دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > مقدمات المفسرين > مقدمة تفسير القرطبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 جمادى الأولى 1431هـ/18-04-2010م, 07:21 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي معنى الأحرف السبعة

باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه))

روى مسلم عن أبي بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل عليه السلام فقال: "إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك)) ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك)) ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك)) ثم جاء الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا".
وروى الترمذي عنه قال لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: ((يا جبريل إني بعثت إلى أمة أمية منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لا يقرأ كتابا قط فقال لي: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)). قال هذا: حديث حسن صحيح.
وثبت في الأمهات البخاري ومسلم والموطأ وأبي داود والنسائي وغيرها من المصنفات والمسندات قصة عمر مع هشام بن حكيم وسيأتي بكماله في آخر الباب مبينا إن شاء الله تعالى.
وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي نذكر منها في هذا الكتاب خمسة أقوال:
الأول: وهو الذي أكثر أهل العلم كسفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب والطبري والطحاوي وغيرهم: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو أقبل وتعال وهلم.
قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف؛ فقال ميكائيل: استزده فقال اقرأ على حرفين فقال ميكائيل: استزده حتى بلغ إلى سبعة أحرف فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل.
وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ {للذين آمنوا انظرونا}: (للذين آمنوا أمهلونا) (للذين آمنوا أخرونا) (للذين آمنوا ارقبونا). وبهذا الإسناد عن أبي أنه كان يقرأ {كلما أضاء لهم مشوا فيه}: (مروا فيه) (سعوا فيه).
وفي البخاري ومسلم قال الزهري: إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد ليس يختلف في حلال ولا حرام.
قال الطحاوي: إنما كانت السبعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم لأنهم كانوا أميين لا يكتب إلا القليل منهم فلما كان يشق على كل ذي لغة أن يتحول إلى غيرها من اللغات ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذ كان المعنى متفقا فكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب وعادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرءوا بذلك على تحفظ ألفاظه فلم يسعهم حينئذ أن يقرءوا بخلافها.
قال ابن عبد البر: فبان بهذا أن تلك السبعة الأحرف إنما كان في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد.
وروى أبو داود عن أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبي إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو حرفين فقال الملك الذي معي: قل على حرفين فقلت: على حرفين فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة فقال الملك الذي معي: قل على ثلاثة قلت: على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف إن قلت سميعا عليما عزيزا حكيما ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب)).
وأسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من كلام ابن مسعود نحوه.
قال القاضي ابن الطيب: وإذا ثبتت هذه الرواية يريد حديث أبي حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله تعالى في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالف.
القول الثاني: قال قوم: هي سبع لغات في القرآن على لغات العرب يمنها ونزارها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهل شيئا منها وكان قد أوتي جوامع الكلم وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه ولكن هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة هوازن وبعضه بلغة اليمن قال الخطابي: على أن في القرآن ما قد قرئ بسبعة أوجه وهو قوله: {وعبد الطاغوت}. وقوله: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب} وذكر وجوها كأنه يذهب إلى أن بعضه أنزل على سبعة أحرف لا كله.
وإلى هذا القول بأن القرآن أنزل على سبعة أحرف على سبع لغات ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام واختاره ابن عطية. قال أبو عبيد: وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض وذكر حديث ابن شهاب عن أنس أن عثمان قال لهم حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف: ما اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلغة قريش فإنه نزل بلغتهم. ذكره البخاري وذكر حديث ابن عباس قال: نزل القرآن بلغة الكعبين كعب قريش وكعب خزاعة قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأن الدار واحدة قال أبو عبيد: يعني أن خزاعة جيران قريش فأخذوا بلغتهم.
قال القاضي ابن الطيب رضي الله عنه: معنى قول عثمان فإنه نزل بلسان قريش يريد معظمه وأكثره ولم تقم دلالة قاطعة على أن القرآن بأسره منزل بلغة قريش فقط إذ فيه كلمات وحروف هي خلاف لغة قريش وقد قال الله تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} ولم يقل قرشيا؛ وهذا يدل على أنه منزل بجميع لسان العرب وليس لأحد أن يقول: إنه أراد قريشا من العرب دون غيرها، كما أنه ليس له أن يقول: أراد لغة عدنان دون قحطان أو ربيعة دون مضر لأن اسم العرب يتناول جميع هذه القبائل تناولا واحدا.
وقال ابن عبد البر: قول من قال: إن القرآن نزل بلغة قريش معناه عندي في الأغلب والله أعلم؛ لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات من تحقيق الهمزات ونحوها وقريش لا تهمز وقال ابن عطية: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) أي فيه عبارة سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظ ألا ترى أن (فطر) معناه عند غير قريش: ابتداء فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس؛ حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها؛ قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قوله تعالى: {فاطر السماوات والأرض}. وقال أيضا: ما كنت أدري معنى قوله تعالى: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي أحاكمك.
وكذلك قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قوله تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} أي على تنقص لهم.
وكذلك اتفق لقطبة بن مالك إذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة: {والنخل باسقات} ذكره مسلم في باب القراءة في صلاة الفجر إلى غير ذلك من الأمثلة.
القول الثالث: أن هذه اللغات السبعة إنما تكون في مضر قاله قوم واحتجوا بقول عثمان: نزل القرآن بلغة مضر وقالوا: جائز أن يكون منها لقريش ومنها لكنانة ومنها لأسد ومنها لهذيل ومنها لتميم ومنها لضبة ومنها لقيس قالوا: هذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب؛ وقد كان ابن مسعود يحب أن يكون الذين يكتبون المصاحف من مضر وأنكر آخرون أن تكون كلها في مضر وقالوا: في مضر شواذ لا يجوز أن يقرأ القرآن بها مثل كشكشة قيس وعنعنة تميم فأما كشكشة قيس فإنهم يجعلون كاف المؤنث شينا فيقولون في {جعل ربك تحتك سريا} (جعل ربش تحتش سريا) وأما عنعنة تميم فيقولون: في أن: عن، فيقولون: (عسى الله عن يأتي بالفتح)، وبعضهم يبدل السين تاء فيقول في الناس: النات وفي أكياس: أكيات قالوا: وهذه لغات يرغب عن القرآن بها ولا يحفظ عن السلف فيها شيء.
وقال آخرون: أما بدل الهمزة عينا وبدل حروف الحلق بعضها من بعض فمشهور عن الفصحاء وقد قرأ به الجلة واحتجوا بقراءة ابن مسعود: (ليسجننه عتى حين) ذكرها أبو داود وبقول ذي الرمة:

فعيناك عيناها وجيدك جيدها = ولونك إلا عنها غير طائل

يريد إلا أنها.
القول الرابع: ما حكاه صاحب الدلائل عن بعض العلماء وحكى نحوه القاضي ابن الطيب قال: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعا منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ لكم} وأطهرَ {ويضيقُ صدري} ويضيقَ.
ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد بين أسفارنا} وربنا باعَد. ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل قوله: {ننشزها} وننشرها.
ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه {كالعهن المنفوش} وكالصوف المنفوش.
ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} وطلع منضود.
ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} (وجاءت سكرة الحق بالموت).
ومنها بالزيادة والنقصان مثل قوله: {تسع وتسعون نعجة} أنثى. وقوله: (وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين) وقوله: (فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم).
القول الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال قال ابن عطية: وهذا ضعيف لأن هذا لا يسمى أحرفا وأيضا فالإجماع على أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال (1) ولا في تغيير شيء من المعاني وذكر القاضي ابن الطيب في هذا المعنى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: ولكن ليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة؛ ومنه قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق من تحليل وتحريم وغير ذلك.
وقد قيل: إن المراد بقوله عليه السلام: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) القراءات السبع التي قرأ بها القراء السبعة لأنها كلها صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ليس بشيء لظهور بطلانه على ما يأتي.
(فصل)
قال كثير من علمائنا كالداودي وابن أبي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف ذكره ابن النحاس وغيره. وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القراء وذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى وعلم وجهه من القراءات ما هو الأحسن عنده والأولى فالتزمه طريقة ورواه وأقرأ به واشتهر عنه وعرف به ونسب إليه فقيل حرف نافع وحرف ابن كثير ولم يمنع واحد منهم اختيار الآخر ولا أنكره بل سوغه وجوزه وكل واحد من هؤلاء السبعة روي عنه اختياران أو أكثر وكل صحيح وقد أجمع المسلمون في هذه الأعصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة مما رووه ورأوه من القراءات وكتبوا في ذلك مصنفات فاستمر الإجماع على الصواب وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب وعلى هذا الأئمة المتقدمون والفضلاء المحققون كالقاضي أبي بكر بن الطيب والطبري وغيرهما.
قال ابن عطية: ومضت الأعصار والأمصار على قراءات السبعة وبها يصلى لأنها ثبتت بالإجماع وأما شاذ القراءات فلا يصلى به لأنه لم يجمع الناس عليه أما أن المروي منه عن الصحابة رضي الله عنهم وعن علماء التابعين فلا يعتقد فيه إلا أنهم رووه وأما ما يؤثر عن أبي السمال ومن قارنه فإنه لا يوثق به.
قال غيره: أما شاذ القراءة عن المصاحف المتواترة فليست بقرآن ولا يعمل بها على أنها منه وأحسن محاملها أن تكون بيان تأويل مذهب من نسبت إليه كقراءة ابن مسعود (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) فأما لو صرح الراوي بسماعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختلف العلماء في العمل بذلك على قولين: النفي والإثبات وجه النفي أن الراوي لم يروه في معرض الخبر بل في معرض القرآن ولم يثبت فلا يثبت والوجه الثاني: أنه وإن لم يثبت كونه قرآنا فقد ثبت كونه سنة وذلك يوجب العمل كسائر أخبار الآحاد.
فصل في ذكر معنى حديث عمر وهشام
قال ابن عطية: أباح الله تعالى لنبيه عليه السلام هذه الحروف السبعة وعارضه بها جبريل عليه السلام في عرضاته على الوجه الذي فيه الإعجاز وجودة الرصف ولم تقع الإباحة في قوله عليه السلام: {فاقرأوا ما تيسر منه} بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن وكان معرضا أن يبدل هذا وهذا حتى يكون غير الذي نزل من عند الله وإنما وقعت الإباحة في الحروف السبعة للنبي صلى الله عليه وسلم ليوسع بها على أمته فأقرأ مرة لأبي بما عارضه به جبريل ومرة لابن مسعود بما عارضه به جبريل وعلى هذا تجيء قراءة عمر بن الخطاب لسورة الفرقان وقراءة هشام بن حكيم لها وإلا فكيف يستقيم أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم في كل قراءة منهما وقد اختلفا: ((هكذا أقرأني جبريل))؟ هل ذلك إلا أنه أقرأه مرة بهذه ومرة بهذه وعلى هذا يحمل قول أنس حين قرأ: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقيل له: إنما نقرأ {وأقوم قيلا} فقال أنس: (وأصوب قيلا) (وأقوم قيلا) (وأهيأ) واحد فإنما معنى هذا أنها مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فلو كان هذا لأحد من الناس أن يضعه لبطل معنى قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرسله، أقرأ)) فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هكذا أنزلت)) ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأت فقال: ((هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)).
قلت: وفي معنى حديث عمر هذا ما رواه مسلم عن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: "إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب". ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله تعالى فرقا فقال: ((يا أبي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثانية اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثالثة اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألينها فقلت اللهم اغفر لأمتي اللهم أغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه السلام )).
قول أبي رضي الله عنه: "فسقط في نفسي" معناه اعترتني حيرة ودهشة أي أصابته نزغة من الشيطان ليشوش عليه حاله ويكدر عليه وقته فإنه عظم عليه من اختلاف القراءات ما ليس عظيما في نفسه وإلا فأي شيء يلزم من المحال والتكذيب من اختلاف القراءات ولم يلزم ذلك والحمد لله في النسخ الذي هو أعظم فكيف بالقراءة!
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أصابه من ذلك الخاطر نبهه بأن ضرب في صدره فأعقب ذلك بأن انشرح صدره وتنور باطنه حتى آل به الكشف والشرح إلى حالة المعاينة ولما ظهر له قبح ذلك الخاطر خاف من الله تعالى وفاض بالعرق استحياء من الله تعالى فكان هذا الخاطر من قبيل ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم- حين سألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال: ((وقد وجدتموه)) قالوا: نعم قال: ((ذلك صريح الإيمان)). أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وسيأتي الكلام عليه في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى.



(1) لعل المراد (تحليل حرام) وليس (تحليل حلال).

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معنى, الأحرف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir