دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 10:18 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تابع شرح المفضليات لابن الأنباري

28: ونميمة من قانص متلبب.......في كفه جشء أجش وأقطع
قال الضبي: يعني (نميمة القانص) أي ما نم عليه من حركة أو رائحة دسم استروحتها الحمير: ويقال (النميمة) ههنا صوت الوتر. وروى ابن الأعرابي: وهماهما من قانص: والأصمعي رد هذه الرواية وقال: (القانص) أشد حذرا من أن يهمهم وأنشد قول رؤبة في وصف القانص:
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق.......سرا وقد أون تأوين العقق
العقق: جمع عقوق وهي الحامل: وأون امتلأن ريا من الماء حتى خرجت خواصرهن:

في الزرب لو يمضغ شريا ما بصق

والشري الحنظل: وأنشد قول الراجز:
وصاحب لا يشتكي الإعوازا.......غمزت أم رأسه فرازا.......أسهمه ثم غدا ممازا
يريد أنه لما رأى الصيد كره أن يتكلم فغمز رأس صاحبه يؤذنه بالصيد. وقوله فرازا أي راز أسهمه تخبرها. وأنشد في مثل ذلك لزهير:
فينا نبغي الصيد جاء غلامنا.......يدب ويخفي شخصه ويضائله
و(الجشء): القضيب الخفيف من النبع تعمل منه القوس. و(الأجش): الذي في صوته جشة كالجشة في حلق الإنسان. (وأقطع) جمع قطع والجمع الكثير القطاع وهو النصل العريض القصير: والمعابل السهام العراض النصول: وأنشدني الضبي:
لها عكن ترد النبل خنسا.......وتهزاء بالمعابل والقطاع
يصف فرسا. والمتلبب المتحزم بثوبه: وقال أبو عمرو: هو المتقلد كنانته: وفي هذا الموضع هو المتسلح غير الضبي: جعله أجش يقول ليس بصوت دقيق ولكنه بمنزلة الجشة في الحلق وهو الغلظ كالبحة: والقطع نصل بين النصلين.
29: فنكرنه ونفرن وامترست به.......سطعاء هادية وهاد جرشع
قال الضبي: أي نكرت الحمير النميمة والصوت. وقال الأصمعي: (الإمتراس): الدنو واللزوق يقال مرس فلانا بفلان إذا لزق به وتمارس الرجلان في الصراع و(الإمراس) أن يخرج الحبل إذا مرس وهو وقوعه بين القعو وخد البكرة: قال الحطيئة:
وقد مدحتكم عمدا لأرشدكم.......كيما يكون لكم متحي وإمراسي
وقال الراجز:
درنا ودارت بكرة نخيس.......لا كرة المجرى ولا مروس
و(الهادية) المتقدمة ومن هذا سميت الأعناق الهوادي و(هوادي) كل شيء أوائله: ومنه قول الآخر:
إذا لم يجتزر لبنيه لحما.......غريضا من هوادي الوحش جاعوا
غير الضبي: فنكرنه يعني الحمير نكرن الصائد. (وامترست به) أي صارت هذه الأتان صاحبة الفحل تلازمه. وبه الهاء للحمار. ويروى هوجاء: أي فيها هوج من سرعتها: و(سطعاء) رواية أبي عبيدة: أي: امترست هذه الأتان بالفحل تكاده وتحكك به وتسير معه والمعنى امترست به أتان سطعاء هادية وهو هاد جرشع وامترس هو أيضًا بها كما امترست به.
30: فرمى فأنفذ من نجود عائط.......سهما فخر وريشه متصمع
وقال الضبي: أي رمى الصائد أتانا نجودا وهي العبلة المشرفة أخذت من النجد وهو ما أشرف من الأرض ومنه سميت بلاد نجد لارتفاعها ومنه قيل رجل نجد إذا كان عالي الأخلاق شريفها. ويروى: من نحوص عائط: وجمع النحوص نحص وهي الحائل. و(العائط): التي اعتاطت رحمها فبقيت أعواما لا تحمل قال الأسعر الجعفي:
فمنحت رمحي عائط مبسورة.......كوماء أطراف العضاه لها خلا
قال أبو عبيدة: (العائط) التي لم تحمل سنتها وجمعها عيط وعيط وعوائط. و(متصمع) منضم من الدم كالأذن الصمعاء وهي الصغيرة المنضمة: ومنه سميت الصومعة وهي فوعلة منه لأنها منضمة: وإنما جعله متصمعا لأنه انضم من الدم: ومنه قيل بعرات متصمعات أي عطاش ملتزقات أي فيهن صمع. وقيل (النجود) المتقدمة الجريئة الطويلة من الأرض وهو قول الأصمعي.
31: فبدا له أقراب هذا رائغا.......عجلا فعيث في الكنانة يرجع
قال الضبي: (أقراب) جمع قرب: وإنما بدا له قرب واحد فجمعه بما حوله: و(بدا) ظهر كقول ذي الرمة:
براقة الجيد واللبات واضحة.......كأنها ظبية أفضى بها لبب
و(رائغا) عادلا. و(عيث في الكنانة) أي أدخل يده فيها يأخذ سهما: وقال الأصمعي: عيث طلب: ويقال عيث مد يده إلى كنانته: ومنه قولهم عاث في الأرض إذا مد يده فيها إلى فساد يعيث: وعثى يعثى: ومنه قوله جل وعز: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}: ومنه قول الشاعر:
فعيث في السنام غداة قر.......بسكين موثقة النصاب
أي مد يده فيه بما أفسده. ويقال أرجع يرجع إذا مد يده إلى خلفه: وقال الأصمعي: إذا مد يده إلى شيء يطلبه قيل قد أرجع: فإذا انصرف بجسده كله قيل قد رجع بغير ألف. وقال غير الضبي: فبدا له الهاء للصائد أي ظهر له أقراب هذا الحمار أي خواصره حين راغ: فعيث الصائد بيده إلى كنانته أي أهوى بها ليأخذ سهما: ومنه عاث الذئب في الغنم إذا مد يده فأخذ شاة. وكذلك يرجع يقال أرجع بيده إلى كنانته فأخذ منها سهما. ويقال الأقراب الخواصر وما بينها واحدها قرب. وعيث في الكنانة أدخل يده فيها يختار سهما آخر. وقيل إن يرجع لغة هذيل يقولون رجعت الشيء وأرجعته. ويروى: فبدا له أقراب هذا رائغًا * عنه: يريد حمارا آخر يقول لما أصاب هذا بدا له آخر فرد يده إلى كنانته ليأخذ سهما آخر وقيل الأقراب ما فوق الخواصر والآباط. والعرب تقول: لأوجعن قربيك أي خاصرتيك إلى الإبط منك.
32: فرمى فألحق صاعديا مطحرا.......بالكشح فاشتملت عليه الأضلع
قال الضبي: (الصاعدي) منسوب إلى قرية باليمن يقال لها صعدة عن ابن الأعرابي. و(المطحر): السهم البعيد الذهاب يقال طحره عنه طحرا إذا أبعده عنه: ومنه قول طرفة وهو يذكر عيني ناقته:
طحوران عوار القذى فتراهما.......كمكحولتي مذعورة أم فرقد
و(المطحر) الذي قد ألزق قذذه: فيقال قد أطحرت ختانه الصبي إذا استقصي فيها. وقوله (فاشتملت عليه) أي اشتملت الضلوع على السهم: وإنما رمى الكشح لحذقه بالرمي لأنه ليس بينه وبين الجوف عظم يرد السهم: كما قال الأعشى:
قد نخضب العير في مكنون فائله.......وقد يشيط على أرماحنا البطل
وقال الأصمعي: القانص الحاذق بالرمي إذا رمى يتعمد الخربة وهي نقرة في الورك ليس بينها وبين الجوف عظم وكذلك الطاعن يتعمد ذلك الموضع ولذلك فخر به الأعشى يقول إنا بصراء بالطعن. والفائل: عرق يخرج من الجوف في الخربة فيجري في الفخذ: ومكنون الفائل دمه فأراد من الدم المكنون في ذلك الموضع وقال غير الضبي: يروى مطحرا ومطحرا: فمن كسر الميم أراد البعيد الذهاب: ومن ضم الميم أراد الذي ألزقت قذذه أي ريشه أدقت جدا: قال: وكذلك أطحرت ختانته إذا أخذت جدا. قال: واشتملت عليه أي على السهم أي: التحفت عليه: ومعناه تغيب فيها السهم: ويقال أطحرت السهم وطحر هو وسهم طاحر نافذ: وهذه لغتهم: وكان الأصمعي يقول المطحر الذي قد ألزقت قذذه: قال: والصاعدي المرهف: ولا أدري إلى من نسبه.
33: فأبدهن حتوفهن فهارب.......بذمائه أو بارك متجعجع
(أبدهن حتوفهن) أعطى كل واحدة منهن حتفها على حدة لم يقتل اثنين بسهم واحد ولم يقتل واحدا ويدع واحدا: ويقال أبد الخليفة الناس أعطياتهم أي أعطى كل واحد منهم على حدته ويروى أن أعرابيا دعى على قوم فقال: اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبقى منهم أحدا لا والدا ولا ولدا: ويقال أبدت القوم السؤال إذا سألت كل واحد منهم على حدته: وأنشد أبو عبيدة:
قلت من أنت يا ظعين فقالت.......أمبد سؤالك العالمينا
أي أتسأل كل انسان على حدته. و(الذماء) بقية النفس. و(المتجعجع) الساقط المتضرب. ويروى: بدمائه رواه أبو عمرو. وقال غير أبي عكرمة في روايته: فطالع بذمائه: أي: مشرف ببقية نفسه وحشاشتها. ويروى أو ساقط متجعجع: والجعجاع المحبس: ومنه قول الآخر:
من يذق الحرب يجد طعمها.......مرا وتحبسه بجعجاع
34: يعثرن في حد الظبات كأنما.......كسيت برود بني تزيد الأذرع
قال الضبي: أي تعثر الحمير (في حد الظبات): وهي جمع ظبة وهي حد النصل أي يعثرن والسهام فيهن كقولك صلى فلان في سيفه أي: وعليه سيفه. وقال أبو عبيدة: يعثرن في حد الظبات من كثرتهن كما قال: والخيل تعثر في القنا المتحطم. وروى الأصمعي: يعثرن في علق النجيع: والعلق قطع الدم. والنجيع الطري. و(تزيد) ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ينسب إليهم البرود التزيدية وقال ابن الأعرابي: تزيد وعريد وعريب ومهرة وجنادة بنو حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وروى أبو عبيدة: برود أبي يزيد: قال: وكان تاجرا يبيع العصب بمكة: شبه طرائق الدم على أذرعها بطرائق في تلك البرود لأن فيها حمرة. وقال غير الضبي: الظبة طرف النصل وحده. وقال: تزيد من قضاعة: وأبى ذلك الأصمعي: والناس يروونه بني يزيد.
35: والدهر لا يبقى على حدثانه.......شبب أفزته الكلاب مروع
قال الضبي: (الشبب) والشبوب والمشب المسن من الثيران: وقال أبو عبيدة: هو الذي انتهى شبابه بمنزلة البازل من الإبل والقارح من الخيل والصالغ من الغنم. و(أفزته) طردته: قال الشاعر:
أفز عن قمر محملجات.......توالب الأبناء والبنات
يصف حمارا يطرد ذكور أولاده عن أمهاتها: يقال: إنه لأغير من حمار: قال الشاعر:
لو أبصرتني أخت جيراننا.......إذ أنا في الحي كأني حمار
إذ أحمل الوطب على آلة.......تحلب لي فيها اللجاب الغزار
ومن غيرة الحمار أنه ربما جب ذكور ولده. ويروى: مفزع.
36: شعف الكلاب الضاريات فؤاده.......فإذا رأى الصبح المصدق يفزع
قال الأصمعي: كل شيء ذهب بالفؤاد من خير أو شر شاعف: وأنشد لامرئ القيس:
ليقتلني وقد شعفت فؤادها.......كما شعف المهنوءة الرجل الطالي
و(الصبح المصدق) المضيء: يقال صبح صادق وصبح كاذب: وإنما يفزع الثور عند الصبح لأن الصياد يباكرونه بالكلاب.
37: ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه.......قطر وراحته بليل زعزع
قال الضبي: يقال عاذ به (يعوذ) عوذا ولاذ به يلوذ لوذا ولاوذه لواذا إذا لجأ إليه. و(الأرطى) شجر يعتاده البقر. و(شفه) آذاه وجهده. و(البليل) الريح الباردة. و(الزعزع) الشديدة التي تزعزع الشجر والأبنية لشدة هبوبها. وقال غير الضبي: (يعوذ) يعني الثور بالأرطى ليمتنع بها وعاذ ولاذ واحد أي لجأ. و(شفه) جهده. (وراحته) أي: أصابته ريح بليل أي شمال باردة تنضح الماء. و(زعزع) شديدة تحرك كل شيء. وروى أبو عبيدة: (ورائحة بليل). (وراحته) من الريح: ومنه قول صخر الغي الهذلي:
وماء وردت على زورة.......كمشي السبنتى يراح الشفيفا
ويقال غصن مروح إذا كانت الريح تصيبه. ويروى: ويلوذ بالأرطى ويقال يلوذ يستتر. و(شفه) شق عليه وبرح به. و(البليل الريح) التي كأنها تنضح الماء من بردها.
38: يرمي بعينيه الغيوب وطرفه.......مغض يصدق طرفه ما يسمع
قال الضبي: (الغيوب) جمع غيب وهو المكان المطمئن: فالثور يرمي بطرفه إلى الغيوب لما يأتيه منها. و(المغضي) الذي له بين كل نظرتين إغضاء وكذلك الثور وهو أقوى لبصره. وقوله (يصدق طرفه ما يسمع) يقول إذا سمع شيئا رمى ببصره فصار ذلك تصديقا له: يريد أنه لا يغفل عما يسمع. وروى أبو جعفر أحمد بن عبيد: (طرفه) نصبا وجعل ما فاعلة: وقال: الوحش أنفها أصدق عندها من سمعها وبصرها وسمعها أصدق عندها من نظرها والغيوب التي لا ترى ما وراءها: فيقول ينظر إلى الغيوب خوفا أن يأتيه منها ما يخاف ويحذر: وله إغضاء فيما بين نظره وقتا بعد وقت.
39: فغدا يشرق متنه فبدا له.......أولى سوابقها قريبا توزع
قال الضبي: (يشرق متنه) يظهره للشمس ليذهب ما عليه من المطر وندى الليل. و(بدا) ظهر للثور سوابق الكلاب. و(توزع) تحبس وتكف على ما تخلف منها لأنها إذا لقيت الثور فرادى لم تقو وقتلها واحد بعد واحد وإذا اجتمعت أعان بعضها بعضا: ويقال توزع تغرى: قال النابغة الذبياني:
فكان ضمران منه حيث يوزعه.......طعن المعارك عند المجحر النجد
يوزعه يغريه: يقال هو يوزع بالشيء إذا كان مولعا به ومنه قول الله جل وعز: {أوزعني أن أشكر نعمتك}: فيقول كان الكلب من الثور بحيث يكون المطاعن من صاحبه أي: بحيث ينال كل واحد منهما صاحبه في القرب: والمعارك المقاتل الذي لا يبرح: والمجحر الملجأ المدرك: والنجد والنجيد الشجاع وقد نجد ينجد إذا صار شجاعا: ويروى النجد يريد العرق المكروب: وقد نجد ينجد فهو منجود ونجد ينجد نجدا من الكرب أيضا: وقال أبو زبيد:
صاديا يستغيث غير مغاث.......ولقد كان عصرة المنجود
أي الملهوف. فمن قال النجد فضم الجيم جعله نعتا للمعارك ومن كسر الجيم جعله نعتا للمجحر. ويروى: فهاب ضمران منه: وهو اسم الكلب أي خاف من الثور طعنا كطعن المعارك: فترك الطعن وأقام كطعن المعارك مقامه. ومن روى: فكان ضمران منه: جعل خبر كان حيث ورفع طعن المعارك بقوله يوزعه.
40: فاهتاج من فزع وسد فروجه.......غبر ضوار وافيان وأجدع
ويروى: فانصاع من فزع. ويروى: فارتاع من فزع. قال الأصمعي: انصاع أخذ في شق فذهب: قال أبو عبيدة: إذا ذهب فقد انصاع: وأنشد الأصمعي قول ذي الرمة:
فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت.......يلحبن لا يأتلي المطلوب والطلب
قال الأصمعي: (وسد فروجه) أي ملأ فروجه حضرا وشدة عدو: وقال أراد أن يقول فملأ فروجه غبر فقال وسد لما لم يؤت له ذلك: و(الغبر) هي التي فعلت ذلك به لأنه من أجلها أحضر. وروى الأصمعي: فسد فروجه غبس. ويروى: غضف. وقال أبو عبيدة: وسد فروجه غبر أي: دخلن بين قوائمه. والغبس: الكلاب تضرب غبرتها إلى السواد. و(وافيان) كلبان سالما الأذنين و(الأجدع) مقطوع الأذن وتلك علامة يعلم بها الكلاب. قال الأصمعي: (غبر ضوار) هي الباقية: ذهب به إلى الغبرة وهي البقية تبقى. قال أحمد بن عبيد: قال الأصمعي: (وسد فروجه) أي: أتينه من وجوهه كلها فلم يدعن له وجها ينفذ منه: وكذلك قول أبي عمرو وهو قريب منه أي: دخلن تحت قوائمه وبطنه: قال الجحاشي: فبعضها يأخذ طفطفته وبعضها أذنه وبعضها كاذته وبعضها ربلته. قوله فاهتاج يعني من الفزع. وفروجه ما بين قوائمه. يقول عدا الثور عدوا شديدا فكأن ذلك العدو سد فروجه إلا أن اللفظ للغبس والمعنى للعدو فكأن المعنى: ملأ فروجه عدوا حين رأى الكلاب.
41: ينهشنه ويذبهن ويحتمي.......عبل الشوى بالطرتين مولع
قال الضبي: روى أبو عبيدة: ويذودهن. قال الأصمعي: (النهش) تناول اللحم أو الشيء من غير تمكن شبيها بالاختلاس: والنهس أن يأخذ الشيء متمكنا بمقدم الأسنان: وقال الأصمعي: يقال نكزته الحية ووكزته ووخزته ونهشته وعضته ولسعته: ولدغته العقرب وأبرته ووكعته ولسبته فهي تلسبه لسبا: ولسبت العسل بالكسر ألسبه لسبا إذا لعقته. ويذودهن يمنعهن ويردهن. وعبل (الشوى) غليظ القوائم: والشوى ما لم يكن مقتلا مثل اليدين والرجلين و(الشوى) أيضا جمع شواة وهي جلدة الرأس و(الشوى) لحم الساقين و(الشوى) رذال المال: قال الشاعر:
أكلنا الشوى حتى إذا لم ندع شوى.......أشرنا خيراتها بالأصابع
و(الطرتان) الخطتان في الجنبين: فيقول به توليع بالخطتين اللتين في جنبيه والتوليع ألوان مختلفة: والطرتان والجدتان واحد. ويروى: ينهسنه.
42: فنحا لها بمذلقين كأنما.......بهما من النضخ المجدح أيدع
قال الضبي: (فنحا) أي فتحرف من قول امرئ القيس: فتنحى النزع في يسره، أي: تحرف ليكون أمكن له: والتحرف في الرمي والطعن أشد ما يكون. ويروى: فحبا لها: أي تقاصر ليطعنها. و(المذلقان) قرناه وكل محدد مذلق. وقال الأصمعي: التجديح أراد به حيث حرك قرنه في أجوافها فكأنه جدح أي حرك كما يحرك السويق واللبن بالمجدح: ويقال (المجدح) المخلوط يقال جدحت الشيء بالشيء وشبته وعلثته وغلثته إذا خلطته. و(الأيدع) دم الأخوين ويقال هو الزعفران ويقال شجر يصبغ به الصباغون: وأنشد قول رؤبة: كما اتقى محرم حج أيدعا، وقال الأصمعي: بين النضخ والنضح فرق فالنضخ بالخاء المعجمة لما ثخن مثل الدم وأنواع الطيب والنضح لما رق: ويقال النضح ما سقط من فوق إلى أسفل مثل الرش و(النضخ) ما ارتفع من أسفل إلى فوق. وقال غير الضبي: كأنما بهما أي بالقرنين من تلطخ الدم أيدع و(مجدح) يريد تحريك قرنه في أجوافها فلذلك تلطخا بالدم. ويروى: فحنا لها: وهو مثل حبا.
43: فكأن سفودين لما يقترا.......عجلا له بشواء شرب ينزع
قال الضبي: قال الأصمعي: (كأن سفودين لما يقترا بشواء شرب قط) أي هما جديدان لم يستعملا وذلك أحد لهما وأجدر أن يبلغا وينفذا شبه القرنين بهما. وقال أبو عبيدة: شبه قرني الثور وهما يكفان بالدم بسفودي شرب نزعا قبل أن يدرك الشواء فهما يكفان بالدم: وإنما خص الشرب لأنهم لا ينتظرون بالشواء أن يدرك: ومثله قول النابغة:
كأنه خارجا من جنب صفحته.......سفود شرب نسوه عند مفتأد
وقال ابن الأعرابي: لما يفترا أي لم يبردا هما حاران فهو أسرع لنفاذهما. (عجلا له) أي للثور. وقال غير الضبي: شبه القرنين وقد نفذا من جنبي الكلب بسفودين من حديد لم يقترا بشواء شرب أي هما جديدان لم يصبهما ريح قتار اللحم أي لم يشو بهما فهو أحد لهما. ثم قال عجلا له يعني القرنين عجلا إلى الكلب. والباء في بشواء صلة ليقتروا وليست الباء بصلة لعجلا. و(الشرب) القوم يشربون واحدهم شارب ومثله صاحب وصحب وراكب وركب. ومعنى لما لم أراد لم يقترا بشواء ينزع من السفود أي ليس ثمة شواء فينزع. ولم يعرف أبو عبيدة هذا البيت وفسره فقال: إنما شبه قرني الثور وهما يكفان بالدم حيث طعن الكلاب بسفودي شرب نزعا قيل أن يدرك الشواء فهما يكفان بالدم.
44: فصرعنه تحت الغبار وجنبه.......متترب ولكل جنب مصرع
قال الضبي: لم يرو هذا البيت أبو عبيدة يعني فصرعنه: يقول فصرع الكلاب الثور تحت الغبار. وقال: (ولكل جنب مصرع) أي كل من ترى يموت.
45: حتى إذا ارتدت وأقصد عصبة.......منها وقام شريدها يتضوع
أبو عمرو: (يتضوع) (وغيره يتضرع) أي: يعوي من الفرق. قال الضبي: أقصد الثور الكلاب والإقصاد أن يبلغ منها ما لا تنجو منه بعده والإقصاد القتل. و(شريدها) ما بقي منها. يتضرع يتصاغر ويتحاقر وقيل يتضاعف ويقال للرجل إذا ذل قد ضرع. ويتضوع يعوي من الفرق من الثور. و(عصبة) جماعة. (وأقصد) قتل وارتدت رجعت. ويروى: وأقصر عصبة منها.
46: فبدا له رب الكلاب بكفه.......بيض رهاب ريشهن مقزع
وروى أبو عبيدة: بيض رهاء: وهي المتلألئة. وروى ابن الأعرابي: بيض صوائب. قال الأصمعي: (رهاب) رقاق مرهفة واحدها رهيب يعني نصالا. و(المقزع) المنتف من كثرة ما رمي به. غير الضبي: (فبدا له) ظهر للثور. وبيض سهام نصالهن إلى البياض والبريق. و(رهاب) رقاق الشفرات والشفرة حد النصل. و(مقزع) محذف مخفف. ويروى: فدنا له رب الكلاب أي صاحبها. ويروى رهاف أي: رقاق.
47: فرمى لينقذ فرها فهوى له.......سهم فأنفذ طرتيه المنزع
أي: رمى الصائد الثور ليشغله عن باقي الكلاب. و(فرها) ما فر منها الواحد فار مثل صاحب وصحب. و(منزع سهم). وطرتاه الخطتان في جنبيه. قال أبو عمرو: فرها بقية الكلاب. فأنفذ طرتيه ناحيته. و(المنزع سهم) لأنه ينزع به ومعناه أن الثور قتل الكلاب بالطعن فبقيت منها بقية فرماه الصائد ليشغله عنها لينقذها منه ففرت منه. و(هوى) قصد. ويقال في فرها قولان: قال أبو عمرو والباهلي: (فرها) بقيتها، وقال غيرهما: فرها ما فر منها واحدها فار.
48: فكبا كما يكبو فنيق تارز.......بالخبت إلا أنه هو أبرع
(الفنيق): فحل الإبل. و(التارز): اليابس. و(الخبت): المطمئن من الأرض ليس به رمل. وقال الأصمعي: (أبرع) أكمل وأتم يقال أمر بارع أي تام وقد برع الرجل براعة إذا عظم شأنه: قال الشاعر:
صرى الفحل مني أن ضئيل سنامه.......ولم يصر ذات الني مني بروعها
الني الشحم. وصرى قطع وأنجى. وقال غير الضبي: (الخبت): البطن من الأرض وليس بالمطمئن جدا. وقال أبو عبيدة: (الخبت) المطمئن الذي فيه رمل: ويقال كبا يعني الثور سقط لوجهه لما رماه.
49: والدهر لا يبقى على حدثانه.......مستشعر حلق الحديد مقنع
قال الضبي: (مستشعر) اتخذه شعارا وهو الثوب الذي يلي الجسد. ويروى متسربل أي: يتخذه سربالا و(المقنع) اللابس المغفر: والمغفر ثوب تغطى به البيضة. ويروى: سميدع: وهو السيد. والمقنع الشاك السلاح التامه. و(حلق الحديد) حلق الدروع.
50: حميت عليه الدرع حتى وجهه.......من حرها يوم الكريهة أسفع
ويروى صدئت عليه الدرع. و(الأسفع) الأسود وأصل السفعة السواد أسفل العينين على الخد: والشاة سفعاء إذا كان في وجهها خطان أسودان والصقر أسفع: وأنشد قول زهير:
أهوى لها أسفع الخدين مطرق.......ريش القوادم لم تنصب له الشرك
وقال أبو عبيدة: (السفعة) سواد يضرب إلى حمرة وأسفع أسود. وقوله (من حرها) يعني الدرع.
51: تعدوبه خوصاء يفصم جريها.......حلق الرحالة فهي رخو تمزع
ويروى و(هي رخو). والخوصاء الغائرة العينين. و(يفصم) يكسر من شدته والفصم قال أبو زيد: أن يتصدع الشيء من غير أن يبين: قال ذو الرمة ووصف خشف ظبية:
كأنه دملج من فضة نبه.......في ملعب من عذارى الحي مفصوم
وإنما جعله مفصوما لتثنيه. و(الرحالة) سرج من جلود يشد فيه خيوط كانوا يعدونه للجري [السريع]: وقال غير الأصمعي الرحالة السرج: وقال خالد بن كلثوم كانوا يركبون برحائل صغار ولم تكن لهم سروج: وأنشد قول الأسعر الجعفي:
نهد المراكل ما يزال زميله.......فوق الرحالة ما يبالي ما أتى
وزميله راكبه. وقوله (فهي رخو تمزع) أراد فهي شيء رخو فلذلك ذكر. و(تمزع) تمر مرا سريعا والمزع المر السريع على مثل مر الغزال: وأنشد: شديد الركض يمزع كالغزال، وقال ابن الأعرابي: رخو مسترسلة: وقال خالد: رخو متراخية في سيرها. ويروى يقطع جريها. وقوله (تعدو) أي بهذا المستشعر. ويفصم يفك ويفصل: يقول تعدو فتزفر فإذا زفرت انقطع حلق الحزام. وقيل: إن الراحالة سرج من جلود ليس فيه خشب مانوا يعدونه للجري البعيد والحلق حلق الحزام وقال أبو عبيدة: المزع أول العدو وآخر المشي.
52: قصر الصبوح لها فشرج لحمها.......بالني فهي تثوخ فيها الإصبغ
ويروى: (قصر الصبوح لها فشرج لحمها). ويروى: رصن الصبوح لها: أي أحكم. و(قصر) حبس: وأنشد أبو عمرو بن العلاء:
قصرنا عليها بالمقيظ لقاحنا.......رباعية وبازلا وسديسا
وأصل (القصر) الحبس. و(الصبوح): شرب الغداة. و(شرج لحمها) أي: خلط بشحم والتشريج: الخلط. و(الني): الشحم. و(تثوخ): تغيب أراد أن عليها من الشحم واللحم ما لو غمرت فيه الإصبع لم تبلغ العظم: ولم يرد أن الإصبع تغيب فيه. وقال الأصمعي: هذا من أخبث ما نعتت به الخيل لأن هذه لو عدت ساعة لانقطعت لكثرة شحمها: وإنما توصف الخيل بصلابة اللحم كما قال امرؤ القيس:
بعجلزة قد أترز الجري لحمها.......كميت كأنها هراوة منوال
وقال: أبو ذؤيب لم يكن صاحب خيل. وقصر الصبوح لها أي صاحب الغرس حبس اللبن لها ليسقيها فشرج ذلك لحمها. ومن روى فشرج لحمها أي جعل فيه لونان من الشحم واللحم. ومن روى رصن الصبوح لها أي أقيم لها وأحكم أمرها: ومنه يقال: رماه بقول رصين أي محكم.
53: متفلق أنساؤها عن قانئ.......كالقراط صاو غبره لا يرضع
أراد (بالنسا) موضع النسا والنسا لا يتفلق وإنما يتفلق موضعه يريد انفلقت فخذها عن موضع النسا بلحمتين: يقال فرس منشقة النسا فيريد أن موضع النسا انشق اللحم فيه فرقتين حتى بدا النسا: و(النسا) عرق يخرج من فوارة الورك ويستبطن الفخذ ثم يخرج في الساق فينحرف عن الكعب ثم يجري في الوظيف حتى يبلغ الحافر. فاللفظ على النسا والمعنى على ما حوله كما يقال: فلان شديد الأخدع أي شديد الظهر: وشديد الأبهر مثله والأبهر عرق في الظهر: وأنشد للمتنخل الهذلي:
ولكنه هين لين.......كعالية الرمح عرد نساه
يريد (بالنسا) الرجل. وقوله (عن قانئ) أراد أن الضرع كان أبيض فاحمر ثم دخله شيء من سواد: فجعله قانئا حين طال عليه العهد وذهب اللبن. وقوله (كالقرط) شبهه لصغره بالقرط. وقوله (عن قانئ) أراد مع قانئ والصاوي اليابس. و(الغبر) بقية اللبن أراد أنها ذاوية الضرع لم تحمل زمانا فهو أشد لها: وقال الأصمعي في قوله (غبره لا يرضع) أي: ليس ثم غبر فيرضع لأنها لم تحمل، قال: وهذا مثل قولهم فلان لا يرجى خيره أي ليس عنده خير فيرجى: ومثله قول امرئ القيس:
على لاحب لا يهتدى بمناره.......إذا سافه العود الديافي جرجرا
أي ليس فيه منار، ومثله قول عمرو بن أحمر:
لا تفزع الأرنب أهوالها.......ولا ترى الضب بها ينجحر
أي ليس ثم ضب: ومثله قول النابغة:
يحفه جانبا نيق وتتبعه.......مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد
أي ليس بها رمد فتكحل منه. والأنساء جمع نسا مقصور وإنما يعني أنها لم تحمل فهو أسمن لها وأقوى: أي تفلقت اللحمة عن النسا ولها ضرع هذه حاله.
54: تأبى بدرتها إذا ما استغضبت.......إلا الحميم فإنه يتبضع
قال الضبي: قال الأصمعي تأبى أن تدر بما عندها من الجري إلا الحميم وهو العرق. فإنه يتبضع أي يتبزل يرشح به جلدها قال: وغلط أبو ذؤيب في هذا البيت لأنه لم يكن صاحب خيل. وقال أبو عبيدة: أراد أنه لا درة بها من لبن ولا غيره إلا العرق فإنه يقطر. وقال غيره: الفرس الجواد إذا حركته أعطاك ما عنده: فإذا حملته على أكثر من ذلك وحركته بسوط أو رجل حملته عزة نفسه على ترك العدو والأخذ في المرح وقال خالد بن كلثوم: تأبى العدو إلا عرقا. وقال ابن الأعرابي: يقول إذا حميت في الجري وحمي عليها لم تدر بعرق كثير ولكنها تبتل وهو أجود لها.
55: بينا تعنقه الكماة وروغه.......يوما أتيح له جريء سلفع
قال الضبي: قال الأصمعي: يقول بينا هو في تعنق الكماة (وروغ) منهم أتيح له أي قدر له: و(بينا) في موضع بين والألف زائدة أراد بين تعنقه وروغانه. و(السلفع) الجريء الواسع الصدر يقال للمرأة إذا كانت جريئة بذيئة سلفع وكذلك يقال ناقة سلفع. ويروى: بينا تعانقه الكماة وروغه. وروى أبو عبيدة: فيما تعنقه الكماة (وروغه): جعل ما زائدة صلة في الكلام أي بينا يقتل ويراوغ إذ قتل. و(أتيح) قدر يقول قدر له رجل جريء سلفع: و(السلفع الجريء) الصدر.
56: بعدو به نهش المشاش كأنه.......صدع سليم رجعه لا يظلع
قال الضبي: قال الأصمعي: (النهش) الخفيف وأنشد للراعي:
متوضح الأقراب فيه شهبة.......نهش اليدين تخاله مشكولا
قال: وهو من نهش الحية: ويقال (نهش المشاش) خفيف اليدين. ويروى: عظمه لا يظلع. قال الأصمعي: (الصدع) من الحمر والظباء والوعول وسط منها ليس بالعظيم ولا الصغير. وقال غيره. أكثر ما يقال في الوعول لخفة لحومها: والفرس يشبه بالصدع: وأنشد لدريد بن الصمة:
حرب عوان ليتني فيها جذع.......أخب فيها وأضع.......كأنني شاة صدع
و(رجعه) عطفة يديه. و(سليم لا يظلع). ويروى يعدو به غوج اللبان: واللبان الصدر والغوج الواسع يقال فرس غوج موج إذا كان سريعا لين الرأس عند العطف يتثنى: ويقال لكل ما تثنى ولان غوج وقد غاج يغوج. ويروى: (نهش المشاش): ومعناه خفيف القوائم في العدو.
57: فتناديا وتوافقت خيلاهما.......وكلاهما بطل اللقاء مخدع
قال الضبي: روى أبو عبيدة: فتناذرا: قال الأصمعي: تناذرا للنزال. وقوله (بطل اللقاء) أي بطل عند اللقاء. و(المخدع) المجرب المجرس: وقال أبو عبيدة: المخدع في الحرب، وقال غيره: قد خدع مرة بعد مرة وقد حذر وفهم. وروى ابن الأعرابي مخذع بالذال معجمة أي: مقطع قال: والتخذيع ضرب لا ينفذ. ويروى مشيع وهو الذي معه من الصرامة والجرأة ما يشبعه. ويقال بطل بين البطولة وقد بطل الرجل إذا كان بطلا وما أبين البطولة في فلان إذا كان شجاعا: فإذا أردت الفراغ قلت ما أبين البطالة في فلان. ويروى: فتنازلا وتواقفت: المنازلة إذا ترجلوا للقتال ترجلا. وخيلاهما خيل ذا وخيل ذا: وقفت خيلاهما وأسلمتهما ويقال المخدع الذي قد قاتل وقوتل. وتناذرا أنذر كل واحد منهما صاحبه يخوفه نفسه.
58: متحاميين المجد كل واثق.......ببلائه واليوم يوم أشنع
أي: كل واحد منهما يحمي المجد لنفسه يطلب أن يغلب فيذكر بالغلبة وكل قد علم من نفسه بلاء حسنا فيما قد تقدم منه من اللقاء وكل واحد منهما مقتدر في نفسه وذلك أشد لقتاله. و(الأشنع) الكريه والشناعة الكراهة ومنه الشنعة والشنيع. وقال غير الضبي: (متحاميين المجد) كل واحد يريده لنفسه. و(يوم أشنع) كريه السمع والمنظر. ويروى: يتناهبان المجد: يتخذانه نهبا ببلائهما في الحرب.
59: وعليهما مسرودتان قضاهما.......داوود أو صنع السوابغ تبع
ويروى وعليهما ماذيتان. وروى التوزي: وتعاورا: يعني رجلين. و(مسرودتان) يعني درعين. تعاورا بالطعن والتعاور لا يكون إلا من اثنين وهو أن يفعل كل واحد منهما مثل فعل صاحبه: وأصل العارية تحويلك الشيء من موضع إلى موضع: وقد تعاورنا فلانا ضربا إذا ضربته أنت ثم صاحبك: ومنه أعرني دابتك أي حولها إلى: وأنشد:
فأخلف وأتلف إنما المال عارة.......وكله مع الدهر الذي هو آكله
وقال الأصمعي: (السرد) الخزز في الأديم: وأظنه أراد في الدرع مثل ذلك. و(قضاهما) فرغ منهما. و(الصنع) الحاذق في العمل والصنع ههنا تبع وهو من حمير وكان ملكا: قال: سمع بأن الحديد سخر لداوود عليه السلام وسمع بالدروع التبعية فظن أن تبعا عملها: وكان تبع أعظم شأنا من أن يصنع شيئا بيده وإنما عملت بأمره وفي ملكه. وقضاهما أحكمهما: قال: وهذا مثل قول الأعشى:
فإني وثوبي راهب اللج والتي.......بناها قصي وحده وابن جرهم
لم يدر كيف بنيت الكعبة ولا من بناها فقال على التوهم بناها قصي: وقصي لم يبن الكعبة: ونحوه قول الآخر: مثل النصارى قتلوا المسيحا، والنصارى ما قتلوا المسيح: وقال الاعشى:
تطوف العفاة بأبوابه.......كطوف النصارى ببيت الوثن
والنصارى ليسوا من الوثن في شيء ولكنه على الغلط. والماذي: السهل الخالص يعني به حديد الدرع وكل لين سهل ماذي.
60: وكلاهما في كفه يزينة.......فيها سنان كالمنارة أصلع
قال الضبي: ويروى: فتشاجرا بمذلقين كلاهما * فيه شهاب. و(اليزنية) قناة: قال الأصمعي: نسبها إلى ذي يزن: يقال رمح يزني وأزني ويزأني وأزأني. و(المنارة) المصباح نفسه: وقال أبو عمرو: المنارة المسرجة وهي مفعلة من النور: وأنشد بيت امرئ القيس:
تضيء الظلام بالعشاء كأنها.......منارة ممسى راهب متبتل
وقال ابن الأعرابي: أراد (بالمنارة) منارة النار التي ينور بها بالليل. وقوله (أصلع) يريد أنه يبرق لا صدأ عليه قال يقال انصلعت الشمس إذا بدا ضوءها ومنه الصلع في الرجال انكشاف الشعر عن بياض البشرة. وقوله: تشاجرا تطاعنا واختلفت رماحهما: ومنه التشاجر بين الناس وهو الاختلاف في الكلام. والمذلقان سنانان محددان وإنما يريد الرمحين. وقال كفه للفظ كل. ورفع كلا بالهاء. وقال غيره: اليزنية القناة: ثم شبه السنان الذي فيها بالمنارة والمنارة ههنا السراج فأوقع اللفظ على المنارة لما لم يستقم بيته على السراج.
61: وكلاهما متوشح ذا رونق.......عضبا إذا مس الضريبة يقطع
قال الضبي: (ذو رونق) سيف و(الرونق) ماؤه. و(العضب): القاطع ومنه قيل رجل عضب اللسان إذا كان حديد اللسان. و(الضريبة) ما وقع عليه السيف من كل شيء. ويروى (إذا مس) الكريهة يقطع. والكريهة: الضربة الشديدة ومنه يقال للسيف ذو الكريهة: ويقال الكريهة ما أكره عليه من الضرب. ويروى: إذا مس الأيابس: وهو جمع أيبس وهو ما كان عاريا من اللحم من عظم الساق أسفل من العضل: وأنشد أبو عبيدة: وعضل عن أيبسيه قالص، ومنه قول الراعي:
فقلت له ألزق بأيبس ساقها.......فإن يرقأ الظنبوب لا يرقأ النسا
والظنبوب: حرف عظم الساق: قال سلامة بن جندل:
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع.......كان الصراخ له قرع الظنابيب
وقال تأبط شرا:
عاري الظنابيب ممتد نواشره.......مدلاج أدهم واهي الماء غشاق
وقيل الكريهة الضريبة والضريبة ما وقع عليه السيف. والأيبسان: عظما الوظيف من اليدين والرجلين.
62: فتخالسا نفسيهما بنوافذ.......كنوافذ العبط التي لا ترقع
قال الضبي: أي جعل كل واحد منهما يختلس نفس صاحبه بالطعن. و(النوافذ) جمع نافذة وهي الطعنة تنفذ حتى يكون لها رأسان. و(عبط) جمع عبيط وأصل العبط شق الجلد الصحيح ونحر البعير من غير علة: ويقال للرجل إذا مات من غير علة اعتبط اعتباطا: وأنشد لأميه بن أبي الصلت:
من لم يمت عبطة يمت هرما.......للموت كأس فالمرء ذائقها
ويقال (كنوافذ العبط) كثياب شقت غير مرقعة فهو أصلب لها. وقال الأصمعي: لم يرد بقوله (لا ترقع) أنهم لا يقدرون على رقعها ولكن كثرت فلا ترقع. ويروى: العطب التي لا ترقع: يقال أعطني عطبة أنفخ فيها ناري يعني خرقة من قطن. وقوله (لا ترقع) أي تترك فلا ترقع أبدا. قال الباهلي: من قال العطب عنى موضع الجيب والكم شبه العطب بهما: ومن قال العبط عنى المناحر. وقال غير الضبي: كان الأصمعي يقول: هو من قولك عبط الأديم عبطا شقه صحيحا: يقول طعنه الفارس في موضع صحيح لم يكن أصابه فيه شيء: وليس هذا كذا: إنما هو العبيط وقد تقدم ذكره يقال عبطه يعبطه عبطا إذا نحره من غير علة: وجمع العبيط عبط فشبه كل طعنة وقعت بأحدهما من صاحبه بهذه العبط. والأكثر في الكلام فتخالسا أنفسهما لأن كل شيئين من شيئين يثنيان بلفظ الجمع كقولك ضربت صدورهما وظهورهما: قال الله تعالى: {فقد صغت قلوبكما}.
63: وكلاهما قد عاش عيشة ماجد.......وجنى العلاء لو أن شيئا ينفع
قال الضبي: (وجنى) كسب وهو من اجتنيت أي كسبت وأخذت: وأنشد الأصمعي:
هذا جناي وخياره فيه.......إذ كل جان يده إلى فيه
وهذا يقوله عمرو ذو الطوق لخاله جذيمة الأبرش وتمثل به الناس بعد: قال: ومثله قول امرئ القيس:
فقلت لها سيري وأرخي زمامه.......ولا تبعديني من جناك المعلل
أي: ما أجتنيه منك. والعلاء والعلى الشرف إذا فتحت مددت وإذا ضممت قصرت. قال ابن الأعرابي: الماجد الذي قد أخذ ما يكفيه من الشرف والسودد: وهو من قولهم: في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار: أي أخذ ما يكفيه: واستنجد المرخ بالنون كما قال الراجز:
كل قتيل في كليب حلان.......حتى ينال القتل آل همام
وقال غيره: لو أن شيئا ينفع أي من الموت أي ينجي منه لنفع هاذين ما نالا من العيش والشرف ولكن لا يدفع الموت دافع من رجلة ولا شرف.

تمت القصائد المفضليات وهذا آخر ما صنعه أبو محمد القاسم بن بشار


الأنباري رحمه الله

[شرح المفضليات: 866-884]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
126, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir