دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > مقدمات المحدثين > مقدمة صحيح مسلم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الأولى 1431هـ/9-05-2010م, 07:54 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها

قالَ مسلمُ بنُ الحجاجِ بنِ مسلمٍ القشيريُّ النيسابوريُّ (ت: 261هـ): ( باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها
- وحدثني محمد بن عبد الله بن نمير، وزهير بن حرب، قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني أبو هانئ، عن أبي عثمان مسلم بن يسار، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم)).
- وحدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي قال: حدثنا ابن وهب، قال: حدثني أبو شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يقول: أخبرني مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم)).
- وحدثني أبو سعيد الأشج، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن عامر بن عبدة قال: قال عبد الله: ( إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل، فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب، فيتفرقون، فيقول الرجل منهم: سمعت رجلاً أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث ).
- وحدثني محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر بن العاص قال: ( إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان، يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا ).
- وحدثني محمد بن عباد، وسعيد بن عمرو الأشعثي جميعاً، عن ابن عيينة، قال سعيد: أخبرنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس قال: جاء هذا إلى ابن عباس -يعني بشير بن كعب- فجعل يحدثه، فقال له ابن عباس: ( عد لحديث كذا وكذا فعاد له، ثم حدثه، فقال له: عد لحديث كذا وكذا فعاد له)، فقال له: ما أدري أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا؟ أم أنكرت حديثي كله وعرفت هذا؟ فقال له ابن عباس: (إنا كنا نحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ لم يكن يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه ).
- وحدثني محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: (إنما كنا نحفظ الحديث والحديث يحفظ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأما إذ ركبتم كل صعب وذلول فهيهات) .
- وحدثني أبو أيوب سليمان بن عبيدالله الغيلاني، حدثنا أبو عامر -يعني العقدي-، حدثنا رباح، عن قيس بن سعد، عن مجاهد قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس، فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس مالي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا تسمع؟ فقال ابن عباس: ( إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؛ ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف ).
- حدثنا داود بن عمرو الضبي، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب لي كتاباً ويخفي عني، فقال ولد ناصح: أنا أختار له الأمور اختياراً وأخفي عنه، قال: فدعا بقضاء علي، فجعل يكتب منه أشياء، ويمر به الشيء فيقول: (والله ما قضى بهذا علي إلا أن يكون ضل).
- حدثنا عمرو الناقد، حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاوس قال: (أُتي ابن عباس بكتاب فيه قضاء علي -رضي الله عنه- فمحاه إلا قدر)؛ وأشار سفيان بن عيينة بذراعه .
- حدثنا حسن بن علي الحلواني، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن أبي إسحاق قال: لما أحدثوا تلك الأشياء بعد علي -رضي الله عنه- قال رجل من أصحاب علي: (قاتلهم الله أي علم أفسدوا !) .
- حدثنا علي بن خشرم، أخبرنا أبو بكر -يعني ابن عياش- قال: سمعت المغيرة يقول: (لم يكن يصدق على علي - رضي الله عنه - إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود) ). [مقدمة صحيح مسلم: 1/12-13]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 رجب 1435هـ/5-05-2014م, 05:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح مقدمة صحيح مسلم من إكمال المعلم

قال القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي (ت: 544هـ): (وقوله: " دجالون كذابون ": قال ثعلب: كل كذّاب دجال، وبه سمى الدجّال لتمويهه على الناس وتلبيسه، يقال: دجل، إذا موه ولبّس، ودجل فلان الحقّ بباطله، أي غطّاه. وقال أيضاً: سمى بذلك لضربه في الأرض وقطعه نواحيها، يقال: دجل الرجل- بالفتح والضم- إذا فعل لمثل ذلك.
وقال مسلم: " حدثني أبو سعيد الأشج قال: حدثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن عامر بن عبدة ".
أكثر رواة مسلم يقولونه: عبد، بغير هاء، والصواب إثباتها، وكذا نبّهنا عليها الحافظ أبو علي وغيره من متقني شيوخنا، وكذا قرأته في الأم علي ابن أبي جعفر، وكذا ذكره الجياني، وهو قول الحفاظ: أحمد بن حنبل، وابن المديني وابن معين، والدارقطني، وعبد الغني بن سعيد وغيرهم، ثم اختلفوا في فتح الباء وإسكانها.
فروينا عن علي بن المديني ويحيى بن معين، وأبي مسلم المستملي، الفتح، وهو الذي حكاه عبد الغني في كتابه، وكذا وجدته بخط شيخنا القاضي الشهيد متقناً في تاريخ البخاري، روينا الإسكان عن أحمد بن حنبل وغيره، وبالوجهين ذكره الدارقطني في مؤتلفه، وقيّده ابن ماكولا في إكماله والفتح أشهر، وكذا رويناه عن أبي علي الطبري.
وذكر مسلم قول عبد الله بن عمرو بن العاص في خبر الشياطين وأنه " يوشك أن يخرج فيقرأ للناس قرآناً ".
قد حفظ الله كتابه، وضمن ذلك فقال: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}.
وقد ثبت القرآن ووقع عليه الإجماع، فلا يزاد فيه حرف ولا ينقص حرف وقد رام الروافض والملحدة ذلك فما يمكن لهم، ولا يصحّ أن يقبل مسلم من أحدٍ قرآناً يدعيه مما ليس بين الدفتين، فإن كان لهذا الخبر أصل صحيح فلعله يأتي بقرآن فلا يقبل منه كما لم يقبل ما جاءت به القرامطة ومسيلمة وسجاح وطليحة وشبههم، أو يكون أراد بالقرآن ما يأتي به ويجمعه من أشياء يذكرها، إذ أصل القرآن الجمع، سمى بذلك لما يجمعه من القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد، وكل شيء جمعته فقد قرأته.
وقوله: " يوشك ": أي يقرب ويسرع، والوشك السرعة بالفتح، وحكى بعضهم الكسر، وأنكره الأصمعي.
وذكر قول ابن عباس: " فلما ركب الناس الصعب والذلول " وقوله أيضاً: " ركبتم كل صعب وذلول فهيهات.. " هذا مثل، وأصله في الإبل، أي: سلكوا كل مسلك من الحديث مما تحمد وترضى سلوكه. كالذلول من الإبل المستحسن الركوب، ومما ينكر ويشق سلوكه كالصعب منها.
ومعنى " هيهات ": أي ما أبعد استقامة أمركم، أو فما أبعد أن نثق بحديثكم ونسمع منكم ونعول على روايتكم، يقال: هيهاه، بالهاء أيضاً، وهذه الكلمة موضوعة للإبعاد للطلب واليأس منه، ومن الناس من يكسر تاءها في الوصل ويقف عليها بالتاء، ومن فتحها وقف عليها ها، قال الله تعالى: {هيهات هيهات لما توعدون}، ويقال: أهيهات، بالهمز أيضاً بفتح الهمزة وكسرها معاً، وقد جاء في الكتاب بعد هذا في حديث المرأة والمزادتين: " أيأت أيأت " بهمزة مكان الهاء الثانية.
وقوله: " فجعل لا يأذن لحديثه " أي: لا يستمع، ومنه {وأذنت لربّها وحقّت} أي: سمعت، ومنه سميت الأذن.
وذكر مسلم عن ابن أبي مليكة: " كتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب إليّ كتاباً ويخفى عني "، ثم قال ابن عباس في الخبر: " أختار له الأمور اختياراً وأخفى عنه " هكذا روينا الحرفين عن جميع شيوخنا بالحاء المهملة، إلا عن أبي محمد الخشني، فإني قرأتها عليه بالخاء المعجمة، وكان أبو بحر يحكى لنا عن شيخه القاضي أبي الوليد الكنّاني أن صوابه بالخاء المعجمة، ومعناه عندي أي: لا تحدثني بكل ما رويته، ولكن أخف بعضه عني مما لا أحتمله ولا تراه صواباً، ويدل عليه قوله: " أختار له "، ويظهر لي أن رواية الجماعة هي الصواب، وأن معنى أحفى أي انقص، من إحفاء الشوارب وهو جزّها، ومنه قولهم في قوله أحفا أي: نقص، أي أمسك عني من حديثك ولا تكثر علي، ويكون الإحفاء الإلحاح والاستقصاء، ويكون عني بمعنى عليّ، أي استقص ما تحدثني به وتجلد عليّ ومن أجلي، وحكى المفجّع اللغوي في " المنقذ ": أحفى فلان على فلان في الكلام إذا أربى عليه وزاده. وفي هذا الحديث: " ولد ناصح " ووقع عند العذري: " ولك ناصح "، وهو تصحيف.
وذكر مسلم عن بعض أصحاب علي قاتلهم الله: " أي علمٍ أفسدوا ". أشار إلى ما أدخلته الروافض والشيع في علم عليّ- رضي الله عنه- وحديثه، وتقولوه من الأباطيل، وإضافته إليه من الروايات المفتعلة عليه حتى خلطت الحق بالباطل والخطأ بالصواب ولم يتميّز.
وقوله: " ما قضى بهذا عليّ إلا يكون ضلّ ": المعنى: أنه لا يقضي به إلا ضال وعليٌّ غير ضال فلا تصحّ أن يكون قضى به، لا أنه حكم بضلاله إن صحّ أنه قضى به أو يكون الضلال هنا بمعنى الخطأ كما قال: {فعلتها إذًا وأنا من الضّالّين} أي: المخطئين، وقيل: من الناس). [إكمال المعلم: 1/117-123]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 رجب 1435هـ/5-05-2014م, 06:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح مقدمة صحيح مسلم من المنهاج

قال أبو زكريّا يحيى بن شرفٍ النّوويّ (ت: 676هـ): ( (باب النّهي عن الرّواية عن الضّعفاء والاحتياط في تحمّلها)
- فيه من الأسماء أبو هانئٍ هو بهمز آخره وفيه حرملة بن يحيى التّجيبيّ هو بمثنّاةٍ من فوق مضمومةٍ على المشهور وقال صاحب المطالع بفتح أوّله وضمّه قال وبالضّمّ يقوله أصحاب الحديث وكثيرٌ من الأدباء قال وبعضهم لا يجيز فيه إلّا الفتح ويزعم أنّ التّاء أصليّةٌ وفي باب التّاء ذكره صاحب العين يعني فتكون أصليّةً إلّا أنّه قال تجيب وتجوب قبيلةٌ يعني قبيلةً من كندة قال وبالفتح قيّدته على جماعة شيوخى وعلى بن سراج وغيره وكان بن السّيّد البطليوسيّ يذهب إلى صحّة الوجهين هذا كلام صاحب المطالع وقد ذكر بن فارسٍ في الجّمل أنّ تجوب قبيلةٌ من كندة وتجيب بالضّمّ بطنٌ لهم شرفٌ قال وليست التّاء فيهما أصلًا وهذا هو الصّواب الّذي لا يجوز غيره وأمّا حكم صاحب العين بأنّ التّاء أصلٌ فخطأٌ ظاهرٌ واللّه أعلم
وحرملة هذا كنيته أبو حفصٍ وقيل أبو عبد اللّه وهو صاحب الإمام الشّافعيّ رحمه اللّه وهو الّذي يروي عن الشّافعيّ كتابه المعروف في الفقه واللّه أعلم
وأمّا أبو شريحٍ الرّاوي عن شراحيل فاسمه عبد الرّحمن بن شريح بن عبيد اللّه الإسكندرانيّ المصريّ وكانت له عبادة وفضل وشراحيل بفتح الشّين غير مصروفٍ وأمّا قول مسلمٍ وحدّثني أبو سعيدٍ الأشجّ قال حدّثنا وكيعٌ قال حدّثنا الأعمش عن المسيّب بن رافعٍ عن عامر بن عبدة قال: قال عبد اللّه فهذا إسنادٌ اجتمع فيه طرفتان من لطائف الإسناد إحداهما أنّ إسناده كوفيٌّ كلّه والثّانية أنّ فيه ثلاثةً تابعيّين يروي بعضهم عن بعضٍ وهم الأعمش والمسيّب وعامرٌ وهذه فائدةٌ نفيسةٌ قلّ أن يجتمع في إسناد هاتان اللّطيفتان فأمّا عبد اللّه الّذي يروي عنه عامر بن عبدة فهو بن مسعودٍ الصّحابيّ أبو عبد الرّحمن الكوفيّ وأمّا أبو سعيدٍ الأشجّ شيخ مسلمٍ فاسمه عبد اللّه بن سعيد بن حصينٍ الكنديّ الكوفيّ قال أبو حاتمٍ أبو سعيدٍ الأشجّ إمام أهل زمانه وأمّا المسيّب بن رافعٍ فبفتح الياء بلا خلافٍ كذا قال القاضي عياضٌ في المشارق وصاحب المطالع أنه لاخلاف في فتح يائه بخلاف سعيد بن المسيّب فإنّهم اختلفوا في فتح يائه وكسرها كما سيأتي في موضعه إن شاء اللّه تعالى وأما عامر بن عبدة فآخره هاءٌ وهو بفتح الباء وإسكانها وجهان أشهرهما وأصحّهما الفتح قال القاضي عياضٌ روّينا فتحها عن عليّ بن المدينيّ ويحيى بن معينٍ وأبي مسلمٍ المستمليّ قال وهو الّذي ذكره عبد الغنيّ في كتابه وكذا رأيته في تاريخ البخاريّ قال وروّينا الإسكان عن أحمد بن حنبلٍ وغيره وبالوجهين ذكره الدارقطنى وبن ماكولا والفتح أشهر قال القاضي وأكثر الرّواة يقولون عبدٌ بغير هاءٍ والصّواب إثباتها وهو قول الحفّاظ أحمد بن حنبلٍ وعليّ بن المدينيّ ويحيى بن معينٍ والدّارقطنيّ وعبد الغنيّ بن سعيدٍ وغيرهم واللّه أعلم
وفي الرّواية الاخرى عن بن طاوسٍ عن أبيه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاصى فأما بن طاوسٍ فهو عبد اللّه الزّاهد الصّالح بن الزّاهد الصّالح وأمّا العاصي فأكثر ما يأتي في كتب الحديث والفقه ونحوها بحذف الياء وهي لغةٌ والفصيح الصّحيح العاصي بإثبات الياء وكذلك شداد بن الهادى وبن أبي الموالي فالفصيح الصّحيح في كلّ ذلك وما أشبهه إثبات الياء ولا اغترار بوجوده في كتب الحديث أو أكثرها بحذفها واللّه أعلم ومن طرف أحوال عبد اللّه بن عمرو بن العاصي أنّه ليس بينه وبين أبيه في الولادة إلّا إحدى عشرة سنةٍ وقيل اثنتا عشرة وأمّا سعيد بن عمرٍو الأشعثيّ فبالثّاء المثلّثة منسوبٌ إلى جدّه وهو سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمّد بن الأشعث بن قيسٍ الكنديّ أبو عمرٍو الكوفيّ وأمّا هشام بن حجيرٍ فبضمّ الحاء وبعدها جيمٌ مفتوحةٌ وهشامٌ هذا مكّيٌّ وأمّا بشير بن كعبٍ فبضمّ الموحّدة وفتح المعجمة وأمّا أبو عامرٍ العقديّ فبفتح العين والقاف منسوبٌ إلى العقد قبيلةٌ معروفةٌ من بجيلة وقيل من قيسٍ وهم من الأزد وذكر أبو الشّيخ الإمام الحافظ عن هارون بن سليمان قال سمّوا العقد لأنّهم كانوا أهل بيتٍ لئامًا فسمّوا عقدًا واسم أبي عامرٍ عبد الملك بن عمرو بن قيس البصرى قيل انه مولى للعقديين أما رباحٌ الّذي يروي عنه العقديّ فهو بفتح الرّاء وبالموحّدة وهو رباح بن أبي معروفٍ وقد قدّمنا في الفصول أنّ كلّ ما في الصّحيحين على هذه الصّورة فرباحٌ بالموحّدة إلّا زياد بن رباحٍ أبا قيسٍ الرّاوي عن أبي هريرة في أشراط السّاعة فبالمثنّاة وقاله البخاريّ بالوجهين وأمّا نافع بن عمر الراوى عن بن أبي مليكة فهو القرشيّ الجمحيّ المكّيّ وأمّا بن أبي مليكة فاسمه عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي مليكة واسم أبي مليكة زهير بن عبد اللّه بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة التّيميّ المكّيّ أبو بكرٍ تولّى القضاء والأذان لابن الزّبير رضي اللّه عنهم وأمّا قول مسلمٍ حدّثنا حسن بن عليٍّ الحلوانى حدثنا يحيى بن آدم حدثنا بن إدريس عن الأعمش عن أبي إسحاق فهو إسنادٌ كوفيٌّ كلّه إلّا الحلوانيّ؛ فأمّا الأعمش سليمان بن مهران أبو محمد التابعي، وأبو إسحاق عمرو بن عبد اللّه السّبيعيّ التابعي فتقدم ذكرهما.
وأما ابن إدريس الرّاوي عن الأعمش فهو عبد اللّه بن إدريس بن يزيد الأوديّ الكوفيّ أبو محمّدٍ المتّفق على إمامته وجلالته وإتقانه وفضيلته وورعه وعبادته روّينا عنه أنّه قال لبنته حين بكت عند حضور موته لا تبكي فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمةٍ؛ قال أحمد بن حنبل: كان ابن ادريس نسيج وحده.
وأمّا عليّ بن خشرمٍ فبفتح الخاء واسكان الشين المعجمتين وفتح الراء وكنيته على أبو الحسن مروزى وهو بن أخت بشر بن الحارث الحافي رضي اللّه عنهما.
وأمّا أبو بكر بن عيّاشٍ فهو الإمام الجامع على فضله واختلف في اسمه؛ فقال: المحقّقون الصّحيح أنّ اسمه كنيته لا اسم له غيرها وقيل اسمه محمّدٌ وقيل عبد اللّه وقيل سالمٌ وقيل شعبة وقيل رؤبة وقيل مسلمٌ وقيل خداشٌ وقيل مطرّفٌ وقيل حمّادٌ وقيل حبيبٌ، وروّينا عن ابنه إبراهيم قال: قال لي أبي إنّ أباك لم يأت فاحشةً قطّ وإنّه يختم القرآن منذ ثلاثين سنةً كلّ يومٍ مرّةً.
وروّينا عنه أنّه قال لابنه يا بنيّ إيّاك أن تعصي اللّه في هذه الغرفة فإنّي ختمت فيها اثني عشر ألف ختمةٍ وروّينا عنه أنّه قال لبنته عند موته وقد بكت يا بنيّة لا تبكي أتخافين أن يعذّبني اللّه تعالى وقد ختمت في هذه الزّاوية أربعةً وعشرين ألف ختمةٍ هذا ما يتعلّق بأسماء هذا الباب ولا ينبغي لمطالعه أن ينكر هذه الأحرف في أحوال هؤلاء الّذين تستنزل الرّحمة بذكرهم مستطيلًا لها فذلك من علامة عدم فلاحه إن دام عليه واللّه يوفّقنا لطاعته بفضله ومنّته أمّا لغات الباب فالدّجّالون جمع دجّالٍ قال ثعلبٌ كلّ كذّابٍ فهو دجّالٌ وقيل الدّجّال المموّه يقال دجل فلانٌ إذا موّه ودجّل الحقّ بباطله إذا غطاه وحكى بن فارسٍ هذا الثّاني عن ثعلبٍ أيضًا قوله (يوشك أن تخرج فتقرأ على النّاس قرآنا) معناه تقرأ شيئا ليس بقرآن وتقول انه قرآن لتغر به عوامّ النّاس فلا يغترّون وقوله يوشك هو بضمّ الياء وكسر الشّين معناه يقرب ويستعمل أيضًا ماضيًا فيقال أوشك كذا أي قرب ولا يقبل قول من أنكره من أهل اللّغة فقال لم يستعمل ماضيًا فإنّ هذا نفيٌ يعارضه إثبات غيره والسّماع وهما مقدمان على نفيه وأما قول بن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما (فلمّا ركب النّاس الصّعب والذّلول) وفي الرّواية الأخرى ركبتم كلّ صعبٍ وذلولٍ فهيهات فهو مثالٌ حسنٌ وأصل الصّعب والذّلول في الإبل فالصّعب العسر المرغوب عنه والذّلول السّهل الطّيّب الحّبوب المرغوب فيه فالمعنى سلك النّاس كلّ مسلكٍ ممّا يحمد ويذمّ وقوله فهيهات أي بعدت استقامتكم أو بعد أن نثق بحديثكم وهيهات موضوعةٌ لاستبعاد الشّيء واليأس منه قال الإمام أبو الحسن الواحديّ هيهات اسمٌ سمّي به الفعل وهو بعد في الخبر لا في الأمر قال ومعنى هيهات بعد وليس له اشتقاقٌ لأنّه بمنزلة الأصوات قال وفيه زيادة معنًى ليست في بعد وهو أن المتكلم يخبر عن اعتقاده استبعاد ذلك الّذي يخبر عن بعده فكأنّه بمنزلة قوله بعد جدًّا وما أبعده لا على أن يعلم المخاطب مكان ذلك الشّيء في البعد ففي هيهات زيادةٌ على بعد وإن كنّا نفسّره به ويقال هيهات ما قلت وهيهات لما قلت وهيهات لك وهيهات أنت قال الواحديّ وفي معنى هيهات ثلاثة أقوالٍ أحدها أنّه بمنزلة بعد كما ذكرناه أوّلًا وهو قول أبي عليٍّ الفارسيّ وغيره من حذّاق النّحويّين والثّاني بمنزلة بعيدٍ وهو قول الفرّاء والثّالث بمنزلة البعد وهو قول الزجاج وبن الأنباريّ فالأوّل نجعله بمنزلة الفعل والثّاني بمنزلة الصّفة والثّالث بمنزلة المصدر وفي هيهات ثلاث عشرة لغةً ذكرهنّ الواحديّ هيهات بفتح التّاء وكسرها وضمّها مع التّنوين فيهنّ وبحذفه فهذه ستّ لغاتٍ وأيهات بالألف بدل الهاء الأولى وفيها اللّغات السّتّ أيضًا والثّالثة عشرة أيها بحذف التّاء من غير تنوينٍ وزاد غير الواحدى أيئات بهمزتين بدل الهاءين والفصيح المستعمل من هذه اللّغات استعمالًا فاشيًا هيهات بفتح التّاء بلا تنوينٍ قال الأزهريّ واتّفق أهل اللّغة على أنّ تاء هيهات ليست أصليّةً واختلفوا في الوقف عليها فقال أبو عمرٍو والكسائيّ يوقف بالهاء وقال الفرّاء بالتّاء وقد بسطت الكلام في هيهات وتحقيق ما قيل فيها في تهذيب الأسماء واللّغات وأشرت هنا إلى مقاصده والله اعلم
وأما قوله (فجعل بن عبّاسٍ لا يأذن لحديثه) فبفتح الذّال أي لا يستمع ولا يضغى ومنه سمّيت الأذن وقوله (إنّا كنّا مرّةً) أي وقتًا ويعني به قبل ظهور الكذب وأما قول بن أبي مليكة (كتبت إلى بن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما أسأله أن يكتب لي كتابًا ويخفي عنّي فقال ولدٌ ناصحٌ أنا أختار له الأمور اختيارًا وأخفي عنه قال فدعا بقضاء عليٍّ رضي اللّه عنه فجعل يكتب منه أشياء ويمرّ بالشّيء فيقول واللّه ما قضى بهذا عليٌّ إلّا أن يكون ضلّ) فهذا ممّا اختلف العلماء في ضبطه فقال القاضي عياضٌ رحمه اللّه ضبطنا هذين الحرفين وهما ويخفي عنّي وأخفي عنه بالحاء المهملة فيهما عن جميع شيوخنا إلّا عن أبي محمّدٍ الخشنيّ فإنّي قرأتهما عليه بالخاء المعجمة قال وكان أبو بحرٍ يحكي لنا عن شيخه القاضي أبي الوليد الكنانيّ أنّ صوابه بالمعجمة قال القاضي عياضٌ رحمه اللّه ويظهر لي أنّ رواية الجماعة هي الصّواب وأنّ معنى أحفي أنقص من إحفاء الشّوارب وهو جزّها أي أمسك عنّي من حديثك ولا تكثر عليّ أو يكون الإحفاء الإلحاح أو الاستقصاء ويكون عنّي بمعنى عليّ اي استقصى ما تحدّثني هذا كلام القاضي عياضٌ رحمه اللّه وذكر صاحب مطالع الأنوار قول القاضي ثمّ قال وفي هذا نظرٌ قال وعندي أنّه بمعنى المبالغة في البرّ به والنّصيحة له من قوله تعالى وكان بي حفيًّا أي أبالغ له وأستقصي في النّصيحة له والاختيار فيما ألقي إليه من صحيح الآثار وقال الشّيخ الإمام أبو عمرو بن الصّلاح رحمه اللّه هما بالخاء المعجمة أي يكتم عنّي أشياء ولا يكتبها إذا كان عليه فيها مقالٌ من الشّيع المختلفة وأهل الفتن فإنّه إذا كتبها ظهرت وإذا ظهرت خولف فيها وحصل فيها قالٌ وقيلٌ مع أنّها ليست ممّا يلزم بيانها لابن أبي مليكة وإن لزم فهو ممكنٌ بالمشافهة دون المكاتبة قال وقوله ولدٌ ناصحٌ مشعرٌ بما ذكرته وقوله أنا أختار له وأخفي عنه إخبارٌ منه بإجابته إلى ذلك ثمّ حكى الشّيخ الرّواية الّتي ذكرها القاضي عياضٌ ورجّحها وقال هذا تكلّفٌ ليست به روايةٌ متّصلةٌ نضطرّ إلى قبوله هذا كلام الشيخ أبو عمرٍو وهذا الّذي أختاره من الخاء المعجمة هو الصّحيح وهو الموجود في معظم الأصول الموجودة بهذه البلاد واللّه أعلم
وأمّا قوله واللّه ما قضى عليٌّ بهذا إلّا أن يكون ضلّ فمعناه ما يقضي بهذا إلّا ضال ولا يقضي به على أن لا يعرف أنّه ضلّ وقد علم أنّه لم يضل فيعمل أنّه لم يقض به واللّه أعلم
وقوله في الرواية الأخرى (فمحاه الاقدر وأشار سفيان بن عيينة بذراعه) قدر منصور غير منون معناه محاه الاقدر ذراعٍ والظّاهر أنّ هذا الكتاب كان درجًا مستطيلًا واللّه أعلم
وأمّا قوله (قاتلهم اللّه أيّ علمٍ أفسدوا) فأشار بذلك إلى ما أدخلته الرّوافض والشّيعة في علم عليٍّ رضي اللّه عنه وحديثه وتقوّلوه عليه من الأباطيل وأضافوه إليه من الروايات والاقاويل المفتعلة والمختلقة وخلطوه بالحقّ فلم يتميّز ما هو صحيحٌ عنه ممّا اختلقوه وأمّا قوله قاتلهم اللّه فقال القاضي معناه لعنهم اللّه وقيل باعدهم وقيل قتلهم قال وهؤلاء استوجبوا عنده ذلك لشناعة ما أتوه كما فعله كثيرٌ منهم وإلّا فلعنة المسلم غير جائزةٍ وأمّا قول المغيرة (لم يكن بصدق على عليٍّ إلّا من أصحاب عبد اللّه بن مسعودٍ) فهكذا هو في الأصول إلّا من أصحاب فيجوز في من وجهان أحدهما أنّها لبيان الجنس والثّاني أنّها زائدةٌ وقوله يصدق ضبط على وجهين أحدهما بفتح الياء وإسكان الصّاد وضمّ الدّال والثّاني بضمّ الياء وفتح الصّاد والدّال المشددة والمغيرة هذا هو بن مقسمٍ الضّبّيّ أبو هشامٍ وقد تقدّم أنّ المغيرة بضمّ الميم وكسرها واللّه أعلم
أمّا أحكام الباب فحاصلها أنّه لا يقبل رواية الجّهول وأنّه يجب الاحتياط في أخذ الحديث فلا يقبل إلّا من أهله وأنّه لا ينبغي أن يروى عن الضّعفاء واللّه سبحانه وتعالى أعلم). [المنهاج: 1/76-84]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النهي, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir