دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1443هـ/21-11-2021م, 01:17 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي نشر بحث اجتياز المستوى السادس

نشر بحث اجتياز المستوى السادس


يُنشر البحث بصورته النهائية في هذا الموضوع ويصحح في صفحات الاختبارات.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 جمادى الأولى 1443هـ/15-12-2021م, 12:06 AM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

بحث اجتياز المستوى السادس
وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين (67)
- مناسبة الآية لما قبلها:
في مناسبة هذه القصة لما قبلها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه تعالى لما عدد النعم المتقدمة على بني إسرائيل كإنزال المَنّ والسَّلْوَى، ورفع الطُّور، وغير ذلك ذكر بعده هذه النعم الت بها بيّن البريء من غيره وذلك من أعظم النعم.
الثاني: أنه تعالى لما حكى عنهم التَّشْديدات والتعنُّت كقوله: {أَرِنَا الله جَهْرَةً} [النساء: 153] وقولهم: {لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ} [البقرة: 61] ، وغير ذلك من التعنُّت ذكر بعده تعنتاً آخر، وهو تعنتهم في صفة البقرة.
الثالث: ذكرها معجزة للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأنه أخبر بهذه القصّة من غير تعلّم وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب.[1]
- المعنى الإجمالي للآية:
واذكروا -يا بني إسرائيل- جناية أسلافكم، وكثرة تعنتهم وجدالهم لموسى عليه الصلاة والسلام، حين قال لهم: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، فقالوا -مستكبرين-: أتجعلنا موضعًا للسخرية والاستخفاف؟ فردَّ عليهم موسى بقوله: أستجير بالله أن أكون من المستهزئين.[2]
- سبب قول موسى عليه السلام: {إنّ اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرةً}:
ذكر في سبب قول موسى عليه السلام عدة روايات وهي:
الأولى: عن عبيدة قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم -أو عاقر- قال: فقتله وليه، ثم احتمله فألقاه في سبط غير سبطه. قال: فوقع بينهم فيه الشر حتى أخذوا السلاح. قال: فقال أولو النهى: أتقتتلون وفيكم رسول الله؟ قال: فأتوا نبي الله، فقال: اذبحوا بقرة! فقالوا: أتتخذنا هزوا، قال: "أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة) ، إلى قوله: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) قال: فضرب، فأخبرهم بقاتله. قال: ولم تؤخذ البقرة إلا بوزنها ذهبا، قال: ولو أنهم أخذوا أدنى بقرة لأجزأت عنهم. فلم يورث قاتل بعد ذلك.
وأخرج هذه الرواية عن عبيدة السلماني:
1 – عبد بن حميد كما ذكره السيوطي في الدر المنثور.[3]
2 – عبد الرزاق في تفسيره, وابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره, والبيهقي في سننه من طرق عن محمد بن سيرين، عن عبيدة.[4],[5],[6],[7]
3 – ابن المنذر كما ذكره السيوطي في الدر المنثور.[8]
الثانية: عن ابن عباس قال: «كانت مدينتان في بني إسرائيل، وأحداها حصينة ولها أبواب والأخرى خربة، فكان أهل المدينة الحصينة إذا أمسوا أغلقوا أبوابها فإذا أصبحوا قاموا على سور المدينة فنظروا هل حدث فيما حولها حادث فأصبحوا يوما فإذا شيخ قتيل مطروح بأصل مدينتهم فأقبل أهل المدينة الخربة فقالوا: قتلتم صاحبنا، وابن أخ له شاب يبكي عليه ويقول: قتلتم عمي، قالوا: والله ما فتحنا مدينتنا منذ أغلقناها وما لدينا من دم صاحبكم هذا فأتوا موسى فأوحى الله إلى موسى {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} إلى قوله {فذبحوها وما كادوا يفعلون}، قال: وكان في بني إسرائيل غلام شاب يبيع في حانوت له وكان له أب شيخ كبير فأقبل رجل من بلد آخر يطلب سلعة له عنده فأعطاه بها ثمنا فانطلق معه ليفتح حانوته فيعطيه الذي طلب والمفتاح مع أبيه فإذا أبوه نائم في ظل الحانوت فقال: أيقظه، قال ابنه: إنه نائم وأنا أكره أن أروعه من نومته، فانصرفا فأعطاه ضعف ما أعطاه على أن يوقظه فأبى فذهب طالب السلعة، فاستيقظ الشيخ فقال له ابنه: يا أبت والله لقد جاء ههنا رجل يطلب سلعة كذا فأعطى بها من الثمن كذا وكذا فكرهت أن أروعك من نومك فلامه الشيخ فعوضه الله من بره بوالده أن نتجت من بقر تلك البقرة التي يطلبها بنو إسرائيل فأتوه فقالوا له: بعناها فقال: لا، قالوا: إذن نأخذ منك، فأتوا موسى فقال: اذهبوا فأرضوه من سلعته، قالوا: حكمك قال: حكمي أن تضعوا البقرة في كفة الميزان ذهبا صامتا في الكفة الأخرى فإذا مال الذهب أخذته ففعلوا وأقبلوا بالبقرة حتى انتهوا بها إلى قبر الشيخ واجتمع أهل المدينتين فذبحوها فضرب ببضعة من لحمها القبر فقام الشيخ ينفض رأسه يقول: قتلني ابن أخي طال عليه عمري وأراد أخذ مالي ومات».
- أخرج رواية ابن عباس:
1 - ابن أبي الدنيا عن عبد الله , قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ربيعة بن كلثوم، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.[9]
2 – وأخرجها ابن جرير بنحوها عن موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي, عن ابن عباس.[10]
الثالثة: عن أبي العالية: في قول اللّه {إنّ اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرةً} قال: «كان رجلٌ من بني إسرائيل، وكان غنيًّا ولم يكن له ولدٌ، وكان له قريبٌ وكان وارثه، فقتله ليرثه، ثمّ ألقاه على مجمع الطّريق، وأتى موسى، فقال له: إنّ قريبي قتل، وأتى إليّ أمرٌ عظيمٌ، وإنّي لا أجد أحدًا يبيّن لي من قتله غيرك يا نبيّ اللّه. قال: فنادى موسى في النّاس: أنشد اللّه من كان عنده من هذا علمٍ إلاّ بيّنه لنا. فلم يكن عندهم علمه، فأقبل القاتل على موسى فقال: أنت نبيّ اللّه، فاسأل لنا ربّك أن يبيّن لنا. فسأل ربّه فأوحى اللّه إليه: {إنّ اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرةً} فعجبوا وقالوا: {أتتّخذنا هزوًا قال أعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربّك يبيّن لنا ما هي قال إنّه يقول إنّها بقرةٌ لا فارضٌ} يعني هرمةٌ {ولا بكرٌ} يعني ولا صغيرةٌ {عوانٌ بين ذلك} أي نصفٌ بين البكر والهرمة {قالوا ادع لنا ربّك يبيّن لنا ما لونها قال إنّه يقول إنّها بقرةٌ صفراء فاقعٌ لونها} أي صافٍ لونها {تسرّ النّاظرين} أي تعجب النّاظرين {قالوا ادع لنا ربّك يبيّن لنا ما هي إنّ البقر تشابه علينا وإنّا إن شاء اللّه لمهتدون قال إنّه يقول إنّها بقرةٌ لا ذلولٌ} أي لم يذلّلها العمل {تثير الأرض} يعني ليست بذلولٍ فتثير الأرض {ولا تسقي الحرث} يقول ولا تعمل في الحرث {مسلّمةٌ} يعني مسلّمةً من العيوب {لا شية فيها} يقول لا بياض فيها {قالوا الآن جئت بالحقّ فذبحوها وما كادوا يفعلون} قال: ولو أنّ القوم حين أمروا أن يذبحوا بقرةً استعرضوا بقرةً من البقر فذبحوها لكانت إيّاها، ولكنّهم شدّدوا على أنفسهم، فشدّد اللّه عليهم. ولولا أنّ القوم استثنوا فقالوا: {وإنّا إن شاء اللّه لمهتدون} لما هدوا إليها أبدًا. فبلغنا أنّهم لم يجدوا البقرة الّتي نعتت لهم إلاّ عند عجوزٍ عندها يتامى، وهي القيّمة عليهم، فلمّا علمت أنّهم لا يزكو لهم غيرها أضعفت عليهم الثّمن، فأتوا موسى، فأخبروه أنّهم لم يجدوا هذا النّعت إلاّ عند فلانةٍ، وأنّها سألتهم أضعاف ثمنها، فقال لهم موسى: إنّ اللّه قد كان خفّف عليكم، فشدّدتم على أنفسكم، فأعطوها رضاها وحكمها. ففعلوا واشتروها، فذبحوها. فأمرهم موسى أن يأخذوا عظمًا منها فيضربوا به القتيل، ففعلوا، فرجع إليه روحه، فسمّى لهم قاتله، ثمّ عاد ميّتًا كما كان. فأخذوا قاتله وهو الّذي كان أتى موسى فشكى إليه، فقتله اللّه على أسوأ عمله».
- أخرج رواية أبي العالية: ابن جرير في تفسيره عن المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثني أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية.[11]
الرابعة: عن السّدّيّ: {وإذ قال موسى لقومه إنّ اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرةً} قال: «كان رجلٌ من بني إسرائيل مكثرًا من المال، وكانت له ابنةٌ وكان له ابن أخٍ محتاجٌ. فخطب إليه ابن أخيه ابنته فأبى أن يزوّجه إيّاها، فغضب الفتى وقال: واللّه لأقتلنّ عمّي ولآخذنّ ماله ولأنكحنّ ابنته ولآكلنّ ديته. فأتاه الفتى وقد قدم تجّارٌ في بعض أسباط بني إسرائيل، فقال: يا عمّ انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم لعلّي أصيب فيها، فإنّهم إذا رأوك معي أعطوني. فخرج العمّ مع الفتى ليلاً، فلمّا بلغ الشّيخ ذلك السّبط قتله الفتى ثمّ رجع إلى أهله. فلمّا أصبح جاء كأنّه يطلب عمّه، كأنّه لا يدري أين هو فلم يجده، فانطلق نحوه فإذا هو بذلك السّبط مجتمعين عليه، فأخذهم وقال: قتلتم عمّي فأدّوا إليّ ديته. وجعل يبكي ويحثو التّراب على رأسه وينادي واعمّاه. فرفعهم إلى موسى، فقضى عليهم بالدّية، فقالوا له: يا رسول اللّه، ادع لنا حتّى يتبيّن له من صاحبه فيؤخذ صاحب الجريمة، فواللّه إنّ ديته علينا لهيّنةٌ، ولكنّا نستحي أن نعيّر به. فذلك حين يقول اللّه جلّ ثناؤه: {وإذ قتلتم نفسًا فادّارأتم فيها واللّه مخرجٌ ما كنتم تكتمون} فقال لهم موسى: {إنّ اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرةً} قالوا: نسألك عن القتيل وعمّن قتله وتقول اذبحوا بقرةً، أتهزأ بنا؟ قال موسى: {أعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين}.
- أخرج رواية السدي: ابن جرير في تفسيره عن موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي.[12]
الخامسة: واخرج القصة بسبب نحو الذي ذكره عبيدة وأبو العالية والسّدّيّ غير أنّ بعضهم ذكر أنّ الّذي قتل القتيل الّذي اختصم في أمره إلى موسى كان أخا المقتول. وذكر بعضهم أنّه كان ابن أخيه. وقال بعضهم: بل كانوا جماعةً ورثةً استبطئوا حياته. إلاّ أنّهم جميعًا مجمعون على أنّ موسى إنّما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذ احتكموا إليه. عن أمر اللّه إيّاهم بذلك، فقالوا له: وما ذبح البقرة يبيّن لنا خصومتنا الّتي اختصمنا فيها إليك في قتل من قتل فادّعى على بعضنا أنّه القاتل أتهزأ بنا؟.
1 – ابن جرير في تفسيره عن بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة.[13]
2 – ابن جرير في تفسيره عن يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عن ابن زيد، عن مجاهد.[14]
3 – ابن جرير في تفسيره عن المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل قال، حدثني خالد بن يزيد، عن مجاهد.[15]
4 – ابن جرير في تفسيره عن المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهبا يذكر.[16]
5 – ابن جرير في تفسيره عن القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد - وحجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس.[17]
6 – ابن جرير في تفسيره عن محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، أخبرني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس.[18]
- الدراسة:
ذكر في سبب قول موسى عليه السلام لقومه: (اذبحوا بقرة) عدة روايات, وفي هذه الروايات أخبار عن بني إسرائيل:
- الرواية الأولى عن عبيدة السلماني, وهو ثقة وغير معروف أنه يأخذ من أهل الكتاب, وروى عنه هذا الأثر محمد بن سيرين, "وكل شيء روى محمد بن سيرين عن عبيدة سوى رأيه فهو عن علي".[19]
- الرواية الثانية عن ابن عباس, وهو ممن لم يقرأ كتب أهل الكتاب, ولكن له رواية عن بعض الذين يروون أخبار بني إسرائيل, ولكنه في هذه الرواية لم يصرح بالتحديث عن أحد منهم.
- الرواية الثالثة عن أبي العالية, وهو ثقة يرسل كثيرا, روى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يقرؤوا كتب أهل الكتاب، لكن لهم رواية عمّن قرأها.
- الرواية الرابعة عن السدي, وهو صدوق يهم, ورمي بالتشيع, كما ذكر ابن حجر[20], وقال الطبري: لا يحتج بحديثه[21], يكتب عن الثقة والضعيف، ويخلط الغثّ والسمين, وهو من أكثر من نشر الروايات الإسرائيلية, ولكنه ليس من النوع الذي يتعمد الكذب, لكنّه وقع في آفة عدم التثبّت، وخلط الصحيح بالضعيف.
- الرواية الخامسة ذكرت عن مجموعة من الرواة:
1 – قتادة, وهو ثقة ثبت, وهو ممن قرأ في كتب أهل الكتاب, ولم يصرح بالتحديث.
2 – مجاهد, وهو ثقة إمام في التفسير وفي العلم[22] , قال الذهبي في آخر ترجمته : أجمعت الأمة على إمامة مجاهد و الاحتجاج به[23], وهو ممن قرأ في كتب أهل الكتاب, ولم يصرح بالتحديث.
3 – وهب بن منبه, وهو ثقة, وكان ممن قرأ في كتب أهل الكتاب, وعامة ما يرويه في التفسير من الإسرائيليات.
4 – محمد بن كعب القرظي, وهو ثقة كانَ من أوعية العلم[24], وكان ممن قرأ في كتب أهل الكتاب, ولم يصرح بالتحديث.
5 – محمد بن قيس, وهو ثقة, قال عبد الله: قال أبي: محمد بن قيس الأسدي، ثقة، ثقة[25].
- وبالنظر في تلك الروايات فإنها تدخل في النوع التاسع الذي يرويه أصحاب كتب التفاسير المشتهرة بأسانيدهم إلى من رواها, وإن كانوا لم يشترطوا الصحة في تفسيرهم إلا أن الروايات الإسرائيلية المنكرة في تفاسيرهم أقل بكثير ممن جاء بعدهم.
- وقصة البقرة لم تذكر في القرآن إلا في هذا الموضع من القرآن الكريم من سورة البقرة, ولم تتكرر كما في بعض القصص القرآني.
- سياقات القصة مأخوذة من كتب بني إسرائيل وهي مما يجوز نقلها, ولكن لا نصدقها ولا نكذبها إلا ما ورد الدليل من الكتاب والسنة مما وافقهما, كم ذكر ابن كثير فقال: وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم، فيها اختلاف ما، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا، والله أعلم.[26]
- أن سياقات القصة مما اختلف فيه الرواة في السبب الذي من أجله أمرهم موسى عليه السلام أن يذبحوا بقرة, كما ذكر الطبري فقال: فذكر جميعهم أن السبب الذي من أجله قال لهم موسى: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) ، نحو السبب الذي ذكره عبيدة وأبو العالية والسدي، غير أن بعضهم ذكر أن الذي قتل القتيل الذي اختصم في أمره إلى موسى، كان أخا المقتول، وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه، وقال بعضهم: بل كانوا جماعة ورثة استبطئوا حياته. إلا أنهم جميعا مجمعون على أن موسى إنما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذ احتكموا إليه - عن أمر الله إياهم بذلك - فقالوا له: وما ذبح البقرة؟ يبين لنا خصومتنا التي اختصمنا فيها إليك في قتل من قتل، فادعي على بعضنا أنه القاتل! أتهزأ بنا؟[27]
- الاختلاف في هذه السياقات مما لا يكذب ولا يصدق لعدم نكارة المتن, وأن ما يصدق من هذه السياقات ما ورد الدليل به وهو أن موسى عليه السلام أمرهم أن يذبحوا بقرة, فهذا نصدقه لورود الدليل من القرآن به, أما سبب قيل موسى لهم ذلك فيحكى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
"بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار"[28], وعن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: (كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: {آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة: 136] الآية)[29].
- مسألة:
ترتب على ورود قصص بني إسرائيل, وورود بعض الأحكام التي في شريعتهم أن هذه الشرائع التي كانت لهم هل هي شريعة لنا أيضا؟
واختلف أهل العلم في هذه المسألة إلى عدة أقوال ذكرها ابن العربي في تفسيره, ورجح أن شرع من قبل يلزم أن يكون شرعا لنا مما أخبرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: اختلف الناس في ذلك، والمسألة تلقب بأن شرع من قبلنا من الأنبياء هل هو شرع لنا حتى يثبت نسخه أم لا؟ في ذلك خمسة أقوال:
الأول: أنه شرع لنا ولنبينا؛ لأنه كان متعبدا بالشريعة معنا، وبه قال طوائف من المتكلمين، وقوم من الفقهاء؛ واختاره الكرخي ونص عليه ابن بكير القاضي من علمائنا.
وقال القاضي عبد الوهاب: هو الذي تقتضيه أصول مالك ومنازعه في كتبه، وإليه ميل الشافعي رحمه الله. الثاني: أن التعبد وقع بشرع إبراهيم عليه السلام واختاره جماعة من أصحاب الشافعي.
الثالث: أنا تعبدنا بشرع موسى عليه السلام. الرابع: أنا تعبدنا بشرع عيسى عليه السلام.
الخامس: أنا لم نتعبد بشرع أحد، ولا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بملة بشر، وهذا الذي اختاره القاضي أبو بكر.
وما من قول من هذه الأقوال إلا وقد نزع فيه بآية، وتلا فيها من القرآن حرفا؛ وقد مهدنا ذلك في أصول الفقه، وبينا أن الصحيح القول بلزوم شرع من قبلنا لنا مما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم عنهم دون ما وصل إلينا من غيره؛ لفساد الطرق إليهم؛ وهذا هو صريح مذهب مالك في أصوله كلها.[30]
- مسألة:
ما الأولى في البقر الذبح أم النحر؟
لم يختلف أهل العلم في أن الذبح أولى في الغنم, والنحر أولى في الإبل, والتخيير في البقر بين الذبح والنحر, ولكن الذبح أولى ؛ لوروده في القرآن كما ذكر ذلك القرطبي في تفسيره فقال: لا خلاف بين العلماء أن الذبح أولى في الغنم ، والنحر أولى في الإبل ، والتخيير في البقر. وقيل : الذبح أولى ، لأنه الذي ذكره الله ، ولقرب المنحر من المذبح. قال ابن المنذر : لا أعلم أحدا حرم أكل ما نحر مما يذبح ، أو ذبح مما ينحر. وكره مالك ذلك. وقد يكره المرء الشيء ولا يحرمه.[31]
- مسألة:
هل يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة؟
لا خلاف بين أهل العلم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز, أما تأخيره إلى وقت الحاجة فاختلف فيه أهل العلم, كما ذكر ذلك النيسابوري في تفسيره فقال: واعلم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع بالاتفاق إلا عند مجوز تكليف ما لا يطاق، وأما تأخيره إلى وقت الحاجة فمختلف فيه، فالمجوزون استدلوا بالآية قالوا: أمروا بذبح بقرة معينة بدليل تعيينها بسؤالهم آخرا، وبدليل أنه لم يؤمر بمتجدد بل المأمور به في الثانية هو المأمور به في الأولى بالاتفاق، وبدليل المطابقة لما ذبح. والمانعون قالوا: معناه اذبحوا أية بقرة شئتم بدليل تنكير بقرة، وهو ظاهر في أن المراد بقرة غير معينة، وبدليل أن ابن عباس قال: لو ذبحوا بقرة ما لأجزأهم، ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، وبدليل التعنيف في قوله وما كادوا يفعلون ولو كانت معينة لما استحقوا التعنيف على السؤال. وأجيب بأن ترك الظاهر يجوز لموجب راجح، وما نقل عن ابن عباس خبر الواحد، والتعنيف يجوز أن يكون لتفريطهم في الامتثال بعد حصول البيان التام.[32]
- مسألة:
هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة, فمنهم من قال بثبوت ذلك, ومنهم من نفاه, كما ذكر الجصاص فقال: وقد تنازع معناه الفريقان من نفاة العموم ومن مثبتيه واحتج به كل واحد من الفريقين لمذهبه فأما القائلون بالعموم فاحتجوا به من جهة وروده مطلقا فكان ذلك أمرا لازما في كل واحد من آحاد ما تناوله العموم وأنهم لما تعنتوا رسول الله عليه السلام في المراجعة مرة بعد أخرى شدد الله عليهم التكليف وذمهم على مراجعته بقوله [فذبحوها وما كادوا يفعلون], وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (والذي نفس محمد بيده لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لأجزت عنهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم), وروي نحو ذلك عن ابن عباس وعبيدة وأبي العالية والحسن ومجاهد واحتج من أبى القول بالعموم بأن الله تعالى لم يعنفهم على المراجعة بدأ ولو كان قد لزمهم تنفيذ ذلك على ما ادعيتموه من اقتضاء عموم اللفظ لورد النكير في بدء المراجعة وهذا ليس بشيء لأن النكير ظاهر عليهم في اللفظ من وجهين أحدهما تغليظ المحنة عليهم وهذا ضرب من النكير كما قال الله تعالى [فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم] والثاني قوله [وما كادوا يفعلون] وهذا يدل على أنهم كانوا تاركين للأمر بدا وأنه كان عليهم المسارعة إلى فعله.
فقد حصلت الآية على معان:
أحدها وجوب اعتبار عموم اللفظ فيما يمكن استعماله.
والثاني أن الأمر على الفور وأن على المأمور المسارعة إلى فعله على حسب الإمكان حتى تقوم الدلالة على جواز التأخير.[33]
والراجح أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما ذكر الأصولييون أن "النص العام الوارد بخصوص سبب من الأسباب، فإنه يعمل به على عمومه ولا يخصص بذلك السبب، وعلى هذا جرى فهم الصحابة رضوان الله عليهم، فقد سأل قوم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يركبون البحر ومعهم ماء لا يكفي إلا للشرب فقال: "هو الطهور ماؤه".
وقد أفتى بهذا العموم جمع من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وابن عباس مع أن العموم كان وارداً على سبب وهو حاجتهم إلى الماء للشرب إذا ركبوا البحر".[34]
وقال الشوكاني: وهذا المذهب هو الحق الذي لا شك فيه، لأن التعبد للعباد إنما هو باللفظ الوارد عن الشارع وهو عام ووروده على سؤال خاص لا يصلح قرينة لقصره على ذلك السبب ومن ادعى أنه يصلح لذلك فليأت بدليل تقوم به الحجة ولم يأت أحد من القائلين بالقصر على السبب بشيء يصلح لذلك، وإذا ورد في بعض المواطن ما يقتضي قصر ذلك العام الوارد فيه على سببه لم يجاوز به محله بل يقصر عليه، ولا جامع بين الذي ورد فيه بدليل يخصه وبين سائر العمومات الوردة على أسباب خاصة حتى يكون ذلك الدليل في الموطن شاملاً لها.[35]
- فائدة:
جاءت هذه الآيات على أسلوب القرآن الخاص الذي لم يسبق إليه ولم يلحق فيه، فهو في هذه القصص لم يلتزم ترتيب المؤرخين، ولا طريقة الكتاب في تنسيق الكلام وترتيبه على حسب الوقائع حتى في القصة الواحدة، وإنما ينسق الكلام فيه بأسلوب يأخذ بمجامع القلوب، ويحرك الفكر إلى النظر تحريكا، ويهز النفس للاعتبار هزا.[36]
- فائدة:
استدل الإمام مالك على صحة القول بالقسامة بقول المقتول: دمي عند فلان، أو فلان قتلني. ومنعه الشافعي وجمهور العلماء، لأن قول المقتول: دمي عند فلان، أو فلان قتلني، خبر يحتمل الصدق والكذب.[37]
- شبهة والرد عليها:
يقول أهل الشبهات في القرآن: إن بني إسرائيل لا يعرفون هذه القصة؛ إذ لا وجود لها في التوراة، فمن أين جاء بها القرآن؟ ونقول: إن القرآن جاء بها من عند الله الذي يقول في بني إسرائيل المتأخرين: إنهم نسوا حظا مما ذكروا به، وإنهم لم يؤتوا إلا نصيبا من الكتاب، على أن هذا الحكم منصوص في التوراة، وهو أنه إذا قتل قتيل لم يعرف قاتله، فالواجب أن تذبح بقرة غير ذلول في واد دائم السيلان، ويغسل جميع شيوخ المدينة القريبة من المقتل أيديهم على العجلة التي كسر عنقها في الوادي، ثم يقولون: إن أيدينا لم تسفك هذا الدم، اغفر لشعبك إسرائيل، ويتمون دعوات يبرأ بها من يدخل في هذا العمل من دم القتيل، ومن لم يفعل يتبين أنه القاتل، ويراد بذلك حقن الدماء، فيحتمل أن يكون هذا الحكم هو من بقايا تلك القصة، أو كانت هي السبب فيه، وما هذه بالقصة الوحيدة التي صححها القرآن، ولا هذا الحكم بالحكم الأول الذي حرفوه أو أضاعوه وأظهره الله - تعالى.[38]

والله أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم








[1] اللباب في علوم الكتاب (2/ 153).

[2] التفسير الميسر (1/ 10).

[3] الدر المنثور في التفسير بالمأثور (1/ 186).

[4] تفسير عبد الرزاق (1 / 48).

[5] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (2/ 183).

[6] تفسير ابن أبي حاتم - محققا (1/ 136).

[7] السنن الكبرى للبيهقي ت التركي (12/ 457).

[8] الدر المنثور في التفسير بالمأثور (1/ 186).

[9] من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا (ص: 48).

[10] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (2/ 186)

[11] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (2/ 184).

[12] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (2/ 185).

[13] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (2/ 187).

[14] السابق.

[15] السابق.

[16] السابق

[17] السابق

[18] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (2/ 188).

[19] تهذيب الكمال في أسماء الرجال (19/ 267).

[20] تقريب التهذيب ـ العاصمة (ص: 141).

[21] تهذيب التهذيب (1 / 314).

[22] تقريب التهذيب (520).

[23] تهذيب التهذيب (10 / 43).

[24] سير أعلام النبلاء ط الرسالة (5/ 66).

[25] موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل في رجال الحديث وعلله (3/ 306).

[26] تفسير ابن كثير ط العلمية (1/ 193).

[27] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (2/ 188).

[28] صحيح البخاري (4/ 170).

[29] صحيح البخاري (6/ 20).

[30] أحكام القرآن لابن العربي (ط التراث) (ن حواشي) (1/ 31-32).

[31] الجامع لأحكام القرآن=تفسير القرطبي ط- أخرى (1/ 445).

[32] تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (1/ 308).

[33] أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (1/ 41).

[34] من أصول الفقه على منهج أهل الحديث (ص: 130).

[35] إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الأصول ط-أخرى (ص: 232).

[36] تفسير المنار (1/ 287).

[37] التفسير المنير للزحيلي (1/ 192).

[38] تفسير المنار (1/ 287).


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 جمادى الأولى 1443هـ/18-12-2021م, 05:22 PM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 704
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله



لم يسعفني الوقت لإكمال البحث

وهذا ما تيسر لي منه



بسم الله الرحمن الرحيم
بحث اجتياز المستوى السادس
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه إلى يوم الدين.
تفسير الآية 102 من سورة البقرة بالأسلوب العلمي وبيان حكم الإسرائليات التي وردت فيها.
قال تعالى :" وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".
نزلت سورة البقرة ومن مقاصدها الاستسلام والانقياد لله تعالى في كل ما أمر ونهى وفيها إشارة إلى وجوب المسارعة إلى تطبيق شرع الله، وعدم التلكؤ فيه كما حصل من يهود وجاءت قصة هاروت وماروت لتبين كيف أنهم تركوا أمر الله واتبعوا الشياطين في تعلم السحر.
وفي الآيات السابقة أخبرنا الله عن الفريق من أحبار اليهود وعلمائها، الذين وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم نبذوا كتابه الذي أنزله على موسى، وراء ظهورهم، تجاهلا منهم وكفرا بما هم به عالمون، كأنهم لا يعلمون، قال تعالى:" أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) ".
فأخبر عنهم أنهم رفضوا كتابه الذي يعلمون أنه منزل من عنده على نبيه ، ونقضوا عهده الذي أخذه عليهم في العمل بما فيه، وآثروا السحر الذي تلته الشياطين في ملك سليمان بن داود فاتبعوه، وذلك هو الخسار والضلال المبين.
أسباب النزول:
- جاء في تفسير عبد الرزاق الصنعاني عن سبب نزول الآية، قال حدثنا معمر عن قتادة كتبت الشياطين كتبا فيها كفر وشرك ثم دفعت تلك الكتب تحت كرسي سليمان، فلما مات سليمان استخرج الناس تلك الكتب، فقالوا: هذا علم كتمناه سليمان، فنزلت الآية، وفي رواية معمر عن قتادة لين كما قال العلماء.
- وفي تفسير سعيد بن منصور قال حدثنا عتّاب بن بشير، قال: نا خصيف، في قوله عزّ وجلّ: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين}، قال: كان سليمان إذا نبتت الشّجرة قال: لأيّ داءٍ أنت؟ فتقول: لكذا وكذا، فلمّا نبتت شجرة الحرنوبة الشّامي، قال: لأيّ شيءٍ أنت؟ قالت: لمسجدك أخرّبه، قال: تخرّبينه؟ قالت: نعم، قال: بئس الشّجرة أنت! فلم يلبث أن توفّي، فجعل النّاس يقولون في مرضاهم: لو كان لنا مثل سليمان، فأخذوا الشّياطين، فأخذوا كتابًا، فجعلوه في مصلّى سليمان، فقالوا: نحن ندلّكم على ما كان سليمان يداوي به، فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب، فإذا فيه سحرٌ ورقىً، فأنزل اللّه عزّ وجلّ الآية ، وعتاب بن بشير ليس من الثقات وهذا القول ضعف.
- قال جرير قال: أخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن عمران بن الحارث قال: (بينما نحن عند ابن عباس إذ قال: إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلمة حق فإذا جرب من أحدهم الصدق كذب معها سبعين كذبة فيشربها قلوب الناس؛ فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال: ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله؟ قالوا: نعم. قال: تحت الكرسي، فأخرجوه فقالوا: هذا سحر فتناسخته الأمم؛ فأنزل الله عذر سليمان{وَاَتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ وَما كَفَرَ سُليمانُ}) ، وحصين بن عبد الرحمن من الثقات .
- وجاء في الواحدي عن الكلبي إن الشياطين كتبوا السحر والنارنجيات على لسان آصف: (هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك)، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان فلما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه وقالوا للناس: إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه فأما علماء بني إسرائيل فقالوا: معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان وأما السفلة فقالوا: هذا علم سليمان وأقبلوا على تعلمه ورفضوا كتب أنبيائهم ففشت الملامة لسليمان فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال: {وَاَتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ} الآية والكلبي شديد الضعف متهم بالكذب وهو من الطبقة الرابعة من رواة الإسرائيليات.
- وجاء في الواحدي قال قال السري: (إن الناس في زمن سليمان كتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه؛ فأخذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك، فلما مات سليمان، وذهب الذين كانوا يعرفون دفنه الكتب تمثل شيطان على صورة إنسان فأتى نفرًا من بني إسرائيل فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدًا قالوا: نعم قال: فاحفروا تحت الكرسي فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود؛ فبرأ الله عز وجل سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية، وهذا القول قريب من قول بن عباس عن حصين وإن كان الواحدي ممن تساهل في أضافة الإسرائيليات دون تحقق .
- وجاء أيضا في الواحدي عن السدي(إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر واشتغلوا بتعلمه فأخذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك، فلما مات سليمان وذهب الذين كانوا يعرفون دفن تلك الكتب تمثل الشيطان على صورة إنسان فأتى نفرا من بني إسرائيل فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا؟ أي لا ينفد، قالوا: نعم. قال: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان كان يضبط الإنس والجن والشياطين والطير بهذا فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب. فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود فبرأ الله سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية)، وهذا السبب مثل ما قال بن عباس رضي الله عنه،قال الواحدي: وقال السدي: قلت: أثر ابن عباس أخرجه الحاكم في المستدرك من هذا الوجه، وعمران أخرجه له مسلم وباقي رجاله من رجال الصحيح.
- وجاء في ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: (لما جاءهم محمد بالقرآن عارضوه بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت..) وهذا مخالف في أن هذا كان في زمن سليمان عليه السلام.
- وجاء في الطبري من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (كان الذي أصاب سليمان بن داود في سبب أناس من أهل امرأة يقال لها جرادة، وكانت من أكرم نسائه عليه فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل جرادة فيقضي لهم، فعوقب حين لم يكن هواه في الفريقين واحداً، وكان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء نزع خاتمه...) فذكر القصة بطولها كما سيأتي في سورة ص إلى أن قال: (فعمدت الشياطين في تلك الأيام فكتبت كتبا فيها سحر وكفر، ثم دفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها -يعني بعد موته- فقرأوها على الناس فقالوا: إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب فبرئ الناس من سليمان وكفروه حتى بعث الله محمدا فأنزل الله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}) والقول للعلماء في إسناد أبي معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه صحيح ، والأعمش من الثقات والطبقة الأولى من رواة الإسرائيليات.
- جاء في الطبري أيضا من طريق الربيع بن أنس قال: إن اليهود سألوا محمدا زمانا عن أمور التوراة، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوه عنه فيخصمهم؛ فلما رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل الله إلينا منا...) وإنهم (سألوه عن السحر وخاصموه به؛ فأنزل الله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..} الآية، وذلك أن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت مجلس سليمان وكان سليمان لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس وقالوا هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه؛ فأخبرهم النبي بهذا الحديث فرجعوا من عنده بخزي وقد أدحض الله حجتهم ، والربيع بن أنس البكري من الثقات والطبقة الأولى من رواة الإسرائيليات.
وأخرج الطبري من طريق عمرو بن دينار عن مجاهد في قوله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..} قال: كانت الشياطين تستمع الوحي فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مئتين مثلها؛ فأرسل سليمان إلى ما كتبوا من ذلك فأخفاه، فلما مات سليمان وجدته الشياطين فعلمته الناس وهو السحر ، ومجاهد من التابعين .

قال الله تعالى: "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ "
القراءات:
التفسير:
* من الذين اتبعوا: في ذلك أقوال
- اليهود الّذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
-اليهود في عهد سليمان تركوا ما أمرهم الله به من اتباع الرسول والكتاب الذي أنزل وآثروا عليه ما عندهم من سحر.
*ما المراد بما تتلوا :
- الذي تحدّث وتروي وتتكلّم به وتخبر.
- ما تتّبع وتأنمه وتعمل به.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه عزّ وجلّ أخبر عن الّذين أخبر عنهم أنّهم اتّبعوا ما تتلو الشّياطين على عهد سليمان باتّباعهم ما تلته الشّياطين.
ولقول القائل: هو يتلو كذا في كلام العرب معنيان:
أحدهما: الاتّباع، كما يقال: تلوت فلانًا إذا مشيت خلفه وتبعت أثره، كما قال جلّ ثناؤه: {هنالك تتلو كلّ نفسٍ ما أسلفت} يعني بذلك تتبع.
والآخر: القراءة والدّراسة، كما تقول: فلانٌ يتلو القرآن، بمعنى أنّه يقرؤه ويدرسه، كما قال حسّان بن ثابتٍ:
نبيٌّ يرى ما لا يرى النّاس حوله ....... ويتلو كتاب اللّه في كلّ مشهد
ولم يخبرنا اللّه جلّ ثناؤه بأيّ معنيى التّلاوة كانت تلاوة الشّياطين الّذين تلوا ما تلوه من السّحر على عهد سليمان بخبرٍ يقطع العذر. وقد يجوز أن تكون الشّياطين تلت ذلك دراسةً وروايةً وعملاً به، فتكون كانت له متّبعه بالعمل، ودراسه بالرّواية، فاتّبعت اليهود منهاجها في ذلك وعملت به وروته). [جامع البيان: 2/ 318-321]
* ما الذي تتلوه الشياطين :
- الكتب التي كان النّاس اكتتبوها من الكهنة على عهد سليمان
- سحر هاروت وماروت
* ما المراد بملك سليمان : أي تحت كرسيه أو مجلسه.
* ما دلالة في : أي على
قال بن جرير والصّواب من القول في تأويل قوله: {واتّبعوا ما تتلوا الشّياطين على ملك سليمان} أنّ ذلك توبيخٌ من اللّه لأحبار اليهود الّذين أدركوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجحدوا نبوّته وهم يعلمون أنّه للّه رسولٌ مرسلٌ، وتأنيبٌ منه لهم في رفضهم تنزيله، وهجرهم العمل به وهو في أيديهم يعلمونه ويعرفون أنّه كتاب اللّه، واتّباعهم واتّباع أوائلهم وأسلافهم ما تلته الشّياطين في عهد سليمان. وقد بيّنّا وجه جواز إضافة أفعال أسلافهم إليهم فيما مضى، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وإنّما اخترنا هذا التّأويل لأنّ المتّبعة ما تلته الشّياطين في عهد سليمان وبعده إلى أن بعث اللّه نبيّه بالحقّ من السّحر لم تزل في اليهود، ولا دلالة في الآية أنّ اللّه تعالى أراد بقوله: {واتّبعوا} بعضًا منهم دون بعضٍ، إذ كان جائزًا فصيحًا في كلام العرب إضافة ما وصفنا من اتّباع أسلاف المخبر عنهم بقوله: {واتّبعوا ما تتلوا الشّياطين} إلى أخلافهم بعدهم.
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
القراءات:
التفسير:
* ما وجه نفي الكفر عن سليمان : قال بن جرير - قيل: وجه ذلك أنّ الّذين أضاف اللّه جلّ ثناؤه إليهم اتّباع ما تلته الشّياطين على عهد سليمان من السّحر والكفر من اليهود، نسبوا ما أضافه اللّه تعالى ذكره إلى الشّياطين من ذلك إلى سليمان بن داود، وزعموا أنّ ذلك كان من عمله وروايته، وأنّه إنّما كان يستعبد من كان يستعبد من الإنس والجنّ والشّياطين وسائر خلق اللّه بالسّحر. فحسّنوا بذلك، من ركوبهم ما حرّم اللّه عليهم من السّحر، أنفسهم عند من كان جاهلاً بأمر اللّه ونهيه، وعند من كان لا علم له بما أنزل اللّه في ذلك من التّوراة، وتبرّأ، بإضافة ذلك إلى سليمان، من سليمان، وهو نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منهم، بشرٌ، وأنكروا أن يكون كان للّه رسولاً، وقالوا: بل كان ساحرًا. فبرّأ اللّه سليمان بن داود من السّحر والكفر عند من كان منهم ينسبه إلى السّحر والكفر
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ
القراءات:
التفسير:
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
القراءات:
التفسير:
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
القراءات:
التفسير:
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
القراءات:
التفسير:
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ
القراءات:
التفسير:
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ
القراءات:
التفسير:
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
القراءات:
التفسير:
التعليق عن الإسرائليات إن وجدت:
حكم رواية الإسرائيليات
ورد في شأن أخبار بني إسرائيل أحاديث وآثار يظهر بالجمع بينها الهدي الصحيح في حكم روايتها والموقف منها.
-
في صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد من طريق حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار».
-
وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داوود من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»
-
وفي صحيح البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: {آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم} » الآية).
-
مجالد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم، وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم، ما حل له إلا أن يتبعني» رواه أحمد.
-
قال عطاء بن يسار: كانت يهود يحدثون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيسيخون كأنهم يتعجبون؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصدقوهم , ولا تكذبوهم» , وقولوا: {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون}). رواه عبد الرزاق.
-
روى البخاري في صحيحه من طريق ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، أن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: " كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث، تقرؤونه محضا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا؟ ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم "
-
وروى عبد الرزاق في مصنفه من طريق عمارة عن حريث بن ظهير , قال: قال عبد الله: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء , فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم فتكذبون بحق , أو تصدقون بباطل , وإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلا في قلبه تالية تدعوه إلى الله وكتابه»
-
قال عبد الرزاق: وزاد معن عن القاسم بن عبد الرحمن , عن عبد الله في هذا الحديث , أنه قال: «إن كنتم سائليهم لا محالة , فانظروا ما قضى كتاب الله فخذوه , وما خالف كتاب الله فدعوه».

والخلاصة في شأن رواية الإسرائيليات:
1:
أن الإذن بالتحديث عنهم إذن مطلق يدخله التقييد، وتلك القيود منها ما نصّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه ما نصّ عليه بعض أصحابه مما علموه وأدركوه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم لهم وتعليمه إيّاهم.
2:
ما كان من أخبارهم يخالف دليلاً صحيحاً فهو باطل؛ لا تحلّ روايته إلا على سبيل الاعتبار والتشنيع ، وبيان تحريفهم.
ويجب تكذيبه، كما كذّب ابن عباس نوفا البكالي لما زعم أن موسى الذي لقي الخضر ليس كليم الله، وإنما هو رجل آخر اسمه موسى؛ كما في الصحيحين عن
سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى بني إسرائيل ليس بموسى الخضر، فقال: (كذب عدو الله) ، وفي رواية لمسلم: قال ابن عباس: أسمعته يا سعيد؟
قال سعيد: قلت: نعم.
قال: كذب نوف.
3:
أن لا يعتقد تصديق ما يروى عنهم ما لم يشهد له دليل صحيح من الأدلة المعتبرة لدى أهل الإسلام.
4:
أن بعض الإسرائيليات قد تتضمن زيادات منكرة لأخبار محتملة الصحة في الأصل؛ فتنكر الزيادات المنكرة، وتردّ، مع بقاء احتمال أصل القصة إذا كان له ما يعضده.
5:
أن لا تجعل أخبارهم مصدراً يعتمد عليه في التعلّم والتحصيل؛ ولذلك يحذّر طلاب العلم من التفقه بها واعتمادها في أوّل الطلب، ويوجّهون إلى مناهل أهل الإسلام في التعلّم، فإذا أحكم الطالب دراسة أصول العلم على منهج صحيح؛ فلا حرج عليه أن يستأنس ببعض ما يروى من أخبار بني إسرائيل، وعلى ذلك يُحمل نهي ابن مسعود وابن عباس، مع ما روي عن ابن عباس من التحديث ببعض أخبار بني إسرائيل.
قال ابن تيمية: (وَمَعْلُوم أَن هَذِه الاسرائيليات لَيْسَ لَهَا إسناد، وَلَا يقوم بهَا حجَّة فِي شَيْء من الدّين إلا إذا كَانَت منقولة لنا نقلا صَحِيحا، مثل مَا ثَبت عَن نَبينَا أَنه حَدثنَا بِهِ عَن بني اسرائيل).
وقال: (الإسرائيليات إذا ذكرت على طريق الاستشهاد بها لما عرف صحته لم يكن بذكرها بأس).
6:
أن عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وعبد الله بن عمرو بن العاص لم يكونوا مكثرين من الروايات عن بني إسرائيل على سعة علمهم بها وقراءتهم لها، ودليل ذلك أن ما روي عنهم من الإسرائيليات قليل جداً.
7:
أن الصحابة الذين يُروى عنهم بعض أخبار بني إسرائيل ممن لم يقرؤوا كتب أهل الكتاب قلة، وأكثر ما يُروى عنهم من ذلك لا يصحّ إسناده إليهم.
8:
أن من التابعين وأتباعهم من تساهل في رواية الإسرائيليات عن الضعفاء والمجاهيل؛ وتداولها القُصّاص والأخباريّون، وزاد فيها الكذابون والمتّهمون بالكذب؛ فكان ذلك من أسباب شهرتها وذيوعها حتى دوّنت في بعض التفاسير.
9:
أن يفرّق بين الإذن المطلق بالتحديث عن بني إسرائيل وبين التحديث عن الكذابين والمتّهمين بالكذب الذين يروون الإسرائيليات المنكرة، وروايات هؤلاء في كتب التفسير كثيرة.
10:
أنّ رواية عدد من المفسّرين لتلك الإسرائيليات في كتبهم كانت من باب جمع ما قيل في التفسير، وله فوائد جليلة منها التنبيه على علل بعض الأقوال.
قال ابن كثير: (ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب، مما فيه بسط لمختصر عندنا، أو تسمية لمبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والاعتماد عليه.
وإنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما صح نقله أو حسن وما كان فيه ضعف نبينه).
وهذا وإن كان ذكره في مقدمة البداية والنهاية إلا أنه منهج له في جميع كتبه ومنها التفسير، لكن فرق بين وضع الشرط وبين تمام الالتزام به.
عذرا سأحاول الإكمال ووضع البخث كاملا

أسأل الله أن ييسر لي

جزاكم الله خير

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تجب, نشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir