دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الأول 1443هـ/17-10-2021م, 12:31 AM
هنادي الفحماوي هنادي الفحماوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 283
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تحرير قول المفسرين في المراد {الذي بيده عقدة النكاح}:
ورد في المسألة قولان:
1- القول الأول : الزوج
وهو قول: علي، ابن عباس، جبير بن مطعم، شريح، سعيد بن المسيب، مجاهد، سعيد بن جبير، طاووس، الشعبي: الربيع،عمرو بن الربيع، الضحاك
- قول علي: رواه الطبري في تفسيره عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي.
ورواه الطبري في تفسيره وابن ابي حاتم في تفسيره عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم :أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح فقال الولي قال: لا بل الزوج.
- قول ابن عباس: رواه مسلم بن خالد الزنجي ورواه الطبري في تفسيره من طريقين عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال: هو الزوج.
ورواه عن مجاهد عن ابن عباس وعن الأعمش عن إبراهيم عن ابن عباس.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره بقوله وإحدى الروايات عن ابن عباس.
- قول جبير بن مطعم: رواه الطبري في تفسيره من عدة طرق أن جبير بن مطعم تزوج امرأة فطلقها قبل أن يبني بها وأكمل لها الصداق وتأول {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح}.
ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره.
- قول شريح: رواه عبد الله بن وهب المصري في تفسيره : اخرج مسلمة بن علي عن معاوية عن الحكم بن عتيبة قال: لم يكن شريح يفسر غير ثلاث آيات: قول الله تعالى {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} الحكمة: الفهم وفصل الخطاب: الشهود والبينات {والذي بيده عقدة النكاح} الزوج.و رواه الطبري عن الشعبي وعن الحجاج عن الحكم عن شريح وعن الأعمش عن إبراهيم عن شريح.
ورواه سعيد بن منصور الخراساني عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق قال: كان شريح يقول الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
عن منصور عن إبراهيم عن شريح ، ورواه عبد الله بن وهب المصري في تفسيره وعبد الرزاق الصنعاني والطبري في تفسيره عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح
ورواه ابن أبي حاتم عنه بقوله وشريح في أحد قوليه.
- قول سعيد بن المسيب: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره ورواه الطبري في تفسيره عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره
- قول مجاهد: عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره ورواه مسلم بن خالد الزنجي و رواه الطبري في تفسيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
ورواه الطبري عن مجاهد . ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول سعيد بن جبير: رواه الطبري في تفسيره عن سعيد بن جبير من عدة طرق. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول طاووس: رواه الطبري في تفسيره عن أبي بشر في أنه كان يقول: الولي ولكنه عاد وتابع سعيد بن جبير في أنه الزوج
- قول الشعبي: رواه الطبري في تفسيره عن ابي داود الطيالسي عن زهير عن ابي اسحاق عن الشعبي.
-قول الربيع: رواه الطبري عن المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
-قول عمرو بن شعيب: رواه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره عن عمرو بن شعيب عن الرسول صلى الله عليه وسلم. إلا ان ابن ابي حاتم ذكر في الإسناد عن ابيه عن جده ولم يذكرهما الطبري.
- قول الضحاك: رواه الطبري في تفسيره عن الضحاك من عدة طرق.ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره.
2- القول الثاني: الولي
وهو قول: ابن عباس، عكرمة، مجاهد، إبراهيم ، الحسن. الزهري ، علقمة، عكرمة، الشعبي، الأسود بن يزيد، عطاء، أبو صالح، السدي، ابن زيد وربيعة
- قول ابن عباس: رواه الطبري في تفسيره عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: قال ابن عباس أذن الله في العفو وامر به فإن عفت كما عفت وإن ضنت وعفا وليها جاز وإن ابت. ورواه الطبري عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس. ورواه الطبري عن محمد بن سعد عن أبيه قال: حدثني عمي قال: حدثني ابي عن أبيه عن ابن عباس قال: هو الولي، ورواه ابن ابي حاتم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس.
- قول عكرمة: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة ورواه الطبري في تفسيره عن يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول: إلا أن يعفون أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه فإن هي شحت إلا أن تاخذه فلها ولوليها الذي انكحها الرجل عم أو أخ أو أب أن يعفو عن النصف فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة.
ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره عن عكرمة في أحد قوليه.
-قول مجاهد: رواه الطبري المثنى قال: حدثني الحماني قال: حدثني شريك عن سالم عن مجاهد قال: هو الولي.
- قول إبراهيم: رواه آدم في تفسير مجاهد ورواه الطبري في تفسيره عن المغيرة عن إبراهيم ورواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن منصور عن إبراهيم.
- قول الحسن: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره والطبري من عدة طرق في تفسيره عن الحسن.
- قول الزهري: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره والطبري في تفسيره عن معمر وقال الزهري هو الأب ورواه الطبري عن ابن جريج قال لي الزهري: ولي البكر.
- قول علقمة: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ورواه الطبري من طرق اخرى.
- قول الشعبي: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبير في تفسيره عن جرير عن مغيرة عن الشعبي وزاد سعيد بن منصور قال: والله ما قضى شريح بقضاء كان احمق منه حين ترك قوله الأول واخذ بهذا.
- قول الأسود بن يزيد: رواه الطبري عن حجاج عن الأسود بن يزيد ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول عطاء: رواه الطبري في تفسيره عن يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال: هو الولي.
- قول أبي صالح: رواه الطبري في تفسيره قال: حدثنا ابو هشام قال حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن السدي عن أبي صالح قال: ولي العذراء.
- قول السدي: رواه الطبري قال: حدثني موسى قال حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط عن السدي : هو ولي البكر.
- قول ابن زيد وربيعة: رواه الطبري عن مالك عن زيد وربيعة : الاب في ابنته والسيد في أمته.
3- قول الأقرب للتقوى:
وهو قول ابن عباس رواه عبد الله بن وهب عن ابن جريج عن عطاء بن رباح عن ابن عباس قال: أقربهما إلى التقوى الذي يعفو.
**الدراسة:
اختلف العلماء في المراد بالذي بيده عقدة النكاح بين القولين الأولين:
وقد عرض الطبري أصحاب كل قول ثم عقب بقوله:
أولى القولين في ذلك بالصّواب، قول من قال: المعنيّ بقوله: {الّذي بيده عقدة النّكاح} الزّوج، وذلك لإجماع الجميع على أنّ وليّ جاريةٍ بكرٍ، أو ثيّبٍ، صبيّةٍ صغيرةً كانت، أو مدركةً كبيرةً، لو أبرأ زوجها من مهرها قبل طلاقه إيّاها، أو وهبه له، أو عفا له عنه، أنّ إبراءه ذلك، وعفوه له عنه باطلٌ، وأنّ صداقها عليه ثابتٌ ثبوته قبل إبرائه إيّاه منه، فكان سبيل ما أبرأه من ذلك بعد طلاقه إيّاها سبيل ما أبرأه منه قبل طلاقه إيّاها.
وأخرى أنّ الجميع مجمعون على أنّ وليّ امرأةٍ محجورٌ عليها أو غير محجورٍ عليها، لو وهب لزوجها المطلّقها بعد بينونتها منه درهمًا من مالها على غير وجه العفو منه عمّا وجب لها من صداقها قبله أنّ هبته ما وهب من ذلك مردودةٌ باطلةٌ، وهم مع ذلك مجمعون على أنّ صداقها مالٌ من مالها، فحكمه حكم سائر أموالها.
وأخرى أنّ الجميع مجمعون على أنّ بني أعمام المرأة البكر، وبني إخوتها من أبيها وأمّها من أوليائها، وأنّ بعضهم لو عفا عن مالها، أو بعد دخوله بها، أنّ عفوه ذلك عمّا عفا له عنه منه باطلٌ، وإنّ حقّ المرأة ثابتٌ عليه بحاله، فكذلك سبيل عفو كلّ وليٍّ لها كائنًا من كان من الأولياء، والدًا كان أو جدًّا أو أخًا؛ لأنّ اللّه تعالى ذكره لم يخصّص بعض الّذين بأيديهم عقد النّكاح دون بعضٍ في جواز عفوه، إذا كانوا ممّن يجوز حكمه في نفسه وماله.
ويقال لمن أبى ما قلنا ممّن زعم أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح وليّ المرأة، هل يخلو القول في ذلك من أحد أمرين، إذ كان الّذي بيده عقدة النّكاح هو الوليّ عندك إمّا أن يكون ذلك كلّ وليٍّ جاز له تزويج وليّته، أو يكون ذلك بعضهم دون بعضٍ؟ فلن يجد إلى الخروج من أحد هذين القسمين سبيلاً.
فإن قال: إنّ ذلك كذلك، قيل له: فأيّ ذلك عني به؟
فإن قال: كلّ وليٍّ جاز له تزويج وليّته. قيل له: أفجائزٌ للمعتق أمةً تزويج مولاته بإذنها بعد عتقه إيّاها؟
فإن قال: نعم، قيل له: أفجائزٌ عفوه إن عفا عن صداقها لزوجها بعد طلاقه إيّاها قبل المسيس.
فإن قال: نعم خرج من قول الجميع.
وإن قال: لا قيل له: ولم وما الّذي حظر ذلك عليه، وهو وليّها الّذي بيده عقدة نكاحها.
ثمّ يعكس القول عليه في ذلك، ويسأل الفرق بينه، وبين عفو سائر الأولياء غيره.
وإن قال لبعضٍ دون بعضٍ، سئل البرهان على خصوص ذلك، وقد عمّه اللّه تعالى ذكره فلم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، ويقال له: من المعنيّ به إن كان المراد بذلك بعض الأولياء دون بعضٍ؟
فإن أومأ في ذلك إلى بعضٍ منهم، سئل البرهان عليه، وعكس القول فيه وعورض في قوله ذلك، بخلاف دعواه، ثمّ لن يقول في ذلك قولاً إلاّ ألزم في الآخر مثله.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ المرأة إذا فارقها زوجها، فقد بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها، واللّه تعالى ذكره إنّما أجاز عفو الّذي بيده عقدة نكاح المطلّقة فكان معلومًا بذلك أنّ الزّوج غير معنيٍّ به، وأنّ المعنيّ به هو الّذي بيده عقدة نكاح المطلّقة بعد بينونتها من زوجها. وفي بطول ذلك أن يكون حينئذٍ بيد الزّوج، صحّة القول أنّه بيد الوليّ الّذي إليه عقد النّكاح إليها. وإذا كان ذلك كذلك صحّ القول بأنّ الّذي بيده عقدة النّكاح، هو الوليّ، فقد غفل وظنّ خطأً.
وذلك أنّ معنى ذلك: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحه، وإنّما أدخلت الألف واللاّم في النّكاح بدلاً من الإضافة إلى الهاء الّتي كان النّكاح لو لم يكونا فيه مضافًا إليها، كما قال اللّه تعالى ذكره: {فإن الجنّة هي المأوى} بمعنى: فإنّ الجنّة هى مأواه، وكما قال نابغة بني ذبيان:
لهم شيمةٌ لم يعطها اللّه غيرهم = من النّاس فالأحلام غير عوازب
بمعنى: فأحلامهم غير عوازب. والشّواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.
فتأويل الكلام: إلاّ أن يعفون أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح، وهو الزّوج الّذي بيده عقدة نكاحه نفسه في كلّ حالٍ، قبل الطّلاق وبعده؛ لا أنّ معناه: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحهنّ. فيكون تأويل الكلام ما ظنّه القائلون أنّه الوليّ: وليّ المرأة، لأنّ وليّ المرأة لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها إلاّ في حال طفولتها، وتلك حالٌ لا يملك العقد عليها إلاّ بعض أوليائها في قول أكثر من رأى أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح الوليّ، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره بقوله. {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} بعضًا منهم، فيجوز توجيه التّأويل إلى ما تأوّلوه، لو كان لما قالوا في ذلك وجه.
وبعد، فإنّ اللّه تعالى ذكره إنّما كنّى بقوله: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم إلاّ أن يعفون} عن ذكر النّساء اللاّتي قد جرى ذكرهنّ في الآية قبلها، وذلك قوله: {لا جناح عليكم إن طلّقتم النّساء ما لم تمسّوهنّ} والصّبايا لا يسمّين نساءً، وإنّما يسمّين صبايا، أو جواري، وإنّما النّساء في كلام العرب: جمع اسم المرأة، ولا تقول العرب للطّفلة، والصّبية، والصّغيرة امرأةً، كما لا تقول للصّبيّ الصّغير رجلٌ.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان قوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} عند الزّاعمين أنّه الوليّ، إنّما هو: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} عمّا وجب لوليّته الّتي تستحقّ أن يولّي عليها مالها، إمّا لصغرٍ، وإمّا لسفهٍ، واللّه تعالى ذكره إنّما اختصّ في الآيتين قصص النّساء المطلّقات، لعموم الذّكر دون خصوصه، وجعل لهنّ العفو بقوله: {إلاّ أن يعفون} كان معلومًا بقوله: {إلاّ أن يعفون} أنّ المعنيّات منهنّ بالآيتين اللّتين ذكرهنّ فيهما جميعهنّ دون بعضٍ، إذ كان معلومًا أنّ عفو من يولّى عليه ماله منهنّ باطلٌ.
وإذ كان ذلك كذلك، فبيّن أنّ التّأويل في قوله: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحهنّ، يوجب أن يكون لأولياء النساء الرّشد البوالغ من العفو عمّا وجب لهنّ من الصّداق بالطّلاق قبل المسيس، مثل الّذي لأولياء الأطفال الصّغار المولّى عليهنّ أموالهنّ السّفّه. وفي إنكار المائلين إنّ الّذي بيده عقدة النّكاح الوليّ، عفو أولياء الثّيّبات الرّشد البوالغ على ما وصفنا، وتفريقهم بين أحكامهم وأحكام أولياء الأخر، ما أبان عن فساد تأويلهم الّذي تأوّلوه في ذلك. ويسأل القائلون بقولهم في ذلك الفرق بين ذلك من أصلٍ أو نظيرٍ، فلن يقولوا في شيءٍ من ذلك قولاً إلاّ ألزموا في خلافه مثله.
وقال عبد الحق بن غالب عطية الأندلسي: اختلف الناس في المراد بقوله تعالى: {أو يعفوا الّذي بيده عقدة النّكاح} فقال ابن عباس وعلقمة وطاوس ومجاهد وشريح والحسن وإبراهيم والشعبي وأبو صالح وعكرمة والزهري ومالك وغيرهم: «هو الولي الذي المرأة في حجره، فهو الأب في ابنته التي لم تملك أمرها، والسيد في أمته»، وأما شريح فإنه جوز عفو الأخ عن نصف المهر، وقال: «وأنا أعفو عن مهور بني مرة وإن كرهن»، وكذلك قال عكرمة: «يجوز عفو الذي عقد عقدة النكاح بينهما، كان عما أو أخا أو أبا وإن كرهت»، وقالت فرقة من العلماء: «الذي بيده عقدة النكاح الزوج»، قاله علي بن أبي طالب وقاله ابن عباس أيضا، وشريح أيضا رجع إليه، وقاله سعيد ابن جبير وكثير من فقهاء الأمصار، فعلى القول الأول: الندب لهما هو في النصف الذي يجب للمرأة فإما أن تعفو هي وإما أن يعفو وليها، وعلى القول الثاني: فالندب في الجهتين إما أن تعفو هي عن نصفها فلا تأخذ من الزوج شيئا، وإما أن يعفو الزوج عن النصف الذي يحط فيؤدي جميع المهر، وهذا هو الفضل منهما، وبحسب حال الزوجين يحسن التحمل والتجمل، ويروى أن: «جبير بن مطعم دخل على سعد بن أبي وقاص فعرض عليه ابنة له فتزوجها، فلما خرج طلقها وبعث إليه بالصداق، فقيل له: لم تزوجتها؟، فقال: عرضها علي فكرهت رده، قيل: فلم تبعث بالصداق؟ قال: فأين الفضل؟»
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ويحتج القائلون بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، بأن هذا الولي لا يجوز له ترك شيء من صداقها قبل الطلاق فلا فرق بعد الطلاق. وأيضا فإنه لا يجوز له ترك شيء من مالها الذي ليس من الصداق فماله يترك نصف الصداق؟ وأيضا فإنه إذا قيل إنه الولي فما الذي يخصص بعض الأولياء دون بعض وكلهم بيده عقدة النكاح وإن كان كافلا أو وصيا أو الحاكم أو الرجل من العشيرة؟»، ويحتج من يقول إنه الولي الحاجر بعبارة الآية، لأن قوله الّذي بيده عقدة النّكاح عبارة متمكنة في الولي، وهي في الزوج قلقة بعض القلق، وليس الأمر في ذلك كما قال الطبري ومكي من أن المطلق لا عقدة بيده بل نسبة العقدة إليه باقية من حيث كان عقدها قبل، وأيضا فإن قوله: {إلّا أن يعفون}: لا تدخل فيه من لا تملك أمرها لأنها لا عفو لها فكذلك لا يغبن النساء بعفو من يملك أمر التي لا تملك أمرها، وأيضا فإن الآية إنما هي ندب إلى ترك شيء قد وجب في مال الزوج، يعطي ذلك لفظ العفو الذي هو الترك والاطراح وإعطاء الزوج المهر كاملا لا يقال فيه عفو، إنما هو انتداب إلى فضل، اللهم إلا أن تقدر المرأة قد قبضته، وهذا طار لا يعتد به، قال مكي: «وأيضا فقد ذكر الله الأزواج في قوله فنصف ما فرضتم ثم ذكر الزوجات بقوله يعفون، فكيف يعبر عن الأزواج بعد بالذي بيده عقدة النكاح بل هي درجة ثالثة لم يبق لها إلا الولي.
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الخزرجي القرطبي : واختلف الناس في المراد بقوله تعالى : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فروى الدارقطني عن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة من بني نصر فطلقها قبل أن يدخل بها ، فأرسل إليها بالصداق كاملا وقال : أنا أحق بالعفو منها ، قال الله تعالى : إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأنا أحق بالعفو منها . وتأول قوله تعالى : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح يعني نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده ، أي عقدة نكاحه ، فلما أدخل اللام حذف الهاء كقوله : فإن الجنة هي المأوى ؛ أي مأواه .
قال النابغة:
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الجود والأحلام غير عوازب
أي أحلامهم . وكذلك قوله : عقدة النكاح أي عقدة نكاحه . وروى الدارقطني مرفوعا من حديث قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولي عقدة النكاح الزوج . وأسند هذا عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب وشريح . قال : وكذلك قال نافع بن جبير ومحمد بن كعب وطاوس ومجاهد والشعبي وسعيد بن جبير ، زاد غيره ومجاهد والثوري ، واختاره أبو حنيفة ، وهو الصحيح من قول الشافعي ، كلهم لا يرى سبيلا للولي على شيء من صداقها ، للإجماع على أن الولي لو أبرأ الزوج من المهر قبل الطلاق لم يجز فكذلك بعده . وأجمعوا على أن الولي لا يملك أن يهب شيئا من مالها ، والمهر مالها . وأجمعوا على أن من الأولياء من لا يجوز عفوهم وهم بنو العم وبنو الإخوة ، فكذلك الأب ، والله أعلم . ومنهم من قال هو الولي أسنده الدارقطني أيضا عن ابن عباس قال : وهو قول إبراهيم وعلقمة والحسن ، زاد غيره وعكرمة وطاوس وعطاء وأبي الزناد وزيد بن أسلم وربيعة ومحمد بن كعب وابن شهاب والأسود بن يزيد والشعبي وقتادة ومالك والشافعي في القديم . فيجوز للأب العفو عن نصف صداق ابنته البكر إذا طلقت ، بلغت المحيض أم لم تبلغه . قال عيسى بن دينار : ولا ترجع بشيء منه على أبيها ، والدليل على أن المراد الولي أن الله سبحانه وتعالى قال في أول الآية : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم فذكر الأزواج وخاطبهم بهذا الخطاب ، ثم قال : إلا أن يعفون فذكر النسوان ، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فهو ثالث فلا يرد إلى الزوج المتقدم إلا لو لم يكن لغيره وجود ، وقد وجد وهو الولي فهو المراد . قال معناه مكي وذكره ابن العربي . وأيضا فإن الله تعالى قال : إلا أن يعفون ومعلوم أنه ليس كل امرأة تعفو ، فإن الصغيرة والمحجور عليها لا عفو لهما ، فبين الله القسمين فقال : إلا أن يعفون أي إن كن لذلك أهلا ، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الولي ؛ لأن الأمر فيه إليه . وكذلك روى ابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك أنه الأب في ابنته البكر والسيد في أمته . وإنما يجوز عفو الولي إذا كان من أهل السداد ، ولا يجوز عفوه إذا كان سفيها . فإن قيل : لا نسلم أنه الولي بل هو الزوج ، وهذا الاسم أولى به ؛ لأنه أملك للعقد من الولي على ما تقدم .
فالجواب - أنا لا نسلم أن الزوج أملك للعقد من الأب في ابنته البكر ، بل أب البكر يملكه خاصة دون الزوج ؛ لأن المعقود عليه هو بضع البكر ، ولا يملك الزوج أن يعقد على ذلك بل الأب يملكه . وقد أجاز شريح عفو الأخ عن نصف المهر ، وكذلك قال عكرمة : يجوز عفو الذي عقد عقدة النكاح بينهما ، كان عما أو أبا أو أخا ، وإن كرهت . وقرأ أبو نهيك والشعبي " أو يعفو " بإسكان الواو على التشبيه بالألف ، ومثله قول الشاعر :
فما سودتني عامر عن وراثة أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
قال إسماعيل بن عمر بن كثيرالقرشي وقوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن ابن لهيعة، حدّثني عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «وليّ عقدة النّكاح الزّوج.
وهكذا أسنده ابن مردويه من حديث عبد اللّه بن لهيعة، به. وقد أسنده ابن جريرٍ، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيبٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره ولم يقل: عن أبيه، عن جدّه فاللّه أعلم.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: وحدّثنا يونس بن حبيبٍ، حدّثنا أبو داود، حدّثنا جريرٌ، يعني ابن حازمٍ، عن عيسى -يعني ابن عاصمٍ -قال: سمعت شريحًا يقول: «سألني عليّ بن طالب عن الّذي بيده عقدة النّكاح. فقلت له: هو وليّ المرأة. فقال عليٌّ: لا بل هو الزّوج». ثمّ قال: وفي إحدى الرّوايات عن ابن عبّاسٍ، وجبير بن مطعمٍ، وسعيد بن المسيّب، وشريحٍ -في أحد قوليه -وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ، والشّعبيّ، وعكرمة، ونافعٍ، ومحمّد بن سيرين، والضّحّاك، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، وجابر بن زيدٍ، وأبي مجلز، والرّبيع بن أنسٍ، وإياس بن معاوية، ومكحولٍ، ومقاتل بن حيّان: «أنّه الزّوج».
قلت: وهذا هو الجديد من قولي الشّافعيّ، ومذهب أبي حنيفة. وأصحابه، والثّوريّ، وابن شبرمة، والأوزاعيّ، واختاره ابن جريرٍ. ومأخذ هذا القول: أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح حقيقةً الزّوج، فإنّ بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها، وكما أنّه لا يجوز للوليّ أن يهب شيئًا من مال المولية للغير، فكذلك في الصّداق.
قال والوجه الثّاني: حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي مريم، حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، حدّثنا عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ -في الّذي ذكر اللّه بيده عقدة النّكاح -قال: «ذلك أبوها أو أخوها، أو من لا تنكح إلّا بإذنه»، وروي عن علقمة، والحسن، وعطاءٍ، وطاوسٍ، والزّهريّ، وربيعة، وزيد بن أسلم، وإبراهيم النّخعيّ، وعكرمة في أحد قوليه، ومحمّد بن سيرين -في أحد قوليه: «أنّه الوليّ». وهذا مذهب مالكٍ، وقول الشّافعيّ في القديم؛ ومأخذه أنّ الوليّ هو الّذي أكسبها إيّاه، فله التّصرّف فيه بخلاف سائر مالها.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا سعيد بن الرّبيع الرّازيّ، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة قال: «أذن اللّه في العفو وأمر به، فأيّ امرأةٍ عفت جاز عفوها، فإن شحّت وضنّت عفا وليّها وجاز عفوه».
وهذا يقتضي صحّة عفو الوليّ، وإن كانت رشيدةً، وهو مرويٌّ عن شريحٍ. لكن أنكر عليه الشّعبيّ، فرجع عن ذلك، وصار إلى أنّه الزّوج وكان يباهل عليه.
والقول الثالث لابن عباس لم يذكره إلا عبد الله بن وهب ولعلالعلماء اعتبروه لازما للعفو وليس المراد بالذي بيده عقدة النكاح والله أعلم.
ونجدأن بعض الأقوال في الولي تحدده بالأب أو ولي العذراء وأقوالا اخرى تعمم فتذكر كل من له حق تزويجها والله أعلم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 ربيع الأول 1443هـ/17-10-2021م, 02:19 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

⚪ التطبيق السابع ⚪


حرّر المراد بالعذاب الأدنى. في قوله تعالى. َ ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [السجدة 21


اختلف العلماء في المراد { بالعذاب الأدنى } على أقوال


🔷 القول الأول :
مصائب الدنيا في الأموال والأولاد وسنون القحط وعذاب الدنيا ( يدخل فيه ما أصاب قريش من جوع وقحط وسنين الجذب والدخان )
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعبادة بن الصامت ووسفيان الثوري وإبراهيم النخعي ومجاهد والسُدي والحسن والضحاك وجعفر بن محمد وابن زيد وعلقمة وعطية وقتادة وأبي العالية


▫قال ابن جرير الطبري :
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.


▫قال ابن عطية :
وقالَتْ فِرْقَةٌ مِنها عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو العالِيَةِ، وإبْراهِيمُ النَخْعِيُّ: هو الدُخانُ الَّذِي رَأتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ، فَكانَ الرَجُلُ يَرى مِنَ الجَدْبِ والجُوعِ دُخانًا بَيْنَهُ وبَيْنَ السَماءِ.




⚫ التخريج


🔹روى هذا القول عن ( ابن مسعود) - آدم ابن أبي إياس-. في تفسيرمجاهد والنسائي في السنن الكبرى كلاهما من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه .
ورواه البخاري في صحيحه من طريق مسروق عنه ، (وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون أصابتهم
كما في الدر المنثور للسيوطي


🔹روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد في مسنده. كلهم من طريق يحي بن الجزار عن أبن أبي ليلى عنه
وكذا رواه ابن جرير في تفسيره بأسانيد. ثلاثة كلها من طريق يحي بن الجزار بن الجزار عن أبي ليلى عنه


🔹روى هذا القول عن ( ابن عباس ) ابن جرير في تفسيره ،قال :
حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.


🔹ورواه ابن جرير بإسناد آخر عن ابن عباس :حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب. ( على ضعفه كما نص عليه العلماء )




🔹روى هذا القول عن ( مجاهد ). أدم بن أبي إياس. في تفسير مجاهد وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق
- ورقاء ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:»
ورواه يحي بن سلام في تفسيره عن المعلى عن أبي يحي عن مجاهد ، قال عذاب الدنيا وذكر عن السدي قوله : هو الجوع في الدنيا


🔹روى هذا القول عن ( الحسن ) عبد الرزاق الصنعاني : قال معمر وقال الحسن الأدنى عقوبات الدنيا
وأخرج ابن جرير في تفسيره :
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.


🔹 روى هذا القول عن ( إبراهيم النخعي ) سفيان الثوري في تفسيره و أبو حُذيفة النهدي وأبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصور عن إبراهيم
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( ابن زيد ) حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( أبي العالية )
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصائب في الدّنيا.


🔶 القول الثاني :
يوم بدر - البطشة - القتل - اللزام
هو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس والحسن بن على وَعَبَد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وقتادة والحسن


▫قال الحافظ ابن كثير :
قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ بِمَكَّةَ إِلَّا دَخَلَهُ الْحُزْنُ عَلَى قَتِيلٍ لَهُمْ أَوْ أَسِيرٍ، فَأُصِيبُوا أَوْ غَرموا(15) ، وَمِنْهُمْ مَنْ جُمِعَ له الأمران.
▫قال شيخ الإسلام ابن تيمية
:( وكذلك قوله:{ ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } يدخُلُ في العذاب الأدنَى ما يكون بأيدي العباد - كما قد فُسِّر بوقعة بدر بعض ما وعد الله به المشركين من العذاب). ( المجموع 15/45).






⚫ التخريج


🔸رواه عن ( عبد الله بن مسعود ) سفيان الثوري في تفسيره ويحي بن سلام في تفسيره والحاكم في مستدركه ، كلهم من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله
*وراوه ابن جرير بأسانيد كلها من طريق مسروق عن عبد الله
وأخرج بسنده من طريق عوف ، عن الحسن بن على و عبد الله بن الحارث بن نوفل ،قولهما : هو القتل بالسيف *( و أخرج الفريابي، وابن منيع، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر)
كما في الدر المنثور


🔸روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) عبد الرازق الصنعاني في تفسيره بسنده من طريق معمر عن قتادة
وراوه النسائي والإمام أحمد ومسلم في صحيحه كلهم من طريق يحي بن الجزار عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب
*🔸وأخرجه ابن جرير في تفسيره بأسانيد عديدة كلها من طريق ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب


🔸وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان) (وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال: يوم بدر ) - كما في الدر المنثور
قال أبو المظفر السمعاني : عن ابن عباس قال : هو القتل ببدر
🔸روى هذا القول. عن ( مجاهد ) آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
🔸ورواه ابن جرير بطريق آخر عن سعيد عن قتادة ، عن مجاهد يحدث عن أبي بن كعب ، قال : يوم بدر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا - كما في الدر المنثور
🔸ذكر يحي بن سلام في تفسيره عن ( الحسن ) ألحسن بن دينار عن الحسن ،قال : العذاب الأدنى بالسيف يوم بدر


🔷 القول الثالث
الحدود ، هو قول ( ابن عباس )
▫ قال القاضي أبو محمد(ابن عطية ) رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين.
▫ قال الحافظ ابن كثير :
قال ابن عباس في رواية عنه : يعني به إقامة الحدود عليهم .




⚫ التخريج


*🔹ورواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس بسنده : - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.
🔹( وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود - كما في الدر المنثور




🔶 القول الرابع
عذاب القبر
هو قول ( مجاهد ) وروي عن البراء بن عازب وأبي عبيدة ( وقيل لم يثبت عنهما )
*▫أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة التوبة :
قال مجاهد في قوله - تعالى -:[سنعذبهم مرتين] : بالجوع وعذاب القبر، ثم يردٌّون إلى عذابٍ, عظيم،




⚫ التخريج


*🔸روى يحي بن سلام في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق أبي يحي عن مجاهد : قال : عذاب الدنيا وعذاب القبر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر).- كما في الدر المنثور للسيوطي




▪ الدراسة ▪


🔷 القول الأول :
هذه الآية من سورة السجدة. وهي سورة مكيّة ، فلغة الخطاب فيها على غرار القرآن المكي ، الذي خاطب في غالبه قوماً كفاراً ، ردوا الحق وكذبوا الرسالة واستنكروا البعث والنشور ، فهو خطاب فيه شدة وقوة في بسط الأدلة على التوحيد ، آياته قوارع مزلزلات ، قال عز من قائل :
{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوۡمَئِذٖ يَوۡمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} وقال سبحانه :
{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (38) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (39) }
آياته حوافل بالتوبيخ والتهديد والوعيد ، كما في هذه الآية :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لأن من شأن العقوبات أن تردع وتزجر ، فتوعدهم سبحانه بالعذاب الأدنى ، أي الأقرب في الدنيا قبل أن يحل بهم عذابه الأكبر في الآخرة ، متى تتابعوا في كفرهم وصدهم عن سبيل الله ، لان من شأن النفوس ان تخشى من القريب الآتي ، وتنسى القادم البعيد وإن تحقق وقوعه ، لهذا جاء التعبير القرآني
بلفظ* الأدنى* ، لعذاب الدنيا ولم يقل الأقل او الأصغر ، وجاء في مقابله بوصف عذاب الآخرة بلفظ الأكبر ليدل على شدته وعظمه فلا أكبر منه ، فلم يقابل الأدنى بالأقصى حتى لا تستبعده النفوس وتنساه ، وهكذا هي ألفاظ القرآن الكريم ، إيجاز في اللفظ ووفاء بحق المعنى
وحقق الله وعيده فيهم فأذاقهم الجذب سنين متوالية ،حتى أكلوا الجيف والكلاب ، وصاروا مضرباً ومثلاً ، قال تعالى :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
وجاء في روايةعبد الله بن الإمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه :
فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ﴾ قَالَ: الْمُصِيبَاتُ وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَيَا، وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ . فبعد أن ذاقوا العذاب الدنيوي العاجل ، ثاب وآب الكثير منهم بعد يوم بدر و وبخاصة بعد فتح مكة
وهذا هو المراد من تعجيل العذاب
كما نصّ اللفظ القرآني. { لعلهم يرجعون } إلى حياض الإيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك والصدّ عن سبيل الله ،
فكان الرجوع لمن عاش منهم ولم يناله السيف ، بل لما عاينوا محاسن الإسلام صاروا أشد الناس حباً له ونصرةً لرايته .
هذه الآية وإن توجه خطابها لمشركي قريش ، إلا إنها تعم بخطابها كل من كان أهلاً لتنزل عذاب الله عليه ووقوع وعيده فيه ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب


🔶 القول الثاني
من المفسرين من اعتبر العذاب الأدنى الذي نال قريش هو أخذهم وقتلهم بالسيف ، لذا قيل أن ( البطشة) هي
وقعة بدر لان البطشة هي الضربة والأخرة الشديدة وقيل هي ( اللزام ) من العذاب اللازم الواقع ، فالمعنى واحد وهو نوع عذاب للتهديد والتأديب وأخذة غضب لمن كتب عليه الشقاء والموت على الكفر لأن في قوله تعالى :
{ لعلهم يرجعون } اي كان العذاب لعلة رجوعهم عن الكفر والشرك إلى الطاعة والإيمان كما قرر علماء التفسير


🔷 القول الثالث
وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ، وهو بهذا موجه إلى عصاة الموحدين وفساقهم كما عبر ابن عطية ، فإنما تقام الحدود على أهل الإسلام ، وهذا المعنى يقترب من المعاني السابقة في معنى الزجر والتطهّر والتوبة ، التى هي معنى { لعلهم يرجعون } في حق أهل الإيمان ، بوّب الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : * باب الحدود كفارات لأهلها * وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به ( أي حداً ) فهو كفارة له ) وهو يدل دلالة واضحة على عموم الخطاب في هذه الآية المكية


🔶 القول الرابع
عذاب القبر ،. هذا هو القول الذي حصل فيه خلاف وتضعيف من بعض العلماء ، لا داعي للقول ان الخلاف ليس
في ثبوت عذاب القبر ، فإن هذا في صميم عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان باليوم الآخر ، بل عدّ ابن كثير وغيره من العلماء هذه الآية دليلاً على ثبوت عذاب القبر فقال رحمه الله : وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل
السنة على عذاب البرزخ في القبور
إذا ، كان الخلاف في ان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب القبر كنوع من أنواعه وأفراده ، كما ذكر هذا القرطبي في تفسيره عن الطوفي والقشيري ، والإمام الشوكاني في تفسيره ، لأنه ينافي الحكمة والغاية التى جاء لأجلها
التعليل في الآية : { لعلهم يرجعون } فمن وافى القبر قامت قيامته ،فأنى له الرجعة والتوبة
في المقابل ، قرّر العلامة السعدي في تفسيره هذا المعنى ، لانه اعتبر أن صنوف العذاب من الجوع والقحط والمصائب في الأموال والأولاد وغيرها بعضاً وجزءا من العذاب الأدنى الذي هو ( عذاب البرزخ) بل هو استكمال له
بعد أن ذاقوا طرفاً منه في الدنيا ، وهو وإن كان في القبر فهو أدنى في مقابل العذاب الأكبر في النار


▪الترجيح ▪
تبين لنا واضحاً أن الاقوال كلها قد تقاربت ، في معنى العذاب الأدنى قصداً ومآلاً
من إنزال بعض عذابات الدنيا ، على أهل الكفر والشرك ليعودوا إلى حضيرة الدين الحق ، و قد ينال أهل التوحيد
والإيمان من هذا العذاب بما اجترحوا واكتسبوا ، كفارةً لهم وسبباً لعودتهم لمنازل الطائعين التابئين
وأن القول المختلف فيه ، هو قول من قال ، أن المراد هو عذاب القبر
وختاماً :
إن لهذه الآية نظائر في كتاب الله تعالى ، تُقرَر معناها وتُجليّ مرادها ، قال سبحانه :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (41) الروم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 ربيع الأول 1443هـ/20-10-2021م, 01:13 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد مختار مشاهدة المشاركة
⚪ التطبيق السابع ⚪


حرّر المراد بالعذاب الأدنى. في قوله تعالى. َ ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [السجدة 21


اختلف العلماء في المراد { بالعذاب الأدنى } على أقوال


🔷 القول الأول :
مصائب الدنيا في الأموال والأولاد وسنون القحط وعذاب الدنيا ( يدخل فيه ما أصاب قريش من جوع وقحط وسنين الجذب والدخان )
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعبادة بن الصامت ووسفيان الثوري وإبراهيم النخعي ومجاهد والسُدي والحسن والضحاك وجعفر بن محمد وابن زيد وعلقمة وعطية وقتادة وأبي العالية


▫قال ابن جرير الطبري :
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.
[كلام ابن جرير هذا يدل على العموم وليس على قول بعينه، فليس هذا موضعه]

▫قال ابن عطية :
وقالَتْ فِرْقَةٌ مِنها عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو العالِيَةِ، وإبْراهِيمُ النَخْعِيُّ: هو الدُخانُ الَّذِي رَأتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ، فَكانَ الرَجُلُ يَرى مِنَ الجَدْبِ والجُوعِ دُخانًا بَيْنَهُ وبَيْنَ السَماءِ.
[لا حاجة لهذا النقل هنا.

ما ينقل من كلام المفسرين ما يفيد تقوية لقول بعينه، أو دلالة إجماعهم على قول، أو ما يؤكد توجيه لقول قمتِ بصياغته ونحو ذلك]




⚫ التخريج


🔹روى هذا القول عن ( ابن مسعود) - آدم ابن أبي إياس-. في تفسيرمجاهد والنسائي في السنن الكبرى كلاهما من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه .
ورواه البخاري في صحيحه من طريق مسروق عنه ، (وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون أصابتهم
كما في الدر المنثور للسيوطي [النسائي سبق وأشرتِ إليه، مستدرك الحاكم مطبوع، هل رجعتِ إلى مصنف ابن أبي شيبة؟]


🔹روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد في مسنده. كلهم من طريق يحي بن الجزار عن أبن أبي ليلى عنه
وكذا رواه ابن جرير في تفسيره بأسانيد. ثلاثة كلها من طريق يحي بن الجزار بن الجزار عن أبي ليلى عنه
[مخرج الأثر شعبة]

🔹روى هذا القول عن ( ابن عباس ) ابن جرير في تفسيره ،قال :
حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.


🔹ورواه ابن جرير بإسناد آخر عن ابن عباس :حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب. ( على ضعفه كما نص عليه العلماء )




🔹روى هذا القول عن ( مجاهد ). أدم بن أبي إياس. في تفسير مجاهد وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق
- ورقاء ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:»
ورواه يحي بن سلام في تفسيره عن المعلى عن أبي يحي عن مجاهد ، قال عذاب الدنيا وذكر عن السدي قوله : هو الجوع في الدنيا


🔹روى هذا القول عن ( الحسن ) عبد الرزاق الصنعاني : قال معمر وقال الحسن الأدنى عقوبات الدنيا
وأخرج ابن جرير في تفسيره :
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.


🔹 روى هذا القول عن ( إبراهيم النخعي ) سفيان الثوري في تفسيره و أبو حُذيفة النهدي وأبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصور عن إبراهيم [أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي هو راوي تفسير سفيان الثوري]
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( ابن زيد ) حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( أبي العالية )
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصائب في الدّنيا.


🔶 القول الثاني :
يوم بدر - البطشة - القتل - اللزام
هو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس والحسن بن على وَعَبَد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وقتادة والحسن


▫قال الحافظ ابن كثير :
قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ بِمَكَّةَ إِلَّا دَخَلَهُ الْحُزْنُ عَلَى قَتِيلٍ لَهُمْ أَوْ أَسِيرٍ، فَأُصِيبُوا أَوْ غَرموا(15) ، وَمِنْهُمْ مَنْ جُمِعَ له الأمران.
▫قال شيخ الإسلام ابن تيمية
:( وكذلك قوله:{ ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } يدخُلُ في العذاب الأدنَى ما يكون بأيدي العباد - كما قد فُسِّر بوقعة بدر بعض ما وعد الله به المشركين من العذاب). ( المجموع 15/45).






⚫ التخريج


🔸رواه عن ( عبد الله بن مسعود ) سفيان الثوري في تفسيره ويحي بن سلام في تفسيره والحاكم في مستدركه ، كلهم من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله
*وراوه ابن جرير بأسانيد كلها من طريق مسروق عن عبد الله
وأخرج بسنده من طريق عوف ، عن الحسن بن على و عبد الله بن الحارث بن نوفل ،قولهما : هو القتل بالسيف *( و أخرج الفريابي، وابن منيع، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر)
كما في الدر المنثور


🔸روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) عبد الرازق الصنعاني في تفسيره بسنده من طريق معمر عن قتادة
وراوه النسائي والإمام أحمد ومسلم في صحيحه كلهم من طريق يحي بن الجزار عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب
*🔸وأخرجه ابن جرير في تفسيره بأسانيد عديدة كلها من طريق ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب


🔸وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان) (وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال: يوم بدر ) - كما في الدر المنثور
قال أبو المظفر السمعاني : عن ابن عباس قال : هو القتل ببدر
🔸روى هذا القول. عن ( مجاهد ) آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
🔸ورواه ابن جرير بطريق آخر عن سعيد عن قتادة ، عن مجاهد يحدث عن أبي بن كعب ، قال : يوم بدر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا - كما في الدر المنثور
🔸ذكر يحي بن سلام في تفسيره عن ( الحسن ) ألحسن بن دينار عن الحسن ،قال : العذاب الأدنى بالسيف يوم بدر


🔷 القول الثالث
الحدود ، هو قول ( ابن عباس )
▫ قال القاضي أبو محمد(ابن عطية ) رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين.
▫ قال الحافظ ابن كثير :
قال ابن عباس في رواية عنه : يعني به إقامة الحدود عليهم .




⚫ التخريج


*🔹ورواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس بسنده : - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.
🔹( وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود - كما في الدر المنثور




🔶 القول الرابع
عذاب القبر
هو قول ( مجاهد ) وروي عن البراء بن عازب وأبي عبيدة ( وقيل لم يثبت عنهما )
*▫أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة التوبة :
قال مجاهد في قوله - تعالى -:[سنعذبهم مرتين] : بالجوع وعذاب القبر، ثم يردٌّون إلى عذابٍ, عظيم،




⚫ التخريج


*🔸روى يحي بن سلام في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق أبي يحي عن مجاهد : قال : عذاب الدنيا وعذاب القبر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر).- كما في الدر المنثور للسيوطي




▪ الدراسة ▪


🔷 القول الأول :
هذه الآية من سورة السجدة. وهي سورة مكيّة ، فلغة الخطاب فيها على غرار القرآن المكي ، الذي خاطب في غالبه قوماً كفاراً ، ردوا الحق وكذبوا الرسالة واستنكروا البعث والنشور ، فهو خطاب فيه شدة وقوة في بسط الأدلة على التوحيد ، آياته قوارع مزلزلات ، قال عز من قائل :
{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوۡمَئِذٖ يَوۡمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} وقال سبحانه :
{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (38) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (39) }
آياته حوافل بالتوبيخ والتهديد والوعيد ، كما في هذه الآية :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لأن من شأن العقوبات أن تردع وتزجر ، فتوعدهم سبحانه بالعذاب الأدنى ، أي الأقرب في الدنيا قبل أن يحل بهم عذابه الأكبر في الآخرة ، متى تتابعوا في كفرهم وصدهم عن سبيل الله ، لان من شأن النفوس ان تخشى من القريب الآتي ، وتنسى القادم البعيد وإن تحقق وقوعه ، لهذا جاء التعبير القرآني
بلفظ* الأدنى* ، لعذاب الدنيا ولم يقل الأقل او الأصغر ، وجاء في مقابله بوصف عذاب الآخرة بلفظ الأكبر ليدل على شدته وعظمه فلا أكبر منه ، فلم يقابل الأدنى بالأقصى حتى لا تستبعده النفوس وتنساه ، وهكذا هي ألفاظ القرآن الكريم ، إيجاز في اللفظ ووفاء بحق المعنى
وحقق الله وعيده فيهم فأذاقهم الجذب سنين متوالية ،حتى أكلوا الجيف والكلاب ، وصاروا مضرباً ومثلاً ، قال تعالى :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
وجاء في روايةعبد الله بن الإمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه :
فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ﴾ قَالَ: الْمُصِيبَاتُ وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَيَا، وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ . فبعد أن ذاقوا العذاب الدنيوي العاجل ، ثاب وآب الكثير منهم بعد يوم بدر و وبخاصة بعد فتح مكة
وهذا هو المراد من تعجيل العذاب
كما نصّ اللفظ القرآني. { لعلهم يرجعون } إلى حياض الإيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك والصدّ عن سبيل الله ،
فكان الرجوع لمن عاش منهم ولم يناله السيف ، بل لما عاينوا محاسن الإسلام صاروا أشد الناس حباً له ونصرةً لرايته .
هذه الآية وإن توجه خطابها لمشركي قريش ، إلا إنها تعم بخطابها كل من كان أهلاً لتنزل عذاب الله عليه ووقوع وعيده فيه ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب


🔶 القول الثاني
من المفسرين من اعتبر العذاب الأدنى الذي نال قريش هو أخذهم وقتلهم بالسيف ، لذا قيل أن ( البطشة) هي
وقعة بدر لان البطشة هي الضربة والأخرة الشديدة وقيل هي ( اللزام ) من العذاب اللازم الواقع ، فالمعنى واحد وهو نوع عذاب للتهديد والتأديب وأخذة غضب لمن كتب عليه الشقاء والموت على الكفر لأن في قوله تعالى :
{ لعلهم يرجعون } اي كان العذاب لعلة رجوعهم عن الكفر والشرك إلى الطاعة والإيمان كما قرر علماء التفسير


🔷 القول الثالث
وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ، وهو بهذا موجه إلى عصاة الموحدين وفساقهم كما عبر ابن عطية ، فإنما تقام الحدود على أهل الإسلام ، وهذا المعنى يقترب من المعاني السابقة في معنى الزجر والتطهّر والتوبة ، التى هي معنى { لعلهم يرجعون } في حق أهل الإيمان ، بوّب الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : * باب الحدود كفارات لأهلها * وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به ( أي حداً ) فهو كفارة له ) وهو يدل دلالة واضحة على عموم الخطاب في هذه الآية المكية


🔶 القول الرابع
عذاب القبر ،. هذا هو القول الذي حصل فيه خلاف وتضعيف من بعض العلماء ، لا داعي للقول ان الخلاف ليس
في ثبوت عذاب القبر ، فإن هذا في صميم عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان باليوم الآخر ، بل عدّ ابن كثير وغيره من العلماء هذه الآية دليلاً على ثبوت عذاب القبر فقال رحمه الله : وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل
السنة على عذاب البرزخ في القبور
إذا ، كان الخلاف في ان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب القبر كنوع من أنواعه وأفراده ، كما ذكر هذا القرطبي في تفسيره عن الطوفي والقشيري ، والإمام الشوكاني في تفسيره ، لأنه ينافي الحكمة والغاية التى جاء لأجلها
التعليل في الآية : { لعلهم يرجعون } فمن وافى القبر قامت قيامته ،فأنى له الرجعة والتوبة
في المقابل ، قرّر العلامة السعدي في تفسيره هذا المعنى ، لانه اعتبر أن صنوف العذاب من الجوع والقحط والمصائب في الأموال والأولاد وغيرها بعضاً وجزءا من العذاب الأدنى الذي هو ( عذاب البرزخ) بل هو استكمال له
بعد أن ذاقوا طرفاً منه في الدنيا ، وهو وإن كان في القبر فهو أدنى في مقابل العذاب الأكبر في النار


▪الترجيح ▪
تبين لنا واضحاً أن الاقوال كلها قد تقاربت ، في معنى العذاب الأدنى قصداً ومآلاً
من إنزال بعض عذابات الدنيا ، على أهل الكفر والشرك ليعودوا إلى حضيرة الدين الحق ، و قد ينال أهل التوحيد
والإيمان من هذا العذاب بما اجترحوا واكتسبوا ، كفارةً لهم وسبباً لعودتهم لمنازل الطائعين التابئين
وأن القول المختلف فيه ، هو قول من قال ، أن المراد هو عذاب القبر [ووجهه ابن القيم بأن الله عز وجل قال: {من العذاب الأدنى} فجعل من تبعيضية، فكأنهم نالوا بمصائب الدنيا بعض العذاب الأدنى وبقي لهم بعضه في القبر]
وختاماً :
إن لهذه الآية نظائر في كتاب الله تعالى ، تُقرَر معناها وتُجليّ مرادها ، قال سبحانه :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (41) الروم

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، خاصة في دراسة الأقوال وتوجيهها.

بالنسبة للتخريج، اجتهدي في التدرب عليه وتعيين مخرج الأثر، وأؤكد على أننا لا نعتمد على المصادر البديلة مثل (الدر المنثور) إلا في النسبة إلى الكتب المفقودة، أما الكتب المطبوعة فينبغي الرجوع إليها.
الأقوال التي يستخرج منها أكثر من قول اذكري نصها مثل قول أبي بن كعب.





١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 10/ 10
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 27/ 30
٣.تخريج الأقوال: 13/ 20
٤. توجيه الأقوال: 5/ 5
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 20/ 20

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 15/ 15
التقويم: أ
بارك الله فيك ونفع بك وزادكِ توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir