دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #14  
قديم 22 ربيع الثاني 1442هـ/7-12-2020م, 09:23 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني


أدّ تطبيقين من تطبيقات كلّ درس من الدروس التالية:


تطبيقات الدرس السادس عشر:


بيّن معاني الشرط في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:


4: قول الله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
القارئ لسورة يوسف، لا يكاد يغفل عن أداة الشرط {لما} تأخذ قلبه معها مرارا وتكرارا، تسرح بخياله مع أحسن القصص، تأتي مقرونة بالفاء مرة فيكون لها دلالات ومعانٍ، وتأتي مجردة مرة لتشير إلى دلالات ومعانٍ أخر، وتترك الحفاظ يبتكرون الطرق للتفريق وإتقان الحفظ ملتفتين إلى الفرق البياني تارة وذاهبين وراء الفروق الإحصائية والمادية – إن صح التعبير- تارات

في كل مرة تطالعك فيها {لما} تشحذ همتك وسمعك وبصرك لمتابعة جوابها، مشتاقا إلى نتيجة شرطها إذ أنها كما يقول النحويين أداة وجود لوجود تستدعي جوابا، وفي كل مرة يأتي معها جواب تابع للشرط ومفسر له يكشف فصلا مهما من فصول القصة..

إلا أن جواب لما اختفى في موضعين من السورة جاء فيها حرف الشرط وفعله ولم يذكر الجواب!

الموضع الأول لا شك أنه من أهم فصول القصة وبه بدأت معاناة يعقوب عليه السلام بفقد ابنه الأول

قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}. [يوسف، 15].


والموضع الثاني وهو الآية المقصودة بالدراسة هنا يحتاج إلى نظر لكنه كان مقدمة لفقد الابن الثاني...

قال تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}. [يوسف: 68]

لا يخفى أن {لما} حرف شرط فيه معنى الظرفية، فعلها في هذه الآية دخلوا، لكن أين الجواب؟

أطلك لفكرك العنان..

{ولما دخلوا} أمنوا مما خاف عليهم منه أبوهم فوصلوا لمبتغاهم بسلام.
{ولما دخلوا} تفرقوا فأخذ منهم إعادة التجمع وقتا.
{ولما دخلوا} أدركوا حكمة أبيهم حيث تجنبوا بهذا التفرق المساءلة والمراقبة والحسد والترصد.
{ولما دخلوا} ضربوا موعدا محددا للتجمع بذكائهم وخبرتهم السابقة في المكان.
{ولما دخلوا} أناخوا مطاياهم، وبلغوا سلام والدهم للملك، وقالوا هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به وقد فعلنا...

جمل كثيرة يمكن أن يدل عليها جواب الشرط المحذوف..
لكنه لم يذكر منها شيئا..
بل انتقل بك إلى المعنى الأهم وهو أن فعلهم هذا كان سببا لا يقدم ضررا ولا يؤخر قضاء إلا بإذن الله، وأن فعلهم هذا لم يكن لينجيهم لولا أن الله قدر سلامتهم {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}..

جمل يتركها لك السياق لتأخذ بمجامع قلبك تغدو معها أفكارك خماصا وتروح بطانا..
فهنا حدث.. أعقبته أحداث ذات شأن..

حذف يعكس صورة من صور بلاغة القرآن وجمال اللغة، ويترك للقارئ فرصة للتلذذ باستنباط المعنى المحذوف بألفاظ قليلة تدل على معان عظيمة.

حذف جواب لما ثابت متكرر في اللغة، وقد ذكره بعض المفسرين وأهل اللغة تحديدا في هذه الآية، مع ذكر بعضهم لغيره من الأقوال، ولعل أكثرهم فصل الأمر في حذف جواب لما في قوله تعالى: {فلما ذهبوا به..} الآية {يوسف: 15]، وفي قوله: {فلما أسلما وتله للجبين}، [الصافات: 103] بسبب الخلاف المشهور بين البصريين والكوفيين بشأن زيادة الواو في الجواب، ثم أنهم لم يتعرضوا لمسألة جواب لما هنا.

وسأذكر فيما يلي بحول الله ما مر بي من أقوال:
1. أن الجواب كما ذكرنا محذوف يمكن تقديره بعدد من الجمل، قال ابن عاشور "وَقَدْ أَغْنَتْ جُمْلَةُ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ عَنْ جُمَلٍ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُمُ ارْتَحَلُوا وَدَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ، وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ سَلِمُوا مِمَّا كَانَ يَخَافُهُ عَلَيْهِمْ"، كما ذكر هذا القول ابن عطية، وأبو حيان في البحر المحيط، وصاحب اللباب في علوم الكتاب، وأشارت إليه بعض الكتب المؤلفة في إعراب القرآن مثل: الكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد، والتبيان في إعراب القرآن.
2. أن الجواب دلت عليه جملة {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} قال ابن عطية: " فجواب لَمَّا في معنى قوله: ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ"، وذكر هذا القول في بعض كتب إعراب القرآن مثل: الكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد، والتبيان، والجدول في إعراب القرآن،
ونص بعضهم على أن الجواب هو قوله {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} كما جاء في فتح القدير، وفتح البيان، وذكر بعضهم أن هذا الجواب يدل على أن لما هنا حرف وجوب لوجوب وليست ظرف زمان أمثال أبو حيان في البحر المحيط، ورجحه صاحب اللباب في علوم الكتاب

3. أن الجواب هُوَ {آوَى}، في الآية التي تليها من قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} قال صاحب التبيان في إعراب القرآن وهو يعرض الأقوال: "وَهُوَ جَوَابُ «لَمَّا» الْأُولَى، وَالثَّانِيَةُ ; كَقَوْلِكَ: لَمَّا جِئْتُكَ وَلَمَّا كَلَّمْتُكَ أَجَبْتَنِي، وَحَسَّنَ ذَلِكَ أَنَّ دُخُولَهُمْ عَلَى يُوسُفَ يَعْقُبُ دُخُولَهُمْ مِنَ الْأَبْوَابِ". وذكره صاحب الكتاب الفريد، وصاحب اللباب في علوم الكتاب، كما أشير إلى هذا القول في حاشية الجدول في إعراب القرآن.

إذا تأملنا في هذه الأقوال نجد أن القول الثالث بعيد، وأن كون جملة ما كان يغني عنهم من الله من شيء جوابا أيضا فيه نظر، أما كونه دلالة على أحد احتمالات جواب الشرط فقد يكون مقبولا
حيث إن دخولهم على الصفة التي أمرهم بها أبوهم لم تمنع عنهم ما نسب إليهم من السرقة وأخذ بنيامين ومضاعفة المصيبة على والدهم لأن الحذر لا يغني من القدر.
ولكن الأولى والله أعلم هو القول الأول وهو الإقرار بأن الجواب محذوف وهو أمر سائغ متكرر له دلالاته اللغوية والبيانية، وذلك ليعمّ الجواب كلَّ تقدير صحيحٍ يحتمله السياق، ويبلغه التفكّر.

والله أعلم وأحكم

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir