دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 01:04 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب القيامة ومايتعلق بها: الباب الثالث: ذكر الجنة والنار

الباب الثالث: في ذكر الجنة والنار
الفصل الأول: في صفتهما
الفرع الأول: في صفة الجنة
نوع أول
8026 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين} [السجدة: 17].
وفي رواية، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين}».
وفي أخرى، قال: يقول الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ذخرا، بلّه ما أطلعكم عليه، ثم قرأ: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين}.
وفي رواية: «من قراّت أعين». أخرجه البخاري ومسلم، وللبخاري إلى قوله: «على قلب بشر»، ولمسلم نحو الثالثة، ولم يذكر الآية، وقال: «بلّه أطلعكم الله عليه».
وأخرج الترمذي الأولى، وله في أخرى زيادة: «وفي الجنّة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، واقرؤوا إن شئتم {وظلّ ممدود} [الواقعة: 30] وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، واقرؤوا إن شئتم {فمن زحزح عن النّار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} [آل عمران: 185]» وهذه الزيادة قد أخرجها البخاري ومسلم مفردة، وسترد في هذا الفرع، وقد أفردها الترمذي، وسترد إن شاء الله.

[شرح الغريب]
بله ما أطلعكم عليه: بله: من أسماء الأفعال، كرويد، ومه،وصه يقال: بله زيدا - بمعنى: دعه واتركه، وقد توضع موضع الصدر، فيقال: بله زيد، كأنه قال: ترك زيد، وقوله: «ما أطلعكم عليه» يجوز نصبه وجره على اختلاف التقديرين.

8027 - (خ) سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال: «شهدت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلسا وصف فيه الجنة، حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه: فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم اقترأ هاتين الآيتين {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفا وطمعا ومّما رزقناهم ينفقون، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم منّ قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون} [السجدة: 16و 17]».
قال أبو صخر حميد بن زياد: فأخبرت بها محمد بن كعب القرظّي، فقال: أبو حازم حدّثك بهذا؟ قلت: نعم، قال: إن ثمّ لكيسا كثيرا، إنهم أخفوا لله عملا، فأخفى الله لهم ثوابا، ولو قدموا عليه أقرّ تلك الأعين. أخرجه البخاري.

نوع ثان
8028 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -قال: قلت: «يا رسول الله ممّ خلق الخلق؟ قال: من الماء، قلت: الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة من فضّة ولبنة من ذهب، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها، الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، ولا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم، ثم قال: ثلاثة لا تردد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام،وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الله تعالى: وعزّتي لأنصرنّك ولو بعد حين».
هذا الحديث أخرجه الترمذي، وله أول في معنى آخر، والحديث بطوله مذكور في «كتاب المواعظ» من «حرف الميم».

[شرح الغريب]
وملاطها: الملاط: الطين يجعل بين ساقتي البناء،يملط به الحائط أي: يصلح.
يبأس بئس يبأس: إذا افتقر واشتدت حاجته فهو بائس.
الأذفر: مسك أذفر: إذا كان طيب الريح، والذفر: يقال في الطيب والكريه.

8029 - (خ م ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «جنّتان من فضة، آنيتهما وما فيها، وجنتّان من ذهب، آنيتهما وما فيها، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي: «إنّ في الجنّة جنّتين من فضة...» وذكر الحديث.

8030 - عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «جنّتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيها». أخرجه...
نوع ثالث
8031 - (خ م د) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: أّن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها في السماء ميلا - وفي رواية: عرضها - للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي: «إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوّفة، عرضها ستون ميلا، في كل زاوية منها للمؤمن أهل، ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن».
وفي رواية ذكرها رزين: «إنّ في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ملا، ما فيها وصم ولا فصم، في كلّ زاوية منها من أهل، ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن، وجنّتان من فضة آنيتهما، وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربّهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن».
وفي أخرى: «مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلا».

[شرح الغريب]
وصم -فصم: الوصم: الصدع في العود ونحوه، والوصم: والعيب،والفصم: كسر الشيء من غير أن تقصله.

نوع رابع
8032 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين مائة عام» أخرجه الترمذي.

8033 - (ت) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «في الجنة مائة درجة، ما بين كلّ درجة ودرجة كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، منها تفجّر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس» أخرجه الترمذي.
8034 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ في الجنة مائة درجة، لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهنّ لوسعتهم». أخرجه الترمذي.
نوع خامس
8035 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب مائة عام في ظلها ما يقطعها، واقرؤوا إن شئتم: {وظلّ ممّدود، وماء مسكوب} [الواقعة: 30، 31]». أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين: «إن في الجنة شجرة، حضر الجواد المضمّر السريع مائة عام».

[شرح الغريب]
حصر الجواد المضمر: الجواد: الفرس الرائع، وحضره: عدوه.وتضمير الفرس: تمرينه وتدمينه على الجري والسباق،وقيل هو أن يشد عليه سرجه ويجلل بالأجلة، ويحرك حتى يعرق، فيذهب رهله، ويقوى لحمه ويخف.

8036 - (خ م) أبو حازم - رحمه الله -: عن سهل بن سعد: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إنّ في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها» قال: فحدّثتها النعمان بن أبي عياش الزّرقي، فقال: حدّثني أبو سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها» أخرجه البخاري ومسلم.
8037 - (خ م ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمّر السريع مائة عام ما يقطعها» أخرجه البخاري ومسلم متصلا بحديث سهل بن سعد.
وأخرجه الترمذي، وزاد: «وذلك الظّل الممدود».

8038 - (ت) أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -: قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذكر سدرة المنتهى قال «يسير الراكب في ظل الفنن منها: مائة سنة أو يستظلّ بظلّها مائة راكب - شك يحيى - فيها فراش الذهب، كأن ثمرها القلال». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
الفتن: الغصن، وجمعه أفنان.
القلال جمع قلة، وهي حب يسع مزاده من الماء.

8039 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب» أخرجه الترمذي.
8040 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة، واقرؤوا إن شئتم {وظل ممدود} [الواقعة: 30] ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب».
وفي رواية يبلغ به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، واقرؤوا إن شئتم: «{وظلّ ممدود}». أخرجه البخاري.
وفي رواية مسلم مثل الأولى إلى قوله: «سنة» ومثل الثانية إلى قوله: «يقطعها» وأخرج الترمذي إلى قوله: «سنة».

[شرح الغريب]
ولقاب: القاب: القدر

نوع سادس
8041 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لقاب قوس في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب».
وقال: «لغدوة أو روحة في سبيل الله خير مما تطلع عليه الشمس أو تغرب» أخرجه البخاري.
وأخرج مسلم ذكر: «الغدوة والروحة» في حديث، قال: «ولروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها».

8042 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «غدوة في سبيل الله، أو روحة، خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم، أو موضع قدّه في الجنّة، خير من الدنيا وما فيها ولو أنّ أمرأة من نساء أهل الجنة اطّلعت إلى أهل الأرض لأضاءت الدنيا، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها - يعني خمارها - خير من الدنيا وما فيها» أخرجه الترمذي.
وفي رواية لرزين قال: «لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أنّ امرأة من أهل الجنّة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءتها، ولطمست نور الشمس، ولملأتها ريحا، ولنصيفها من رأسها خير من الدنيا وما فيها، وإنّ منّ صرعته دابته في سبيل الله فمات فهو شهيد، وكذا من أتاه سهم غرب فقتله، قال الله تعالى: {ومن يخرج منّ بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت، فقد وقع أجره على الله} [النساء: 100]».

[شرح الغريب]
قده القد: السوط، والمعنى: لقدر قوس أحدكم، والموضع الذي يسع سوطه من الجنة: خير من الدنيا وما فيها.

8043 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، واقرؤوا إن شئتم: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنّة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} أخرجه الترمذي.
8044 - (ت) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو أنّ ما يقلّ ظفر مما في الجنة بدا لتزخرفت له ما بين خوافق السموات والأرض، ولو أنّ رجلا من أهل الجنة اطّلع، فبدا سواره، لطمس ضوء الشمس، كما تطمس الشمس ضوء النّجوم». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
يقل: أقل الشيء: يقله: إذا حمله.
لتزخرفت: الزخرفة: الزينة، والزخرف: الذهب.
خوافق: السماء: الجهات التي تخرج منها الرياح الأربع.

8045 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها منّ وراء سبعين حلّة، حتى يري مخّها، وذلك بأن الله عز وجلّ يقول: {كأنّهن اليّاقوت والمرجان} [الرحمن: 58]
فأما الياقوت، فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم ستصفيته لأريته من ورائها».
أخرجه الترمذي، وقال: وروي عن ابن مسعود، ولم يرفعه، وهو أصح.

نوع سابع
8046 - (ت) معاوية: هو جد بهز بن حكيم - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ في الجنّة بحر العسل، وبحر الخمر، وبحّر اللبن، وبحّر الماء، ثم تنشق الأنهار بعد» أخرجه الترمذي.

8047 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رفعت لي السدرة، فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فأما الظاهران: فالنيل والفرات، وأما الباطنان: فنهران في الجنة، وأتيت بثلاثة أقداح: قدح فيه لبن، وقدح فيه عسل، وقدح فيه خمر، فأخذت الذي فيه اللبّن، فقيل لي: أصبت الفطرة». أخرجه البخاري.
نوع ثامن
8048 - (ت) أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -: قال: أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أعرابي فقال: «يا رسول الله، إني أحبّ الخيل، أفي الجنّة خيل؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أدخلت الجنة أتيت بفرس من ياقوتة، له جناحان، فحملت عليه، ثم طار بك حيث شئت».
قال الترمذي: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: راوي هذا الحديث ضعيف يروي المناكير عن أبي أيوب، فلا يتابع عليها.

8049 - (ت) بريدة - رضي الله عنه -: أنّ رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هل في الجنة خيل؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله أدخلك الجنّة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء، تطير بك في الجنّة حيث شئت، إلا كان، فقال آخر: هل في الجنة من إبل؟ فلم يقل له ما قال لصاحبه، فقال إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك، ولذّت عينك» أخرجه الترمذي.
نوع تاسع
8050 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ في الجنة لمجتمعا للحور العين، يرفعن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها، يقلن: نحن الخالدات، فلا نبيد، ونحن الناعمات، فلا نبأس، ونحن الراضيات، فلا نسخط، طوبى لمن كان لنا وكنّا له». أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
الحور العين الحور: جمع حوراء، وهي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها، والعيناء: وجمعها العين: الواسعة العين.
نبيد باد الشيء يبيد: إذا هلك وتلف.

نوع عاشر
8051 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ في الجنة سوقا يأتونها كلّ جمعة، فتهبّ ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسّنا وجمالا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتهم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا». أخرجه مسلم.

8052 - (ت) سعيد بن المسيب رحمه الله - قال: لقيت أبا هريرة، فقال لي: اسأل الله أن يجمع بيننا في سوق الجنة، فقلت: أفيها سوق؟ قال: نعم، أخبرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنّ أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم، ثم يؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا، فيزورون ربّهم ويبرز لهم عرشه، ويتبدّى لهم في روضة من رياض الجنة، فيوضع لهم منابر من لؤلؤ، ومنابر من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم - وما فيهم دني - على كثبان المسك الكافور، وما يرون أنّ أصحاب الكراسي أفضل منهم مجلسا، قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، هل نرى ربّنا؟ قال: نعم: هل تتماروّن في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟ قلنا: لا، قال: كذلك لا تتمارون في رؤية ربّكم، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله تبارك وتعالى محاضرة، حتى يقول للرجل منهم: يا فلان بن فلان، أتذكر يوم كذا وكذا، إذ قلت كذا وكذا؟ فيذكّره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا ربّ، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى بسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه، فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط، ويقول ربّنا تبارك وتعالى: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، فخذوا ما اشتهيتم، فنأتي سوقا قد حفّت به الملائكة، فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب، فيحمل لنا ما اشتهينا بغير بيع ولا شراء، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا، فيقبل الرجل من منزلته المرتفعة فيلقى من هو دونه - وما فيهم دني - فيروعه ما عليه من اللباس، فما ينقضي آخر سلامه عليه حتى يصير عليه ما هو أحسن منه، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها، ثم ننصرف إلى منازلنا فتتلقانا أزواجنا، فيقلن: مرحبا وأهلا، لقد جئت وإنّ لك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه، فنقول: إنا زرنا اليوم ربّنا الجبار، ويحقّ لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
كثبان: الكثبان: جمع كثيب: وهو الرمل المجتمع.
فيروعه: راعه الشيء يروعه: إذا أعجبه حسنه.

8053 - (ت) على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن في الجنة لسوقا ما فيها شراء ولا بيع إلا الصورة من الرجال والنساء، فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها» أخرجه الترمذي.
الفرع الثاني: في صفة النار
نوع أول
8054 - (خ م ط ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ناركم هذه التي توقدون: جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، قالوا: والله إنّ كانت لكافية يا رسول الله، قال: فإنها فضّلت عليها بتسعة وستين جزءا، كلّها مثل حرها». أخرجه البخاري ومسلم والموطأ والترمذي، وليس عند الموطأ «كلها مثل حرها».

8055 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ناركم هذه: جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، لكلجزء منها حرّها». أخرجه الترمذي.
نوع ثان
8056 - (ت ط) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أوقد على النار ألف سنة حتى احمرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودّت، فهي سوداء مظلمة». أخرجه الترمذي.
وزاد رزين: «فلو أنّ أهل النار وجدوا مثل ناركم هذه لقالوا فيها».
قال الترمذي: وروي موقوفا على أبي هريرة، وهو أصح.
وفي أخرى لرزين: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر النار، فقال: أترونها حمراء مثل ناركم هذه التي توقدون؟ إنها لا أشدّ سوادا من القار، ولو أن أهل النار أصابوا ناركم هذه لناموا فيها - أو قال: لقالوا فيها».
وفي رواية الموطأ أنه قال: «أترونها حمراء كناركم هذه لهي أسود من القار، والقار: الزفت».

نوع ثالث
8057 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لسرادق النار أربع جدر، كثف كلّ جدار: مسيرة أربعين سنة» أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
جدر: الجدر: جمع جدار، وهو الحائط.
كثف: والكثف: جمع كثيف، وهو الثخين الغليظ.

8058 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو أنّ رصاصة مثل هذه - وأشار إلى مثل الجمجة - أرسلت من السماء إلى الأرض - وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنّها أرسلت من رأس السلسة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار، قبل أن تبلغ أصلها، أو قعرها» أخرجه الترمذي.
8059 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «كنّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذ سمع وجبة، فقال: أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حيث انتهى إلى قعرها» زاد في رواية: «فسمعتم وجبتها» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
وجبة: الوجبة: صوت وقع الشيء.

8060 - (ت) الحسن البصري: قال: قال عتبة بن غزوان على منبرنا هذا - منبر البصرة - إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الصخرة العظيمة لتلقى منّ شفير جهنم، فتهوي سبعين عاما تفضي إلى قرارها، قال: وكان عمر يقول: أكثروا ذكر النار، فإنّ حرّها شديد، وقعرها بعيد، وإنّ مقامعها حديد». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
شفير: الشيء: جانبه.

8061 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ويل: واد في جهنم، يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره». أخرجه الترمذي.
نوع رابع
8062 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قرأ هذه الآية: {اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران: 102] فقال: لو أن قطرة من الزّقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامهم؟».أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
الزقوم: هو ماوصفه الله تعالى في كتابه فقال: إنها شجرة تخرج من أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين. (الصافات: 64، 65).

8063 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو أن دلوا من غساق يهّراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
غساق: الغساق: الزمهرير، وويقل: ما يسيل من غسالة أهل النار يخفف ويشدد،وقد قرئ بهما.

نوع خامس
8064 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «اشتكت النار إلي ربّها، فقالت: ربّ، أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشدّ ما تجدون من الحرّ، وأشدّ ما ترون من الزمهرير» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا اشتد الحرّ فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحرّ من فيح جهنم، واشتكت النار إلى ربّها، فأذن لها في كل عام بنفسيّن: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشدّ ما تجدون من الحرّ، وأشدّ ما تجدو من الزمهرير».
ولمسلم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قالت النار: ربّ أكل بعضي بعضا، فائذنّ لي أتنفّس، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم، وما وجدتم من حرّ أو حرور فمن نفس جهنم».
وفي أخرى له: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان الحرّ فأبردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم، وذكر: أنّ النار اشتكت إلى ربّها، فأذن لها في كل عام بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف».
وقد تقدّم في «كتاب الصلاة» و«كتاب خلق العالم» من حرفي الصاد والخاء - روايات لهذا الحديث.
وفي رواية الترمذي مثل الرواية الأولى، إلا أنّه قال: «فأمّا نفسها في الشتاء: فزمهرير، وأمّا نفسها في الصيف: فسموم».

نوع سادس
8065 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يخّرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إني وكّلت بثلاثة، بمن جعل مع الله إلها آخر، وبكل جبّار عنيد، وبالمصورين» أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ بين عيني جهنم مقعدا، قيل: يا رسول الله، ولها عينان؟ قال: أما سمعتم قول الله تعالى: {إذا رأتهمّ من مكان بعيد سمعوا لها تغيّظا وزفيرا} [الفرقان: 12] يخرج عنق من النار، له عينان تبصران، ولسان ينطق، فيقول: وكّلت بمنّ جعل مع الله إلها آخر، فلهو أبصر بهم من الطير بحبّ السمسم، فيلتقطهم، فيحبس بهم في جهنم».

[شرح الغريب]
عنق: العنق: طائفة من الناس: والمراد به: طائفة من النار كالعنق.
فيحبس لهم: يغشيهم في النار ويتأخر عنهم.
جبار عنيد: الجبار: القهار المتكبر: والعنبيد: الجائر عن الحق، كالمعاند له.

نوع سابع
8066 - (م ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يؤتى بالنار يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها». أخرجه مسلم، وأخرجه الترمذي عنه مرفوعا وغير مرفوع.

8067 - (ت) مجاهد ين جبر: قال: قال ابن عباس: «أتدري ما سعة جهنم؟ قلت: لا، قال: أجل والله ما تدري، حدّثتني عائشة: أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله تعالى: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه} [الزمر: 67] قالت: قلت: فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: على جسر جهنم» أخرجه الترمذي.
الفرع الثالث: فيما اشتركنا فيه
8068 - (ت د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لمّا خلق الله الجنة، قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: وعزّتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فحفّها بالمكاره، فقال: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: وعزّتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، قال: ولما خلق الله النار، قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: وعزّتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فحفّها بالشّهوات، فقال: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فلما رجع، قال: وعزّتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها» أخرجه الترمذي، وأبو داود.
وزاد النسائي في ذكّر الجنة بعد قوله: «قال لجبريل: اذهب فانظر إليها»: «وإلى ما أعددت لأهلها فيها» وكذلك زاد في ذكر النار مثله.

8069 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره». أخرجه البخاري ومسلم، ولمسلم «حفّت» بدل «حجبت».
8070 - (م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «حفّت الجنّة بالمكاره، وحفّت النار بالشهوات». أخرجه مسلم والترمذي.
8071 - (خ) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك» أخرجه البخاري.
8072 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تزال جهنم يلّقى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع ربّ العرش - وفي رواية: ربّ العزة - فيها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط، بعزّتك وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشيء لها خلقا، فيسكنهمّ فضل الجنة».
وفي رواية: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تزال جهنم تقول: هلّ منّ مزيد؟ حتى يضع رب العزّة فيها قدمه، فتقول: قط قط وعزّتك، ويزوي بعضها إلى بعض». أخرجه البخاري ومسلم، وللبخاري نحو الأولى.
ولمسلم: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: يبقى من الجنة ما شاء الله أن يبقى، ثم ينشيء لها خلقا مما يشاء» ولمسلم نحو الثانية، وأخرج الترمذي الثانية.

[شرح الغريب]
قط قط: بمعنى حسبى وكفايتي، وقد تقدم ذكره، وكذلك يزوى،وقد تقدم ذكره.

الفصل الثاني: في ذكرها أهل الجنة والنار
الفرع الأول: في ذكر أهل الجنة
نوع أول
8073 - (خ م) سهل بن سعد - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أهّل الجنة ليتراءوّن الغرف في الجنة، كما تراءون الكوكب في السماء» قال أبو حازم: فحدّثت بذلك النعمان بن أبي عيّاش، فقال: أشّهد لسمعت أبا سعيد الخدريّ يحدّث به، ويزيد فيه: كما تراءون الكوكب الغارب - وفي أخرى: الغابر - في الأفق الشرقّي والغربي. أخرجه البخاري ومسلم.

8074 - (خ م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أهل الجنة ليتراءوّن أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدّرّيّ الغابر في الأفق من المشرق إلى المغرب، لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده،رجال آمنوا بالله وصدّقوا المرسلين» أخرجه البخاري ومسلم.
8075 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أهل الجنة ليتراءون في الغرفة كما تتراءون الكوكب الشرقيّ، أو الكوكب الغربيّ، الغارب في الأفق - أو الطالع - في تفاضل الدرجات، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدّقوا المرسلين» أخرجه الترمذي.
نوع ثان
8076 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن أوّل زمرة يدخلون الجنة: على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب درّيّ في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوّة - الألنّجوج عود الطيب - أزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستّون ذراعا في السماء».
وفي رواية قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أول زمّرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوّطون، آنيتهم فيها الذّهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوّة، ورشّحهم المسك، ولكلّ واحد منهم زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهمّ قلب واحد، يسبّحون الله بكّرة وعشيّا» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري في رواية نحو الثانية وفيه: «قلوبهم على قلب رجل واحد». وفيه: «لا يسقمون ولا يمتخطون». وفيه: «ووقود مجامرهم الألوّة». قال أبواليمان: يعني العود.
وفي أخرى: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «أول زمّرة تدخل الجنة: على صورة القمر ليلة البدر والذين على آثارهم كأحسن كوكب درّيّ في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب واحد، لا تباغض بينهم، ولا تحاسد، لكل امرئ زوجتان من الحور العين، يرى مخّ سوقهنّ من وراء العظم واللحم».
ولمسلم: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «أول زمّرة تدخل الجنة من أمّتي على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشدّ نجم في السماء إضاءة، ثم همّ بعد ذلك منازل» ثم ذكر نحو الأولى، وفيه قال ابن أبي شيبة: «على خلق رجل» وقال أبو كريب «على خلق رجل».
وفي أخرى من رواية محمد بن سيرين قال: «إما تفاخروا، وإما تذاكروا: الرجال أكثر في الجنة، أم النساء؟ فقال أبو هريرة: أولم يقل أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: إنّ أول زمّرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب درّيّ في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب».
وفي رواية ابن عيينة: «اختصم الرجال والنساء: أيّهم في الجنة أكثر؟ فسألوا أبا هريرة، فقال: قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-...» وذكر مثل ذلك. وأخرج الترمذي الرواية الثانية.

[شرح الغريب]
الألوة: الألنجوج: من أسماء العود الذي يتبخر به، ومن أسمائه: الكباء.

8077 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أول زمّرة يدخلون الجنة يوم القيامة: على ضوء القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية: على مثل أحسن كوكب درّيّ في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان، على كل زوجة سبعون حلّة، يفرى مخ ساقها من ورائها» أخرجه الترمذي.
8078 - (م د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون، ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يتمخطون، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح كرشح المسك، يلّهمون التسبيح، والتحميد، كما يلهمون النّفس».
وفي رواية بدل «التحميد» «الحمد» وفي أخرى «التكبير» أخرجه مسلم، وأخرج أبو داود منه «إن أهل الجنة يأكلون ويشربون» لم يزد.

نوع ثالث
8079 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «منّ مات منّ أهل الجنة من صغير أو كبير، يدخلون الجنة يردّون بني ثلاثين في الجنة، لا يزيدون عليها أبدا، وكذا أهل النار».
وبهذا الإسناد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ عليهم التيجان، إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب» أخرجه الترمذي.

8080 - (د) معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يدخل أهل الجنة جردا مردا مكحّلين، أبناء ثلاثين، أو ثلاث وثلاثين سنة» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
جردا: الجرد: جمع أجرد، وهو الذي لا شعر عليه.

8081 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «أهل الجنة جرد، مرد، كحّلى، لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
كحلى: إن صحت الرواية بكحلى،فهو جمع كحيل، مثل تقيل وقتلى، والكحيل: الذي تبين أجفانه كأنها مكحولة من غير كحل.

نوع رابع
8082 - (ت) أبو رزين العقيلي - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يكون لأهل الجنة ولد» أخرجه الترمذي.

8083 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة، كان حمله ووضعه وسنّه في ساعة واحدة كما يشتهي» أخرجه الترمذي، وقال: قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان في ساعة كما يشتهي، ولكن لا يشتهي».
8084 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع، قيل: يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: يعطى قوة مائة» أخرجه الترمذي.
نوع خامس
8085 - (م) أنس وأبو هريرة - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من يدخل الجنة ينعم، ولا يبأس، ولا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه».
قال الحميديّ: أخرجه أبو مسعود الدمشقي، وخلف الواسطي، لمسلم عن أنس، والذي رأيناه في كتاب مسلم عن أبي هريرة، قلت: وكذا وجدته في كتاب مسلم عن أبي هريرة.

8086 - (م ت) أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا دخل أهل الجنة، ينادي مناد: إنّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإنّ لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإنّ لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا، وإنّ لكم أن تنعموا فلا تبأسوا - وفي رواية: تبتئسوا - فذلك قوله عز وجل: {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون}[الأعراف: 43]» أخرجه مسلم والترمذي.
نوع سادس
8087 - (خ م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكافّؤها الجبّار بيده كما يتكفّؤ أحدكم خبزته في السّفر، نزلا لأهل الجنّة، فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: بلى، قال: تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النّبي -صلى الله عليه وسلم- فنظر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلينا، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: بلى قال: إدامهم بالام ونون، قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا» أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
يتكفؤها الجبار: الجبار: اسم من أسماه الله عز وجل، ويتكفؤها أي: يقلبها ويميلها، من قولك: كفأت الإناء: إذا قلبته وكببته.
نزلا: النزل: مايعد للضيف من الطعام والشراب.
بالا: اقد جاء في متن الحدث أنه الثور،ولعل اللفظة عبرانية،والنون الحوت: هو عربي.

نوع سابع
8088 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أدنى أهل الجنة: الذي له ثمانون ألف خادم، واثنتان وسبعون زوجة، وتنصب له قبّة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت، كما بين الجابية إلى صنعاء». أخرجه الترمذي.

8089 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أدنى مقعد أحدكم من الجنّة، من يقول له: تمنّ فيتمنّى، ويتمنّى، فيقول له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإنّ لك ما تمنّيت ومثله معه» أخرجه مسلم.
8090 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله: من ينظر إلى وجهه غدوة وعشيّة، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة} [القيامة: 22، 23]» أخرجه الترمذي، وقال: قد روي عن ابن عمر، ولم يرفعه.
8091 - أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أدنى أهل الجنّة منزلة: من ينظر في ملكه ألف عام - وفي رواية ألفيّ عام - يرى أقصاه كما يرى أدناه». أخرجه...
8092 - (م ت) المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - يرفعه إلى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: سأل موسى عليه السلام ربّه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنّة الجنة، فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: أي ربّ كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أما ترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت ربّ، فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت ربّ، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله: «ولك ما اشتهت نفسك، ولذّت عينك، فيقول: رضيت رب، قال ربّ: فأعلاهم منزلة: قال: أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسم أذن، ولم يخّطر على قلب بشر، قال: ومصداقه في كتاب الله عز وجل: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين...} [السجدة: 17]».
[شرح الغريب]
أخذاتهم: أخذ الناس أخذاتهم، أي: نزلوا منازلهم المختصة بهم، زاد الحميدي في غريبه: واستوفوا مراتبهم، والإخاذة: الأرض يأخذها الرجل لنفسه يجوزها، قاله ابن فارس.

نوع ثامن
8093 - (خ م ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «إنّ الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبّيك ربّنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربّنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقول: وأيّ شيء أفضل؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.

نوع تاسع
8094 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «عرض عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد وعفيف متعفّف، وعبد أحسن عبادة الله، ونصح لمواليه» أخرجه الترمذي.

8095 - (خ م) حارثة بن وهب - رضي الله عنه -قال: قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أخّبركم بأهل الجنّة؟ قالوا: بلى، قال: كلّ ضعيف متضعّف لو أقسم على الله لأبرّه». أخرجه البخاري ومسلم.
8096 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير» أخرجه مسلم.
وزاد رزين في رواية: «وأكثر أهل الجنّة البله».
وفي رواية: «كلّ نومة».

[شرح الغريب]
نومة: رجل نومة بضم النون وسكون الواو: لايؤبه له، خامل لا يعرف الشر وأهله، وفي حديث ابن عباس أنه قال لعلي رضي الله عنه: «ما النومة؟ فقال: الذي سكت في الفتنة فلا يبدو منه شيء، فأما النومة يتفح الواو، فهو النوم».

8097 - (د) حارثة بن وهب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يدخل الجنة الجوّاظ، ولا الجعظريّ، قال: والجوّاظ: الغليظ الفظّ» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الجوّاظ: المنوع،وقيل السمين المختال في مشيته،وقيل القصير البطين.
الجعظري: الفظ الغليظ.

نوع عاشر
8098 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «كان يتحدّث - وعنده رجل من أهل البادية - أنّ رجلا استأذن ربّه في الزرع، فقال: ألست فيما شئت؟ يقول: بلى، ولكن أحبّ ذلك، فيؤذن له، فيبذر، فيبادر الطرف نباته واستحصاده، وتكويره أمثال الجبال، فيقول الرب سبحانه، دونك يا ابن آدم، فإنه لا يشبعك شيء، فقال الأعرابيّ: إنك لن تجده إلا قرشيا أو أنصاريا، فإنهم أصحاب زرع، فأما نحن: فلسنا بأصحاب زرع، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه». أخرجه البخاري.

الفرع الثاني: في ذكر أهل النار
نوع أول
8099 - (خ م ت) النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ أهّون أهّل النّار عذابا يوم القيامة: لرجل يوضع في أخمص قدميّه جمرتان، يغلي منهما دماغه - وفي رواية: له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه - كما يغلي المرجل، ما يرى أنّ أحدا أشدّ منه عذابا، وإنّه لأهونهم عذابا» أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج الترمذي الأولى.

8100 - (م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أدنى أهل النار عذابا: ينتعل بنعلين من نار، يغلي منهما دماغه من حرارة نعليه». أخرجه مسلم.
8101 - (م) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أّنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ منهم منّ تأخذه النّار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النّار إلى ترقوته». أخرجه مسلم.
وفي أخرى له: «إنّ منهم من تأخذه النّار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى عنقه».
وفي أخرى مثل الأولى، وجعل مكان «حجزته»: «حقويه».

نوع ثان
8102 - (ت) أبو الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يلقى على أهل النار الجوع، فيعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون، فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بطعام ذي غصّة، فيتذكّرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب، فيدفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا أدني من وجوههم، شوت وجوههم، فإذا دخل بطونهم، قطّع ما في بطونهم، فيقولون: ادعوا خزنة جهنم، عساهم يخفّفون عنا، فيقولون لهم: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات؟ قالوا: بلى، قالوا: فادعوا، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [غافر: 50] فيقولون: ادعوا مالكا، فيقولون: {يا مالك ليقض علينا ربّك} فيجيبهم: {إنّكم ماكثون} [الزخرف: 77]».
قال الأعمش: نبّئت أن بين دعائهم وإجابة مالك لهم: مقدار ألف عام، فيقولون: ادعوا ربّكم، قال تجدون خيرا منه، فيقولون: {ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قوما ضالّين، ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} [المؤمنون: 106، 107] قال: فيجيبهم {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} [المؤمنون: 108] فعند ذلك يئسوا من كل خير، وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل. أخرجه الترمذي.
وزاد رزين: «فيقال لهم: لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا، وادعوا ثبورا كثيرا».

8103 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ الحميم ليصبّ على رؤوسهم، فينفذ حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه: وهو الصّهر، ثم يعاد كما كان» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
الحميم: الماء الحار المتناهي الحرارة.
فينفذ: نفذ ينفذ: إذا خرق وجاز في الشيء.
فيسلت: أي: يحلق ويستأصل ما في جوفه.
يمرق: مرق السهم يمرق: إذا نفذ في الرمية.
الصهر: الإذابة: سهرت الشحم أصهره: إذا أذبته.

نوع ثالث
8104 - (م ت)أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله قال: «ضرس الكافر- ناب الكافر - مثل أحد، وغلظ جلده: مسيرة ثلاث» أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وفخذه مثل البيضاء، ومقعده في النّار مسيرة ثلاث مثل الرّبذة» يعني كما بينها وبين المدينة، والبيضاء: جبل، وقيل: مدينة من مدائن المغرب.
وله في أخرى: «ضرس الكافر مثل أحد».
وفي أخرى قال: «إنّ غلظ جلد الكافر: اثنان وأربعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد، وإنّ مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة».

8105 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «ما بين منكبي الكافر في النّار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع».
وفي رواية لم يذكر «في النار» أخرجه مسلم.
وهذا الحديث لم يذكره الحميديّ في كتابه.

8106 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الكافر ليسحب لسانه الفرسخ والفرسخين، يتوّطؤه الناس» أخرجه الترمذي.
نوع رابع
8107 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «أول من يدعى يوم القيامة: آدم عليه السلام، فتراءى ذرّيته، فيقال لهم: هذا أبوكم آدم؟ فيقول: لبّيك، وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذرّيتك، فيقول: يا ربّ كم أخرج؟ فيقول: أخرج من كلّ مائة تسعة وتسعين، فقالوا: يا رسول الله، إذا أخذ منّا من كل مائة تسعة وتسعون، فماذا يبقى منّا؟ قال: إنّ أمّتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود». أخرجه البخاري.

نوع خامس
8108 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ إبراهيم عليه السلام يرى أباه يوم القيامة، عليه الغبرة والقترة».
وفي رواية: قال: «يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول: له إبراهيم: ألم أقل لك: لا تعصني؟ فيقول له أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا ربّ، إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأيّ خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله: إنيّ حرّمت الجّنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فنظر، فإذا هو بذيخ متلطّخ، فيؤخذ بقوائمه، فيلقى في النّار». أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
القترة: غبرة معها سواد.
بذيخ: الذيخ: ذكر الضباع، والأنثى: ذيخة.

الفرع الثالث: في ذكر ما اشتركا فيه
نوع أول
8109 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تحاجّت الجنّة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبّرين والمتجّبرين،وقالت الجنة: فمالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ - زاد في رواية: وغرّتهم - فقال الله عز وجل للجّنة: أنت رحمتي،أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنّار: إنما أنت عذابي،أعذّب بك من أشاء من عبادي،ولكل واحد منهما ملؤها، فأما النار: فلا تمتلئ حتى يضع رجله- وفي رواية: حتى يضع الله تبارك وتعالى رجّله - فتقول: قط قط قط، فنهنالك تمتلئ، ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدا، وأمّا الجنة فإن الله ينشيء لها خلقا» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري قال: «أختصمت الجنة والنار إلى ربّهما، فقالت الجنة: يا ربّ ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس، وسقطهم؟ وقالت النار فقال الله للجنة: أنّت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، ولكلّ واحدة منهما ملؤها، فأما الجنة، فإن الله لا يظلم منّ خلقه أحدا، وإنه ينشيء للنار من يشاء، فيلقون فيها، فتقول: هل من مزيد؟ ويلقون فيها، فتقول: هل من مزيد، حتى يضع قدمه فيها، فتمتلئ، ويزوى بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط قط».
وله في أخرى وكان كثيرا ما يقفه أبو سفيان الحميري، أحد رواته، قال: يقال لجهنّم، هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ فيضع الرب قدمه عليها، فتقول: «قط قط».
ولمسلم بنحو الأولى، وانتهى عند قوله: «ولكل واحدة منهما ملؤها».
وقال في رواية: «فمالي لا يدخلني إلا ضعفاء النّاس وسقطهم وغرّتهم؟».
وفي آخره: «فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع قدمه عليها، فهنالك تمتلئ، ويزوى بعضها إلى بعض». وأخرجه الترمذي نحو الأولى.

[شرح الغريب]
وسقطهم السقط في الأصل: المزدرى به، ومنه السقط: لرديء المتاع.
وغرتهم الغر: الذي لم يجرب الأمور، فهو قليل الشر، منقاد، والمعنى: أن من آثر الخمول وإصلاح نفسه والتزود لمعاده، ونبذ أمور الدنيا، فليس غراً فيما قصد له، ولا سقطا ولا مذموماً بنوع من الذم، وقد جاء في الحديث "أكثر أهل الجنة البله" لأنهم أغفلوا أمر دنياهم، فجهلوا حذق التصرف فيها، وأقبلوا على آخرتهم، فأتقنوا أسبابها، وشغلوا أنفسهم بها، وليس من عجز عن كسب الدنيا وتخلف في الحذق بها، وأعرض عنها إلى إكتساب الباقيات الصالحات مذموماً، وهؤلاء الذين خصت بهم الجنة رحمة من الله رحمهم بها؛ إذ وفقهم الله لها، كما خصت النار بالمتكبرين الذين يستحقرون الناس ويزدرونهم، ولا يرون لهم قدراً، ويرفعون أنفسهم عليهم.

8110 - (م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «احتجّت الجنة والنار، فقالت النار: فيّ الجبّارون، والمتكبّرون وقالت الجنة: فيّ ضعفاء النّاس ومساكينهم، فقضى بينهما: أنّك الجنة رحمتي، أرحم بك من أشاء، وأنّك النّار عذابي أعذّب بك من أشاء، ولكليكما عليّ ملؤها» أخرجه مسلم مدرجا على حديث قبله لأبي هريرة في نحو معناه، ولم يذكر من أوله إلى قوله: «احتجت الجنة والنار» فقط.
وهذا الذي أوردناه هو ما أورده الحميديّ في كتابه، وزعم أنّه الذي أورده البرقاني وأبو مسعود الدمشقي.

8111 - (خ م ت) حارثه بن وهب - رضي الله عنه -: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كلّ ضعيف متضعّف، لو أقسم على الله لأبره. ألا أخّبركم بأهل النار؟ كل عتل جوّاظ مستكبر». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
ولمسلم في رواية: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلى.. وذكره، وكذلك في أهل النّار، قالوا: بلى». وله في أخرى مثله، وقال في ذكر أهل النار: «كلّ جوّاظ زنيم متكبّر».

[شرح الغريب]
عتل، العتل: الغليظ الجافي الذي لا ينقاد إلى الخير.
زنيم، الزنيم: الدعي الملصق بالقوم وليس منهم، وقيل: هو اللئيم.

نوع ثان
8112 - (م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أمّا أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال: بخطاياهم - فأماتت هم إماتة، حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثّوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة، أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبّة في حميل السيل، فقال رجل من القوم: كأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد كان بالبادية». أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
ضبائر ضبائر، الضبائر: جماعات الناس، تقول: رأيتهم ضبائر: أي جماعات في تفرقة، جمع ضبارة.

8113 - (ت) جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يعذّب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا فيها حمما، ثم تدركهم الرحمة، فيخرجون، فيطرحون على أبواب الجنة، قال: فيرشّ عليهم أهل الجنة الماء، فينبتون كما ينبت الغثاء، في حمالة السيّل، ثم يدخلون الجنة» أخرجه الترمذي.
8114 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها، إلا دارات وجوههم، حتى يدخلون الجنة» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
دارات، جمع دارة: وهي ما يحيط بالوجه من جوانبه، أراد: أن وجوههم لا تأكلها النار؛ لأنها محل السجود، وقد جاء في حديث آخر: «إن النار لا تأكل مواضع السجود».

8115 - (خ) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يخلص المؤمنون من النّار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذّبوا، ونقّوا، أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا» أخرجه البخاري.
8116 - (خ م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يدخل أهل الجنة الجنّة، وأهل النّار النّار ثم يقول: انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون منها حمما قد امتحشوا فيلقون في نهر الحياة - أو الحيا - فينبتون فيها كما تنبت الحبّة إلى جانب السّيل، ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية» هذا لفظ مسلم، وعند البخاري «فيخرجون منها قد اسودّوا» وقال: من خردل من خير.
نوع ثالث
8117 - (خ م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يخرج من النار قوم بالشفاعة، كأنهم الثّعارير، قلنا: ما الثّعارير؟ قال الضغابيس». وفي رواية: «إن الله يخرج ناسا من النار فيدخلهم الجنة»، وفي أخرى: «إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة». أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
الثعارير: صغار القثاء، وهي الضغابيس أيضا، واللفظة بالثاء المعجمة والعين المهملة، وذكرها الهروي في حرف الغين المعجمة، وبعدها الراء المهملة. وبعدها الزاي المعجمة، كما تنبت التغاريز والتاء معجمة بنقطتين من فوق قبل الغين، وقال: هي فسيل النخل إذا حولت من موضع إلى موضع، فغرزت فيه، الواحدة: تغريز وتنبيت، وقال مثله في التقدير: التناوير، لنور الشجر، والتقاصيب لما قصب من الشعر، قال: وقد رويت «الثعارير» يعني الأول، والوجه الأول، وهو الرواية، وتعضده الرواية الأخرى التي قال فيها: «الضغابيس».

8118 - (خ د ت) عمران بن حصين - رضي الله عنه -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «يخرج قوم من النار بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيدخلون الجنّة يسمّون الجهنّميّين» أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي.
8119 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يخرج من النار قوم بعدما مسّتهم منها سفع، فيدخلون الجنة فيسمّيهم أهل الجنة: الجهنميّين» أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
سفع، السفع: حرق النار، سفعته النار: إذا أحرقته وسودت لونه.

نوع رابع
8120 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يخرج من النّار أربعة، فيعرضون على الله عز وجل، فيلتفت أحدهم فيقول: أي ربّ، إذ أخرجتني منها فلا تعدني فيها، فينجيه الله منها». أخرجه مسلم.
قال الحميديّ: وزاد البرقاني في هذا الحديث: «ثم يؤمر بهم إلى النار فيلتفت...» وذكر الحديث.

8121 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنّ رجلين ممّن يدخل النار يشتد صياحهما فيها، فيقول الله تعالى: أخرجوهما، ثم يقال لهما: لأي شيء اشتدّ صياحكما؟ فيقولان: فعلنا ذلك لترحمنا، فيقول: أن رحمتي لكما: أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما في النار حيث كنتما، فينطلقان، فيلقي أحدهما نفسه في النار، فيجعلها الله عليه بردا وسلاما ويقوم الآخر، فلا يلقي نفسه، فيقول له الربّ تبارك وتعالى: «ما منعك أن تلقي نفسك كما ألقى صاحبك نفسه؟ فيقول: ربّ، إني لأرجو أن لا تعيدني فيها بعد أن أخرجتني منها، فيقول الربّ تبارك وتعالى: لك رجاؤك، فيدخلان معا الجنة برحمة الله» أخرجه الترمذي.
نوع خامس
8122 - (خ م ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّي لأعلم آخر أهل النار خروجا منها، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة: رجل يخرج من النار حبوا، فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيّل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا ربّ، وجدتها ملأى، فيقول الله عزّ وجل: اذهب فادخل الجنة، قال: فيأتيها، فيخيّل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا ربّ وجدتها ملأى، فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا، وعشرة أمثالها، أو إنّ لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي - أو أتضحك بي - وأنت الملك؟ قال فلقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضحك حتى بدت نواجذه، فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة»أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار: رجل يخرج منها زحفا، فيقال له: انطلق فادخل الجنة، قال فيذهب فيدخل الجنة، فيجد الناس قد أخذوا المنازل، فيقال له: أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول: نعم، فيقال له: تمنّ، فيتمنّى، فيقال له: لك الذي تمنّيت، وعشرة أضعاف الدنيا، فيقول: أتسخر بي وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحك حتى بدت نواجذه». وفي رواية الترمذي مثل هذه التي لمسلم.

8123 - (م) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرّة، ويكبو مرّة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجّاني منك، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأوّلين والآخرين، فترفع له شجرة، فيقول: : يا ربّ أدنني من هذه الشجرة فلأستظلّ بظلّها، وأشرب من مائها، فيقول الله عزّ وجل: يا ابن آدم لعلّي إن أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول: لا، يا ربّ ويعاهده أن لا يسأله غيرها، قال: وربّه عزّ وجل يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظلّ بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي ربّ، أدنني من هذه لأشرب منّ مائها، وأستظلّ بظلّها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدّني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلّي إن أدنيتك منها سألتني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربّه تعالى يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظلّ بظلّها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، وهي أحّسن من الأوليين، فيقول: أي ربّ أدنني من هذه لأستظلّ بظلّها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى، يا ربّ هذه لا أسألك غيرها - وربّه عز وجل يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي ربّ أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم، ما يضريني منك، أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا ربّ، أتستهزئ مني وأنت ربّ العالمين؟ فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني ممّ أضحك؟ فقالوا: ممّ تضحك؟ فقال: هكذا ضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: ممّ تضحك يا رسول الله؟ فقال: من ضحك ربّ العالمين، حين قال أتستهزئ مني وأنت ربّ العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر» أخرجه مسلم.
وهذا الحديث هكذا أخرجه الحميديّ وحده في أفراد مسلم، والذي قبله في المتفق، وقال: إنما أفردناه للزيادة التي فيها.

[شرح الغريب]
ما يصريني، منك: أي ما الذي يرضيك ويقطع مسألتك، وأصل التصرية: القطع والجمع، ومنه: الشاة المصراة، وهي التي جمع لبنها وقطع حلبة.

8124 - (م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال: «إنى أدنى أهل الجنة منزلة: رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة، ومثلّ له شجرة ذات ظلّ، فقال: أي ربّ، قرّبني من هذه الشجرة لأكون في ظلّها...» وساق الحديث بنحو حديث ابن مسعود، ولم يذكر: «فيقول: يا ابن آدم، ما يصريني منك؟» إلى آخر الحديث.
وزاد فيه: «ويذكّره الله، سل كذا وكذا، فإذا انقطعت به الأماني، قال الله: هو لك وعشرة أمثاله، قال: ثم يدخل بيته، فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان: الحمد لله الذي أحياك لنا، وأحيانا لك، قال: فيقول: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت» أخرجه مسلم هكذا عقيب حديث ابن مسعود.
وقال الحميديّ في كتابه: إن مسلما لم يذكر من هذا الحديث إلا إلى قوله: «لأكون في ظلها» والذي رأيته في كتاب مسلم هو ما ذكرته، ولعلّ ذلك لم يكن في كتابه.

الباب الرابع: في رؤية الله عز وجل
قد تقدّم فيما مضى من هذا الكتاب أطراف في جملة أحاديث تتضمن ذكر الرؤية، وإنما أوردنا هاهنا أحاديث انفردت بذكر الرؤية، وجعلناها في آخر: «كتاب القيامة» لأنها الغاية القصوى في نعيم الآخرة، والدرجة العليا من عطايا الله الفاخرة، بلّغنا الله منها ما نرجوه.
8125 - (خ م ت د) جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -: قال: كنّا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنظر إلى القمر ليلة البدر، وقال: إنكم سترون ربكم عيانا، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا، ثم قرأ: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل الغروب} [ق: 39].
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، وأخرجه أبو داود، وقال: «ليلة أربع عشرة».

[شرح الغريب]
لا تضامون: روي بتخفيف الميم من الضيم: الظلم، المعنى: إنكم ترونه جميعكم لا يظلم بعضكم في رؤيته، فيراه البعض دون البعض، وروي بتشديد الميم: من الانضمام والازدحام، أي: لا يزدحم بكم في رؤيته، ويضم بعضكم إلى بعض من ضيق، كما يجري عند رؤية الهلال مثلا، دون رؤية القمر، إذ يراه كل منكم موسعا عليه منفردا به، وكذلك الخلاف في تضارون بالتخفيف والتشديد، وقد تقدم ذكره فيما سبق من كتاب القيامة.
كما ترون: قال: قد يخيل إلى بعض السامعين أن الكاف في قوله: كما ترون كاف التشبيه للمرئي، وإنما هو كاف التشبيه للرؤية، وهو فعل الرائي. ومعناه: ترون ربكم رؤية ينزاح معها الشك، كرؤيتكم القمر ليلة البدر، لا ترتابون فيه ولا تمترون.

8126 - (ت د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن ناسا سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-: قالوا: «يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل تضارّون في القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارّون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا قال رسول الله: فإنّكم كم ترونه كذلك» أخرجه أبو داود.
وأخرجه الترمذي، وليس في أوله: «أن ناسا سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-» ولا قوله: «ليس دونها سحاب». وقال الترمذي: وقد روي مثل هذا الحديث عن أبي سعيد، وهو صحيح.
وهذا الحديث طرف من أول حديث قد أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، وهو مذكور في «الباب الثاني» من هذا الكتاب.

8127 - (د) أبو رزين العقيلي - رضي الله عنه - قال: قلت: «يا رسول الله، أكلّنا يرى ربّه مخليا به يوم القيامة؟ قال: نعم، قلت: وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا أبا رزين، أليس كلّكم يرى القمر ليلة البدر مخليا به؟ قلت: بلى، قال: فالله أعظم، إنّما هو خلق من خلق الله - يعني القمر - فالله أجلّ وأعظم» أخرجه أبو داود.
8128 - (م ت) صهيب الرومي - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا دخل أهل الجنّة الجنة، يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجّنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربّهم تبارك وتعالى». زاد في رواية: ثم تلا هذه الآية: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: 26] أخرجه مسلم والترمذي.
8129 - (م ت) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه -: قال: «سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل رأيت ربّك؟ قال: نور، أنّى أراه؟».أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: «قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسألته، فقال عمّ كنت تسأله؟ قلت: كنت أسأله: هل رأيت ربّك؟ فقال: أبو ذر: قد سألته، فقال: نور، أنى أراه».

8130 - (خ م ت) مسروق بن الأجدع - رحمه الله -: قال: «قلت لعائشة: يا أمتاه، هل رأى محمد ربّه؟ فقال: لقد قفّ شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث منّ حدّثكهن فقد كذب، من حدّثك أنّ محمدا رأى ربّه فقد كذب، ثم قرأت: {لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} [الأنعام: 103]: {وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلا وحيا، أو من وراء حجاب، أو يرسل رسولا} [الشورى: 51] ومن حدّثك أنه يعلم ما في غد، فقد كذب، ثم قرأت: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا} [لقمان: 34] ومن حدّثك أنه كتم، فقد كذب، ثم قرأت {يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك...} الآية [المائدة: 67] ولكنّه رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين».
وفي رواية قال: قلت: لعائشة: «فأين قوله: {ثم دنا فتدّلى، فكان قاب قوسين أو أدنى} [النجم: 8 - 9]؟ قالت: ذاك جبريل عليه السلام، كان يأتيه في صورة الرجل، وإنّه أتاه هذه المرة في صورته، التي هي صورته، فسدّ الأفق».
وفي أخرى: ومن حدّثك أنّه يعلم الغيب، فقد كذب، وهو يقول: لا يعلم الغيب إلا الله.
وفي أخرى: أن مسروقا قال: كنت متّكئا عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة، ثلاثة من تكلّم بواحدة منهنّ فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هن؟ قالت: من يزعم أن محمدا رأى ربّه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئا فجلست، فقلت: يأمّ المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني، ألمّ يقل الله عز وجل: {ولقد رآه بالأفق المبين} [التكوير: 23]؟ {ولقد رآه نزّلة أخرى} [النجم: 13]؟ فقالت: أنا أوّل هذه الآية سأل عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، ورأيته منبطا من السماء، سادّا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض، فقالت: أو لم تسمع أنّ الله يقول: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} [الأنعام: 103]؟ أولم تسمع أن الله يقول: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أم من وراء حجاب أو يرسل رسولا} إلى قوله: {علي حكيم} [الشورى: 51] قالت: ومن زعم أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم علي الله الفرية والله تعالى يقول: {ياأيها الرسول بلّغ ما انزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته} [المائد: 67] قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية: والله تعالى يقول: «{قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} [النمل: 65]».
زاد في رواية: «قالت: ولو كان محمد كاتما شيئا مما أنزل عليه لكتم هذه الآية: {وإذ تقول للذين أنعم الله عليه وأنعمت عليه: أمسك عليك زوجك واتّق الله، وتخفي في نفسك ما الله مبديه، وتخش الناس، والله أحقّ أن تخشاه} [الأحزاب: 37]» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري طرف منه عن القاسم عن عائشة قالت: «من زعم أن محمدا رأى ربّه فقد أعظم، ولكن قد رأى جبريل في صورته وخلقه سادا ما بين الأفق».
وأخرج الترمذي الرواية التي أولها قال: «كنت متكئا عند عائشة».
وقد أخرج الترمذي رواية لهذا الحديث بزيادة في أولها، وهي مذكورة في تفسير (سورة النجم) من «كتاب تفسير القرآن» في حرف التاء.

[شرح الغريب]
قف شعري، قف الشعر: إذا قام في منابته، وأكثر ما يعرض عند سماع ما يخافه الإنسان أو يهابه ويعاينه
الفرية: اختلاق الكذب.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القيامة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir