أجب على الأسئلة التالية إجابة وافية.
س1: بيّن معنى النذر، وأقسامه، وحكم الوفاء به بالتفصيل والاستدلال.
النذر هو: إلزام المكلف نفسه بعبادة لله, ويكون مطلقا أو مقيدا.
أقسام النذر:
1- النذر المطلق: إلزام المكلف نفسه بعبادة لله, كأن يقول: "لله علي أن اصوم غدا", مطلقا غير مقيد بشرط حدوث شيء في المستقبل, أو مقابل شيء قد حدث أصلا, وهذا لا كراهة فيه,بل هو عبادة مشروعة, لقوله تعالى:"وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه".
2- النذر المقيد: إلزام المكلف نفسه بعبادة لله في مقابل شيء يحدثه الله يقضيه, كأن يقول:"لله علي أن أصوم يومين إن نجح ابني", وهذا حكمه الكراهة, وذهب البعض إلى تحريمه, لقوله عليه الصلاة والسلام:"إنما يستخرج به من البخيل", فهو من جهة: أساء الظن بالله, فظن أن الله لا يعطي إلا بمقابل.
ومن جهة أخرى وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام بالبخيل, لأنه لا يصرف العبادات لله إلا على وجه المقابلة.
ومن جهة أخرى: فيه سوء أدب مع الله, حيث يشترط على ربه ما يريد على وجه المقابلة.
أما الوفاء بالنذر, سواء المطلق أو المقيد: فهو واجب يجب الوفاء فيه, لقوله عليه الصلاة والسلام:"من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه", وقد مدح الله الموفين بالنذر في كتابه, فقال:"يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا".
هذا إن كان النذر في طاعة, أما إن كان في معصية فيحرم الوفاء به, للحديث السابق, ولأن المعصية مما نهى الله عنه فلا يجوز غشيانها.
س2: كيف تثبت أنّ النذر عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عزّ وجل؟
أولا: قوله تعالى:"يوفون بالنذر" وفيها مدح الله لمن يفي بنذره, ووعدهم الجنة, وهذا يدل على أنها محبوبة لله, وما كان محبوبا لله فهو عبادة لا يجوز صرفها لغيره.
ثانيا: قوله تعالى:"وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه" فعظم الله النذر وعظم أهله بقوله:"فإن الله يعلمه" وفي هذا دليل على أن الله يحبه, وإنه محل جزاء, وترتب الجزاء عليه يدل على إنه عبادة, فصرفها لغير الله شرك أكبر.
ثالثا: قوله عليه الصلاة والسلام:"من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" فيه إيجاب النبي عليه الصلاة والسلام, الوفاء بالنذر, والواجب من أنواع العبادات, وما كان وسيلة له فهو عبادة أيضا, والوسيلة له هي النذر, فيلزم منه أن يكون النذر عبادة لا تصرف لغير الله تعالى.
كما إن قوله:"ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" وأوجب عليه الكفارة, فدل هذا على انعقاد أصله, وإنما انعقد لكونه عبادة,فصرفها لغير الله شرك أكبر.
.
س3: ما معنى الاستعاذة؟ وما الدليل على أنها عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل؟
الاستعاذة هي: الالتجاء والاعتصام, والمعنى الشرعي هو: الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى, والعياذ به من شر كل ذي شر.
أدلة كونها عبادة:
أولا: إن مادة "استفعل" موضوعة في الغالب للطلب, فمادة: استعاذ, فيها طلب, والمطلوب إذا كان أرفع درجة من الطالب سمي الفعل المتوجه إليه دعاء, والطالب هو مستعيذ بالله, لأن الاستعاذة طلب العياذ, وإن تقرر بأنه دعاء, فالدعاء عبادة لا يجوز صرفها لغير الله, كما قال تعالى:"وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً", وقال عليه الصلاة والسلام:"الدعاء هو العبادة".
ثانيا: قوله تعالى:"وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً" فذم الله المستعيذين بغيره فيما لا يقدر عليه غيره سبحانه.
ثالثا: أمر الله عباده بالاستعاذة به سبحانه, فقال:"قل أعوذ برب الفلق" وقال:"قل اعوذ برب الناس", وامر الله نبيه على أن لا تكون استعاذته إلا بالله فقال:"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله", والأمر لأمته من باب أولى.
فدل هذا على أن الاستعاذة صرفها لغير الله شرك أكبر.
س4: كيف تردّ على من زعم من القبوريين أنه يستعيذ بالأولياء فيما أقدرهم الله عليه؟
الاستعاذة فيها عمل ظاهر وعمل باطن, أما العمل الظاهر فهو طلب العوذ, وأما العمل الباطن فهو توجه القلب، واعتصامه, واضطراره, وتفويض أمر نجاته للمستعاذ به, وهذه العبادات القلبية لا يجوز صرفها لغير الله تعالى.
والقبوريون إنما جمعوا بين قول اللسان وعمل القلب, ويكون الرد عليهم من جهتين:
الأولى: إن هذا الميت عاجز ولا يقدر على فعل اي شيء, فالاستعاذة به غير مقبولة عقلا أو شرعا.
فإن أصر القبوري وأورد بعض الشبه, فيجاب عليه بإثبات ما في الاستعاذة من عبادات قلبية جليلة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى, فصرفها لأهل القبور شرك اكبر.
س5: ما معنى الاستغاثة؟ وما حكم الاستغاثة بغير الله تعالى؟ فصّل القول في ذلك مستدلا لما تقول.
الاستغاثة هي طلب الغوث لإزالة شدة, والدعاء أعم من الاستغاثة حيث يكون في الشدائد وغيرها.
والاستغاثة بغير الله فيها تفصيل:
فالاستغاثة بمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله, شرك اكبر, ودليله:
أولا: لأن الاستغاثة فيها طلب,والمستغيث به إذا كان أرفع درجة من المستغيث; سمي الفعل المتوجه إليه دعاء, وإن تقرر بأنه دعاء, فالدعاء عبادة لا يجوز صرفها لغير الله, كما قال تعالى:"وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً", وقا لعليه الصلاة والسلام:"الدعلء هو العبادة".
والدعاء نوعان:
دعاء عبادة, كالمصلي والمزكي, وهذا لا يكون إلا لله, وهو يستلزم دعاء المسألة, لأنه يسأل الله الأجر والقبول..
ودعاء مسألة, وهو سؤال الله جلب منفعة أو دفع مضرة, وهو متضمن لدعاء العبادة لأن الله تعالى يحب من عباده أن يسألوه.
وقوله تعالى:"فلا تدع" عام يشمل جميع انواع الدعاء.
ثانيا: قوله تعالى:ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين", ففيها نهي عن دعاء ما لا يجلب نفعا ولا يجلب ضرا, سواء كان عاقلا أو غير عاقل كالصنم والحجر, ومن فعل هذا فهو مستحق بأن يوصف بالظلم, والظلم هو الشرك, قال تعالى:"إن الشرك لظلم عظيم".
ثالثا: قوله تعالى:"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو", فلا أمل في غيره سبحانه لأن يكشف أي نوع من الضر الذي يقع على الإنسان, فهذه الاية تقطع عروق الشرك والتعلق بغير الله لكشف الضر, وقوله:"فابتغوا عند الله الرزق", وقوله:"أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء".
رابعا: ما رواه الطبراني بإسناده :"أنه كان في زمن النبي عليه الصلاة السلام منافق يؤذي المؤمنين ، فقال بعضهم : قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق .
فقال النبي عليه الصلاة السلام :" إنه لا يُستغاث بي ، وإنما يستغاث بالله ".
فالرسول عليه الصلاة والسلام, رفض أن يستغاث به فيما يقدر عليه حماية لجناب التوحيد, فكيف يستغاث بغيره فيما لا يقدر عليه إلا الله؟!
أما إن كانت الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه, فهذا جائز لقوله تعالى:"فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه", على أن يعتقد بأنه مجرد سبب وبأن المغيث على الحقيقة هو الله تعالى, وإنه هو الذي سخر له السبب فيتوجه بالعبادات القلبية من الرهب والرغب الرجاء والتفويض والضطرار والاستعانة إلى الله سبحانه وتعالى.
س6: فسّر قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون} وكيف تردّ بهذه الآية على من غلا في النبيّ صلى الله عليه وسلم.
في غزوة أحد كان صفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، والحارث بن هشام ، من أعتى كفار قريش على أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام,
فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام باللعن: وهو الطرد من رحمة الله, فأنزل الله هذه الاية.
فهو عليه الصلاة والسلام, لا يملك ملكا حقيقيا, ولا يملك شيئا من أمور العباد, وليس له الهداية, ولا الإحياء, ولا الإماتة, ولا يملك عواقب الأمور, فهؤلاء الثلاثة قد آمنوا ودخلوا في دين الله, فدل هذا على إنه عليه الصلاة والسلام, لا يملك من أمر العباد شيء, ودل على كمال سلطان الله وقدرته حيث وفقهم االتوبة والإنابة إليه, فدخلوا في الإسلام, فهو وحده الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء, وغيره لا يعلم.
والرد على من غلا في النبي عليه الصلاة السلام, أن في الآية دليل على بشريته, فهو دعا عليهم باللعن والطرد من رحمة الله, ولم يعلم بما هو كائن في الغيب من إسلامهم, وهو قد كان يأس من دخولهم الإسلام, ولم يوفق في هدايتهم هداية التوفيق, فتبين أن ليس بيده النفع ولا الضر, وهذا كله من خصائص الله وحده, فهو العالم, القادر, يهدي من يشاء سبحانه ويتوب عليه, أما غيره من البشر فلا.
س7: فسّر قول الله تعالى: {أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يُخلقون . ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون}
"أيشركون": الاستفهام للتوبيخ والتقريع.
"مالا يخلق": ما لغير العاقل, لأن ما دعوه لا يخلق شيئا فهو جماد ليس بذي فائدة.
"شيئا" نكرة في سباق النفي, فدلت على العموم.
"وهم يخلقون" هذا وصف لهم لإثبات عجزهم, وكشف عوراتهم, فهم مفتقرون إلى غيرهم, فمن ليس بخالق لا بد ان يكون مخلوقا, فكيف يعبد المخلوق مخلوقا ويذر أحسن الخالقين؟
"لا يستطيعون لهم نصرا": أي ليسوا بذي فائدة إن هم احتاجوا إليهم لنصرتهم من عدو, لأنهم حتى "ولا أنفسهم ينصرون" فهم عاجزون حتى عن نصرة أنفسهم والدفاع عنها, وهذا من أقبح ما يكون أن يعبد من دون الله من يعجز عن جلب أي منفعة أو دفع مضرة.
فبين الله سبحانه وتعالى, بأنها لا تصلح للعبادة من أربعة وجوه:
الأول: إنها لا تخلق.
الثاني: إنها مخلوقة مفتقرة إلى غيرها.
الثالث: عجزها عن نصر نفسها.
الرابع: ومن باب أولى نصر غيرها.
فهذا حال جميع ما عبد من دون الله من الجن والملائكة والأصنام وغيرها.