🔷 المراد بلهو الحديث في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)
- ما حصلت عليه من أحاديث وآثار وأقوال السلف ،وحاولت ترتيبها على التسلسل التاريخي .
- تفسر سفيان الثوري (ت 161 هـ ): ذكره أبو حذيفة النهدي عن حبيب بن أبي ثابتٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء [الآية: 6].
سفيان [الثوري] عن عبد الكريم عن مجاهدٍ قال: هو الغناء وكلّ لعبٍ لهو). [تفسير الثوري: 238]
- قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يزيد بن يونس بن يزيد، عن أبي صخرٍ، عن أبي معاوية البجليّ عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ أنّه سمع عبد اللّه بن مسعودٍ وهو يسأل عن هذه الآية: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله}، فقال عبد اللّه: الغناء، والّذي لا إله إلا هو، يردّدها ثلاث مراتٍ). [الجامع في علوم القرآن: 1/52]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثنا سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في هذه الآية: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علمٍ}، قال: هو الغناء). [الجامع في علوم القرآن: 1/66]
- قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} [لقمان: 6]، يعني: الشّرك.
[تفسير القرآن العظيم: 2/669]
وهو كقوله: {أولئك الّذين اشتروا الضّلالة بالهدى} [البقرة: 175] اختاروا الضّلالة على الهدى في تفسير الحسن.
وقال قتادة: استحبّوا الضّلالة على الهدى.
وتفسير السّدّيّ: {من يشتري لهو الحديث} [لقمان: 6]، يعني: يختار باطل الحديث على القرآن.
خالدٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، وعطاءٍ قال: {لهو الحديث} [لقمان: 6] الغناء.
وقال مجاهدٌ: والاستماع إليه.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: لهو الحديث، الغناء ونحوه.
- قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)(وقوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث...}
نزلت في النضر بن الحارث الداري, وكان يشتري كتب الأعاجم فارس , والروم , وكتب أهل الحيرة ويحدّث بها أهل مكة؛ وإذا سمع القرآن أعرض عنه , واستهزأ به, فذلك قوله: {ويتّخذها هزواً}, وقد اختلف القراء في {ويتّخذها} فرفع أكثرهم، ونصبها يحيى بن وثّاب , والأعمش , وأصحابه, فمن رفع ردّها على {يشتري}, ومن نصبها ردّها على قوله: {ليضلّ عن سبيل اللّه}:وليتّخذها.
وقوله: {ويتّخذها} يذهب إلى آيات القرآن., وإن شئت جعلتها للسبيل؛ لأن السّبيل قد تؤنّث قال {قل هذه سبيلي أدعو إلي الله} , وفي قراءة أبيّ : (وإن يروا سبيل الرشد لا يتّخذوها سبيلاً وإن يروا سبيل الغيّ يتّخذوها سبيل)
- حدثني حبّان , عن ليث , عن مجاهد في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث}, قال: (هو الغناء) .
والأوّل تفسيره , عن ابن عباس.). [معاني القرآن: 2/326-327]
- قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال أما والله لعله ألا يكون أنفق فيه مالا وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق.
قال معمر وبلغني أنها نزلت في بعض بني عبد الدار). [تفسير عبد الرزاق: 2/105]
- قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن عبد الكريم البصري عن مجاهد في قوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال هو الغناء وكل لعب لهو). [تفسير عبد الرزاق: 2/105]
- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ومن النّاس من يشتري لهو الحديث}: نزلت في النّضر بن الحارث، وكان يشتري كتبا فيها أخبار الأعاجم، ويحدث بها أهل مكة، ويقول: «محمد حدثكم أحاديث عاد, وثمود، وأنا أحدثكم أحاديث فارس , والرّوم , وملوك الحيرة.».). [تفسير غريب القرآن: 344]
- قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا قتيبة، قال: حدّثنا بكر بن مضر، عن عبيد الله بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهنّ ولا تعلّموهنّ، ولا خير في تجارةٍ فيهنّ وثمنهنّ حرامٌ، وفي مثل ذلك أنزلت عليه هذه الآية {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه} إلى آخر الآية.
هذا حديثٌ غريبٌ إنّما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف في الحديث، سمعت محمّدًا يقول: القاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف). [سنن الترمذي: 5/198]
- قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 58]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء والباطل ونحو ذلك). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 89]
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ ويتّخذها هزوًا أولئك لهم عذابٌ مّهينٌ}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} فقال بعضهم: من يشتري الشّراء المعروف بالثّمن، ورووا بذلك خبرًا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو ما:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن خلاّدٍ الصّفّار، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا يحلّ بيع المغنّيات، ولا شراؤهنّ، ولا التّجارة فيهنّ، ولا أثمانهنّ، وفيهنّ نزلت هذه الآية: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن خلاّدٍ الصّفّار، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه، إلاّ أنّه قال: أكل ثمنهنّ حرامٌ وقال أيضًا: وفيهنّ أنزل اللّه عليّ هذه الآية: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه}.
- حدّثني عبيد بن آدم بن أبي إياسٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سليمان بن حيّان، عن عمرو بن قيسٍ الكلابيّ، عن أبي المهلّب، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة. قال: وثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن مطّرح بن يزيد، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن القاسم، عن أبي أمامة الباهليّ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: لا يحلّ تعليم المغنّيات، ولا بيعهنّ، ولا شراؤهنّ، وثمن حرامٍ، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب اللّه {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} إلى آخر الآية.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: من يختار لهو الحديث، ويستحبّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ} واللّه لعلّه أن لا ينفق فيه مالاً، ولكن اشتراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضّلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع.
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا أيّوب بن سويدٍ، قال: حدّثنا ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قول اللّه {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: اشتراؤه: استحبابه.
وأولى التّأويلين عندي بالصّواب تأويل من قال: معناه: الشّراء، الّذي هو بالثّمن، وذلك أنّ ذلك هو أظهر معنييه.
فإن قال قائلٌ: وكيف يشتري لهو الحديث؟
قيل: يشتري ذات لهو الحديث، أو ذا لهو الحديث، فيكون مشتريًا لهو الحديث.
وأمّا الحديث، فإنّ أهل التّأويل اختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو الغناء والاستماع له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخرٍ، عن أبي معاوية البجليّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ، أنّه سمع عبد اللّه بن مسعودٍ، وهو يسأل عن هذه الآية، {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ} فقال عبد اللّه: الغناء، والّذي لا إله إلاّ هو، يردّدها ثلاث مرّاتٍ.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا صفوان بن عيسى، قال: أخبرنا حميدٌ الخرّاط، عن عمّارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء، أنّه سأل ابن مسعودٍ عن قول اللّه {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عليّ بن عابسٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، قال: حدّثنا عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء وأشباهه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، والفضل بن الصّبّاح، قالا: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء ونحوه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا الحسين بن عبد الرّحمن الأنماطيّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: حدّثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: هو الغناء والاستماع له، يعني قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث}.
- حدّثنا الحسن بن عبد الرّحيم، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابرٍ، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء والاستماع له.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، أو مقسمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: شراء المغنّية.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، والمحاربيّ، عن ليثٍ، عن الحكم، عن ابن عبّاسٍ، قال: الغناء.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه} قال: باطل الحديث: هو الغناء ونحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وابن المثنّى، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حبيبٍ، عن مجاهدٍ، {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ وعبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ أنّه قال في هذه الآية {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حبيبٍ، عن مجاهدٍ قال: الغناء.
- قال: حدّثنا أبي، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ، {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء، وكلّ لعبٍ لهوٌ.
- حدّثنا الحسين بن عبد الرّحمن الأنماطيّ، قال: حدّثنا عليّ بن حفصٍ الهمدانيّ، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء والاستماع له وكلّ لهو.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: المغنّي والمغنّية بالمال الكثير، أو استماعٌ إليه، أو إلى مثله من الباطل.
- حدّثني يعقوب وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن عليّة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء، أو الغناء منه، أو الاستماع له.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثّام بن عليٍّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن شعيب بن يسارٍ، عن عكرمة، قال: {لهو الحديث} الغناء.
- حدّثني عبيد بن إسماعيل الهبّاريّ، قال: حدّثنا عثّامٌ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن شعيب بن يسارٍ، هكذا قال عكرمة، عن عبيدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن بن الزّبرقان النّخعيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، وعبيد اللّه، عن أسامة، عن عكرمة، في قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة، قال: الغناء.
وقال آخرون: عنى باللّهو: الطّبل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: اللّهو: الطّبل.
وقال آخرون: عنى بلهو الحديث: الشّرك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} يعني الشّرك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ ويتّخذها هزوًا} قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله: {وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبرًا كأن لم يسمعها كأنّ في أذنيه وقرًا} فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناسٌ يقولون: هي فيكم، وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الّذي كانوا يلغون فيه.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.
- ومما طبع في تفسير النيسابوري (ت 261هـ ) في قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث الداري وكان يشتري كتبًا فيها أخبار الأعاجم ويحدث بها أهل مكة، ويقول: محمد يحدثكم أحاديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم حديث(١) فارس والروم وملوك الحيرة(٢).
قال مقاتل: لهو الحديث: باطل الحديث، يعني باع القرآن بالحديث الباطل حديث رستم وأسفنديار، فزعم أن القرآن مثل حديث الأولين(٣). وهذا القول هو [قول](٤) الفراء وابن قتيبة(٥)، وهو قول ابن عباس في رواية عطاء قال: ومن يشتري(٦) هو النضر بن الحارث خرج إلى الحيرة فاشتري أحاديث الأولين، وجاء بها إلى مكة، واجتمع إليه المشركون يقرأها عليهم، ويقول: أنا اقرأ عليكم كما يقرأ عليكم محمد أساطير الأولين. هذا قول معمر(٧)(٨).
المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء، وهو رواية سعيد بن جبير ومقسم عن ابن عباس(٩)، وأبي الصهباء(١٠) عن ابن مسعود(١١)، وهو قول مجاهد وعكرمة(١٢).
وروى ابن أبي [...](١٣) عن أبيه عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ قال: اشتراء الجارية تغنيه ليلاً ونهارًا(١٤).
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية، قال: اشترى المغني والمغنية بالمال الكثير والاستماع إليه وإلي مثله من الباطل(١٥). وهو قول مكحول(١٦).
وروي ذلك مرفوعًا، روى القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -ﷺ-: "لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن، وأثمانهن حرام"، وفي مثل هذا نزلت الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾(١٧) وهذا القول اختيار أبي إسحاق قال: أكثر ما جاء في التفسير أن لهو الحديث هاهنا الغناء؛ لأنه يلهي عن ذكر الله(١٨).
قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن(١٩). وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء ولفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار، وهو كثير في القرآن، ويدل على هذا ما قال قتادة في هذه الآية: أما والله لعله ألا يكون(٢٠) أنفق مالاً، وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق(٢١). وهذه الآية -على هذا التفسير- تدل على تحريم الغناء، وفيه تفصيل يحتاج إلى ذكره هاهنا.
قال الشافعي رحمه الله: وإن كان يديم الغناء، ويغشاه المغنون معلنًا فهذا سفه يرد به معنى الشهادة، وإن كان ذلك بقل لم يرد، فأما استماع الحداء ونشيد الأعراب والرجز فلا بأس به(٢٢)، هذا كلامه.
قال أصحابنا: نشيد الأعراب يجوز استماعه، وإن أنشد في الألحان في الحداء وغيره، وأما الغناء المحض فالقليل منه لا يعد سفهًا، والمداومة عليه من جملة السفه لا سيما مع الإعلان، وأما الأوتار والمزامير والمعازف كلها حرام، وكذلك طبل اللهو، أما الراع فمكروه استماعه مع تخفيف فيه؛ لما روي عن نافع عن(٢٣) ابن عمر سمع صوت زمارة راع، فجعل أصبعيه في أذنيه، وعدا عن الطريق، وجعل يقول: يا نافع: أتسمع؟ فأقول: نعم، فلما قلت: لا، راجع الطريق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -ﷺ- يفعله(٢٤).
فلما اقتصر رسول الله -ﷺ- على وضع الأصبع في الأذن ولم يصرح بالنهي عنه، دل على ما ذكرنا. وأما غناء الفساق فذلك أشد ما في الباب. وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه، وهو: ما روي أن النبي -ﷺ- قال: "من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة"(٢٥).
وأما الدف فمباح، ضرب بين يدي رسول الله -ﷺ- يوم دخل المدينة فهم أبو بكر بالزجر، فقال رسول الله -ﷺ-: "دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح" فكن يضربن ويقلن:
نحن بنات النجار ... حبذا محمد من جار(٢٦)
وأما الحركة التي تعتري الإنسان عند السماع، فما حصل منه والإنسان فيه كالمغلوب فذلك لا يعد سفهًا. فقد روي أن زيد بن حارثة لما نزل اسمه في القرآن حجل(٢٧)(٢٨). وأما حالة الاختيار فذلك غير حميد.
- وفي تفسير القرآن العظيم قال الرازي (ت 327 هـ ) عند قوله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين )
لما بين أن القرآن كتاب حكيم يشتمل على آيات حكمية بين من حال الكفار أنهم يتركون ذلك ويشتغلون بغيره ، ثم إن فيه ما يبين سوء صنيعهم من وجوه .
الأول : أن ترك الحكمة والاشتغال بحديث آخر قبيح .
الثاني : هو أن الحديث إذا كان لهوا لا فائدة فيه كان أقبح .
الثالث : هو أن اللهو قد يقصد به الإحماض كما ينقل عن ابن عباس أنه قال أحمضوا ، ونقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " روحوا القلوب ساعة فساعة " رواه الديلمي عن أنس مرفوعا ، ويشهد له ما في مسلم " يا حنظلة ساعة وساعة " والعوام يفهمون منه الأمر بما يجوز [ ص: 124 ] من المطايبة ، والخواص يقولون هو أمر بالنظر إلى جانب الحق ، فإن الترويح به لا غير ، فلما لم يكن قصدهم إلا الإضلال لقوله : ( ليضل عن سبيل الله ) .
- قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال هو اشتراء المغني والمغنية بالمال الكثير والاستماع إليهم وإلى مثله من الباطل). [تفسير مجاهد: 503]
- قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علم ويتّخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين (6)}
{ليضلّ عن سبيل اللّه}, ويقرأ: {ليضلّ عن سبيل الله}
فأكثر ما جاء في التفسير أن:{لهو الحديث} ههنا : الغناء ؛ لأنه يلهي عن ذكر اللّه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم بيع المغنية.
وقد قيل في تفسير هذه الآية : إن لهو الحديث ههنا : الشرك.
- قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (من ذلك قوله عز وجل: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}
روى سعيد بن جبير , عن أبي الصهباء البكري, قال سئل عبد الله بن مسعود, عن قوله جل وعز: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} : فقال : (الغناء, والله الذي لا إله إلا هو) , يرددها ثلاث مرات .
وبغير هذا الإسناد عنه , والغناء ينبت في القلب النفاق .
وروى سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: (الرجل يشتري الجارية المغنية , تغنيه ليلاً, أو نهاراً).
وروي عن ابن عمر : (هو الغناء).وكذلك قال عكرمة, وميمون بن مهران , ومكحول.
وروى علي بن الحكم , عن الضحاك : {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} , قال : (الشرك) .
وروى جويبر عنه قال : (الغناء مهلكة للمال , مسخطة للرب, مقساة للقلب).
وسئل القاسم بن محمد عنه , فقال: (الغناء باطل , والباطل في النار) .
قال أبو جعفر : وأبين ما قيل في الآية ما رواه عبد الكريم , عن مجاهد قال: الغناء , وكل لعب لهو .
قال أبو جعفر : فالمعنى ما يلهيه من الغناء , وغيره مما يلهي.
وقد قال معمر : بلغني أن هذه الآية نزلت في رجل من بني عدي , يعنى : النضر بن الحارث , كان يشتري الكتب التي فيها أخبار فارس , والروم , ويقول: محمد يحدثكم عن عاد , وثمود وأنا أحدثكم عن فارس , والروم , ويستهزئ بالقرآن إذا سمعه.
- قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({لهو الحديث}: أي: غناء المغنيات.). [ياقوتة الصراط: 405]
- قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح في قوله ويتخذها هزوا قال يتخذ سبيل الله هزوا). [تفسير مجاهد: 503]
- قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا بكّار بن قتيبة القاضي، ثنا صفوان بن عيسى القاضي، ثنا حميدٌ الخرّاط، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء، عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه} [لقمان: 6] قال: «هو واللّه الغناء» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/445]
- وورد في الكشف والبيان للثعلبي ، (ت:427) في قوله تعالى {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه } قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي، كان يتجر فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدّث بها قريشا ويقول لهم: إنّ محمّدا يحدّثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدّثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأعاجم والأكاسرة، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن، وقال مجاهد: يعني شراء [القيان] والمغنّين، ووجه الكلام على هذا التأويل يشتري ذات أو ذا لهو الحديث.
أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المزكى سنة ثلاث وثمانين، حدّثني جدّي محمد بن إسحاق بن خزيمة] عن علي بن خزيمة] عن علي بن حجرة، عن مستمغل بن ملجان الطائي، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زجر، عن علي بن يزيد، عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يحلّ تعليم المغنيات ولا بيعهن، وأثمانهن حرام، وفي مثل هذا نزلت هذه الآية: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... »(٢) إلى آخر الآية.
وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلّا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتّى يكون هو الذي يسكت.
وقال آخرون: معناه يستبدل ويختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن وقال: سبيل الله:
القرآن.
وقال أبو الصهباء البكري: سألت ابن مسعود عن هذه الآية، فقال: هو الغناء والله الذي لا إله إلّا هو يردّدها ثلاث مرّات، ومثله روى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس. ابن جريج: هو الطبل. عبيد عن الضحّاك: هو الشرك. جويبر عنه: الغناء، وقال: الغناء مفسدة للمال، مسخطة للربّ مفسدة للقلب. وقال ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عبّاس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية تغنّيه ليلا ونهارا. وكلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله إلى ما نهى عنه فهو لهو ومنه الغناء وغيره. وقال قتادة: هو كلّ لهو ولعب. قال عطاء: هو الترّهات والبسابس.
وقال مكحول: من اشترى جارية ضرّابة ليمسكها لغناها وضربها مقيما عليه حتّى يموت لم أصلّ عليه، إنّ الله عزّ وجلّ يقول: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ... إلى آخر الآية.
وروى علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامه قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ الله تعالى بعثني رحمة وهدى للعالمين وأمرني بمحق المعازف والمزامير والأوتار والصّلب وأمر الجاهلية، وحلف ربّي بعزّته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر متعمّدا(٣) إلّا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفورا له أو معذّبا، ولا يسقيها صبيّا صغيرا ضعيفا مسلما إلّا سقيته مثلها من الصديد(٤) يوم القيامة مغفورا له أو معذّبا، ولا يتركها من مخافتي إلّا سقيته من حياض القدس يوم القيامة. لا يحلّ بيعهن ولا شرائهن ولا تعليمهن ولا التجارة بهن وثمنهنّ حرام»(٥) .
يعني الضوارب. وروى حمّاد عن إبراهيم قال: الغناء ينبت النفاق في القلب. وكان أصحابنا يأخذون بأفواه السكك يحرقون الدفوف.
أخبرنا عبد الله بن حامد، عن ابن شاذان، عن جيغويه، عن صالح بن محمد، عن إبراهيم ابن محمد، عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أنّ الله عزّ وجلّ يقول يوم القيامة: أين الذين كانوا ينزّهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان؟ أدخلوهم رياض المسك، ثمّ يقول للملائكة: أسمعوا عبادي حمدي وثنائي وتمجيدي وأخبروهم أن لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
- قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (كان النضر بن الحارث يشتري كتباً فيها أخبار الأعاجم , ويحدث بها أهل مكة مضادة لمحمد صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ... }.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 189]
- وذكر المارودي (ت 450 هـ )
في النكت والعيون عند
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ﴾ فِيهِ سَبْعَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: شِراءُ المُغْنِياتِ لِرِوايَةِ القاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أبِي أُمامَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا يَحِلُّ بَيْعُ المُغَنِّياتِ ولا شِراؤُهُنَّ ولا التِّجارَةُ فِيهِنَّ ولا أثْمانُهُنَّ» وفِيهِنَّ أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى): ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ﴾ .الثّانِي: الغِناءُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وابْنُ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةُ وابْنُ جُبَيْرٍ وقَتادَةُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ الطَّبْلُ، قالَهُ عَبْدُ الكَرِيمِ، والمِزْمارُ، قالَهُ ابْنْ زَخْرٍ.
الرّابِعُ: أنَّهُ الباطِلُ، قالَهُ عَطاءٌ.
الخامِسُ: أنَّهُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، قالَهُ الضَّحّاكُ وابْنُ زَيْدٍ.
السّادِسُ: ما ألْهى عَنِ اللَّهِ سُبْحانَهُ، قالَ الحَسَنُ.
السّابِعُ: أنَّهُ الجِدالُ في الدِّينِ والخَوْضُ في الباطِلِ، قالَهُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
وَيَحْتَمِلُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَصٌّ تَأْوِيلًا ثامِنًا: أنَّهُ السِّحْرُ والقِمارُ والكَهانَةُ.
- وذكر البغوي [ت: 516] في معالم التنزيل في قوله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) الآية . قال الكلبي ، ومقاتل : نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة كان يتجر فيأتي الحيرة ويشتري أخبار العجم ويحدث بها قريشا ، ويقول : إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن ، فأنزل الله هذه الآية . وقال مجاهد : يعني شراء القيان والمغنيين ، ووجه الكلام على هذا التأويل : من يشتري ذات لهو أو ذا لهو الحديث . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المزكي ، حدثنا جدي محمد بن إسحاق بن خزيمة ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا مشمعل بن ملحان الطائي ، عن مطرح بن يزيد ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم بن عبد العزيز ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام " ، وفي مثل هذا أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله "، وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين : أحدهما على هذا المنكب ، والآخر على هذا المنكب ، فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت .
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد القفال ، أخبرنا أبو منصور أحمد بن الفضل البروجردي ، أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي ، أخبرنا محمد بن غالب بن تمام ، أخبرنا خالد بن أبي يزيد ، عن هشام هو ابن حسان ، عن محمد هو ابن سيرين ، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " نهى عن ثمن الكلب وكسب الزمارة " . قال مكحول : من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتى يموت لم أصل عليه ، إن الله يقول : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " الآية . وعن عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير قالوا : " لهو الحديث " هو الغناء ، والآية نزلت فيه . ومعنى قوله : ( يشتري لهو الحديث ) أي : يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن ، قال أبو الصباء البكري سألت ابن مسعود عن هذه الآية فقال : هو الغناء ، والله الذي لا إله إلا هو ، يرددها ثلاث مرات .
وقال إبراهيم النخعي : الغناء ينبت النفاق في القلب ، وكان أصحابنا يأخذون بأفواه السكك يخرقون الدفوف . وقيل : الغناء رقية الزنا . وقال ابن جريج : هو الطبل وعن الضحاك قال : هو الشرك . وقال قتادة : هو كل لهو ولعب ).
- وقال ابن عطية ( ت 542 ) في المحرر الوجيز
عند قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنَ الناسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ﴾، رُوِيَ أنَّها نَزَلَتْ في قِرْشِيٍّ اشْتَرى جارِيَةً مُغَنِّيَةً تُغَنِّي بِهِجاءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وسَبِّهِ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ في ذَلِكَ، ورُوِيَ «عن أبِي أُمُامَةَ الباهِلِيِّ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ: "شِراءُ المُغَنِّياتِ وبَيْعُهُنَّ حَرامٌ"، وقَرَأ هَذِهِ الآيَةَ،» وقالَ: "فِي هَذا المَعْنى أُنْزِلَتْ عَلَيَّ هَذِهِ الآيَةُ"، وبِهَذا فَسَّرَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وجابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، ومُجاهِدٌ، وقالَ الحَسَنُ: لَهْوُ الحَدِيثِ: المَعازِفُ والغِناءُ.
وقالَ بَعْضُ الناسِ: نَزَلَتْ في النَضْرِ بْنِ الحارِثِ لِأنَّهُ اشْتَرى كُتُبَ رُسْتُمَ واسْفِنْدِيارَ، وكانَ يَخْلُفُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَيُحَدِّثُهم بِتِلْكَ الأباطِيلِ، ويَقُولُ: أنا أحْسَنُ حَدِيثًا مِن مُحَمَّدٍ، وقالَ قَتادَةَ: الشِراءُ في هَذِهِ الآيَةِ مُسْتَعارٌ، وإنَّما نَزَلَتْ في أحادِيثِ قُرَيْشٍ، وتَلَهِّيهِمْ بِأمْرِ الإسْلامِ، وخَوْضِهِمْ في الأباطِيلِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
فَكَأنَّ تَرْكَ ما يَجِبُ فِعْلُهُ، وامْتِثالَ هَذِهِ المُنْكَراتِ شِراءٌ لَها، عَلى حَدِّ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَلالَةَ بِالهُدى﴾ [البقرة: ١٦]. وقَدْ قالَ مُطَرِّفٌ: شِراءُ لَهْوِ الحَدِيثِ اسْتِحْبابُهُ، قالَ قَتادَةُ: ولَعَلَّهُ لا يُنْفِقُ فِيهِ مالًا، ولَكِنَّ سَماعَهُ هو شِراؤُهُ، وقالَ الضَحّاكُ: لَهْوُ الحَدِيثِ الشِرْكُ، وقالَ مُجاهِدٌ أيْضًا: لَهْوُ الحَدِيثِ الطَبْلُ، وهَذا ضَرْبٌ مِنَ الغِناءِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
والَّذِي يَتَرَجَّحُ أنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في لَهْوِ حَدِيثٍ مُضافٍ إلى كُفْرٍ، فَلِذَلِكَ اشْتَدَّتْ ألْفاظُ الآيَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿لِيُضِلَّ عن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ويَتَّخِذَها هُزُوًا﴾ والتَوَعُّدِ بِالعَذابِ المُهِينِ. وأمّا لَفْظَةُ الشِراءِ فَمُحْتَمِلَةٌ لِلْحَقِيقَةِ والمَجازِ عَلى ما بَيَّنّا، و"لَهْوُ الحَدِيثِ" كُلُّ ما يُلْهِي مِن غِناءٍ وخَنا ونَحْوِهِ، والآيَةُ باقِيَةُ المَعْنى في أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، ولَكِنْ لَيْسَ لِيَضِلُّوا عن سَبِيلِ اللهِ بِكُفْرٍ، ولا لِيَتَّخِذُوا الآياتِ هَزُّوًا، ولا عَلَيْهِمْ هَذا الوَعِيدُ، بَلْ لِيُعَطِّلَ عِبادَةً، ويُقَطَعُهم زَمَنًا بِمَكْرُوهٍ، ولِكَوْنِهِمْ مِن جُمْلَةِ العُصاةِ، والنُفُوسُ الناقِصَةُ تَرُومُ تَتْمِيمَ ذَلِكَ النَقْصِ بِالأحادِيثِ، وقَدْ جَعَلُوا الحَدِيثَ مِنَ القِرى، وقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: أتَمَلُّ الحَدِيثَ؟ فَقالَ: إنَّما يُمَلُّ العَتِيقُ القَدِيمُ المُعادُ؛ لِأنَّ الحَدِيثَ مِنَ الأحادِيثِ فِيهِ الطَرافَةُ الَّتِي تَمْنَعُ مِنَ المَلَلِ.
- وقال ابن الجوزي (ت 597 ) في زاد المسير
عند قَوْلِهِ: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في رَجُلٍ اشْتَرى جارِيَةً مُغَنِّيَةٍ. وقالَ مُجاهِدٌ: نَزَلَتْ في شِراءِ القِيانِ والمُغَنِّياتِ. وقالَ ابْنُ السّائِبِ ومُقاتِلٌ: نَزَلَتْ في النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ، وذَلِكَ أنَّهُ كانَ تاجِرًا إلى فارِسَ، فَكانَ يَشْتَرِي أخْبارَ الأعاجِمِ فَيُحَدِّثُ بِها قُرَيْشًا ويَقُولُ لَهُمْ: إنَّ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُكم بِحَدِيثِ عادٍ وثَمُودَ، وأنا أُحَدِّثُكم بِحَدِيثِ رُسْتُمَ وإسْفِنْدِيارَ وأخْبارِ الأكاسِرَةِ، فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ ويَتْرُكُونَ اسْتِماعَ القُرْآنِ، فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ.
وَفِي المُرادِ بِلَهْوِ الحَدِيثِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: [أنَّهُ] الغِناءُ. كانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: هو الغِناءُ والَّذِي لا إلَهَ إلّا هُوَ، يُرَدِّدُها ثَلاثَ مَرّاتٍ؛ وبِهَذا قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ. ورَوى ابْنُ أبِي نُجَيْحٍ عَنْ مُجاهِدٍ، قالَ: اللَّهْوُ: الطَّبْلُ.
والثّانِي: أنَّهُ ما ألْهى عَنِ اللَّهِ، قالَهُ الحَسَنُ، وعَنْهُ مِثْلُ القَوْلِ الأوَّلِ.
والثّالِثُ: أنَّهُ الشِّرْكُ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
والرّابِعُ: الباطِلُ، قالَهُ عَطاءٌ .
- وقال القرطبي ( ت 671 ) عند قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ:
نقلت منها أربعة مما يتعلق بالمراد بلهو الحديث - قال :
مِنَ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ. وَ "لَهْوَ الْحَدِيثِ": الْغِنَاءُ، فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا. النَّحَّاسُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالتَّقْدِيرُ: مَنْ يَشْتَرِي ذَا لَهْوٍ أو ذات لهو، مثل: ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾(١) [يوسف: ٨٢]. أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَمَّا كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَاهَا يَشْتَرِيهَا وَيُبَالِغُ فِي ثَمَنِهَا كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلَّهْوِ(٢). قُلْتُ: هَذِهِ إِحْدَى الْآيَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الْغِنَاءِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ. والآية الثانية قوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ سامِدُونَ﴾(٣) [النجم: ٦١]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْغِنَاءُ بِالْحِمْيَرِيَّةِ، اسْمُدِي لَنَا، أَيْ غَنِّي لَنَا. وَالْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾(٤) [الاسراء: ٦٤] قَالَ مُجَاهِدٌ: الْغِنَاءُ وَالْمَزَامِيرُ. وَقَدْ مَضَى فِي "سُبْحَانَ"(٥) الْكَلَامُ فِيهِ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ، فِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَالْقَاسِمُ ثِقَةٌ وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَبِهَذَا فَسَّرَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُجَاهِدٌ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْجَوْزِيُّ عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وقتادة والنخعي.
قُلْتُ: هَذَا أَعْلَى مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنَّهُ الْغِنَاءُ. رَوَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ" فَقَالَ: الْغِنَاءُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ الْغِنَاءُ، وَكَذَلِكَ قَالَ عِكْرِمَةُ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمَكْحُولٌ. وَرَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَزَادَ: إِنَّ لَهْوَ الْحَدِيثِ فِي الْآيَةِ الِاسْتِمَاعِ إِلَى الْغِنَاءِ وَإِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْبَاطِلِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَهْوُ الْحَدِيثِ الْمَعَازِفُ وَالْغِنَاءُ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: الْغِنَاءُ بَاطِلٌ وَالْبَاطِلُ فِي النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ: قَالَ الله تعالى:﴿فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ﴾(٦) [يونس: ٣٢] أَفَحَقٌّ هُوَ؟! وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ(٧) (بَابٌ كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٍ إِذَا شَغَلَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَنْ قال لصاحبه تعال أُقَامِرْكَ)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً﴾ فَقَوْلُهُ: (إِذَا شَغَلَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ) مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ". وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: هُوَ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ. وَتَأَوَّلَهُ قَوْمٌ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَتَلَهَّى بِهَا أَهْلُ الْبَاطِلِ وَاللَّعِبِ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، لِأَنَّهُ اشْتَرَى كُتُبَ الْأَعَاجِمِ: رُسْتُمَ، وَإسْفِنْدِيَارَ، فَكَانَ يَجْلِسُ بِمَكَّةَ، فَإِذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ كَذَا ضَحِكَ مِنْهُ، وَحَدَّثَهُمْ بِأَحَادِيثِ مُلُوكِ الْفُرْسِ وَيَقُولُ: حَدِيثِي هَذَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، حَكَاهُ الْفَرَّاءُ وَالْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ: كَانَ يَشْتَرِي الْمُغَنِّيَاتِ فَلَا يَظْفَرُ بِأَحَدٍ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ إِلَّا انْطَلَقَ بِهِ إِلَى قَيْنَتِهِ فَيَقُولُ: أَطْعِمِيهِ وَاسْقِيهِ وَغَنِّيهِ، وَيَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ مِمَّا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَأَنْ تُقَاتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ فِي الشِّرَاءِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الشِّرَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَعَارٌ، وَإِنَّمَا نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَحَادِيثَ قُرَيْشٍ وَتَلَهِّيهِمْ بِأَمْرِ الْإِسْلَامِ وَخَوْضِهِمْ فِي الْبَاطِلِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَكَانَ تَرْكُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ وَامْتِثَالُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ شِرَاءٌ لَهَا، عَلَى حَدِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى ﴾(٨) [البقرة: ١٦]، اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ، أَيِ اسْتَبْدَلُوهُ مِنْهُ وَاخْتَارُوهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ: شِرَاءُ لَهْوِ الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُهُ. قَتَادَةُ: وَلَعَلَّهُ لَا يُنْفِقُ فِيهِ مَالًا، وَلَكِنَّ سَمَاعَهُ شِرَاؤُهُ. قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِيهِ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِيهِ. وَقَدْ زَادَ الثَّعْلَبِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: (وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْغِنَاءِ إِلَّا بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَيْطَانَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى هَذَا الْمَنْكِبِ(٩) [والآخر على هذا المنكر] فَلَا يَزَالَانِ يَضْرِبَانِ بِأَرْجُلِهِمَا حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْكُتُ). وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: (صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فَاجِرَانِ أَنْهَى عَنْهُمَا: صَوْتُ مِزْمَارٍ وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ عِنْدَ نَغْمَةٍ وَمَرَحٍ وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ لَطْمُ خُدُودٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ). وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بُعِثْتُ بِكَسْرِ الْمَزَامِيرِ) خَرَّجَهُ أَبُو طَالِبٍ الْغَيْلَانِيُّ. وَخَرَّجَ ابْنُ بَشْرَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (بُعِثْتُ بِهَدْمِ الْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ). وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا فَعَلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ- فَذَكَرَ مِنْهَا: إِذَا اتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ (. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:) وَظَهَرَتِ الْقِيَانُ وَالْمَعَازِفُ (. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ جَلَسَ إِلَى قَيْنَةٍ يَسْمَعُ مِنْهَا صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ(١٠) يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وَرَوَى أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: (أَيْنَ عِبَادِي الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ عَنِ اللَّهْوِ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ أَحِلُّوهُمْ رِيَاضَ(١١) الْمِسْكِ وَأَخْبِرُوهُمْ أَنِّي قَدْ أَحْلَلْتُ عَلَيْهِمْ رِضْوَانِي). وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِثْلَهَ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ (الْمِسْكِ: ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَسْمِعُوهُمْ حَمْدِي وَشُكْرِي وَثَنَائِي، وَأَخْبِرُوهُمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ). وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى صَوْتِ غِنَاءٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ الرُّوحَانِيِّينَ). فَقِيلَ: وَمَنِ الرُّوحَانِيُّونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (قُرَّاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ) خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ مَعَ نَظَائِرِهِ: (فَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ). إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحُ الْمَعْنَى عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ هُنَاكَ. وَمِنْ رِوَايَةِ مَكْحُولٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ جَارِيَةٌ مُغَنِّيَةٌ فَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِ). وَلِهَذِهِ الْآثَارِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ بِتَحْرِيمِ الْغِنَاءِ. وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ:- الثَّانِيَةُ- وَهُوَ الْغِنَاءُ الْمُعْتَادُ عِنْدَ الْمُشْتَهِرِينَ بِهِ، الَّذِي يُحَرِّكُ النُّفُوسَ وَيَبْعَثُهَا عَلَى الْهَوَى وَالْغَزَلِ، وَالْمُجُونُ الَّذِي يُحَرِّكُ السَّاكِنَ وَيَبْعَثُ الْكَامِنَ فَهَذَا النَّوْعُ إِذَا كَانَ فِي شِعْرٌ يُشَبَّبُ فِيهِ بِذِكْرِ النِّسَاءِ وَوَصْفِ مَحَاسِنِهِنَّ وَذِكْرِ الْخُمُورِ وَالْمُحَرَّمَاتِ لَا يُخْتَلَفُ فِي تَحْرِيمِهِ، لِأَنَّهُ اللَّهْوُ وَالْغِنَاءُ الْمَذْمُومُ بِالِاتِّفَاقِ. فَأَمَّا مَا سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ الْقَلِيلُ مِنْهُ فِي أَوْقَاتِ الْفَرَحِ، كَالْعُرْسِ وَالْعِيدِ وَعِنْدَ التَّنْشِيطِ عَلَى الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ، كَمَا كَانَ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ وَحَدْوِ أَنْجَشَةَ(١٢) وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ. فَأَمَّا مَا ابْتَدَعَتْهُ الصُّوفِيَّةُ الْيَوْمَ مِنَ الْإِدْمَانِ عَلَى سَمَاعِ الْمَغَانِي بِالْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ مِنَ الشَّبَّابَاتِ(١٣) والطار والمعازف والأوتار فحرام. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فَأَمَّا طَبْلُ الْحَرْبِ فَلَا حَرَجَ فِيهِ، لِأَنَّهُ يُقِيمُ النُّفُوسَ وَيُرْهِبُ الْعَدُوَّ. وَفِي الْيَرَاعَةِ(١٤) تَرَدُّدٌ. وَالدُّفُّ مُبَاحٌ. [الْجَوْهَرِيُّ(١٥): وَرُبَّمَا سَمَّوْا قَصَبَةَ الرَّاعِي الَّتِي يَزْمِرُ بِهَا هَيْرَعَةَ وَيَرَاعَةَ(١٦). قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: ضُرِبَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَهَمَّ أَبُو بَكْرٍ بِالزَّجْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (دَعْهُنَّ يَا أَبَا بَكْرٍ حَتَّى تَعْلَمَ الْيَهُودُ أَنَّ دِينَنَا فَسِيحٌ) فَكُنَّ يَضْرِبْنَ وَيَقُلْنَ: نَحْنُ بَنَاتُ النَّجَّارِ، حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الطَّبْلَ فِي النِّكَاحِ كَالدُّفِّ، وَكَذَلِكَ الْآلَاتُ الْمُشْهِرَةُ لِلنِّكَاحِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ بِمَا يَحْسُنُ مِنَ الْكَلَامِ وَلَمْ يكن فيه رفث.
الثَّالِثَةُ- الِاشْتِغَالُ بِالْغِنَاءِ عَلَى الدَّوَامِ سَفَهٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ لَمْ يَدُمْ لَمْ تُرَدَّ. وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَمَّا يُرَخِّصُ فِيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْغِنَاءِ فَقَالَ: إِنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ. وَذَكَرَ أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ نَهَى عَنِ الْغِنَاءِ وَعَنِ اسْتِمَاعِهِ، وَقَالَ: إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَجَدَهَا مُغَنِّيَةً كَانَ لَهُ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، إِلَّا إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَإِنَّهُ حَكَى عَنْهُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا. وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: فَأَمَّا مَالِكٌ فَيُقَالُ عَنْهُ: إِنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالصِّنَاعَةِ وَكَانَ(١٧) مَذْهَبُهُ تَحْرِيمَهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: تَعَلَّمْتُ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، فَقَالَتْ لِي أُمِّي: أَيْ بُنَيَّ! إِنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ يَصْلُحُ لَهَا مَنْ كَانَ صَبِيحَ الْوَجْهِ وَلَسْتَ كَذَلِكَ، فَطَلَبَ الْعُلُومَ الدِّينِيَّةَ، فَصَحِبْتُ رَبِيعَةَ فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا. قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ: وَأَمَّا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَكْرَهُ الْغِنَاءَ مع إباحته شرب النبيذ، ويجمل سَمَاعَ الْغِنَاءِ مِنَ الذُّنُوبِ. وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ سَائِرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَحَمَّادٍ وَالثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ بَيْنَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ خِلَافٌ فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ وَالْمَنْعِ مِنْهُ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا. قَالَ: وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: الْغِنَاءُ مَكْرُوهٌ يُشْبِهُ الْبَاطِلَ، وَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ سَفِيهٌ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الْجَوْزِيُّ عَنْ إِمَامِهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِبَاحَةَ الْغِنَاءِ، وَإِنَّمَا أَشَارُوا إِلَى مَا كَانَ فِي زَمَانِهِمَا مِنَ الْقَصَائِدِ الزُّهْدِيَّاتِ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا لَمْ يَكْرَهْهُ أَحْمَدُ، وَيَدُلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ وَلَدًا وَجَارِيَةً مُغَنِّيَةً فَاحْتَاجَ الصَّبِيُّ إِلَى بَيْعِهَا فَقَالَ: تُبَاعُ عَلَى أَنَّهَا سَاذَجَةٌ لَا عَلَى أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا تُسَاوِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَلَعَلَّهَا إِنْ بِيعَتْ سَاذَجَةً تُسَاوِي عِشْرِينَ أَلْفًا؟ فَقَالَ: لَا تُبَاعُ إِلَّا عَلَى أَنَّهَا سَاذَجَةٌ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: وَإِنَّمَا قَالَ أَحْمَدُ هَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ الْمُغَنِّيَةَ لَا تُغْنِّي بِقَصَائِدَ الزُّهْدِ، بَلْ بِالْأَشْعَارِ الْمُطْرِبَةِ الْمُثِيرَةِ إِلَى العشق.
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغِنَاءَ مَحْظُورٌ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا مَا جَازَ تَفْوِيتُ الْمَالِ عَلَى الْيَتِيمِ. وَصَارَ هَذَا كَقَوْلِ أَبِي طَلْحَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: عِنْدِي خَمْرٌ لِأَيْتَامٍ؟ فَقَالَ: (أَرِقْهَا). فَلَوْ جَازَ اسْتِصْلَاحُهَا لَمَّا أَمَرَ بِتَضْيِيعِ مَالِ الْيَتَامَى. قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى كَرَاهَةِ الْغِنَاءِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ. وَإِنَّمَا فَارَقَ الْجَمَاعَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ. وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً). قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: وَقَالَ الْقَفَّالُ مِنْ أَصْحَابِنَا: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَنِّي وَالرَّقَّاصِ. قُلْتُ: وَإِذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَجُوزُ فَأَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ. وَقَدِ ادَّعَى أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ مَضَى فِي الانعام عند قوله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ﴾(١٨) [الانعام: ٥٩] وحسبك. الرَّابِعَةُ- قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَمَّا سَمَاعُ الْقَيْنَاتِ فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يسمع غناء جاريته، إذ ليس شي مِنْهَا عَلَيْهِ حَرَامًا لَا مِنْ ظَاهِرِهَا وَلَا مِنْ بَاطِنِهَا، فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنَ التَّلَذُّذِ بِصَوْتِهَا. أَمَّا إِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْكِشَافُ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ وَلَا هَتْكُ الْأَسْتَارِ وَلَا سَمَاعُ الرَّفَثِ، فَإِذَا خَرَجَ ذَلِكَ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ مُنِعَ مِنْ أَوَّلِهِ وَاجْتُثَّ مِنْ أَصْلِهِ. وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ: أَمَّا سَمَاعُ الْغِنَاءِ مِنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَحْرَمٍ فَإِنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ قَالُوا لَا يَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ مَمْلُوكَةً. قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَصَاحِبُ الْجَارِيَةِ إِذَا جَمَعَ النَّاسَ لِسَمَاعِهَا فَهُوَ سَفِيهٌ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ غَلَّظَ الْقَوْلَ فِيهِ فَقَالَ: فَهِيَ دِيَاثَةٌ. وَإِنَّمَا جُعِلَ صَاحِبُهَا سَفِيهًا لِأَنَّهُ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَاطِلِ، وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَاطِلِ كَانَ سَفِيهًا.
- وقال ابن كثير (ت 774 ) في كتابه تفسير القرآن العظيم في هذه الآية ،
لَمَّا ذَكَّرَ تَعَالَى حَالَ السُّعَدَاءِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَهْتَدُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَنْتَفِعُونَ بِسَمَاعِهِ، كَمَا قَالَ [اللَّهُ](١) تَعَالَى: ﴿اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزُّمَرِ: ٢٣] ، عَطَفَ بِذِكْرِ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ، الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ، وَأَقْبَلُوا عَلَى اسْتِمَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالْغَنَاءِ بِالْأَلْحَانِ وَآلَاتِ الطَّرَبِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ قَالَ: هُوَ -وَاللَّهِ-الْغِنَاءُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ -وَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾
-فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْغِنَاءُ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هو، يرددها(٢) ثلاث مرات(٣) .
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا حُمَيْد الْخَرَّاطُ، عَنْ عَمَّارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ قَالَ: الْغِنَاءُ(٤) .
وكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وعِكْرِمة، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَمُجَاهِدٌ، وَمَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَذيمة.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أُنْزِلَتْ هذه الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فِي الْغِنَاءِ وَالْمَزَامِيرِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ : وَاللَّهِ لَعَلَّهُ لَا يُنْفِقُ فِيهِ مَالًا ولكنْ شِرَاؤُهُ اسْتِحْبَابُهُ، بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الضَّلَالَةِ أَنْ يختارَ حديثَ الْبَاطِلِ عَلَى حَدِيثِ الْحَقِّ، وَمَا يَضُرُّ عَلَى مَا يَنْفَعُ.
وَقِيلَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ : اشْتِرَاءَ الْمُغَنِّيَاتِ مِنَ الْجَوَارِي.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأحْمَسي: حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ خَلاد الصَّفَّارِ، عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْنِ زَحْر، عَنْ عَلِيِّ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(٥) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "لَا يَحُلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ، وَأَكْلُ أَثْمَانِهِنَّ حَرَامٌ، وَفِيهِنَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيّ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ .
وهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ عُبَيد اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ بِنَحْوِهِ(٦) ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وضَعُفَ(٧) عَلِيَّ بْنَ يَزِيدَ الْمَذْكُورَ.
قُلْتُ: عَلِيٌّ، وَشَيْخُهُ، وَالرَّاوِي عَنْهُ، كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ يَعْنِي: الشِّرْكُ. وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ؛ وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ كُلُّ كَلَامٍ يَصُدُّ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ سَبِيلِهِ.
- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الم * تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون * ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين.
أخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} يعني باطل الحديث، وهو النضر بن الحارث بن علقمة، اشترى أحاديث العجم وصنيعهم في دهرهم وكان يكتب الكتب من الحيرة والشام ويكذب بالقرآن فأعرض عنه فلم يؤمن به). [الدر المنثور: 11/613]
ه.
- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: شراؤه استحبابه، وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، وفي قوله {ويتخذها هزوا} قال: يستهزئ بها ويكذبها). [الدر المنثور: 11/614]
- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويتخذها هزوا} قال: سبيل الله يتخذ السبيل هزوا). [الدر المنثور: 11/614]
- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: باطل الحديث، وهو الغناء ونحوه {ليضل عن سبيل الله} قال: قراءة القرآن وذكر الله، نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية). [الدر المنثور: 11/614]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: أنزلت في النضر بن الحارث، اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول: أطعميه واسقيه وغنيه هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وان تقاتل بين يديه فنزلت). [الدر المنثور: 11/614]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي، وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه والبيهقي عن أبي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 11/615]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها، ثم قرأ {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} ). [الدر المنثور: 11/615]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب المفرد، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء وأشباهه). [الدر المنثور: 11/615]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}
قال: هو شراء المغنية). [الدر المنثور: 11/615-616]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: الجواري الضاربات). [الدر المنثور: 11/616]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن أبي الصهباء قال: سألت عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عن قوله تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو - والله - الغناء). [الدر المنثور: 11/616]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن جرير عن شعيب بن يسار قال: سألت عكرمة رضي الله عنه عن {لهو الحديث} قال: هو الغناء). [الدر المنثور: 11/616]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء وكل لعب لهو). [الدر المنثور: 11/616]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم رضي الله عنه {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء وقال مجاهد رضي الله عنه: هو لهو الحديث). [الدر المنثور: 11/616-617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء والباطل). [الدر المنثور: 11/617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} في الغناء والمزامير). [الدر المنثور: 11/617]
جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: في هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل). [الدر المنثور: 11/621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في الكني عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} في الغناء والباطل والمزامير). [الدر المنثور: 11/621-622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج آدم، وابن جرير والبيهقي في "سننه" عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو اشتراؤه المغني والمغنية بالمال الكثير والاستماع إليه والى مثله من الباطل). [الدر المنثور: 11/622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو رجل يشتري جارية تغنيه ليلا أو نهارا). [الدر المنثور: 11/622]
*تعليقات :
1- وجدت في كتاب الدكتور حكمت بشير ياسين تفسيراً ، للخرساني ، وعطاء الزنجي ، ولم أستطع نسخه .
2- المرتبة الأولى: لم أجد في كتب التفسير في دواوين السنة إلا تفسير اللؤلؤ والمرجان، وبحثت فيه ولم أجد تفسيراً للآية
3- المرتبة الثانية: كتاب جامع الأصول و مجمع الزائد ، لم أجد فيه تفسيراً للآية ، المطالب العالية ، وإتحاف الخيرة،لايوجد فيه تفسيراً نهائي للسورة ، وكذلك الفتح الرباني لم أجد فيه .
4-المرتبة الرابعة:ماطبع من تفسير الثوري ، برواية أبي حذيفة النهدي ورد التنبيه إلى أنه مضعّف في الحديث ويروي عن أبي حذيفة وهو مجهول ، وقد وضعته في المقدمة حسب التسلسل التاريخي ،كتاب ( الجهضمي ) لم أجد غير تفسر آل عمران والنساء كذلك ابن حميد لم أستطع الحصول عليه، وقد استفدت في بحثي من جمهرة العلوم ، والمكتبه الرقمية ،والباحث القرآني .
هذه بعض التعليقات التي استطعت أن أبينها في هذا التطبيق، وأسأل الله التوفيق والعون والسداد .