دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > ثلاثة الأصول وأدلتها

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 شوال 1429هـ/28-10-2008م, 07:38 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي معنى شهادة أن لا إله إلا الله

وَدَلِيلُ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ} .
وَمَعْنَاهَا: لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللهُ.
{لاَ إِلهَ} نَافِياً جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، {إِلاَّ اللهُ} مُثْبِتاً العِبَادَةَ للَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ.
وَتَفْسِيرُهَا الَّذِي يُوَضِّحُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} الآيَة .
وَقَوْلُهُ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .


  #2  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:39 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح ثلاثة الأصول لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

فأولُ أركانِ الإسلامِ: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ، وبها يدخلُ العبدُ في الإسلامِ فيشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ، أيْ: لا معبودَ حقٌّ إلاَّ اللَّهُ، وهيَ نفيٌ وإثباتٌ، فَـ(لا إلهَ) نفيٌ، و(إلا اللَّهُ) إثباتٌ:
- قالَ تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
- وقالَ: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}.
- وقالَ تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هوَ البَاطِلُ}.
أمَّا قولُهَا بدونِ العملِ بها، فلا تنفعُ كأنْ يقولَ (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ)، ولاَ يَخُصَّ اللَّهَ بالعبادةِ فإنَّ شهادتَهُ لاَ تنفعُ، كالمنافقينَ فإِنَّهم يقولونَها ولاَ يَعْتَقِدُونَها، فهُم في الدَّرْكِ الأسفلِ مِنَ النَّارِ.
فالذي يقولُ (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ) ويعبدُ القبورَ والأصنامَ لا تنفعُهُ بلْ هيَ باطلةٌ.


  #3  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:41 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح ثلاثة الأصول للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

(10) في الآيَةِ الكريمةِ شهادةُ اللَّهِ لنفسِهِ بأنَّهُ لا إلهَ إلاَّ هوَ، وشهادةُ الملائكةِ، وشهادةُ أهلِ العلمِ بذلكَ، وأنَّهُ تَعَالَى قائمٌ بالقسطِ؛ أي: العدلِ، ثُمَّ قَرَّرَ ذلكَ بقولِهِ: {لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وفي هذهِ الآيَةِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لأهلِ العلمِ؛ حيثُ أَخْبَرَ أنَّهُم شُهَدَاءُ مَعَهُ ومعَ الملائكةِ، والمرادُ بهم أُولُو العلمِ بشريعتِهِ، ويَدْخُلُ فيهم دُخُولاً أَوَّلِيًّا رُسُلُهُ الكِرَامُ.
وهذهِ الشهادةُ أعظمُ شهادةٍ؛ لعِظَمِ الشاهدِ والمشهودِ بهِ، فالشاهدُ هوَ اللَّهُ وملائكتُهُ وَأُولُو العلمِ، والمشهودُ بهِ توحيدُ اللَّهِ في أُلُوهِيَّتِهِ، وتقريرُ ذلكَ في قولِهِ: {لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .

(11) قولُهُ: (وَمَعْنَاهَا)؛ أيْ: معنَى (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ): لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلاَّ اللَّهُ، فشهادةُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ أنْ يَعْتَرِفَ الإنسانُ بلسانِهِ وقلبِهِ بأنَّهُ لا معبودَ حَقٌّ إلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّ (إِلَهَ) بمعنَى مَأْلُوهٍ، والتَّأَلُّهُ التَّعَبُّدُ، وجُمْلَةُ (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ) مُشْتَمِلَةٌ على نَفْيٍ وإثباتٍ.
أمَّا النفيُ فهوَ (لا إلهَ) وأمَّا الإثباتُ فهوَ (إلاَّ اللَّهُ) و(اللَّهُ) لفظُ الجلالةِ بَدَلٌ منْ خَبَرِ (لا) المحذوفِ، والتقديرُ: (لا إلهَ حَقٌّ إلاَّ اللَّهُ).
وبتقْدِيرِنَا الخبرَ بهذهِ الكلمةِ (حقٌّ) يَتَبَيَّنُ الجوابُ عن الإشكالِ التالي: وهُوَ كيفَ يُقَالُ: (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ) معَ أنَّ هناكَ آلِهَةً تُعْبَدُ منْ دونِ اللَّهِ، وقدْ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى آلهةً، وَسَمَّاهَا عَابِدُوهَا آلهةً، قالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} وكيفَ يُمْكِنُ أنْ نُثْبِتَ الأُلُوهِيَّةَ لغيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ والرُّسُلُ يقُولُونَ لأقوامِهِم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}؟
والجوابُ على هذا الإشكالِ يَتَبَيَّنُ بتقديرِ الخبرِ في (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ)، فنقولُ: هذهِ الآلهةُ التي تُعْبَدُ منْ دونِ اللَّهِ هيَ آلهةٌ، لكنَّها آلهةٌ باطلةٌ ليستْ آلهةً حَقَّةً، وليسَ لَهَا منْ حقِّ الألوهيَّةِ شيءٌ:
- وَيَدُلُّ لذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.
- وَيَدُلُّ لذلكَ أيضًا قولُهُ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى}.
- وقولُهُ تَعَالَى عنْ يُوسُفَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}. إِذَنْ فَمَعْنَى (لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهُ) لا معبودَ حقٌّ إلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
فأمَّا المعبوداتُ سِوَاهُ فإنَّ أُلُوهِيَّتَهَا التي يَزْعُمُهَا عَابِدُوهَا ليستْ حَقِيقِيَّةً؛ أيْ: ألوهيَّةً باطلةً.

(12) إبراهيمُ: هوَ خليلُ اللَّهِ إمامُ الحُنَفَاءِ، وأفضلُ الرُّسُلِ بعدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُوهُ آزَرُ.

(13) (بَرَاءٌ) صفةٌ مُشَبَّهَةٌ من البَرَاءَةِ، وهيَ أَبْلَغُ منْ بَرِيءٍ. وقولُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}، يُوَافِي قولَ: (لا إلهَ).

(14) خَلَقَنِي ابتداءً على الفطرةِ، وقولُهُ: {إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} يُوَافِي قولَهُ: (إلاَّ اللَّهُ) فهوَ سبحانَهُ وتَعَالَى لا شريكَ لهُ في عبادتِهِ، كما أنَّهُ لا شَرِيكَ لهُ في مُلْكِهِ، ودليلُ ذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فَفِي هذهِ الآيَةِ حَصْرُ الخلقِ والأمرِ لِلَّهِ ربِّ العالمينَ وحدَهُ، فَلَهُ الخلقُ، ولهُ الأمرُ الكَوْنِيُّ والشَّرْعِيُّ.

(15) {سَيَهْدِينِ} سَيَدُلُّنِي على الحقِّ، وَيُوَفِّقُنِي لهُ.

(16) {وَجَعَلَهَا} أيْ: هذهِ الكلمةَ، وهيَ البَرَاءةُ منْ كلِّ معبودٍ سِوَى اللَّهِ.

(17) {فِي عَقِبِهِ} : في ذُرِّيَّتِهِ.
(18) {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أيْ: إليها من الشِّرْكِ.
(19) الخِطَابُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لمُنَاظَرةِ أهلِ الكتابِ: اليهودِ والنصارَى.
(20) {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}، هذهِ الكلمةُ هيَ: أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّهَ، ولا نُشْرِكَ بهِ شيئًا، ولا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا منْ دونِ اللَّهِ، فلا نَعْبُدُ إلاَّ اللَّهَ، هيَ معنى (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ)، ومعنَى (سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) إِنَّنَا نَحْنُ وَإِيَّاكُم سواءٌ فيها.
(21) أيْ: لا يَتَّخِذْ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا منْ دونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بحيثُ يُعَظَّمُ كما يُعَظَّمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ويُعْبَدُ كما يُعْبَدُ اللَّهُ، ويُجْعَلُ الحُكْمُ لغيرِهِ.
(22) {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أَعْرَضُوا عَمَّا دَعَوْتُمُوهُمْ إليهِ.
(23) أيْ: فَأَعْلِنُوا لهم، وَأَشْهِدُوهُم أنَّكُم مُسْلِمُونَ لِلَّهِ، بَرِيئُونَ مِمَّا هُمْ عليهِ من العنادِ والتَّوَلِّي عنْ هذهِ الكلمةِ العظيمةِ (لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ).


  #4  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:45 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي حاشية ثلاثة الأصول للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

المتن:
فَدَلِيلُ الشَّهَادَةِ(10) قَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إلاَّ هُوَ(11) وَالمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ(12) قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ} (13) .
وَمَعْنَاهَا: لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللهُ(14). (لاَ إِلهَ) نَافِياً جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ(15)، (إِلاَّ اللهُ) مُثْبِتاً العِبَادَةَ للَّهِ وَحْدَهُ(16) لا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ(17).
وَتَفْسِيرُهَا الَّذِي يُوَضِّحُهَا(18): قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (19)(26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي(20) فَإِنَّهُ سَيَهْدِيْنِ(21) (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِيْ عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ(22)} الآيَة .
وَقَوْلُهُ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَيْنَكُمْ(23) أَنْ لاَ نَعْبُدَ إلاَّ اللهَ(24) وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً(25) وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ(26) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(27)}
.




الحاشية:

(10) هذا شُرُوعٌ مِن المُصَنِّفِ، في بَيَانِ أَدِلَّةِ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ الخَمْسَةِ.
والشَّهَادَةُ: خَبَرٌ قَاطِعٌ، وأُطْلِقَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ؛ لأَِنَّها أَعْظَمُ شَهَادَةٍ في الوُجُودِ، عَلَى أَعْظَمِ مَشْهُودٍ بِهِ، فَلاَ يَنْصَرِفُ الإطْلاَقُ إلاَّ إِلَيْهَا.

(11) أيْ: لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ في الوُجُودِ إلاَّ هو وحدَه، فهو الإِلَهُ الحَقُّ، ومَن ادُّعِيَتْ فيه الأُلُوهِيَّةُ سِوَاه فهو أَبْطَلُ البَاطِلِ، وأَضَلُّ الضَّلاَلِ، فاللَّهُ: الإِلَهُ الحَقُّ، المُسْتَحِقُّ للعِبَادَةِ وحدَه، دونَ كلِّ ما سِوَاه.
وعِبَارَةُ السَّلَفِ في الشَّهَادَةِ: تَدُورُ عَلَى الحُكْمِ والقَضَاءِ، والإِعْلاَمِ، والبيانِ، والإخبارِ.
وذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ وغيرُه: أَنَّه لاَ تَنَافِيَ بَيْنَها، فإنَّ الشَّهَادَةَ: تَتَضَمَّنُ كَلاَمَ الشَّاهِدِ، وخَبَرَه وقولَه، وتَتَضَمَّنُ: إِعْلاَمَه وإِخْبارَه، وبيانَه.
وأوَّلُ مَرَاتِبِها: عِلْمٌ ومَعْرِفَةٌ، واعْتِقَادٌ لصِحَّةِ المَشْهُودِ به، وتَكَلُّمُه بذلك، وإِعْلاَمُه غَيْرَه بِمَا شَهِدَ به، وإِلْزَامُه بِمَضْمُونِهَا.
وشَهَادَتُه سبحانَه لنَفْسِه بالوَحْدَانِيَّةِ والقِيامِ بالقِسْطِ تَضَمَّنَتْ هذه المَرَاتِبَ الأَرْبَعَ: عِلْمَه بذلك وتَكَلُّمَه به، وإِعْلاَمَه، وإِخْبَارَه لخَلْقِه به، وأَمْرَهم وإِلْزَامَهم بِهِ.
فأمَّا العِلْمُ: فالشَّهَادَةُ تَتَضَمَّنُه ضَرُورَةً، ومَن تَكَلَّمَ به، فَقَدْ شَهِدَ به، ولَفْظُ الشَّهَادَةِ: يُسْتَعْمَلُ فيه الإِعْلاَمُ، وتَدُلُّ عَلَى الأمْرِ.
وشَهَادَتُه سبحانَه، هي: أَعْظَمُ شَهَادَةٍ في الوجودِ، أنَّه لاَ إِلَهَ إلاَّ هو، المُتَفَرِّدُ بالإِلَهِيَّةِ، مِن أَعْظَمِ شَاهِدٍ، وهو اللَّهُ سبحانَه وتَعَالَى وتَقَدَّسَ، عَلَى أَعْظَمِ مَشْهُودٍ به، وهو وَحْدَانِيَّتُه جَلَّ وعَلاَ، فإنَّه لاَ شَهَادَةَ أعْظَمُ، ولاَ أَجَلُّ، ولاَ أَثْبَتُ، مِن شَهَادَتِه تَعَالَى لنَفْسِه بالأُلُوهِيَّةِ؛ وشَهَادَةُ رَبِّ العَالَمِينَ لاَ يَنْقُصُها شَيْءٌ البتَّةَ.
وذَكَرَ الكَلْبِيُّ: أَنَّ حَبْرَيْنِ مِن أَحْبَارِ الشَّامِ قَدِمَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالاَ: (أَخْبِرْنَا عَن أَعْظَمِ شَهَادَةٍ في كِتَابِ اللَّهِ؟) فَأَنْزَلَ اللَّهُ هذه الآيةَ، فَأَسْلَما.

(12) أي: والمَلاَئِكَةُ شَهِدُوا للَّهِ بأنَّه لاَ إِلَهَ إلاَّ هو، كَمَا شَهِدَ اللَّهُ بذلك لنَفْسِه المُقَدَّسَةِ، وأُولُوا العِلْمِ شَهِدُوا بذلك أيْضًا، أنَّه لاَ إِلَهَ إلاَّ هو، وفُسِّرَت بالإِقْرَارِ وبالتَّبْيينِ، والإِظْهارِ.
واسْتِشْهَادُهم: فيه تَعْدِيلٌ وتَزْكِيَةٌ لأَِهْلِ العِلْمِ، إذ ارْتَقَوا إلى هذا المَقَامِ، الذي اسْتَشْهَدَهُم اللَّهُ تَعَالَى فيه، عَلَى وَحْدَانِيَّتِه عَزَّ وجَلَّ، ولْيَنْتَفِ جَحْدُ الجَاحِدِينَ وانْتِحَالُ المُبْطِلِينَ.
وهذا فيه أَعْظَمُ حَاثٍّ لك عَلَى طَلَبِ العِلْمِ، فإنَّ اللَّهَ شَهِدَ واسْتَشْهَدَ المَلاَئِكَةَ، واسْتَشْهَدَ أَهْلَ العِلْمِ، ففي هذه الشَّهَادَةِ رِفْعَةُ أَهْلِ العِلْمِ، حيثُ اسْتُشْهِدُوا عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ رَبُّ العَالَمِينَ، وأَيُّ ثَنَاءٍ أَشْرَفُ مِن هذا الثَّنَاءِ عَلَيْهِم وتَعْدِيلِهِم، وشَهَادَتِه لَهُم أنَّهم أُولُوا العِلْمِ، وجَعْلِهِم حُجَّةً عَلَى مَن أَنْكَرَها، فَدَلَّ عَلَى فَضْلِ العِلْمِ. وفي الحَدِيثِ: ((يَحْمِلُ هذا العِلْمَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ عُدُولُها)) وهذا أَعْظَمُ مُرَغِّبٍ في العِلْمِ وإنْ زَهِدَ فيه الأَكْثَرُ.
والمُرَادُ بالعِلْمِ: العِلْمُ الشَّرْعِيُّ، الذي هو نُورُ القُلُوبِ وحَيَاتُهَا، وغَيْرُه: عِلْمٌ نِسْبِيٌّ إِضَافِيٌّ، إمَّا إلى أُمُورٍ دُنْيَوِيَّةٍ، أو عُلُومٍ حِسَابِيَّةٍ، وصِنَاعِيَّةٍ، أو غَيْرِ ذلك، وأَهْلُه: لَيْسوا مِن أَهْلِ العِلْمِ، الذين اسْتَشْهَدَهُم اللَّهُ، فَلاَ يُطْلَقُ هذا العِلْمُ، إلاَّ عَلَى العِلْمِ الشَّرْعِيِّ الدِّينِيِّ.

(13) أيْ: قَائِمًا بالعَدْلِ، فشَهِدَ سُبْحَانَه: أنَّه قَائِمٌ بالعَدْلِ في تَوْحيدِه، وبالوَحْدَانيَّةِ في عَدْلِه، والتَّوْحيدُ والعَدْلُ: هُمَا جِمَاعُ صِفَاتِ الكَمَالِ، ونَظْمُ الآيةِ: شَهِدَ اللَّهُ قَائِمًا بالقِسْطِ، أنَّه لاَ إِلَهَ إلاَّ هو فـ(قَائِمًا) نُصِبَ عَلَى الحَالِ.
و(لاَ إِلَهَ إلاَّ هو) تَوْكِيدٌ لِمَا سَبَقَ، لعِظَمِ شَأْنِ التَّوْحيدِ، ثُمَّ أَثْنَى عَلَى نَفْسِه المُقَدَّسَةِ: فَأَخْبَرَ أنَّه العَزِيزُ، الذي لاَ يُرَامُ جَنَابُه عَظَمَةً وكِبْرِياءَ، الحَكِيمُ في أَقْوَالِهِ وأَفْعَالِهِ، وشَرْعِهِ وقَدَرِه.
فتَضَمَّنَتْ هذه الآيةُ الكَرِيمَةُ: أَجَلَّ شَهَادَةٍ وأَعْظَمَها، وأَعْدَلَها وأَصْدَقَها، مِن أَجَلِّ شَاهِدٍ، بأَجَلِّ مَشْهُودٍ بِهِ، وتَضَمَّنَتْ تَوْحيدَه تَعَالَى، وعَدْلَه وعِزَّتَه وحِكْمَتَه.

(14) أيْ: ومَعْنَى هذه الكَلِمَةِ العَظِيمَةِ، شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، لاَ مَعْبُودَ، أيْ: لاَ مَأْلُوهَ بِحَقٍّ، إلاَّ اللَّهُ وحْدَه، دونَ كلِّ مَن سِوَاه، بل كلُّ مَأْلُوهٍ سِوَى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، فإِلَهِيَّتُه أَبْطَلُ الباطِلِ، وأَضَلُّ الضَّلاَل.
ففيها: نَفْيُ الإِلَهِيَّةِ عن غَيْرِ اللَّهِ، وإِثْبَاتُها للَّهِ وحدَه، وسِيقَتْ لِتَوْحِيدِ الإلهيةِ مُطَابَقَةً، لاَ كَمَا يَقُولُه بَعْضُ الجَهَلَةِ: إنَّ مَعْناهَا: لاَ يَخْلُقُ ولاَ يَرْزُقُ إلاَّ اللَّهُ، ولاَ يُدَبِّرُ الأَمْرَ إلاَّ اللَّهُ، فإنَّها وإِنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ بطَرِيقِ التَّضَمُّنِ، فهي مَوْضُوعَةٌ لتَوْحيدِ الإِلَهِيَّةِ، الذي هو إِفْرَادُ اللَّهِ بِجَمِيعِ أَنْواعِ العِبَادَةِ، الذي أُرْسِلَتِ الرُّسُلُ، وأُنْزِلَتِ الكُتُبُ في تَقْرِيرِه وإِيضَاحِه.
وأَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، فَقَدْ أَقَرَّ بِهِ المُشْرِكُونَ، كأَبِي جَهْلٍ وأَضْرَابِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} أيْ: أنَّه الذي يَفْعَلُ ذلك، ولَمْ يُنَازِعُوا فيه، ولاَ امْتَنَعُوا مِن الإقْرَارِ بِهِ، بل احْتَجَّ تَعَالَى عَلَيْهم بإِقْرَارِهم بِتَوْحيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، عَلَى تَوْحِيدِ الإِلَهِيَّةِ، فَقَالَ: {فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} أيْ: الشِّرْكَ به في عِبَادَتِه.
فإِنَّهم يَعْرِفُونَ مَعْنَاهَا، وأَنَّها دَلَّتْ عَلَى إِفْرَادِ اللَّهِ بالعِبَادَةِ، ولِهَذا أَنْكَرُوا أنْ يكونَ اللَّهُ هو المَعْبُودَ وحدَه، وقَالُوا: شَتَمَ آلِهَتَنَا، وقَالُوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} بل يُرِيدُونَ: أنْ يَجْعَلُوا بَيْنَهُم وبَيْنَ اللَّهِ وسَائِطَ وشُرَكَاءَ في العِبَادَةِ، فإنَّ نُفُوسَهُم وإِحْسَاسَهُم: امْتَزَجَتْ بالشِّرْكِ، ونَشَأَتْ عَلَيْهِ، وأَلِفَتْه، فَصَارُوا كالْمَرِيضِ الذي فَسَدَ مِزَاجُه، فإِذَا أُتِيَ بالطَّعَامِ الحُلْوِ، قَالَ: هذا مُرٌّ وهو ليس بِمُرٍّ؛ ولكنَّ الآفَةَ مِن مِزَاجِه الفَاسِدِ، بالنِّسْبَةِ إلى عُقُولِهم الفَاسِدَةِ.
فكذلك الحقُّ والنُّورُ المُبِينُ، الذي جَاءَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هو عندَهم وأَمْثَالِهم مُرٌّ، بالنِّسْبَةِ إلى أَمْزِجَتِهِم؛ والمَقْصُودُ: أنَّهم عَرَفُوا أَنَّ مَدْلُولَها، أنْ يَكُونَ المَعْبُودُ هو اللَّهَ وحْدَه، وبِهَذا تَعْرِفُ: أنَّ مَدْلُولَ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُطَابَقَةً، هو: إِفْرادُ اللَّهِ بالعِبَادَةِ.

(15) الإِلَهُ: فِعَالٌ، بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، ككِتَابٍ بِمَعْنَى: مَكْتُوبٍ، مُشْتَقٌّ مِن أَلَهَ يَأْلَهُ إِلاَهَةً، أيْ: عَبَدَ يَعْبُدُ عِبَادَةً، لَفْظًا ومَعْنًى، والإِلَهُ هو: المَعْبُودُ المُطَاعُ، فالنَّفْيُ في كَلِمَةِ الإِخْلاَصِ (لاَ إِلَهَ) أيْ: لاَ مَأْلُوهَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ إلاَّ اللَّهُ.
فإذا قُلْتَ: (لاَ إِلَهَ) كُنْتَ نَافِيًا جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِن دونِ اللَّهِ سِوَى اللَّهِ، يَعْنِي: وآلِهَةُ غيرُ اللَّهِ كَثِيرَةٌ طِبْقَ الأَرْضِ، ولكنْ بالبَاطِلِ والضَّلاَلِ، وإنَّما الإِلَهُ المُسْتَحِقُّ للعِبَادَةِ، هو اللَّهُ وحْدَه.
وآلِهَةُ المُشْرِكِينَ، التي يَعْبُدُونَها مِن دونِ اللَّهِ، إِنَّما هي مُجَرَّدُ ظَنٍّ منهم، واتِّباعٌ لِهَواهُم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالعُزَّى} إلى قَوْلِهِ: {إِنْ هِيَ إلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى}.

(16) أيْ: والإِثْباتُ في كَلِمَةِ الإِخْلاَصِ، هو قَوْلُك: إلاَّ اللَّهُ، المُسْتَثْنَى في هذه الكَلِمةِ العَظِيمَةِ، ودَلاَلَتُها عَلَى إِثْباتِ الإِلَهِيَّةِ للَّهِ وحْدَه، أَعْظَمُ مِن دَلاَلَةِ قَوْلِنَا: اللَّهُ إِلَهٌ؛ فَـ(لاَ): نَافِيَةٌ للجِنْسِ، وخَبَرُها المَرْفُوعُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُه: حَقٌّ؛ و(إلاَّ اللَّهُ): اسْتِثْنَاءٌ مِن الخَبَرِ المَرْفُوعِ.
فاللَّهُ هو الحقُّ، وعِبَادَتُه وحدَه هي الحَقُّ، وعِبَادَةُ غَيْرِه مَنْفِيَّةٌ بـ (لاَ) في هَذِه الكَلِمَةِ، قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ} .
والقُرْآنُ كلُّه يَدُلُّ عَلَى إِثْباتِ العِبَادَةِ للَّهِ وحدَه، فَلاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، اشْتَمَلَتْ عَلَى أَمْرَينِ، هما رُكْنَاهَا؛ النَّفْيُ والإِثْبَاتُ، فـ(لاَ إِلَهَ) نافيًا وجُودَ مَعْبُودٍ بِحَقٍّ سِوَى اللَّهِ، (إلاَّ اللَّهُ) مُثْبِتًا العِبَادَةَ للَّهِ وحدَه، دونَ كلِّ مَن سِوَاه، والنَّفْيُ المَحْضُ ليس بتوحيدٍ، وكذلك الإثْبَاتُ المَحْضُ، فَلاَ بُدَّ مِن الجَمْعِ بينَ النَّفْيِ والإثْبَاتِ.
وشُرُوطُها ثَمَانِيَةٌ:
أَحَدُها: العِلْمُ، المُنَافِي للجَهْلِ.
الثَّانِي: اليَقِينُ، المُنَافِي للشَّكِّ.
الثَّالِثُ: القَبُولُ، المُنَافِي للرَّدِّ.
الرَّابِعُ: الانْقِيادُ، المُنَافِي للتَّرْكِ،
الخَامِسُ: الإِخْلاَصُ، المُنَافِي للشِّرْكِ.
السَّادِسُ: الصِّدْقُ، المنافي للكَذِبِ.
السَّابِعُ: المَحَبَّةُ، المُنافِيَةُ لضِدِّهَا.
الثَّامِنُ: الكُفْرُ بِمَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى.

(17) يعني: فَكَمَا أنَّه المُتَفَرِّدُ في مُلْكِهِ، فهو يَدُلُّ عَلَى أَنْ يُفْرَدَ بالعِبَادَةِ، فإنَّ مِن أَظْلَمِ الظُّلْمِ: أنْ يُجْعَلَ المَخْلُوقُ، الذي ليس شَرِيكًا للَّهِ في المُلْكِ، شَرِيكًا للَّهِ في العِبَادَةِ، تَعَالَى اللَّهُ وتَقَدَّسَ؛ ولِهَذا يَحْتَجُّ تَعَالَى عَلَى مَن أَنْكَرَ أُلُوهِيَّتَه، بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِن رُبُوبِيَّتِه، فإنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ، هو: الدَّلِيلُ عَلَى تَوْحيدِ الإِلَهِيَّةِ. ولِهَذا قَالَ: (كَمَا أنَّه لاَ شَرِيكَ لَه في مُلْكِهِ) .

(18) أيْ: تَفْسيرُ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، الذي بيَّنَها بَيَانًا تَامًّا مِن القُرْآنِ، فإنَّه تَعَالَى: بيَّنَها في كِتَابِه في غَيْرِ مَوْضِعٍ، ولَمْ يَكِلْ عِبَادَه في بيانِ مَعْناها إِلَى أَحَدٍ سِوَاه.

(19) أَخْبَرَ تَعَالَى عن عَبْدِه ورَسُولِهِ وخَلِيلِه، إِمَامِ الحُنَفَاءِ، ووَالِدِ مَن بعدَه مِن الأنبياءِ، أنَّه قَالَ لأَِبِيهِ آزَرَ، وقَوْمِه أَهْلِ بَابِلَ، ومَلِكِهم النُّمْرُودِ، وكانُوا يَعْبُدُونَ الأصنامَ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} أيْ: بَرِيءٌ {مِّمَّا تَعْبُدُونَ} مِن الأوثانِ، وهذا فيه مَعْنَى (لاَ إِلَهَ).

(20) أيْ: ابْتَدَأَ خَلْقِي وبَرَّأَنِي، وفيه مَعْنَى (إلاَّ اللَّهُ) فَدَلَّت الآيةُ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، ولهذا يُقَالُ لـ(لا) النَّافِيَةِ للجِنْسِ، عندَ النُّحَاةِ: لامُ التَّبْرِئَةِ؛ فالخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، تَبَرَّأَ مِن آلِهَتِهم سِوَى اللَّهِ، ولَمْ يَتَبَرَّأْ مِن عِبَادَةِ اللَّهِ، بل اسْتَثْنَى مِن المَعْبُودِينَ رَبَّه.

(21) أيْ: يُرْشِدُنِي لدِينِهِ القَوِيمِ، وصِرَاطِهِ المُسْتَقِيمِ، وقَدْ أَمَرَنَا تَعَالَى أنْ نَتَأَسَّى بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} الآيَةَ.

(22) أيْ: وجَعَلَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وهي (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ) بَاقِيَةً في نَسْلِه وذُرِّيَّتِه يَقْتَدِي به فيها مَن هَدَاهُ اللَّهُ مِن ذُرِّيَّتِه {لَعَلَّهُمْ} أيْ: لَعَلَّ أَهْلَ مَكَّةَ وغيرَهم {يَرْجِعُونَ} إلى دِينِ إِبْرَاهيمَ الخَلِيلِ، والكَلِمَةُ هي (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ)، بإجْمَاعِ المُفَسِّرِينَ؛ فَعَبَّرَ عن مَعْنَى (لاَ إِلَهَ) بقَوْلِهِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ} وعَبَّرَ عن مَعْنَى (إلاَّ اللَّهُ) بِقَوْلِه: {إلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} فَتَبَيَّنَ: أنَّ مَعْنَى (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ)، هو البَرَاءُ مِن عِبَادَةِ كلِّ مَا سِوَى اللَّهِ، وإخْلاَصُ العِبَادَةِ بِجَمِيعِ أَنْواعِهَا للَّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وبَيَّنَ تَعَالَى مَعْنَى (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ) في آياتٍ كَثِيرَةٍ مِن كِتَابِهِ، يَتَعَذَّرُ حَصْرُها، كقَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إِيَّاهُ} وفي: {أَلاَّ تَعْبُدُوا} مَا في مَعْنَى (لاَ إِلَهَ).
وقَوْلُه: {إلاَّ إِيَّاهُ} هو الإِثْباتُ الذي أَثْبَتَتْهُ (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ) إذ لاَ يُعَبَّرُ عن الشَّيْءِ إلاَّ بِمَعناه، فبهذا ونَحْوِه، تَعْرِفُ: أنَّ مَعْنَى (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ)، النَّفْيُ والإثباتُ، والوَلاَءُ والبَرَاءَةُ، والتَّجْرِيدُ والتَّفْرِيدُ.
وهذِه التَّفَاسِيرُ ونَحْوُها: تَرْجِعُ إلى مَعْنًى واحدٍ، وهو: تَجْرِيدُ غَيْرِ اللَّهِ عن الأُلُوهِيَّةِ، وتَفْرِيدُها للَّهِ وحْدَه، دونَ كلِّ مَن سِوَاه، والبَرَاءَةُ مِن تَأَلُّهِ غَيْرِ اللَّهِ بالكُلِّيَّةِ، ومَن اعْتَقَدَ أنَّه بِمُجَرَّدِ تَلَفُّظِه بالشَّهَادَةِ، يَدْخُلُ الجَنَّةَ، ولاَ يَدْخُلُ النَّارَ، فهو ضَالٌّ، مُخالِفٌ للكِتَابِ والسُّنَّةِ، وإِجْمَاعِ الأُمَّةِ.

(23) أيْ: ودَلِيلُ الشَّهَادَةِ أيْضًا، قولُه تَعَالَى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ} أَمَرَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يَقُولَ لأَِهْلِ الكِتَابِ، اليهودِ والنَّصَارَى: {تَعَالَوْا} أيْ: هَلُمُّوا {إِلَى كَلِمَةٍ} واحِدَةٍ لاَ غَيْرُ؛ والكَلِمَةُ: تُطْلَقُ عَلَى الجُمْلَةِ المُفِيدَةِ، كَمَا هنا: {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} أيْ: عَدْلٍ ونَصَفٍ، لاَ يَخْتَلِفُ فيها رَسُولٌ، ولاَ كِتَابٌ، نَسْتَوِي نَحْنُ وأَنْتُم في فَرْضِيَّتِها، ووجُوبِهَا عَلَيْنَا وعَلَيْكُم.
ومِن المَعْلُومِ أنَّ الكَلِمَةَ هي: التي يَدْعُو إليها جَمِيعَ النَّاسِ؛ فإنَّه ليس في الوُجُودِ سِوَى كَلِمَةِ التَّوْحيدِ، عندَ الاسْتِقْرَاءِ والتَّتَبُّعِ، فإنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لقُرَيْشٍ: ((قُولُوا لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ تُفْلِحُوا)) .
وهي الكَلِمَةُ التي تَدْعُو إليها الرُّسُلُ جَمِيعَ الخَلْقِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}، فتَقَرَّرَ: أنَّه ليس كَلِمَةٌ هنا غَيْرَها، وقَدْ فَسَّرَها تَعَالَى بذلك.

(24) أيْ: لاَ نُوَحِّدَ نَحْنُ وأَنْتُم بالعِبَادَةِ إلاَّ اللَّهَ، فَوَضَّحَ مَعْنَى الكَلِمَةِ، فإنَّ في قولِهِ: {أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّهَ} مَعْنَى: (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ) فَتَبَيَّنَ أنْ لاَ مَعْبُودَ حَقٌّ، إلاَّ اللَّهُ وحدَه.

(25) لاَ صَلِيبًا ولاَ صَنَمًا، ولاَ طَاغُوتًا ولاَ نَارًا، ولاَ شيئًا غيرَ اللَّهِ، بل نُفْرِدُه تَعَالَى بالعِبَادَةِ وحدَه لاَ شَرِيكَ له، وهذه دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ.

(26) لاَ يُطِيعُ بَعْضُنَا بَعْضًا في مَعْصِيَةِ اللَّهِ، كَمَا فَعَلَت اليهودُ والنَّصارَى.

(27) أيْ: فإنِ امْتَنَعُوا، وأَدْبَرُوا، وأَعْرَضُوا عن الإِجَابَةِ، إلى إِفْرَادِ اللَّهِ بالعِبَادَةِ، فقُولُوا أَنْتُم، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَهُم: اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمونَ مُخْلِصُونَ للَّهِ بالتَّوْحيدِ دَونَهُم أيْ: صَرِّحُوا لَهُم مُشَافَهَةً، أنَّكُم مُسْلِمُونَ، وأنَّهم كُفَّارٌ، وأنَّكم بُرَءَاءُ مِنْهم، وهم بُرَءَاءُ مِنْكُم.
وهذا دَالٌّ: عَلَى أنَّه لاَ بُدَّ أَنْ تُبيِّنَ للكُفَّارِ، حتَّى يَتَفَهَّمُوا ويَتَحَقَّقُوا أنَّهم ليسوا على دينٍ، وأنَّ دِينَكَ خِلاَفُ دِينِهِم الذي هم عليه، وأنَّ دِينَهُم خِلاَفُ دِينِكَ.


  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:46 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي حصول المأمول لفضيلة الشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

(10) قولُهُ: (فدليلُ الشهادةِ قولُهُ تعالَى: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ) بَدَأَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ بِذِكْرِ الأَدِلَّةِ علَى الأركانِ، والآيَةُ التي ساقَها دليلاً علَى الشهادةِ آيَةٌ عظيمةٌ دَلَّتْ علَى أَعْظَمِ شَهادةٍ، مِنْ أَجَلِّ شاهدٍ، لأعظمِ مَشهودٍ بهِ.
فأعظَمُ شَهادةٍ هيَ: شَهادةُ التوحيدِ، مِنْ أَجَلِّ شَاهِدٍ وهوَ: {اللهُ} سُبحانَهُ وتعالَى، ثمَّ {وَالملائكةُ}، علَى أعظَمِ مَشهودٍ بهِ وهوَ: أنَّهُ لا إلهَ إلاَّ اللهُ.
ومعنَى {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أيْ: حَكَمَ وأَعْلَمَ وأَخْبَرَ؛ لأنَّ الشَّهادةَ تَأْتِي بهذه المعاني.
وقولُهُ: {وَأُولُو الْعِلْمِ} الْمُرَادُ بالْعِلْمِ هنا: الْعِلْمُ الشرعيُّ الذي هوَ نُورُ القلوبِ وحياتُها.
والْمُرَادُ بأُولِي الْعِلْمِ: الأنبياءُ والْعُلَمَاءُ.
وفي قولِهِ تعالَى: {وَأُولُو الْعِلْمِ} دليلٌ واضحٌ علَى فَضْلِ الْعِلْمِ وأهلِهِ؛ لأنَّ اللهَ جَلَّ وعلا خَصَّهُم بالذكْرِ مِنْ دونِ البشَرِ، ولوْ كانَ أَحَدٌ يُقَارِبُهم في هذا لذُكِرَ معهم، بلْ لوْ كانَ أحَدٌ أَفْضَلَ مِنهم لذُكِرَ، واللهُ جلَّ وعلا خَصَّهُم بالذكْرِ، وقَرَنَ شَهادتَهم بشَهادتِهِ وشَهادةِ الملائكةِ، فيَصْلُحُ أنْ تكونَ الآيَةُ مِن الأَدِلَّةِ علَى فَضْلِ الْعِلْمِ مِنْ وجهينِ:
الوجهُ الأَوَّلُ: أنَّ اللهَ تعالَى خَصَّهُمْ بالذكْرِ دونَ سائرِ البَشَرِ؛ لأنَّ اللهَ لم يَذْكُرْ مِن البشَرِ أَحَدًا إلاَّ أُولِي الْعِلْمِ، فإنَّهُ سُبحانَهُ ذَكَرَ نفسَهُ الْمُقَدَّسَةَ {شَهِدَ اللهُ}، وذَكَرَ الملائكةَ وهم ليسوا مِن البَشَرِ، ولم يَذْكُرْ مِن البشرِ إلاَّ أُولِي الْعِلْمِ، فلوْ كانَ مِن البَشَرِ مَنْ هوَ أَفْضَلُ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ أوْ مِثلُهم لذُكِرَ.
الوجهُ الثاني: أنَّ اللهَ تعالَى قَرَنَ شَهادتَهم بشَهادتِهِ، وهذه رِفعةٌ لهم، حيث إنَّهُم يَشهدونَ بأُلوهيَّةِ اللهِ سُبحانَهُ وتعالَى وإفرادِهِ بالعِبادةِ.
وقولُهُ تعالَى: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ}الْقِسْطُ : هوَ العَدْلُ في القولِ والعملِ والْحُكْمِ
و{قَائِمًا بِالْقِسْطِ} حالٌ لازِمَةٌ؛ أيْ: شَهِدَ اللهُ أنَّهُ لا إلهَ إلاَّ هوَ حالةَ كونِهِ {قَائِمًا بِالْقِسْطِ}، ثمَّ أعادَ تَوحيدَهُ مَرَّةً أخرَى سُبحانَهُ وتعالَى فقالَ: {لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .

(11) قولُهُ: (وَمَعْنَاهَا) أيْ: شَهادةِ: أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ (لاَ مَعْبُودَ بحَقٍّ إلاَّ اللهُ) فلا إلهَ؛ أيْ: (لا مَعبودَ).
وأصْلُ (إلهٍ) بمعنَى: مَألوهٍ، مِنْ: ألَهَ يَأْلَهُ إِلْهَةً؛ أيْ: عَبَدَ يَعبُدُ عِبادةً، والتأَلُّهُ في لغةِ العربِ معناهُ: التَّعَبُّدُ.
فـ(لا) هنا نافيَةٌ للجِنْسِ، وتُسَمَّى أيضًا في بعضِ كُتُبِ النحوِ بـ(لا التَّبْرِئَةِ)، فإذا قالَ: لا إلهَ إلاَّ اللهُ، تَبَرَّأَ مِنْ جَميعِ الْمَعبوداتِ إلاَّ اللهَ، و(إلهَ) اسمُ (لا) والخبَرُ مَحذوفٌ.
والنَّحْوِيُّونَ يُقَدِّرُونَ الخبَرَ كَلمةَ (موجودٌ)، وهذا التقديرُ ليسَ بصحيحٍ؛ إذ لا يَصِحُّ أن يُقالَ: لا إلهَ مَوجودٌ إلاَّ اللهُ؛ لأنَّ فيهِ آلِهَةً مَوجودةً كثيرةً غيرَ اللهِ سُبحانَهُ وتعالَى، مثلَ الأشجارِ والأحجارِ والأشخاصِ إلَى غيرِ ذلكَ، قالَ تعالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}، فهذا التقديرُ لا يَصْلُحُ.
والصوابُ أنْ يكونَ التقديرُ: (لا إلهَ حَقٌّ أوْ لا إلهَ مَعبودٌ بِحَقٍّ إلاَّ اللهُ سُبحانَهُ وتعالَى).
(وإلاَّ) حَصْرٌ، ولفظُ الجلالةِ بَدَلٌ مِن الضميرِ الْمُسْتَتِرِ في الْخَبَرِ؛ لأنَّ خَبَرَ (لا) إذا قلنا: لا إلهَ مَعبودٌ بحَقٍّ، أوْ قلنا: لا إلهَ حقٌّ، فيهِ ضَميرٌ مُستَتِرٌ فيكونُ لفظُ الجلالةِ بَدَلاً مِنْ هذا الضميرِ.
هذا هوَ إعرابُ كَلمةِ الإخلاصِ، وإنَّمَا ذَكَرْتُ إعرابَها؛ لأنَّهُ قدْ يَمُرُّ علَى الطالبِ في بعضِ كتبِ النحوِ تقديرُ الخبرِ بكلمةِ (موجود) وقدْ تَبَيَّنَ فَسادُهُ.

(12) قولُهُ: ((لا إلهَ) نافيًا جميعَ ما يُعبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ (إلاَّ اللهُ) مُثبِتًا العِبادةَ للهِ وَحدَهُ، لا شَريكَ لهُ في عِبادتِهِ، كما أنَّهُ لا شَريكَ لهُ في مُلْكِهِ) أيْ: أنَّ هذه الكلمةَ العظيمةَ اشْتَمَلَتْ علَى نفيٍ وإثباتٍ.
فإنَّ معناها: لا مَعبودَ بِحَقٍّ إلاَّ إلهٌ واحدٌ، وهوَ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لهُ كما قالَ تعالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}، معَ قولِهِ تعالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
ففيها إثباتُ الألوهيَّةِ الحقَّةِ للهِ تعالَى، وتَرْكُ عِبادةِ ما سواهُ، وأنَّ ما سوَى اللهِ ليسَ بإلهٍ، وأنَّ إلَهِيَّةَ ما سواهُ مِنْ أَبْطَلِ الباطلِ، قالَ تعالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.
فـ(لا إلهَ إلاَّ اللهُ) اشْتَمَلَتْ علَى أمرينِ: هما ركناها:
النفيُ (لا إلهَ) والإثباتُ (إلاَّ اللهُ).
والنفيُ المحضُ ليسَ بتوحيدٍ، وكذلكَ الإثباتُ المحضُ، فلا بُدَّ مِن الجمْعِ بينَهما.
يقولُ الحافظُ ابنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: (والإلهُ هوَ الذي يُطاعُ فلا يُعْصَى، هَيْبَةً لهُ وإجلالاً، ومَحَبَّةً وخوفًا، ورجاءً وتَوَكُّلاً عليهِ، وسؤالاً مِنه، ودعاءً لهُ، ولا يَصْلُحُ ذلكَ كلُّهُ إلاَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، فمَنْ أَشْرَكَ مَخلوقًا في شيءٍ مِنْ هذه الأمورِ التي هيَ مِنْ خَصائصِ الإلهيَّةِ كانَ ذلكَ قَدْحًا في إخلاصِهِ في قولِ: (لا إلهَ إلاَّ اللهُ) ونَقْصًا في توحيدِهِ، وكان فيهِ مِنْ عُبوديَّةِ المخلوقِ بِحَسَبِ ما فيهِ مِنْ ذلكَ، وهذا كلُّهُ مِنْ فُروعِ الشرْكِ...).
وكما أنَّ اللهَ تعالَى هوَ الْمُتَفَرِّدُ في مُلْكِهِ، فهوَ الْمُتَفَرِّدُ بالعِبادةِ؛ لأنَّ مِنْ أَظْلَمِ الظُّلْمِ أن يُجْعَلَ المخلوقُ الذي ليسَ شَريكًا للهِ في الْمُلْكِ شَريكًا معه في العِبادةِ، تعالَى اللهُ وتَقدَّسَ؛ ولهذا يَحْتَجُّ تعالَى علَى مَنْ أَنْكَرَ أُلوهيَّتَهُ بما أَقَرَّ بهِ مِنْ رُبوبيَّتِهِ، فإنَّ توحيدَ الرُّبوبيَّةِ هوَ الدليلُ علَى تَوحيدِ الإلهيَّةِ، وقدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذلكَ.

(13) قولُهُ: (وتَفسيرُها الذي يُوَضِّحُها) أيْ: مِن القُرآنِ، ولم يَكِلْ عِبادَهُ في بَيانِ معناها إلَى أَحَدٍ سِواهُ.

(14) (قولُهُ تعالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَِبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ) فهذا إبراهيمُ خليلُ الرحمَنِ يَتَبَرَّأُ مِن الآلِهَةِ التي عليها قومُهُ، ويَلْزَمُ مِنْ هذا أن يَتَبَرَّأَ مِنهم أيضًا.
فإبراهيمُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ تَبَرَّأَ مِن الشرْكِ وأهلِهِ، معَ أنَّهُم أَقْرَبُ الناسِ إليهِ: أبوهُ، وقومُهُ - أهلُ بابلَ ومَلِكُهم النُّمْرُودُ.
وقولُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} أيْ: إنني بَرِيءٌ{مِمَّا تَعْبُدُونَ}، يعني: مِن الأصنامِ والأوثانِ.
وقولُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} يُقابِلُ قولَهُ: (لا إلهَ) فمعنَى: (لا إلهَ) هوَ معنَى {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} وهذا نَفْيٌ.
{إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} معنَى فَطَرَنِي؛ أيْ: بَرَأَنِي وابتدَأَ خَلْقِي، وهذا فيهِ معنَى (إلاَّ اللهُ).
ثمَّ قالَ مُؤَكِّدًا هذه العقيدةَ السليمةَ {فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} والسينُ هنا للتوكيدِ.
ومعنَى يَهدينِ: أيْ: يُرشِدُني ويُوَفِّقُني إلَى سلوكِ الصراطِ المستقيمِ.
{وَجَعَلَهَا} الضميرُ يعودُ إلَى كلمةِ التوحيدِ المأخوذةِ مِنْ قولِهِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} فهذه الكلمةُ العظيمةُ - وهيَ كلمةُ التوحيدِ - جَعَلَها إبراهيمُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ باقيَةً في عَقِبِهِ.
والدليلُ علَى أنَّهُ جَعَلَها باقيَةً في عَقِبِهِ قولُ اللهِ تعالَى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
وقولُهُ تعالَى: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} يعني: لعلَّهُم يَرْجِعون مِن الشرْكِ إلَى تحقيقِ هذه الكلمةِ، فإنَّ مَنْ لم يأتِ بهذه الكلمةِ عارفًا مَعناها، عاملاً بِمُقْتَضاها، وَقَعَ في الشرْكِ، ولهذا قالَ تعالَى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وهذه الآيَةُ مِن الآياتِ العظيمةِ في العقيدةِ، وقدْ دَلَّتْ علَى فوائدَ نَذْكُرُ مِنها:
أوَّلاً: أنَّ الآيَةَ دليلٌ علَى وُجوبِ البَراءةِ مِن الشرْكِ والمشرِكينَ، فيَصْلُحُ أن نَستَدِلَّ بالآيَةِ علَى الْجُزئيَّةِ الثالثةِ التي ذَكَرَها الشيخُ قبلَ قليلٍ، وهيَ البَراءةُ مِن الشرْكِ وأهلِهِ.
ثانيًا: الآيَةُ دليلٌ علَى فَضيلةِ مَنْ يُوَرِّثُ أولادَهُ هُدًى وصَلاَحًا، وأنَّ الإنسانَ يُنَشِئُ أولادَهُ ويُرَبِّيهِم ويُوَرِّثُهمُ الْهُدَى والصلاحَ، فإنَّ إبراهيمَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ جَعَلَ هذه الكلمةَ باقيَةً في عَقِبِهِ وفي ذُرِّيَّتِهِ.
الفائدةُ الثالثةُ: أنَّ الآيَةَ فيها دليلٌ علَى أنَّ مِن الكمالِ العقليِّ والإدراكِ السليمِ أن يَتْبَعَ المرءُ الْهُدَى ولوْ خالَفَهُ أهلُهُ وقومُهُ وأهلُ بلادِهِ.

(15) قولُهُ: (وقولُهُ تعالَى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} ) هذه آيَةٌ أخرَى تَدُلُّنا علَى تفسيرِ الشهادةِ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوُا} أيْ: هَلُمُّوا وأَقْبِلُوا {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} .
قالَ الْمُفَسِّرُون: الكلمةُ السواءُ: هيَ الكلمةُ العادِلةُ، فكلُّ كلمةٍ عادلةٍ يُطْلَقُ عليها كلمةٌ سواءٌ.
{إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} أيْ: نحنُ وأنتمْ سواءٌ في هذه الكلمةِ.
{أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} هذا نفيٌ أيْ: (لا إلهَ)، وقولُهُ (إلاَّ اللهُ) هذا إثباتٌ.
{وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} هذا لبيانِ أنَّ العِبادةَ لا تَتِمُّ إلاَّ بالتخَلِّي عن الشرْكِ؛ لأنَّ مَنْ عَبَدَ اللهَ وأَشْرَكَ معه غيرَهُ لم يُحَقِّق المعنَى المطلوبَ مِن العِبادةِ؛ لأنَّ المعنَى المطلوبَ مِن العِبادةِ هوَ إفرادُ اللهِ تعالَى بالعِبادةِ كما تَدُلُّ عليهِ كلمةُ الإخلاصِ.
وقولُهُ: {وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} هذا مِنْ مُقتضياتِ كلمةِ الإخلاصِ، والمعنَى: لا يَتَّخِذَ بعضُنا البعضَ الآخَرَ ربًّا مُطَاعًا مِنْ دونِ اللهِ فيَفْرِضَ طاعتَهُ علَى غيرِهِ، فإنَّ هذا يُخِلُّ بمعنَى العِبادةِ.
وقدْ وَرَدَ عنْ عَدِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عنهُ وأرضاهُ - أنَّهُ لَمَّا تَلاَ عليهِ الرسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قولَهُ تعالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} قالَ: يا رسولَ اللهِ، لسنا نَعْبُدُهم، قالَ: ((أَلَيْسُوا يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتُحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟)) قالَ: بلَى، قالَ: ((فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ)).
فدَلَّ علَى أنَّ مِنْ مُقتضياتِ كلمةِ الإخلاصِ أَلاَّ يُتَّخَذَ ربًّا ومُشَرِّعًا إلاَّ اللهُ سُبحانَهُ وتعالَى، فمَن اتَّخَذَ غيرَ اللهِ سُبحانَهُ وتعالَى مُشَرِّعًا فقدْ عَبَدَهُ معَ اللهِ.
وقدْ عَطَفَ قولَهُ: {وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} علَى الجملةِ السابقةِ؛ لأنَّ مِنْ مُستلْزَماتِ الشهادةِ أنْ نُفْرِدَ اللهَ تعالَى بالتشريعِ، فلا حُكْمَ إلاَّ ما شَرَعَ اللهُ تعالَى، كما قالَ تعالَى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ}.
وقولُهُ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي: امْتَنَعوا وأَبَوْا أنْ يَنقادوا لهذه الكلمةِ العظيمةِ {فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}، يعنِي: صَرِّحوا لهم بأنكم مسلمون، وأنكم بَرِيئونَ مِنهم وما هم عليهِ.


  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:49 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح معالي الشيخ :صالح بن عبدالعزيزبن محمد آل الشيخ (مفرغ)



[بيان دليل الشهادة]

(فدليل الشهادة قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ) وجه الاستدلال: أن الله -جل وعلا- شهد بذلك لنفسه، وشهد له بذلك الملائكة وهم عُمار السماء، وشهد له بذلك أيضاً أولوا العلم من الثقلين، قال جل وعلا: {قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فبعد أن شهد بذلك لنفسه، وأخبر بشهادة ملائكته له بذلك، وبشهادة أولي العلم له بذلك، أخبر مرة أخرى بمضمون ذلك فقال: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وواضح ظاهر وجه الاستدلال من هذه الآية.

[بيان معنى: لا إله إلا الله]
ما معنى لا إله إلا الله؟
قال: (معناها: لا معبود بحق إلا الله) وحده.
(لا إله إلا الله) أربع كلمات: (لا) ثم (إله) ثم (إلا) ثم (الله).
- معنى (لا) هذه حرف لنفي الجنس تعمل عمل (إن)، كما قال ابن مالك:
عمل إنَّ اجعل لـ(لا) في نكرهْ
ويكون اسمها نكرة، كما قال هنا: (لا إله).
- (إله) الإله: فِعال بمعنى مفعول، يعني معبود، إله بمعنى مألوه، يعني معبود؛ لأن الإلهة بمعنى العبادة، والألوهة بمعنى العبودية، وأصلها من أَلَه يألَه إِلهةً وأُلوهة إذا عَبَدَ مع الحب والخوف والرجاء، إذا عبد عابدٌ مَا يعبده خائفاً راجياً محباً فإنه يكون قد أَلَه، قال الراجز في رجزه المشهور:

لله در الغــانيــات المـــدهِ=سبحن واسترجعن من تألهي
يعني من عبادتي، التأله هو العبادة، فإذاً (لا إله) كما قال هنا: معناها لا معبود، فسر الإله بمعنى المعبود؛ لأن ذلك الذي يقتضيه لسان العرب، وكذلك هو الذي جاء في القرآن، قال جل وعلا: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ} والذي جاء من عند الله -جل وعلا- هو لا إله إلا الله، قال هنا: {أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ} فتفسير الإله بالمعبود هذا موافق للقرآن وموافقٌ للغة العرب.

[بيان خطأ المتكلمين في تفسير كلمة التوحيد]
وبه تعلم أن من فسر الإله في هذا الموطن بالرب، يعني: القادر على الاختراع -، كما هو تفسير أهل الكلام المذموم، والأشاعرة والماتردية ونحوهم، - فإن هذا من أبطل ما يكون؛ لأنه مناقضٌ للغة العرب، وترده لغة العرب، ومناقضٌ للقرآن ويرده القرآن والسنة، فإن مادة (الإله) غير مادة (الرب)، والإله هو المعبود كما أوضحت لك في الاشتقاق.
يقولون: معنى (لا إله): أي لا قادر على الاختراع إلا الله، ولهذا لا يكفرون من أشرك مع الله -جل وعلا- إلها آخر في العبادة، يقولون: مادام أنه مقرٌ بتوحيد الربوبية، وبأن الله -جل وعلا- هو المتوحد بأفعاله في رَزقه وإحيائه وإماتته وفي تدبيره الأمر وفي ملكه وفيما يفعل فإن هذا مؤمن، وهذا باطل.
وبعضهم يفسر (الإله) بتفسير آخر يرجع إلى معنى الربوبية، يقول أحد كبار وأئمة الأشاعرة وهوالسنوسي في كتابه المعروف (بأم البراهين) في العقائد الأشعرية، يقول: فالإله: هو المستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه، يقول: فمعنى لا إله إلا الله: لا مستغنياً عما سواه ولا مفتقراً إليه كل ما عداه إلا الله.
فصار معنى كلمة التوحيد عندهم توحيد الله -جل وعلا- في ربوبيته، وهذا من أبطل الباطل؛ لأن المشركين قد أخبر الله -جل وعلا- في كتابه أنهم مقرون بهذا الذي جعله معنى كلمة التوحيد، يقول: معنى لا إله إلا الله: لا مستغنياً عما سواه ولا مفتقراً إليه كل ما عداه إلا الله، أرأيتم أبا جهل وصحبه ألم يكونوا موقنين بأنه لا مستغنياً عما سواه ولا مفتقراً إليه كل ما عداه إلا الله؟ هم يؤمنون بذلك؛ كما بينه الله -جل وعلا- في القرآن في آيات كثيرة جداً:
- كقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.
- {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ.
- {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ} إلى آخر الآية قال: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}.
- {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}.
- {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ...} إلى آخر ما جاء في هذا من الآيات.

[تفسير كلمة التوحيد بأنها (لا معبود بحق إلا الله) ليس تفسيراً اجتهادياً]
إذاً: فتفسير (لا إله إلا الله) بأنها لا معبود إلا الله هذا التفسير ليس تفسيراً اجتهادياً وإنما هو تفسير القرآن لهذه الكلمة، قال جل وعلا: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ} فمن زعم أن هذا التفسير من اجتهادات إمام هذه الدعوة، فهذا مناقضٌ ورادٌ أو جاهل بالقرآن العظيم، فإن الذي فسر الإلهية بهذا المعنى هو الله -جل وعلا- في كتابه في غير ما آية، قال جل وعلا: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وهذا واضح {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} أتى بعد أمرهم بعبادة الله -جل وعلا- وحده دون ما سواه، وهذا مُبين كثير في الكتاب وفي السنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لحصين بن عبد الرحمن: ((كم إلهاً تعبد؟)) قال: أعبدُ سبعة، ستةٌ في الأرض وواحدٌ في السماء، قال: ((فمن ذا الذي تُعِدُّ لرغبك ولرهبك؟)) قال: الذي في السماء.
فهذا معنى الإلهة، وهذا معنى (لا إله) أي: لا معبود، فهذا التفسير تفسير من القرآن، تفسير جاء من الله -جل وعلا- ومن نبيه صلى الله عليه وسلم ليس تفسيراً اجتهادياً من أئمة هذه الدعوة، كما زعمه الخُرافيون وأعداء التوحيد.
إذاً: هنا قال: (معناها: لا معبود بحق إلا الله) .
الكلمة الثانية: (إله).
الكلمة الثالثة: (إلا)، و(إلا) هذه عند بعض العلماء أداة استثناء، وعند بعضهم أداة حصر، فصار معنى (لا إله إلا الله) لا معبود إلا الله، خبر (لا) أين هو؟
لا معبود إلا الله، يعني: لا معبود موجود إلا الله؟ لا معبود بحق إلا الله؟ لا معبود يُعبد إلا الله؟ خبر (لا) أين هو؟
قال العلماء: خبر (لا) محذوف؛ ذلك لأن العرب جرى في لغتها أن خبر (لا) النافية للجنس يحذف إذا كان واضحاً، ومن الواضح أن المشركين لم ينازعوا في وجود آلهة أخرى، هم يعلمون أن ثمَّ آلهة كثيرة موجودة، ولهذا لا يصلح أن يقال: إن الخبر (لا إله) موجود؛ لأنهم قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} فلو كان الخبر (موجود) (لا إله موجود) قالوا له: هذه الآلهة موجودة فكلمتك هذه ليست بصحيحة، ولكن الخبر معلوم؛ لأنه زبدة الرسالة، وهو ما قدره الشيخ هنا (بحق) أو يقدر (حق) بدون الباء؛ وذلك لأن الخبر - خبر (لا) - إذا حُذف قدر بالمناسب الذي يُعلم، وإذا حُذف الخبر كان حذفه لأجل العلم به ولوضوحه، كما قال ابن مالك في الألفية في آخر باب (لا النافية للجنس) يقول:
وشاع في ذا الباب - يعني باب لا النافية للجنس -:
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر إذا المــــــراد مع سقوطه ظهر
إذا ظهر المراد مع الحذف، فإنه يُحذف، ولهذا لا يحذف خبر (لا) النافية للجنس إلا إذا كان الخبر واضحاً، وهنا الخبر واضح؛ لأنه هو زُبدة الرسالة، زُبدة ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو عين ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، أن يكون تقدير الكلام (لا معبود حقٌ إلا الله) لأن النبي عليه الصلاة والسلام بُعث لتوحيد الله جل وعلا بالعبادة، ولإبطال عبادة غيره، وأنه لا معبود حق إلا الله، وأن كل معبود سوى الله -جل وعلا- فعبادته بالباطل والظلم والطغيان والتعدي من الخلق.
فإذاً: هنا حذف لأنه معلوم، فصار تقديره: لا إله حق، أو لا إله بحق إلا الله، وذلك لأن الله -جل وعلا- قال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}، وفي الآية الأخرى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} قال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} فلما كانت هذه الآية - وقد جاءت في القرآن في سورتين - مشتملة على أن عبادة الله حق، وأن عبادة غيره باطلة، ناسب أن يكون المحذوف هنا كلمة (حق) أو كلمة (بحق)، (لا إله بحق) أو (لا إله حق)؛ لأنها هي التي دلت عليها الآيات.
إذاً فصار معنى (لا إله إلا الله): لا أحد يستحق العبادة إلا الله جل وعلا، لا معبود بحق إلا الله، هناك معبودات؛ نعم؛ غير الله -جل وعلا- هناك معبودات، ولكنها معبودات بحق أو بالباطل؟ معبودات بالباطل، فصار التقدير هذا من أنسب ما يكون.
قال: (معناها لا معبود بحق إلا الله وحده) فسر ذلك بقوله: (لا إله نافياً جميع ما يعبد من دون الله) يعني: الذي يقول: لا إله إلا الله، ماذا يقول حين يقول: لا إله؟ يقول: أنفي جميع ما يعبد من دون الله، (إلا الله): تقول: وأثبت العبادة لله وحده؛ لأن (لا إله إلا الله) نفي وإثبات، نفيٌ لاستحقاق العبادة عما سوى الله، وإثبات للعبادة المستحقة لله -جل وعلا-.
[شرح: قوله: (لا شريك له في عبادته كما أنه لا شريك له في...) ]
قال - رحمه الله - هنا: (لا شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه) عدم الشركة في الملك تتنوع، أحياناً تكون الشركة في الملك - يعني مطلقاً دون إضافتها إلى الله، طبعاً - الشركة في الملك تكون:
- بأن يكون لكل شريك قسم خاص ليس مُشاعاً، له قسم خاص مما اشتركا فيه، اشتركت أنا وأنت في إبل، في ملك إبل، مثلاً لك خمسون ولي خمسون معروفة، هذه خمسيني معروفة بأعيانها، وهذه خمسون لك معروفة بأعيانها، أو اشتركت أنا وأنت في كتب معروفة، هذه الكتب لك وهذه الكتب لي، هذه شركة، كلٌ من الشريكين له قِسمهُ استقلالاً.
الثاني: أن تكون شركة مُشاعة، يشتركان شركة مشاعة، هذا وهذا مشتركان في ملك لا يتميز ملك أحدهما عن الآخر بل هو لهما جميعاً، الله جل وعلا بين في القرآن أنه لو كان له شريك في ملكه لابتغى إليه سبيلاً، قال جل وعلا: {لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} {لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ} معبودات تستحق العبادة فعلا، ما الذي سيلزم من ذلك؟
يلزم أن لهم نصيباً بملك الله؛ لأنه لا يستحق العبادة إلا من يملك النفع والضر {لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} قال: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً} وليس مع الله -جل وعلا- أحد في ملكه، بل هو المتوحد في ملكه، ينتج من ذلك ويلزم أنه هو المستحق للعبادة وحده، لهذا قال هنا: (لا شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه) لهذا يقول العلماء: إن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الإلهية.
الإقرار بأن الله -جل وعلا- ليس له شريك في ملكه لا على وجه الاستقلال ولا على وجه الشيوع، هذا يلزم منه لزوماً أكيداً أن الله -جل وعلا- هو الواحد في استحقاقه العبادة، لا يستحق العبادة إلا هو، فهو وحده المستحق للعبادة لا شريك له، كما أنه وحده الذي له الملك لا شريك له، كما جاء في آية الأنعام: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له} وقد بينت لكم معناها وأن معناها: قل إن صلاتي ونسكي لله استحقاقاً، ومحياي ومماتي لله ملكاً، لا شريك له في عبادته، ولا شريك له في ملكه، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، هذا معنى الآية، وهذا التفسير من الشيخ لكلمة التوحيد تفسيرٌ واضحٌ ظاهر.
[تفسير قوله تعالى{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ} الآيتين]
أيضاً قال: (وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ).
قال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ} ماذا قال إبراهيم؟ المقول سيأتي، قال: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} اشتملت كلمته هذه على نفي وإثبات، على بُغض ومحبة، فشقها الأول (جزؤها الأول) نفيٌ وبغض.
قال: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ} وهذا فيه نفي، ما دام أنه تبرأ منها فيه نفي لاستحقاقها العبادة، ومن معنى البراءة البغض، أو معنى البراء البغض، فاشتمل قوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} على النفي والبغض.
ثم أتى بالإثبات والمحبة، فقال: {إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} إلا الذي فطرني أُثبت له العبادة، ثم أتى بما يدل على المحبة، فقال: {إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} محبة فيها الرجاء، هذه كلمة وهي معنى لا إله إلا الله؛ لأنها اشتملت على براءة وعلى ولاء، اشتملت على بغض وعلى محبة، اشتملت على نفي وعلى إثبات.
قال: {وَجَعَلَهَا} يعني تلك الكلمة {كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} يعني في ولد إبراهيم، ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء، والأنبياء من بعده جاءوا بتقرير هذه الكلمة، قال: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} يرجو أن يرجع إليها عقبه من بعده {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} يعني: إليها.

[تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا} ]
أيضاً يفسرها قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} قل يا محمد: يا أهل الكتاب، يا أهل التوراة ويا أهل الإنجيل، ويا أهل الزبور، {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} إلى كلمة نَصَف، كلمة عدل بيننا وبينكم نعلم أنه قد جاء بها رسولكم، وقد جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، ما هذه الكلمة؟ {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} .
وجه الاستدلال: أن هذه الكلمة بيننا وبينهم، وهي كلمة التوحيد، تفسيرها: {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً}، هذا واضح التفسير لكلمة التوحيد، قال مؤكداً لمعناها: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً} يعني: آلهة {مِنْ دُونِ اللَّهِ} لأنهم ما ادعوا في الخلق أنه رب، بمعنى أنه يخلق استقلالاً، ويرزق استقلالاً، ويحيي ويميت استقلالاً، هذا ما ادُّعي فكان إذاً تفسير الربوبية هنا بالإلهية.
قال: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} آخر الآية يبين أن من ترك ما دل عليه أولها فإنه ليس بمسلم؛ لأنه قال: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} يعني: خالفناكم، وإذْلم تُذعنوا لهذه الكلمة السواء التي بيننا وبينكم، ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، فأنتم لستم من أهل الإسلام.


  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:50 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي العناصر

- بيان معنى الشهادة
- الحكمة من أن يقال: شهادة أن لا إله إلا الله ولا يقال: اعتقاد
- بيان معنى (لا إله إلا الله)
- معنى كلمة ( إله )
- إعراب: شهادة أن لا إله إلا الله
- بيان شروط شهادة أن لا إله إلا الله
- بيان وجه كون الشهادتين ركناً واحداً مع تضمنها لجملتين
تفسير قوله تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو...) الآية
تفسير قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه...) الآية
تفسير قوله تعالى (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم...) الآية


  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:51 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الأسئله

الأسئلة
س1: اذكر تعريف المؤلف للإسلام، مع التوضيح.
س2: ما الفرق بين الاستسلام الشرعي والاستسلام القدري ؟
س3: عدد مراتب الدين.
س4: عدد أركان الإسلام مع الاستدلال لكل ركن.
س5: بين معنى شهادة (أن لا إله إلا الله).
س6: أعرب كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله).
س7: ما معنى شهادة أن محمداً رسول الله؟ مع التوضيح.
س8: ما معنى المرتبة ؟
س9: ما هي شروط لا إله إلا الله ؟
س10: استدل من النقل والعقل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسولُ الله.
س11: ما معنى إقامة الصلاة ؟
س12: عرف الصيام لغة وشرعاً.
س13: عرف الحج لغة وشرعاً.
س14: فسر باختصار الآيات التالية :-
أ. {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط} .
ب. {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون ...} الآيات.
ج. {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم …} الآية .
د. {لقد جاءكم رسول من أنفسكم …} الآية .
هـ. {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين …} الآية .
و. {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم …} الآية .
ز. {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا …} الآية .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معنى, شهادة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir