دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > ثلاثة الأصول وأدلتها

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 شوال 1429هـ/28-10-2008م, 07:39 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي معنى شهادة أن محمداً رسول الله

وَدَلِيلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
{لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوْفٌ رَحِيمٌ} .
وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ :
طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، وَاجْتِنَابُ مَا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ، وَأنْ لاَ يُعْبَدَ اللَّهُ إِلاَّ بِمَا شَرَعَ.


  #2  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:55 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح ثلاثة الأصول لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

وأمَّا الشهادةُ الثانيةُ وهيَ: أنَّ محمدًا رسولُ اللَّهِ فدليلُها قولهُ تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} يعني: محمدًا عليهِ الصلاةُ والسلامُ تَعْرِفُونَهُ؛ لأنَّهُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وهوَ منْ أشرفِ قبائِلِكُمْ منْ بني هاشمٍ.
{عَزيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} أي: يَشُقُّ عليهِ ما يشقُّ عليكُم.
{حَريصٌ عَلَيْكُمْ} يعني: على هدايتِكُمْ، وإنقاذِكُم منَ النَّارِ.
وقالَ تعالى: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} وبعدَ هذهِ الشهادةِ، على العبدِ أن يُطِيعَهُ فيما أَمَرَ، وأنْ يُصَدِّقَهُ فيما أخبَر، وأنْ يَجْتَنِبَ ما عنهُ نَهَى وزجَرَ، وألاَّ يعبدَ اللَّهَ إلاَّ بما شَرَعَ،
فلاَ بدَّ منْ هذهِ الأمورِ الأربعةِ:
الأولُ: طاعتُهُ فيما أمرَ منَ الصلاةِ والزكاةِ وغيرِها.
الثاني: تصديقُهُ فيما أخبَر عنِ الآخرةِ والجنةِ والنارِ وغيرِ ذلكَ.
الثالثُ: واجتنابُ ما عنه نَهَى وزَجَرَ، كالزنا والربا وغيرِ ذلكَ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عنهُ ورسولُهُ.
الرابعُ: وأنْ لا يَعْبُدَ اللَّهَ إلاَّ بما شَرَعَ، فلا يَبْتَدِعُ في الدِّينِ مِمَّا لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ لقولِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) .
وفي روايةٍ: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)) أي: هوَ مردودٌ.


  #3  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:56 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح ثلاثة الأصول للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

(24) قولُهُ: {مِنْ أَنْفُسِكُمْ} أيْ: منْ جِنْسِكُم، بلْ هوَ مِنْ بَيْنِكُم أيضًا، كَمَا قالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ}.
(25) أيْ: يَشُقُّ عليهِ ما شَقَّ عليكُم.
(26) أيْ: على مَنْفَعَتِكُم وَدَفْعِ الضُّرِّ عنْكُم.
(27) أيْ: ذُو رَأْفَةٍ ورحمةٍ بالمؤمنينَ، وَخَصَّ المُؤْمِنِينَ بذلكَ؛ لأنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُورٌ بجهادِ الكُفَّارِ والمنافقينَ والغِلْظَةِ عليهم . وهذهِ الأوصافُ لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ على أنَّهُ رسولُ اللَّهِ حَقًّا، كما دَلَّ على ذلكَ:

-قولُهُ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}.
-وقولُهُ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.
والآياتُ في هذا المعنَى كثيرةٌ جِدًّا تَدُلُّ على أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ حَقًّا.

(28) أمَّا معنى شهادةِ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ، فهوَ الإقرارُ باللسانِ، والإيمانُ بالقلبِ، بأنَّ محمد بنَ عبدِ اللَّهِ القُرَشِيَّ الهاشِمِيَّ رَسُولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلى جميعِ الخلقِ من الجنِّ والإنسِ، كما قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}.
ولا عبادةَ لِلَّهِ تَعَالَى إلاَّ عنْ طريقِ الوَحْيِ الَّذِي جاءَ بهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قالَ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}.
ومُقْتَضَى هذهِ الشهادةِ:
أنْ تُصَدِّقَ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أَخْبَرَ، وأنْ تَمْتَثِلَ أَمْرَهُ فيما أَمَرَ، وأنْ تَجْتَنِبَ ما عنهُ نَهَى وَزَجَرَ، وأنْ لا تَعْبُدَ اللَّهَ إلاَّ بما شَرَعَ.
ومُقْتَضَى هذهِ الشهادةِ أيضًا
أنْ لا تَعْتَقِدَ أنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا في الرُّبُوبِيَّةِ وتَصْرِيفِ الكَوْنِ، أوْ حَقًّا في العبادةِ، بلْ هوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ لا يُعْبَدُ، ورسولٌ لا يَكْذَّبُ، ولا يَمْلِكُ لنفسِهِ ولا لغيرِهِ شَيْئًا من النفعِ أو الضرِّ إلاَّ ما شاءَ اللَّهُ، كما قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}، فهوَ عَبْدٌ مأمورٌ يَتَّبِعُ ما أُمِرَ بهِ.
-وقالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}.
-وقالَ سبحانَهُ: {قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
وبهذا تَعْلَمُ أنَّهُ لا يَسْتَحِقُّ العبادةَ لا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا مَنْ دُونَهُ من المَخْلُوقِينَ، وأنَّ العبادةَ ليْسَتْ إلاَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} .
وأنَّ حَقَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ تُنَزِّلَهُ المنْزِلةَ التي أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهَا؛ وهُوَ أنَّهُ عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ صلواتُ اللَّهِ وسلامُهُ عليهِ.


  #4  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 03:01 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي حاشية ثلاثة الأصول للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

المتن :

وَدَلِيلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ(28) قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ(29) عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ(30) حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ(31) بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوْفٌ رَحِيمٌ(32)} .
وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ(33)، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ(34)، وَاجْتِنَابُ مَا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ(35)، وَأنْ لاَ يُعْبَدَ اللَّهُ إِلاَّ بِمَا شَرَعَ(36).




الحاشية :
(28) يَعْنِي: مِن النَّقْلِ، وأمَّا العَقْلُ: فَنَبَّه عَلَيْهِ القُرْآنُ، كَمَا ذَكَرَ المُصَنِّفُ وغيرُه، ومنه قولُه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} الآيةَ.
وقَوْلُ الرَّجُلِ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِمَّا أن يكونَ خَيْرَ النَّاسِ، وأَصْدَقَهم، وإمَّا أنْ يكونَ شَرَّهُم وأَكْذَبَهُم، والتَّمْييزُ بَيْنَ ذلك، يُعْرَفُ بأُمُورٍ كَثِيرةٍ، نَبَّه تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بقَوْلِه: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} الآياتِ، ومنه: شَهَادَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، بقَوْلِه: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ}
ومِن حِكْمَتِه تَعَالَى: أَنَّه لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إلاَّ ومَعَه آيةٌ تَدُلُّ على صِدْقِه فيما أَخْبَرَ بِهِ إِقَامَةً للحُجَّةِ، فأَخْبَرَ أنَّه أَرْسَلَهُم بالبَيِّنَاتِ.
وأَعْظَمُ الآياتِ العَقْلِيَّةِ: هذا القُرْآنُ العَظِيمُ، الذي تَحَدَّاهُم اللَّهُ بِحَدِيثٍ، أو عَشْرِ سُوَرٍ، أو سُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، مَعَ عَدَاوَةِ أهلِ الأرضِ له، عُلَمَائِهِم وفُصَحَائِهِم، واسْتِعْجَازِهم به، ولَمْ يَتَعَرَّضُوا لذلك، مَعَ شِدَّةِ حِرْصِهِم عَلَى تَكْذِيبِه.
ومنه: نُصْرَةُ مَن اتَّبَعَه ولو كَانُوا أَضْعَفَ النَّاسِ.
ومنه: خِذْلاَنُ مَن عَادَاهُ، وعُقُوبَتُه في الدُّنيا، ولو كَانُوا أَكْثَرَ النَّاسِ وأَقْوَاهُم.
ومنها: كَوْنُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَخُطُّ ولاَ يَقْرَأُ الخَطَّ، ولاَ أَخَذَ عن العُلَمَاءِ.
ومنها: إِخْبَارُه عن المُغَيَّباتِ التي أَطْلَعَه اللَّهُ عَلَيْهَا، فإنَّ مَا غَابَ عنَّا أو كَانَ قَبْلَنا، فَلاَ يُعْرَفُ إلاَّ بالخَبَرِ عنه.
ومنها: انْشِقَاقُ القَمَرِ، وحَنِينُ الجِذْعِ، ونُبُوعُ المَاءِ بَيْنَ أَصَابِعِه، وإِطْعَامُ مِئِينَ مِن صَاعِ شَعِيرٍ، وغيرُ ذلك مِن آياتِهِ المُتَعَلِّقَةِ بالقُدْرَةِ، والفِعْلِ والتَّأْثِيرِ، مِمَّا لاَ يُحْصَى كَثْرَةً.
ومنها: إِذْعَانُ مُلُوكِ اليَمَنِ والبَحْرَيْنِ وغَيْرِهما لأَِمْرِه، للآياتِ التي صَحَّتْ عِنْدَهم عنه، فَنَزَلُوا عن مُلْكِهم طَوْعًا، وكذا كُلُّ مَن اتَّبَعَه، لِمَا بَهَرَهُم مِن آياتِهِ.

(29) يَمْتَنُّ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنِينَ، بإِرْسَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم رَسُولاً مِن أَنْفُسِهم، يَعْرِفُونَ نَسَبَهُ وصِدْقَه؛ ليس بِمَلَكٍ لاَ يَتَمَكَّنُونَ مِن سُؤَالِهِ، بل بَشَرٌ يَتَمَكَّنُونَ مِن سُؤَالِهِ، بِمَا شَاؤُوا مِن أُمُورِ دِينِهِم ودُنْياهُم، وعَلَى القِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ بفَتْحِ الفَاءِ، أيْ: مِن أَشْرَفِهِمْ، وأَكْرَمِهِم، وأيْضًا: كَوْنُه مَعْرُوفَ النَّسَبِ، والمَدْخَلِ والمَخْرَجِ، أَمِينًا صَدُوقًا، حتَّى إنَّه يُسَمَّى قَبْلَ مَبْعَثِه الأَمِينَ، ومَن كَانَ كذلك: فإنَّ النِّعْمَةَ به عَلَى العِبَادِ تَكُونُ أَكْبَرَ وأَعْظَمَ.

(30) أيْ: شَدِيدٌ شَاقٌّ عَلَيْهِ الذي يُعْنِتُ أُمَّتَهُ ويَشُقُّ عَلَيْها، ويُدْخِلُها في الآصَارِ، والأَغْلاَلِ، وقَالَ: ((بُعِثْتُ بِالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ)) وقَالَ: ((إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ)) وشَرِيعَتُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْحَةٌ سَهْلَةٌ، ومع ذلك فهي كَامِلَةٌ.

(31) أيْ: عَلَى هِدَايَتِكُم، وإِنْقَاذِكُم مِن النَّارِ.

(32) أيْ: رَأْفَتُه ورَحْمَتُه، خَاصَّةٌ بالمُؤْمِنِينَ، كَمَا أنَّ غِلْظَتَه وشِدَّتَه، عَلَى الكَافِرِينَ.

(33) وقَدْ تَقَرَّرَ: وجوبُ طَاعَتِه بالكِتَابِ والسُّنَّةِ، وقَرَنَ سُبْحَانَه طَاعَتَه بطَاعَتِه، في غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن كِتَابِهِ، ومَن عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن عَصَى اللَّهَ فَلَهُ نَارُ جَهَنَّمَ.

(34) فهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَمِينُ اللَّهِ عَلَى وحْيِهِ، فَكُلُّ شَيْءٍ أَخْبَرَ به فهو حَقٌّ وصِدْقٌ، لاَ كَذِبَ فيه ولاَ خُلْفَ.

(35) قَالَ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} وقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ: ((مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ)) .

(36) لاَ بالأَهْواءِ والبِدَعِ، فإِنَّ الأَصْلَ في العِبَادَاتِ التَّشْرِيعُ، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ؛ هذا مَعْنَى شَهَادَةِ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، مِن طَرِيقِ اللُّزُومِ.
ولاَ رَيْبَ أنَّها تَقْتَضِي الإِيمانَ بِهِ، وتَصْدِيقَه فيما أَخْبَرَ به، وطَاعَتَه فيما أَمَرَ، والانْتِهَاءَ عَمَّا عنه نَهَى وزَجَرَ، وأنْ يُعَظَّمَ أَمْرُه ونَهْيُه، ولاَ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ قَوْلُ أَحَدٍ.
ولاَ بُدَّ مَعَ النُّطْقِ بِهَا: مِن العَمَلِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، فقَوْلُها باللِّسانِ، دونَ العَمَلِ بِمَا دَلَّتْ عليه، لاَ يَصِيرُ بِهِ مِن أَهْلِ شَهَادَةِ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ، كَمَا أنَّ قَوْلَه لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، بدونِ العَمَلِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، لاَ يَصِيرُ بِهِ مِن أَهْلِ شَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ عَلَى الحَقِيقَةِ.
فَأَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَى الإنسانِ أنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِه عِلْمَ يَقِينٍ ويَنْطِقَ بلسانِهِ بالشَّهَادَتَيْنِ ويَعْمَلَ بِمَا دَلَّت عَلَيْهِ.


  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 03:03 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي حصول المأمول لفضيلة الشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

(16) قولُهُ: (ودليلُ شَهادةِ: أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، قولُهُ تعالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}) هذه الآيَةُ دليلٌ علَى شَهادةِ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، وفيها بيانُ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا امْتَنَّ علَى هذه الأُمَّةِ ببَعْثَةِ هذا الرسولِ الكريمِ.
ووَصَفَ هذا الرسولَ بأنَّهُ {مِنْ أنفُسِهم} فهم يَعْرِفونَ صِدْقَهُ ونَسَبَهُ، ويُمْكِنُهُم الجلوسُ معه، وسماعُ خِطابِهِ وكلامِهِ؛ لأنَّهُ ليسَ بغريبٍ عليهم.
وقولُهُ: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ} أصلُ العنَتِ بمعنَى الْمَشَقَّةِ، ومعنَى {عَزِيزٌ عَلَيْهِ} أيْ: شديدٌ عليهِ كلُّ ما فيهِ مَشَقَّةٌ عليكم مِنْ آصارٍ وأغلالٍ؛ لأنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ بُعِثَ بالحنيفيَّةِ السَّمْحةِ.
ولَمَّا تلا الرسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ علَى الصحابةِ قولَهُ تعالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} .
قالَ الأقرَعُ بنُ حابِسٍ: (أفي كلِّ عامٍ يا رسولَ اللهِ؟ فسَكَتَ الرسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، وسُكوتُهُ رَحمةٌ لهذه الأُمَّةِ؛ لأنَّهُ قالَ: ((لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ))، فيكونُ الْحَجُّ واجبًا كلَّ سَنةٍ علَى مَن استطاعَ إليهِ سَبيلاً، وهذا فيهِ مِن الْمَشَقَّةِ والضَّرَرِ ما لا يَتَحَمَّلُهُ العِبادُ، لكن مِنْ رَحمةِ اللهِ تعالَى بعِبادِهِ أنَّ الْحَجَّ لا يَجِبُ إلاَّ مَرَّةً واحدةً في العُمُرِ.وقولُهُ تعالَى: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} أيْ: علَى هِدايتِكم وإنقاذِكم مِن النارِ، فالرسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ حَريصٌ أَشَدَّ الْحِرْصِ علَى هِدايَةِ أُمَّتِهِ.
وقولُهُ تعالَى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، يعني: أنَّ الرأفةَ والرحمةَ خاصَّةٌ بالمؤمِنينَ.
وأمَّا هِدايتُهُ فهيَ عامَّةٌ لجميعِ الناسِ، فمَنْ شاءَ اللهُ تعالَى هِدايتَهُ اهْتَدَى، ومَنْ شاءَ اللهُ إضلالَهُ ضَلَّ، وقدْ حَرَصَ الرسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ علَى هِدايَةِ عَمِّهِ أبي طالِبٍ، ولكنَّ اللهَ تعالَى لم يَشَأْ هِدايتَهُ، قالَ تعالَى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.

(17) قولُهُ: (ومعنَى شَهادةِ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ: طاعتُهُ فيما أَمَرَ، وتَصديقُهُ فيما أَخْبَرَ، واجتنابُ ما عنه نَهَى وزَجَرَ، وأَلاَّ يُعْبَدَ اللهُ إلاَّ بما شَرَعَ) هذه أربعةُ أمورٍ لا تَتِمُّ شَهادةُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ إلاَّ بها.
فما أَمَرَ بهِ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ لا بُدَّ مِنْ طاعتِهِ فيهِ، وقدْ يكونُ الأمْرُ أَمْرَ وُجوبٍ أوْ أَمْرَ استحبابٍ.
وقدْ دَلَّت النصوصُ علَى أنَّ الأمرَ الواجبَ لا بُدَّ مِنْ طاعتِهِ فيهِ، وأنَّ الأمْرَ الْمُسْتَحَبَّ الذي تَدُلُّ القرائنُ علَى أنَّهُ مُسْتَحَبٌّ ليسَ علَى وجهِ الإلزامِ.
وهذه هيَ الْحِكمةُ مِنْ بَعْثَةِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، قالَ تعالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ} وإنَّمَا يُطاعُ الرسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ لأنَّهُ يَأْمُرُ بأمْرِ اللهِ، فشَرْعُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ هوَ شَرْعُ اللهِ تعالَى، قالَ تعالَى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ} .
وكثيرٌ مِن الناسِ يُخِلُّ بهذا الجزءِ مِن الشَّهادةِ، فهوَ يَنْطِقُ بها في صلاتِهِ وفي سَماعِهِ للأذانِ يَشْهَدُ: أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، لكنه يُخِلُّ بتحقيقِ هذه الشَّهادةِ في مَجالِ العملِ والتطبيقِ، واللهُ جَلَّ وعلا يقولُ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.
قولُهُ: (وتَصديقُهُ فيما أَخْبَرَ) أيْ: فلا بُدَّ مِنْ تَصديقِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فيما أَخْبَرَ بهِ، ومَنْ كَذَّبَ الرسولَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فهوَ لم يُحَقِّقْ شَهادةَ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، وإنَّمَا وَجَبَ تَصديقُهُ صلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عليهِ؛ لأنَّهُ لا يَنْطِقُ عن الْهَوَى، فخَبَرُهُ صِدْقٌ قَطْعًا.
قولُهُ: (واجتنابُ ما عنه نَهَى وزَجَرَ) هذا الأساسُ الثالثُ، وقدْ أَخَلَّ بهِ كثيرٌ مِن الناسِ أيضًا؛ فارْتَكَبوا ما نَهَى عنه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ مِن الأقوالِ والأفعالِ في العِباداتِ والْمُعامَلاتِ والأخلاقِ والسلوكِ، وهذا دَليلٌ علَى ضَعْفِ الإيمانِ، نَسألُ اللهَ السلامةَ.
وقدْ فَرَّقَ الإسلامُ بينَ الأوامرِ والنواهِي، فالأوامرُ حَسَبَ قُدرةِ الْمُكَلَّفِ، وأمَّا النواهي فلم تُقَيَّدْ بالقُدرةِ؛ مِمَّا يَدُلُّ علَى وُجوبِ الانتهاءِ، وقدْ دَلَّ علَى ذلكَ قولُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ...)) .
قولُهُ: (وَأَلاَّ يُعْبَدَ اللهُ إلاَّ بما شَرَعَ) هذا الأمرُ الرابعُ، وهوَ يَدُلُّ علَى رُكْنٍ أساسيٍّ مِنْ أركانِ العِبادةِ والدِّينِ، وهوَ: أنَّ العِبادةَ ليستْ بالأهواءِ، ولا بالبِدَعِ، ولا بالاجتهادِ الذي لم يُبْنَ علَى دليلٍ صحيحٍ، وإنَّمَا العِبادةُ مَبْنِيَّةٌ علَى الاتِّباعِ، وما جاءَ بهِ الشرْعُ.
وهذا أصلٌ عظيمٌ مِنْ أُصولِ الدِّينِ الإسلاميِّ، وهوَ: أَلاَّ نَعْبُدَ اللهَ إلاَّ بما شَرَعَ، إضافةً إلَى الأَصْلِ الأوَّلِ العظيمِ، وهوَ: أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللهَ، فهذا هوَ الإخلاصُ، والأوَّلُ هوَ الْمُتابَعَةُ، فلا يَجوزُ لأَحَدٍ أن يَعْبُدَ اللهَ تعالَى إلاَّ بما شَرَعَ، وليسَ لأَحَدٍ أن يَقولَ: إنَّ هذا مَشروعٌ، أوْ مُسْتَحَبٌّ، إلاَّ بدليلٍ شرعيٍّ.
ومَنْ تَعَبَّدَ بعِبادةٍ ليستْ واجبةً ولا مُسْتَحَبَّةً وهوَ يَعْتَقِدُها واجبةً أوْ مُسْتَحَبَّةً فهوَ ضالٌّ مُبْتَدِعٌ بدْعَةً سَيِّئَةً لا بِدْعَةً حَسَنَةً، باتِّفاقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ، فإنَّ اللهَ لا يُعْبَدُ إلاَّ بما هوَ واجبٌ أوْ مُسْتَحَبٌّ.
وقدْ جاءت النصوصُ الشرعيَّةُ تَأْمُرُ بالاتِّباعِ وتَنْهَى عن الابتداعِ:
- قالَ تعالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ...} .
- وقالَ تعالَى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} .
- وقالَ تعالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} .
- وقالَ تعالَى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّأُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} .
- وقالَ تعالَى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ} .
- وفي حديثِ العِرْباضِ بنِ ساريَةَ: ((فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)) .
وطريقُ النجاةِ أنْ يَلتزِمَ المسلِمُ سُنَّةَ المصطفَى صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ويَقْتَفِيَ أَثَرَهُ، فما فَعَلَهُ الرسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ علَى وجهِ التعَبُّدِ والطاعةِ فهوَ عِبادةٌ نَتَأَسَّى بهِ فيها؛ لقولِهِ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وما صَحَّ مِنْ أقوالِهِ وتَقريراتِهِ فهوَ سُنَّةٌ يُعْمَلُ بها، قالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)).
وقالَ في الْحَجِّ: ((لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)) .
يقولُ الشيخُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ: (وأَمَّا مُتابَعَةُ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فواجِبٌ علَى أُمَّتِهِ مُتابعتُهُ في الاعتقاداتِ والأقوالِ والأفعالِ.. فتُوزَنُ الأقوالُ والأفعالُ بأقوالِهِ وأفعالِهِ، فما وَافَقَ مِنها قُبِلَ، وما خالَفَ رُدَّ علَى فاعلِهِ كائنًا مَنْ كانَ؛ فإنَّ شَهادةَ: أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، تَتَضَمَّنُ تَصديقَهُ فيما أَخْبَرَ بهِ، وطاعتَهُ ومُتابعَتَهُ في كلِّ ما أَمَرَ بهِ).
وقدْ روَى البخاريُّ مِنْ حديثِ أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَى)) قيلَ: ومَنْ يَأْبَى يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: ((مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى)) .


  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 03:05 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح معالي الشيخ :صالح بن عبدالعزيزبن محمد آل الشيخ (مفرغ)


[شرح قوله (ودليل شهادة أن محمداً رسول الله) ]

قال بعد ذلك: (ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ) .
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} هذا قسم، اللام هذه هي التي تسمى الموطِأة للقسم، دائماً تصحب (لقد) نعلم أن ثمًّ قسماً محذوفاً (والله لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم) وهنا المقسِم هو الله جل وعلا، أقسم بأنه قد جاءكم رسول، وهذا لتأكيد الكلام وتعظيمه في نفس السامع؛ لأنه أكد بالقسم، والمُقسِم هو الله، والمقسَم به هو الله جل وعلا على مجيء الرسول لنا من أنفسنا.
{مِنْ أَنْفُسِكُمْ} يعني: من جنسكم، من بني جلدتكم يتكلم بلسانكم وتعقلون عنه، وهذا واضح الدلالة على الشهادة بأن محمداً رسول الله؛ لأن معنى شهادة أن محمداً رسول الله أن تعتقد أن محمداً أرسله الله -جل وعلا- بدين الإسلام، تعتقد ذلك اعتقاداً يصحبه قولٌ وإخبار عنه، وهذه الآية واضحة الدلالة على المراد.
فمقتضى أنك شهدت أنه رسول الله: أن تصدقه فيما أخبر، وأن لا يكون في قلبك شك في أن ما أخبر به حق، وأن كل خبرٍ أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم نقول: عليه الصلاة والسلام فيه صادق، ولو كنا لا نرى ذلك الشيء، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود أنه قال: ((حدثني الصادق المصدوق)) يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالمؤمن يصدق رسول الله فيما أخبر به، سواء عقل ذلك أولم يعقله، وسواء أدرك ذلك بنظره أولم يدركه، فقد كان الصحابة يتناقلون فيما بينهم الأخبار الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلام بأن عيسى ابن مريم عليه السلام سينزل، وكان أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث يقول لأصحابه ولمن ينقل عنه الحديث - لتلامذته - يقول: ((فإذا لقيه أحدكم فليُقرئه مني السلام)) تصديق لا يصاحبه شك، إذا كان المؤمن يعتقد أنه رسول الله، فمعنى ذلك أن كل خبر أخبر به فهو حق بلا شك، وبلا ريب عليه الصلاة والسلام.
قال: ومن معناها: (واجتناب ما عنه نهى وزجر) النهي والزجر بمعنى، والأصل في النهي وفي الزجر التحريم؛ لأنها نهي جازم كما هو مقرر في الأصول، فما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وزجر عنه، أو حرمه، فإنه يجب اجتنابه، طاعة له عليه الصلاة والسلام، كما قال جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} من الأوامر أو من الأخبار {فَخُذُوهُ} امتثالاً للأمر وتصديقاً في الخبر {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ما نهاكم عنه يجب عليكم أن تتركوه طاعة لله -جل وعلا- ولرسوله، وهنا نقول مثل ما قلنا أولاً أن من لم يجتنب ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وزجر، اعتقاداً أنه لا يجب عليه الانتهاء، يعني لم يلتزم أنه مخاطبٌ بهذه المنهيات، فهذا قدح في الشهادة، فلا يكون شاهداً بأن محمداً رسول الله وإن كان يقولها بلسانه.
وإن التزم ذلك، قال: نعم نلتزم، الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم يجب تركه لكن غلبته نفسه وخالف ذلك قليلاً كانت المخالفة أو كثيرة في نفسه أو في غيره فإن ذلك يكون نقصاً في شهادته ومعصيةً لله ولرسوله.
قال: (وألا يعبد الله إلا بما شرع) يعني: لا يعبد بالبدع والأهواء والمحدثات، وإنما يعبد الله جل وعلا بالطريق وعلى الطريقة التي بينها نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يعبد الله جل وعلا بالأهواء والآراء والاستحسانات المختلفة، وإنما يعبد الله جل وعلا عن طريق واحدة وهي طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، بما شرعه هذا الرسول، فإذا اعتقد المسلم ذلك كملت له شهادته بأن محمداً رسول الله وصار مسلماً حقاً.


  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 03:06 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي العناصر

تفسير قوله تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم...) الآية
بيان معنى شهادة أن محمداً رسول الله


  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 03:07 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الأسئله

الأسئلة
س1: اذكر تعريف المؤلف للإسلام، مع التوضيح.
س2: ما الفرق بين الاستسلام الشرعي والاستسلام القدري ؟
س3: عدد مراتب الدين.
س4: عدد أركان الإسلام مع الاستدلال لكل ركن.
س5: بين معنى شهادة (أن لا إله إلا الله) .
س6: أعرب كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله).
س7: ما معنى شهادة أن محمداً رسول الله؟ مع التوضيح.
س8: ما معنى المرتبة ؟
س9: ما هي شروط لا إله إلا الله ؟
س10: استدل من النقل والعقل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسولُ الله.
س11: ما معنى إقامة الصلاة ؟
س12: عرف الصيام لغة وشرعاً.
س13: عرف الحج لغة وشرعاً.
س14: فسر باختصار الآيات التالية :-
أ. {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط} .
ب. {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون ...} الآيات.
ج. {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم …} الآية .
د. {لقد جاءكم رسول من أنفسكم …} الآية .
هـ. {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين …} الآية .
و. {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم …} الآية .
ز. {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا …} الآية .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معنى, شهادة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir