دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > شرح أسماء الله الحسنى > المرتبع الأسنى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الآخرة 1431هـ/5-06-2010م, 05:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي معنى اسم (اللطيف)

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( (اللَّطِيفُ ):
( (( اللَّطِيفُ )) الذي لَطُفَ صُنْعُهُ وَحِكْمَتُهُ وَدَقَّ حَتَّى عَجَزَتْ عنهُ الأفهامُ)([1]).

(وهوَ اللَّطِيفُ بِعَبْدِهِ وَلِعَبْدِهِ ... واللطفُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ
إدراكُ أسرارِ الأمورِ بِخِبْرَةٍ
... واللطفُ عندَ مَوَاقِعِ الإحسانِ
فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ
... والعبدُ في الغَفَلاتِ عنْ ذا الشَّانِ)([2])

([فتَأَمَّلْ] قولَ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ: {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)} [يوسف: 100].

فَأَخْبَرَ أنَّهُ يَلْطُفُ لِمَا يُرِيدُ؛ فَيَأْتِي بهِ بِطُرُقٍ خَفِيَّةٍ لا يَعْلَمُهَا الناسُ. واسمُهُ ((اللطيفُ)) يَتَضَمَّنُ عِلْمَهُ بالأشياءِ الدقيقةِ وإيصالَهُ الرحمةَ بالطُّرُقِ الخفيَّةِ، ومنهُ: التَّلَطُّفُ كما قالَ أهلُ الكَهْفِ: {وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)} [الكهف: 19]، فكانَ ظَاهِرُ ما امْتُحِنَ بهِ يُوسُفُ منْ مُفَارَقَةِ أَبِيهِ، وإِلْقَائِهِ في السجنِ، وَبَيْعِهِ رَقِيقاً، ثُمَّ مُرَاوَدَةِ الَّتِي هوَ في بَيْتِهَا عنْ نفسِهِ، وَكَذِبِهَا عليهِ، وَسَجْنِهِ مِحَناً وَمَصَائِبَ، وَبَاطِنُهَا نِعَمَاً وَفَتْحاً جَعَلَهَا اللهُ سَبَباً لسعادتِهِ في الدنيا والآخرةِ.

ومِنْ هذا البابِ ما يَبْتَلِي بهِ عبادَهُ من المصائبِ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى سعادتِهِم في العاجلِ والآجلِ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ، وَحُفَّت النارُ بالشهواتِ.

وقدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَقْضِي اللهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلاَّ خَيْراً لَهُ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ)) ([3]).

القضاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ لِمَنْ أُعْطِيَ الشكرَ والصبرَ جَالِباً ما جَلَبَ، وكذلكَ ما فَعَلَهُ بآدَمَ وإبراهيمَ وموسَى وعيسَى ومحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأمورِ التي هيَ في الظاهرِ مِحَنٌ وابتلاءٌ، وهيَ في الباطنِ طُرُقٌ خَفِيَّةٌ أَدْخَلَهُم بها إلى غايَةِ كَمَالِهِم وَسَعَادَتِهِم.

فتَأَمَّلْ قِصَّةَ موسَى وما لَطُفَ لهُ منْ إخراجِهِ في وقتِ ذَبْحِ فرعونَ للأطفالِ، وَوَحْيِهِ إلى أُمِّهِ أنْ تُلْقِيَهُ في الْيَمِّ، وَسَوْقِهِ بلُطْفِهِ إلى دارِ عَدُوِّهِ الذي قَدَّرَ هلاكَهُ على يَدَيْهِ، وهوَ يَذْبَحُ الأطفالَ في طَلَبِهِ، فَرَمَاهُ في بَيْتِهِ وحِجْرِهِ على فراشِهِ، ثُمَّ قدَّرَ لهُ سَبَباً أَخْرَجَهُ منْ مِصْرَ وأَوْصَلَهُ بهِ إلى موضعٍ لا حُكْمَ لفرعونَ عليهِ، ثُمَّ قدَّرَ لهُ سَبَباً أَوْصَلَهُ بهِ إلى النِّكَاحِ والغِنَى بعدَ العزوبةِ والعَيْلَةِ، ثُمَّ سَاقَهُ إلى بلدِ عَدُوِّهِ فَأَقَامَ عليهِ بهِ حُجَّتَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَقَوْمَهُ في صُورةِ الفَارِّينَ منهُ، وكانَ ذلكَ عَيْنَ نُصْرَتِهِم على أعدائِهِم وإهلاكِهم وهمْ يَنْظُرُونَ.

وهذا كلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أنَّهُ سُبْحَانَهُ يَفْعَلُ ما يَفْعَلُهُ لِمَا يُرِيدُهُ من العواقبِ الحميدةِ والـحـِكَمِ العظيمةِ التي لا تُدْرِكُهَا عقولُ الخلقِ معَ ما في ضِمْنِهَا من الرحمةِ التامَّةِ والنعمةِ السابغةِ والتَّعَرُّفِ إلى عبادِهِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ.

فَكَمْ في أَكْلِ آدَمَ من الشجرةِ التي نُهِيَ عنها وإخراجِهِ بسببِهَا من الجنَّةِ منْ حكمةٍ بالغةٍ لا تَهْتَدِي العقولُ إلى تَفَاصِيلِهَا!!

وكذلكَ ما قَدَّرَهُ لسيِّدِ وَلَدِهِ مِن الأمورِ التي أَوْصَلَهُ بها إلى أشرفِ غاياتِهِ، وَأَوْصَلَهُ بالطُّرُقِ الخفيَّةِ فيها إلى أَحْمَدِ العواقِبِ!!

وكذلكَ فِعْلُهُ بعبادِهِ وأَوْلِيَائِهِ يُوصِلُ إليهم نِعَمَهُ وَيَسُوقُهُم إلى كمالِهِم وسعادَتِهِم في الطُّرُقِ الخفيَّةِ التي لا يَهْتَدُونَ إلى مَعْرِفَتِهَا إلاَّ إذا لاحَتْ لهم عَوَاقِبُهَا.

وهذا أَمْرٌ يَضِيقُ الجَنَانُ عنْ معرفةِ تفاصيلِهِ، وَيُحْصَرُ اللسانُ عن التعبيرِ عنهُ، وَأَعْرَفُ خَلْقِ اللهِ بهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُلُهُ، وَأَعْرَفُهُم بهِ خَاتَمُهُم وَأَفْضَلُهُم. وأُمَّتُهُ في العلمِ بهِ على مَرَاتِبِهم وَدَرَجَاتِهِم وَمَنَازِلِهم من العلمِ باللهِ وبأسمائِهِ وصفاتِهِ)([4])
).[المرتبع الأسنى: ؟؟]


(1) الصَّواعِقُ المُرْسَلَةُ (2/492) .
(2) القصيدةُ النُّونيَّةُ (244) .
([3]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (23406) ومسلمٌ في كتابِ الزهدِ / بابُ المؤمنِ أمرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ (7425) من حديثِ صُهَيْبٍ رضيَ اللهُ عنهُ.
(4) شِفَاءُ العَلِيلِ (1/104) .


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معنى, اسم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir