دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثالث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الثاني 1443هـ/1-12-2021م, 12:43 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي

تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي
الدرس (هنا)
- مجلس مناقشة دروس دورة أساليب التفسير.

تنبيه:
- الآيات موضوع التطبيق تكون من الأجزاء الثلاثة الأخيرة.
وفقكم الله وسددكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 ربيع الثاني 1443هـ/4-12-2021م, 09:19 PM
جوري المؤذن جوري المؤذن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 215
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله -تعالى- :" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً * و يمددكم بأموال و بنين و يجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهاراً " .


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي لا يُحمد سواه ، له الشكر و الثناء الحسن ، و الصلاة والسلام على خير البرية محمد بن عبدالله -عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم .
أما بعد ،،

إن من أعظم ما يذكر المسلم به ربه في كل وقت وحين هو الاستغفار ؛ و ذلك لأن الإنسان أحوج ما يكون إلى غفران الذنوب و ستر الخطايا ، فهو عرضة للتقصير في أي وقت و لو تأملت أن بعد التسليم من كل صلاة يستغفر المسلم ثلاث مرات ؛ جبراً لأي تقصير حدث في الصلاة ، هذا وهو انتهى من أداء عبادة فكيف و هو في باقي الأوقات و الأحوال ؟! فالاستغفار عقب الصلاة يجعل الاستغفار في باقي الأحوال آكد و أظهر .
عند قولك : ( أستغفر الله ) استشعر معناها و تذكر أن معنى هذه الجملة أنك تطلب من الله -تعالى- أن يستر ذنبك و لا يعاقبك عليه ، و تحرص في طلبك على إخلاص النية لله -تعالى- ، فكما تحب أن يستر الله عليك في الدنيا ، فإنه -برحمته و بفضله- يستر عليك في الآخرة فلا تُفضح أمام ملأ الخلق .

الأمر بالاستغفار:
جاء الأمر بالاستغفار في آيات عديدة ، فقال -تعالى- :" و استغفروا الله إن الله غفور رحيم " ، حتى أن الأمر لحق الأنبياء ؛ و في ذلك دلالة على أهمية و عِظم هذا الذكر الجليل ، فقال -تعالى- لنبيه محمد -عليه الصلاة والسلام- :" إن وعد الله حق و استغفر لذنبك " . كما ذُكر في مواضع عدة أمر الأنبياء قومهم بالاستغفار فقال نوح -عليه السلام- لقومه في قوله -تعالى- :" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً " ، وفي قصة هود -عليه السلام- قال -تعالى- :" ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه" .

الاستغفار و الأنبياء :
ولتعلم أن الاستغفار هو دأب الأنبياء و الصالحين فلا تفتر ألسنتهم عن الاستغفار و طلب المغفرة من الله- تعالى- فهم يعلمون حقيقة حال الإنسان و أنه يفتقر لرحمة ربه ومغفرته فالإنسان خُلق ضعيفاً يحتاج لمن هو أقوى منه ، يعينه و يستر عليه ضعفه وقله حيلته . فلنجعل الأنبياء قدوة لنا في ذلك ، قال -تعالى- عن آدم -عليه السلام- :" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " ، و قال -تعالى- عن إبراهيم -عليه السلام- :" ربنا اغفر لي ولوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب " .
وأما عن خير قدوة لنا محمد -عليه الصلاة والسلام- ما ذُكر في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال : ما رأيت أحداً أكثر من أن يقول : " أستغفر الله واتوب إليه " من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- . رواه النسائي في السنن الكبرى .
فكل الصالحين و الأولياء و من تبعهم بإحسان تأسوا بالأنبياء في ذلك وأعملوا أمرهم ، فكان الاستغفار يجري على ألسنتهم لا يكفون عنه ؛ فلنقتدِ بهم ونعمل بعملهم لنكون من الفائزين .

مناسبة ختم الآية باسم الله ( الغفّار ) :
و من لطائف قوله -تعالى- :" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً " ، ختم -سبحانه- الآية بذكر اسم من أسمائه الحسنى وهو ( الغفار) .
فالغفار صيغة مبالغة تدل على كثرة المغفرة ، وفي معنى اسم الغفار قال الخطابي : " فالغفار : الستار لذنوب عباده ، والمسدل عليهم ثوب عطفه ورأفته ، و معنى الستر في هذا : أنه لا يكشف أمر العبد لخلقه ، ولا يهتك ستره بالعقوبة التي تشهره في عيونهم " .
وفي ذلك دلالة على سعة رحمة الله -تعالى- بعباده ، و لو بلغت ذنوبك عنان السماء تيقن أن ربك رحيم بك غفار لذنوبك ، لا يعجزه شيء في الأرض والسماء . فعلمك بعظمته -سبحانه- يورث الحياء منه -سبحانه- و يجعلك تجاهد نفسك على ألا تُقدم على معصيته غير أن ذلك يحثّك على الإكثار من الطاعات والتزود من الحسنات .

فضائل الاستغفار :
إن الله -سبحانه- حين أمر بالاستغفار رغّب عباده بخير الدنيا كما رغبهم بخير الآخرة فذكر ما يتبعه من آثار طيبة على العباد و البلاد ؛ ليستجلب نفوسهم على مداومة الاستغفار .
1-فمن فضائل الاستغفار :أن كثرة الاستغفار سبب في نزول المطر و غيث الأرض الجدباء و إحياء النبات و الزرع .
2-مداومة الاستغفار سبب في هطول المطر المدرار ، كما قال -تعالى- :" يرسل السماء عليكم مدراراً " ، فجمهور المفسرين على أن معنى الآية أن الله -تعالى- يرسل المطر متتابعاً متواصلاً فيحصل به أنواع الأرزاق .
3- روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه صعد المنبر ليستسقي فلم يزد على الاستغفار وقرأ الآيات في الاستغفار ، ومنها قوله -تعالى- :" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً " . ذكره ابن كثير في تفسيره .
4- و من فضائل الاستغفار: أن الله -تعالى- يكثر و يزيد للمستغفر من أمواله وأولاده ، ويجعل له جنات فيها أنواع من الثمار والطيبات ويزيده من فضله بجعل الأنهار تجري بين جنانه .
و ذلك من أبلغ نعيم الدنيا .

" نسأل الله -تعالى- أن يغفر لنا ذنوبنا و يرحمنا و يسترنا في الحياة الدنيا و يوم العرض "


-و صلّ اللهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين- .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 ربيع الثاني 1443هـ/4-12-2021م, 10:43 PM
محمد حجار محمد حجار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 350
افتراضي

مجلس مذاكرة دروس أساليب التفسير
تطبيق على أسلوب التفسير الوعظي
رسالة في تفسير قوله تعالى ( فإنَّ مع العسر يُسراً ) ( 5 ) ( إنَّ مع العسر يسراً ) ( 6 ) بالأسلوب الوعظي
العسر : المشقة في تحصيل المرغوب ، واليسر ضده وهو : سهولة تحصيل المرغوب
و في هاتين الأيتين يُؤكد الله سبحانه و تعالى لرسوله صلى الله عليه و سلَّم و للمؤمنين من وراءه بأنَّ العسر لن يدوم و لا بد أن يليه اليسر و أنَّ هذا اليسر قريب من العسر قرباً يكاد أن يكون معه ، و جاء هذا التأكيد على أنَّ مع العسر يسراً بعد الاستفهام التقريري الذي افتتح الله سبحانه به السورة ليكون أوقع في النفس و أقوى أثراً و ليُكرس في نفس الرسول صلى الله عليه و سلَّم و المؤمنين من بعده بأنه كما أنعم الله عليك أيها النبي بانشراح صدرك و وضع وزرك الذي أثقل كاهلك و رفع لك ذكرك في الدنيا و الأخرة ولمست و عاينت تلك النعم و عشتها ، فإذا ما علمت هذا و تقرر لديك ، أدركت و أيقنت أنَّ العسر الذي تعانيه سيعقبه يُسرٌ يكاد يكون معه ، و ما عليك إلا أن تجتهد في عبادة ربك و طاعته و ترغب إليه بالدعاء و التضرع و الخشوع بين يديه لينقلب عسرك يسراً ، إمَّا بزيادة إيمانك بقضاء الله و قدره و حكمته في الابتلاء و بإعانتك عليه بالصبر و الاحتساب فيصبح ما كان عسيراً يسيراً ، و إمَّا بتغيير الواقع المُعاش مما تجد فيه عسر إلى ما تجد فيه يسر ، وكلا الحاليين مرتبط بحكمة الله و قضاءه و قدره ، و كلا الحالين هو خير لك ، فإن اقتضت حكمة الله أن يُعينك على الصبر فيا بشراك بقوله تعالى ( إنَّما يُوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) و ستشعر بيسر العسير بما أعانك الله عليه من الصبر ، و إن اقتضت حكمته أن يجعل العسير يسيراً فقد حصل المطلوب
و الأيتان على وجازة عبارتهما فقد احتوتا على مجموعة من اللطائف من فهمها و تدبرها اطمئنت نفسه لموعود الله فسبحه و حمده و اجتهد في طاعته و عبادته و دعائه فحصل له الموعود و انقلب عسره يسرا ، و من هذه اللطائف
1- كلمة ( مع ) هنا مستعملة في غير حقيقة معناها لأن العسر واليسر نقيضان فمقارنتهما معاً مستحيلة ، فتعين أن المعيّة مستعارة لقرب حصول اليسر عقب حلول العسر أو ظهور بوادره ، بقرينة استحالة المعنى الحقيقي للمعية و هذا له أثر بالغ في النفس التي تتطلع لليسر و تنتظره فيبعث فيها التفاؤل و يُعينها على الصبر لشدة قرب المنتظر
2- ورد في الأثر مرفوعاً و موقوفاً على ابن عباس أنه لن يغلب عسرٌ يُسرين و هذا المعنى يُلقي ظلاله في النفس فيجعلها تنظر إلى اليسر بتعظيمٍ و تستكثره و تنظر إلى العسر باستصغار و تقلله ، و في تقرير هذا المعنى و جهان
a. الوجه الأول : أنَّ التعريف في العسر و التنكير في اليسر في الأيتين يُفيد أن العسر واحد سواء كانت ( ال ) للعهد أو للجنس و أنَّ اليسر إثنين ، و هذا جارٍ على سنن العرب في الكلام
b. و الوجه الثاني : أن تكون الأية الثانية تكرارا للأولى كما كرر قوله : { ويل يومئذ للمكذبين } ويكون الغرض تقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب
3- التنكير في كلمة يسراً يُراد به التعظيم و التفخيم ، أي أنَّ مع العسر العارض تيسيراً عظيماً يغلب العسر العارض وفائدة ذلك جعل قلب المؤمن ينظر إلى اليسر الموعود بتعظيم و إلى العسر الموجود بتقليل و هذا يُهون على النفس ما تجده من عسر
و بعد ......
فالمتأمل في هاتين الأيتين و في الواقع المعاش يجد بأنَّ الإنسان في حياته لا مناص له عن إحدى هاتين الحالتين في شأنه كله فهو يتقلب بين العسر و اليسر ، و يجد أنَّ الناس تتفاضل و تتفاوت تفاوتاً كبيراً في اطمئنان القلب و راحة و سعادة النفس جراء تقلبهم فيما يبتليهم الله به من عسر و يسر ، فمن أمن بربه و بموعوده بأنَّ مع العسر يُسراً اطمئن قلبه و ارتاحت نفسه و صبر على ابتلاء الله و انتظر الفرج من ربه – و لا بد أتيه – و من كفر و أعرض و تسخط على ربه فإنَّ له معيشة ضنكاً و يُحشر يوم القيامة أعمى ، و الكيس الفطن يتبع ما فيه راحة الدنيا و الأخرة ، نسأل الله أن يجعلنا ممن أمن به و اتبع هداه فنال سعادة الدنيا و الأخرة ، و صلى الله على سيدنا محمد و على أله و صحبه أجمعين و الحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1443هـ/5-12-2021م, 01:28 AM
دانة عادل دانة عادل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 173
افتراضي

رسالة وعظية في قوله تعالى ﴿وَأَمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوى ۝ فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوى﴾

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله ﷺ .
أما بعد:
فإن الهوى من أعظم ما يعتري النفوس ويغطي عنها الصواب، وقد ذمّه الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه، كما قال تعالى: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين) وقال في خطابه للمؤمنين: (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا)، فالهوى من أشد الآفات التي تصيب العبد المؤمن وتكدّر عليه قلبه وتقطع طريق سيره إلى الله تعالى.

وقد ذكر العلماء معنى الهوى، فذكروا فيه عدة معاني:
قال ابن عطية مفسرًا معنى الهوى: "هو شهوات النفس وما جرى مجراها."
وفسّره ابن قيم فقال: "هو ميل النفس إلى الشيء وفعله."
وفسّره ابن عاشور بأنه: "ما تهواه النفس ...فهو ما ترغب فيه قوى النفس الشهوية والغضبية مما يخالف الحق والنفع الكامل."

فالهوى من ميل النفس لشهواتها مما لا يوافق الحق ويخالفه.

وإن لاتباع الهوى أسبابًا يردها الإنسان فيهوي للهاوية، ومنها:
- تسويل الشيطان ونزغه للعبد وتزيين الباطل في عينيه ، كما قال عزوجل: ﴿إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم﴾ فهؤلاء تبين لهم الهدى لكن الشيطان زيّن لهم وصدهم عن السبيل فضلوا، فالشيطان الرجيم يعظّم الهوى في نفس العبد حتى يكون قائده وموجهه.
وكذلك في خبر الرجل من بني إسرائيل حيث قال الله تعالى فيه: ﴿واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ۝ ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه...﴾
فهذا الرجل اختار الدنيا على الآخرة، واختار الشيطان على الله تعالى فكان مصيره أن هوى في الأرض متبعًا لهواه بعد أن زيّن له الشيطان ذلك فلم ينفعه ما كان معه من آيات نسأل الله السلامة.

- مجالسة أهل الأهواء الفاسدة الذي يفسدون الإيمان والأخلاق، كما قال عزوجل: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه فكان أمره فرطًا) وفي هذا تحذير من الله عزوجل لمن ينقاد لأهواء الجماعة والبيئة فالإنسان يتأثر ببيئته وصحبه ويمتد تأثيرها في تكوينه فمنها يستمد معارفه وثقافته وأفكاره، فإن كان مجالسًا مخالطاً لأولي الأهواء الفاسدة فإنه سيكون مثلهم ومنهم وكما يقال: الصاحب ساحب، فهو يسحب صاحبه معه للهاوية غير مكترث بما يصير إليه.

- غفلة القلب عن ذكر الله عزوجل، كما قال تعالى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه فكان أمره فرطا) فهذا الفرد وصفه الله تعالى بأن قلبه غافل عن ذكر الله عزوجل، فحين غفل عن ذكره سهل عليه اتباع هواه، فذكر الله تعالى وتجديده في النفوس رادع لها عن الهوى، لكن لما غفل وصدّ عن الذكر وقع في الهوى.

- ترك الاستجابة لأوامر الله تعالى ونبيه المصطفى ﷺ والتسليم لهما، كما قال عزوجل: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المؤمن حين يترك الاستجابة للأحكام والأوامر الشرعية فإنه يكون منقادًا لهواه متبعًا له.

فهذا مما وقفت عليه من أسباب اتباع الهوى أعاذنا الله منه، وقد قال سهل التستري: لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء -عليهم السلام- وبعض الصديقين. وهذا لا يعني بأن يسترسل الإنسان مع هواه بحجة أنه لابد واقع فيه لكن يسعى لتخليص نفسه منه وأن يكون ممن خاف مقام ربه ونهى نفسه عن هواها، وقد يرد سؤال هل يعاقب العبد بمجرد وجود الهوى والشهوة في نفسه؟
وقد أجاب ابن تيمية -رحمه الله-: نَفْسُ الهوى والشَّهوةِ لا يُعاقَب عليه؛ بل على اتباعِه والعملِ به، فإذا كانت النفسُ تَهْوَى وهو ينهاها؛ كان نهيُه عِبادةً لله، وعملًا صالحًا.

وإن الخوف من الله عزوجل يردع عن النفس عن اتباع هواها، فيتذكر قدرة الله عزوجل عليه في الدنيا وأنه بين يديه وأن كل شيء بأمره وأن عافيته وحياته بيده، وأن يتذكر بأنه واقفٌ بين يدي ربه عزوجل في موقف مهيب تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتفزع فيه القلوب وأنه محاسب على أعماله وأن الله عزوجل سيجازيه بالعذاب الشديد إن اتبع هواه، فهذا الخوف من الله عزوجل عاقبته حميدة ومآله ومأواه إلى الجنة، وقد خص الله عزوجل الهوى لأنه أصل الفساد والانحراف في النفس فهو يميل بالنفس عن الجادة باتباع شهواتها الظاهرة والخفية.
وقد قيل: من عرف ربه اشْتغل بِهِ عَن هوى نَفسه.
فمن عرف الله عزوجل حق قدره منعه ذلك من اتباع هواه والانقياد وراءه، فإن الهوى يجرّ صاحبه حتى يكون إلهه كما قال تعالى في كتابه: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) فلا يزال بالعبد حتى يصبح عبدًا له نسأل الله العافية.

ويذكر الله تعالى في الآية الكريمة حاثًا فيها عباده المؤمنين عن مجانبة الهوى بأن ذكر العاقبة الحميدة والغاية النبيلة وسلعة الله الغالية التي يسعى لها كل مؤمن في حياته وهي الجنة، بأن من قوى نفسه وعصمها عن الهوى فإن مأواه جنة عرضها السماوات والأرض، وسلعة الله تعالى غالية لا تُنال بالهيّن ومجاهدة الهوى من الأمور الشاقة الشديدة على النفس، وقد قال ابن المبارك: الجهاد في الله هو جهاد النفس والهوى. وما ذاك إلا لمشقته وصعوبته فكما يجاهد الإنسان عدوه في أرض المعركة وما يعتريه من مصاعب وجراح فكذلك نفسه التي بين جنبيه وهواه يقوم بمجاهدتهما لكنها معركة داخلية خفيّة.

من الوسائل المعينة على مخالفة الهوى ومجانبته:

1- كبح جماح النفس عن ملذاتها المباحة، فيؤدب نفسه بحرمانها من مطالب وشهوات مباحة كطعام يحبه أو مكان يحبه، وما ذاك إلا من داعي قوله تعالى (ونهى النفس عن الهوى) فهذه أول السبل والطرق.

2- معرفة مآل ونهاية من اتبع هواه وصار هواه إلهه، فإن المعرفة بالمآل والنتيجة مما تحفز النفوس يفزعها بأن لا يكون هذا مصيرها ومكانها فتجتهد في العمل والسعي.

3- الاستكثار من الطاعات وفعل الخير والصبر على أداءها، فهذا مما ينمي الخير في النفس ويكفها عن هواها.

4- الاستعانة بذكر الله تعالى ومعرفته حق المعرفة، ودعاءه بالنجاة والخلاص من هذا الداء.

5- ترغيب النفس بالآخرة وما عند الله عزوجل من خير في المستقبل، والقراءة في أخبار الصالحين الذي هذبوا نفوسهم وخالفوا هواهم.

6- أهمها وأنفعها: تدبر القرآن العظيم وتلاوته ليلًا ونهارًا وسرًا وجهاراً فهذا مما يشفي النفوس من غيها وضلالها، كما قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) .

ونسأل الله أن يعيننا على نفوسنا وتطهيرها من الآفات ويزكيها ويؤتيها تقواها، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1443هـ/5-12-2021م, 03:27 PM
شريفة المطيري شريفة المطيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 190
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) بالأسلوب الوعظي


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد:
فهذه تأملات في قول ( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)،
فقد أقسم الله تعالى بعشر آيات بمخلوقات عظيمة : بالشمس ونورها الذي يملأ الأرض ، والقمر ونوره الذي يعقب الشمس ، والنهار والليل والسماء والأرض والنفس المخلوقة ، والمقسم عليه هو فلاح من زكى نفسه وخيبة وخسارة من دسى نفسه ، أي غمرها وحقرها وطمرها بالوقوع في الذنوب والآثام ، وتأمل فائدة القسم ومناسبة المقسم به بالمقسم عليه : فإن المقسم به كله أمور متناهية بالاختلاف والتناقض: كالليل والنهار ،والشمس والقمر ،والسماء والأرض ، والمقسم عليه أعمال العباد المتناهية بالاختلاف من خير وشر، واختلاف في تزكية النفس وتطهيرها من الخبائث ، وقليل وكثير، ونيات خالصة ومدخولة، فكان بينهما تناسب واضح
وهذا يبين لنا أهمية تزكية النفس ، وضرورة التزكية لتحصيل الفلاح
وأشير إلى بعض الضوابط والأصول المهمة في تزكية النفس:
 أول وأهم أمر يجب أن يُعلم أن التزكية بيد الله ، فلا تُطلب ولا تنال إلا منه ،قال تعالى (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء)، وهذا ينقلنا للأصل الثاني
 أهمية الدعاء لتزكية النفس : لأن التزكية بيد الله ولا متزكي إلا من زكاه الله ، فما أشد حاجة العبد وافتقاره إلى ربه أن يزكيه ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها)
 أن أساس تزكية النفس هو توحيد الله تعالى ، لهذا ورد في تفسير بعض الصحابة عن قوله تعالى (قد أفلح من زكاها) وقوله(الذين لا يؤتون الزكاة) أي يقولون لا إله الا الله
 أنه لا زكاة للعبد إلا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما قال الله تعالى(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)
 أن التزمية تخلية وتحلية ، كما قال السعدي : (طهرَ نفسهُ منَ الذنوبِ، ونقاهَا منَ العيوبِ، ورقَّاهَا بطاعةِ اللهِ، وعلاّهَا بالعلمِ النافعِ والعملِ الصالحِ)
 أهمية تذكر اليوم الآخر في تزكية النفس، كما قال تعالى عن أهل اليمين(إني ظننت إني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية) ، فكلما كان العبد متذكراً أنه سيحاسب على أعماله ويُسأل عنها حجزه ذلك عن الرذائل وساقه للفضائل

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 4 جمادى الأولى 1443هـ/8-12-2021م, 06:59 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي.


أحسنتم جميعا وفقكم الله وإليكم التذكير بخطوات يسيرة تفيدكم في الكتابة بالأسلوب الوعظي:
- بعد الانتهاء من كتابة الرّسالة لابد من إعادة قراءتها وملاحظة وجود ركائزها من:
التبصير بما يُراد الحديث عنه والتذكير به، والتأثير على نفس المتلقي بالتبشير تارة والإنذار تارة أخرى، فينبغي أن تحكم عليها بنفسك وقدر تأثرك بها، لترى مدى قربها من هدفك.
- ينبغي حضور شخصية الكاتب وأسلوبه المؤثر لتتحقق المقصد من الرّسالة، فلا تكون مجرد مسائل مستبطة منسوخ فيها كلام أهل العلم.
- استخراج الفوائد السلوكية بدقة ثم تضمينها في الرّسالة في المواضع المناسبة، يعين على تحسين الأسلوب الوعظي.
- تحلية الرّسالة بالعبارات الموجزة المنتقاة من كلام أهل العلم وحكمهم ووصاياهم، وكذلك القصص والأخبار من غير إكثار،له أثر كبير في تقوية الرّسالة والتأثير على النفس.





تقييم التطبيقات :
1:جوري المؤذن.أ+
أحسنتِ بارك الله فيكِ وسددكِ.


2: محمد حجار.أ+
أحسنت بارك الله فيك وسددك.
ما ذكرت من اللطائف هي أنسب للأسلوب البياني.


3: دانة عادل.أ+
أحسنتِ بارك الله فيكِ وسددكِ.


4: شريفة المطيري.أ+أحسنتِ بارك الله فيكِ وسددكِ.


-ِنفع الله بكم جميعا-

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 جمادى الأولى 1443هـ/14-12-2021م, 02:51 PM
أفراح قلندة أفراح قلندة غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 141
افتراضي

الاستغفار من مفاتيح الرزق

• سورة نوح من الآية 10-12:
((فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ١٠ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا ١١ وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا ١٢ )) [نوح:0 1-12]

مناسبة الآية لما قبلها :
قال الرازي في تفسيره: " قال مقاتل: إن قوم نوح لما كذبوه زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، فرجعوا فيه إلى نوح، فقال نوح: استغفروا ربكم من الشرك حتى يفتح عليكم أبواب نعمه."(1)
المفردات:
السماء:
قال الطنطاوي: ((المراد بالسماء هنا: المطر لأنه ينزل منها، وقد جاء في الحديث الشريف أن من أسماء المطر السماء، فقد روى الشيخان عن زيد بن خالد الجهني أنه قال «صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل..» أى: على إثر أمطار نازلة بالليل.
ومنه قول بعض الشعرا:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا))(2)
مدرارا:
متواصلة الأمطار، وقال ابن عباس وغيره: يتبع بعضه بعضا(3) وقال الطنطاوي: المطر الغزير المتتابع، يقال: درت السماء بالمطر، إذا نزل منها بكثرة وتتابع، والدر، والدرور معناه: السيلان.. فقوله مِدْراراً صيغة مبالغة منهما(4) .

الإعراب :
- {فَقُلْتُ} لهم عقيب الدعوة، عطف على قوله: {دَعَوْتُ}(5) في قوله تعالى : ((قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا ٥)) [نوح: 5]
- يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً يُرْسِلِ: مجزوم لأنه جواب الأمر، بتقدير إن، أي إن تستغفروا ربكم يرسل السماء عليكم مدرارا.
- ومِدْراراً: حال من السماء، ولم تؤنث مدرار لأن مفعال في المؤنث يكون بغير تاء، مثل: امرأة معطار ومذكار ومئناث لأنها في معنى النسب، كقولهم: امرأة طالق وحائض وطامث، أي ذات طلاق وحيض وطمث.(6)
التفسير :
- فقلت استغفروا ربكم
أي ارجعوا إليه وارجعوا عما أنتم فيه وسلو ربكم الغفران من ذنوبكم وتوبوا إليه واخلصوا له العبادة.
- إنه كان غفارا:
كثير المغفرة لمن تاب واستغفر، فرغبهم بمغفرة الذنوب، وما يترتب عليها من حصول الثواب، واندفاع العقاب، فإنه من تاب إليه تاب عليه(7) ، ولو كانت ذنوبه مهما كانت في الكفر والشرك(8) .
والمراد من كونه غفارًا في الأزل كونه مريدًا للمغفرة في وقتها المقدّر، وهو وقت وجود المغفور له. والغفّار أبلغ من الغفور، وهو من الغافر، وأصل الغفر: الستر والتغطية، ومنه قيل لجنة الرأس: مغفر؛ لأنه يستر الرأس. والمغفرة من الله: ستره للذنوب وعفوه عنها بفضله ورحمته، لا بتوبة العباد وطاعتهم. وإنما التوبة والطاعة للعبودية وعرض الافتقار(9) .
ثم وعدهم على التوبة من الكفر والمعاصي بخمسة أشياء، فقال:
1. يرسل السماء عليكم مدرارا 2. ويمددكم بأموال 3.وبنين 4.ويجعل لكم جنات 5.ويجعل لكم أنهارا:
هذا مقام الدعوة بالترغيب(10) فرغبهم بخير الدنيا العاجل(11) ، أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم ، فقوله يرسل السماء عليكم مدرارا: يسقيكم ربكم إن تبتم ووحدتموه وأخلصتم له العبادة الغيث، فيرسل به السماء عليكم {مدرارا} متتابعا(12)
وقوله: {ويمددكم بأموال وبنين} يقول: ويعطكم مع ذلك ربكم أموالا وبنين، فيكثرها عندكم ويزيد فيما عندكم منها {ويجعل لكم جنات} : يرزقكم بساتين {ويجعل لكم أنهارا} تسقون منها جناتكم ومزارعكم؛ وقال ذلك لهم نوح، لأنهم كانوا فيما ذكر قوما يحبون الأموال والأولاد(13) وهذا من أبلغ ما يكون من لذات الدنيا ومطالبها.
اللطائف والفائدة:
إن الاشتغال بطاعة الله والاستغفار سبب يوجب زيادة البركة والنماء، وانفتاح أبواب الخيرات، وإدرار الأمطار، وزيادة الغلال، ووفرة الثمار، وقد وعدهم الله على الطاعة بخمسة أشياء: إنزال المطر، والإمداد بالأموال، والبنين، وجعل الجنات (البساتين) ، وجعل الأنهار.
قال الطبري : حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي، فَمَا زَادَ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ، فَقَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْمَطَرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْمَطَرُ، ثُمَّ قَرَأَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] وَقَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ هُودٍ حَتَّى بَلَغَ: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52]»(14)
عن الحسن البصري رحمه الله: أن رجلا شكا إليه الجدب، فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له بعض القوم: أتاك رجال يشكون إليك أنواعا من الحاجة، فأمرتهم كلهم بالاستغفار، فتلا له الآية: فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ.(15)

---------------------------------
المراجع:
1. فخر الدين الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن ، مفاتيح الغيب ، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة - 1420 هـ ، (30/651).
2. الطنطاوي، محمد سيد، التفسير الوسيط لطنطاوي، الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة – القاهرة، الطبعة: الأولى (15/ 116)
3. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير ابن كثير، المحقق: محمد حسين شمس الدين، الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت، الطبعة: الأولى - ١٤١٩ هـ ، (8/ 246).
4. التفسير الوسيط لطنطاوي (15/ 116)
5. الهرري، محمد الأمين بن عبد الله الأرمي العلوي، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، إشراف ومراجعة: الدكتور هاشم محمد علي بن حسين مهدي، الناشر: دار طوق النجاة، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م (30/251).
6. الزحيلي ، وهبة بن مصطفى ، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، الناشر : دار الفكر المعاصر – دمشق، الطبعة : الثانية ، 1418 هـ (29/139)
7. السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله ، تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق ، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى ١٤٢٠هـ -٢٠٠٠ م (ص889):
8. ينظر تفسير ابن كثير(8/ 246)
9. تفسير حدائق الروح والريحان للهرري(30/251).
10. تفسير ابن كثير - ط العلمية (8/ 246):
11. تفسير السعدي (ص889):
12. الطبري، محمد بن جرير بن يزيد ، تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر الدكتور عبد السند حسن يمامة، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م (23/ 293):
13. تفسير الطبري (23/ 294):
14. تفسير الطبري (23/ 293):
15. التفسير المنير للزحيلي (29/145).

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 جمادى الأولى 1443هـ/14-12-2021م, 11:15 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أفراح قلندة مشاهدة المشاركة
الاستغفار من مفاتيح الرزق

• سورة نوح من الآية 10-12:
((فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ١٠ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا ١١ وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا ١٢ )) [نوح:0 1-12]

مناسبة الآية لما قبلها :
قال الرازي في تفسيره: " قال مقاتل: إن قوم نوح لما كذبوه زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، فرجعوا فيه إلى نوح، فقال نوح: استغفروا ربكم من الشرك حتى يفتح عليكم أبواب نعمه."(1)
المفردات:
السماء:
قال الطنطاوي: ((المراد بالسماء هنا: المطر لأنه ينزل منها، وقد جاء في الحديث الشريف أن من أسماء المطر السماء، فقد روى الشيخان عن زيد بن خالد الجهني أنه قال «صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل..» أى: على إثر أمطار نازلة بالليل.
ومنه قول بعض الشعرا:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا))(2)
مدرارا:
متواصلة الأمطار، وقال ابن عباس وغيره: يتبع بعضه بعضا(3) وقال الطنطاوي: المطر الغزير المتتابع، يقال: درت السماء بالمطر، إذا نزل منها بكثرة وتتابع، والدر، والدرور معناه: السيلان.. فقوله مِدْراراً صيغة مبالغة منهما(4) .

الإعراب :
- {فَقُلْتُ} لهم عقيب الدعوة، عطف على قوله: {دَعَوْتُ}(5) في قوله تعالى : ((قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا ٥)) [نوح: 5]
- يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً يُرْسِلِ: مجزوم لأنه جواب الأمر، بتقدير إن، أي إن تستغفروا ربكم يرسل السماء عليكم مدرارا.
- ومِدْراراً: حال من السماء، ولم تؤنث مدرار لأن مفعال في المؤنث يكون بغير تاء، مثل: امرأة معطار ومذكار ومئناث لأنها في معنى النسب، كقولهم: امرأة طالق وحائض وطامث، أي ذات طلاق وحيض وطمث.(6)
التفسير :
- فقلت استغفروا ربكم
أي ارجعوا إليه وارجعوا عما أنتم فيه وسلو ربكم الغفران من ذنوبكم وتوبوا إليه واخلصوا له العبادة.
- إنه كان غفارا:
كثير المغفرة لمن تاب واستغفر، فرغبهم بمغفرة الذنوب، وما يترتب عليها من حصول الثواب، واندفاع العقاب، فإنه من تاب إليه تاب عليه(7) ، ولو كانت ذنوبه مهما كانت في الكفر والشرك(8) .
والمراد من كونه غفارًا في الأزل كونه مريدًا للمغفرة في وقتها المقدّر، وهو وقت وجود المغفور له. والغفّار أبلغ من الغفور، وهو من الغافر، وأصل الغفر: الستر والتغطية، ومنه قيل لجنة الرأس: مغفر؛ لأنه يستر الرأس. والمغفرة من الله: ستره للذنوب وعفوه عنها بفضله ورحمته، لا بتوبة العباد وطاعتهم. وإنما التوبة والطاعة للعبودية وعرض الافتقار(9) .
ثم وعدهم على التوبة من الكفر والمعاصي بخمسة أشياء، فقال:
1. يرسل السماء عليكم مدرارا 2. ويمددكم بأموال 3.وبنين 4.ويجعل لكم جنات 5.ويجعل لكم أنهارا:
هذا مقام الدعوة بالترغيب(10) فرغبهم بخير الدنيا العاجل(11) ، أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم ، فقوله يرسل السماء عليكم مدرارا: يسقيكم ربكم إن تبتم ووحدتموه وأخلصتم له العبادة الغيث، فيرسل به السماء عليكم {مدرارا} متتابعا(12)
وقوله: {ويمددكم بأموال وبنين} يقول: ويعطكم مع ذلك ربكم أموالا وبنين، فيكثرها عندكم ويزيد فيما عندكم منها {ويجعل لكم جنات} : يرزقكم بساتين {ويجعل لكم أنهارا} تسقون منها جناتكم ومزارعكم؛ وقال ذلك لهم نوح، لأنهم كانوا فيما ذكر قوما يحبون الأموال والأولاد(13) وهذا من أبلغ ما يكون من لذات الدنيا ومطالبها.
اللطائف والفائدة:
إن الاشتغال بطاعة الله والاستغفار سبب يوجب زيادة البركة والنماء، وانفتاح أبواب الخيرات، وإدرار الأمطار، وزيادة الغلال، ووفرة الثمار، وقد وعدهم الله على الطاعة بخمسة أشياء: إنزال المطر، والإمداد بالأموال، والبنين، وجعل الجنات (البساتين) ، وجعل الأنهار.
قال الطبري : حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي، فَمَا زَادَ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ، فَقَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْمَطَرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْمَطَرُ، ثُمَّ قَرَأَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] وَقَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ هُودٍ حَتَّى بَلَغَ: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52]»(14)
عن الحسن البصري رحمه الله: أن رجلا شكا إليه الجدب، فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له بعض القوم: أتاك رجال يشكون إليك أنواعا من الحاجة، فأمرتهم كلهم بالاستغفار، فتلا له الآية: فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ.(15)

---------------------------------
المراجع:
1. فخر الدين الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن ، مفاتيح الغيب ، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة - 1420 هـ ، (30/651).
2. الطنطاوي، محمد سيد، التفسير الوسيط لطنطاوي، الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة – القاهرة، الطبعة: الأولى (15/ 116)
3. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير ابن كثير، المحقق: محمد حسين شمس الدين، الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت، الطبعة: الأولى - ١٤١٩ هـ ، (8/ 246).
4. التفسير الوسيط لطنطاوي (15/ 116)
5. الهرري، محمد الأمين بن عبد الله الأرمي العلوي، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، إشراف ومراجعة: الدكتور هاشم محمد علي بن حسين مهدي، الناشر: دار طوق النجاة، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م (30/251).
6. الزحيلي ، وهبة بن مصطفى ، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، الناشر : دار الفكر المعاصر – دمشق، الطبعة : الثانية ، 1418 هـ (29/139)
7. السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله ، تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق ، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى ١٤٢٠هـ -٢٠٠٠ م (ص889):
8. ينظر تفسير ابن كثير(8/ 246)
9. تفسير حدائق الروح والريحان للهرري(30/251).
10. تفسير ابن كثير - ط العلمية (8/ 246):
11. تفسير السعدي (ص889):
12. الطبري، محمد بن جرير بن يزيد ، تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر الدكتور عبد السند حسن يمامة، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م (23/ 293):
13. تفسير الطبري (23/ 294):
14. تفسير الطبري (23/ 293):
15. التفسير المنير للزحيلي (29/145).
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
- أثني على اجتهادكِ في تنوع المصادر.

- ملحوظة: مقام الوعظ لا يناسبه ذكر مسائل الإعراب، لأنّ مقوّمات هذا الأسلوب قائم على التبصير والتذكير والترغيب والترهيب وذكر الرقائق وتزكية النفوس، ويساعدك في ذلك استخراج الفوائد السلوكية وتضمينها في مواضعها المناسبة، وفقدان هذه العناصر والتعويل على التفسير دونها جعل الأسلوب الوعظي ضعيف، فلو أعدتِ قراءة الرسالة لتبين لكِ ضعف التأثير على القارئ..


الدرجة:ب

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 جمادى الأولى 1443هـ/20-12-2021م, 06:29 AM
عزيزة أحمد عزيزة أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 174
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وفقا للأسلوب الوعظي

الحمد لله رب العالمين إله الأولين و الآخرين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فمن أقوى العقائد تأثيرا في قلب المؤمن عقيدة الإيمان باليوم الآخر فهو الدافع القوي للعمل الصالح والكف عما يغضب الله تبارك وتعالى ولذلك علق الله تبارك وتعالى كثيرا من الأحكام على هذه العقيدة قائلا "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" النساء/٥٩
ومن هول ذلك اليوم ذكرنا تبارك وتعالى به في غير ما آية من كتابه وسماه بأكثر من اسم تدل على عظم وهول المسمى فسماه يوم الصاخة ويوم الحاقة ويوم الطامة ويوم القارعة ويوم الحسرة ويوم التناد ويوم التغابن ويوم الدين وغيرها من الأسماء
بل وجعل تعالى من مهام الرسل إنذار أقوامهم ذلك اليوم فقال تعالى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه" الشورى/٧
وفصل لنا سبحانه عن أهوال ذلك اليوم وما يحدث فيه، فمن ذلك قوله تعالى "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وقد ورد عن النبي أنه قال "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير* وأمّا الثّالثة فعند ذلك تطير الصّحف في الأيدي، فآخذٌ بيمينه وآخذٌ بشماله".
وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنّه أخفّ عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر: {يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافيةٌ}.."
فهو حقا كما قال عمر العرض الأكبر، يعرض عمل العبد كله الصغير والكبير والنقير والقطمير والقليل والكثير، فيا حريصًا على إخفاء عملك ومجاهدا في حظ نفسك، ضع ذلك العرض نصب عينيك واستح من ربك حق الحياء، فما تستره اليوم علانية عنده معروضا على رؤوس الأشهاد يوم العرض، لا يخفى منه شيء فواحسرة على ساعات انقضت فيما لا ينفع، ويا حسرة على أوقات غفلنا فيها عن ذلك اليوم وعن الاستعداد له.
إنه اليوم الذي حذره كل رسول قومه، قال تعالى "إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم" هود/٢٦
وقال تعالى "فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا" المزمل/١٧
وا حسرتي وا شقوتي .. من يوم نشر كتابيه
وا طول حزني إن أكن .. أوتيته بشماليه
وإذا سئلت عن الخطايا .. ماذا يكون حواليه
وا حر قلبي إن يكن .. مع القلوب القاسية
فكل الأعمال معروضة في ذلك اليوم، قال تعالى "إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"
وكان الصالحون أشد محاسبة لأنفسهم من التاجر الشحيح، وقد ورد عن الإمام ابن دقيق العيد - رحمه الله أنه قال -:
" ما تكلمتُ كلمةً ، ولا فعلتُ فعلاً ، إلا وأعددتُ له جواباً بين يدي الله عز وجل ".
« طبقات الشافعية الكبرى » (9 /212)
فأعد لسؤلك جوابا وحاسب نفسك هنا ليسهل عليك الحساب والعرض غدا وتهيأ للعرض على الملك العدل الذي لايخفى عليه خافية، نسأل الله أن ييسر حسابنا وييمن كتابنا ويسترنا يوم العرض

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22 جمادى الأولى 1443هـ/26-12-2021م, 12:07 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزيزة أحمد مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في قوله تعالى "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وفقا للأسلوب الوعظي

الحمد لله رب العالمين إله الأولين و الآخرين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فمن أقوى العقائد تأثيرا في قلب المؤمن عقيدة الإيمان باليوم الآخر فهو الدافع القوي للعمل الصالح والكف عما يغضب الله تبارك وتعالى ولذلك علق الله تبارك وتعالى كثيرا من الأحكام على هذه العقيدة قائلا "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" النساء/٥٩
ومن هول ذلك اليوم ذكرنا تبارك وتعالى به في غير ما آية من كتابه وسماه بأكثر من اسم تدل على عظم وهول المسمى فسماه يوم الصاخة ويوم الحاقة ويوم الطامة ويوم القارعة ويوم الحسرة ويوم التناد ويوم التغابن ويوم الدين وغيرها من الأسماء
بل وجعل تعالى من مهام الرسل إنذار أقوامهم ذلك اليوم فقال تعالى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه" الشورى/٧
وفصل لنا سبحانه عن أهوال ذلك اليوم وما يحدث فيه، فمن ذلك قوله تعالى "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وقد ورد عن النبي أنه قال "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير* وأمّا الثّالثة فعند ذلك تطير الصّحف في الأيدي، فآخذٌ بيمينه وآخذٌ بشماله".
وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنّه أخفّ عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر: {يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافيةٌ}.."
فهو حقا كما قال عمر العرض الأكبر، يعرض عمل العبد كله الصغير والكبير والنقير والقطمير والقليل والكثير، فيا حريصًا على إخفاء عملك ومجاهدا في حظ نفسك، ضع ذلك العرض نصب عينيك واستح من ربك حق الحياء، فما تستره اليوم علانية عنده معروضا على رؤوس الأشهاد يوم العرض، لا يخفى منه شيء فواحسرة على ساعات انقضت فيما لا ينفع، ويا حسرة على أوقات غفلنا فيها عن ذلك اليوم وعن الاستعداد له.
إنه اليوم الذي حذره كل رسول قومه، قال تعالى "إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم" هود/٢٦
وقال تعالى "فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا" المزمل/١٧
وا حسرتي وا شقوتي .. من يوم نشر كتابيه
وا طول حزني إن أكن .. أوتيته بشماليه
وإذا سئلت عن الخطايا .. ماذا يكون حواليه
وا حر قلبي إن يكن .. مع القلوب القاسية
فكل الأعمال معروضة في ذلك اليوم، قال تعالى "إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"
وكان الصالحون أشد محاسبة لأنفسهم من التاجر الشحيح، وقد ورد عن الإمام ابن دقيق العيد - رحمه الله أنه قال -:
" ما تكلمتُ كلمةً ، ولا فعلتُ فعلاً ، إلا وأعددتُ له جواباً بين يدي الله عز وجل ".
« طبقات الشافعية الكبرى » (9 /212)
فأعد لسؤلك جوابا وحاسب نفسك هنا ليسهل عليك الحساب والعرض غدا وتهيأ للعرض على الملك العدل الذي لايخفى عليه خافية، نسأل الله أن ييسر حسابنا وييمن كتابنا ويسترنا يوم العرض
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 1 جمادى الآخرة 1443هـ/4-01-2022م, 04:46 AM
عبير الغامدي عبير الغامدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 429
افتراضي

رسالة تفسيرية* بالأسلوب الوعظي
قوله تعالى ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) سورة التكاثر.

يذكر الله تعالى الانسان في هذه الآية ويعظهم ان ماحصلوه من نعم في الدنيا سيسألون عنه يوم القيامة،وذلك دفعا لهم للاهتمام بالاخرة والتزود من العمل الصالح وعدم الاشتغال بالمتع الدنيوية والاستغراق فيها لأنها مجرد ممر والآخرة المرجع والمقر ،
قال ابن كثير: أي يسألون عن شكر النعم التي أنعم الله عليهم.
عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النّاس: الصّحّة والفراغ)). البخاري.
قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} الآية).
قال الأشقر: النعيم إما عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل الصالح ؛ او السؤال عن الأمن والصحة والفراغ وغيره.
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فَقَرَأَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ؟! وَإِنَّمَا هُمَا الأَسْوَدَانِ: الْمَاءُ وَالتَّمْرُ، وَسُيُوفُنَا عَلَى رِقَابِنَا، وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ، فَعَنْ أَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ؟! قَالَ: ((أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ)).
وهذا النعيم سنسأل عنه يوم القيامة وفيه من العظات:
١- أن الدنيا دار ممر وليست مقر فالهدف من الخلق هو العبادة ، والدنيا نأخذ منا مايكفي ولا نبالغ في الزيادة.
٢- عبادة الشكر عبادةعظيمة فقد قال تعالى:( لئن شكرتم لأزيدنكم) وهي عبادة قوية على الشيطان ولذلك قال في سورة الأعراف:( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجد أكثرهم شاكرين).
٣- الرضا بالقليل والقناعة بالرزق من صفات الصالحين ودليل على عدم تعلق القلب بالدنيا ؛ وإذا كان العبد كذلك أقبل على طاعة الله وابتعد عن اللهو.
٤- اللام للقسم والتأكيد( لتسألن) وفيه إنذار للعباد ان ماأنتم فيه من أمور الدنيا وإن كان مباحا فهو شاغل لكم عن الطاعات التي خلقتم لأجلها ولذلك ستسألون عن إضاعة وقتكم في مالافائدة فيه . قال صلى الله عليه وسلم:( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عمره فيم أفناه،* وشبابه فيم أبلاه؛وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعلمه ماذا عمل به).
٥- كماقيل( النعيم لايدرك بالنعيم)فدار الدنيا دار عمل وليست دار راحة واشتغال بالملهيات ؛ فالمؤمن يعلم هذه الحقيقة وتجده مجتهد في العبادة حريص عليها
وهي تزيده سعادة وانشراحا حيث نال معية ربه؛ والعاصي رغم انه متمتع بها مشغل أوقاته بذلك إلا أنه في ضيق وأذى بمجرد زوال ذلك عنه ؛ فليعطها الانسان قدرها ويأخذ نصيبه منها غير مشتغل بذلك.*
٦- الفقر ليس عيبا والتقلل من الدنيا فمن كان كذلك فليكثر من العمل الصالح فهو خير له وليسأل الله من فضله؛ وليعلم أن الله صرف عنه مايشغله فلا يفرط في طاعته؛ اما من كانت الدنيا بين يديه وقلبه لاه غافل عن طاعته فليحاسب نفسه في تقصيرها قبل فوات الاوان وليشكر ربه على نعمه.
٧- لابد من تربيةالأبناء على التواضع والزهد والقناعة فهي صفات المؤمنين؛ وإذا نشأ الابن عليها كان بإذن الله من الشاكرين فيسهل عليه حينئذ محبة الطاعة وبغض المعصية.
٨- مهما رأى الانسان من غرور الدنيا وانفتاحها للكفرة الفاسقين فلا يخدع بذلك فقد عجلت لهم طيباتهم في الدنيا لما ينتظرهم من العذاب في الآخرة وهذا من رحمة الله بهم وعدله؛ فلا نتشبه بهم في عاداتهم ولنعلم أن ذلك طريق لمحبتهم ومشابهتهم ومن ثم محبة دينهم وماهم عليه فالحذر الحذر من دخول أبواب الشرك والتساهل بها.
٩- بعض الأمور المؤدية للمحرمات والتي تساهل كثير من الناس بها خصوصا الشباب والشابات مثل التصوير المحرم ودخول المواقع الاباحية او الانشغال برؤية المقاطع الغير نافعة هو طريق للمعاصي وانتكاس القلب وبعده عن ربه ؛ فينبغي مجاهدة النفس ومنعها عن ذلك حفاظا على القلب واشغاله بماينفعه من علم وذكر وقرآن لتكون حياته طيبة مطمئنة .
١٠- الاكثار من الدعاء والنوافل يعين العبد على الانس بها والانصراف عن ماهو دونها ،ومن الأدعية العظيمة قول:( اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ومن نفس لاتشبع ومن عين لاتدمع* ومن دعوة لايستجاب لها) وغيرها من الأدعية التي تعين على صلاح القلب وتجرده من الهوى ورجوعه لخالقه.
والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
رسالة تفسيرية* بالأسلوب الوعظي
قوله تعالى ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) سورة التكاثر.

يذكر الله تعالى الانسان في هذه الآية ويعظهم ان ماحصلوه من نعم في الدنيا سيسألون عنه يوم القيامة،وذلك دفعا لهم للاهتمام بالاخرة والتزود من العمل الصالح وعدم الاشتغال بالمتع الدنيوية والاستغراق فيها لأنها مجرد ممر والآخرة المرجع والمقر ،
قال ابن كثير: أي يسألون عن شكر النعم التي أنعم الله عليهم.
عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النّاس: الصّحّة والفراغ)). البخاري.
قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} الآية).
قال الأشقر: النعيم إما عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل الصالح ؛ او السؤال عن الأمن والصحة والفراغ وغيره.
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فَقَرَأَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ؟! وَإِنَّمَا هُمَا الأَسْوَدَانِ: الْمَاءُ وَالتَّمْرُ، وَسُيُوفُنَا عَلَى رِقَابِنَا، وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ، فَعَنْ أَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ؟! قَالَ: ((أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ)).
وهذا النعيم سنسأل عنه يوم القيامة وفيه من العظات:
١- أن الدنيا دار ممر وليست مقر فالهدف من الخلق هو العبادة ، والدنيا نأخذ منا مايكفي ولا نبالغ في الزيادة.
٢- عبادة الشكر عبادةعظيمة فقد قال تعالى:( لئن شكرتم لأزيدنكم) وهي عبادة قوية على الشيطان ولذلك قال في سورة الأعراف:( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجد أكثرهم شاكرين).
٣- الرضا بالقليل والقناعة بالرزق من صفات الصالحين ودليل على عدم تعلق القلب بالدنيا ؛ وإذا كان العبد كذلك أقبل على طاعة الله وابتعد عن اللهو.
٤- اللام للقسم والتأكيد( لتسألن) وفيه إنذار للعباد ان ماأنتم فيه من أمور الدنيا وإن كان مباحا فهو شاغل لكم عن الطاعات التي خلقتم لأجلها ولذلك ستسألون عن إضاعة وقتكم في مالافائدة فيه . قال صلى الله عليه وسلم:( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عمره فيم أفناه،* وشبابه فيم أبلاه؛وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعلمه ماذا عمل به).
٥- كماقيل( النعيم لايدرك بالنعيم)فدار الدنيا دار عمل وليست دار راحة واشتغال بالملهيات ؛ فالمؤمن يعلم هذه الحقيقة وتجده مجتهد في العبادة حريص عليها
وهي تزيده سعادة وانشراحا حيث نال معية ربه؛ والعاصي رغم انه متمتع بها مشغل أوقاته بذلك إلا أنه في ضيق وأذى بمجرد زوال ذلك عنه ؛ فليعطها الانسان قدرها ويأخذ نصيبه منها غير مشتغل بذلك.*
٦- الفقر ليس عيبا والتقلل من الدنيا فمن كان كذلك فليكثر من العمل الصالح فهو خير له وليسأل الله من فضله؛ وليعلم أن الله صرف عنه مايشغله فلا يفرط في طاعته؛ اما من كانت الدنيا بين يديه وقلبه لاه غافل عن طاعته فليحاسب نفسه في تقصيرها قبل فوات الاوان وليشكر ربه على نعمه.
٧- لابد من تربيةالأبناء على التواضع والزهد والقناعة فهي صفات المؤمنين؛ وإذا نشأ الابن عليها كان بإذن الله من الشاكرين فيسهل عليه حينئذ محبة الطاعة وبغض المعصية.
٨- مهما رأى الانسان من غرور الدنيا وانفتاحها للكفرة الفاسقين فلا يخدع بذلك فقد عجلت لهم طيباتهم في الدنيا لما ينتظرهم من العذاب في الآخرة وهذا من رحمة الله بهم وعدله؛ فلا نتشبه بهم في عاداتهم ولنعلم أن ذلك طريق لمحبتهم ومشابهتهم ومن ثم محبة دينهم وماهم عليه فالحذر الحذر من دخول أبواب الشرك والتساهل بها.
٩- بعض الأمور المؤدية للمحرمات والتي تساهل كثير من الناس بها خصوصا الشباب والشابات مثل التصوير المحرم ودخول المواقع الاباحية او الانشغال برؤية المقاطع الغير نافعة هو طريق للمعاصي وانتكاس القلب وبعده عن ربه ؛ فينبغي مجاهدة النفس ومنعها عن ذلك حفاظا على القلب واشغاله بماينفعه من علم وذكر وقرآن لتكون حياته طيبة مطمئنة .
١٠- الاكثار من الدعاء والنوافل يعين العبد على الانس بها والانصراف عن ماهو دونها ،ومن الأدعية العظيمة قول:( اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ومن نفس لاتشبع ومن عين لاتدمع* ومن دعوة لايستجاب لها) وغيرها من الأدعية التي تعين على صلاح القلب وتجرده من الهوى ورجوعه لخالقه.
والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 6 جمادى الآخرة 1443هـ/9-01-2022م, 10:53 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الغامدي مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية* بالأسلوب الوعظي
قوله تعالى ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) سورة التكاثر.

يذكر الله تعالى الانسان في هذه الآية ويعظهم ان ماحصلوه من نعم في الدنيا سيسألون عنه يوم القيامة،وذلك دفعا لهم للاهتمام بالاخرة والتزود من العمل الصالح وعدم الاشتغال بالمتع الدنيوية والاستغراق فيها لأنها مجرد ممر والآخرة المرجع والمقر ،
قال ابن كثير: أي يسألون عن شكر النعم التي أنعم الله عليهم.
عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النّاس: الصّحّة والفراغ)). البخاري.
قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} الآية).
قال الأشقر: النعيم إما عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل الصالح ؛ او السؤال عن الأمن والصحة والفراغ وغيره.
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فَقَرَأَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ؟! وَإِنَّمَا هُمَا الأَسْوَدَانِ: الْمَاءُ وَالتَّمْرُ، وَسُيُوفُنَا عَلَى رِقَابِنَا، وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ، فَعَنْ أَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ؟! قَالَ: ((أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ)).
وهذا النعيم سنسأل عنه يوم القيامة وفيه من العظات:
١- أن الدنيا دار ممر وليست مقر فالهدف من الخلق هو العبادة ، والدنيا نأخذ منا مايكفي ولا نبالغ في الزيادة.
٢- عبادة الشكر عبادةعظيمة فقد قال تعالى:( لئن شكرتم لأزيدنكم) وهي عبادة قوية على الشيطان ولذلك قال في سورة الأعراف:( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجد أكثرهم شاكرين).
٣- الرضا بالقليل والقناعة بالرزق من صفات الصالحين ودليل على عدم تعلق القلب بالدنيا ؛ وإذا كان العبد كذلك أقبل على طاعة الله وابتعد عن اللهو.
٤- اللام للقسم والتأكيد( لتسألن) وفيه إنذار للعباد ان ماأنتم فيه من أمور الدنيا وإن كان مباحا فهو شاغل لكم عن الطاعات التي خلقتم لأجلها ولذلك ستسألون عن إضاعة وقتكم في مالافائدة فيه . قال صلى الله عليه وسلم:( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عمره فيم أفناه،* وشبابه فيم أبلاه؛وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعلمه ماذا عمل به).
٥- كماقيل( النعيم لايدرك بالنعيم)فدار الدنيا دار عمل وليست دار راحة واشتغال بالملهيات ؛ فالمؤمن يعلم هذه الحقيقة وتجده مجتهد في العبادة حريص عليها
وهي تزيده سعادة وانشراحا حيث نال معية ربه؛ والعاصي رغم انه متمتع بها مشغل أوقاته بذلك إلا أنه في ضيق وأذى بمجرد زوال ذلك عنه ؛ فليعطها الانسان قدرها ويأخذ نصيبه منها غير مشتغل بذلك.*
٦- الفقر ليس عيبا والتقلل من الدنيا فمن كان كذلك فليكثر من العمل الصالح فهو خير له وليسأل الله من فضله؛ وليعلم أن الله صرف عنه مايشغله فلا يفرط في طاعته؛ اما من كانت الدنيا بين يديه وقلبه لاه غافل عن طاعته فليحاسب نفسه في تقصيرها قبل فوات الاوان وليشكر ربه على نعمه.
٧- لابد من تربيةالأبناء على التواضع والزهد والقناعة فهي صفات المؤمنين؛ وإذا نشأ الابن عليها كان بإذن الله من الشاكرين فيسهل عليه حينئذ محبة الطاعة وبغض المعصية.
٨- مهما رأى الانسان من غرور الدنيا وانفتاحها للكفرة الفاسقين فلا يخدع بذلك فقد عجلت لهم طيباتهم في الدنيا لما ينتظرهم من العذاب في الآخرة وهذا من رحمة الله بهم وعدله؛ فلا نتشبه بهم في عاداتهم ولنعلم أن ذلك طريق لمحبتهم ومشابهتهم ومن ثم محبة دينهم وماهم عليه فالحذر الحذر من دخول أبواب الشرك والتساهل بها.
٩- بعض الأمور المؤدية للمحرمات والتي تساهل كثير من الناس بها خصوصا الشباب والشابات مثل التصوير المحرم ودخول المواقع الاباحية او الانشغال برؤية المقاطع الغير نافعة هو طريق للمعاصي وانتكاس القلب وبعده عن ربه ؛ فينبغي مجاهدة النفس ومنعها عن ذلك حفاظا على القلب واشغاله بماينفعه من علم وذكر وقرآن لتكون حياته طيبة مطمئنة .
١٠- الاكثار من الدعاء والنوافل يعين العبد على الانس بها والانصراف عن ماهو دونها ،ومن الأدعية العظيمة قول:( اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ومن نفس لاتشبع ومن عين لاتدمع* ومن دعوة لايستجاب لها) وغيرها من الأدعية التي تعين على صلاح القلب وتجرده من الهوى ورجوعه لخالقه.
والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
رسالة تفسيرية* بالأسلوب الوعظي
قوله تعالى ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) سورة التكاثر.

يذكر الله تعالى الانسان في هذه الآية ويعظهم ان ماحصلوه من نعم في الدنيا سيسألون عنه يوم القيامة،وذلك دفعا لهم للاهتمام بالاخرة والتزود من العمل الصالح وعدم الاشتغال بالمتع الدنيوية والاستغراق فيها لأنها مجرد ممر والآخرة المرجع والمقر ،
قال ابن كثير: أي يسألون عن شكر النعم التي أنعم الله عليهم.
عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النّاس: الصّحّة والفراغ)). البخاري.
قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} الآية).
قال الأشقر: النعيم إما عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل الصالح ؛ او السؤال عن الأمن والصحة والفراغ وغيره.
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فَقَرَأَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ؟! وَإِنَّمَا هُمَا الأَسْوَدَانِ: الْمَاءُ وَالتَّمْرُ، وَسُيُوفُنَا عَلَى رِقَابِنَا، وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ، فَعَنْ أَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ؟! قَالَ: ((أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ)).
وهذا النعيم سنسأل عنه يوم القيامة وفيه من العظات:
١- أن الدنيا دار ممر وليست مقر فالهدف من الخلق هو العبادة ، والدنيا نأخذ منا مايكفي ولا نبالغ في الزيادة.
٢- عبادة الشكر عبادةعظيمة فقد قال تعالى:( لئن شكرتم لأزيدنكم) وهي عبادة قوية على الشيطان ولذلك قال في سورة الأعراف:( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجد أكثرهم شاكرين).
٣- الرضا بالقليل والقناعة بالرزق من صفات الصالحين ودليل على عدم تعلق القلب بالدنيا ؛ وإذا كان العبد كذلك أقبل على طاعة الله وابتعد عن اللهو.
٤- اللام للقسم والتأكيد( لتسألن) وفيه إنذار للعباد ان ماأنتم فيه من أمور الدنيا وإن كان مباحا فهو شاغل لكم عن الطاعات التي خلقتم لأجلها ولذلك ستسألون عن إضاعة وقتكم في مالافائدة فيه . قال صلى الله عليه وسلم:( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عمره فيم أفناه،* وشبابه فيم أبلاه؛وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعلمه ماذا عمل به).
٥- كماقيل( النعيم لايدرك بالنعيم)فدار الدنيا دار عمل وليست دار راحة واشتغال بالملهيات ؛ فالمؤمن يعلم هذه الحقيقة وتجده مجتهد في العبادة حريص عليها
وهي تزيده سعادة وانشراحا حيث نال معية ربه؛ والعاصي رغم انه متمتع بها مشغل أوقاته بذلك إلا أنه في ضيق وأذى بمجرد زوال ذلك عنه ؛ فليعطها الانسان قدرها ويأخذ نصيبه منها غير مشتغل بذلك.*
٦- الفقر ليس عيبا والتقلل من الدنيا فمن كان كذلك فليكثر من العمل الصالح فهو خير له وليسأل الله من فضله؛ وليعلم أن الله صرف عنه مايشغله فلا يفرط في طاعته؛ اما من كانت الدنيا بين يديه وقلبه لاه غافل عن طاعته فليحاسب نفسه في تقصيرها قبل فوات الاوان وليشكر ربه على نعمه.
٧- لابد من تربيةالأبناء على التواضع والزهد والقناعة فهي صفات المؤمنين؛ وإذا نشأ الابن عليها كان بإذن الله من الشاكرين فيسهل عليه حينئذ محبة الطاعة وبغض المعصية.
٨- مهما رأى الانسان من غرور الدنيا وانفتاحها للكفرة الفاسقين فلا يخدع بذلك فقد عجلت لهم طيباتهم في الدنيا لما ينتظرهم من العذاب في الآخرة وهذا من رحمة الله بهم وعدله؛ فلا نتشبه بهم في عاداتهم ولنعلم أن ذلك طريق لمحبتهم ومشابهتهم ومن ثم محبة دينهم وماهم عليه فالحذر الحذر من دخول أبواب الشرك والتساهل بها.
٩- بعض الأمور المؤدية للمحرمات والتي تساهل كثير من الناس بها خصوصا الشباب والشابات مثل التصوير المحرم ودخول المواقع الاباحية او الانشغال برؤية المقاطع الغير نافعة هو طريق للمعاصي وانتكاس القلب وبعده عن ربه ؛ فينبغي مجاهدة النفس ومنعها عن ذلك حفاظا على القلب واشغاله بماينفعه من علم وذكر وقرآن لتكون حياته طيبة مطمئنة .
١٠- الاكثار من الدعاء والنوافل يعين العبد على الانس بها والانصراف عن ماهو دونها ،ومن الأدعية العظيمة قول:( اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ومن نفس لاتشبع ومن عين لاتدمع* ومن دعوة لايستجاب لها) وغيرها من الأدعية التي تعين على صلاح القلب وتجرده من الهوى ورجوعه لخالقه.
والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
أحسنتِ بارك الله فيك وأحسن إليكِ.
- بدأتِ رسالتك بالأسلوب الوعظي ثم انتقلت إلى الأسلوب الاستنتاجي مما أضعف جانب الترغيب والتذكير واستحثاث المحبة والرجاء في القلوب، فالظاهر أنّ جانب الترهيب غالب على الرسالة، والموازنة مطلوبة.
- كان يحسن توظيف الفوائد والعظات التي ذكرت في النص بدون الفصل بينها بنقاط.
الدرجة:ب+


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11 جمادى الآخرة 1443هـ/14-01-2022م, 12:44 AM
هند محمد المصرية هند محمد المصرية غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 205
افتراضي

تفسير قوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(

الأسلوب الوعظي :
إنها آية عظيمة، تقود قلب العبد المؤمن إلى محبة الله والرجاء فيه، وتبعث في نفسه الهيبة والخوف.
فإن كانت هذه الآية نزلت في -خولة بنت ثعلبة- التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها -أوس بن الصامت- إلا أنها عامة، فالعبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما أورد السعدي في تفسيره.
فإن المؤمن العارف بربه، يعلم أن الله سميع، والسميع اسم من أسماء الله الحسنىومعناه:سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والباطنة الخفية والجلية، وإحاطته التامة بها، وهذا المعنى يبث في نفس المؤمن الخوف والهيبة من الله الذي يسمع كل شئ ولا يخفى عليه شئ، فليحذر المؤمن من سمع الله وإحطاته به فلا تخفى عليه خافية.
فيكون ذلك داعيا للعبد أن يقل خيرا أو ليصمت فأين يذهب من سمع الله.
ومعنى اسم السميع أيضًا: سمع الإجابة منه للسائلين والداعين والعابدين فيجيبهم ويثيبهم ، فما أجمل هذا المعنى وما أعظم ما يغرسه في قلب العبد المؤمن من محبة الله والرجاء فيه، فهو السميع لعباده ولسؤالهم ودعاءهم، وهو المجيب لهم.
ولعل هنا نستطيع أن نربط بين ما ورد عن سؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : أبعيد ربنا فنناديه، أم قريب فنناجيه؟
فنزل قوله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع)
فربنا سميع قريب مجيب.
فلما جاءت خولة تشتكي زوجها الذي ظاهرها، بعد الصحبة والأولاد وكان شيخا كبيرا وقال لها لها أنت محرمة علي كظهر أمي، نزلت هذه الآية، وفيها إجابة سؤالها.
فقد سمعها الله وسمع شكوتها، على الرغم أنه كما ذكرت السيدة عائشة أنها كانت معهما ولم تسمع حديثهما، لكن الله يسمع.
فعن عروة عن عائشة قالت: الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها، لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله وأنا في جانب البيت لا أدري ما يقول فأنزل الله ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها﴾
يسمع ربنا تلك المرأة التي جاءت تشتكي همها كما ذكر الطبري في تفسيره، أنها جاءت تشتكي همها لرسول الله فأجابها الله السميع لعباده، البصير بهم وبأحوالهم، وبصير بما يعلمون وبما يفعلون.
وفي الأية إشارة أن الله سيزيل عنها ما أهمها ويرفع عنها ما ألم بها.
ولو تأملنا في معاني الآية لتحركت قلوبنا معها، فتزداد محبتنا لله.
وثمرات زيادة محبة العبد لربه

• تعظيم الله ، فكلما زادت المحبة زاد التعظيم.
• حسن الإقبال على الله والاستغناء به عن غيره.
• تعلق القلب بالله وحده، وعدم التعلق بالمخلوقين.
فمن عرف ربه أحبه، ومن أحبه أقبل عليه، ولجأ له في السراء والضراء، في العسر واليسر وفي الشدة والرخاء.
فإن كان مهموما بث شكواه إليه، وإن كان له حاجة ناجاه فهو سميع له.
فلا ملجأ ولا منجا إلا إليه.
وقد ذكر ابن القيم معنى نفيس في حال استجابة الله لعبد الحامد له فقال عن معنى : سمع الله لمن حمده : وأما سمع الله لمن حمده فقال السهيلي: مفعول سمع محذوف لأن السمع متعلق بالأقوال والأصوات دون غيرها فاللام على بابها إلا أنها تؤذن بمعنى زائد وهو الاستجابة المقارنة للسمع فاجتمع في الكلمة الإيجاز والدلالة على الزائد وهي الاستجابة لمن حمده.
وعليه فإن من أدرك معنى سمع الله وبصره لزم مراقبة الله
وللمراقبة فوائد وثمرات منها:-
• أنها تجعل العبد يصل في عمله إلى درجة الإحسان وهي اعلى درجات الدين.
• تجعل المسلم متذكرا لربه دائما فيرغب في العمل الصالح ويزهد في المعصية.
• تجعل المسلم حريص على الأمانة في اقواله وأفعاله.
ولعلنا نستعين بالله على مراقبته فهو السميع البصير.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 17 جمادى الآخرة 1443هـ/20-01-2022م, 08:58 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هند محمد المصرية مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(

الأسلوب الوعظي :
إنها آية عظيمة، تقود قلب العبد المؤمن إلى محبة الله والرجاء فيه، وتبعث في نفسه الهيبة والخوف.
فإن كانت هذه الآية نزلت في -خولة بنت ثعلبة- التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها -أوس بن الصامت- إلا أنها عامة، فالعبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما أورد السعدي في تفسيره.
فإن المؤمن العارف بربه، يعلم أن الله سميع، والسميع اسم من أسماء الله الحسنىومعناه:سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والباطنة الخفية والجلية، وإحاطته التامة بها، وهذا المعنى يبث في نفس المؤمن الخوف والهيبة من الله الذي يسمع كل شئ ولا يخفى عليه شئ، فليحذر المؤمن من سمع الله وإحطاته به فلا تخفى عليه خافية.
فيكون ذلك داعيا للعبد أن يقل خيرا أو ليصمت فأين يذهب من سمع الله.
ومعنى اسم السميع أيضًا: سمع الإجابة منه للسائلين والداعين والعابدين فيجيبهم ويثيبهم ، فما أجمل هذا المعنى وما أعظم ما يغرسه في قلب العبد المؤمن من محبة الله والرجاء فيه، فهو السميع لعباده ولسؤالهم ودعاءهم، وهو المجيب لهم.
ولعل هنا نستطيع أن نربط بين ما ورد عن سؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : أبعيد ربنا فنناديه، أم قريب فنناجيه؟
فنزل قوله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع)
فربنا سميع قريب مجيب.
فلما جاءت خولة تشتكي زوجها الذي ظاهرها، بعد الصحبة والأولاد وكان شيخا كبيرا وقال لها لها أنت محرمة علي كظهر أمي، نزلت هذه الآية، وفيها إجابة سؤالها.
فقد سمعها الله وسمع شكوتها، على الرغم أنه كما ذكرت السيدة عائشة أنها كانت معهما ولم تسمع حديثهما، لكن الله يسمع.
فعن عروة عن عائشة قالت: الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها، لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله وأنا في جانب البيت لا أدري ما يقول فأنزل الله ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها﴾
يسمع ربنا تلك المرأة التي جاءت تشتكي همها كما ذكر الطبري في تفسيره، أنها جاءت تشتكي همها لرسول الله فأجابها الله السميع لعباده، البصير بهم وبأحوالهم، وبصير بما يعلمون وبما يفعلون.
وفي الأية إشارة أن الله سيزيل عنها ما أهمها ويرفع عنها ما ألم بها.
ولو تأملنا في معاني الآية لتحركت قلوبنا معها، فتزداد محبتنا لله.
وثمرات زيادة محبة العبد لربه

• تعظيم الله ، فكلما زادت المحبة زاد التعظيم.
• حسن الإقبال على الله والاستغناء به عن غيره.
• تعلق القلب بالله وحده، وعدم التعلق بالمخلوقين.
فمن عرف ربه أحبه، ومن أحبه أقبل عليه، ولجأ له في السراء والضراء، في العسر واليسر وفي الشدة والرخاء.
فإن كان مهموما بث شكواه إليه، وإن كان له حاجة ناجاه فهو سميع له.
فلا ملجأ ولا منجا إلا إليه.
وقد ذكر ابن القيم معنى نفيس في حال استجابة الله لعبد الحامد له فقال عن معنى : سمع الله لمن حمده : وأما سمع الله لمن حمده فقال السهيلي: مفعول سمع محذوف لأن السمع متعلق بالأقوال والأصوات دون غيرها فاللام على بابها إلا أنها تؤذن بمعنى زائد وهو الاستجابة المقارنة للسمع فاجتمع في الكلمة الإيجاز والدلالة على الزائد وهي الاستجابة لمن حمده.
وعليه فإن من أدرك معنى سمع الله وبصره لزم مراقبة الله
وللمراقبة فوائد وثمرات منها:-
• أنها تجعل العبد يصل في عمله إلى درجة الإحسان وهي اعلى درجات الدين.
• تجعل المسلم متذكرا لربه دائما فيرغب في العمل الصالح ويزهد في المعصية.
• تجعل المسلم حريص على الأمانة في اقواله وأفعاله.
ولعلنا نستعين بالله على مراقبته فهو السميع البصير.
أحسنتِ سددكِ الله.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 24 جمادى الآخرة 1443هـ/27-01-2022م, 08:34 AM
هاجر محمد أحمد هاجر محمد أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 200
افتراضي

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6))
يخاطب الله تعالى جنس الإنسان مؤمنهم وكافرهم ، بأنك يا ابن آدم عامل في الدنيا عملاً وستلاقي ما عملت خيراً كان أو شراً.
والكدح :هو السعي والعمل بجد
عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال جبريل : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه " . رواه أبو داود الطيالسي
فهذه الأعمال لا تضيع سدى ،فهناك نهاية وهناك حساب وجزاء
وقوله تعالى (إنك كادح الى ربك )
يبين للإنسان بأن عمله وسعيه سينتهي ،وسينتهي بملاقاة الله بعمله ، وخاطب الله الإنسان باسم الرّب ليشعر الإنسان بأنه عبد مربوب مملوك لله تعالى ، وله ربّ سيسأله عن ما فعله بأوامره ونواهيه.
قال قتادة، قوله ): يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (إن كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل، ولا قوّة إلا بالله .
ففي الأية بيان أن الأعمال سيحاسب عليها الإنسان فلا يتهاون بما يفعله وبما يقوله .
و(كدحاً) تأكيد لكادح ، أي أنك أيها الإنسان ساعٍ فلا مهرب ولا مفر ، وكدحك الى نهاية وهو الموت ثم يبعث ويلاقي ما عمل .
و الأية تذكر الإنسان بأن تعبه وسعيه في الدنيا له زمن وسينقضي ، فلينظر الإنسان فيما كان كدحه ، فإن كان في طاعة الله فالأية تذكره بأنه سيلقى ما عمل فيجد الإنسان في الطاعة آكثر ويصبر عليها ، وإن كان في غير ذلك فإن الله يخوفه ويذكره بأن أعماله لا تضيع وأنه سيجد أعماله وسيحاسب عليها فليحذر من كان على حالة لا ترضي الله .
والآية تشعر بدوام مراقبة الله في الأعمال التي يسعى بها الإنسان في دنياه وأن تكون على حالة ترضي الله عزوجل ، فلا يكون كدحه وكده الا بما يسره ويرضيه عند ملاقاة ربه
والأيات التي بعدها تبين جزاء من كان أهل الطاعات وجزاء من كان في الدنيا على حال لا ترضي الله عزوجل
جعلنا الله ممن يأخذ كتابه بيمينه
































رد مع اقتباس
  #16  
قديم 26 جمادى الآخرة 1443هـ/29-01-2022م, 12:08 AM
دينا المناديلي دينا المناديلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 231
افتراضي

رسالة تفسيرية في قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)}
بالأسلوب الوعظي.


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

مما قيل في تعريف التقوى: أن يفعل الإنسان من الخير ما يقيه ويحول بينه وبين غضب الله، فمادة التقوى تدور حول اتخاذ الوقاية مما يوجب العذاب وهي تشمل فعل المأمورات واجتناب المنهيات.
فكأن المتقي كالماشي في طريق ذا شوك يشمر ويجتهد ألا يدوس شوكا، فكذا التقوى اجتهاد المرء في اتقاء ما يضره وطلب ما ينفعه، وعلى هذا قول الشاعر:

خــل الذنــوب صغــيرها وكبيــرها ذاك التقــى
واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقــرن صغيــرة إن الجبال مــن الحصــى


والتقوى هي التي تدفع العبد لفعل الخير وتبعده عن كل شر. وقد روى ابن كثير عن عَنِ الإمامِ أحْمَدَ «فِي مَجِيءِ قَوْمٍ مِن مُضَرَ، مُجْتابَيِ الثِّمارِ والعَباءَةِ، حُفاةٍ عُراةٍ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، فَيَتَمَعَّرُ وجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ،
فَأمَرَ بِلالًا يُنادِي لِلصَّلاةِ، فَصَلّى ثُمَّ خَطَبَ النّاسَ وقَرَأ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ،
وقَرَأ الآيَةَ الَّتِي في سُورَةِ ”الحَشْرِ“: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ ا تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينارِهِ مِن دِرْهَمِهِ مِن ثَوْبِهِ مِن صاعِ بُرِّهِ مِن صاعِ تَمْرِهِ حَتّى قالَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ
قالَ: فَجاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ بِصُرَّةٍ كادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْها بَلْ قَدْ عَجَزَتْ قالَ ثُمَّ تَتابَعَ النّاسُ حَتّى رَأيْتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعامٍ وثِيابٍ حَتّى رَأيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتَهَلَّلُ وجْهُهُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ
فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُها وأجْرُ مَن عَمِلَ بِها بَعْدَهُ مِن غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شَيْءٌ "» الحَدِيثَ.

فهذه التقوى التي حملت الصحابي على بذل ماله حتى سُرَّ بذلك رسولنا الكريم وكان لهذا الصحابي الأجر العظيم، فقد سنّ سنّة حسنة أتى من بعده متتابعون ليتصدقوا هم أيضا.

وفي حَدِيثِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ آواهُمُ المَبِيتُ إلى الغارِ، ومِنهُمُ الرَّجُلُ مَعَ ابْنَةِ عَمِّهِ لَمّا قالَتْ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ ولا تَفُضَّ الخاتَمَ إلّا بِحَقِّهِ، فَقامَ عَنْها وتَرَكَ لَها المالَ.
فهنا هذا الرجل لمّا ذُكِّرَ بتقوى الله انتهى فكانت التقوى رادعا له عن معصية الله.

وقد جعلها الشاعر جرير السعادة كل السعادة فقد قال:

وَلَسْتُ أرى السَّعادَةَ جَمْعَ مالٍ ولَكِنَّ التَّقِيَّ هو السَّعِيدُ

فَتَقْوى اللَّهِ خَيْرُ الزّادِ ذُخْرًا ∗∗∗ وعِنْدَ اللَّهِ لِلْأتْقى مَزِيدُ


والتقوى أمر قد أمر الله به.
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} وقال تعالى : { فاتقوا الله يا أولي الألباب}
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأنه يحب المتقين، قال تعالى: { والله يحب المتقين}
وقد أخبرنا أنّ للمتقين ثوابٌ عظيم ألا وهو جنات النعيم، قال تعالى: { إنّ للمتقين عند ربهم جنات النعيم}
وهذا كله يدلّ على عظم شأن هذه العبادة وأجرها العظيم وفضلها.
فهذه ثلاثة أمور، أمر الله بها وأخبرنا أنه يحب من اتصف بها وأخبرنا بإثابته جنات النعيم للمتقين، مما يدل على أنها عبادة، وبما أنها عبادة فلا بد فيها من إخلاص ومتابعة وعدم صرف هذه العبادة لغير الله


وننتقل للحديث عن الأمر بالتقوى في قول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)}
يأمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأن يجعلوا بينهم وبين ما يغضبه وقاية لهم، فيلتزموا تقواه والعمل بما يحبه ويرضاه واجتناب ما عنه نهى وزجر والاستعداد ليوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم،
ويأمرهم بمحاسبة أنفسهم قبل أن يُحاسبوا فيستحثهم ذلك على العمل والإحسان والإزدياد والإقلاع عن التقصير الذي وقعوا فيه وإصلاح عيوبهم وعلل قلوبهم، فيقدمّوا من الأعمال ما ينجيهم من عذاب الله،
والله هو الخبير بعباده الذي لا تخفى عنه منهم خافية، يعلم سرهم ونجواهم عليم بما تكنه صدورهم عليمٌ بنواياهم وأحوالهم ومجازيهم يوم القيامة على أعمالهم.

وفي هذه الآية لطائف نبينها فيما يلي:

اللطيفة الأولى : النداء مختص بالمؤمنين، فهم الذين ينتفعون بالتقوى وهم الذين يُشفقون لمّا يُذَكَّروا بالتقوى.
وقد روي عن ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّ رَجُلًا أتاهُ فَقالَ: اعْهَدْ لِي، فَقالَ: إذا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَأرْعِها سَمْعَكَ فَإنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ أوْ شَرٌ تَنْهى عَنْهُ.

اللطيفة الثانية: تنكير النفس يفيد العموم في سياق الأمر، فالأمر بالنظر يعم كل نفس، وهذا العموم يفيد التحذير
اللطيفة الثالثة: يفيد تنكير الغد تعظيم أمره وهوله وإبهامه ، فالأنفس لا تعلم متى الساعة وعظم أمرها وأهوالها.

اللطيفة الرابعة: العرب تكني عن المستقبل بالغد، فالغد في الأصل هو اليوم الذي يلي الليلة ، وأطلق على يوم القيامة تقريبا له وذلك ينبه العباد على قرب الساعة ،
قال قتادة: ما زال ربكم يقرّب الساعة حتى جعلها كغد، وغدٌ يوم القيامة. وكلُّ ما هو آت فهو قريب.

اللطيفة الخامسة: مجيء لفظ (قدمت) بصيغة الماضي أسلوب يفيد الحث على الإسراع في عمل الصالحات وعدم التسويف،
فإن كان الإنسان قد ملك ما قدّم في ماضيه، فإنّه لا يملك ما يكون في غده ولا يعلم كيف يكون عمله فيه.

اللطيفة السادسة: تكرار الأمر بالتقوى يفيد التأكيد ويوجه العبد للعناية والاهتمام بمراقبة الله تعالى ومباشرة أسباب حصول التقوى.
وقد يفيد الأمر بالتقوى في أول الآية النظر لما قدّم الإنسان من عمل في الماضي ومحاسبة النفس عليه وهذا الذي تفيده ( ما ) العامة
ولفظ (قدّمت) الذي هو بصيغة الماضي، أما الأمر الثاني بالتقوى فيكونُ مختصا بما يُستقبل ويدلّ على هذا ختام الآية {واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ، فعلى هذا لا يكون الأمر الثاني بالتقوى تكرارا لنفس المعنى.

فمن واجبنا أن نراقب الله سبحانه وتعالى في أفعالنا، ونسارع إلى التوبة من كل تقصير بدر منا، نسارع في إصلاح عيوبنا وآفات قلوبنا، نتعرف الداء ثم نجتهد ونستعين بالله ونأتي بما يرضي الله في تحصيل الدواء،
فإنّ الخبير يعلم ما في أنفسنا من خير وشر، ويعلم ما يكون في القلوب من إرادات لا ترضيه، ونوايا لا ترضيه، يعلم صدقنا إن صدقنا ويعلمُ تقصيرنا إن ابتعدنا.
ومن العلل والأمراض التي تكون في القلوب ما يحتاج معه من اجتهاد عظيم واستعانة بالله عظيمة حتى يتحقق الشفاء منه بإذن الله.
ولينظر الإنسان إلى عظمة من يعصيه، وإلى عظمة من جعله أهون الناظرين إليه وهو مقيم على ذنبه، يردد : سيغفر لنا وهو مقيم لا يحرك ساكنا ولا يتوب إلى الله من تقصيره،
فكيف يرى أنه سيغفر له وهو لا يحاول ولا حتى يريد أن يحاول، بل كان محتقرا للصغائر ويظن أنه سيغفر له ولم ينظر لعظمة من عصى، وقد قال الشاعر:

لا تحقــرن صغيــرة إن الجبال مــن الحصــى

هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيه محمد .

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 21 رجب 1443هـ/22-02-2022م, 09:28 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هاجر محمد أحمد مشاهدة المشاركة
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6))
يخاطب الله تعالى جنس الإنسان مؤمنهم وكافرهم ، بأنك يا ابن آدم إنك عامل في الدنيا عملاً وستلاقي ما عملت خيراً كان أو شراً.
والكدح :هو السعي والعمل بجد
عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال جبريل : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه " . رواه أبو داود الطيالسي
فهذه الأعمال لا تضيع سدى ،فهناك نهاية وهناك حساب وجزاء
وقوله تعالى (إنك كادح الى ربك )
يبين للإنسان بأن عمله وسعيه سينتهي ،وسينتهي بملاقاة الله بعمله ، وخاطب الله الإنسان باسم الرّب ليشعر الإنسان بأنه عبد مربوب مملوك لله تعالى ، وله ربّ سيسأله عن ما فعله بأوامره ونواهيه.
قال قتادة، قوله ): يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (إن كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل، ولا قوّة إلا بالله .
ففي الأية بيان أن الأعمال سيحاسب عليها الإنسان فلا يتهاون بما يفعله وبما يقوله .
و(كدحاً) تأكيد لكادح ، أي أنك أيها الإنسان ساعٍ فلا مهرب ولا مفر ، وكدحك الى نهاية وهو الموت ثم يبعث ويلاقي ما عمل .
و الأية تذكر الإنسان بأن تعبه وسعيه في الدنيا له زمن وسينقضي ، فلينظر الإنسان فيما كان كدحه ، فإن كان في طاعة الله فالأية تذكره بأنه سيلقى ما عمل فيجد الإنسان في الطاعة آكثر ويصبر عليها ، وإن كان في غير ذلك فإن الله يخوفه ويذكره بأن أعماله لا تضيع وأنه سيجد أعماله وسيحاسب عليها فليحذر من كان على حالة لا ترضي الله .
والآية تشعر بدوام مراقبة الله في الأعمال التي يسعى بها الإنسان في دنياه وأن تكون على حالة ترضي الله عزوجل ، فلا يكون كدحه وكده الا بما يسره ويرضيه عند ملاقاة ربه
والأيات التي بعدها تبين جزاء من كان أهل الطاعات وجزاء من كان في الدنيا على حال لا ترضي الله عزوجل
جعلنا الله ممن يأخذ كتابه بيمينه

أحسنتِ بارك الله فيكِ.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 21 رجب 1443هـ/22-02-2022م, 09:36 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا المناديلي مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)}
بالأسلوب الوعظي.


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

مما قيل في تعريف التقوى: أن يفعل الإنسان من الخير ما يقيه ويحول بينه وبين غضب الله، فمادة التقوى تدور حول اتخاذ الوقاية مما يوجب العذاب وهي تشمل فعل المأمورات واجتناب المنهيات.
فكأن المتقي كالماشي في طريق ذا شوك يشمر ويجتهد ألا يدوس شوكا، فكذا التقوى اجتهاد المرء في اتقاء ما يضره وطلب ما ينفعه، وعلى هذا قول الشاعر:

خــل الذنــوب صغــيرها وكبيــرها ذاك التقــى
واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقــرن صغيــرة إن الجبال مــن الحصــى


والتقوى هي التي تدفع العبد لفعل الخير وتبعده عن كل شر. وقد روى ابن كثير عن عَنِ الإمامِ أحْمَدَ «فِي مَجِيءِ قَوْمٍ مِن مُضَرَ، مُجْتابَيِ الثِّمارِ والعَباءَةِ، حُفاةٍ عُراةٍ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، فَيَتَمَعَّرُ وجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ،
فَأمَرَ بِلالًا يُنادِي لِلصَّلاةِ، فَصَلّى ثُمَّ خَطَبَ النّاسَ وقَرَأ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ،
وقَرَأ الآيَةَ الَّتِي في سُورَةِ ”الحَشْرِ“: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ ا تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينارِهِ مِن دِرْهَمِهِ مِن ثَوْبِهِ مِن صاعِ بُرِّهِ مِن صاعِ تَمْرِهِ حَتّى قالَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ
قالَ: فَجاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ بِصُرَّةٍ كادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْها بَلْ قَدْ عَجَزَتْ قالَ ثُمَّ تَتابَعَ النّاسُ حَتّى رَأيْتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعامٍ وثِيابٍ حَتّى رَأيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتَهَلَّلُ وجْهُهُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ
فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُها وأجْرُ مَن عَمِلَ بِها بَعْدَهُ مِن غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شَيْءٌ "» الحَدِيثَ.

فهذه التقوى التي حملت الصحابي على بذل ماله حتى سُرَّ بذلك رسولنا الكريم وكان لهذا الصحابي الأجر العظيم، فقد سنّ سنّة حسنة أتى من بعده متتابعون ليتصدقوا هم أيضا.

وفي حَدِيثِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ آواهُمُ المَبِيتُ إلى الغارِ، ومِنهُمُ الرَّجُلُ مَعَ ابْنَةِ عَمِّهِ لَمّا قالَتْ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ ولا تَفُضَّ الخاتَمَ إلّا بِحَقِّهِ، فَقامَ عَنْها وتَرَكَ لَها المالَ.
فهنا هذا الرجل لمّا ذُكِّرَ بتقوى الله انتهى فكانت التقوى رادعا له عن معصية الله.

وقد جعلها الشاعر جرير السعادة كل السعادة فقد قال:

وَلَسْتُ أرى السَّعادَةَ جَمْعَ مالٍ ولَكِنَّ التَّقِيَّ هو السَّعِيدُ

فَتَقْوى اللَّهِ خَيْرُ الزّادِ ذُخْرًا ∗∗∗ وعِنْدَ اللَّهِ لِلْأتْقى مَزِيدُ


والتقوى أمر قد أمر الله به.
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} وقال تعالى : { فاتقوا الله يا أولي الألباب}
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأنه يحب المتقين، قال تعالى: { والله يحب المتقين}
وقد أخبرنا أنّ للمتقين ثوابٌ عظيم ألا وهو جنات النعيم، قال تعالى: { إنّ للمتقين عند ربهم جنات النعيم}
وهذا كله يدلّ على عظم شأن هذه العبادة وأجرها العظيم وفضلها.
فهذه ثلاثة أمور، أمر الله بها وأخبرنا أنه يحب من اتصف بها وأخبرنا بإثابته جنات النعيم للمتقين، مما يدل على أنها عبادة، وبما أنها عبادة فلا بد فيها من إخلاص ومتابعة وعدم صرف هذه العبادة لغير الله


وننتقل للحديث عن الأمر بالتقوى في قول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)}
يأمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأن يجعلوا بينهم وبين ما يغضبه وقاية لهم، فيلتزموا تقواه والعمل بما يحبه ويرضاه واجتناب ما عنه نهى وزجر والاستعداد ليوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم،
ويأمرهم بمحاسبة أنفسهم قبل أن يُحاسبوا فيستحثهم ذلك على العمل والإحسان والإزدياد والإقلاع عن التقصير الذي وقعوا فيه وإصلاح عيوبهم وعلل قلوبهم، فيقدمّوا من الأعمال ما ينجيهم من عذاب الله،
والله هو الخبير بعباده الذي لا تخفى عنه منهم خافية، يعلم سرهم ونجواهم عليم بما تكنه صدورهم عليمٌ بنواياهم وأحوالهم ومجازيهم يوم القيامة على أعمالهم.

وفي هذه الآية لطائف نبينها فيما يلي:

اللطيفة الأولى : النداء مختص بالمؤمنين، فهم الذين ينتفعون بالتقوى وهم الذين يُشفقون لمّا يُذَكَّروا بالتقوى.
وقد روي عن ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّ رَجُلًا أتاهُ فَقالَ: اعْهَدْ لِي، فَقالَ: إذا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَأرْعِها سَمْعَكَ فَإنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ أوْ شَرٌ تَنْهى عَنْهُ.

اللطيفة الثانية: تنكير النفس يفيد العموم في سياق الأمر، فالأمر بالنظر يعم كل نفس، وهذا العموم يفيد التحذير
اللطيفة الثالثة: يفيد تنكير الغد تعظيم أمره وهوله وإبهامه ، فالأنفس لا تعلم متى الساعة وعظم أمرها وأهوالها.

اللطيفة الرابعة: العرب تكني عن المستقبل بالغد، فالغد في الأصل هو اليوم الذي يلي الليلة ، وأطلق على يوم القيامة تقريبا له وذلك ينبه العباد على قرب الساعة ،
قال قتادة: ما زال ربكم يقرّب الساعة حتى جعلها كغد، وغدٌ يوم القيامة. وكلُّ ما هو آت فهو قريب.

اللطيفة الخامسة: مجيء لفظ (قدمت) بصيغة الماضي أسلوب يفيد الحث على الإسراع في عمل الصالحات وعدم التسويف،
فإن كان الإنسان قد ملك ما قدّم في ماضيه، فإنّه لا يملك ما يكون في غده ولا يعلم كيف يكون عمله فيه.

اللطيفة السادسة: تكرار الأمر بالتقوى يفيد التأكيد ويوجه العبد للعناية والاهتمام بمراقبة الله تعالى ومباشرة أسباب حصول التقوى.
وقد يفيد الأمر بالتقوى في أول الآية النظر لما قدّم الإنسان من عمل في الماضي ومحاسبة النفس عليه وهذا الذي تفيده ( ما ) العامة
ولفظ (قدّمت) الذي هو بصيغة الماضي، أما الأمر الثاني بالتقوى فيكونُ مختصا بما يُستقبل ويدلّ على هذا ختام الآية {واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ، فعلى هذا لا يكون الأمر الثاني بالتقوى تكرارا لنفس المعنى.

فمن واجبنا أن نراقب الله سبحانه وتعالى في أفعالنا، ونسارع إلى التوبة من كل تقصير بدر منا، نسارع في إصلاح عيوبنا وآفات قلوبنا، نتعرف الداء ثم نجتهد ونستعين بالله ونأتي بما يرضي الله في تحصيل الدواء،
فإنّ الخبير يعلم ما في أنفسنا من خير وشر، ويعلم ما يكون في القلوب من إرادات لا ترضيه، ونوايا لا ترضيه، يعلم صدقنا إن صدقنا ويعلمُ تقصيرنا إن ابتعدنا.
ومن العلل والأمراض التي تكون في القلوب ما يحتاج معه من اجتهاد عظيم واستعانة بالله عظيمة حتى يتحقق الشفاء منه بإذن الله.
ولينظر الإنسان إلى عظمة من يعصيه، وإلى عظمة من جعله أهون الناظرين إليه وهو مقيم على ذنبه، يردد : سيغفر لنا وهو مقيم لا يحرك ساكنا ولا يتوب إلى الله من تقصيره،
فكيف يرى أنه سيغفر له وهو لا يحاول ولا حتى يريد أن يحاول، بل كان محتقرا للصغائر ويظن أنه سيغفر له ولم ينظر لعظمة من عصى، وقد قال الشاعر:
لا تحقــرن صغيــرة إن الجبال مــن الحصــى

هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيه محمد .
أحسنتِ سددكِ الله.
ما ذكرتِ من اللطائف تناسب الأسلوب البياني أكثر من ذكرها في هذا الأسلوب.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir