دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 25 جمادى الأولى 1436هـ/15-03-2015م, 08:43 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله آل عثمان
أم عبد الله آل عثمان أم عبد الله آل عثمان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 424
افتراضي

تلخيص مقاصد مقدمة ابن عطية

المقصد الرئيس:
بيان فضل القرآن وآداب التعامل معه ، وفضل التفسير، وذكر مراتب المفسرين وأشهرهم، وجمع القرآن وترتيبه ونقطه وتشكيله وأسمائه وإعجازه ومعنى السورة والآية ، والأحرف السبع والقراءات السبع ، والمعرب وبيان المنهج الذي اتبعه في تفسيره

المقاصد الفرعية:(باللون البني في التلخيص)
- منهج ابن عطية
- باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به
- باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
- الأحرف السبعة والقراءات السبع
- باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
- باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق
- إعجاز القرآن
- باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
- باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية

__________________________________


- منهج ابن عطية:
- قصد فيه أن يكون جامعا وجيزا محررا .
- لايذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به .
-خلو تفسيره من إلحاد أهل القول بالرموز وأهل القول بعلم الباطن وغيرهم.
- متى وقع لأحد من العلماء الذين قد حازوا حسن الظن بهم لفظ ينحو إلى شيء من أغراض الملحدين نبهت عليه وسردت التفسير في هذا التعليق بحسب رتبة ألفاظ الآية من حكم أو نحو أو لغة أو معنى أو قراءة .
- قصد تتتبع الألفاظ حتى لا يقع طفر كما في كثير من كتب المفسرين .
- إورد جميع القراءات مستعملها وشاذها .
- اعتمد تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ كل ذلك بحسب جهدي وما انتهى إليه علمي وعلى غاية من الإيجاز وحذف فضول القول.
سبب كتابة ابن عطية للتفسير
لأن نكته وفوائده تغلب قوة الحفظ وتفدح وتسنح لمن يروم تقييدها في فكره وتبرح وأنها قد أخذت بحظها من الثقل فهي تتفصى من الصدر تفصي الإبل من العقل.
قال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [المزمل: 5].
قال المفسرون أي علم معانيه والعمل بها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قيدوا العلم بالكتاب)) ففزعت إلى تعليق ما يتخيل لي في المناظرة من علم التفسير وترتيب المعاني
باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به

- العاصم من الفتن:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم ،قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).
- وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).

- هو العروة الوثقى:
قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن
.
- علم الأولين والآخرين:

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).
ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم
.
- لا يخلق ولا يمل من كثرة الرد:
- قيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعر والخطب.
- وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم
} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3].
- متشابهًا مثاني فيه الاعتبار والعظة
قيل لمحمد بن سعيد: ما هذا الترديد للقصص في القرآن فقال ليكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار.
- أعظم شافع:
- قال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).
- وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه
.((
- أعظم مؤدب ، وهو أدب الله
قال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن
.
- عظيم أجر تلاوته ، فبكل حرفٍ حسنة، وهو أفضل الذكر والعبادة:
- قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).
وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن))0
- وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن
((.
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).
- وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن
.
- وقيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه
.
- شرف حملته:

- روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله
- وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).

- وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: (( من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه)).
- وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [فاطر: 32].
فقال سابقكم سابق ومقتصدكم ناج وظالمكم مغفور له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله))0
فضل تعليمه :

وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
نور وبركة ، وتنزل الملائكة لسماعه:

- قال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة.
وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة.
الداعي إلى الإيمان:
وقال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} [يونس: 58] قال: الإسلام والقرآن.
وصية النبي- صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده:

- قال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ((عليكم بالقرآن))
- وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل.
- وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.
- وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
الأدب مع القرآن:
1- تحسين الصوت به والتخشع عند تلاوته:

- روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى))
2- العمل به:

وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه))
- وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به
.
- وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به
.
3- الخشوع واالتدبر والبكاء عند تلاوته:

- يروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.
- وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما.
- وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار
.
- وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح.
باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
فضل علم التفسير :
- شرف العلم على قدر شرف المعلوم وهذا كتاب الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد الذي استقل بالسنة والفرض ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض
- هو العلم الذي جعل للشرع قواما واستعمل سائر المعارف خداما منه تأخذ مبادئها وبه تعتبر نواشئها فما وافقه منها نصع وما خالفه رفض ودفع فهو عنصرها النمير وسراجها الوهاج وقمرها المنير.
-أعظم العلوم تقريبا إلى الله تعالى وتخليصا للنيات ونهيا عن الباطل وحضا على الصالحات
- وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال الحكمة: الفهم في القرآن وقال قتادة الحكمة: القرآن والفقه فيه وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن.
- وذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197].
- وقال الشعبي رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.
- وقال إياس بن معاوية مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
- وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر.
- وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل.
- وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها0
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).
- وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها.
- وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.
- وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه.
باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين
ما جاء في بيان النبي-صلى الله عليه وسلم- للقرآن:
روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل
.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض.
التفسير بالرأي:
التفسير بالرأي المذموم:

يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول.
التفسير بالرأي المحمود:
مثل أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه
.
أحوال السلف في تفسير القرآن:

1:كان جلة من السلف كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم
2:وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عنهم
.
مراتب المفسرين:
أولأ: من الصحابة:

صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ويتلوه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما وهو تجرد للأمر وكمله وتتبعه وتبعه العلماء عليه كمجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقال ابن عباس ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب.
وكان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه.
وكان عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة.
وقال عنه علي بن أبي طالب: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، ويتلوه عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن عمرو بن العاص وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم
ثانيًا: من التابعين:
ومن المبرزين في التابعين: الحسن بن أبي الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعلقمة
.
قرأ مجاهد على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية ويتلوهم عكرمة والضحاك بن مزاحم وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير.
وأما السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر
من بعد التابعين:
حمل تفسير كتاب الله تعالى عدول كل خلف وألف الناس فيه كعبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم
.
ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد.
من المتأخرين:

ومن المبرزين في المتأخرين: أبو إسحاق الزجاج ، وأبو علي الفارسي فإن كلامهما منخول، وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما وعلى سننهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي رحمه الله متقن التأليف .
إعراب القرآن:
روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.
باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)
ما ورد من الآثار في الأحرف السبعة:
- ذكر القاضي أبو بكر أن أبيا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب))
- وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

- وقرأ:)إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) [المزمل: 6] فقيل له: إنما تقرأ: (أقوم قيلًا)، فقال أنس: أصوب وأقوم وأهيأ واحد.
ما هي الأحرف السبعة :
اختلف الناس فيها على أقوال:
1- أن تلك الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ، وكاللغات التي في أف، وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة ، وهذا قول ضعيف
.
2- أنها في الأمر الواحد لا يختلف في حلال ولا حرام.
دليل هذا القول: قال ابن شهاب في كتاب مسلم: ( بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام
.(
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وهذا كلام محتمل.
3- إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى، وهي: أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال.وهذا ضعيف
دليل هذا القول: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه))

علة هذا القول : قال القاضي أبو محمد فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها، وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة ومنه قول تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11] أي على وجه وطريقة هي ريب وشك فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق من تحليل وتحريم وغير ذلك. والإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة
4- أنها وجوه الاختلاف في القراءة ، وهي سبعة:
وهذا القول حكاه صاحب الدلائل عن بعض العلماء، وقد حكى نحوه القاضي أبو بكر بن الطيب قال: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة :
1: ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ
.
2: ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
3: ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و(ننشزها).
4: ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: (كالعهن المنفوش) [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش) .
5: ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود)
6: التقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).

7: الزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة) و (تسع وتسعون نعجة أنثى)
5- أن العدد سبعة ليس للحصر
6- أنها سبع لغات مختلفة متفرقة في القرآن ،ذكره أبوعبيد والقاضي أبو بكر
وقد ذكر بعضهم قبائل من العرب روما منهم أن يعينوا السبع التي يحسن أن تكون مراده عليه السلام نظروا في ذلك بحسب القطر ومن جاور منشأ النبي صلى الله عليه وسلم
.
علة هذا القول: أن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة، وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة
.ذكره القاضي أبو بكر
رد هذه العلة: قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: إطلاقه البطلان على القول الذي حكاه فيه نظر ، ونقول في الجملة إنما صح وترتب من جهة اختلاف لغات العرب الذين نزل القرآن بلسانهم وهو اختلاف ليس بشديد التباين حتى يجهل بعضهم ما عند بعض في الأكثر، وإنما هو أن قريشا استعملت في عباراتها شيئا واستعملت هذيل شيئا غيره في ذلك المعنى، وسعد بن بكر غيره والجميع كلامهم في الجملة ولغتهم.
واستدلال القاضي رضي الله عنه بأن لغة عمر وأبي وهشام وابن مسعود واحدة فيه نظر لأن ما استعملته قريش في عبارتها ومنهم عمر وهشام، وما استعملته الأنصار ومنهم أبي ، وما استعملته هذيل ومنهم ابن مسعود قد يختلف ومن ذلك النحو من الاختلاف هو الاختلاف في كتاب الله سبحانه فليست لغتهم واحدة في كل شيء وأيضا فلو كانت لغتهم واحدة بأن نفرضهم جميعا من قبيلة واحدة لما كان اختلافهم حجة على من قال: إن القرآن أنزل على سبع لغات لأن مناكرتهم لم تكن لأن المنكر سمع ما ليس في لغته فأنكره وإنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم وعساه قد أقرأه ما ليس من لغته واستعمال قبيلته.
فكأن القاضي رحمه الله إنما أبطل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد في قوله: ((على سبعة أحرف)) عد اللغات التي تختلف بجملتها وأن تكون سبعا متباينة لسبع قبائل تقرأ كل قبيلة القرآن كله بحرفها ولا تدخل عليها لغة غيرها بل قصد النبي عليه السلام عنده عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة لغة ومرة من جهة إعراب وغير ذلك ولا مرية أن هذه الوجوه والطرائق إنما اختلفت لاختلاف في العبارات بين الجملة التي نزل القرآن بلسانها وذلك يقال فيه اختلاف لغات.
وصحيح أن يقصد عليه السلام عد الأنحاء والوجوه التي اختلفت في القرآن بسبب اختلاف عبارات اللغات.
وصحيح أن يقصد عد الجماهير والرؤوس من الجملة التي نزل القرآن بلسانها وهي قبائل مضر فجعلها سبعة وهذا أكثر توسعة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن الأنحاء تبقى غير محصورة فعسى أن الملك أقرأه بأكثر من سبعة طرائق ووجوه.
فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: والشرط الذي يصح به هذا القول هو أن تروى عن النبي عليه السلام ومال كثير من أهل العلم كأبي عبيد وغيره إلى أن معنى الحديث المذكور أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل انبث فيه من كل لغة منها وهذا القول هو المتقرر من كلام القاضي رضي الله عنه
- وكذلك قول عثمان : "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش
".
فمعنى هذا إذا اختلفتم فيما روي وإلا فمحال أن يحيلهم على اختلاف من قبلهم لأنه وضع قرآن فكتبوا في القرآن من كل اللغات السبع مرة من هذه ومرة من هذه وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه واستمر الناس على هذا المصحف المتخير وترك ما خرج عنه مما كان كتب سدا للذريعة وتغليبا لمصلحة الألفة وهي المصاحف التي أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه أن تحرق أو تخرق.
الأحرف السبعة هل هي في كل كلمة من القرآن ؟
1- زعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وإلا بطل معنى الحديث
. نقله القاضي أبو بكر
قالوا: وتعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر به ولا نعرف بعضها إذا لم يأت به خبر.
2- قال قوم ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث. نقله القاضي أبو بكر
خلاصة الكلام في الأحرف السبعة:
فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) أي فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة.
ونقول في الجملة: إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله ليس بموجود في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلك فيها
.
ذكر القبائل التي نزل القرآن بلسانها:

أصل ذلك وقاعدته قريش ثم بنو سعد بن بكر، لأن النبي عليه السلام قرشي واسترضع في بني سعد ونشأ فيهم ثم ترعرع وعقت تمائمه وهو يخالط في اللسان كنانة وهذيلا وثقيفا وخزاعة وأسدا وضبة وألفافها، لقربهم من مكة وتكرارهم عليها ثم بعد هذه تميما وقيسا ومن انضاف إليهم وسط جزيرة العرب
سبب ورود القرآن بلغات هذه القبائل:
لأنها القبائل التي انتهت إليها الفصاحة وسلمت لغاتها من الدخيل ويسرها الله لذلك ليظهر آية نبيه بعجزها عن معارضة ما أنزل عليه، وسبب سلامتها أنها في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم فأما اليمن وهي جنوبي الجزيرة فأفسدت كلام عربه خلطة الحبشة والهنود على أن أبا عبيد القاسم بن سلام وأبا العباس المبرد قد ذكرا أن عرب اليمن من القبائل التي نزل القرآن بلسانها
.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وذلك عندي إنما هو فيما استعملته عرب الحجاز من لغة اليمن كالعرم والفتاح.
فأما ما انفردوا به كالزخيخ والقلوبي ونحوه فليس في كتاب الله منه شيء.
وأما ما والى العراق من جزيرة العرب وهي بلاد ربيعة وشرقي الجزيرة فأفسدت لغتها مخالطة الفرس والنبط ونصارى الحيرة وغير ذلك.
وأما الذي يلي الشام وهو شمالي الجزيرة وهي بلاد آل جفنة وابن الرافلة وغيرهم فأفسدها مخالطة الروم وكثير من بني إسرائيل.
وأما غربي الجزيرة فهي جبال تسكن بعضها هذيل وغيرهم وأكثرها غير معمور.
فبقيت القبائل المذكورة سليمة اللغات لم تكدر صفو كلامها أمة من العجم ويقوي هذا المنزع أنه لما اتسع نطاق الإسلام وداخلت الأمم العرب وتجرد أهل المصرين البصرة والكوفة لحفظ لسان العرب وكتب لغتها لم يأخذوا إلا عن هذه القبائل الوسيطة المذكورة ومن كان معها وتجنبوا اليمن والعراق والشام فلم يكتب عنهم حرف واحد وكذلك تجنبوا حواضر الحجاز مكة والمدينة والطائف لأن السبي والتجار من الأمم كثروا فيها فأفسدوا اللغة وكانت هذه الحواضر في مدة النبي صلى الله عليه وسلم سليمة لقلة المخالطة
بعض ما جاء من القرآن بغير لغة قريش:
1- (فاطر السماوات والأرض) :(فطر) معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قول تعالى: {فاطر السماوات والأرض} (فاطر: 1، الزمر 46).
2- (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) [الأعراف: 89]. قال ابن عباس: " ما كنت أدري معنى قوله حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي: أحاكمك
"
3- (أو يأخذهم على تخوف) [النحل: 47]، كان عمر بن الخطاب لا يفهم معناها فوقف به فتى فقال: "إن أبي يتخوفني حقي" ، فقال عمر: "الله أكبر {أو يأخذهم على تخوف} أي: على تنقص لهم"
.
نشأة القراءات السبعة:

ثم إن القراء في الأمصار تتبعوا ما روي لهم من اختلافات لاسيما فيما وافق خط المصحف فقرؤوا بذلك حسب اجتهاداتهم فلذلك ترتب أمر القراء السبعة وغيرهم
حكم الصلاة بالقراءات السبعة:
يصلى بها، لأنها ثبتت بالإجماع
.
حكم الصلاة بالقراءات الشاذة:

وأما شاذ القراءات فلا يصلى به ، وذلك لأنه لم يجمع الناس عليها
باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
جمع القرآن في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم:
كان القرآن في مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد وظرر وفي لخاف وفي خزف وغير ذلك
الجمع في عهد أبي بكر الصديق- رضي الله عنه:
لما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراءة كأبي وزيد وابن مسعود فيذهب فندبا إلى ذلك زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد منه رضي الله عنه
.
وروي أن في هذا الجمع سقطت الآية من آخر براءة حتى وجدها عند خزيمة بن ثابت وحكى الطبري أنه إنما سقطت له في الجمع الأخير والأول أصح وهو الذي حكى البخاري إلا أنه قال فيه مع أبي خزيمة الأنصاري وقال إن في الجمع الثاني فقد زيد آية من سورة الأحزاب: {من المؤمنين رجال} [الأحزاب: 33] فوجدها مع خزيمة بن ثابت وبقيت الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب بعده ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان وانتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة كمصحف ابن مسعود وما كتب عن الصحابة بالشام ومصحف أبي وغير ذلك وكان في ذلك اختلاف حسب السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها.
جمع عثمان:
سبب الجمع:

ما ذكر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وذلك أنهم لما اجتمعوا في غزوة أرمينية فقرأت كل طائفة بما روي لها فاختلفوا وتنازعوا حتى قال بعضهم لبعض: أنا كافر بما تقرأ به فأشفق حذيفة مما رأى منهم فلما قدم حذيفة المدينة فيما ذكر البخاري وغيره دخل إلى عثمان بن عفان قبل أن يدخل بيته فقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك قال: فيماذا؟ قال: في كتاب الله إني حضرت هذه الغزوة وجمعت ناسا من العراق ومن الشام ومن الحجاز فوصف له ما تقدم وقال: إني أخشى عليهم أن يختلفوا في كتابهم كما اختلفت اليهود والنصارى قال عثمان رضي الله عنه: أفعل
المكلفون بالجمع:
أمر زيد بن ثابت بجمعه وقرن بزيد فيما ذكر البخاري ثلاثة من قريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير وكذلك ذكر الترمذي وغيرهما
.
وقال الطبري فيما روي إنه قرن بزيد أبان بن سعيد بن العاصي وحده وهذا ضعيف.
وقال الطبري أيضا إن الصحف التي كانت عند حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير
وروي أن عثمان رضي الله عنه قال لهم
: إذا اختلفتم في شيء فاجعلوه بلغة قريش فاختلفوا في التابوه والتابوت، قرأه زيد بن ثابت بالهاء والقرشيون بالتاء فأثبته بالتاء وكتب المصحف على ما هو عليه غابر الدهر ونسخ عثمان منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق وتروى بالحاء غير منقوطة وتروى بالخاء على معنى ثم تدفن، ورواية الحاء غير منقوطة أحسن.
ترتيب القرآن:
ترتيب الآيات في السور:
ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة ، ذكره مكي بن أبي طالب
وظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام وكان في السور ما لم يرتب.
ترتيب السور في المصحف:

ترتيب السور اليوم هو من تلقاء زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه في ذلك ، قاله القاضي أبو بكر بن الطيب ، وقد ذكر ذلك مكي رحمه الله في تفسير سورة براءة .
شكل المصحف ونقطه:
أول من أمر بنقط المصحف:
أ: قيل أنه عبد الملك بن مروان أمر به وعمله، فتجرد لذلك الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزيبه
أول من نقط المصحف :

1: قيل :الحسن ويحيى بن يعمر بأمر من الحجاج
2: أبو الأسود الدؤلي، أسنده الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد

3: نصر بن عاصم ، وكان يقال له: نصر الحروف. ذكره الجاحظ في كتاب الأمصار
ب: قيل أن أول من أمر بنقطه زياد بن أبي سفيان ، وأمر بذلك أبا الأسود ، ذكره أبو الفرج
وضع الأعشار:
قيل أن المأمون العباسي أمر بذلك وقيل بل الحجاج .

باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق
اختلف الناس في وجود المعرب في القرآن على أقوال:
1: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة، قاله أبو عبيدة وغيره
2:أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد
. ذهب إليه الطبري وغيره.
3- توجد ألفاظ أعجمية في الأصل ، لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه ، قاله ابن عطية
فالقرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر، غير أنه كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وبرحلتي قريش وكسفر مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس إلى الشام، وسفر عمر بن الخطاب وكسفر عمرو بن العاصي، وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة، وكسفر الأعشى إلى الحيرة وصحبته لنصاراها مع كونه حجة في اللغة فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره .
أمثلة على ما قيل إنه معرب في القرآن، ومعناه:
1: (إن ناشئة الليل)
قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل
2: ( يؤتكم كفلين من رحمته)
قال أبو موسى الأشعري كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة
3: (فرت من قسورة)
قال ابن عباس : (القسورة :الأسد بلغة الحبشة )

إعجاز القرآن
اختلف الناس في إعجاز القرآن بم هو على أقوال:
1: إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها

2: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
علة هذين القولين: أن هذين القولين إنما يرى العجز فيهما من قد تقررت الشريعة ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم في نفسه، والتحدي خوطب به قوم كفار
3: أن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه، وهذا هو القول الذي عليه الجمهور والحذاق وهو الصحيح في نفسه
وجه قوة هذا القول: أن التحدي خوطب به الكفار (وإن كنتم في ريبِ مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ) ، ومن كان في ظلمة كفره فإنما يتحدى فيما يبين له بينه وبين نفسه عجزه عنه وأن البشر لا يأتي بمثله ويتحقق مجيئه من قبل المتحدي وكفار العرب لم يمكنهم قط أن ينكروا أن رصف القرآن ونظمه وفصاحته متلقى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم

فإذا تحديت إلى ذلك وعجزت فيه علم كل فصيح ضرورة أن هذا نبي يأتي بما ليس في قدرة البشر الإتيان به إلا أن يخص الله تعالى من يشاء من عباده
وجه إعجاز القرآن:
- ووجه إعجازه أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول ومعلوم ضرورة أن بشرا لم يكن قط محيطا
فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة وبهذا النظر يبطل قول من قال إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه.
والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يصنع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا ثم تعطى لآخر نظيره فيأخذها بقريحة جامة فيبدل فيها وينقح ثم لا تزال كذلك فيها مواضع للنظر والبدل كتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد.
وصورة قيام الحجة بالقرآن على العرب أنه لما جاء محمد صلى الله عليه وسلم به وقال: {فأتوا بسورة من مثله} (البقرة: 23) قال: كل فصيح في نفسه وما بال هذا الكلام حتى لا آتي بمثله فلما تأمله وتدبره ميز منه ما ميز الوليد بن المغيرة حين قال: والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون وعرف كل فصيح بينه وبين نفسه أنه لا يقدر بشر على مثله فصح عنده أنه من عند الله تعالى،فمنهم من آمن وأذعن ومنهم من حسد كأبي جهل وغيره
وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة
باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
هل يجوز إسناد في حكاية التفسير إسناد أفعال لله نحو: خاطب، حكى مما لم يرد إسنادها بتوقيف في الشرع؟
1- جواز ذلك ، لأن القصد إلى إيجاز العبارة قد يسوق المتكلم في التفسير إلى أن يقول: خاطب الله بهذه الآية المؤمنين، وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: {قصيه}، ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: {ألست بربكم} [الأعراف: 172] ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع
.
وجه هذا القول: أن هذه الطريقة استعملها المفسرون والمحدثون والفقهاء واستعملها أبو المعالي في الإرشاد
2- عدم جواز ذلك، ذكره بعض الأصوليين فقالوا :" لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه"
استعمال الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في سياق الكلام :

وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس .
وقد استعملت العرب أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على مجاز كلامها
- فمن ذلك قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا).

-وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.
- ومن ذلك قولهم الله يدري كذا وكذا، والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك.
-وقد أنشد بعض البغداديين: (الرجز)
لا همَّ إن كنت الذي بعهدي = ولم تغيرك الأمور بعدي
- وقد قال العجاج: فارتاح ربي وأراد رحمتي
- وقال الآخر: قد يصبح الله إمام الساري
- وقال الآخر:
يا فقعسى لم أكلته لمه = لو خافك الله عليه حرمه
- وقال أوس:
أبني لبينى لا أحبكم = وجد الإله بكم كما أجد
- وقال الآخر:
وإن الله ذاق عقول تيم = فلما راء خفتها قلاها
- ومن هذا الاستعمال الذي يبنى الباب عليه قول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه وقال: خذها وأنا ابن العرقة.
باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
أسماء القرآن:
1: القرآن
فالقرآن مصدر:
1: إما من قرأ بمعنى تلا
قرأ الرجل إذا تلا، يقرأ قرآنا وقراءة وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا ،
ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه
: [البسيط]
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: قراءة
وهذا القول أقوى

2: وإما من قرأ بمعنى جمع
قال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا، وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17]: أي تأليفه.
وهذا نحو قول الشاعر عمرو بن كلثوم
: [الوافي]
ذراعي بكرة أدماء بكر = هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها
2: الكتاب
الكتاب مصدر من كتب إذا جمع ، ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها
.
3:الفرقان
الفرقان مصدر، لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا

4: الذكر
سبب التسمية:

1: لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم
2:وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء
3:وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.

معنى السورة:
1: عند من ينطقها (سؤرة): (و هم تميم كلها وغيرهم)
البقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: (المتقارب)

فبانت وقد أسأرت في الفؤاد = صدعا على نأيها مستطيرا
أي: أبقت فيه.
2- عند من ينطقها (سورة) ( وهم قريش كلها ، ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة)
-1
فمنهم من يراها ينفس معنى (سؤرة) وهو البقية من الشيء إلا أنها سهلت همزتها
2- ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة ، قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن
.
3- بمعنى الرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ، ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل]
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن الرتبة انبنت حتى كملت
.
معنى الآية:

1: العلامة ، ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا)
فلما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها سميت آية
2: وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام، كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا
3:وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية
وزن كلمة آية وأصلها:

ووزن آية عند سيبويه فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية.
وقال الكسائي أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.
وقال مكي في تعليل هذا الوجه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة وقيل: أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة {وكأين من نبي} [آل عمران: 146].
وقال بعض الكوفيين أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبةأم, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir