بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الأولى:
1. بيّن ما يلي:
1: معنى الاستفهام في قول الله تعالى: {هل أتاك حديث الغاشية}. معنى الاستفهام الإخبار ، فيكون معنى (هل) : قد، وقد يكون للتقرير "وذلك أن سيبويه وابن جني يرون أن استفهام التقرير لا يكون بـ (هل) ".
2: متعلّق الأفعال في قول الله تعالى: {الذي خلق فسوّى والذي قدر فهدى}.
متعلق فعل {خلق}: المخلوقات ومنها الإنسان ، هذا حاصل كلام ابن كثير والسعدي، وخصَّ الأشقر الفعل (خلق) بـ (الإنسان).
متعلق فعل {فسوى}: كلّ مخلوقٍ في أحسن الهيئات، وجعل الإنسان مُسْتَوِياً، فَعَدَلَ قَامَتَهُ وَسَوَّى فَهْمَهُ وَهَيَّأَهُ للتَّكْلِيفِ، هذا حاصل كلام المفسرين الثلاثة.
متعلق فعل {قدر}: كل ما يكون من الأقدار يوم أن أمر القلم بكتب المقادير قبل خمسين ألف سنة من خلق الخليقة، ومنها قدر أجناس مخلوقاته وأفعالها. هذا حاصل كلام المفسرين الثلاثة.
متعلق فعل {فهدى}: هدى كل الخليقة لما قدره في سابق علمه وما كتبه سبحانه ، ومنها هداية الإنسان والأنعام والوحوش لما فيه مصالحها وما تقوم بها حياتها، وهذه هي الهداية العامة. هذا حاصل كلام المفسرين الثلاثة.
2. حرّر القول في المسائل التالية:
1: مرجع اسم الإشارة في قول الله تعالى : {إن هذا لفي الصحف الأولى}.
1- الآيات التي في سورة (الأعلى)، قاله ابن عباس وعكرمة، ذكره ابن كثير .
دليله: عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت {إنّ هذا لفي الصّحف الأولى صحف إبراهيم وموسى}. قال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((كان كلّ هذا - أو: كان هذا - في صحف إبراهيم وموسى)).. رواه البزَّار، ذكره ابن كثير.
2- قصّة هذه السورة في الصّحف الأولى، قاله أبو العالية، ذكره ابن كثير.
3- كل المذكورَ في سورةِ (الأعلى) ، من الأوامرِ الحسنةِ، والأخبارِ المستحسنةِ، قاله السعدي.
4- مضمون قوله تعالى: {قد أفلح من تزكّى وذكر اسم ربّه فصلّى بل تؤثرون الحياة الدّنيا والآخرة خيرٌ وأبقى} روي عن قتادة وابن زيدٍ، واختاره ابن جرير، ذكره ابن كثير، وقاله الأشقر.
قال ابن كثير: واختار ابن جريرٍ أنّ المراد بقوله: {إنّ هذا} إشارةٌ إلى قوله: {قد أفلح من تزكّى وذكر اسم ربّه فصلّى بل تؤثرون الحياة الدّنيا والآخرة خيرٌ وأبقى}. ثم قال تعالى: {إنّ هذا}. أي: مضمون هذا الكلام {لفي الصّحف الأولى صحف إبراهيم وموسى}. وهذا الذي اختاره حسنٌ قويٌّ.
2: معنى قوله تعالى: {عاملة ناصبة}.
1- {عاملةٌ} في الدّنيا بالطاعات {ناصبةٌ} أتعبت نفسها بالعبادات الكثيرة، قيل عن عمر وابن عباس ، ذكره ابن كثير، وقاله الأشقر، وذكره السعدي ورده قائلا: ويحتملُ أنَّ المرادَ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} في الدنيا لكونهم في الدنيا أهلَ عباداتٍ وعملٍ، ولكنَّهُ لما عدمَ شرطهُ وهوَ الإيمانُ، صارَ يومَ القيامةِ هباءً منثوراً، وهذا الاحتمالُ وإنْ كانَ صحيحاً منْ حيثُ المعنى، فلا يدلُّ عليهِ سياقُ الكلامِ، بلِ الصوابُ المقطوعُ بهِ هو الاحتمالُ الأولُ: ( لم تذكري القول الأول )
-لأنَّهُ قيدَهُ بالظرفِ، وهوَ يومُ القيامةِ.
- ولأنَّ المقصودَ هنا بيانُ وصفِ أهلِ النارِ عموماً، وذلكَ الاحتمالُ جزءٌ قليلٌ منْ أهلِ النارِ بالنسبةِ إلى أهلهَا.
-ولأنَّ الكلامَ في بيانِ حالِ الناسِ عندَ غشيانِ الغاشيةِ، فليسَ فيه تعرضٌ لأحوالهم في الدنيا". ا.هـ.
دليل القول: قال أبو عمران الجونيّ: مرّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه بدير راهبٍ، قال: فناداه، يا راهب، يا راهب. فأشرف، قال: فجعل عمر ينظر إليه ويبكي، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما يبكيك من هذا؟ قال: ذكرت قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه: {عاملةٌ ناصبةٌ تصلى ناراً حاميةً}. فذاك الذي أبكاني. ذكره ابن كثير.
وهذا القول يحمل على العموم. ( لو وضحت قصدك بالعموم )
# وقيل أنها وجوه النصارى خاصة ، قاله ابن عباس ذكره ابن كثير.
# وقيل أنها وجوه أهل الكتاب من النصارى واليهود، قاله الأشقر.
2- {عاملةٌ} في الدّنيا بالمعاصي، {ناصبةٌ} في النار بالعذاب والأغلال ، قاله السدي وعكرمة، ذكره ابن كثير، واختاره السعدي. ( هذا قول ثالث، والسعدي لم يذكر العمل بالمعاصي بل قصر معنى الآية على حالهم في الآخرة )
3. فسّر بإيجاز قوله تعالى:
{فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ}.
{فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} (15)
يقول الله عزَّ وجلّ: إن الإنسان إذا اختبره الله في الدنيا هل يشكر بأن يسر له سبل الرفاهية فيها من مال وصحة وولد وجاه ونحوها؛ ظن أن هذه كرامة من الله له ، فاستدل بها على كونه كريما على الله لأنه امتن بذلك عليه ، فالإنسان جعل الدنيا المعيار للكرامة ولمحبة الله، ولم يدرِ أن الله يعطي الدنيا لمن أحب ولمن لم يحب، ولو كان لا يعطيها إلا لمن يحب لم يُسقَ منها الكافر شربة ماء.
{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ}.
ويقول الله أنه إذا اختبر عبده في الدنيا هل يصبر، بأن ضيق عليه دنياه، فجعل رزقه فيها كفافا بقدره ولم يبسط له فيه ، فهو يراها إهانة من ربه له ، وبأنه ما ضيق عليه إلا لأنه مهين عنده!، ولو نظر في سير أولياء الله لما ظن هذا الظن الخاطئ.