دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ > الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 رجب 1432هـ/27-06-2011م, 11:44 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي باب معنى النسخ

باب معنى النسخ



النسخ يأتي في كلام العرب على ثلاثة أوجه:
• الأول: أن (يكون) مأخوذًا من قول العرب: نسخت الكتاب، إذا نقلت ما فيه إلى كتاب آخر، فهذا لم يتغير المنسوخ منه، إنما صار له نظيرًا مثله في لفظه ومعناه. وهما باقيان.
وهذا المعنى ليس من النسخ الذي قصدنا إلى بيانه؛ (إذ) ليس في القرآن آية ناسخة لآية (أخرى) كلاهما بلفظٍ واحد ومعنىً واحدٍ وهما (باقيتان) وهذا لا معنى لدخوله فيما قصدنا إلى بيانه.
وقد غلط في هذا جماعة، وجعلوا النسخ الذي وقع في القرآن [مأخوذًا من هذا المعنى، وهو وهمٌ، وقد انتحله النّحاس] وقال في
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 47]
كتابه: "أكثر النسخ في كتاب الله – عز وجل – مشتقٌ من نسخت الكتاب" مع كلام يدل على هذا المذهب.
وهذا خطأ، ليس في القرآن آية نسخت بآية مثلها (في لفظها ومعناها) وهما باقيتان؛ لأن معنى نسخت الكتاب: نقلت ألفاظه ومعانيه إلى كتاب آخر.
وهذا ليس من النسخ الذي هو إزالة الحكم وإبقاء اللفظ، ولا من النسخ الذي هو إزالة الحكم واللفظ.
وإنما هذا نظير قوله تعالى: {إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون}. فقد قال ابن عباس وغيره في معنى ذلك: إن أعمال العباد (يكتبها) الحفظة من اللوح المحفوظ قبل عملهم لها، ثم يقابل (بذلك) ما يحدث من عملهم، وحركاتهم في الدنيا فيجدون الأمر على ما استنسخوا من اللوح المحفوظ لا يزيد العباد شيئًا ولا ينقصون شيئًا – فهذا من قولهم: نسخت الكتاب –.
وقد قيل: إن معنى الآية: أن الملائكة تستنسخ من عند الحفظة في كل خميس أعمال العباد التي يجازون عليها من خير وشر، وتدع ما عدا
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 48]
ذلك. فهو قوله: {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقّ إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون}. فهذا أيضًا من (نسخت الكتاب).
وليس في هذا كلّه نسخ شيءٍ بشيء آخر، فإضافة النسخ في القرآن إلى هذا المعنى وهمٌ وغلط.
• الثاني من معاني النسخ:
أن يكون مأخوذا من قول العرب: نسخت الشمس الظل، إذا أزالته وحلّت محله.
وهذا المعنى [هو لأكثر الجمهور] في منسوخ القرآن وناسخه.
وذلك على ضربين:
أحدهما: أن يزول حكم الآية المنسوخة بحكم آية أخرى متلوةٍ، أو بخبر متواتر، ويبقى لفظ المنسوخة متلوًّا، نحو قوله تعالى في الزواني: {فأمسكوهنّ في البيوت حتى يتوفاهنّ الموت} الآية، وقوله: {واللّذان يأتيانها منكم فآذوهما}.
فأمر فيهما بالسجن والضرب ثم نسخ ذلك بالرجم في المحصنين الذي تواتر به الخبر والعمل المنسوخ لفظ تلاوته، وبالجلد مائة في
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 49]
البكرين المذكورين في سورة النور. - فهذا مثال ما نسخ حكمه بحكمٍ آخر وبقي لفظه متلوًا -.
والضرب الثاني: أن تزول تلاوة الآية المنسوخة مع زوال حكمها، وتحل الثانية محلها في الحكم والتلاوة.
وهذا إنما يؤخذ من طريق الأخبار الثابتة، وذلك نحو ما تواتر به النقل عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات - تريد - يحرمن. قالت عائشة: فنسخهن خمس (رضعات) معلومات يحرمن. فتوفي رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وهن مما يقرأ من القرآن ".
فهذا على قول عائشة غريبٌ في الناسخ والمنسوخ: الناسخ غير متلو، والمنسوخ غير متلو؛ و(حكم الناسخ قائم).
(ولهذا المعنى) اختلف في ذلك:
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 50]
_ فالعشر رضعات عند مالك وأهل المدينة نسخ لفظهن وحكمهنّ بقوله: {وأخواتكم من الرضاعة}، فرضعة واحدة عندهم تحرّم.
فهذا قول حسن، الناسخ "فيه" متلو والمنسوخ غير متلوّ، وله نظائر كثيرة في الناسخ والمنسوخ، وليس (له) على قول عائشة - رضي الله عنها- نظير فيما علمته.
- وأخذ الشافعي بأن لا يحرم إلا خمس رضعات، على ظاهر لفظ الحديث.
وقد روى هذا الحديث عن عائشة القاسم بن محمد بن أبي بكر،
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 51]
وعبد الله بن أبي بكر، ومحمد بن عمرو بن حزم يرفعانه إلى عائشة. ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري ولم يذكر فيه يحيى: "فتوفي رسول الله وهنّ مما يقرأ".
(وهذا) هو الصحيح عند أهل العلم بالأصول إذ لا يجوز النسخ إلاّ قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير جائز أن يتوفى (رسول الله) صلى الله عليه وسلم وقرآنٌ يتلى، ثم يجمع المسلمون على إسقاطه من التلاوة بعده (إلاّ على قول من أجاز النسخ بالإجماع). وعلى هذين المعنيين أكثر الناسخ والمنسوخ في القرآن.
• الثالث من معاني النسخ:
أن يكون مأخوذًا من قول العرب: نسخت الريح الآثار، إذا أزالتها
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 52]
فلم يبق منها عوضٌ، ولا حلّت الريح محلّ الآثار، بل زالا جميعًا.
وهذا النوع من النسخ إنما يؤخذ من جهة الأخبار، نحو ما روي أن سورة الأحزاب كانت (تعدل) سورة البقرة طولاً، فنسخ الله منها ما شاء، فأزاله بغير عوضٍ، وذهب حفظه من القلوب.
ودليل ذلك كله، قوله عز وجل: {أو ننسها}، أي ننسكها يا محمد، فأعلمه أنه ينسيه ما شاء من القرآن. وله نظائر ستراها.
وهذا النوع أيضًا على ضربين:
أحدهما: أن يزول اللفظ من الحفظ، ويزول الحكم، نحو ما ذكرنا من سورة الأحزاب وما نذكر من غيرها.
الثاني: أن تزول التلاوة واللفظ ويبقى الحكم والحفظ للفظ ولا يتلى على أنه قرآنٌ ثابت، نحو (آية) الرّجم [التي تواترت] الأخبار عنها أنها كانت مما يتلى، ثم نسخت تلاوتها وبقي حكمها معمولاً به، وبقي حفظها منقولاً لم تثبت تلاوته في القرآن.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 53]
وبقي من أصناف المنسوخ صنفٌ:
وهو أن يزول حكم الآية بغير عوضٍ متلوّ ويبقى لفظها متلوًّا غير محكوم به، نحو ما فرض الله من شروط المهادنة التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش المذكورة في سورة الممتحنة، فنسخها زوال حكم المهادنة لأنها إنما كانت شروطًا معلقة بعهدٍ، فلما زال العهد زال حكم الشروط. فهو زوال حكمٍ بغير عوض، وبقي لفظ الشروط متلوًّا غير محكوم به، وسنبين ذلك كله في مواضعه – إن شاء الله – بأشبع من هذا وأبين.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 54]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معنى, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir