دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 09:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شروط حذف مفعول (ظن) وأخواتها


ولا تُجْزِ هنا بِلَا دَليلِ = سُقوطَ مَفعولَيْنِ أوْ مَفعولِ


  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:05 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


ولا تُجِزْ هُنَا بِلا دَلِيلِ = سُقُوطَ مَفْعُولَيْنِ أَوْ مَفْعُولِ ([1])

لا يَجُوزُ في هذا البابِ سُقُوطُ المفعوليْنِ ولا سُقُوطُ أحدِهما، إلاَّ إذا دَلَّ دليلٌ على ذلك.
فمِثالُ حذفِ المفعوليْنِ للدَّلالةِ أنْ يُقالَ: (هل ظَنَنْتَ زيداً قائِماً؟) فتقولُ: (ظَنَنْتُ)، التقديرُ: (ظَنَنْتُ زيداً قائماً)، فحَذَفْتَ المفعوليْنِ لِدَلالةِ ما قَبْلَهُما عليهما، ومنه قولُه:
132- بِأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍ = تَرَى حُبَّهُمْ عَاراً عَلَيَّ وَتَحْسَبُ ([2])
أي: (وتَحْسَبُ حُبَّهُمْ عَاراً عَلَيَّ)، فحَذَفَ المفعوليْنِ، وهما (حُبَّهُم) و(عاراً عَلَيَّ)؛ لِدَلالةِ ما قَبْلَهما عليهما.
ومثالُ حَذْفِ أَحَدِهما للدَّلالةِ أنْ يُقالَ: (هل ظَنَنْتَ أحداً قائماً؟)، فتقولَ: (ظَنَنْتُ زيداً)؛ أي: ظَنَنْتُ زيداً قائماً، فتَحْذِفُ الثانِيَ للدَّلالةِ عليه، ومنه قولُه:
133- ولَقَدْ نَزَلْتِ فلا تَظُنِّي غَيْرَهُ = مِنِّي بِمَنْزِلَةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ ([3])
أي: (فلا تَظُنِّي غَيْرَهُ وَاقِعاً)، فـ(غَيْرَه) هو المفعولُ الأوَّلُ، و(واقِعاً) هو المفعولُ الثاني.
وهذا الذي ذَكَرَه المصنِّفُ هو الصحيحُ مِن مَذَاهِبِ النَّحْوِيِّينَ.
فإنْ لم يَدُلَّ دليلٌ على الحذفِ لم يَجُزْ لا فيهما ولا في أحدِهما، فلا تقولُ: (ظَنَنْتُ)، ولا (ظَنَنْتُ زيداً)، ولا (ظَنَنْتُ قائماً) تُرِيدُ: (ظَنَنْتُ زَيْداً قائماً).


([1])(ولا) ناهيةٌ،ُجِزْ) فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلا الناهيةِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ،(هنا) ظرفُ مكانٍ مُتَعَلِّقٌ بتُجِزْ،(بلا دَلِيلِ) الباءُ حرفُ جَرٍّ، ولا: اسمٌ بمعنًى غير ظَهَرَ إعرابُه على ما بعدَه، بطريقِ العَارِيَّةِ، وهو مجرورٌ مَحَلاًّ بالباءِ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بِتُجِزْ، ولا مضافٌ و(دليلِ) مضافٌ إليه،ُقُوطَ) مفعولٌ به لِتُجِزْ، وسُقُوطَ مضافٌ و(مفعوليْنِ) مضافٌ إليه،(أو مفعولِ) معطوفٌ على مفعوليْنِ.

([2]) البيتُ لِلْكُمَيْتِ بنِ زَيْدٍ الأَسدِيِّ، من قصيدةٍ هاشِمِيَّةٍ يَمْدَحُ فيها آلَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وأَوَّلُها قولُه:
طَرِبْتُ وما شَوْقاً إلى البِيضِ أَطْرَبُ = ولا لَعِباً مِنِّي وذو الشَّيْبِ يَلْعَبُ
ولم يُلْهِنِي دارٌ ولا رَسْمُ مَنْزِلٍ = ولم يَتَطَرَّبْنِي بَنَانٌ مُخَضَّبُ
اللغةُ: (تَرَى حُبَّهُمْ) رَأَى ههنا من الرأيِ بمعنى الاعتقادِ، مثلُ أنْ تقولَ: رَأَى أبو حنيفةَ حِلَّ كذا، ويُمْكِنُ أنْ تكونَ رأَى العِلْمِيَّةَ بشيءٍ من التكلُّفِ،َاراً) العارُ: كلُّ خَصْلَةٍ يَلْحَقُكَ بسبَبِها عَيْبٌ ومَذَمَّةٌ، وتقولُ: عَيَّرْتُهُ كذا، ولا تَقُلْ: عَيَّرْتُهُ بِكَذا، فهو يَتَعَدَّى إلى المفعوليْنِ بنفسِه، وفي لامِيَّةِ السَّمَوْءَلِ قولُه، وفيه دَلالةٌ غيرُ قاطعةٍ:
تُعَيِّرُنَا أنَّا قليلٌ عَدِيدُنَا = فقلتُ لها إنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ
ومِن نَقَلَةِ اللغةِ مَن أجازَ أنْ تقولَ: عَيَّرْتُهُ بكذا، ولكنَّه قليلٌ (وانْظُرْ شَرْحَ الحماسةِ 1/232 بتحقيقِنا)،(وتَحْسَبُ) أي: تَظُنُّ، مِن الحُسْبَانِ.
الإعرابُ: (بأيِّ) جَارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ:َرَى) الآتي، وأيِّ مضافٌ و(كتابٍ) مضافٌ إليه،(أمْ) عاطفةٌ،ِأَيَّةِ) جَارٌّ ومَجْرُورٌ معطوفٌ على الجارِّ والمجرورِ الأوَّلِ، وأيَّةِ مضافٌ و(سُنَّةٍ) مضافٌ إليه،َرَى) فعلٌ مضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ،ُبَّهُمْ) حُبَّ: مفعولٌ أوَّلُ لِتَرَى، وحبَّ مضافٌ وهم: مضافٌ إليه،َاراً) مفعولٌ ثانٍ لِتَرَى، سواءٌ أَجَعَلْتَ رَأَى اعتقاديَّةً أم جَعَلْتَها عِلْمِيَّةً، ويجوزُ على الأوَّلِ جَعْلُه حالاً،َلَيَّ) جَارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بعارٍ، أو بمحذوفٍ صفةٍ له،(وتَحْسَبُ) الواوُ عاطفةٌ، تَحْسَبُ: فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ، ومفعولاه محذوفانِ يَدُلُّ عليهما الكلامُ السابِقُ، والتقديرُ: (وتَحْسَبُ حُبَّهُمْ عاراً عليَّ).
الشاهِدُ فيه: قولُه: (وتَحْسَبُحيثُ حَذَفَ المفعوليْنِ؛لِدَلالةِ سابقِ الكلامِ عليهما،كما أَوْضَحْنَاهُ في الإعرابِ، وبَيَّنَه الشارِحُ.

([3]) هذا البيتُ لِعَنْتَرَةَ بنِ شَدَّادٍ العَبْسِيِّ، مِن مُعَلَّقَتِهِ المشهورةِ التي مَطْلَعُها:
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ = أمْ هَلْ عَرَفْتَ الدارَ بعدَ تَوَهُّمِ
اللغةُ: (غَادَرَ) تَرَكَ،ُتَرَدَّمِ) بزِنَةِ اسمِ المفعولِ، وهو في الأصلِ اسمُ مكانٍ مِن قولِكَ: رَدَمْتُ الشيءَ، إذا أَصْلَحْتَه، ويُرْوَى:ُتَرَنَّمِ) بالنونِ: وهو صوتٌ خَفِيٌّ تُرَجِّعُه بينَكَ وبينَ نَفْسِكَ، يريدُ: هل أَبْقَى الشعراءُ معنًى إلاَّ سَبَقُوكَ إليه؟‍ وهل يَتَهَيَّأُ لكَ أو لغيرِكَ أنْ تَجِيءَ بشيءٍ جديدٍ؟
(المُحَبِّ) اسمُ مفعولٍ مِن أَحَبَّ، وهو القياسُ، ولكنه قليلٌ في الاستعمالِ، والأكثرُ أنْ يقالَ في اسمِ المفعولِ: محبوبٌ، أو حَبِيبٌ، معَ أنهم هَجَرُوا الفعلَ الثلاثيَّ، وفي اسمِ الفاعلِ قالُوا: مُحِبٌّ، من الفعلِ المستعمَلِ الذي هو المزيدُ فيه.
المعنى: أنتِ عندي بمنزلةِ المُحَبِّ المكرَمِ، فلا تَظُنِّي غيرَ ذلك حاصِلاً.
الإعرابُ: (ولَقَدْ) الواوُ للقَسَمِ، واللامُ للتأكيدِ، وقد: حرفُ تحقيقٍ، (نَزَلْتِ) فعلٌ وفاعلٌ،(فلا) ناهيةٌ، (تَظُنِّي) فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلا الناهيةِ، وعلامةُ جَزْمِهِ حذفُ النونِ، وياءُ المخاطَبَةِ فاعلٌ، (غَيْرَهُ) غيرَ: مفعولٌ أَوَّلُ لِتَظُنِّي، وغيرَ مضافٌ وضميرُ الغائبِ مضافٌ إليه، والمفعولُ الثاني محذوفٌ، (مِنِّي) جَارٌّ ومَجْرُورٌ، مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: نَزَلْتِ، (بمنزلةِ) جَارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ أيضاًً بِنَزَلْتِ، ومَنْزِلَةِ مضافٌ و(المُحَبِّ) مضافٌ إليه،(المُكْرَمِ) نعتٌ للمُحَبِّ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (فلا تَظُنِّي غَيْرَه) حيثُ حَذَفَ المفعولَ الثانِيَ اخْتِصاراً، وذلك جائزٌ عندَ جَمْهَرَةِ النُّحَاةِ، خِلافاً لابنِ ملكونَ.


  #3  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:06 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فصلٌ: ويجوزُ بالإجماعِ حَذْفُ المفعولَيْنِ اختصاراً؛ أي: لدليلٍ نحوَ: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}([1]) وقولِه:
191- بِأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍ = تَرَى حُبَّهُمْ عَاراً عَلَيَّ وتَحْسَبُ([2])
أي: تَزْعُمُونَهم شُرَكَائِي وتَحْسَبُ حُبَّهم عَاراً عَلَيَّ.
وأمَّا حَذْفُهما اقْتصاراً؛ أي: لغيرِ دَليلٍ, فعَنْ سِيبَوَيْهِ والأخفشِ المَنْعُ مُطْلقاً, واختارَه الناظِمُ, وعن الأكثرِينَ الإجازةُ مُطْلقاً؛ لقولِهِ تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}([3]), {فَهُوَ يَرَى}([4]), {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ}.([5]) وقولِهم: (مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ). وعن الأعلمِ: يَجوزُ في أفعالِ الظَّنِّ دُونَ أفعالِ العِلْمِ.
ويَمْتَنِعُ بالإجماعِ حَذْفُ أحَدِهما اقتصاراً, وأمَّا اختصاراً فمَنَعَه ابنُ مَلْكُونَ, وأجَازَه الجُمهورُ؛ كقولِه:
192- ولَقَدْ نَزَلْتُ فَلاَ تَظُنِّي غَيْرَهُ = مِنِّي بمَنْزِلَةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ([6])


([1]) سورة القَصَصِ، الآية:74.

([2]) 191-هذا بَيْتٌ من الطويلِ، وهذا البيتُ للكُمَيْتِ بنِ زَيْدٍ الأَسَدِيِّ، من قَصِيدَةٍ هَاشِمِيَّةٍ يَمْدَحُ فيها آلَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وأوَّلُها قولُه:
طَرِبْتُ، ومَا شَوْقاً إِلَى البِيضِ أَطْرَبُ = وَلاَ لَعِباً مِنِّي، وذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ
ولَمْ يُلْهِنِي دَارٌ وَلاَ رَسْمُ مَنزِلٍ = وَلَمْ يَتَطَرَّبْنِي بَنَانٌ مُخَضَّبُ
اللغةُ: (تَرَى حُبَّهُم) رَأَى ههنا من الرَّأْيِ بمعنَى الاعتقادِ، مِثْلَ أَنْ تَقُولَ: رَأَى أبو حَنِيفَةَ حِلَّ كذا. ويُمْكِنُ أنْ تَكُونَ رَأَى العِلْمِيَّةَ بشَيْءٍ مِن التكَلُّفِ, (عَارًا) العَارُ: كُلُّ خَصْلةٍ يَلْحَقُكَ بسَبَبِها عَيْبٌ ومَذَمَّةٌ، وتَقولُ: عَيَّرْتُه كَذَا. قالوا: وَلا تَقُلْ: عَيَّرْتُه بكَذَا. فهو يَتعَدَّى إلى اثنيْنِ بنَفْسِه، وفي لاميَّةِ السَّمَوْأَلِ:
تُعَيِّرُنَا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا = فَقُلْتُ لَهَا إِنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ
وليسَ في الاستدلالِ بهذا البيتِ ما يَقْطَعُ بتَعَدِّيهِ إلى الثاني بنَفْسِه؛ لأنَّ حَذْفَ الجارِّ مُطَّرِدٌ قبلَ أَنَّ المُؤَكِّدَةِ، ومِن نَقَلَةِ اللغةِ مَن أجازَ أنْ تَقُولَ ذلك، ولكنَّه قَلِيلٌ (وانْظُرْ شَرْحَ الحَماسَةِ 1/32) (وتَحْسَبُ)؛ أي: تَظُنُّ، من الحِسْبَانِ.
الإعرابُ: (بأيِّ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بقولِه: (تَرَى) الآتي، وأيِّ مُضافٌ، و(كتابٍ) مُضافٌ إليهِ, (أَمْ) عَاطِفَةٌ, (بأيَّةِ) جارٌّ ومَجْرورٌ مَعْطوفٌ على الأوَّلِ، و(أيَّةِ) مُضافٌ، و(سُنَّةٍ) مُضافٌ إليه, (تَرَى) فِعْلٌ مُضارِعٌ، وفاعِلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيهِ وُجوباً تقديرُه: أنتَ, (حُبَّهُمْ) حُبَّ: مَفْعولٌ أوَّلُ لتَرَى، وضميرُ الغَائِبِينَ مُضافٌ إليه, (عَارًا) مَفْعولٌ ثانٍ، سواءٌ أجَعَلْتَ رَأَى اعتقادِيَّةً، أمْ جَعَلْتَها عِلْمِيَّةً، ويَجوزُ على الأَوَّلِ جَعْلُه حالاً, (عليَّ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بعارٍ أو بمحذوفٍ, صِفَةٍ له، (وتَحْسَبُ) الواوُ عاطفةٌ، تَحْسَبُ: فعلٌ مُضارعٌ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مستترٌ فيهِ وُجوباً تقديرُه: أنتَ، ومَفْعولاهُ محذوفانِ يَدُلُّ عليهما الكلامُ السابقُ، والتقديرُ: (وتَحْسَبُ حُبَّهُمْ عَارًا عَلَيَّ).
الشَّاهِدُ فيهِ: قَوْلُه: (تَحْسَبُ) حيثُ حَذَفَ المفعوليْنِ؛ لدَلالَةِ سَابِقِ الكلامِ عليهما، كما أَوْضَحْناهُ في الإعرابِ، وبَيَّنَهُ الشارِحُ.

([3]) سورة البَقَرةِ، من الآيتينِ: 216 ، 232.

([4]) سورة النَّجْمِ، الآية: 35.

([5]) سورة الفتحِ،الآية: 12.

([6])192-هذا بَيْتٌ من الكامِلِ، والبيتُ لعَنْتَرَةَ بنِ شَدَّادٍ العَبْسِيِّ، من مُعَلَّقَتِه المَشْهورةِ التي مَطْلَعُها:
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ = أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
اللغةُ: (غَادَرَ) تَرَكَ, (مُتَرَدَّمِ) بزِنَةِ اسْمِ المفعولِ – وهو في الأصْلِ اسْمُ مَكانٍ مِن قَوْلِكَ: رَدَمْتُ الشَّيْءَ. إذا أصْلَحْتَهُ، ويُرْوَى: (مُتَرَنَّمِ) بالنُّونِ – وهو صَوْتٌ خَفِيٌّ تُرَجِّعُه بينَكَ وبينَ نَفْسِكَ، يُرِيدُ هَلْ أَبْقَى الشُّعَراءُ معنًى إلاَّ سَبَقوكَ إليهِ؟ وهل يَتَهَيَّأُ لكَ أو لغَيْرِكَ أنْ تَجِيئُوا بشيءٍ جَديدٍ؟ (المُحَبِّ) اسْمُ مَفْعولٍ مِن أَحَبَّ، وهو القِياسُ، ولكنَّه قَلِيلٌ في الاستعمالِ، والأكْثَرُ أنْ يُقالَ في اسْمِ المفعولِ: مَحْبُوبٌ، أو حَبِيبٌ. معَ أنَّهم هَجَروا الفعلَ الثلاثيَّ، وفي اسْمِ الفاعلِ قَالوا: مُحِبٌّ. من الفِعْلِ المُسْتَعْمَلِ الذي هو المَزِيدُ فيه.
المعنَى: أنتِ عندِي بمَنْزلةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ، فلا تَظُنِّي غَيْرَ ذلكَ وَاقِعاً.
الإعرابُ: (وَلَقَدْ) الواوُ للقَسَمِ، واللامُ للتأكيدِ، وقَدْ: حَرْفُ تَحْقيقٍ، (نَزَلْتُ) فِعْلٌ وفَاعِلٌ, (فلا) نَاهِيَةٌ, (تَظُنِّي) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِلاَ الناهيةِ، وعلامةُ جَزْمِه حذفُ النونِ, وياءُ المُخاطَبَةِ فاعِلٌ, (غَيْرَه) مَفْعولٌ أَوَّلُ، والمَفْعولُ الثاني مَحْذُوفٌ, (مِنِّي) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بقولِه: (نَزَلْتُ), (بمَنْزلةِ) مِثْلُه، ومَنْزِلَةِ مُضافٌ، و(المُحَبِّ) مُضافٌ إليهِ (المُكْرَمِ) نَعْتٌ له.
الشَّاهِدُ فيهِ قَوْلُه: (فَلا تَظُنِّي غَيْرَهُ) حيثُ حَذَفَ المفعولَ الثانِيَ اخْتِصاراً، وذلك جَائِزٌ عندَ جَمْهرةِ النحاةِ؛ خلافاً لابنِ مَلْكُونَ، والأصْلُ: فَلا تَظُنِّي غيرَه حَاصِلاً، أو نحوَ ذلك.



  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:06 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


[حَذْفُ مَعْمُولَي هذه الأفعالِ أو أحدِهما لدليلٍٍ أو لغيرِهِ]:
216- وَلاَ تُجِزْ هُنَا بِلا دَلِيلِ = سُقُوطَ مَفْعُولَيْنِ أَوْ مَفْعُولِ
( وَلاَ تُجِزْ هُنَا) في هذا البابِ (بِلَا دَلِيلٍٍ *سُقُوطَ مَفْعُولَيْنِ أَوْ مَفْعُولِ) وَيُسَمَّى اقْتِصَارًا ، أما الثانِي فبالإجماعِ وفي الأوَّلِ – وهو حذفُهما معًا اقتصارًا – خلافٌ فعنِ سِيبَوَيْهِ وَالأَخْفَشِ المنعُ مطلقًا كما هو ظاهرُ إطلاقِ النظمِ ، وعن الأكثرينَ الجوازُ مطلقًا تمسُّكًا بنحوِ { أَعِنْدَهُ عِلْمُ الغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} أي: يعَلَمُ {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} وقولُهم: "مَنْ يسمَعْ يَخَلْ" وعن الأَعْلَمِ الجوازُ في أفعالِ الظنِّ دونَ أفعالِ العِلْمِ.
أما حذفُهما لدليلِ – ويسمَّى اختصارًا – فجائزٌ إجماعًا نحوَ { أَيْنَ شُرَكَائِيَ الذِّينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} وقوله [مِنَ الطَّوِيلِ]:
340 - بِأَيِّ كِتَابٍٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍٍ = تَرَى حُبَّهُمْ عَارًا عَلَيَّ وَتَحْسِبُ
وفي حَذْفِ أحدِهما اختصارًا خلافٌ فمنعُه + ابنُ ملكون وأجازَه الجمهورُ:
ومِنْ ذلك – والمحذوفُ الأَوَّلُ – قولُه تعالى: { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} في قراءةِ يحسبَنَّ بالياءِ آخرُ الحروفِ أي: ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ مَا يَبْخَلُونَ بِهِ هو خَيْرًا.
ومنه – والمحذوفُ الثانِي – قوله [مِنَ الكَامِلِ]:
341 - وَلَقَدْ نَزَلْتِ فَلاَ تَظُنِّي غَيْرَهُ = مِنِّي بِمَنْزِلَةِ المُحِبِّ المُكْرِمِ
أي: فَلاَ تَظُنِّي غَيْرَهُ وَاقِعًا مِنِّي.

  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:07 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


حَذْفُ المعمولِ في هذا البابِ
215- ولا تُجْزِ هُنَا بِلا دَليلِ = سُقُوطَ مَفعوليْنِ أو مَفعولِ

لا يَجُوزُ في هذا البابِ حَذْفُ المفعولَيْنِ أو أحَدِهما إلا إذا دَلَّ عليه دَليلٌ.
فمِثالُ حَذْفِهما أنْ يُقالَ: هل عَلِمْتَ البَلاغةَ إيجازاً فتُجيبَ: نعمْ عَلِمْتُ. أيْ: عَلِمْتُ البلاغةَ إيجازاً، ومنه قولُه تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}؛ أيْ: تَزْعُمُونَهُمْ شُركاءَ، والأَوْلَى أنْ يُقَدَّرَ: تَزْعُمونَ أنهم شُركاءُ؛ بدليلِ: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ}، ولأنَّ الغالِبَ في (زَعَمَ) - كما تَقَدَّمَ - أنْ تَتَعَدَّى إلى مَعْمُولَيْهَا بواسطةِ (أنْ) وصِلَتِها.
ومِثالُ حَذْفِ أحَدِهما أنْ يُقالَ: هل عَلِمْتَ في هذا الحيِّ أحَداً فَقيراً؟ فتُجِيبَ: علِمْتُ مُحَمَّداً؛ أيْ: علِمْتُ مُحَمَّداً فَقيراً، فحُذِفَ الثاني، وحَذْفُه كثيرٌ، ومنه قولُه تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ}؛ أي: اتَّخَذْتُمُ العِجْلَ إلَهاً.
ومِثالُ حَذْفِ الأوَّلِ، وهو أقَلُّ مما قَبْلَه: أنْ يُقالَ: ما مَبْلَغُ عِلْمِكَ بِحُكْمِ إسبالِ الثيابِ؟ فتقولُ: أعْلَمُ... مُحَرَّماً، وعليه وَعيدٌ شديدٌ؛ أيْ: أعلَمُ الإسبالَ مُحَرَّماً.
ومنه قولُه تعالى: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً}؛ أيْ: جَعَلَها اللهُ لَكُمْ قِيَاماً.
وهذا معنى قولِه: (ولا تُجِزْ هنا..)؛ أي: لا تُجِزْ في هذا البابِ حَذْفَ مفعولَيْنِ ولا مفعولٍ واحِدٍ، إلاَّ إذا دَلَّ على ذلك دليلٌ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
حذف, شروط

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir