دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 رجب 1434هـ/24-05-2013م, 10:12 PM
أم صفية أم صفية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 212
افتراضي باب ذكر شيءٍ من محنة أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ رحمه اللّه وحجاجه لابن أبي دؤادٍ وأصحابه بحضرة المعتصم

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (باب ذكر شيءٍ من محنة أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ رحمه اللّه وحجاجه لابن أبي دؤادٍ وأصحابه بحضرة المعتصم

[الإبانة الكبرى: 6/249]
428 - حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّد بن رجاءٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ عصمة بن أبي عصمة، قال: حدّثنا أبو العبّاس الفضل بن زيادٍ، قال: حدّثنا أبو طالبٍ أحمد بن حميدٍ، قال: قال لي أحمد بن حنبلٍ: يا أبا طالبٍ " ليس شيءٌ أشدّ عليهم ممّا أدخلت عليهم حين ناظروني، قلت لهم: علم اللّه مخلوقٌ؟ قالوا: لا. قلت: فإنّ علم اللّه هو القرآن. قال اللّه عزّ وجلّ: {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم} [آل عمران: 61] وقال: {ولئن اتّبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذًا لمن الظّالمين} [البقرة: 145] هذا في القرآن في غير موضعٍ من العلم "
[الإبانة الكبرى: 6/249]
429 - وحدّثني أبي رحمه اللّه، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن الحسن بن بدينا، قال: حدّثنا صالح بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال:
[الإبانة الكبرى: 6/249]
قال لهم يعني: المعتصم: كلّموه، فقال لي عبد الرّحمن: «ما تقول في القرآن»، فقلت: ما تقول في علم اللّه، فسكت. قال: فقال لي بعضهم: قال اللّه عزّ وجلّ {اللّه خالق كلّ شيءٍ} [الرعد: 16] فالقرآن أليس هو شيئًا؟ فقلت: قال اللّه عزّ وجلّ {تدمّر كلّ شيءٍ} [الأحقاف: 25]، فهل دمّرت إلّا ما أنت عليه، فقال لي بعضهم: {ما يأتيهم من ذكرٍ من ربّهم محدثٍ} [الأنبياء: 2] أفيكون محدثٌ إلّا مخلوقًا؟ قال: فقلت لهم: قال اللّه عزّ وجلّ {ص والقرآن ذي الذّكر} [ص: 1]، فالذّكر هو القرآن، وتلك ليس فيها ألفٌ ولا لامٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/250]
430 - حدّثنا أبو عمرٍو حمزة بن القاسم قال: حدّثنا حنبلٌ، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه، بنحو هذه القصّة قال: فقلت لهم: هذا نكرةٌ، «فقد يكون على جميع الذّكر، والذّكر معرفةٌ وهو القرآن»
[الإبانة الكبرى: 6/250]
431 - وأخبرني أبو عمر عثمان بن عمر الدّرّاج، قال: حدّثنا أبو بكرٍ
[الإبانة الكبرى: 6/250]
أحمد بن محمّد بن هارون الخلّال، قال: كتب إليّ أحمد بن الحسين الورّاق من الموصل، قال: حدّثنا بكر بن محمّد بن الحكم، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه، قال: سألته عمّا احتجّ به حين دخل على هؤلاء، فقال: " احتجّوا عليّ بهذه الآية {ما يأتيهم من ذكرٍ من ربّهم محدثٍ} [الأنبياء: 2]، أي: أنّ القرآن محدثٌ، فاحتججت عليهم بهذه الآية {ص والقرآن ذي الذّكر} [ص: 1]، قلت: فهو سمّاه الذّكر، وقلت: {ما يأتيهم من ذكرٍ من ربّهم محدثٍ} [الأنبياء: 2]، فهذا يمكن أن يكون غير القرآن محدثًا، ولكن {ص والقرآن ذي الذّكر} [ص: 1]، فهو القرآن، ليس هو محدثًا "، قال: فبهذا احتججت عليهم.
[الإبانة الكبرى: 6/251]
واحتجّوا عليّ: ما خلق اللّه من سماءٍ ولا أرضٍ ولا كذا أعظم من آية الكرسيّ، قال: " فقلت له: إنّه لم يجعل آية الكرسيّ مخلوقةً، إنّما هذا مثلٌ ضربه، أي: هي أعظم من أن تخلق، ولو كانت مخلوقةً لكانت السّماء أعظم منها، أي: فليست بمخلوقةٍ، قال: واحتجّوا عليّ بقوله: {اللّه خالق كلّ شيءٍ} [الرعد: 16]، فقلت: {ومن كلّ شيءٍ خلقنا زوجين} [الذاريات: 49]، فخلق من القرآن زوجين {وأوتيت من كلّ شيءٍ} [النمل: 23] فأوتيت القرآن؟ فأوتيت النّبوّة أوتيت كذا وكذا؟ وقال اللّه تعالى {تدمّر كلّ شيءٍ} [الأحقاف: 25]، فدمّرت كلّ شيءٍ، إنّما دمّرت ما أراد اللّه من شيءٍ " قال: وقال لي ابن أبي دؤادٍ: أين تجد أنّ القرآن كلام اللّه؟ قلت: " {اتل ما أوحي إليك من كتاب ربّك لا مبدّل لكلماته} [الكهف: 27] " فسكت. وقلت له: «بين يدي الرّئيس»، وجرى كلامٌ بيني وبينه، فقلت له: " اجتمعت أنا وأنت أنّه كلامٌ وقلت: إنّه مخلوقٌ، فهاتوا الحجّة من كتاب اللّه أو
[الإبانة الكبرى: 6/252]
من السّنّة "، فما أنكر ابن أبي دؤادٍ ولا أصحابه أنّه كلامٌ. قال: وكانوا يكرهون أن يظهروا أنّه ليس بكلامٍ فيشنّع عليهم
[الإبانة الكبرى: 6/253]
432 - حدّثنا حمزة بن القاسم، قال: حدّثنا حنبلٌ، قال: قال أبو عبد اللّه: وكان إذا كلّمني ابن أبي دؤادٍ لم أجبه ولم ألتفت إلى كلامه، فإذا كلّمني أبو إسحاق، ألنت له القول والكلام، قال: " فقال لي أبو إسحاق، لئن أجبتني لآتينّك في حشمي ومواليّ، ولأطأنّ بساطك، ولا نوهن باسمك يا أحمد اتّق اللّه في نفسك، يا أحمد اللّه اللّه، قال أبو عبد اللّه: «وكان لا يعلم ولا يعرف، ويظنّ أنّ القول قولهم»، فيقول: يا أحمد إنّي عليك شفيقٌ، فقلت: «يا أمير المؤمنين هذا القرآن وأحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأخباره، فما وضح من حجّةٍ صرت إليها» . قال: فيتكلّم هذا وهذا. قال: فقال ابن أبي دؤادٍ لمّا انقطع وانقطع أصحابه: والّذي لا إله إلّا هو، لئن أجابك لهو أحبّ من مائة ألفٍ ومائة ألفٍ عددًا مرارًا كثيرةً. قال أبو عبد اللّه: " وكان فيما احتججت عليهم يومئذٍ، قلت لهم: قال اللّه عزّ وجلّ: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54]، وذلك أنّهم قالوا لي: أليس كلّ ما دون
[الإبانة الكبرى: 6/253]
اللّه مخلوقٌ؟ فقلت لهم: فرّق بين الخلق والأمر، فما دون اللّه مخلوقٌ، فأمّا القرآن فكلامه ليس بمخلوقٍ. " فقالوا: قال اللّه عزّ وجلّ {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40]، فقلت لهم: " قال اللّه تعالى {أتى أمر اللّه} [النحل: 1]، فأمره كلامه واستطاعته ليس بمخلوقٍ، فلا تضربوا كتاب اللّه بعضه ببعضٍ، فقد نهينا عن ذلك "،
433 - قال حنبلٌ: وقال أبو عبد اللّه: " واحتججت عليهم فقلت: زعمتم أنّ الأخبار تردّونها باختلاف أسانيدها، وما يدخلها من الوهم والضّعف، فهذا القرآن نحن وأنتم مجمعون عليه وليس بين أهل القبلة فيه خلافٌ، وهو الإجماع. قال اللّه عزّ وجلّ في كتابه تصديقًا منه لقول إبراهيم غير دافعٍ لمقالته ولا لما حكى عنه فقال: {إذ قال إبراهيم لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئًا}، فذمّ إبراهيم أباه أن عبد ما لا يسمع ولا يبصر، فهذا منكرٌ عندكم ". فقالوا: شبهٌ شبهٌ يا أمير المؤمنين.
[الإبانة الكبرى: 6/254]
فقلت: " أليس هذا القرآن؟ هذا منكرٌ عندكم مدفوعٌ، وهذه قصّة موسى، قال اللّه عزّ وجلّ لموسى في كتابه حكايةً عن نفسه {وكلّم اللّه موسى} [النساء: 164]، فأثبت اللّه الكلام لموسى كرامةً منه لموسى، ثمّ قال: يا موسى {إنّني أنا اللّه لا إله إلّا أنا فاعبدني} [طه: 14]، فتنكرون هذا، فيجوز أن يكون هذا الياء راجعةً تردّ على غير اللّه، أو يكون مخلوقٌ يدّعي الرّبوبيّة؟ وهل يجوز أن يقول هذا غير اللّه؟ وقال له {يا موسى لا تخف} [النمل: 10]، {إنّي أنا ربّك فاخلع نعليك} [طه: 12] " فهذا كتاب اللّه يا أمير المؤمنين، فيجوز أن يقول لموسى: أنا ربّك مخلوقٌ، وموسى كان يعبد مخلوقًا، ومضى إلى فرعون برسالة مخلوقٍ يا أمير المؤمنين؟ قال: فأمسكوا، وأداروا بينهم كلامًا لم أفهمه. قال أبو عبد اللّه: «والقوم يدفعون هذا وينكرونه، ما رأيت أحدًا طلب الكلام واشتهاه إلّا أخرجه إلى أمرٍ عظيمٍ، لقد تكلّموا بكلامٍ، واحتجّوا بشيءٍ ما يقوى قلبي ولا ينطق لساني أن أحكيه، والقوم يرجعون إلى التّعطيل في أقاويلهم، وينكرون الرّؤية والآثار كلّها، ما ظننت أنّه هكذا حتّى سمعت مقالاتهم» قال أبو عبد اللّه: " قيل لي يومئذٍ: كان اللّه ولا قرآن. فقلت له: كان اللّه
[الإبانة الكبرى: 6/255]
ولا علم؟ فأمسك، ولو زعم غير ذلك أنّ اللّه كان ولا علم، لكفر باللّه " قال أبو عبد اللّه: " وقلت له يعني: لابن الحجّام: يا ويلك، لا يعلم حتّى يكون فعلمه وعلمك واحدٌ، كفرت باللّه عالم السّرّ وأخفى، عالم الغيب والشّهادة، علّام الغيوب، ويلك، يكون علمه مثل علمك، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور " قال أبو عبد اللّه: «فهذه أليست مقالته؟» قال أبو عبد اللّه: " وهذا هو الكفر باللّه، ما ظننت أنّ القوم هكذا. لقد جعل برغوثٌ يقول يومئذٍ: الجسم وكذا وكلامٌ لا أفهمه، فقلت: لا أعرف ولا أدري ما هذا، إلّا أنّني أعلم أنّه أحدٌ صمدٌ، لا شبه له ولا عدل، وهو كما وصف نفسه، فيسكت عنّي " قال: فقال لي شعيبٌ: قال اللّه {إنّا جعلناه قرآنًا عربيًّا} [الزخرف: 3]، أفليس كلّ مجعولٍ مخلوقًا؟ قلت: " فقد قال اللّه {فجعلهم جذاذًا} [الأنبياء: 58] أفخلقهم؟ {فجعلهم
[الإبانة الكبرى: 6/256]
كعصفٍ مأكولٍ} [الفيل: 5]، أفخلقهم؟ أفكلّ مجعولٍ مخلوقٌ؟ كيف يكون مخلوقًا وقد كان قبل أن يخلق الجعل، قال: فأمسك
[الإبانة الكبرى: 6/257]
434 - وأخبرني أبو عمرٍو عثمان بن عمر قال: حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن محمّد بن هارون، قال: أخبرني عليّ بن أحمد أبو غالبٍ، قال: حدّثني محمّد بن يوسف المروزيّ المعروف بابن سريّة، قال: دخلت على أبي عبد اللّه والجبائر على ظهره، قال لي: يا أبا جعفرٍ أشاط القوم بدمي، فقالوا له يعني المعتصم: يا أمير المؤمنين سله عن القرآن، أشيءٌ هو أو غير شيءٍ؟ قال: فقال لي المعتصم: يا أحمد أجبهم. قال: فقلت له: " يا أمير المؤمنين إنّ هؤلاء لا علم لهم بالقرآن، ولا بالنّاسخ والمنسوخ، ولا بالعامّ والخاصّ، قد قال اللّه عزّ وجلّ في قصّة موسى {وكتبنا له في الألواح من كلّ شيءٍ} [الأعراف: 145]، فما كتب له القرآن "،
[الإبانة الكبرى: 6/257]
وقال في قصّة سبأٍ {وأوتيت من كلّ شيءٍ} [النمل: 23] وما أوتيت القرآن، فأخرسوا
[الإبانة الكبرى: 6/258]
435 - حدّثني أبي رحمه اللّه، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن الحسن بن بدينا قال: حدّثنا صالح بن أحمد، أنّ أباه، قال: قال لي رجلٌ منهم: أراك تذكر الحديث وتنتحله. قال: فقلت له: ما تقول في قول اللّه عزّ وجلّ {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين} [النساء: 11]، فقال: " خصّ اللّه بها المؤمنين قال: قلت: فما تقول إن كان قاتلًا أو عبدًا أو يهوديًّا أو نصرانيًّا؟ فسكت "
[الإبانة الكبرى: 6/258]
436 - وأخبرني أبو عمرٍو عثمان بن عمر، قال: حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن محمّد بن هارون الخلّال، قال: أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، قال: سمعت هرثمة بن خالدٍ، قرابة إسحاق بن داود وكنّا جميعًا أنا وإسحاق، قال: قال أحمد بن حنبلٍ: قال لي ابن أبي دؤادٍ، وهم يناظروني، وقد كنت قلت لهم: أوجدوني ما تقولون في كتاب اللّه أو في سنّة رسول اللّه: أوجدني أنت يا ابن حنبلٍ في علمك أنّ هذا البساط الّذي نحن عليه مخلوقٌ؟ قال: قلت: نعم،
[الإبانة الكبرى: 6/258]
قال اللّه عزّ وجلّ {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حينٍ} [النحل: 80] قال: فكأنّي ألقمته حجرًا "
[الإبانة الكبرى: 6/259]
437 - حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشّيرجيّ الخصيب، قال: حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن الحجّاج المرّوذيّ، قال: قال لي أبو عبد اللّه: «مكثت ثلاثة أيّامٍ يناظرونني» . قلت: فكان يدخل إليك بالطّعام؟ قال: «لا» . قلت: فكنت تأكل شيئًا؟ قال: «مكثت يومين لا أطعم، ومكثت يومين لا أشرب، ومكثت ثلاثة أيّامٍ يناظرونني بين يديه، يعني الرّأس أبا إسحاق، وقد جمعوا عليّ نحوًا من خمسين بصريًّا وغير ذلك يعني من المناظرين، وفيهم الشّافعيّ الأعمى»، فقلت له: كلّهم يناظرونك باللّيل؟ قال: " نعم كلّ ليلةٍ، وكان فيهم الغلام غسّان، يعني قاضي الكوفة، وقال: إنّما كان الأمر أمر ابن أبي دؤادٍ "، قلت له: كانوا كلّهم يكلّمونك؟ قال: " نعم، هذا يتكلّم من
[الإبانة الكبرى: 6/259]
هاهنا، وهذا يحتجّ من هاهنا، وهذا يتأوّل على آيةٍ وعجيفٌ عن يمينه، وإسحاق عن يساره قائمٌ، ونحن بين يديه، يعني أبا إسحاق، فسألني غير مرّةٍ، فقلت: أوجدني في كتابٍ أو سنّةٍ، فقال لي إسحاق وعجيفٌ: وأنت لا تقول إلّا ما كان في كتابٍ أو سنّةٍ؟، قلت لهم: ناظروني في الفقه أو في العلم، فقال عجيفٌ: أنت وحدك تريد أن تغلب هؤلاء الخلق كلّهم، ولزّني بقائمة سيفه، وأشار أبو عبد اللّه إلى عنقه يريني بيده هكذا، ثمّ قال إسحاق بن إبراهيم: وأنت لا تقول إلّا ما كان في كتابٍ أو سنّةٍ، ولكزني بقائمة سيفه، وأومأ أبو عبد اللّه إلى حلقه "، قلت: فكان أبو إسحاق يتكلّم؟ قال: " لا، إلّا ساكتٌ، إنّما كان الأمر أمر ابن أبي دؤادٍ، ثمّ قال أبو عبد اللّه: «لم يكن فيهم أحدٌ أرقّ عليّ من أبي إسحاق مع أنّه لم يكن فيهم رشيدٌ» قال: وسمعت أبا عبد اللّه يقول: " لمّا قلت: لا أتكلّم إلّا ما كان في كتابٍ أو سنّةٍ احتجّ الأعمى الشّافعيّ بحديث عمران بن حصينٍ «خلق اللّه الذّكر» . قال: فقلت له: هذا خطأٌ رواه الثّوريّ وأبو معاوية، وإنّما وهم فيه محمّد بن
[الإبانة الكبرى: 6/260]
عبيدٍ، وقد نهيته أن يحدّث به. قال: فقال أبو إسحاق: أراه فقيهًا
[الإبانة الكبرى: 6/261]
438 - وأخبرني أبو عمرٍو عثمان بن عمر، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن هارون، قال: وكتب إليّ أحمد بن الحسين الورّاق من الموصل قال: حدّثنا بكر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه، قال: " واجتمع عليّ خلقٌ من الخلق، وأنا بينهم مثل الأسير، وتلك القيود قد أثقلتني، قال: وكان يلغطون ويضحكون، وكلّ واحدٍ منهم ينزع آيةً، وآخر يجئ بحديثٍ قال: والرّئيس يسكتهم، قال: فكان هذا يقول شيئًا، وهذا يقول شيئًا، وهذا يقول شيئًا، فقال لي واحدٌ منهم: أليس يروى عن أبي السّليل، عن عبد اللّه بن رباحٍ، عن أبي كعبٍ؟ فقلت: «وأنت ما يدريك من أبو السّليل؟ ومن عبد اللّه بن رباحٍ؟ وما لك ولهذا؟» قال: فسكت وقال لي آخر: ما خلق اللّه من سماءٍ ولا أرضٍ أعظم من آية الكرسيّ، فقلت: إنّما هذا مثلٌ فسكت. واحتجّ عليّ آخر بحديث الطّنافسيّ، عن الأعمش، عن جامع حديث عمران
[الإبانة الكبرى: 6/261]
بن حصينٍ أنّ اللّه خلق الذّكر. فقلت: هذا وهم فيه يعني الطّنافسيّ، وأبو معاوية يقول: كتب اللّه الذّكر. قال: وكنت أصيح عليهم، وأرفع صوتي، وكان أهون عليّ من كذا وكذا، ذهب اللّه بالرّعب من قلبي، حتّى لم أكن أبالي بهم ولا أهابهم، فلمّا يئسوا منّي واجتمعوا عليّ، قال لي عبد الرّحمن: ما رأيت مثلك قطّ، من صنع ما صنعت؟ قلت له: القرآن، قد اجتمعت أنا وأنتم على أنّه كلام اللّه، وزعمتم أنّه مخلوقٌ، فهاتوه من كتابٍ أو سنّةٍ، فقال لي ابن أبي دؤادٍ: وأنت تجد في كلّ شيءٍ كتابًا وسنّةً؟ فلمّا يئس منّي قال: خذوه، وأدخل الأتراك أيديهم في أقيادي فجرّوني إلى موضعٍ بعيدٍ، وذكر قصّة الضّرب
[الإبانة الكبرى: 6/262]
439 - وأخبرني أبو عمرٍو عثمان بن عمر قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن هارون، قال: وأخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الحميد الكوفيّ، قال: سمعت عبيد بن محمّدٍ القصير، قال: سمعت من حضر مجلس أبي إسحاق يوم ضرب أحمد بن حنبلٍ، فقال له أبو إسحاق: يا أحمد إن كنت
[الإبانة الكبرى: 6/262]
تخشى من هؤلاء النّابتة جئتك أنا في جيشي إلى بيتك حتّى أسمع منك الحديث؟ قال: فقال له: «يا أمير المؤمنين خذ في غير هذا واسأل عن العلم واسأل عن الفقه، أيّ شيءٍ تسأل عن هذا؟» قال عبيد بن محمّدٍ: وسمعت من حضر مجلس أبي إسحاق يوم ضرب أحمد بن حنبلٍ قال: " التفت إليه المعتصم، فقال: تعرف هذا؟ قال: لا. قال تعرف هذا؟ قال: لا. فالتفت أحمد فوقعت عينه على ابن أبي دؤادٍ فحوّل وجهه، فكأنّما وقعت عينه على قردٍ، قال: تعرف هذا يعني: عبد الرّحمن؟ قال: نعم. قال: قل: اللّه ربّ القرآن؟ قال: القرآن كلام اللّه. قال: فشهد ابن سماعة وقتلته، فقالوا: قد كفر، اقتله ودمه في أعناقنا "
[الإبانة الكبرى: 6/263]
440 - وحدّثني أبي قال: حدّثنا أبو جعفر بن بدينا، أنّ صالح بن أحمد، حدّثهم قال: أخبرني رجلٌ حضره قال: «تفقّدته في هذه الأيّام الثّلاثة وهم يناظرونه ويكلّمونه، فما لحن في كلمةٍ، وما ظننت أنّ أحدًا يكون في شجاعته وشدّة قلبه»
[الإبانة الكبرى: 6/263]
441 - وحدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشّيرجيّ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ المرّوذيّ، قال: كان أبو عبد اللّه لا يلحن في الكلام، قال: " وأخبرت أنّه لمّا نوظر بين يدي الخليفة لم يتعلّق عليه بلحنٍ، حتّى حكي أنّه جعل يقول: فكيف أقول ما لم يقل؟ "
[الإبانة الكبرى: 6/264]
442 - قال أبو بكرٍ المرّوذيّ: وقال لي ابن أبي حسّان الورّاق: «طلب منّي أبو عبد اللّه وهو في السّجن كتاب حمزة في العربيّة، فدفعته إليه، فنظر فيه قبل أن يمتحن»
[الإبانة الكبرى: 6/264]
443 - أخبرني أبو عمرٍو عثمان بن عمر قال: حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن محمّد بن هارون، وأخبرنا محمّد بن عليٍّ السّمسار قال: " رأيت شيخًا قد جاء إلى أبي عبد اللّه وهو مريضٌ، فجعل يبكي وقال إنّه ممّن حضر ضربه، فلمّا خرج سمعته يقول: واللّه، لقد كلّمت ثلاثةً من الخلفاء ووطئت بسطهم ما هبتهم وما دخلني من الرّعب ما دخلني منه وهو مسجًّى، واللّه لقد رأيته يناظر وهو عالٍ عليهم قويّ القلب، والمعتصم يكلّمه ويقول: أجبني إلى ما أسألك، أو شيءٌ منه، فيقول: لا أقول إلّا ما في كتاب اللّه أو سنّة رسول اللّه، فيقول له: لا تقول: القرآن مخلوقٌ؟ فيقول له: وكيف أقول ما لم يقل؟ . " قال الرّجل: فقلت لرجلٍ كان إلى جانبي: ما تراه ما يرهب ما هو فيه، ولا
[الإبانة الكبرى: 6/264]
يلحن في مثل هذا الوقت، والسّياط والعقابين بين يديه، وليس في يده منه شيءٌ
[الإبانة الكبرى: 6/265]
444 - حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشّيرجيّ، قال: حدّثنا المرّوذيّ، قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: «لمّا ضربت كانا جلّادين يضرب كلّ واحدٍ منهما سوطًا ويتنحّى ويضرب الآخر سوطًا ويتنحّى» . قلت: قام إليك أبو إسحاق مرّتين؟ قال: " أمّا مرّةً، فأحفظ أنّه خرج إلى الرّواق، وقال: خذوه، فأخذوا بضبعيّ وجرّوني نحوًا من مائة ذراعٍ إلى العقابين فخلّعوني، وأنا أجد ذلك في كتفيّ إلى السّاعة، وكان عليّ شعرٌ كثيرٌ، وانقطعت تكّتي، فقلت: الآن تسود، يعني: وهو بينهم، قلت: من ناولك خيطًا في ذلك الموضع؟ قال: لا أدري، فشددت سراويلي، وأخبرت أنّهم خلعوا القميص ولم يخرقوه، وكان في كمّه شعر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم "
[الإبانة الكبرى: 6/265]
445 - قال المرّوذيّ: وبلغني عن يعقوب الفرس، قال: سمعت عيسى الفتّاح، يقول: قال لي أبو عبد اللّه: «يا أبا موسى ما رأيت هؤلاء قطّ، كان أشدّ عليّ من تلفّت الجلّاد، ثمّ يثب عليّ»
[الإبانة الكبرى: 6/265]
446 - قال: وسمعت الفلّاس، يقول: سمعت عيسى الفتّاح، قال: قال
[الإبانة الكبرى: 6/265]
لي أبو عبد اللّه: قال أبو إسحاق: «ما رأيت ابن أنثى أشجع من هذا الرّجل»
[الإبانة الكبرى: 6/266]
447 - قال المرّوذيّ: وسمعت عيسى الجلّاء، يقول: رأى رجلٌ في النّوم قائلًا يقول، وإذا جماعةٌ ناحيةٌ فجعل يقول: {فإن يكفر بها هؤلاء} [الأنعام: 89] وأشار بيده إلى ابن أبي دؤادٍ وأصحابه {فقد وكّلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين} [الأنعام: 89] أحمد بن حنبلٍ وأصحابه "
[الإبانة الكبرى: 6/266]
448 - قال المرّوذيّ: وأخبرت عن زياد بن أبي بادويه القصريّ، قال: سمعت الحمّانيّ، يقول: " رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المنام قد جاء فأخذ بعضادتيّ، فقال: نجا النّاجون، وهلك الهالكون، فقلت: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، من النّاجون؟ قال: «أحمد بن حنبلٍ وأصحابه»
[الإبانة الكبرى: 6/266]
449 - قال المرّوذيّ: وبلغني عن امرأةٍ رأوها في النّوم وقد شاب صدغها، فقيل لها: ما هذا الشّيب؟ فقالت: «لمّا ضرب أحمد بن حنبلٍ زفرت
[الإبانة الكبرى: 6/266]
جهنّم زفرةً لم يبق منّا أحدٌ إلّا شاب»
[الإبانة الكبرى: 6/267]
450 - وحدّثنا أبو إسحاق الشّيرجيّ، قال: حدّثنا المرّوذيّ، قال: حدّثنا أبو عمر المخرّميّ، قال: كنت مع سعيد بن منصورٍ ونحن في الطّواف، قال: فسمعت هاتفًا يقول: ضرب أحمد بن حنبلٍ اليوم بالسّياط؟ قال: فقال لي سعيدٌ: أوما سمعت أوسمعت؟ قلت: بلى. قال: يعني: سعيد بن منصورٍ: هذا من صالحي الجنّ أو من الملائكة، إن كان هذا حقًّا، فإنّ اليوم قد ضرب أحمد بن حنبلٍ، فقال: فنظرنا فإذا قد ضرب في ذلك اليوم " قال أبو عبد اللّه: " لمّا ضربت امتلأت ثيابي بالدّماء، وكنت صائمًا، فجاءوا بسويقٍ فلم أشرب، وأتممت صومي، وكان بعض الجيران ثمّ حاضرًا، فأيّ شيءٍ نزل به - يعني: لمّا امتنع أبو عبد اللّه من شرب السّويق - لا أدري إسحاق بن إبراهيم أو غيره قال: وبلغني أنّه لم يدخل على أبي عبد اللّه طعامٌ في قصر إسحاق، وقد كان منع أن يدخل إليه، وقال: تأكل من طعامنا. قال أبو عبد اللّه: فمكثت يومين لا أطعم " قال المرّوذيّ: فقال لي النّيسابوريّ صاحب إسحاق بن إبراهيم: قال لي الأمير: إذا جاؤوا بإفطاره فأرونيه قال: فجاءوا برغيفين وخبّازةٍ، قال: فأروه الأمير، فقال: هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يقنعه
[الإبانة الكبرى: 6/267]
451 - وأخبرني أبو عمرٍو عثمان بن عمر قال: حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن محمّد بن هارون، قال: أخبرنا عبد اللّه بن أحمد، عن أبي عبد اللّه، وذكر
[الإبانة الكبرى: 6/267]
قصّةً طويلةً قال: «وجعل أولئك يلقون المسائل» قال: قلت: " هذا ممّا لا أتكلّم فيه، لأنّه ليس في كتاب اللّه ولا سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقلت لهم: «أيّ شيءٍ تقولون إذا دخلتم المسجد؟ وأيّ شيءٍ تقولون إذا خرجتم من المسجد؟» فسكتوا، قال: قلت: " يا أمير المؤمنين هؤلاء لا يدرون أيّ شيءٍ يقولون إذا دخلوا المسجد وإذا خرجوا، يسألون عن القرآن؟ أمر القرآن أعظم، وذكر كلامًا كثيرًا
[الإبانة الكبرى: 6/268]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir