دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 محرم 1443هـ/21-08-2021م, 12:52 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الثاني من مقرر أصول التفسير البياني

اختر تطبيقين من كلّ درس وأدّها:

تطبيقات الدرس السادس:
بيّن دلالة معاني الحروف في الآيات التاليات:
1: معنى "من" في قول الله تعالى: {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم}

- قبل الشروع في بيان معنى (من) في الآية الكريمة، لابد من توضيح بعض المسائل ليكون القارئ على بينة من التفصيل الذي سيأتي في معنى (من).
- المراد بالسبع المثاني: ورد في صحيح الأدلة أن المراد بها سورة الفاتحة، كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أم القرآن هى: السبع المثاني والقرآن العظيم). رواه البخاري.
وقيل أن المراد بها السبع السور الطوال، التي بدأ بهن المصحف بعد الفاتحة، واختلف في بعضها.
- معنى المثاني: على القول بأن السبع المثاني هن آيات الفاتحة، فقيل لها المثاني لأنها تكرر في كل ركعة، وقيل لأنها تثنى مع كل سورة، وقيل لاشتمالها على الثناء على الله ففيها حمده وتوحيده، وقيل لأن الله استثناها
لرسوله صلى الله علي وسلم فلم يؤتها أحدا قبله، وغير ذلك من أقوال.
- وعلى القول بأن السبع المثاني هن السور الطوال، فقيل لهن المثاني، لاشتمالهما على الأمر والنهي والوعد والوعيد وتكرارا الأمثال والقصص.
- والقرآن بهذا الاعتبار كله مثاني
كما جاء في قول الله تعالى: (الله نزل أحسن ٱلحدیث كتـٰبا متشـٰبها مثانی تقشعر منه جلود ٱلذین یخشون ربهم ..) الآية.

- ولسنا في محل ترجيح هنا بالمراد بالسبع المثاني، وقد ذهب بعض المفسرون أن الأصح هنا تفسيرها بسورة الفاتحة كما قال ابن جرير وابن كثير وابن عاشور لورود النص الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

- ومعنى (من) فيها قولان:
- الأول: أنها للتبعيض، والمعنى: أتيناك سبعا من آيات القرآن، وهى الفاتحة فهى مثاني
يثنى بها على الله، وذلك باعتبار أن القرآن كله مثاني.
- وعلى من قال أن المراد بــ (سبعا من المثاني): السبع سور الطوال، فيكون ذلك من باب عطف العام (والقرآن العظيم) على الخاص (سبعا من المثاني).
ذكره الزجاج، والبيضاوي وابن عطية وأبو السعود وابن عاشور.

- الثاني: للبيان، والمعنى: أتيناك سبعا هى المثاني، وتكون (من) صفة، أي وصفا لآيات الفاتحة السبع بأنها مثان.
وهو كقول لله تعالى: (اجتنبوا الرجس من الأوثان)،أي اجتنبوا الأوثان.
- ذكره الزجاج وابن عطية، وأبو السعود وغيرهم.
- والزمخشري جعل هذا القول خاصا بالسور السبع أو الأسباع لا بسورة الفاتحة.



2: معنى "ما" في قول الله تعالى: {فما أصبرهم على النار}

- قيل في معنى (ما) قولان:
الأول: أنها للتعجب، والمعنى: تعجب من حالهم إذ فرطوا في الهدى ليبقوا على الضلال، فما أجرأهم على هذا الفعل الذي يبعدهم عن الجنة ويقربهم إلى النار، فهم أهل أن يُتعجب منهم،
ونظير هذا قول الله تعالى: (قتل الإنسان ما أكفره) أي: ما أشد كفره.
- وهذا المعنى ذكره عدد من السلف فيما رواه عنهم ابن جرير الطبري، كقتادة والحسن، والربيع ومجاهد وغيرهم.


الثاني: أنها للاستفهام، والمعنى: ما الذي جعلهم يصبرون على الباطل وتبعاته وأشد تلك التبعات نار جهنم.
قاله مجاهد والسدي وعطاء وابن زيد.
- ومعنى أصبرهم في اللغة: (أمرهم بالصبر) وكذلك: (جعلهم ذوي صبر) وكلا المعنيين يناسب أن (ما) بمعنى الاستفهام.


-واختار ابن جرير أنها بمعنى التعجب، وهو قول جمهور المفسرين كما ذكر ابن عطية وقال أنه أظهر من الاستفهام،
بينما ذهب المبرد إلى كونها من الاستفهام لا التعجب، وأن لفظة: (اصبر) بمعنى: اضطر وحبس.

تطبيقات الدرس السابع:
بيّن دلالات الجمل الاسمية والفعلية في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167})

- قال الله تعالى: (كذلك يريهم الله أعمالاهم حسرات عليهم):
- فاستعمال الفعل المضارع هنا يدل على تجدد الرؤية وتكرر حدوثها، وهو من أنواع العذاب الذي يصيب الكافرين في النار أن يجدد لهم العذاب، وهو كقول الله تعالى: (إن الذين كفروا بآياتنا
سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما)
- قال أبو السعود:
)والمعنى أن أعمالهم تنقلب حسرات عليهم، فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم.( ا.هــ.
- وقال ابن عاشور أن الرؤية هنا بصرية، والمراد عواقب أعمالهم الشنيعة، لانقضاء الأعمال وذهاب زمانها.

- وقوله تعالى: (وما هم بخارجين من النار):
- قال أبو السعود: (والأصل (وما يخرجون)، والعدول إلى الاسمية لإفادة دوام نفي الخروج..) ا.هـ.
- وقال ابن عاشور أن ذلك دال على أن هذا الحكم ثابت وأنه من صفاتهم.
- وإذا جمعنا بين الجملتين أفاد ما يكمل به مشهد عذابهم، فهم في النار ماكثون لا خروج لهم منها، يتجدد عذابهم فيها برؤية عاقبة أعمالهم حسرات تقطع قلوبهم كمدا.
نسأل الله العافية.



2: قول الله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)}

- في تلك الآية الكريمة لطائف بيانية لولا التزامنا بالمطلوب لأشرنا إليها، ولتوسعنا فيها من جمال النظم وحسن النسق، ومن تلك اللطائف التعبير بالفعل عن معرفة يوسف عليه السلام لأخوته حين
دخلوا عليه سألين الميرة، والتعبير عن عدم تعرفهم عليه بصيغة الاسم.
- قال ابن عاشور:
(ووقع الإخبار عنهم بالجملة الاسمية للدلالة على أن عدم معرفتهم به أمر ثابت متمكن منهم كان الإخبار عن معرفته إياهم بالجملة الفعلية المفيدة للتجدد للدلالة على أن معرفته إياهم
حصلت بحدثان رؤيته إياهم دون توسم وتأمل
.) ا.هــ.
-وقال أبو السعود: (وحيث كان إنكارهم له أمرا مستمرا في حالتي المحضر والمغيب أخبر عنه بالجملة الاسمية بخلاف عرفانه - عليه السلام - إياهم
.) ا.هــ.
- أما إنكاره لهم ، فذلك لأمور ذكرها الزمخشري، منها: لطول العهد، ولمفارقته لهم في سن الحداثة، ولاعتقادهم أنه هلك، ولغيابه عن ذهنهم لقلة اهتمامهم به، وللحالة التي كان بلغها في السلطان،
ولما كان عليه من ثياب وهيئة أبعدت عن مخيلتهم ما بقي في أذهانهم من صورة يوسف حين ألقوه في البئر وكان ذلك المشهد الأخير بينهم، فسواء قربت المسافة بينهم أو بعدت حين أتوه يسألونه الميرة،
وسواء تمكن لهم التشبيه عليه أم لا، فهم له منكرون.
- أما معرفة يوسف لهم فالتعبير عنها جاء بالفعل مسبوقا بالفاء الدالة على معرفته بهم فور دخلوه عليهم إما لهيئتهم التي كانوا عليها، وإما لأمر آخر، وفي ذلك حكمة جليلة أظهرها مآل تلك القصة العظيمة.

تطبيقات الدرس الثامن:
بيّن معاني الإضافات في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {وبعهد الله أوفوا}
- جاء في الآية جملة من الأوامر العظيمة منها الإيفاء بالعهد، في نظم بديع أضاف معان إلى المعاني، وحملت الألفاظ دلالات أثرت المتأمل، فجاء العهد معرفا بالإضافة إلى الله عز وجل، وفي ذلك من التشريف
والتكريم، حيث أضيف العهد إلى الله، وهى إضافة خاصة، كما في قول الله تعالى: ( ..قد جاءتكم بینة من ربكم هـذه ناقة ٱلله لكم ءایة ) فكان ذلك تشريفا للناقة، قال أبو السعود: (وإضافة الناقة إلى الاسم الجليل لتعظيمها). ا.هــ.
وقال أبو حيان: (وأضافها إلى الله تشريفا وتخصيصا). ا.هــ.
فعلى ذلك القياس.

وأفاد قوله تعالى: (عهد الله) الاهتمام به وتقديمه على غيره من العهود، إذ هو عهد الله، الواجب القيام به على أتم وجه.

- وما أحسن ما قاله ابن عاشور، قال: (وعهد الله المأمور بالإيفاء به هو كل عهد فيه معنى الانتساب إلى الله الذي اقتضته الإضافة، إذ الإضافة هنا يصح أن تكون:
- إضافة المصدر إلى الفاعل، أي ما عهد الله به إليكم من الشرائع.
- ويصح أن تكون إلى مفعوله، أي ما عاهدتم الله أن تفعلوه والتزمتموه وتقلدتموه.
- ويصح أن تكون الإضافة لأدنى ملابسة، أي العهد الذي أمر الله بحفظه، وحذر من ختره، وهو العهود التي تنعقد بين الناس بعضهم مع بعض سواء كان بين القبائل أم كان بين الآحاد،
ولأجل مراعاة
هذه المعاني الناشئة عن صلاحية الإضافة لإفادتها عدل إلى طريق إسناد اسم العهد إلى اسم الجلالة بطريق الإضافة دون طريق الفعل، بأن يقال
: وبما عاهدتم الله عليه، أو نحو ذلك ما لا يحتمل إلا معنى واحدا.) ا.هــ.
قال السمين الحلبي : (وأن تكون الإِضافة لمجرد البيان أضيف إلى الله من حيث إنه الآمرُ بحفظه، والمراد به العهد الواقع بين الآيتين).
- وأشار فخر الدين الرازي إلى شمول العهد وعمومه فقال: (وهذا من خفيات الأمور؛ لأن الرجل قد يحلف مع نفسه، فيكون ذلك الحلف خفيا، ويكون بره وحنثه أيضا خفيا).


2: قول الله تعالى: {ودع أذاهم وتوكل على الله}

- إضافة (أذى) إلى الضمير(هم) جعل اللفظ يحتمل معنيين كلاهما صحيح.
- الأول باعتبار إضافة المصدر إلى مفعوله، والمعنى دع أذيتهم وأعرض عن ذلك، وهنا الفعل (دع) مستعملا في حقيقته.
-والثاني إضافة المصدر إلى فاعله، والمعنى دع أذيتهم ولا تكترث بقولهم الذي يؤذونك به، وهنا الفعل (دع) مستعملا في مجازه.
- قال ابن عاشور: (وأكثر المفسرين اقتصروا على هذا الاحتمال الأخير. والوجه: الحمل على كلا المعنيين، فيكون الأمر بترك أذاهم صادقا بالإعراض عما يؤذون به النبيء ﷺ من أقوالهم وصادقا
بالكف عن الإضرار بهم، أي أن يترفع النبيء ﷺ عن مؤاخذتهم على ما يصدر منهم في شأنه، وهذا إعراض عن أذى خاص لا عموم له، فهو بمنزلة المعرف بلام العهد، فليست آيات القتال بناسخة له) ا.هــ
.
- وذهب الزمخشري إلى احتمال المعنيين، ألا أنه قال بنسخ الآية بآية السيف، واستدل بما روي عن ابن عباس.
- وذهب أبو حيان إلى إضافة المصدر إلى مفعوله.


تطبيقات الدرس التاسع
بيّن أغراض الحذف والذكر في في الآيات التاليات:

1:قول الله تعالى: { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}
- من المفسرين من ذهب إلى تعيين المتعلق المحذوف، قال أبو السعود: ((وأحسنوا)؛ أي: أعمالكم؛ وأخلاقكم) ا.هــ.
- وقال الرازي: (قوله
: (وأحسنوا) فيه وجوه: أحدها: قال الأصم: أحسنوا في فرائض الله.
وثانيها: وأحسنوا في الإنفاق على من تلزمكم مؤنته ونفقته، والمقصود منه أن يكون ذلك الإنفاق وسطا فلا تسرفوا ولا تقتروا، وهذا هو الأقرب لاتصاله بما قبله ويمكن حمل الآية على جميع الوجوه). ا.هــ.
- وقال ابن عاشور: (وفي حذف متعلق ”أحسنوا“ تنبيه على أن الإحسان مطلوب في كل حال ويؤيده قوله ﷺ في الحديث الصحيح: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء).
- فحذف متعلق الإحسان أفاد العموم، وبعض المفسرين قدر المتعلق بما ناسب السياق، ولعل المعنى أوسع من ذلك، وعبارة ابن عاشور عبرت عن ذلك العموم بأخصر عبارة.

2:قول الله تعالى: { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}
- ورد في قول الله تعالى: (ليضلون) قراءتان، إحداهما بضم الياء، كما قرأها أهل الكوفة، والأخرى بفتح الياء كما قرأها الباقون.
- قال ابن خالويه في إعراب القراءات السبع: (فمن فتح الياء جعل الفعل لهم، وشاهده قوله تعالى: (قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا)،ومن ضم الياء فتقديره: ليضلون غيرهم، وكأنه أبلغ؛ لأن كل من
أضل غيره وكذب غيره فقد كذب هو وضل. والدليل على ذلك اتفاق القراء على قوله:
(ليضل الناس) لأنه قد أضل غيره). ا.هــ.

- واختار ابن جرير الطبري قراءة الضم، وقال: (بمعنى: أنهم يضلون غيرهم، وذلك أن الله جل ثناؤه أخبرَ نبيه ﷺ عن إضلالهم من تبعهم، ونهاه عن طاعتهم واتباعهم إلى ما يدعونه إليه، فقال:
(
وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عن سَبِيلِ اللَّهِ)، ثم أخبر أصحابه عنهم بمثل الذي أخبره عنهم، ونهاهم من قبول قولهم عن مثل الذي نهاه عنه، فقال لهم: وإن كثيرًا منهم ليضلونكم بأهوائهم
بغير علم
= نظيرَ الذي قال لنبيه ﷺ: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) .
- قال ابن عاشور: (وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب: (ليضلون) - بفتح الياء - على أنهم ضالون في أنفسهم، وقرأه عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف: بضم الياء على معنى
أنهم يضللون الناس، والمعنى واحد؛ لأن الضال من شأنه أن يضل غيره، ولأن المضل لا يكون في الغالب إلا ضالا، إلا إذا قصد التغرير بغيره، والمقصود التحذير منهم وذلك حاصل على القراءتين)
.
- فحذف المفعول على قراءة الضم أفاد العموم، فهم يضلون في أنفسهم، ويضلون غيرهم، فانظر ما أحدثته القراءة فشملت معنى القراءة الأخرى وزيادة.




تطبيقات الدرس العاشر:
بيّن أغراض التقديم والتأخير في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18})

- الأصل في الكلام الابتداء بالمبتدأ يعقبه الخبر، وهذا ما وقع في الجملة الثانية من الآية: (والذين لم يستجيبوا ... )، أما الجملة الأولى فوقع فيها تقديم الخبر على المبتدأ وهو في سياق جزاء أهل الإيمان،
- قال ابن عاشور: (وتقديم المسند في قوله:(للذين استجابوا لربهم الحسنى) لأنه الأهم؛ لأن الغرض التنويه بشأن الذين استجابوا مع جعل الحسنى في مرتبة المسند إليه، وفي ذلك تنويه بها أيضا،
وأما الخبر عن وعيد الذين لم يستجيبوا فقد أجري على أصل نظم الكلام في التقديم والتأخير لقلة الاكتراث بهم.
( ا.هــ.
- وقال أبو حيان: ( فـ (الحسنى) مبتدأ، وخبره في قوله: (للذين)، (والذين لم يستجيبوا) مبتدأ، خبره ما بعده. وغاير بين جملتي الابتداء لما يدل عليه تقديم الجار والمجرور في الاعتناء والاهتمام) ا.هــ.
- وفيه إفادة اختصاصهم بذلك الجزاء العظيم، فهم وحدهم لهم الحسنى لا لغيرهم، وفيه بيان لفضيلتهم كونهم استجابوا لربهم وانقادوا لأمره.
- وأرى إفادة أخرى في تقديم الخبر، وهو التشويق، فكأنك تستمع لقوله تعالى: (لذين استجابوا لربهم) ألا يقع في نفسك التلهف لمعرفة ما لهم؟ فإن سمعت قوله تعالى: (الحسنى)،ألا يزيد ذلك التلهف ؟
ويبث في نفسك الرغبة أن تكون من هؤلاء، فتنال التشريف والاختصاص بذلك الجزاء العظيم.


2:
قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72})
- في قول الله تعالى: (قل إن هدى الله هو الهدى) تقديم للخبر، والأصل إن الهدى هو هدى الله، فأفاد التقديم الحصر، فجعل الهدى النافع الذي به الفوز والسعادة، هو هدى الله لا سواه، فما عداه ضلال.
- ثم جاء تقديم (وأن أقيموا الصلاة) على الأمر بالتقوى، ووذلك للاهتمام بها، وإلا فهى من جملة تقوى الله، وكثيرا ما تفرد الصلاة بالذكر رغم كونها من جملة العبادات بل هى أجل العبادات وأعظمها إن جاء الأمر بالتقوى والإنابة أو غير ذلك من ألفاظ تشمل العبادات والطاعات، فتخصص الصلاة بالذكر في مواضع تأكيدا على أهميتها.

- وانظر في قوله تعالى: (وهو الذي إليه تحشرون)، قال الألوسي: (وتقديم المعمول لإفادة الحصر مع رعاية الفواصل أي إليه سبحانه لا إلى غيره تحشرون يوم القيامة) ا.هــ.
- فحصر الحشر إليه وحده، فمتى استقر في القلب ذلك المعنى، تيسر للعبد لزوم التقوى.

الحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 صفر 1443هـ/6-10-2021م, 11:53 AM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنشاد راجح مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الثاني من مقرر أصول التفسير البياني

اختر تطبيقين من كلّ درس وأدّها:

تطبيقات الدرس السادس:
بيّن دلالة معاني الحروف في الآيات التاليات:
1: معنى "من" في قول الله تعالى: {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم}

- قبل الشروع في بيان معنى (من) في الآية الكريمة، لابد من توضيح بعض المسائل ليكون القارئ على بينة من التفصيل الذي سيأتي في معنى (من).
- المراد بالسبع المثاني: ورد في صحيح الأدلة أن المراد بها سورة الفاتحة، كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أم القرآن هى: السبع المثاني والقرآن العظيم). رواه البخاري.
وقيل أن المراد بها السبع السور الطوال، التي بدأ بهن المصحف بعد الفاتحة، واختلف في بعضها.
- معنى المثاني: على القول بأن السبع المثاني هن آيات الفاتحة، فقيل لها المثاني لأنها تكرر في كل ركعة، وقيل لأنها تثنى مع كل سورة، وقيل لاشتمالها على الثناء على الله ففيها حمده وتوحيده، وقيل لأن الله استثناها
لرسوله صلى الله علي وسلم فلم يؤتها أحدا قبله، وغير ذلك من أقوال.
- وعلى القول بأن السبع المثاني هن السور الطوال، فقيل لهن المثاني، لاشتمالهما على الأمر والنهي والوعد والوعيد وتكرارا الأمثال والقصص.
- والقرآن بهذا الاعتبار كله مثاني
كما جاء في قول الله تعالى: (الله نزل أحسن ٱلحدیث كتـٰبا متشـٰبها مثانی تقشعر منه جلود ٱلذین یخشون ربهم ..) الآية.

- ولسنا في محل ترجيح هنا بالمراد بالسبع المثاني، وقد ذهب بعض المفسرون أن الأصح هنا تفسيرها بسورة الفاتحة كما قال ابن جرير وابن كثير وابن عاشور لورود النص الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

- ومعنى (من) فيها قولان:
- الأول: أنها للتبعيض، والمعنى: أتيناك سبعا من آيات القرآن، وهى الفاتحة فهى مثاني
يثنى بها على الله، وذلك باعتبار أن القرآن كله مثاني.
- وعلى من قال أن المراد بــ (سبعا من المثاني): السبع سور الطوال، فيكون ذلك من باب عطف العام (والقرآن العظيم) على الخاص (سبعا من المثاني).
ذكره الزجاج، والبيضاوي وابن عطية وأبو السعود وابن عاشور.

- الثاني: للبيان، والمعنى: أتيناك سبعا هى المثاني، وتكون (من) صفة، أي وصفا لآيات الفاتحة السبع بأنها مثان.
وهو كقول لله تعالى: (اجتنبوا الرجس من الأوثان)،أي اجتنبوا الأوثان.
- ذكره الزجاج وابن عطية، وأبو السعود وغيرهم.
- والزمخشري جعل هذا القول خاصا بالسور السبع أو الأسباع لا بسورة الفاتحة.



2: معنى "ما" في قول الله تعالى: {فما أصبرهم على النار}

- قيل في معنى (ما) قولان:
الأول: أنها للتعجب، والمعنى: تعجب من حالهم إذ فرطوا في الهدى ليبقوا على الضلال، فما أجرأهم على هذا الفعل الذي يبعدهم عن الجنة ويقربهم إلى النار، فهم أهل أن يُتعجب منهم،
ونظير هذا قول الله تعالى: (قتل الإنسان ما أكفره) أي: ما أشد كفره.
- وهذا المعنى ذكره عدد من السلف فيما رواه عنهم ابن جرير الطبري، كقتادة والحسن، والربيع ومجاهد وغيرهم.


الثاني: أنها للاستفهام، والمعنى: ما الذي جعلهم يصبرون على الباطل وتبعاته وأشد تلك التبعات نار جهنم.
قاله مجاهد والسدي وعطاء وابن زيد.
- ومعنى أصبرهم في اللغة: (أمرهم بالصبر) وكذلك: (جعلهم ذوي صبر) وكلا المعنيين يناسب أن (ما) بمعنى الاستفهام.


-واختار ابن جرير أنها بمعنى التعجب، وهو قول جمهور المفسرين كما ذكر ابن عطية وقال أنه أظهر من الاستفهام،
بينما ذهب المبرد إلى كونها من الاستفهام لا التعجب، وأن لفظة: (اصبر) بمعنى: اضطر وحبس.

تطبيقات الدرس السابع:
بيّن دلالات الجمل الاسمية والفعلية في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167})

- قال الله تعالى: (كذلك يريهم الله أعمالاهم حسرات عليهم):
- فاستعمال الفعل المضارع هنا يدل على تجدد الرؤية وتكرر حدوثها، وهو من أنواع العذاب الذي يصيب الكافرين في النار أن يجدد لهم العذاب، وهو كقول الله تعالى: (إن الذين كفروا بآياتنا
سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما)
- قال أبو السعود:
)والمعنى أن أعمالهم تنقلب حسرات عليهم، فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم.( ا.هــ.
- وقال ابن عاشور أن الرؤية هنا بصرية، والمراد عواقب أعمالهم الشنيعة، لانقضاء الأعمال وذهاب زمانها.

- وقوله تعالى: (وما هم بخارجين من النار):
- قال أبو السعود: (والأصل (وما يخرجون)، والعدول إلى الاسمية لإفادة دوام نفي الخروج..) ا.هـ.
- وقال ابن عاشور أن ذلك دال على أن هذا الحكم ثابت وأنه من صفاتهم.
- وإذا جمعنا بين الجملتين أفاد ما يكمل به مشهد عذابهم، فهم في النار ماكثون لا خروج لهم منها، يتجدد عذابهم فيها برؤية عاقبة أعمالهم حسرات تقطع قلوبهم كمدا.
نسأل الله العافية.


الآية مليئة بالأقغال وغيرها
2: قول الله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)}

- في تلك الآية الكريمة لطائف بيانية لولا التزامنا بالمطلوب لأشرنا إليها، ولتوسعنا فيها من جمال النظم وحسن النسق، ومن تلك اللطائف التعبير بالفعل عن معرفة يوسف عليه السلام لأخوته حين
دخلوا عليه سألين الميرة، والتعبير عن عدم تعرفهم عليه بصيغة الاسم.
- قال ابن عاشور:
(ووقع الإخبار عنهم بالجملة الاسمية للدلالة على أن عدم معرفتهم به أمر ثابت متمكن منهم كان الإخبار عن معرفته إياهم بالجملة الفعلية المفيدة للتجدد للدلالة على أن معرفته إياهم
حصلت بحدثان رؤيته إياهم دون توسم وتأمل
.) ا.هــ.
-وقال أبو السعود: (وحيث كان إنكارهم له أمرا مستمرا في حالتي المحضر والمغيب أخبر عنه بالجملة الاسمية بخلاف عرفانه - عليه السلام - إياهم
.) ا.هــ.
- أما إنكاره لهم ، فذلك لأمور ذكرها الزمخشري، منها: لطول العهد، ولمفارقته لهم في سن الحداثة، ولاعتقادهم أنه هلك، ولغيابه عن ذهنهم لقلة اهتمامهم به، وللحالة التي كان بلغها في السلطان،
ولما كان عليه من ثياب وهيئة أبعدت عن مخيلتهم ما بقي في أذهانهم من صورة يوسف حين ألقوه في البئر وكان ذلك المشهد الأخير بينهم، فسواء قربت المسافة بينهم أو بعدت حين أتوه يسألونه الميرة،
وسواء تمكن لهم التشبيه عليه أم لا، فهم له منكرون.
- أما معرفة يوسف لهم فالتعبير عنها جاء بالفعل مسبوقا بالفاء الدالة على معرفته بهم فور دخلوه عليهم إما لهيئتهم التي كانوا عليها، وإما لأمر آخر، وفي ذلك حكمة جليلة أظهرها مآل تلك القصة العظيمة.
نفس التعليق السابق
تطبيقات الدرس الثامن:
بيّن معاني الإضافات في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {وبعهد الله أوفوا}
- جاء في الآية جملة من الأوامر العظيمة منها الإيفاء بالعهد، في نظم بديع أضاف معان إلى المعاني، وحملت الألفاظ دلالات أثرت المتأمل، فجاء العهد معرفا بالإضافة إلى الله عز وجل، وفي ذلك من التشريف
والتكريم، حيث أضيف العهد إلى الله، وهى إضافة خاصة، كما في قول الله تعالى: ( ..قد جاءتكم بینة من ربكم هـذه ناقة ٱلله لكم ءایة ) فكان ذلك تشريفا للناقة، قال أبو السعود: (وإضافة الناقة إلى الاسم الجليل لتعظيمها). ا.هــ.
وقال أبو حيان: (وأضافها إلى الله تشريفا وتخصيصا). ا.هــ.
فعلى ذلك القياس.

وأفاد قوله تعالى: (عهد الله) الاهتمام به وتقديمه على غيره من العهود، إذ هو عهد الله، الواجب القيام به على أتم وجه.

- وما أحسن ما قاله ابن عاشور، قال: (وعهد الله المأمور بالإيفاء به هو كل عهد فيه معنى الانتساب إلى الله الذي اقتضته الإضافة، إذ الإضافة هنا يصح أن تكون:
- إضافة المصدر إلى الفاعل، أي ما عهد الله به إليكم من الشرائع.
- ويصح أن تكون إلى مفعوله، أي ما عاهدتم الله أن تفعلوه والتزمتموه وتقلدتموه.
- ويصح أن تكون الإضافة لأدنى ملابسة، أي العهد الذي أمر الله بحفظه، وحذر من ختره، وهو العهود التي تنعقد بين الناس بعضهم مع بعض سواء كان بين القبائل أم كان بين الآحاد،
ولأجل مراعاة
هذه المعاني الناشئة عن صلاحية الإضافة لإفادتها عدل إلى طريق إسناد اسم العهد إلى اسم الجلالة بطريق الإضافة دون طريق الفعل، بأن يقال
: وبما عاهدتم الله عليه، أو نحو ذلك ما لا يحتمل إلا معنى واحدا.) ا.هــ.
قال السمين الحلبي : (وأن تكون الإِضافة لمجرد البيان أضيف إلى الله من حيث إنه الآمرُ بحفظه، والمراد به العهد الواقع بين الآيتين).
- وأشار فخر الدين الرازي إلى شمول العهد وعمومه فقال: (وهذا من خفيات الأمور؛ لأن الرجل قد يحلف مع نفسه، فيكون ذلك الحلف خفيا، ويكون بره وحنثه أيضا خفيا).


2: قول الله تعالى: {ودع أذاهم وتوكل على الله}

- إضافة (أذى) إلى الضمير(هم) جعل اللفظ يحتمل معنيين كلاهما صحيح.
- الأول باعتبار إضافة المصدر إلى مفعوله، والمعنى دع أذيتهم وأعرض عن ذلك، وهنا الفعل (دع) مستعملا في حقيقته.
-والثاني إضافة المصدر إلى فاعله، والمعنى دع أذيتهم ولا تكترث بقولهم الذي يؤذونك به، وهنا الفعل (دع) مستعملا في مجازه.
- قال ابن عاشور: (وأكثر المفسرين اقتصروا على هذا الاحتمال الأخير. والوجه: الحمل على كلا المعنيين، فيكون الأمر بترك أذاهم صادقا بالإعراض عما يؤذون به النبيء ﷺ من أقوالهم وصادقا
بالكف عن الإضرار بهم، أي أن يترفع النبيء ﷺ عن مؤاخذتهم على ما يصدر منهم في شأنه، وهذا إعراض عن أذى خاص لا عموم له، فهو بمنزلة المعرف بلام العهد، فليست آيات القتال بناسخة له) ا.هــ
.
- وذهب الزمخشري إلى احتمال المعنيين، ألا أنه قال بنسخ الآية بآية السيف، واستدل بما روي عن ابن عباس.
- وذهب أبو حيان إلى إضافة المصدر إلى مفعوله.


تطبيقات الدرس التاسع
بيّن أغراض الحذف والذكر في في الآيات التاليات:

1:قول الله تعالى: { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}
- من المفسرين من ذهب إلى تعيين المتعلق المحذوف، قال أبو السعود: ((وأحسنوا)؛ أي: أعمالكم؛ وأخلاقكم) ا.هــ.
- وقال الرازي: (قوله
: (وأحسنوا) فيه وجوه: أحدها: قال الأصم: أحسنوا في فرائض الله.
وثانيها: وأحسنوا في الإنفاق على من تلزمكم مؤنته ونفقته، والمقصود منه أن يكون ذلك الإنفاق وسطا فلا تسرفوا ولا تقتروا، وهذا هو الأقرب لاتصاله بما قبله ويمكن حمل الآية على جميع الوجوه). ا.هــ.
- وقال ابن عاشور: (وفي حذف متعلق ”أحسنوا“ تنبيه على أن الإحسان مطلوب في كل حال ويؤيده قوله ﷺ في الحديث الصحيح: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء).
- فحذف متعلق الإحسان أفاد العموم، وبعض المفسرين قدر المتعلق بما ناسب السياق، ولعل المعنى أوسع من ذلك، وعبارة ابن عاشور عبرت عن ذلك العموم بأخصر عبارة.

2:قول الله تعالى: { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}
- ورد في قول الله تعالى: (ليضلون) قراءتان، إحداهما بضم الياء، كما قرأها أهل الكوفة، والأخرى بفتح الياء كما قرأها الباقون.
- قال ابن خالويه في إعراب القراءات السبع: (فمن فتح الياء جعل الفعل لهم، وشاهده قوله تعالى: (قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا)،ومن ضم الياء فتقديره: ليضلون غيرهم، وكأنه أبلغ؛ لأن كل من
أضل غيره وكذب غيره فقد كذب هو وضل. والدليل على ذلك اتفاق القراء على قوله:
(ليضل الناس) لأنه قد أضل غيره). ا.هــ.

- واختار ابن جرير الطبري قراءة الضم، وقال: (بمعنى: أنهم يضلون غيرهم، وذلك أن الله جل ثناؤه أخبرَ نبيه ﷺ عن إضلالهم من تبعهم، ونهاه عن طاعتهم واتباعهم إلى ما يدعونه إليه، فقال:
(
وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عن سَبِيلِ اللَّهِ)، ثم أخبر أصحابه عنهم بمثل الذي أخبره عنهم، ونهاهم من قبول قولهم عن مثل الذي نهاه عنه، فقال لهم: وإن كثيرًا منهم ليضلونكم بأهوائهم
بغير علم
= نظيرَ الذي قال لنبيه ﷺ: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) .
- قال ابن عاشور: (وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب: (ليضلون) - بفتح الياء - على أنهم ضالون في أنفسهم، وقرأه عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف: بضم الياء على معنى
أنهم يضللون الناس، والمعنى واحد؛ لأن الضال من شأنه أن يضل غيره، ولأن المضل لا يكون في الغالب إلا ضالا، إلا إذا قصد التغرير بغيره، والمقصود التحذير منهم وذلك حاصل على القراءتين)
.
- فحذف المفعول على قراءة الضم أفاد العموم، فهم يضلون في أنفسهم، ويضلون غيرهم، فانظر ما أحدثته القراءة فشملت معنى القراءة الأخرى وزيادة.




تطبيقات الدرس العاشر:
بيّن أغراض التقديم والتأخير في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18})

- الأصل في الكلام الابتداء بالمبتدأ يعقبه الخبر، وهذا ما وقع في الجملة الثانية من الآية: (والذين لم يستجيبوا ... )، أما الجملة الأولى فوقع فيها تقديم الخبر على المبتدأ وهو في سياق جزاء أهل الإيمان،
- قال ابن عاشور: (وتقديم المسند في قوله:(للذين استجابوا لربهم الحسنى) لأنه الأهم؛ لأن الغرض التنويه بشأن الذين استجابوا مع جعل الحسنى في مرتبة المسند إليه، وفي ذلك تنويه بها أيضا،
وأما الخبر عن وعيد الذين لم يستجيبوا فقد أجري على أصل نظم الكلام في التقديم والتأخير لقلة الاكتراث بهم.
( ا.هــ.
- وقال أبو حيان: ( فـ (الحسنى) مبتدأ، وخبره في قوله: (للذين)، (والذين لم يستجيبوا) مبتدأ، خبره ما بعده. وغاير بين جملتي الابتداء لما يدل عليه تقديم الجار والمجرور في الاعتناء والاهتمام) ا.هــ.
- وفيه إفادة اختصاصهم بذلك الجزاء العظيم، فهم وحدهم لهم الحسنى لا لغيرهم، وفيه بيان لفضيلتهم كونهم استجابوا لربهم وانقادوا لأمره.
- وأرى إفادة أخرى في تقديم الخبر، وهو التشويق، فكأنك تستمع لقوله تعالى: (لذين استجابوا لربهم) ألا يقع في نفسك التلهف لمعرفة ما لهم؟ فإن سمعت قوله تعالى: (الحسنى)،ألا يزيد ذلك التلهف ؟
ويبث في نفسك الرغبة أن تكون من هؤلاء، فتنال التشريف والاختصاص بذلك الجزاء العظيم.


2:
قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72})
- في قول الله تعالى: (قل إن هدى الله هو الهدى) تقديم للخبر، والأصل إن الهدى هو هدى الله، فأفاد التقديم الحصر، فجعل الهدى النافع الذي به الفوز والسعادة، هو هدى الله لا سواه، فما عداه ضلال.
- ثم جاء تقديم (وأن أقيموا الصلاة) على الأمر بالتقوى، ووذلك للاهتمام بها، وإلا فهى من جملة تقوى الله، وكثيرا ما تفرد الصلاة بالذكر رغم كونها من جملة العبادات بل هى أجل العبادات وأعظمها إن جاء الأمر بالتقوى والإنابة أو غير ذلك من ألفاظ تشمل العبادات والطاعات، فتخصص الصلاة بالذكر في مواضع تأكيدا على أهميتها.

- وانظر في قوله تعالى: (وهو الذي إليه تحشرون)، قال الألوسي: (وتقديم المعمول لإفادة الحصر مع رعاية الفواصل أي إليه سبحانه لا إلى غيره تحشرون يوم القيامة) ا.هــ.
- فحصر الحشر إليه وحده، فمتى استقر في القلب ذلك المعنى، تيسر للعبد لزوم التقوى.

الحمد لله رب العالمين
أحسنت نقغ الله بك
ب+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, التاسع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir