12/204 - وَعَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ، وَلا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ أَبِي مَرْثَدٍ): بِفَتْحِ المِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ المُثَلَّثَةِ.
(الغَنَوِيِّ): بِفَتْحِ الغَيْنِ المُعْجَمَةِ وَالنُّونِ؛ وَهُوَ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوهُ، وَشَهِدَا بَدْراً، وَقُتِلَ مَرْثَدٌ يَوْمَ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ شَهِيداً فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ، وَلا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَفِيهِ دليلٌ على النَّهْيِ عَن الصَّلاةِ إلَى القَبْرِ، [كَمَا نَهَى عَن الصَّلاةِ عَلَى القَبْرِ]س(1)، وَالأَصْلُ التَّحْرِيمُ، وَلَمْ يَذْكُر المِقْدَارَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ النَّهْيُ عَن الصَّلاةِ إلَى القَبْرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا يُعَدُّ مُسْتَقْبِلاً لَهُ عُرْفاً.
وَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ الجُلُوسِ عَلَى القَبْرِ، وَقَدْ وَرَدَتْ بِهِ أَحَادِيثُ؛ كَحَدِيثِ جَابِرٍ فِي وَطْءِ القَبْرِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((لأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِن العُلَمَاءِ.
وَعَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ لا يُكْرَهُ القُعُودُ عَلَيْهَا وَنَحْوُهُ، وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَن القُعُودِ لِقَضَاءِ الحَاجَةِ.
وَفِي المُوَطَّأِ: عَنْ عَلِيِّ بن أبي طالبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَنَّهُ كَانَ يَتَوَسَّدُ القَبْرَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهِ.
وَمِثْلُهُ فِي البُخَارِيِّ عَن ابْنِ عُمَرَ وَعنْ غَيْرِهِ، وَالأَصْلُ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ كَمَا عَرَفْتَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَفِعْلُ الصَّحَابِيِّ لا يُعَارِضُ الحَدِيثَ المَرْفُوعَ، إلاَّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ دَلِيلٌ لِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الكَرَاهَةِ، وَلا يَخْفَى بُعْدُهُ.
(1) ما بين المعقوفين غير موجود بالأصل , ولعله ساقط.