دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 محرم 1441هـ/20-09-2019م, 12:12 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي

س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

المقدمة:
ثرية هى المقدمة، تبدي عن مؤلف حاذق بذل في سبيل العلم حتى أجاد، بارع الصياغة، موفق في انتقاء الألفاظ، سار على درب العلماء فأتقن وأضاف، إنه الإمام الفقيه القاضي ابن عطية الأندلسي..
ابتدأ ابن عطية بالثناء على الله وحمده على نعمه العظيمة وآلائه الجليلة، ومن تلك النعم نعمة نزول القرآن، الذي هو سبيل النجاة لمن اتبع هداه وبه اعتصم، بلاغته لا تفوقها بلاغة، وهو أعظم بلاغ، وأحكم شرع، ثم ثنى بالصلاة على النبي والسلام مبتدئً وصفه بصفوة العباد وشفيع الخلائق، مختتماً بتفرده بشرف ختم أكمل الرسالات.

-اجتهاد ابن عطية في النهل من العلوم، واختيار القرآن وعلومه كعلمٍ يتعمق في دقائقه:
بذل ابن عطية جهدا لتحصيل من كل علم وفن حتى وُفق لنيل كفايته من كل درب سلك،
ولما من معين العلوم نهل، عمد إلى أشرف العلوم وأجلها، ليتتبع أعماقه، ويضبط أصوله، ويستخلص من كنوزه التي لاتنفذ، ويقف عند عجائبه التي لا تنقضي، قاصدا تقديم ما يحتمي به أهل هذا العلم من أقوال، وأثرا يسيرون على خطاه، فكان هذا العلم هو القرآن.
- أسباب اختيار ابن عطية للقرآن وعلومه:
اختار ابن عطية هذا العلم لأسباب عدة ذكرها في مقدمته وهى:

1. كون علم القرآن أشرف العلوم وأحكمها، ومن دلالة شرفه اختيار أفضل الرسل في السماء والأرض لتبليغه.
2. هو أصل العلوم، وأساسها، فما قام من علم مما سواه من العلوم إلا وانبثقت الحاجة إليه من علم القرآن، فالعلوم خادمة لعلم القرآن.
3. لاستقلاله بالسنة والفرض.
4. أعظم العلوم تقريبا لله إذ اشتمل على العلم عن الله، وبه تصحح النيات والمقاصد، ويُزجر عن كل باطل، ويُحض على كل صالح.
5. رجاء النجاة من النار بسبب الاشتغال بكلام الله تلاوةً لآياته، وتفهماً لمعانيه، وتبييناً لبلاغته.

سبب تأليف ابن عطية للتفسير وتدوينه ما خلص إليه في هذا العلم:
قصد ابن عطية بتأليفه حفظ ما حاز من كثير النكت والفوائد خشية نسيانها، واستدل لعظم هذا العلم بقول الله تعالى: (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا)، فالقرآن ثقيل تفهم دقائق معانيه، ثقيل العمل به، واستدل لأهمية حفظ العلم بالتقييد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( قيدوا العلم بالكتب)، وقد امتثل.


منهج ابن عطية في تأليف تفسيره:
- عمد ابن عطية إلى جمع أقوال السلف في التفسير، وتحريرها وذكر ما ترجح عنده منها، مراعيا أن يكون التفسير وجيزا، منتقيا من الآثار ما يُفسر الآيات، مُوفيا لما جاء فيها من أقوال ومعان مع الحذف للفضول.
- ينسب ابن عطية أقوال السلف إليهم، وهم أهل العربية التي نزل بها القرآن، فقولهم معتبرٌ مقدمٌ ،
مجتنبا أقوال أهل البدع التي لا أساس لها، منبها على قول بعضهم في سياق تفسيره.
-يفسر ابن عطية الآية بما فيها من مسائل على ترتيبها، متعرضا لألفاظها وما فيها من أحكام ونحو ولغة ومعنى وقراءات مخالفا أسلوب المهدوي الذي لم يكن منهجه في تأليف تفسيره السير بترتيب مسائل الآية.
- وأشار إلى أنه أورد في تفسيره من القراءات حتى ما شذ منها، ونبه على ذلك.
- وقد فسر ابن عطية القرآن قاصدا تبيين معانيه، ذاكرا لكل ما احتمله اللفظ من معان بحسب علمه واجتهاده.
- وقال أن ما ذكره في مقدمة تفسيره من مسائل تطرق إليها من قبله المفسرون، لكنه أراد أن يرسخها في ذهن طالب هذا العلم بذكرها، وإضافة ما حازه وتحصل له من رحلة الطلب.

وقد شرع ابن عطية في تقسيم مقدمته على أبواب عنونها بمسائل منوعة من علوم القرآن وغيرها:
باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به

عمد ابن عطية في هذا الباب إلى إيراد جملة من الأحاديث والآثار التي يتبين بها فضل القرآن وفضل تلاوته، وكذلك ساق ما يتبين به فضل تدبره، والحث على العمل به، وبيان بركته التي تعم الأمة وشفاعته لها إلا لمن هجره وأعرض عنه فإنه شاهد عليه، والقرآن سبيل النجاة من الفتن، وهو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هو وصيته لأصحابه، ولذا فقد عاش السلف مع القرآن واهتموا بتعلمه وتعليمه حتى أن بعضهم قدمه على غيره من النوافل خشية أن ينشغل عنه، وبالقرآن تلين القلوب وتنشرح الصدور وتذهب الأحزان وتتبدد الهموم، فاللهم اجعلنا ممن أحسن صحبته.

المسائل:

- سبيل النجاة من الفتن هو الاعتصام بالقرآن والاهتداء بهديه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم))قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).

- المراد بالعروة الوثقى: القرآن:
قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى}قال: هي القرآن،
وفي الآية الكريمة حث على التمسك بالقرآن.

- فضل تدبر القرآن وتلاوته:
فبكل حرف حسنة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).

- الحث على التمسك بالقرآن والعمل بما جاء فيه:
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض:((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).

- عدم المل من القرآن مهما أعيد وكُرر:

فالقرآن مهما كرر على المسامع أو تكررت تلاوته لا يمل منه، فهو حجة على أهل كل عصر، يتلقونه كما أنزل غضا طريا، وبتكراره تتبدى لقارئه علوما تتجدد مع كل قراءة، وليس ذلك إلا للقرآن.

- الحكمة من تكرار القصص في القرآن:

ولعل الحكمة من ذلك أن يكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار.

- فضل القرآن ومنزلته في الشفاعة لصاحبه:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله))وقال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).

- فضل قراءة القرآن:
وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن)).

– فضل حملة القرآن:
روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).
وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي: من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.

- بركة القرآن تعم الأمة محروم منها من هجره:
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}، فقال سابقكم سابق ومقتصدكم ناج وظالمكم مغفور له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله)).

-القرآن يشفيع لأهله فينجيهم، ويشهد على هاجريه فيخزيهم :
روى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل بهالقرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).
و
روي أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).

- أجر من يجد مشقة قراءة القرآن:
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).

- الأنس بالقرآن:
وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى:{الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم}الآية ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن}.

- أفضل هذه الأمة:
وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه))، فبه تنال الخيرية والبركة وهو مما سبق به الأولون.

- القرآن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم:

وهو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم الذي تركه لأمته يتدراسونه ويتلونه ويعملون به، وقيل أن أعرابيا مر على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.

- المراد ب" مناديا ينادي للإيمان" :
قال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان}قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته}قال: الإسلام والقرآن.

- تقديم القرآن على نوافل العبادات:
قيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه، فترك التنفل بالصوم خشية الانشغال عن كلام الله، قد أحب الله.

- فضل قراءة سورة البقرة:
قال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة))فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة، ولسورة البقرة فضائل جليلة، وبها أعظم آية في كتاب الله.

- صاحب القرآن يُغفر له بالقرآن:
ذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.
فكيف لعاقل أن يفرط في سبب من أسباب المغفرة !

- وصية النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم به أصحابه، قال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال
: ((عليكم بالقرآن)).

-الحث على تعلم القرآن وتعليمه والاتعاظ به كونه سبب للنجاة من الفتن:
قال عبد الله بن عمرو بن العاص
: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل.

- فضل القرآن في الحث على العدل وعدم الجور، وانشراح الصدر وذهاب الحزن.
قال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.

- الاهتمام بخطابات الله للمؤمنين في القرآن:
وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا}فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.

- أحسن الناس قراءة من خشع عند تلاوته:
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال:((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).

- تدبر القرآن سبب للين القلوب:
يروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.

- حال السلف مع القرآن :
روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع}فأن أنة عيد منها عشرين يوما وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.

- الالتفات عن المراد من القرآن وهو العمل به:
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به.

وقال القاضي عبد الحق رضي الله عنه قال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}[المزمل: 5]أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم.

وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به
.

- ختم القرآن بالاستغفار والتسبيح:
وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح.

باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
وفي هذا الباب تحدث ابن عطية عن سبيل فهم القرآن وهو العلم بالعربية وأساليبها، فالعجمة تهلك صاحبها إن أراد فهما لكلام الله.

المسائل:

- بيان معاني القرآن يكون بمعرفة ما تكلم به فصحاء العرب:
روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ((عربيته فالتمسوها في الشعر))، فالقرآن عربي اللفظ تتبين معانيه بمعرفة أساليب العرب.

- بالإعراب تقوم معاني القرآن:
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم:((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب))
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.

- المراد بالحكمة:
وذكر ابن عطية بيان فضل تفسير القرآن فذكر معنى الحكمة كما جاء عن بعض السلف في قول الله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}فقيل أنها: الفهم في القرآن، وقيل:الفقه فيه، وقيل: تفسيره، فكأنه أراد أن ينبه إلى فضل التفسير بأنه هو الحكمة.

- تقديم العالم بالتفسير:
وان السلف يعتنون بالتفسير ويقدم بعضهم على بعض بمعرفة التفسير، وقد ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى:{إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}.

- السفر من أجل تفسير آية:
ومن السلف من كان يشد الرحال في سبيل معرفة تفسير آية واحدة من كتاب الله، وروي أثرا عن الشعبي قال: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.

- فضل العلم بالتفسير، وبيان حال من لا يعلم تفسيره:
قال إياس بن معاوية
: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر.

- فضل الاشتغال بتفسير القرآن:
قال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل.
وقال الحسن:والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها.

- حقيقة الفقه العلم بمعاني القرآن:
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).

- أهمية اللسان العربي في تفهم آيات كتاب الله:
وقال الحسن:أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها.

- من فضل القرآن تقديمه عما سواه من العلوم:
وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.

-القرآن لا يحاط بمعانيه:

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه.

باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين
وفي هذا الباب تحدث ابن عطية عن المغيبات في القرآن، وتفسيرها، وخطأ من قال برأيه في التفسير،
فلابد من علم لصاحب القول في القرآن يمكنه من تفهم معانيه على الوجه الذي أراده الله،ثم انتقل إلى ذكر حال السلف مع تفسير القرآن ، وتورع بعضهم عن القول فيه، وقد تتابع الخير في هذه الأمة، فجاء في كل جيل من يعتني بالتفسير ويؤلف فيه.

المسائل:
- تفسير المغيبات في القرآن:
روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.
وذكر ابن عطية معنى الحديث أن تفسير المغيبات في القرآن توقيفيا فلا يكون بالاجتهاد، ومن مغيبيات القرآن وقت قيام الساعة، ونحوه مما استأثر الله بعلمه.

- خطأ من فسر القرآن برأيه:
وناسب المسألة السابقة أن يتبعها بمسألة التحذير من القول في كلام الله بغير علم، فإن من فسر القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ، وذكر أثرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ))،فلا يفسر القرآن مجردا عن كلام العلماء أو دون إلمام بقواعد العلوم التي تمكن من بيان معانيه.

- المبرزون من الصحابة في التفسير:

ثم انتقل إلى ذكر حال السلف مع تفسير القرآن فمن الصحابة من تصدر للتفسير كعلي ابن أبي طالب، وابن عباس الذي تجرد للتفسير وكان له تلاميذ كمجاهد وعكرمة، فحُفظ عنه أكثر مما حُفظ عن علي بن أبي طالب، وقد أصابته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين))، وقد قال عنه علي بن أبي طال:
ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكل ما جاء عن الصحابة معتبر متقدم.

- المبرزون من التابعين، وتوقف بعضهم عن القول في كلام الله:
-ومن المبرزين من التابعين الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة، وقد توقف بعض التابعين عن القول في التفسير وما كان ذلك منهم عن قلة علم بل تورعا واحتياطا كأمثال سعيد بن المسيب وعامر الشعبي.

- المبرزون في التفسير ممن جاء بعد القرون الأولى في التفسير:
ثم جاء من ألف في التفسير
كعبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم، والذي قد جمع ما تفرق وقرب ما بعد وشفى في الإسناد هو ابن جرير الطبري فكان علامة من العلامات الفارقة المميزة للتأليف في التفسير.

وتوالى التأليف فكان المبرزون من المتأخرين ،كأبي إسحاق وأبي علي الفارسي، وكلاهما مستقصى منتقى، وأبي بكر النقاش، وأبي جعفر النحاس وإن استدرك الناس عليهما، وومن صار على الدرب مكي بن أبي طالب، والمهدوي كان متقنا، والكل مجتهد مأجور.


باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))
وهذه المسألة من المسائل التي كثرت فيها الأقوال واختلف الناس فيها وتعددت الأقوال.

- الحكمة من نزول القرآن على سبعة أوجه:
والحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف هى التوسعة على الأمة والتيسير، وقد عارض جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

- المراد بالأحرف السبعة:
- فقيل أنها سبعة أوجه فما دونها، وكاللغات التي في أف، وكالحروف التي في كتاب الله، وهذا قول ضعيف.

- وقيل أن المراد بها معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال، وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى أحرفا، ولأن الإجماع بأن التوسعة لا تكن في تحريم حلال ولا تحليل حرام ولا في تغيير المعاني.
- وقيل أنها سبعة أبواب واستدل لهذا القول بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
))إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه((.
لكنه ليس هذا المقصود بالأحرف السبعة التي نزلت للتوسعة، فالحرف هنا بمعنى الجهة والطريقة ، والمراد هنا على سبع طرائق وأنواع من تحليل وتحريم وغير ذلك، ولعل الاتفاق في العدد هو سبب الالتباس.- وقيل أنها سبعة أوجه من أسماء الله تعالى، واستدل بأن أبيا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب))،وإذا صحت الرواية، فتحمل على النسخ؛ لأنه لا يجوز التبديل في ألفاظ القرآن بما وافق معناه أو خالفه.

- وخلاصة القول في الأحرف السبعة:
أن الأحرف السبعة هى سبع لغات من لغات العرب لسبع قبائل، نزل القرآن بلغة جملتها، يُعبر عن المعنى بلغة الأفصح والأوجزن تارة بلغة قريش وتارة بلغة هذيل، وهكذا، والاختلاف في تلك اللغات ليس بشديد التباين فلا يجهل بعضهم ما عند بعض، وهذه الأحرف تتغير فيها الأسماء والصور وهى مبثوثة في القرآن وليست موجودة في حرف واحد وسورة واحدة.

- القبائل التي نزل القرآن بلغتها:
ذكر بعض العلماء قبائل من العرب ليعينوا السبع لغات التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم، فنظروا في منشأ النبي صلى الله عليه وسلم ومن جاورهم ومن خالطهم من قبائل بقرب مكة، فكان الأصل قريش، ثم بنو سعد بن بكر، ثم كنانة وهذيل وثقيف وخزاعة وأسد وضبة وألفافها ثم تميم وقيس ومن انضاف إليهم وسط جزيرة العرب، فكانت لتلك البقعة بقلب الجزيرة الأثر في الحفاظ على لغة فصيحة سلمت من فساد أصاب من كان بأطراف الجزيرة وخالط غير العرب.

- الدلالة على سلامة اللسان العربي لقبائل وسط جزيرة العرب:
لما اتسع نطاق الإسلام، ودخل غير العرب فيه، وأراد أهل الكوفة والبصرة حفظ لسان العرب وكتب لغتها فأخذوا عن تلك القبائل التي سكنت وسط الجزيرة، وتجنبوا اليمن والعراق والشام ، وكذا حواضر الحجاز مكة والمدينة والطائف لأن السبي والتجار كثروا فيها ففسدت اللغة.


- المراد من قول الله تعالى: ((فاقرؤوا ما تيسر منه)):
الأمر هنا في الآية لا يفيد الإباحة في تبديل الألفاظ، بل في القراءة بالأحرف السبعة، فلا يذهب كل واحد فيبدل الألفاظ من بعض اللغات التي أنزل بها القرآن، بل يقرأ بأي حرف صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك رحمة من الله بعباده وتوسعة عليهم، فالله عز وجل أنزل القرآن وتكفل بحفظه فلا يقع فيه التبديل ولا التحريف، ولو قدر الله أن يقع فيه التبديل لذهب إعجازه.

- المراد من القول: " إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش":
لما وقع الاختلاف بين المسلمين والتنازع في القراءات، وأمر عثمان بجمع القرآن، فاستناب الكفاة من العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن ويجعلوا ما اختلفت فيه القراءة على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم
: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش".، أي إذا اختلفتم فيما روي فاعمدوا إلى لغة قريش، وقد كتبوا في القرآن من كل اللغات السبع، وجُمع الناس على مصحف واحد سدا للذريعة وتغليبا للمصلحة، وما دون ذلك المصحف فأحرق أو أخرق.

- موقف ابن مسعود من الجمع العثماني:
رفض ابن مسعود أن يترك قراءة تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتمسك بمصحفه لكن العلماء أبوا قراءته سدا للذريعة ولأنه روي أنه كتب فيه أشياء على جهة التفسير فخشي أن يختلط القرآن بغيره- وقد روي أن مصاحف الصحابة لم يكتب فيها غير القرآن.

- منشأ القراءات:
نشأت القراءات بتتبع القراء لما روي لهم من اختلافات ووافق خط المصحف، فاجتهدوا في القراءة ونشأت القراءات السبع التي ثبتت بالإجماع.

- حكم القراءات السبع والقراءات الشاذة:
- القراءات السبع ثبتت بالإجماع فحكمها أنها يصلى بها، وأما الشاذ من القراءات فلا يصلى به؛ لعدم الإجماع عليها.

- كيف كان المصحف الذي جمعه عثمان:
كان المصحف غير مشكول ولا منقوط.


باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
المسائل:
- حفظ القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
كان القرآن محفوظا في صدور الرجال وهذا هو الأصل، وبعضه كتب فيما كان مستعملا للكتابة كاللخاف والرقاع.

- سبب جمع القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:
في خلافة أبي بكر رضي الله عنه لما كثر القتل للقراء والصحابة يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر رضي الله عنهما، بجمع القرآن خشية ضياعه بموت حفاظه وقرائه.

- المكلف بجمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه:

تولى زيد بن ثابت جمع القرآن بتكليف من أبي بكر رضي الله عنه، وقد اختير لما تمتع به من رجاحة العقل وحسن التصرف والأمانة وغيرها من صفات جعلته الاختيار الأمثل لتولى الجمع، وقد جمعه غير مرتب السور.

- هل كان الجمع في عهد أبي بكر رضي الله عنه للقرآن كاملا:
جمع القرآن مرتان، الأولى كانت في عهد أبي بكر رضي الله عنه، والثانية كان في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل أن في الجمع الأول سقطت آية من آخر براءة، وروي أن زيد وجدها عند أبي خزيمة الأنصاري، كما ذكر البخاري، وهو أصح من قول الطبري الذي قال بأن الآية سقطت في الجمع الأخير.
وقال البخاري أن زيد قد فقد آية من سورة الأحزاب، وهى قول الله تعالى: "من المؤمنين رجال"
فوجدها مع خزيمة بن ثابت.

- مصير الصحف التي جُمعت في عهد أبي بكر رضي الله عنه:
بقيت الصحف التي جمعها أبو بكر رضي الله عنده حتى مات، ثم نقلت إلى عمر بن الخطاب، ثم نقلت إلى حفصة بنت عمر بن الخطاب، وبقيت عندها حتى طلبها منها عثمان بن عفان رضي الله عنه حين أراد جمع القرآن، وكانت هذه الصحف بمثابة الإمام في جمع عثمان كما ذكر الطبري.
في خلافة عثمان انتشرت صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة كمصحف ابن مسعود وما كتب عن الصحابة بالشام ومصحف أبي وغير ذلك وكان في ذلك اختلافا وفق السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها
.

- سبب جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه:
لما رأى حذيفة بن اليمان ما وقع من خلاف ونزاع بين المسلمين في القراءة كلٌ يستنصر لقرائته ووصل الأمر ببعضهم إلى الإنكار على غيره بل والتكفير، وكان ذلك في غزوة أرمينية، فأعلم عثمان بالأمر الذي أمر بجمع الناس على مصحف واحد.

- المكلف بجمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه:
كلف عثمان رضي الله عنه زيد بن ثابت وثلاثة من قريش هم: سعيد سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير بجمع القرآن، فيما ذكره البخاري والترمذي وغيرهما.
وروي أن عثمان قرن بزيد أبان بن سعيد بن العاصي وحده، وهذا ضعيف كما ذكر الطبري.

- اعتماد الكتابة بلغة قريش عند الاختلاف في شيء من القرآن:
وروي أن عثمان رضي الله عنه قال لمنطلفهم بجمع القرآن: إذا اختلفتم في شيء فاجعلوه بلغة قريش، ومثال ذلك كتابتهم ل(التابوت) بالتاء بلغة قريش.

- نشر مصحف عثمان في الأمصار وإتلاف ما عداه:
بعد أن تم الجمع واتفق الصحابة على جمع عثمان رضي الله عنه، أُرسلت نسخا من المصحف إلى الأمصار، واتلف ما سواها وقيل أن ذلك بالحرق، أي حرق بالنار أو بالخرق أي دفنت، والأول أحسن.

- ترتيب السور في المصحف:
تريب السور المستقر عليه كان بإقرار من عثمان على ما جمعه زيد ومن كان معه، فيما ذكره مكي بن أبي طالب في تفسير سورة براءة فيما قاله القاضي أبو بكر بن الطيب.

- ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في أوائل السور:
ذكر القاضي أبو بكر الطيب أن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يأمر بوضع البسملة في أول براءة.

- ما كان مرتبا من السور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
ظاهر الآثار تفيد بأن السبع الطوال والحواميم والمفصل كان مرتبا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب.

- نقط المصحف، وأول من نقطه:

روي أن عبد الملك بن مروان أمر بنقط المصحف، فتجرد لذلك الحجاج وكان واليا بالعراق، وأمر الحسن ويحيى بن معمر بنقطه وتحزيبه، وقد ذُكر أن الأخير قد نقط مصحف لابن سيرين.

وأما أول من نقط المصحف فأول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدؤلي، كما رواه المبرد ،ذكر ذلك الزبيدي في الطبقات، وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان هو من أمر أبا الأسود بنقط المصاحف.
وذكر الجاحظ أن نصر بن عاصم هو أول من نقط المصاحف.

- وضع الأعشار:
اختلف في من وضع الأعشار فقيل أن المأمون العباسي قد أمر بذلك، وقيل الحجاج.
وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار.

باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق:
اختلف الناس على آراء فمنهم من قال أن القرآن فيه من كل لغة، كما قال أبو عبيدة وغيره.
ومنهم من قال أن القرآن ليس فيه إلا الألفاظ العربية، وأن ما تشابه من أمثلة وحروف من غير لغات العرب مع
لغات العرب فهو من قبيل التوافق بين اللغات، وهذا ما ذهب إليه الطبري وغيره.

- أمثلة من ألفاظ القرآن ولها استعمال في غير لغات العرب:
- قول الله تعالى : ( إن ناشئة الليل) ، قال ابن عباس
: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل.
- قول الله تعالى: (يؤتكم كفلين من رحمته)، قال أبو موسى الأشعري
: كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة.
- قول الله تعلى: (فرت من قسورة)، قال ابن عباس في القسورة
: إنها الأسد بلغة الحبشة.

- عربية القرآن:

قال ابن عطية أن القرآن عربي نزل بلغة العرب، وإن كان فيه لفظة يقال بعجمتها فقد صارت عربية من أثر مخالطة العرب لغيرهم في الأسفار ومن التجارات وغير ذلك، فصارت تلك الألفاظ عربية بعد تعريبها بالحذف أو تخفيف ثقل عجمتها، وصارت مستخدمة في كلام العرب، وكما هو معلوم فالعرب ليسوا على لسان واحد، فإن جهل عربي لفظة عربية فهى ليست بلغته، كما لم يعرف ابن عباس رضي الله عنه معنى فاطر.
وأما القول بأن لغة توافقت مع لغة أخرى فهذا بعيد، ففي الأغلب أن أحدهما أصل والأخرى فرع.

نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن:
-قيل أن الإعجاز وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها.
-وقيلإن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.

- خلاصة القول في الإعجاز:
والقول الصحيح في المسألة أن الإعجاز وقع بنظم القرآن وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه، التي عجز أهل العربية الأقحاح أن يأتوا بمثلها.

- وجه الإعجاز في القرآن:

أنه جاء من الذي قد أحاط بكل شيء علما، علم الكلام كله، وعلم الذي ناسب من الألفاظ وتقوم به المعاني، فلو نزعت كلمة من كتاب الله وبحثت عن كلمة أخرى تقوم مقامها عجزت، فما تجد في القرآن لفظة إلا وهى الأفضل والأنسب في موضعها، وذلك لأنها من العليم الحكيم، فكان القرآن أبلغ ما يكون، تُحدي به العرب أهل الفصاحة والبيان وعجزوا عنه.

- قيام الحجة على العرب بالقرآن:
أنزل الله القرآن في أهل لغته، فأعيا البلغاء وعجز الفصحاء أن يأتوا بسورة مثله، وأدرك من تدبره أنه قد فاق حدود ما عرفوا من حسن بيان، لم يسبق في فصاحته مثيل، ولا يقدر ولن يقدر أن يتجاوز حد بلاغته أحد، ولو اجتمعت الأمم لذلك، فأذعن له من قدر الله له الهداية، وعاند واستكبر من قدرت عليه الضلالة، ففزع إلى القتال لما عجز عن المعارضة، وقد أظهر الله دينه الحق، وقامت الحجة الداحضة ودفعت كل شبهة باطلة.

- قيام الحجة على الأقوام بما اشتهروا به:
فلما قامت الحجة على العرب أهل الفصاحة استلزم ذلك أن تقوم على غيرهم ممن دونهم في اللسان، وهكذا يؤيد الله الأنبياء في قومهم فأيد عيسى بمعجزة إحياء الموتى وقد قيل أنه كان في زمن غلب فيه الطب، وأيد موسى بمعجزة السحر وكان في قوم عملوا به، وكذلك أيد نبيه صلى الله عليه وسلم بالقرآن فعجز أهل البيان.

باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
المسائل:
- إسناد أفعال إلى الله لم تأتي في القرآن أو السنة:
أدبا مع الله عز وجل يعتذر ابن عطية عن أسلوب انتهجه المفسرون والمحدثون والفقهاء، بأن أسندوا لله ما لم يُسنده إلى نفسه، فيقولون: " خاطب " الله بهذه الآية المؤمنين، و" شرف" الله بالذكر الرجل المؤمن، ونحو ذلك، والذي دفعهم إليه الحاجة إلى إيجاز العبارة واختصارها، وقد كره بعض الأصوليين مثل هذا وقالوا بعدم جواز أن تقرر صفة لله أو تنفى لم تُقرر شرعا.

وقال ابن عطية بأن استعمال عبارات مثل: " حكت" الآية أو اللفظ، هو استعمال عربي شائع متبع من الناس، وهو يتحفظ منه إن وقع فيه في سياق تفسيره وإن كان نادرا.

واستدل ابن عطية من كلام العرب على مثل هذا الأسلوب، بقول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه،
قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا)،
وبعض ما يذكر
فيه جهل بقدر الله وعظمته، كالقول: لا همَّ لا أدري وأنت الداري، والقول::فارتاح ربي وأراد رحمتي، والقول: قد يصبح الله أمام الساري.

باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
المسائل:
- أسماء القرآن:
الكتاب، الفرقان، الذكر.

- معنى القرآن:
القرآن مصدر من قرأ، قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحُكي قرءا.
وهو القول الأقوى في هذه المسألة، ومنه قول حسان بن ثابت في رثاء عثمان رضي الله عنه:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به ..... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا

- معنى الكتاب:
فهو مصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها، ومنه قول الشاعر:(واكتبها بأسيار)أي: اجمعها.
-معنى الفرقان:
مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقان.

- تسمية القرآن بالذكر:
قيل في تسمية القرآن بالذكر أقوال منها:
-أنه يذكر به الناس آخرتهم وإلههم، وما غفلوا عنه فهو مذكر

- وقيل :لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء.
- وقيل: لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.

- معنى السورة والسؤرة:
معنى السؤرة:
البقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب.
ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس:
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد
..... صدعا على نأيها مستطيرا
معنى السورة: معناها اكالذي قيل في معنى السؤرة إلا أن الهمزة فيها مسهلة،
والبعض يقول أنها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه؛ لأن كل بناء يبنى قطعة بعد قطعة، وكل قطعة هى سورة، قال أبو عبيدة
: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن.
ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر:
ألم تر أن الله أعطاك سورة
..... ترى كل ملك دونها يتذبذب

جمع سورة القرآن: بفتح الواو، أما جمع سورة البناء فبسكون الواو.
- ما جاءها في نطقها:
السورة بدون همز هكذا تقولها قريش ومن جاورها من قبائل كهذيل وسعد بن بكر وكنانة،
وتهمزها بعض القبائل كتميم وغيرها فتقول : السؤرة، وقد تقدم ما جاء في معناها.

- معنى الآية: فهي العلامة.

-دلالة تسمية الآية بهذا الاسم:
- أن الجملة التامة من القرآن علامة صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدي بها، فسميت آية.
- وقيل هى من الجملة والجماعة كقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا.
- وقيل لأنها علامة تفصل بين ما قبلها وما بعدها.

- وزن كلمة آية، وأصلها:

-آية، أصلها آيية، وقيل أنها على وزن فعلة،- بفتح العين تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية، كما عند سيبويه.
-وبسكون العين، وأبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف، هكذا قاله الفراء، ونقله عنه سيبويه في ترجمة قول الله تعالى: {وكأين من نبي}.
-
وبكسر العين، أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها، وهذا منقول عن بعض الكوفيين.

-وقيل أنها على وزن فاعلة، حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة، هكذا قال الكسائي.
وعلل مكي ما قاله الكسائي بأن الياء الأولى سكنت وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة.


خاتمة: وبالكلام عن الآية تنتهي المقدمة الثرية، وأرجو أن أكون قد وقفت في استخلاص ما كمن فيها من مسائل، وأن يكلل جهدي في استخلاصها من السطور ومما بينها بالقبول، فالحمد لله الذي وفق وأعان،
وما كان خطأ وسقط فمن نفسي ومن الشيطان..

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 محرم 1441هـ/26-09-2019م, 01:29 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنشاد راجح مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي

س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

المقدمة:
ثرية هى المقدمة، تبدي عن مؤلف حاذق بذل في سبيل العلم حتى أجاد، بارع الصياغة، موفق في انتقاء الألفاظ، سار على درب العلماء فأتقن وأضاف، إنه الإمام الفقيه القاضي ابن عطية الأندلسي..
ابتدأ ابن عطية بالثناء على الله وحمده على نعمه العظيمة وآلائه الجليلة، ومن تلك النعم نعمة نزول القرآن، الذي هو سبيل النجاة لمن اتبع هداه وبه اعتصم، بلاغته لا تفوقها بلاغة، وهو أعظم بلاغ، وأحكم شرع، ثم ثنى بالصلاة على النبي والسلام مبتدئً وصفه بصفوة العباد وشفيع الخلائق، مختتماً بتفرده بشرف ختم أكمل الرسالات.

-اجتهاد ابن عطية في النهل من العلوم، واختيار القرآن وعلومه كعلمٍ يتعمق في دقائقه:
بذل ابن عطية جهدا لتحصيل من كل علم وفن حتى وُفق لنيل كفايته من كل درب سلك،
ولما من معين العلوم نهل، عمد إلى أشرف العلوم وأجلها، ليتتبع أعماقه، ويضبط أصوله، ويستخلص من كنوزه التي لاتنفذ، ويقف عند عجائبه التي لا تنقضي، قاصدا تقديم ما يحتمي به أهل هذا العلم من أقوال، وأثرا يسيرون على خطاه، فكان هذا العلم هو القرآن.
- أسباب اختيار ابن عطية للقرآن وعلومه:
اختار ابن عطية هذا العلم لأسباب عدة ذكرها في مقدمته وهى:

1. كون علم القرآن أشرف العلوم وأحكمها، ومن دلالة شرفه اختيار أفضل الرسل في السماء والأرض لتبليغه.
2. هو أصل العلوم، وأساسها، فما قام من علم مما سواه من العلوم إلا وانبثقت الحاجة إليه من علم القرآن، فالعلوم خادمة لعلم القرآن.
3. لاستقلاله بالسنة والفرض.
4. أعظم العلوم تقريبا لله إذ اشتمل على العلم عن الله، وبه تصحح النيات والمقاصد، ويُزجر عن كل باطل، ويُحض على كل صالح.
5. رجاء النجاة من النار بسبب الاشتغال بكلام الله تلاوةً لآياته، وتفهماً لمعانيه، وتبييناً لبلاغته.

سبب تأليف ابن عطية للتفسير وتدوينه ما خلص إليه في هذا العلم:
قصد ابن عطية بتأليفه حفظ ما حاز من كثير النكت والفوائد خشية نسيانها، واستدل لعظم هذا العلم بقول الله تعالى: (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا)، فالقرآن ثقيل تفهم دقائق معانيه، ثقيل العمل به، واستدل لأهمية حفظ العلم بالتقييد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( قيدوا العلم بالكتب)، وقد امتثل.


منهج ابن عطية في تأليف تفسيره:
- عمد ابن عطية إلى جمع أقوال السلف في التفسير، وتحريرها وذكر ما ترجح عنده منها، مراعيا أن يكون التفسير وجيزا، منتقيا من الآثار ما يُفسر الآيات، مُوفيا لما جاء فيها من أقوال ومعان مع الحذف للفضول.
- ينسب ابن عطية أقوال السلف إليهم، وهم أهل العربية التي نزل بها القرآن، فقولهم معتبرٌ مقدمٌ ،
مجتنبا أقوال أهل البدع التي لا أساس لها، منبها على قول بعضهم في سياق تفسيره.
-يفسر ابن عطية الآية بما فيها من مسائل على ترتيبها، متعرضا لألفاظها وما فيها من أحكام ونحو ولغة ومعنى وقراءات مخالفا أسلوب المهدوي الذي لم يكن منهجه في تأليف تفسيره السير بترتيب مسائل الآية.
- وأشار إلى أنه أورد في تفسيره من القراءات حتى ما شذ منها، ونبه على ذلك.
- وقد فسر ابن عطية القرآن قاصدا تبيين معانيه، ذاكرا لكل ما احتمله اللفظ من معان بحسب علمه واجتهاده.
- وقال أن ما ذكره في مقدمة تفسيره من مسائل تطرق إليها من قبله المفسرون، لكنه أراد أن يرسخها في ذهن طالب هذا العلم بذكرها، وإضافة ما حازه وتحصل له من رحلة الطلب.

وقد شرع ابن عطية في تقسيم مقدمته على أبواب عنونها بمسائل منوعة من علوم القرآن وغيرها:
باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به

عمد ابن عطية في هذا الباب إلى إيراد جملة من الأحاديث والآثار التي يتبين بها فضل القرآن وفضل تلاوته، وكذلك ساق ما يتبين به فضل تدبره، والحث على العمل به، وبيان بركته التي تعم الأمة وشفاعته لها إلا لمن هجره وأعرض عنه فإنه شاهد عليه، والقرآن سبيل النجاة من الفتن، وهو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هو وصيته لأصحابه، ولذا فقد عاش السلف مع القرآن واهتموا بتعلمه وتعليمه حتى أن بعضهم قدمه على غيره من النوافل خشية أن ينشغل عنه، وبالقرآن تلين القلوب وتنشرح الصدور وتذهب الأحزان وتتبدد الهموم، فاللهم اجعلنا ممن أحسن صحبته.

المسائل:

- سبيل النجاة من الفتن هو الاعتصام بالقرآن والاهتداء بهديه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم))قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).

- المراد بالعروة الوثقى: القرآن:
قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى}قال: هي القرآن،
وفي الآية الكريمة حث على التمسك بالقرآن.

- فضل تدبر القرآن وتلاوته:
فبكل حرف حسنة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).

- الحث على التمسك بالقرآن والعمل بما جاء فيه:
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض:((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).

- عدم المل من القرآن مهما أعيد وكُرر:

فالقرآن مهما كرر على المسامع أو تكررت تلاوته لا يمل منه، فهو حجة على أهل كل عصر، يتلقونه كما أنزل غضا طريا، وبتكراره تتبدى لقارئه علوما تتجدد مع كل قراءة، وليس ذلك إلا للقرآن.

- الحكمة من تكرار القصص في القرآن:

ولعل الحكمة من ذلك أن يكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار.

- فضل القرآن ومنزلته في الشفاعة لصاحبه:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله))وقال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).

- فضل قراءة القرآن:
وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن)).

– فضل حملة القرآن:
روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).
وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي: من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.

- بركة القرآن تعم الأمة محروم منها من هجره:
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}، فقال سابقكم سابق ومقتصدكم ناج وظالمكم مغفور له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله)).

-القرآن يشفيع لأهله فينجيهم، ويشهد على هاجريه فيخزيهم :
روى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل بهالقرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).
و
روي أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).

- أجر من يجد مشقة قراءة القرآن:
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).

- الأنس بالقرآن:
وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى:{الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم}الآية ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن}.

- أفضل هذه الأمة:
وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه))، فبه تنال الخيرية والبركة وهو مما سبق به الأولون.

- القرآن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم:

وهو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم الذي تركه لأمته يتدراسونه ويتلونه ويعملون به، وقيل أن أعرابيا مر على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.

- المراد ب" مناديا ينادي للإيمان" :
قال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان}قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته}قال: الإسلام والقرآن.

- تقديم القرآن على نوافل العبادات:
قيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه، فترك التنفل بالصوم خشية الانشغال عن كلام الله، قد أحب الله.

- فضل قراءة سورة البقرة:
قال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة))فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة، ولسورة البقرة فضائل جليلة، وبها أعظم آية في كتاب الله.

- صاحب القرآن يُغفر له بالقرآن:
ذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.
فكيف لعاقل أن يفرط في سبب من أسباب المغفرة !

- وصية النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم به أصحابه، قال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال
: ((عليكم بالقرآن)).

-الحث على تعلم القرآن وتعليمه والاتعاظ به كونه سبب للنجاة من الفتن:
قال عبد الله بن عمرو بن العاص
: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل.

- فضل القرآن في الحث على العدل وعدم الجور، وانشراح الصدر وذهاب الحزن.
قال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.

- الاهتمام بخطابات الله للمؤمنين في القرآن:
وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا}فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.

- أحسن الناس قراءة من خشع عند تلاوته:
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال:((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).

- تدبر القرآن سبب للين القلوب:
يروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.

- حال السلف مع القرآن :
روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع}فأن أنة عيد منها عشرين يوما وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.

- الالتفات عن المراد من القرآن وهو العمل به:
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به.

وقال القاضي عبد الحق رضي الله عنه قال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}[المزمل: 5]أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم.

وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به
.

- ختم القرآن بالاستغفار والتسبيح:
وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح.

باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
وفي هذا الباب تحدث ابن عطية عن سبيل فهم القرآن وهو العلم بالعربية وأساليبها، فالعجمة تهلك صاحبها إن أراد فهما لكلام الله.

المسائل:

- بيان معاني القرآن يكون بمعرفة ما تكلم به فصحاء العرب:
روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ((عربيته فالتمسوها في الشعر))، فالقرآن عربي اللفظ تتبين معانيه بمعرفة أساليب العرب.

- بالإعراب تقوم معاني القرآن:
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم:((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب))
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.

- المراد بالحكمة:
وذكر ابن عطية بيان فضل تفسير القرآن فذكر معنى الحكمة كما جاء عن بعض السلف في قول الله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}فقيل أنها: الفهم في القرآن، وقيل:الفقه فيه، وقيل: تفسيره، فكأنه أراد أن ينبه إلى فضل التفسير بأنه هو الحكمة.

- تقديم العالم بالتفسير:
وان السلف يعتنون بالتفسير ويقدم بعضهم على بعض بمعرفة التفسير، وقد ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى:{إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}.

- السفر من أجل تفسير آية:
ومن السلف من كان يشد الرحال في سبيل معرفة تفسير آية واحدة من كتاب الله، وروي أثرا عن الشعبي قال: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.

- فضل العلم بالتفسير، وبيان حال من لا يعلم تفسيره:
قال إياس بن معاوية
: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر.

- فضل الاشتغال بتفسير القرآن:
قال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل.
وقال الحسن:والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها.

- حقيقة الفقه العلم بمعاني القرآن:
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).

- أهمية اللسان العربي في تفهم آيات كتاب الله:
وقال الحسن:أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها.

- من فضل القرآن تقديمه عما سواه من العلوم:
وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.

-القرآن لا يحاط بمعانيه:

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه.

باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين
وفي هذا الباب تحدث ابن عطية عن المغيبات في القرآن، وتفسيرها، وخطأ من قال برأيه في التفسير،
فلابد من علم لصاحب القول في القرآن يمكنه من تفهم معانيه على الوجه الذي أراده الله،ثم انتقل إلى ذكر حال السلف مع تفسير القرآن ، وتورع بعضهم عن القول فيه، وقد تتابع الخير في هذه الأمة، فجاء في كل جيل من يعتني بالتفسير ويؤلف فيه.

المسائل:
- تفسير المغيبات في القرآن:
روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.
وذكر ابن عطية معنى الحديث أن تفسير المغيبات في القرآن توقيفيا فلا يكون بالاجتهاد، ومن مغيبيات القرآن وقت قيام الساعة، ونحوه مما استأثر الله بعلمه.

- خطأ من فسر القرآن برأيه:
وناسب المسألة السابقة أن يتبعها بمسألة التحذير من القول في كلام الله بغير علم، فإن من فسر القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ، وذكر أثرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ))،فلا يفسر القرآن مجردا عن كلام العلماء أو دون إلمام بقواعد العلوم التي تمكن من بيان معانيه.

- المبرزون من الصحابة في التفسير:

ثم انتقل إلى ذكر حال السلف مع تفسير القرآن فمن الصحابة من تصدر للتفسير كعلي ابن أبي طالب، وابن عباس الذي تجرد للتفسير وكان له تلاميذ كمجاهد وعكرمة، فحُفظ عنه أكثر مما حُفظ عن علي بن أبي طالب، وقد أصابته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين))، وقد قال عنه علي بن أبي طال:
ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكل ما جاء عن الصحابة معتبر متقدم.

- المبرزون من التابعين، وتوقف بعضهم عن القول في كلام الله:
-ومن المبرزين من التابعين الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة، وقد توقف بعض التابعين عن القول في التفسير وما كان ذلك منهم عن قلة علم بل تورعا واحتياطا كأمثال سعيد بن المسيب وعامر الشعبي.

- المبرزون في التفسير ممن جاء بعد القرون الأولى في التفسير:
ثم جاء من ألف في التفسير
كعبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم، والذي قد جمع ما تفرق وقرب ما بعد وشفى في الإسناد هو ابن جرير الطبري فكان علامة من العلامات الفارقة المميزة للتأليف في التفسير.

وتوالى التأليف فكان المبرزون من المتأخرين ،كأبي إسحاق وأبي علي الفارسي، وكلاهما مستقصى منتقى، وأبي بكر النقاش، وأبي جعفر النحاس وإن استدرك الناس عليهما، وومن صار على الدرب مكي بن أبي طالب، والمهدوي كان متقنا، والكل مجتهد مأجور.


باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))
وهذه المسألة من المسائل التي كثرت فيها الأقوال واختلف الناس فيها وتعددت الأقوال.

- الحكمة من نزول القرآن على سبعة أوجه:
والحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف هى التوسعة على الأمة والتيسير، وقد عارض جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

- المراد بالأحرف السبعة:
- فقيل أنها سبعة أوجه فما دونها، وكاللغات التي في أف، وكالحروف التي في كتاب الله، وهذا قول ضعيف.

- وقيل أن المراد بها معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال، وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى أحرفا، ولأن الإجماع بأن التوسعة لا تكن في تحريم حلال ولا تحليل حرام ولا في تغيير المعاني.
- وقيل أنها سبعة أبواب واستدل لهذا القول بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
))إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه((.
لكنه ليس هذا المقصود بالأحرف السبعة التي نزلت للتوسعة، فالحرف هنا بمعنى الجهة والطريقة ، والمراد هنا على سبع طرائق وأنواع من تحليل وتحريم وغير ذلك، ولعل الاتفاق في العدد هو سبب الالتباس.- وقيل أنها سبعة أوجه من أسماء الله تعالى، واستدل بأن أبيا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب))،وإذا صحت الرواية، فتحمل على النسخ؛ لأنه لا يجوز التبديل في ألفاظ القرآن بما وافق معناه أو خالفه.

- وخلاصة القول في الأحرف السبعة:
أن الأحرف السبعة هى سبع لغات من لغات العرب لسبع قبائل، نزل القرآن بلغة جملتها، يُعبر عن المعنى بلغة الأفصح والأوجزن تارة بلغة قريش وتارة بلغة هذيل، وهكذا، والاختلاف في تلك اللغات ليس بشديد التباين فلا يجهل بعضهم ما عند بعض، وهذه الأحرف تتغير فيها الأسماء والصور وهى مبثوثة في القرآن وليست موجودة في حرف واحد وسورة واحدة.

- القبائل التي نزل القرآن بلغتها:
ذكر بعض العلماء قبائل من العرب ليعينوا السبع لغات التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم، فنظروا في منشأ النبي صلى الله عليه وسلم ومن جاورهم ومن خالطهم من قبائل بقرب مكة، فكان الأصل قريش، ثم بنو سعد بن بكر، ثم كنانة وهذيل وثقيف وخزاعة وأسد وضبة وألفافها ثم تميم وقيس ومن انضاف إليهم وسط جزيرة العرب، فكانت لتلك البقعة بقلب الجزيرة الأثر في الحفاظ على لغة فصيحة سلمت من فساد أصاب من كان بأطراف الجزيرة وخالط غير العرب.

- الدلالة على سلامة اللسان العربي لقبائل وسط جزيرة العرب:
لما اتسع نطاق الإسلام، ودخل غير العرب فيه، وأراد أهل الكوفة والبصرة حفظ لسان العرب وكتب لغتها فأخذوا عن تلك القبائل التي سكنت وسط الجزيرة، وتجنبوا اليمن والعراق والشام ، وكذا حواضر الحجاز مكة والمدينة والطائف لأن السبي والتجار كثروا فيها ففسدت اللغة.


- المراد من قول الله تعالى: ((فاقرؤوا ما تيسر منه)):
الأمر هنا في الآية لا يفيد الإباحة في تبديل الألفاظ، بل في القراءة بالأحرف السبعة، فلا يذهب كل واحد فيبدل الألفاظ من بعض اللغات التي أنزل بها القرآن، بل يقرأ بأي حرف صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك رحمة من الله بعباده وتوسعة عليهم، فالله عز وجل أنزل القرآن وتكفل بحفظه فلا يقع فيه التبديل ولا التحريف، ولو قدر الله أن يقع فيه التبديل لذهب إعجازه.

- المراد من القول: " إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش":
لما وقع الاختلاف بين المسلمين والتنازع في القراءات، وأمر عثمان بجمع القرآن، فاستناب الكفاة من العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن ويجعلوا ما اختلفت فيه القراءة على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم
: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش".، أي إذا اختلفتم فيما روي فاعمدوا إلى لغة قريش، وقد كتبوا في القرآن من كل اللغات السبع، وجُمع الناس على مصحف واحد سدا للذريعة وتغليبا للمصلحة، وما دون ذلك المصحف فأحرق أو أخرق.

- موقف ابن مسعود من الجمع العثماني:
رفض ابن مسعود أن يترك قراءة تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتمسك بمصحفه لكن العلماء أبوا قراءته سدا للذريعة ولأنه روي أنه كتب فيه أشياء على جهة التفسير فخشي أن يختلط القرآن بغيره- وقد روي أن مصاحف الصحابة لم يكتب فيها غير القرآن.

- منشأ القراءات:
نشأت القراءات بتتبع القراء لما روي لهم من اختلافات ووافق خط المصحف، فاجتهدوا في القراءة ونشأت القراءات السبع التي ثبتت بالإجماع.

- حكم القراءات السبع والقراءات الشاذة:
- القراءات السبع ثبتت بالإجماع فحكمها أنها يصلى بها، وأما الشاذ من القراءات فلا يصلى به؛ لعدم الإجماع عليها.

- كيف كان المصحف الذي جمعه عثمان:
كان المصحف غير مشكول ولا منقوط.


باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
المسائل:
- حفظ القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
كان القرآن محفوظا في صدور الرجال وهذا هو الأصل، وبعضه كتب فيما كان مستعملا للكتابة كاللخاف والرقاع.

- سبب جمع القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:
في خلافة أبي بكر رضي الله عنه لما كثر القتل للقراء والصحابة يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر رضي الله عنهما، بجمع القرآن خشية ضياعه بموت حفاظه وقرائه.

- المكلف بجمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه:

تولى زيد بن ثابت جمع القرآن بتكليف من أبي بكر رضي الله عنه، وقد اختير لما تمتع به من رجاحة العقل وحسن التصرف والأمانة وغيرها من صفات جعلته الاختيار الأمثل لتولى الجمع، وقد جمعه غير مرتب السور.

- هل كان الجمع في عهد أبي بكر رضي الله عنه للقرآن كاملا:
جمع القرآن مرتان، الأولى كانت في عهد أبي بكر رضي الله عنه، والثانية كان في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل أن في الجمع الأول سقطت آية من آخر براءة، وروي أن زيد وجدها عند أبي خزيمة الأنصاري، كما ذكر البخاري، وهو أصح من قول الطبري الذي قال بأن الآية سقطت في الجمع الأخير.
وقال البخاري أن زيد قد فقد آية من سورة الأحزاب، وهى قول الله تعالى: "من المؤمنين رجال"
فوجدها مع خزيمة بن ثابت.

- مصير الصحف التي جُمعت في عهد أبي بكر رضي الله عنه:
بقيت الصحف التي جمعها أبو بكر رضي الله عنده حتى مات، ثم نقلت إلى عمر بن الخطاب، ثم نقلت إلى حفصة بنت عمر بن الخطاب، وبقيت عندها حتى طلبها منها عثمان بن عفان رضي الله عنه حين أراد جمع القرآن، وكانت هذه الصحف بمثابة الإمام في جمع عثمان كما ذكر الطبري.
في خلافة عثمان انتشرت صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة كمصحف ابن مسعود وما كتب عن الصحابة بالشام ومصحف أبي وغير ذلك وكان في ذلك اختلافا وفق السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها
.

- سبب جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه:
لما رأى حذيفة بن اليمان ما وقع من خلاف ونزاع بين المسلمين في القراءة كلٌ يستنصر لقرائته ووصل الأمر ببعضهم إلى الإنكار على غيره بل والتكفير، وكان ذلك في غزوة أرمينية، فأعلم عثمان بالأمر الذي أمر بجمع الناس على مصحف واحد.

- المكلف بجمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه:
كلف عثمان رضي الله عنه زيد بن ثابت وثلاثة من قريش هم: سعيد سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير بجمع القرآن، فيما ذكره البخاري والترمذي وغيرهما.
وروي أن عثمان قرن بزيد أبان بن سعيد بن العاصي وحده، وهذا ضعيف كما ذكر الطبري.

- اعتماد الكتابة بلغة قريش عند الاختلاف في شيء من القرآن:
وروي أن عثمان رضي الله عنه قال لمنطلفهم بجمع القرآن: إذا اختلفتم في شيء فاجعلوه بلغة قريش، ومثال ذلك كتابتهم ل(التابوت) بالتاء بلغة قريش.

- نشر مصحف عثمان في الأمصار وإتلاف ما عداه:
بعد أن تم الجمع واتفق الصحابة على جمع عثمان رضي الله عنه، أُرسلت نسخا من المصحف إلى الأمصار، واتلف ما سواها وقيل أن ذلك بالحرق، أي حرق بالنار أو بالخرق أي دفنت، والأول أحسن.

- ترتيب السور في المصحف:
تريب السور المستقر عليه كان بإقرار من عثمان على ما جمعه زيد ومن كان معه، فيما ذكره مكي بن أبي طالب في تفسير سورة براءة فيما قاله القاضي أبو بكر بن الطيب.

- ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في أوائل السور:
ذكر القاضي أبو بكر الطيب أن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يأمر بوضع البسملة في أول براءة.

- ما كان مرتبا من السور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
ظاهر الآثار تفيد بأن السبع الطوال والحواميم والمفصل كان مرتبا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب.

- نقط المصحف، وأول من نقطه:

روي أن عبد الملك بن مروان أمر بنقط المصحف، فتجرد لذلك الحجاج وكان واليا بالعراق، وأمر الحسن ويحيى بن معمر بنقطه وتحزيبه، وقد ذُكر أن الأخير قد نقط مصحف لابن سيرين.

وأما أول من نقط المصحف فأول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدؤلي، كما رواه المبرد ،ذكر ذلك الزبيدي في الطبقات، وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان هو من أمر أبا الأسود بنقط المصاحف.
وذكر الجاحظ أن نصر بن عاصم هو أول من نقط المصاحف.

- وضع الأعشار:
اختلف في من وضع الأعشار فقيل أن المأمون العباسي قد أمر بذلك، وقيل الحجاج.
وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار.

باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق:
اختلف الناس على آراء فمنهم من قال أن القرآن فيه من كل لغة، كما قال أبو عبيدة وغيره.
ومنهم من قال أن القرآن ليس فيه إلا الألفاظ العربية، وأن ما تشابه من أمثلة وحروف من غير لغات العرب مع
لغات العرب فهو من قبيل التوافق بين اللغات، وهذا ما ذهب إليه الطبري وغيره.

- أمثلة من ألفاظ القرآن ولها استعمال في غير لغات العرب:
- قول الله تعالى : ( إن ناشئة الليل) ، قال ابن عباس
: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل.
- قول الله تعالى: (يؤتكم كفلين من رحمته)، قال أبو موسى الأشعري
: كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة.
- قول الله تعلى: (فرت من قسورة)، قال ابن عباس في القسورة
: إنها الأسد بلغة الحبشة.

- عربية القرآن:

قال ابن عطية أن القرآن عربي نزل بلغة العرب، وإن كان فيه لفظة يقال بعجمتها فقد صارت عربية من أثر مخالطة العرب لغيرهم في الأسفار ومن التجارات وغير ذلك، فصارت تلك الألفاظ عربية بعد تعريبها بالحذف أو تخفيف ثقل عجمتها، وصارت مستخدمة في كلام العرب، وكما هو معلوم فالعرب ليسوا على لسان واحد، فإن جهل عربي لفظة عربية فهى ليست بلغته، كما لم يعرف ابن عباس رضي الله عنه معنى فاطر.
وأما القول بأن لغة توافقت مع لغة أخرى فهذا بعيد، ففي الأغلب أن أحدهما أصل والأخرى فرع.

نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن:
-قيل أن الإعجاز وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها.
-وقيلإن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.

- خلاصة القول في الإعجاز:
والقول الصحيح في المسألة أن الإعجاز وقع بنظم القرآن وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه، التي عجز أهل العربية الأقحاح أن يأتوا بمثلها.

- وجه الإعجاز في القرآن:

أنه جاء من الذي قد أحاط بكل شيء علما، علم الكلام كله، وعلم الذي ناسب من الألفاظ وتقوم به المعاني، فلو نزعت كلمة من كتاب الله وبحثت عن كلمة أخرى تقوم مقامها عجزت، فما تجد في القرآن لفظة إلا وهى الأفضل والأنسب في موضعها، وذلك لأنها من العليم الحكيم، فكان القرآن أبلغ ما يكون، تُحدي به العرب أهل الفصاحة والبيان وعجزوا عنه.

- قيام الحجة على العرب بالقرآن:
أنزل الله القرآن في أهل لغته، فأعيا البلغاء وعجز الفصحاء أن يأتوا بسورة مثله، وأدرك من تدبره أنه قد فاق حدود ما عرفوا من حسن بيان، لم يسبق في فصاحته مثيل، ولا يقدر ولن يقدر أن يتجاوز حد بلاغته أحد، ولو اجتمعت الأمم لذلك، فأذعن له من قدر الله له الهداية، وعاند واستكبر من قدرت عليه الضلالة، ففزع إلى القتال لما عجز عن المعارضة، وقد أظهر الله دينه الحق، وقامت الحجة الداحضة ودفعت كل شبهة باطلة.

- قيام الحجة على الأقوام بما اشتهروا به:
فلما قامت الحجة على العرب أهل الفصاحة استلزم ذلك أن تقوم على غيرهم ممن دونهم في اللسان، وهكذا يؤيد الله الأنبياء في قومهم فأيد عيسى بمعجزة إحياء الموتى وقد قيل أنه كان في زمن غلب فيه الطب، وأيد موسى بمعجزة السحر وكان في قوم عملوا به، وكذلك أيد نبيه صلى الله عليه وسلم بالقرآن فعجز أهل البيان.

باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
المسائل:
- إسناد أفعال إلى الله لم تأتي في القرآن أو السنة:
أدبا مع الله عز وجل يعتذر ابن عطية عن أسلوب انتهجه المفسرون والمحدثون والفقهاء، بأن أسندوا لله ما لم يُسنده إلى نفسه، فيقولون: " خاطب " الله بهذه الآية المؤمنين، و" شرف" الله بالذكر الرجل المؤمن، ونحو ذلك، والذي دفعهم إليه الحاجة إلى إيجاز العبارة واختصارها، وقد كره بعض الأصوليين مثل هذا وقالوا بعدم جواز أن تقرر صفة لله أو تنفى لم تُقرر شرعا.

وقال ابن عطية بأن استعمال عبارات مثل: " حكت" الآية أو اللفظ، هو استعمال عربي شائع متبع من الناس، وهو يتحفظ منه إن وقع فيه في سياق تفسيره وإن كان نادرا.

واستدل ابن عطية من كلام العرب على مثل هذا الأسلوب، بقول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه،
قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا)،
وبعض ما يذكر
فيه جهل بقدر الله وعظمته، كالقول: لا همَّ لا أدري وأنت الداري، والقول::فارتاح ربي وأراد رحمتي، والقول: قد يصبح الله أمام الساري.

باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
المسائل:
- أسماء القرآن:
الكتاب، الفرقان، الذكر.

- معنى القرآن:
القرآن مصدر من قرأ، قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحُكي قرءا.
وهو القول الأقوى في هذه المسألة، ومنه قول حسان بن ثابت في رثاء عثمان رضي الله عنه:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به ..... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا

- معنى الكتاب:
فهو مصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها، ومنه قول الشاعر:(واكتبها بأسيار)أي: اجمعها.
-معنى الفرقان:
مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقان.

- تسمية القرآن بالذكر:
قيل في تسمية القرآن بالذكر أقوال منها:
-أنه يذكر به الناس آخرتهم وإلههم، وما غفلوا عنه فهو مذكر

- وقيل :لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء.
- وقيل: لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.

- معنى السورة والسؤرة:
معنى السؤرة:
البقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب.
ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس:
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد
..... صدعا على نأيها مستطيرا
معنى السورة: معناها اكالذي قيل في معنى السؤرة إلا أن الهمزة فيها مسهلة،
والبعض يقول أنها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه؛ لأن كل بناء يبنى قطعة بعد قطعة، وكل قطعة هى سورة، قال أبو عبيدة
: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن.
ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر:
ألم تر أن الله أعطاك سورة
..... ترى كل ملك دونها يتذبذب

جمع سورة القرآن: بفتح الواو، أما جمع سورة البناء فبسكون الواو.
- ما جاءها في نطقها:
السورة بدون همز هكذا تقولها قريش ومن جاورها من قبائل كهذيل وسعد بن بكر وكنانة،
وتهمزها بعض القبائل كتميم وغيرها فتقول : السؤرة، وقد تقدم ما جاء في معناها.

- معنى الآية: فهي العلامة.

-دلالة تسمية الآية بهذا الاسم:
- أن الجملة التامة من القرآن علامة صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدي بها، فسميت آية.
- وقيل هى من الجملة والجماعة كقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا.
- وقيل لأنها علامة تفصل بين ما قبلها وما بعدها.

- وزن كلمة آية، وأصلها:

-آية، أصلها آيية، وقيل أنها على وزن فعلة،- بفتح العين تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية، كما عند سيبويه.
-وبسكون العين، وأبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف، هكذا قاله الفراء، ونقله عنه سيبويه في ترجمة قول الله تعالى: {وكأين من نبي}.
-
وبكسر العين، أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها، وهذا منقول عن بعض الكوفيين.

-وقيل أنها على وزن فاعلة، حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة، هكذا قال الكسائي.
وعلل مكي ما قاله الكسائي بأن الياء الأولى سكنت وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة.


خاتمة: وبالكلام عن الآية تنتهي المقدمة الثرية، وأرجو أن أكون قد وقفت في استخلاص ما كمن فيها من مسائل، وأن يكلل جهدي في استخلاصها من السطور ومما بينها بالقبول، فالحمد لله الذي وفق وأعان،
وما كان خطأ وسقط فمن نفسي ومن الشيطان..

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




أحسنتِ، وتميزتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- اجتهدي أن تصيغي عنوان عام كعنصر ومن ثم تجمعين تحته مسائل فرعية، لتجمعي شتات بعض المسائل لديكِ.
- مسألة " المراد من قول الله تعالى :{فاقرؤوا ما تيسر منه}
كلام ابن عطية ليس عن تفسير آية سورة المزمل، ولكن بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)).
التقويم: أ
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir