هذا بابُ التَّعَدِّي واللُّزومِ
الفِعْلُ ثَلاثَهُ أَنْواعٍ([1]):
أحَدُها: مَا لا يُوصَفُ بتَعَدٍّ ولا لُزومٍ, وهو (كَانَ) وأخَواتُها, وقَدْ تَقَدَّمَتْ.
الثاني: المُتعدِّي, وله عَلامَتانِ: إحداهما: أنْ يَصِحَّ أَنْ يَتَّصِلَ به هاءُ ضميرِ غيرِ المَصْدَرِ.
الثانيةُ: أَنْ يُبْنَى منه اسْمُ مفعولٍ تَامٌّ, وذلك كـ (ضَرَبَ), ألاَ تَرَى أنَّكَ تَقُولُ: (زَيْدٌ ضَرَبَهُ عَمْرٌو). فتَصِلُ بهِ هاءَ ضميرِ غيرِ المَصدَرِ، وهو: (زَيْدٌ), وتَقُولُ: (هُوَ مَضْرُوبٌ). فيَكُونُ تَامًّا.
وحُكْمُه أنْ يَنْصِبَ المفعولَ بهِ؛ كـ (ضَرَبْتُ زَيْداً), و: (تَدَبَّرْتُ الكُتُبَ), إِلاَّ إِنْ نَابَ عن الفاعلِ؛ كـ (ضُرِبَ زَيْدٌ) و(تُدُبِّرَتِ الكُتُبُ).
الثالِثُ: اللاَّزِمُ وله اثْنَتَا عَشْرَةَ عَلامَةً, وهي:
أنْ لا يَتَّصِلَ به هاءُ ضَمِيرِ غيرِ المَصْدَرِ, وأنْ لا يُبْنَى منه اسْمُ مَفْعولٍ تَامٌّ, وذلك كـ (خَرَجَ)، أَلاَ تَرَى أنَّه لا يُقالُ: (زَيْدٌ خَرَجَهُ عَمْرٌو), ولا: (هُوَ مَخْرُوجٌ). وإنَّما يُقالُ: (الخُرُوجُ خَرَجَهُ عَمْرٌو), و: (هو مَخْرُوجٌبهِ أو إليهِ).
وأَنْ يَدُلَّ على سَجِيَّةٍ- وهي: ما لَيْسَ حَرَكَةَ جِسْمٍ- مِن وَصْفٍ مُلازِمٍ، نحوِ: جَبُنَ وشَجُعَ.
أو على عَرَضٍ- وهو: ما لَيْسَ حَرَكَةَ جِسْمٍ مِن وَصْفٍ غَيرِ ثَابِتٍ؛ كمَرِضَ وكَسِلَ ونَهِمَ؛ إِذَا شَبِعَ.
أو على نَظَافَةٍ كنَظُفَ وطَهُرَ ووَضُؤَ.
أو على دَنَسٍ نحوِ: نَجُسَ وقَذُرَ.
أو علَى مُطاوعةِ فاعلِه لفاعلِ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ لواحدٍ نحوِ: كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ ومَدَدْتُهُ فامْتَدَّ, فلو طَاوَعَ ما يَتَعَدَّى فِعْلُه لاثنيْنِ تَعدَّى لواحدٍ؛ كعَلَّمْتُهُ الحِسَابَ فتَعَلَّمَهُ.
أو يَكُونُ مُوازِناً لافْعَلَلَّ؛ كاقْشَعَرَّ واشْمَأَزَّ, أو لِمَا أُلْحِقَ بهِ, وهو افْوَعَلَّ؛ كاكْوَهَدَّ الفَرْخُ: إِذَا ارْتَعَدَ.
أو لافْعَنْلَلَ كاحْرَنْجَمَ, أو لِمَا أُلْحِقَ به، وهو افْعَنْلَلَ بزيادةِ إحْدَى اللامَيْنِ كاقْعَنْسَسَ الجَمَلُ: إذا أبَى يَنْقادُ, وافْعَنْلَى كاحْرَنْبَى الدِّيكُ: إِذَا انْتَفَشَ للقتالِ.
وحُكْمُ اللازمِ أَنْ يَتعدَّى بالجارِّ؛ كـ (عَجِبْتُ مِنْهُ), و(مَرَرْتُ بِهِ), و(غَضِبْتُ عَلَيْهِ).
وقدْ يُحذَفُ ويَبْقَى الجَرُّ شُذُوذاً؛ كقَولِهِ:
235_ أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بالأَكُفِّ الأَصَابِعُ([2]) أي: إلى كُلَيْبٍ.
وقَدْ يُحْذَفُ ويُنْصَبُ المجرورُ, وهو ثلاثهُ أقسامٍ:
(1) سَمَاعِيٌّ جَائِزٌ في الكلامِ المنثورِ، نحوُ: (نَصَحْتُهُ), و(شَكَرْتُهُ), والأكْثَرُ ذِكْرُ اللامِ نحوُ: {ونَصَحْتُ لَكُمْ}([3]) {أَنِ اشْكُرْ لِي}([4]).
(2) وسَمَاعِيٌّ خَاصٌّ بالشِّعْرِ؛ كقَولِهِ:
236- *... كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ*([5]) وقولِه:
237- آلَيْتَ حَبَّ العِرَاقِ الدَّهْرَ أَطعَمُهُ([6]) أي: في الطريقِ وعلى حَبِّ العراقِ.
(3) وقِيَاسِيٌّ وذلك في أَنَّ وأَنْ وكَيْ([7]) نحوُ: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَإِلَهَ إِلاَّ هُوَ}([8]) ونحوُ: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ}([9]) ونحوُ: {كَيْلاَ يَكُونَ دُولَةً}([10]) أي: بأنَّه, ومِن أَنْ جَاءَكُمْ, ولِكَيْلاَ, وذلكَ إِذَا قَدَّرْتَ (كَيْ) مَصدَرِيَّةً.
وأهْمَلَ النحْوِيُّونَ هنا ذِكْرَ (كَيْ), واشْتَرَطَ ابنُ مَالِكٍ في (أَنَّ) و(أَنْ) أمْنَ اللَّبْسِ, فمَنَعَ الحَذْفَ في نحوِ: (رَغِبْتُ فِي أَنْ تَفْعَلَ), أو:(عَنْ أَنْ تَفْعَلَ)؛ لإشكالِ المرادِ بعدَ الحذفِ, ويُشْكِلُ عليهِ: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}([11]), فحَذَفَ الحَرْفَ معَ أنَّ المُفسِّرِينَ اخْتَلَفُوا في المرادِ.
لبَعضِ المفاعيلِ الأصالةُ في التقَدُّمِ على بَعْضٍِ: إِمَّا بكونِه مُبْتدأً في الأصْلِ أو فَاعِلاً في المعنَى أو مُسَرَّحاً لَفْظاً أو تقديراً([12])،والآخَرُ مُقَيَّدٌ لَفْظاً أو تقديراً؛ وذلك كـ (زَيْداً) في: (ظَنَنْتُ زَيْداً قَائِماً), و: (أَعْطَيْتُ زَيْداً دِرْهماً), و: (اخْتَرْتُ زَيْداً القَوْمَ)([13])،أو:(مِن القَوْمِ).
ثُمَّ قَدْ يَجِبُ الأصْلُ كما إذا خِيفَ اللَّبْسُ([14])؛كـ (أعْطَيْتُ زَيْداً عَمْراً), أو كانَ الثاني مَحْصوراً؛ كـ (مَا أَعْطَيْتُ زَيْداً إِلاَّ دِرْهماً), أو ظَاهِراً والأوَّلُ ضَمِيرٌ نحوَ: {إِنَّا أَعطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}([15]).
وقدْ يَمْتَنِعُ كما إذا اتَّصَلَ الأوَّلُ بضَميرِ الثاني([16])؛كـ (أَعْطَيْتُ المَالَ مَالِكَهُ), أو كانَ مَحْصوراً؛ كـ (مَا أَعطَيْتُ الدِّرْهَمَ إِلاَّ زَيْداً), أو مُضْمَراً والأَوَّلُ ظَاهِرٌ؛ كـ (الدِّرْهَمَ أَعطَيتُهُ زَيْداً).
فَصْلٌ: يَجوزُ حَذْفُ المفعولِ لغَرَضٍ: إمَّا لَفظِيٍّ كتَناسُبِ الفواصلِ في نحوِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}([17]) ونحوِ: {إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى}([18]) وكالإيجازِ في نحوِ: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا}([19]).
وإمَّا مَعْنَوِيٌّ كاحتقارِه في نحوِ: {كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ}([20]) - أي: الكافِرِينَ- أو لاستهجانِه؛ كقولِ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: (مَا رَأَى مِنِّي وَلاَ رَأَيْتُ مِنْهُ) أي: العَوْرَةَ.
وقدْ يَمتنِعُ حَذْفُه كأنْ يَكُونَ مَحْصوراً نحوَ: (إِنَّمَا ضَرَبْتُ زَيْداً), أو جواباً كـ (ضَرَبْتُ زَيْداً), جواباً لمَن قالَ: )مَنْ ضَرَبْتَ؟([21]).
فصلٌ: وقَدْ يُحذَفُ نَاصِبُه إِنْ عُلِمَ؛ كقَوْلِكَ لمَن سَدَّدَ سَهْماً:(القِرْطَاسَ). ولمَن تَأَهَّبَ لسَفَرٍ: (مَكَّةَ). ولمَن قالَ: مَن أَضْرِبُ؟(شَرَّ النَّاسِ). بإضمارِ: تُصِيبُ, وتُرِيدُ, واضْرِبْ.
وقدْ يَجِبُ ذلك كما في الاشتغالِ؛ كـ (زَيْداً ضَرَبْتُهُ), والنداءِ كـ (يَا عَبْدَ اللهِ)([22])،وفي الأمثالِ نحوَ: (الكِلابَ علَى البَقَرِ)؛ أي: أَرْسِلْ, وفيما جَرَى مَجْرَى الأمثالِ نحوَ: {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ}([23]) أي: وَأْتُوا, وفي التحذيرِ بإِيَّاكَ وأخواتِها نحوَ: (إِيَّاكَ والأَسَدَ)؛ أي: إِيَّاكَ بَاعِدْ وَاحْذَرِ الأسدَ.
وفي التحذيرِ بغيرِها بشَرْطِ عَطْفٍ أو تَكْرارٍ نحوَ: (رَأْسَكَ والسَّيْفَ)؛ أي: بَاعِدْ واحْذَرْ, ونحوَ: (الأَسَدَ الأَسَدَ).
وفي الإغراءِ بشَرطِ أحَدِهما نحوَ: (المُرُوءَةَ والنَّجْدَةَ), ونَحْوَ: (السِّلاحَ السِّلاحَ), بتقدير:ِ الْزَمْ.
([1]) فإنْ قُلْتَ: فإنِّي أجِدُ في اللغةِ أفعالاً تَتعدَّى أحياناً بنفسِها، وتَتَعدَّى أحياناً بحَرْفِ الجرِّ، وهذا النوعُ لا يَصْدُقُ عليهِ حَدُّ الفعلِ المُتعدِّي، ولا حَدُّ الفعلِ اللازمِ، وذلك نحوُ: (نَصَحْتُ) و(شَكَرْتُ)؛ فإِنَّهم يَقولُونَ: نَصَحْتُهُ، وشَكَرْتُهُ. فيَنْصِبونَ بهِ هاءَ غَيْرِ المصدرِ، فيَكونُ الفعلُ في هذه الصورةِ مُتعدِّياً، ويقولونَ: (نَصَحْتُ لَه، وشَكَرْتُ له). فيُعَدُّونَه بحرفِ الجرِّ.
فهلْ أجْعَلُ هذهِ الأفعالَ من الفعلِ المُتعَدِّي؛ نَظَراً إلى الصورةِ الأولى, أو أجْعَلُه من الفِعْلِ اللازمِ؛ نظراً إلى الصورةِ الثانيةِ، أو أتَوَقَّفُ في أمْرِه فَلاَ أجْعَلُه من المُتعَدِّي، ولا أجْعَلُه من اللازمِ؛ نَظَراً لوُجودِ الصورتيْنِ فيه؟
فالجوابُ عن ذلك أنْ نَقولَ لكَ: اعْلَمْ أوَّلاً أنَّ المُتصَوَّرَ في هذهِ الأفعالِ وأمثالِها أنْ يَكُونَ تَعَدِّيها بنفسِها لغةَ قَبيلةٍ مِن قَبائِلِ العربِ، وتَعَدِّيها بحرفِ الجرِّ لغةَ قبيلةٍ أُخْرَى، فهي بالنَّظَرِ إلى كلِّ قبيلةٍ على حِدَتِها داخلةٌ في أحَدِ القِسْمَيْنِ؛ المُتَعَدِّي واللازِمِ، ولكنَّ نَقَلَةَ اللغةِ لم يُمَيِّزُوا في نَقْلِهم لغاتِ القَبائِلِ بَعضَها عن بعضٍ، بل جَمَعوا لنا الاستعماليْنِ على أنَّهما من كلامِ العربِ.
ونحن في كلامِنا لا نَتَكَلَّمُ بلغةِ قبيلةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ لأنَّنا لا نَستطِيعُ معرفةَ ذلك لو أرَدْنَاه، وإنَّما نتكلَّمُ بما تكلَّمَ به فُصحاءُ القبائلِ العربيَّةِ، ولو كانتِ الألفاظُ التي نتكَلَّمُ بها خَليطاً من ألفاظٍ استعمَلَها قبائِلُ شَتَّى، وليسَ في ذلك ما يُنْكَرُ ما دُمْنا لا نَخْرُجُ عمَّا تكلَّمَ به العربُ.
وبعدُ، فإنَّ للنحاةِ في هذا الموضوعِ ثلاثَةَ آراءٍ:
الرأيُ الأولُ: أنَّ هذا النوعَ قسمٌ مُستقِلٌّ قائِمٌ بذاتِه، فليسَ هو من قَبيلِ المتعدِّي، وليسَ هو من قَبيلِ اللازمِ، وأصحابُ هذا الرأيِ نَظَروا إلى الاستعماليْنِ جميعاً كما نَظَرْتَ أنتَ إليهما, فلم يَجْرُؤُوا على التمييزِ بينَ استعمالٍ واستعمالٍ آخرَ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ من الاستعماليْنِ مَنْقولٌ عن العربِ الذينَ يَجِبُ على المُتكَلِّمِ بلُغتِهم أنْ يَأْتَسِيَ بهم.
والرأْيُ الثاني: أنْ نَنْظُرَ إلى الاستعمالِ الذي يُعَدِّي هذه الأفعالَ بحرفِ الجرِّ، فنَجْعَلَهُ هو الأصْلَ، ثم نَجْعَلَ ما نَتَصَوَّرُه مُتعدِّياً بنفسِه مَنْقولاً عن اللازِمِ، بحذفِ حرفِ الجرِّ وإيصالِ الفعلِ إلى ما كانَ مَجْروراً، وهو ما يُسَمِّيهِ علماءُ العربيَّةِ (الحَذْفَ والإيصالَ) واختارَ هذا الرأْيَ ابنُ عُصفورٍ، وسيَذْكُرُ المُؤَلِّفُ أمثلةَ هذهِ الأفعالِ فيما بعدُ، على اعتبارِ هذا الرأْيِ.
الرأيُ الثالِثُ: أنْ نَنْظُرَ إلى الاستعمالِ الذي يُعَدِّي هذه الأفعالَ بنفسِها، فنَجْعَلَه هو الأصْلَ، ثم نَجْعَلَ الاستعمالَ الآخَرَ الذي يُعَدِّيها بحرفِ الجرِّ من بابِ زيادةِ حَرْفِ الجرِّ، وهذا رَأْيٌ ذَكَرَه أبو حَيَّانَ، وفيهِ مَقالٌ.
([2]) 235-هذا عَجُزُ بيتٍ من الطويلِ، وصَدْرُه قولُه:
*إِذَا قِيلَ: أَيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيلَةٍ؟*
وهو مِن كلمةٍ للفَرَزْدَقِ هَمَّامِ بنِ غَالِبٍ, يَهْجُو فيها جريرَ بنَ عَطِيَّةَ بنِ الخَطَفِيِّ.
اللغةُ: (كُلَيْبٍ) هو كُلَيْبُ بنُ يَرْبُوعٍ، أبو قبيلةِ جَرِيرٍ، والباءُ في قولِه: (بالأَكُفِّ) بمعنَى معَ؛ أي: معَ الأَكُفِّ، وقولُه: (الأصَابِعُ) هو فَاعِلُ (أشَارَتْ).
الإعرابُ: (إِذَا) ظرفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ من الزمانِ، خَافِضٌ لشرطِه، منصوبٌ بجوابِه، مَبْنِيٌّ علَى السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ بأشارَتْ, (قِيلَ) فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ للمَجْهولِ, مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ لا مَحَلَّ له, (أَيُّ) مبتدأٌ، وهو مُضافٌ, و(الناسِ) مُضافٌ إليهِ, (شَرُّ) خبرُ المبتدأِ، مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وهو مُضافٌ, و(قبيلةٍ) مُضافٌ إليه مَجْرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، ويجوزُ تنوينُ (شَرٌّ) معَ رَفْعِه على أنه خَبَرٌ، وعليهِ يَكُونُ قولُه: (قبيلةً) منصوباً على التَّمْيِيزِ، وجملةُ المبتدأِ وخَبَرِه في مَحَلِّ رفعٍ نَائِبُ فَاعِلِ قِيلَ، وجملةُ قِيلَ ونائبِ فَاعلِه في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ (إِذَا)إليها, (أشارَتْ) أشارَ: فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، والتاءُ علامةٌ على تأنيثِ الفاعلِ, (كُلَيْبٍ) مجرورٌ بحرفِ جرٍّ محذوفٍ، والتقديرُ: أشَارَتْ إلى كُلَيبٍ، والجارُّ والمَجْرورُ مُتعَلِّقٌ بأشارتْ, (بالأَكُفِّ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بمَحْذوفٍ, حالٌ من الأصابعِ، وقدْ عَرَفْتَ أنَّ الباءَ معناها هنا المصاحبةُ, (الأصابِعُ) فاعلُ أشَارَتْ، مرفوعٌ وعلامةُ رفعِه الضمَّةُ الظاهرةُ، والتقديرُ: أشارَتِ الأصابعُ حالَ كونِها مصاحبةً للأكُفِّ إلى كُلَيْبٍ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (كُلَيْبٍ) بالجرِّ، حيثُ حذَفَ حرفَ الجرِّ– وهو (إلى) المُقَدَّرُ – وأبْقَى عمَلَه، وأصلُ الكلامِ: أشارَتِ الأصابِعُ معَ الأَكُفِّ إلى كُلَيْبٍ.
([3]) سورة الأعرافِ، الآية:79.
([4]) سورة لقمانِ، الآية:14.
([5]) 236-هذهِ قِطْعةٌ من بيتٍ من الكاملِ، وهو من كلامِ سَاعِدةَ بنِ جُؤَيَّةَ، يَصِفُ رُمحاً، وهو بتمامِه:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُهُ = فِيهِ، كَمَا عَسَلَ الطريقَ الثَّعْلَبُ
اللغةُ: اللَّدْنُ – بفتحٍ فسكونٍ– اللَّيِّنُ, (يَعْسِلُ)؛ أي: يَتحرَّكُ ويَضْطَرِبُ, (المَتْنُ) الظَّهْرُ، وهو فاعِلُ يَعْسِلُ، والباءُ في قولِه: (بهَزِّ الكَفِّ) للسببيَّةِ، والأصلُ: هو لَدْنٌ يَعْسِلُ مَتْنُهُ بسببِ هَزِّ الكَفِّ إيَّاهُ.
الإعرابُ: (لَدْنٌ) هو مَرْفوعٌ، ورفعُه إِمَّا على أنَّه خبرُ مُبتدأٍ مَحذوفٍ، وتقديرُ الكلامِ: هو لَدْنٌ، مَثلاً، وإمَّا على أنَّه صفةٌ لموصوفٍ مَذْكورٍ في كلامٍ سابقٍ على بيتِ الشاهدِ, (بهَزِّ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بـ(لَدْنٌ)، وهَزِّ مُضافٌ, و(الكَفِّ) مُضافٌ إليه، مَجْرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ, (يَعْسِلُ) فعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ, (مَتْنُهُ) مَتْنُ: فَاعِلُ يَعْسِلُ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، ومتنُ مُضافٌ, وضَمِيرُ الغائبِ العائدُ على اللَّدْنِ مُضافٌ إليه مَبْنِيٌّ علَى الضمِّ في مَحَلِّ جرٍّ, (فيِه) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بيَعْسِلُ, (كما) الكافُ حرفُ جرٍّ، وما: حَرْفٌ مصدريٌّ مَبْنِيٌّ علَى السكونِ لا مَحَلَّ له, (عَسَلَ) فعلٌ ماضٍ, (الطريقَ) مجرورٌ بحرفِ جرٍّ محذوفٍ، وتقديرُ الكلامِ: كَمَا عَسَلَ في الطريقِ، والجارُّ والمَجْرورُ مُتعَلِّقٌ بعَسَلَ, (الثعلبُ) فاعلُ عَسَلَ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، و(ما) المصدريَّةُ معَ ما دخلَتْ عليهِ في تأويلِ مَصْدرٍ مجرورٍ بالكافِ، والجارُّ والمَجْرورُ مُتعَلِّقٌ بمَحْذوفٍ يقَعُ صفةً لمصدرٍ محذوفٍ يَقَعُ مفعولاً مُطْلقاً ليَعْسِلُ المضارِعِ، وتقديرُ هذهِ المحذوفاتِ على الوَجْهِ الآتي: يَعْسِلُ مَتْنُ هذا الرمحِ اللَّدْنِ في كَفِّ صاحبِه إذا هَزَّه عَسَلاناً مُشابهاً لعَسَلانِ الثَّعْلَبِ في الطريقِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (عَسَلَ الطريقَ) حيثُ حذَفَ حرفَ الجرِّ– وهو (في) المُقَدَّرُ – ثم نَصَبَ الاسمَ الذي كانَ مَجْروراً بهِ–وهو (الطريقَ) – والأصْلُ: كما عَسَلَ في الطريقِ، على ما عَلِمْتَ في إعرابِ البيتِ.
([6]) 237-هذا صَدْرُ بَيْتٍ من البسيطِ من كلامِ المُتَلَمِّسِ، وهو جَرِيرُ بنُ عبدِ المسيحِ، وعَجُزُه:
*والحَبُّ يَأْكُلُه فِي القَرْيَةِ السُّوسُ*
اللغةُ: (آلَيْتَ) معناهُ حَلَفْتَ، ويَصِحُّ المعنَى على جعلِ التاءِ للمُتكَلِّمِ كما يَصِحُّ على جَعْلِها للمُخاطَبِ، والمُخاطَبُ هو المَلِكُ النُّعمانُ بنُ المُنْذِرِ, (حَبَّ العِرَاقِ) الحَبُّ: اسمُ جنسٍ جَمْعِيٌّ يَتناوَلُ الحِنْطَةَ والشَّعيرَ وغيرَهما, (أطْعَمُهُ) أَذُوقُه، وتقولُ: (طَعِمَ يَطْعَمُ) من بَابِ تَعِبَ، ومنه قولُه تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} ومصدرُ هذا الفعلِ الطَّعْمُ – بفتحِ الطاءِ– فأمَّا الطُّعْمُ، بالضمِّ، فهو اسمٌ للمطعومِ.
الإعرابُ: (آلَيْتَ) آلَى: فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ علَى فتحٍ مُقدَّرٍ، وتاءُ المُتكَلِّمِ أو المُخاطَبِ فاعلُه مَبْنِيٌّ علَى الضمِّ أو الفتحِ في مَحَلِّ رفْعٍ, (حَبَّ) منصوبٌ على نَزْعِ الخافضِ، وأصلُ الكلامِ: آلَيْتَ على حَبِّ العراقِ، و(حَبَّ) مُضافٌ, و(العِراقِ) مُضافٌ إليه مَجْرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ, (الدَّهْرَ) منصوبٌ على الظرفيَّةِ الزمانيَّةِ, مُتعَلِّقٌ بأطْعَمُ الآتي, (أطْعَمُهُ) أطْعَمُ: فعلٌ مُضارعٌ منفيٌّ بلا محذوفةٍ، مرفوعٌ؛ لتَجرُّدِه من الناصبِ والجازمِ، وعلامةُ رَفْعِه الضمَّةُ الظاهرةُ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيه وُجوباً تَقْديرُه: أنا، وضَمِيرُ الغائبِ العائدُ إلى حَبِّ العراقِ مَفْعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى الضمِّ في مَحَلِّ نصبٍ, (والحَبُّ) الواوُ واوُ الحالِ، الحَبُّ: مبتدأٌ مرفوعٌ بالابتداءِ وعلامةُ رفعِه الضمَّةُ الظاهرةُ, (يَأْكُلُه) يأكُلُ: فعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ؛ لتجَرُّدِه من الناصبِ والجازمِ، وعلامةُ رفعِه الضمةُ الظاهرةُ، وضَمِيرُ الغائبِ العائدُ على حَبِّ العراقِ مفعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى الضمِّ في مَحَلِّ نصبٍ, (في القَرْيَةِ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بيأكُلُ, (السُّوسُ) فاعلُ يأكُلُ، وجملةُ الفعلِ المضارعِ الذي هو يأكُلُ وفاعلِه في مَحَلِّ رفعٍ, خبرُ المبتدأِ الذي هو الحَبُّ، والرابِطُ هو الضميرُ الواقعُ مفعولاً به، وجملةُ المبتدأِ وخبرِه في مَحَلِّ نصبٍ, حالٌ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (آلَيْتَ حَبَّ العراقِ) حيثُ حذَفَ حرفَ الجرِّ الذي كانَيَتعدَّى به الفعلُ الذي هو (آلَى), ثم لَمْ يُبْقِ الاسْمَ الذي كانَ مَجْروراً بهذا الحرفِ على ما كانَ قبلَ حَذْفِ الجارِّ، كما أبقاهُ الفَرَزْدَقُ في قولِه: (أشارَتْ كُلَيْبٍ). بل نصَبَ ذلك الاسمَ الذي كانَ مجروراً كما نَصَبَه ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ صاحِبُ الشاهدِ السابقِ في قولِه: (كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ).
وهذا النصْبُ ضرورةٌ لا يجوزُ ارتكابُها إلاَّ في الشعرِ خَاصَّةً، وهو- معَ كونِه من ضروراتِ الشِّعْرِ- أكْثَرُ وُرُوداً في شعرِ العربِ من بقاءِ الاسمِ مَجْروراً بعدَ حذفِ حرفِ الجرِّ، من قِبَلِ أنَّ حرفَ الجرِّ عَامِلٌ ضعيفٌ بسببِ كونِه مُختصًّا بنوعٍ واحدٍ من أنواعِ الكلمةِ وهو الاسْمُ، والعامِلُ الضعيفُ لا يَقْوَى على العملِ وهو محذوفٌ، ونظيرُه الجازِمُ لَمَّا كانَ عَامِلاً ضعيفاً لاختصاصِه بالفعلِ, لم يَقْوَ على العملِ وهو محذوفٌ، والأصْلُ: آلَيْتَ على حَبِّ العراقِ لا أطْعَمُه الدَّهْرَ، فحذَفَ حرفَ الجَرِّ – وهو (علَى) الذي قَدَّرْناه – ثم نَصَبَ الاسمَ الذي كانَ مَجْروراً به.
فإنْ قُلْتَ: فلماذا لا تجعَلُ الكلامَ من بابِ الاشتغالِ، ويكونُ قولُه: (حَبَّ العِرَاقِ) منصوباً بفعلٍ محذوفٍ يُفَسِّرُه المذكورُ بعدَه، وأصلُ الكلامِ على هذا: آلَيْتَ لا أطْعَمُ حَبَّ العراقِ لا أطْعَمُهُ، وكيفَ حَمَلْتَ البيتَ على حذفِ حرفِ الجرِّ ونصبِ الاسمِ بإيصالِ الفعلِ إليهِ, ولم تَحْمِلْه على الذي ذَكَرْتَ، معَ أنَّ الحَذْفَ والإيصالَ بابٌ سماعيٌّ, وذلك الذي أقولُه بابٌ قِيَاسِيٌّ؟
فالجوابُ عن ذلك: أنَّ قولَه: (أطْعَمُهُ) واقعٌ في جوابِ قَسَمٍ، وهو مَنفِيٌُّ بـ(لا) على ما قَدَّرْتُ لك، وجوابُ القَسَمِ المنفيُّ بـ(لا) لا يَعْمَلُ فيما قبلَه، فلا يُفَسِّرُ عاملاً على قاعدةِ: أنَّ كلَّ ما لا يعمَلُ لا يُفَسِّرُ عاملاً، وهي أساسٌ في عامَّةِ فروعِ بابِ الاشتغالِ.
([7]) هذا الذي ذهَبَ إليهِ ابنُ هِشامٍ– من أنَّ مَحَلَّ (أنَّ) المَشْدُودَةِ وأنِ المصدريَّةِ بعدَ حذفِ حرفِ الجرِّ, نَصْبٌ – هو مذهَبُ الخليلِ بنِ أحمدَ، وذهَبَ سِيبَوَيْهِ على جوازِه، ولكنَّه جعَلَ أقْوَى منه أنْ يَكُونَ المَحلُّ جَرًّا، وهذا هو الصحيحُ في النقْلِ عن الخليلِ وعن سِيبَوَيْهِ.
وهل يُقاسُ على (أَنَّ) و(أَنْ) غيرُهما؟ والجوابُ أنَّ الذي يُرجِّحُه النحاةُ هو أنَّه لا يقاسُ غيرُهما عليهما، فلا تَقولُ: (بَرَيْتُ السِّكِّينَ القَلَمَ). على أنَّ الأصْلَ: بَرَيْتُ بالسِّكِّينِ القَلَمَ، وذهَبَ الأخفشُ الأصغرُ إلى جوازِ القياسِ عليهما بشرطِ أمْنِ اللَّبْسِ، واستَدَلَّ بوُرودِ مثلِ ذلك في قولِ الشاعرِ:
*وأُخْفِي الذي لَوْلا الأُسَى لَقَضَانِي*
([8]) سورة آل عمرانَ، الآية: 18.
([9]) سورة الأعرافِ، الآية:63.
([10]) سورة الحشرِ،الآية:7.
([11]) سورة النساءِ،الآية:127.
([12]) مُسرَّحاً؛ أي: غيرَ مُقيَّدٍ بحرفٍ من حروفِ الجرِّ.
([13]) من ذلك قولُه تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} وقولُ الفرزدقِ هَمَّامِ بنِ غالبٍ:
ومِنَّا الَّذِي اخْتِيرَ الرِّجالَ سَمَاحَةً = وخَيْراً إذَا هَبَّ الرِّياحُ الزَّعَازِعُ
([14]) تَعَيَّنَ في المثالِ الأولِ أنْ يَكُونَ المُقَدَّمُ هو المفعولَ الأولَ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من المفعوليْنِ يَصِحُّ أنْ يَكُونَ آخِذاً, كما يَصِحُّ أنْ يَكُونَ مأخوذاً، فدفعاً لالتباسِ الآخِذِ بالمأخوذِ التَزَموا تقديمَ الأوَّلِ، وفي المثالِ الثاني لَمَّا كانَ المحصورُ يَجِبُ أنْ يَكُونَ متأخِّراً.
وكانَ القصدُ أنْ يَكُونَ المفعولُ الثاني مَحصوراً فقدْ وجَبَ تقديمُ الأولِ، وفي المثالِ الثالثِ لَمَّا كانَ المفعولُ الأولُ ضميراً وكانَ الأصْلُ أنه متَى أمْكَنَ المجِيءُ بالضميرِ مُتَّصِلاً لا يُعْدَلُ إلى انفصالِه إلاَّ في مسائِلَ معدودةٍ, وليسَ هذا منها- أوجَبْنا تقديمَ المفعولِ الأوَّلِ؛ لنَأْتِيَ بهِ مُتَّصِلاً.
([15]) سورةالكوثَرِ،الآية: 1.
([16]) إنَّما وجَبَ في النوعِ الأولِ أنْ يَتقدَّمَ المفعولُ الثاني؛ لأنَّكَ لو أخَّرْتَه على ما هو الأصِلُ فقُلْتَ: (أعْطَيْتُ مَالِكَهُ المَالَ). لعادَ الضميرُ على مُتأخِّرٍ لفظاً ورُتْبةً، وهو لا يجوزُ، وأمَّا النوعانِ الثاني والثالثُ فقَدْ وجَبَ تقديمُ المفعولِ الثاني فيهما على المفعولِ الأوَّلِ؛ لمثلِ ما قُلْناه في النوعيْنِ الثاني والثالثِ في صورِ تقديمِ المفعولِ الأوَّلِ وُجوباً.
([17]) سورة الضُّحَى، الآية: 3.
([18]) سورة طه، الآية: 3.
([19]) سورة البَقَرَةِ، الآية:24.
([20]) سورة المُجادَلَةِ، الآية: 21.
([21]) بَقِيَ أنَّه قد يَجِبُ حذفُ المفعولِ, ولا يجوزُ ذِكْرُه، وذلكَ كما في بابِ التنازُعِ إذا أعْمَلْتَ ثانِيَ العامليْنِ في الاسمِ المُتنازَعِ فيهِ, وكانَ الأوَّلُ يحتاجُ إلى منصوبٍ، نحوَ أنْ تَقولَ: (ضَرَبْتُ وضَرَبَنِي زَيْدٌ). إذْ لو أعمَلْتَ العاملَ الأوَّلَ في ضميرِ الاسمِ المتنازَعِ فيهِ؛ لَعادَ الضميرُ على مُتأخِّرٍ من غيرِ ضَرورةٍ.
([22]) إنَّما وجَبَ حذفُ العاملِ في الاسمِ المُتقدِّمِ في بابِ الاشتغالِ؛ لأنَّ العاملَ المُتأخِّرَ مُفَسِّرٌ له، ولا يُجْمَعُ في الكلامِ بينَ المُفَسِّرِ والمُفَسَّرِ له، ووجَبَ الحذفُ في بابِ النداءِ؛ لأنَّ (يا) عِوَضٌ عن الفعلِ، ولا يُجْمَعُ بينَ العِوضِ والمُعَوَّضِ منه.
([23]) سورة النساءِ، الآية: 171، وإنَّما وجَبَ حذفُ العاملِ في الأمثالِ الواردةِ عن العربِ بالحذفِ؛ لأنَّ ذكْرَ العاملِ يُغيِّرُ المَثَلَ عمَّا تكلَّمَ به العربُ، والأمثالُ لا تُغَيَّرُ؛ لأنَّ الغَرَضَ مِن ذِكْرِها في كلامٍ ما تَشْبِيهُ مَضْرِبِها بمَوْرِدِها، فلَزِمَ, أنْ يُلْتَزَمَ فيها أصلُه، ومن أمثلتِها قولُهم: (كِلَيْهما وتَمْراً) عندَ من رَواهُ هكذا، وما جَرَى مَجْرَى الأمثالِ, يَأْخُذْ حُكْمَها كالآيةِ الكريمةِ.