هوى أمة فيجعل الطول بمعنى الهوى والله أعلم
وقول الشعبي رواه ابن جرير من طريق منصور عن عبيدة عنه
وقول عطاء رواه ابن جرير من طريق ابن جريج عنه
التوجيه :هذا القول وجهه والله أعلم لغوى أيضا فقد سبق وبينا أن الطول بمعنى القدرة والقدرة قد تكون حسية أو معنوية والمراد هنا القدرة المعنوية والله أعلم
والمعنى من وقع في نفسه حب أمة حتى غلبته نفسه فلايقدر على نكاح الحرة وخشي على نفسه العنت
قال القرطبي عند هذا القول : الطول الجلد والصبر لمن أحب أمة وهويها حتى صار لذلك لا يستطع أن يتزوج غيرها، فإن له أن يتزوج الأمة إذا لم يملك هواها وخاف أن يبغي بها وإن كان يجد سعة في المال لنكاح حرة، هذا قول قتادة والنخعي وعطاء وسفيان الثوري.
لكن هذا القول ضعيف ومأخذه واه وهو خلاف قول الجمهور خاصة وأن السياق السابق له لايعين عليه ولايتناسب مع معناه
وقد رده الطبري والعمدة عنده تحريم نكاح الإماء على واجد الطول فقال :
لا يحلّ له من أجل غلبة هوًى عند فيها، لأنّ ذلك مع وجوده الطّول إلى الحرّة منه قضاء لذّةٍ وشهوةٍ وليس بموضع ضرورةٍ تدفع برخّصه كالميتة للمضطرّ الّذي يخاف هلاك نفسه فيترخّص في أكلها ليحيي بها نفسه، وما أشبه ذلك من المحرّمات اللّواتي رخّص اللّه لعباده في حال الضّرورة والخوف على أنفسهم الهلاك منه ما حرّم عليهم منها في غيرها من الأحوال. ولم يرخّص اللّه تبارك وتعالى لعبدٍ في حرامٍ لقضاء لذّةٍ، وفي إجماع الجميع على أنّ رجلاً لو غلبه هوى امرأةٍ حرّة أوامة أنّها لا تحلّ له إلاّ بنكاحٍ أو شراءٍ على ما أذن اللّه به، ما يوضّح فساد قول من قال: معنى الطّول في هذا الموضع: الهوى، وأجاز لواجد الطّول لحرّةٍ نكاح الإماء

القول الثالث :أن الطول يراد به وجود الحرة تحته وإن لم يملك سعة وهو قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف الطول وجود الحرة ،ذكره القرطبي
وقال مالك في المدونة: ليست الحرة بطول تمنع من نكاح الأمة إذا لم يجد سعة لأخرى وخاف العنت، وقال في كتاب محمد: ما يقتضي أن الحرة بمثابة الطول، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: وهو ظاهر القرآن، وروي نحو هذا عن ابن حبيب، وقاله أبو حنيفة: فمقتضى هذا أن من عنده حرة فلا يجوز له نكاح أمة، وإن عدم السعة وخاف العنت، لأنه طالب شهوة وعنده امرأة، وقال به الطبري واحتج له ،ذكره ابن عطية

قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى الطّول في هذا الموضع: السّعة والغنى من المال، لإجماع الجميع على أنّ اللّه تبارك وتعالى لم يحرّم شيئًا من الأشياء سوى نكاح الإماء لواجد الطّول إلى الحرّة، فأحلّ ما حرّم من ذلك عند غلبته المحرّم عليه له لقضاء لذّةٍ. فإن كان ذلك إجماعًا من الجميع فيما عدا نكاح الإماء لواجد الطّول،.
فتأويل الآية إذ كان الأمر على ما وصفنا: ومن لم يجد منكم سعةً من مالٍ لنكاح الحرائر فلينكح ممّا ملكت أيمانكم.
وأصل الطّول: الإفضال، يقال منه: طال عليه يطول طولاً في الإفضال، وطال يطول طولاً في الطّول الّذي هو خلاف القصر

اعراب طولا
- يصح في إعرابه أن يكون مفعولا بالاستطاعة، وأن ينكح في موضع نصب بدل من قوله طولًا أو في موضع نصب بتقدير لأن ينكح، وفي هذا نظر،
- ويصح أن يكون طولًا نصبا على المصدر، والعامل فيه الاستطاعة لأنها بمعنى يتقارب، وأن ينكح على هذا مفعول بالاستطاعة أو بالمصدر، تقول: طال الرجل طولا بفتح الطاء إذا تفضل ووجد واتسع عرفه، وطولًا بضم الطاء في ضد القصر ،ابن عطية

معنى المحصنات في اللغة وفي القرآن
قال ابن عطية : والتحصن: التمنع، يقال حصن المكان: إذا امتنع، ومنه الحصن، وحصنت المرأة: امتنعت بوجه من وجوه الامتناع، وأحصنت نفسها، وأحصنها غيرها
والإحصان تستعمله العرب في أربعة أشياء، وعلى ذلك تصرفت اللفظة في كتاب الله عز وجل:
- فتستعمله في الزواج، لأن ملك الزوجة منعة وحفظ
- ويستعملون الإحصان في الحرية لأن الإماء كان عرفهن في الجاهلية الزنا، والحرة بخلاف ذلك، ألا ترى إلى قول هند بنت عتبة للنبي عليه السلام، حين بايعته، وهل تزني الحرة؟ فالحرية منعة وحفظ
- ويستعملون الإحصان في الإسلام لأنه حافظ، ومنه قول النبي عليه السلام "الإيمان قيد الفتك"
-ويستعملون الإحصان في العفة، لأنه إذا ارتبط بها إنسان وظهرت على شخص ما وتخلق بها، فهي منعة وحفظ، وحيثما وقعت اللفظة في القرآن فلا تجدها تخرج عن هذه المعاني، لكنها قد تقوى فيها بعض هذه المعاني دون بعض، بحسب موضع وموضع

المراد ب{المحصنات }
اختلف في المراد بالمحصنات على أقوال :
-الأول:الحرائر المؤمنات وهو قول ابن عباس ومجاهد ولازم قول السدى وسعيد بن جبير وابن زيد والحسن
قول ابن عباس:رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة
وقول مجاهد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح
وقول سعيد بن جبير رواه ابن جرير من طريق هشيم عن أبي بشر عنه
وقول ابن زيد:رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه
وقول الحسن رواه ابن جرير من طريق سفيان عن هشام الدستوائى عن عامر الأحول عنه
وأما السدى فقوله {أما فتياتكم فإماؤكم}وليس بصريح في ذكر الحرائر وإنما قد يفهم ضمنا من القول وهذا القول المستخرج عنه رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه وفيه نظر بل قد روى عنه غير ذلك كما سيأتى
قال ابن عطية :المحصنات في هذا الموضع الحرائر، يدل على ذلك التقسيم بينهن وبين الإماء،أى المقابلة ورجحه ابن كثير ايضا
قال ابن عاشور: ومعنى أن ينكح المحصنات أي ينكح النساء الحرائر أبكارا أو ثيبات، دل عليه قوله: فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات

- الثانى :المحصنات :العفائف
وهو قول السدي رواه ابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عنه
ودليل هذا القول كما ذكر ابن المنذر قوله تعالى {ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها }
قال ابن عاشور: والمحصنات هنا وصف خرج مخرج الغالب، لأن المسلم لا يقصد إلا إلى نكاح امرأة عفيفة، قال تعالى: والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك [النور: 30] أي بحسب خلق الإسلام، وقد قيل: إن الإحصان يطلق على الحرية، وأن المراد بالمحصنات الحرائر، ولا داعي إليه، واللغة لا تساعد عليه.
وضعف هذا القول ابن عطية وقال : لأن الإماء يقعن تحته.
الراجح: الإختلاف في المراد بالمحصنات ربما مبنى على توجيه القراءة فيه فمن قرأ بفتح الصاد فالمعنى اللاتى أحصنهن أزواجهن أو حريتهن وإسلامهن ومن قرأ بالكسر فالمعنى اللاتى أحصن أنفسهن بالعفة ولما كان هذا الموضع لايناسب فيه معنى إلا معنى الحرية أو العفاف إذ يمتنع أن يراد به الالإحصان بالزوج أو الإسلام لقوله بعدها المؤمنات وكان المعنى دائرا بين الحرية والعفاف كان السياق أليق بالحرية من العفاف ويؤيد هذا قوله في مقابله{ فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات }فيفهم منه أن المراد بالمحصنات الحرائر ولايمنع ذلك كونهن عفيفات فهو لازم معنى الإحصان ولاينفك عنه ولاتضاد بين القولين ولكن الذي عليه أغلب السلف والمفسرين الحرائر

إعراب المؤمنات وما يترتب عليه
-و قال ابن عطية المؤمنات صفة،على قولين:
-أنها صفة غير مشترطة، وإنما جاءت لأنها مقصد النكاح، إذ الأمة مؤمنة، وهذا هو المذهب المالكي، نص عليه ابن الماجشون في الواضحة
فمن يقول في الرجل يجد طولا لحرة كتابية لا لمؤمنة: إنه يمتنع عن نكاح الإماء،ذكره ابن عطية

ومعنى هذا القول أن صفة الإيمان للمحصنات غير مقصودة لذاتها ولامشترطة بحيث يمتنع نكاح الحرائر غير المؤمنات لأن نكاح الكتابيات مشروع كما في سورة المائدة {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} وليس نكاحهن مشروطا بالعجز عن نكاح الحرائر المؤمنات بقاعدة قياس المساواة
كما أن نكاح الكتابية لايعرض الأولاد للرق كماهو الحال في نكاح الأمة فبذلك تعطل مفهوم {المحصنات المؤمنات}بالمخالفة وأن صفة الإيمان خرجت مخرج الغالب ،خلاصة ما ذكره ابن عاشور

-صفة مشترطة :ومن قال في الرجل لا يجد طولا إلا الكتابية: إنه يتزوج الأمة إن شاء، فصفة المؤمنات عنده في الآية مشترطة في إباحة نكاح الإماء، والمسألة مختلف فيها ،ذكره ابن عطية
قال ابن عاشور :وشذ بعض الشافعية، فاعتبروا رخصة نكاح الأمة المسلمة مشروطة بالعجز عن الحرة المسلمة، ولو مع القدرة على نكاح الكتابية، وكأن فائدة ذكر وصف المؤمنات هنا أن الشارع لم يكترث عند التشريع بذكر غير الغالب المعتبر عنده، فصار المؤمنات هنا كاللقب في نحو (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) .


{وما} في قوله: فمن ما ملكت أيمانكم
يصح أن تكون مصدرية، تقديره: فمن ملك أيمانكم
ويصح أن يراد بها النوع المملوك، فهي واقعة عليه،ابن عطية


معنى {فتياتكم}
وإن كانت واقعة في اللغة على الشابة أيا كانت، فعرفها في الإماء، وفتى- كذلك،
أي: فتزوّجوا من الإماء المؤمنات اللّاتي يملكهنّ المؤمنون، ولهذا قال: {من فتياتكم المؤمنات} ابن عطية
قال ابن عبّاسٍ وغيره: فلينكح من إماء المؤمنين، رواه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة عنه وكذا قال السّدّيّ ومقاتل بن حيّان


دلالة المخاطبات بالكاف والميم عامة،
أي: منكم الناكحون ومنكم المالكون، لأن الرجل ينكح فتاة نفسه، وهذا التوسع في اللغة كثير، ابن عطية

اعراب المؤمنات وما يترتب عليه من أحكام وطء الأمة غير المسلمة

-إعراب {المؤمنات} صفة مشترطة كما ذكر ابن عطية وابن عاشور
قال ابن عاشور :ووصف المؤمنات عقب الفتيات مقصود للتقييد عند كافة السلف، وجمهور أيمة الفقه، لأن الأصل أن يكون له مفهوم، ولا دليل يدل على تعطيله، فلا يجوز عندهم نكاح أمة كتابية.
والحكمة في ذلك أن اجتماع الرق والكفر يباعد المرأة عن الحرمة في اعتبار المسلم، فيقل الوفاق بينهما، بخلاف أحد الوصفين. ويظهر أثر ذلك في الأبناء إذ يكونون أرقاء مع مشاهدة أحوال الدين المخالف فيمتد البون بينهم وبين أبيهم.
قال ابن عطية :والمؤمنات في هذا الموضع صفة مشترطة عند مالك وجمهور أصحابه، لأنهم يقولون:
- لا يجوز زواج أمة غير مسلمة بوجه .وهو القول الأول
قلت:وهو قول مجاهد وغيره فقول مجاهد رواه الطبري من طرق عن بن أبي نجيح عنه
وروى الطبري عن على بن سهل عن الوليد بن مسلم يحدث بالسماع عن أبي عمرٍو، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنسٍ وأبا بكر, ومالك بن عبد اللّه بن أبي مريم، يقولون: لا يحلّ لحرٍّ مسلمٍ ولا لعبدٍ مسلمٍ الأمة النّصرانيّة، لأنّ اللّه يقول {من فتياتكم المؤمنات}
قال ابن عبد البر: وعليه جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء، وما خالفه فهو شذوذ لا يعد خلافا، ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس،أضواء البيان
القول الثانى:
-وقال أبو حنيفة: موقع وصف المؤمنات هنا كموقعه مع قوله: المحصنات المؤمنات، فلم يشترط في نكاح الأمة كونها مؤمنة
-وقالت طائفة من أهل العلم منهم أصحاب الرأي: نكاح الأمة الكتابية جائز، وقوله المؤمنات على جهة الوجه الفاضل،والندب والإرشاد
واحتجوا بالقياس على الحرائر، وذلك أنه لما لم يمنع قوله المؤمنات في الحرائر من نكاح الكتابيات الحرائر، فكذلك لا يمنع قوله المؤمنات في الإماء من نكاح الكتابيات الإماء، وقال أشهب في المدونة: جائز للعبد المسلم أن يتزوج أمة كتابية
وقال ابن عبد البر معللا قول أبي حنيفة ومن وافقه أنه لا يعتبر المفهوم
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فالمنع عنده أن يفضل الزوج في الحرية والدين معا
وقال سالم بن عطية في أضواء البيان : قال ابن القيم في «زاد المعاد» ما نصه: ودل هذا القضاء النبوي على جواز وطء الإماء الوثنيات بملك اليمين، فإن سبايا أوطاس لم يكن كتابيات، ولم يشترط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وطئهن إسلامهن، ولم يجعل المانع منه إلا الاستبراء فقط، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع مع أنهم حديثو عهد بالإسلام ويخفى عليهم حكم هذه المسألة وحصول الإسلام من جميع السبايا، وكن عدة آلاف بحيث لم يتخلف منهن عن الإسلام جارية واحدة مما يعلم أنه في غاية البعد، فإنهن لم يكرهن على الإسلام، ولم يكن لهن من البصيرة والرغبة والمحبة في الإسلام ما يقتضي مبادرتهن إليه جميعا، فمقتضى السنة وعمل الصحابة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعده جواز وطء المملوكات على أي دين كن، وهذا مذهب طاوس وغيره، وقواه صاحب «المغني» فيه ورجح أدلته، وبالله التوفيق. اهـ كلام ابن القيم

-الثانى :المنع على الندب والإرشاد لا على التحريم وهو قول مغيرة رواه ابن جرير من طريق جرير عن منصور عنه وهو قول أبي حنيفة وأصحابه
حجتهم :{ أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم}
ومعنى قوله: {فتياتكم المؤمنات} غير المشركات من عبدة الأوثان
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: هو دلالةٌ على تحريم نكاح إماء أهل الكتاب فإنّهنّ لا يحللن إلاّ بملك اليمين؛ وذلك أنّ اللّه جلّ ثناؤه أحلّ نكاح الإماء بشروطٍ، فما لم تجتمع الشّروط الّتي سمّاهن فيهنّ، فغير جائزٍ لمسلمٍ نكاحهنّ.
فإن قال قائلٌ: فإنّ الآية الّتي في المائدة تدلّ على إباحتهنّ بالنّكاح؟
قيل: إنّ الّتي في المائدة قد أبان أنّ حكمها في خاصٍّ من محصناتهم، وأنّها معنيّ بها حرائرهم دون إمائهم، قوله {من فتياتكم المؤمنات:
} وليست إحدى الآيتين دافعا حكمها حكم الأخرى، بل إحداهما مبيّنةٌ حكم الأخرى، وإنّما تكون إحداهما دافعةٌ حكم الأخرى لو لم يكن جائزًا اجتماع حكميهما على صحّة، فأمّا وهما جائزٌ اجتماع حكميهما على الصّحّة، فغير جائزٍ أن يحكم لإحداهما بأنّها دافعةٌ حكم الأخرى إلاّ بحجّة التّسليم لها من خبرٍ أو قياسٍ، ولا خبر بذلك ولا قياس، والآية محتملةٌ ما قلنا: والمحصنات من حرائر الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم دون إمائهم


الإعراب في قوله {واللّه أعلم بإيمانكم } والمعنى المترتب عليه:
-قالت طائفة: هو رفع على الابتداء والخبر، والمقصد بهذا الكلام أي إنكم أيها الناس سواء بنو الحرائر وبنو الإماء، أكرمكم عند الله أتقاكم، فهذه توطئة لنفوس العرب التي كانت تستهجن ولد الأمة، فلما جاء الشرع بجواز نكاحها، أعلموا مع ذلك أن ذلك التهجين لا معنى له.،ابن عطية

-وقيل: هو رفع بفعل تقديره: فلينكح مما ملكت «أيمانكم بعضكم من بعض»أي فلينكح هذا فتاة هذا فيكون المعنى لينكح هذا المقتّر الّذي لا يجد طولاً لحرّةٍ من هذا الموسر فتاته المؤمنة الّتي قد أبدت الإيمان فأظهرته وكلوا سرائرهنّ إلى اللّه،ذكره الطبري وتعقبه ابن عطية وقال هو قول ضعيف

قلت :والذي أرى والله أعلم بالصواب أن لقول ابن جرير وجه وهو أنه لما ذكر الزواج من الإماء ووصفهن بالإيمان وعقب ذلك الوصف بعلمه تعالى ببواطن الأمور وحقيقة إيمان كل عبد كأنه أكد على النكاح من إماء المسلمين لا من غيرهم لأن ابن جرير لايرى جواز نكاح الأمة غير المؤمنة فماهى إذن فائدة تأويله بعضكم من بعض على هذا القول خاصة وأنه يبدو في ظاهره بعيدا جدا.إلا أن المعنى الأول أقرب للمراد والله أعلم

فيكون معنى الآية :أن الله عليم ببواطن الأمور ولكم ظواهرها، فإذا كانت الفتاة ظاهرها الإيمان فنكاحها صحيح، وعلم باطنها إلى الله، وإنما هذا لئلا يستريب متحير بإيمان بعض الإماء، كالقريبة عهد بالسباء، أو كالخرساء وما أشبهه. ابن عطية
والمعنى : فلينكح من لم يستطع منكم طولاً لحرّةٍ من فتياتكم المؤمنات، لينكح هذا المقتّر الّذي لا يجد طولاً لحرّةٍ من هذا الموسر فتاته المؤمنة الّتي قد أبدت الإيمان فأظهرته وكلوا سرائرهنّ إلى اللّه، فإنّ علم ذلك إلى اللّه دونكم، واللّه أعلم بسرائركم وسرائرهنّ،ذكره الطبري


دلالة قوله تعالى {والله أعلم بإيمانكم}

قال ابن عاشور :اعتراض جمع معاني شتى،:
-أنه أمر، وقيد للأمر في قوله تعالى: ومن لم يستطع منكم طولا إلخ وقد تحول الشهوة والعجلة دون تحقيق شروط الله تعالى، فأحالهم على إيمانهم المطلع عليه ربهم.
-ومن تلك المعاني أنه تعالى أمر بنكاح الإماء عند العجز عن الحرائر، وكانوا في الجاهلية لا يرضون بنكاح الأمة وجعلها حليلة، ولكن يقضون منهن شهواتهم بالبغاء، فأراد الله إكرام الإماء المؤمنات، جزاء على إيمانهن، وإشعارا بأن وحدة الإيمان قربت الأحرار من العبيد، فلما شرع ذلك كله ذيله بقوله: والله أعلم بإيمانكم، أي بقوته.
-وأيضا لما كان الإيمان، هو الذي رفع المؤمنين عند الله درجات كان إيمان الإماء مقنعا للأحرار بترك الاستنكاف عن تزوجهن .
-وفي اللفظ أيضا تنبيه على أنه ربما كان إيمان أمة أفضل من إيمان بعض من الحرائر، أي: فلا تعجبوا بمعنى الحرية، ابن عطية

متعلق قوله تعالى {بعضكم من بعض}
-قيل في الحسب :كلكم ولد آدم
-وقيل في الدين :أي دينكم واحد ذكر ههنا المؤمنات من العبيد،الزجاج.


دلالة قوله بعضكم من بعض
وإنما قيل لهم ذلك لأن العرب في الجاهلية كانت تطعن في الأنساب، وتفخر بالأحساب وتعير بالهجنة، كانوا يسمّون ابن الأمة الهجين، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن أمر العبيد وغيرهم مستوفى الإيمان، الزجاج

الحكمة من كراهية التزوج بالأمة
وإنما كره التزوج بالأمة إذا وجد إلى الحرّة سبيل، لأن ولد الحر من الأمة يصيرون رقيقا،
ولأن الأمة مستخدمة ممتهنة تكثر عشرة الرجال، وذلك شاق على الزوج، فلذلك كره تزوج الحر بالأمة. الزجاج


الدلالة على كيفية نكاح الأمة من قوله تعالى {فانكحوهن بإذن أهلهن}
-شرط الإذن ورضا الولى لئلا يكون سرا وزنى، ولأن نكاحهن دون ذلك اعتداء على حقوق أهل الإماء.ابن عاشور
-دلّ على أنّ السّيّد هو وليّ أمته لا تزوّج إلّا بإذنه، وكذلك هو وليّ عبده، ليس لعبده أن يتزوّج إلّا بإذنه، كما جاء في الحديث: "أيّما عبدٍ تزوّج بغير إذن مواليه فهو عاهر" أي زان.
-فإن كان مالك الأمة امرأةٌ زوّجها من يزوّج المرأة بإذنها؛ لما جاء في الحديث: "لا تزوّج المرأة [المرأة، ولا المرأة نفسها] فإنّ الزّانية هي الّتي تزوّج نفسها ،ابن كثير
- والآية دليل على ولاية السيد لأمته، وأنه إذا نكحت الأمة بدون إذن السيد فالنكاح مفسوخ، ولو أجازه سيدها ،ابن عاشور


المراد بالأهل في قوله {بإذن أهلهنّ} وعلة التسمية بذلك

-قال ابن عاشور: الأهل هنا بمعنى السادة المالكين، وهو إطلاق شائع على سادة العبيد في كلام الإسلام.
- وأحسب أنه من مصطلحات القرآن (يعنى إطلاق الأهل على السادة المالكين للعبيد) تلطفا بالعبيد

المراد بالأجور في قوله: وآتوهنّ أجورهنّ
يعني أعطوهن مهورهن، وهو الصداق قاله ابن زيد وغيره، كما روى ابن جرير من طريق ابن وهب عنه


{وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف}
المراد ب{المعروف}

قال ابن عطية : بالشرع والسنة، قال ابن جرير : على ما تراضيتم به ممّا أحلّ اللّه لكم وأباحه لكم أن تجعلوه مهورًا لهنّ وقال ابن كثير أي: عن طيب نفسٍ منكم، ولا تبخسوا منه شيئًا استهانةً بهنّ؛ لكونهنّ إماءً مملوكاتٍ
قال ابن عطية :وهذا يقتضي أنهن أحق بمهورهن من السادة، وهو مذهب مالك قال في كتاب الرهون: ليس للسيد أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز..
والمعنى أنه ليس لسيدها أن يأخذ مهرها إلا أن يبوئها أى يجعل سكناها وزوجها عنده ،أو يجهزها هو ، مختصر ما ذكره ابن عاشور



-إعراب محصنات وما يترتب عليه من معنى

محصنات وما بعده حال
- الإحصان هنا :الظاهر أنه بمعنى عفيفات إذ غير ذلك من وجوه الإحصان بعيد إلا مسلمات فإنه يقرب والعامل في الحال{ فانكحوهنّ} ابن عطية واختاره ابن جرير
-الإحصان: التزويج الصحيح فهى حال مقدرة أي ليصرن محصنات ،ذكره ابن عاشور

الراجح :عفيفات إذ روى ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {محصنات غير مسافحات } يعنى تنكحوهن عفائف غير زوان في سر ولا علانية وروى ابن جرير عن السدي من طريق أسباط قوله عفائف
وقال ابن كثير :أي: عفائف عن الزّنا لا يتعاطينه؛ ولهذا قال: {غير مسافحاتٍ} ابن كثير

الفرق في معنى «المسافحات» ومتخذات الأخدان :

قال ابن عبّاسٍ: المسافحات،" هنّ الزّواني المعالنات "يعني الزّواني اللّاتي لا يمنعن أحدًا أرادهنّ بالفاحشة. ذكره ابن كثير ولم أقف عليه بهذا اللفظ ولكن رواه ابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة بلفظ غير زوان في السر والعلانية ورواه ابن جرير من طريق العوفيين الضعفاء بلفظ المعالنات بالزنا
وهو قول قتادة والضحاك وابن زيد والسدي وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق سعيد عنه وقول الضحاك رواه ابن جرير بصيغة التضعيف من طريق عبيد بن سليمان عنه وقول السدى رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه وقول ابن زيد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه

«ومتخذات الأخدان»:
هن المتسترات اللواتي يصحبن واحدا واحدا ويزنين خفية وهذان كانا نوعين في زنا الجاهلية
وأيضا فهو تقسيم عقلي لا يعطي الوجود إلا أن تكون الزانية إما لا ترد لامس وإما أن تختص من تقتصر عليه،ابن عطية

فالمسافحات المعالنات بالزنا ومتخذات الاخدان التى تتخذ خليلا تختص به وهذا قول قتادة والشعبي وابن زيد والضحاك والسدي كما روى ابن جرير
و روي عن أبي هريرة، ومجاهدٍ والشّعبيّ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، ويحيى بن أبي كثيرٍ، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ، قالوا: أخلّاء. وقال الحسن البصريّ: يعني: الصّديق. ، كما ذكر ابن أبي حاتم عنهم بصيغة التضعيف عدا الحسن
وقال الضّحّاك أيضًا: {ولا متّخذات أخدانٍ} ذات الخليل الواحد المقرّة به، نهى اللّه عن ذلك، يعني عن تزويجها ما دامت كذلك رواه ابن أبى حاتم من طريق عبيد بن سلمان



المراد بالإحصان في قوله {فإذا أحصن}
-اختلف المتأولون فيما هو الإحصان هنا على قولين كلاهما مبنى على القراءة :

القول الأول :أن القراءتين بمعنى واحد أى قراءة الفتح أو قراءة الضم كل واحدة منهما تحتمل معنيين:
أحدهما: أنّ المراد بالإحصان هاهنا الإسلام. روي ذلك عن عبد اللّه بن مسعودٍ رواه عنه علقمة وإبراهيم وهو قول السدى والشعبي والقاسم
أما ماروى عن ابن مسعود :فقد روى ابن جرير من طريق أبي معشر عن إبراهيم أن ابن مسعود قال إسلامها إحصانها ،ولم يسمع إبراهيم من ابن مسعود ففيه انقطاع
ورواه ابن جرير موصولا من طرق عن حماد عن إبراهيم أن معقل بن مقرن سأل ابن مسعود .. بألفاظ متقاربة ورواه من طريق أشعث عن الشعبي عن ابن مسعود
وروى ابن جرير من طريق هشيم عن مغيرة عن إبراهيم من قوله {إذا أسلمن}
وروى ابن جرير من طرق عن الشعبي من قوله وروى من طريق أسباط عن السدي وروى عن القاسم وسالم من طريق اسرائيل عن جابر عنهما
وروى نحوه الزّهريّ عن عمر بن الخطّاب،قال (جلد عمر رضي اللّه عنه ولائد أبكارًا من ولائد الأمارة في الزّنى )وهو منقطعٌ.
قال ابن كثير : وإنّما قلنا [ذلك] استدلالًا بالسّنّة وإجماع أكثر أهل العلم
.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ في ذلك حديثًا مرفوعًا، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن الجنيد، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه الدشتكى حدّثنا أبي، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن رجلٍ، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى عليه وسلّم: {فإذا أحصنّ} قال: "إحصانها إسلامها وقال عليٌّ: اجلدوهن و قال المراد به هاهنا التّزويج،.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ: وهو حديثٌ منكرٌ.
قال ابن كثير : وفي إسناده ضعفٌ، ومنهم من لم يسمّ، و مثله لا تقوم به حجّةٌ

الثاني: المراد به هاهنا: التّزويج. وهو قول ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة وغيرهم.
فقول ابن عباس: رواه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة ورواه عنه عكرمة من طرق ورواه عن ابن عباس أيضا الشعبي من طريق أبي الزناد
وقول سعيد بن جبير: رواه ابن جرير من طريق عمرو بن مرة ، وقول الحسن: رواه ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة عنه ورواه بن جرير من طريق سعيد عن قتادة
وقول مجاهد: رواه ابن جرير من طريق ليث بن أبي سليم عنه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحرّ، وإحصان العبد أن ينكح الحرّة وروى ابن أبي حاتم بنحوه عن الشعبي والنخعي بحذف الإسناد

القول الثانى :أن القراءتين متباينتان ولكل واحدة منهما معنى متوجه
- فمن قرأ {أحصنّ} بضمّ الهمزة، فمراده التّزويج، ومن قرأ "أحصنّ" بفتحها، فمراده الإسلام ،ذكره ابن كثير
اختاره الإمام أبو جعفر ابن جريرٍ في تفسيره، وقرّره ونصره

الترجيح:
-قال ابن كثير : أنّ المراد بالإحصان هاهنا التّزويج؛ لأنّ سياق الآية يدلّ عليه، حيث يقول سبحانه وتعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم} واللّه أعلم. والآية الكريمة سياقها كلّها في الفتيات المؤمنات، فتعيّن أنّ المراد بقوله: {فإذا أحصنّ} أي: تزوّجن، كما فسّره ابن عبّاسٍ ومن تبعه
-أما ابن جرير : فيرى أن المراد بقوله فإذا أحصن أي فإذا أسلمن على الراجح عنده و علة ذلك الترجيح عنده أن كل أمة زنت وجب عليها الحد متزوجة كانت أو غير متزوجة مسلمة كانت أو غير مسلمة وعلى هذا فإن صرف معنى الإحصان في قوله {فإذا أحصن }للتزويج غير مناسب للواقع وهو وجوب إقامة حد الزنا على الإماء وأن تأويل الإحصان بالتزويج يفهم منه أن الأمة إذا زنت قبل أن تتزوج فإنها لاتحد وهذا خلاف المتفق عليه وأما حديث أبي هريرة وزيد بن خالد المتفق عليه والذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمة إذا زنت قبل أن تحصن ؟قال اجلدها ....الحديث فقد قال إن قولهم قبل أن تحصن ليس بالضرورة أن يكون مرادا منه التزوج وذلك أن الإحصان يكون على معنيين الإسلام والتزوج وليس واحد منهما بدافع معنى الآخر ولا أقوى منه حجة فيكون كلا المعنيين مرادا على السواء ولذا فإن تفسير قوله تعالى {فإذا أحصن }أي فإذا أسلمن موافق لهذا المعنى
وقال : ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، فإذا هنّ آمنّ فإن أتين بفاحشةٍ، فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب، فيكون الخبر مبتدأ عمّا يجب عليهنّ من الحدّ إذا أتين بفاحشةٍ بعد إيمانهنّ بعد البيان عمّا لا يجوز لناكحهنّ من المؤمنين من نكاحهنّ وعمّن يجوز نكاحه له منهنّ .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الحديث والسؤال من الصحابة يقتضي أنهم فهموا من القرآن أن معنى أحصنّ تزوجن، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يقتضي تقرير المعنى ومن أراد أن يضعف قول من قال: إنه الإسلام بأن الصفة لهن بالإيمان قد تقدمت وتقررت فذلك غير لازم، لأنه جائز أن يقطع في الكلام ويزيد، فإذا كن على هذه الحالة المتقدمة من الإيمان فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ، وذلك سائغ صحيح، والفاحشة هنا: الزنى بقرينة إلزام الحد، والمحصنات في هذه الآية الحرائر، إذ هي الصفة المشروطة في الحد الكامل، والرجم لا يتنصف، فلم يرد في الآية بإجماع
والإشكال في هذه المسألة قائم :فمن قال الإحصان التزويج فيلزم من مفهوم الآية ان غير المتزوجة من الإناء إذا زنت لاتحد وهو مخالف للسنة
وإن قيل المراد بالإحصان الإسلام فهم من ذلك أن الحد عليها عموما على النصف من حد الحرائر واختلفوا في ذلك
وبيان المسألة يتضح عند تحرير مسألة حد الزنا على الأمة .

.

-حد الأمة إذا زنت :
قال مكى بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه :
الإجماع على أن الأمة لاتجلد أكثر من خمسين جلدة محصنة كانت أو غير محصنة واختلفوا على جلدها قبل الإحصان

قال ابن كثير : إذا زنت أقوالٌ
: أحدها:
أنها تجلد خمسين قبل الإحصان وبعده، وهل تنفى؟ فيه ثلاثة أقوالٍ :
أحدها أنّها تنفى عنه والثّاني: لا تنفى عنه مطلقًا. وهو قول عليٍّ وفقهاء المدينة والثّالث: أنّها تنفى نصف سنةٍ وهو نفي نصف الحرّة.
وهذا الخلاف في مذهب الشّافعيّ، وأمّا أبو حنيفة فعنده أنّ النّفي تعزيرٌ ليس من تمام الحدّ، وإنّما هو رأي الإمام، إن شاء فعله وإن شاء تركه في حقّ الرّجال والنّساء، وعند مالكٍ أنّ النّفي إنّما هو على الرّجال، وأمّا النّساء فلا ؛ لأنّ ذلك مضادٌّ لصيانتهنّ،
-وما ورد شيءٌ من النّفي في الرّجال ولا في النّساء نعم حديث عبادة وحديث أبي هريرة :أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عامٍ وبإقامة الحدّ عليه، رواه البخاريّ، و كلّ ذلك مخصوصٌ بالمعنى، وهو أنّ المقصود من النّفي الصّون وذلك مفقودٌ في نفي النّساء واللّه أعلم

حجة هذا القول : وقد وردت أحاديث عامّةٌ في إقامة الحدّ على مفهوم الآية، فمن ذلك ما رواه مسلمٌ في صحيحه، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، أنّه خطب فقال: يا أيّها النّاس، أقيموا على أرقّائكم الحدّ من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإنّ أمةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زنت فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديثة عهدٍ بنفاسٍ، فخشيت إن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: "أحسنت، اتركها حتّى تماثل ".
وعند عبد اللّه بن أحمد، عن غير أبيه: "فإذا تعالت من نفسها حدّها خمسينى الإماء، فقدّمناها
.
والثّاني: أنّ الأمة إذا زنت تجلد خمسين بعد الإحصان، وتضرب قبله تأديبًا غير محدودٍ بعددٍ محصورٍ، كما رواه ابن جريرٍ عن سعيد بن جبيرٍ: أنّها لا تضرب قبل الإحصان، وإن أراد نفيه فيكون مذهبًا بالتّأويل وإلّا فهو كالقول الثّاني

القول الثالث: أنّها تجلد قبل الإحصان مائةً وبعده خمسين، كما هو المشهور عن داود

والقول الرابع [هو] أضعف الأقوال: أنّها تجلد قبل الإحصان خمسين وترجم بعده، وهو قول أبي ثورٍ، وهو ضعيفٌ أيضًا واللّه سبحانه وتعالى أعلم

وقال ابن كثير: إلا أن الحد واجب على الأمة المسلمة بالسنة، وهي الحديث الصحيح في مسلم والبخاري، أنه قيل: يا رسول الله، الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ فأوجب عليها الحد. قال الزهري:
فالمتزوجة محدودة بالقرآن والمسلمة غير المتزوجة محدودة بالحديث.
قال ابن كثير: وعلى كلٍّ من القولين إشكالٌ على مذهب الجمهور؛ وذلك أنّهم يقولون: إنّ الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدةً، سواءٌ كانت مسلمةً أو كافرةً، مزوّجةً أو بكرًا، مع أنّ مفهوم الآية يقتضي أنّه لا حدّ على غير المحصنة ممّن زنا من الإماء، وقد اختلفت أجوبتهم عن ذلك:

فأمّا الجمهور فقالوا: عموم جلد الأمة خمسين مسلمة أو كافرة مزوجة أو بكرا ،
العلة :لا شكّ أنّ المنطوق مقدّمٌ على المفهوم.
دليلهم :
-عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها، ثمّ إن زنت الثّانية فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها، ثمّ إن زنت الثالثة فتبين زناها، فليبعها ولو بحبل من شعر" ولمسلمٍ إذا زنت ثلاثًا فليبعها في الرّابعة".
-وقال مالكٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سليمان بن يسار، عن عبد اللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة المخزوميّ قال: أمرني عمر بن الخطّاب في فتيةٍ من قريشٍ، فجلدنا من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزّنا
.
القول الثانى : جواب من ذهب إلى أنّ الأمة إذا زنت ولم تحصن فلا حدّ عليها، وإنّما تضرب تأديبًا،
وهو المحكيّ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه، وإليه ذهب طاوسٌ، وسعيد بن جبير، وأبو عبيد القاسم بن سلّامٍ، وداود بن عليٍّ الظّاهريّ في روايةٍ عنه.

دليلهم : 1-وعمدتهم مفهوم الآية وهو من مفاهيم الشّرط، وهو حجّةٌ عند أكثرهم فهو مقدّمٌ على العموم عندهم.
2-وحديث أبي هريرة وزيد بن خالدٍ، رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال: "إن زنت فحدّوها ثمّ إنّ زنت فاجلدوها ثمّ بيعوها ولو بضفيرٍ" قال ابن شهابٍ: لا أدري أبعد الثّالثة أو الرّابعة.
أخرجاه في الصّحيحين وعند مسلمٍ: قال ابن شهابٍ: الضّفير الحبل.
قالوا: فلم يؤقّت في هذا الحديث عددٌ كما وقّت في المحصنة بنصف ما على المحصنات من العذاب، فوجب الجمع بين الآية والحديث بذلك واللّه أعلم.
3-وأصرح من ذلك ما رواه سعيد بن منصورٍ، عن سفيان، عن مسعرٍ، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس على أمةٍ حدٌّ حتّى تحصن -أو حتّى تزوّج-فإذا أحصنت بزوجٍ فعليها نصف ما على المحصنات".

اعتراض :وقد رواه ابن خزيمة، عن عبد اللّه بن عمران العابديّ عن سفيان به مرفوعًا. وقال: رفعه خطأٌ، إنّما هو من قول ابن عبّاسٍ، وكذا رواه البيهقيّ من حديث عبد اللّه بن عمران، وقال مثل ما قاله ابن خزيمة.
قالوا: وحديث عليٍّ وعمر [رضي اللّه عنهما] قضايا أعيانٍ،
وحديث أبي هريرة الذي استدل به الجمهور :
عنه أجوبةٌ:
أحدها: أنّ ذلك محمولٌ على الأمة المزوّجة جمعًا بينه وبين هذا الحديث.
الثّاني: أنّ لفظ الحدّ في قوله: فليجلدها الحدّ، لفظٌ مقحمٌ من بعض الرّواة، بدليل الجواب الثّالث وهو:
أنّ هذا من حديث صحابيّين وذلك من رواية أبي هريرة فقط، وما كان عن اثنين فهو أولى بالتّقدّم من رواية واحدٍ، وأيضًا فقد رواه النّسائيّ بإسنادٍ على شرط مسلمٍ، من حديث عبّاد بن تميمٍ، عن عمّه -وكان قد شهد بدرًا-أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا زنت الأمة فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فبيعوها ولو بضفيرٍ".
الرّابع: أنّه لا يبعد أنّ بعض الرّواة أطلق لفظ الحدّ في الحديث على الجلد؛ لأنّه لمّا كان الجلد اعتقد أنّه حدٌّ، أو أنّه أطلق لفظة الحدّ على التّأديب، كما أطلق الحدّ على ضرب من زنى من المرضى بعثكال نخلٍ فيه مائة شمراخٍ، وعلى جلد من زنى بأمة امرأته إذا أذنت له فيها مائةً، وإنّما ذلك تعزيرٌ وتأديبٌ عند من يراه كالإمام أحمد وغيره من السّلف. وإنّما الحدّ الحقيقيّ هو جلد البكر مائةً، ورجم الثّيّب أو اللّائط، واللّه أعلم.
وقد روى ابن جريرٍ في تفسيره: حدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة؛ أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ يقول: لا تضرب الأمة إذا زنت ما لم تتزوّج.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ عنه، ومذهبٌ غريبٌ إن أراد أنّها لا تضرب أصلًا لا حدًّا، وكأنّه أخذ بمفهوم الآية ولم يبلغه الحديث، وإن كان أراد أنّها لا تضرب حدًّا، ولا ينفي ضربها تأديبًا، فهو كقول ابن عبّاسٍ ومن تبعه في ذلك، واللّه أعلم.
توجيه القول الثّالث: أنّ الآية دلّت على أنّ الأمة المحصنة تحدّ نصف حدّ الحرّة، فأمّا قبل الإحصان فعمومات الكتاب والسّنّة شاملةٌ لها في جلدها مائةً، كقوله تعالى {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} [النّور:2] وكحديث عبادة بن الصّامت: "خذوا عنّي، خذوا عنّي، قد جعل اللّه لهنّ سبيلا البكر بالبكر جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، والثّيّب جلد مائةٍ ورجمها بالحجارة" والحديث في صحيح مسلمٍ وغير ذلك من الأحاديث.
وهذا القول هو المشهور عن داود بن عليٍّ الظّاهريّ، وهو في غاية الضّعف

علة الضعف : لأنّ اللّه تعالى إذا كان أمر بجلد المحصنة من الإماء بنصف ما على الحرّة من العذاب وهو خمسون جلدةً، فكيف يكون حكمها قبل الإحصان أشدّ منه بعد الإحصان. وقاعدة الشّريعة في ذلك عكس ما قال،
وهذا الشّارع عليه السّلام يسأله أصحابه عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: "اجلدوها" ولم يقل مائةً، فلو كان حكمها كما قال داود لوجب بيان ذلك لهم؛ لأنّهم إنّما سألوا عن ذلك لعدم بيان حكم جلد المائة بعد الإحصان في الإماء، وإلّا فما الفائدة في قولهم: "ولم تحصن" لعدم الفرق بينهما لو لم تكن الآية نزلت، لكن لمّا علموا حكم أحد الحكمين سألوا عن حكم الحال الآخر، فبيّنه لهم.
كما ثبت في الصّحيحين أنّهم لمّا سألوه عن الصّلاة عليه، فذكرها لهم ثمّ قال: "والسّلام ما قد علمتم" وفي لفظٍ: لمّا أنزل اللّه قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا} [الأحزاب:56] قالوا: هذا السّلام عليك قد عرّفناه، فكيف الصّلاة عليك؟ وذكر الحديث، وهكذا هذا السّؤال
.
توجيه القول الرّابع -عن مفهوم الآية-: جواب أبي ثورٍ، فإنّ من مذهبه ما هو أغرب من قول داود من وجوهٍ، ذلك أنّه يقول فإذا أحصن فإنّ عليهنّ نصف ما على المحصنات المزوّجات وهو الرّجم، وهو لا يتناصف فيجب أن ترجم الأمّة المحصنة إذا زنت، وأمّا قبل الإحصان فيجب جلدها خمسين.
اعتراض : فأخطأ في فهم الآية وخالف الجمهور في الحكم،
بل قد قال أبو عبد اللّه الشّافعيّ، رحمه اللّه: ولم يختلف المسلمون في أن لا رجم على مملوكٍ في الزّنا؛ وذلك لأنّ الآية دلّت على أنّ عليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب، والألف واللّام في المحصنات للعهد، وهنّ المحصنات المذكورات في أوّل الآية: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات} والمراد بهنّ الحرائر فقط، من غير تعرّضٍ لتزويج غيره، وقوله: {نصف ما على المحصنات من العذاب} يدلّ على أنّ المراد من العذاب الّذي يمكن تنصيفه وهو الجلد لا الرّجم، واللّه أعلم.
ثمّ قد روى الإمام أحمد [حديثًا] نصا في ردّ مذهب أبي ثورٍ من رواية الحسن بن سعدٍ عن أبيه أنّ صفيّة كانت قد زنت برجلٍ من الحمس، فولدت غلامًا، فادّعاه الزّاني، فاختصما إلى عثمان [بن عفّان] فرفعهما إلى عليّ بن أبي طالبٍ، فقال عليٌّ: أقضي فيهما بقضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" وجلدهما خمسين خمسين الشاهد هنا أنها كانت محصنة أى مزوجة وجلدها ولم يرجمها
.
وقيل: بل المراد من المفهوم التّنبيه بالأعلى على الأدنى، أي: أنّ الإماء على النّصف من الحرائر في الحدّ وإن كنّ محصناتٍ، وليس عليهنّ رجمٌ أصلًا لا قبل النّكاح ولا بعده، وإنّما عليهنّ الجلد في الحالتين بالسّنّة. قال ذلك صاحب الإفصاح عن الشّافعيّ، فيما رواه ابن عبد الحكم، عنه. وقد ذكره البيهقيّ في كتاب السّنن والآثار، وهو بعيدٌ عن لفظ الآية؛ لأنّا إنّما استفدنا تنصيف الحدّ من الآية لا من سواها، فكيف يفهم منها التّنصيف فيما عداها،
وقال البيهقي: بل أريد بأنّها في حال الإحصان لا يقيم الحدّ عليها إلّا الإمام، ولا يجوز لسيّدها إقامة الحدّ عليها والحالة هذه -وهو قولٌ في مذهب الإمام أحمد رحمه اللّه-فأمّا قبل الإحصان فله ذلك، والحدّ في كلا الموضعين نصف حدّ الحرّة.
وهذا أيضًا بعيدٌ؛ لأنّه ليس في لفظ الآية ما يدل عليه.
ولولا هذه لم ندر ما حكم الإمام في التّنصيف، ولوجب دخولهنّ في عموم الآية في تكميل الحدّ مائةً أو رجمهنّ، كما أثبت في الدّليل عليه، وقد تقدّم عن عليٍّ أنّه قال: أيّها النّاس أقيموا على أرقّائكم الحدّ من أحصن منهم ومن لم يحصن، وعموم الأحاديث المتقدّمة ليس فيها تفصيلٌ بين المزوّجة وغيرها، لحديث أبي هريرة الّذي احتجّ به الجمهور: "إذا زنت أمة أحدكم فتبيّن زناها فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها
فليس فيها أن سيدها لايحلدها بل الإمام
".
مرجع اسم الإشارة {ذلك لمن خشي العنت}

هذا الّذي أبحت أيّها النّاس من نكاح فتياتكم المؤمنات ،الطبري
أي: إنّما يباح نكاح الإماء بالشّروط المتقدّمة لمن خاف على نفسه الوقوع في الزّنا، وشقّ عليه الصّبر عن الجماع، وعنت بسبب ذلك كلّه، فحينئذٍ يتزوّج الأمة

المراد بالعنت:

العنت في اللغة المشقة ،ذكره ابن عطية
-القول الأول :الزنا وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والضحاك وعطية فقول ابن عباس رواه الطبري من طريق على بن أبي طلحة وقول مجاهد رواه الطبري من طريق ليث عنه وقول سعيد بن جبير رواه الطبري من طرق عن أبي بشر وقول الضحاك رواه الطبري من طريق جويبر عنه وقول عطية رواه الطبري من طرق عن فضيل عنه
- القول الثانى :العقوبة التى تعنته وهى الحد،ذكره الطبري
-وقيل: الإثم ،ذكره ابن عطية

والراجح : قال ابن جريرذلك لمن خاف منكم ضررًا في دينه وبدنه.

-وذلك أنّ العنت هو ما ضرّ الرّجل، يقال منه: قد عنت فلانٌ فهو يعنت عنتًا: إذا أتى ما يضرّه في دينٍ أو دنيا، ومنه قول اللّه تبارك وتعالى عنتّم
ويقال: قد أعنتني فلانٌ فهو يعنتني: إذا نالني بمضرّةٍ؛ وقد قيل: العنت: الهلاك.
-فالّذين وجّهوا تأويل ذلك إلى الزّنا قالوا: الزّنا ضررٌ في الدّين، وهو من العنت.
-والّذين وجّهوه إلى الإثم، قالوا: الآثام كلّها ضررٌ في الدّين وهي من العنت.
-والّذين وجّهوه إلى العقوبة الّتي تعنته في بدنه من الحدّ،:فإنّهم قالوا: الحدّ مضرّةٌ على بدن المحدود في دنياه، وهو من العنت.
وقد عمّ اللّه بقوله: {لمن خشي العنت منكم}
جميع معاني العنت، ويجمع جميع ذلك الزّنا لأنّه يوجب العقوبة على صاحبه في الدّنيا بما يعنت بدنه، ويكتسب به إثمًا ومضرّةً في دينه ودنياه. وقد اتّفق أهل التّأويل الّذي هم أهله، على أنّ ذلك معناه. فهو وإن كان في عينه لذّةٌ وقضاء شهوةٍ فإنّه بأدائه إلى العنت منسوبٍ إليه موصوفٌ به إذ كان للعنت سببًا
-قال ابن عطية : والآية تحتمل ذلك كله، وكل ما يعنت عاجلا وآجلا

شروط نكاح الأمة
لمن خشي العنت، ولم يجد طولاً لحرّة. فبهذين الشّرطين أرخص للمؤمن الحرّ في نكاح الإماء بيّن الله جلّ ذكره أنّ الإباحة المتقدمة إنما هي
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس في الآية ما يلزم منه تحليل الأمة لحر دون الشرطين،

وفي إباحة نكاح المؤمن المملوكة، وهو يجد الطّول للحرة اختلاف إذا خشى العنت:
-القول الأول :المنع
وقال مالك في المدونة: ليست الحرة بطول تمنع من نكاح الأمة إذا لم يجد سعة لأخرى وخاف العنت، وقال في كتاب محمد: ما يقتضي أن الحرة بمثابة الطول، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: وهو ظاهر القرآن، وروي نحو هذا عن ابن حبيب، وقاله أبو حنيفة: فمقتضى هذا أن من عنده حرة فلا يجوز له نكاح أمة، وإن عدم السعة وخاف العنت، لأنه طالب شهوة وعنده امرأة، وقال به الطبري واحتج له
وقال ابن عاشور معقبا على هذا الرأي:وهو تضييق لا يناسب يسر الإسلام على أن الحاجة إلى امرأة ثانية قد لا يكون لشهوة بل لحاجة لا تسدها امرأة واحدة، فتعين الرجوع إلى طلب التزوج،ووجود المقدرة.

قال ابن كثير :ومن هذه الآية الكريمة استدلّ جمهور العلماء في جواز نكاح الإماء، على أنّه لا بدّ من عدم الطّول لنكاح الحرائر ومن خوف العنت؛ لما في نكاحهنّ من مفسدة رقّ الأولاد، ولما فيهنّ من الدّناءة في العدول عن الحرائر إليهن.
-القول الثانى :الجواز
-وخالف الجمهور أبو حنيفة وأصحابه في اشتراط الأمرين، فقالوا: متى لم يكن الرّجل مزوّجًا بحرّة جاز له نكاح الأمة المؤمنة والكتابيّة أيضًا، سواءٌ كان واجدًا الطّول لحرّةٍ أم لا وسواءٌ خاف العنت أم لا وعمدتهم فيما ذهبوا إليه [عموم] قوله تعالى: {والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم} [المائدة: 5] أي: العفائف، وهو يعمّ الحرائر والإماء، وهذه الآية عامّةٌ، وهذه أيضًا ظاهرةٌ في الدّلالة على ما قاله الجمهور واللّه أعلم(ابن عطية)
وهذا القول مبناه على معنى الطول عندهم فعلى قولهم الطول وجود الحرة عنده فإن تحقق ذلك امتنع زواجه من الأمة

معنى {وأن تصبروا خير لكم}
إن ترك تزوّج الأمة وجاهد نفسه في الكفّ عن الزّنا، فهو خيرٌ له أي وصبركم خير لكم،ابن كثير

دلالة قوله {وأن تصبروا خير لكم}
وهذا ندب إلى الترك، وعلته ما يؤدي إليه نكاح الإماء من استرقاق الولد ومهنتهن،ابن عطية

وجه الخيرية في قوله {خير لكم }
لأنه إذا تزوجها جاء أولاده أرقّاء لسيّدها إلّا أن يكون الزّوج عربيًّا فلا تكون أولاده منها أرقّاء في قولٍ قديمٍ للشّافعيّ، ولهذا قال: {وأن تصبروا خيرٌ لكم}، ابن كثير

دلالة قوله {والله غفور رحيم}
واللّه غفورٌ لكم نكاح الإماء أن تنكحوهنّ على ما أحلّ لكم وأذن لكم به، وما سلف منكم في ذلك إن أصلحتم أمور أنفسكم فيما بينكم وبين اللّه، رحيمٌ بكم، إذ أذن لكم في نكاحهنّ عند الافتقار وعدم الطّول للحرّة ،ذكره الطبري

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 5 ربيع الأول 1441هـ/2-11-2019م, 01:17 PM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

تلخيص تفسير قوله تعالى :( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}..
*سبب النزول
-نزلت في سبايا خيبر.
أخرجه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح وأبو داود والنسائي والإمام أحمد وابن جرير وعبدالرزاق وابن حجر في مصنفاتهم عن طريق عثمان البتي عن أبي الخليل عن أبي سعيد قال: لما سبا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس قلنا: يا نبي الله كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن فنزلت هذه الآية: {وَالمُحصَناتُ مِنَ النِساءِ إِلاّ ما مَلَكَت أَيمانُكُم}. ذكره ابن عطية وابن كثير
وقال الترمذي : ولا أعلم أنّ أحدًا ذكر أبا علقمة في هذا الحديث إلاّ ما ذكر همّامٌ عن قتادة.
ورواه النسائي عن سعيدٍ، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن أبي علقمة، عن أبي سعيدٍ …
-روى الطّبرانيّ من طريق الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: أنّها نزلت في سبايا خيبر …
-رواه ابن جرير في تفسيره عن طريق شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم …
-وقيل في إمرأة يقال لها معاذة .
أخرجه عبد بن حميد وابن أبي خيثمة وأبو مسلم الكجي بسنده من طريق العباس بن أنس عن عكرمة إن هذه الآية والمحصنات من النساء نزلت في امرأة يقال لها معاذة كانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له شجاع بن الحارث وكان معها ضرة لها قد ولدت من شجاع أولادا رجالا……"ذكره الواحدي وابن حجر .
*سبب نزول قوله تعالى {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} [الآية: 24]
قال مقاتل : نزلت في المتعة فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ثم قال ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة أي إذا زدتم في الأجر وازددتم في الأجل ثم نسخ ذلك...
رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن موسى ابن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس .. ذكره ابن حجر
وأخرج أبو عبيد في كتاب النكاح وابن المنذر من طريقه عن حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عطاء سمعت ابن عباس ....
-سبب نزول قوله تعالى{ ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}
أخرج الطبري من طريق سليمان التيمي عن حضرمي بن لاحق أن رجالا كانوا يفترضون المهر ثم عسى أن تدرك أحدهم العسرة فنزلت).ذكره ابن حجر في تفسيره.
* القراءات
*القراءة في (المحصنات ) ذكره الزجاج وابن عاشور
قرئت. بالفتح (والمحصَنات ) ، قرأ ها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة،«والمحصنات» بفتح الصاد في كل القرآن ، والكسائي في هذا الموضع بالفتح ، وهي من أحصنها الزوج وحفظها وستر عليها.
وقرئت بالكسر (والمحصِنات ) ، قرأ الكسائي بالكسر في جميع مواضع القرآن إلا موضع هذه الآية كما ذكرنا بالفتح ، وهي من أحصنت وحافظت على نفسها من غير زوج .خلاصة قول الزجاج وابن عاشور .
رواه الرملي ، عن طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {والمحصنات من النساء} ذوات الأزواج. لا تنكح المرأة زوجين قال: «كان مجاهدٌ يقرأ كلّ شيءٍ في القرآن محصناتٍ [بكسر الصّاد إلا الّتي في النساء »
قال ابن عاشور : ولَمْ يُقْرَأْ قَوْلُهُ (والمُحْصَناتُ) في هَذِهِ الآيَةِ إلّا بِالفَتْحِ.
فكلا القراءتين صحيحة ،فالتحصن هو التعفف والستر والتمنع والحفظ سواء بالزواج أو بدونه .
قال الزجاج : و قد أجمع على الفتح ، لأن معناها: اللاتي أحصنّ بالأزواج ، ولو قرئت بالكسر لجاز ، لأنهنّ يحصنّ فروجهن بأن يتزوجن.
*القراءة في قوله تعالى ( وإحل لكم
- قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر «وأحل لكم» بفتح الألف والحاء.
قال ابن عطية : وهذه مناسبة لقوله كتاب اللّه إذ المعنى كتب الله ذلك كتابا.
-وقرأ حمزة والكسائي «وأحل» بضم الهمزة وكسر الحاء.
قال ابن عطية : حرّمت عليكم والوراء في هذه الآية ما يعتبر أمره بعد اعتبار المحرمات، فهن وراء أولئك بهذا الوجه .
*القراءة في قوله تعالى : (فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى.
رواه ابن جرير في تفسيره عن طريق أبي مسلمة، عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية على ابن عبّاسٍ: {فما استمتعتم به منهنّ} قال ابن عبّاسٍ: إلى أجلٍ مسمًّى. قال: قلت: ما أقرؤها كذلك. قال: واللّه لأنزلها اللّه كذلك، ثلاث مرّاتٍ.
رواه ابن جرير في تفسيره فقال : حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: في قراءة أبيّ بن كعبٍ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى.
* المسائل التفسيرية .
*معنى الإحصان في اللغة .
قال الزجاج. هو إحصان الفرج وإعفافه ، يقال امرأة حصان بينة الحصن، وفرس حصان بينة (التحصن) والتحصين وبناء حصين بيّن الحصانة، ولو قيل في كله الحصانة لكان بإجماع .
*المراد بالمحصنات .
العفائف سواء كانت حرة أم أمة . ذكره الفراء
*استعمالات العرب لكلمة (الإحصان ).
قال ابن عطية. :
-تستعمله في الزواج، لأن ملك الزوجة منعة وحفظ.
- ويستعملون الإحصان في الحرية لأن الإماء كان عرفهن في الجاهلية الزنا، والحرة بخلاف ذلك 0
-ويستعملونه في الحفظ والمنع.
-ويستعمل في العفة والستر.
وقال : هذه اللفظة لاتخرج عن غير هذه المعاني في كتاب الله ، لكنها قد تقوى فيها بعض هذه المعاني دون بعض، بحسب موضع وموضع.
*المراد بالمحصنات من النساء في قوله تعالى : (والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}،
ورد فيها أقوال ،.
القول الأول : أحل لكم أربع. قول عبيدة السلماني..
رواه ابن وهب و عبدالرزاق في مصنفه وابن جرير الطبري. عن الحارث عن أيّوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني…
القول الثاني : كل ذات زوج حرام ، إلا ملك اليمين
ورواه سعيد بن منصور في مصنفه والطبري في تفسيره عن طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه في قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}، قال: «كلّ ذات زوجٍ عليك حرامٌ، إلّا أن تشتريها، أو ما ملكت يمينك».
رواه سعيد بن منصورفي مصنفه عن الصّلت بن بهرام، عن إبراهيم -قول الا سبايا الحرب.
*معنى المحصنة :
ذكر فيها أقوال :
القول الأول : دخولها الإسلام وإقرارها به ، ثم ارتكابها الزنا فهنا تجلد خمسين جلده. قول الشعبي .
رواه سعيد بن منصور في مصنفه عن ، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن الشّعبي …
وقول آخر عن الشعبي أن تحصن فرجها من الفجور، وأن تغتسل من الجنابة.
رواه سعيد بن منصور في مصنفه ، حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مطرّف، عن الشّعبي …
القول الثاني : العفيفة العاقلة من أهل الكتاب ، قول ابن عباس
رواه سعيد بن منصور في مصنفه عن طريق خصيف، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ -
دلالة معنى قوله تعالى :( والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم} .
-تحريم اشراك رجلين في عصمة إمرأة ، وابطال ماكان يفعل بالجاهلية من نوع هذا النكاح.
-تحريم عقد نكاح على ذات زوج .ذكره ابن جرير وابن حاتم وابن عطية .
* معنى قوله تعالى : (إلا ما ملكت أيمانكم}
*معنى ملك اليمين
هو ماأمتلك بنكاح أو شراء ، ذكره الطبري وابن عطية والزجاج وابن عاشور .
*المراد بقوله ( مَلَكَتْ
قال ابن عاشور : ما تَجَدَّدَ مِلْكُها بَعْدَ أنْ كانَتْ حُرَّةً ذاتَ زَوْجٍ. فالفِعْلُ مُسْتَعْمَلٌ في مَعْنى التَّجَدُّدِ.
*معنى قوله :(إلا ماملكت أيمانكم ..
القول الأول : هن السبايا اذا كان لهن أزواج واستبرين بحيضة.. قول أبي سعيد الخدري وابن عباس
قول أبي سعيد الخدري ، رواه أبي حاتم في تفسيره عن قتادة عن صالح يعني أبا الخليل عن ألي علقمة عن أبي سعيد الخدري ...
قول ابن عباس ، رواه أبي حاتم في تفسيره قولاً عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ...
القول الثاني :هن الحرائر من النساء مثنى وثلاث ورباع قول ابن عباس
رواه أبي حاتم في تفسيره عن قولاً عن العوفي فقال : حدثني عمي عن أبي عن أبيه عن ابن عباس ....
*معنى كتاب الله عليكم
أي كتب الله عليكم ماحرم من ذلك ، وتحليل ماحلل من ذلك عليكم كتاباً وإلزاماً.
قال عبيدة السلماني وغيره: والأظهر أن قوله كتاب اللّه عليكم إنما هو إشارة إلى التحريم الحاجز بين الناس وبين ما كانت العرب تفعله. ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم و ابن عطية
*الأقوال في قوله تعالى :(كتاب الله عليكم
الأول :ماحرمه عليكم .قول إبراهيم
قول إبراهيم ، رواه الطبري في تفسيره قولاً عن سفيان عن منصور عن إبراهيم ...
الثاني : ماكتب عليكم الأربع على ألا تزيدوا قول ابن عباس وابن سيرين وسعيد ابن جبير والسدي .
قول ابن عباس : رواه ابن جرير الطبري وابن المنذر قولاً عن ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ …
قول ابن سيرين ، رواه ابن جرير الطبري وابن المنذر عن سفيان عن هشام، عَنْ مُحَمَّد بْن سيرين …
قول سعيد بن جبير ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير …
قول السدي ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره قولاً عن أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي …
*مايجوز في الإعراب ومدلول اللفظ في قوله (كتاب الله عليكم ..
قال الزجاج: وقوله: {كتاب اللّه عليكم}منصوب على التوكيد محمول على المعنى، لأن معنى قوله: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} كتب الله عليكم هذا كتابا.
-وقد يجوز أن يكون: منصوبا على جهة الأمر، ويكون {عليكم} مفسرا له، فيكون المعنى ألزموا كتاب اللّه.
-ولا يجوز أن يكون: منصوبا ب {عليكم}، لأن قولك: عليك زيدا، ليس له ناصب متصرف فيجوز تقديم منصوبه.
-ويجوز أن يكون {كتاب اللّه عليكم} رفعا على معنى هذا فرض اللّه عليكم، كما قال جلّ وعزّ: {لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ}.
*المقصود بقوله (وأحل لكم
يقصد به التزويج ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية
رواه ابن أبي حاتم في تفسيره قولاً عن ابن نفيل حدثنا ابن سلمة عن خصيف ...
* الجملة الإعرابية لقوله :(وأحل لكم ماوراء ذلكم
قال ابن عاشور : عطف على قوله :( حرمت عليكم أمهاتكم ...
*معنى (ماوراء ذلكم ).
قال الزجاج : ما بعد ذلكم .
وقال ابن عاشور : هي بمعنى غير ودون .
*المراد بقوله (ماوراء ذلكم ).
أي مابعد ماحرم الله عليكم من هذه الأشياء حلال بما شرع الله لكم بعد ذلك . ذكره الزجاج والطبري وابن أبي حاتم وابن كثير.
*واختلفت عبارة المفسرين في قوله تعالى: وأحلّ لكم ما وراء ذلكم … ) على أقوال
الأول : وأحل لكم ما دون الخمس … قول السدي ، عبيدة السلماني
قول السدي ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره قولاً عن أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي
قول عبيدة ، رواه ابن جرير الطبري وابن المنذر عن سفيان، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني …
الثاني :يقصد به من حرم من سائر القرابة. قول عطاء وغيره.
قول عطاء. ، رواه الطبري وابن المنذر قولاً ، حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: سألت عطاء عنها …
الثالث : يقصد به من المحصنات من الحرائر والإماء ، قول قتادة
رواه الطبري وابن المنذر قولاً ، حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة …
هذه الأقوال تعم هذه الآية ، فبين المحرمات من النسب والصهر ثم من المحصنات سواء من الحرائر أو الإماء ، وماعدا ذلك فهو حلال لهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولفظ الآية يعم جميع هذه الأقوال.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، ما نحن مبيِّنوه. وهو أن الله جل ثناؤه بيَّن لعباده المحرَّمات بالنسب والصهر، ثم المحرمات من المحصنات من النساء، ثم أخبرهم جل ثناؤه أنه قد أحل لهم ما عدا هؤلاء المحرَّمات المبيَّنات في هاتين الآيتين، أن نَبْتغيه بأموالنا نكاحًا وملك يمين، لا سفاحًا.
*مدلول قوله (أن تبتغوا
قال ابن عاشور : العقد ر هو مدلول (تبتغوا
*مدلول قوله :( بأموالكم
قال ابن عاشور :إعطاء المهر وبذله هو مدلول (بأموالكم ..
*رابط جملة قوله تعالى :( أن تبتغوا بأموالكم
قال ابن عاشور : رابط الجملة محذوف تقديره أن تبتغوه
*معنى قوله تعالى :( محصنين غير مسافحين )
أي: عاقدين التزويج غير مسافحين، أي: غير زناة. ذكره الزجاج .
رواه ابن المنذر فقال : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد، قوله " {مُحْصِنِينَ} ناكحين ".
*معنى السفاح باللغة
قال الزجاج وابن عاشور : السفاح في الزنا اشتق من قولهم سفحت الشيء إذا صببته، وأمر الزنا سفاح لأنه جار على غير عقد، كأنّه بمنزلة السفوح الذي لا يحبسه شيء.
*معنى غير مسافحين
أي غير زانيين ذكره الزجاج وابن جرير وابن عطية
رواه ابن المنذر فقال : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى، قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي قوله " {مُسَافِحِينَ} قَالَ: زانيين بكل زانية ".
-المعنى اللغوي للمتاع .
المتاع في اللغة: كل ما انتفع به، فهو متاع.ذكره الزجاج وابن عاشور.
*المراد بقوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهنّ ) .
يقصد به النكاح ، قول مجاهد
رواه ابن المنذر قولاً ، فقال حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد …
*واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى ( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً )
الأول : هو الاستمتاع هو النكاح ، فإن دخلتم بهن فأعطوهن مهورهن كاملة.قول ابن عباس والحسن ومجاهد وابن زيد وغيرهم .
قول ابن عباس ، رواه ابن المنذر في تفسيره فقَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ بن أبي طلحة ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ …
قول الحسن ، رواه ابن الطبري في تفسيره فقال أخبرنا عبدالرزاق فقال أخبرنا معمر ، عن الحسن ..
قول مجاهد ، رواه ابن جرير الطبري قولاً عن شبل عن أبي نجيح عن مجاهد ...
قول ابن زيد ، رواه ابن جرير الطبري فقال حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ...
الثاني : معناه تمتَّعتم به منهن بأجرٍ تمتُّعَ اللذة، لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولِيٍّ وشهود ومهر.قول السدي ومجاهد
قول السدي ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره قولاً عن أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي ...
قول مجاهد ،رواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد …
*مسألة الجهل والفهم الغلط لقوله :( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً …
قال الزجاج : هذه آية قد غلط فيها قوم غلطا عظيما جدا لجهلهم باللغة، وذلك أنهم ذهبوا إلى أن قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} من المتعة التي قد أجمع أهل الفقه أنها حرام.
وقال : هذه الآية واضحة وبينة في المتاع ألا وهو إعطاؤهن الحق في الأجر ، وليس كما فهم بعض الطوائف بالمتعة المحرمة. بتصرف
*معنى الأجور .
هي المهور ،وما دفعه الرجل من صداق .ذكره الزجاج والطبري وابن أبي حاتم وابن كثير وغيرهم.
*مسألة حق المرأة بالأجر قبل وبعد الدخول
قال الزجاج : فإن استمتع بالدخول بها أعطى المهر تامّا، وإن استمتع بعقد النكاح آتى نصف المهر.
*معنى قوله عزّ وجلّ: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} .
أي: لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للرجل مهرها، أو يهب الرجل للمرأة التي لم يدخل بها نصف المهر الذي لا يجب إلا لمن دخل بها.ذكره الزجاج .
*معنى لاجناح عليكم
قال مقاتل : لاحرج عليكم .
*المراد في قوله تعالى :( فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} ..
يعني: إن وضعت لك منه شيئًا فهو لك سائغٌ .ذكره ابن جرير وابن كثير .
*اختلف المفسرون في معنى قوله: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة }.
- فقال القائلون بأن الآية المتقدمة أمر بإيتاء مهور النساء إذا دخل بهن: إن هذه إشارة إلى ما يتراضى به من حط أو تأخير بعد استقرار الفريضة، فإن ذلك الذي يكون على وجه الرضا جائز ماض .
-وقال القائلون بأن الآية المتقدمة هي أمر المتعة: إن الإشارة بهذه إلى أن ما تراضيا عليه من زيادة في مدة المتعة وزيادة في الأجر جائز سائغ، وباقي الآية بين). ذكره ابن عطية .
*سبب تذييل الآية بقوله :(إنّ اللّه كان عليما حكيما}.
قال الزجاج : أي: عليما بما يصلح أمر العباد - حكيما فيما فرض لهم من عقد النكاح الذي حفظت به الأموال والأنساب.

————————————-

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 5 ربيع الأول 1441هـ/2-11-2019م, 11:39 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22)
هنا يوضع مسألة الوقف ثم القراءات أولا

-سبب النزول :حرري الأقوال في سبب النزول
سبب نزول الآية: أن العرب كان منهم قبائل قد اعتادت أن يخلف الرجل على امرأة أبيه وكان ذلك سائغًا عندهم ،فأنزل الله تعالى هذه الآية ليحرم هذا الفعل الشنيع ، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشِرْكهم إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه.
وقد روى ابن جرير عن ابن عباس من طريق عكرمة ( خطأ في التخريج : فيقال أخرجه أو رواه ابن جرير في تفسيره عن عكرمة عن ابن عباس ) أنه قال : كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما يَحْرُم إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين. قال: فأنزل الله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" = ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ﴾
وروى ابن أبي حاتم عن عديّ بن ثابتٍ، عن رجلٍ من الأنصار قال: لمّا توفّي أبو قيس -يعني ابن الأسلت-وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيسٌ امرأته، فقالت: إنّما أعدّكّ ولدًا وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأستأمره. فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: إنّ أبا قيسٍ توفّي. فقال: "خيرًا". ثمّ قالت: إنّ ابنه قيسًا خطبني وهو من صالحي قومه. وإنّما كنت أعدّه ولدًا، فما ترى؟ فقال لها: "ارجعي إلى بيتك". قال: فنزلت هذه الآية {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} الآية.
وروى ابن جريرٍ عن عكرمة من طريق جريج( عن جريج عن عكرمة ) أنها نزلت في أبي قيس ابن الأسلت، خلّف على أمّ عبيد اللّه بنت صخرٍ وكانت تحت الأسلت أبيه، وفي الأسود بن خلف، وكان خلف على ابنة أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدّار، وكانت عند أبيه خلف، وفي فاختة ابنة الأسود بن المطّلب بن أسدٍ، كانت عند أميّة بن خلف، فخلّف عليها صفوان ابن أميّة. ذكره ابن كثير وابن عطية
-مقصد الآية :
هي نص قاطع بين في تحريم نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة، كما عرفه أهل الجاهلية، لأنهم لم يعرفوا نكاح حلائل الآباء إلا على هذه الصورة التي بينها الله في كتابه، والتي أجمعت الأخبار على صفتها، أن يخلف الرجل على امرأة أبيه.
-القراءات في قوله تعالى : ( إلا ما قدسلف)
في قراءة أبيّ بن كعب «إلا ما قد سلف إلا من تاب».ذكره ابن عطية
أخرجه سفيان الثوري عن عاصمٍ عن زرٍّ عن أبي بن كعبٍ أنّه قال:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} إلّا من تاب فإنّ اللّه كان غفورا رحيما ).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زرّ بن حبيشٍ، عن أبيّ بن كعبٍ أنّه كان يقرؤها: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إلا من مات.
أخرجه سفيان الثوري في تفسيره وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن زر عن أبي بن كعب بلفظين مختلفين ، فعند سفيان الثوري بلفظ ( من تاب ) وعند ابن أبي حاتم ( من مات ) .وتبحثي في صحة القراءة
المسائل التفسيرية :
-المخاطب في الآية :
هذه الآية مخاطبة للمؤمنين من العرب في مدة نزول الآية .ذكره ابن عطية
-معنى النكاح :
"النِّكاحَ" في أصْلِ اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وقَدْ سَمَّوُا الوَطْءَ نَفْسَهُ نِكاحًا مِن غَيْرِ عَقْدٍ.
وقالَ القاضِي أبُو يَعْلى: قَدْ يُطْلَقُ النِّكاحُ عَلى العَقْدِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحْزابِ: 49] وهو حَقِيقَةٌ في الوَطْءِ، مَجازٌ في العَقْدِ، لِأنَّهُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، والجَمْعُ: إنَّما يَكُونُ بِالوَطْءِ، فَسُمِّيَ العَقْدُ نِكاحًا، لِأنَّهُ سَبَبٌ إلَيْهِ.ذكره ابن الجوزي
-حكم نكاح زوجة الأب :
أجمع العلماء على تحريم من وطئها الأب بتزويجٍ أو ملكٍ أو بشبهةٍ أيضًا.هذا حاصل ما ذكره المفسرون ( حددي من تقصدين منهم )
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} يقول: « كل امرأة تزوجها أبوك أو ابنك دخل أو لم يدخل بها فهي عليك حرام ».
-المراد ب ( ما نكح ) في قوله تعالى( مانكح آباؤكم ) :
اختلفوا في المراد على أقوال :
قالت فرقة: قوله: ما نكح يراد به النساء. القول الأول : ....، وهو قول ...( فتحرري وتخرجي الأقوال وتحققي من صحة القول وتذكري أيضا توجيه هذا القول )
أي لا تنكحوا النساء اللواتي نكح آباؤكم، وقوله: إلّا ما قد سلف معناه: لكن ما قد سلف فدعوه .
وقال بعضهم: المعنى لكن ما قد سلف فهو معفو عنكم لمن كان واقعه، فكأنه قال تعالى ولا تفعلوا حاشا ما قد سلف، ف ما على هذا القول واقعة على من يعقل من حيث هؤلاء النساء صنف من أصناف من يعقل، وما تقع للأصناف والأوصاف ممن يعقل.
وقالت فرقة: قوله: ما نكح يراد به فعل الآباء، أي لا تنكحوا كما نكح آباؤكم من عقودهم الفاسدة، وقوله: إلّا ما قد سلف معناه إلا ما تقدم منكم ووقع من تلك العقود الفاسدة فمباحة لكم الإقامة عليه في الإسلام، إذا كان مما يقرر الإسلام عليه من جهة القرابة، ويجوزه الشرع أن لو ابتدئ نكاحه في الإسلام على سنته.
القول الثاني : ...... وهو قول ...( وتحققي في صحة القول وتخرجي القول وتذكري توجيه القول )
وقيل: معنى إلّا ما قد سلف أي فهو معفو عنكم. ( هذه تستخرجي منها مسائل أخرى : المراد بالاستثناء في قوله ( إلا ما قد سلف ) \ المراد بقوله ( سلف) \
قال ابن عطية :وما على هذا مصدرية .
وقال ابن زيد: معنى الآية: النهي عن أن يطأ الرجل امرأة وطئها الآباء، «إلا ما قد سلف» من الآباء في الجاهلية من الزنا، لا على وجه المناكحة، فذلك جائز لكم زواجهم في الإسلام، لأن ذلك الزنا كان فاحشة ومقتا، قال ابن زيد: فزاد في هذه الآية المقت.ذكره ابن عطية .
فأما قول ابن زيد فأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عنه .
الترجيح :
رجح الطبري رحمه الله القول الثالث بأن (مامصدرية )، فيكون قوله:"من النساء" من صلة قوله:"ولا تنكحوا"، ويكون قوله:"ما نكح آباؤكم" بمعنى المصدر، ويكون قوله:"إلا ما قد سلف" بمعنى الاستثناء المنقطع، لأنه يحسن في موضعه:"لكن ما قد سلف فمضى" ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا".
وبهذا يكون حرَّم عليهم في الإسلام بهذه الآية، نكاحَ حلائل الآباء وكلَّ نكاح سواه نهى الله تعالى ذكره [عن] ابتداء مثله في الإسلام،مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه في شِرْكهم.
المراد ب (كان ) في الآية :
(كان )في هذه الآية تقتضي الماضي والمستقبل»
روى هذا القول ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة . ( خطأ قليل في التخريج فيقال : أخرجه ابن جرير في تفسيره وابن المنذر في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره والبيهقي في السنن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس )
وقال المبرد: هي زائدة، وذلك خطأ يرد عليه وجود الخبر منصوبا.ذكره ابن عطية .
-معنى فاحشة :( المراد بالفاحشة ) أما معنى الفاحشة فتأتي بمعناها اللغوي .
زنا .ذكره الزجاج
أين تخريج القول ؟!!
-معنى (مقتًا):
المقت: هو أشد البغض والاحتقار بسبب رذيلة يفعلها الممقوت، وهو فعل كبير في نفسه، وقال أبو عبيدة وغيره: كانت العرب تسمي الولد الذي يجيء من زوج الوالد المقتي .هذا حاصل ماذكره المفسرون .( لا يقال المفسرون بل تحددي من )
-المراد بالمقت في الاية :
في المراد به قولان :
أحَدُهُما: أنَّهُ اسْمٌ لِهَذا النِّكاحِ، وكانُوا يُسَمُّونَ نِكاحَ امْرَأةَ الأبِ في الجاهِلِيَّةِ: مَقْتًا، ويُسَمُّونَ الوَلَدَ مِنهُ: "المَقْتِيَّ" . فَأُعْلِمُوا أنَّ هَذا الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ [مِن نِكاحِ امْرَأةِ الأبِ] لَمْ يَزَلْ مُنْكَرًا [فِي قُلُوبِهِمْ] مَمْقُوتًا عِنْدَهم. هَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ.
والثّانِي: أنَّهُ يُوجِبُ مَقْتَ اللَّهِ لِفاعِلِهِ، قالَه عطاء .هذا حاصل ماذكره المفسرون .( حددي من المفسرون )
فأماقول عطاء فرواه عنه ابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد .
-سبب تسمية نكاح زوجة الأب مقتًا :
سمى الله تعالى هذا النكاح مقتاً إذ هو ذا مقت يلحق فاعله.ذكره ابن عطية
وذكر ابن عطية وجها آخر أيضا لهذه التسمية من قول أبي عبيدة .
-الحكمة من تحريم زوجة الأب :
لأن هذا النكاح يؤدّي إلى مقت الابن أباه بعد أن يتزوّج بامرأته، فإنّ الغالب أنّ من تزوّج بامرأةٍ يبغض من كان زوجها قبله؛
وقال عطاء بن أبي رباح في قوله: {ومقتًا} أي: يمقت اللّه عليه
-فأما قول عطاء فرواه عنه ابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد .
-معنى قوله ( وساء سبيلا)( هنا تستخرجي مسائل : المراد بقوله ( ساء ) \ معنى السبيل في الآية : ...وهو قول عطاء بن أبي رباح و.. وذكره أيضا ابن عطية \ متعلق الفعل ( ساء ) .)
أي :بئس الطريق والمنهج لمن يسلكه، إذ عاقبته إلى عذاب الله.هذا حاصل ماذكره المفسرون .
-حكم من تزوج زوجة أبيه :
من تعاطاه بعد نزول الآية فقد ارتدّ عن دينه، فيقتل، ويصير ماله فيئًا لبيت المال. كما رواه الإمام أحمد وغيره ، عن البراء بن عازبٍ، عن خاله أبي بردة -وفي رواية: ابن عمر-وفي روايةٍ: عن عمّه: أنّه بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى رجلٍ تزوّج امرأة أبيه من بعده أن يقتله ويأخذ ماله.ذكره ابن كثير
استطرادات فقهية :
-حكم التزوج بالمرأة التي باشرها الوالد :( حرري الأقوال )
اختلف العلماء فيمن باشرها الأب بشهوةٍ دون الجماع، أو نظر إلى ما لا يحلّ له النّظر إليه منها لو كانت أجنبيّةً.ذكره ابن كثير
-الحكمة من تحريم الزواج بأمهات المؤمنين :
لأن في الغالب أنّ من تزوّج بامرأةٍ يبغض من كان زوجها قبله؛
والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، هو كالأب للأمّة بل حقّه أعظم من حقّ الآباء بالإجماع، بل حبّه مقدّمٌ على حبّ النّفوس صلوات اللّه وسلامه عليه.

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)

مسألة الوقف والقراءات أولا هنا
النسخ :
-سبب النزول :
قال ابن جريج: سألت عطاءً عن قوله: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} قال: كنّا نحدّث، واللّه أعلم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا نكح امرأة زيدٍ، قال المشركون بمكّة في ذلك، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} ونزلت: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}. ونزلت: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم}. ذكره ابن كثير وابن عطية .
روى قول عطاء ابن أبي حاتم وعبد الرزاق من طريق ابن جريج عنه .
-مقصد الآية :
مقصد هذه الآية الكريمة هو بيان المحرمات من النّسب، وما يتبعه من الرّضاع والمحارم بالصّهر.
-القراءات في قوله تعالى :(من الرضاعة )
قرأ أبو حيوة «من الرّضاعة» بكسر الراء.ذكره ابن عطية .
تخريج هذه القراءة وصحتها !!
-القراءات في قوله تعالى :(اللآئي )
قرأ ابن مسعود «اللاي» بكسر الياء.ذكره ابن عطية .
صحة هذه القراءة !!!
-القراءات في قوله تعالى (أمهاتكم )
قرأ ابن هرمز «وأمهاتكم التي» بالإفراد، كأنه من جهة الإبهام يقع مع الواحد والجماعة.ذكره ابن عطية .
صحة هذه القراءة !!
-المسائل التفسيرية :
-نوع التحريم في الآية :
يسمى التحريم المبهم، وكثير من أهل العلم لا يفرق في المبهم وغير المبهم تفريقا مقنعا.ذكره الزجاج
-معنى المبهم :
سمي المحرم المبهم بهذا الاسم لأنه لا يحل بوجه ولا سبب ولأن قوة التحريم فيه قوية .ذكره الزجاج وابن عطية .
بيان المحرمات من النساء:( يمكنك أن تستخرجي مسائل من هذا : المحرمات من النسب : وتذكري تحتها المحرمات من النسب \ المحرمات من الصهر : وتذكري السبع من الصهر
روى سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: حرمت عليكم سبعٌ نسبًا، وسبعٌ صهرًا، وقرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم} الآية.
أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير .
وروى عمير مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: يحرم من النّسب سبعٌ ومن الصّهر سبعٌ، ثمّ قرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت} فهنّ النّسب.ذكره ابن عطية وابن كثير .
روى هذا القول عن ابن عباس الثوري من طريق عمير مولى ابن عباس .
وقال عمرو بن سالم مولى الأنصار: مثل ذلك، وجعل السابعة قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء}ذكره ابن عطية .
وأما قول عمرو بن سالم فرواه عنه ابن جرير من طريق مطرف .
وأماالسَّبْعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ: الْأُمَّهَاتُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالْأَخَوَاتُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَأُمَّهَاتُ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبُ وَحَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَالسَّابِعَةُ (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ).ذكره القرطبي .
-المراد بالأم في قوله تعالى( حرمت عليكم أمهاتهكم)
الأم كل من ولدت المرء وإن علت.ذكره ابن عطية
- المراد بالبنت في قوله تعالى (وبناتكم )
البنت كل من ولدها وإن سفلت .ذكره ابن عطية
- المراد بالأخت في قوله تعالى ( وأخواتكم )
الأخت كل من جمعه وإياها صلب أو بطن.ذكره ابن عطية
-المراد بالعمة في قوله تعالى ( وعماتكم ):
العمة أخت الأب وفيها العموم والإبهام .
وكذلك عمة الأب وعمة الأم وعمة العمة .ذكره ابن عطية
-المراد بالخالة في قوله تعالى ( وخالاتكم):
الخالة أخت الأم، كذلك فيهاالعموم والإبهام، وكذلك خالة الأب وخالة الأم وأما خالة العمة فينظر، فإن كانت العمة أخت أب لأم، أو لأب وأم فلا تحل خالة العمة، لأنها أخت الجدة، وإن كانت العمة إنما هي أخت أب لأب فقط فخالتها أجنبية من بني أخيها، تحل للرجال، ويجمع بينها وبين النساء، وكذلك عمة الخالة ينظر، فإن كانت الخالة أخت أم لأب، فعمتها حرام، لأنها أخت جد، وإن كانت الخالة أخت أم لأم فقط فعمتها أجنبية من بني أختها.ذكره ابن عطية
-المراد ببنات الأخ وبنات الأخت في قوله تعالى ( وبنات الأخ وبنات الأخت ) :
المراد بهم العموم سواء كانت الأخوة شقيقة. أو لأب أو لأم.ذكره ابن عطية
-أحكام الرضاع :
الرضاع يحرم ما يحرم النسب، والمرضعة أم، وما تقدم من أولادها وتأخر إخوة، وفحل اللبن أب، وما تقدم من أولاده وتأخر إخوة.
ولهذا روى البخاريّ ومسلمٌ في الصّحيحين من حديث مالك بن أنسٍ، عن عبد اللّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزمٍ، عن عمرة بنت عبد الرّحمن، عن عائشة أمّ المؤمنين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الرّضاعة تحرّم ما تحرّم الولادة»، وفي لفظٍ لمسلمٍ: «يحرم من الرّضاعة ما يحرم من النّسب».
واختلف الأئمة في عدد الرضاعة المحرمة على أقوال :
1- قيل أنّه يحرّم مجرّد الرّضاع لعموم هذه الآية. وهذا قول مالكٍ، ويحكى عن ابن عمر، وإليه ذهب سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزّبير، والزّهري.
[color="red"]التخريج :؟!!

2- قال غيرهم :« لا يحرّم أقلّ من ثلاث رضعاتٍ » لما ثبت في صحيح مسلمٍ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: « لا تحرّم المصة والمصّتان».
وقال قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد اللّه بن الحارث، عن أمّ الفضل قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم:« لا تحرم الرّضعة ولا الرّضعتان، والمصّة ولا المصّتان »، وفي لفظٍ آخر: « لا تحرّم الإملاجة ولا الإملاجتان » رواه مسلمٌ.
وممّن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد بن حنبلٍ، وإسحاق بن راهويه وغيرهم .
التخريج :ناقص ،راجعي الكتب الأخرى كسنن أبي منصور ومسند الإمام أحمد وغيره ؟!!
3-وقال آخرون: «لا يحرّم أقلّ من خمس رضعاتٍ»، لما ثبت في صحيح مسلمٍ من طريق مالكٍ، عن عبد اللّه بن أبي بكرٍ، عن عمرة عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: «كان فيما أنزل اللّه من القرآن: عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يحرّمن. ثمّ نسخن بخمسٍ معلوماتٍ، فتوفّي رسول اللّه صلّى للّه عليه وسلّم وهنّ فيما يقرأ من القرآن ».
وروى عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة نحو ذلك.
وفي حديث سهلة بنت سهيلٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمرها أن ترضع مولى أبي حذيفة خمس رضعاتٍ وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعاتٍ. وبهذا قال الشّافعيّ، رحمه اللّه تعالى وأصحابه.ذكره ابن كثير
الترجيح :
قال القرطبي : وَأَنَصُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ ﷺ: (لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَهُوَ يُفَسِّرُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) أَيْ أَرْضَعْنَكُمْ ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ فَأَكْثَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ، لِقَوْلِهِ: (عَشْرُ رَضَعَاتٍ معلومات. وخمس رضعات معلومات). فوصفها بِالْمَعْلُومَاتِ إِنَّمَا هُوَ تَحَرُّزٌ مِمَّا يُتَوَهَّمُ أَوْ يُشَكُّ فِي وُصُولِهِ إِلَى الْجَوْفِ. وَيُفِيدُ دَلِيلُ خِطَابِهِ أَنَّ الرَّضَعَاتِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَاتٍ لَمْ تُحَرِّمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْإِمْلَاجَةِ وَالْإِمْلَاجَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ، لِأَنَّهُ مَرَّةً يَرْوِيهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ، وَمِثْلُ هَذَا الِاضْطِرَابِ يُسْقِطُهُ.
-الوقت الذي يحصل فيه التحريم بالإرضاع :
اختلف الأئمة أيضا في الوقت الذي تحرم فيه الرضاعة على قولين :
أن الرضاعة تحرم في أي وقت من العمر وينسب هذا القول لعائشة رضي الله عنها وحجتها في ذلك حديث سهلة بنت سهيلٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمرها أن ترضع مولى أبي حذيفة خمس رضعاتٍ وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعاتٍ.
2-أنّه لا بدّ أن تكون الرّضاعة في سنّ الصّغر دون الحولين وهذا قول الجمهور. وحجتهم في ذلك قولهتعالى : {يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة}.وبأن حادثة سالم مولى أبي حُذيفة حكم خاص به .وهذا هو الراجح والله أعلم .هذا حاصل ما ذكره المفسرون
حكم لبن الفحل :
اختلف الأئمة فيه :
1-القول الأول أنه يحرم ، وهذا قول جمهور الأئمّة الأربعة وغيرهم.
ووجه هذا القول ؟؟!!
2-أنه لا يحرم وإنّما يختصّ الرّضاع بالأمّ فقط، ولا ينتشر إلى ناحية الأب .
ووجه هذا القول ؟؟!!
والقول الأول هو الراجح وهو الذي عليه عمل هذه الأمة سلفًا وخلفًا .( اذكري سبب هذا الترجيح بأدلة رجحت القول واثبات ذلك ) .
-حكم تحريم أم الزوجة :
قال جمهور أهل العلم: هي تامة العموم فيمن دخل بها أو لم يدخل، فبالعقد على الابنة حرمت الأم، وهذا مذهب جملة الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، وروي عن علي بن أبي طالب أنه قيل له في رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أيتزوج أمها؟ قال:« نعم، هي بمنزلة الربيبة».هذا حاصل ماذكره المفسرون .
فأما قول علي رضي الله عنه فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق خلاس بن عمرو .
الترجيح :
والقول الأول هو الراجح وهو مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا كما قال ابن جرير رحمه الله وغيره من المفسرين .
-نوع التحريم في قوله تعالى ( وأمهات نسائكم)
(وأمّهات نسائكم} قد اختلف الناس في هذه: فجعلها بعضهم مبهمة وجعلها بعضهم غير مبهمة.ذكره الزجاج .
وروي عن ابن عباس أنه قال: {وأمّهات نسائكم} من المبهمة.
روى قول ابن عباس عنه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة .أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن عكرمة عن ابن عباس
الراجح :
الراجح كما قال الطبري أنها مبهمة لأن جميع أهل العلم متقدّمهم ومتأخّرهم يرى أنها من المبهمات، وحرامٌ على من تزوّج امرأةً أمّها دخل بامرأته الّتي نكحها أو لم يدخل بها.

-مرجع الضمير في قوله تعالى ( اللاتي دخلتم بهن )
من جعلها مبهمة ،احتج بأن {اللّاتي دخلتم بهنّ} إنما هو متصل بالربائب، وبهذا تحرم أم الزوجة فور العقد على البنت ،ومن جعلها غير مبهمة احتج بأن (اللّاتي دخلتم بهنّ}متصل بالأمهات والربائب ، وبذلك لا تحرم أم الزوجة إلا بعد الدخول بالبنت ، وقالالزجاج : الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا.
هذا حاصل ماذكره المفسرون .( لا يذكر على اطلاقه بل تحددي من تقصدين ، فيقال وهو حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير مثلا )
الترجيح :
قال الطبري : "الأمّ من المبهمات"؛ لأنّ اللّه لم يشرط معهنّ الدّخول كما شرط ذلك مع أمّهات الرّبائب، مع أنّ ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجّة الّتي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متّفقةً عليه ،وهذا مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا.
ويقوي هذا القول أن الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدًا .
معنى الربيبة :
الربيبة هي بنت امرأة الرجل من غيره،ومعناها: مربوبة، لأن الرجل هو يربّها، ويجوز أن تسمى: ربيبة لأنه تولى تربيتها، كانت في حجره أو لم تكن تربت في حجره.ذكره الزجاج وابن عطية .
وتستطيعي أن تخرجي القول من كلام أهل اللغة .
حكم الربيبة :
أمّا الرّبيبة وهي بنت المرأة فلا تحرم بمجرّد العقد على أمّها حتّى يدخل بها، فإن طلّق الأمّ قبل الدّخول بها جاز له أن يتزوّج بنتها، ولهذا قال: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم} أي في تزويجهنّ، فهذا خاصٌّ بالرّبائب وحدهنّ.
و هي محرمة وإن كانت في غير الحجر، لأنها في حكم أنها في الحجر، إلا ما روي عن علي أنه قال: تحل إذا لم تكن في الحجر وإن دخل بالأم، إذا كانت بعيدة عنه.ذكره ابن عطية وابن كثير
فأما قول علي رضي الله عنه فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أوس الحدثان .
معنى الحجر :
يقال: حجر بكسر الحاء وفتحها، وهو مقدم ثوب الإنسان وما بين يديه منه في حالة اللبس، ثم استعملت اللفظة في الحفظ والستر، لأن اللابس إنما تحفظ طفلا وما أشبهه بذلك الموضع من الثوب.ذكره ابن عطية .
وقال ابن المنذر: حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، حدّثنا الأثرم، عن أبي عبيدة قوله: {اللاتي في حجوركم} قال:«في بيوتكم».ذكره ابن كثير .
سبب تخصيص الحجر بالذكر :
قوله تعالى: اللّاتي في حجوركم ذكر الأغلب في هذه الأمور، إذ هي حالة الربيبة في الأكثر.ذكره ابن عطية .
مرجع الضمير في قوله : ( اللآتي دخلتم بهن )
اختلف العلماء في ذلك على قولين :
1-أنه عائد على الأمهات والربائب ،فقال: لا تحرم واحدةٌ من الأم ولا البنت بمجرّد العقد على الأخرى حتّى يدخل بها؛ لقوله: {فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم}.
روي هذا القول عن علي رضي الله عنه من طريق خلاس بن عمرو وأخرجه عنه ابن جرير .( رتبي كتابة التخريج )
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ وعبد الأعلى، عن سعيدٍ عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، في رجلٍ تزوّج امرأةً فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوّج أمّها؟ قال:«هي بمنزلة الرّبيبة».
وروي أيضًا عن زيد بن ثابت من طريق سعيد ابن المسيب وأخرج هذا القول عنه ابن جرير.
عن سعيد بن المسيّب، عن زيد بن ثابتٍ قال: « إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوّج أمّها».
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن سماك بن الفضل، عن رجلٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير قال: الرّبيبة والأمّ سواءٌ، لا بأس بها إذا لم يدخل بالمرأة. وفي إسناده رجلٌ مبهمٌ لم يسمّ.
2-أنه عائد على الربائب فقط ( قول من ؟؟!!!وتخريجه )
وجه هذا القول ؟؟!!
الترجيح :
قال الزجاج : الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا.
فيكون بذلك القول الثاني هو الراجح وهو مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا
-المراد بالدخول في قوله تعالى (اللآتي دخلتم بهن )
اختلف العلماء في معنى قوله: دخلتم بهنّ على قولين :
1-أن المراد بذلك (النكاح والجماع) وقال بهذا القول ابن عباس وطاوس.
والمعنى أنه إذا طلق الرجل امرأته بعد البناء وقبل الوطء، فإن ابنتها له حلال.
فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة .
وأما قول طاووس فنسبه إليه ابن أبي حاتم دون ذكر الإسناد .
توجيه القول :؟؟!!
2-أن المراد بذلك( التجريد )وهذا قول جمهور من العلماء منهم مالك بن أنس وعطاء بن أبي رباح وغيرهم.
والمعنى : أن التجريد والتقبيل والمضاجعة وجميع أنواع التلذذ يحرم الابنة كما يحرمها الوطء.
وأما قول عطاء فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن جريج عن عطاء
وأما قول مالك بن أنس فلم أعثر عليه .
توجيه القول ؟؟!!!
-الترجيح :
قال ابن جريرٍ: وفي إجماع الجميع على أنّ خلوة الرّجل بامرأته لا يحرم ابنتها عليه إذا طلّقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النّظر إلى فرجها بشهوةٍ، ما يدلّ على أنّ معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
معنى الحلائل :
الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة، لأنها تحل مع الرجل حيث حل، فهي فعلية بمعنى فاعلة، وذهب الزجاج وقوم: إلى أنها من لفظة الحلال، فهي حليلة بمعنى محللة.ذكره ابن عطية والزجاج
فائدة التخصيص بقوله ( الذين من أصلابكم ) :
راجعي قول ابن عطية
سبب تخصيص أبناء الصلب بالتحريم :
ليحترز بذلك عن الأدعياء الّذين كانوا يتبنونهم في الجاهليّة، كما قال تعالى: {فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرًا}.هذا حاصل ما ذكره المفسرون
-معنى (أن ) في قوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين )
.أن} في موضع رفع، المعنى: حرمت هذه الأشياء والجمع بين الأختين.ذكره الزجاج
حكم الجمع بين الأختين :
التحريم ودل على هذاقوله تعالى ( وأن تجمعوا بين الأختين ) وهو لفظ يعم الجمع
بينهما بنكاحوبملك يمين ، وأجمعت الأمة على منع جمعهما بنكاح.
واختلفوا في جواز الجمع في النكاح بملك يمين على قولين :
1-محرم :وهذا قول جمهور العلماء
2-جائز مع الكراهة : وروي هذا القول عن عثمان وابن عباس .
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فأما أنا في خاصة نفسي فلا أرى الجمع بينهما حسنا.حاصل ما ذكره المفسرون .
أما الجمع بينهما في ملك اليمين بدون نكاح فلا خلاف في جوازذلك الملك كما قال ابن عطية .
فأما قول عثمان فأخرجه عنه الإمام مالك من طريق قبيصة بن ذؤيب . قبيصة بن ذؤيب عن عثمان
وأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن المنذر من طريق عمرو بن دينار . عمرو بن دينار عن ابن عباس
الترجيح :
قال ابن كثير :وقد أجمع المسلمون على أنّ معنى قوله تعالى {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم} إلى آخر الآية: أنّ النّكاح وملك اليمين في هؤلاء كلّهنّ سواءٌ، فكذلك يجب أن يكون نظرًا وقياسًا الجمع بين الأختين وأمّهات النّساء والرّبائب. وكذلك هو عند جمهورهم، وهم الحجّة المحجوج بها.

نوع الاستثناء في قوله ( إلا ما قد سلف ) :

معنى قوله :(إلا ما قد سلف ) المراد بالسلف :
المعنى: سوى ما قد سلف في الجاهلية فإنه مغفور لكم والإسلام يجبه .هذا حاصل ماذكره المفسرون .
-معنى ( إن الله كان غفورا رحيمًا )
أي : غفورًا لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها {رحيمًا} بهم فيما كلّفهم من الفرائض وخفّف عنهم فلم يحمّلهم فوق طاقتهم.ذكره الطبري
هنا تستخرجي مسائل أخرى :
معنى غفورا :
معنى رحيما :
مناسبة ختم الآية بقوله ( غفورا رحيما ) :


مسائل فقهية مستطردة :
حكم بنت الزنى :
استدلّ جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزّاني عليه بعموم قوله تعالى: {وبناتكم}؛ فإنّها بنتٌ فتدخل في العموم، كما هو مذهب أبي حنيفة، ومالكٍ، وأحمد بن حنبلٍ. وقد حكي عن الشّافعيّ شيءٌ في إباحتها؛ لأنّها ليست بنتًا شرعيّةً، فكما لم تدخل في قوله تعالى: {يوصيكم اللّه في أولادكم} فإنّها لا ترث بالإجماع، فكذلك لا تدخل في هذه الآية. ذكره ابن كثير ( هنا مسألة أخرى : حكم ورث البنت الغير شرعية )
حكم زوجة الابن من الرضاع :
حرمت حليلة الابن من الرضاع وإن لم يكن للصلب بالإجماع المستند إلى قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب".ذكره ابن عطية وابن كثير .
-حكم الجمع بين الأم وابنتها في الوطأ في ملك اليمين :
1-محرم ،ويجيء من قول إسحاق أن يرجم الجامع بينهما بالوطء
2- مكروه وتستقرأ الكراهية من قول مالك: «إنه إذا وطئ واحدة ثم وطئ أخرى وقف عنهما حتى يحرم إحداهما فلم يلزمه حدا»ذكره ابن عطية
-حكم وطأ الاخت بملك اليمين ثم إرادة وطأ الأخرى :
اختلف العلماء في ذلك :
1-قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عمر والحسن البصري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق: «لا يجوز له وطء الثانية حتى يحرم فرج الأخرى بإخراجها من ملكه، ببيع أو عتق أو بأن يزوجها».
2- قولقتادة، وهو أنه إن كان يطأ واحدة وأراد وطء الأخرى فإنه ينوي تحريم الأولى على نفسه وأن لا يقربها، ثم يمسك عنها حتى يستبرئ الأولى المحرمة، ثم يغشى الثانية.ذكره ابن عطية
الأفضل تنظيم الكلام هكذا :
القول الأول :لايجوز وطء الثانية حتى يحرم فرج الأخرى بإخراجها من ملكه ..، وهو قول علي وابن عمر والحسن البصري والأوزاعي والشافعي وأحمد واسحاق .
تخريج قول علي وابن عمر والحسن البصري ؟؟!!
ووجه هذا القول ؟؟!!!
القول الثاني : يجوز ، وهو أنه إن كان يطأ واحدة وأراد وطء الأخرى فإنه ينوي تحريم الأولى على نفسه وأن لا يقربها، ثم يمسك عنها حتى يستبرئ الأولى المحرمة، ثم يغشى الثانية، وهو قول قتادة ذكره ابن عطية
تخريج قول قتادة ؟؟!!ووجه هذا القول ؟؟!!
الترجيح :؟؟!!

-حكم التزوج بأخت الأمة الموطوءة في المذهب المالكي :
حرري الأقوال !!!

إن كانت عند رجل أمة يطؤها ثم تزوج أختها، ففيها في المذهب ثلاثة أقوال، في النكاح الثالث من المدونة أنه يوقف عنهما إذا وقع عقد النكاح حتى يحرم إحداهما مع كراهيته لهذا النكاح، إذ هو عقد في موضع لا يجوز فيه الوطء، وذلك مكروه إلا في الحيض، لأنه أمر غالب كثير، وفي الباب بعينه قول آخر: إن النكاح لا ينعقد، وقال أشهب في كتاب الاستبراء: عقد النكاح في الواحدة تحريم لفرج المملوكة.ذكره ابن عطية .
-حكم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، وأجمعت الأمة على ذلك وقد رأى بعض العلماء أن هذا الحديث ناسخ لعموم قوله تعالى: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} وذلك لأن الحديث من المتواتر.ذكره ابن عطية .
أحسنت بارك الله فيك ، أختي فاطمة الزهراء ، وجعله في ميزان حسناتك ، وكان ملاحظاتي على تحرير بعض الأقوال واستخراج المزيد من المسائل ، وتوجيه بعض الأقوال ،وبعضها في التخريج أيضا وتحتاجي للرجوع لكتب التخريج الأخرى ، فلا تكتفي بواحد أو اثنان ، بل ابحثي أكثر إن وجد ، وانتبهي في الترجيح ، فانظري إلى الأقوال أولا وصحتها وأدلتها فإن لم يمكن الجمع بينهم ، يجب بيان سبب الترجيح بدون الاعتماد على ترجيح أحد المفسرين ، وهناك أيضا من الذي لم أكمل التدقيق فيه فاعتذر عنه .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 ذو القعدة 1441هـ/10-07-2020م, 11:30 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22)
-سبب النزول :
سبب نزول الآية: أن العرب كان منهم قبائل قد اعتادت أن يخلف الرجل على امرأة أبيه وكان ذلك سائغًا عندهم ،فأنزل الله تعالى هذه الآية ليحرم هذا الفعل الشنيع ، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشِرْكهم إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه.
وقد روى ابن جرير عن ابن عباس من طريق عكرمة أنه قال : كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما يَحْرُم إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين. قال: فأنزل الله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" = ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ﴾
وروى ابن أبي حاتم عن عديّ بن ثابتٍ، عن رجلٍ من الأنصار قال: لمّا توفّي أبو قيس -يعني ابن الأسلت-وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيسٌ امرأته، فقالت: إنّما أعدّكّ ولدًا وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأستأمره. فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: إنّ أبا قيسٍ توفّي. فقال: "خيرًا". ثمّ قالت: إنّ ابنه قيسًا خطبني وهو من صالحي قومه. وإنّما كنت أعدّه ولدًا، فما ترى؟ فقال لها: "ارجعي إلى بيتك". قال: فنزلت هذه الآية {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} الآية.
وروى ابن جريرٍ عن عكرمة من طريق جريج أنها نزلت في أبي قيس ابن الأسلت، خلّف على أمّ عبيد اللّه بنت صخرٍ وكانت تحت الأسلت أبيه، وفي الأسود بن خلف، وكان خلف على ابنة أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدّار، وكانت عند أبيه خلف، وفي فاختة ابنة الأسود بن المطّلب بن أسدٍ، كانت عند أميّة بن خلف، فخلّف عليها صفوان ابن أميّة. ذكره ابن كثير وابن عطية
-مقصد الآية :
هي نص قاطع بين في تحريم نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة [هذه الآية خاصة بما نكحه الآباء، وأما الأقارب بالوراثة فجاء في قوله تعالى: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}] ، كما عرفه أهل الجاهلية، لأنهم لم يعرفوا نكاح حلائل الآباء إلا على هذه الصورة التي بينها الله في كتابه، والتي أجمعت الأخبار على صفتها، أن يخلف الرجل على امرأة أبيه.
-القراءات في قوله تعالى : ( إلا ما قدسلف)
في قراءة أبيّ بن كعب «إلا ما قد سلف إلا من تاب».ذكره ابن عطية
أخرجه سفيان الثوري عن عاصمٍ عن زرٍّ عن أبي بن كعبٍ أنّه قال:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} إلّا من تاب فإنّ اللّه كان غفورا رحيما ).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زرّ بن حبيشٍ، عن أبيّ بن كعبٍ أنّه كان يقرؤها: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إلا من مات.
المسائل التفسيرية :
-المخاطب في الآية :
هذه الآية مخاطبة للمؤمنين من العرب في مدة نزول الآية .ذكره ابن عطية
-معنى النكاح :
"النِّكاحَ" في أصْلِ اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وقَدْ سَمَّوُا الوَطْءَ نَفْسَهُ نِكاحًا مِن غَيْرِ عَقْدٍ.
وقالَ القاضِي أبُو يَعْلى: قَدْ يُطْلَقُ النِّكاحُ عَلى العَقْدِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحْزابِ: 49] وهو حَقِيقَةٌ في الوَطْءِ، مَجازٌ في العَقْدِ، لِأنَّهُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، والجَمْعُ: إنَّما يَكُونُ بِالوَطْءِ، فَسُمِّيَ العَقْدُ نِكاحًا، لِأنَّهُ سَبَبٌ إلَيْهِ.ذكره ابن الجوزي
-حكم نكاح زوجة الأب :
أجمع العلماء على تحريم من وطئها الأب بتزويجٍ أو ملكٍ أو بشبهةٍ أيضًا.هذا حاصل ما ذكره المفسرون
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} يقول: « كل امرأة تزوجها أبوك أو ابنك دخل أو لم يدخل بها فهي عليك حرام ».
-المراد ب ( ما نكح ) في قوله تعالى( مانكح آباؤكم ) :
قالت فرقة: قوله: ما نكح يراد به النساء.
أي لا تنكحوا النساء اللواتي نكح آباؤكم، وقوله: إلّا ما قد سلف معناه: لكن ما قد سلف فدعوه .
وقال بعضهم: المعنى لكن ما قد سلف فهو معفو عنكم لمن كان واقعه، فكأنه قال تعالى ولا تفعلوا حاشا ما قد سلف، ف ما على هذا القول واقعة على من يعقل من حيث هؤلاء النساء صنف من أصناف من يعقل، وما تقع للأصناف والأوصاف ممن يعقل.
وقالت فرقة: قوله: ما نكح يراد به فعل الآباء، أي لا تنكحوا كما نكح آباؤكم من عقودهم الفاسدة، وقوله: إلّا ما قد سلف معناه إلا ما تقدم منكم ووقع من تلك العقود الفاسدة فمباحة لكم الإقامة عليه في الإسلام، إذا كان مما يقرر الإسلام عليه من جهة القرابة، ويجوزه الشرع أن لو ابتدئ نكاحه في الإسلام على سنته.
وقيل: معنى إلّا ما قد سلف أي فهو معفو عنكم.
قال ابن عطية :وما على هذا مصدرية .
وقال ابن زيد: معنى الآية: النهي عن أن يطأ الرجل امرأة وطئها الآباء، «إلا ما قد سلف» من الآباء في الجاهلية من الزنا، لا على وجه المناكحة، فذلك جائز لكم زواجهم في الإسلام، لأن ذلك الزنا كان فاحشة ومقتا، قال ابن زيد: فزاد في هذه الآية المقت.ذكره ابن عطية .
فأما قول ابن زيد فأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عنه .
الترجيح :
رجح الطبري رحمه الله القول الثالث بأن (مامصدرية )، فيكون قوله:"من النساء" من صلة قوله:"ولا تنكحوا"، ويكون قوله:"ما نكح آباؤكم" بمعنى المصدر، ويكون قوله:"إلا ما قد سلف" بمعنى الاستثناء المنقطع، لأنه يحسن في موضعه:"لكن ما قد سلف فمضى" ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا".
وبهذا يكون حرَّم عليهم في الإسلام بهذه الآية، نكاحَ حلائل الآباء وكلَّ نكاح سواه نهى الله تعالى ذكره [عن] ابتداء مثله في الإسلام،مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه في شِرْكهم.
[حتى تفهم هذه المسألة جيدًا ينبغي تفصيلها إلى:
معنى " ما " في الآية
معنى {ما نكح آباؤكم }
معنى الاستثناء في قوله {إلا ما قد سلف}

ثم بيان الراجح في معنى الآية ككل]

المراد ب (كان ) في الآية : [وينبغي بيان مرجع الضمير في قوله تعالى: {إنه كان فاحشة} أولا]

(كان )في هذه الآية تقتضي الماضي والمستقبل»
روى هذا القول ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة .
وقال المبرد: هي زائدة، وذلك خطأ يرد عليه وجود الخبر منصوبا.ذكره ابن عطية . [رد عليه الزجاج أولا]
[وهنا تحرير مسألة أخرى في معنى قوله {كان فاحشة} هل أنه كان معروفًا فحشه عند العرب، أو لم يكن كذلك وكان يعد من النكاح]
-معنى فاحشة :
زنا .ذكره الزجاج
-معنى (مقتًا):
المقت: هو أشد البغض والاحتقار بسبب رذيلة يفعلها الممقوت، وهو فعل كبير في نفسه، وقال أبو عبيدة وغيره: كانت العرب تسمي الولد الذي يجيء من زوج الوالد المقتي .هذا حاصل ماذكره المفسرون .
-المراد بالمقت في الاية :
في المراد به قولان :
أحَدُهُما: أنَّهُ اسْمٌ لِهَذا النِّكاحِ، وكانُوا يُسَمُّونَ نِكاحَ امْرَأةَ الأبِ في الجاهِلِيَّةِ: مَقْتًا، ويُسَمُّونَ الوَلَدَ مِنهُ: "المَقْتِيَّ" . فَأُعْلِمُوا أنَّ هَذا الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ [مِن نِكاحِ امْرَأةِ الأبِ] لَمْ يَزَلْ مُنْكَرًا [فِي قُلُوبِهِمْ] مَمْقُوتًا عِنْدَهم. هَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ.
والثّانِي: أنَّهُ يُوجِبُ مَقْتَ اللَّهِ لِفاعِلِهِ، قالَه عطاء .هذا حاصل ماذكره المفسرون .
فأماقول عطاء فرواه عنه ابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد .
-سبب تسمية نكاح زوجة الأب مقتًا :
سمى الله تعالى هذا النكاح مقتاً إذ هو ذا مقت يلحق فاعله.ذكره ابن عطية
-الحكمة من تحريم زوجة الأب :
لأن هذا النكاح يؤدّي إلى مقت الابن أباه بعد أن يتزوّج بامرأته، فإنّ الغالب أنّ من تزوّج بامرأةٍ يبغض من كان زوجها قبله؛
وقال عطاء بن أبي رباح في قوله: {ومقتًا} أي: يمقت اللّه عليه
-فأما قول عطاء فرواه عنه ابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد .
-معنى قوله ( وساء سبيلا)
أي :بئس الطريق والمنهج لمن يسلكه، إذ عاقبته إلى عذاب الله.هذا حاصل ماذكره المفسرون .
-حكم من تزوج زوجة أبيه :
من تعاطاه بعد نزول الآية فقد ارتدّ عن دينه، فيقتل، ويصير ماله فيئًا لبيت المال. كما رواه الإمام أحمد وغيره ، عن البراء بن عازبٍ، عن خاله أبي بردة -وفي رواية: ابن عمر-وفي روايةٍ: عن عمّه: أنّه بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى رجلٍ تزوّج امرأة أبيه من بعده أن يقتله ويأخذ ماله.ذكره ابن كثير
استطرادات فقهية :
-حكم التزوج بالمرأة التي باشرها الوالد :
اختلف العلماء فيمن باشرها الأب بشهوةٍ دون الجماع، أو نظر إلى ما لا يحلّ له النّظر إليه منها لو كانت أجنبيّةً.ذكره ابن كثير
-الحكمة من تحريم الزواج بأمهات المؤمنين :
لأن في الغالب أنّ من تزوّج بامرأةٍ يبغض من كان زوجها قبله؛
والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، هو كالأب للأمّة بل حقّه أعظم من حقّ الآباء بالإجماع، بل حبّه مقدّمٌ على حبّ النّفوس صلوات اللّه وسلامه عليه.

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)
-سبب النزول :
قال ابن جريج: سألت عطاءً عن قوله: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} قال: كنّا نحدّث، واللّه أعلم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا نكح امرأة زيدٍ، قال المشركون بمكّة في ذلك، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} ونزلت: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}. ونزلت: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم}. ذكره ابن كثير وابن عطية .
روى قول عطاء ابن أبي حاتم وعبد الرزاق من طريق ابن جريج عنه .
-مقصد الآية :
مقصد هذه الآية الكريمة هو بيان المحرمات من النّسب، وما يتبعه من الرّضاع والمحارم بالصّهر.
-القراءات في قوله تعالى :(من الرضاعة )
قرأ أبو حيوة «من الرّضاعة» بكسر الراء.ذكره ابن عطية .
-القراءات في قوله تعالى :(اللآئي )
قرأ ابن مسعود «اللاي» بكسر الياء.ذكره ابن عطية .
-القراءات في قوله تعالى (أمهاتكم )
قرأ ابن هرمز «وأمهاتكم التي» بالإفراد، كأنه من جهة الإبهام يقع مع الواحد والجماعة.ذكره ابن عطية .
-المسائل التفسيرية :
-نوع التحريم في الآية :
يسمى التحريم المبهم، وكثير من أهل العلم لا يفرق في المبهم وغير المبهم تفريقا مقنعا.ذكره الزجاج
-معنى المبهم :
سمي المحرم المبهم بهذا الاسم لأنه لا يحل بوجه ولا سبب ولأن قوة التحريم فيه قوية .ذكره الزجاج وابن عطية .
بيان المحرمات من النساء:
روى سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: حرمت عليكم سبعٌ نسبًا، وسبعٌ صهرًا، وقرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم} الآية.
أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير .
وروى عمير مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: يحرم من النّسب سبعٌ ومن الصّهر سبعٌ، ثمّ قرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت} فهنّ النّسب.ذكره ابن عطية وابن كثير .
روى هذا القول عن ابن عباس الثوري من طريق عمير مولى ابن عباس .
وقال عمرو بن سالم مولى الأنصار: مثل ذلك، وجعل السابعة قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء}ذكره ابن عطية .
وأما قول عمرو بن سالم فرواه عنه ابن جرير من طريق مطرف .
وأماالسَّبْعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ: الْأُمَّهَاتُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالْأَخَوَاتُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَأُمَّهَاتُ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبُ وَحَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَالسَّابِعَةُ (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ).ذكره القرطبي .
-المراد بالأم في قوله تعالى( حرمت عليكم أمهاتهكم)
الأم كل من ولدت المرء وإن علت.ذكره ابن عطية
- المراد بالبنت في قوله تعالى (وبناتكم )
البنت كل من ولدها وإن سفلت .ذكره ابن عطية
- المراد بالأخت في قوله تعالى ( وأخواتكم )
الأخت كل من جمعه وإياها صلب أو بطن.ذكره ابن عطية
-المراد بالعمة في قوله تعالى ( وعماتكم ):
العمة أخت الأب وفيها العموم والإبهام .
وكذلك عمة الأب وعمة الأم وعمة العمة .ذكره ابن عطية
-المراد بالخالة في قوله تعالى ( وخالاتكم):
الخالة أخت الأم، كذلك فيهاالعموم والإبهام، وكذلك خالة الأب وخالة الأم وأما خالة العمة فينظر، فإن كانت العمة أخت أب لأم، أو لأب وأم فلا تحل خالة العمة، لأنها أخت الجدة، وإن كانت العمة إنما هي أخت أب لأب فقط فخالتها أجنبية من بني أخيها، تحل للرجال، ويجمع بينها وبين النساء، وكذلك عمة الخالة ينظر، فإن كانت الخالة أخت أم لأب، فعمتها حرام، لأنها أخت جد، وإن كانت الخالة أخت أم لأم فقط فعمتها أجنبية من بني أختها.ذكره ابن عطية
-المراد ببنات الأخ وبنات الأخت في قوله تعالى ( وبنات الأخ وبنات الأخت ) :
المراد بهم العموم سواء كانت الأخوة شقيقة. أو لأب أو لأم.ذكره ابن عطية
-أحكام الرضاع :
الرضاع يحرم ما يحرم النسب، والمرضعة أم، وما تقدم من أولادها وتأخر إخوة، وفحل اللبن أب، وما تقدم من أولاده وتأخر إخوة.
ولهذا روى البخاريّ ومسلمٌ في الصّحيحين من حديث مالك بن أنسٍ، عن عبد اللّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزمٍ، عن عمرة بنت عبد الرّحمن، عن عائشة أمّ المؤمنين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الرّضاعة تحرّم ما تحرّم الولادة»، وفي لفظٍ لمسلمٍ: «يحرم من الرّضاعة ما يحرم من النّسب».
واختلف الأئمة في عدد الرضاعة المحرمة على أقوال :
1- قيل أنّه يحرّم مجرّد الرّضاع لعموم هذه الآية. وهذا قول مالكٍ، ويحكى عن ابن عمر، وإليه ذهب سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزّبير، والزّهري.
2- قال غيرهم :« لا يحرّم أقلّ من ثلاث رضعاتٍ » لما ثبت في صحيح مسلمٍ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: « لا تحرّم المصة والمصّتان».
وقال قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد اللّه بن الحارث، عن أمّ الفضل قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم:« لا تحرم الرّضعة ولا الرّضعتان، والمصّة ولا المصّتان »، وفي لفظٍ آخر: « لا تحرّم الإملاجة ولا الإملاجتان » رواه مسلمٌ.
وممّن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد بن حنبلٍ، وإسحاق بن راهويه وغيرهم .
3-وقال آخرون: «لا يحرّم أقلّ من خمس رضعاتٍ»، لما ثبت في صحيح مسلمٍ من طريق مالكٍ، عن عبد اللّه بن أبي بكرٍ، عن عمرة عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: «كان فيما أنزل اللّه من القرآن: عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يحرّمن. ثمّ نسخن بخمسٍ معلوماتٍ، فتوفّي رسول اللّه صلّى للّه عليه وسلّم وهنّ فيما يقرأ من القرآن ».
وروى عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة نحو ذلك.
وفي حديث سهلة بنت سهيلٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمرها أن ترضع مولى أبي حذيفة خمس رضعاتٍ وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعاتٍ. وبهذا قال الشّافعيّ، رحمه اللّه تعالى وأصحابه.ذكره ابن كثير
الترجيح :
قال القرطبي : وَأَنَصُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ ﷺ: (لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَهُوَ يُفَسِّرُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) أَيْ أَرْضَعْنَكُمْ ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ فَأَكْثَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ، لِقَوْلِهِ: (عَشْرُ رَضَعَاتٍ معلومات. وخمس رضعات معلومات). فوصفها بِالْمَعْلُومَاتِ إِنَّمَا هُوَ تَحَرُّزٌ مِمَّا يُتَوَهَّمُ أَوْ يُشَكُّ فِي وُصُولِهِ إِلَى الْجَوْفِ. وَيُفِيدُ دَلِيلُ خِطَابِهِ أَنَّ الرَّضَعَاتِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَاتٍ لَمْ تُحَرِّمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْإِمْلَاجَةِ وَالْإِمْلَاجَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ، لِأَنَّهُ مَرَّةً يَرْوِيهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ، وَمِثْلُ هَذَا الِاضْطِرَابِ يُسْقِطُهُ. [هذا يحتاج بيان استدراك العلماء على هذا القول، لأن الحديث مروي في الصحيح]
-الوقت الذي يحصل فيه التحريم بالإرضاع :
اختلف الأئمة أيضا في الوقت الذي تحرم فيه الرضاعة على قولين :
أن الرضاعة تحرم في أي وقت من العمر وينسب هذا القول لعائشة رضي الله عنها وحجتها في ذلك حديث سهلة بنت سهيلٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمرها أن ترضع مولى أبي حذيفة خمس رضعاتٍ وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعاتٍ.
2-أنّه لا بدّ أن تكون الرّضاعة في سنّ الصّغر دون الحولين وهذا قول الجمهور. وحجتهم في ذلك قولهتعالى : {يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة}.وبأن حادثة سالم مولى أبي حُذيفة حكم خاص به .وهذا هو الراجح والله أعلم .هذا حاصل ما ذكره المفسرون
حكم لبن الفحل :
اختلف الأئمة فيه :
1-القول الأول أنه يحرم ، وهذا قول جمهور الأئمّة الأربعة وغيرهم.
2-أنه لا يحرم وإنّما يختصّ الرّضاع بالأمّ فقط، ولا ينتشر إلى ناحية الأب .
والقول الأول هو الراجح وهو الذي عليه عمل هذه الأمة سلفًا وخلفًا .
-حكم تحريم أم الزوجة :
قال جمهور أهل العلم: هي تامة العموم فيمن دخل بها أو لم يدخل، فبالعقد على الابنة حرمت الأم، وهذا مذهب جملة الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، وروي عن علي بن أبي طالب أنه قيل له في رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أيتزوج أمها؟ قال:« نعم، هي بمنزلة الربيبة».هذا حاصل ماذكره المفسرون .
فأما قول علي رضي الله عنه فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق خلاس بن عمرو .
الترجيح :
والقول الأول هو الراجح وهو مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا كما قال ابن جرير رحمه الله وغيره من المفسرين .
-نوع التحريم في قوله تعالى ( وأمهات نسائكم)
(وأمّهات نسائكم} قد اختلف الناس في هذه: فجعلها بعضهم مبهمة وجعلها بعضهم غير مبهمة.ذكره الزجاج .
وروي عن ابن عباس أنه قال: {وأمّهات نسائكم} من المبهمة.
روى قول ابن عباس عنه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة .
الراجح :
الراجح كما قال الطبري أنها مبهمة لأن جميع أهل العلم متقدّمهم ومتأخّرهم يرى أنها من المبهمات، وحرامٌ على من تزوّج امرأةً أمّها دخل بامرأته الّتي نكحها أو لم يدخل بها.

-مرجع الضمير في قوله تعالى ( اللاتي دخلتم بهن )
من جعلها مبهمة ،احتج بأن {اللّاتي دخلتم بهنّ} إنما هو متصل بالربائب، وبهذا تحرم أم الزوجة فور العقد على البنت ،ومن جعلها غير مبهمة احتج بأن (اللّاتي دخلتم بهنّ}متصل بالأمهات والربائب ، وبذلك لا تحرم أم الزوجة إلا بعد الدخول بالبنت ، وقالالزجاج : الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا.
هذا حاصل ماذكره المفسرون .
الترجيح :
قال الطبري : "الأمّ من المبهمات"؛ لأنّ اللّه لم يشرط معهنّ الدّخول كما شرط ذلك مع أمّهات الرّبائب، مع أنّ ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجّة الّتي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متّفقةً عليه ،وهذا مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا.
ويقوي هذا القول أن الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدًا .
معنى الربيبة :
الربيبة هي بنت امرأة الرجل من غيره،ومعناها: مربوبة، لأن الرجل هو يربّها، ويجوز أن تسمى: ربيبة لأنه تولى تربيتها، كانت في حجره أو لم تكن تربت في حجره.ذكره الزجاج وابن عطية .
حكم الربيبة :
أمّا الرّبيبة وهي بنت المرأة فلا تحرم بمجرّد العقد على أمّها حتّى يدخل بها، فإن طلّق الأمّ قبل الدّخول بها جاز له أن يتزوّج بنتها، ولهذا قال: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم} أي في تزويجهنّ، فهذا خاصٌّ بالرّبائب وحدهنّ.
و هي محرمة وإن كانت في غير الحجر، لأنها في حكم أنها في الحجر، إلا ما روي عن علي أنه قال: تحل إذا لم تكن في الحجر وإن دخل بالأم، إذا كانت بعيدة عنه.ذكره ابن عطية وابن كثير
فأما قول علي رضي الله عنه فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أوس الحدثان .
معنى الحجر :
يقال: حجر بكسر الحاء وفتحها، وهو مقدم ثوب الإنسان وما بين يديه منه في حالة اللبس، ثم استعملت اللفظة في الحفظ والستر، لأن اللابس إنما تحفظ طفلا وما أشبهه بذلك الموضع من الثوب.ذكره ابن عطية .
وقال ابن المنذر: حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، حدّثنا الأثرم، عن أبي عبيدة قوله: {اللاتي في حجوركم} قال:«في بيوتكم».ذكره ابن كثير .
سبب تخصيص الحجر بالذكر :
قوله تعالى: اللّاتي في حجوركم ذكر الأغلب في هذه الأمور، إذ هي حالة الربيبة في الأكثر.ذكره ابن عطية .
مرجع الضمير في قوله : ( اللآتي دخلتم بهن )
اختلف العلماء في ذلك على قولين :
1-أنه عائد على الأمهات والربائب ،فقال: لا تحرم واحدةٌ من الأم ولا البنت بمجرّد العقد على الأخرى حتّى يدخل بها؛ لقوله: {فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم}.
روي هذا القول عن علي رضي الله عنه من طريق خلاس بن عمرو وأخرجه عنه ابن جرير .
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ وعبد الأعلى، عن سعيدٍ عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، في رجلٍ تزوّج امرأةً فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوّج أمّها؟ قال:«هي بمنزلة الرّبيبة».
وروي أيضًا عن زيد بن ثابت من طريق سعيد ابن المسيب وأخرج هذا القول عنه ابن جرير.
عن سعيد بن المسيّب، عن زيد بن ثابتٍ قال: « إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوّج أمّها».
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن سماك بن الفضل، عن رجلٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير قال: الرّبيبة والأمّ سواءٌ، لا بأس بها إذا لم يدخل بالمرأة. وفي إسناده رجلٌ مبهمٌ لم يسمّ.
2-أنه عائد على الربائب فقط
الترجيح :
قال الزجاج : الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا.
فيكون بذلك القول الثاني هو الراجح وهو مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا
-المراد بالدخول في قوله تعالى (اللآتي دخلتم بهن )
اختلف العلماء في معنى قوله: دخلتم بهنّ على قولين :
1-أن المراد بذلك (النكاح والجماع) وقال بهذا القول ابن عباس وطاوس.
والمعنى أنه إذا طلق الرجل امرأته بعد البناء وقبل الوطء، فإن ابنتها له حلال.
فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة .
وأما قول طاووس فنسبه إليه ابن أبي حاتم دون ذكر الإسناد .
2-أن المراد بذلك( التجريد )وهذا قول جمهور من العلماء منهم مالك بن أنس وعطاء بن أبي رباح وغيرهم.
والمعنى : أن التجريد والتقبيل والمضاجعة وجميع أنواع التلذذ يحرم الابنة كما يحرمها الوطء.
وأما قول عطاء فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن جريج .
وأما قول مالك بن أنس فلم أعثر عليه .
-الترجيح :
قال ابن جريرٍ: وفي إجماع الجميع على أنّ خلوة الرّجل بامرأته لا يحرم ابنتها عليه إذا طلّقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النّظر إلى فرجها بشهوةٍ، ما يدلّ على أنّ معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
معنى الحلائل :
الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة، لأنها تحل مع الرجل حيث حل، فهي فعلية بمعنى فاعلة، وذهب الزجاج وقوم: إلى أنها من لفظة الحلال، فهي حليلة بمعنى محللة.ذكره ابن عطية والزجاج
سبب تخصيص أبناء الصلب بالتحريم :
ليحترز بذلك عن الأدعياء الّذين كانوا يتبنونهم في الجاهليّة، كما قال تعالى: {فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرًا}.هذا حاصل ما ذكره المفسرون
-معنى (أن ) في قوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين )
.أن} في موضع رفع، المعنى: حرمت هذه الأشياء والجمع بين الأختين.ذكره الزجاج
حكم الجمع بين الأختين :
التحريم ودل على هذاقوله تعالى ( وأن تجمعوا بين الأختين ) وهو لفظ يعم الجمع
بينهما بنكاحوبملك يمين ، وأجمعت الأمة على منع جمعهما بنكاح.
واختلفوا في جواز الجمع في النكاح بملك يمين على قولين :
1-محرم :وهذا قول جمهور العلماء
2-جائز مع الكراهة : وروي هذا القول عن عثمان وابن عباس .
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فأما أنا في خاصة نفسي فلا أرى الجمع بينهما حسنا.حاصل ما ذكره المفسرون .
أما الجمع بينهما في ملك اليمين بدون نكاح فلا خلاف في جوازذلك الملك كما قال ابن عطية .
فأما قول عثمان فأخرجه عنه الإمام مالك من طريق قبيصة بن ذؤيب .
وأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن المنذر من طريق عمرو بن دينار .
الترجيح :
قال ابن كثير :وقد أجمع المسلمون على أنّ معنى قوله تعالى {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم} إلى آخر الآية: أنّ النّكاح وملك اليمين في هؤلاء كلّهنّ سواءٌ، فكذلك يجب أن يكون نظرًا وقياسًا الجمع بين الأختين وأمّهات النّساء والرّبائب. وكذلك هو عند جمهورهم، وهم الحجّة المحجوج بها.
معنى قوله :(إلا ما قد سلف )
المعنى: سوى ما قد سلف في الجاهلية فإنه مغفور لكم والإسلام يجبه .هذا حاصل ماذكره المفسرون .
[يذكر هنا حكم من نزلت عليه الآية وهو جامع بين أختين، أنه يخيّر بينهما.
فما سلف مغفورٌ بإذن الله، لكن لا يعني مواصلة العمل به بعد نزول التحريم]

-معنى ( إن الله كان غفورا رحيمًا )
أي : غفورًا لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها {رحيمًا} بهم فيما كلّفهم من الفرائض وخفّف عنهم فلم يحمّلهم فوق طاقتهم.ذكره الطبري
مسائل فقهية مستطردة :
حكم بنت الزنى :
استدلّ جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزّاني عليه بعموم قوله تعالى: {وبناتكم}؛ فإنّها بنتٌ فتدخل في العموم، كما هو مذهب أبي حنيفة، ومالكٍ، وأحمد بن حنبلٍ. وقد حكي عن الشّافعيّ شيءٌ في إباحتها؛ لأنّها ليست بنتًا شرعيّةً، فكما لم تدخل في قوله تعالى: {يوصيكم اللّه في أولادكم} فإنّها لا ترث بالإجماع، فكذلك لا تدخل في هذه الآية. ذكره ابن كثير
حكم زوجة الابن من الرضاع :
حرمت حليلة الابن من الرضاع وإن لم يكن للصلب بالإجماع المستند إلى قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب".ذكره ابن عطية وابن كثير .
-حكم الجمع بين الأم وابنتها في الوطأ في ملك اليمين :
1-محرم ،ويجيء من قول إسحاق أن يرجم الجامع بينهما بالوطء
2- مكروه وتستقرأ الكراهية من قول مالك: «إنه إذا وطئ واحدة ثم وطئ أخرى وقف عنهما حتى يحرم إحداهما فلم يلزمه حدا»ذكره ابن عطية
-حكم وطأ الاخت بملك اليمين ثم إرادة وطأ الأخرى :
اختلف العلماء في ذلك :
1-قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عمر والحسن البصري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق: «لا يجوز له وطء الثانية حتى يحرم فرج الأخرى بإخراجها من ملكه، ببيع أو عتق أو بأن يزوجها».
2- قولقتادة، وهو أنه إن كان يطأ واحدة وأراد وطء الأخرى فإنه ينوي تحريم الأولى على نفسه وأن لا يقربها، ثم يمسك عنها حتى يستبرئ الأولى المحرمة، ثم يغشى الثانية.ذكره ابن عطية
-حكم التزوج بأخت الأمة الموطوءة في المذهب المالكي :
إن كانت عند رجل أمة يطؤها ثم تزوج أختها، ففيها في المذهب ثلاثة أقوال، في النكاح الثالث من المدونة أنه يوقف عنهما إذا وقع عقد النكاح حتى يحرم إحداهما مع كراهيته لهذا النكاح، إذ هو عقد في موضع لا يجوز فيه الوطء، وذلك مكروه إلا في الحيض، لأنه أمر غالب كثير، وفي الباب بعينه قول آخر: إن النكاح لا ينعقد، وقال أشهب في كتاب الاستبراء: عقد النكاح في الواحدة تحريم لفرج المملوكة.ذكره ابن عطية .
-حكم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، وأجمعت الأمة على ذلك وقد رأى بعض العلماء أن هذا الحديث ناسخ لعموم قوله تعالى: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} وذلك لأن الحديث من المتواتر.ذكره ابن عطية .

التقويم: أ
أرجو مراجعة الملحوظات أعلاه، وعمومًا فبعض المسائل تحتاج إلى تفصيل ليفهم معنى الآية جيدًا ولا يصلح إجمال عدد من المسائل في مسألة واحدة في هذه الحالة، واعتني كذلك بالتخريج، وبملحوظات أستاذة هيا، بارك الله فيها، وبارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 21 ذو القعدة 1441هـ/11-07-2020م, 01:44 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بدرية صالح مشاهدة المشاركة
تلخيص تفسير قوله تعالى :( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}..
*سبب النزول
-نزلت في سبايا خيبر.
أخرجه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح وأبو داود والنسائي والإمام أحمد وابن جرير وعبدالرزاق وابن حجر في مصنفاتهم عن طريق عثمان البتي عن أبي الخليل عن أبي سعيد قال: لما سبا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس قلنا: يا نبي الله كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن فنزلت هذه الآية: {وَالمُحصَناتُ مِنَ النِساءِ إِلاّ ما مَلَكَت أَيمانُكُم}. [رتبي الأئمة عند التخريج حسب تاريخ وفياتهم، وقد روي في صحيح مسلم، فيمكنكِ الاستغناء بذكر وروده في صحيح مسلم لبيان صحته] ذكره ابن عطية وابن كثير
[وأوطاس غير خيبر]
وقال الترمذي : ولا أعلم أنّ أحدًا ذكر أبا علقمة في هذا الحديث إلاّ ما ذكر همّامٌ عن قتادة.
ورواه النسائي عن سعيدٍ، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن أبي علقمة، عن أبي سعيدٍ …
-روى الطّبرانيّ من طريق الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: أنّها نزلت في سبايا خيبر …
-رواه ابن جرير في تفسيره عن طريق شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم …
-وقيل في إمرأة يقال لها معاذة .
أخرجه عبد بن حميد وابن أبي خيثمة وأبو مسلم الكجي بسنده من طريق العباس بن أنس عن عكرمة [نقول هنا كما في العجاب في بيان الأسباب لابن حجر] إن هذه الآية والمحصنات من النساء نزلت في امرأة يقال لها معاذة كانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له شجاع بن الحارث وكان معها ضرة لها قد ولدت من شجاع أولادا رجالا……"ذكره الواحدي وابن حجر .
*سبب نزول قوله تعالى {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} [الآية: 24]
قال مقاتل : نزلت في المتعة فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ثم قال ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة أي إذا زدتم في الأجر وازددتم في الأجل ثم نسخ ذلك...
رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن موسى ابن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس .. ذكره ابن حجر [ارجعي لتفسير ابن أبي حاتم نفسه]
وأخرج أبو عبيد في كتاب النكاح وابن المنذر من طريقه عن حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عطاء سمعت ابن عباس .... [المصدر؟ ]
-سبب نزول قوله تعالى{ ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}
أخرج الطبري من طريق سليمان التيمي عن حضرمي بن لاحق أن رجالا كانوا يفترضون المهر ثم عسى أن تدرك أحدهم العسرة فنزلت).ذكره ابن حجر في تفسيره. [وهل لابن حجر تفسير؟]
* القراءات
*القراءة في (المحصنات ) ذكره الزجاج وابن عاشور
قرئت. بالفتح (والمحصَنات ) ، قرأ ها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة،«والمحصنات» بفتح الصاد في كل القرآن ، والكسائي في هذا الموضع بالفتح ، وهي من أحصنها الزوج وحفظها وستر عليها.
وقرئت بالكسر (والمحصِنات ) ، قرأ الكسائي بالكسر في جميع مواضع القرآن إلا موضع هذه الآية كما ذكرنا بالفتح ، وهي من أحصنت وحافظت على نفسها من غير زوج .خلاصة قول الزجاج وابن عاشور .
رواه الرملي [الرملي يروي الكتب والصحف التفسيرية، وإنما ننسب التفسير لصاحبه، مثلا جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي]، عن طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {والمحصنات من النساء} ذوات الأزواج. لا تنكح المرأة زوجين قال: «كان مجاهدٌ يقرأ كلّ شيءٍ في القرآن محصناتٍ [بكسر الصّاد إلا الّتي في النساء »
قال ابن عاشور : ولَمْ يُقْرَأْ قَوْلُهُ (والمُحْصَناتُ) في هَذِهِ الآيَةِ إلّا بِالفَتْحِ.
فكلا القراءتين صحيحة ،فالتحصن هو التعفف والستر والتمنع والحفظ سواء بالزواج أو بدونه . [هذه الآية قُرئت بالفتح فقط، وإنما ذكر المفسرون الكلام على المحصنات عمومًا في كل القرآن]
قال الزجاج : و قد أجمع على الفتح ، لأن معناها: اللاتي أحصنّ بالأزواج ، ولو قرئت بالكسر لجاز ، لأنهنّ يحصنّ فروجهن بأن يتزوجن.
*القراءة في قوله تعالى ( وإحل [وأحل] لكم
- قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر «وأحل لكم» بفتح الألف والحاء.
قال ابن عطية : وهذه مناسبة لقوله كتاب اللّه إذ المعنى كتب الله ذلك كتابا.
-وقرأ حمزة والكسائي «وأحل» بضم الهمزة وكسر الحاء.
قال ابن عطية : حرّمت عليكم والوراء في هذه الآية ما يعتبر أمره بعد اعتبار المحرمات، فهن وراء أولئك بهذا الوجه .
*القراءة في قوله تعالى : (فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى.
رواه ابن جرير في تفسيره عن طريق أبي مسلمة، عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية على ابن عبّاسٍ: {فما استمتعتم به منهنّ} قال ابن عبّاسٍ: إلى أجلٍ مسمًّى. قال: قلت: ما أقرؤها كذلك. قال: واللّه لأنزلها اللّه كذلك، ثلاث مرّاتٍ.
رواه ابن جرير في تفسيره فقال : حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: في قراءة أبيّ بن كعبٍ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى.
* المسائل التفسيرية .
*معنى الإحصان في اللغة .
قال الزجاج. هو إحصان الفرج وإعفافه ، يقال امرأة حصان بينة الحصن، وفرس حصان بينة (التحصن) والتحصين وبناء حصين بيّن الحصانة، ولو قيل في كله الحصانة لكان بإجماع .
*المراد بالمحصنات .
العفائف سواء كانت حرة أم أمة . ذكره الفراء [هذه مسألة خلافية وفيها أقوال عدة ينبغي تحريرها كما تعلمنا طريقة تحرير المسائل الخلافية في مهارات التفسير]
*استعمالات العرب لكلمة (الإحصان ).
قال ابن عطية. :
-تستعمله في الزواج، لأن ملك الزوجة منعة وحفظ.
- ويستعملون الإحصان في الحرية لأن الإماء كان عرفهن في الجاهلية الزنا، والحرة بخلاف ذلك 0
-ويستعملونه في الحفظ والمنع.
-ويستعمل في العفة والستر.
وقال : هذه اللفظة لاتخرج عن غير هذه المعاني في كتاب الله ، لكنها قد تقوى فيها بعض هذه المعاني دون بعض، بحسب موضع وموضع.
*المراد بالمحصنات من النساء في قوله تعالى : (والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}،
ورد فيها أقوال ،.
القول الأول : أحل لكم أربع. قول عبيدة السلماني..
رواه ابن وهب و عبدالرزاق في مصنفه وابن جرير الطبري. عن الحارث عن أيّوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني…
القول الثاني : كل ذات زوج حرام ، إلا ملك اليمين
ورواه سعيد بن منصور في مصنفه والطبري في تفسيره عن طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه في قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}، قال: «كلّ ذات زوجٍ عليك حرامٌ، إلّا أن تشتريها، أو ما ملكت يمينك».
رواه سعيد بن منصورفي مصنفه عن الصّلت بن بهرام، عن إبراهيم -قول الا سبايا الحرب.
*معنى المحصنة :
ذكر فيها أقوال :
القول الأول : دخولها الإسلام وإقرارها به ، ثم ارتكابها الزنا فهنا تجلد خمسين جلده. قول الشعبي .
رواه سعيد بن منصور في مصنفه عن ، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن الشّعبي …
وقول آخر عن الشعبي أن تحصن فرجها من الفجور، وأن تغتسل من الجنابة.
رواه سعيد بن منصور في مصنفه ، حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مطرّف، عن الشّعبي …
القول الثاني : العفيفة العاقلة من أهل الكتاب ، قول ابن عباس
رواه سعيد بن منصور في مصنفه عن طريق خصيف، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ -
دلالة معنى قوله تعالى :( والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم} .
-تحريم اشراك رجلين في عصمة إمرأة ، وابطال ماكان يفعل بالجاهلية من نوع هذا النكاح.
-تحريم عقد نكاح على ذات زوج .ذكره ابن جرير وابن حاتم وابن عطية .
[بارك الله فيكِ هناك تكرار لنفس المسألة، والمطلوب بيان معنى المحصنات لغة ويتبعها بيان المراد بالمحصنات في الآية، والأقوال فيها توجيهها بحسب ما ستذكرينها في معنى " المحصنة لغة "، وعلى أساس تحريركِ لهذه المسألة سيأتي بعد ذلك بيان معنى ملك اليمين ومعنى الاستثناء في الآية]
* معنى قوله تعالى : (إلا ما ملكت أيمانكم}
*معنى ملك اليمين
هو ماأمتلك بنكاح أو شراء ، ذكره الطبري وابن عطية والزجاج وابن عاشور .
*المراد بقوله ( مَلَكَتْد
قال ابن عاشور : ما تَجَدَّدَ مِلْكُها بَعْدَ أنْ كانَتْ حُرَّةً ذاتَ زَوْجٍ. فالفِعْلُ مُسْتَعْمَلٌ في مَعْنى التَّجَدُّدِ.
*معنى قوله :(إلا ماملكت أيمانكم ..
القول الأول : هن السبايا اذا كان لهن أزواج واستبرين بحيضة.. قول أبي سعيد الخدري وابن عباس
قول أبي سعيد الخدري ، رواه أبي حاتم في تفسيره عن قتادة عن صالح يعني أبا الخليل عن ألي علقمة عن أبي سعيد الخدري ...
قول ابن عباس ، رواه أبي حاتم في تفسيره قولاً عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ...
القول الثاني :هن الحرائر من النساء مثنى وثلاث ورباع قول ابن عباس [هذا يأتي في معنى المحصنات]
رواه أبي حاتم في تفسيره عن قولاً عن العوفي فقال : حدثني عمي عن أبي عن أبيه عن ابن عباس ....
*معنى كتاب الله عليكم
أي كتب الله عليكم ماحرم من ذلك ، وتحليل ماحلل من ذلك عليكم كتاباً وإلزاماً.
قال عبيدة السلماني وغيره: والأظهر أن قوله كتاب اللّه عليكم إنما هو إشارة إلى التحريم الحاجز بين الناس وبين ما كانت العرب تفعله. ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم و ابن عطية
*الأقوال في قوله تعالى :(كتاب الله عليكم
الأول :ماحرمه عليكم .قول إبراهيم
قول إبراهيم ، رواه الطبري في تفسيره قولاً عن سفيان عن منصور عن إبراهيم ...
الثاني : ماكتب عليكم الأربع على ألا تزيدوا قول ابن عباس وابن سيرين وسعيد ابن جبير والسدي .
قول ابن عباس : رواه ابن جرير الطبري وابن المنذر قولاً عن ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ …
قول ابن سيرين ، رواه ابن جرير الطبري وابن المنذر عن سفيان عن هشام، عَنْ مُحَمَّد بْن سيرين …
قول سعيد بن جبير ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير …
قول السدي ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره قولاً عن أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي …
*مايجوز في الإعراب ومدلول اللفظ في قوله (كتاب الله عليكم ..
قال الزجاج: وقوله: {كتاب اللّه عليكم}منصوب على التوكيد محمول على المعنى، لأن معنى قوله: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} كتب الله عليكم هذا كتابا.
-وقد يجوز أن يكون: منصوبا على جهة الأمر، ويكون {عليكم} مفسرا له، فيكون المعنى ألزموا كتاب اللّه.
-ولا يجوز أن يكون: منصوبا ب {عليكم}، لأن قولك: عليك زيدا، ليس له ناصب متصرف فيجوز تقديم منصوبه.
-ويجوز أن يكون {كتاب اللّه عليكم} رفعا على معنى هذا فرض اللّه عليكم، كما قال جلّ وعزّ: {لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ}.
*المقصود بقوله (وأحل لكم
يقصد به التزويج ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية
رواه ابن أبي حاتم في تفسيره قولاً عن ابن نفيل حدثنا ابن سلمة عن خصيف ...
* الجملة الإعرابية لقوله :(وأحل لكم ماوراء ذلكم
قال ابن عاشور : عطف على قوله :( حرمت عليكم أمهاتكم ...
*معنى (ماوراء ذلكم ).
قال الزجاج : ما بعد ذلكم .
وقال ابن عاشور : هي بمعنى غير ودون .
*المراد بقوله (ماوراء ذلكم ).
أي مابعد ماحرم الله عليكم من هذه الأشياء حلال بما شرع الله لكم بعد ذلك . ذكره الزجاج والطبري وابن أبي حاتم وابن كثير.
*واختلفت عبارة المفسرين في قوله تعالى: وأحلّ لكم ما وراء ذلكم … ) على أقوال
الأول : وأحل لكم ما دون الخمس … قول السدي ، عبيدة السلماني
قول السدي ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره قولاً عن أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي
قول عبيدة ، رواه ابن جرير الطبري وابن المنذر عن سفيان، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني …
الثاني :يقصد به من حرم من سائر القرابة. قول عطاء وغيره.
قول عطاء. ، رواه الطبري وابن المنذر قولاً ، حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: سألت عطاء عنها …
الثالث : يقصد به من المحصنات من الحرائر والإماء ، قول قتادة
رواه الطبري وابن المنذر قولاً ، حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة …
هذه الأقوال تعم هذه الآية ، فبين المحرمات من النسب والصهر ثم من المحصنات سواء من الحرائر أو الإماء ، وماعدا ذلك فهو حلال لهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولفظ الآية يعم جميع هذه الأقوال.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، ما نحن مبيِّنوه. وهو أن الله جل ثناؤه بيَّن لعباده المحرَّمات بالنسب والصهر، ثم المحرمات من المحصنات من النساء، ثم أخبرهم جل ثناؤه أنه قد أحل لهم ما عدا هؤلاء المحرَّمات المبيَّنات في هاتين الآيتين، أن نَبْتغيه بأموالنا نكاحًا وملك يمين، لا سفاحًا.
*مدلول قوله (أن تبتغوا
قال ابن عاشور : العقد ر هو مدلول (تبتغوا
*مدلول قوله :( بأموالكم
قال ابن عاشور :إعطاء المهر وبذله هو مدلول (بأموالكم ..
*رابط جملة قوله تعالى :( أن تبتغوا بأموالكم
قال ابن عاشور : رابط الجملة محذوف تقديره أن تبتغوه
*معنى قوله تعالى :( محصنين غير مسافحين )
أي: عاقدين التزويج غير مسافحين، أي: غير زناة. ذكره الزجاج .
رواه ابن المنذر فقال : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد، قوله " {مُحْصِنِينَ} ناكحين ".
*معنى السفاح باللغة
قال الزجاج وابن عاشور : السفاح في الزنا اشتق من قولهم سفحت الشيء إذا صببته، وأمر الزنا سفاح لأنه جار على غير عقد، كأنّه بمنزلة السفوح الذي لا يحبسه شيء.
*معنى غير مسافحين
أي غير زانيين ذكره الزجاج وابن جرير وابن عطية
رواه ابن المنذر فقال : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى، قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي قوله " {مُسَافِحِينَ} قَالَ: زانيين بكل زانية ".
-المعنى اللغوي للمتاع .
المتاع في اللغة: كل ما انتفع به، فهو متاع.ذكره الزجاج وابن عاشور.
*المراد بقوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهنّ ) .
يقصد به النكاح ، قول مجاهد
رواه ابن المنذر قولاً ، فقال حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد …
*واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى ( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً )
الأول : هو الاستمتاع هو النكاح ، فإن دخلتم بهن فأعطوهن مهورهن كاملة.قول ابن عباس والحسن ومجاهد وابن زيد وغيرهم .
قول ابن عباس ، رواه ابن المنذر في تفسيره فقَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ بن أبي طلحة ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ …
قول الحسن ، رواه ابن الطبري في تفسيره فقال أخبرنا عبدالرزاق فقال أخبرنا معمر ، عن الحسن ..
قول مجاهد ، رواه ابن جرير الطبري قولاً عن شبل عن أبي نجيح عن مجاهد ...
قول ابن زيد ، رواه ابن جرير الطبري فقال حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ...
الثاني : معناه تمتَّعتم به منهن بأجرٍ تمتُّعَ اللذة، لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولِيٍّ وشهود ومهر.قول السدي ومجاهد
قول السدي ، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره قولاً عن أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي ...
قول مجاهد ،رواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد …
*مسألة الجهل والفهم الغلط لقوله :( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً …
قال الزجاج : هذه آية قد غلط فيها قوم غلطا عظيما جدا لجهلهم باللغة، وذلك أنهم ذهبوا إلى أن قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} من المتعة التي قد أجمع أهل الفقه أنها حرام.
وقال : هذه الآية واضحة وبينة في المتاع ألا وهو إعطاؤهن الحق في الأجر ، وليس كما فهم بعض الطوائف بالمتعة المحرمة. بتصرف
*معنى الأجور .
هي المهور ،وما دفعه الرجل من صداق .ذكره الزجاج والطبري وابن أبي حاتم وابن كثير وغيرهم.
*مسألة حق المرأة بالأجر قبل وبعد الدخول
قال الزجاج : فإن استمتع بالدخول بها أعطى المهر تامّا، وإن استمتع بعقد النكاح آتى نصف المهر.
*معنى قوله عزّ وجلّ: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} .
أي: لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للرجل مهرها، أو يهب الرجل للمرأة التي لم يدخل بها نصف المهر الذي لا يجب إلا لمن دخل بها.ذكره الزجاج .
*معنى لاجناح عليكم
قال مقاتل : لاحرج عليكم .
*المراد في قوله تعالى :( فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} ..
يعني: إن وضعت لك منه شيئًا فهو لك سائغٌ .ذكره ابن جرير وابن كثير .
*اختلف المفسرون في معنى قوله: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة }.
- فقال القائلون بأن الآية المتقدمة أمر بإيتاء مهور النساء إذا دخل بهن: إن هذه إشارة إلى ما يتراضى به من حط أو تأخير بعد استقرار الفريضة، فإن ذلك الذي يكون على وجه الرضا جائز ماض .
-وقال القائلون بأن الآية المتقدمة هي أمر المتعة: إن الإشارة بهذه إلى أن ما تراضيا عليه من زيادة في مدة المتعة وزيادة في الأجر جائز سائغ، وباقي الآية بين). ذكره ابن عطية .
*سبب تذييل الآية بقوله :(إنّ اللّه كان عليما حكيما}.
قال الزجاج : أي: عليما بما يصلح أمر العباد - حكيما فيما فرض لهم من عقد النكاح الذي حفظت به الأموال والأنساب.

————————————-

التقويم: د+
بارك الله فيكِ أختي الفاضلة ونفع بكِ
أفضل لكِ أن تكتفي بالتلخيص من التفاسير الثلاثة
وأن تستخلصي المسائل من كل تفسير على حدة، ثم تنظري في سبيل الجمع بين المسائل المكررة، وذلك حتى لا يحصل لكِ تشتت بين الأقوال ويسهل عليكِ - بإذن الله - تحقيق الدقة في التحرير
فتح الله علي وعليكِ فتوح العارفين.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 24 ذو القعدة 1441هـ/14-07-2020م, 12:04 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل يوسف مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25)}

علوم الآية :

ما جاء في نسخ الآية

-توهم قوم أن قوله تعالى {ذلك لمن خشي العنت منكم }ناسخ لقوله {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات}
ولا نسخ فيه لأن الناسخ لايكون متصلا بالمنسوخ إنما هو تخصيص وتبيين لما يباح من نكاح الإماء ،ذكره مكى ابن ابي طالب
-وزعم قوم أن قوله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة }ناسخ لما كان وجب على الأمة حين تزنى قبل الإحصان وهو مائة جلدة لقوله تعالى {فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} وأن لفظ الآية عام في الإماء والحرائر ،فنسخ بجلد الأمة خمسين إذا زنت بعد الإحصان ،ذكره مكي والسخاوى بغير نسبة
وهذا القول يبدو أنه قول أهل الظاهر ومن وافقهم ويرده الإجماع على أن الأمة لا تجلد أكثر من خمسين جلدة محصنة كانت أو غير محصنة فالآية محكمة غير ناسخة لشىء

القراءة في {المحصنات }:
-قراءة بفتح الصاد وهم عامة قراء المدينة والعراق في كل المواضع في القرآن والمعنى في كل موضع بحسبه فتدور بين معنى التزويج أو الحرية أو الإسلام
-قراءة بكسر الصاد وهم جماعة من قراء الكوفيين والمكيين على معنى العفة في جميع المواضع في القرآن بمعنى أنهن عففن وأحصن أنفسهن
عدا قوله تعالى {والمحصنات من النساء} قرئت بالفتح بمعنى المزوجات فأزواجهن أحصنوهن
وذكرت هذه القراءة أعنّي بكسر الجميع عن علقمة على الاختلاف في الرّواية عنه،كما ذكر ابن جرير
قال أبو جعفرٍ: والصّواب عندنا من القول في ذلك أنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار مع اتّفاق ذلك في المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب
[يفضل ذكر أسماء القراء السبعة على وجه التحديد]
القراءة في { فإذا أحصنّ }
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «أحصن» على بناء الفعل للمفعول، فوجه الكلام أن تكون القراءة الأولى بالتزوج،
وقرأ حمزة والكسائي على بناء الفعل للفاعل، ولكن يدخل كل معنى منهما على الآخر، واختلف عن عاصم، ووجه هذه القراءة الإسلام أو غيره مما هو من فعلهن، ابن عطية
اختلف القراء في {أحصنّ} فقرأه بعضهم بضمّ الهمزة وكسر الصّاد، مبنيٌّ لما لم يسمّ فاعله، وقرئ بفتح الهمزة والصّاد فعلٌ لازمٌ ثمّ قيل: معنى القراءتين واحدٌ.ابن كثير [هذه العبارة تكرار للمعنى السابق]

قوله تعالى {ومن لم يستطع منكم}
-معنى {ومن }
من إما شرطية، وما بعدها شرطها، وإما موصولة وما بعدها صلتها،مفاتيح الغيب

المراد بالطول :
-القول الاول : السعة والفضل والمال أو الغنى وهو قول ابن عباس ومجاهد وابن جبير وقتادة والسدى وابن زيد
قول ابن عباس:رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق على بن أبي طلحة [عنه]
قول مجاهد رواه ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح
وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق يزيد عن سعيد عنه
وقول ابن جبير رواه ابن جرير من طرق عن هشيم عن أبي بشر بألفاظ متقاربة
وقول السدي رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه
وقول ابن زيد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه
ومحمل هذا القول من جهة اللغة :فالطول لغة الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه كما ذكر الأزهري
ومعنى الطول القدرة على مهر الحرة وقال الله عزوجل {ذى الطول لا إله إلا هو}أي ذى القدرة
وقيل الطول الغنى وقيل الفضل
يتبين من هذه المعانى مجتمعة أن الطول في الآية بمعنى السعة والفضل والغنى ومنه القدرة على مهر الحرة وعلى هذا فمن يملك سعة من المال يطول بها مهر الحرة ونفقتها فليس له أن ينكح أمة
التوجيه :وجه هذا القول مبنى على معنى الطول في لغة العرب :
قال ابن عاشور : والطول- بفتح الطاء وسكون الواو- القدرة، وهو مصدر طال المجازي بمعنى قدر، وذلك أن الطول يستلزم المقدرة على المناولة فلذلك يقولون: تطاول لكذا، أي تمطى ليأخذه، ثم قالوا: تطاول، بمعنى تكلف المقدرة «وأين الثريا من يد المتطاول» فجعلوا لطال الحقيقي مصدرا- بضم الطاء- وجعلوا لطال المجازي مصدرا- بفتح الطاء- وهو مما فرقت فيه العرب بين المعنيين المشتركين. انتهى كلامه
قلت:ويفهم من قوله رحمه الله أن طال لها معنيان أحدهما حقيقي والآخر مجازي فالحقيقي منهما بمعنى تمطى ليأخذ ونحوه وهذا مصدره بضم الطاء
وأما المجازى فهو لازم المعنى الحقيقي وهو القدرة وهذا مصدره طولا بفتح الطاء فبهذا فرقت العرب بين المعنيين
وقال رحمه الله : وظاهر الآية أن الطول هنا هو القدرة على بذل مهر لامرأة حرة احتاج لتزوجها أولى أو ثانية او ثالثة او رابعة لأن الله ذكر عدم استطاعة الطول في مقابلة قوله{أن تبتغوا بأموالكم}وقوله {فآتوهن أجورهن فريضة} ولهذا كان هذا هو الأصح في تفسير الطول.
[هنا أيضًا هناك تكرار، يمكنكِ اختصاره في عبارات قصيرة اللفظ وتؤدي نفس المعنى، ولا حاجة لنسخ كلام المفسر، بل يكفي النسبة إلى أنه قال بنحو معنى كلامك]
-والقول الثانى :الهوى وهو قول ربيعة والشعبي وجابر وعطاء
قول ربيعة: رواه ابن وهب المصري و ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الجبار بن عمر عنه
وروى ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد قوله كان ربيعة يلين فيه بعض التليين
قول جابر ر واه ابن جرير من طريق حماد بن سلمة عن أبي الزبير عنه أنّه سئل عن الحرّ، يتزوّج الأمة، فقال
إن كان ذا طولٍ فلا. قيل: إن وقع حبّ الأمة في نفسه؟ قال: إن خشي العنت فليتزوّجها
ويتضح من قوله أنه يعمل القول الأول على الأصل إلا إذا هوى أمة فيجعل الطول بمعنى الهوى والله أعلم
وقول الشعبي رواه ابن جرير من طريق منصور عن عبيدة عنه
وقول عطاء رواه ابن جرير من طريق ابن جريج عنه
[بعض الأقوال المنسوبة للسلف تكون مستخرجة، والمفسر يعمد إلى ذكر نص القول، ليتأمل غيره اجتهاده فيه، فإن كان اللفظ بعيدًا عن استخراجه واجتهاده يفضل ذكر ذلك، ومثل هذا فيما رواه ابن جرير عن جابر والشعبي فلا يوجد في أقوالهم ما يعني صراحة قولهم بأن الطول بمعنى الهوى]
التوجيه :هذا القول وجهه والله أعلم لغوى أيضا فقد سبق وبينا أن الطول بمعنى القدرة والقدرة قد تكون حسية أو معنوية والمراد هنا القدرة المعنوية والله أعلم
والمعنى من وقع في نفسه حب أمة حتى غلبته نفسه فلايقدر على نكاح الحرة وخشي على نفسه العنت
قال القرطبي عند هذا القول : الطول الجلد والصبر لمن أحب أمة وهويها حتى صار لذلك لا يستطع أن يتزوج غيرها، فإن له أن يتزوج الأمة إذا لم يملك هواها وخاف أن يبغي بها وإن كان يجد سعة في المال لنكاح حرة، هذا قول قتادة والنخعي وعطاء وسفيان الثوري.
لكن هذا القول ضعيف ومأخذه واه وهو خلاف قول الجمهور خاصة وأن السياق السابق له لايعين عليه ولايتناسب مع معناه
وقد رده الطبري والعمدة عنده تحريم نكاح الإماء على واجد الطول فقال :
لا يحلّ له من أجل غلبة هوًى عند فيها، لأنّ ذلك مع وجوده الطّول إلى الحرّة منه قضاء لذّةٍ وشهوةٍ وليس بموضع ضرورةٍ تدفع برخّصه كالميتة للمضطرّ الّذي يخاف هلاك نفسه فيترخّص في أكلها ليحيي بها نفسه، وما أشبه ذلك من المحرّمات اللّواتي رخّص اللّه لعباده في حال الضّرورة والخوف على أنفسهم الهلاك منه ما حرّم عليهم منها في غيرها من الأحوال. ولم يرخّص اللّه تبارك وتعالى لعبدٍ في حرامٍ لقضاء لذّةٍ، وفي إجماع الجميع على أنّ رجلاً لو غلبه هوى امرأةٍ حرّة أوامة أنّها لا تحلّ له إلاّ بنكاحٍ أو شراءٍ على ما أذن اللّه به، ما يوضّح فساد قول من قال: معنى الطّول في هذا الموضع: الهوى، وأجاز لواجد الطّول لحرّةٍ نكاح الإماء

القول الثالث :أن الطول يراد به وجود الحرة تحته وإن لم يملك سعة وهو قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف الطول وجود الحرة ،ذكره القرطبي
وقال مالك في المدونة: ليست الحرة بطول تمنع من نكاح الأمة إذا لم يجد سعة لأخرى وخاف العنت، وقال في كتاب محمد: ما يقتضي أن الحرة بمثابة الطول، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: وهو ظاهر القرآن، وروي نحو هذا عن ابن حبيب، وقاله أبو حنيفة: فمقتضى هذا أن من عنده حرة فلا يجوز له نكاح أمة، وإن عدم السعة وخاف العنت، لأنه طالب شهوة وعنده امرأة، وقال به الطبري واحتج له ،ذكره ابن عطية

قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين [ذكرتِ ثلاثة، فالأولى تحديد المراد هنا] في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى الطّول في هذا الموضع: السّعة والغنى من المال، لإجماع الجميع على أنّ اللّه تبارك وتعالى لم يحرّم شيئًا من الأشياء سوى نكاح الإماء لواجد الطّول إلى الحرّة، فأحلّ ما حرّم من ذلك عند غلبته المحرّم عليه له لقضاء لذّةٍ. فإن كان ذلك إجماعًا من الجميع فيما عدا نكاح الإماء لواجد الطّول،.
فتأويل الآية إذ كان الأمر على ما وصفنا: ومن لم يجد منكم سعةً من مالٍ لنكاح الحرائر فلينكح ممّا ملكت أيمانكم.
وأصل الطّول: الإفضال، يقال منه: طال عليه يطول طولاً في الإفضال، وطال يطول طولاً في الطّول الّذي هو خلاف القصر

اعراب طولا
- يصح في إعرابه أن يكون مفعولا بالاستطاعة، وأن ينكح في موضع نصب بدل من قوله طولًا أو في موضع نصب بتقدير لأن ينكح، وفي هذا نظر،
- ويصح أن يكون طولًا نصبا على المصدر، والعامل فيه الاستطاعة لأنها بمعنى يتقارب، وأن ينكح على هذا مفعول بالاستطاعة أو بالمصدر، تقول: طال الرجل طولا بفتح الطاء إذا تفضل ووجد واتسع عرفه، وطولًا بضم الطاء في ضد القصر ،ابن عطية

معنى المحصنات في اللغة وفي القرآن
قال ابن عطية : والتحصن: التمنع، يقال حصن المكان: إذا امتنع، ومنه الحصن، وحصنت المرأة: امتنعت بوجه من وجوه الامتناع، وأحصنت نفسها، وأحصنها غيرها
والإحصان تستعمله العرب في أربعة أشياء، وعلى ذلك تصرفت اللفظة في كتاب الله عز وجل:
- فتستعمله في الزواج، لأن ملك الزوجة منعة وحفظ
- ويستعملون الإحصان في الحرية لأن الإماء كان عرفهن في الجاهلية الزنا، والحرة بخلاف ذلك، ألا ترى إلى قول هند بنت عتبة للنبي عليه السلام، حين بايعته، وهل تزني الحرة؟ فالحرية منعة وحفظ
- ويستعملون الإحصان في الإسلام لأنه حافظ، ومنه قول النبي عليه السلام "الإيمان قيد الفتك"
-ويستعملون الإحصان في العفة، لأنه إذا ارتبط بها إنسان وظهرت على شخص ما وتخلق بها، فهي منعة وحفظ، وحيثما وقعت اللفظة في القرآن فلا تجدها تخرج عن هذه المعاني، لكنها قد تقوى فيها بعض هذه المعاني دون بعض، بحسب موضع وموضع

المراد ب{المحصنات }
اختلف في المراد بالمحصنات على أقوال :
-الأول:الحرائر المؤمنات وهو قول ابن عباس ومجاهد ولازم قول السدى وسعيد بن جبير وابن زيد والحسن
قول ابن عباس:رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة
وقول مجاهد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح
وقول سعيد بن جبير رواه ابن جرير من طريق هشيم عن أبي بشر عنه
وقول ابن زيد:رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه
وقول الحسن رواه ابن جرير من طريق سفيان عن هشام الدستوائى عن عامر الأحول عنه
وأما السدى فقوله {أما فتياتكم فإماؤكم}وليس بصريح في ذكر الحرائر وإنما قد يفهم ضمنا من القول وهذا القول المستخرج عنه رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه وفيه نظر بل قد روى عنه غير ذلك كما سيأتى
قال ابن عطية :المحصنات في هذا الموضع الحرائر، يدل على ذلك التقسيم بينهن وبين الإماء،أى المقابلة ورجحه ابن كثير ايضا
قال ابن عاشور: ومعنى أن ينكح المحصنات أي ينكح النساء الحرائر أبكارا أو ثيبات، دل عليه قوله: فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات

- الثانى :المحصنات :العفائف
وهو قول السدي رواه ابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عنه
ودليل هذا القول كما ذكر ابن المنذر قوله تعالى {ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها }
قال ابن عاشور: والمحصنات هنا وصف خرج مخرج الغالب، لأن المسلم لا يقصد إلا إلى نكاح امرأة عفيفة، قال تعالى: والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك [النور: 30] أي بحسب خلق الإسلام، وقد قيل: إن الإحصان يطلق على الحرية، وأن المراد بالمحصنات الحرائر، ولا داعي إليه، واللغة لا تساعد عليه.
وضعف هذا القول ابن عطية وقال : لأن الإماء يقعن تحته.
الراجح: الإختلاف في المراد بالمحصنات ربما مبنى على توجيه القراءة فيه فمن قرأ بفتح الصاد فالمعنى اللاتى أحصنهن أزواجهن أو حريتهن وإسلامهن ومن قرأ بالكسر فالمعنى اللاتى أحصن أنفسهن بالعفة ولما كان هذا الموضع لايناسب فيه معنى إلا معنى الحرية أو العفاف إذ يمتنع أن يراد به الالإحصان بالزوج أو الإسلام لقوله بعدها المؤمنات وكان المعنى دائرا بين الحرية والعفاف كان السياق أليق بالحرية من العفاف ويؤيد هذا قوله في مقابله{ فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات }فيفهم منه أن المراد بالمحصنات الحرائر ولايمنع ذلك كونهن عفيفات فهو لازم معنى الإحصان ولاينفك عنه ولاتضاد بين القولين ولكن الذي عليه أغلب السلف والمفسرين الحرائر

إعراب المؤمنات وما يترتب عليه
-و قال ابن عطية المؤمنات صفة،على قولين:
-أنها صفة غير مشترطة، وإنما جاءت لأنها مقصد النكاح، إذ الأمة مؤمنة، وهذا هو المذهب المالكي، نص عليه ابن الماجشون في الواضحة
فمن يقول في الرجل يجد طولا لحرة كتابية لا لمؤمنة: إنه يمتنع عن نكاح الإماء،ذكره ابن عطية

ومعنى هذا القول أن صفة الإيمان للمحصنات غير مقصودة لذاتها ولامشترطة بحيث يمتنع نكاح الحرائر غير المؤمنات لأن نكاح الكتابيات مشروع كما في سورة المائدة {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} وليس نكاحهن مشروطا بالعجز عن نكاح الحرائر المؤمنات بقاعدة قياس المساواة
كما أن نكاح الكتابية لايعرض الأولاد للرق كماهو الحال في نكاح الأمة فبذلك تعطل مفهوم {المحصنات المؤمنات}بالمخالفة وأن صفة الإيمان خرجت مخرج الغالب ،خلاصة ما ذكره ابن عاشور

-صفة مشترطة :ومن قال في الرجل لا يجد طولا إلا الكتابية: إنه يتزوج الأمة إن شاء، فصفة المؤمنات عنده في الآية مشترطة في إباحة نكاح الإماء، والمسألة مختلف فيها ،ذكره ابن عطية
قال ابن عاشور :وشذ بعض الشافعية، فاعتبروا رخصة نكاح الأمة المسلمة مشروطة بالعجز عن الحرة المسلمة، ولو مع القدرة على نكاح الكتابية، وكأن فائدة ذكر وصف المؤمنات هنا أن الشارع لم يكترث عند التشريع بذكر غير الغالب المعتبر عنده، فصار المؤمنات هنا كاللقب في نحو (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) .

[دلالة الصفة أمر زائد على معنى الإعراب، فالإعراب صفة في كلا الحالتين]
{وما} في قوله: فمن ما ملكت أيمانكم
يصح أن تكون مصدرية، تقديره: فمن ملك أيمانكم
ويصح أن يراد بها النوع المملوك، فهي واقعة عليه،ابن عطية


معنى {فتياتكم}
وإن كانت واقعة في اللغة على الشابة أيا كانت، فعرفها في الإماء، وفتى- كذلك،
أي: فتزوّجوا من الإماء المؤمنات اللّاتي يملكهنّ المؤمنون، ولهذا قال: {من فتياتكم المؤمنات} ابن عطية
قال ابن عبّاسٍ وغيره: فلينكح من إماء المؤمنين، رواه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة عنه وكذا قال السّدّيّ ومقاتل بن حيّان


دلالة المخاطبات بالكاف والميم عامة،
أي: منكم الناكحون ومنكم المالكون، لأن الرجل ينكح فتاة نفسه، وهذا التوسع في اللغة كثير، ابن عطية

اعراب المؤمنات وما يترتب عليه من أحكام وطء الأمة غير المسلمة

-إعراب {المؤمنات} صفة مشترطة كما ذكر ابن عطية وابن عاشور
قال ابن عاشور :ووصف المؤمنات عقب الفتيات مقصود للتقييد عند كافة السلف، وجمهور أيمة الفقه، لأن الأصل أن يكون له مفهوم، ولا دليل يدل على تعطيله، فلا يجوز عندهم نكاح أمة كتابية.
والحكمة في ذلك أن اجتماع الرق والكفر يباعد المرأة عن الحرمة في اعتبار المسلم، فيقل الوفاق بينهما، بخلاف أحد الوصفين. ويظهر أثر ذلك في الأبناء إذ يكونون أرقاء مع مشاهدة أحوال الدين المخالف فيمتد البون بينهم وبين أبيهم.
قال ابن عطية :والمؤمنات في هذا الموضع صفة مشترطة عند مالك وجمهور أصحابه، لأنهم يقولون:
- لا يجوز زواج أمة غير مسلمة بوجه .وهو القول الأول
قلت:وهو قول مجاهد وغيره فقول مجاهد رواه الطبري من طرق عن بن أبي نجيح عنه
وروى الطبري عن على بن سهل عن الوليد بن مسلم يحدث بالسماع عن أبي عمرٍو، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنسٍ وأبا بكر, ومالك بن عبد اللّه بن أبي مريم، يقولون: لا يحلّ لحرٍّ مسلمٍ ولا لعبدٍ مسلمٍ الأمة النّصرانيّة، لأنّ اللّه يقول {من فتياتكم المؤمنات}
قال ابن عبد البر: وعليه جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء، وما خالفه فهو شذوذ لا يعد خلافا، ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس،أضواء البيان
القول الثانى:
-وقال أبو حنيفة: موقع وصف المؤمنات هنا كموقعه مع قوله: المحصنات المؤمنات، فلم يشترط في نكاح الأمة كونها مؤمنة
-وقالت طائفة من أهل العلم منهم أصحاب الرأي: نكاح الأمة الكتابية جائز، وقوله المؤمنات على جهة الوجه الفاضل،والندب والإرشاد
واحتجوا بالقياس على الحرائر، وذلك أنه لما لم يمنع قوله المؤمنات في الحرائر من نكاح الكتابيات الحرائر، فكذلك لا يمنع قوله المؤمنات في الإماء من نكاح الكتابيات الإماء، وقال أشهب في المدونة: جائز للعبد المسلم أن يتزوج أمة كتابية
وقال ابن عبد البر معللا قول أبي حنيفة ومن وافقه أنه لا يعتبر المفهوم
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فالمنع عنده أن يفضل الزوج في الحرية والدين معا
وقال سالم بن عطية في أضواء البيان : قال ابن القيم في «زاد المعاد» ما نصه: ودل هذا القضاء النبوي على جواز وطء الإماء الوثنيات بملك اليمين، فإن سبايا أوطاس لم يكن كتابيات، ولم يشترط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وطئهن إسلامهن، ولم يجعل المانع منه إلا الاستبراء فقط، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع مع أنهم حديثو عهد بالإسلام ويخفى عليهم حكم هذه المسألة وحصول الإسلام من جميع السبايا، وكن عدة آلاف بحيث لم يتخلف منهن عن الإسلام جارية واحدة مما يعلم أنه في غاية البعد، فإنهن لم يكرهن على الإسلام، ولم يكن لهن من البصيرة والرغبة والمحبة في الإسلام ما يقتضي مبادرتهن إليه جميعا، فمقتضى السنة وعمل الصحابة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعده جواز وطء المملوكات على أي دين كن، وهذا مذهب طاوس وغيره، وقواه صاحب «المغني» فيه ورجح أدلته، وبالله التوفيق. اهـ كلام ابن القيم
[يمكنكِ الرجوع لكلام ابن القيم من أصل كتبه]
-الثانى :المنع على الندب والإرشاد لا على التحريم وهو قول مغيرة رواه ابن جرير من طريق جرير عن منصور عنه وهو قول أبي حنيفة وأصحابه
حجتهم :{ أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم}
ومعنى قوله: {فتياتكم المؤمنات} غير المشركات من عبدة الأوثان
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: هو دلالةٌ على تحريم نكاح إماء أهل الكتاب فإنّهنّ لا يحللن إلاّ بملك اليمين؛ وذلك أنّ اللّه جلّ ثناؤه أحلّ نكاح الإماء بشروطٍ، فما لم تجتمع الشّروط الّتي سمّاهن فيهنّ، فغير جائزٍ لمسلمٍ نكاحهنّ.
فإن قال قائلٌ: فإنّ الآية الّتي في المائدة تدلّ على إباحتهنّ بالنّكاح؟
قيل: إنّ الّتي في المائدة قد أبان أنّ حكمها في خاصٍّ من محصناتهم، وأنّها معنيّ بها حرائرهم دون إمائهم، قوله {من فتياتكم المؤمنات:
} وليست إحدى الآيتين دافعا حكمها حكم الأخرى، بل إحداهما مبيّنةٌ حكم الأخرى، وإنّما تكون إحداهما دافعةٌ حكم الأخرى لو لم يكن جائزًا اجتماع حكميهما على صحّة، فأمّا وهما جائزٌ اجتماع حكميهما على الصّحّة، فغير جائزٍ أن يحكم لإحداهما بأنّها دافعةٌ حكم الأخرى إلاّ بحجّة التّسليم لها من خبرٍ أو قياسٍ، ولا خبر بذلك ولا قياس، والآية محتملةٌ ما قلنا: والمحصنات من حرائر الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم دون إمائهم


الإعراب في قوله {واللّه أعلم بإيمانكم } والمعنى المترتب عليه:
-قالت طائفة: هو رفع على الابتداء والخبر، والمقصد بهذا الكلام أي إنكم أيها الناس سواء بنو الحرائر وبنو الإماء، أكرمكم عند الله أتقاكم، فهذه توطئة لنفوس العرب التي كانت تستهجن ولد الأمة، فلما جاء الشرع بجواز نكاحها، أعلموا مع ذلك أن ذلك التهجين لا معنى له.،ابن عطية

-وقيل: هو رفع بفعل تقديره: فلينكح مما ملكت «أيمانكم بعضكم من بعض»أي فلينكح هذا فتاة هذا فيكون المعنى لينكح هذا المقتّر الّذي لا يجد طولاً لحرّةٍ من هذا الموسر فتاته المؤمنة الّتي قد أبدت الإيمان فأظهرته وكلوا سرائرهنّ إلى اللّه،ذكره الطبري وتعقبه ابن عطية وقال هو قول ضعيف

قلت :والذي أرى والله أعلم بالصواب أن لقول ابن جرير وجه وهو أنه لما ذكر الزواج من الإماء ووصفهن بالإيمان وعقب ذلك الوصف بعلمه تعالى ببواطن الأمور وحقيقة إيمان كل عبد كأنه أكد على النكاح من إماء المسلمين لا من غيرهم لأن ابن جرير لايرى جواز نكاح الأمة غير المؤمنة فماهى إذن فائدة تأويله بعضكم من بعض على هذا القول خاصة وأنه يبدو في ظاهره بعيدا جدا.إلا أن المعنى الأول أقرب للمراد والله أعلم

فيكون معنى الآية :أن الله عليم ببواطن الأمور ولكم ظواهرها، فإذا كانت الفتاة ظاهرها الإيمان فنكاحها صحيح، وعلم باطنها إلى الله، وإنما هذا لئلا يستريب متحير بإيمان بعض الإماء، كالقريبة عهد بالسباء، أو كالخرساء وما أشبهه. ابن عطية
والمعنى : فلينكح من لم يستطع منكم طولاً لحرّةٍ من فتياتكم المؤمنات، لينكح هذا المقتّر الّذي لا يجد طولاً لحرّةٍ من هذا الموسر فتاته المؤمنة الّتي قد أبدت الإيمان فأظهرته وكلوا سرائرهنّ إلى اللّه، فإنّ علم ذلك إلى اللّه دونكم، واللّه أعلم بسرائركم وسرائرهنّ،ذكره الطبري


دلالة قوله تعالى {والله أعلم بإيمانكم}

قال ابن عاشور :اعتراض جمع معاني شتى،:
-أنه أمر، وقيد للأمر في قوله تعالى: ومن لم يستطع منكم طولا إلخ وقد تحول الشهوة والعجلة دون تحقيق شروط الله تعالى، فأحالهم على إيمانهم المطلع عليه ربهم.
-ومن تلك المعاني أنه تعالى أمر بنكاح الإماء عند العجز عن الحرائر، وكانوا في الجاهلية لا يرضون بنكاح الأمة وجعلها حليلة، ولكن يقضون منهن شهواتهم بالبغاء، فأراد الله إكرام الإماء المؤمنات، جزاء على إيمانهن، وإشعارا بأن وحدة الإيمان قربت الأحرار من العبيد، فلما شرع ذلك كله ذيله بقوله: والله أعلم بإيمانكم، أي بقوته.
-وأيضا لما كان الإيمان، هو الذي رفع المؤمنين عند الله درجات كان إيمان الإماء مقنعا للأحرار بترك الاستنكاف عن تزوجهن .
-وفي اللفظ أيضا تنبيه على أنه ربما كان إيمان أمة أفضل من إيمان بعض من الحرائر، أي: فلا تعجبوا بمعنى الحرية، ابن عطية

متعلق قوله تعالى {بعضكم من بعض}
-قيل في الحسب :كلكم ولد آدم
-وقيل في الدين :أي دينكم واحد ذكر ههنا المؤمنات من العبيد،الزجاج.


دلالة قوله بعضكم من بعض
وإنما قيل لهم ذلك لأن العرب في الجاهلية كانت تطعن في الأنساب، وتفخر بالأحساب وتعير بالهجنة، كانوا يسمّون ابن الأمة الهجين، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن أمر العبيد وغيرهم مستوفى الإيمان، الزجاج

الحكمة من كراهية التزوج بالأمة
وإنما كره التزوج بالأمة إذا وجد إلى الحرّة سبيل، لأن ولد الحر من الأمة يصيرون رقيقا،
ولأن الأمة مستخدمة ممتهنة تكثر عشرة الرجال، وذلك شاق على الزوج، فلذلك كره تزوج الحر بالأمة. الزجاج


الدلالة على كيفية نكاح الأمة من قوله تعالى {فانكحوهن بإذن أهلهن}
-شرط الإذن ورضا الولى لئلا يكون سرا وزنى، ولأن نكاحهن دون ذلك اعتداء على حقوق أهل الإماء.ابن عاشور
-دلّ على أنّ السّيّد هو وليّ أمته لا تزوّج إلّا بإذنه، وكذلك هو وليّ عبده، ليس لعبده أن يتزوّج إلّا بإذنه، كما جاء في الحديث: "أيّما عبدٍ تزوّج بغير إذن مواليه فهو عاهر" أي زان.
-فإن كان مالك الأمة امرأةٌ زوّجها من يزوّج المرأة بإذنها؛ لما جاء في الحديث: "لا تزوّج المرأة [المرأة، ولا المرأة نفسها] فإنّ الزّانية هي الّتي تزوّج نفسها ،ابن كثير
- والآية دليل على ولاية السيد لأمته، وأنه إذا نكحت الأمة بدون إذن السيد فالنكاح مفسوخ، ولو أجازه سيدها ،ابن عاشور


المراد بالأهل في قوله {بإذن أهلهنّ} وعلة التسمية بذلك

-قال ابن عاشور: الأهل هنا بمعنى السادة المالكين، وهو إطلاق شائع على سادة العبيد في كلام الإسلام.
- وأحسب أنه من مصطلحات القرآن (يعنى إطلاق الأهل على السادة المالكين للعبيد) تلطفا بالعبيد

المراد بالأجور في قوله: وآتوهنّ أجورهنّ
يعني أعطوهن مهورهن، وهو الصداق قاله ابن زيد وغيره، كما روى ابن جرير من طريق ابن وهب عنه


{وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف}
المراد ب{المعروف}

قال ابن عطية : بالشرع والسنة، قال ابن جرير : على ما تراضيتم به ممّا أحلّ اللّه لكم وأباحه لكم أن تجعلوه مهورًا لهنّ وقال ابن كثير أي: عن طيب نفسٍ منكم، ولا تبخسوا منه شيئًا استهانةً بهنّ؛ لكونهنّ إماءً مملوكاتٍ
قال ابن عطية :وهذا يقتضي أنهن أحق بمهورهن من السادة، وهو مذهب مالك قال في كتاب الرهون: ليس للسيد أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز..
والمعنى أنه ليس لسيدها أن يأخذ مهرها إلا أن يبوئها أى يجعل سكناها وزوجها عنده ،أو يجهزها هو ، مختصر ما ذكره ابن عاشور



-إعراب محصنات وما يترتب عليه من معنى

محصنات وما بعده حال
- الإحصان هنا :الظاهر أنه بمعنى عفيفات إذ غير ذلك من وجوه الإحصان بعيد إلا مسلمات فإنه يقرب والعامل في الحال{ فانكحوهنّ} ابن عطية واختاره ابن جرير
-الإحصان: التزويج الصحيح فهى حال مقدرة أي ليصرن محصنات ،ذكره ابن عاشور

الراجح :عفيفات إذ روى ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {محصنات غير مسافحات } يعنى تنكحوهن عفائف غير زوان في سر ولا علانية وروى ابن جرير عن السدي من طريق أسباط قوله عفائف
وقال ابن كثير :أي: عفائف عن الزّنا لا يتعاطينه؛ ولهذا قال: {غير مسافحاتٍ} ابن كثير

الفرق في معنى «المسافحات» ومتخذات الأخدان :

قال ابن عبّاسٍ: المسافحات،" هنّ الزّواني المعالنات "يعني الزّواني اللّاتي لا يمنعن أحدًا أرادهنّ بالفاحشة. ذكره ابن كثير ولم أقف عليه بهذا اللفظ ولكن رواه ابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة بلفظ غير زوان في السر والعلانية ورواه ابن جرير من طريق العوفيين الضعفاء بلفظ المعالنات بالزنا
وهو قول قتادة والضحاك وابن زيد والسدي وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق سعيد عنه وقول الضحاك رواه ابن جرير بصيغة التضعيف من طريق عبيد بن سليمان عنه وقول السدى رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه وقول ابن زيد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه

«ومتخذات الأخدان»:
هن المتسترات اللواتي يصحبن واحدا واحدا ويزنين خفية وهذان كانا نوعين في زنا الجاهلية
وأيضا فهو تقسيم عقلي لا يعطي الوجود إلا أن تكون الزانية إما لا ترد لامس وإما أن تختص من تقتصر عليه،ابن عطية

فالمسافحات المعالنات بالزنا ومتخذات الاخدان التى تتخذ خليلا تختص به وهذا قول قتادة والشعبي وابن زيد والضحاك والسدي كما روى ابن جرير
و روي عن أبي هريرة، ومجاهدٍ والشّعبيّ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، ويحيى بن أبي كثيرٍ، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ، قالوا: أخلّاء. وقال الحسن البصريّ: يعني: الصّديق. ، كما ذكر ابن أبي حاتم عنهم بصيغة التضعيف عدا الحسن
وقال الضّحّاك أيضًا: {ولا متّخذات أخدانٍ} ذات الخليل الواحد المقرّة به، نهى اللّه عن ذلك، يعني عن تزويجها ما دامت كذلك رواه ابن أبى حاتم من طريق عبيد بن سلمان



المراد بالإحصان في قوله {فإذا أحصن}
-اختلف المتأولون فيما هو الإحصان هنا على قولين كلاهما مبنى على القراءة :

القول الأول :أن القراءتين بمعنى واحد أى قراءة الفتح أو قراءة الضم كل واحدة منهما تحتمل معنيين:
أحدهما: أنّ المراد بالإحصان هاهنا الإسلام. روي ذلك عن عبد اللّه بن مسعودٍ رواه عنه علقمة وإبراهيم وهو قول السدى والشعبي والقاسم
أما ماروى عن ابن مسعود :فقد روى ابن جرير من طريق أبي معشر عن إبراهيم أن ابن مسعود قال إسلامها إحصانها ،ولم يسمع إبراهيم من ابن مسعود ففيه انقطاع
ورواه ابن جرير موصولا من طرق عن حماد عن إبراهيم أن معقل بن مقرن سأل ابن مسعود .. بألفاظ متقاربة ورواه من طريق أشعث عن الشعبي عن ابن مسعود
وروى ابن جرير من طريق هشيم عن مغيرة عن إبراهيم من قوله {إذا أسلمن}
وروى ابن جرير من طرق عن الشعبي من قوله وروى من طريق أسباط عن السدي وروى عن القاسم وسالم من طريق اسرائيل عن جابر عنهما
وروى نحوه الزّهريّ عن عمر بن الخطّاب،قال (جلد عمر رضي اللّه عنه ولائد أبكارًا من ولائد الأمارة في الزّنى )وهو منقطعٌ.
قال ابن كثير : وإنّما قلنا [ذلك] استدلالًا بالسّنّة وإجماع أكثر أهل العلم
.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ في ذلك حديثًا مرفوعًا، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن الجنيد، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه الدشتكى حدّثنا أبي، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن رجلٍ، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى عليه وسلّم: {فإذا أحصنّ} قال: "إحصانها إسلامها وقال عليٌّ: اجلدوهن و قال المراد به هاهنا التّزويج،.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ: وهو حديثٌ منكرٌ.
قال ابن كثير : وفي إسناده ضعفٌ، ومنهم من لم يسمّ، و مثله لا تقوم به حجّةٌ

الثاني: المراد به هاهنا: التّزويج. وهو قول ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة وغيرهم.
فقول ابن عباس: رواه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة ورواه عنه عكرمة من طرق ورواه عن ابن عباس أيضا الشعبي من طريق أبي الزناد
وقول سعيد بن جبير: رواه ابن جرير من طريق عمرو بن مرة ، وقول الحسن: رواه ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة عنه ورواه بن جرير من طريق سعيد عن قتادة
وقول مجاهد: رواه ابن جرير من طريق ليث بن أبي سليم عنه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحرّ، وإحصان العبد أن ينكح الحرّة وروى ابن أبي حاتم بنحوه عن الشعبي والنخعي بحذف الإسناد

القول الثانى :أن القراءتين متباينتان ولكل واحدة منهما معنى متوجه
- فمن قرأ {أحصنّ} بضمّ الهمزة، فمراده التّزويج، ومن قرأ "أحصنّ" بفتحها، فمراده الإسلام ،ذكره ابن كثير
اختاره الإمام أبو جعفر ابن جريرٍ في تفسيره، وقرّره ونصره

الترجيح:
-قال ابن كثير : أنّ المراد بالإحصان هاهنا التّزويج؛ لأنّ سياق الآية يدلّ عليه، حيث يقول سبحانه وتعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم} واللّه أعلم. والآية الكريمة سياقها كلّها في الفتيات المؤمنات، فتعيّن أنّ المراد بقوله: {فإذا أحصنّ} أي: تزوّجن، كما فسّره ابن عبّاسٍ ومن تبعه
-أما ابن جرير : فيرى أن المراد بقوله فإذا أحصن أي فإذا أسلمن على الراجح عنده و علة ذلك الترجيح عنده أن كل أمة زنت وجب عليها الحد متزوجة كانت أو غير متزوجة مسلمة كانت أو غير مسلمة وعلى هذا فإن صرف معنى الإحصان في قوله {فإذا أحصن }للتزويج غير مناسب للواقع وهو وجوب إقامة حد الزنا على الإماء وأن تأويل الإحصان بالتزويج يفهم منه أن الأمة إذا زنت قبل أن تتزوج فإنها لاتحد وهذا خلاف المتفق عليه وأما حديث أبي هريرة وزيد بن خالد المتفق عليه والذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمة إذا زنت قبل أن تحصن ؟قال اجلدها ....الحديث فقد قال إن قولهم قبل أن تحصن ليس بالضرورة أن يكون مرادا منه التزوج وذلك أن الإحصان يكون على معنيين الإسلام والتزوج وليس واحد منهما بدافع معنى الآخر ولا أقوى منه حجة فيكون كلا المعنيين مرادا على السواء ولذا فإن تفسير قوله تعالى {فإذا أحصن }أي فإذا أسلمن موافق لهذا المعنى
وقال : ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، فإذا هنّ آمنّ فإن أتين بفاحشةٍ، فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب، فيكون الخبر مبتدأ عمّا يجب عليهنّ من الحدّ إذا أتين بفاحشةٍ بعد إيمانهنّ بعد البيان عمّا لا يجوز لناكحهنّ من المؤمنين من نكاحهنّ وعمّن يجوز نكاحه له منهنّ .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الحديث والسؤال من الصحابة يقتضي أنهم فهموا من القرآن أن معنى أحصنّ تزوجن، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يقتضي تقرير المعنى ومن أراد أن يضعف قول من قال: إنه الإسلام بأن الصفة لهن بالإيمان قد تقدمت وتقررت فذلك غير لازم، لأنه جائز أن يقطع في الكلام ويزيد، فإذا كن على هذه الحالة المتقدمة من الإيمان فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ، وذلك سائغ صحيح، والفاحشة هنا: الزنى بقرينة إلزام الحد، والمحصنات في هذه الآية الحرائر، إذ هي الصفة المشروطة في الحد الكامل، والرجم لا يتنصف، فلم يرد في الآية بإجماع
والإشكال في هذه المسألة قائم :فمن قال الإحصان التزويج فيلزم من مفهوم الآية ان غير المتزوجة من الإناء إذا زنت لاتحد وهو مخالف للسنة
وإن قيل المراد بالإحصان الإسلام فهم من ذلك أن الحد عليها عموما على النصف من حد الحرائر واختلفوا في ذلك
وبيان المسألة يتضح عند تحرير مسألة حد الزنا على الأمة .

.

-حد الأمة إذا زنت :
قال مكى بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه :
الإجماع على أن الأمة لاتجلد أكثر من خمسين جلدة محصنة كانت أو غير محصنة واختلفوا على جلدها قبل الإحصان

قال ابن كثير : إذا زنت أقوالٌ
: أحدها:
أنها تجلد خمسين قبل الإحصان وبعده، وهل تنفى؟ فيه ثلاثة أقوالٍ :
أحدها أنّها تنفى عنه والثّاني: لا تنفى عنه مطلقًا. وهو قول عليٍّ وفقهاء المدينة والثّالث: أنّها تنفى نصف سنةٍ وهو نفي نصف الحرّة.
وهذا الخلاف في مذهب الشّافعيّ، وأمّا أبو حنيفة فعنده أنّ النّفي تعزيرٌ ليس من تمام الحدّ، وإنّما هو رأي الإمام، إن شاء فعله وإن شاء تركه في حقّ الرّجال والنّساء، وعند مالكٍ أنّ النّفي إنّما هو على الرّجال، وأمّا النّساء فلا ؛ لأنّ ذلك مضادٌّ لصيانتهنّ،
-وما ورد شيءٌ من النّفي في الرّجال ولا في النّساء نعم حديث عبادة وحديث أبي هريرة :أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عامٍ وبإقامة الحدّ عليه، رواه البخاريّ، و كلّ ذلك مخصوصٌ بالمعنى، وهو أنّ المقصود من النّفي الصّون وذلك مفقودٌ في نفي النّساء واللّه أعلم

حجة هذا القول : وقد وردت أحاديث عامّةٌ في إقامة الحدّ على مفهوم الآية، فمن ذلك ما رواه مسلمٌ في صحيحه، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، أنّه خطب فقال: يا أيّها النّاس، أقيموا على أرقّائكم الحدّ من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإنّ أمةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زنت فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديثة عهدٍ بنفاسٍ، فخشيت إن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: "أحسنت، اتركها حتّى تماثل ".
وعند عبد اللّه بن أحمد، عن غير أبيه: "فإذا تعالت من نفسها حدّها خمسينى الإماء، فقدّمناها
.
والثّاني: أنّ الأمة إذا زنت تجلد خمسين بعد الإحصان، وتضرب قبله تأديبًا غير محدودٍ بعددٍ محصورٍ، كما رواه ابن جريرٍ عن سعيد بن جبيرٍ: أنّها لا تضرب قبل الإحصان، وإن أراد نفيه فيكون مذهبًا بالتّأويل وإلّا فهو كالقول الثّاني

القول الثالث: أنّها تجلد قبل الإحصان مائةً وبعده خمسين، كما هو المشهور عن داود

والقول الرابع [هو] أضعف الأقوال: أنّها تجلد قبل الإحصان خمسين وترجم بعده، وهو قول أبي ثورٍ، وهو ضعيفٌ أيضًا واللّه سبحانه وتعالى أعلم

وقال ابن كثير: إلا أن الحد واجب على الأمة المسلمة بالسنة، وهي الحديث الصحيح في مسلم والبخاري، أنه قيل: يا رسول الله، الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ فأوجب عليها الحد. قال الزهري:
فالمتزوجة محدودة بالقرآن والمسلمة غير المتزوجة محدودة بالحديث.
قال ابن كثير: وعلى كلٍّ من القولين إشكالٌ على مذهب الجمهور؛ وذلك أنّهم يقولون: إنّ الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدةً، سواءٌ كانت مسلمةً أو كافرةً، مزوّجةً أو بكرًا، مع أنّ مفهوم الآية يقتضي أنّه لا حدّ على غير المحصنة ممّن زنا من الإماء، وقد اختلفت أجوبتهم عن ذلك:

فأمّا الجمهور فقالوا: عموم جلد الأمة خمسين مسلمة أو كافرة مزوجة أو بكرا ،
العلة :لا شكّ أنّ المنطوق مقدّمٌ على المفهوم.
دليلهم :
-عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها، ثمّ إن زنت الثّانية فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها، ثمّ إن زنت الثالثة فتبين زناها، فليبعها ولو بحبل من شعر" ولمسلمٍ إذا زنت ثلاثًا فليبعها في الرّابعة".
-وقال مالكٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سليمان بن يسار، عن عبد اللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة المخزوميّ قال: أمرني عمر بن الخطّاب في فتيةٍ من قريشٍ، فجلدنا من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزّنا
.
القول الثانى : جواب من ذهب إلى أنّ الأمة إذا زنت ولم تحصن فلا حدّ عليها، وإنّما تضرب تأديبًا،
وهو المحكيّ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه، وإليه ذهب طاوسٌ، وسعيد بن جبير، وأبو عبيد القاسم بن سلّامٍ، وداود بن عليٍّ الظّاهريّ في روايةٍ عنه.

دليلهم : 1-وعمدتهم مفهوم الآية وهو من مفاهيم الشّرط، وهو حجّةٌ عند أكثرهم فهو مقدّمٌ على العموم عندهم.
2-وحديث أبي هريرة وزيد بن خالدٍ، رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال: "إن زنت فحدّوها ثمّ إنّ زنت فاجلدوها ثمّ بيعوها ولو بضفيرٍ" قال ابن شهابٍ: لا أدري أبعد الثّالثة أو الرّابعة.
أخرجاه في الصّحيحين وعند مسلمٍ: قال ابن شهابٍ: الضّفير الحبل.
قالوا: فلم يؤقّت في هذا الحديث عددٌ كما وقّت في المحصنة بنصف ما على المحصنات من العذاب، فوجب الجمع بين الآية والحديث بذلك واللّه أعلم.
3-وأصرح من ذلك ما رواه سعيد بن منصورٍ، عن سفيان، عن مسعرٍ، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس على أمةٍ حدٌّ حتّى تحصن -أو حتّى تزوّج-فإذا أحصنت بزوجٍ فعليها نصف ما على المحصنات".

اعتراض :وقد رواه ابن خزيمة، عن عبد اللّه بن عمران العابديّ عن سفيان به مرفوعًا. وقال: رفعه خطأٌ، إنّما هو من قول ابن عبّاسٍ، وكذا رواه البيهقيّ من حديث عبد اللّه بن عمران، وقال مثل ما قاله ابن خزيمة.
قالوا: وحديث عليٍّ وعمر [رضي اللّه عنهما] قضايا أعيانٍ،
وحديث أبي هريرة الذي استدل به الجمهور :
عنه أجوبةٌ:
أحدها: أنّ ذلك محمولٌ على الأمة المزوّجة جمعًا بينه وبين هذا الحديث.
الثّاني: أنّ لفظ الحدّ في قوله: فليجلدها الحدّ، لفظٌ مقحمٌ من بعض الرّواة، بدليل الجواب الثّالث وهو:
أنّ هذا من حديث صحابيّين وذلك من رواية أبي هريرة فقط، وما كان عن اثنين فهو أولى بالتّقدّم من رواية واحدٍ، وأيضًا فقد رواه النّسائيّ بإسنادٍ على شرط مسلمٍ، من حديث عبّاد بن تميمٍ، عن عمّه -وكان قد شهد بدرًا-أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا زنت الأمة فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فبيعوها ولو بضفيرٍ".
الرّابع: أنّه لا يبعد أنّ بعض الرّواة أطلق لفظ الحدّ في الحديث على الجلد؛ لأنّه لمّا كان الجلد اعتقد أنّه حدٌّ، أو أنّه أطلق لفظة الحدّ على التّأديب، كما أطلق الحدّ على ضرب من زنى من المرضى بعثكال نخلٍ فيه مائة شمراخٍ، وعلى جلد من زنى بأمة امرأته إذا أذنت له فيها مائةً، وإنّما ذلك تعزيرٌ وتأديبٌ عند من يراه كالإمام أحمد وغيره من السّلف. وإنّما الحدّ الحقيقيّ هو جلد البكر مائةً، ورجم الثّيّب أو اللّائط، واللّه أعلم.
وقد روى ابن جريرٍ في تفسيره: حدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة؛ أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ يقول: لا تضرب الأمة إذا زنت ما لم تتزوّج.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ عنه، ومذهبٌ غريبٌ إن أراد أنّها لا تضرب أصلًا لا حدًّا، وكأنّه أخذ بمفهوم الآية ولم يبلغه الحديث، وإن كان أراد أنّها لا تضرب حدًّا، ولا ينفي ضربها تأديبًا، فهو كقول ابن عبّاسٍ ومن تبعه في ذلك، واللّه أعلم.
توجيه القول الثّالث: أنّ الآية دلّت على أنّ الأمة المحصنة تحدّ نصف حدّ الحرّة، فأمّا قبل الإحصان فعمومات الكتاب والسّنّة شاملةٌ لها في جلدها مائةً، كقوله تعالى {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} [النّور:2] وكحديث عبادة بن الصّامت: "خذوا عنّي، خذوا عنّي، قد جعل اللّه لهنّ سبيلا البكر بالبكر جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، والثّيّب جلد مائةٍ ورجمها بالحجارة" والحديث في صحيح مسلمٍ وغير ذلك من الأحاديث.
وهذا القول هو المشهور عن داود بن عليٍّ الظّاهريّ، وهو في غاية الضّعف

علة الضعف : لأنّ اللّه تعالى إذا كان أمر بجلد المحصنة من الإماء بنصف ما على الحرّة من العذاب وهو خمسون جلدةً، فكيف يكون حكمها قبل الإحصان أشدّ منه بعد الإحصان. وقاعدة الشّريعة في ذلك عكس ما قال،
وهذا الشّارع عليه السّلام يسأله أصحابه عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: "اجلدوها" ولم يقل مائةً، فلو كان حكمها كما قال داود لوجب بيان ذلك لهم؛ لأنّهم إنّما سألوا عن ذلك لعدم بيان حكم جلد المائة بعد الإحصان في الإماء، وإلّا فما الفائدة في قولهم: "ولم تحصن" لعدم الفرق بينهما لو لم تكن الآية نزلت، لكن لمّا علموا حكم أحد الحكمين سألوا عن حكم الحال الآخر، فبيّنه لهم.
كما ثبت في الصّحيحين أنّهم لمّا سألوه عن الصّلاة عليه، فذكرها لهم ثمّ قال: "والسّلام ما قد علمتم" وفي لفظٍ: لمّا أنزل اللّه قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا} [الأحزاب:56] قالوا: هذا السّلام عليك قد عرّفناه، فكيف الصّلاة عليك؟ وذكر الحديث، وهكذا هذا السّؤال
.
توجيه القول الرّابع -عن مفهوم الآية-: جواب أبي ثورٍ، فإنّ من مذهبه ما هو أغرب من قول داود من وجوهٍ، ذلك أنّه يقول فإذا أحصن فإنّ عليهنّ نصف ما على المحصنات المزوّجات وهو الرّجم، وهو لا يتناصف فيجب أن ترجم الأمّة المحصنة إذا زنت، وأمّا قبل الإحصان فيجب جلدها خمسين.
اعتراض : فأخطأ في فهم الآية وخالف الجمهور في الحكم،
بل قد قال أبو عبد اللّه الشّافعيّ، رحمه اللّه: ولم يختلف المسلمون في أن لا رجم على مملوكٍ في الزّنا؛ وذلك لأنّ الآية دلّت على أنّ عليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب، والألف واللّام في المحصنات للعهد، وهنّ المحصنات المذكورات في أوّل الآية: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات} والمراد بهنّ الحرائر فقط، من غير تعرّضٍ لتزويج غيره، وقوله: {نصف ما على المحصنات من العذاب} يدلّ على أنّ المراد من العذاب الّذي يمكن تنصيفه وهو الجلد لا الرّجم، واللّه أعلم.
ثمّ قد روى الإمام أحمد [حديثًا] نصا في ردّ مذهب أبي ثورٍ من رواية الحسن بن سعدٍ عن أبيه أنّ صفيّة كانت قد زنت برجلٍ من الحمس، فولدت غلامًا، فادّعاه الزّاني، فاختصما إلى عثمان [بن عفّان] فرفعهما إلى عليّ بن أبي طالبٍ، فقال عليٌّ: أقضي فيهما بقضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" وجلدهما خمسين خمسين الشاهد هنا أنها كانت محصنة أى مزوجة وجلدها ولم يرجمها
.
وقيل: بل المراد من المفهوم التّنبيه بالأعلى على الأدنى، أي: أنّ الإماء على النّصف من الحرائر في الحدّ وإن كنّ محصناتٍ، وليس عليهنّ رجمٌ أصلًا لا قبل النّكاح ولا بعده، وإنّما عليهنّ الجلد في الحالتين بالسّنّة. قال ذلك صاحب الإفصاح عن الشّافعيّ، فيما رواه ابن عبد الحكم، عنه. وقد ذكره البيهقيّ في كتاب السّنن والآثار، وهو بعيدٌ عن لفظ الآية؛ لأنّا إنّما استفدنا تنصيف الحدّ من الآية لا من سواها، فكيف يفهم منها التّنصيف فيما عداها،
وقال البيهقي: بل أريد بأنّها في حال الإحصان لا يقيم الحدّ عليها إلّا الإمام، ولا يجوز لسيّدها إقامة الحدّ عليها والحالة هذه -وهو قولٌ في مذهب الإمام أحمد رحمه اللّه-فأمّا قبل الإحصان فله ذلك، والحدّ في كلا الموضعين نصف حدّ الحرّة.
وهذا أيضًا بعيدٌ؛ لأنّه ليس في لفظ الآية ما يدل عليه.
ولولا هذه لم ندر ما حكم الإمام في التّنصيف، ولوجب دخولهنّ في عموم الآية في تكميل الحدّ مائةً أو رجمهنّ، كما أثبت في الدّليل عليه، وقد تقدّم عن عليٍّ أنّه قال: أيّها النّاس أقيموا على أرقّائكم الحدّ من أحصن منهم ومن لم يحصن، وعموم الأحاديث المتقدّمة ليس فيها تفصيلٌ بين المزوّجة وغيرها، لحديث أبي هريرة الّذي احتجّ به الجمهور: "إذا زنت أمة أحدكم فتبيّن زناها فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها
فليس فيها أن سيدها لايحلدها بل الإمام
".
مرجع اسم الإشارة {ذلك لمن خشي العنت}

هذا الّذي أبحت أيّها النّاس من نكاح فتياتكم المؤمنات ،الطبري
أي: إنّما يباح نكاح الإماء بالشّروط المتقدّمة لمن خاف على نفسه الوقوع في الزّنا، وشقّ عليه الصّبر عن الجماع، وعنت بسبب ذلك كلّه، فحينئذٍ يتزوّج الأمة

المراد بالعنت:

العنت في اللغة المشقة ،ذكره ابن عطية
-القول الأول :الزنا وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والضحاك وعطية فقول ابن عباس رواه الطبري من طريق على بن أبي طلحة وقول مجاهد رواه الطبري من طريق ليث عنه وقول سعيد بن جبير رواه الطبري من طرق عن أبي بشر وقول الضحاك رواه الطبري من طريق جويبر عنه وقول عطية رواه الطبري من طرق عن فضيل عنه
- القول الثانى :العقوبة التى تعنته وهى الحد،ذكره الطبري
-وقيل: الإثم ،ذكره ابن عطية

والراجح : قال ابن جريرذلك لمن خاف منكم ضررًا في دينه وبدنه.

-وذلك أنّ العنت هو ما ضرّ الرّجل، يقال منه: قد عنت فلانٌ فهو يعنت عنتًا: إذا أتى ما يضرّه في دينٍ أو دنيا، ومنه قول اللّه تبارك وتعالى عنتّم
ويقال: قد أعنتني فلانٌ فهو يعنتني: إذا نالني بمضرّةٍ؛ وقد قيل: العنت: الهلاك.
-فالّذين وجّهوا تأويل ذلك إلى الزّنا قالوا: الزّنا ضررٌ في الدّين، وهو من العنت.
-والّذين وجّهوه إلى الإثم، قالوا: الآثام كلّها ضررٌ في الدّين وهي من العنت.
-والّذين وجّهوه إلى العقوبة الّتي تعنته في بدنه من الحدّ،:فإنّهم قالوا: الحدّ مضرّةٌ على بدن المحدود في دنياه، وهو من العنت.
وقد عمّ اللّه بقوله: {لمن خشي العنت منكم}
جميع معاني العنت، ويجمع جميع ذلك الزّنا لأنّه يوجب العقوبة على صاحبه في الدّنيا بما يعنت بدنه، ويكتسب به إثمًا ومضرّةً في دينه ودنياه. وقد اتّفق أهل التّأويل الّذي هم أهله، على أنّ ذلك معناه. فهو وإن كان في عينه لذّةٌ وقضاء شهوةٍ فإنّه بأدائه إلى العنت منسوبٍ إليه موصوفٌ به إذ كان للعنت سببًا
-قال ابن عطية : والآية تحتمل ذلك كله، وكل ما يعنت عاجلا وآجلا

شروط نكاح الأمة
لمن خشي العنت، ولم يجد طولاً لحرّة. فبهذين الشّرطين أرخص للمؤمن الحرّ في نكاح الإماء بيّن الله جلّ ذكره أنّ الإباحة المتقدمة إنما هي
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس في الآية ما يلزم منه تحليل الأمة لحر دون الشرطين،

وفي إباحة نكاح المؤمن المملوكة، وهو يجد الطّول للحرة اختلاف إذا خشى العنت:
-القول الأول :المنع
وقال مالك في المدونة: ليست الحرة بطول تمنع من نكاح الأمة إذا لم يجد سعة لأخرى وخاف العنت، وقال في كتاب محمد: ما يقتضي أن الحرة بمثابة الطول، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: وهو ظاهر القرآن، وروي نحو هذا عن ابن حبيب، وقاله أبو حنيفة: فمقتضى هذا أن من عنده حرة فلا يجوز له نكاح أمة، وإن عدم السعة وخاف العنت، لأنه طالب شهوة وعنده امرأة، وقال به الطبري واحتج له
وقال ابن عاشور معقبا على هذا الرأي:وهو تضييق لا يناسب يسر الإسلام على أن الحاجة إلى امرأة ثانية قد لا يكون لشهوة بل لحاجة لا تسدها امرأة واحدة، فتعين الرجوع إلى طلب التزوج،ووجود المقدرة.

قال ابن كثير :ومن هذه الآية الكريمة استدلّ جمهور العلماء في جواز نكاح الإماء، على أنّه لا بدّ من عدم الطّول لنكاح الحرائر ومن خوف العنت؛ لما في نكاحهنّ من مفسدة رقّ الأولاد، ولما فيهنّ من الدّناءة في العدول عن الحرائر إليهن.
-القول الثانى :الجواز
-وخالف الجمهور أبو حنيفة وأصحابه في اشتراط الأمرين، فقالوا: متى لم يكن الرّجل مزوّجًا بحرّة جاز له نكاح الأمة المؤمنة والكتابيّة أيضًا، سواءٌ كان واجدًا الطّول لحرّةٍ أم لا وسواءٌ خاف العنت أم لا وعمدتهم فيما ذهبوا إليه [عموم] قوله تعالى: {والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم} [المائدة: 5] أي: العفائف، وهو يعمّ الحرائر والإماء، وهذه الآية عامّةٌ، وهذه أيضًا ظاهرةٌ في الدّلالة على ما قاله الجمهور واللّه أعلم(ابن عطية)
وهذا القول مبناه على معنى الطول عندهم فعلى قولهم الطول وجود الحرة عنده فإن تحقق ذلك امتنع زواجه من الأمة

معنى {وأن تصبروا خير لكم}
إن ترك تزوّج الأمة وجاهد نفسه في الكفّ عن الزّنا، فهو خيرٌ له أي وصبركم خير لكم،ابن كثير

دلالة قوله {وأن تصبروا خير لكم}
وهذا ندب إلى الترك، وعلته ما يؤدي إليه نكاح الإماء من استرقاق الولد ومهنتهن،ابن عطية

وجه الخيرية في قوله {خير لكم }
لأنه إذا تزوجها جاء أولاده أرقّاء لسيّدها إلّا أن يكون الزّوج عربيًّا فلا تكون أولاده منها أرقّاء في قولٍ قديمٍ للشّافعيّ، ولهذا قال: {وأن تصبروا خيرٌ لكم}، ابن كثير

دلالة قوله {والله غفور رحيم}
واللّه غفورٌ لكم نكاح الإماء أن تنكحوهنّ على ما أحلّ لكم وأذن لكم به، وما سلف منكم في ذلك إن أصلحتم أمور أنفسكم فيما بينكم وبين اللّه، رحيمٌ بكم، إذ أذن لكم في نكاحهنّ عند الافتقار وعدم الطّول للحرّة ،ذكره الطبري


أحسنتِ، بارك الله فيكِ
وأحسب أنه لو لخصتِ كلام المفسرين بأسلوبك دون الاعتماد على نسخ نص كلامهم، سيكون أفضل لكِ، فتعبرين عن المعنى بألفاظ مختصرة
ربما يكون هذا أكثر مشقة عند التلخيص، لكنه الأفضل لأنه سيختصر عليكِ وقتًا كبيرًا عند مراجعة مادة تفسير هذه الآيات، أعني عند المذاكرة أو إرادة تحضير درس منها
التقويم: أ
وفقكِ الله وسددكِ

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 24 ذو القعدة 1441هـ/14-07-2020م, 08:16 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
تعديل وإضافة :
تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( ويتوب عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السَّجَاوَنْدِيُّ ، والأشموني .

مناسبة الآية :
الإشارة إلى ما سبق ذكره من آيات الميراث وأحوال النكاح الذي كان فيه البيان والهداية ، وهذا من خلاصة ما ذكره البقاعي .
مقصد الآية :
الإخبار والبيان عن الذي أحله وحرمه لنا من الشرائع ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وابن كثير.
[هذا كان مقصد الآيات السابقة، وفي هذه الآية المقصد: امتنان الله عز وجل على عباده، وبيان لما يرغبهم في التزام أوامره]
المسائل التفسيرية :
معنى الإرادة :
لغة : المشيئة ، ذكر ذلك الجوهري .
وهو العزم والقصد ، كما ذكر ابن عاشور .
[ابن عطية وابن عاشور ممن تأثروا بمذهب الأشاعرة لأنه كان الغالب على أهل بلادهم، والأشاعرة أثبتوا صفة الإرادة لله عز وجل لكن مع قراءتكِ لتفسير ابن عاشور مثلا، تجدين بعض التفاصيل التي قد تبدو معقدة لمن لم يفهم تفاصيل عقيدتهم في هذا الباب، والقول أنها العزم والقصد للتفريق بين الماضي والمستقبل.
والأولى عند إرادة تفصيل المسائل العقدية، الرجوع لكلام ابن تيمية في هذه الأبواب، وإلا الالتزام فقط بما ورد في تفاسير أهل السنة]

المراد بالإرادة في الآية :
الإرادة الشرعية ، ذكره ابن عاشور وغيره .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يريد ) :
تفيد التجدد والاستمرار ، ذكره ابن عاشور .
وذكر الزجاج أنها تفيد الاستقبال .

متعلق الفعل ( يريد ) :
فيه قولان :
القول الأول : أن متعلق الفعل هو التبيين ، وهو مذهب الكوفيين ، و ذكره أبو حيان.
وعلى هذا القول َاللَّامُ هِيَ النَّاصِبَةُ بِنَفْسِهَا لَا أَنْ مُضْمَرَةٌ بَعْدَهَا.
القول الثاني : أن متعلق الفعل محذوف ، وهو مذهب البصرين ، ذكره أبوحيان .
وقال ابو حيان : وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقُ الْإِرَادَةِ التَّبْيِينَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَعَدِّي الْفِعْلِ إِلَى مَفْعُولِهِ الْمُتَأَخِّرِ بِوَسَاطَةِ اللَّامِ.
الراجح : رجح أبو حيان القول الأول .

نوع اللام في قوله ( ليبين ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : أنها لام الجر ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأن لام الجر لا تدخل إلا على الأسماء .
القول الثاني : أنها لام زائدة ، ولها معنى لام التعليل ، وقول قول أبو البقاء وذكر ذلك النحاس والزمخشري وغيره . [في أي مصدر؟]
القول الثالث :أنها لام كي ، وهو قول الفراء وذكره ابن عطية . [قول الفراء أنها على معنى " أن " لأنه يرى التعاقب بين لام كي وأن، وقول الزجاج أنها لام لكي فهي للتعليل إذا، ولا يمكن أن تكون زائدة وللتعليل في آن واحد.]
وهذا القول ضعفه ابن عطية لأنه يلزمه تقدير أن ، لدخولها على الأسماء .
القول الرابع : اللام بمعنى أن ، وهو قول جماعة من أهل اللغة واختاره ابن جرير ، وضعفه الزجاج وابن عطية .
وهذا القول يعتبرون أن ( أن ) مصدرية ، و يحتجون بالنصوص الأخرى ، كقوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) وقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) .
[راجعي كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم لمحمد عبد الخالق عضيمة فقد أجمل في هذه المسألة]
الراجح:
أن القول الثاني والثالث ، محتملة ، وأما بقية الأقوال ففيها ضعف ، ورجح ابن عاشور أيضا القول الثاني ، وهو قول سيبويه أيضا ، وَمَفْعُولُ الْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهَا مَحْذُوفٌ يُقَدَّرُ بِالْقَرِينَةِ، أَيْ يُرِيدُ اللَّهُ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ لِيُبَيِّنَ.


الغرض من زيادة اللام في قوله ( ليبين ) :
للتأكيد على إرادةِ التَّبيينِ، وكذلك لتأكيدِ معنى الاستقبال اللَّازم للإرادة ، وهو حاصل ماذكره الزمخشري والبيضاوي. [احترزي من كلام الزمخشري فيما يتعلق بصفة الإرادة]

معنى يبين :
يوضح ، ذكره ابن منظور والسمعاني .

المراد بالبيان في الآية :
بيان الحلال والحرام ، ذكره ابن كثير .
[متعلق البيان أفضل]
معنى الهداية :
الارشاد والدلالة ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج و ابن عطية .
هنا في هذه الآية لا يراد بها إلا الارشاد بسبب القرينة هنا وهي قوله ( سنن ) أي الطرق ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .

معنى سنن :
لغة : طرق ، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير .
قال الراغب الأصفهاني : السنن: جمع السنة أي الطريقة المستقيمة.
وأصلها من سن الماء، وعنه استُعير من سن السيف
لما كان يشبه عند صقله بالماء.

المراد بالسنن في الآية :
الطرائق الحميدة ، والشرائع التي يحبها الله ويرضاه ، ذكره ابن كثير ,

المراد بقوله ( من قبلكم ) :
المؤمنون جميعا من الأنبياء والذين اتبعوهم من قبل ،وهو حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية .

أوجه التماثل في هدايتنا مع الأمم السابقة :
ذكر ابن عطية وجهان :
الوجه الأول : من جهة مخطابتنا في القصص أمرا ونهيا كخطابهم في القصص ، وشرع لنا كما شرع لهم ، وإن اختلفت الأحكام .
الوجه الثاني : في السمع والطاعة فسمعنا وأطعنا كما سمعوا وأطاعوا .

نوع الواو في قوله ( ويتوب ) :
واو عطف ذكره النحاس وغيره .

معنى التوبة :
هي رجوعه به عن المعاصي إلى الطاعات ، ذكره ابن عطية .

المراد بالتوبة :
من الإثم والمحارم ، ذكره ابن كثير .
[لا معنى للتفريق بين هذه المسألة والتي قبلها - بحسب ما ذكرتِ من تحرير تحتها -
فلغة التوبة هي الرجوع، وشرعًا الرجوع من المعصية للطاعة ومن الشرك للتوحيد ومن المحارم للحلال وهكذا ..]
معنى ( عليم ) :
بموضع السنن و المصالح وبالشرائع ، ذكره ابن عطية .
[متعلق العلم]
معنى (حكيم ):
مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان ، ذكره ابن عطية .

دلالة استعمال صيغة ( عليم ) ( حكيم ) :
للدلالة على المبالغة والكمال ، وهو حاصل ما ذكره أبو السعود .

مناسبة ختم الآية بقوله ( عليم حكيم ) :
ذكر ابن عطية مناسبتها ببداية الآية فقال :
عليمٌ هنا بحسب ما تقدم من سنن الشرائع وموضع المصالح وحكيمٌ أي مصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان .

تفسير قوله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)}
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( عليكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .
الوقف في قوله ( عظيما ) :
تام ، ذكره الأشموني .

القراءات:
القراءة في قوله ( ميلا ) :
القراءة الأولى :
«ميلا» بسكون الياء، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على أنها ميلا من الميل في اللغة .
القراءة الثانية :
«ميلا» بفتح الياء، وهي قراءة الحسن بن أبي الحسن ، ذكره ابن عطية وغيره .
لم أجد هذه القراءة .
الصواب : هي القراءة الأولى وهي قراءة الجمهور لان القراءة الأخرى لم تثبت .

مناسبة الآية :
هذه الآية تقوي الإخبار الأول ، ذكره ابن عطية

مقصد الآية :
-الدلال على الطاعات التي يكون فيها مغفرة للذنوب ،وهو حاصل ماذكره الزجاج .
-والإخبار واظهار فساد إرادة متبعي الشهوات ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية .

سبب نزول الآية :
كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية، وهذا قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .

المسائل التفسيرية :
معنى الواو في قوله ( والله يريد ) :
واو استئنافية ، ذكره النحاس .

الغرض من تقديم إرادة الله :
قدمت إرادة الله توطئة ، مظهرة لفساد إرادة متبعي الشهوات ، ذكره ابن عطية .

الغرض من تكرار الإرادة :
تقوية للإخبار الأول ، وليس المقصد في هذه الآية إلا الإخبار عن إرادة الذين يتبعون الشهوات ،ذكره ابن عطية .
وذكر السمين الحلبي ضعف هذا القول، و بين عدم وجود تكرار في الاية ، لأن الإرادة الأولى متعلقها تختلف عن متعلق الإرادة الثانية .
فقال : لا تكرار في الآية؛ لأنَّ تعلُّقَ الإِرادة بالتوبة في الأولِ على جهة العِلَّيَّة، وفي الثاني على جهةِ المفعولية، فقد اختلف المتعلَّقان.

معنى ( التوبة ) :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بقوله ( أن يتوب عليكم) في هذه الآية :
أن يكون سببا للتوبة والمغفرة عن سالف الذنوب .

معنى يتبعون الشهوات :
يتغلب عليهم شهواتهم ، ذكر ذلك ابن عاشور .

معنى الشهوات :
في اللغة جمع شهوة ، وتطلق في اللغة على رغبات النفس وميلولها .
قال الفيومي في المصباح المنير : الشَّهْوَةُ اشْتِيَاقُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ وَالْجَمْعُ شَهَوَاتٌ وَاشْتَهَيْتُهُ فَهُوَ مُشْتَهًى وَشَيْءٌ شَهِيٌّ مِثْلُ لَذِيذٍ.
وقال ابن منظور : شَهِيَ الشيءَ وشَهاهُ يَشْهاهُ شَهْوَةً واشْتَهَاهُ وتَشَهَّاهُ: أَحَبَّه ورَغِب فِيهِ.

المراد بالشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :الزنا ، وهو قول ابن عباس و مجاهد .
وقول ابن عباس عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو [أبي] مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره [عبد الرحمن رواي كتب، والتفسير يعتقد أنه لآدم بن أبي إياس لأنه مذكور في جميع أسانيد الكتاب] من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على بعض معانيها اللغوية .فالشهوة هنا يقصد نوع من أنواع الشهوات المحرمة وهو الزنا .
[التوجيه من باب ضرب المثال، وهو مناسب لسياق الآيات]
القول الثاني : عموم أنواع الشهوات المذمومة ، وهو ما ذكره ابن جرير .

الراجح : عموم الشهوات المذمومة ، لعدم وجود مخصص في الآية ، ولوجود أل التعريف ، فيعم ، فيشمل الكل ، لقوله تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)، فذكرت الآيات أنواع الشهوات المباحة ، ولكن عندما قال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ، فهنا ذكر في صيغة الذم والوعيد فدل على أنه المقصود هو الشهوات المحرمة ، في الحديث الصحيح الذي وراه مسلم : (وحُفَّت النار بالشهوات) ، فهنا أيضا يقصد الشهوات المذمومة ؛ لأن الآية في سياق الذم ، فقال ( تميلوا ميلا عظيما ) ، أي أنه ليس بالميل العادي بل الميل العظيم عن القصد .

المراد بمتبعي الشهوات :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول : الزناة ، وهو قول ابن عباس ومجاهد .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/657) عن أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيها جهالة ، فلم يذكر من الرجل .
وهذا القول مبني على تخصيص ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات .
ووجه هذا القول أيضا أن الآيات السابقة تتكلم عن النكاح ، وهو الشهوة المباحة وذكر بعدها الشهوة المحرمة وهو الزنا فيكون على هذا أن متبعي الشهوات هم الزناة .
وأيضا هذا القول مبني على ذكر بعض أنواع متبعي الشهوات وهم الزناة .

الثاني : اليهود والنصارى ، وهو قول السدي .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/621)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به). [ويفرق بين ما كان من قوله وبين ما كان من روايته]
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد متبعي الشهوات . [نقول من باب ضرب المثال]
ووجه هذا القول أيضا وهو سياق الآيات التي بعد ذلك التي تكلمت عن أهل الكتاب ، ففي قوله تعالى : ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يَشْتَرُونَ الضلالة وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السبيل}، فكان هذا مبينا لما كان مجملا في أولها .

الثالث : اليهود خاصة ، وهو قول مقاتل بن حيان .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان .
وبكير بن معروف ثقة ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات .
وهذا القول مبني على سبب نزول هذه الآية ، حيث كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية.

الرابع : المجوس ، وهو قول ذكره البغوي وغيره .
وهذا القول مبني على ذكر بعض أفراد الذين يتبعون الشهوات، ومبني على سبب نزول الآية التي قيل فيها .
قال البغوي : كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرمهنّ اللَّه قالوا: فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة، والخالة والعمة عليكم حرام، فانكحوا بنات الأخ والأخت، فنزلت.
لم أجد هذا السبب في النزول في المجوس .

الخامس : كل متبع شهوة في دينه ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن ابن وهب عن ابن زيد .
ابن زيد ضعيف ، قال عنه الذهبي : لين ، وذكره ضعفه أيضا العقيلي في الضعفاء . [يفرق بين ما كان من قول المفسر، وما كان من روايته عن غيره]
وهذا القول مبني على عموم اللفظ بصيغة الجمع في قوله ( يتبعون ) ، فعم جميع الأفراد ،سواء يهود أو نصارى أو أهل الفسق .

الراجح : الراجح عموم جميع الأقوال دون تخصيص لعدم وجود مخصص لها لفرد دون آخر ، ورجح ها القول ابن جرير وغيره ، وأيضا في قوله ( الشهوات ) : أل التعريف تفيد العموم ، ولم يخصص نوع دون دون من الشهوات فيدل على العموم ، كما قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ، ومنه قوله تعالى : ( ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].
وبقية الأقوال كلها من قبيل الأمثلة على متبعي الشهوات .

دلالة إضافة الاتباع إلى الشهوات : [تعليق الاتباع بالشهوات]
اتباع الشهوات دليل على اتباعهم الشيطان ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثير .
ووجه هذا القول هو دلالة النصوص الأخرى التي تذكر عن أن اتباع الباطل هو اتباع للشيطان وخطواته ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ) ، وقوله تعالى : (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ) ، وقال أيضا : (أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يبَنِى ءادَمَ أَن لاَّ تَعبُدُوا الشَّيطَـانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوُّ مٌّبِينٌ وَأَنِ اعبُدُونِى هَـاذَا صِراطٌ مٌّستَقِيمٌ} [يس: 60، 61].


معنى الميل :
العدل عن القصد والحق إلى الباطل ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية .
معنى عظيما :
شديدا ، ذكره ابن جرير .

المراد بالميل العظيم :
اختلفوا في المراد على أقوال :
القول الأول : أن تكونوا مثلهم تزنون كما يزنون. ،وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جريرفي تفسيره (6/621) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/925) وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره من طرق عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ.
والحديث فيه جهالة لعدم ذكر الرجل .
ووجه هذا القول على من قال أن الشهوات هو الزنا فيكون الميل بالوقوع في الباطل بشكل شديد وهو الزنا .

القول الثاني : استحلال نكاح الأخوات ،وهو قول السدي ومقاتل بن حيان .
وأما قول السدي فأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن أسباطٌ، عن السّدّيّ.
والسدي منهم من وثقه ومنهم من ضعفه ،وثّقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب والمروذي، والجمهور على أنه صالح الحديث ، وفي التفسير هو من أهل المعرفة . قال العجلي: (ثقة عالم بالتفسير، راوية له)، قال النسائي في الكنى: (صالح)، وقال أبو زرعة: (ليّن)، وقال ابن عدي بعد أن عرض أقوال من وثّقه ومن ضعّفه: (وَهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به).
وأسباط بن نصر مختلف فيه، وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وروايته عن السدي في التفسير أكثرها من كتاب.
ولكن هذا الاسناد صحيح لغيره كما ذكر في النسخ التفسيرية .
وأما قول مقاتل بن حيان فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/926 ) عن عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ.
وهذا القول مبني على أن الآية نزلت في نكاح الأخوات .

القول الثالث ، ترك أمر الله وترك الدين ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/621) عن ابن وهب عن ابن زيد .
ابن زيد ضعيف ، قال عنه الذهبي : لين ، وذكره ضعفه أيضا العقيلي في الضعفاء .
وهذا القول مبني على معنى الميل في اللغة هو العدول عن القصد ، والعدل عن الصراط المستقيم بترك بأمر أمر الله أو بترك الدين كله .

الراجح :
أنها تشمل كل الأقوال ، فلا تعارض بينها ، فيمكن حمل الأقوال جميعها ، وأن الميل العظيم هو في أي أنواع المعاصي أو في كل المعاصي أو في ترك الدين كله ، ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ، وقوله تعالى : ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) ، وقوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ).

مناسبة ختم الآية بقوله ( ميلا عظيما ) :
للتخصيص ، فمن ترك الخيرات والعمل الصالح للكسل أسهل ممن تركه لضلالته ، وهذا خلاصة ما ذكره الراغب الأصفهاني .


تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}
الوقف :
الوقف في قوله ( أن يخفف عنكم ) :
وقف حسن ، ذكره السجاوندي والأشموني .

الوقف في قوله ( عنكم ) :
قولان :
الأول : كاف ، وذكره الأشموني .
ومبني على قراءة ضم الخاء .
الثاني : الوصل ، وذكره الأشموني .
وهذا مبني على قراءة فتح الخاء ( خلق ) ، لأن الكلام واحد .
الصواب أن القراءة الثانية لم تثبت .

الوقف في قوله ( ضعيفا ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .
تام للابتداء بياء النداء .

القراءات :
القراءة في قوله ( خلق الإنسان ) :
القول الأول : (خلق الإنسان ) قراءة الجمهور بالضم .
القول الثاني : قراءة الفتح : أي خلق الله الإنسان ، روي عن ابن عباس ، ذكره مكي وابن عطية وغيرهم .
لم أجد هذا الأثر عن ابن عباس .

مناسبة الآية :
تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك ، ذكره ابن عطية .

مقصد الآية :
بيان يسر الدين وتيسيره ، ذكره ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
الغرض من تكرار الإرادة :
للتأكيد ،وبسط التقرير ،ذكره النحاس .

المراد بالتخفيف : [متعلق التخفيف]
فيه قولان :
الأول : التيسير في نكاح الأمة ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وهذا القول مبني على الآيات السابقة التي تتكلم عن نكاح الأمة .

الثاني : التيسير في نكاح الأمة وفي كل أمر ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن المنذر في تفسيره (2/658) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)وعبد الرحمن الهمذاني في تفسيره (153) عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
وهو قول مبني على عموم الآية وعلى الايات السابقة ، فلم يذكر في هذه الآية نوع دون نوع فيدل على عموم ذلك .
الراجح :
الراجح هو القول الثاني لشمول يسر هذا الدين ، كقوله تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ، وقوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج }، ومن جهة أخرى نجد لفظ ( يخفف ) جاءت بصيغة المضارع فيدل على استمرارية التخفيف في شرائع الدين كلها .

متعلق الجار والمجرور في قوله : ( عنكم ) : [الجار والمجرور متعلق بالمفعل " يخفف " وما ذكره ابن كثير يدخل في معنى متعلق التخفيف يعني ماذا يخفف عنا؟]
في الشرائع والأوامر والنواهي وما يقدره لنا ، ذكره ابن كثير .

معنى خلق :
قولان :
الأول : بمعنى في أصل بنيته ونفسه ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
وهذا القول على أن خلق بالضم فعل لما لم يسم فاعله ، بمعنى : أي وخلق الله الإنسان ضعيفا.
الثاني : بمعنى جعل ، ذكره ابن عطية .
وهذا القول ذكر ابن عادل خطأه .
الراجح :
الراجح هو القول الأول لأن القول الثاني لم يصح في اللغة العربية أن خلق تأتي بمعنى جعل ، ولا تتعدى بمفعولين .
وقال أبو حيان : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، بَلِ الَّذِي ذَكَرَ النَّاسُ أَنَّ مِنْ أَقْسَامِ جَعَلَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى خَلَقَ، فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ )، أَمَّا الْعَكْسُ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْنَاهُ.

دلالة أل التعريف في قوله : ( الإنسان ) :
أل للجنس ، وتفيد الاستغراق ، وهو جميع جنس الإنسان ، وذكره أيوب جرجيس وغيره .

معنى الضعف :
ضد القوة ، ذكر ذلك ابن منظور وغيره من أهل اللغة .

المراد بالضعف :
فيه قولان :
القول الأول : الضعف العام ، في همته وعزيمته ونفسه ،فيستميله هواه وشهوته ، وهو حاصل قول مجاهد وطاوس ذكره البغوي وابن كثير .
ولم يصح نسبة الأقوال إلى مجاهد وطاووس .
وهذا القول مبني على أنه حال للإنسان عموما ، وأن الإنسان لفظ جنس عام .

القول الثاني : الضعف في النساء ، وهو قول طاوس بن كيسان .
وقول طاووس بن كيسان أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/154)والثوري في تفسيره و مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره وابن جرير في تفسيره (6/624) معمر عن ابن طاووس عن أبيه، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/624) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/926)من طرق عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه ، بألفاظ متقاربة .
ووجه هذا القول من جهة سياق الآيات السابقة التي تكلمت عن النكاح ، ثم في هذه الآية التخفيف فختمها في بيان سبب التخفيف وهو علمه سبحانه بضعفه في ترك النكاح فهو ضعيف في أمر النكاح ، وهو ضعف في بعض أمور هذا الإنسان .

القول الثالث : ضعف من جهة خلقه من ماء مهين ، وهو قول الحسن ، ذكره البغوي .
ووجه هذا القول من جهة كونه مجمل وجاء تفصيله في نص آخر من القرآن ، فقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الرُّومِ: 54]
الراجح :
أنه يشمل كل الأقوال ، لأن الإنسان هنا جاء معرف بأل ، ويشمل جنس الإنسان ، فيكون الكلام عاما على جنس الإنسان ، ويؤيد هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحه من طرق عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسِ بْنِ قُهْدٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ طَعَامًا فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَوَجَدَهُ حَارًّا فَقَالَ: "حَسِّ" وَقَالَ: "ابْنُ آدَمَ إِنَّ أَصَابَهُ بَرْدٌ, قَالَ: حَسِّ وَإِنَّ أَصَابَهُ حر) واللفظ لابن حبان ، وكلهم بنفس اللفظ مع زيادات .( صححه الألباني ) .
فالإنسان في نشأته وتكوينه ضعيف ، كما قال تعالى : ( هل على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا . إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) ، فبعد ضعفه وعدم قدرته جعل له السمع والأبصار ليبتليه ، ويشهد على ذلك أيضا قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)
وأما ضعفه في أمر النساء ، يشهد لذلك في قصة يوسف عليه السلام حينما راودت المرأة يوسف عليه السلام ،فعصمه الله وصرف عنه السوء والفحشاء ، فقال تعالى : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ . وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
وقد قال الله تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء ) ، فهذا دليل على أنه مجبول على هذا الضعف فلا يستطيع تركه .
وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.

الموضع الإعرابي لقوله تعالى : ( ضعيفا ) :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول :حال ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول على أن أنه حال من الإنسان وهي حال مؤكدة، أي لا يقوى على مغالبة الشهوات ومدافعة النفس الأمّارة بالسوء.

الثاني : نصب على أنه مفعول ثاني ، وهو قول ذكره ابن عطية .
وهذا القول باعتبار خلق بمعنى جعل وتتعدى لمفعولين .

الراجح : كلا القولين صحيحين عند ابن عطية ، غير أن ابن عادل يرى عدم صحة القول الثاني لأنه لم يرد عن أهل اللغة من ذكر أن خلق بمعنى جعل وتتعدى مفعولين .
فقال ابن عادل : وهذا الذي ذكره غريب لم نرهم نَصُّوا على أن خلق يكون ك «جعل» فيتعدى لاثنين مع حصرهم الأفعال المتعدية للاثنين، ورأيناها يقولون: إن «جَعَلَ» إذا كان بمعنى «خَلَقَ» تعدت لواحد.

مناسبة ختم الآية بقوله ( وخلق الإنسان ضعيفا ) :
لبيان علة التخفيف ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية وغيره .

مسألة عقدية :
نوع الإرادة في الآيات السابقة :
ارادة شرعية دينية ،وهو قول أهل السنة والجماعة ، وذكر ذلك الحكمي وغيره من أهل العلم .


التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وشكر لكِ جهدكِ ومثابرتكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir