دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 محرم 1440هـ/17-09-2018م, 06:48 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثاني: مجلس مذاكرة القسم الثاني من مقدمة التحرير والتنوير

مجلس مذاكرة القسم الثاني مقدمة التحرير والتنوير



- فهرس مسائل القسم الثاني من مقدمة تفسير ابن عاشور.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 محرم 1440هـ/20-09-2018م, 08:08 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

*قصص القرآن:
-امتنان الله على رسوله بحكاية أحسن القصص في كتابه :"نحن نقص عليك أحسن القصص".
-تعريف القصة.
-الفرق بين القصص بكسر القاف والقصص بفتحها.
-الغرض من سوق القصص في القرآن.
-بيان تفرق القصص في القرآن وتنوعها بما يتناسب مع مقامها.
-تفرق القصص في القرآن بما يناسب مقامها أكسبها صفتي: البرهان, والبيان.
-بيان خصيصة الأسلوب القصصي في القرآن وكونه أجل من قصص القصاصين.
*من مميزات قصص القرآن:
-نسجه بأسلوب الإيجاز ليكون شبهه بالتذكير أقوى من شبهه بالقصص.
مثال ذلك: "فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون" فقد حكيت مقالته هذه في موقع تذكيره أصحابه بها لأن ذلك محز حكايتها ولم تحك أثناء قوله: "إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين".
-طي ما يقتضيه الكلام الوارد.
مثال ذلك: "واستبقا الباب" فقد طوي ذكر حضور سيدها وطرقه الباب وإسراعهما إليه لفتحه، فإسراع يوسف ليقطع عليها ما توسمه فيها من المكر به لتري سيدها أنه أراد بها سوءا. وإسراعها هي لضد ذلك لتكون البادئة بالحكاية فتقطع على يوسف ما توسمته فيه من شكاية. فدل على ذلك ما بعده من قوله: "وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا" الآيات.
-سوق القصص في مظان الاتعاظ بها مع المحافطة على الغرض الأصلي الذي جاء به القرآن.
*فوائدها:
-انقطاع صفة الأمية عن المسلمين, وانقطاع ألسنة المغرضين بهم بأنهم جاهلين, وذلك باحتوائه على قصص وأخبار الأمم السابقة, والتي كان لا يعرفها إلا أهل الكتاب "تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا".
-معرفة تاريخ سلف الأمة في التشريع من الأنبياء السابقين تكليلا لهامة التشريع الإسلامي :وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير".
-معرفة ترتب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر، قال تعالى: "فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا".
-موعظة المشركين بما لحق الأمم المعاندة السابقة "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون".
-في حكاية القصص سلوك أسلوب التوصيف والمحاورة وذلك أسلوب لم يكن معهودا للعرب, فكان مجيئه في القرآن ابتكار أسلوب جديد في البلاغة, وهو من إعجاز القرآن, كما في حوار أهل الأعراف في سورة الأعراف.
-توسيع لعلم المسلمين بإحاطتهم بوجود الأمم ومعظم أحوالها "وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم".
-تعويد المسلمين على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها حتى تدفع عنهم وصمة الغرور كما وعظهم قوله تعالى عن قوم عاد: "وقالوا من أشد منا قوة".
-أن ينشئ في المسلمين همة السعي إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم.
-معرفة أن قوة الله تعالى فوق كل قوة، وأن الله ينصر من ينصره، وذكر العواقب الصالحة لأهل الخير، وكيف ينصرهم الله تعالى كما في قوله: "فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له".
-أنها يحصل منها بالتبع فوائد في تاريخ التشريع والحضارة وذلك يفتق أذهان المسلمين للإلمام بفوائد المدنية كقوله تعالى: "كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله" في قراءة من قرأ {دين} بكسر الدال، أي في شرع فرعون يومئذ، فعلمنا أن شريعة القبط كانت تخول استرقاق السارق.
*فائدة تكرار القصة في سور القرآن.
*مقاصد تكرار القصص في سور القرآن:
-رسوخها في الأذهان بتكريرها.
-ظهور البلاغة، مثل بيان سعة اللغة باستعمال المترادفات: {ولئن رددت} {ولئن رجعت}. وتفنن المحسنات البديعية المعنوية واللفظية ونحو ذلك، فذلك وجه من وجوه الإعجاز.
-تلقي قصص القرآن منه مباشرة لا من غيره, فإن تلقي القرآن عند نزوله أوقع في النفوس من تطلبه من حافظيه.
-قلة من يجمع القرآن كاملا من المؤمنين سابقا, فتكون القصة في سورة يحفظها هذا وتكون في التي حفظها الآخر.
-أن في رواية القصة اقتصار على المراد منها في موضع يختلف عن المراد منها في موضع آخر, وذلك بعدا عن التطويل, واكتفاء بالعبرة منها بما يتناسب مع المقام.
-اختلاف المخاطب في القصة يبنى عليه اقتصار روايتها بناء على ما يحتاجه السامع, فتارة تكون خطابا لأهل الكتاب, وتارة للمشركين, وتارة لغيرهم, وهكذا.

*مصطلحات قرآنية:
*القرآن:
*تعريفه: أنه اسم للكلام الموحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جملة المكتوب في المصاحف المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، أولاها الفاتحة وأخراها سورة الناس.
-اسم القرآن هو الاسم الذي جعل علما على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يسبق أن أطلق على غيره قبله، وهو أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأشهرها دورانا على ألسنة السلف.
*اشتقاق اسم القرآن:
-قيل: هو قرآن على وزن فعلان, وهو من القراءة, لأن أول ما بدئ به الرسول من الوحي {اقرأ باسم ربك} الآية.
-وقيل هو قرآن بوزن فعال، من القرن بين الأشياء أي الجمع بينها لأنه قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه.
-من الناس من زعم أن قرآن جمع قرينة أي اسم جمع، والقرينة العلامة، قالوا لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق.
*من أشهر الأسماء التي أطلقت على القرآن:
*الفرقان:
-تعريفه: هو اسم لما يفرق به بين الحق والباطل.
-وجه التسمية: أنه امتاز عن بقية الكتب السماوية بكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل.
-دليله: "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده".
*التنزيل:
-تعريفه: مصدر نزل.
-وجه التسمية: باعتبار أنه منزل من السماء.
-دليله: "تنزيل من الرحمن الرحيم".
*الكتاب:
-تعريفه: أصله اسم جنس مطلق ومعهود.
-وجه التسمية: باعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا, لأن الله جعله جامعا للشريعة فأشبه التوراة لأنها كانت مكتوبة في زمن الرسول المرسل بها، وأشبه الإنجيل الذي لم يكتب في زمن الرسول الذي أرسل به ولكنه كتبه بعض أصحابه وأصحابهم، ولأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم.
-دليله: "تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين".
-استطراد: في هذه التسمية معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف.
*الذكر:
-تعريفه: أي التبيين للناس.
-وجه التسمية: أنه تذكير للناس بما يجب عليهم اعتقاده والعمل به.
-دليله: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم".
*الوحي:
-تعريفه: المترجم عن مراد الله.
-وجه التسمية: أنه ألقي إلى النبي بواسطة ملك.
-دليله: "قل إنما أنذركم بالوحي".
*سور القرآن:
*تعريفها: قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، مسماة باسم مخصوص، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة، ناشئ عن أسباب النزول، أو عن مقتضيات ما تشتمل عليه من المعاني المتناسبة.
*وجه التسمية:
-قيل: مأخوذة من السور بضم السين وتسكين الواو وهو الجدار المحيط بالمدينة أو بمحلة قوم زادوه هاء تأنيث في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام.
-وقيل: مأخوذة من السؤر بهمزة بعد السين وهو البقية مما يشرب الشارب بمناسبة أن السؤر جزء مما يشرب، ثم خففوا الهمزة بعد الضمة فصارت واوا.
*دليل تسميتها: "فأتوا بسورة من مثله".
-تسوير القرآن من السنة في زمن النبي, ولم يحفظ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا ولا اختلفوا في عدد سوره، وأنها مائة وأربع عشرة سورة، روى أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول: (ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا).
-مجموع السورة من الآيات توقيفي، ولذلك نجد في الصحيح أن النبيء صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا من طوال وقصار.
-بيان أن ترتيب السور بعضه توقيفي, وبعضه من اجتهاد الصحابة.
-بيان أن علامة الفصل بين السور البسملة.
-بيان عدم وجوب قراءة المصحف مرتبا, ودليله.
-المقصود من تسمية السور تسهيل المراجعة والمذاكرة.
-بيان جواز تسمية السور بسورة الفيل والبقرة ونحوه.
*مصدر أسماء السور: بعضه من النبي, وبعضه مما اشتهر بين الناس, وبعضه من وضع الصحابة.
*متعلق تسمية السور: قد يكون أوصافها كالفاتحة, أو شيء اختصت بذكره كالبقرة, أو بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى كهود, أو بالإضافة لكلمات تقع في السورة كبراءة.
-قد يسمى مجموع السور بمسمى كسور آل حم, وقد يجمع السورتين مسمى كالمعوذتين.
-لم تكتب أسماء الصور في المصحف في عهد الصحابة, واطرد ذلك في عهد التابعين.
-بيان أن ترتيب آيات السور وتنهيتها توقيفي, مع الأدلة.
*فائدة التسوير:
-أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن وأنبل من أن يكون بيانا واحدا. ذكره الزمخشري.
-أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأهز لعطفه كالمسافر إذا علم أنه قطع ميلا أو طوى فرسخا. ذكره الزمخشري.
*جمع من الصحابة القرآن كله في حياة رسول الله: زيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وعبد الله بن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وسعد بن عبيد، ومجمع بن جارية، وأبو موسى الأشعري، وحفظ كثير من الصحابة أكثر القرآن على تفاوت بينهم.
*آيات القرآن:
*تعريفها: هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أو إلحاقا.
*وجه التسمية: لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله, ولأنها تشتمل على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة نظم الكلام، ولأنها لوقوعها مع غيرها من الآيات جعلت دليلا على أن القرآن منزل من عند الله وليس من تأليف البشر إذ تحدى النبي بها أهل الفصاحة .
*دليل تسميتها: "ما ننسخ من ءاية..."
-تحديد مقادير الآيات مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم, وقد تختلف الرواية في بعض الآيات, وهو محمول على التخيير في حد تلك الآيات التي تختلف فيها الرواية في تعيين منتهاها ومبتدأ ما بعدها.
*الفواصل: هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب، مع تماثل أو تقارب صيغ النطق بها, وتكرر في السورة تكررا يؤذن بأن تماثلها أو تقاربها مقصود من النظم في آيات كثيرة متماثلة، تكثر وتقل، وأكثرها قريب من الأسجاع في الكلام المسجوع.
-بيان أن فواصل القرآن من جملة إعجازه.
-أطول آية قوله تعالى: "هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام", وأقصر آية "طه".
-بيان الاختلاف في عدد آي المصحف.
-بيان أن ترتيب الآي في المصحف توقيفي, وأنه من جملة إعجازه.
-الأصل في آي القرآن أن يكون بين الآية والآية بعدها تناسب في الغرض.
-قد تلحق الآية بسورة بعد تمام نزولها, لمناسبة بينها وبين آي السورة, ولتشابه النظم بينهما, ويكون تأخرها لحكمة اقتضت ذلك.
-إلحاق رسول الله بعض الآيات ببعض السور يوجب على المفسر أن يبحث عن مناسبة بينهما.
*وقوف القرآن:
*تعريف الوقف: هو قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة.
-الوقف عند انتهاء جملة من جمل القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام فقد يختلف المعنى باختلاف الوقف مثل قوله تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) فإذا وقف عند كلمة (قتل) كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتلهم قومهم وأعداؤهم.
-بيان أنه لا يوجد مكان في القرآن يجب الوقف فيه أو يحرم.
-ينقسم الوقف إلى أكيد حسن ودونه على حسب المعنى.
-التعدد في الوقف يحصل به تعدد المعنى مع اتحاد اللفظ, وهذا من جملة إعجاز القرآن.
مثال: قوله تعالى: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا} فإذا وقف على {قواريرا} الأول كان { قوارير} الثاني تأكيدا لرفع احتمال المجاز في لفظ {قواريرا}، واذا وقف على {قوارير} الثاني كان المعنى الترتيب والتصنيف.
-لم تشتد عناية السلف بتحديد أوقاف القرآن لظهور أمرها.
*مناسبة العناية بالوقف: لما كثر الداخلون في الإسلام من دهماء العرب ومن عموم بقية الأمم، توجه اعتناء أهل القرآن إلى ضبط وقوفه تيسيرا لفهمه على قارئيه.

*بيان أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن, تعتبر مرادة بها:
-مقدمة في ذكاء قرائح العرب وفطنتهم وانعكاس ذلك على أساليبهم اللغوية.
-ذكر أن اللغة العربية أفصح اللغات, مع إيراد الأسباب, وهي:
-أن تلك اللغة أوفر اللغات مادة، وأقلها حروفا، وأفصحها لهجة، وأكثرها تصرفا في الدلالة على أغراض المتكلم، وأوفرها ألفاظا.
-المجاز عمود بلاغة العرب, لاعتماده على فهم السامع.
-كثرة المجاز والاستعارة والتمثيل و....إلخ في كلام العرب, لتوفير المعاني, ولتوضيح ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها, ولتعلق في ذهن السامع.
-قوام أساليب القرآن جارية على أسلوب الإيجاز؛ فلذلك كثر فيه ما لم يكثر مثله في كلام بلغاء العرب.
*بيان أن القرآن نسج بأدق لفظ وأبلغه, وأنه كتاب تشريع وتأديب, لذا تتحمل الألفاظ فيه أكثر من معنى, ما لم يمنع من ذلك مانع صريح أو غالب من دلالة شرعية أو لغوية أو توقيفية.
-الأدلة على حمل اللفظ معنى فوق المعنى المراد به أولا:
-من السنة النبوية: قول النبي لأم كلثوم بنت عقبة بن معيط حين جاءت مسلمة مهاجرة إلى المدينة وأبت أن ترجع إلى المشركين فقرأ النبيء قوله تعالى: "يخرج الحي من الميت" فاستعمله في معنى مجازي هو غير المعنى الحقيقي الذي سيق إليه.
-من فعل الصحابة: ما روي أن عمرو بن العاص أصبح جنبا في غزوة في يوم بارد فتيمم وقال: الله تعالى يقول: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما".
-من فعل السلف: استدلال الشافعي على حجية الإجماع وتحريم خرقه بقوله تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا".
-من استدلالات الفقهاء: استدلالهم على مشروعية الجعالة ومشروعية الكفالة في الإسلام، بقوله تعالى في قصة يوسف: "ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم".
-بيان أن من أدق الأساليب في القرآن استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه دفعة.
-بيان اختلاف علماء العربية وعلماء أصول الفقه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى من مدلوله, لعدم عهده عند العرب, وترجيح صحة ذلك بشرط عدم الخروج عن مهيع كلام العرب.
-مثال على استعمال اللفظ المفرد في حقيقته ومجازه: قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} فالسجود له معنى حقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض ومعنى مجازي وهو التعظيم.
-توضيح المؤلف أن ذكره لمعنيين فصاعدا عائد لقوله بصحة ذلك, وأن تركه لمعنى ما قد يكون لترجح آخر عنده, أو اكتفاء بذكره في تفاسير أخر.

*إعجاز القرآن:
-مقدمة في تعدد أوجه إعجاز القرآن, وعدم القدرة على استقصاء ذلك, ومحاولة المؤلف إعطاء ولو لمحة عن ذلك.
*بيان أن قيام معجزة الرسول بهذا القرآن, وبه تحدى الله العرب "وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله".
-التعجب من خلو كثير من التفاسير من ذكر أوجه الإعجاز مع إعذار التفاسير المتخصصة في أحكام القرآن ونحو ذلك.
*منبع الاهتمام بإعجازالقرآن, هو كونه المعجزة الكبرى والعامة والباقية للرسول "أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم".
-اختلاف العلماء على سبب عجز الخلق أن يأتوا بمثل القرآن ما بين أنهم مصروفين عن ذلك, وأن القرآن لعلو بلاغته وفصاحته يعجز الخلق أن يصلوا لذلك, والأخير هو قول الجمهور وأئمة الأشعرية والجاحظ وإمام الحرمين وأهل العربية.
-بقاء الآيات المنسوخ حكمها فيه دلالة على أن الإعجاز باق ما بقيت, ولذا لم تنسخ لفظا.
-التحدي وقع بالسورة وإن قصرت لا بعدد الآيات, لأن من أفانين البلاغة ما يعود إلى مجموع نظم الكلام وصوغه, كما قال بذلك الطيبي.
-إعجاز القرآن للعرب دليل تفصيلي, ولغيرهم إجمالي.
*ملاك وجوه الإعجاز يعود إلى:
*بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ.
-مثال على بعض أوجه البلاغة: استعمال التشبيه والاستعارة كقوله: "واشتعل الرأس شيبا" وقوله: "واخفض لهما جناح الذل".. إلخ. -نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة، فجمل القرآن لها دلالتها الوضعية التركيبية التي يشاركها فيها الكلام العربي كله، ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها كلام البلغاء ولا يصل شيء من كلامهم إلى مبلغ بلاغتها.
-ولها دلالتها المطوية وهي دلالة ما يذكر على ما يقدر اعتمادا على القرينة، وهذه الدلالة قليلة في كلام البلغاء وكثرت في القرآن مثل تقدير القول وتقدير الموصوف وتقدير الصفة.
-ولها دلالة مواقع جمله بحسب ما قبلها وما بعدها، ككون الجملة في موقع العلة لكلام قبلها، أو في موقع الاستدراك، أو في موقع جواب سؤال، أو في موقع تعريض أو نحوه.
*(مبتكرات القرآن): وهوما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في نظم الكلام مما لم يكن معهودا عند العرب دون الخروج عما تسمح به اللغة.
-من الأمثلة على ذلك:
-أنه جاء في نظمه بأسلوب جامع بين مقصديه وهما: مقصد الموعظة ومقصد التشريع، فكان نظمه يمنح بظاهره السامعين ما يحتاجون أن يعلموه وهو في هذا النوع يشبه خطبهم، وكان في مطاوي معانيه ما يستخرج منه العالم الخبير أحكاما كثيرة في التشريع والآداب وغيرها، وقد قال في الكلام على بعضه: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} هذا من حيث ما لمعانيه من العموم والإيماء إلى العلل والمقاصد وغيرها.
-أنه جاء بطريقة تخالف الشعر والخطابة, فجاء يقصد به حفظه وتلاوته بطريقة مبتكرة ليس فيها اتباع طرق العرب.
-أنه جاء بالجمل الدالة على معان مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد التشريعية.
-أنه جاء على أسلوب التقسيم والتسوير, وهي سنة جديدة في الكلام العربي, أدخل بها عليه طريقة التبويب والتصنيف, وقد أومأ إليها في الكشاف إيماء.
-أنه جاء بالأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة، وفي تمثيل الأحوال, وفي حكاية القصص الأعجمية والتعبير عن أصحابها ببلاغة شديدة, وهو أسلوب نادر عند العرب.
-إيضاح الأمثال وإبداع تركيبها, كقوله تعالى: "مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف".
-عدم التزامه بأسلوب واحد، بل اختلفت سوره وتفننت، فتكاد تكون لكل سورة لهجة خاصة، فإن بعضها بني على فواصل وبعضها ليس كذلك. وكذلك فواتحها منها ما افتتح بالاحتفال كالحمد، ومنها ما افتتح بالهجوم على الغرض من أول الأمر نحو: "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم".
-صلوحية معظم آياته لأن تؤخذ منها معان متعددة كلها تصلح لها العبارة باحتمالات لا ينافيها اللفظ.
-الحذف بما لا يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ أو سياق مع عدم الالتباس, كما في سورة المدثر.
-سلوك مسلك الإطناب لأغراض من البلاغة, ومن أهم مقامات الإطناب مقام توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع في قلب السامع, كقوله: "كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق".
-استعمال اللفظ المشترك في معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإدارة ما يصلح منها، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي إذا صلح المقام لإرادتهما.
-الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها, وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات مثل: (وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا) قرئ (عند) بالنون دون ألف وقرئ {عباد} بالموحدة وألف بعدها.
-الجزالة, والرقة, مثل قوله: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم", وقوله: "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا".
-بلاغة القرآن لا تنحصر في أحوال تراكيبه اللفظية، بل تتجاوز إلى الكيفيات التي تؤدي بها تلك التراكيب. مثال: قوله تعالى: {هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى} فإن الوقف على قوله: {موسى} يحدث في نفس السامع ترقبا لما يبين حديث موسى.
*(الإعجاز العلمي): وهو ما أودع فيه من المعاني الحكيمة والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغه عقول البشر في ذلك الحين.
-وهو على نوعين:
-الأول: الإخبار بالأمور الغيبية, كالإخبار بأخبار الأمم السابقة ونحوه.
-الثاني: ينقسم إلى قسمين:
-قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه.
- وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم.
-أوجه الإعجاز في هذا النوع من الإعجاز:
-لقوم الرسول: لعدم علمه ولا قومه بتلك العلوم "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا".
-لعامة الناس: مجيء تلك العلوم من رجل نشأ أميا في قوم أميين.
-لأهل الكتاب خاصة: إنباؤهم بعلوم دينهم مع كونه أميا, ولم يحتك بأحد منهم.
-بيان دلالة حديث: (ما من الأنبياء نبيء إلا أوتي أو أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي وإني أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) على الوجه الثالث من أوجه الإعجاز.

*عادات القرآن:
-حقيق على المفسر دراسة عادات القرآن من نظمه وكلمه.
*أمثلة على بعض العادات:
- كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر. قالها ابن عباس وذكرها الطبري عن الضحاك أيضا.
-ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا، كما قال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}. قاله بان عيينة في صحيح البخاري في تفسير سورة الأنفال.
-كل ما جاء من {يا أيها الناس} فالمقصود به أهل مكة المشركون. ذكره ابن عباس.
-في القرآن معان لا تفترق، مثل الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والجن والإنس. ذكره الجاحظ في البيان. وزاد المؤلف: والنفع والضر، والسماء والأرض.
- ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة. ذكره صاحب الكشاف وفخر الدين الرازي.
-إذا ذكر القرآن أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع. ذكره فخر الدين الرازي.
-أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله تعالى: "بل متعت هؤلاء وآباءهم".
-إذا حكى القرآن المحاورات والمجاوبات حكاها بلفظ قال دون حروف عطف، إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى، انظر قوله تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها" إلى قوله: "أنبئهم بأسمائهم".

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 محرم 1440هـ/21-09-2018م, 03:50 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

تتمة فهرسة مقدمة ابن عاشور

قصص القرآن المراد بها ، وأهميتها ، وفوائدها :
- المراد بالقصة :
الخبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها ، فيخرج من ذلك ذكر وقائع المسلمين مع عدوهم ، لأنها أحوال حاضرة في زمن نزوله .

- الفرق بين القِصص بالكسر والقَصص بالفتح :
أما بالكسر فجمع قصة ، وأما بالفتح فاسم للخبر المقصوص .
- أهمية قصص القرآن وميزاتها ، و فضلها على غيرها من القصص :
يدل على أهميتها امتنان الله تعالى بها على عباده ، في قوله تعالى : {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} ، وصيغة التفضيل ( أحسن ) تدل على أنها أسمى في الغرض من كل القصص التي يُراد بها مجرد الاستئناس واستغراب الحوادث ، ومواعظها فوق كل موعظة قصصية .
• من ميزاتها :
• التذكر والتذكير بصورة عظيمة شاملة لا تصلها بقية القصص ، ولا تقتصر على عواقب الخير أو الشر، ولا على التنويه بأصحاب تلك القصص في عناية الله بهم أو التشويه بأصحابها فيما لقوه من غضب الله عليهم .
• تفرقها على مقامات تناسبها ، فالفوائد المأخوذة منها متعلقة بهذا التوزيع .
• يأخذ من كل قصة أشرف مواضيعها ويعرض عما عداه ، وهذا يجعله منزهاً عن قصد التفكه بها .
• اتصافها بصفتي البرهان والتبيان .
• نسج نظمها على أسلوب لإيجاز لتكون أشبه بالتذكير منها بالقصص .
• طي ما يقتضيه الكلام الوارد ، كقوله تعالى في سورة يوسف: {واستبقا الباب} فقد طوي ذكر حضور سيدها وطرقه الباب وإسراعهما إليه لفتحه .
• الأسلوب البديع في سياقه لها في مظان الاتعاظ بها مع المحافظة على الغرض الأصلي الذي جاء به القرآن من تشريع وتفريع ، وفي ذلك فوائد آتية .

- فوائد قصص القرآن :

1- إظهار الحجة على أهل الكتاب ، وإعجازهم بما قصه الله من قصص يعلمها علمائهم من أخبار أنبيائهم ، فاشتمال القرآن على تلك القصص مما لا يعلمه سوى علمائهم ، تحديا لهم ، وتشريفا لحملة القرآن إذ هم أحق بأن يوصفوا بالعلم الذي وصف به أهل الكتاب .
2- بيان أدب الشريعة وكمالها في ذكر تاريخ سلفها في التشريع ، قال تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) ، مع عدم ذكر أنسابهم أو بلدانهم وإنما يركز على حالهم في رسوخ الإيمان وضعفه وآثار ذلك من عناية إلهية أو خذلان .
أو إظهار لعظيم قدرة الله تعالى كما في قصة أصحاب الكهف .
3- ما فيها من عبر التاريخ ، و معرفة ترتب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر، قال تعالى: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا} وما فيها من فائدة ظهور المثل العليا في الفضيلة وزكاء النفوس أو ضد ذلك.
4- ما فيها من موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلها، وعصت أوامر ربها حتى يتعظوا بمصارع نظرائهم وآبائهم، وكيف يورث الأرض أولياءه وعباده الصالحين قال تعالى :{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} وقال: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}
5- سلوك أسلوب التوصيف والمحاورة في حكاية القصة وهذا الأسلوب لم يكن معهودا للعرب فكان مجيئه في القرآن ابتكار أسلوب جديد في البلاغة العربية شديد التأثير في نفوس أهل اللسان، وهو من مكملات العجز عن المعارضة .
6- إخراج العرب من جهلهم وأميتهم وغفلة عقولهم عمّا سوى الحس ، إلا التذكير بأحوال الأمم الماضية ، {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم}.
7- تعويد المسلمين على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها حتى تدفع عنهم وصمة الغرور كما وعظهم قوله تعالى عن قوم عاد: {وقالوا من أشد منا قوة} فإذا علمت الأمة جوامع الخيرات وملائمات حياة الناس تطلبت كل ما ينقصها مما يتوقف عليه كمال حياتها وعظمتها.
8- أن ينشئ في المسلمين همة السعي إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم ليخرجوا من الخمول الذي كان عليه العرب وليعتاضوا عن الذلة والهزيمة بالعزة .
9- معرفة أن قوة الله تعالى فوق كل قوة، وأن الله ينصر من ينصره، وذكر العواقب الصالحة لأهل الخير، وكيف ينصرهم الله تعالى كما في قوله: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}.
10- حصول فوائد في تاريخ التشريع والحضارة بالتبع ، وذلك يفتق أذهان المسلمين للإلمام بفوائد المدنية كقوله تعالى: {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} في قراءة من قرأ {دين} بكسر الدال، أي في شرع فرعون يومئذ، فعلمنا أن شريعة القبط كانت تخول استرقاق السارق. وقوله: {قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده} يدل على أن شريعتهم ما كانت تسوغ أخذ البدل في الاسترقاق، وأن الحر لا يملك إلا بوجه معتبر ، ونحو ذلك .


- فائدة تكرار القصة في سور كثيرة :
• لأن القرآن أشبه بالخطب والمواعظ منه بالتآليف ، ففي كل سياق تذكر فيه القصة حسب الغرض المسوقة له ، فلا يعد ذكرها مع غرضها تكريرا لها لأن يبق ذكرها إنما كان في مناسبات أخرى ، كما لا يقال للخطيب في قوم، ثم دعته المناسبات إلى أن وقف خطيبا في مثل مقامه الأول فخطب بمعان تضمنتها خطبته السابقة إنه أعاد الخطبة، بل إنه أعاد معانيها ولم يعد ألفاظ خطبته
• ثم تحصل معه مقاصد أخرى:
أحدها: رسوخها في الأذهان بتكريرها.
الثاني: ظهور البلاغة، فإن تكرير الكلام في الغرض الواحد من شأنه أن يثقل على البليغ ، فإذا ذكرالقصة أكثر من مرة باختلاف طرق الأداء وتفنن الألفاظ وتراكيبها كان من تمام البلاغة ، ومن أوجه الإعجاز فيها .
الثالث: أن يسمع اللاحقون من المؤمنين في وقت نزول القرآن ذكر القصة التي كانت فاتتهم مماثلتها قبل إسلامهم أو في مدة مغيبهم، فإن تلقي القرآن عند نزوله أوقع في النفوس من تطلبه من حافظيه.
الرابع: ندرة جمع المؤمنين للقرآن كله في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكنهم كانوا يحفظون سورا منه ، فيكون الذي حفظ إحدى السور التي ذكرت فيها قصة معينة عالما بتلك القصة كعلم من حفظ سورة أخرى ذكرت فيها تلك القصة.
الخامس: أن تلك القصص تختلف حكاية القصة الواحدة منها بأساليب مختلفة ويذكر في بعض حكاية القصة الواحدة ما لم يذكر في بعضها الآخر وذلك لأسباب منها :
1- تجنب التطويل في الحكاية الواحدة فيقتصر على موضع العبرة منها في موضع وبذكر آخر في موضع آخر فيحصل من متفرق مواضعها في القرآن كمال القصة أو كمال المقصود منها، وفي بعضها ما هو شرح لبعض.
2- ومنها أن يكون بعض القصة المذكور في موضع مناسبا للسياق الذي سيقت له ، لذلك تجد بعضها في موضع ، وبعضها في موضع آخر ، فتارة تساق إلى المشركين، وتارة إلى أهل الكتاب، وتارة تساق إلى المؤمنين، وتارة إلى كليهما
3- ومنها أنه قد يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما ينقلونه من تلك القصة، وتارة لا يقصد ذلك.


- في اسم القرآن وآياته :

- القرآن :
هو اسم للكلام العربي الموحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جملة المكتوب في المصاحف المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، أولها الفاتحة وآخرها سورة الناس .
- وهو علم على الوحي المعرّف سابقا .
- وهو آية على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو المعجزة التي تحدى الله بها المشركين (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) .

- اشتقاقه :

فيه أقوال :
1- أنه على وزن فعلان ، مشتق من القراءة لأن أول ما بدئ به الرسول من الوحي {اقرأ باسم ربك} .
2- وقيل هو قرآن بوزن فعال، من القرن بين الأشياء أي الجمع بينها لأنه قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه وهذا يوافق قراءة ابن كثير على لغة تخفيف المهموز .
3- وزعم بعضهم أن قران جمع قرينة أي اسم جمع، إذ لا يجمع مثل قرينة على وزن فعال في التكثير فإن الجموع الواردة على وزن فعال محصورة ليس هذا منها، والقرينة العلامة، قالوا لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق .

- أشهر أسماء القرآن الأخرى والتي أصلها أصناف أو أجناس :
التنزيل، والكتاب، والفرقان، والذكر، والوحي، وكلام الله.

• الفرقان : هو اسم لما يفرق به بين الحق والباطل وهو مصدر .
- وجه تسميته بذلك :
- أنه امتاز عن بقية الكتب السماوية بكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل ، ووجه ذلك أنه :
- يعضد هديه بالدلائل والأمثال ونحوها .
- اشتماله على بيان التوحيد وصفات الله مما لا يوجد مثله في التوراة والإنجيل كقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} .
- آيات أحكامه مبرأة من اللبس وبعيدة عن تطرق الشبهة .

• التنزيل : مصدر نزل، أطلق على المنزل باعتبار أن ألفاظ القرآن أنزلت من السماء قال تعالى: ( تنزيل من الرحمن الرحيم ) .

• الكتاب : اسم جنس ، وباعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا قال تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} .

- وجه تسميته بالكتاب :
- لأن الله جعله جامعا للشريعة
- ولأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم.
- وفي هذه التسمية معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف ، ولذلك اتخذ النبيء صلى الله عليه وسلم من أصحابه كتابا يكتبون الوحي .

• الذكر: قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} ، وذلك أنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به.

• الوحي : قال تعالى: {قل إنما أنذركم بالوحي} ،ووجه هذه التسمية :

- أنه ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك وذلك الإلقاء يسمى وحيا .

• كلام الله : قال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.

- آيات القرآن :

- الآية: هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أو إلحاقا، فدخل بقوله ( ولو تقديرا ) نحو قوله تعالى: {مدهامتان} إذ التقدير هما مدهامتان، ونحو {والفجر} إذ التقدير أقسم بالفجر. و دخل بقوله ( أو إلحاقا ): بعض فواتح السور من الحروف المقطعة .

- تسمية هذه الأجزاء آيات هو من مبتكرات القرآن، قال تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات} وقال: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت}.

- وجه تسميتها بالآية :
لأنها دليل على أنها وحي من عند الله لاشتمالها على الحد الأعلى من البلاغة ، ولأنها مع غيرها من الآيات جعلت دليلا على أن القرآن منزل من عند الله وليس من تأليف البشر إذ قد تحدى النبي به أهل الفصاحة والبلاغة من أهل اللسان العربي فعجزوا عن تأليف مثل سورة من سوره.

- عدد آي السور كان معروفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده :
ومن أدلة ذلك :
• أن المسلمين في عصر النبوة وما بعده كانوا يقدرون بعض الأوقات بمقدار ما يقرأ القارئ عددا من الآيات كما في حديث سحور النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية.
• وروى محمد بن السائب عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة .
• واستمر العمل بعدّ الآي في عصر الصحابة، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} الآية.

- هل مقادير الآيات توقيفي ؟
تحديدها مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في الآيات التي تختلف الروايات في تعيين منتهاها ومبتدأ ما بعدها فتحمل على التخيير ، وممن قال بأنه توقيفي ، الزمخشري.

- كيفية تعيين مقدارها :
قد يكون بنص ، و قد يكون بالاجتهاد تبعا لانتهاء نزولها ، وأمارته وقوع الفاصلة.

- ماهي الفواصل ؟
- هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب، مع تماثل أو تقارب صيغ النطق بها ، وتكرر في السورة تكررا يؤذن بأن تماثلها أو تقاربها مقصود من النظم في آيات كثيرة متماثلة، وأكثرها قريب من الأسجاع في الكلام المسجوع.

- وهي منتهى آيات ولو كان الكلام الذي تقع فيه لم يتم فيه الغرض المسوق إليه، وأنه إذا انتهى الغرض المقصود من الكلام ولم تقع عند انتهائه فاصلة لا يكون منتهى الكلام نهاية آية إلا نادرا كقوله تعالى: {ص * والقرآن ذي الذكر} .

- من أنواع الفواصل :

• الفواصل المبنية على حرف مفتوح بعده ألف مد بعدها حرف، مثل: شقاق، مناص، كذاب، عجاب.
• والمبنية على حرف مضموم مشبع بواو.
• أو على حرف مكسور مشبع بياء ساكنة، وبعد ذلك حرف، مثل {أنتم عنه معرضون} {إذ يستمعون} {نذير مبين} {من طين}.

- فائدة هذه الفواصل :
أنها من جملة المقصود من الإعجاز لأنها ترجع إلى محسنات الكلام وهي من الفصاحة والبلاغة التي تقع في الأسماع فتؤثر في النفوس .

- حكم الوقوف على رؤوس الآي :
حكمه سنة ، ففي سنن أبي داود عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم يقف. {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف { الرحمن الرحيم} ثم يقف.
وذكر البيهقي أن الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وان تعلقت بما بعدها اتباعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته .

- آيات القرآن متفاوتة في الطول والقصرعلى حسب ما يقتضيه المقام .
- فأطول آية :
• قوله تعالى: {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} إلى قوله: {وكان الله بكل شيء عليما} في سورة الفتح .
• وقوله: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} إلى قوله: {لو كانوا يعلمون} في سورة البقرة .
- وأقصر آية في عدد الكلمات قوله تعالى: {مدهامتان}. في سورة الرحمن وفي عدد الحروف المقطعة قوله: {طه}.

- لا ارتباط بوقوف القرآن بنهايات الآيات ، فقد يكون في آية واحدة عدة وقوف كما في قوله تعالى: {إليه يرد علم الساعة} وقف {وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} وقف {ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد} وقف .



- عدد آي القرآن :
- أجمعوا على أن عدد آيات القرآن يبلغ ستة آلاف آية، واختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتين وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمسا وعشرين، وقيل وستا وثلاثين، وقيل وستمائة وست عشرة.

- هل البسملة آية في أول كل سورة :
الإجماع على أنها ليست آية في أول كل سورة ، ما عدا الفاتحة فقد اختلف العلماء فيها ، و عدها الكوفي والمكي آية ولم يعدها البصري ولا الشامي ولا المدني آية .

- الذين تصدوا لعد الآي بالمدينة من أئمة القراء هم:
• أبو جعفر يزيد بن القعقاع .
• وأبو نصاح شيبة بن نصاح .
• وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي.
• وإسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري .
وقد اتفق هؤلاء الأربعة على عدد وهو المسمى بالعدد الأول .
ثم خالفهم إسماعيل بن جعفر بعدد انفرد به وهو يقال له العدد الثاني .

- لأهل مكة عدد واحد، وربما اتفقوا في عدد آي السورة المعينة، وربما اختلفوا .

- اختلاف السلف في نهاية بعض آيات القرآن أدى إلى اختلافهم في عدد آياته .

- ترتيب الآي :

- هل ترتيب آي القرآن توقيفي أم اجتهادي ؟
ترتيب الآي توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم حسب نزول الوحي، وهو متعين لدخوله في الإعجاز ، قال ابن الأنباري: كانت الآية تنزل جوابا لمستخبر يسأل ويوقف جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم على موضع الآية .فقراءة النبي صلى الله عليه وسلم على نحو ما هو في المصحف الذي بأيدي المسلمين اليوم، وهو ما استقرت عليه رواية الحفاظ من الصحابة عن العرضات الأخيرة كما أن زيد بن ثابت حين كتب المصحف لأبي بكر لم يخالف في ترتيب آي القرآن.
ولما جمع القرآن في عهد أبي بكر لم يؤثر عنهم أنهم ترددوا في ترتيب آيات من إحدى السور ولا أثر عنهم اختلاف فيما جمع من القرآن فكان موافقا لما حفظوه .

- الأصل في آي القرآن أن يكون بين الآية ولاحقتها تناسب في الغرض. أو في الانتقال منه أو نحو ذلك من أساليب الكلام المنتظم المتصل، ومما يدل عليه وجود حروف العطف المفيدة الاتصال مثل الفاء ولكن وبل ومثل أدوات الاستثناء، لكن ذلك لا يتعين .

- يندر أن يكون موقع الآية عقب التي قبلها لنزولها عقب التي قبلها من سورة هي بصدد النزول فيؤمر النبي بأن يقرأها عقبها ، وهذا قد يكون لسبب اقتضاه ومثال ذلك :

• في قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه} فهذه الآيات نزلت في سورة القيامة في خلال توبيخ المشركين على إنكارهم البعث ووصف يوم الحشر وأهواله، وليست لها مناسبة بذلك ولكن سبب نزولها حصل في خلال ذلك. روى البخاري عن ابن عباس قال: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه يريد أن يحفظه فأنزل الله الآية التي في: ( لا أقسم بيوم القيامة ) .
- وقد لا تكون هناك مناسبة ، ولكن قد تكون نزلت على سبب وكان هذا السبب في مدة نزول السورة التي وضعت فيها فقرئت تلك الآية عقب آخر آية انتهى إليها النزول،
كقوله تعالى: {حافظوا على الصلوات} إلى قوله: {ما لم تكونوا تعلمون} بين تشريعات أحكام كثيرة في شؤون الأزواج والأمهات .
- وقد تكون الآية ألحقت بالسورة بعد تمام نزولها بأن أمر الرسول بوضعها عقب آية معينة كما جاءعن ابن عباس في آية: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} .

- وقوف القرآن :
- الوقف : هو قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة .


- نفى ابن عاشور أن يكون في القرآن مكان يجب الوقف فيه ، وآخر يحرم الوقف فيه كما قال ابن الجزري في أرجوزته ، ولكن الوقف عنده ينقسم إلى أكيد حسن ودونه .

- استحسان البعض أن يكون الوقف عند نهاية الكلام ، وأن يكون ما يتطلب المعنى الوقف عليه قبل تمام المعنى سكتا .

- السكت : هو قطع الصوت حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف.

- سبب الاستحسان السابق :
لوضوح اللغة العربية ، ولبيان سياق الكلام ، فنحو قوله تعالى: {يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} لو وقف القاري على قوله: {الرسول} لا يخطر ببال العارف باللغة أن قوله: {وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} تحذير من الإيمان بالله، وكيف يخطر ذلك وهو موصوف بقوله: {ربكم} فلا يعقل أن يحذر أحد من الإيمان بربه.

- فوائد تعدد الوقف :
• قد يختلف المعنى باختلاف الوقف مثل قوله تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) فإذا وقف عند كلمة (قتل) كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتلهم قومهم وأعداؤهم. ومع الأنبياء أصحابهم فما تزلزلوا لقتل أنبيائهم فكان المقصود تأييس المشركين من وهن المسلمين على فرض قتل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوته. على نحو قوله تعالى في خطاب المسلمين: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} الآية ،
وإذا وصل قوله: (قتل) عند قوله: {كثير} كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتل معهم رجال من أهل التقوى فما وهن من بقي بعدهم من المؤمنين وذلك بمعنى قوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} إلى قوله: {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.


• قد يحصل به ما يحصل بتعدد وجوه القراءات من تعدد المعنى مع اتحاد الكلمات. مثال ذلك :
- في قوله تعالى: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا} فإذا وقف على {قواريرا} الأول كان { قوارير} الثاني تأكيدا لرفع احتمال المجاز في لفظ {قواريرا}، واذا وقف على {قوارير} الثاني كان المعنى الترتيب والتصنيف، كما يقال: قرأ الكتاب بابا بابا، وحضروا صفا صفا. وكان قوله: {من فضة} عائدا إلى قوله: {بآنية من فضة} .

- سبب عدم اعتناء السلف بوقوف القرآن ؟
لظهور أمرها ، ولأن الاعتبار بفواصله عندهم أهم لظهور الإعجاز فيه وقيام الحجة .

- سبب اعتناء المتأخرين بمواضع الوقف في القرآن :
لكثرة الداخلين للإسلام ، فتوجه اعتناء أهل القرآن إلى ضبط وقوفه تيسيرا لفهمه على قارئيه، فكان ضبط الوقوف مقدمة لما يفاد من المعاني عند واضع الوقف.

- أشهر من تصدى لضبط الوقوف :
• أبو محمد بن الانباري .
• وأبو جعفر بن النحاس .
• و النكزوي .
• واشتهر بالمغرب من المتأخرين محمد بن أبي جمعة الهبطي المتوفي سنة 930.

- سور القرآن ، معناها ، و عددها ، و ترتيبها وأسماؤها :
- السورة : قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، مسماة باسم مخصوص، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة .
- أقل مقدار السورة :
ثلاث آيات ، والدليل على ذلك :
• استقراء سور القرآن .
• و حديث عمر فيما رواه أبو داود عن الزبير قال جاء الحارث بن خزيمة هو المسمى في بعض الروايات خزيمة وأبا خزيمة بالآيتين من آخر سورة براءة فقال: أشهد أني سمعتهما من رسول الله. فقال عمر: وأنا أشهد لقد سمعتهما منه، ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة إلخ .

- أصل تسميتها بالسورة :
• أنه من مصطلحات القرآن .
• أن هذه التسمية شاعت عند العرب حتى المشركين منهم ، وتحداهم الله بقوله سبحانه: {فأتوا بعشر سور مثله} وقوله: {فأتوا بسورة من مثله} لا يكون إلا تحديا باسم معلوم المسمى والمقدار عندهم وقت التحدي .
• أنه جاء في القرآن تسمية سورة النور باسم سورة في قوله تعالى: {سورة أنزلناها}
• أنه جاء في السنة تسميته بذلك .

- وجه تسمية السورة بذلك :
• قيل مأخوذة من السُّور بضم السين وتسكين الواو وهو الجدار المحيط بالمدينة ونحوه ، ثم زادوه هاء تأنيث في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام، كما سموا الكلام الذي يقوله القائل خطبة أو رسالة أو مقامة.
• وقيل مأخوذة من السؤر بهمزة بعد السين وهو البقية مما يشرب الشارب بمناسبة أن السؤر جزء مما يشرب، ثم خففوا الهمزة بعد الضمة فصارت واوا .

- جمع سورة : سُوَر بتحريك الواو كغرف، ونقل في شرح القاموس عن الكراع أنها تجمع على سور بسكون الواو.

- تسوير القرآن وعدد سوره و ترتيب الآيات في السورة :

- تسوير القرآن من السنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

- عدد سور القرآن : مائة وأربع عشرة سورة مقسمة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائها، على الصحيح ، ولم يحفظ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا ولا اختلفوا في عدد سوره، ولم يخالف في ذلك إلا عبد الله بن مسعود فإنه لم يثبت المعوذتين في سور القرآن، وكان يقول "إنما هما تعوذ أمر الله رسوله بأن يقوله وليس هو من القرآن، وأثبت القنوت الذي يقال في صلاة الصبح، على أنه سورة من القرآن سماها سورة الخلع والخنع. وجعل سورة الفيل وسورة قريش سورة واحدة. وكل ذلك استنادا لما فهمه من نزول القرآن.

- الدليل على أن سور القرآن مقسمة منذ عهد عليه الصلاة والسلام وأنها توقيفية :

• ما جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا من طوال وقصار، ومن ذلك حديث صلاة الكسوف .
• وفي الصحيح أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه امرأة فقال له النبي: ((هل عندك ما تصدقها?)) قال: "لا"، فقال: ((ما معك من القرآن?)) قال: سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)) .


- ترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم،
دليل ذلك :
• ما رواه أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول: ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا)) .

- فائدة التسوير :
ذكر صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فأتوا بسورة من مثله} فائدتين :
الأولى : أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن وأنبل من أن يكون ببانا واحدا. والثانية : أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأهز لعطفه كالمسافر إذا علم أنه قطع ميلا أو طوى فرسخا.

- هل ترتيب سور القرآن توقيفي ؟
تحرير محل النزاع :
• لا شك أن طوائف من سور القرآن كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على ترتيبها في المصحف الذي بأيدينا اليوم ، كسور المفصل ، كانت هي آخر القرآن ويشهد لذلك سنية قراءتها في الصلوات المفروضة ففي بعض الصلوات من طوال المفصل وفي بعضها من وسط المفصل وفي بعضها من قصار المفصل. وأن الحواميم والسور الطوال الأوائل في المصحف كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
• ولا شك في أن زيد بن ثابت وعثمان بن عفان وهما من أكبر حفاظ القرآن من الصحابة، توخيا ما استطاعا ترتيب قراءة النبيء صلى الله عليه وسلم للسور .
• وقد يوجد في آي من القرآن ما يقتضي سبق سورة على أخرى مثل قوله في سورة النحل: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} يشير إلى قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} الآية من سورة الأنعام فدلت على أن سورة الأنعام نزلت قبل سورة النحل، وهذ هو ترتيبها في المصحف .
• وما عدا ذلك فيحتمل أن يكون من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ، ويحتمل أن يكون من اجتهاد الصحابة ، وقول مالك رحمه الله وجمهور العلماء على أن ترتيبه وقع باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف .


- الأدلة على أن ترتيب القرآن ليس بتوقيفي ، وفيه مجال للاجتهاد :
• جاء في المستدرك عن زيد بن ثابت أنه قال: كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع قال ابن عطية: وظاهر الأثر أن السبع الطوال والحواميم والمفصل كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من السور مالم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت كتابة المصحف.
• أن ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري في باب تأليف القرآن أنها لا ترى القراءة على ترتيب المصحف أمرا لازما فقد سألها رجل من العراق أن تريه مصحفها ليؤلف عليه مصحفه فقالت: وما يضرك أية آية قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام وفي صحيح مسلم عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران في ركعة.
• كما أن المصاحف الأولى التي كتبها الصحابة لأنفسهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مختلفة في ترتيب وضع السور.

- من كان له مصحف من الصحابة ، وأول من جمعه منهم ، وطرق ترتيبهم لسوره :
- ممن كان له مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، وروي أن أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة.
- قال في الإتقان:
• إن من الصحابة من رتب مصحفه على ترتيب النزول أي بحسب ما بلغ إليه علمه وكذلك كان مصحف علي رضي الله عنه وكان أوله {اقرأ باسم}، ثم المدثر، ثم المزمل، ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي ثم المدني.
• ومنهم من رتب على حسب الطول والقصر وكذلك كان مصحف أبي وابن مسعود فكانا ابتدأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران .

- سبب تقديم سورة آل عمران على سورة النساء في المصحف الإمام :
اتباعا لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم ،
• إما لأن سورة آل عمران سبقت في النزول سورة النساء التي هي من آخر ما أنزل .
• أو مراعاة للمناسبة بين سورة البقرة وسورة آل عمران في الافتتاح بكلمة الم .
• أو لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفهما وصفا واحدا ففي حديث أبي أمامة : ((اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران)) وذكر فضلهما يوم القيامة ، و في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما ثلاثة أمثال)) الحديث.

- حكم القراءة بغير ترتيب السور في المصحف :
يجوز ذلك ، فلا مانع من قراءة الكهف قبل البقرة ، وأما ما جاء عن السلف من النهي عن قراءة القرآن منكسا، فالمراد منه أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها، قال ابن عاشور : أو يحمل النهي على الكراهة.

- معنى الطولى والقصرى في السور : يُقصد فيه عدد الآيات لا عدد الكلمات والحروف.


- ترتيب نزول السور المكية ونزول السور المدنية فيه ثلاث روايات :
• إحداها رواية مجاهد عن ابن عباس .
• والثانية رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس .
• والثالثة لجابر بن زيد ولا يكون إلا عن ابن عباس، وهي التي اعتمدها الجعبري في منظومته التي سماها تقريب المأمول في ترتيب النزول وذكرها السيوطي في الإتقان وهي التي جرى عليها ابن عاشور في تفسيره .


- أسماء السور :
- جعلت لها من عهد نزول الوحي، وقد دل حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نزلت الآية ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا))، فسورة البقرة مثلا كانت تلقب بالسورة التي تذكر فيها البقرة.
- و الظاهر أن الصحابة سموا بما حفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها بها ولو كانت التسمية غير مأثورة .
- وقد اشتهرت تسمية بعض السور في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعها وأقرها وذلك يكفي في تصحيح التسمية.
- سميت مجموع السور المفتتحة بكلمة حم آل حم ، و قد تسمى السورتين بوصف واحد كسورتي الكافرون و الإخلاص سميتا المقشقشتين.

- فائدة التسمية : تيسير المراجعة والمذاكرة وتمييزها عن غيرها .


- أصل أسماء السور :

• إما أن تكون بالوصف كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا،
ثم شاع فحذفوا الموصول وعوضوا عنه الإضافة فقالوا سورة ذكر البقرة مثلا،
ثم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه فقالوا سورة البقرة.
• أو أنهم لم يقدروا مضافا- وأضافوا السورة لما يذكر فيها لأدنى ملابسة.

- للقائل أن يقول سورة البقرة أو التي يذكر فيها البقرة، وأن يقول سورة والنجم وسورة النجم ، كما جاءت هذه الإطلاقات في حديث السجود في سورة النجم عن ابن عباس.
وما روي من النهي عن قول ذلك عبارة عن أحاديث موضوعة منكرة ، والذين صححوها تأولوا ذلك بأنه منسوخ بزوال سببه بعد الهجرة ، فإن المسلمين حين كانوا في مكة إذا قالوا: سورة الفيل وسورة العنكبوت مثلا هزأ بهم المشركون، وقد روي أن هذا سبب نزول قوله تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين} .
كما أنه لم يشتهر عن السلف هذا المنع ولهذا ترجم البخاري في كتاب فضائل القرآن بقوله: باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وسورة كذا وأخرج فيه أحاديث تدل على أنهم قالوا سورة البقرة، سورة الفتح، سورة النساء، سورة الفرقان، سورة براءة، وبعضها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه .

- أسماء السور إما أن تكون :
• بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد .
• وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة .
• وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم .
• وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر.

- سبب اكتفاء الصحابة بالبسملة في الفصل بين السورتين ، و ترك إثباتهم لأسماء السور في المصاحف :
كراهة أن يكتبوا في أثناء القرآن ما ليس منه ، فاختاروا البسملة لأنها مناسبة للافتتاح مع كونها آية من القرآن .

- كتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك.


- طرق نزول السورة :
• قد تنزل جميعا دفعة واحدة كما نزلت سورة الفاتحة وسورة المرسلات من السور القصيرة،
• و قد تنزل نزولا متتابعا كسورة الأنعام، وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة .
• وربما نزلت السورة مفرقة ونزلت السورتان مفرقتان في أوقات متداخلة ، فقد روى الترمذي عن ابن عباس عن عثمان بن عفان قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، أي في أوقات متقاربة فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب الوحي فيقول: ((ضعوا هؤلاء الآيات في السورة كذا)).
وثمرة ذلك أنه قد تكون السورة بعضها مكي وبعضها مدني.

- نهايات السورة توقيفي :
كما يشير إليه حديث ((من قرأ الآيات الخواتم من سورة آل عمران)) وقول زيد بن ثابت فقدت آخر سورة براءة .


- ممن جمع من الصحابة القرآن كله في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
زيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وعبد الله بن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وسعد بن عبيد، ومجمع بن جارية، وأبو موسى الأشعري، وحفظ كثير من الصحابة أكثر القرآن على تفاوت بينهم ، ففي حديث غزوة حنين لما انكشف المسلمون قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: ((اصرخ يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة.

- في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها ، و سبب ذلك ، وأمثلته :

- أنزل الله القرآن بلغة هي أفصح لغات البشر و أوفرها مادة، وأقلها حروفا، وأفصحها لهجة، وأكثرها تصرفا في الدلالة على أغراض المتكلم، وأوفرها ألفاظا .

- ما أقيمت عليه أساليب العرب في كلامهم :

أقيمت على الإيجاز ، وتوفير المعاني، وأداء ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها من أجل أن تعلق بالأذهان ، لأجل ذلك كثر في كلامهم : المجاز، والاستعارة، والتمثيل، والكناية، والتعريض، والاشتراك والتسامح في الاستعمال كالمبالغة، والاستطراد والأمثال، والتلميح، والتمليح، واستعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية، واستعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار، ونحو ذلك.

- القرآن أكثر معان من المعاني المعتادة التي يودعها البلغاء في كلامهم :
بشرط أن يكون المعنى الأعلى مقصودا و أن يكون الذي أدنى منه مرادا معه لا مرادا دونه سواء كانت دلالة التركيب عليها متساوية في الاحتمال والظهور أم كانت متفاوتة بعضها أظهر من بعض ولو أن تبلغ حد التأويل .
- فإذا تساوى المعنيان فالأمر أظهر، مثل قوله تعالى: {وما قتلوه يقينا} أي ما تيقنوا قتله ولكن توهموه، أو ما أيقن النصارى الذين اختلفوا في قتل عيسى علم ذلك يقينا بل فهموه خطأ .
- سبب وقوع ذلك :
• لأن الله أراد أن يجعله آية على صدق رسوله وتحدى بلغاء العرب بمعارضة أقصر سورة منه ، فجاء القرآن على أسلوب أبدع مما كانوا يعهدون وأعجب، فأعجز بلغائهم ولم يسعهم إلا الإذعان .
• لأنه كتاب تشريع وتأديب وتعليم كان حقيقا بأن يودع فيه من المعاني والمقاصد أكثر ما تحتمله الألفاظ، في أقل ما يمكن من المقدار ليحصل تمام المقصود من الإرشاد والهدى .
• القرآن ينبغي أن يودع من المعاني كل ما يحتاج السامعون إلى علمه ، مع حث الله تعالى الناس على تدبره واستخراج معانيه .
• القرآن الكريم نزل من المحيط علمه بكل شيء، فكانت تراكيبه الجارية على فصيح استعمال الكلام العربي البليغ مظنونا بأنه مراد لمنزله، ما لم يمنع من ذلك مانع صريح أو غالب من دلالة شرعية أو لغوية أو توقيفية .
• اتفاق علماء الإسلام على حجية القرآن ، وأنه أقوى دلالة من أي شيء آخر .

- أمثلة على حمل التفسير على أكثر من معنى يحتمله تركيب الآية وحمله على المعنى و إن لم يكن هو الأسبق من التركيب :

• روى أبو سعيد بن المعلى قال: دعاني رسول الله وأنا في الصلاة فلم أجبه فلما فرغت أقبلت إليه فقال: ((ما منعك أن تجيبني؟)) فقلت: يا رسول الله كنت أصلي، فقال: ((ألم يقل الله تعالى {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم})) فلا شك أن المعنى المسوقة فيه الآية هو الاستجابة بمعنى الامتثال، كقوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح}، وأن المراد من الدعوة الهداية كقوله: {يدعون إلى الخير} وقد تعلق فعل دعاكم بقوله: {لما يحييكم} أي لما فيه صلاحكم، غير أن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي أيضا وهو إجابة النداء حمل النبي صلى الله عليه وسلم الآية على ذلك في المقام الصالح له، بقطع النظر عن المتعلق وهو قوله: {لما يحييكم}
• وكذلك قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لما قال له: لا تصل على عبد الله بن أبي بن سلول فإنه منافق وقد نهاك الله عن أن تستغفر للمنافقين، فقال النبيء: ((خيرني ربي وسأزيد على السبعين)) فحمل قوله تعالى: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} على التخيير مع أن ظاهره أنه مستعمل في التسويةوكذلك لما ورد عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من الأئمة مثل ما روي أن عمرو بن العاص أصبح جنبا في غزوة في يوم بارد فتيمم وقال: الله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} مع أن مورد الآية أصله في النهي عن أن يقتل الناس بعضهم بعضا.
• و استنباط عمر ابتداء التاريخ بيوم الهجرة، من قوله تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} فإن المعنى الأصلي أنه أسس من أول أيام تأسيسه، واللفظ صالح لأن يحمل على أنه أسس من أول يوم من الأيام أي أحق الأيام أن يكون أول أيام الإسلام فتكون الأولية نسبية.
• كما استدل الفقهاء على مشروعية الجعالة ومشروعية الكفالة في الإسلام، بقوله تعالى في قصة يوسف: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} ، مع أنه حكاية قصة مضت في أمة خلت ليست في سياق تقرير ولا إنكار، ولا هي من شريعة سماوية، إلا أن القرآن ذكرها ولم يعقبها بإنكار.
• و استدل الشافعي على حجية الإجماع وتحريم خرقه بقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} مع أن سياق الآية في أحوال المشركين، فالمراد من الآية مشاقة خاصة واتباع غير سبيل خاص ولكن الشافعي جعل حجية الإجماع من كمال الآية.

- بيان رجوع القراءات المتواترة المختلفة في الألفاظ اختلافا يفضي إلى اختلاف المعاني إلى هذا الأصل.

- حمل معاني التركيب المحتمل معنيين فصاعدا بينهما عموم وخصوص على جميع ما يحتمله ، ما لم يكن عن بعض تلك المحامل صارف لفظي أو معنوي .

- مثال ذلك :
• حمل الجهاد في قوله تعالى: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} في سورة العنكبوت على معنى مجاهدة النفس في إقامة شرائع الإسلام، ومقاتلة الأعداء في الذب عن حوزة الإسلام.


- يُحمل المعنى الثاني المتولد من المعنى الأول عليه ، لأنه من مستتبعات التراكيب، مثل الكناية والتعريض والتهكم مع معانيها الصريحة، ومن هذا القبيل ما في صحيح البخاري عن ابن عباس حين سأل عمر ما تقولون في قول الله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح} فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال ابن عباس هو أجل رسول الله أعلمه له، قال: {إذا جاء نصر الله والفتح} وذلك علامة أجلك {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول.

- يجب حمل الكلام على مختلف المحامل التي تسمح بها كلمات القرآن وتراكيبه وإعرابه ودلالته، من اشتراك وحقيقة ومجاز، وصريح وكناية، وبديع، ووصل، ووقف، إذا لم تفض إلى خلاف المقصود من السياق .

- مثال ذلك :

• الحمل على الوصل والوقف في قوله تعالى: {لا ريب فيه هدى للمتقين} إذا وقف على {لا ريب} أو على {فيه}.
• وكقوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون} باختلاف المعنى عند الوقف على اسم الجلالة أو على قوله: {في العلم} .
• وكقوله تعالى: {قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك} باختلاف ارتباط النداء من قوله {يا إبراهيم} بالتوبيخ بقوله: {أراغب أنت} أو بالوعيد في قوله {لئن لم تنته لأرجمنك} .

- استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه دفعة ، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي ومعناه المجازي معا.
اختلف علماء العربية وعلماء أصول الفقه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى من مدلوله ، وترددت أقوالهم في صحة حمل ألفاظ القرآن على هذا الاستعمال .
سبب ذلك :
لأنه غير وارد في كلام العرب قبل القرآن أو واقع بندرة .

- اختيار ابن عاشور رحمه الله في المسألة :
• وجوب حمل المشترك في القرآن على ما يحتمله من المعاني سواء في ذلك اللفظ المفرد المشترك، والتركيب المشترك بين مختلف الاستعمالات، سواء كانت المعاني حقيقية أو مجازية، محضة أو مختلفة.
أمثلة على استعمال اللفظ المفرد في حقيقته ومجازه :
• قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} فالسجود له معنى حقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض ومعنى مجازي وهو التعظيم، وقد استعمل فعل يسجد هنا في معنييه المذكورين لا محالة.
• وقوله تعالى: {ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء} فبسط الأيدي حقيقة في مدها للضرب والسلب، وبسط الألسنة مجاز في عدم إمساكها عن القول البذيء وقد استعمل هنا في كلا معنييه.

- ومثال استعمال المركب المشترك في معنييه :
• قوله تعالى: {ويل للمطففين} فمركب ويل له يستعمل خبرا ويستعمل دعاء، وقد حمله المفسرون هنا على كلا المعنيين.

- منهج ابن عاشور بالنسبة لتعدد المعاني في تفسيره :
- اعتبار المعاني المتعددة التي يحتملها اللفظ بدون خروج عن الكلام العربي البليغ معاني في تفسير الآية.
فإذا ذكر معنيين فصاعدا فذلك على هذا القانون .
وإذا ترك معنى مما حمل بعض المفسرين عليه في آيات من القرآن فلا يدل ذلك على إبطاله ولكن قد يكون ذلك لترجح غيره، وقد يكون اكتفاء بذكره في تفاسير أخرى تجنبا للإطالة .


- في إعجاز القرآن ، أهميته ، ومعاقد إعجازه ، و وجوه إعجازه :

- أهمية إدراك وجوه إعجاز القرآن :
- لا غنى لمفسر القرآن عن إدراك دقائق وجوه البلاغة والبيان ، ولا يعد تفسيره لمعاني القرآن بالغا حد الكمال ما لم يكن مشتملا على ذلك ، فهو بحاجة إلى بيان ما في آي القرآن من طرق الاستعمال العربي وخصائص بلاغته وما فاقت به آي القرآن في ذلك لئلا يكون المفسر حين يعرض عن ذلك بمنزلة المترجم لا المفسر.

- التفاسير التي اعتنت بهذا الفن :
• من التفاسير المقلة : معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج .
والمحرر الوجيز للشيخ عبد الحق بن عطية .
• من التفاسير المكثرة : الكشاف .

- أهمية العناية بوجوه إعجاز القرآن :
لأن من أصول الإسلام كون القرآن هو المعجزة الكبرى للنبي صلى الله عليه وسلم، و كونه المعجزة العامة الباقية، والمعجزة التي تحدى بها الرسول صلى الله عليه وسلم معانديه تحديا صريحا ، ولزوم الحجة بها عليهم باقية إلى يوم القيامة .

- إعجاز القرآن معلوم من عجز أهل العصر الأول عن الإتيان بمثله فيغني ذلك عن نظر مجدد، ودليل ذلك متواتر من نص القرآن في عدة آيات تتحدى العرب بأن يأتوا بسورة مثله، وبعشر سور مثله مما هو معلوم، ناهيك أن القرآن نادى بأنه معجز لهم، نحو قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار} .

- التحدي متواتر وعجز المتحدين أيضا متواتر بشهادة التاريخ إذ طالت مدتهم في الكفر ولم يقيموا الدليل على أنهم غير عاجزين، وما استطاعوا الإتيان بسورة مثله وسكوتهم عن المعارضة مع توفر دواعيهم عليها ، ثم عدولهم إلى المقاومة بالقوة.

- الأقوال في تعليل عجز الكفار عن الإتيان بسورة منه :

القول الأول : أن الله صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي، لتقوم الحجة عليهم بمرأى ومسمع من جميع العرب ، ويعرف هذا القول بالصرفة وهو قول الأقلين ، منهم أبو الحسن الاشعري والمعتزلة وابن حزم .

القول الثاني : أن ذلك لبلوغ القرآن في درجات البلاغة والفصاحة مبلغا تعجز قدرة بلغاء العرب عن الإتيان بمثله ، وهو قول جمهور العلماء والمحققين ، واختيار ابن عاشور رحمه الله .

- الإعجاز في بقاء الآيات التي نسخ حكمها وبقيت متلوة من القرآن ومكتوبة في المصاحف :
لما في مقدار مجموعها من البلاغة بحيث يلتئم منها مقدار ثلاث آيات متحدى بالإتيان بمثلها مثال ذلك آية الوصية في سورة العقود.

- سبب وقوع التحدي بسورة وإن كانت قصيرة دون أن يتحداهم بعدد من الآيات :
لأن من البلاغة ما مرجعه إلى مجموع نظم الكلام وصوغه بسبب الغرض الذي سيق فيه من فواتح الكلام وخواتمه، وانتقال الأغراض، والرجوع إلى الغرض، وفنون الفصل، والإيجاز والإطناب، والاستطراد والاعتراض.

- معاقد وجوه الإعجاز وملاكها يرجع إلى أربع جهات :
- الجهة الأولى: بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ من حصول كيفيات في نظمه تفيد معان دقيقة مما لا يفيده أصل وضع اللغة ولا يدانيه كلام شعرائهم وخطبائهم.
- الجهة الثانية: ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في نظم الكلام مما لم يكن معهودا في أساليب العرب، ولكنه غير خارج عما تسمح به اللغة ، وإعجازه من هاتين الجهتين متوجه للعرب لفصحائهم مباشرة ، ولعامتهم عن طريق إدراك عجز مقارعيه مع توفر الدواعي فهذا برهان على أنه تجاوز طاقتهم .
- الجهة الثالثة: ما أودع فيه من المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن وفي عصور بعده متفاوتة، وهذا الإعجاز لكل البشر إلى قيام الساعة .
- الجهة الرابعة: ما انطوى عليه من الأخبار عن المغيبات مما دل على أنه منزل من علام الغيوب ، ويدخل في ذلك ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة مما كان لا يعلمه سوى الفذ من أحبار أهل الكتاب فهذا معجز للعرب الأميين خاصة .

- من الكتب في الموازنة بين ما ورد في القرآن وبين ما ورد في بليغ كلام العرب من بعض فنون البلاغة وفي إعجاز القرآن :
دلائل الإعجاز، وأسرار البلاغة، والقسم الثالث فما بعده من المفتاح، و كتاب الكشاف للزمخشري .

- الدليل الإجمالي على إعجاز القرآن :
• أن الله تعالى تحدى بلغاءهم أن يأتوا بسورة من مثله ، ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يقرعهم أشد التقريع ويوبخهم غاية التوبيخ ويسفه أحلامهم ويحط أعلامهم ومع ذلك لم يتعرض واحد إلى معارضته، اعترافا بالحق وربئا بأنفسهم عن الافتضاح، ولم يزيدوا على مخادعة أنفسهم بالتكذيب ورميه عليه السلام بالافتراء، وقولهم: {إن هذا إلا سحر يؤثر} {سحر مستمر} و{إفك افتراه} و{أساطير الأولين} ، مع أنهم أهل القدرة في أفانين الكلام نظما ونثرا، وترغيبا وزجرا، قد خصهم الله من بين الأمم بقوة الذهن وشدة الحافظة وفصاحة اللسان وتبيان المعاني .
• ولما سمع الوليد بن المغيرة قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية قال: والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر وما هو بكلام بشر.
• وسمع آخر رجلا يقرأ {فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا} فقال: أشهد أن مخلوقا لا يقدر على مثل هذا الكلام.

- وسيلة إدراك إعجاز القرآن :
- يُدرك بالذوق وهو قوة إدراكية لها اختصاص بإدراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية، وهو حاصل بالفطرة ، ويمكن اكتسابه ولا طريق إليه سوى الاعتناء بعلمي المعاني والبيان وطول ممارستهما والاشتغال بهما .

- من وجوه الإعجاز والتحسينات البلاغية :

• التقسيم : وهذا كما ورد في سورة الفاتحة ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين ..)
• مراعاة التجنيس ، ومنه قوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}.
• المطابقة كقوله: {فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}.
• التمثيل كقوله تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وقوله: {ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}.
• الالتفات وهو نقل الكلام من أحد طرق التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى طريق آخر منها ، وقد جاء منه في القرآن ما لا يحصى كثرة مع دقة المناسبة في الانتقال.
• التشبيه والاستعارة ، وقد جاء منه في القرآن ما أعجز العرب كقوله: {واشتعل الرأس شيبا} وقوله: {واخفض لهما جناح الذل} وقوله: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} وقوله تعالى: {ابلعي ماءك} وقوله: {صبغة الله} .
• كمال الشبه، ووسيلته الاحتراس وأحسنه ما وقع في القرآن كقوله تعالى: {فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين} احتراس عن كراهة الطعام {وأنهار من عسل مصفى} احتراس عن أن تتخلله أقذاء من بقايا نحله.
• التمثيلية في قوله تعالى: {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار} الآية. ففيه إتمام جهات كمال تحسين التشبيه لإظهار أن الحسرة على تلفها أشد.
• دلالة ما يذكر على ما يقدر اعتمادا على القرينة، وهذه الدلالة قليلة في كلام البلغاء وكثرت في القرآن مثل تقدير القول وتقدير الموصوف وتقدير الصفة.
• دلالة مواقع جمله بحسب ما قبلها وما بعدها، ككون الجملة في موقع العلة لكلام قبلها، أو في موقع الاستدراك، أو في موقع جواب سؤال، أو في موقع تعريض أو نحوه. وهذه الدلالة لا تتأتى في كلام العرب لقصر أغراضه في قصائدهم وخطبهم بخلاف القرآن .
• التقديم والتأخير في وضع الجمل وأجزائها في القرآن ، قال تعالى: {إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا} إلى قوله: {إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا} إلى قوله: {وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا} فكان للابتداء بذكر جهنم ما يفسر المفاز في قوله: {إن للمتقين مفازا} أنه الجنة لأن الجنة مكان فوز.
• النكت البلاغية : مثال ذلك قوله تعالى في سورة المجادلة: {أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} ثم قوله: {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} فقد يخفى مقتضى اجتلاب حرف التنبيه في افتتاح كلتا الجملتين فيأوي المفسر إلى تطلبه ويأتي بمقتضيات عامة مثل أن يقول: التنبيه للاهتمام بالخبر، ولكن إذا قدرنا أن الآيتين نزلتا بمسمع من المنافقين والمؤمنين جميعا علمنا أن اختلاف حرف التنبيه في الأولى لمراعاة إيقاظ فريقي المنافقين والمؤمنين جميعا، فالأولون لأنهم يتظاهرون بأنهم ليسوا من حزب الشيطان إذ هم يتظاهرون بالإسلام فكأن الله يقول قد عرفنا دخائلكم، وثاني الفريقين وهم المؤمنون نبهوا لأنهم غافلون عن دخائل الآخرين فكأنه يقول لهم تيقظوا فإن الذين يتولون أعداءكم هم أيضا عدو لكم .
• سلامته من تنافر حروف الكلمات ، كالمستشزرات والكنهبل في معلقة امرئ القيس، وسفنجة والخفيدد في معلقة طرفة ، ونزوله بلغة قريش أخف اللهجات وأحسنها .
• التضمين ، وهو كثير في القرآن مثل قوله تعالى: {ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء} فجاء فعل {أتوا} مضمنا معنى مروا فعدي بحرف على؛ لأن الإتيان تعدى إلى اسم القرية والمقصود منه الاعتبار بمآل أهلها .
• التفنن وهو بداعة تنقلاته من فن إلى فن بطرائق الاعتراض والتنظير والتذييل والإتيان بالمترادفات عند التكرير تجنبا لثقل تكرير الكلم .
• وكذلك الإكثار من أسلوب الالتفات ، ثم الرجوع إلى المقصود .
• ومن إعجازه وبلاغته طريقة أدائه والعناية بالوقف والسكت ، وأسلوب الفواصل .
• أنه ليس بشعر ولا كهانة ، وهو من أسلوب النثر أقرب إلى الخطابة، مع ابتكاره لأساليب كثيرة ، وهذا داخل في إعجازه ، لهذا قال الوليد بن المغيرة لما استمع إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم "والله ما هو بكاهن، ما هو بزمزمته ولا سجعه، وقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه، وقريضه ومبسوطه، ومقبوضه ما هو بشاعر".




- مبتكرات القرآن :
للقرآن مبتكرات تميز بها نظمه عن بقية كلام العرب منها :
• أن نظمه جاء بطريقة ليس فيها اتباع لطرائق العرب القديمة في الكلام ، فأسلوبه يخالف الشعر والخطابة .
• جمعه بين مقصد الموعظة ومقصد التشريع ، وهذا لم يوجد في أساليب العرب .
• أنه لم يأت بعمومات شأنها التخصيص غير مخصوصة، ولا بمطلقات تستحق التقييد غير مقيدة ، كما كان يفعله العرب، بل خصص وقيد وأفاد في ذلك قواعد تشريعية ، مثل قوله تعالى : {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون} .
• أنه جاء على أسلوب التقسيم والتسوير وهي سنة جديدة في الكلام العربي أدخل بها عليه طريقة التبويب والتصنيف .
• الأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة، مما له أثر عظيم على نفوس العرب إذ كان هذا الأسلوب مفقودا من أدبهم إلا نادرا ، كما في سورة الأعراف من وصف أهل الجنة وأهل النار وأهل الأعراف {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار} إلخ وفي سورة الحديد {فضرب بينهم بسور} الآيات.
• تصرفه في حكاية أقوال المحكي عنهم فيصوغها على ما يقتضيه أسلوب إعجازه لا على الصيغة التي صدرت فيها ، فالإعجاز الثابت للأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية.
• العناية بالأمثال و إيضاحها وإبداع تركيبها بما لا يوجد عند العرب في أمثالها ، كقوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف} وقوله: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} وقوله: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن} إلى قوله: {فما له من نور} ، إلى غيرها من الأمثال القرآنية العجيبة .
• لم يلتزم القرآن أسلوبا واحدا، واختلفت سوره وتفننت، فتكاد تكون لكل سورة لهجة خاصة، فإن بعضها بني على فواصل وبعضها ليس كذلك. وكذلك فواتحها منها ما افتتح بمقدمة كالحمد، و{يا أيها الذين آمنوا}، و{الم * ذلك الكتاب}، ومنها ما افتتح بالهجوم على الغرض من أول الأمر نحو {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} و{براءة من الله ورسوله}.
• جاء القرآن بأبدع الإيجاز سواء في علم المعاني ، أو في صلاحية معظم آياته لأن تؤخذ منها معان متعددة ، أو في الحذف الذي لا يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ أو سياق، زيادة على جمعه المعاني الكثيرة في الكلام القليل .
مثال ذلك : قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} الآية، جمع بين أمرين ونهيين وبشارتين .
ومن ذلك قوله: {ولكم في القصاص حياة} مقابلا أوجز كلام عرف عندهم وهو القتل أنفى للقتل .

أو إيجاز الحذف مع عدم الالتباس ، ومن أبدعه قوله تعالى: {في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر} أي يتذاكرون شأن المجرمين فيقول من علموا شأنهم سألناهم فقلنا ما سلككم في سقر .
أو حذف المضاف كقوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله} ، وحذف الجمل التي يدل الكلام على تقديرها نحو قوله تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} إذ التقدير: فضرب فانفلق.
أو التضمين، وهو يرجع إلى إيجاز الحذف، و هو : أن يضمن الفعل أو الوصف معنى فعل أو وصف آخر ويشار إلى المعنى المضمن بذكر ما هو من متعلقاته من حرف أو معمول فيحصل في الجملة معنيان.
- ومن هذا الباب ما اشتمل عليه من الجمل الجارية مجرى الأمثال، كقوله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته} وقوله: {طاعة معروفة} وقوله {ادفع بالتي هي أحسن}.
• ومن ذلك الإخبار عن أمر خاص بخبر يعمه وغيره لتحصل فوائد: فائدة الحكم العام، وفائدة الحكم الخاص، وفائدة أن هذا المحكوم عليه بالحكم الخاص هو من جنس ذلك المحكوم عليه بالحكم العام.

• وسلك القرآن مسلك الإطناب لأغراض من البلاغة ومن أهمها مقام توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع في قلب السامع ، كقوله تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق} .

• ومما انفرد به القرآن عن لغة العرب استعمال اللفظ المشترك في معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإدارة ما يصلح منها، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي إذا صلح المقام لإرادتهما، وبذلك تكثر معاني الكلام مع الإيجاز
• ومن أساليبه الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات مثل (وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا) قرئ (عند) بالنون دون ألف وقرئ {عباد} بالموحدة وألف بعدها .
• لا تكاد تخلو سورة من سور القرآن من أسلوب الجزالة، والرقة ، ومن ذلك قوله تعالى : {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} ، إذ تسمعه يقول: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} .

- عادات القرآن وطرق إعجازه العلمية :
- ما جاء عن السلف في عادات القرآن :
• عن ابن عباس: كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر. وذكر ذلك الطبري عن الضحاك أيضا.
• قال ابن عيينة: ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا، وتسميه العرب الغيث كما قال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}.
• وعن ابن عباس أن كل ما جاء من {يا أيها الناس} فالمقصود به أهل مكة المشركون.
• و من عاداته أن فيه معان لا تكاد تفترق، مثل الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والجن والإنس ، والنفع والضر، والسماء والأرض .
• أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة.
• و أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع.
• و أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله تعالى: {بل متعت هؤلاء وآباءهم} وقوله: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين} .
• أنه إذا حكى المحاورات حكاها بلفظ قال دون حروف عطف، إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى، مثل قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} إلى قوله: {أنبئهم بأسمائهم}.
• ما أودعه من المعاني الحكمية والإشارات العلمية حيث أن العرب لم يكن لهم علم سوى الشعر وما تضمنه من الأخبار ، بخلاف ما قرره القرآن من الحقائق وفضائل الأخلاق .

- وجه الإعجاز العلمي في القرآن :
- أنواع العلم :
1- علم اصطلاحي ، وهو ما تواضع الناس في عصر ما على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قد يتغير بتغير العصور ويختلف باختلاف الأمم ، وهذا النوع لا تخلو عنه أمة.
2- علم حقيقي : وهو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان، وما به يبلغ إلى ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا .

- وقد اشتمل القرآن على النوعين، فأما النوع الأول فتناول أخبار القرون الماضية والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم القصة منه إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قضى عمره في تعلم ذلك فيورده النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه فيعترف العالم بذلك بصحته وصدقه كخبر موسى مع الخضر، ويوسف وإخوته، وأصحاب الكهف، وذي القرنين، ولقمان ، قال تعالى : {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} ونحو هذا من محاجة أهل الكتاب ، ومن القصص التي لا تعرف العرب تفاصيلها وبيان ما فيها من عبر .
- وأما النوع الثاني من إعجازه العلمي فهو ينقسم إلى قسمين:
1- قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه .
2- وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم فينبلج للناس شيئا فشيئا على حسب مبالغ الفهوم وتطورات العلوم .

- وكلا القسمين دليل على أنه من عند الله :

- طرق إعجاز القرآن العلمية :

• جمعه لعلوم ومعارف لم تعهد للعرب، ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم، ولا يشتمل عليها كتاب من كتبهم فجمع فيه من بيان علم الشرائع ،والتنبيه على طرق الحجة العقلية، والرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة كقوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} وقوله: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم}.

• أن الذي جاء به أمي في موضع لم يعالج أهله دقائق العلوم، وهو عليه الصلاة والسلام حاضر بينهم لم يفارقهم ، بل تجاوز ما عندهم من العلوم وأتى بما لم يبلغوه منها ولم يألفوه .
• إتيانه بأمور غيبية وتحققها ، كمثل قوله تعالى {الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين} ، وما جاء في فتح مكة .

- أشار القرآن إلى هذه الجهة من الإعجاز بقوله تعالى في سورة القصص: {قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم}

- مخالفة ابن عاشور للشاطبي في قوله بأن معاني القرآن لا تحمل ولا تُأول إلا على ما هو متعارف عند العرب : وتضمن رده الآتي :
1- القول بأن القرآن خالف أغراض الشعر وأساليبه .
2- اعتذر للشاطبي بأن هذا الكلام صدر منه تخلصا من مشكلات في مطاعن الملحدين اقتصادا في البحث وإبقاء على نفيس الوقت .
3- أن هذا فيه نفي إعجاز القرآن لأهل كل العصور، و قصره على إدراك إعجازه بعد عصر العرب على الاستدلال بعجز أهل زمانه إذ عجزوا عن معارضته .
4- ثبت في الحديث الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم : ((ما من الأنبياء نبيء إلا أوتي أو أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي وإني أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)) ما يدل على عموم هذا الإعجاز وثبوته .
وأن فيه نكتتان ، الأولى : أن قوله ((ما مثله آمن عليه البشر)) اقتضى أن كل نبي جاء بمعجزة هي إعجاز في أمر خاص كان قومه أعجب به وأعجز عنه فيؤمنون على مثل تلك المعجزة.
الثانية : أن قوله: ((وإنما كان الذي أوتيت وحيا)) اقتضى أن ليست معجزته من قبيل الأفعال كما كانت معجزات الرسل الأولين أفعالا لا أقوالا، كقلب العصا ، وإبراء الأكمه والأبرص، بل كانت معجزته ما في القرآن من دلالة على عجز البشر عن الإتيان بمثله من جهتي اللفظ والمعاني .
وفي التعقيب بقوله :( فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ) وجود مناسبة بين كونه أوتي وحيا وبين كونه يرجو أن يكون أكثرهم تابعا وهي لا تنجلي إلا إذا كانت المعجزة صالحة لجميع الأزمان حتى يكون الذين يهتدون لدينه لأجل معجزته أمما كثيرين على اختلاف قرائحهم فيكون هو أكثر الأنبياء تابعا لا محالة .

- الإعجاز العلمي في القرآن حاصل بمجموعه أي مجموع هذا الكتاب ، فليس كل آية من آياته ولا كل سورة من سوره مشتملة على هذا النوع من الإعجاز قال تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.

- وجه إعجازه للعرب :
أنهم لا قبل لهم بتلك العلوم كما قال الله تعالى: {ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} .

- وجه إعجازه لعامة الناس :
مجيء تلك العلوم من رجل نشأ أميا في قوم أميين .

- وجه إعجازه لأهل الكتاب خاصة :
أنه عليه الصلاة والسلام كان ينبئهم بعلوم دينهم مع كونه أميا، ولا قبل لهم بأن يدعوا أنهم علّموه لأنه كان بمرأى من قومه في مكة بعيدا عن أهل الكتاب ، ولأنه جاء بنسخ دين اليهودية والنصرانية، وأظهر تحريفهم ، فلو كان قد تعلم منهم لأعلنوا ذلك وسجلوا عليه أنه عقهم حق التعليم.

- اختلاف أئمة علم الكلام في إعجاز القرآن للعرب :
القول الأول : أن الإعجاز بما بلغه من منتهى الفصاحة والبلاغة وحسن النظم وما احتوى عليه من النكت التي لا تنهي ، ولا يزيدها النظر مع طول الزمان إلا جدة ، وهذا هو مذهب المحققين واختيار الباقلاني و ابن عاشور .
القول الثاني : أن الإعجاز تم بصرف الله تعالى مشركي العرب عن الإتيان بمثله وأنه لولا أن الله سلبهم القدرة على ذلك لأمكن أن يأتوا بمثله لأنه مما يدخل تحت مقدور البشر، ونسب هذا إلى أبي الحسن الأشعري وطائفة من المعتزلة، ويسمى مذهب أهل الصرفة، وهو الذي قال به ابن حزم ، وهو ضعيف .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 محرم 1440هـ/21-09-2018م, 05:44 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من مقدمة التحرير والتنوير.

المقدمة السابعة: قصص القرآن وفيها مسائل:
=قصص القرآن أحسن القصص
حيث قال تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} فعلمنا من قوله: {أحسن}، أن القصص القرآنية هي الأعلى.

=تعريف القصص
القصة: بكسر القاف: هي الخبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها، فليس ما في القرآن من ذكر الأحوال الحاضرة في زمن نزوله قصصا مثل ذكر وقائع المسلمين مع عدوهم.
، وأما القصص بفتح القاف فاسم للخبر المقصوص، يقال: قص علي فلان إذا أخبره بخبر.

=بيان بعض المقاصد من قصص القرآن
-1-حصول العبرة والموعظة مما تضمنته القصة من عواقب الخير أو الشر،
-2-التنويه بأصحاب تلك القصص في عناية الله بهم
-3-التشويه بأصحابها فيما لقوه من غضب الله عليهم

=بيان المقصد الحقيقي والأسمى من قصص القرآن
فإنه لا يقتصر على ما تقدم من المقاصد بل الغرض من ذلك أسمى وأجل. فإن فيها عبرا جمة وفوائد للأمة؛ ولذلك نرى القرآن يأخذ من كل قصة أشرف مواضيعها ويعرض عما عداه ليكون تعرضه للقصص منزها عن قصد التفكه بها. كما نجده أيضا لم يأت بها متتابعة في سورة واحدة، بل هي مفرقة في مواضع منه بحسب مناسبتها للسياق والمقام وبهذا يظهر المقصد الحقيقي من وراء سوقها.

=مميزات أسلوب القصص القرآني
-1-أنها من القرآن الذي له أسلوب خاص هو الأسلوب المعبر عنه بالتذكير وبالذكر ؛
ولذا فهو أجل من أسلوب القصاصين في سوق القصص لمجرد معرفتها لأن سوقها في مناسباتها يكسبها صفتين: صفة البرهان وصفة التبيان
-2-أنها جاءت بأسلوب الإيجاز ليكون شبهها بالتذكير أقوى من شبهها بالقصص، مثال ذلك:
قوله تعالى في سورة القلم: {فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون} فقد حكيت مقالته هذه في موقع تذكيره أصحابه بها بعد وقوع العقوبة، ولم تحك أثناء قوله: {إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين} وقوله: {فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين}.
-3-ومن مميزاتها طي ما يقتضيه الكلام الوارد كقوله تعالى:
في سورة يوسف: {واستبقا الباب} فقد طوي ذكر حضور سيدها وطرقه الباب وإسراعهما إليه لفتحه، وإسراع يوسف ليظهر أنها من أراد السوء وإسراعها بالكلام حتى تقطع عليه الشكاية إلى سيدها. ودل على ذلك ما بعده من قوله: {وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا} الآيات،
-4-ومنها أن القصص بثت بأسلوب بديع إذ جاءت في سياق الاتعاظ مع الحفاظ على مقصد القرآن من تشريع وتفريع فتوفرت من ذلك فوائد أخرى نذكرها
-5-أن قصارى علم أهل الكتاب في ذلك العصر كان معرفة أخبار الأنبياء وأيامهم فلما جاءت تلك الأخبار في القرآن كان هذا تحديا عظيما لأهل الكتاب، قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} فكان هذا في نظر اليهود قطع لتهمة الجهل لمن سواهم
-6-أن هذا فيه بيان أدب الشريعة بذكر حال من سبق فكان اشتمال القرآن على قصص الأنبياء وأقوامهم تكليلا لهامة التشريع الإسلامي بذكر تاريخه، مع ذكر العبر والمقاصد من سردها كما في قصة أهل الكهف: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا} إلى قوله: {نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى} الآيات. فلم يذكر أنهم من أي قوم وفي أي عصر. لأن موضع العبرة هو انبعاثهم ووصول رسولهم إلى مدينة إلى قوله: {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق}.
-7- ما فيها معرفة ترتب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر، قال تعالى: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا}
-8-ما فيها من موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلها، وعصت أوامر ربها، وكيف يورث الأرض أولياءه وعباده الصالحين قال تعالى: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} -9-أسلوب التوصيف والمحاورة وذلك أسلوب لم يكن معهودا للعرب فكان مجيئه في القرآن ابتكار أسلوب جديد في البلاغة العربية شديد التأثير في النفوس ولا ينكرونه ولا يستطيعون مجاراته كذكر حال أهل النار وأهل الجنة وغيرها
-10-أن العرب لتوغل الجهل فيهم فكان في ذكر قصص الأمم توسيع لعلم المسلمين بإحاطتهم بوجود الأمم ومعظم أحوالها، قال مشيرا إلى غفلتهم قبل الإسلام: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم}.
-11- تعريف الأمة بالأمم أخرى حتى لا يأخذهم الغرور يوما ما فيكون سبب هلكتهم كما في قوله تعالى عن قوم عاد: {وقالوا من أشد منا قوة}
-12-أن ينشئ في المسلمين همة السعي إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم ليخرجوا من الخمول الذي كان عليه العرب إذ رضوا من العزة باغتيال بعضهم بعضا مع كونهم أصبحوا تبعا للفرس والروم.
-13-معرفة أن قوة الله تعالى فوق كل قوة، وأن الله ينصر من ينصره، وأنهم إن أخذوا بوسيلتي البقاء: من الاستعداد والاعتماد؛ سلموا من تسلط غيرهم عليهم.

=الإجابة على سؤال هام قد يخطر على بعض الأذهان وهو لماذا لم يقع الاستغناء بالقصة الواحدة في موضع واحد؟
وهذه خاطرة عظيمة لأنها قد تؤدي ببعضهم إلى مناهج الإلحاد في القرآن. وجوابه أن سبب التكرار هو أن فوائد القصص تجتلبها المناسبات فتذكر القصة كالبرهان على الغرض المسوقة هي معه، فلا يعد ذكرها مع غرضها تكريرا لها لأن سبق ذكرها إنما كان في مناسبات أخرى. كما لا يقال للخطيب في قوم، ثم دعته المناسبات إلى أن وقف خطيبا في مثل مقامه الأول فخطب بمعان تضمنتها خطبته السابقة إنه أعاد الخطبة، بل إنه أعاد معانيها ولم يعد ألفاظ خطبته

=من فوائد تكرار القصة في مناسبات مختلفة بألفاظ مختلفة
ذكر المصنف فوائد نذكرها مختصرة من كلامه:
-أحدها: رسوخها في الأذهان بتكريرها.
-الثاني: ظهور البلاغة، فإن تكرير الكلام في الغرض الواحد من شأنه أن يثقل على البليغ فإذا جاء اللاحق منه إثر السابق مع تفنن في المعاني باختلاف طرق أدائها. وتفنن الألفاظ وتراكيبها بما تقتضيه الفصاحة وسعة اللغة باستعمال المترادفات مثل: {ولئن رددت}. {ولئن رجعت}. وتفنن المحسنات البديعية المعنوية واللفظية ونحو ذلك كان ذلك من الحدود القصوى في البلاغة، فذلك وجه من وجوه الإعجاز.
-الثالث: أن يسمع اللاحقون من المؤمنين في وقت نزول القرآن ذكر القصة التي كانت فاتتهم مماثلتها قبل إسلامهم أو في مدة مغيبهم،
-الرابع: أن جمع المؤمنين جميع القرآن حفظا كان نادرا بل تجد البعض يحفظ بعض السور فيكون الذي حفظ إحدى السور التي ذكرت فيها قصة معينة عالما بتلك القصة. كعلم من حفظ سورة أخرى ذكرت فيها تلك القصة.
-الخامس: أن تلك القصص تختلف حكاية القصة الواحدة منها بأساليب مختلفة ويذكر في بعض حكاية القصة الواحدة ما لم يذكر في بعضها الآخر وذلك لأسباب:
منها تجنب التطويل في الحكاية الواحدة، ومنها أن يكون بعض القصة المذكور في موضع مناسبا للحالة المقصودة من سامعيها، ومن أجل ذلك تجد ذكرا لبعض القصة في موضع وتجد ذكرا لبعض آخر منها في موضع آخر.


المقدمة الثامنة
في اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها وأسمائها
= القرآن كلام الله نزل على محمد باللغة العربية
قال المصنف: "فالقرآن هو الكلام الذي أوحاه الله تعالى كلاما عربيا إلى محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل على أن يبلغه الرسول إلى الأمة باللفظ الذي أوحي به إليه للعمل به ولقراءة ما يتيسر لهم أن يقرأوه منه في صلواتهم وجعل قراءته عبادة."
وأشكل علي قوله "وحياً" وأظن أنه إنما قالها جريا على عقيدة الأشاعرة في القرآن، وأما عقيدة أهل السنة أنه كلام الله تكلم به حقيقة وسمعه جبريل عليه السلام ثم بلغه محمد صلى الله عليه وسلم"
وهو جملة المكتوب في المصاحف التي بأيدينا اليوم المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، أولاها الفاتحة وأخراها سورة الناس. صار هذا الاسم علما على هذا الوحي.

=القرآن هو أكبر الآيات الدالة على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم
وذبك بأن تحدى منكريه والمترددين فيه من العرب وهم المخاطبون به الأولون بأنهم لا يستطيعون معارضته، ودعاهم إليها فلم يفعلوا.
-دعاهم أول الأمر إلى الإتيان بعشر سور مثله فقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله} سورة هود.
-ثم استنزلهم إلى أقل من ذلك فقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} سورة يونس
-ثم جاء بأقل من ذلك فقال في سورة البقرة: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار} الآية.

=بيان اشتقاق لفظة "قرآن"
-وهو إما يكون اسم مصدر على وزن فعلان أو اسم علم زيد نونا،
قال المصنف: "لأنه مشتق من القراءة لأن أول ما بدئ به الرسول من الوحي {اقرأ باسم ربك} الآية. وقال تعالى: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} فهمزة قرآن أصلية ووزنه فعلان ولذلك اتفق أكثر القراء على قراءة لفظ قرآن مهموزا حيثما وقع في التنزيل ولم يخالفهم إلا ابن كثير قرأه بفتح الراء بعدها ألف على لغة تخفيف المهموز وهي لغة حجازية، والأصل توافق القراءات في مدلول اللفظ المختلف في قراءته. " أ.ه.
-وقيل هو قرآن بوزن فعال، من الجمع بينها لأنه قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه وسمي كتاب الله قرآنا كما سمي الإنجيل الأنجيل، ولهذا لا يهمز القرآن فتكون قراءة ابن كثير جارية على أنه اسم آخر لكتاب الله على هذا الوجه.
-ومن الناس من زعم أن قران جمع قرينة أي اسم جمع، ومعناها العلامة فلأن آياته تصدق بعضها بعضا فهي قرائن على صدق القرآن، ورده المصنف مبينا أنه لا يجمع مثل قرينة على وزن فعال في التكثير
والخلاصة: أن اسم القرآن هو الاسم الذي جعل علما على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يسبق أن أطلق على غيره قبله، وهو أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأشهرها دورانا على ألسنة السلف.

=ذكر بعض الأسماء الأخرى للقرآن وبيان معانيها
أوصلها صاحب الإتقان إلى نيف وعشرين. والذي اشتهر إطلاقه عليه منها ستة: التنزيل، والكتاب، والفرقان، والذكر، والوحي، وكلام الله.
-فأما الفرقان:
فهو في الأصل اسم لما يفرق به بين الحق والباطل، قال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}، وهذا هو وجه تسميته الفرقان أنه امتاز عن بقية الكتب السماوية بكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل،
-وأما التنزيل:
فهو مصدر نزل، أطلق على المنزل باعتبار أن ألفاظ القرآن أنزلت من السماء قال تعالى: {تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون}
-وأما الكتاب:
- فأصله اسم جنس مطلق وهو ومعهود. وباعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا قال تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} وقال: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب}
وإنما سمي كتابا لأن الله جعله جامعا للشريعة، ولأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم. وفي هذه التسمية معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف فيكون كتاباً، قال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها} ولذلك اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه كتابا يكتبون ما أنزل إليه؛ من أول ما ابتدئ نزوله،
ومن أولهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان.
وقد وجد جميع ما حفظه المسلمون في قلوبهم على قدر ما وجدوه مكتوبا يوم أمر أبو بكر بكتابة المصحف.
-وأما الذكر:
فقال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} أي لتبينه للناس، وذلك أنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به.
-وأما الوحي:
ووجه هذه التسمية أنه ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك وذلك الإلقاء يسمى وحيا، قال تعالى: {قل إنما أنذركم بالوحي}
-وأما كلام الله:
فقال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.

=آيات القرآن وفيها مسائل:
-تعريف الآية وسبب هذه التسمية
الآية: هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أي بوجود محذوف مقدر نحو {والفجر} إذ التقدير أقسم بالفجر، أو إلحاقا؛ لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة فقد عد أكثرها في المصاحف آيات ما عدا: آلر، وآلمر، وطس، وذلك أمر توقيفي وسنة متبعة.
وتسمية هذه الأجزاء آيات هو من مبتكرات القرآن، قال تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات} وقال: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت}. وإنما سميت آية لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم
-تحديد مقدار الآية مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث، وعمل به الصحابة
فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على علم من تحديد الآيات، وكان المسلمون في عصر النبؤة وما بعده يقدرون تارة بعض الأوقات بمقدار ما يقرأ القارئ عددا من الآيات كما ورد في حديث سحور النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية. وما أختلف فيه فهو محمول على التخيير في حد هذه الآية للاختلاف فيها
قال أبو بكر ابن العربي وتحديد الآية من معضلات القرآن، فمن آياته طويل وقصير، ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام، وقال الزمخشري الآيات علم توقيفي.
وقد اختار المصنف أن أمارة انتهاء الآية هو وقوع الفاصلة. ويقصد بها الكلمات المتماثلة والمتقاربة في أواخرها أو في صيغ نطقها سواء اكتمل المعنى أو لم يكتمل في هذه الآية
-فواصل الآيات هي من جملة إعجازه
لأنها ترجع إلى محسنات الكلام فمن الغرض البلاغي الوقوف عند الفواصل لتقع في الأسماع فتتأثر نفوس السامعين بمحاسن ذلك التماثل،
مثال على ذلك قوله تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون} آية {في الحميم ثم في النار يسجرون} آية {ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون} آية {من دون الله} إلى آخر الآيات.
نجد قوله: {في الحميم} متصل بقوله: {يسحبون} وقوله: {من دون الله} متصل بقوله: {تشركون} وينبغي الوقف عند نهاية كل آية منها. ففي "الإتقان" عن أبي عمرو قال بعضهم: الوقف على رؤوس الآي سنة. وفيه عن البيهقي في شعب الإيمان: الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وان تعلقت بما بعدها اتباعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته،
-في ذكر أطول آية وأقصر آية
*قال المصنف وأطول آية قوله تعالى: {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} إلى قوله: {وكان الله بكل شيء عليما} في سورة الفتح، وقوله: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} إلى قوله: {لو كانوا يعلمون} في سورة البقرة
[ولا أعلم لماذا لم يذكر آية الدين]
*وأقصر آية في عدد الكلمات قوله تعالى: {مدهامتان}. في سورة الرحمن
*وفي عدد الحروف المقطعة قوله: {طه}.
-هل يرتبط الوقف بفواصل الآيات
الوقف لا ارتباط له بنهايات الآيات فقد يكون في آية واحدة عدة وقوف كما في قوله تعالى: {إليه يرد علم الساعة} وقف {وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} وقف {ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد} وقف ومنتهى الآية في سورة فصلت. وسيأتي في مسألة مستقلة الكلام على الوقف

=عدد آيات القرآن
قال أبو عمرو الداني في كتاب العدد:
*أجمعوا على أن عدد آيات القرآن يبلغ ستة آلاف آية، واختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتين وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمسا وعشرين، وقيل وستا وثلاثين، وقيل وستمائة وست عشرة.
*قال المازري في شرح البرهان: قال مكي بن أبي طالب: قد أجمع أهل العدد من أهل الكوفة والبصرة والمدينة والشام على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة، وإنما اختلفوا في عدها وتركها في سورة الحمد لا غير، فعدها آية الكوفي والمكي ولم يعدها آية البصري ولا الشامي ولا المدني.
*وكان لأهل المدينة عددان، يعرف أحدهما بالأول وهو ما أجمع عليه أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وأبو نصاح شيبة بن نصاح، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، وإسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري، ثم خالفهم إسماعيل بن جعفر بعدد انفرد به وهو الذي يقال له العدد الثاني، ولأهل مكة عدد واحد، وربما اتفقوا في عدد آي السورة المعينة، وربما اختلفوا، ولذلك تجد المفسرين يقولون في بعض السور عدد آيتها في المصحف الفلاني كذا.
*وقد كان عدد آي السور معروفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: وروى محمد بن السائب عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة، واستمر العمل بعد الآي في عصر الصحابة، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} الآية.

=ترتيب الآي
ترتيب الآي كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم حسب نزول الوحي، فلم تختلف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في ترتيب آي السور على نحو ما هو في المصحف الذي بأيدي المسلمين اليوم، وهو ما استقرت عليه رواية الحفاظ من الصحابة عن العرضات الأخيرة التي كان يقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر حياته الشريفة، وحسبك أن زيد بن ثابت حين كتب المصحف لأبي بكر لم يخالف في ترتيب آي القرآن.

ولما جمع القرآن في عهد أبي بكر لم يؤثر عنهم أنهم ترددوا في ترتيب آيات من إحدى السور فاتساق الحروف واتساق الآيات واتساق السور كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-المناسبة بين الآيات وبعضها
فلهذا كان الأصل في آي القرآن أن يكون بين الآية ولاحقتها تناسب في الغرض. أو في الانتقال منه أو نحو ذلك من أساليب الكلام المنتظم المتصل، ولذا نشأ علم عظيم من معرفة هذه المناسبة بين الآيات وبعضها وقد لا تظهر مناسبة في بعض المواضع لأنه قد يكون سبب وضعها في موضعها أنها قد نزلت على سبب وكان حدوث سبب نزولها في مدة نزول السورة التي وضعت فيها فقرئت تلك الآية عقب آخر آية انتهى إليها النزول، وهذا كقوله تعالى: {حافظوا على الصلوات} إلى قوله: {ما لم تكونوا تعلمون} بين تشريعات أحكام كثيرة في شؤون الأزواج والأمهات، فحقا على المفسر أن يتطلب مناسبات لمواقع الآيات ما وجد إلى ذلك سبيلا موصلا وإلا فليعرض عنه ولا يكن من المتكلفين.

=وقوف القرآن
-بيان المقصود بالوقف
الوقف هو قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة، والوقف عند انتهاء جملة من جمل القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام فقد يختلف المعنى باختلاف الوقف
مثال على ذلك:
قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به} الآية، فإذا وقف عند قوله: {إلا الله} كان المعنى أن المتشابه الكلام الذي لا يصل فهم الناس إلى تأويله وأن علمه مما اختص الله به مثل اختصاصه بعلم الساعة وسائر الأمور الخمسة وكان ما بعده ابتداء كلام يفيد أن الراسخين يفوضون فهمه إلى الله تعالى،
وإذا وصل قوله: {إلا الله} بما بعده كان المعنى أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه في حال أنهم يقولون آمنا به.
-حكم الوقف
لا يوجد في القرآن مكانا يجب الوقف فيه ولا يحرم الوقف فيه كما قال ابن الجزري في أرجوزته، ولكن الوقف ينقسم إلى أكيد حسن ودونه وكل ذلك تقسيم بحسب المعنى.
وبعضهم استحسن أن يكون الوقف عند نهاية الكلام وأن يكون ما يتطلب المعنى الوقف عليه قبل تمام المعنى سكتا وهو قطع الصوت حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف،
فإن اللغة العربية واضحة وسياق الكلام حارس من الفهم المخطئ، فنحو قوله تعالى: {يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} لو وقف القاري على قوله: {الرسول} لا يخطر ببال العارف باللغة أن قوله: {وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} تحذير من الإيمان بالله، وكيف يخطر ذلك وهو موصوف بقوله: {ربكم} فهل يحذر أحد من الإيمان بربه.
على أن التعدد في الوقف قد يحصل به ما يحصل بتعدد وجوه القراءات من تعدد المعنى مع اتحاد الكلمات. فقوله تعالى: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا} فإذا وقف على {قواريرا} الأول كان { قوارير} الثاني تأكيدا لرفع احتمال المجاز في لفظ {قواريرا}، واذا وقف على {قوارير} الثاني كان المعنى الترتيب والتصنيف، كما يقال: قرأ الكتاب بابا بابا، وحضروا صفا صفا. وكان قوله: {من فضة} عائدا إلى قوله: {بآنية من فضة}
-سبب عدم اعتناء السلف بتحديد أوقاف القرآن والرد على من أوجب ضبط الأوقاف
لم يعتنوا بها لظهور أمرها،
وذكر عن ابن النحاس الاحتجاج لوجوب ضبط أوقاف القرآن بكلام لعبد الله بن عمر والرد عليه بأنه ليس واضحا في الغرض المحتج به وقد ذكره السيوطي في الإتقان.
-سبب الاعتناء بالوقف في القرآن
لما كثر الداخلون في الإسلام من دهماء العرب ومن عموم بقية الأمم، زاد الاعتناء بالوقف تيسيرا لفهمه على قارئيه، وروعي فيها ما يراعى في تفسير الآيات فكان ضبط الوقوف مقدمة لما يفاد من المعاني عند واضع الوقف.
-أشهر من تصدى لبيان الوقف في القرآن
أبو محمد بن الانباري،
وأبو جعفر بن النحاس،
وللنكزاوي أو النكزوي كتاب في الوقف ذكره في الإتقان،
واشتهر بالمغرب من المتأخرين محمد بن أبي جمعة الهبطي المتوفي سنة 930.

=سور القرآن
-تعريف السورة
قال المصنف:
"السورة قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، مسماة باسم مخصوص، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة، ناشئ عن أسباب النزول، أو عن مقتضيات ما تشتمل عليه من المعاني المتناسبة".
وكونها تشتمل على ثلاث آيات فأكثر مأخوذ من النصوص ففي حديث جمع القرآن لما فقد آخر براءة قال عمر: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة إلخ،
واسم السورة من مصطلحات القرآن، وشاعت تلك التسمية عند العرب حتى المشركين منهم. فالتحدي للعرب بقوله تعالى: {فأتوا بعشر سور مثله} وقوله: {فأتوا بسورة من مثله} لا يكون إلا بما يعرفونه، وقد جاء في القرآن تسمية سورة النور باسم سورة في قوله تعالى: {سورة أنزلناها} أي هذه سورة،
-وجه تسمية السورة بهذا الاسم
* قيل مأخوذة من السُور بضم السين وتسكين الواو وهو الجدار المحيط بالمدينة فهي محيطة بآيات معينة.
*وقيل مأخوذة من السؤر بهمزة بعد السين وهو البقية مما يشرب الشارب، ثم خففوا الهمزة فصارت واوا، والتخفيف لغة قريش ومن جاورها من هذيل وكنانة وهوازن وسعد بن بكر، وأما الهمز فهو لغة تميم، وليست إحدى اللغتين بدالة على أن أصل الكلمة من المهموز أو المخفف،
-تقسيم القرآن إلى سور كان موجود زمن النبي صلى الله عليه وسلم
وتسوير القرآن من السنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان القرآن يومئذ مقسما إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها، ولم يخالف في ذلك إلا عبد الله بن مسعود وما خالف فيه فهو استنادا لما فهمه من نزول القرآن. حيث لم يحفظ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا ولا اختلفوا في عدد سوره، وأنها مائة وأربع عشرة سورة، روى أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول: ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا))، وكانت السور معلومة المقادير منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة عنه في قراءة الصلاة وفي عرض القرآن، فترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم،
-ترتيب السور بعضها بعد بعض
قال أبو بكر الباقلاني: يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بترتيبها كذلك، ويحتمل أن يكون ذلك من اجتهاد الصحابة،
وقال ابن عطية: وظاهر الأثر أن السبع الطوال والحواميم والمفصل كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من السور مالم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت كتابة المصحف.

ولذا نجد أن زيد بن ثابت وعثمان بن عفان وهما من أكبر حفاظ القرآن من الصحابة، توخيا ما استطاعا ترتيب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للسور، وترتيب قراءة الحفاظ التي لا تخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان زيد بن ثابت من أكبر حفاظ القرآن وقد لازم النبي صلى الله عليه وسلم مدة حياته بالمدينة، ولم يتردد في ترتيب سور القرآن
-اختلاف الترتيب في بعض المصاحف التي كان يجمعها الصحابة لأنفسهم
قال في الإتقان: إن من الصحابة من رتب مصحفه على ترتيب النزول أي بحسب ما بلغ إليه علمه وكذلك كان مصحف علي رضي الله عنه وكان أوله {اقرأ باسم}، ثم المدثر، ثم المزمل، ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي ثم المدني. ومنهم من رتب على حسب الطول والقصر وكذلك كان مصحف أبي وابن مسعود فكانا ابتدأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، وعلى هذه الطريقة أمر عثمان رضي الله عنه بترتيب المصحف المدعو بالإمام. ا.ه.
والطول والقصر مبني على عدد الآيات لا عدد الكلمات أو الحروف، والخلاف في المكي والمدني قليل.
وقد جعلوا علامة الفصل بين السور كتابة البسملة ولذلك لم يكتبوها بين سورة الأنفال وسورة براءة لأنهم لم يجزموا بأن براءة سورة مستقلة، ولكنه كان الراجح عندهم فلم يقدموا على الجزم بالفصل بينهما تحريا.
والجمهور جزموا بأن كثيرا من السور كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال عياض في الإكمال: "هو دليل لكون ترتيب السورة وقع باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف وهو قول مالك رحمه الله وجمهور العلماء"
-حكم القراءة على ترتيب السور
قال ابن بطال: "لا نعلم أحدا قال بوجوب القراءة على ترتيب السور في المصحف بل يجوز أن تقرأ الكهف قبل البقرة، وأما ما جاء عن السلف من النهي عن قراءة القرآن منكسا، فالمراد منه أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها. وقال المصنف أو يحمل النهي على الكراهة.
- الروايات في ترتيب نزول السور المكية ونزول السور المدنية
ففيه ثلاث روايات،
إحداها رواية مجاهد عن ابن عباس،
والثانية رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس،
والثالثة لجابر بن زيد ولا يكون إلا عن ابن عباس، وهي التي اعتمدها الجعبري في منظومته وذكرها السيوطي في الإتقان وهي التي جرى عليها المصنف في تفسيره هذا.
-أسماء السور وذكر الحديث في أن لا يقولوا سورة كذا ولكن يقولوا السورة التي يذكر فيها كذا وبيان تأويله
وأما أسماء السور فقد جعلت لها من عهد نزول الوحي، والمقصود من تسميتها تيسير المراجعة والمذاكرة، وقد دل حديث ابن عباس الذي ذكر آنفا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نزلت الآية ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا))، فسورة البقرة مثلا كانت تلقب بالسورة التي تذكر فيها البقرة. ثم حذف الموصول ثم حذف المضاف وإقيم مقامه المضاف إليه فصارت البقرة،
وما روي من حديث عن أنس مرفوعا ((لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله)) فقال أحمد بن حنبل: هو حديث منكر، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، ولكن ابن حجر أثبت صحته. ويذكر عن ابن عمر أنه كان يقول مثل ذلك ولا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البيهقي في شعب الإيمان، وكان الحجاج بن يوسف يمنع من يقول سورة كذا ويقول قل السورة التي يذكر فيها كذا،
والذين صححوا حديث أنس تأولوه وتأولوا قول ابن عمر بأن ذلك كان في مكة حين كان المسلمون إذا قالوا: سورة الفيل وسورة العنكبوت مثلا هزأ بهم المشركون، وقد روي أن هذا سبب نزول قوله تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين} فلما هاجر المسلمون إلى المدينة زال سبب النهي فنسخ، وقد علم الناس كلهم معنى التسمية. ولم يشتهر عن السلف هذا المنع
كما أنه جاء من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ذكره بعض أسماء السور، وعليه فللقائل أن يقول سورة البقرة أو التي يذكر فيها البقرة، وأن يقول سورة والنجم وسورة النجم، وقرأت النجم وقرأت والنجم، كما جاءت هذه الإطلاقات في حديث السجود في سورة النجم عن ابن عباس.
-مناسبات أسماء بعض السور
فهي إما تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد،
وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة،
وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم،
وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر.
و الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور بل اكتفوا بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة علامة على الفصل بين السورتين، وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يكتبوا في أثناء القرآن ما ليس بآية قرآنية، فاختاروا البسملة لأنها مناسبة للافتتاح مع كونها آية من القرآن
-ذكر بعض من جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
منهم زيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وعبد الله بن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وسعد بن عبيد، ومجمع بن جارية، وأبو موسى الأشعري، وحفظ كثير من الصحابة أكثر القرآن على تفاوت بينهم.


المقدمة التاسعة: في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها
=بلاغة القرآن في المقام الأعلى
لما كان القرآن وحيا من العلام سبحانه وقد أراد أن يجعله آية على صدق رسوله وتحدى بلغاء العرب بمعارضة أقصر سورة منه، فقد نسج نظمه نسجا بالغا منتهى ما تسمح به اللغة العربية من الدقائق واللطائف لفظا ومعنى. فجاء القرآن على أسلوب أبدع مما كانوا يعهدون وأعجب، فأعجز بلغاء المعاندين عن معارضته ولم يسعهم إلا الإذعان، سواء في ذلك من آمن منهم مثل لبيد بن ربيعة وكعب بن زهير والنابغة الجعدي، ومن استمر على كفره عنادا مثل الوليد بن المغيرة.

=الحث على استخراج المعاني الكامنة في ألفاظ القرآن الكاملة
وقد جعل الله القرآن كتاب الأمة كلها وفيه هديها، ودعاهم إلى تدبره وبذل الجهد في استخراج معانيه في غير ما آية كقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وقوله: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}

= القرآن هو الحجة العامة بين علماء الإسلام
فهم لا يختلفون في كونه حجة شريعتهم وإن اختلفوا في حجية ما عداه من الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة الخلاف في شروط تصحيح الخبر، ولتفاوتهم في مقدار ما يبلغهم من الأخبار مع تفرق العصور والأقطار، فهو أقوى مرجع يرجع إليه عند الاختلاف
ويدل على هذا أن بعض التفسيرات أتت عن النبي صلى الله عليه وسلم لآيات، منها ما نوقن بأنه ليس هو المعنى الأسبق من التركيب؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم أراد بتفسيره إيقاظ الأذهان إلى أخذ أقصى المعاني من ألفاظ القرآن، مثال ذلك:
* ما رواه أبو سعيد بن المعلى قال: دعاني رسول الله وأنا في الصلاة فلم أجبه فلما فرغت أقبلت إليه فقال: ((ما منعك أن تجيبني?)) فقلت: يا رسول الله كنت أصلي، فقال: ((ألم يقل الله تعالى {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم})) فلا شك أن المعنى المسوقة فيه الآية هو الاستجابة بمعنى الامتثال، غير أن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي أيضا وهو إجابة النداء حمل النبي صلى الله عليه وسلم الآية على ذلك في المقام الصالح له، بقطع النظر عن المتعلق وهو قوله: {لما يحييكم}
*وكذلك قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لما قال له: لا تصل على عبد الله بن أبي بن سلول فإنه منافق وقد نهاك الله عن أن تستغفر للمنافقين، فقال النبي: ((خيرني ربي وسأزيد على السبعين)) فحمل قوله تعالى: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} على التخيير مع أن ظاهره أنه مستعمل في التسوية، دون كونه كناية عن الكثرة كما هو قرينه السياق فكان الحمل تأويلا ناشئا عن الاحتياط.
*ومن هذا قول النبي لأم كلثوم بنت عقبة بن معيط حين جاءت مسلمة مهاجرة إلى المدينة وأبت أن ترجع إلى المشركين فقرأ النبي قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت} فاستعمله في معنى مجازي هو غير المعنى الحقيقي الذي سيق إليه،
*وكذلك لما ورد عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من الأئمة مثل ما روي أن عمرو بن العاص أصبح جنبا في غزوة في يوم بارد فتيمم وقال: الله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} مع أن مورد الآية أصله في النهي عن أن يقتل الناس بعضهم بعضا.
*ومن هذا القبيل استدلال الشافعي على حجية الإجماع وتحريم خرقه بقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} مع أن سياق الآية في أحوال المشركين، فالمراد من الآية مشاقة خاصة واتباع غير سبيل خاص ولكن الشافعي جعل حجية الإجماع من كمال الآية.

=طريقة التعامل مع التراكيب التي تحتمل معنيين فصاعدا
*إن كان بينهما العموم والخصوص فهذا النوع لا تردد في حمل التركيب على جميع ما يحتمله إلا إن وجد صارف لفظي أو معنوي، مثل حمل الجهاد في قوله تعالى: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} في سورة العنكبوت على معنى مجاهدة النفس في إقامة شرائع الإسلام، ومقاتلة الأعداء في الذب عن حوزة الإسلام.
*وإن كان بينها التغاير، فالحمل على الجميع نظير ما قاله أهل الأصول في حمل المشترك على معانيه احتياطا.
*وإن كان ثاني المعنيين متولدا من المعنى الأول، فهذا لا شبهة في الحمل عليه لأنه من مستتبعات التراكيب، مثل الكناية والتعريض والتهكم مع معانيها الصريحة، ومن هذا القبيل ما في صحيح البخاري عن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر الحديث وفيه أنه فهم من السورة أنها علامة دنو أجله صلى الله عليه وسلم.
والخلاصة أن:
المحامل التي تسمح بها كلمات القرآن وتراكيبه وإعرابه ودلالته، من اشتراك وحقيقة ومجاز، وصريح وكناية، وبديع، ووصل، ووقف، إذا لم تفض إلى خلاف المقصود من السياق، يجب حمل الكلام على جميعها كالوصل والوقف في
قوله تعالى: {لا ريب فيه هدى للمتقين} إذا وقف على {لا ريب} أو على {فيه}.
وقوله تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) باختلاف المعنى إذا وقف على قوله: (قتل)، أو على قوله: {معه ربيون كثير}.
وكقوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون} باختلاف المعنى عند الوقف على اسم الجلالة أو على قوله: {في العلم}،

=استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه دفعة، واستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه
هذا مبحثان محل تردد بين المتصدين لاستخراج معاني القرآن تفسيرا وتشريعا،
والسبب في ذلك:
أنه غير وارد في كلام العرب قبل القرآن أو واقع بندرة، كما أشار إليه بعض الأئمة، لذلك يدفعه بعض العلماء ويعدون ذلك خطبا عظيما. ولذلك اختلف علماء العربية وعلماء أصول الفقه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى من مدلوله اختلافا مما جعلهم يترددون في صحة حمل ألفاظ القرآن على هذا الاستعمال.
واختار المصنف أن المشترك يصح إطلاقه على عدة من معانيه جميعا أو بعضا إطلاقا لغويا، سواء كانت حقيقية أو مجازية محضة أو مختلفة، وذكر الأقوال في ذلك وهي:
-1-قال قوم: هو من قبيل الحقيقة، ونسب إلى الشافعي وأبي بكر الباقلاني وجمهور المعتزلة.
-2-وقال قوم: هو المجاز
-3-وثمة قول آخر رده المصنف وذكر أن الحامل على ذكره هو استيعاب آراء الناظرين في هذه المسألة، وهو صحة إطلاق المشترك على معانيه في النفي وعدم صحة ذلك في الإيجاب، ونسب هذا القول إلى برهان علي المرغيناني الفقيه الحنفي
*واختار المصنف كما ذكرنا صحة حمله على معانيه وذكر مثالا على صحة الحمل على الحقيقة والمجاز وهو
قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} فالسجود له معنى حقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض ومعنى مجازي وهو التعظيم، وقد استعمل فعل يسجد هنا في معنييه المذكورين لا محالة.
وقوله تعالى: {ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء} فبسط الأيدي حقيقة في مدها للضرب والسلب، وبسط الألسنة مجاز في عدم إمساكها عن القول البذيء وقد استعمل هنا في كلا معنييه.
ومثال استعمال المركب المشترك في معنييه قوله تعالى: {ويل للمطففين} فمركب ويل له يستعمل خبرا ويستعمل دعاء، وقد حمله المفسرون هنا على كلا المعنيين.

وقال المصنف بعد تقريره لهذه المسألة مبينا طريقته في تطبيقها:
"وعلى هذا القانون يكون طريق الجمع بين المعاني التي يذكرها المفسرون، أو ترجيح بعضها على بعض، وقد كان المفسرون غافلين عن تأصيل هذا الأصل فلذلك كان الذي يرجح معنى من المعاني التي يحتملها لفظ آية من القرآن، يجعل غير ذلك المعنى ملغى. ونحن لا نتابعهم على ذلك بل نرى المعاني المتعددة التي يحتملها اللفظ بدون خروج عن مهيع الكلام العربي البليغ، معاني في تفسير الآية. فنحن في تفسيرنا هذا إذا ذكرنا معنيين فصاعدا فذلك على هذا القانون. وإذا تركنا معنى مما حمل بعض المفسرين عليه في آيات من القرآن فليس تركنا إياه دالا على إبطاله، ولكن قد يكون ذلك لترجح غيره، وقد يكون اكتفاء بذكره في تفاسير أخرى تجنبا للإطالة،" ا.ه.


المقدمة العاشرة: في إعجاز القرآن

=أهمية اشتمال التفسير المراد كتابته على دقائق من وجوه البلاغة
وتظهر الأهمية في أن مفسر القرآن لا يعد تفسيره لمعاني القرآن بالغا حد الكمال في غرضه ما لم يكن مشتملا على بيان دقائق من وجوه البلاغة في آيه المفسرة بمقدار ما تسمو إليه الهمة من تطويل واختصار، فيبين خصائص بلاغته وما فاقت به آي القرآن على غيرها وذاك لئلا يكون المفسر حين يعرض عن ذلك بمنزلة المترجم لا بمنزلة المفسر.
والتفاسير منها المقل مثل معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج، والمحرر الوجيز، ومن مكثر مثل الكشاف.
ويعذر فقط ما كان منها له غرض خاص مثل أحكام القرآن، مع أن البعض لم يغفله بالرغم من هذا ككتاب أحكام القرآن لإسماعيل بن إسحاق بن حماد المالكي البغدادي، وكما نراه في مواضع من أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي.

=منبع بيان وجوه الإعجاز في القرآن
منبعها هو كونه المعجزة الكبرى والباقية، وهو المعجزة التي تحدى بها الرسول معانديه تحديا صريحا. قال تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}
ولقد تصدى للاستدلال على هذا أبو بكر الباقلاني في كتاب له سماه أو سمي إعجاز القرآن وأطال، وخلاصة قوله فيه:
أن رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام بنيت على معجزة القرآن وإن كان قد أيد بعد ذلك بمعجزات كثيرة إلا أن تلك المعجزات قامت في أوقات وأحوال ومع ناس خاصة ونقل بعضها متواترا وبعضها نقل نقلا خاصا، فأما القرآن فهو معجزة عامة، ولزوم الحجة به باق من أول ورودها إلى يوم القيامة، كما أن القرآن نادى بأنه معجز لهم، نحو قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار} الآية، فالتحدي متواتر وعجز المتحدين أيضا متواتر بشهادة التاريخ إذ طالت مدتهم في الكفر ولم يقيموا الدليل على أنهم غير عاجزين، وما استطاعوا الإتيان بسورة مثله ثم عدلوا إلى المقاومة بالقوة. ا.هـ مختصراً

=السبب في عجز المخالفين لتحدي القرآن له بأن يأتوا بمثله
-1-ذهبت طائفة قليلة إلى تعليله بأن الله صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي. ويعرف هذا القول بالصرفة كما في المواقف للعضد والمقاصد للتفتزاني ولم ينسبوا هذا القول إلا إلى الأشعري وإلى النظام والشريف المرتضى وأبي إسحاق الإسفرائيني، وهو قول ابن حزم صرح به في كتاب الفصل (ص 7 جز 3)
-2-والذي عليه جمهرة أهل العلم والتحقيق واقتصر عليه أئمة الأشعرية وإمام الحرمين وعليه الجاحظ وأهل العربية كما في المواقف، فالتعليل لعجز المتحدين به بأنه بلوغ القرآن في درجات البلاغة والفصاحة مبلغا تعجز قدرة بلغاء العرب عن الإتيان بمثله، وهو الذي اعتمده المصنف وسار عليه.

=سبب وقوع التحدي في القرآن بسورة لا بأقل
لأن من أفانين البلاغة ما مرجعه إلى مجموع نظم الكلام وطريقة صياغته ليكون معبراً عن المعنى المقصود فيدخل في تلك الصياغة فواتح الكلام وخواتمه، وانتقال الأغراض، والرجوع إلى الغرض، وفنون الفصل، والإيجاز والإطناب، والاستطراد والاعتراض، وقد جعل شرف الدين الطيبي هذا هو الوجه لإيقاع التحدي بسورة دون أن يجعل بعدد من الآيات.

=أصول وجوه الإعجاز القرآني ترجع إلى أربع جهات:
-1-بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ حيث يأتي القرآن بأساليب وتراكيب تفيد معاني دقيقة لا يصل إليها غيره من المتكلمين باللسان العربي، ويسمى هذا بالطرف الأعلى من البلاغة والفصاحة واصطلح على تسميته حد الإعجاز، ووصفه أرباب هذا الفن في المصنفات بعلم "المعاني والبيان"
-2- إبداع القرآن في لتصرف في نظم الكلام مما لم يكن معهودا في أساليب العرب.
وهذا الوجهان متوجهان إلى العرب أصالة ويتبعهم من عرف لغتهم وتكلم بلسانهم فإنه سيدرك حينها قدر التحدي وقدر الإعجاز الذي حوته آي القرآن
ويكون الإعجاز للفصحاء والشعراء منهم مباشرة وللعامة بطريق غير مباشر عندما يروا عجز المتصدرين منهم لهذا التحدي فيتيقنوا بصدق هذا القرآن .
-3- ما فيه من المعاني والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن وفي عصور بعده متفاوتة، وقد أغفلها جماعة ممن تكلم في إعجاز القرآن مثل أبي بكر الباقلاني والقاضي عياض.
وهو من هذا الوجه عام للبشر كلهم مستمرا على مر العصور حيث أنه قد يدرك إعجازه العقلاء من غير الأمة العربية بواسطة ترجمة معانيه
-4- هي ما انطوى عليه من الأخبار عن المغيبات مما دل على أنه منزل من علام الغيوب، وقد يدخل ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة فهذا معجز للعرب الأميين خاصة وليس معجزا لأهل الكتاب.
وهو من هذه الجهة معجز لأهل عصر نزوله إعجازا تفصيليا، ومعجز لمن يجيء بعدهم ممن يبلغه ذلك بسبب تواتر نقل القرآن، وقد ذكر هذا الوجه كثير من العلماء. ونقله المصنف جريا على كلامهم وإلا فله نظر فيه وأنه ليس له تعلق مباشر بهذا المبحث وهو الإعجاز القرآن
ومن أمثلته: قوله تعالى: {الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين} قبل ذلك بسنوات
وقوله: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} نزلت قبل فتح مكة بعامين.
وقوله: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون} قبل الفتح

=ذكر طرفاً من العلماء الذي أجروا موازنة بين ما ورد في القرآن من ضروب البلاغة وبين أبلغ ما حفظ عن العرب
قد تصدى له أمثال
أبي بكر الباقلاني
وأبي هلال العسكري
وعبد القاهر
والسكاكي
وابن الأثير،

=أسماء بعض الكتب المجعولة لبيان الموازنة بين إعجاز القرآن وبين أبلغ ما حفظ عن العرب
من أمثلة الكتب التي اعتنت بهذا الوجه
دلائل الإعجاز،
وأسرار البلاغة،
والقسم الثالث فما بعده من المفتاح، ونحو ذلك،

=شأن ذكر الإعجاز عجيب فهو يدرك ولا يمكن وصفه
ولذا فإن المتكلمين في هذا الشأن إنما يكشفون القناع عن وجوه البلاغة فيه بقدر ما يتيسر لهم وأما نفس الإعجاز فلا
-قال السكاكي في المفتاح: واعلم أن شأن الإعجاز عجيب يدرك ولا يمكن وصفه، كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها، أو كالملاحة. ومدرك الإعجاز عندي هو الذوق ليس إلا. وطريق اكتساب الذوق طول خدمة هذين العلمين المعاني والبيان نعم للبلاغة وجوه متلثمة ربما تيسرت إماطة اللثام عنها لتجلى عليك، أما نفس وجه الإعجاز فلا ا هـ.
-قال التفتزاني يعني أن كل ما ندركه بعقولنا ففي غالب الأمر نتمكن من التعبير عنه، والإعجاز ليس كذلك لأنا نعلم قطعا من كلام الله أنه بحيث لا تمكن للبشر معارضته والإتيان بمثله ولا يماثله شيء من كلام فصحاء العرب مع أن كلماته كلمات كلامهم، وكذا هيئات تراكيبه، كما أنا نجد كلاما نعلم قطعا أنه مستقيم الوزن دون آخر، وكما أنا ندرك من أحد كون كل عضو منه كما ينبغي وآخر كذلك أو دون ذلك، لكن فيه شيء نسميه الملاحة ولا نعرف أنه ما هو، وليس مدرك الإعجاز عند المصنف سوى الذوق وهو قوة إدراكية لها اختصاص بإدراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية، فإن كان حاصلا بالفطرة فذاك وإن أريد اكتسابه فلا طريق إليه سوى الاعتناء بعلمي المعاني والبيان وطول ممارستهما والاشتغال بهما، وإن جمع بين الذوق الفطري وطول خدمة العلمين فلا غاية وراءه، أ.ه

= ذكر بعض الأمثلة والأساليب التي ساقها المصنف في بيان أن خصوصيات الكلام البليغ ودقائقه مرادة لله تعالى ليظهر كون القرآن معجزاً للمتحديين له [جمعتها من مواضع متفرقة من كلام المصنف]
-ومنها ما في القرآن من مراعاة التجنيس في غير ما آية والتجنيس من المحسنات، ومنه قوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}.
-وفيه التنبيه على محسن المطابقة كقوله: {فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}.
-والتنبيه على ما فيه من تمثيل كقوله تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وقوله: {ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}.
ولذا فنحن نحاول تفصيل شيء مما أحاط به علمنا من وجوه الإعجاز:
-ومنه الالتفات وهو نقل الكلام من أحد طرق التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى طريق آخر منها. وهو بمجرده معدود من الفصاحة، وسماه ابن جني شجاعة العربية لأن ذلك التغيير يجدد نشاط السامع فإذا انضم إليه اعتبار لطيف يناسب الانتقال إلى ما انتقل إليه صار من أفانين البلاغة وكان معدودا عند بلغاء العرب من النفائس، وقد جاء منه في القرآن ما لا يحصى كثرة مع دقة المناسبة في الانتقال.
-وكان للتشبيه والاستعارة القدر العلي في باب البلاغة عند البلغاء، وبه فاق امرؤ القيس ونبهت سمعته، وقد جاء في القرآن من التشبيه والاستعارة ما أعجز العرب كقوله: {واشتعل الرأس شيبا} وقوله: {واخفض لهما جناح الذل} وقوله: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} وقوله تعالى: {ابلعي ماءك} وقوله: {صبغة الله} إلى غير ذلك من وجوه البديع.
- ومن ذلك أيضا إن نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة، ولا يصل شيء من كلام الفصحاء إلى مبلغ بلاغتها.
-ومن ذلك أيضا دلالة ما يذكر على ما يقدر اعتمادا على القرينة، وهذه الدلالة قليلة في كلام البلغاء وكثرت في القرآن مثل تقدير القول وتقدير الموصوف وتقدير الصفة.
-ومن ذلك دلالة مواقع جمله بحسب ما قبلها وما بعدها، ككون الجملة في موقع العلة لكلام قبلها، أو في موقع الاستدراك، أو في موقع جواب سؤال، أو في موقع تعريض أو نحوه. وهذه الدلالة لا تتأتى في كلام العرب لقصر أغراضه في قصائدهم وخطبهم بخلاف القرآن
-وإن للتقديم والتأخير في وضع الجمل وأجزائها في القرآن دقائق عجيبة كثيرة لا يحاط بها وهذا مثال يوضح شيء منها
قال تعالى: {إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا} إلى قوله: {إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا} إلى قوله: {وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا}
*فكان للابتداء بذكر جهنم ما يفسر المفاز في قوله: {إن للمتقين مفازا} أنه الجنة لأن الجنة مكان فوز.
*ثم كان قوله: {لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا} ما يحتمل لضمير فيها من قوله: {لا يسمعون فيها}
أن يعود إلى {كأسا دهاقا} وتكون في للظرفية المجازية أي الملابسة أو السببية أي لا يسمعون في ملابسة شرب الكأس ما يعتري شاربيها في الدنيا من اللغو واللجاج،
وأن يعود إلى {مفازا} وهي الجنة وتكون في للظرفية الحقيقية. وهذه المعاني لا يتأتى جميعها إلا بجمل كثيرة لو لم يقدم ذكر جهنم ولم يعقب بكلمة {مفازا}. ولم يؤخر {وكأسا دهاقا} ولم يعقب بجملة {لا يسمعون فيها لغوا} إلخ.
-ومن أعظم الأساليب التي خالف بها القرآن أساليب العرب أنه جاء في نظمه بأسلوب جامع بين مقصديه وهما: مقصد الموعظة ومقصد التشريع،
فكان نظمه يمنح بظاهره السامعين ما يحتاجون أن يعلموه وهو في هذا النوع يشبه خطبهم، وكان في مطاوي معانيه ما يستخرج منه العالم الخبير أحكاما كثيرة في التشريع والآداب وغيرها
-ومن أساليبه –وأطلق عليه المصنف اسم التفنن- بداعة تنقلاته من فن إلى فن بطرائق الاعتراض والتنظير والتذييل والإتيان بالمترادفات عند التكرير تجنبا لثقل تكرير الكلم، وكذلك الإكثار من أسلوب الالتفات المعدود من أعظم أساليب التفنن عند بلغاء العربية فهو في القرآن كثير وفيه شيء عجيب وهو المناسبة بين المنتقل منه والمنتقل إليه فهي في منتهى الرقة والبداعة بحيث لا يشعر سامعه وقارئه بانتقاله إلا عند حصوله وكل هذا يدفع الملل عن القارئ بل ويشجعه ويحبب إليه الاستزادة من القراءة فيه.
- ومن أساليبه السكوت عند كلمة وتعقيبها بما بعدها يجعل ما بعدها بمنزلة الاستئناف البياني، مثاله قوله تعالى: {هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى}
فإن الوقف على قوله: {موسى} يحدث في نفس السامع ترقبا لما يبين حديث موسى، فإذا جاء بعده {إذ ناداه ربه} إلخ حصل البيان
مع ما يحصل عند الوقف على كلمة موسى من قرينة من قرائن الكلام لأنه على سجعة الألف مثل قوله: {طوى}،
- ومن أساليب القرآن العدول عن تكرير اللفظ والصيغة فيما عدا المقامات التي تقتضي التكرير من تهويل ونحوه، ومما عدل فيه عن تكرير الصيغة قوله تعالى {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} فجاء بلفظ قلوب جمعا مع أن المخاطب امرأتان فلم يقل قلباكما تجنبا لتعدد صيغة المثنى.
- ومنها اتساع أدب اللغة في القرآن. فقد جاء القرآن بنوع من الأدب غض جديد صالح لكل العقول، معط لكل فن ما يليق به من المعاني والألفاظ واللهجة: فتضمن المحاورة والخطابة والجدل والأمثال أي الكلم الجوامع والقصص والتوصيف والرواية.
وكان لفصاحة ألفاظه وتناسبها في تراكيبه وترتيبه على ابتكار أسلوب الفواصل العجيبة المتماثلة في الأسماع وإن لم تكن متماثلة الحروف في الأسجاع، كان لذلك سريع العلوق بالحوافظ خفيف الانتقال والسير في القبائل،
وكل هذا مع كون مادته هي الحقيقة دون المبالغات الكاذبة والمفاخرات المزعومة، فكان بذلك له صولة الحق وروعة لسامعيه،
وأما العرب فكان المعظم عندهم والمقدم هو الشعر وهو ما يعلق بأذهانهم ويحفظونه غالباً، وكان خاصا بأبواب معينة أشهرها النسيب والحماسة والرثاء والهجاء والفخر وبعض الأبواب الأخرى وفيها شعر قليل، وأما الخطب فكانت نادرة ولا تحفظ، وكذا المحاورات والأمثال.


=التنبيه على أمر مهم وهو أن لمراعاة المقام أثر في نظم الكلام
*فقد تشتمل آية من القرآن على خصوصيات تتساءل نفس المفسر عن دواعيها وما يقتضيها فيتطلب معرفة ذلك وربما جاء بها متكلفة أو مغصوبة، ذلك لأنه لم يلتفت إلا إلى مواقع ألفاظ الآية، مع أن مقتضياتها في الواقع منوطة بالمقامات التي نزلت فيها الآية،
مثال ذلك: قوله تعالى في سورة المجادلة: {أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} ثم قوله: {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}
فقد يخفى مقتضى الإتيان بحرف التنبيه في افتتاح كلتا الجملتين فيسعى المفسر إلى تطلب مقتضيه ويأتي بمقتضيات عامة مثل أن يقول: التنبيه للاهتمام بالخبر،
ولكن إذا قدرنا أن الآيتين نزلتا بمسمع من المنافقين والمؤمنين جميعا علمنا أن اختلاف حرف التنبيه في الأولى لمراعاة إيقاظ فريقي المنافقين والمؤمنين جميعا، فضحا للمنافقين وتحذيرا للمؤمنين، واجتلاب حرف التنبيه في الآية الثانية لتنبيه المنافقين إلى فضيلة المسلمين لعلهم يرغبون فيها فيكفون عن النفاق، وتنبيه المسلمين إلى أن حولهم فريقا ليسوا من حزب الله
*ومرجع هذا الصنف من الإعجاز إلى ما يسمى في عرف علماء البلاغة بالنكت البلاغية فإن بلغاءهم كان تنافسهم في وفرة إيداع الكلام من هذه النكت، وبذلك تفاضل بلغاؤهم، فلما سمعوا القرآن انثالت على كل من سمعه من بلغائهم من النكت التي تفطن لها ما لم يجد من قدرته قبلا بمثله.
ولعلهم تآمروا وتدارسوا بينهم في نواديهم أمر تحدي الرسول إياهم بمعارضة القرآن وتواصفوا ما اشتملت عليه بعض آياته العالقة بحوافظهم وأسماعهم من النكت والخصائص وأوقف بعضهم بعضاً على ما لاح له من تلك الخصائص، وفكروا وقدروا وتدبروا فعلموا أنهم عاجزون عن الإتيان بمثلها إن انفردوا أو اجتمعوا،



مبتكرات القرآن

=المقصود بمبتكرات القرآن
هي ما تميز بها نظمه عن بقية كلام العرب.

=ذكر بعض مبتكرات القرآن
-فمنها: أنه جاء على أسلوب يخالف الشعر لا محالة وقد نبه عليه العلماء المتقدمون. وبين المصنف أنه يخالف الخطابة أيضاً في أشياء، فهو جاء كتابا له مقصد وهو قراءته واتباعه وهذا من وجوه إعجازه.
-ومنها أنه جاء بالجمل الدالة على معان مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد التشريعية، فما استحق التخصيص أو التقييد من عمومه فقد خصص أو قيد
مثاله قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون} وقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا}.
-ومنها أن جاء على أسلوب التقسيم والتسوير وهي سنة جديدة في الكلام العربي.
-ومنها الأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة، وفي تمثيل الأحوال، وقد كان لذلك تأثير عظيم على نفوس العرب إذ كان فن القصص مفقودا من أدب العربية إلا نادرا، فلما جاء القرآن بالأوصاف بهت به العرب
كما في سورة الأعراف من وصف أهل الجنة وأهل النار وأهل الأعراف {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار} إلخ وفي سورة الحديد {فضرب بينهم بسور} الآيات.
ويتبع هذا أن القرآن لا يسرد القصص كما هي بل يسوقها في مساق الفائدة المقصودة منها
ومنه طريقة عرض القرآن للأمثال القرآنية من حيث التركيب والمناسبة:
كقوله تعالى:{مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف}
وقوله: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}
وقوله: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن} إلى قوله: {فما له من نور}
-ومنها ما فيه من كثرة المعاني ووفرتها وتعدد الوجوه مع استخدام الإيجاز البليغ المعجز فإنك تجد في كثير من تراكيب القرآن حذفا ولكنك لا تعثر على حذف يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ أو سياق، ومن ذلك:
قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} الآية، جمع بين أمرين ونهيين وبشارتين،
*ومن ذلك قوله: {ولكم في القصاص حياة} مقابلا أوجز كلام عرف عندهم وهو القتل أنفى للقتل،
*وأعد من أنواع إيجازه إيجاز الحذف مع عدم الالتباس، وكثر ذلك في حذف القول،
*ومنه حذف المضاف كثيرا كقوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله}
*وحذف الجمل التي يدل الكلام على تقديرها نحو قوله تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} إذ التقدير: فضرب فانفلق.
*ومن بديع الإيجاز في القرآن وأكثره ما يسمى بالتضمين، وهو يرجع إلى إيجاز الحذف،
والتضمين أن يضمن الفعل أو الوصف معنى فعل أو وصف آخر ويشار إلى المعنى المضمن بذكر ما هو من متعلقاته من حرف أو معمول فيحصل في الجملة معنيان.
ومن هذا الباب ما اشتمل عليه من الجمل الجارية مجرى الأمثال، وهو باب نادر في كلام العرب ومنه قوله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته} وقوله: {طاعة معروفة} وقوله {ادفع بالتي هي أحسن}.
-ومنه أنه يرد فيه استعمال اللفظ المشترك في معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإدارة ما يصلح منها، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي إذا صلح المقام لإرادتهما، وبذلك تكثر معاني الكلام مع الإيجاز وهذا من آثار كونه معجزة خارقة لعادة كلام البشر
-ومن أساليبه الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات مثل (وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا) قرئ (عند) بالنون دون ألف وقرئ {عباد} بالموحدة وألف بعدها، ومثل (إذا قومك منه يصُدون) بضم الصاد وكسرها.


عادات القرآن

=حكم معرفة عادات القرآن وأول من تعرض لبيانها
وحكمه أنه حق على المفسر أن يتعرف عادات القرآن من نظمه وكلمه.
وقد تعرض بعض السلف لشيء منها، فعن ابن عباس: كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر. وذكر ذلك الطبري عن الضحاك أيضا.

=أمثلة يتضح منها المراد
-1-وفي صحيح البخاري في تفسير سورة الأنفال قال ابن عيينة: ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا، وتسميه العرب الغيث كما قال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}. وعن ابن عباس أن كل ما جاء من {يا أيها الناس} فالمقصود به أهل مكة المشركون.
-2-وقال الجاحظ في البيان وفي القرآن معان لا تكاد تفترق، مثل الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والجن والإنس وزاد المصنف: والنفع والضر، والسماء والأرض.
-3-وذكر فخر الدين الرازي أن من عادة القرآن أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة.

-4-التعبير بالماضي عن الأخبار مثل قوله تعالى: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين} الآية
-5-وقال فخر الدين في تفسير قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل} من سورة العقود عادة هذا الكتاب الكريم أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع.
-6- ذكر المصنف أن منها أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله تعالى: {بل متعت هؤلاء وآباءهم} وقوله: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين}
-7- ذكر المصنف أن منها: أنه إذا حكى المحاورات والمجاوبات حكاها بلفظ قال دون حروف عطف، إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى، انظر قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} إلى قوله: {أنبئهم بأسمائهم}.
وقد استوعب أبو البقاء الكفوي في كتاب الكليات في أوائل أبوابه كليات مما ورد في القرآن من معاني الكلمات، وفي الإتقان للسيوطي شيء من ذلك.

=أنواع العلم
العلم نوعان:
الأول؛ علم اصطلاحي: وهو ما تواضع الناس في عصر من الأعصار على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قابل للتغيير،
والثاني؛ علم حقيقي: وهو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان، وما به يبلغ إلى ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا،
وقد اشتمل القرآن على النوعين،
*فأما النوع الأول هو ما لا يحتاج إلى فكر فإن مبلغ العلم عندهم يومئذ علوم أهل الكتاب ومعرفة الشرائع والأحكام وقصص الأنبياء والأمم وأخبار العالم، وقد أشار إلى هذا القرآن بقوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة}
*وأما النوع الثاني من إعجازه العلمي فهو ينقسم إلى قسمين: قسم يكفي لإدراكه فهمه وسماعه، وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم وكلا القسمين دليل على أنه من عند الله لأنه جاء به أمي في موضع لم يعرف أهله دقائق العلوم، والذي أتى به لم يفارقهم حتى يتعلمها من غيرهم.
وقد أشار القرآن إلى هذه الجهة من الإعجاز بقوله تعالى في سورة القصص: {قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم} ثم إنه ما كان قصاراه مشاركة أهل العلوم في علومهم الحاضرة، حتى ارتقى إلى ما لم يألفوه وتجاوز ما درسوه وألفوه.
وهذا النوع من الإعجاز هو الذي خالف به القرآن أساليب الشعر وأغراضه مخالفة واضحة.

=الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث " ما من الأنبياء نبيء إلا أوتي أو أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي وإني أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة"
الحديث فيه نكتتان:
الأولى: أن قوله ((ما مثله آمن عليه البشر)) اقتضى أن كل نبيء جاء بمعجزة هي إعجاز في أمر خاص كان قومه أعجب به وأعجز عنه فيؤمنون على مثل تلك المعجزة. ومعنى آمن عليه أي لأجله وعلى شرطه
والثانية: أن قوله: ((وإنما كان الذي أوتيت وحيا)) اقتضى أن ليست معجزته من قبيل الأفعال كما كانت معجزات الرسل الأولين أفعالا لا أقوالا، بل كانت معجزته ما في القرآن من دلالة على عجز البشر عن الإتيان بمثله من جهتي اللفظ والمعاني
والقرآن معجزة مستمرة على تعاقب السنين ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ((وإني أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة))

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12 محرم 1440هـ/22-09-2018م, 01:25 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي


المقدمة السابعة
قصص القرآن

-تعريف القصة:..القصة جمع قِصص بكسر القاف وهي الخبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها. وأما.القصص بفتح القاف اسم للخبر المقصوص.
- الأحداث والأحوال الحاضرة وقت نزول القران لا تعد من جملة القصص
-القصص القرآني أحسن القصص : {نحن نقص عليك أحسن القصص .}
غرض القصص القرآني
-أسمى وأعلا أغراضها حصول عبرا جمة وفوائد للأمة.
-حصول العبرة والموعظة مما تضمنته القصة من عواقب الخير أو الشر
-حصول الذكر والتذكير بها لأهل الدين
- حصول التنويه بأصحاب تلك القصص في عناية الله بهم أو التشويه بأصحابها فيما لقوه من غضب الله عليهم.
ميزات القصص القرآني
-القصة القرآنية بالخطابة أشبه. من كتب التاريخ وقصص القصاصين.
- جاءت متفرقة موزعة على مقامات تناسبها .
-سوق القصة في مناسباتها يكسبها صفتين: صفة البرهان وصفة التبيان
- نظمها نُسج على أسلوب الإيجاز . ليكون شبهها بالتذكير أقوى من شبهها بالقصص
- طي ما يقتضيه الكلام الوارد.
- تساق في مظان الاتعاظ مع المحافظة على الغرض الأصلي الذي جاء به القرآن من تشريع وتفريع فتوفرت .
- الاقتصار على ذكر أحوال و صفات شخصيات القصة –دون ذكر أنسابهم أو بلدانهم؛ لكونها هي موضع العبرة والاتعاظ إذ بها يتبين سبب عناية الله لهم أو سخطه وغضبه عليهم .
- اشتملت على أسلوب التوصيف والمحاورة .أسلوب جديد في البلاغة العربية لم يكن معهودا عند العرب.
فوائد القصة القرانية
1-انقطع وصف الأمية على حملة القران في ذلك الزمان ؛ وانقطعت السن المعرضين بهم بأنهم أمه جاهلية لما اشتمل عليه القران من أخبار وقصص لا يعلمها إلا الراسخون في العلم.
2-اشتمال القرآن على قصص الأنبياء وأقوامهم تكليلا لهامة التشريع الإسلامي بذكر تاريخ المشرعين
3-معرفة ترتب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر و ظهور المثل العليا في الفضيلة وزكاء النفوس أو ضد ذلك
4-فيها موعظة المشركين
5-ظهور إعجاز القران .
6- توسيع لعلم المسلمين بإحاطتهم بوجود الأمم ومعظم أحوالها. .
7-تعويد المسلمين على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها حتى تدفع عنهم وصمة الغرور .
8- ينشئ في المسلمين همة السعي إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم .
9-معرفة أن قوة الله تعالى فوق كل قوة، وأن الله ينصر من ينصره، وأنهم إن أخذوا بوسيلتي البقاء: من الاستعداد والاعتماد؛ سلموا من تسلط غيرهم عليهم
10-أنها يحصل منها بالتبع فوائد في تاريخ التشريع والحضارة.
سبب تكرار القصة في مواضع من كتاب الله

-القران بالخطب و المواعظ أشبه منه بالتآليف
-تكرارها لارتباطها بتحقيق وحصول فوائدها
- تذكر القصة مع غرضها والمناسبة المسوقة معه فلا يعد ذلك تكرارا
فوائد تكرار القصص القراني
- يفيد رسوخها في الأذهان بتكريرها.
- يفيد ظهور البلاغة لاختلاف وتقنن الأساليب والمعاني في كل موضع .
- سماع الغائب القصة التي فاتته وقت نزولها مرة أخرى أوقع في النفوس .
-تساوي العلم بتلك القصة لأناس اطلعوا عليها وحفظوها في مواضع مختلفة من كتاب الله
إذ كان حفظ القران كله نادرا .
ختلف حكاية القصة الواحدة منها بأساليب مختلفة ويذكر في بعض حكاية القصة الواحدة ما لم يذكر في بعضها الآخر وذلك لأسباب:
- تجنب التطويل في الحكاية الواحدة فيقتصر على موضع العبرة منها
- تختلف المقامات والمناسبات التي سيقت القصة لأجها لهذا تتفاوت مواضعها بالإطناب والإيجاز .
- قد يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما ينقلونه من تلك القصة، وتارة لا يقصد ذلك.

المقدمة الثامنة
في اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها وأسمائها


هذا المبحث له اتصال متين بالتفسير؛ لأن ما يتحقق فيه ينتفع به في مواضع كثيرة من فواتح السور، ومناسبة بعضها لبعض فيغني المفسر عن إعادته
أسماء القران
تعريف القران
اسم للكلام العربي الموحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بواسطة جبريل ؛وهو جملة المكتوب في المصاحف المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، أولاها الفاتحة وأخراها سورة الناس.
القران:
-القرآن هو الاسم الذي جعل علما على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
- لم يسبق أن أطلق " القران" على غيره قبله، وهو أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأشهرها دورانا على ألسنة السلف.
القران : على وزن فعلان .مشتق من القراءة ؛.
- فهو مصدر مثل :غفران و شكران
-أو علم على القران زيدت فيه ألف والنون مثل أسماء الأعلام التي زيدت فيها ألف ونون :عثمان ؛حسان
-الهمزة فيه أصلية لهذا اتفق أكثر القراء على قراءة لفظ قرآن مهموزا حيثما وقع في التنزيل ولم يخالفهم إلا ابن كثير قرأه بفتح الراء بعدها ألف على لغة تخفيف المهموز وهي لغة حجازية.
- ليس مشتق من "قرأت" لأن الهمزة قرأت أصلية لا يصح تخفيفها أم همزة قران فيجوز تخفيفها..
-اعتبار القران مشتق من قرأت يترتب عليه محظور وهو أن تكون قراءة ابن كثير بتخفيف همزة قران مرادا به قرانا آخر
- قيل قرآن على وزن فعال .. "قران " من القرن بين الأشياء لأنه قرنت سوره وآياته وحروفه بعضها ببعض
-وزعم أناس أن قران جمع "قرينة" أي اسم جمع، لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق.
- القران له أسماء أخرى هي في الأصل أوصاف أو أجناس .
-أشهر أسماء القران ستة: التنزيل، والكتاب، والفرقان، والذكر، والوحي، وكلام الله.
الفرقان :
قال تعالى "{تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}
-الفرقان" مصدر؛ والفرقان اسم لمايفرق به بين الحق والباطل.
- الفرقان علما على الوحي الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم بالغلبة مثل التوراة والإنجيل
-وجه تسمية القران فرقانا
-لكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل.في العقائد والأوصاف
-أحكامه مبرأة من اللبس وبعيدة عن تطرق الشبهة.
التنزيل
قال تعالى : {تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون}
-التنزيل فهو مصدر نزل، أطلق على المنزل باعتبار أن ألفاظ القرآن أنزلت من السماء.
الكتاب
-قال تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه}
-الكتاب فأصله اسم جنس مطلق ومعهود. وباعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا قال تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب}
وجه تسمية القران كتابا
-لأن الله جعله جامعا للشريعة ..
- ولأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم.
-في تسمية القران كتابا معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف
الذكر
قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}
ووجه هذه التسمية أنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به.
الوحي
-قال تعالى: {قل إنما أنذركم بالوحي}
ووجه هذه التسمية أن القران ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك وذلك الإلقاء يسمى وحيا.لبيان أنه ليس فعل البشر
.كلام الله
-قال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.
المصحف
أبو بكر الصديق سمى القران الذي جمعه في عهده مصحفا بمشورة الصحابة
. آيات القرآن
-تعريف الآية:
هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أو إلحاقا.
قوله تقديرا لإدخال قوله تعالى: {مدهامتان} إذ التقدير هما مدهامتان.
وقوله :أو إلحاقا: لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة.فقد عدت في كثير منها آية
-أصل تسمية الآية
وأصل كلمة تسمية بعض أجزاء القران آيةمن مبتكرات القرآن
قال تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات} .
- وجه تسمية الآية آية
- وإنما سميت آية لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم .لاشتمالها على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة نظم الكلام.
- ولكونها مع غيرها من الآيات كانت دليلا على أن القران منزل من عند الله ؛ يصلح تحدي بها أهل الفصاحة والبلاغة
تحديد مقدار الآية
-آيات القرآن متفاوتة في مقادير كلماتها فبعضها أطول من بعض.
-تحديد مقدار الآية - مبدأها ومنتهاها - مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم
-قد تختلف الروايات عن النبي صلى الله عليم وسلم في حد الآية فتحمل على التخيير .
-الصحابة كانوا على علم من تحديد الآيات.
-قال الزمخشري الآيات علم توقيفي. وقال ابن العربي تحديد الآية من معضلات القرآن.
-مما يستدل به على وجوب إتباع المأثور فيا تباع تحديد الآي حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم يقف. {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف { الرحمن الرحيم} ثم يقف.رواه ابو داود في سننه.
-. وجود اختلاف أهل العلم في تحديد آي القران- مثل اختلافهم في عد الحروف المقطعة - دليل على أن المسألة يدخلها الاجتهاد .
- اختلاف السلف في تحديد مقدار الآية قد يكون راجع لاختلاف في الرواية ، وقد يكون بعضه عن اختلاف الاجتهاد.
-
لا يبعد أن يكون تعيين مقدار الآية تبعا لانتهاء نزولها وأمارته وقوع الفاصلة.
- تفاوت الآيات في الطول تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام.
-أطول آية في كتاب الله. قوله تعالى: {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} إلى قوله: {وكان الله بكل شيء عليما} في سورة الفتح. وقوله: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} إلى قوله: {لو كانوا يعلمون} في سورة البقرة ودونهما قوله تعالى: { حرمت عليكم أمهاتكم} إلى قوله: {إن الله كان غفورا رحيما} في سورة النساء.

-أقصر آية في كتاب الله في عدد الكلمات قوله تعالى: {مدهامتان}. في سورة الرحمن وفي عدد الحروف المقطعة قوله: {طه}.
الوقف على رأس الآية
- عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم يقف. {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف { الرحمن الرحيم} ثم يقف .رواه أبو داود في سننه
- عن أبي عمرو قال بعضهم: الوقف على رؤوس الآي سنة. كما في الإتقان .
- - الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها إتباعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته.قاله البيهقي في شعبه كما في الإتقان
وقوف القران
- وقوف القرآن فقد لا تساير نهايات الآيات، ولا ارتباط لها بنهايات الآيات فقد يكون في آية واحدة عدة وقوف
عدد آيات القران
- اختلف السلف في عد آي القران بناء على الاختلاف في نهاية بعضها.
-قال أبو عمرو الداني في كتاب العدد: أجمعوا على أن عدد آيات القرآن يبلغ ستة آلاف آية، واختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتين وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمسا وعشرين، وقيل وستا وثلاثين، وقيل وستمائة وست عشرة.
عد البسملة آية
- أجمع أهل العدد على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة.
-اختلف أهل العد في عد البسملة في سورة الحمد لا غير.
- عد البسملة آية الكوفي والمكي ولم يعدها آية البصري ولا الشامي ولا المدني.
تاريخ علم العد
- كان عدد آي السور معروفا في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم.
- عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة.
-استمر العمل بعد الآي في عصر الصحابة، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} الآية.
ثم استمر العد حتى صار إلى ما هو عليه اليوم عد مدني وعد كوفي وعد شامي وعد بصري..
- لأهل المدينة عددان، يعرف أحدهما بالأول ويعرف الآخر
--ولأهل مكة عدد واحد، وربما اتفقوا في عدد آي السورة المعينة، وربما اختلفوا.
-قد يوجد اختلاف تارة في مصاحف الكوفة والبصرة والشام.في عدد آي بعض السور
ترتيب الآي
-ترتيب الآي بعضها عقي بعض توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.
-ترتيب الآي ما يدخله الإعجاز ؛فلو غير ترتيبه لنزل عن حد الإعجاز.
ترتيب المصحف الذي هو عليه الآن لم يخالف ما استقر عليه رواية الحفاظ من الصحابة.
ألف الصحابة القران على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم.
المناسبة بين آي القران
-لما كان ترتيب آي القران توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم لزم أن يكون هناك مناسبة بين الآية ولا حقتها.
-على المفسر أن يتطلب مناسبات لمواقع الآيات ما وجد إلى ذلك سبيلا موصلا وإلا فليعرض عنه ولا يكن من المتكلفين.
وقوف القرآن

الوقف :
قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة.
السكت :هو قطع الصوت حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف.
-قد يختلف معنى الآية لاختلاف الوقت..فيكون الوقف هو الأصل في تحديد المعنى
مثل قوله تعالى "{وكأين من نبي قتل معه ربييون كثير} والمعنى على الوقف على "قتل " أن أنبياء كثيرين قد قتلوا ؛ والوقف على كثير يكون معمول "قتل" ؛ ربييون ؛والمعنى أن أنبياء كثيرين قتل معهم رجال من أهل التقوى.
-لا يوجد في القران وقف واجب يجب الوقف فيه؛ ولا وقف حرام يحرم الوقف عليه.
- والوقف ينقسم إلى أكيد حسن و دونه.
-بعض أهل العلم فرق بين الوقف والسكت؛..فجعل الوقف على نهاية وتمام الكلام ؛ أما السكت فيكون على ما يتطلب منه المعنى قبل انتهاء الكلام ؛ وحجته في ذلك أن اللغة العربية واضحة والسياق الكلام حارس من الفهم المخطئ.
-قد يحصل بتعدد الوقف ما يحصل بتعدد وجوه القراءات من تعدد المعنى مع اتحاد الكلمات
-من أوجه إعجاز القران ما يرجع إلى محسنات الكلام من فن البديع، ومن ذلك فواصل الآيات التي هي شبه قوافي الشعر وأزجاع النثر، وهي مرادة في نظم القرآن لا محالة . فكان عدم الوقف عليها تفريطا في الغرض المقصود منها.

ضبط وقوف القران
-لم يشتد اعتناء السلف بتحديد أوقافه لظهور أمرها ؛فكان الاعتبار الوقف عندهم بفواصله.
-لما كثر الداخلون في الإسلام من دهماء العرب و عموم غيرهم؛ توجه على أهل القران إلى ضبط وقوفه تسيرا لفهمه على قارئه.
-وقوفات القران رُوعي فيها ما يراعى في التفسير؛فكانت بيانا للمعنى.
- أشهر من تصدى لضبط الوقوف أبو محمد بن الانباري، وأبو جعفر بن النحاس، وللنكزاوي أو النكزوي كتاب في الوقف ذكره في الإتقان، واشتهر بالمغرب من المتأخرين محمد بن أبي جمعة الهبطي .
سور القرآن
تعريف السور:
السورة قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران. مسماة باسم مخصوص.
تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة، ناشئ عن أسباب النزول، أو عن مقتضيات ما تشتمل عليه من المعاني المتناسبة.
أقل مقدرا السورة:
-أقل ما تشتمل السور ة ثلاث آيات باستقراء القران؛وللأثر الوارد عن عمر رضي الله عنه في ذلك .
أصل التسمية :
وأصل التسمية "سورة" راجع للقران؛ فهي من مصطلحاته قال تعالى : {فأتوا بعشر سور مثله}
أصل كلمة سورة
قيل سورة : مأخوذة من السور بضم السين وتسكين الواو.
والسور : الجدار المحيط بالمدينة أو بمحلة قوم زادوه هاء تأنيث في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام.
- وقيل مأخوذة من السؤر بهمزة بعد السين.
والسؤر : البقية مما يشرب الشارب بمناسبة أن السؤر جزء مما يشرب، ثم خففوا الهمزة بعد الضمة فصارت واوا.
-ترك الهمز في سورة هو لغة قريش ومن جاورها من هذيل وكنانة وهوازن وسعد بن بكر، وأما الهمز فهو لغة تميم.
-جمع سورة " سُوَر" بتحريك الواو كغرف،وقيل إنها تجمع على"سُور" بسكون الواو.
عدد سور القران
-عدد سور القران: مائة وأربع عشرة سورة.
-لم يحفظ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا ولا اختلفوا في عدد سوره.
تسوير القران
-تسوير القرآن من السنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان القرآن يومئذ مقسما إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها.
- كانت السور معلومة المقادير منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة عنه في قراءة الصلاة وفي عرض القرآن، فترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم،
- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول: ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا)).
- مجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا.
-ترتيب السورة بعضها إثر بعض يحتمل أن يكون توقيفا من النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون اجتهادا من الصحابة.
-وقيل أن بعضه كان مرتبا في زمن النبوة وما لم يكن مرتبا اجتهد الصحابة في ترتيبه أثناء جمع القران
-اجتهد زيد ابن ثابت في ترتيب سور القران ترتيبا يوافق ترتيب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للسور.
-جزم الجمهور أن كثرا من سور القران كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
- قال عياض : حديث عائشة في صحيح البخاري في باب تأليف القران يدل أن ترتيب السور وقع باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف وهو مذهب مالك وجمهور العلماء.
-تواتر القران في محله ووضعه وترتيبه قول الأصفهاني
-قد يوجد في آي من القرآن ما يقتضي سبق سورة على أخرى
.
--أمر عثمان الكتاب حين جُمع القران أن يرتب على حسب الطول و القصر.
-جعل الصحابة "بسم الله الرحمان الرحيم" علامة للفصل بين السورتين.
-معرفة نهايات السور بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم
توفي النبي صلى الله عليه وسلم وسورة القران مسور سورا معينة
فوائد تسوير القران
-فيه تنشيط وتحفيز لهمم في حفظه .
- السور للجنس ؛ والجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن وأنبل من أن يكون ببانا واحدا.

مصاحف الصحابة وترتيبها
-كان لبعض الصحابة مصاحف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كتبوها لأنفسهم. وممن كان له مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب. وعلي ابن أبي طالب
- وروي أن أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة.
- واختلف هؤلاء الصحابة في ترتيب مصاحفهم: فمنهم من رتبها على حسب النزول كمصحف علي رضي الله عنه ؛ ومنهم من رتب على حسب الطول والقصر مثل مصحف أبي وابن مسعود.
- الطولي والقصري في السور مراعى فيه عدد الآيات لا عدد الكلمات والحروف.
- ترتيب المصحف تخللت فيه السور المكية والمدنية.
القراءة على ترتيب المصحف
-ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري في باب تأليف القرآن أنها لا ترى القراءة على ترتيب المصحف أمرا لازما .
- تقديم النبي صلى الله عليه وسلم لسورة آل عمران على سورة النساء في قراءته في صلاة ة الخسوف
-لا يعلم بقائل بوجوب القراءة على ترتيب السور في المصحف..قول ابن بطال
-ما جاء من نهي السلف عن تنكسي القران فيحمل على تنكيس الآيات أو يحمل النهي عن الكراهة

- روايات ثلاث في بيان ترتيب السور المكية ونزول السور المدنية
أولها رواية مجاهد عن ابن عباس، والثانية رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس، والثالثة لجابر بن زيد ولا يكون إلا عن ابن عباس.
- الجعبري اعتمد الرواية الثالثة في منظومته التي سماها تقريب المأمول في ترتيب النزول .
-اعتماد ابن عاشور في تفسيره عل منظومة الجعبري في بيان ترتيب نزول القران المكي و المدني

أسماء السور:
- جعل للسور أسماء مذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم
-جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نزلت الآية ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا)
-فائدة تسمية سور القران تميزيها عن غيرها و تسهيل المراجعة والمذاكرة .
-أصل أسماء السور أن يكون بالوصف. كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا، ثم شاع فحذفوا الموصول وعوضوا عنه الإضافة..كقولهم سورة ذكر البقرة مثلا، ثم صارت سورة البقرة."
-أو أنهم لم يقدروا مضافا- وأضافوا السورة لما يذكر فيها لأدنى ملابسة. .
-من أجاز أن يسمي السورة باسمها فيقول سورة البقرة و سورة النجم
- من أنكر تسمية السورة باسمها وحجته في ذلك وتأويل قوله.
-جائز للقارئ أن يقول سورة البقرة أو السورة التي يذكر فيها البقرة.
-اشتهار أسماء بعض السور على مسمع النبي صلى الله عليه وسلم دليل على صحة التسمية

-تسمية الصحابة لسور القران بما حفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها بها ولو كانت التسمية غير مأثورة.
-اجتهاد بعض الصحابة في تسمية بعض سور القران ابن مسعود سمى القنوت سورة الخلع والخنع
مرجع تسمية السور
-تسمى السورة إما بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد.
- وإما بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة
-وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم،
-وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر.
سُمي مجموع السور المفتتحة بكلمة حم آل حم
-قد تسمى السورتين التي شملت وصف واحد باسم واحد بوصف واحد مثل تسمية سورة الكافرون وسورة الإخلاص المقشقشتين
-عمل الصحابة على عدم كتاب اسم السورة في المصحف كراهية أن يكتب أثناء القران ما ليس منه.
- أبي كان يكتب اسم السورة في مصحفه
-كتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم
-أول ما كتبت أسماء السور في المصاحف كتبت بلون مخالف لخط المصحف قاله الباقلاني.

المقدمة التاسعة :في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها
-من أساليب العرب في كلامهم المجاز، والاستعارة، والتمثيل، والكناية، والتعريض، والاشتراك والتسامح في الاستعمال كالمبالغة، والاستطراد ومستتبعات التراكيب، والأمثال، والتلميح، والتمليح، واستعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية، واستعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار، ونحو ذلك.
-القصد من تفنن أساليب العرب في كلامهم توفير المعنى؛ وأداء ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها ليسهل اعتلاقها بالأذهان.
-القران قد نسج نظمه نسجا بالغا منتهى ما تسمح به اللغة العربية من الدقائق واللطائف لفظا ومعنى بما يفي بأقصى ما يراد بلاغة إلى المرسل إليهم. .
-القران أعجز بلغاء المعاندين عن معارضته ولم يسعهم إلا الإذعان.
-القرآن من جانب إعجازه يكون أكثر معاني من المعاني المعتادة التي يودعها البلغاء في كلامهم
- يودع في القران كل ما يحتاج إليه السامعون إلى علمه وكل ما له حظ في البلاغة .
- قد تكثر المعاني بإنزال لفظ الآية على وجهين أو أكثر تكثيرا للمعاني مع إيجاز اللفظ وهذا من وجوه الإعجاز. مثاله قوله تعالى: {إلا عن موعدة وعدها إياه} بالمثناة التحتية وبالباء الموحدة "أباه".

-آيات فيها الحث على تدبر القران واستخراج معانيه المختلفة.
- لا خلاف بين أهل العلم أن القران حجة شرعية.
حمل الآية على أقصى معانيها
-المعاني المختلفة للقران المترتبة على اختلاف تراكيب استعمال العرب مظنون أنها مرادة كلها لله.إلا أن وجد مانع شرعي أو لغوي أوتوفيقي
- تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لآيات على معاني مخالفة لما سيقت له
مثال تفسير قوله تعالى :{استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم}على معنى الاستجابة للنداء والآية سقيت لمعنى الامتثال والهداية
ومثال حمله " أو" في قوله تعالى " : {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} على التخيير مع أن ظاهره أنه مستعمل في التسوية.
ومثله قول تعالى : وله تعالى: {يخرج الحي من الميت} فاستعمله في معنى مجازي هو غير المعنى الحقيقي الذي سيق إليه.
- سجود النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع سجود التلاوة من القرآن مما يدخل في حمل الآية على أقصى معانيها .
-تفسير الصحابة مما يدل على جواز حمل الآية على أقصى معانيها
-تفسير عمرو بن العاص لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}.
-صنيع عمر في قوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم} وفي قوله تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} .
-العلماء درجوا على استنباط المعاني المختلفة من الآيات.
فقد استدل الفقهاء على مشروعية الجعالة ومشروعية الكفالة في الإسلام، بقوله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم}
-واستدل ل الشافعي على حجية الإجماع وتحريم خرقه بقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}
- القراءات المتواترة إذا اختلفت في قراءة ألفاظ القرآن اختلافا يفضي إلى اختلاف المعاني هي مما يرجع إلى هذا الأصل.
المعاني المختلفة للآية:
-المعاني المختلفة للآية قد يكون بينهما عموم وخصوص لهذا لا تردد في حمل التركيب على جميع ما يحتمله .
-أو يكون أحد المعنين متولد عن الآخر فهذا من مستتبعات التراكيب فلا شبهة في حمل الآية عليه
- و قد يكون تعين أحد المعنيين ينافي لتعين المعنى الأخر. لتغاير بينهما .تحمل الآية على المعنيين على سبيل البدلية لأن التركيب يصلح مع عدم ما يعين إرادة أحدهما .

-لا تحصر الآية على المعاني الكثيرة التي تظهر للمفسر
-حمل الآية على بعض المعاني التي تظهر للمفسر لا ينافي الحمل على المعاني الأخرى
- المحامل المختلفة التي تسمح بها كلمات القرآن وتراكيبه وإعرابه ودلالته، من اشتراك وحقيقة ومجاز، وصريح وكناية، وبديع، ووصل، ووقف، إذا لم تفض إلى خلاف المقصود من السياق، يجب حمل الكلام على جميعها
المشترك والحقيقة و المجاز :
-استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، محل تردد بين المتصدين لاستخراج معاني القرآن تفسيرا.

-غير وارد في لغة والعرب قبل القران أو هو وارد بقلة استعمال القران في معنييه أو معانيه دفعة
-قد يرد محمل من محامل الآية بسبب أن اللفظ مشترك قد استعمل في بعض معانيه أو جميعا أو لكونه استعمل في مجازه وحقيقته.
-اختلف علماء العربية وعلماء أصول الفقه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى من مدلوله ..
-يصح أن يراد بالمشترك عدة معان لكن بإرادة المتكلم وليس بدلالة اللغة قاله الغزالي وأبو الحسين البصري.
-صحة إطلاق المشترك على عدة من معانيه جميعا أو بعضها إطلاقا لغويا.
-إطلاق اللفظ على جميع معانيه قيل من قبيل الحقيقة وقيل من قبيل المجاز.
-حمل اللفظ المشترك على جميع معانيه إلا بقرينة. قول الباقلاني جزم به ابن حاجب
- معاني المشترك كلها من قبيل الحقيقة
-قرينة المجاز مانعة من إرادة المعنى الحقيقي
-قرينة المشترك معينة للمعاني المرادة كلا أو بعضا.
-صحة إطلاق المشترك على معانيه في النفي وعدم صحة ذلك في الإيجاب قول مردود لا يلتفت إليه.

أمثلة من القران .
المعتمد أنه يجب حمل المشترك في القرآن على ما يحتمله من المعاني سواء في ذلك اللفظ المفرد المشترك، والتركيب المشترك بين مختلف الاستعمالات، سواء كانت المعاني حقيقية أو مجازية، محضة أو مختلفة.
أمثلة من القران في استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز
-قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} ، استعمال السجود في الحقيقة و المجاز
وقوله تعالى: {ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء} بسط الأدي حقيقة ؛وبسط الألسن مجاز
قوله تعالى: {ويل للمطففين} فمركب ويل له يستعمل خبرا ويستعمل دعاء. .
-طريقة الجمع بين المعاني المختلفة التي يذكرها المفسرون .
-ترجيح معنى من المعاني التي يحتملها لفظ آية من القران على لا يعني جعل غير ذلك المعنى ملغى.
منهج ابن عاشور في ذكر المعاني المختلفة للآية
-قد يذكر جميع معاني الآية
-وقد يذكر أحد المعاني ويترك باقي المعاني..
تركه لبعض المعاني التي تحتمله الآية لا يعد ولا يعتبر إبطال لها، ولكن قد يكون ذلك لترجح غيره.وقد يكون اكتفاء بذكره في تفاسير أخرى تجنبا للإطالة


المقدمة العاشرة
في إعجاز القرآن

-ألف علم البلاغة مشتملا على نماذج من وجوه إعجازه. والتفرقة بين حقيقته ومجازه.
-تفوق القرآن على كل كلام بليغ بما توفر فيه من الخصائص التي لا تجتمع في كلام آخر للبلغاء
- عجز السابقون واللاحقون منهم عن الإتيان بمثله.
الغرض من هذه المقدمة
-تبيين كيف كان القران معجز
- بيان أوجه ونواحي إعجاز القران
- إظهار بلاغة القرآن ولطائف أدبه التي هي فتح لفنون رائعة من أدب لغة العرب
-علاقة المقدمة بعلم التفسير

-بيان وجوه بلاغة القران من تمام وكمال بلوغ الغاية في تفسير معاني القران.
- المفسر حين يعرض عن بيان جوه بلاغة القران و بما فاق به غيره من الكلام فهو بمنزلة المترجم لا بمنزلة المفسر.

-المفسرون بين مقل ومستكثر في بيان وجوه بلاغة القران
-عدم عذر خلو كتب التفاسير عن بيان وجوه بلاغة القران..إلا ما كان من كتب أحكام القران.
- العناية والاهتمام ببلاغة القران لكون القران معجزة النبي صلى الله عليه وسلم العامة الباقية إلى الأبد وهي التي تحدى بها الرسول معانديه تحديا صريحا.وهي حجيته الباقية إلى الأبد
تحدي القران
-القران تحدى معانديه في آيات صريحة
-التحدي متواتر وعجز المتحدين أيضا متواتر بشهادة التاريخ.
-قيل أن الله صرفهم عن معارضة القران فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي وهو ما يسمى بمذهب الصرفة
-جمهور العلماء أن ذلك راجع لعجزهم عن الإتيان بمثله.
-نسخ الآية حكما وبقاءها تلاوة لبيان ما فيها من البلاغة فيلتئم منها مقدار ثلاث آيات متحدى بالإتيان بمثلها .
-التحدي واقع بأي سورة بغض النظر عن طولها وقصرها دون التقيد بعدد معين من الآيات.

-إقرار العرب بفصاحة القران وعجزهم عن الإتيان بمثله.
-جهات إعجاز القران أربعة
إجمالا
1- بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ
2- ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في نظم الكلام مما لم يكن معهودا في أساليب العرب، ولكنه غير خارج عما تسمح به اللغة.

3-: ما أودع فيه من المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن وفي عصور بعده متفاوتة. .
4-ما انطوى عليه من الأخبار عن المغيبات مما دل على أنه منزل من علام الغيوب.

إعجازه من الجهة الأولى والثانية للعرب الحاضرين دليل تفصيلي وإعجازه لغيرهم دليل إجمالي
وإعجازه من الجهة الثالثة للبشر قاطبة إعجاز مستمر على مرر العصور.
وإعجازه من الجهة الرابعة معجز لأهل عصر نزوله إعجازا تفصيليا، ومعجز لمن يجيء بعدهم ممن يبلغه ذلك بسبب تواتر نقل القرآن، وتعين صرف الآيات المشتملة على هذا الإخبار إلى ما أريد منها
.
دراسة الأوجه الأربعة تفصيلا:

الجهة الأولى
-وهو ما يسمى الطرف الأعلى من البلاغة والفصاحة.وهو المصطلح على تسميته حد الإعجاز
- اختصاص هذا النوع بعلمي البيان والمعاني وهو ما يسمى بدلائل الإعجاز
- تحدي بلغاء العرب و إثبات عجزهم على أن يأتوا بمثل هذا القران.مما علم ضرورة
-اعتراف بلغاء العرب وفصحائهم ببلاغة القران.
- الاهتمام بعلمي البيان والمعاني وطول ممارستها والاشتغال بهما مؤدي لتذوق هذا النوع من الإعجاز.
-
- خصوصيات الكلام البليغ ودقائقه
1- حسن التقسيم فهو من المحسنات البديعية.
2- مراعاة التجنيس فهو أيضا من المحسنات البديعية؛ ومنه قوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}.
3- مراعاة المطابقة؛ كقوله: {فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}
4- ضرب الأمثال؛ كقوله تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}
5- مراعاة التشبيه والاستعارة؛ كقوله: {واشتعل الرأس شيبا}
خصائص أسلوب القران
- نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة.
-جمل القرآن لها دلالات وضعية تركيبية ؛ودلالات بلاغية و دلالات المطوية؛ ولها دلالة مواقعها بحسب ما قبلها وما بعدها.
- من مقومات بلاغة القران مراعاة المقام الذي لأجله جاء نظم الكلام
- النكت البلاغية هي أقوى النواحي التي يتحقق بها إعجاز القران خاصة قصار السور
- من بلاغة القران وإعجازه انسجام اللفظ مع المعنى.
-القران كله سليم من تنافر حروف الكلمة أو تنافر حروف الكلمات عند اجتماعه.
- جاء القرآن بأحسن اللهجات وأخفها وتجنب المكروه من اللهجات.
-ألفاظ القران تشمل على معاني كثيرة مقصودة.
-
الجهة الثانية من الإعجاز

- -القران خالف في تراكيبه وأساليبه شعر العرب وخطابتهم وأسجاع الكهان.

-جاء القران بأساليب مبتكرة لحكمتين: لبيان وظهور كونه من عند الله؛ زيادة تحدي للمتحدين به
- القران جمع في نظمه بين مقصدين خالف بهما أساليب العرب: مقصد الموعظة ومقصد التشريع.
- أسلوب القران فيه تفنن وتكمن في بداعة تنقلاته من فن إلى فن.
-بلاغة الكلام لا تنحصر في أحوال تراكيبه اللفظية، بل تتجاوز إلى الكيفيات التي تؤدي بها تلك التراكيب.
مثال السكوت سكتة خفيفة على كلمة موسى في قوله تعالى:{ هل أتاك حديث موسى}
- -من أساليب القرآن العدول عن تكرير اللفظ والصيغة فيما عدا المقامات التي تقتضي التكرير من تهويل ونحوه.
- القران له أسلوب خاص في انتقاء الألفاظ وإبداع المعاني.
-القرآن جاء بأسلوب في الأدب غض جديد صالح لكل العقول، متفنن إلى أفانين أغراض الحياة كلها معط لكل فن ما يليق به من المعاني والألفاظ واللهجة: فتضمن المحاورة والخطابة والجدل والأمثال أي الكلم الجوامع والقصص والتوصيف والرواية.
- أسلوب الفواصل في القران مبتكر.
- القران سريع العلوق في الأذهان
-للقران صولة الحق وروعة لسامعيه
- تأثير القران روحاني وليس بلفظي ولا معنوي.
-اشتمل على محسنات في البديع الجناس والطباق.
-
يعتبر مجيء القران نثرا أدبا جديدا غضا ومتناولا لكل الطبقات
- كان لبلاغته وتناسقه نافذ الوصول إلى القلوب حتى وصفوه بالسحر وبالشعر.
- ألف ابن أبي الإصبع كتابا في بديع القرآن.

مبتكرات القرآن.
- جاء نظم على طريقة مبتكرة ليس فيها إتباع لطرائقها القديمة في الكلام.
- أسلوب يخالف الشعر لا محالة
.
- جمل القران جمل دالة على معاني مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد الشرعية
- جاء القران بأسلوب التقسيم والتسوير وهي سنة جديدة في كلام العرب.
-تفرد القران بأسلوب القصص في حكاية أحولا النعيم والعذاب في الآخرة.
- القران يغير الأسماء الواقعة في القصص إلى ما يناسب حسن مواقعها في الكلام من الفصاحة.
- القرآن يتصرف في حكاية أقوال المحكي عنهم فيصوغها على ما يقتضيه أسلوب إعجازه لا على الصيغة التي صدرت فيها.
- الإعجاز الثابت للأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية.
- القرآن فقد أوضح الأمثال وأبدع تركيبها
.
- سور القران مختلفة الأساليب تكاد تكون لكل سورة لهجة خاصة. فإن بعضها بني على فواصل وبعضها ليس كذلك.
اختلفت سور القران في افتتاحها منها ما افتتح بالاحتفال كالحمد، ومنها ما افتتح بالهجوم على الغرض من أول الأمر .
-جاء القران بأسلوب الإيجاز بأبدع ما يكون؛ فقد جمع المعاني الكثير في الكلام القليل
-لا يخلو حذف في القران من دليل عليه من لفظ أو سياق
-من أساليب القران الحذف مع عدم اللبس..مثل حذف القول؛ وحذف المضاف وحذف الجمل التي يدل الكلام على تقديرها.
-الإخبار بخبر خاص يعمه وغيره لتعم الفائدة : فائدة الحكم العام وفائدة الحكم الخاص
وفائدة أن هذا المحكوم عليه بالحكم الخاص هو من جنس ذلك المحكوم عليه بالحكم العام
.

- من أساليب القران التضمين وهو يرجع إلى إيجاز الحذف..
-يدخل في باب التضمين ما اشتمل عليه من الجمل الجارية مجرى الأمثال، وهذا باب من أبواب البلاغة نادر في كلام بلغاء العرب.
-قد يسلك القران مسلك الإطناب لأغراض بلاغية وأكثر ما يجئ به في مقام التوصيف.
-أساليب انفرد بها القران لا عهد بمثلها في كلام العرب.
مثال قوله تعالى: {قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات} فإبدال {رسولا} من {ذكرا} يفيد أن هذا الذكر ذكر هذا الرسول، وأن مجيء الرسول هو ذكر لهم، وأن وصفه بقوله: {يتلو عليكم آيات الله} يفيد أن الآيات ذكر.
ونظير هذا قوله: {حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة} الآية .
-من أساليب القران التي انفرد بها استعمال اللفظ في المشترك في معنيين أو معان
واستعمال اللفظ في معناه الحقيقة و المجازي .
-من أساليبه الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات مثل (وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا) قرئ (عند) وقرئ {عباد}
-من أساليبه استعمال أسلوب الجزالة وأسلوب الرقة ولكل منهما مقاماته وهما راجعتان إلى معاني الكلام.


الوجه الثالث من الإعجاز
الإعجاز العلمي: ما أودعه من المعاني الحكمية والإشارات العلمية.
-وهذا النوع من الإعجاز هو الذي خالف به القران أساليب الشعر وأغراضه مخالفة واضحة
- وهو نوعان؛ أولا:
-اشتماله على أخبار علوم أهل الكتاب؛ كمعرفة الشرائع والأحكام الداثرة وقصص الأنبياء والأمم البائدة وأخبار القرون السالفة .
ثانيا وهو قسمان
-قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه.
-
وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم.

-من طرق إعجازه العلمي؛ أنه دعا للنظر والاستدلال..فجمع بين بيان علم الشرائع، والتنبيه على طرق الحجة العقلية؛ والرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة

- هذا الإعجاز ثابت للقران بمجموع آيه؛ فليس كل آية من آياته ولا كل سورة من سوره بمشتملة على هذا النوع من الإعجاز.
- حجية حديث النبي صلى الله عليه وسلم "ما من الأنبياء نبيء إلا أوتي أو أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي وإني أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة))
على الوجه الثالث من أوجه الإعجاز
.أوجه إعجازه العلمي:
- إعجازه من جهة العرب : لعدم علمهم بتلك العلوم
"ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا".
-
إعجازه لعامة الناس: مجيء تلك العلوم على يد رجل نشأ أميا في قوم أميين.
-إعجازه لأهل الكتاب خاصة: إنباؤهم بعلوم دينهم مع كونه أميا, وكان بعيدا عنهم لم يخالطهم
الوجه الرابع من الإعجاز: ..الإخبار عن المغيبات

-كون هذا النوع من الإعجاز لأجل دلالته أنه منزل من عند الله لما فيه من الأخبار الغيبة .
-هذا النوع من الإعجاز ليس له مزيد تعلق بنظم القران ودلالة فصاحته وبلاغته على المعاني
-هذا النوع ليس كثيرا في القران.
مثاله: قوله تعالى: { آلم غلبت الروم} ؛ وقوله تعالى "{ ويخلق ما لا تعلمون}
وقوله: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}؛ قوله: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون}
- قد النوع قد يؤتى به للتحدي أيضا ؛ كقوله تعالى :"{وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله}

-خلاصة في وجه إعجاز القران
لأهل العلم في وجه كون القران معجز قولان:
-مذهب أهل الصرفة:
إعجاز القران للعرب واقع لكون الله سلبهم القدرة وصرفهم عن الإتيان بمثله؛ وإلا فهو داخل تحت قدرتهم .وهو قول النظام وطائفة من المعتزلة ونسب لأبي الحسن الأشعري.

مذهب المحققين:
إعجاز القرآن للعرب كان بما بلغه من منتهى الفصاحة والبلاغة وحسن النظم وما احتوى عليه من النكت والخصوصيات التي لا تقف بها عدة.
وهو الذي اعتمده الباقلاني في كتابه إعجاز القران وأبطل ما عداه
عادات القرآن :
-للقران عادات في نظمه وكلامه حق على المفسر التعرف عليها .
-قال الجاحظ في البيان وفي القرآن معان لا تكاد تفترق، مثل الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والجن والإنس قلت: والنفع والضر، والسماء والأرض.
- بعض الكتب اهتمت بجمع كليات مما ورد في القرآن من معاني الكلمات مثل كتاب الكليات لأبي البقاء الكفوي ؛و كتاب الإتقان للسيوطي
أمثلة عادات القران
-تعرض بعض السلف لبيان عادات القران
عن ابن عباس كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر. .
وعنه أيضا كل ما جاء من {يا أيها الناس} فالمقصود به أهل مكة المشركون.
-وعن ابن عيينة: ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا، وتسميه العرب الغيث.
-من عادات القران أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة.
-من عادات القران مجيء الأخبار بصيغة الماضي
-من عادات القران أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع.
-من عادات القران ..أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة .
-من عادات القران في أساليبه أنه إذا حكى المحاورات والمجاوبات حكاها بلفظ "قال" دون حروف عطف، إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى،.




رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 04:59 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

أعتذر أنني مضطرة لإرسال الفهرسة دون تنسيق ، وبإذن الله أعيد إرسالها منسقة

فهرسة القسم الثاني من مقدمة التحرير والتنوير

🔹قصص القرآن
▪القصة :
- القصة خبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها
- القصص بكسر القاف جمع قصة ، وبفتحها هو الخبر المقصوص
- القصص عادة تروى لتجديد النشاط والاستئناس فيها
- تميز القصص القرآني عن غيره بسمو غايته وغرضه وحسن عرضه
- القصص القرآني منة امتن الله بها على رسوله وعلينا ( نحن نقص عليك أحسن القصص )
- ذكر القرآن لما حصل من الحوادث زمن الوحي ليس بقصص

▪ أغراض القرآن في قص القصص :
1- حصول العبرة والعظة بما تتضمنه القصة لا التفكه بها
2- التنويه بأصحاب القصص في عناية الله بهم او التشويه بأصحابها لما نالوه من غضب الله

▪ أسلوب القرآن ومميزات قصصه :
1- يأخذ من القصة أشرف مواضيعها ويعرض عما عداه
2- تفريق القصة الواحدة في مواضع مختلفة على مقامات تناسبها
3- نسج نظمها على أسلوب الإيجاز ليكون أشبه بالموعظة والتذكرة منه بمجرد القصة
مثال من سورة القلم
- ومن الإيجاز في القصة طي ما يقتضيه الكلام
مثال من سورة يوسف ( واستبقا الباب )
4 - بث القصص بأسلوب بديع لسوقها في مظان الاتعاظ بها مع المحافظة على الغرض الأصلي للقرآن في التشريع والهداية
5 - لا يتعرض في القصص إلا إلى حال أصحابها في رسوخ الإيمان وضعفه وأثر ذلك في العناية الإلهية أو الخذلان
- مثال قصة أصحاب الكهف

▪ سوق القصة في مناسبتها يكسبها صفتين :
1- صفة البرهان
2- صفة التبيان

▪فوائد أسلوب القرآن في القصص :
1- تحدي أهل الكتاب بما لا يعلمونه من أنباء الرسل والأمم وقطع حجتهم على المسلمين

- أثر ذلك :
أ. استحقاق حملة القرآن أن يوصفوا بالعلم ويفوقوا أخبار اليهود في ذلك
ب. انقطاع وصف الأمية عن المسلمين في نظر اليهود

2- تتويج الشريعة الإسلامية ورفعها على ما سبقها من تشريعات بقص قصصهم وعرض تاريخهم

3- معرفة ترتيب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتدمير لتقتدي الأمم وتحذر
- يظهر ذلك القيم والمثل العليا في الفضيلة وزكاء النفوس

4- موعظة المشركين بمصائر الأمم السابقة وما لحق بهم وتحذيرهم أن يصيبهم مثل ما أصابهم

5- شدة التأثير على النفوس لكون القصص القرآني باتباعه أسلوب التوصيف مع المحاورة كان بليغا جديدا على العرب

6-تنبيه التذكر عند العرب الذين لم يعد يؤثر فيهم إلا ما هو مشاهد محسوس أو منتزع منه

- أثر ذلك :
عودة العرب للتأثر والاتعاظ وإزالة الجهل بأحوال من سبقهم من الأمم وما لحق بهم أدى إلى العودة للعمل على إصلاح أحوالهم بتطهيرها مما كان سبب هلاك من قبلهم

7- تجنيب المسلمين الاغترار وذلك بتعويدهم على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها
- إعانة أمة الإسلام على تطلب كل ما ينقصها مما يتوقف عليه كمال حياتها وعظمتها

8- إنشاء همة السعي إلى سيادة العالم عند المسلمين كما ساده أمم قبلهم
- تغيير مفاهيم العزة عند العرب وإخراجهم من خمولهم وتبعيتهم لفارس والروم

9- معرفة أن قوة الله فوق كل قوة وأن الله ينصر من ينصره
- من يأخذ بوسيلتي البقاء : الاستعداد والاعتماد سلم من تسلط غيره
- عواقب أهل الخير دائما صالحة والله ينصرهم إن أدوا ما عليهم

10- تفتق أذهان المسلمين بالفوائد المدنية لمعرفتهم بتاريخ التشريع والحضارة
- مثال قصة يوسف وما يؤخذ من ( كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك )

▪ سبب تكرار القصة الواحدة في أكثر من موضع وسورة :
- أن القصص القرآني أشبه بالمواعظ والتذكرة منه بالسرد والتأليف
- فوائد القصص بذكرها في مناسباتها فتكون فائدتها كل مرة بحسب الغرض الذي تساق معه
- لا يعد ذكر القصة مع غرضها تكرارا لها لأن ذكرها سابقا كان لمناسبات أخرى

▪من مقاصد تكرار القصص القرآني:
1 - في تكرار القصص ترسيخ لها في الأذهان
2 - وفي تكرير القصة الواحدة بأساليب متعددة من زوايا مختلفة إظهار لبراعة النظم وعلو البلاغة في التفنن بإظهار المعاني مع اختلاف الأداء
3- تكرار القصة من شأنه أن يسمع من تأخر إسلامه القصص عند تنزلها إذ وقعها أكبر في النفوس من سماعها مما تنزل قبل إسلامهم
4- أن المسلمين لم يكونوا كلهم حفظة قرآن ، فكان من يحفظ سورة فيها إحدى القصص عالما بهذه القصة كعلم غيره بها من سورة أخرى
5- أن القصة الواحدة تختلف في كل مكان كررت فيه عن المكان الآخر إذ يذكر بعضها في موضع وبعضها في آخر
وسبب ذلك :
أ - تجنب التطويل والاقتصار على موضع العبرة
ب- يحصل من متفرق مواضع القصة كمالها وكمال المقصود منها
ج - مناسبة للحال المقصود لسامعي القصة في كل موضع منها
- توضيح :
قد ترد القصة الواحدة تارة للمسلمين وتارة للمشركين وتارة لأهل الكتاب وتارة لاثنين معا وبذلك تتفاوت بحسب حال السامع والمسوقة له

6 - قد يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما يتناقلونه من تلك القصة


🔸استطراد
- تكرار الخطبة بمعان تضمنتها خطب سابقة لكن بأسلوب وألفاظ مختلفة ليس تكرارا لها
- القدرة على تنويع الأساليب والألفاظ مع وحدة المعاني تظهر براعة الخطيب وقدرته

- من التفنن والتنويع في أساليب العرض :
أ. استخدام المجاز والكناية والاستعارة
ب. والتفنن في اللفظ بما تقتضيه الفصاحة ،
ج. والتفنن في المحسنات البديعية واللفظية .

🔹اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها
▪غرض المفسر من علم أسماء القرآن وآياته وترتيبها :
- لأن موضوع علم التفسير هو القرآن لتبيان معانيه وما يشتمل عليه من هدى وإرشاد وصلاح بفهم دلالته اللغوية والبلاغية

▪تعريف بالقرآن وغرض تنزله :
- القرآن هو كلام الله الذي أوحاه إلى محمد ص بواسطة جبريل عليه السلام على أن يبلغه للأمة باللفظ الذي أوحي به إليه
- أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأكثرها دورانا على الألسن هو القرآن
- الأسماء الأخرى للقرآن هي أوصاف أو أجناس
- أشهر الأسماء الأخرى للقرآن ستة : التنزيل ، الكتاب ، الفرقان ، الذكر ، الوحي ، وكلام الله

▪مقصد نزول القرآن :
- القرآن نزل للعمل به
- ولقراءة ما تيسر منه في الصلاة
- وجعل قراءته عبادة
- ولجعله آية على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- جعله تحديا للخلق كافة بأنهم لا يستطيعون معارضته
- الغرض الأكبر للقرآن إصلاح الأمة بأسرها
- يكون إصلاح الكفار بدعوتهم إلى الإيمان وإصلاح المؤمنين بتقويم أخلاقهم وتثبيتهم على الهدى
- أغراض القرآن مرتبطة بأحوال المجتمع مدة الدعوة
- القرآن يعالج أحوال الناس الحاضرة على اختلافها وينتقل من حال إلى حال بالمناسبة
- تكثر في القرآن الجمل المعترضة

▪كيف كان التحدي بالقرآن :
- كان التحدي ابتداء بالإتيان بعشر سور مثله
- ثم بسورة مثله
- ثم بين أنهم لو حاولوا لن يستطيعوا الإتيان ولو بسورة من مثله مهما قصرت

🔹الاسم الأول : القرآن :
- اسم للكتاب الموحى على رسول الله وهو علم عليه
- هو جملة المكتوب في المصاحف
- لم يسم كتاب قبله باسمه
- مشتمل على مئة وأربع عشرة سورة أولاها الفاتحة وآخرها الناس

▪أصل لفظ ( القرآن )
1 - القرآن على وزن فُعلان كغفران وشكران وبهتان
- على هذا فهو مشتق من القراءة لأن أول ما بدئ به الوحي اقرأ
- وعليه همزته أصلية من أصل الفعل

2 - وقيل بل هو من الأعلام التي في آخرها ألف ونون كعثمان وحسان
- سمى الله كتابه قرآنا كما سمى الإنجيل انجيلا والتوراة توراة
- أكثر القراء على همز قرآن ولم يخالفهم إلا ابن كثير إذ قرأ فيها بالنقل

3 - قيل قُرَان بوزن فُعال من القرن أي الجمع بين الأشياء
- القرآن قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه

-على هذا قراءة ابن كثير جارية على أن القران اسم آخر لكتاب الله غير ( قرآن ) بالهمز

4- وقيل قُران جمع قرينة أي أنه اسم جمع
- القرينة هي العلامة وقيل لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق

🔸استطراد :
وزن قرينة لا يجمع على فعال في التكثير

🔹الثاني : الفرقان :
- اسم لما يفرق بين الحق والباطل وهو مصدر
- سمى الله كتابه الفرقان ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده )
- أطلق العلماء هذا الاسم على القرآن بالغلبة
- قال تعالى ( وأنزل الفرقان ) فذكره الله بعد ذكر التوراة والانجيل ليدل أنه علم على الكتاب الذي أنزل على محمد صلي الله عليه وسلم

▪وجه تسميته بالفرقان :
أ. لأنه امتاز عن الكتب السماوية بكثرة تفرقته بين الحق والباطل
- تميزه عن الكتب السابقة وأفضليته عليها من مقتضيات كونه مهيمنا عليها
ب. لاشتماله على التوحيد ما لم يرد مثله في التوراة والإنجيل
ج. لأنه حكى من صفات أصحاب وسول الله التي في التوراة والانجيل وامتاز عليهم بوصف الكمال فقال ( كنتم خير أمة أخرجت للناس )
د- لأن أحكامه مبرأة من اللبس وبعيدة عن تطرق الشبهة

🔸 سمي يوم بدر بيوم الفرقان

🔹الثالث : التنزيل :
- مصدر نزّل ، أطلق على القرآن لأنه ألفاظه أنزلت من السماء ( تنزيل الكتاب لا ريب فيه )

🔹الرابع : الكتاب :
- أصله اسم جنس مطلق ومعهود
- أطلق على القرآن كثيرا باعتبار عهده
- آيات سمى الله فيها القرآن كتابا مثل ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )
- في تسمية القرآن كتابا معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم بإخباره أن ما أوحي إليه سيكتب في مصاحف
- لهذه التسمية اتخذ رسول الله من صحابته كتابا يكتبون ما أنزل إليه من الوحي
- بدأت كتابة الوحي من أول نزوله
- من كتاب الوحي عبد الله بن ابي السرح وعبد الله بن عمرو ومعاوية وزيد بن ثابت
- وجد جميع ما حفظه المسلمون من القرآن بقدر ما وجد مكتوبا يوم جمع المصحف زمن أبي بكر

▪ سمي كتابا :
أ. لأن الله جعله جامعا للشريعة وأصل الكتاب انه جامع لمتفرق الصحف
- أشبه القرآن التوراة والإنجيل فجمع ما فيهما :
أشبه الإنجيل لأنها كانت مكتوبة زمن الرسول المرسل بها ، والإنجيل الذي لم يكتب زمن عيسى ولكن كتبه أصحابه بعده
ب. لأن الله أمر رسوله بكتابة كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه مباشرة

🔹الخامس : الذكر :
- ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )
- سمي ذكرا لأنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به

🔹السادس : الوحي :
- ( قل إنما أنذركم بالوحي )
- سمي وحيا لأنه ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوساطة جبريل
- هذا الإلقاء يسمى وحيا لأنه كلام يبين مراد الله فهو كالكلام الذي يبين مراد البشر
- ويسمى وحيا لأنه ليس من تأليف البشر ولا فعلهم

🔹السابع : كلام الله :
( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )

🔹الثامن : المصحف :
▪كيف سمي القرآن مصحفا :
- جمع القرآن زمن أبي بكر وكتب على الورق
- طلب أبو بكر من الصحابة أن يلتمسوا لسما للقرآن بعد جمعه في صحف
- كرهوا تسميته إنجيلا لأجل النصارى ، وكرهوا سفرا لأجل اليهود
- اقترح ابن مسعود تسميته مصحفا لما رأى في الحبشة كتابا يسمونه المصحف

🔹آيات القرآن :
▪الآية :
- الآية هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا او إلحاقا
- تقديرا مثل ( مدهامتان ) تقدر : هما مدهامتان
و ( والفجر ) تقدر اقسم بالفجر
- وإلحاقا لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة لتكون آية مثل ( ألم ، طسم ، يس )

- عد الكلمات في آية من القرآن أمر توقيفي وسنة متبعة
- تسمية الآيات بذلك ميزة اختص بها القرآن
- لا يحق تسمية جمل الإنجيل أو التوراة آيات لعدم وجود خاصية التحدي فيها لا بالعبرية ولا الآرامية
- تحديد مقادير الآيات مروي عن رسول الله
- قول ابن العربي والزمخشري في أن تحديد الآيات توقيف
- اختلاف القراء في مقدار بعض الآيات وتحديد مطلعها ومقطعها محمول على التخيير
- كان الصحابة على علم من تحديد الآيات
- كان الصحابة يقدرون بعض الأوقات والمسافات بعدد ما يقرأ من آيات القرآن
- مثال : قالوا أنهم كانوا يقدرون بين سحور النبي وطلوع الفجر مقدار خمسين آية
- آيات القرآن متفاوتة في مقاديرها وعد كلماتها فتقدير الوقت بها تقدير تقريبي
- تفاوت الآيات طولا وقصرا تابع لما يقتضيه المقام وبلاغته
- تسمية الأجزاء من السورة آية تسمية قرآنية ( منه آيات محكمات )

▪ سميت الآية بذلك :
1- لأنها دليل على أنها وحي من عند الله
- تحتوي الآية على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة النظم وإعجازه فهو وحي من الله
2- وقوع الآيات مع غيرها جعلت دليلا على أن القرآن منزل من عند الله وليس من تأليف بشر
- تحدى رسول الله أهل البلاغة والبيان والإعجاز من أهل اللسان العربي فعجزوا عن تأليف مثل سورة من سور القرآن

- ما ورد عن الصحابي بقوله عما في التوراة ( آية الرجم ) فسماها آية إنما هو :
أ. تغليب لجريانها على لسانه
ب. وللمشاكلة التقديرية تشبيها بجمل القرآن

▪أطول آية واقصرها :
- ذكر أطول آية في عدد الكلمات ( كما ذكرها ابن عاشور ) ( هم الذين كفروا وصدوكم ..) إلى ( بكل شيء عليما ) من الفتح
وآية ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين ) من البقرة

- أقصر آية في عدد الكلمات ( مدهامتان ) ،
وبعض الحروف المقطعة ك( طه )

- ما بينهما في الطول ( حرمت عليكم أمهاتكم وأخواتكم)

🔹الوقف في القرآن :
▪وقوفات القرآن :
- تعريف الوقف
- الوقف ينقسم إلى وقف أكيد حسن و دونه
- أقسام الوقف حسب معناه
- ليس في القرآن مكان يجب الوقف أو يحرم فيه
- اصطلاح البعض على أن الوقف يكون بعد نهاية الكلام ، أم خلاله قبل تمام المعنى فهو سكت
- تعريف السكت وأن زمنه أقل من زمن الوقف
- الوقف عند انتهاء جملة من القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام
- وقوفات القرآن لا تساير نهاية الآيات ولا ارتباط لها بها
- قد يرد في الآية الواحدة عدة وقوفات

▪أثر الوقف على المعنى :
- فهم المعاني في القرآن كان مفروغا منه عند العرب لأنهم أهل اللسان
- اللغة العربية واضحة والسياق حارس للمعنى من الخلل
- لم يعتن السلف بتحديد وقوفات القرآن لوضوحها وظهور أمرها
- بعد دخول الأعاجم في الاسلام احتيج لضبط الوقوفات لعدم تغيير المعاني ولتيسير الفهم على القارئ
- أشهر من تصدى لضبط الوقف ابن الأنباري والنحاس والنكزاوي

▪الوقف والمعنى :
1 - قد يختلف معنى الكلام باختلاف محل الوقف
- أمثلة على اختلاف المعنى باختلاف محل الوقف
أ. ( وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير )
ب. ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )
ج. ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ..)

2 - قد يختل المعنى عند الوقف الخاطئ
- أمثلة لما يختل فيه المعنى مع وقف خاطئ

3 - قد يكون لتعدد الوقف تعدد في المعاني مع اتحاد الكلمات

▪الوقف على رؤوس الآي :
- ينبغي الوقف عند رؤوس الآي وفواصلها ولو لم يتم المعنى
- الوقف على رؤوس الآي سنة
- حديث قرءة الرسول القرآن مقطعة آية آية
- يجب اتباع المأثور في تحديد الآي
-،اتباع المأثور في الوقف على رؤوس الآي لا يمنع من وضع ضوابط وإن خرجت عنها بعض المواضع

▪الفواصل :
- الفواصل هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب
- يتقارب أو يتماثل صيغ النطق بالفواصل وتكرر في السورة
- تكرار الفواصل في السورة يؤذن أن تقاربها مقصود من النظم في آيات كثيرة تكثر وتقل
- العبرة في الفواصل بتماثل صيغ الكلمات بالحركات والسكون
- أكثر الفواصل جار على أسلوب الأسجاع ويلزمها ما لا يلزم القوافي

▪غرض الفاصلة القرآنية :
- الفواصل من جملة المقصود من الإعجاز لأنها من محسنات الكلام
- الفواصل فصاحة في الكلام لها غرض بلاغي لأن الوقوف عندها يؤثر في السامع فيلتفت ويصغي
- عمل الفاصلة القرآنية كعمل القوافي الشعرية والسجع في الكلام المسجوع من حيث لفت السامع والتأثير فيه
- مثال على تأثير الفاصلة من سورة غافر
- الوقوف على الفواصل في نهايات الآي كالوقوف على القوافي في الشعر والسجع في الكلام
- ترك الوقف على القوافي تغطية على محاسن الشعر وتشبيه للشعر بالنثر

▪أسلوب القرآن في الفواصل :
- الفواصل كلها منتهى آيات ولو لم يتم غرض الكلام بعد
- إذا انتهى غرض الكلام الذي سيق له ولم تقع فاصلة لا يكون منتهى الكلام خاتمة آية إلا نادرا
مثال لما هو خاتمة وليس بفاصلة :
( والقرآن ذي الذكر ) ص ،
- مثال لانتهاء الآية بعد الفاصلة رغم انتهاء الكلام قبلها ( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ... ) الآية
- أمثلة على الفواصل القرآنية

🔸استطراد :
- ترك الوقف على القوافي تغطية على محاسن الشعر وتشبيه للشعر بالنثر
- علة من يقف عند نهاية المعنى لا عند نهاية القافية أنه يريد بيان الكلام
- الانصراف عن المحافظة على القوافي لأجل المعنى تضييع للوقت والجهد

🔹عد الآي :
▪عدد آي القرآن :
- عدد آي السور كان معروفا زمن رسول الله
- دل على ذلك ما روي عن ابن عباس في نزول آخر آية في القرآن ، وقول جبريل ( ضعها على رأس ثمانين ومئتين من سورة البقرة )
- استمر عد الآي زمن الصحابة بعد رسول الله
- اتفق العلماء على أن آيات القرآن ستة آلاف واختلفوا فيما زاد عليها
- منهم من لم يزد على الستة آلاف ومنهم من زاد ميتين وأربع وقيل وأربع عشرة وقيل وتسع عشرة وقيل وستا وثلاثين آية

▪اختلافهم في عد البسملة :
- أجمع أهل الكوفة والبصرة والمدينة والشام على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة
- اختلفوا في عد البسملة آية وعدم عدها في الفاتحة فقط
- الكوفي والمكي عدوها آية من الفاتحة ،
والمدني والبصري والشامي لم يعدوها آية

▪اختلاف أهل الأمصار في العد :
- أهل المدينة لهم عدان الأول والثاني
- العد الأول لأهل المدينة هو ما اتفق عليه يزيد بن القعقاع وابن نصاح وأبو عبد الرحمن السلمي وإسماعيل بن جعفر الأنصاري
- العد الثاني هو ما خالفهم فيه اسماعيل بن جعفر
- لأهل مكة عدد واحد
- قد يختلف القراء في عدد الآي في السورة الواحدة وقد يتفقون
- توجد بعض اختلافات بين مصاحف الكوفة والبصرة والشام في العد
- عد بعض الأحرف المقطعة فواتح السور آيات كاملة مثل ( ألم ، طسم ، يس )
وبعضها ليس آية تامة ( ص، ق ، طس )

▪سبب الاختلاف في العد :
- ما اختلف فيه السلف من عد الآي :
أ. إما بناء على اختلاف الرواية
ب. أو اختلاف في الاجتهاد

🔹ترتيب الآي :
▪ترتيب الآي المصحفي لا يعني ترتيب النزول :
- نزل القرآن منجما حسب الوقائع
قال ابن الأنباري : كانت الآية تنزل جوابا لمستخبر يسأل ، ويوقف جبريل رسول الله على موضع الآية

- نزول الآيات :
أ - بعض آيات القرآن نزلت متتابعة وبعضها سورة كاملة
- من السور التي نزلت دفعة واحدة : الفاتحة والمرسلات
- من الآيات التي نزلت متتابعة كالأنعام

ب - وقد تكون آيات السورة نزلت متفرقة ونزلت السورتان متفرقتان في أوقات متداخلة

ج - قد يكون اللاحق في ترتيب المصحف متقدما في النزول والعكس
مثال على تأخر النزول عن السابق واللاحق ( غير أولي الضرر )

- آيات القرآن مستقل بعضها عن بعض لأن كل آية منه ترجع لغرض معين في إصلاح الناس

▪ترتيب الآيات في سورها وقفي :
- ترتيب الآي في السورة الواحدة بعضها إثر بعض توقيفي حسب نزول الوحي
- كان الوحي ينزل بترتيب الآيات
- كان رسول الله يخبر الكتاب بمكان الآية من أي سورة
- قد تكون الآية ألحقت بالسورة بعد تمامها بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضعها في مكانها
- اتساق وترتيب الحروف والكلمات و السور كله عن رسول الله
- لم تختلف قراءة النبي ص في ترتيب آي السورة الواحدة على نحو ما في المصحف اليوم
- حفظ حفظة القرآن زمن رسول الله القرآن على ترتيبه من قراءة رسول الله الجهرية
- ممن جمع القرآن كله في صدره زمن رسول الله :
- زيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبو زيد وأبو الدرداء وعبادة بن الصامت وأبو أيوب وسعد بن عبيد ومجمع بن جارية وأبو موسى الأشعري
- قال مالك ( إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم )
- كان الصحابة يعتمدون في حفظ القرآن على قوة ذاكرتهم إذ لم يكونوا يعتمدون الكتابة
- ترتيب الآي في المصاحف قد استقرت عليه رواية الحفاظ من الصحابة على العرضة الأخيرة للقرآن الكريم
- لما جمع زيد بن ثابت القرآن زمن أبي بكر لم يخالف ترتيب الآي
- لم يؤثر عن الصحابة خلاف ولا شك ولا تردد في ترتيب الآي عند جمع زيد للقرآن زمن أبي بكر
- حكمة الأمر بكتابة الوحي حتى يرجع إليه المسلمون عندما يحصل لهم شك أوجهل أو نسيان
- ترتيب الآيات في السورة من وجوه الإعجاز لما فيه من بداعة أسلوب
- في كثير من المواضع يربط بين الآيات بحروف العطف كالفاء ولكن وبل وأدوات الاستثناء

▪التناسب بين الآيات :
- بين كل آية ولاحقتها تناسب في الغرض أو في الانتقال منه أو أي من أساليب الكلام المتصل
- وجود التناسب والربط بين الآيات لا يعني الاتصال أو الترتيب في النزول
- ينبغي في كل آية أن يبحث عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة عنها ثم يبحث في المستقلة ما وجه تناسبها

- قد تكون الآية اللاحقة لآية غير متصلة بها معنى لكنها نزلت عقب تلك الآية لسبب يخصها فرتبت عقبها
- أمثلة مما رتب في سياق مختلف عن معناه لأنه نزل لسبب ارتبط بالآيات وسياقها مثل ( لا تحرك به لسانك لتعجل به)

- الآيات المتتالية تتشابه في النظم والأسلوب وإن اختلفت أسباب وأوقات نزولها
- ينبغي للمفسر طلب المناسبة بين الآيات ما وجد إلى ذلك سبيلا فإن لم يجد فلا يتكلف ولا يتمحل

🔹سور القرآن :
▪السورة وتسميتها :
- تعريف السورة القرآنية
- أقل مقدار للسورة ثلاث آيات
- كيف عرف أن أقل السورة ثلاث آيات
- للسورة غرض خاص تلتئم آياتها ومعانيها لتحقيقه وترتكز عليه
- تسمية القطعة من آيات القرآن سورة مصطلح قرآني
( فأتوا بسورة من مثله )
( فأتوا بعشر سور مثله مفتريات )
( سورة أنزلناها وفرضناها )
- عرفت السورة بذلك عند المسلمين وعند المشركين إذ لا يتحدى إلا بمسمى معلوم
- لم تكن أجزاء التوراة أو الإنجيل تسمى سورا عند العرب ولا عند غيرهم قبل الإسلام
- جمع سورة سوَر كغرف

▪وجه تسمية السورة بذلك :
1 - قيل أن السورة مأخوذ من السُّور وهو الجدار المحيط بالمدينة
- زيادة التاء في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام كخطبة ورسالة

2- قيل من السؤر وهو البقية مما يشرب الشارب لأنه جزء مما يشرب
- خففت الهمز فصارت واوا ( سور )

▪تسوير القرآن :
- تسوير القرآن كان من زمن النبي وتوفي رسول الله والسور مسورة
- كانت السور معلومة المقادير وفواتيحها وخواتيمها زمن النبي
- حفظت مقادير السور من قراءة الرسول ومن عرضه للقرآن على حبريل
- نهايات السور وخواتيمها كانت معروفة كخواتيم البقرة وبراءة
اختلاف عمر وهشام في سورة الفرقان ، وقول ابن مسعود عن سور الإسراء والكهف ومريم وطه والأنبياء أنهن من العتاق الأول مما يدل على تحديد السور وتسميتها مبكرا

- طول السورة أو قصرها يعتمد على عدد آياتها لا عدد كلماتها وحروفها
- كان القرآن مئة وأربع عشرة سورة بأسمائها زمن رسول الله
- لم يخالف في عد السور إلا ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه
أ. إذ لم يثبت المعوذتين في القرآن وقال هما تعوذ
ب. أثبت القنوت في صلاة الفجر أنه من سورة القرآن
- سمى القنوت سورة الخلع والخنع
ج. عد سورتي الفيل وقريشا سورة واحدة

- مخالفة ابن مسعود كانت استنادا إلى فهمه من نزول القرآن
- جمهور الصحابة لم يختلفوا ولم يترددوا في تحديد سور القرآن وعددها
- مواقف نبوية تثبت أن السور بأسمائها كانت معلومة زمن رسول الله

▪فائدة تسوير القرآن :
1- تقسيم القرآن إلى سور أحسن ترتيبا من أن يكون كله قطعة واحدة
2- تنشيطا للقارئ والحافظ كلما ختم سورة أن ينتقل إلى أختها

🔸استطراد :
ترك الهمز في ( سورة ) لغة قريش وهذيل وكنانة وهوازن وسعد بن بكر ، والهمز لغة تميم .
- طرق العرب في التعامل مع تخفيف الهمز أو تحقيقه

🔹ترتيب سور القرآن :
في ترتيب السور بعضها إثر بعض قولان :
1- أن ذلك الترتيب بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم
2- أنه اجتهاد من الصحابة عند جمع عثمان للمصحف

- أقوى الأقوال أن بعض السور كانت مرتبة توقيفا وبعضها اجتهد فيه الصحابة وقت جمع عثمان
- المفصل والطوال كانت مرتبة زمن رسول الله ، والاحتمال فيما عدا ذلك
- قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لبعض السور في الصلاة بخلاف ترتيبها في المصاحف دليل اجتهاد الصحابة في الترتيب
- تقديم سورة آل عمران على النساء في ترتيب المصحف أ. مراعاة لقراءة النبي ص ذلك
ب . لأن آل عمران نزلت قبل النساء
ج . لمراعاة المناسبة بين فاتحة البقرة وآل عمران
د . لأن النبي وصف البقرة وآل عمران وصفا واحدا فسماهما الزهراوين
هـ. لحديث النبي صلى الله عليه في تقدم البقرة وآل عمران أصحابهما

▪ترتيب السور في جمع أبي بكر :
- عندما جمع القرآن في مصحف زمن أبي بكر لم يكن مرتب السور بل كان لكل سورةصحيفة
- كانت الصحف المجموعة زمن أبي بكر عنده مدة خلافته ثم عند عمر ثم عند حفصة وأخذت منها عند جمع عثمان ثم ردت إليها

▪ترتيب السور في مصاحف الصحابة
-قيل أول من جمع القرآن في مصحف له هو سالم مولى أبي حذيفة .
-مصاحف الصحابة قبل جمع عثمان كانت مختلفة الترتيب فكل رتبه لنفسه
- ممن كان له مصحف من الصحابة :
أ. عبد الله بن مسعود
ب.أبي بن كعب
ج. سالم مولى أبي حذيفة

- علي بن أبي طالب رتب مصحفه على ترتيب النزول بحسب ما بلغ إليه علمه
- مصحف ابن مسعود وأبي رتبا على طول السور وقصرها

▪ترتيب السور في جمع عثمان
- توخى عثمان وزيد بن ثابت ما استطاعا ترتيب قراءة رسول الله لسور القرآن
- لم يتردد زيد في ترتيب السور كما كان يسمعها من رسول الله
- زيد بن ثابت من أكبر حفاظ القرآن زمن رسول الله ولازم النبي مدة حياته بالمدينة
- أمر عثمان بترتيب المصحف على طول السور وقصرها
- سمي مصحف عثمان بالمصحف الإمام
- أثر ابن عباس وعثمان في ترتيب الأنفال وبراءة
- قد يوجد في القرآن ما يقتضي سبق سورة على أخرى لسبقها في النزول لكنها لم ترتب كذلك في المصحف

▪الفصل بين السور :
- اعتمدوا البسملة علامة لفصل السور بعضها عن بعض
- لم يكتبوا البسملة بين الأنفال وبراءة تحريا لعدم جزمهم أنهما سورتان منفصلتان لعدم وجود البسملة أول براءة

▪التزام ترتيب المصحف عند التلاوة :
- حديث عائشة مع العراقي في عدم وجوب القراءة على ترتيب سور القرآن في المصحف
- قول ابن بطال بعدم وجود من يوجب القراءة على ترتيب السور في المصحف
- نهي السلف عن قراءة القرآن منكسا هو نهي عن قراءة السورة من آخرها لأولها

🔹تسمية السور :
- أسماء السور كانت منذ نزول الوحي
- بعض الآثار في أن أسماء السور عرفت زمن رسول الله
- سمى الصحابة السور بما أثر عن رسول الله
- إن كانت السورة ليس لها اسم مأثور عن رسول الله اجتهد الصحابة في اختيار أشهر ما تعرف به السورة ليسموا به

- أسماء السور قد تكون :
أ. بأوصافها كالحمد
ب. بالإضافة لشيء اختصت به كالبقرة ولقمان
ج. أو بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى كسورة هود وإبراهيم
- أو بكلمات تقع في السورة ك( براءة ، والحروف المقطعة أوائل السور )
- وقد تسمى السورتان باسم واحد كالكافرون والإخلاص سميتا بالمقشقشتين

- كانت أسماء السور بالوصف (السورة التي يذكر فيها كذا )
- شاع وصف السورة بما عرفت به حتى صار اسما لها
مثال ( السورة التي تذكر فيها البقرة ) ثم ( سورة ذكر البقرة ) ثم ( سورة البقرة)

▪قولهم في جواز قول ( سورة كذا )
- ما ورد في اختلاف السلف في جواز قول ( سورة كذا) وتفضيلهم ( السورة التي يذكر فيها كذا )
- قيل أن كراهة التسمية ( بسورة كذا ) لاستهزاء المشركين في مكة بسورة الفيل أو العنكبوت ، أما في المدينة زال سبب النهي من هذه التسميات فعاد استخدامها
- ما رواه البخاري في جواز قول سورة كذا وسورة كذا دون كراهة
- كان شعار الصحابة ونداء الرسول لصحابته يوم حنين ( يا أصحاب سورة البقرة ) مما يدل على تسمية السور

▪فوائد تسمية السور
- تسمية السورة يسهل المراجعة والمذاكرة
- تسمية السورة يميز السورة عن غيرها

▪كتابة اسم السور في المصاحف :
- لم يثبت الصحابة في المصحف أسماء السور كراهة أن يكتبوا غير آيات القرآن مع القرآن
- سمى أبي السور في مصحفه
- اكتفى الصحابة بإثبات البسملة كعلامة للفصل بين السور
أ. لأنها مناسبة للافتتاح
ب. لكونها آية من آيات القرآن

- كتبت أسماء السور في المصاحف في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك
- كتبت أسماء السور بخط غير خط الآيات تمييزا لها عن القرآن

🔹المكي والمدني :
- الخلاف في تحديد المكي والمدني قليل
- ترتيب المصحف تخللت فيه السور المكية والمدنية
- في السورة الواحدة قد يكون بعض آياتها مكيا وبعضها مدنيا
- ترتيب نزول السور المكية والمدنية على ثلاث روايات :
أ. مجاهد عن ابن عباس
ب. عطاء عن ابن عباس
ج. جابر بن زيد عن ابن عباس
- اعتمد الجعبري في منظومته على رواية جابر في ترتيب النزول

🔹معاني القرآن :
▪أغراض العرب وأساليبهم في كلامهم :
- جبل العرب على ذكاء القرائح وفطنة الأفهام
- أقيمت أساليب كلام بلغاء العرب على دعامة فطنتهم وذكائهم
- الإيجاز سمة مميزة في كلام العرب لاعتمادهم على فهم السامع
- يكثر في كلام العرب المجاز والاستعارة والتمثيل والكناية والتعريض وغيرها من أساليب الكلام
- غرض أساليب العرب في كلامهم أداء ما في نفس المتكلم
بأوضح عبارة وأكثرها اختصارا ليسهل علوقها بالأذهان
- البلغاء يودعون كلامهم المعاني التي يدعو إليها غرضهم من الكلام ويتركون غيره
- من توغل في حقيقة البلاغة علم تفوق القرآن على ما سواه من بليغ الكلام

▪لماذا جعل الله خاتم كتبه عربيا
1 - لأن اللغة العربية أوفر اللغات مادة وأقلها حروفا وأفصحها لهجة
2 - لأن العربية أكثر اللغات تصرفا في الدلالة على أغراض المتكلم وأوفرها ألفاظا
3 - لجعله جامعا لأكثر ما تتحمله العربية في نظم المعاني من تراكيبها بأشوجز لفظ

▪المعاني التي تتحملها جمل القرآن تعتبر مرادة بها
- القرآن كتاب هداية وتشريع وتعليم وتأديب
- معاني القرآن توفر كل ما يحتاج السامعون علمه من المعاني
- القرآن يحوي في ألفاظه من المعاني أكثر مما تحتمله الألفاظ وذلك مما لم يعتد بلغاء العرب إيداعه في كلامهم
- وفرة معاني القرآن على إيجاز لفظه ليحصل به الهدى الذي جاء به للناس
- القرآن يورد الألفاظ التي تحتمل من المعاني الغرض المقصود إضافة إلى معان أخرى مرادة معه لا دونه
- يورد القرآن من المعاني ما كانت دلالة التراكيب عليه متساوية أو متفاوتة ظاهرة أو محتملة
- إنزال ألفاظ الآيات على وجهين أو أكثر تكثيرا للمعاني
مع إيجاز اللفظ وهو من وجوه الإعجاز
- ألفاظ القرآن يراد بها ما تحتمله من المعاني المألوفة للعرب ما لم يمنع من ذلك مانع صريح أو غالب من دلالة شرعية أو لغوية أو توقيفية
- أمثلة على إرادة ذلك مما لم يكن المعنى هو الأسبق لمعنى التركيب
- بعض ما ورد إلينا من تفسيرات مروية عن رسول الله ليست المعنى الأسبق من التركيب
- تفسير رسول الله للفظ بغير ما يرد إلى الذهن منه ابتداء إيقاظ للأذهان لأخذ أقصى المعاني من القرآن
- مثال حديث أبي سعيد بن المعلى في ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )
- مثال ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم )
- أمثلة على سوق الآيات للاستشهاد بمعان تحتملها مما ليس الغرض الأصلي الذي سيقت له

▪ التركيب المحتمل معنيين فأكثر :
أ. قد يكون بين التركيبين من العموم والخصوص فيحمل التركيب على كل ما يحتمله اللفظ ما لم يوجد صارف لفظي أو معنوي

ب. قد يكون بينهما من التغاير بحيث يكون تعيين أحدهما منافيا لتعيين الآخر بحسب إرادة المتكلم
- صلاحية اللفظ للمعنيين مع عدم وجود ما يعين أحدهما تفيد إمكانية حمل الكلام على المعنيين

ج. قد يكون أحد المعنيين متولدا من الآخر فيحمل عليه تبعا ؛ كالكناية والتعريض مع إرادة المعنى الصريح
- مثال ذلك تفسير ابن عباس لسورة النصر بأجل رسول الله مع عدم نفيه المعنى الصريح

- إذا كثرت المعاني المتواردة للذهن عن تدبر القرآن تحمل عليها ما لم يمنع من ذلك مانع

▪من أدق ما ورد في جمع القرآن كثير المعنى في موجز اللفظ :
1 - استعمال اللفظ المشترك في معانيه كلها
2 - استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي معا
3 - إرادة المعنى المكنى به مع المصرح به معا
4 - إرادة المستتبعات من التراكيب المستتبعة وهو من مباحث علم البيان

- المبحثان الأولان محل تردد عند المتصدين لاستخراج معاني القرآن
- سبب التردد هو ندرة ورود مثل هذه الوفرة في المعاني في كلام العرب غير القرآن
- رفض بعض العلماء الجمع بين معنيي المشترك أو بين الحقيقة والمجاز في اللفظ الواحد

🔹المشترك اللفظي :
استعمال المشترك في معانيه كلها :
- المشترك يصح إطلاقه على معانيه جميعا أو بعضها إطلاقا لغويا

▪أقوال العلماء في إرادة معاني المشترك معا :
- اختلف علماء اللغة وعلماء أصول الفقه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى من مدلوله
- قول الغزالي والحسن البصري في إرادة المشترك عدة معان
- قال الشافعي والباقلاني والمعتزلة معاني المشترك من قبيل الحقيقة
- وقال قوم ان ذلك على سبيل المجاز
- خطأ ابن الحاجب في ظنه أن الباقلاني اعتبر أن حمل المشترك على أكثر من معنى لا يكون إلا بقرينة هو من اعتباره مجازا
- فهم ابن الحاجب أن القرينة مطلقا من علامات المجاز
- القرينة التي هي من المجاز هي القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي
- رأى المرغيناني الفقيه الحنفي أن المشترك لا يصح إطلاقه على معانيه في الإيجاب ويصح ذلك في النفي
- سبب قوله ذلك اشتباه دلالة اللفظ المشترك على معانيه بدلالة النكرة الكلية على أفرادها
- رد ابن عاشور قول المرغيناني

- الراجح هو حمل المشترك ( سواء كان لفظا مفردا او تركيبا ) على ما يحتمله من المعاني سواء كانت حقيقة أم مجازية

▪المشترك اللفظي قد يكون مفردا أو مركبا :
أ. مثال استعمال المفرد المشترك في حقيقته ومجازه :
- في معنى السجود من ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات والأرض )
- معنى البسط في ( ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء )

ب. استعمال المركب المشترك في معنييه :
- في ويل له في ( ويل للمطففين )

▪الجمع أو الترجيح بين المعاني :
- يمكن الجمع بين المعاني التي يذكرها المفسرون أو الترجيح بينها بحسب قوة ما تحتمله الألفاظ من المعاني

- كان الذي يرجح معنى على آخر يجعل المرجوح ملغى
- الصواب أن كل المعاني التي تحتملها الألفاظ مما لا مانع من حملها عليها تعد من تفسير الآية

▪من اسلوب ابن عاشور في التعامل مع المشترك :
- إذا ذكر ابن عاشور معنيان للفظ فأكثر فعلى قانون حمل اللفظ على كل معانيه
- إذا ترك بعض كلام المفسرين فلأنه ترجح لديه غيره وتركه له لا يدل على إبطاله

🔸استطرادات :
- حجية القرآن متفق عليها بين علماء الأمة لا خلاف عليها كخلافهم على الأخبار المروية عن رسول الله
- الخلاف في حجية الأخبار المروية عن رسول الله نظرا لاختلاف شروط تصحيح الأخبار وتفاوتهم في مقدار ما يبلغه علمهم منها مع تفرق العصور
- بعض استنباطات الفقهاء من الآيات مما ليس هو دلالتها المباشرة
- استدلال الشافعي على حجية الإجماع وحرمة خرقه ب( ويتبع غير سبيل المؤمنين ...)
- حمل ألفاظ القرآن على جميع ما تحتمله هو نظير ما قاله الأصوليون من حمل المشترك على معانيه احتياطا
- القراءات المتواترة إذا اختلفت في الألفاظ بما تختلف له المعاني يرجع إلى هذا التوسع في المعنى
- تفيد النكرة الكلية العموم في سياق النفي ولا تفيدها في الإثبات

🔹إعجاز القرآن
- البحث في وجوه إعجاز القرآن لكونه المعجزة الكبرى والخالدة للنبي صلى الله عليه وسلم
- رسالة رسول الله بنيت على إعجاز القرآن
- معجزة القرآن عامة ، وتلزم الحجة بها إلى يوم القيامة
- ما ورد من معجزات لرسول الله غير القرآن كانت في أحوال خاصة ولأناس خاصة وبعضها متواتر وبعضها غير متواتر

▪التحدي بالقرآن :
- تحدى الرسول بمعجزة القرآن معانديه تحديا صريحا
- وقع التحدي في القرآن بسورةمهما قصرت
- يعلم وجه إعجاز القرآن من عجز أهل زمانه تنزله على معارضته ثم عجز كل عصر بعدهم عن المعارضة
- دليل عجز المعاندين على المعارضة متواتر من آيات القرآن نفسها كما أن التحدي متواتر
- ثبت عجز المعاندين عن معارضة القرآن :
أ. بالنص القرآني ( ولن تفعلوا )
ب. وبشهادة التاريخ إذ عجزوا عن المعارضة مع توفر دواعيها فلجأوا إلى المقاومة بالقوة

▪تعليل العلماء عجز المعارضين عن المعارضة :
أ. أن عجزهم لأن الله صرفهم عن المعارضة بسلبهم الداعي أو المقدرة لتقوم الحجة عليهم
- ينسب هذا القول إلى ابي الحسن الأشعري والنظام والشريف المرتضى والاسفرائيني وهو قول ابن حزم والمعتزلة
- يعرف هذا القول بالصرفة
- هذا قول الأقليةوهو الأضعف

ب. العجز هو عجز حقيقي لأن القرآن بلغ في درجات البلاغة والبيان والفصاحة مبلغا تعجز عنه جهابذة اللغة
- هذا قول جمهور الأمة وهو الراجح
- من اقتصر عليه إمام الحرمين وأئمة الأشعرية والجاحظ وأهل العربية
- التحدي بعجز البلغاء عن الإتيان بمثل القرآن يرتبط بما فيه من خصوصيات بلاغية لا يقدر عليها خاصة البلغاء

✔ مما يدل على القول الثاني :
بقاء آيات متلوة مع نسخ حكمها لما حوته من وجوه البلاغة والإعجاز مما يصلح للتحدي به

▪ غرض التقديم عن الإعجاز :
- علاقة مقدمته في إعجاز القرآن بالتفسير
- أورد في مقدمته نكتا من إعجاز القرآن مما أهمله غيره ممن تكلم في الإعجاز
- ممن تكلم في إعجاز القرآن الباقلاني والرماني والجرجاني والخطابي والسكاكي

▪سبب حديث ابن عاشور عن بلاغة القرآن :
- أراد في بيانه لبلاغة القرآن إعطاء لمحة تظهر إعجاز القرآن وتفوقه في بلاغته
- لا بد للمفسر من بيان شيء مما فاق به القرآن غيره من الكلام لئلا يكون تفسيره ترجمة للكلمات
- انتقاد ابن عاشور للتفاسير التي لا تورد شيئا من دقائق البلاغة وما امتازت به ألفاظ القرآن
- من المقلين في ذكر البلاغة ابن عطية والزجاج
ومن المكثرين الزمخشري في الكشاف
- لم يبسط دلائل الإعجاز في آحاد السور والآيات لوجود كتب مختصة في ذلك
- عذر ابن عاشور من فسر القرآن من ناحية خاصة كالأحكام لعدم اهتمامهم بالوصول إلى إعجاز القرآن وبلاغته
- بعض تفاسير الأحكام التي لم تخل من دقائق البلاغة كأحكام القرآن لابن العربي ، ومثله لإسماعيل بن حماد المالكي

▪القرآن أبلغ الكلام العربي :
- نظم القرآن الكريم بلغ غاية النهاية في البلاغة لأنه كلام الله
- جمع القرآن الدقائق واللطائف لفظا ومعنى ليفي بأقصى ما يراد إيصاله للمرسل اليهم
- حوى القرآن من خصائص وأساليب بلاغية أعجزت فحول العربية فما استطاعوا معارضته ولا فكروا بذلك
- بعض من عرف بالبلاغة آمن كـ:
لبيد بن ربيعة
وكعب بن زهير
والنابغة الجعدي ،
وبعضهم بقي على كفره مع إقراره بإعجاز القرآن وعجزه أمامه :
كالوليد بن المغيرة

- القرآن كان فتحا للبصائر وللعقول وللقرائح وفتحا للممالك والآداب
- بلغ القرآن بالأدب العربي أعلى ما يمكن أن يبلغه
- من أفانين البلاغة ما حواه نظم الكلام الذي سيق لغرض معين وما فيه من تناسب في الفواتح والخواتم وأساليب البلاغة المختلفة

🔹وجوه الاعجاز
الإعجاز راجع إلى ثلاث جهات :
1⃣ الجهة الأولى :
بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ في إفادته المعاني الكثيرة الدقيقة مما لا يفيده أصل وضع اللغة
- مرجع هذا الإعجاز إلى ما يسمى حد الإعجاز
- دون علماء البلاغة علما المعاني والبيان لدراسة هذا الوجه
- منتهى التنافس عند العرب كان في التفوق بالفصاحة والبلاغة
- قارن العلماء بين ما في القرآن من ضروب البلاغة وما ورد في أبلغ كلام العرب مما عد أقصى إعجازها
- من الكتب التي خصصت لدراسة ذلك دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة وغيرها ، ومن التفاسير الكشاف
- مما يدل على هذا الوجه أن العرب لعجزهم على المعارضة وعلمهم باختلاف القرآن عن سائر الكلام لم يتعرض واحد لمعارضته لئلا يعرض نفسه للافتضاح
- عناد المشركين ومكابرتهم فلم يؤمنوا مع علمهم بإعجاز القرآن وصدق المرسل
- قول الوليد بن المغيرة في القرآن
- افتضاح عوار من زعم أنه يأتيه الوحي كمسيلمة
- أمثلة من تأثر العرب بالإعجاز ك( فاصدع بما تؤمر )

▪أثر الذوق في إدراك بلاغة القرآن :
- السبيل لإدراك بلاغة القرآن بالذوق ، ولا يكتسب الذوق إلا بعلمي البيان والمعاني
- الذوق قوة إدراكية تختص بإدراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية
- من رزق ذوقا فطريا واعتنى بعلمي البيان والمعاني كان أقرب لذوق إعجاز القرآن
- إعجاز القرآن ليس بالصرفة
- وليس فقط لاختلاف أسلوبه عن أساليب العرب
- القرآن كلام عربي أحرفه أحرفهم وكلماته كلماتهم وأساليبه وهيئاته وتراكيبه كأساليبهم وهنا مكمن إعجازه

▪الإعجاز البلاغي :
- الإعجاز في بلاغة أساليب النظم القرآني يسمى عند أهل البلاغة بالنكت البلاغية
- تفاضل البلغاء وتنافسهم في وفرة النكت البلاغية في كلامهم
- ما احتواه القرآن من وفير النكت البلاغية في موجز الملام أعجز البلغاء والقصحاء إذ لا قبل لهم بذلك
- الإعجاز البلاغي في القرآن أقوى نواحي إعجازه

▪من الخصوصيات البلاغية في القرآن :
1- حسن التقسيم
- مثال : خصوصيات البلاغة في سورة الفاتحة
- حديث أن الله قسمها بينه والعبد
- حسن التقسيم من المحسنات البديعية

2 - الجناس في الآيات من المحسنات البديعية
3 - في القرآن محسن المطابقة ( يضله ويهديه )
4 - التمثيل من بلاغة القرآن
5 - الالتفات في الكلام ونقل الكلام من المخاطب أو المتكلم أو الغيبة إلى طريق غيرها
- الالتفات هو شجاعة العربية كما سماه ابن جني
- الالتفات عند بلغاء العرب من النفائس
- ورد الالتفات في القرآن ما لا يحصى كثرة مع دقة المناسبة في الانتقال
- الالتفات يجدد نشاط السامع

6 - التشبيه والاستعارة من أبواب البلاغة العالية
- جاء من التشبيه والاستعارة ما أعجز العرب
- أمثلة من الاستعارة والتشبيه في القرآن
( واشتعل الرأس شيبا )
( صبغة الله )

- كمال الشبه من محاسن التشبيه وذلك بالاحتراس عن صفات النقص
مثال ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ) فاحترس عن كراهة الطعام ب( لذة للشاربين ) ، وعن وجود شوائب في العسل ب( عسل مصفى)
- أمثلة من كمال التشبيه

🔺تعدد الدلالة في القرآن :
- نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة مع تعدد الدلالة
أ - للقرآن دلالة وضعية تشترك مع الكلام العربي كله
ب - ودلالة بلاغية يشاركه فيه كلام البلغاء
ج - ودلالة مطوية وهي ما يذكر تقديرا اعتمادا على قرينة
د - دلالة مواقع الجمل حسب ما قبلها وما بعدها
- التقديم والتأخير في وضع الجمل وأجزائها
مثال التقديم والتأخير في ( إن للمتقين مفازا )

7 - في إعجاز القرآن ينظم الكلام على خصوصيات بلاغية تناسب المقام ومقتضى الحال
- مثال تناسب البلاغة ومقتضياتها للمقام الذي نزلت فيه من ( ألا إن حزب الله هم المفلحون )
( ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )

8 - ناحية أخرى هي فصاحة اللفظ وانسجام اللفظ وسهولته على اللسان فلا يجد ثقلا فيه
- القرآن بليغ في معناه فصيح سليم سلس في لفظه
- يسر الله القرآن على الأسماع فيرسخ فيها
- رب كلمة حكيمة لا تؤثر في النفوس لركاكة لفظها
- امتاز القرآن بعدم وجود الثقل أو التنافر بين حروفه أو كلماته مع ما تقتضيه كثرة الألفاظ
- حسن دلالة اللفظ مقدمة على مراعاة خفة اللفظ
- وقوع اللفظ المتنافر أثناء الكلام الفصيح لا يزيل وصف الفصاحة عن الكلام
- العرب لم تعب معلقة امرئ القيس ولا طرفة رغم وقوع كلام متنافر ثقيل فيها
- تفاوتت لهجات العرب في فصاحتها
- أفصح العرب قريش ومن جاورها من القبائل
- نزل القرآن بأحسن لهجات العرب وأخفها وأفصحها

▪من تيسير القرآن :
1- خفته على اللسان وعلى الأسماع فيعين ذلك على رسوخه وسهولة تذاكره
2- استعماله أقرب الكلمات وأشملها للدلالة على المعاني المقصودة منها
- لا توجد في القرآن كلمة تقصر دلالتها عن جميع المقصود منها في حالة تركيبها
- كثرة التضمين في القرآن بحيث يتصرف في معنى اللفظ لآخر

🔸استطراد :
- مما يعرض للألفاظ ويسبب الثقل على اللسان :
1- تنافر حروف الكلمة
- مثل مستشزرات ، الكنهبل ، الخفيدد

2- أو تنافر الكلمات عند اجتماعها
مثل : وليس قرب قبر حرب قبر

2⃣ الجهة الثانية من جهات إعجازه :
ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في أساليب الكلام مما لم يكن معهودا في لغة العرب

▪ما كان عليه أدب العرب :
- أدب العرب شعر ونثر ، والنثر خطابة وأسجاع كهان
- التزم العرب في أساليبهم في كل من الشعر والنثر طريقة واحدة تشابهت فنونها لا يتجاوزونها
- مثال على تشابه مطالع القصائد في تراكيبها
- تتشابه مطالع كثير من الخطب في لهجتها وأسلوبها

🔺الشعر عند العرب :
- استخدم العرب الشعر تخليدا لأغراضهم وآدابهم وحفطا لها
- الشعراء متفاوتون في سلاسة شعرهم
- الشعر ديوان العرب يحفظ وينقل ويسير في الآفاق
- الشعر وضع لأغراض خاصة أكثرها النسب والحماسة والرثاء والهجاء والفخر والملح والمديح
- الشاعر مهما بلغ من فصاحة وبلاغة ومهما نقح وغيّر لا يكاد يسلم من جمل يتعثر فيها اللسان أو تقصير في البلاغة أو ضرورة

🔺النثر عند العرب :
- للعرب غير الشعر الخطابة والأمثال والمحاورات
1- الخطب :
- الخطب لا يحفظ من ألفاظها شيء فتنسى بانتهاء مقام قولها
- تأثر السامعين للخطب مؤقت وجزئي

2- الأمثال :
- الأمثال الفاظ قصيرة يقصد منها الاتعاظ بمواردها
- لما تطاول الزمان على الأمةال حفظت هي ونسيت مواردها ومواضع الاتعاظ فيها

3 - المحاورات منها :
أ. محاورات عادية ليست من الأهمية بحيث تنقل وتسير
ب. محاورات نواد تقع في المجامع العامة والمنتديات
- المفاخرات وهي نادرة الوقوع وحيدة الغرض

▪ما أبدعه الأسلوب القرآني :
- من أعظم ما خالف به القرآن أسلوب العرب أنه جاء جامعا لمقصدين هما : الموعظة والتشريع

- اشتمل القرآن على أساليب العرب وكلامهم وفي نفس الوقت ابتكر أساليب جديدة لم يعرفها العرب وليست من الشعر ولا الخطابة ولايشبه أسجاع الكهان ،

- تنويع الأساليب بين ما ألفوه وما لم يألفوه له حكمتان داخلتان في الإعجاز :
1- ظهور أنه من عند الله
2- زيادة تحد للمتحدين إذ التحدي يكون بما ألفه البشر وعرفوه

- بني نظم القرآن على فواصل وقرائن متقاربة فكان أسلس من الشعر ولم تلجئه ضرورة ولا قصر في ميزان البلاغة بل كان كلاما نثريا لكنه فاق في فصاحته وعذوبته كل كلام

- اعترف خطباؤهم وبلغاؤهم وشعراؤهم أن القرءان مختلف عما ألفوه من أساليبهم ولغتهم
- يجري القرآن على الألسن سهلا عذبا سلسا لا تفاوت في فصاحة تراكيبه
- تضمن القرآن المحاورة والخطابة والجدل والأمثال والقصص والتوصيف والرواية
- أعطى القرآن كل غرض وكل فن ما يليق به
- القرآن سريع العلوق بالأذهان خفيف الانتقال والسير مع القبائل
- مادة ولحمة القرآة هي الحقيقة دون مبالغات ولا مفاخرات
- للقرآن صولة الحق وروعة لسامعيه وتأثير روحاني ليس بلفظي ولا معنوي

☑ من أساليبه التفنن في التنقل بين فن وفن وأسلوب وآخر ببراعة بالاعتراض والتذييل والتنظير والمترادفات
والالتفات
- أمثلة من براعة التفنن في الأساليب والتنقل بينها في القرآن
- لا يشعر السامع أو القارئ بانتقال القرآن من أسلوب لآخر لبراعة التخلص من الأسلوب والانتقال الى غيره
- التفنن في ذكر أمرين أو أحدهما بأسلوبين مختلفين إن كان المقام يقتضي شيئين متساويين لتلوين المعاني المعادة وتجنب التكرار
مثال ( اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا ) ( فكلا منها )
( ادخلوا هذه القرية وكلوا منها) ( اسكنوا هذه القرية فكلوا منها )
☑ من التفنن اتساع أدب اللغة في القرآن

☑ من أساليب القرآن العدول عن تكرار اللفظ والصيغة إلا في مواضع يقتضيها الغرض كالتهويل والتهديد وغيرها
- أمثلة على ذلك


- ألف ابن أبي الإصبع كتابا في بديع القرآن

▪فائدة التفنن :
- يجعل السامع في نشاط متجدد لسماع المقصود وإقبال عليه
- يدفع سآمة الإطالة على السامع
- يعين على استكثار زمان قراءته إذ ذلك من أغراضه

▪يسر القرآن :
- قوله ( فاقرأوا ما تيسر من القرآن ) يعني الاستكثار بقدر التيسر

🔺مما ييسر القرآن للذكر :
- التفنن في أساليبه وتنوعها
- التناسب بين آياته وحسن ارتباط كلامه

▪أساليب الأداء
- بلاغة الكلام تتجاوز تراكيب الالفاظ إلى كيفيات الأداء
- السكوت يفيد التشويق لما يأتي بعده
- مثال على أثر الوقف في التشويق لما بعده ( هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه )
- مثال الوقف وأثره في تغير المعنى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )
- الجزالة و الرقة في وقت واحد حسب المقام من براعة الأسلوب

▪من مبتكرات أسلوب القرآن :
1 - جاء بالجمل الدالة على معان مفيدة كالجمل العلمية والقواعد التشريعية
- لم يأت بعمومات في مواضع التخصيص ولا خصص ما يلزمه العموم
2 - جاء على أسلوب التقسيم والتسوير
- التقسيم والتسوير أدخلا على العرب فن التبويب والتصنيف
3 - الأسلوب القصصي ووالأوصاف تمثيل الأحوال في القرآن
- للقصص دور عظيم في التأثير على النفوس
- القصص كان فنا مفقودا في أدب العرب إلا نادرا
- مجيء القرآن بالأوصاف بهت العرب

4- التصرف في أقوال المحكي عنهم بما يناسب مقتضى الإعجاز
- صاغ القرآن الأقوال غير العربية بلغة عربية معجزة
- غير الأقوال العربية بأفضل بلاغة وأنسب ما يبلغ به الكلام
- الإعجاز في الأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية
- يغير القرآن الأسماء إلى ما يناسب موقعها في الكلام

5- وضح القرآن الأمثال وأبدع تراكيبها ولم يلتزم فيها أسلوبا واحدا
- أمثلة على أمثال القرآن

6- اختلفت سور القرآن فكان لكل سورة لهجتها وفواصلها وأسلوبها الخاص

7 - أبدع القرآن في الإيجاز فجاء به فوق ما تعرفه العرب
- لولا الإيجاز لكان أداء ما اضمنه القرآن من المعاني في أضعاف مقدار القرآن
- الحذف والاختصار نهج التنزيل
- امثلة على الإيجاز في القرآن

▪من أنواع الايجاز في القرآن :
1 - من الإيجاز الإيجاز بالحذف دون إخلال ولا لبس
أمثلة على ذلك
2 - من الإيجاز الإخبار عن أمر خاص بعام
🔺فوائده :
أ. يفيد الحكم العام
ب. يفيد الحكم الخاص
ج. يفيد أنوالمحكوم عليه بالخاص من جنس المحكوم عليه بالحكم العام

3- التضمين وهو يرجع إلى ايجاز الحذف

8- استخدم القرآن الإطناب والتفصيل في مواضع وصف الأحوال
- من فوائد الإطناب توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع قلب السامع

9- كثرة استعمال اللفظ المشترك في معنيين إذا صلح المقام بحسب اللغة
- واستعمال اللفظ بمعنييه الحقيقي والمجازي
- تكثير المعاني مع قلة الكلام وهو من إعجاز القرآن

🔺 إعجاز القرآن من الجهتين الأوليين متوجه للعرب وفصحائهم مباشرة ثم للعامة بعدهم
- عجز البلغاء وأرباب اللغة امام القرآن مع توفر دواعي معارضته دليل للعامة على إعجازه
- القرآن دليل صدق رسول الله للبشر كافة
- إعجاز القرآن للعرب الحاضرين تنزله ديل تفصيلي وإعحازه لمن بعدهم دليل إجمالي
- كل من تعلم لغة العرب وحذق بها يشاركهم في إدراك إعجاز القرآن

3⃣ الجهة الثالثة :
ما أودع فيه من المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغه عقول البشر عصر نزول القرآن
- لم يكن للعرب علم سوى الشعر

▪العلم نوعان : حقيق واصطلاحي
🔺 العلم الاصطلاحي
- يختلف باختلاف العصور والأمم والأقطار
- العلم الاصطلاحي لا تخلو منه أمة

🔺العلم الحقيقي هو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان
- يبلغ الإنسان بالعلم الحقيقي ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا

- كلا العلمين كمال إنساني ووسيلة لسيادة أصحابه في زمانهم
- بين العلمين عموم وخصوص

▪اشتمال القرآن على نوعي العلم
1 - النوع الأول :
العلم الاصطلاحي في القرآن هو علم أهل الكتاب وأحوال الأمم وأخبارها
- هذا العلم عده البعض من إعجاز الإخبار بما لا يعرف إلا بوحي من أخبار الأمم
- لم يكن أدب العرب مشتملا على التاريخ والاعتبار به إلا قليلا
- فصل القرآن في أحوال الأمم للاتعاظ والاعتبار بها
- يقل في القرآن التعرض لأحوال العرب لأنه معلوم عندهم

2- النوع الثاني :
ينقسم الى قسمين :
أ. ما يكفي لإدراكه فهمه وسمعه
ب. ما يحتاج لإدراكه العلم بقواعد العلوم
- هذا النوع دليل على إعجاز القرآن لأن من جاء به أمي لم يقرأ كتابا وعاش في أمة لم تعالج العلوم
- أمثلة على ما طرقه القرآن وبينه من العلوم
- من إعجازه العلمي أنه دعا إلى النظر والاستدلال
- استخدامه الحجة والدليل
- فتح الأعين لفضائل العلوم

- هذا النوع من الإعجاز خالف به القرآن الشعر مخالفة واضحة

▪دوام إعجاز القرآن :
- القرآن معجز في كل عصر ولأهل كل وقت
- مما يدل على عموم ودوام إعجاز القرآن العلمي قوله صلى الله عليه وسلم ( ما من نبي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر ... ) الحديث
- يدل على :
أ. أن كل نبي جاء بمعجزة في أمر خاص فيؤمن الناس على تلك المعجزة
ب. قوله ( وإنما كان الذي أوتيت وحيا ) أن ما جاء به ليس من جنس معجزاتهم
- معجزات الرسل كانت أفعالا لا أقوالا
- معجزته صلى الله عليه وسلم كانت من جهة اللفظ والمعنى
- يمكن أن يؤمن برسول الله كل من يبتغي إدراك ما في القرآن من معنى أودع في لفظه
- معجزته صلى الله عليه وسلم صالحة لكل الأزمان لا كما كل الأنبياء قبله
- رجاؤه صلى الله عليه وسلم أن يكون أكثرهم تابعا يوم القيامة دليل على كثرة من سيدخل هذا الدين في مختلف العصور على مختلف الأفهام والقرائح بل والألسن

- هذا الإعجاز العلمي حاصل للقرآن بمجموعه
- هذا الإعجاز ظاهر للعرب إذ لا قبل لهم بما جاء به القرآن من العلوم
- إعجاز القرآن العلمي لعموم الناس لكونه أميا نشأ بين إميين ليس عندهم من العلم شيء
- إعجازه لأهل الكتاب خاصة لكونه ينبئهم بعلوم دينهم مع كونه أميا ولم يتلق العلم منهم ولا من غيرهم من أهل الكتاب إذ نشأ على مرمى ومسمع من قومه ولم يدع أحد ذلك
- جاء القرآن بنسخ اليهودية والنصرانية وهذا يبطل فكرة أنه تعلم منهم الكتاب
- إعجاز القرآن في إخباره عن الأمم السابقة تحد للعرب الأميين خاصة وليس لأهل الكتاب
- يدخل في ذلك ما أخبر به القرآن من أخبار الأمم السابقة مما لا يعلم دقائقها إلاالفذ من أهل الكتاب

🔺 إعجاز القرآن من الجهة الثالثة للبشر كافة
- العاقل يستطيع إدراك إعجاز القرآن تشريعيا وحكميا وعلميا وأخلاقيا
- القرآن دليل تفصيلي لأهل هذه المعاني إجمالي لمن تبلغه شهادتهم

4⃣ الجهة الرابعة ( حسبما عدها البعض رابعة )
- ما عده الكثير من احتواء القرآن على إخبار بالمغيبات التي لم تحصل و التي لا يمكن علمها إلا بوحي من الله
- من ذلك قوله تعالى ( ألم غلبت الروم وهم من بعد غلبهم سيغلبون )
- ومنه ( لتدخلن المسجد الحرام ..) و ( ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) وغيرها من الإخبار بما لم يحصل

🔺إعجاز القرآن من الجهة الرابعة معجز لأهل عصر تنزله إعجازا تفصيليا ولمن بعدهم إعجازا إجماليا

5⃣ومما عد من جهات إعجازه :
5 - من إعجازه سلامته من التناقض مع طوله
- من اعجاز القرآن تناسب آياته رغم نزولها على مدى تيف ووعشرين سنة لأحكام وأغراض متعددة ومع ذلك تقرأ السورة الواحدة لا تكاد تميز اختلافا في أسلوب آياتها مع أنها متفاوتة في أوقات نزولها

🔹عادات القرآن
- من يتعرض لتفسير القرآن لا بد أن يعرف عاداته
- عادات القرآن هو ما يتكرر استخدامه فيه لمعنى معين من معانيه بحيث يصير إذا ذكر في القرآن قصد به ذلك المعنى دونا عن معانيه

▪من العادات :
- كل كأس في القرآن خمر
- المطر للعذاب
- لا يأتي بوعيد إلا يتبعه بوعد ولا نذارة إلا تبعها بشارة
- بعض الأزواج التي لا تفترق في القزآن
- هؤلاء إذا لم يعطف عليها ما يبينها أريد بها المشركون
وغيرها من العادات

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:41 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

إعادة إرسال

فهرسة القسم الثاني من مقدمة تفسير ابن عاشور


🔹قصص القرآن
القصة :
- القصة خبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها
- القصص بكسر القاف جمع قصة ، وبفتحها هو الخبر المقصوص
- القصص عادة تروى لتجديد النشاط والاستئناس فيها
- تميز القصص القرآني عن غيره بسمو غايته وغرضه وحسن عرضه
- القصص القرآني منة امتن الله بها على رسوله وعلينا ( نحن نقص عليك أحسن القصص )
- ذكر القرآن لما حصل من الحوادث زمن الوحي ليس بقصص

أغراض القرآن في قص القصص :
1- حصول العبرة والعظة بما تتضمنه القصة لا التفكه بها
2- التنويه بأصحاب القصص في عناية الله بهم أو التشويه بأصحابها لما نالوه من غضب الله

أسلوب القرآن ومميزات قصصه :
1- يأخذ من القصة أشرف مواضيعها ويعرض عما عداه
2- تفريق القصة الواحدة في مواضع مختلفة على مقامات تناسبها
3- نسج نظم القصة على أسلوب الإيجاز ليكون أشبه بالموعظة والتذكرة منه بمجرد القصة
مثال من سورة القلم
- ومن الإيجاز في القصة طي ما يقتضيه الكلام
مثال من سورة يوسف ( واستبقا الباب )
4 - بث القصص بأسلوب بديع لسوقها في مظان الاتعاظ بها مع المحافظة على الغرض الأصلي للقرآن في التشريع والهداية
5 - لا يتعرض في القصص إلا إلى حال أصحابها في رسوخ الإيمان وضعفه وأثر ذلك في العناية الإلهية أو الخذلان
- مثال قصة أصحاب الكهف

سوق القصة في مناسبتها يكسبها صفتين :
1- صفة البرهان
2- صفة التبيان

فوائد أسلوب القرآن في القصص :
1- تحدي أهل الكتاب بما لا يعلمونه من أنباء الرسل والأمم وقطع حجتهم على المسلمين
- أثر ذلك :
أ. استحقاق حملة القرآن أن يوصفوا بالعلم ويفوقوا أخبار اليهود في ذلك
ب. انقطاع وصف الأمية عن المسلمين في نظر اليهود

2- تتويج الشريعة الإسلامية ورفعها على ما سبقها من تشريعات بقص قصصهم وعرض تاريخهم

3- معرفة ترتيب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتدمير لتقتدي الأمم وتحذر
- يظهر ذلك القيم والمثل العليا في الفضيلة وزكاء النفوس

4- موعظة المشركين بمصائر الأمم السابقة وما لحق بهم وتحذيرهم أن يصيبهم مثل ما أصابهم

5- شدة التأثير على النفوس لكون القصص القرآني باتباعه أسلوب التوصيف مع المحاورة كان بليغا جديدا على العرب

6-تنبيه التذكر عند العرب الذين لم يعد يؤثر فيهم إلا ما هو مشاهد محسوس أو منتزع منه
- أثر ذلك :
عودة العرب للتأثر والاتعاظ وإزالة الجهل بأحوال من سبقهم من الأمم وما لحق بهم أدى إلى العودة للعمل على إصلاح أحوالهم بتطهيرها مما كان سبب هلاك من قبلهم

7- تجنيب المسلمين الاغترار وذلك بتعويدهم على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها
- إعانة أمة الإسلام على تطلب كل ما ينقصها مما يتوقف عليه كمال حياتها وعظمتها

8- إنشاء همة السعي إلى سيادة العالم عند المسلمين كما ساده أمم قبلهم
- تغيير مفاهيم العزة عند العرب وإخراجهم من خمولهم وتبعيتهم لفارس والروم

9- معرفة أن قوة الله فوق كل قوة وأن الله ينصر من ينصره
- من يأخذ بوسيلتي البقاء : الاستعداد والاعتماد سلم من تسلط غيره
- عواقب أهل الخير دائما صالحة والله ينصرهم إن أدوا ما عليهم

10- تفتق أذهان المسلمين بالفوائد المدنية لمعرفتهم بتاريخ التشريع والحضارة
- مثال قصة يوسف وما يؤخذ من ( كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك )

سبب تكرار القصة الواحدة في أكثر من موضع وسورة :
- أن القصص القرآني أشبه بالمواعظ والتذكرة منه بالسرد والتأليف
- فوائد القصص بذكرها في مناسباتها فتكون فائدتها كل مرة بحسب الغرض الذي تساق معه
- لا يعد ذكر القصة مع غرضها تكرارا لها لأن ذكرها سابقا كان لمناسبات أخرى

من مقاصد تكرار القصص القرآني:
1 - في تكرار القصص ترسيخ لها في الأذهان
2 - وفي تكرير القصة الواحدة بأساليب متعددة من زوايا مختلفة إظهار لبراعة النظم وعلو البلاغة في التفنن بإظهار المعاني مع اختلاف الأداء
3- تكرار القصة من شأنه أن يسمع من تأخر إسلامه القصص عند تنزلها إذ وقعها أكبر في النفوس من سماعها مما تنزل قبل إسلامهم
4- أن المسلمين لم يكونوا كلهم حفظة قرآن ، فكان من يحفظ سورة فيها إحدى القصص عالما بهذه القصة كعلم غيره بها من سورة أخرى
5- أن القصة الواحدة تختلف في كل مكان كررت فيه عن المكان الآخر إذ يذكر بعضها في موضع وبعضها في آخر
وسبب ذلك :
أ - تجنب التطويل والاقتصار على موضع العبرة
ب- يحصل من متفرق مواضع القصة كمالها وكمال المقصود منها
ج - مناسبة للحال المقصود لسامعي القصة في كل موضع منها
- توضيح :
قد ترد القصة الواحدة تارة للمسلمين وتارة للمشركين وتارة لأهل الكتاب وتارة لاثنين معا وبذلك تتفاوت بحسب حال السامع والمسوقة له

6 - قد يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما يتناقلونه من تلك القصة

🔸استطراد
- تكرار الخطبة بمعان تضمنتها خطب سابقة لكن بأسلوب وألفاظ مختلفة ليس تكرارا لها
- القدرة على تنويع الأساليب والألفاظ مع وحدة المعاني تظهر براعة الخطيب وقدرته
- من التفنن والتنويع في أساليب العرض :
أ. استخدام المجاز والكناية والاستعارة
ب. والتفنن في اللفظ نفسه بما تقتضيه الفصاحة ،
ج. والتفنن في المحسنات البديعية واللفظية .

🔹اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها
غرض المفسر من علم أسماء القرآن وآياته وترتيبها :
- لأن موضوع علم التفسير هو القرآن لتبيان معانيه وما يشتمل عليه من هدى وإرشاد وصلاح بفهم دلالته اللغوية والبلاغية

تعريف بالقرآن وغرض تنزله :
- القرآن هو كلام الله الذي أوحاه إلى محمد ص بواسطة جبريل عليه السلام على أن يبلغه للأمة باللفظ الذي أوحي به إليه
- أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأكثرها دورانا على الألسن هو القرآن
- الأسماء الأخرى للقرآن هي أوصاف أو أجناس
- أشهر الأسماء الأخرى للقرآن ستة : التنزيل ، الكتاب ، الفرقان ، الذكر ، الوحي ، وكلام الله

مقصد نزول القرآن :
- القرآن نزل للعمل به
- ولقراءة ما تيسر منه في الصلاة
- وجعل قراءته عبادة
- ولجعله آية على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- جعله تحديا للخلق كافة بأنهم لا يستطيعون معارضته
- الغرض الأكبر للقرآن إصلاح الأمة بأسرها
- يكون إصلاح الكفار بدعوتهم إلى الإيمان وإصلاح المؤمنين بتقويم أخلاقهم وتثبيتهم على الهدى
- أغراض القرآن مرتبطة بأحوال المجتمع مدة الدعوة
- القرآن يعالج أحوال الناس الحاضرة على اختلافها وينتقل من حال إلى حال بالمناسبة
- تكثر في القرآن الجمل المعترضة

كيف كان التحدي بالقرآن :
- كان التحدي ابتداء بالإتيان بعشر سور مثله
- ثم بسورة مثله
- ثم بين أنهم لو حاولوا لن يستطيعوا الإتيان ولو بسورة من مثله مهما قصرت

🔹الاسم الأول : القرآن :
- اسم للكتاب الموحى على رسول الله وهو علم عليه
- هو جملة المكتوب في المصاحف
- لم يسم كتاب قبله باسمه
- مشتمل على مئة وأربع عشرة سورة أولاها الفاتحة وآخرها الناس

أصل لفظ ( القرآن )
1 - القرآن على وزن فُعلان كغفران وشكران وبهتان
- على هذا فهو مشتق من القراءة لأن أول ما بدئ به الوحي اقرأ
- وعليه همزته أصلية من أصل الفعل

2 - وقيل بل هو من الأعلام التي في آخرها ألف ونون كعثمان وحسان
- سمى الله كتابه قرآنا كما سمى الإنجيل انجيلا والتوراة توراة
- أكثر القراء على همز قرآن ولم يخالفهم إلا ابن كثير إذ قرأ فيها بالنقل

3 - قيل قُرَان بوزن فُعال من القرن أي الجمع بين الأشياء
- القرآن قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه

-على هذا قراءة ابن كثير جارية على أن القران اسم آخر لكتاب الله غير ( قرآن ) بالهمز

4- وقيل قُران جمع قرينة أي أنه اسم جمع
- القرينة هي العلامة وقيل لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق
- رد ابن عاشور أن وزن قرينة لا يجمع على فعال في التكثير

🔹الثاني : الفرقان :
- اسم لما يفرق بين الحق والباطل وهو مصدر
- سمى الله كتابه الفرقان ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده )
- أطلق العلماء هذا الاسم على القرآن بالغلبة
- قال تعالى ( وأنزل الفرقان ) فذكره الله بعد ذكر التوراة والإنجيل ليدل أنه علم على الكتاب الذي أنزل على محمد صلي الله عليه وسلم

وجه تسميته بالفرقان :
أ. لأنه امتاز عن الكتب السماوية بكثرة تفرقته بين الحق والباطل
- تميزه عن الكتب السابقة وأفضليته عليها من مقتضيات كونه مهيمنا عليها
ب. لاشتماله على التوحيد ما لم يرد مثله في التوراة والإنجيل
ج. لأنه حكى من صفات أصحاب وسول الله التي في التوراة والانجيل وامتاز عليهم بوصف الكمال فقال ( كنتم خير أمة أخرجت للناس )
د- لأن أحكامه مبرأة من اللبس وبعيدة عن تطرق الشبهة

🔸 سمي يوم بدر بيوم الفرقان

🔹الثالث : التنزيل :
- مصدر نزّل ، أطلق على القرآن لأنه ألفاظه أنزلت من السماء ( تنزيل الكتاب لا ريب فيه )

ً🔹الرابع : الكتاب :
- أصله اسم جنس مطلق ومعهود
- أطلق على القرآن كثيرا باعتبار عهده
- آيات سمى الله فيها القرآن كتابا مثل ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )
- في تسمية القرآن كتابا معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم بإخباره أن ما أوحي إليه سيكتب في مصاحف
- لهذه التسمية اتخذ رسول الله من صحابته كتابا يكتبون ما أنزل إليه من الوحي من أول نزوله
- من كتاب الوحي عبد الله بن ابي السرح وعبد الله بن عمرو ومعاوية وزيد بن ثابت
- وجد جميع ما حفظه المسلمون من القرآن بقدر ما وجد مكتوبا يوم جمع المصحف زمن أبي بكر

لم سمي كتابا :
أ. لأن الله جعله جامعا للشريعة وأصل الكتاب انه جامع لمتفرق الصحف
- أشبه القرآن التوراة والإنجيل فجمع ما فيهما :
أشبه الإنجيل لأنها كانت مكتوبة زمن الرسول المرسل بها ، والإنجيل الذي لم يكتب زمن عيسى ولكن كتبه أصحابه بعده
ب. لأن الله أمر رسوله بكتابة كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه مباشرة

🔹الخامس : الذكر :
- ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )
- سمي ذكرا لأنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به

🔹السادس : الوحي :
- ( قل إنما أنذركم بالوحي )
- سمي وحيا لأنه ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوساطة جبريل
- هذا الإلقاء يسمى وحيا لأنه كلام يبين مراد الله فهو كالكلام الذي يبين مراد البشر
- ويسمى وحيا لأنه ليس من تأليف البشر ولا فعلهم

🔹السابع : كلام الله :
( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )

🔹الثامن : المصحف :
كيف سمي القرآن مصحفا :
- جمع القرآن زمن أبي بكر وكتب على الورق
- طلب أبو بكر من الصحابة أن يلتمسوا لسما للقرآن بعد جمعه في صحف
- كرهوا تسميته إنجيلا لأجل النصارى ، وكرهوا سفرا لأجل اليهود
- اقترح ابن مسعود تسميته مصحفا لما رأى في الحبشة كتابا يسمونه المصحف

🔹آيات القرآن :
الآية :
- الآية هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا او إلحاقا
- تقديرا مثل ( مدهامتان ) تقدر : هما مدهامتان
و ( والفجر ) تقدر أقسم بالفجر
- وإلحاقا لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة لتكون آية مثل ( ألم ، طسم ، يس )

تسمية الآية :
- تسمية الأجزاء من السورة آية تسمية قرآنية ( منه آيات محكمات ) وهي ميزة اختص بها القرآن
- لا يحق تسمية جمل الإنجيل أو التوراة آيات لعدم وجود خاصية التحدي فيها لا بالعبرية ولا الآرامية

- ما ورد عن الصحابي بقوله عما في التوراة ( آية الرجم ) فسماها آية إنما هو :
أ. تغليب لجريانها على لسانه
ب. وللمشاكلة التقديرية تشبيها بجمل القرآن

سبب تسمية الآية بذلك :
1- لأنها دليل على أنها وحي من عند الله
- تحتوي الآية على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة النظم وإعجازه فهو وحي من الله
2- وقوع الآيات مع غيرها جعلت دليلا على أن القرآن منزل من عند الله وليس من تأليف بشر
- تحدى رسول الله أهل البلاغة والبيان والإعجاز من أهل اللسان العربي فعجزوا عن تأليف مثل سورة من سور القرآن

مقادير الآيات :
- عد الكلمات في آية من القرآن أمر توقيفي وسنة متبعة
- تحديد مقادير الآيات مروي عن رسول الله
- قول ابن العربي والزمخشري في أن تحديد الآيات توقيف
- اختلاف القراء في مقدار بعض الآيات وتحديد مطلعها ومقطعها محمول على التخيير
- كان الصحابة على علم من تحديد الآيات
- كان الصحابة يقدرون بعض الأوقات والمسافات بعدد ما يقرأ من آيات القرآن
مثال : قالوا أنهم كانوا يقدرون بين سحور النبي وطلوع الفجر مقدار خمسين آية
- آيات القرآن متفاوتة في مقاديرها وعد كلماتها فتقدير الوقت بها تقدير تقريبي
- تفاوت الآيات طولا وقصرا تابع لما يقتضيه المقام وبلاغته

أطول آية واقصرها :
- ذكر أطول آية في عدد الكلمات ( كما ذكرها ابن عاشور ) ( هم الذين كفروا وصدوكم ..) إلى ( بكل شيء عليما ) من الفتح
وآية ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين ) من البقرة
[📌أطول آية في القرآن هي آية الدين 282 في سورة البقرة ]

- أقصر آية في عدد الكلمات ( مدهامتان ) ،
وبعض الحروف المقطعة ك( طه )

- ما بينهما في الطول ( حرمت عليكم أمهاتكم وأخواتكم)

🔹الوقف في القرآن :
وقوفات القرآن :
- تعريف الوقف
- الوقف ينقسم إلى وقف أكيد حسن و دونه
- أقسام الوقف حسب معناه
- ليس في القرآن مكان يجب الوقف أو يحرم فيه
- اصطلاح البعض على أن الوقف يكون بعد نهاية الكلام ، أما خلاله قبل تمام المعنى فهو سكت
- تعريف السكت وأن زمنه أقل من زمن الوقف
- الوقف عند انتهاء جملة من القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام
- وقوفات القرآن لا تساير نهاية الآيات ولا ارتباط لها بها
- قد يرد في الآية الواحدة عدة وقوفات

أثر الوقف على المعنى :
- فهم المعاني في القرآن كان مفروغا منه عند العرب لأنهم أهل اللسان
- اللغة العربية واضحة والسياق حارس للمعنى من الخلل
- لم يعتن السلف بتحديد وقوفات القرآن لوضوحها وظهور أمرها
- بعد دخول الأعاجم في الاسلام احتيج لضبط الوقوفات لعدم تغيير المعاني ولتيسير الفهم على القارئ
- أشهر من تصدى لضبط الوقف ابن الأنباري والنحاس والنكزاوي

الوقف والمعنى :
1 - قد يختلف معنى الكلام باختلاف محل الوقف
- أمثلة على اختلاف المعنى باختلاف محل الوقف
أ. ( وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير )
ب. ( وما يعلم تأويله إلا الله / والراسخون في العلم )
ج. ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ..) إلى ( إن ارتبتم / واللائي لم يحضن )

2 - قد يختل المعنى عند الوقف الخاطئ
- أمثلة على ذلك

3 - قد يكون لتعدد الوقف تعدد في المعاني مع اتحاد الكلمات

الوقف على رؤوس الآي :
- ينبغي الوقف عند رؤوس الآي وفواصلها ولو لم يتم المعنى
- الوقف على رؤوس الآي سنة
- حديث قرءة الرسول القرآن مقطعة آية آية
- يجب اتباع المأثور في تحديد الآي
-،اتباع المأثور في الوقف على رؤوس الآي لا يمنع من وضع ضوابط وإن خرجت عنها بعض المواضع

الفواصل :
- الفواصل هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب
- يتقارب أو يتماثل صيغ النطق بالفواصل وتكرر في السورة
- تكرار الفواصل في السورة يؤذن أن تقاربها مقصود من النظم في آيات كثيرة تكثر وتقل
- العبرة في الفواصل بتماثل صيغ الكلمات بالحركات والسكون
- أكثر الفواصل جار على أسلوب الأسجاع ويلزمها ما لا يلزم القوافي

غرض الفاصلة القرآنية :
أ- الفواصل من جملة المقصود من الإعجاز لأنها من محسنات الكلام
ب- الفواصل فصاحة في الكلام لها غرض بلاغي لأن الوقوف عندها يؤثر في السامع فيلتفت ويصغي
ج- عمل الفاصلة القرآنية كعمل القوافي الشعرية والسجع في الكلام المسجوع من حيث لفت السامع والتأثير فيه
- مثال على تأثير الفاصلة من سورة غافر

أسلوب القرآن في الفواصل :
- الفواصل كلها منتهى آيات ولو لم يتم غرض الكلام بعد
- إذا انتهى غرض الكلام الذي سيق له ولم تقع فاصلة لا يكون منتهى الكلام خاتمة آية إلا نادرا

- مثال لما هو خاتمة وليس بفاصلة :
( والقرآن ذي الذكر ) ص ،
مثال لانتهاء الآية بعد الفاصلة رغم انتهاء الكلام قبلها
( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ... ) الآية
- أمثلة على الفواصل القرآنية

🔸استطراد :
- ترك الوقف على القوافي تغطية على محاسن الشعر وتشبيه للشعر بالنثر
- علة من يقف عند نهاية المعنى لا عند نهاية القافية أنه يريد بيان الكلام
- الانصراف عن المحافظة على القوافي لأجل المعنى تضييع للوقت والجهد

🔹عد الآي :
عدد آي القرآن :
- عدد آي السور كان معروفا زمن رسول الله
- دل على ذلك ما روي عن ابن عباس في نزول آخر آية في القرآن ، وقول جبريل ( ضعها على رأس ثمانين ومئتين من سورة البقرة )
- استمر عد الآي زمن الصحابة بعد رسول الله
- اتفق العلماء على أن آيات القرآن ستة آلاف واختلفوا فيما زاد عليها
- منهم من لم يزد على الستة آلاف ومنهم من زاد مئتين وأربع وقيل وأربع عشرة وقيل وتسع عشرة وقيل وستا وثلاثين آية

اختلافهم في عد البسملة :
- أجمع أهل الكوفة والبصرة والمدينة والشام على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة
- اختلفوا في عد البسملة آية وعدم عدها في الفاتحة فقط
- الكوفي والمكي عدوها آية من الفاتحة ،
والمدني والبصري والشامي لم يعدوها آية

اختلاف أهل الأمصار في العد :
- أهل المدينة لهم عدان الأول والثاني
- العد الأول هو ما اتفق عليه يزيد بن القعقاع وابن نصاح وأبو عبد الرحمن السلمي وإسماعيل بن جعفر الأنصاري
- العد الثاني هو ما خالفهم فيه اسماعيل بن جعفر
- لأهل مكة عدد واحد
- قد يختلف القراء في عدد الآي في السورة الواحدة وقد يتفقون
- توجد بعض اختلافات بين مصاحف الكوفة والبصرة والشام في العد
- عد بعض الأحرف المقطعة فواتح السور آيات كاملة مثل ( ألم ، طسم ، يس )
وبعضها ليس آية تامة ( ص، ق ، طس )

سبب الاختلاف في العد :
- ما اختلف فيه السلف من عد الآي :
أ. إما بناء على اختلاف الرواية
ب. أو اختلاف في الاجتهاد

🔹ترتيب الآي :
ترتيب الآي المصحفي لا يعني ترتيب النزول :
- نزل القرآن منجما حسب الوقائع
قال ابن الأنباري : كانت الآية تنزل جوابا لمستخبر يسأل ، ويوقف جبريل رسول الله على موضع الآية

نزول الآيات :
أ - بعض آيات القرآن نزلت متتابعة وبعضها سورة كاملة
- من السور التي نزلت دفعة واحدة : الفاتحة والمرسلات
- من الآيات التي نزلت متتابعة كالأنعام

ب - وقد تكون آيات السورة نزلت متفرقة ونزلت السورتان متفرقتان في أوقات متداخلة

ج - قد يكون اللاحق في ترتيب المصحف متقدما في النزول والعكس
مثال على تأخر النزول عن السابق واللاحق ( غير أولي الضرر )

- آيات القرآن مستقل بعضها عن بعض لأن كل آية منه ترجع لغرض معين في إصلاح الناس

ترتيب الآيات في سورها وقفي :
- ترتيب الآي في السورة الواحدة بعضها إثر بعض واتساق وترتيب الحروف والكلمات توقيفي
- كان الوحي ينزل بترتيب الآيات
- كان رسول الله يخبر الكتاب بمكان الآية من أي سورة
- قد تكون الآية ألحقت بالسورة بعد تمامها بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضعها في مكانها
- لم تختلف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في ترتيب آي السورة الواحدة على نحو ما في المصحف اليوم
- حفظ حفظة القرآن زمن رسول الله القرآن على ترتيبه من قراءة رسول الله الجهرية
- كان الصحابة يعتمدون في حفظ القرآن على قوة ذاكرتهم إذ لم يكونوا يعتمدون الكتابة
- حكمة الأمر بكتابة الوحي حتى يرجع إليه المسلمون عندما يحصل لهم شك أوجهل أو نسيان

- ممن جمع القرآن كله في صدره زمن رسول الله :
زيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبو زيد وأبو الدرداء وعبادة بن الصامت وأبو أيوب وسعد بن عبيد ومجمع بن جارية وأبو موسى الأشعري

- قال مالك ( إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم )
- ترتيب الآي في المصاحف قد استقرت عليه رواية الحفاظ من الصحابة على العرضة الأخيرة للقرآن الكريم
- لما جمع زيد بن ثابت القرآن زمن أبي بكر لم يخالف ترتيب الآي
- لم يؤثر عن الصحابة خلاف ولا شك ولا تردد في ترتيب الآي عند جمع زيد للقرآن زمن أبي بكر

- ترتيب الآيات في السورة من وجوه الإعجاز لما فيه من بداعة أسلوب
- في كثير من المواضع يربط بين الآيات بحروف العطف كالفاء ولكن وبل وأدوات الاستثناء

التناسب بين الآيات :
- بين كل آية ولاحقتها تناسب في الغرض أو في الانتقال منه أو أي من أساليب الكلام المتصل
- وجود التناسب والربط بين الآيات لا يعني الاتصال أو الترتيب في النزول
- ينبغي في كل آية أن يبحث عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة عنها ثم يبحث في المستقلة ما وجه تناسبها

- قد تكون الآية اللاحقة لآية غير متصلة بها معنى لكنها نزلت عقب تلك الآية لسبب يخصها فرتبت عقبها
- أمثلة مما رتب في سياق مختلف عن معناه لأنه نزل لسبب ارتبط بالآيات وسياقها مثل ( لا تحرك به لسانك لتعجل به)

- الآيات المتتالية تتشابه في النظم والأسلوب وإن اختلفت أسباب وأوقات نزولها
- ينبغي للمفسر طلب المناسبة بين الآيات ما وجد إلى ذلك سبيلا فإن لم يجد فلا يتكلف ولا يتمحل

🔹سور القرآن :
السورة معناها وسبب تسميتها :
- تعريف السورة القرآنية
- أقل مقدار للسورة ثلاث آيات
- كيف عرف أن أقل السورة ثلاث آيات
- للسورة غرض خاص تلتئم آياتها ومعانيها لتحقيقه وترتكز عليه
- تسمية القطعة من آيات القرآن سورة مصطلح قرآني
( فأتوا بسورة من مثله )
( فأتوا بعشر سور مثله مفتريات )
( سورة أنزلناها وفرضناها )
- عرفت السورة بذلك عند المسلمين وعند المشركين إذ لا يتحدى إلا بمسمى معلوم
- لم تكن أجزاء التوراة أو الإنجيل تسمى سورا عند العرب ولا عند غيرهم قبل الإسلام
- جمع سورة سُوَر كغرف

وجه تسمية السورة بذلك :
1 - قيل أن السورة مأخوذ من السُّور وهو الجدار المحيط بالمدينة
- زيادة التاء في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام كخطبة ورسالة

2- قيل من السؤر وهو البقية مما يشرب الشارب لأنه جزء مما يشرب
- خففت الهمز فصارت واوا ( سور )

تسوير القرآن :
- تسوير القرآن كان من زمن النبي وتوفي رسول الله والسور مسورة
- كانت السور معلومة المقادير وفواتيحها وخواتيمها زمن النبي كخواتيم البقرة وبراءة
- حفظت مقادير السور من قراءة الرسول ومن عرضه للقرآن على حبريل
- اختلاف عمر وهشام في سورة الفرقان ، وقول ابن مسعود عن سور الإسراء والكهف ومريم وطه والأنبياء أنهن من العتاق الأول مما يدل على تحديد السور وتسميتها مبكرا
- طول السورة أو قصرها يعتمد على عدد آياتها لا عدد كلماتها وحروفها
- كان القرآن مئة وأربع عشرة سورة بأسمائها زمن رسول الله
- لم يخالف في عد السور إلا ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه
أ. إذ لم يثبت المعوذتين في القرآن وقال هما تعوذ
ب. أثبت القنوت في صلاة الفجر أنه من سورة القرآن
- سمى القنوت سورة الخلع والخنع [ والحفد ]
ج. عد سورتي الفيل وقريشا سورة واحدة

- مخالفة ابن مسعود كانت استنادا إلى فهمه من نزول القرآن
- جمهور الصحابة لم يختلفوا ولم يترددوا في تحديد سور القرآن وعددها
- مواقف نبوية تثبت أن السور بأسمائها كانت معلومة زمن رسول الله

فائدة تسوير القرآن :
1- تقسيم القرآن إلى سور أحسن ترتيبا من أن يكون كله قطعة واحدة
2- تنشيطا للقارئ والحافظ كلما ختم سورة أن ينتقل إلى أختها

🔸استطراد :
- ترك الهمز في ( سورة ) لغة قريش وهذيل وكنانة وهوازن وسعد بن بكر ، والهمز لغة تميم .
- طرق العرب في التعامل مع تخفيف الهمز أو تحقيقه

🔹تسمية السور :
- أسماء السور كانت منذ نزول الوحي
- بعض الآثار في أن أسماء السور عرفت زمن رسول الله
- سمى الصحابة السور بما أثر عن رسول الله
- إن كانت السورة ليس لها اسم مأثور عن رسول الله اجتهد الصحابة في اختيار أشهر ما تعرف به السورة ليسموا به

- أسماء السور قد تكون :
أ. بأوصافها كالحمد
ب. بالإضافة لشيء اختصت به كالبقرة ولقمان
ج. أو بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى كسورة هود وإبراهيم
- أو بكلمات تقع في السورة ك( براءة ، والحروف المقطعة أوائل السور )
- وقد تسمى السورتان باسم واحد كالكافرون والإخلاص سميتا بالمقشقشتين

- كانت أسماء السور بالوصف (السورة التي يذكر فيها كذا )
- شاع وصف السورة بما عرفت به حتى صار اسما لها
مثال ( السورة التي تذكر فيها البقرة ) ثم ( سورة ذكر البقرة ) ثم ( سورة البقرة)

قولهم في جواز قول ( سورة كذا )
- ما ورد في اختلاف السلف في جواز قول ( سورة كذا) وتفضيلهم ( السورة التي يذكر فيها كذا )
- قيل أن كراهة التسمية ( بسورة كذا ) لاستهزاء المشركين في مكة بسورة الفيل أو العنكبوت ، أما في المدينة زال سبب النهي من هذه التسميات فعاد استخدامها
- ما رواه البخاري في جواز قول سورة كذا وسورة كذا دون كراهة
- كان شعار الصحابة ونداء الرسول لصحابته يوم حنين ( يا أصحاب سورة البقرة ) مما يدل على تسمية السور

فوائد تسمية السور
- تسمية السورة يسهل المراجعة والمذاكرة
- تسمية السورة يميز السورة عن غيرها

كتابة اسم السور في المصاحف :
- لم يثبت الصحابة في المصحف أسماء السور كراهة أن يكتبوا غير آيات القرآن مع القرآن
- سمى أُبيّ بن كعب السور في مصحفه
- كتبت أسماء السور في المصاحف في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك
- كتبت أسماء السور بخط غير خط الآيات تمييزا لها عن القرآن

🔹ترتيب سور القرآن :
في ترتيب السور بعضها إثر بعض قولان رئيسان :
1- أن ذلك الترتيب بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم
2- أنه اجتهاد من الصحابة عند جمع عثمان للمصحف

3 - توسط بينهما قول هو أقواها وهو أن بعض السور كانت مرتبة توقيفا وبعضها اجتهد فيه الصحابة وقت جمع عثمان
- المفصل والطوال كانت مرتبة زمن رسول الله ، والاحتمال فيما عدا ذلك
- قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لبعض السور في الصلاة بخلاف ترتيبها في المصاحف دليل اجتهاد الصحابة في الترتيب
- تقديم سورة آل عمران على النساء في ترتيب المصحف أ. مراعاة لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
ب . لأن آل عمران نزلت قبل النساء
ج . لمراعاة المناسبة بين فاتحة البقرة وآل عمران
د . لأن النبي وصف البقرة وآل عمران وصفا واحدا فسماهما الزهراوين
هـ. لحديث النبي صلى الله عليه في تقدم البقرة وآل عمران أصحابهما

ترتيب السور في جمع أبي بكر :
- عندما جمع القرآن في مصحف زمن أبي بكر لم يكن مرتب السور بل كان لكل سورةصحيفة
- كانت الصحف المجموعة زمن أبي بكر عنده مدة خلافته ثم عند عمر ثم عند حفصة وأخذت منها عند جمع عثمان ثم ردت إليها

ترتيب السور في مصاحف الصحابة
-قيل أول من جمع القرآن في مصحف له هو سالم مولى أبي حذيفة .
-مصاحف الصحابة قبل جمع عثمان كانت مختلفة الترتيب فكل رتبه لنفسه
- ممن كان له مصحف من الصحابة :
أ. عبد الله بن مسعود
ب.أبي بن كعب
ج. سالم مولى أبي حذيفة

- علي بن أبي طالب رتب مصحفه على ترتيب النزول بحسب ما بلغ إليه علمه
- مصحف ابن مسعود وأبي رتبا على طول السور وقصرها

ترتيب السور في جمع عثمان
- توخى عثمان وزيد بن ثابت ما استطاعا ترتيب قراءة رسول الله لسور القرآن
- لم يتردد زيد في ترتيب السور كما كان يسمعها من رسول الله
- زيد بن ثابت من أكبر حفاظ القرآن زمن رسول الله ولازم النبي مدة حياته بالمدينة
- أمر عثمان بترتيب المصحف على طول السور وقصرها
- سمي مصحف عثمان بالمصحف الإمام
- أثر ابن عباس وعثمان في ترتيب الأنفال وبراءة
- قد يوجد في القرآن ما يقتضي سبق سورة على أخرى لسبقها في النزول لكنها لم ترتب كذلك في المصحف

الفصل بين السور :
- اعتمدوا البسملة علامة لفصل السور بعضها عن بعض
- إثبات الصحابة البسملة كعلامة للفصل بين السور
أ. لأنها مناسبة للافتتاح
ب. لكونها آية من آيات القرآن

- لم يكتبوا البسملة بين الأنفال وبراءة تحريا لعدم جزمهم أنهما سورتان منفصلتان لعدم وجود البسملة أول براءة

التزام ترتيب المصحف عند التلاوة :
- حديث عائشة مع العراقي في عدم وجوب القراءة على ترتيب سور القرآن في المصحف
- قول ابن بطال بعدم وجود من يوجب القراءة على ترتيب السور في المصحف
- نهي السلف عن قراءة القرآن منكسا هو نهي عن قراءة السورة من آخرها لأولها وليس سورة قبل أخرى

🔹المكي والمدني :
- الخلاف في تحديد المكي والمدني قليل
- ترتيب المصحف تخللت فيه السور المكية والمدنية
- في السورة الواحدة قد يكون بعض آياتها مكيا وبعضها مدنيا
- ترتيب نزول السور المكية والمدنية على ثلاث روايات :
أ. مجاهد عن ابن عباس
ب. عطاء عن ابن عباس
ج. جابر بن زيد عن ابن عباس
- اعتمد الجعبري في منظومته على رواية جابر في ترتيب النزول

🔹معاني القرآن :
أغراض العرب وأساليبهم في كلامهم :
- جبل العرب على ذكاء القرائح وفطنة الأفهام
- أقيمت أساليب كلام بلغاء العرب على دعامة فطنتهم وذكائهم
- الإيجاز سمة مميزة في كلام العرب لاعتمادهم على فهم السامع
- يكثر في كلام العرب المجاز والاستعارة والتمثيل والكناية والتعريض وغيرها من أساليب الكلام
- غرض أساليب العرب في كلامهم أداء ما في نفس المتكلم
بأوضح عبارة وأكثرها اختصارا ليسهل علوقها بالأذهان
- البلغاء يودعون كلامهم المعاني التي يدعو إليها غرضهم من الكلام ويتركون غيره
- من توغل في حقيقة البلاغة علم تفوق القرآن على ما سواه من بليغ الكلام

لماذا جعل الله خاتم كتبه عربيا
1 - لأن اللغة العربية أوفر اللغات مادة وأقلها حروفا وأفصحها لهجة
2 - لأن العربية أكثر اللغات تصرفا في الدلالة على أغراض المتكلم وأوفرها ألفاظا
3 - لجعله جامعا لأكثر ما تتحمله العربية في نظم المعاني من تراكيبها بأشوجز لفظ

المعاني التي تتحملها جمل القرآن تعتبر مرادة بها
- القرآن كتاب هداية وتشريع وتعليم وتأديب
- معاني القرآن توفر كل ما يحتاج السامعون علمه من المعاني
- وفرة معاني القرآن على إيجاز لفظه ليحصل به الهدى الذي جاء به للناس
- القرآن يحوي في ألفاظه من المعاني أكثر مما تحتمله الألفاظ وذلك مما لم يعتد بلغاء العرب إيداعه في كلامهم
- القرآن يورد الألفاظ التي تحتمل من المعاني الغرض المقصود المألوف إضافة إلى معان أخرى مرادة معه لا دونه ما لم يمنع من ذلك مانع صريح أو غالب من دلالة شرعية أو لغوية أو توقيفية
- يورد القرآن من المعاني ما كانت دلالة التراكيب عليه متساوية أو متفاوتة ظاهرة أو محتملة
- إنزال ألفاظ الآيات على وجهين أو أكثر تكثيرا للمعاني
مع إيجاز اللفظ وهو من وجوه الإعجاز
- قد يكون المراد من الآيات ليس هو الأسبق من التركيب مع عدم نفي إرادته
- أمثلة على إرادة معان أخرى مما لم يكن المعنى هو الأسبق لمعنى التركيب
- بعض ما ورد إلينا من تفسيرات مروية عن رسول الله ليست المعنى الأسبق من التركيب
- تفسير رسول الله للفظ بغير ما يرد إلى الذهن منه ابتداء إيقاظ للأذهان لأخذ أقصى المعاني من القرآن
- مثال حديث أبي سعيد بن المعلى في ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )
- مثال ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم )
- أمثلة على سوق الآيات للاستشهاد بمعان تحتملها مما ليس الغرض الأصلي الذي سيقت له

التركيب المحتمل معنيين فأكثر :
أ. قد يكون بين التركيبين من العموم والخصوص فيحمل التركيب على كل ما يحتمله اللفظ ما لم يوجد صارف لفظي أو معنوي

ب. قد يكون بينهما من التغاير بحيث يكون تعيين أحدهما منافيا لتعيين الآخر بحسب إرادة المتكلم
- صلاحية اللفظ للمعنيين مع عدم وجود ما يعين أحدهما تفيد إمكانية حمل الكلام على المعنيين

ج. قد يكون أحد المعنيين متولدا من الآخر فيحمل عليه تبعا ؛ كالكناية والتعريض مع إرادة المعنى الصريح
- مثال ذلك تفسير ابن عباس لسورة النصر بأجل رسول الله مع عدم نفيه المعنى الصريح

- إذا كثرت المعاني المتواردة للذهن عن تدبر القرآن تحمل عليها ما لم يمنع من ذلك مانع

من أدق ما ورد في جمع القرآن كثير المعنى في موجز اللفظ :
1 - استعمال اللفظ المشترك في معانيه كلها
2 - استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي معا
3 - إرادة المعنى المكنى به مع المصرح به معا
4 - إرادة المستتبعات من التراكيب المستتبعة وهو من مباحث علم البيان

- المبحثان الأولان محل تردد عند المتصدين لاستخراج معاني القرآن
- سبب التردد هو ندرة ورود مثل هذه الوفرة في المعاني في كلام العرب غير القرآن
- رفض بعض العلماء الجمع بين معنيي المشترك أو بين الحقيقة والمجاز في اللفظ الواحد

🔹المشترك اللفظي :
استعمال المشترك في معانيه كلها :
- المشترك يصح إطلاقه على معانيه جميعا أو بعضها إطلاقا لغويا

أقوال العلماء في إرادة معاني المشترك معا :
- اختلف علماء اللغة وعلماء أصول الفقه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى من مدلوله
- قول الغزالي والحسن البصري في إرادة المشترك عدة معان
- قال الشافعي والباقلاني والمعتزلة معاني المشترك من قبيل الحقيقة
- وقال قوم ان ذلك على سبيل المجاز
- بين الباقلاني أن المشترك لا يحمل على أكثر من معنى إلا بقرينة
- فهم ابن الحاجب أن القرينة مطلقا من علامات المجاز لذلك نسب للباقلاني القول أن المشترك من سبيل المجاز
- القرينة التي هي من المجاز هي القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي
- رأى المرغيناني الفقيه الحنفي أن المشترك لا يصح إطلاقه على معانيه في الإيجاب ويصح ذلك في النفي
- سبب قوله ذلك اشتباه دلالة اللفظ المشترك على معانيه بدلالة النكرة الكلية على أفرادها
- رد ابن عاشور قول المرغيناني

- الراجح هو حمل المشترك ( سواء كان لفظا مفردا او تركيبا ) على ما يحتمله من المعاني سواء كانت حقيقة أم مجازية

المشترك اللفظي قد يكون مفردا أو مركبا :
أ. مثال استعمال المفرد المشترك في حقيقته ومجازه :
- في معنى السجود من ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات والأرض )
- معنى البسط في ( ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء )

ب. استعمال المركب المشترك في معنييه :
- في ويل له في ( ويل للمطففين )

الجمع أو الترجيح بين المعاني :
- يمكن الجمع بين المعاني التي يذكرها المفسرون أو الترجيح بينها بحسب قوة ما تحتمله الألفاظ من المعاني

- كان المفسرون من يرجح معنى على آخر يجعل المرجوح ملغى
- الصواب أن كل المعاني التي تحتملها الألفاظ مما لا مانع من حملها عليها تعد من تفسير الآية

من أسلوب ابن عاشور في التعامل مع المشترك :
- إذا ذكر ابن عاشور معنيان للفظ فأكثر فعلى قانون حمل اللفظ على كل معانيه
- إذا ترك بعض كلام المفسرين فلأنه ترجح لديه غيره وتركه له لا يدل على إبطاله

🔸استطرادات :
- حجية القرآن متفق عليها بين علماء الأمة لا خلاف عليها كخلافهم على الأخبار المروية عن رسول الله
- الخلاف في حجية الأخبار المروية عن رسول الله نظرا لاختلاف شروط تصحيح الأخبار وتفاوتهم في مقدار ما يبلغه علمهم منها مع تفرق العصور
- بعض استنباطات الفقهاء من الآيات مما ليس هو دلالتها المباشرة
- استدلال الشافعي على حجية الإجماع وحرمة خرقه ب( ويتبع غير سبيل المؤمنين ...)
- حمل ألفاظ القرآن على جميع ما تحتمله هو نظير ما قاله الأصوليون من حمل المشترك على معانيه احتياطا
- القراءات المتواترة إذا اختلفت في الألفاظ بما تختلف له المعاني يرجع إلى هذا التوسع في المعنى
- تفيد النكرة الكلية العموم في سياق النفي ولا تفيدها في الإثبات

🔹إعجاز القرآن
- البحث في وجوه إعجاز القرآن لكونه المعجزة الكبرى والخالدة للنبي صلى الله عليه وسلم
- رسالة رسول الله بنيت على إعجاز القرآن
- معجزة القرآن عامة ، وتلزم الحجة بها إلى يوم القيامة
- ما ورد من معجزات لرسول الله غير القرآن كانت في أحوال خاصة ولأناس خاصة وبعضها متواتر وبعضها غير متواتر

غرض ابن عاشور من التقديم عن الإعجاز :
- علاقة مقدمته في إعجاز القرآن بالتفسير
- أورد في مقدمته نكتا من إعجاز القرآن مما أهمله غيره ممن تكلم في الإعجاز
- ممن تكلم في إعجاز القرآن الباقلاني والرماني والجرجاني والخطابي والسكاكي

التحدي بالقرآن :
- تحدى الرسول بمعجزة القرآن معانديه تحديا صريحا
- وقع التحدي في القرآن بسورةمهما قصرت
- يعلم وجه إعجاز القرآن من عجز أهل زمان تنزله على معارضته ثم عجز كل عصر بعدهم عن المعارضة
- دليل عجز المعاندين على المعارضة متواتر من آيات القرآن نفسها كما أن التحدي متواتر
- ثبت عجز المعاندين عن معارضة القرآن :
أ. بالنص القرآني ( ولن تفعلوا )
ب. وبشهادة التاريخ إذ عجزوا عن المعارضة مع توفر دواعيها فلجأوا إلى المقاومة بالقوة

تعليل العلماء عجز المعارضين عن المعارضة :
أ. أن عجزهم لأن الله صرفهم عن المعارضة بسلبهم الداعي أو المقدرة لتقوم الحجة عليهم
- ينسب هذا القول إلى ابي الحسن الأشعري والنظام والشريف المرتضى والاسفرائيني وهو قول ابن حزم والمعتزلة
- يعرف هذا القول بالصرفة
- هذا قول الأقليةوهو الأضعف

ب. العجز هو عجز حقيقي لأن القرآن بلغ في درجات البلاغة والبيان والفصاحة مبلغا تعجز عنه جهابذة اللغة
- هذا قول جمهور الأمة وهو الراجح
- اقتصر عليه إمام الحرمين وأئمة الأشعرية والجاحظ وأهل العربية
- التحدي بعجز البلغاء عن الإتيان بمثل القرآن يرتبط بما فيه من خصوصيات بلاغية لا يقدر عليها خاصة البلغاء

✔ مما يدل على القول الثاني :
بقاء آيات متلوة مع نسخ حكمها لما حوته من وجوه البلاغة والإعجاز مما يصلح للتحدي به

🔹بلاغة القرآن :
القرآن أبلغ الكلام العربي :
- نظم القرآن الكريم بلغ غاية النهاية في البلاغة لأنه كلام الله
- جمع القرآن الدقائق واللطائف لفظا ومعنى ليفي بأقصى ما يراد إيصاله للمرسل اليهم
- حوى القرآن من خصائص وأساليب بلاغية أعجزت فحول العربية فما استطاعوا معارضته ولا فكروا بذلك

- بعض من عرف بالبلاغة آمن كـ:
لبيد بن ربيعة
وكعب بن زهير
والنابغة الجعدي ،
وبعضهم بقي على كفره مع إقراره بإعجاز القرآن وعجزه أمامه :
كالوليد بن المغيرة

- قول الوليد بن المغيرة في القرآن
- القرآن كان فتحا للبصائر وللعقول وللقرائح وفتحا للممالك والآداب
- بلغ القرآن بالأدب العربي أعلى ما يمكن أن يبلغه
- من أفانين البلاغة ما حواه نظم الكلام الذي سيق لغرض معين وما فيه من تناسب في الفواتح والخواتم وأساليب البلاغة المختلفة

سبب حديث ابن عاشور عن بلاغة القرآن :
- أراد في بيانه لبلاغة القرآن إعطاء لمحة تظهر إعجاز القرآن وتفوقه في بلاغته
- لا بد للمفسر من بيان شيء مما فاق به القرآن غيره من الكلام لئلا يكون تفسيره ترجمة للكلمات
- انتقاد ابن عاشور للتفاسير التي لا تورد شيئا من دقائق البلاغة وما امتازت به ألفاظ القرآن
- من المقلين في ذكر البلاغة ابن عطية والزجاج
ومن المكثرين الزمخشري في الكشاف
- لم يبسط دلائل الإعجاز في آحاد السور والآيات لوجود كتب مختصة في ذلك
- عذر ابن عاشور من فسر القرآن من ناحية خاصة كالأحكام لعدم اهتمامهم بالوصول إلى إعجاز القرآن وبلاغته
- بعض تفاسير الأحكام التي لم تخل من دقائق البلاغة كأحكام القرآن لابن العربي ، ومثله لإسماعيل بن حماد المالكي

🔹وجوه الاعجاز
الإعجاز القرآني راجع إلى ثلاث جهات :
1⃣ الجهة الأولى :
بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ في إفادته المعاني الكثيرة الدقيقة مما لا يفيده أصل وضع اللغة
- مرجع هذا الإعجاز إلى ما يسمى حد الإعجاز
- دون علماء البلاغة علما المعاني والبيان لدراسة هذا الوجه
- منتهى التنافس عند العرب كان في التفوق بالفصاحة والبلاغة
- قارن العلماء بين ما في القرآن من ضروب البلاغة وما ورد في أبلغ كلام العرب مما عد أقصى إعجازها
- من الكتب التي خصصت لدراسة ذلك دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة وغيرها ، ومن التفاسير الكشاف
- مما يدل على هذا الوجه أن العرب لعجزهم على المعارضة وعلمهم باختلاف القرآن عن سائر الكلام لم يتعرض واحد لمعارضته لئلا يعرض نفسه للافتضاح
- عناد المشركين ومكابرتهم فلم يؤمنوا مع علمهم بإعجاز القرآن وصدق المرسل
- افتضاح عوار من زعم أنه يأتيه الوحي كمسيلمة
- أمثلة من تأثر العرب بالإعجاز ك( فاصدع بما تؤمر )

الإعجاز البلاغي :
- الإعجاز في بلاغة أساليب النظم القرآني يسمى عند أهل البلاغة بالنكت البلاغية
- تفاضل البلغاء وتنافسهم في وفرة النكت البلاغية في كلامهم
- ما احتواه القرآن من وفير النكت البلاغية في موجز الكلام أعجز البلغاء والفصحاء إذ لا قبل لهم بذلك
- الإعجاز البلاغي في القرآن أقوى نواحي إعجازه

أثر الذوق في إدراك بلاغة القرآن :
- السبيل لإدراك بلاغة القرآن بالذوق ، ولا يكتسب الذوق إلا بعلمي البيان والمعاني
- الذوق قوة إدراكية تختص بإدراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية
- من رزق ذوقا فطريا واعتنى بعلمي البيان والمعاني كان أقرب لذوق إعجاز القرآن
- إعجاز القرآن ليس بالصرفة
- وليس فقط لاختلاف أسلوبه عن أساليب العرب
- القرآن كلام عربي أحرفه أحرفهم وكلماته كلماتهم وأساليبه وهيئاته وتراكيبه كأساليبهم وهنا مكمن إعجازه

🔹من الخصوصيات البلاغية في القرآن :
1- حسن التقسيم
- مثال : خصوصيات البلاغة في سورة الفاتحة
- حديث أن الله قسمها بينه والعبد
- حسن التقسيم من المحسنات البديعية

2 - الجناس في الآيات من المحسنات البديعية
3 - في القرآن محسن المطابقة ( يضله ويهديه )
4 - التمثيل من بلاغة القرآن
5 - الالتفات في الكلام ونقل الكلام من المخاطب أو المتكلم أو الغيبة إلى طريق غيرها
- الالتفات هو شجاعة العربية كما سماه ابن جني
- الالتفات عند بلغاء العرب من النفائس
- ورد الالتفات في القرآن ما لا يحصى كثرة مع دقة المناسبة في الانتقال
- الالتفات يجدد نشاط السامع

6 - التشبيه والاستعارة من أبواب البلاغة العالية
- جاء من التشبيه والاستعارة ما أعجز العرب
- أمثلة من الاستعارة والتشبيه في القرآن
( واشتعل الرأس شيبا )
( صبغة الله )

- كمال الشبه من محاسن التشبيه وذلك بالاحتراس عن صفات النقص
مثال ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ) فاحترس عن كراهة الطعام ب( لذة للشاربين ) ، وعن وجود شوائب في العسل ب( عسل مصفى)
- أمثلة من كمال التشبيه

7 - في إعجاز القرآن ينظم الكلام على خصوصيات بلاغية تناسب المقام ومقتضى الحال
- مثال تناسب البلاغة ومقتضياتها للمقام الذي نزلت فيه من ( ألا إن حزب الله هم المفلحون )
( ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )

8 - ناحية أخرى هي فصاحة اللفظ وانسجام اللفظ وسهولته على اللسان فلا يجد ثقلا فيه
- القرآن بليغ في معناه فصيح سليم سلس في لفظه
- يسر الله القرآن على الأسماع فيرسخ فيها
- رب كلمة حكيمة لا تؤثر في النفوس لركاكة لفظها
- امتاز القرآن بعدم وجود الثقل أو التنافر بين حروفه أو كلماته مع ما تقتضيه كثرة الألفاظ
- حسن دلالة اللفظ مقدمة على مراعاة خفة اللفظ
- وقوع اللفظ المتنافر أثناء الكلام الفصيح لا يزيل وصف الفصاحة عن الكلام
- العرب لم تعب معلقة امرئ القيس ولا طرفة رغم وقوع كلام متنافر ثقيل فيها
- تفاوتت لهجات العرب في فصاحتها
- أفصح العرب قريش ومن جاورها من القبائل
- نزل القرآن بأحسن لهجات العرب وأخفها وأفصحها

9- تعدد الدلالة في القرآن :
- نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة مع تعدد الدلالة
أ - للقرآن دلالة وضعية تشترك مع الكلام العربي كله
ب - ودلالة بلاغية يشاركه فيه كلام البلغاء
ج - ودلالة مطوية وهي ما يذكر تقديرا اعتمادا على قرينة
د - دلالة مواقع الجمل حسب ما قبلها وما بعدها
- التقديم والتأخير في وضع الجمل وأجزائها
مثال التقديم والتأخير في ( إن للمتقين مفازا )

🔸استطراد :
- مما يعرض للألفاظ ويسبب الثقل على اللسان :
1- تنافر حروف الكلمة
- مثل مستشزرات ، الكنهبل ، الخفيدد

2- أو تنافر الكلمات عند اجتماعها
مثل : وليس قرب قبر حرب قبر

2⃣ الجهة الثانية من جهات إعجازه :
ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في أساليب الكلام مما لم يكن معهودا في لغة العرب

ما كان عليه أدب العرب :
- أدب العرب شعر ونثر ، والنثر خطابة وأسجاع كهان
- التزم العرب في أساليبهم في كل من الشعر والنثر طريقة واحدة تشابهت فنونها لا يتجاوزونها
- مثال على تشابه مطالع القصائد في تراكيبها
- تتشابه مطالع كثير من الخطب في لهجتها وأسلوبها

🔺الشعر عند العرب :
- استخدم العرب الشعر تخليدا لأغراضهم وآدابهم وحفطا لها
- الشعراء متفاوتون في سلاسة شعرهم
- الشعر ديوان العرب يحفظ وينقل ويسير في الآفاق
- الشعر وضع لأغراض خاصة أكثرها النسب والحماسة والرثاء والهجاء والفخر والملح والمديح
- الشاعر مهما بلغ من فصاحة وبلاغة ومهما نقح وغيّر لا يكاد يسلم من جمل يتعثر فيها اللسان أو تقصير في البلاغة أو ضرورة

🔺النثر عند العرب :
- للعرب غير الشعر الخطابة والأمثال والمحاورات
1- الخطب :
- الخطب لا يحفظ من ألفاظها شيء فتنسى بانتهاء مقام قولها
- تأثر السامعين للخطب مؤقت وجزئي

2- الأمثال :
- الأمثال الفاظ قصيرة يقصد منها الاتعاظ بمواردها
- لما تطاول الزمان على الأمةال حفظت هي ونسيت مواردها ومواضع الاتعاظ فيها

3 - المحاورات منها :
أ. محاورات عادية ليست من الأهمية بحيث تنقل وتسير
ب. محاورات نواد تقع في المجامع العامة والمنتديات
- المفاخرات وهي نادرة الوقوع وحيدة الغرض

ما أبدعه الأسلوب القرآني :
- من أعظم ما خالف به القرآن أسلوب العرب أنه جاء جامعا لمقصدين هما : الموعظة والتشريع

- اشتمل القرآن على أساليب العرب وكلامهم وفي نفس الوقت ابتكر أساليب جديدة لم يعرفها العرب وليست من الشعر ولا الخطابة ولايشبه أسجاع الكهان
- تنويع الأساليب بين ما ألفوه وما لم يألفوه له حكمتان داخلتان في الإعجاز :
1- ظهور أنه من عند الله
2- زيادة تحد للمتحدين إذ التحدي يكون بما ألفه البشر وعرفوه

- بني نظم القرآن على فواصل وقرائن متقاربة فكان أسلس من الشعر ولم تلجئه ضرورة ولا قصر في ميزان البلاغة بل كان كلاما نثريا لكنه فاق في فصاحته وعذوبته كل كلام

- اعترف خطباؤهم وبلغاؤهم وشعراؤهم أن القرءان مختلف عما ألفوه من أساليبهم ولغتهم
- يجري القرآن على الألسن سهلا عذبا سلسا لا تفاوت في فصاحة تراكيبه
- تضمن القرآن المحاورة والخطابة والجدل والأمثال والقصص والتوصيف والرواية
- أعطى القرآن كل غرض وكل فن ما يليق به
- القرآن سريع العلوق بالأذهان خفيف الانتقال والسير مع القبائل
- مادة ولحمة القرآة هي الحقيقة دون مبالغات ولا مفاخرات
- للقرآن صولة الحق وروعة لسامعيه وتأثير روحاني ليس بلفظي ولا معنوي

من أساليبه التفنن في التنقل بين فن وفن وأسلوب وآخر ببراعة بالاعتراض والتذييل والتنظير والمترادفات
والالتفات

- أمثلة من براعة التفنن في الأساليب والتنقل بينها في القرآن
- لا يشعر السامع أو القارئ بانتقال القرآن من أسلوب لآخر لبراعة التخلص من الأسلوب والانتقال الى غيره
- التفنن في ذكر أمرين أو أحدهما بأسلوبين مختلفين إن كان المقام يقتضي شيئين متساويين لتلوين المعاني المعادة وتجنب التكرار
مثال ( اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا ) ( فكلا منها )
( ادخلوا هذه القرية وكلوا منها) ( اسكنوا هذه القرية فكلوا منها )

من التفنن اتساع أدب اللغة في القرآن

من أساليب القرآن العدول عن تكرار اللفظ والصيغة إلا في مواضع يقتضيها الغرض كالتهويل والتهديد وغيرها
- أمثلة على ذلك
- ألف ابن أبي الإصبع كتابا في بديع القرآن

فائدة التفنن :
- يجعل السامع في نشاط متجدد لسماع المقصود وإقبال عليه
- يدفع سآمة الإطالة على السامع
- يعين على استكثار زمان قراءته إذ ذلك من أغراضه

🔹يسر القرآن :
- قوله ( فاقرأوا ما تيسر من القرآن ) يعني الاستكثار بقدر التيسر

من تيسير القرآن :
1- خفته على اللسان وعلى الأسماع فيعين ذلك على رسوخه وسهولة تذاكره
وذلك لـ:
أ- التفنن في أساليبه وتنوعها
ب - التناسب بين آياته وحسن ارتباط كلامه

2- استعماله أقرب الكلمات وأشملها للدلالة على المعاني المقصودة منها
- لا توجد في القرآن كلمة تقصر دلالتها عن جميع المقصود منها في حالة تركيبها
- كثرة التضمين في القرآن بحيث يتصرف في معنى اللفظ لآخر

🔹أساليب الأداء وأثرها في المعنى :
- بلاغة الكلام تتجاوز تراكيب الالفاظ إلى كيفيات الأداء
- السكوت يفيد التشويق لما يأتي بعده
- مثال على أثر الوقف في التشويق لما بعده ( هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه )
- مثال الوقف وأثره في تغير المعنى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )
- الجزالة و الرقة في وقت واحد حسب المقام من براعة الأسلوب

من مبتكرات أسلوب القرآن :
1 - جاء بالجمل الدالة على معان مفيدة كالجمل العلمية والقواعد التشريعية
- لم يأت بعمومات في مواضع التخصيص ولا خصص ما يلزمه العموم
2 - جاء على أسلوب التقسيم والتسوير
- التقسيم والتسوير أدخلا على العرب فن التبويب والتصنيف
3 - الأسلوب القصصي ووالأوصاف تمثيل الأحوال في القرآن
- للقصص دور عظيم في التأثير على النفوس
- القصص كان فنا مفقودا في أدب العرب إلا نادرا
- مجيء القرآن بالأوصاف بهت العرب

4- التصرف في أقوال المحكي عنهم بما يناسب مقتضى الإعجاز
- صاغ القرآن الأقوال غير العربية بلغة عربية معجزة
- غير الأقوال العربية بأفضل بلاغة وأنسب ما يبلغ به الكلام
- الإعجاز في الأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية
- يغير القرآن الأسماء إلى ما يناسب موقعها في الكلام

5- وضح القرآن الأمثال وأبدع تراكيبها ولم يلتزم فيها أسلوبا واحدا
- أمثلة على أمثال القرآن

6- اختلفت سور القرآن فكان لكل سورة لهجتها وفواصلها وأسلوبها الخاص

7 - أبدع القرآن في الإيجاز فجاء به فوق ما تعرفه العرب
- لولا الإيجاز لكان أداء ما اضمنه القرآن من المعاني في أضعاف مقدار القرآن
- الحذف والاختصار نهج التنزيل
- امثلة على الإيجاز في القرآن

من أنواع الايجاز في القرآن :
1 - من الإيجاز الإيجاز بالحذف دون إخلال ولا لبس
أمثلة على ذلك
2 - من الإيجاز الإخبار عن أمر خاص بعام
🔺فوائده :
أ. يفيد الحكم العام
ب. يفيد الحكم الخاص
ج. يفيد أنوالمحكوم عليه بالخاص من جنس المحكوم عليه بالحكم العام

3- التضمين وهو يرجع إلى ايجاز الحذف

8- استخدم القرآن الإطناب والتفصيل في مواضع وصف الأحوال
- من فوائد الإطناب توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع قلب السامع

9- كثرة استعمال اللفظ المشترك في معنيين إذا صلح المقام بحسب اللغة
- واستعمال اللفظ بمعنييه الحقيقي والمجازي
- تكثير المعاني مع قلة الكلام وهو من إعجاز القرآن

🔺 إعجاز القرآن من الجهتين الأوليين متوجه للعرب وفصحائهم مباشرة ثم للعامة بعدهم
- عجز البلغاء وأرباب اللغة امام القرآن مع توفر دواعي معارضته دليل للعامة على إعجازه
- القرآن دليل صدق رسول الله للبشر كافة
- إعجاز القرآن للعرب الحاضرين تنزله ديل تفصيلي وإعحازه لمن بعدهم دليل إجمالي
- كل من تعلم لغة العرب وحذق بها يشاركهم في إدراك إعجاز القرآن

3⃣ الجهة الثالثة :
ما أودع فيه من المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغه عقول البشر عصر نزول القرآن
- لم يكن للعرب علم سوى الشعر
- هذا النوع من الإعجاز خالف به القرآن الشعر مخالفة واضحة
- هذا الإعجاز العلمي حاصل للقرآن بمجموعه
- هذا الإعجاز ظاهر للعرب إذ لا قبل لهم بما جاء به القرآن من العلوم
- إعجاز القرآن العلمي لعموم الناس لكونه أميا نشأ بين أميين ليس عندهم من العلم شيء
- إعجازه لأهل الكتاب خاصة لكونه ينبئهم بعلوم دينهم مع كونه أميا ولم يتلق العلم منهم ولا من غيرهم من أهل الكتاب إذ نشأ على مرمى ومسمع من قومه ولم يدع أحد ذلك
- جاء القرآن بنسخ اليهودية والنصرانية وهذا يبطل فكرة أنه تعلم منهم الكتاب
- إعجاز القرآن في إخباره عن الأمم السابقة تحد للعرب الأميين خاصة وليس لأهل الكتاب
- يدخل في ذلك ما أخبر به القرآن من أخبار الأمم السابقة مما لا يعلم دقائقها إلاالفذ من أهل الكتاب

العلم نوعان : حقيقي واصطلاحي
🔺 العلم الاصطلاحي
- يختلف باختلاف العصور والأمم والأقطار
- العلم الاصطلاحي لا تخلو منه أمة

🔺العلم الحقيقي هو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان
- يبلغ الإنسان بالعلم الحقيقي ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا

- كلا العلمين كمال إنساني ووسيلة لسيادة أصحابه في زمانهم
- بين العلمين عموم وخصوص

اشتمال القرآن على نوعي العلم
1 - النوع الأول :
العلم الاصطلاحي في القرآن هو علم أهل الكتاب وأحوال الأمم وأخبارها
- هذا العلم عده البعض من إعجاز الإخبار بما لا يعرف إلا بوحي من أخبار الأمم
- لم يكن أدب العرب مشتملا على التاريخ والاعتبار به إلا قليلا
- فصل القرآن في أحوال الأمم للاتعاظ والاعتبار بها
- يقل في القرآن التعرض لأحوال العرب لأنه معلوم عندهم

2- النوع الثاني :
ينقسم الى قسمين :
أ. ما يكفي لإدراكه فهمه وسمعه
ب. ما يحتاج لإدراكه العلم بقواعد العلوم
- هذا النوع دليل على إعجاز القرآن لأن من جاء به أمي لم يقرأ كتابا وعاش في أمة لم تعالج العلوم
- أمثلة على ما طرقه القرآن وبينه من العلوم
- من إعجازه العلمي أنه دعا إلى النظر والاستدلال
- استخدامه الحجة والدليل
- فتح الأعين لفضائل العلوم

دوام إعجاز القرآن :
- القرآن معجز في كل عصر ولأهل كل وقت
- مما يدل على عموم ودوام إعجاز القرآن العلمي قوله صلى الله عليه وسلم ( ما من نبي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر ... ) الحديث
- يدل على :
أ. أن كل نبي جاء بمعجزة في أمر خاص فيؤمن الناس على تلك المعجزة
ب. قوله ( وإنما كان الذي أوتيت وحيا ) أن ما جاء به ليس من جنس معجزاتهم
- معجزات الرسل كانت أفعالا لا أقوالا
- معجزته صلى الله عليه وسلم كانت من جهة اللفظ والمعنى
- يمكن أن يؤمن برسول الله كل من يبتغي إدراك ما في القرآن من معنى أودع في لفظه
- معجزته صلى الله عليه وسلم صالحة لكل الأزمان لا كما كل الأنبياء قبله
- رجاؤه صلى الله عليه وسلم أن يكون أكثرهم تابعا يوم القيامة دليل على كثرة من سيدخل هذا الدين في مختلف العصور على مختلف الأفهام والقرائح بل والألسن

🔺 إعجاز القرآن من الجهة الثالثة للبشر كافة
- العاقل يستطيع إدراك إعجاز القرآن تشريعيا وحكميا وعلميا وأخلاقيا
- القرآن دليل تفصيلي لأهل هذه المعاني إجمالي لمن تبلغه شهادتهم

4⃣ الجهة الرابعة ( حسبما عدها البعض رابعة )
- ما عده الكثير من احتواء القرآن على إخبار بالمغيبات التي لم تحصل و التي لا يمكن علمها إلا بوحي من الله
- من ذلك قوله تعالى ( ألم غلبت الروم وهم من بعد غلبهم سيغلبون )
- ومنه ( لتدخلن المسجد الحرام ..) و ( ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) وغيرها من الإخبار بما لم يحصل

🔺إعجاز القرآن من الجهة الرابعة معجز لأهل عصر تنزله إعجازا تفصيليا ولمن بعدهم إعجازا إجماليا

5⃣ومما عد من جهات إعجازه :
5 - من إعجازه سلامته من التناقض مع طوله
- من اعجاز القرآن تناسب آياته رغم نزولها على مدى نيف ووعشرين سنة لأحكام وأغراض متعددة ومع ذلك تقرأ السورة الواحدة لا تكاد تميز اختلافا في أسلوب آياتها مع أنها متفاوتة في أوقات نزولها

🔹عادات القرآن
- من يتعرض لتفسير القرآن لا بد أن يعرف عاداته
- عادات القرآن هو ما يتكرر استخدامه فيه لمعنى معين من معانيه بحيث يصير إذا ذكر في القرآن قصد به ذلك المعنى دونا عن معانيه

من العادات :
- كل كأس في القرآن خمر
- المطر للعذاب
- لا يأتي بوعيد إلا يتبعه بوعد ولا نذارة إلا تبعها بشارة
- بعض الأزواج التي لا تفترق في القرآن
- هؤلاء إذا لم يعطف عليها ما يبينها أريد بها المشركون
وغيرها من العادات

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 05:41 PM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني مقدمة التحرير والتنوير
- فهرس مسائل القسم الثاني من مقدمة تفسير ابن عاشور.

المقدمة السابعة
قصص القرآن
*تعريف القصة اصطلاحاً:
هي الخبرعن حادثةغائبة عن المخبر،وجمع قصة قصص بكسر القاف ،والقصص بفتح القاف اسم للخبر المقصوص.
*الغرض من سوق القصص في القرآن:
· حصول العبرة والعظة من القصة المروية.
· التنوية بأصحاب القصص سواء عناية الله بهم أوالتشوية بأصحابها لغضب الله عليهم.
· فوائد جمة للأمة،لأن سوق كل قصة في مقام يناسب ما سيقت إليه في السورة.
· ذكر وموعظة لأهل الدين.
*مميزات القصص القرآني
· أنه أحسن القصص ،كما أمتن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
· إن القصص القرآنية لم تسق مساق الإحماض وتجديد النشاط،بل سيقت اغرض أسمى من ذلك لأن غرض القرآن أسمى وأعلى من هذا.
· أن القصص القرآني يساق في مناسبتها ،وهذا يكسبها صفتين : صفةالبرهان ،وصفة التبيان.
· نسج نظمها على أسلوب الإيجاز ليكون شبهها بالتذكير أقوى من شبهها بالقصص.
· طي ما يقتضيه الكلام الوارد،ليدل على ما بعده.
· أسلوب القصص البديع ،مع المحافظة على الغرض الأصلي الذي جاء به القرآن من تشريع وتفريع.
*فوائد القصص القرآني:
الفائدة الأولى: تحدى به أهل الكتاب ،وتعجيزا لهم بقطع حجتهم على المسلمين،وذلك لاشتمال القرآن على قصص لايعلمها إلا الراسخون في العلم منهم.
الفائدة الثانية:معرفة الأمة الإسلامية تاريخ سلفها في التشريع،وكان أسلوب القرآن في سرد القصص دون التعرض لذكر أسماء أصحاب القصة أو أنسابهم أوبلدنهم ولكن يتعرض ذكر حالهم من رسوخ الأيمان ضعفه.
الفائدة الثالثة:ما فيها من فائدة التاريخ من معرفة ترتب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر.
الفائدة الرابعة:ما فيها من موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلها، وعصت أوامر ربها حتى يتعظوا بمصارع نظرائهم وآبائهم، وكيف يورث الأرض أولياءه وعباده الصالحين.
الفائدة الخامسة:ابتكار أسلوب جديد في البلاغة العربية شديد التأثير في نفوس أهل اللسان لم تكن العرب تعهده،وهو أسلوب التوصيف والمحاورة.
الفائدة السادسة:زيادةعلم المسلمين بوجود الأمم وومعرفة معظم أحوالها، ليتعظوا بها .
الفائدة السابعة: تعويد المسلمين على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها حتى تدفع عنهم وصمة الغرور.
الفائدة الثامنة:أن ينشئ في المسلمين همة السعي إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم ليخرجوا من خمولهم وكسلهم الذي اعتادوه.
الفائدة التاسعة:معرفة أن قوة الله تعالى فوق كل قوة، وأن الله ينصر من ينصره، وأنهم إن أخذوا بوسيلتي البقاء: من الاستعداد والاعتماد؛ سلموا من تسلط غيرهم عليهم،وأيضا معرفة كيف يعامل الله تعالى أولياؤه وكيف يعامل أعداءه.
الفائدة العاشرةنها يحصل منها بالتبع فوائد في تاريخ التشريع والحضارة وذلك يفتق أذهان المسلمين للإلمام بفوائد المدنية.
*فائدة تكرار القصص القرآني ومقاصده.
· تذكر القصة في سياق ما؛ كالبرهان على الغرض المسوقة معه، فلا يعد ذكرها مع غرضها تكريرا لها لأن سبق ذكرها إنما كان في مناسبات أخرى.
· رسوخها في الأذهان بتكرارها.
· ظهور البلاغة،وتفنن المحسنات البديعية المعنوية واللفظية في القصة الواحدة فهذا من الإعجاز البلاغي القرآني.
· أن يسمع اللاحقون من المؤمنين في وقت نزول القرآن ذكر القصة التي كانت فاتتهم مماثلتها قبل إسلامهم أو في مدة مغيبهم.
· جمع المؤمنين جميع القرآن حفظا كان نادرا بل تجد البعض يحفظ بعض السور فيكون الذي حفظ إحدى السور التي ذكرت فيها قصة معينة عالما بتلك القصة.
· أن تلك القصص تختلف حكاية القصة الواحدة منها بأساليب مختلفة ويذكر في بعض حكاية القصة الواحدة ما لم يذكر في بعضها الآخر.
*أسباب اختلاف أساليب حكاية كل قصة:
· تجنب التطويل في الحكاية الواحدة فيقتصر على موضع العبرة منها.
· أن يكون بعض القصة المذكور في موضع مناسبا للحالة المقصودة من سامعيها،بما يناسب السياق (تتفاوت في الأسلوب ، سواء بالإطناب أوالإيجاز على حسب المقامات).
· أن يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما ينقلونه من تلك القصة، وتارة لا يقصد ذلك.

المقدمة الثامنة
في اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها وأسمائها
مقدمة
· القرآن معجزة الرسول- صلى الله عليه وسلم- جعله الله سبحانه آية على صدق رسوله.
· الله سبحانه تحدى العرب على أن يأتوا بعشر سور مثله ،فلم يستطيعوا وهم أهل لغة،أو بسورة مثله فلم يستطيعوا ،ثم جاء بأصرح من ذلك فتحداهم بأن يأتوا بسورة ممن مثله فلم يستطيعوا أيضا ،ثم قرر هذ المعنى بأن قال تعالى{ قل لئن اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } الإسراء
· القرآن جملة المكتوب في المصاحف المشتمل على مائة وأبع عشرة سورة ،أولوها الفاتحة وآخرها الناس.
· من شرف القرآن أن تعددت أسمائه وصفاته قد تصل إلى نيف وعشرين اشتهر منها سبعة.
أسماء القرآن
*القرآن : اسم للكلام الموحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جملة المكتوب في المصاحف،وصار هذا الأسم علماً على هذا الوحي ،ولم يسبق أن أطلق على غيره وهو من أشهر أسمائه
والدليل :
{وقرأناً فرقناه لتقرأه علىالناس على مكث ونزلناه تنزيلاً}
واختلف العلماء على أصل كلمة القرآن على قولان:
القول الأول : قرأة لفظ قرآن مهموز ،مشتق من القراءة ،وهمزته أصلية ،على وزن فعلان مثل غفران وشكران
قاله أكثر القراء
القول الثاني : قرأه غير مهموز ،بفتح الراء بعدها ألف بتخفيف المهموز لغة حجازية،وقيل قران على وزن فعال من القرن بين الأشياء أي الجمع بينهم
قاله ابن كثير
*الفرقان : هو مصدر ،وهو في الأصل اسم لما يفرق به بين الحق والباطل.
الدليل :قوله تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}الفرقان
وقد جعل هذا الاسم علما على القرآن بالغلبة، ووجه تسميته الفرقان أنه امتاز عن بقية الكتب السماوية بكثرة ما فيه من بيان و التفرقة بين الحق والباطل، فإن القرآن يعضد هديه بالدلائل والأمثال ونحوها.
*التنزيل:فهو مصدر نزل، أطلق على المنزل باعتبار أن ألفاظ القرآن أنزلت من السماء
الدليل: قال تعالى: {تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون}فصلت
*الكتاب :أصله اسم جنس مطلق ومعهود. وباعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا
الدليل: قال تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه}
سبب التسمية:
· وإنما سمي كتابا لأن الله جعله جامعا للشريعة .
· لأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم.
· وفي هذه التسمية معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف قال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها}،
· لذلك اتخذ كتاب للوحي.
· من كتاب الوحي :عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان.
*الذكر: لأنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به.
الدليل: قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} أي لتبينه للناس.
*الوحي:لأنه يترجم عن مراد الله تعالى فهو كالكلام
الدليل: قال تعالى: {قل إنما أنذركم بالوحي}
وجه هذه التسمية :أنه ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك وذلك الإلقاء يسمى وحيا المترجم عن مراد الإنسان، ولأنه لم يكن تأليف تراكيبه من فعل البشر.
*كلام الله:هو على حقيقته القرآن كلام الله.
الدليل: قال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.
*سبب تسمية القرآن بالمصحف .
سور القرآن
تعريف السورة:قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، مسماة باسم مخصوص.
· تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة.
· كونها تشتمل على ثلاث آيات مأخوذ من استقراء سور القرآن.
*الحكمة من تسوير القرآن:التحدي للعرب بقوله تعالى: {فأتوا بعشر سور مثله} وقوله: {فأتوا بسورة من مثله} لا يكون إلا تحديا باسم معلوم المسمى والمقدار عندهم وقت التحد.
*سبب تسمية السورة:
قيل السورة مأخوذة من السور وهو الجدار المحيط بالمدينة ،زادوه هاء تأنيث في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام.
وقيل مأخوذة من السؤر بهمزة بعد السين وهو البقية مما يشرب الشارب بمناسبة أن السؤر جزء مما يشرب.
*عدد سور االقرآن
· أجمع جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن على عدد سوره، وأنها مائة وأربع عشرة سورة.
· خالفهم في ذلك عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه فأنه لم يثبت المعوذتين في سور القرآن ومالبث أن رجع إلى قول جمهور الصحابة.
· تسوير القرآن من السنة في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم، فقد كان القرآن يومئذ مقسما إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها.
· ترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبيء صلى الله عليه وسلم،فمجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا.
*ترتيب السور بعضها إثر بعض فيه قولان:
القول الأول : أن النبيء صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بترتيبها كذلك،وأن جبريل كان يوقف رسول الله –صلى الله عليه ةسلم- على موضع الآية وعلى موضع السورة.
القول الثاني: يحتمل أن يكون ذلك من اجتهاد الصحابة،خاصة زيد ابن ثانت وعثمان بن عفان .
ورجح ابن عاشور- رحمه الله -:
أن طوائف من سور القرآن كانت مرتبة في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم على ترتيبها في المصحف الذي بأيدينا ،فلا شك في أن سور المفصل كانت هي آخر القرآن ولذلك كانت سنة قراءة السور في الصلوات المفروضة أن يكون في بعض الصلوات من طوال المفصل وفي بعضها من وسط المفصل وفي بعضها من قصار المفصل. وأن طائفة السور الطولى الأوائل في المصحف كانت مرتبة في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم أول القرآن،أن الجمهور جزموا بأن كثيرا من السور كان مرتبا في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم.
*أسماء السور
· الظاهر أن الصحابة سموا بما حفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها ، ، وقد اشتهرت تسمية بعض السور في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعها وأقرها وذلك يكفي في تصحيح التسمية.
· أسماء السور إما أن تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد، وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة البقرة، وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود ، وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر. وقد سموا مجموع السور المفتتحة بكلمة حم آل حم وربما سموا السورتين بوصف واحد فقد سموا سورة الكافرون وسورة الإخلاص المقشقشتين.
· الصحابة لم يثبتوا أسماء لسور في المصاحف تحرجاً من كتابة أي شئ في المصحف غير الآيات.
· نهايات السور كانت توقيفيا ًمن رسول الله –صلى الله عليه وسلم.
· بعض السور مكية وبعضها مدنية،وقد يكون السورة الواحدة بعضها مكي وبعضها مدني.
آيات القرآن:
*تعريف الآية:هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أو إلحاقا.
ومعنى تقديراً أى تقدير لمحذوف مثل قوله تعالى{مدهامتان} هما مدهامتان.
ومعنى إلحاقاً لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة.
*سبب تسميتها:
· لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
· لأنها تشتمل على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة نظم الكلام.
· ولأنها لوقوعها مع غيرها من الآيات جعلت دليلا على أن القرآن منزل من عند الله وليس من تأليف البشر إذ قد تحدى النبيء به أهل الفصاحة والبلاغة من أهل اللسان العربي فعجزوا عن تأليف مثل سورة من سوره.
· تحديد مقادير الآيات توقيفي من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
· كان المسلمون الأوائل يقدرون أوقاتهم بمقدار ما يقرأ القارئ عددا من الآيات.
· آيات القرآن متفاوتة في مقادير كلماتها فبعضها أطول من بعض ،
تفاوت الآيات في الطول تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام.
· أطول آية في القرآن آة الدين في سورة البقرة ،وأقصر آيةفي عدد كلماتها قوله تعالى:{مدهامتان} وفي عدد الحروف المقطعة قوله: {طه}.
*عد الآي
· أجمعوا على أن عدد آيات القرآن يبلغ ستة آلاف آية
· واختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتين وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمسا وعشرين، وقيل وستا وثلاثين، وقيل وستمائة وست عشرة.
· أجمع أهل العدد من أهل الكوفة والبصرة والمدينة والشام على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة ،ماعدا سورة الفاتحة.
· لأهل المدينة عددان للآي ،ولأهل مكة عدد واحد.
· يوجد اختلاف في مصاحف الكوفة والبصرة والشام والمدني.
· كان عدد آي السور معروفا في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم.
· بعض الحروف المقطعة يعد آية من آيات القرآن.
*ترتيب الآي:
· رتيب الآي بعضها عقب بعض فهو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم حسب نزول الوحي.
· القرآن نزل منجما آيات فربما نزلت عدة آيات متتابعة أو سورة كاملة.
· ما استقرت عليه رواية الحفاظ من الصحابة عن العرضات الأخيرة التي كان يقرأ بها النبيء صلى الله عليه وسلم في أواخر سني حياته الشريفة.
· اتساق الحروف واتساق الآيات واتساق السور كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· يجب في كل آية أن يبحث عن مناسبتها لسياقها ،وبحث مناسبات الآيات والسور بعضها مع بعض ،ولكن لا يتكلف فيه ؛وإلى غير ذلك من علم المناسبات.
· لا يلزم في القرآن أن تكون آياته متسلسلة.
*وقوف القرآن
· تعريف الوقف:الوقف هو قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة.
· تعريف السكت:هو قطع الصوت عن الكلمة حصة لا يتنفس فيها ،وهي حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف.
· الوقف عند انتهاء جملة من جمل القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام فقد يختلف المعنى باختلاف الوقف.
· الوقف ينقسم إلى أكيد حسن وقبيح وكل ذلك تقسيم بحسب المعنى.
· التعدد في الوقف قد يحصل به ما يحصل بتعدد وجوه القراءات من تعدد المعنى مع اتحاد الكلمات.
· المشتهرون بضبط الوقوف في القرآن.
· الأفضل الوقف عند رؤوس الآية وهو سنة متبعة.
*المراد بالفاصلة:
· فواصل الآيات التي هي شبه قوافي الشعر وأزجاع النثر، وهي مرادة في نظم القرآن.
· الفاصلة هي من جملة طرق الإعجاز ما يرجع إلى محسنات الكلام من فن البديع.
· أن الفواصل كلها نهايات آيات.
· ترجيح ابن عاشورفي مسألة الفواصل:أن الفواصل هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب، مع تماثل أو تقارب صيغ النطق بها وتكرر في السورة تكررا يؤذن بأن تماثلها أو تقاربها مقصود من النظم في آيات كثيرة متماثلة، تكثر وتقل، وأكثرها قريب من الأسجاع في الكلام المسجوع. والعبرة فيها بتماثل صيغ الكلمات من حركات وسكون وهي أكثر شبها بالتزام ما لا يلزم في القوافي. وأكثرها جار على أسلوب الأسجاع.
المقدمة التاسعة
في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها
*الأساليب البلاغية في القرآن
*الغرض من الأساليب البلاغية
· توفير المعاني، وأداء ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها ليسهل إفهام السامعين واعتلاقها بأذهانهم.
· جاء القرآن على أسلوب أبدع مما كانوا يعهده العرب وأعجب، فأعجز بلغاء المعاندين عن معارضته ولم يسعهم إلا الإذعان سواؤ من أمن به أو من ظل على كفره.
· القرآن كان أبلغ من أبلغ كلام البلغاء.
· جعلة الله آية على صدق رسوله –صلى الله عليه وسلم – وتحدى به بلغاء العرب.
*أنواع الأساليب البلاغية
· المجاز.
· الاستعارة.
· التمثيل .
· الكناية.
· التعريض .
· الاشتراك .
· التسامح في الاستعمال كالمبالغة.
· الاستطراد ومستتبعات التراكيب.
· الأمثال.
· استعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار.
· التلميح.
· التمليح .
· استعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية، ، ونحو ذلك.
*فضل اللغة العربية لغة القرآن،وأسباب تفضيلها.
هي أفصح كلام بين لغات البشر .
أسباب تفضيلها:
· أن تلك اللغة أوفر اللغات مادة.
· وأقلها حروفا
· وأفصحها لهجة
· وأكثرها تصرفا في الدلالة على أغراض المتكلم
· وأوفرها ألفاظا.
· ماتتحمله اللغة العربية في نظم تراكيبها من المعاني، في أقل ما يسمح به نظم تلك اللغة.
· كان قوام أساليبه جاريا على أسلوب الإيجاز.
*بلاغة القرآن
· القرآن كتاب أنزل للناس عامة ،وللمسلمين خاصة ،فمقصوده إرشاردهم في جميع نواحي الهدى.
· جاء فيه من المعاني والمقاصد أكثر مما تحتمله الألفاظ في أقل ما يمكن من مقدار الكلام ،بحسب ما تسمح به اللغة الوادر بها وهي من أسمح اللغات وهذا لكونه كتاب تشريع وتعليم وتأديب.
· القرآن فيه من المعاني كل ما يحتاج السامعون إلى علمه وكل ما له حظ في البلاغة،فاللفظة القرآنية بها معنى أعلى مقصود في الآية ومعنى آخر ،أو معاني أدنى منه مراداً معه لا مرادا دونه ،فتكون من قبيل التأويل هوحمل اللفظ علىالمعنى المحتمل المرجوح.
· ما تسمح تراكيبه الجارية على فصيح استعمال الكلام البليغ باحتماله من المعاني المألوفة للعرب في أمثال تلك التراكيب، مظنونا بأنه مراد لمنزله، ما لم يمنع من ذلك مانع صريح أو غالب من دلالة شرعية أو لغوية أو توقيفية.
· أمثلةعلى بلاغة اللفظة القرآنية:
-تساوى المعنيان
مثل قوله تعالى: {وما قتلوه يقينا}
أي ما تيقنوا قتله ولكن توهموه،
أو ما أيقن النصارى الذين اختلفوا في قتل عيسى علم ذلك يقينا بل فهموه خطأ.
ومثل قوله: {فأنساه الشيطان ذكر ربه} ففي كل من كلمة ذكر وربه معنيان.
ومثل قوله: {قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي} ففي لفظ رب معنيان.
-قد تكثر المعاني بإنزال لفظ الآية على وجهين أو أكثر تكثيرا للمعاني مع إيجاز اللفظ وهذا من وجوه الإعجاز.
ومثاله قوله تعالى: {إلا عن موعدة وعدها إياه} بالمثناة التحتية وقرأ الحسن البصري: (أباه)، بالباء الموحدة، فنشأ احتمال فيمن هو الواعد.
• معاني التركيب المحتمل معنيين فصاعدا:
- قد يكون بينهما العموم والخصوص وهذا أيضا يحمل التركيب على جميع ما يحتمله، ما لم يكن عن بعض تلك المحامل صارف لفظي أو معنوي.
مثال:حمل الجهاد في قوله تعالى: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} في سورة العنكبوت على معنى مجاهدة النفس في إقامة شرائع الإسلام، ومقاتلة الأعداء .
-قد يكون بينها التغاير، بحيث يكون تعيين التركيب للبعض منافيا لتعيينه للآخر بحسب إرادة المتكلم عرفا،فيأخذ بالجميع نظير حمل المشترك على معانيه.
- وقد يكون المعنى الثاني متولد من الأول ،فيحمل أيضا عليه جميع المعاني لأنه من مستتبعات التراكيب.
مثاله : تأويل ابن عباس لسورة النصر.
· اجمع علماء المسلمين على أن القرآن هو الجحة العامة لشريعتهم ، وهو مرجعهم عند الاختلاف يرجعون إليه وإلى دلالته
· اختلفوا في حجية ماعداه من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك لأسباب:1- الخلاف في شروط تصحيح الخبر.
2- لتفاوتهم في مقدار ما يبلغهم من الأخبار مع تفرق العصور والأقطار.
*طريقة تفسير النبي –صلى الله عليه وسلم –للقرآن :
· أنه كان يأخذ أقصى المعاني من ألفاظ القرآن ولا يكتفي بالمعنى الأسبق من التركيب،تقريراً لقاعدة: أرادة الله من ألفاظ كتابه ما تحمله ألفاظه مما لا ينافي أغراضه[سواء كان فهماً منه صلى الله عليه وسلم أو مما أوحاه الله له فيكون أقوى حجة في ذلك].
· الدليل على ذلك:
- ما رواه أبو سعيد بن المعلى قال: دعاني رسول الله وأنا في الصلاة فلم أجبه فلما فرغت أقبلت إليه فقال: ((ما منعك أن تجيبني?)) فقلت: يا رسول الله كنت أصلي، فقال: ((ألم يقل الله تعالى {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم})) فلا شك أن المعنى المسوقة فيه الآية هو الاستجابة بمعنى الامتثال، كقوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح}، وأن المراد من الدعوة الهداية كقوله: {يدعون إلى الخير} وقد تعلق فعل دعاكم بقوله: {لما يحييكم} أي لما فيه صلاحكم، غير أن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي أيضا وهو إجابة النداء حمل النبيء صلى الله عليه وسلم الآية على ذلك في المقام الصالح له، بقطع النظر عن المتعلق وهو قوله: {لما يحييكم}
- و قوله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا، {كما بدأنا أول خلق نعيده})) إنما هو تشبيه الخلق الثاني بالخلق الأول لدفع استبعاد البعث، كقوله تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد} وقوله: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} فذلك مورد التشبيه، غير أن التشبيه لما كان صالحا للحمل على تمام المشابهة أعلمنا النبيء صلى الله عليه وسلم أن ذلك مراد منه، بأن يكون التشبيه بالخلق الأول شاملا للتجرد من الثياب والنعال.
- و قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} فقد قال النبيء صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لما قال له: لا تصل على عبد الله بن أبي بن سلول فإنه منافق وقد نهاك الله عن أن تستغفر للمنافقين، فقال النبيء: ((خيرني ربي وسأزيد على السبعين)) فحمل قوله تعالى: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} على التخيير مع أن ظاهره أنه مستعمل في التسوية، وحمل اسم العدد على دلالته الصريحة دون كونه كناية عن الكثرة كما هو قرينه السياق لما كان الأمر واسم العدد صالحين لما حملهما عليه فكان الحمل تأويلا ناشئا عن الاحتياط.
- ومن هذا قول النبيء لأم كلثوم بنت عقبة بن معيط حين جاءت مسلمة مهاجرة إلى المدينة وأبت أن ترجع إلى المشركين فقرأ النبيء قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت} فاستعمله في معنى مجازي هو غير المعنى الحقيقي الذي سيق إليه.
- و سجود النبيء صلى الله عليه وسلم في مواضع سجود التلاوة من القرآن إلا راجعا إلى هذا.
أمثلة من تطبيق الصحابة لاستنباط المعاني التفسيرية من القرآن:
-مثل ما روي أن عمرو بن العاص أصبح جنبا في غزوة في يوم بارد فتيمم وقال: الله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} مع أن مورد الآية أصله في النهي عن أن يقتل الناس بعضهم بعضا.
- من ذلك أن عمر لما فتحت العراق وسأله جيش الفتح قسمة أرض السواد بينهم قال: إن قسمتها بينكم لم يجد المسلمون الذين يأتون بعدكم من البلاد المفتوحة مثل ما وجدتم فأرى أن أجعلها خراجا على أهل الأرض يقسم على المسلمين كل موسم فإن الله يقول: {والذين جاءوا من بعدهم} وهذه الآية نزلت في فيء قريظة والنضير، والمراد بالذين جاءوا من بعد المذكورين هم المسلمون الذين أسلموا بعد الفتح المذكور.
- استنباط عمر ابتداء التاريخ بيوم الهجرة، من قوله تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} فإن المعنى الأصلي أنه أسس من أول أيام تأسيسه، واللفظ صالح لأن يحمل على أنه أسس من أول يوم من الأيام أي أحق الأيام أن يكون أول أيام الإسلام فتكون الأولية نسبية.
*أمثلة من استدلال الفقهاء على الأحكام الفقهية:
- استدل الفقهاء على مشروعية الجعالة ومشروعية الكفالة في الإسلام، بقوله تعالى في قصة يوسف: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} ، مع أنه حكاية قصة مضت في أمة خلت ليست في سياق تقرير ولا إنكار، ولا هي من شريعة سماوية، إلا أن القرآن ذكرها ولم يعقبها بإنكار.
- استدلال الشافعي على حجية الإجماع وتحريم خرقه بقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} مع أن سياق الآية في أحوال المشركين، فالمراد من الآية مشاقة خاصة واتباع غير سبيل خاص.
· إن القراءات المتواترة إذا اختلفت في قراءة ألفاظ القرآن اختلافا يفضي إلى اختلاف المعاني لما يرجع إلى قاعدة[ أرادة الله من ألفاظ كتابه ما تحمله ألفاظه مما لا ينافي أغراضه].
*حمل القرآن على جميع المحامل التي تسمح بها كلمات القرآن إذا لم تفض إلى خلاف المقصود من السياق، يجب حمل الكلام على جميعها،من أشهرها:
· تراكيبه وإعرابه ودلالته.
· اشتراك .
· حقيقة ومجاز
· وصريح وكناية
· وبديع
· ووصل، ووقف
مثال الوصل والوقف:
- في قوله تعالى: {لا ريب فيه هدى للمتقين} إذا وقف على {لا ريب} أو على {فيه}.
- قوله تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) باختلاف المعنى إذا وقف على قوله: (قتل)، أو على قوله: {معه ربيون كثير}.
- قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون} باختلاف المعنى عند الوقف على اسم الجلالة أو على قوله: {في العلم}،
- قوله تعالى: {قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك} باختلاف ارتباط النداء من قوله {يا إبراهيم} بالتوبيخ بقوله: {أراغب أنت} أو بالوعيد في قوله {لئن لم تنته لأرجمنك} وقد أراد الله تعالى أن يكون القرآن كتابا مخاطبا به كل الأمم في جميع العصور.
*حكم استعمال المشترك في معانيه أو استعمال اللفظ في حقيقة والمجاز
اختلف علماء اللغة وأصول الفقة في ذلك على أقوال:
القول الأول:يصح أن يراد بالمشترك عدة معان لكن بإرادة المتكلم وليس بدلالة اللغة.
قاله الغزالي وأبو الحسين البصري
ورجح ابن عاشورن المشترك يصح إطلاقه على عدة من معانيه جميعا أو بعضا إطلاقا لغويا
القول الثاني :هو من قبيل الحقيقة.
قاله الشافعي وأبي بكر الباقلاني وجمهور المعتزلة.
القول الثالث:هو مجاز،وأن القرينة من علامات المجاز.
قاله الباقلاني وابن الحاجب
رجح ابن عاشور:أن هذا لا يستقيم لأن القرينة التي هي من علامات المجاز هي القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي وهي لا تتصور في موضوعنا؛ إذ معاني المشترك كلها من قبيل الحقيقة وإلا لانتقضت حقيقة المشترك فارتفع الموضوع من أصله.
القول الرابع:هو صحة إطلاق المشترك على معانيه في النفي وعدم صحة ذلك في الإيجاب.
قاله برهان علي المرغيناني
قال ابن عاشور وهذا القول لا يلتفت إليه.
ترجيح ابن عاشورلذي يجب اعتماده أن يحمل المشترك في القرآن على ما يحتمله من المعاني سواء في ذلك اللفظ المفرد المشترك، والتركيب المشترك بين مختلف الاستعمالات، سواء كانت المعاني حقيقية أو مجازية، محضة أو مختلفة.
مثال:قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} فالسجود له معنى حقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض ومعنى مجازي وهو التعظيم، وقد استعمل فعل يسجد هنا في معنييه المذكورين.
المقدمة العاشرة
في إعجاز القرآن
· القرآن تفوق على كل كلام بليغ بما توفر فيه من الخصائص التي لا تجتمع في كلام آخر للبلغاء حتى عجز السابقون واللاحقون منهم عن الإتيان بمثله.
· نزل القرآن بأحسن اللهجات وأخفها وتجنب المكروه من اللهجات، وهذا من أسباب تيسير تلقي الأسماع له ورسوخه فيها. قال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}.
· مدرك إعجاز القرآن هو الذوق ليس إلا .
· طريق اكتساب الذوق مبني على اتقان علم المعاني وعلم البيان في البلاغة.
· موقف المفسرون من إعجاز القرآن:
- مقل في بيان الإعجازمثل معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج، والمحرر الوجيز للشيخ عبد الحق بن عطية الأندلسي.
- ومن مكثر منها مثل الكشاف.
- ومنهم من خلا تفسيره من بيانها ،ولا يعذرفي الخلو عن ذلك إلا التفاسير التي نحت ناحية خاصة من معاني القرآن مثل أحكام القرآن.
· من تكلم عن الإعجازفي القرآن:
الباقلاني، والرماني، وعبد القاهر، والخطابي، وعياض، والسكاكي.
· بيان كون القرآن معجزة باقية ،متحدى بها فصحاء العرب.
- أن رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام بنيت على معجزة القرآن وإن كان قد أيد بعد ذلك بمعجزات كثيرة إلا أن تلك المعجزات قامت في أوقات وأحوال ومع ناس خاصة ونقل بعضها متواترا وبعضها نقل نقلا خاصا.
- فأما القرآن فهو معجزة عامة، ولزوم الحجة به باق من أول ورودها إلى يوم القيامة.
- أدلة إعجازه:
- قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار}
- قال: {قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} سورة يونس
- وقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله} سورة هود
- النتيجة: فعجز جميع المتحدين عن الإتيان بمثل القرآن.
- السبب:
القول الأول:أن الله صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي، لتقوم الحجة عليهم بمرأى ومسمع من جميع العرب.
قاله:العضد والتفتزاني.
القول الثاني:لعجز المتحدين به بأنه بلوغ القرآن في درجات البلاغة والفصاحة مبلغا تعجز قدرة بلغاء العرب عن الإتيان بمثله.
قاله:جماهير أهل العلم والتحقيق واقتصر عليه أئمة الأشعرية وإمام الحرمين وعليه الجاحظ وأهل العربية.
وهو الراحج عند ابن عاشور
· وجوة إعجاز القرآن:
الجهة الأولى: بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ .
الجهة الثانية: ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في نظم الكلام مما لم يكن معهودا في أساليب العرب، ولكنه غير خارج عما تسمح به اللغة.
الجهة الثالثة: ما أودع فيه من المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن .
الجهة الرابعة:هي ما انطوى عليه من الأخبار عن المغيبات مما دل على أنه منزل من علام الغيوب.
*نماذج من بلاغة القرآن وكونه معجزاً وله خصوصيات الكلام البليغ:
- في حديث أبي هريرة "قال الله تعالى :قسمت الصلاة أى الفاتحة بيني وبين عبدي......" فيه خصوصيةالتقسيم ،وحسن التقسيم من المحسنات البديعية.
- قوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}،فيه التجنيس ،والتجنيس من المحسنات البديعية.
- قوله: {فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}.فيه محسن المطابقة.
- قوله تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وقوله: {ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}.فيه تمثيل.
*من وجوه الإعجاز النكت البلاغية:
- أسلوب الالتفات: وهو نقل الكلام من أحد طرق التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى طريق آخر منها.،من فوائده :لفت الأنتباه و تجديد نشاط السامع
- للتشبيه والاستعارة المكان القصي والقدر العلي في باب البلاغة وقد جاء في القرآن من التشبيه والاستعارة ما أعجز العرب كقوله: {واشتعل الرأس شيبا} وقوله: {واخفض لهما جناح الذل} وقوله: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} وقوله تعالى: {ابلعي ماءك} وقوله: {صبغة الله} .
- من محاسن التشبيه كمال الشبه، ورأيت وسيلة ذلك الاحتراس كقوله تعالى: {فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين} احتراس عن كراهة الطعام {وأنهار من عسل مصفى} احتراس عن أن تتخلله أقذاء من بقايا نحله.
-التمثيلية في قوله تعالى: {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار} الآية. ففيه إتمام جهات كمال تحسين التشبيه لإظهار أن الحسرة على تلفها أشد. و قوله تعالى: {مثل نوره كمشكاة} إلى قوله: {يكاد زيتها يضيء} فقد ذكر من الصفات، والأحوال ما فيه مزيد وضوح المقصود من شدة الضياء، وما فيه تحسين المشبه وتزيينه بتحسين شبهه
*الجمل القرآنية وما لها من دلالات:
-فجمل القرآن لها دلالتها الوضعية التركيبية التي يشاركها فيها الكلام العربي كله،
- ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها ،
- ولها دلالتها المطوية وهي دلالة ما يذكر على ما يقدر اعتمادا على القرينة، وهذه الدلالة قليلة في كلام البلغاء وكثرت في القرآن مثل تقدير القول وتقدير الموصوف وتقدير الصفة.
-ولها دلالة مواقع جمله بحسب ما قبلها وما بعدها،[دلالة السياق] ككون الجملة في موقع العلة لكلام قبلها، أو في موقع الاستدراك، أو في موقع جواب سؤال، أو في موقع تعريض أو نحوه. مثال ذلك قوله تعالى: {وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون} بعد قوله: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} .
· للتقديم والتأخير في وضع الجمل وأجزائها في القرآن دقائق عجيبة كثيرة.
قال تعالى: {إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا} إلى قوله: {إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا} إلى قوله: {وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا} فكان للابتداء بذكر جهنم ما يفسر المفاز في قوله: {إن للمتقين مفازا} أنه الجنة لأن الجنة مكان فوز.
*شهادة الخصوم من أعداء النبي –صلى الله عليه وسلم – على بلاغة القرآن.
· أمثلة على ذلك.
*الأساليب التي خالف فيها القرآن لغة العرب وتفرد بها:
• من إعجاز القرآن كونه نثراً .
• ومن إعجازه كونه يعرض للهجات العرب ،وكونه "أنزل على سبعة أحرف" كل منها كافاً شافاً.
· جاء القرآن ولم يكن شعرا ولا سجع كهان، وكان من أسلوب النثر أقرب إلى الخطابة، ابتكر للقول أساليب كثيرة بعضها تتنوع بتنوع المقاصد، ومقاصدها بتنوع أسلوب الإنشاء.
· من أعظم الأساليب التي خالف بها القرآن أساليب العرب أنه جاء في نظمه بأسلوب جامع بين مقصديه وهما: مقصد الموعظة ومقصد التشريع.
· ومن أساليبه ما أسميه بالتفنن وهو بداعة تنقلاته من فن إلى فن بطرائق الاعتراض والتنظير والتذييل والإتيان بالمترادفات عند التكرير تجنبا لثقل تكرير الكلم
· الإكثار من أسلوب الالتفات المعدود من أعظم أساليب التفنن عند بلغاء العربية.
· التنقل، و مناسبات بين المنتقل منه والمنتقل إليه هي في منتهى الرقة والبداعة بحيث لا يشعر سامعه وقارئه بانتقاله إلا عند حصوله. وذلك التفنن مما يعين على استماع السامعين ويدفع سآمة الإطالة عنهم.
· معجز بسبب ترتيبه ونظم آياته،
· بلاغة في الكيفيات التي تؤدي بها تلك التراكيب. مثل سكوت المتكلم البليغ في جملة سكوتا خفيفا قد يفيد من التشويق إلى ما يأتي بعده ما يفيده إبهام بعض كلامه ثم تعقيبه ببيانه،وهو مايسمى الاستئناف البياني.
· من أساليب القرآن العدول عن تكرير اللفظ والصيغة فيما عدا المقامات التي تقتضي التكرير من تهويل ونحوه.
مبتكرات القرآن
هذا المبحث تابع لمبحث وجوة الإعجاز في القرآن من جهة الأسلوب،وكل ما يندرج تحت الأسلوب يسمى بالجزالة،وما يسمى بالرقة ولكل منهما مقاماته وهما راجعان إلى معاني الكلام،وهما من أساليب القرآن المكررة في سوره.
· أسلوب القرآن يخالف الشعر وأسلوب الخطابة ، بل جاء بطريقة مبتكرة ليس فيها اتباع لطرق كلام العرب القديمة ،لأنه كتاب يقصد حفظه وتلاوته .
· أنه جاء بالجمل الدالة على معان مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد التشريعية، فلم يأت بعمومات شأنها التخصيص غير مخصوصة، ولا بمطلقات تستحق التقييد غير مقيدة ،
مثاله قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون}.
· جاء على أسلوب التقسيم والتسوير وهي سنة جديدة في الكلام العربي أدخل بها عليه طريقة التبويب والتصنيف.
· أدخال الأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة، وفي تمثيل الأحوال، وقد كان لذلك تأثير عظيم على نفوس العرب .
مثاله:قوله تعالى:{ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار} الأعراف
· يتبع هذا أن القرآن يتصرف في حكاية أقوال المحكي عنهم فيصوغها على ما يقتضيه أسلوب إعجازه لا على الصيغة التي صدرت فيها ،فالقرآن إذا حكى أقوالا غير عربية صاغ مدلولها في صيغة تبلغ حد الإعجاز بالعربية،الإعجاز الثابت للأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية.
· ضرب الأمثال كان موجود في لغة العرب ولكن القرآن أوضحها وأبدع في تركيبها.
مثال :كقوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف}.إبراهيم
تعريف الأمثالي حكاية أحوال مرموز لها بتلك الجمل البليغة التي قيلت فيها أو قيلت لها.
· من بلاغته أيضا أنه لم يلتزم أسلوباً واحداً في كل السور،فكل سورة من سوره لها لهجة خاصة بها ،سواء مابني منها على فواصل أو لم يبنى،وكذلك فواتحها فهي بمثابة المقدمات للسورة.
· من أبدع أساليب القرآن ما جاء به من أسلوب الإيجاز:وهو جمع المعاني الكثيرة تحت اللفظ القليل مع الإبانة والأفصاح ،وهو نوعان:
النوع الأول :إيجاز حذف:ويكون بحذف كلمة [إما أن يكون حرف أو فعل أو أسم ،والأسم أما أن يكون مضاف أو موصوف أو صفة]أو يكون جملة أو أكثر ،ويكون هناك قرينة تعين المحذوف.
أمثلة:
- قوله: {ولكم في القصاص حياة} مقابلا أوجز كلام عرف عندهم وهو القتل أنفى للقتل.
- قوله تعالى: {في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر} أي يتذاكرون شأن المجرمين فيقول من علموا شأنهم سألناهم فقلنا ما سلككم في سقر.
- منه حذف المضاف كثيرا كقوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله} .
- وحذف الجمل التي يدل الكلام على تقديرها نحو قوله تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} إذ التقدير: فضرب فانفلق.
النوع الثاني : إيجاز قصر ،ويكون بتضمين العبارات القصيرة معاني كثيرةمن غير حذف.
· التضمين أن يضمن الفعل أو الوصف معنى فعل أو وصف آخر ويشار إلى المعنى المضمن بذكر ما هو من متعلقاته من حرف أو معمول فيحصل في الجملة معنيان.
· من هذا الباب ما اشتمل عليه من الجمل الجارية مجرى الأمثال.
مثال : قوله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته}
وقوله: {طاعة معروفة}
وقوله {ادفع بالتي هي أحسن}
· أيضا من أساليب القرآن البديعة الأطناب :وهو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، من أهم فوائده الإطناب مقام توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع في قلب السامع.
· أمثلة :قوله تعالى{كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق}
وقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون}
وقوله: {مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم}.
· من أساليب القرآن المنفرد بها التي أغفل المفسرون اعتبارها أنه يرد فيه استعمال اللفظ المشترك في معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإدارة ما يصلح منها.
· واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي إذا صلح المقام لإرادتهما.
· من أساليب القرآن الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات.
· أمثله:
قوله تعالى:(وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا) قرئ (عند) بالنون دون ألف وقرئ {عباد} بالموحدة وألف بعدها، ومثل (إذا قومك منه يصُدون) بضم الصاد وكسرها.

عادات القرآن

*حكم معرفة المفسر عادات القرآن:
يجب على المفسر أن يتعرف عادات القرآن من نظمه وكلمه، حتى يستطيع أن يفسر القرآن ويكشف عن معانية بالطريقة الصحيحة.
*أمثلة لعادات القرآن:
· قال ابن عباس :كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر.
· قال ابن عيينة: ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا، وتسميه العرب الغيث كما قال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}.
· عن ابن عباس أن كل ما جاء من {يا أيها الناس} فالمقصود به أهل مكة المشركون.
· أن من عادة القرآن أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة. ويكون ذلك بأسلوب الاستطراد والاعتراض لمناسبة التضاد.
· يجيء بالفعل ماضيا على عادة الله في أخباره ،كما فيقوله تعالى: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين} قالة الزمخشري في الكشاف.
· من عادة هذا الكتاب الكريم أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع،
كما في سورة المائدة
· أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله تعالى: {بل متعت هؤلاء وآباءهم}.
· من أساليب القرآن أنه إذا حكى المحاورات والمجاوبات حكاها بلفظ قال دون حروف عطف، إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى،كما في قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} إلى قوله: {أنبئهم بأسمائهم}.
*من جهات الإعجازفي القرآن هي ما أودعه من المعاني الحكمية [التشريعية]والإشارات العلمية[العلم]،وذلك لتقرير الحقائق وفضائل الأخلاق التي هي من أغراض ومقاصد القرآن.
· العلم نوعان :علم اصطلاحي وعلم حقيقي.
· فأما الاصطلاحي: فهو ما تواضع الناس في عصر من الأعصار على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قد يتغير بتغير العصور ويختلف باختلاف الأمم والأقطار، وهذا النوع لا تخلو عنه أمة.
· وأما العلم الحقيقي فهو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان، وما به يبلغ إلى ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا.
· وكلا العلمين كمال إنساني ووسيلة لسيادة أصحابه على أهل زمانهم.
· وبين العلمين عموم وخصوص من وجه.
· اشتمل القرآن على النوعين من العلم:
- فأما النوع الأول فتناوله قريب لا يحتاج إلى كد فكر ولا يقتضي نظرا.
-النوع الثاني من إعجازه العلمي فهو ينقسم إلى قسمين:
* قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه.
* وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم.
· الإعجازبالقرآن آية دالة على صدق الرسول –صلى الله عليه وسلم-
· من طرق إعجازه العلمية أنه دعا للنظر والاستدلال، لأنه جمع من العلوم والمعارف مالم تعهده العرب في كلامها.
- فجمع فيه من بيان علم الشرائع.
- التنبيه على طرق الحجة العقلية.
ملحوظة : أن مدلول العلم عند ابن عاشور أوسع من مدلوله عند غيره.
-الرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة.
كقوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}
وقوله: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم}.
· المراد من إعجاز القرآن للعرب.
· بيان أن الإعجاز العلمي قضية كليه وليس قضية تفصيلية.
· بيان منهج ابن عاشور المتوسط في الإعجاز العلمي.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 محرم 1440هـ/30-09-2018م, 10:56 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

فهرسة مسائل القسم الثاني من مقدمة التحرير والتنوير


المقدمة السابعة
قصص القرآن
- القصة: الخبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها، ولا تشمل ذكر الأحوال الحاضرة في زمن نزول القرآن.
- جمع القصة قصص بكسر القاف، وأما القصص بفتح القاف فاسم للخبر المقصوص، وهو مصدر سمي به المفعول، يقال: قص على فلان إذا أخبره بخبر.
- امتن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}.
- دل قوله: {أحسن}، أن القصص القرآنية لم تسق مساق الغرابة وتجديد النشاط، لأن غرض القرآن أسمى وأعلى من هذا، ولو كان من هذا لساوى كثيرا من قصص الأخبار الحسنة الصادقة.
- ليس الغرض من سوق قصص القرآن قاصرا على حصول العبرة والموعظة، ولا التنويه بعناية الله بأهل الخير، وعقابه لأهل الشر، بل الغرض من ذلك أسمى وأجل.
- يأخذ القرآن من كل قصة أشرف مواضيعها ويعرض عما عداه ليكون تعرضه للقصص منزها عن قصد التفكه بها.
- لم تأت القصص في القرآن متتالية متعاقبة في سورة أو سور كما يكون كتاب تاريخ، بل كانت مفرقة موزعة على مقامات تناسبها، لأن معظم الفوائد الحاصلة منها لها علاقة بذلك التوزيع.
- للقرآن أسلوب خاص هو الأسلوب المعبر عنه بالتذكير وبالذكر؛ فكان أسلوبه أجل من أسلوب القصاصين في سوق القصص لمجرد معرفتها لأن سوقها في مناسباتها يكسبها صفتين: صفة البرهان، وصفة التبيان.
- من مميزات قصص القرآن نسج نظمها على أسلوب الإيجاز ليكون شبهها بالتذكير أقوى من شبهها بالقصص، مثال ذلك قوله تعالى في سورة القلم: {فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون} فقد حكيت مقالته هذه في موقع تذكيره أصحابه بها لأن ذلك محز حكايتها ولم تحك أثناء قوله: {إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين} وقوله: {فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين}.
- من مميزاتها طي ما يقتضيه الكلام الوارد كقوله تعالى في سورة يوسف: {واستبقا الباب} فقد طوي ذكر حضور سيدها وطرقه الباب وإسراعهما إليه لفتحه كل يريد أن يبرئ نفسه كما تبين بعد ذلك.
- من مميزاتها أن القصص بثت بأسلوب بديع إذ ساقها في مظان الاتعاظ بها مع المحافظة على الغرض الأصلي الذي جاء به القرآن من تشريع وتفريع فتوفرت من ذلك عشر فوائد:
الفائدة الأولى: قطع حجة أهل الكتاب، وتحديهم، بذكر ما لا يعرفه إلا الراسخون في العلم منهم، قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} فانقطعت بذلك صفة الأمية عن المسلمين.
الفائدة الثانية: اشتمال القرآن على قصص الأنبياء وأقوامهم تكليلا لهامة التشريع الإسلامي بذكر تاريخ المشرعين، قال تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) الآية، مع التركيز على مواضع العبرة.
الفائدة الثالثة: معرفة ترتب المسببات على أسبابها، لتقتدي الأمة وتحذر، قال تعالى: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا}.
الفائدة الرابعة: ما فيها من موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلها، قال تعالى: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون}.
الفائدة الخامسة: ابتكار أسلوب جديد في البلاغة العربية شديد التأثير في نفوس أهل اللسان، وهو أسلوب التوصيف والمحاورة، وهو من إعجاز القرآن، مثل حكاية أحوال الناس في الجنة والنار والأعراف في سورة الأعراف.
الفائدة السادسة: في ذكر قصص الأمم توسيع لعلم المسلمين، قال مشيرا إلى غفلتهم قبل الإسلام: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم}، حيث أنهم بتوغل الأمية والجهل فيهم أصبحوا لا تهتدي عقولهم إلا بما يقع تحت الحس.
الفائدة السابعة: تعويد المسلمين على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها حتى تدفع عنهم وصمة الغرور كما وعظهم قوله تعالى عن قوم عاد: {وقالوا من أشد منا قوة}. الفائدة الثامنة: أن ينشئ في المسلمين همة السعي إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم.
الفائدة التاسعة: معرفة أن قوة الله تعالى فوق كل قوة، وأن الله ينصر من ينصره، وأنهم إن أخذوا بوسيلتي البقاء: من الاستعداد والاعتماد؛ سلموا من تسلط غيرهم عليهم، قال تعالى: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}.
الفائدة العاشرة: أنها يحصل منها بالتبع فوائد في تاريخ التشريع والحضارة وذلك يفتق أذهان المسلمين للإلمام بفوائد المدنية كقوله تعالى: {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} في قراءة من قرأ {دين} بكسر الدال، أي في شرع فرعون يومئذ، فعلمنا أن شريعة القبط كانت تخول استرقاق السارق.
- فائدة تكرار القصة في سور كثيرة، أن القرآن بالخطب والمواعظ أشبه منه بالتآليف. وفوائد القصص تجتلبها المناسبات فتذكر القصة كالبرهان على الغرض المسوقة هي معه، فلا يعد ذكرها مع غرضها تكريرا لها لأن سبق ذكرها إنما كان في مناسبات أخرى. كما لا يقال للخطيب في قوم، ثم دعته المناسبات إلى أن وقف خطيبا في مثل مقامه الأول فخطب بمعان تضمنتها خطبته السابقة إنه أعاد الخطبة، بل إنه أعاد معانيها ولم يعد ألفاظها، ولذلك مقاصد أخرى:
أحدها: رسوخها في الأذهان بتكريرها.
الثاني: ظهور البلاغة، فإن تكرير الكلام في الغرض الواحد من شأنه أن يثقل على البليغ، وذلك وجه من وجوه الإعجاز.
الثالث: أن يسمع اللاحقون من المؤمنين في وقت نزول القرآن ذكر القصة التي كانت فاتتهم مماثلتها قبل إسلامهم أو في مدة مغيبهم، فإن تلقي القرآن عند نزوله أوقع في النفوس.
الرابع: أن جمع المؤمنين جميع القرآن حفظا كان نادرا بل تجد البعض يحفظ بعض السور فيكون الذي حفظ إحدى السور التي ذكرت فيها قصة معينة عالما بتلك القصة. كعلم من حفظ سورة أخرى ذكرت فيها تلك القصة.
الخامس: أن تلك القصص تختلف حكاية القصة الواحدة منها بأساليب مختلفة ويذكر في بعض حكاية القصة الواحدة ما لم يذكر في بعضها الآخر وذلك لأسباب:
منها تجنب التطويل في الحكاية الواحدة فيقتصر على موضع العبرة منها.
ومنها أن يكون بعض القصة المذكور في موضع مناسبا للحالة المقصودة من سامعيها.
ومنها أنه قد يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما ينقلونه من تلك القصة، وتارة لا يقصد ذلك.

لمقدمة الثامنة
في اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها وأسمائها


- هذا الغرض له علاقة متينة بالتفسير، وينتفع به في مواضع كثيرة.

اسم القرآن:
- القرآن اسم للكلام الموحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جملة المكتوب في المصاحف المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، أولاها الفاتحة وأخراها سورة الناس.
- لم يسبق أن أطلق اسم القرآن على غيره قبله، وهو أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأشهرها دورانا على ألسنة السلف.
- قرآن، على وزن فعلان وهي زنة وردت في أسماء المصادر وأسماء أعلام، وكلاهما يصلح لاشتقاقه.
- اسم قرآن، مشتق من:
1. القراءة، قال تعالى: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}،
2. أو من القرن بين الأشياء أي الجمع بينها لأنه قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه.
3. أو أنه جمع قرينة أي اسم جمع، والقرينة العلامة، لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق.
- للقرآن أسماء أخرى هي في الأصل أوصاف أو أجناس أوصلها في الإتقان إلى نيف وعشرين.
- الذي اشتهر إطلاقه عليه ستة أسماء: والفرقان، والتنزيل، والكتاب، والذكر، والوحي، وكلام الله.


أسماء القرآن:

1. الفرقان: اسم لما يفرق به بين الحق والباطل وهو مصدر، وقد اطلق على القرآن قال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}، ووجه تسميته الفرقان أنه امتاز عن بقية الكتب السماوية بكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل.
2. التنزيل مصدر نزل، باعتبار أن ألفاظ القرآن أنزلت من السماء قال تعالى: {تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون}.
3. الكتاب:
• فأصله اسم جنس مطلق ومعهود. وباعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا قال تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه}.
• سمي كتابا لأن الله جعله جامعا للشريعة.
• أشبه التوراة التي كانت مكتوبة في زمن الرسول المرسل بها، وأشبه الإنجيل الذي كتبه بعض أصحاب الرسول وأصحابهم بعد زمنه.
• ولأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم.
• في هذه التسمية معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب.
• اتخذ النبيء صلى الله عليه وسلم من أصحابه كتابا يكتبون ما أنزل إليه؛ من أول ما ابتدئ نزوله، ومن أولهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان.
• وجد جميع ما حفظه المسلمون في قلوبهم على قدر ما وجدوه مكتوبا يوم أمر أبو بكر بكتابة المصحف.
4. الذكر: قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} أي لتبينه للناس، وذلك أنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به.
5. الوحي قال تعالى: {قل إنما أنذركم بالوحي} ووجه هذه التسمية أنه ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك.
6. كلام الله قال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.
- لما أبوبكر الصديق رضي الله عنه بجمع القرآن وكتابته كتبوه على الورق فقال للصحابة: التمسوا اسما، فقال بعضهم سموه إنجيلا فكرهوا ذلك من أجل النصارى، وقال بعضهم سموه السفر فكرهوه من أجل أن اليهود يسمون التوراة السفر. فقال عبد الله ابن مسعود: رأيت بالحبشة كتابا يدعونه المصحف فسموه مصحفا يعني أنه رأى كتابا غير الإنجيل.

آيات القرآن
- الآية: هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أو إلحاقا.
- تسمية هذه الأجزاء آيات هو من مبتكرات القرآن، قال تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات} وقال: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت}.
- سميت آية لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تشتمل على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة نظم الكلام، ولأنها لوقوعها مع غيرها من الآيات دليلا على أن القرآن منزل من عند الله.
- لا يحق لجمل التوراة والإنجيل أن تسمى آيات إذ ليست فيها هذه الخصوصية في اللغة العبرانية والآرامية.
- ما ورد في حديث رجم اليهوديين اللذين زنيا من قول الراوي فوضع الذي نشر التوراة يده على آية الرجم فذلك تعبير غلب على لسان الراوي على وجه المشاكلة التقديرية تشبيها بجمل القرآن، إذ لم يجد لها اسما يعبر به عنها.
- تحديد مقادير الآيات مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تختلف الرواية في بعض الآيات وهو محمول على التخيير.
- كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على علم من تحديد الآيات. في الحديث الصحيح أن فاتحة الكتاب السبع المثاني أي السبع الآيات. وفي الحديث ((من قرأ العشر الخواتم من آخر آل عمران)) الحديث.
- كان المسلمون في عصر النبوة وما بعده يقدرون تارة بعض الأوقات بمقدار ما يقرأ القارئ عددا من الآيات، كما ورد في حديث سحور النبيء صلى الله عليه وسلم أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية.
- قال أبو بكر ابن العربي وتحديد الآية من معضلات القرآن، فمن آياته طويل وقصير، ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام، وقال الزمخشري الآيات علم توقيفي.
- لا يبعد أن يكون تعيين مقدار الآية تبعا لانتهاء نزولها وأمارته وقوع الفاصلة.
- الفواصل هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب.
- الفواصل كلها منتهى آيات ولو كان الكلام الذي تقع فيه لم يتم فيه الغرض المسوق إليه.
- إذا انتهى الغرض المقصود من الكلام ولم تقع عند انتهائه فاصلة لا يكون منتهى الكلام نهاية آية إلا نادرا كقوله تعالى: {ص * والقرآن ذي الذكر}.
- الفواصل من جملة المقصود من الإعجاز لأنها من الفصاحة، ومن الغرض البلاغي الوقوف عند الفواصل لتقع في الأسماع فتتأثر نفوس السامعين بمحاسن ذلك التماثل.
- عن البيهقي في شعب الإيمان: الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وان تعلقت بما بعدها اتباعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته.
- في سنن أبي داود عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم يقف. {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف { الرحمن الرحيم} ثم يقف.
- وجوب اتباع المأثور في هذا الباب وغيره هو الأصل لكن لا يصدنا عن محاولة ضوابط تنفع الناظر وإن شذ عنها ما شذ.
- آيات القرآن متفاوتة في مقادير كلماتها فبعضها أطول من بعض، وهذا تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام.
- أطول آية قوله تعالى: {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} إلى قوله: {وكان الله بكل شيء عليما} في سورة الفتح، وقوله: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} إلى قوله: {لو كانوا يعلمون} في سورة البقرة ودونهما قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم} إلى قوله: {إن الله كان غفورا رحيما} في سورة النساء. [لماذا لم يذكر آية الدين؟]
- أقصر آية في عدد الكلمات قوله تعالى: {مدهامتان} في سورة الرحمن، وفي عدد الحروف المقطعة قوله: {طه}.
- لا ارتباط لوقوف القرآن بنهايات الآيات فقد يكون في آية واحدة عدة وقوف.
- ما اختلف السلف فيه من عدد آيات القرآن بناء على الاختلاف في نهاية بعضها، فقد يكون عن اختلاف في الرواية، أو اختلاف الاجتهاد.
- قال أبو عمرو الداني في كتاب العدد: أجمعوا على أن عدد آيات القرآن يبلغ ستة آلاف آية، واختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتين وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمسا وعشرين، وقيل وستا وثلاثين، وقيل وستمائة وست عشرة.
- قال المازري في شرح البرهان: قال مكي بن أبي طالب: قد أجمع أهل العدد من أهل الكوفة والبصرة والمدينة والشام على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة، وإنما اختلفوا في عدها وتركها في سورة الحمد لا غير، فعدها آية الكوفي والمكي، ولم يعدها آية البصري ولا الشامي ولا المدني.
- كان لأهل المدينة عددان، يعرف أحدهما بالأول ويعرف الآخر بالأخير.
- الذين تصدوا لعد الآي بالمدينة من أئمة القراء هم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وأبو نصاح شيبة بن نصاح، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، وإسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري، وقد اتفق هؤلاء الأربعة على عدد وهو المسمى بالعدد الأول، ثم خالفهم إسماعيل بن جعفر بعدد انفرد به وهو الذي يقال له العدد الثاني.
- لأهل مكة عدد واحد، وربما اتفقوا في عدد آي السورة المعينة، وربما اختلفوا.
- قد يوجد اختلاف تارة في مصاحف الكوفة والبصرة والشام.
- كان عدد آي السور معروفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: وروى محمد بن السائب عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة.
- استمر العمل بعد الآي في عصر الصحابة، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} الآية.

ترتيب الآي:

- ترتيب الآي بعضها عقب بعض كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم حسب نزول الوحي،.
- نزل القرآن منجما آيات فربما نزلت عدة آيات متتابعة أو سورة كاملة.
- لم تختلف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في ترتيب آي السور على نحو ما هو في المصحف الذي بأيدي المسلمين اليوم.
- ترتيب الآيات الحالي هو ما استقرت عليه رواية الحفاظ من الصحابة عن العرضات الأخيرة التي كان يقرأ بها النبيء صلى الله عليه وسلم في أواخر سني حياته الشريفة.
- لم يخالف زيد بن ثابت حين كتب المصحف لأبي بكر في ترتيب آي القرآن.
- المصحف الحالي رتب على ترتيب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الجهرية وفي عديد المناسبات.
- مما يدخل في وجوه الإعجاز وبراعة الأسلوب ترتيب الآيات، فلذلك لو غير عنه إلى ترتيب آخر لنزل عن حد الإعجاز الذي امتاز به.
- حفظ القرآن كل من حفظه كلا أو بعضا، وليس لهم معتمد في ذلك إلا ما عرفوا به من قوة الحوافظ، ولم يكونوا يعتمدون على الكتابة.
- كان كتاب الوحي يكتبون ما أنزل من القرآن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بتوقيف إلهي. ولعل حكمة الأمر بالكتابة أن يرجع إليها المسلمون عندما يحدث لهم شك أو نسيان ولكن ذلك لم يقع.
- لما جمع القرآن في عهد أبي بكر لم يؤثر عنهم أنهم ترددوا في ترتيب آيات من إحدى السور ولا أثر عنهم إنكار أو اختلاف فيما جمع من القرآن فكان موافقا لما حفظته حوافظهم.
- قال ابن الأنباري: كانت الآية تنزل جوابا لمستخبر يسأل ويوقف جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم على موضع الآية.
- اتساق الحروف واتساق الآيات واتساق السور كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلهذا كان الأصل في آي القرآن أن يكون بين الآية ولاحقتها تناسب في الغرض، أو في الانتقال منه أو نحو ذلك من أساليب الكلام المنتظم المتصل.
- مما يدل علي تناسب الآيات وجود حروف العطف المفيدة الاتصال مثل: الفاء، ولكن، وبل، ومثل: أدوات الاستثناء، على أن وجود ذلك لا يعين اتصال ما بعده بما قبله في النزول، فإنه قد اتفق على أن قوله تعالى: {غير أولي الضرر} نزل بعد نزول ما قبله وما بعده من قوله: {لا يستوي القاعدون} إلى قوله: {وأنفسهم}.
- قال بدر الدين الزركشي قال بعض مشايخنا المحققين قد وهم من قال لا تطلب للآي الكريمة مناسبة والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم.
- يندر أن يكون موقع الآية بحسب ترتيب النزول، وهذا كقوله تعالى: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} عقب قوله: {تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا} في سورة مريم، فقد روي أن جبريل لبث أياما لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بوحي، فلما نزل بالآيات السابقة عاتبه النبيء، فأمر الله جبريل أن يقول: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} فكانت وحيا نزل به جبريل، فقرئ مع الآية التي نزل بأثرها.
- في المواقع النادرة التي كانت على ترتيب النزول لا يعدم مناسبة ما، وقد لا تكون له مناسبة ولكنه اقتضاه سبب في ذلك المكان كقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه} فهذه الآيات نزلت في سورة القيامة في خلال توبيخ المشركين، وليست لها مناسبة، ولكن سبب نزولها حصل في خلال ذلك. روى البخاري عن ابن عباس قال: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه يريد أن يحفظه فأنزل الله الآية التي في: {لا أقسم بيوم القيامة} اهـ، فذلك يفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرك شفتيه بالآيات التي نزلت في أول السورة.
- قد تكون الآية ألحقت بالسورة بعد تمام نزولها بأن أمر الرسول بوضعها عقب آية معينة، في صحيح مسلم عن ابن مسعود أن أول سورة الحديد نزل بمكة، ولم يختلف المفسرون في أن قوله تعالى: {وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله} إلى آخر السورة نزل بالمدينة. وذلك لتناسب الآيات والنظم، وحدوث سبب النزول.
- لما كان تعيين الآيات التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضعها في موضع معين غير مروي إلا في عدد قليل، كان حقا على المفسر أن يتطلب مناسبات لمواقع الآيات ما وجد إلى ذلك سبيلا موصلا وإلا فليعرض عنه ولا يكن من المتكلفين.
- الغرض الأكبر للقرآن هو إصلاح الأمة بأسرها، وأغراضه مرتبطة بأحوال المجتمع في مدة الدعوة، فكانت آيات القرآن مستقلا بعضها عن بعض، لأن كل آية منه ترجع إلى غرض الإصلاح والاستدلال عليه، وتكميله وتخليصه من تسرب الضلالات إليه فلم يلزم أن تكون آياته متسلسلة.
- حال القرآن كحال الخطيب يتطرق إلى معالجة الأحوال الحاضرة على اختلافها وينتقل من حال إلى حال بالمناسبة ولذلك تكثر في القرآن الجمل المعترضة لأسباب اقتضت نزولها أو بدون ذلك كقوله: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار.......... إلى قوله: - قل إن الهدى هدى الله- أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} فقوله: {قل إن الهدى هدى الله} جملة معترضة.

وقوف القرآن:
- الوقف هو قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة.
- الوقف عند انتهاء جملة من جمل القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام فقد يختلف المعنى باختلاف الوقف مثل قوله تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) إذا وقف عند كلمة (قتل).
- لا يوجد في القرآن مكانا يجب الوقف فيه ولا يحرم الوقف فيه كما قال ابن الجزري في أرجوزته،
- ينقسم الوقف إلى أكيد حسن ودونه، بحسب المعنى.
- بعضهم استحسن أن يكون الوقف عند نهاية الكلام، وأن يكون ما يتطلب المعنى الوقف عليه قبل تمام المعنى سكتا، وهو قطع الصوت حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف.
- اللغة العربية واضحة وسياق الكلام حارس من الفهم المخطئ، فنحو قوله تعالى: {يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} لو وقف القاري على قوله: {الرسول} لا يخطر ببال العارف باللغة أن قوله: {وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} تحذير من الإيمان بالله.
- التعدد في الوقف، قد يحصل به ما يحصل بتعدد وجوه القراءات، من تعدد المعنى مع اتحاد الكلمات.
- القرآن مرادا منه فهم معانيه وإعجاز الجاحدين به وقد نزل بين أهل اللسان فكان فهم معانيه مفروغا من حصوله عند جميعهم.
- التحدي بعجز البلغاء عن معارضته أمر يرتبط بما فيه من الخصوصيات البلاغية التي لا يستوي في القدرة عليها جميعهم بل خاصة بلغائهم من خطباء وشعراء.
- من جملة طرق الإعجاز ما يرجع إلى محسنات الكلام من فن البديع، ومن ذلك فواصل الآيات، التي هي شبه قوافي الشعر وأزجاع النثر، وهي مرادة في نظم القرآن لا محالة، فكان عدم الوقف عليها تفريطا في الغرض المقصود منها.
- لم يشتد اعتناء السلف بتحديد أوقافه لظهور أمرها، وما ذكر عن ابن النحاس من الاحتجاج لوجوب ضبط أوقاف القرآن بكلام لعبد الله بن عمر ليس واضحا في الغرض المحتج به.
- الاعتبار بالفواصل التي هي مقاطع الآيات عند السلف أهم لأن عجز قادتهم وأولي البلاغة والرأي منهم تقوم به الحجة عليهم وعلى دهمائهم.
- لما كثر الداخلون في الإسلام من دهماء العرب ومن عموم بقية الأمم، توجه اعتناء أهل القرآن إلى ضبط وقوفه تيسيرا لفهمه على قارئيه.
- أشهر من تصدى لضبط الوقوف أبو محمد بن الانباري، وأبو جعفر بن النحاس، وللنكزاوي أو النكزوي كتاب في الوقف ذكره في الإتقان، واشتهر بالمغرب من المتأخرين محمد بن أبي جمعة
الهبطي المتوفي سنة 930.

سور القرآن:
- السورة قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، مسماة باسم مخصوص، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة.
- غرض السورة ينشأ عن أسباب النزول، أو عن مقتضيات ما تشتمل عليه من المعاني المتناسبة.
- كونها تشتمل على ثلاث آيات مأخوذ من استقراء سور القرآن مع حديث عمر فيما رواه أبو داود عن الزبير قال جاء الحارث بن خزيمة هو المسمى في بعض الروايات خزيمة وأبا خزيمة بالآيتين من آخر سورة براءة فقال: أشهد أني سمعتهما من رسول الله. فقال عمر: وأنا أشهد لقد سمعتهما منه، ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة إلخ، فدل على أن عمر ما قال ذلك إلا عن علم بأن ذلك أقل مقدار سوره.
- تسمية القطعة المعينة من عدة آيات القرآن سورة من مصطلحات القرآن، وشاعت تلك التسمية عند العرب حتى المشركين منهم. فالتحدي للعرب بقوله تعالى: {فأتوا بعشر سور مثله} وقوله: {فأتوا بسورة من مثله} لا يكون إلا تحديا باسم معلوم المسمى والمقدار عندهم وقت التحدي، فإن آيات التحدي نزلت بعد السور الأول.
- جاء في القرآن تسمية سورة النور باسم سورة في قوله تعالى: {سورة أنزلناها}، وقد زادته السنة بيانا.
- أجزاء التوراة والإنجيل والزبور لم تكن مسماة سورا عند العرب في الجاهلية ولا في الإسلام.
- وجه تسمية الجزء المعين من القرآن سورة قيل:
1. مأخوذة من السُور الواو وهو الجدار المحيط، زادوه هاء تأنيث في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام.
2. وقيل مأخوذة من السؤر بهمزة بعد السين وهو البقية مما يشرب الشارب بمناسبة أن السؤر جزء مما يشرب، ثم خففوا الهمزة.
- جمع سورة سوَر، ونقل في شرح القاموس عن الكراع أنها تجمع على سور بسكون الواو.
- تسوير القرآن من السنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان القرآن يومئذ مقسما إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها.
- لم يخالف إلا عبد الله بن مسعود فإنه استنادا لما فهمه من نزول القرآن:
1. لم يثبت المعوذتين في سور القرآن، وكان يقول "إنما هما تعوذ أمر الله رسوله بأن يقوله وليس هو من القرآن،
2. وأثبت القنوت الذي يقال في صلاة الصبح، على أنه سورة من القرآن سماها سورة الخلع والخنع.
3. وجعل سورة الفيل وسورة قريش سورة واحدة.
- لم يحفظ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا ولا اختلفوا في عدد سوره، وأنها مائة وأربع عشرة سورة، روى أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول: ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا))
- كانت السور معلومة المقادير منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة عنه في قراءة الصلاة وفي عرض القرآن.
- ترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، عزاه ابن عطية إلى مكي بن أبي طالب وجزم به السيوطي في الإتقان، وبذلك يكون مجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا.
- في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا من طوال وقصار، وفي الصحيح أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه امرأة فقال له النبي: ((هل عندك ما تصدقها?)) قال: "لا"، فقال: ((ما معك من القرآن?)) قال: سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)).
- فائدة التسوير ما ذكره صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فأتوا بسورة من مثله} إن الجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن وأنبل، وأنشط للقارئ وأهز لعطفه كالمسافر إذا علم أنه قطع ميلا أو طوى فرسخا.
- ترتيب السور بعضها إثر بعض، قال أبو بكر الباقلاني: يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بترتيبها كذلك، ويحتمل أن يكون ذلك من اجتهاد الصحابة، وقال الداني: كان جبريل يوقف رسول الله على موضع الآية وعلى موضع السورة. وفي المستدرك عن زيد بن ثابت أنه قال: كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع قال البيهقي: تأويله أنهم كانوا يؤلفون آيات السور. ونقل ابن عطية عن الباقلاني الجزم بأن ترتيب السور بعضها إثر بعض هو من وضع زيد بن ثابت بمشاركة عثمان، قال ابن عطية: وظاهر الأثر أن السبع الطوال والحواميم والمفصل كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من السور مالم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت كتابة المصحف.
- لا شك أن طوائف من سور القرآن كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على ترتيبها في المصحف الذي بأيدينا اليوم.
- لا شك في أن سور المفصل كانت هي آخر القرآن ولذلك كانت سنة قراءة السور في الصلوات المفروضة أن يكون في بعض الصلوات من طوال المفصل وفي بعضها من وسط المفصل وفي بعضها من قصار المفصل. وأن طائفة السور الطولى الأوائل في المصحف كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أول القرآن، والاحتمال فيما عدا ذلك.
- لا شك في أن زيد بن ثابت وعثمان بن عفان وهما من أكبر حفاظ القرآن من الصحابة، توخيا ما استطاعا ترتيب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للسور، وترتيب قراءة الحفاظ التي لا تخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كان زيد بن ثابت من أكبر حفاظ القرآن وقد لازم النبي صلى الله عليه وسلم مدة حياته بالمدينة، ولم يتردد في ترتيب سور القرآن على نحو ما كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم حين نسخ المصاحف في زمن عثمان.
- حين جمع القرآن في خلافة أبي بكر لم يجمع في مصحف مرتب وإنما جعلوا لكل سورة صحيفة مفردة ولذلك عبروا عنها بالصحف، وفي موطأ ابن وهب عن مالك أن ابن عمر قال "جمع أبو بكر القرآن في قراطيس".
- كانت تلك الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر ثم عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين، فلما أراد عثمان جمع القرآن في مصحف واحد أرسل إلى حفصة فأرسلت بها إليه ولما نسخت في مصحف واحد أرجع الصحف إليها.
- قد يوجد في آي من القرآن ما يقتضي سبق سورة على أخرى مثل قوله في سورة النحل: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} يشير إلى قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} الآية من سورة الأنعام فدلت على أن سورة الأنعام نزلت قبل سورة النحل، وكذلك هي مرتبة في المصحف.
- ثبت أن آخر آية نزلت آية في سورة البقرة أو في سورة النساء أو في براءة، وثلاثتها في الترتيب مقدمة على سور كثيرة.
- المصاحف الأولى التي كتبها الصحابة لأنفسهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مختلفة في ترتيب وضع السور.
- ممن كان له مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، وروي أن أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة.
- ذكر في الإتقان: إن من الصحابة من رتب مصحفه على ترتيب النزول، ومنهم من رتب على حسب الطول والقصر.
- أخرج الترمذي وأبو داود عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموهما في السبع الطوال، فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وكانت الأنفال من أوائل ما أنزلت بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتهما في السبع الطوال. وهو صريح في أنهم جعلوا علامة الفصل بين السور كتابة البسملة ولذلك لم يكتبوها بين سورة الأنفال وسورة براءة لأنهم لم يجزموا بأن براءة سورة مستقلة، ولكنه كان الراجح عندهم فلم يقدموا على الجزم بالفصل بينهما تحريا.
- في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود أنه ذكر النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأهن في كل ركعة.
- جزم الجمهور أن كثيرا من السور كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري أنها لا ترى القراءة على ترتيب المصحف أمرا لازما.
- في صحيح مسلم عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران في ركعة. قال عياض في الإكمال: "هو دليل لكون ترتيب السورة وقع باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف وهو قول مالك رحمه الله وجمهور العلماء".
- في حديث صلاة الكسوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بسورتين طويلتين ولما كانت جهرية فإن قراءته تينك السورتين لا يخفى على أحد ممن صلى معه.
- الظاهر أن تقديم سورة آل عمران على سورة النساء في المصحف الإمام ما كان إلا اتباعا لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم.
- تقديم آل عمران على النساء إما لأن سورة آل عمران سبقت في النزول سورة النساء، أو لرعي المناسبة بين سورة البقرة وسورة آل عمران في الافتتاح بكلمة الم، أو لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفهما وصفا واحدا ففي حديث أبي أمامة أن النبيء قال: ((اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران)) وذكر فضلهما يوم القيامة أو لما في صحيح مسلم أيضا عن حديث النواس بن سمعان أن النبي قال: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما ثلاثة أمثال)) الحديث.
- جاء في تفسير شمس الدين محمود الأصفهاني الشافعي، "لا خلاف في أن القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه، وأما في محله ووضعه وترتيبه فعند المحققين من أهل السنة كذلك؛ إذ الدواعي تتوفر على نقله على وجه التواتر، وما قيل التواتر شرط في ثبوته بحسب أصله وليس شرطا في محله ووضعه وترتيبه فضعيف لأنه لو لم يشترط التواتر في المحل جاز ألا يتواتر كثير من المكررات الواقعة في القرآن وما لم يتواتر يجوز سقوطه" وهو يعنى بالقرآن ألفاظ آياته ومحلها دون ترتيب السور.
- قال ابن بطال: "لا نعلم أحدا قال بوجوب القراءة على ترتيب السور في المصحف بل يجوز أن تقرأ الكهف قبل البقرة، وأما ما جاء عن السلف من النهي عن قراءة القرآن منكسا، فالمراد منه أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها. قال المصنف أو يحمل النهي على الكراهة.
- معنى الطولى والقصرى في السور مراعى فيه عدد الآيات لا عدد الكلمات والحروف.
- الاختلاف في تعيين المكي والمدني من سور القرآن ليس بكثير.
- ترتيب المصحف تخللت فيه السور المكية والمدنية.
- ترتيب نزول السور المكية ونزول السور المدنية فيه ثلاث روايات، إحداها رواية مجاهد عن ابن عباس، والثانية رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس، والثالثة لجابر بن زيد ولا يكون إلا عن ابن عباس، وهي التي اعتمدها الجعبري في منظومته التي سماها تقريب المأمول في ترتيب النزول وذكرها السيوطي في الإتقان قال المصنف:" وهي التي جرينا عليها في تفسيرنا هذا."
- جعل للسور أسماء من عهد نزول الوحي.
- المقصود من تسميتها تيسير المراجعة والمذاكرة
- فائدة التسمية أن تكون بما يميز السورة عن غيرها.
- دل حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نزلت الآية ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا))، فسورة البقرة مثلا كانت تلقب بالسورة التي تذكر فيها البقرة.
- أصل أسماء السور أن تكون بالوصف كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا، ثم شاع فحذفوا الموصول وعوضوا عنه الإضافة فقالوا سورة ذكر البقرة مثلا، ثم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه فقالوا سورة البقرة. أو أنهم لم يقدروا مضافا- وأضافوا السورة لما يذكر فيها لأدنى ملابسة.
- ثبت في صحيح البخاري قول عائشة رضي الله عنها: "لما نزلت الآيات من آخر البقرة"، وفيه عن ابن مسعود قال: "قرأ رسول الله النجم". وعن ابن عباس: "أن رسول الله سجد بالنجم"
- ما روي من حديث عن أنس مرفوعا ((لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله)) فقال أحمد بن حنبل: هو حديث منكر، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، ولكن ابن حجر أثبت صحته. ويذكر عن ابن عمر أنه كان يقول مثل ذلك ولا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البيهقي في شعب الإيمان، وكان الحجاج بن يوسف يمنع من يقول سورة كذا ويقول قل السورة التي يذكر فيها كذا، والذين صححوا حديث أنس تأولوه وتأولوا قول ابن عمر بأن ذلك كان في مكة حين كان المسلمون إذا قالوا: سورة الفيل وسورة العنكبوت مثلا هزأ بهم المشركون، وقد روي أن هذا سبب نزول قوله تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين} فلما هاجر المسلمون إلى المدينة زال سبب النهي فنسخ.
- علم الناس كلهم معنى التسمية، ولم يشتهر عن السلف هذا المنع ولهذا ترجم البخاري في كتاب فضائل القرآن بقوله: باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وسورة كذا وأخرج فيه أحاديث تدل على أنهم قالوا سورة البقرة، سورة الفتح، سورة النساء، سورة الفرقان، سورة براءة، وبعضها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم،
- للقائل أن يقول سورة البقرة أو التي يذكر فيها البقرة، وأن يقول سورة والنجم وسورة النجم، وقرأت النجم وقرأت والنجم، كما جاءت هذه الإطلاقات في حديث السجود في سورة النجم عن ابن عباس.
- والظاهر أن الصحابة سموا بما حفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها بها ولو كانت التسمية غير مأثورة، فقد سمى ابن مسعود القنوت سورة الخلع والخنع كما مر، فتعين أن تكون التسمية من وضعه، وقد اشتهرت تسمية بعض السور في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعها وأقرها وذلك يكفي في تصحيح التسمية.
- أسماء السور إما أن تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد، وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة، وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم، وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة، وسورة فاطر.
- سموا مجموع السور المفتتحة بكلمة حم آل حم وربما سموا السورتين بوصف واحد فقد سموا سورة الكافرون وسورة الإخلاص المقشقشتين.
- الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور بل اكتفوا بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة علامة على الفصل بين السورتين، وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يكتبوا في أثناء القرآن ما ليس بآية قرآنية، فاختاروا البسملة لأنها مناسبة للافتتاح مع كونها آية من القرآن
- في الإتقان أن سورة البينة سميت في مصحف أبى سورة أهل الكتاب، وهذا يؤذن بأنه كان يسمي السور في مصحفه.
- كتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك
- قال المازري في شرح البرهان عن القاضي أبي بكر الباقلاني: إن أسماء السور لما كتبت المصاح، كتبت بخط آخر لتتميز عن القرآن، وإن البسملة كانت مكتوبة في أوائل السور بخط لا يتميز عن الخط الذي كتب به القرآن.
- ربما نزلت السورة جميعا دفعة واحدة كما نزلت سورة الفاتحة وسورة المرسلات من السور القصيرة، وربما نزلت نزولا متتابعا كسورة الأنعام، وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة، وربما نزلت السورة مفرقة ونزلت السورتان مفرقتان في أوقات متداخلة.
- روى الترمذي عن ابن عباس عن عثمان بن عفان قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، أي في أوقات متقاربة فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب الوحي فيقول: ((ضعوا هؤلاء الآيات في السورة كذا)). ولذلك فقد تكون السورة بعضها مكيا وبعضها مدنيا.
- تنهية كل سورة كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، كما يشير إليه حديث ((من قرأ الآيات الخواتم من سورة آل عمران)) وقول زيد بن ثابت فقدت آخر سورة براءة.
- توفي رسول الله والقرآن مسور سورا معينة، كما دل عليه حديث اختلاف عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام في آيات من سورة الفرقان في حياة النبيء صلى الله عليه وسلم، وقال عبد الله بن مسعود في سور بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء "هن من العتاق الأول وهن من تلادي".
- جمع من الصحابة القرآن كله في حياة رسول الله زيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وعبد الله بن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وسعد بن عبيد، ومجمع بن جارية، وأبو موسى الأشعري، وحفظ كثير من الصحابة أكثر القرآن على تفاوت بينهم.
- في حديث غزوة حنين لما انكشف المسلمون قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: ((اصرخ يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة)) فلعل الأنصار كانوا قد عكفوا على حفظ ما نزل من سورة البقرة لأنها أول السور النازلة بالمدينة.
- في أحكام القرآن لابن العربي عن ابن وهب عن مالك كان شعارهم يوم حنين يا أصحاب سورة البقرة.

المقدمة التاسعة
في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها

- العرب أمة جبلت على ذكاء القرائح وفطنة الأفهام، فعلى دعامة فطنتهم وذكائهم أقيمت أساليب كلامهم، ولذلك كان الإيجاز عمود بلاغتهم لاعتماد المتكلمين على أفهام السامعين.
- لأجل فطنتهم كثر في كلامهم: المجاز، والاستعارة، والتمثيل، والكناية، والتعريض، والاشتراك والتسامح في الاستعمال كالمبالغة، والاستطراد ومستتبعات التراكيب، والأمثال، والتلميح، والتمليح، واستعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية، واستعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار، ونحو ذلك.
- ملاك ذلك كله توفير المعاني، وأداء ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها ليسهل اعتلاقها بالأذهان.
- لأن القرآن وحي الله الذي تحدى به بلغاء العرب جاء على أبدع مما كانوا يعهدون وأعجب، فأعجزهم سواء من آمن منهم ومن استمر على كفره عنادا.
- القرآن من جانب إعجازه يكون أكثر معاني من المعاني المعتادة التي يودعها البلغاء في كلامهم.
- لكون القرآن كتاب تشريع وتأديب وتعليم كان حقيقا بأن يودع فيه من المعاني والمقاصد أكثر ما تحتمله الألفاظ، ولو على سبيل التأويل، وقد يتساوى المعنيان فيكون الأمر أظهر مثال قوله: {فأنساه الشيطان ذكر ربه} ففي كل من كلمة ذكر وربه معنيان.
- قد تكثر المعاني بإنزال لفظ الآية على وجهين أو أكثر تكثيرا للمعاني مع إيجاز اللفظ وهذا من وجوه الإعجاز. ومثاله قوله تعالى: {إلا عن موعدة وعدها إياه} قرأ الحسن البصري: (أباه).
- لما كان القرآن نازلا من المحيط علمه بكل شيء، كان ما تسمح تراكيبه الجارية على فصيح استعمال الكلام البليغ باحتماله من المعاني المألوفة للعرب في أمثال تلك التراكيب، مظنونا بأنه مراد لمنزله، ما لم يمنع من ذلك مانع صريح أو غالب من دلالة شرعية أو لغوية أو توقيفية.
- جعل الله القرآن كتاب الأمة كلها وفيه هديها، ودعاهم إلى تدبره وبذل الجهد في استخراج معانيه في غير ما آية كقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وقوله: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} وقوله: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} وغير ذلك.
- القرآن هو الحجة العامة بين علماء الإسلام لا يختلفون في كونه حجة شريعتهم، وإن اختلفوا في حجية ما عداه من الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- يدل على التأصيل السابق ما وصلنا من تفسيرات مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم لآيات، لا تكون على المعنى الأسبق من التركيب؛ وبالتأمل نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام ما أراد بتفسيره إلا إيقاظ الأذهان إلى أخذ أقصى المعاني من ألفاظ القرآن، مثال: ما رواه أبو سعيد بن المعلى قال: دعاني رسول الله وأنا في الصلاة فلم أجبه فلما فرغت أقبلت إليه فقال: ((ما منعك أن تجيبني?)) فقلت: يا رسول الله كنت أصلي، فقال: ((ألم يقل الله تعالى {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم})) فلا شك أن المعنى المسوقة فيه الآية هو الاستجابة بمعنى الامتثال، غير أن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي أيضا وهو إجابة النداء حمل النبي صلى الله عليه وسلم الآية على ذلك في المقام الصالح له، بقطع النظر عن المتعلق وهو قوله: {لما يحييكم}، وغير هذا أمثلة كثيرة.
- إن كان تفسير النبي صلى الله عليه وسلم على هذا النحو فهما منه رجع إلى التأصيل المذكور، وإن كان وحيا كان أقوى حجة في إرادة الله من ألفاظ كتابه ما تحتمله ألفاظه مما لا ينافي أغراضه.
- ورد عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من الأئمة ما يؤيد هذا التأصيل، مثل ما روي أن عمرو بن العاص أصبح جنبا في غزوة في يوم بارد فتيمم وقال: الله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} مع أن مورد الآية أصله في النهي عن أن يقتل الناس بعضهم بعضا.
- استدل الفقهاء على مشروعية الجعالة ومشروعية الكفالة في الإسلام، بقوله تعالى في قصة يوسف: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم}، مع أنه حكاية قصة مضت في أمة خلت ليست في سياق تقرير ولا إنكار، ولا هي من شريعة سماوية، إلا أن القرآن ذكرها ولم يعقبها بإنكار.
- القراءات المتواترة إذا اختلفت في قراءة ألفاظ القرآن اختلافا يفضي إلى اختلاف المعاني مما يرجع إلى هذا الأصل.
- معاني التركيب المحتمل معنيين فصاعدا قد يكون بينهما العموم والخصوص، لا تردد في حمل التركيب على جميع ما يحتمله، ما لم يكن عن بعض تلك المحامل صارف لفظي أو معنوي، مثل حمل الجهاد في قوله تعالى: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} في سورة العنكبوت على معنى مجاهدة النفس في إقامة شرائع الإسلام، ومقاتلة الأعداء في الذب عن حوزة الإسلام.
- وقد يكون بينها التغاير، بحيث يكون تعيين التركيب للبعض منافيا لتعيينه للآخر بحسب إرادة المتكلم عرفا، ولكن صلوحية التركيب لها على البدلية مع عدم ما يعين إرادة أحدها تحمل السامع على الأخذ بالجميع إيفاء بما عسى أن يكون مراد المتكلم. فالحمل على الجميع نظير ما قاله أهل الأصول في حمل المشترك على معانيه احتياطا.
- وقد يكون ثاني المعنيين متولدا من المعنى الأول، وهذا لا شبهة في الحمل عليه لأنه من مستتبعات التراكيب، مثل الكناية والتعريض والتهكم مع معانيها الصريحة، ومن هذا القبيل ما جاء في صحيح البخاري من تفسير ابن عباس وعمر رضي الله عنه لقول الله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح} بأنه علامة أجل النبي صلى الله عليه وسلم.
- مختلف المحامل التي تسمح بها كلمات القرآن وتراكيبه وإعرابه ودلالته، من اشتراك وحقيقة ومجاز، وصريح وكناية، وبديع، ووصل، ووقف، إذا لم تفض إلى خلاف المقصود من السياق، يجب حمل الكلام على جميعها كالوصل والوقف في قوله تعالى: {لا ريب فيه هدى للمتقين}
- أراد الله تعالى أن يكون القرآن كتابا مخاطبا به كل الأمم في جميع العصور، لذلك جعله بلغة هي أفصح كلام بين لغات البشر، وجعله جامعا لأكثر ما يمكن أن تتحمله اللغة العربية في نظم تراكيبها من المعاني، في أقل ما يسمح به نظم تلك اللغة، فكان قوام أساليبه جاريا على أسلوب الإيجاز.
- ومن أدق ما ينبه عليه:
• استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه دفعة.
• واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي ومعناه المجازي معا.
• وإرادة المعاني المكني عنها مع المعانى المصرح بها.
• وإرادة المعاني المستتبعات بفتح الباء من التراكيب المستتبعة بكسر الباء.
وهذا الأخير قد نبه عليه علماء العربية الذين اشتغلوا بعلم المعاني والبيان. وبقي المبحثان الأولان وهما:
• استعمال المشترك في معنييه أو معانيه
• واستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه.
محل تردد بين المتصدين لاستخراج معاني القرآن تفسيرا وتشريعا، بسبب أنه غير وارد في كلام العرب قبل القرآن أو واقع بندرة.
- اختلف علماء العربية وعلماء أصول الفقه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى من مدلوله، اختلافا ينبي عن ترددهم في صحة حمل ألفاظ القرآن على هذا الاستعمال.
- الحق أن المشترك يصح إطلاقه على عدة من معانيه جميعا أو بعضا إطلاقا لغويا، على الحقيقة كما قال البعض أو على المجاز.
- قال بعضهم بصحة إطلاق المشترك على معانيه في النفي وعدم صحة ذلك في الإيجاب، وهذا قول ضعيف لا ينبغي الالتفات إليه.
- الذي يجب اعتماده أن يحمل المشترك في القرآن على ما يحتمله من المعاني سواء في ذلك اللفظ المفرد المشترك، والتركيب المشترك بين مختلف الاستعمالات، سواء كانت المعاني حقيقية أو مجازية، محضة أو مختلفة. مثال استعمال اللفظ المفرد في حقيقته ومجازه قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} فالسجود له معنى حقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض ومعنى مجازي وهو التعظيم، وقد استعمل فعل يسجد هنا في معنييه المذكورين لا محالة.
- مثال استعمال المركب المشترك في معنييه قوله تعالى: {ويل للمطففين} فمركب ويل له يستعمل خبرا ويستعمل دعاء، وقد حمله المفسرون هنا على كلا المعنيين.
- على هذا القانون يكون طريق الجمع بين المعاني التي يذكرها المفسرون، أو ترجيح بعضها على بعض.
- كان المفسرون غافلين عن تأصيل هذا الأصل فلذلك كان الذي يرجح معنى من المعاني التي يحتملها لفظ آية من القرآن، يجعل غير ذلك المعنى ملغى.
- قال المصنف" في تفسيرنا هذا إذا ذكرنا معنيين فصاعدا فذلك على هذا القانون. وإذا تركنا معنى مما حمل بعض المفسرين عليه في آيات من القرآن فليس تركنا إياه دالا على إبطاله، ولكن قد يكون ذلك لترجح غيره، وقد يكون اكتفاء بذكره في تفاسير أخرى تجنبا للإطالة"

المقدمة العاشرة
في إعجاز القرآن

- لم يزل شغل أهل البلاغة الشاغل الخوض في وجوه إعجاز القرآن دون الوصول إلى مطلوبهم من الإحاطة بهذا الفن.
- سبق أن ألف علم البلاغة مشتملا على نماذج من وجوه إعجازه. إلا أنه بحث في كل خصائص الكلام العربي البليغ، ليظهر من جراء ذلك تفوق القرآن على كل كلام بليغ.
- في هذه المقدمة لمحة للتبصرة بنواحي إعجاز القرآن، دون استقصاء لدلائل الإعجاز في آحاد الآيات والسور، وقد كان الباحثين يخلطون بين هذين الغرضين.
- في هذه المقدمة تكتشف من بلاغة القرآن ولطائف أدبه التي هي فتح لفنون رائعة من أدب لغة العرب لترى كيف كان القرآن فتح بصائر، وفتح عقول، وفتح ممالك، وفتح أدب غض، ارتقى به الأدب العربي مرتقى لم يبلغه أدب أمة من قبل.
- تجد في هذه المقدمة أصولا ونكتا أغفلها من تقدموا ممن تكلموا في إعجاز القرآن.
- علاقة هذه المقدمة بالتفسير هي أن مفسر القرآن لا يعد تفسيره لمعاني القرآن بالغا حد الكمال في غرضه ما لم يكن مشتملا على بيان دقائق من وجوه البلاغة في الآيه المفسرة، والا كان بمنزلة المترجم لا بمنزلة المفسر.
- من أعجب ما نراه خلو معظم التفاسير عن الاهتمام بالوصول إلى هذا الغرض الأسمى إلا عيون التفاسير.
- نبعت العناية ببيان وجوه إعجاز القرآن، من أصل كبير من أصول الإسلام وهو كونه المعجزة الكبرى والباقية والصريحة للنبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}.
- رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام بنيت على معجزة القرآن، وإن كان قد أيد بعد ذلك بمعجزات كثيرة، إلا أن تلك المعجزات قامت في أوقات وأحوال ومع ناس خاصة ونقل بعضها متواترا وبعضها نقل نقلا خاصا، فأما القرآن فهو معجزة عامة، ولزوم الحجة به باق من أول ورودها إلى يوم القيامة.
- التحدي بالقرآن مسجل متواتر قال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار}
- عجز المتحدين أيضا متواتر بشهادة التاريخ إذ طالت مدتهم في الكفر ولم يقيموا الدليل على أنهم غير عاجزين، وما استطاعوا الإتيان بسورة مثله ثم عدلوا إلى المقاومة بالقوة.
- اختلف العلماء في تعليل عجزهم عن ذلك:
• ذهبت طائفة قليلة إلى تعليله بأن الله صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي، لتقوم الحجة عليهم بمرأى ومسمع من جميع العرب. ويعرف هذا القول بالصرفة، وهو قول فاسد.
• وطائفة قالت أن إعجازه بمخالفة أسلوبه لأساليب كلامهم من الأشعار والخطب والرسائل أو باشتماله على الإخبار بالمغيبات، هو قول فاسد أيضا.
• الذي عليه جمهرة أهل العلم والتحقيق، أن التعليل لعجز المتحدين به هو بلوغ القرآن في درجات البلاغة والفصاحة مبلغا تعجز قدرة بلغاء العرب عن الإتيان بمثله، قال المصنف "وهو الذي نعتمده ونسير عليه في هذه المقدمة."
- ذكر المصنف دليلا على قول الجمهور هو بقاء الآيات التي نسخ حكمها وبقيت متلوة ومكتوبة في المصاحف فإنها لما نسخ حكمها لم يبق وجه لبقاء تلاوتها وكتبها في المصاحف إلا ما في مقدار مجموعها من البلاغة بحيث يلتئم منها مقدار ثلاث آيات متحدى بالإتيان بمثلها مثال ذلك آية الوصية في سورة العقود.
- وقع التحدي بسورة وإن كانت قصيرة دون أن يتحداهم بعدد من الآيات لأن من البلاغة ما مرجعه إلى مجموع نظم الكلام وصوغه.
- ملاك وجوه الإعجاز راجع إلى ثلاث جهات:
الجهة الأولى: بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ من حصول كيفيات في نظمه مفيدة معاني دقيقة ونكتا من أغراض الخاصة من بلغاء العرب مما لا يفيده أصل وضع اللغة، بحيث يكثر فيه ذلك كثرة لا يدانيها شيء من كلام البلغاء من شعرائهم وخطبائهم.
الجهة الثانية: ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في نظم الكلام مما لم يكن معهودا في أساليب العرب، ولكنه غير خارج عما تسمح به اللغة.
الجهة الثالثة: ما أودع فيه من المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن وفي عصور بعده متفاوتة.
- عد كثير من العلماء من وجوه إعجاز القرآن ما يعد جهة رابعة هي ما انطوى عليه من الأخبار عن المغيبات.
- كان منتهى التنافس عند العرب بمقدار التفوق في البلاغة والفصاحة، وهما علما المعاني والبيان، وقد تصدى العلماء للموازنة بين ما ورد في القرآن من ضروب البلاغة وبين أبلغ ما حفظ عن العرب من ذلك مما عد في أقصى درجاتها.
- أحال المصنف من أراد الاستزادة على كتب هذا الفن التي عدد بعضها، وأحال من أراد تفاصيلها الواصفة لإعجاز آي القرآن على التفاسير المؤلفة في ذلك ومنها الكشاف وهذا التفسير (التحرير والتنوير) ويذكر فيه أصولا لنواحي إعجازه من هذه الجهة وبخاصة ما لم يذكره الأئمة أو أجملوا في ذكره.
- خصوصيات الكلام البليغ ودقائقه مرادة لله تعالى في كون القرآن معجزا وملحوظة للمتحدين به على مقدار ما يبلغ إليه بيان المبين، وان إشارات كثيرة في القرآن تلفت الأذهان لذلك، والأمثلة على ذلك لا تحصى منها: مراعاة التجنيس، ومحسن المطابقة، والأمثال، والالتفات وغير ذلك
- جاء في القرآن من التشبيه والاستعارة ما أعجز العرب الذين بلغوا العلا في هذا الفن، كقوله: {واشتعل الرأس شيبا} وقوله: {واخفض لهما جناح الذل}.
- من محاسن التشبيه عند العرب كمال الشبه، ووسيلة ذلك الاحتراس وأحسنه ما وقع في القرآن كقوله تعالى: {فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين} احتراس عن كراهة الطعام {وأنهار من عسل مصفى} احتراس عن أن تتخلله أقذاء من بقايا نحله.
- نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة، فجمل القرآن لها:
1. دلالتها الوضعية التركيبية التي يشاركها فيها الكلام العربي كله،
2. ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها كلام البلغاء ولا يصل شيء من كلامهم إلى مبلغ بلاغته.
3. ولها دلالتها المطوية وهي دلالة ما يذكر على ما يقدر اعتمادا على القرينة، وهذه الدلالة قليلة في كلام البلغاء وكثرت في القرآن مثل تقدير القول وتقدير الموصوف وتقدير الصفة.
4. ولها دلالة مواقع جمله بحسب ما قبلها وما بعدها، وهذه الدلالة لا تتأتى في كلام العرب لقصر أغراضه في قصائدهم وخطبهم بخلاف القرآن، فإنه لما كان من قبيل التذكير والتلاوة سمحت أغراضه بالإطالة، وبتلك الإطالة تأتى تعدد مواقع الجمل والأغراض.
مثال ذلك قوله تعالى: {وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون} بعد قوله: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} فإن قوله: {وخلق الله السماوات والأرض} إلى آخره مفيد بتراكيبه فوائد من التعليم والتذكير، وهو لوقوعه عقب قوله: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} واقع موقع الدليل على أنه لا يستوي من عمل السيئات مع من عمل الصالحات في نعيم الآخرة.
- للتقديم والتأخير في وضع الجمل وأجزائها في القرآن دقائق عجيبة كثيرة لا يحاط بها، قال تعالى: {إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا} إلى قوله: {إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا} إلى قوله: {وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا} فكان للابتداء بذكر جهنم ما يفسر المفاز في قوله: {إن للمتقين مفازا} أنه الجنة لأن الجنة مكان فوز. ثم كان قوله: {لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا} ما يحتمل لضمير فيها من قوله: {لا يسمعون فيها} أن يعود إلى {كأسا دهاقا} وتكون في للظرفية المجازية أي الملابسة أو السببية أي لا يسمعون في ملابسة شرب الكأس ما يعتري شاربيها في الدنيا من اللغو واللجاج، وأن يعود إلى {مفازا} بتأويله باسم مؤنث وهو الجنة وتكون في للظرفية الحقيقية أي لا يسمعون في الجنة كلاما لا فائدة فيه ولا كلاما مؤذيا. وهذه المعاني لا يتأتى جميعها إلا بجمل كثيرة لو لم يقدم ذكر جهنم ولم يعقب بكلمة {مفازا}. ولم يؤخر {وكأسا دهاقا} ولم يعقب بجملة {لا يسمعون فيها لغوا} إلخ.
- يجب أن ينتبه المفسر إلى مراعاة المقام خاصة في إعجاز القرآن، فقد يتصدى المفسر لتطلب مقتضيات متكلفة أو مغصوبة، لأنه لم يلتفت إلا إلى مواقع ألفاظ الآية، غافلا عما نزلت فيه الآية.
- سجل القرآن عجز بلغاء العرب عن الاتيان بمثل القرآن سواء انفردوا أو اجتمعوا، قال تعالى: {فأتوا بسورة من مثله} وقال: {لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.
- ما يسمى في عرف علماء البلاغة بالنكت البلاغية، هي أقوى نواحي إعجاز القرآن وهي التي يتحقق بها إعجاز أقصر سورة منه.
- الناحية الثانية في الإعجاز هي سلامة القرآن مما يجر الثقل إلى لسان الناطق به، مع تفننه في مختلف الأغراض وما تقتضيه من تكاثر الألفاظ، وهذا من جهة فصاحة اللفظ وانسجام النظم وذلك بسلامة الكلام في أجزائه ومجموعه.
- جاء القرآن بأحسن اللهجات وأخفها وتجنب المكروه من اللهجات، وهذا من أسباب تيسير تلقي الأسماع له ورسوخه فيها. قال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}.
- من إبداعات القرآن ما جاء فيه من أفانين التصرف في أساليب الكلام البليغ وهذه جهة مغفولة من علم البلاغة.
- . قال عمر "كان الشعر علم القوم ولم يكن لهم علم أصح منه فانحصر تسابق جياد البلاغة في ميدان الكلام المنظوم، فلما جاء القرآن ولم يكن شعرا ولا سجع كهان، وكان من أسلوب النثر أقرب إلى الخطابة، ابتكر للقول أساليب كثيرة بعضها تتنوع بتنوع المقاصد، ومقاصدها بتنوع أسلوب الإنشاء، فيها أفانين كثيرة فيجد فيه المطلع على لسان العرب بغيته ورغبته، ولهذا قال الوليد بن المغيرة لما استمع إلى قراءة النبيء صلى الله عليه وسلم "والله ما هو بكاهن، ما هو بزمزمته ولا سجعه، وقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه، وقريضه ومبسوطه، ومقبوضه ما هو بشاعر".
- لما لم يجد المشركين بدا من إلحاق القرآن بصنف من أصناف كلامهم ألحقوه بأشبه الكلام به فقالوا إنه شعر تقريبا للدهماء بما عهده القوم من الكلام الجدير بالاعتبار من حيث ما فيه من دقائق المعاني وأحكام الانتظام والنفوذ إلى العقول.
- القرآن مع بلوغه أقصى حد في فصاحة العربية ومع طول أغراضه وتفنن معانيه وكونه نثرا لا شعرا ترى أسلوبه يجري على الألسنة سلسا سهلا لا تفاوت في فصاحة تراكيبه، وترى حفظه أسرع من حفظ الشعر.
- اختار العرب الشعر لتخليد أغراضهم وآدابهم لأن ما يقتضيه من الوزن يلجئ إلى التدريب على ألفاظ متوازنة فيكسبها ذلك التوازن تلاؤما، فتكون سلسة على الألسن، فلذلك انحصر تسابق جياد البلاغة في الكلام المنظوم.
- وفحول الشعراء مع ذلك متفاوتون في سلاسة الكلام مع تسامحهم في أمور كثيرة اغتفرها الناس لهم وهي المسماة بالضرورات. بحيث لو كان لواحد من البشر أن يتكلف فصاحة لما يقوله من كلام ويعاود تنقيحه وتغيير نظمه بإبدال الكلمات أو بالتقديم لما حقه التأخير، أو التأخير لما حقه التقديم، أو حذف أو زيادة، لقضى زمنا مديدا في تأليف ما يقدر بسورة من متوسط سور القرآن، ولما سلم مع ذلك من جمل يتعثر فيها اللسان.
- جاء القرآن كلاما منثورا ولكنه فاق في فصاحته وسلاسته على الألسنة وتوافق كلماته وتراكيبه في السلامة، فكان كونه من النثر داخلا في إعجازه.
- اشتمل القرآن على أنواع أساليب الكلام العربي، وابتكر أساليب لم يكونوا يعرفونها ولذلك التنويع حكمتين داخلتين في الإعجاز: أولاهما ظهور أنه من عند الله؛ والثانية أن يكون في ذلك زيادة التحدي للمتحدين به بحيث لا يستطيع أحد أن يقول إن هذا الأسلوب لم تسبق لي معالجته ولو جاءنا بأسلوب آخر لعارضته.
- من أعظم الأساليب التي خالف بها القرآن أساليب العرب أنه جاء في نظمه بأسلوب جامع بين مقصديه وهما: مقصد الموعظة ومقصد التشريع.
- من أساليبه ما أسماه المصنف بالتفنن وهو بداعة تنقلاته من فن إلى فن بطرائق الاعتراض والتنظير والتذييل والإتيان بالمترادفات عند التكرير تجنبا لثقل تكرير الكلم، وكذلك الإكثار من أسلوب الالتفات المعدود من أعظم أساليب التفنن عند بلغاء العربية فهو في القرآن كثير، ثم الرجوع إلى المقصود فيكون السامعون في نشاط متجدد بسماعه وإقبالهم عليه.
- أكثر أساليب القرآن من الأساليب البديعة العزيز مثلها في شعر العرب وفي نثر بلغائهم من الخطباء وأصحاب بدائه الأجوبة.
- في هذا التفنن والتنقل مناسبات بين المنتقل منه والمنتقل إليه هي في منتهى الرقة والبداعة بحيث لا يشعر سامعه وقارئه بانتقاله إلا عند حصوله.
- هذا التفنن مما يعين على استماع السامعين ويدفع سآمة الإطالة عنهم، فأن من أغراض القرآن استكثار أزمان قراءته، كما قال تعالى: {علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن} فقوله: {ما تيسر} يقتضي الاستكثار بقدر التيسر.
- وفي تناسب أقواله وتفنن أغراضه مجلبة لذلك التيسير وعون على التكثير.
- نقل الزركشي عن عز الدين بن عبد السلام المناسبة علم حسن ويشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط، والقرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة شرعت لأسباب مختلفة، وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض.
- قال الفخر الرازي إن القرآن كما أنه معجز بسبب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه هو أيضا معجز بسبب ترتيبه ونظم آياته.
- إن بلاغة الكلام لا تنحصر في أحوال تراكيبه اللفظية، بل تتجاوز إلى الكيفيات التي تؤدي بها تلك التراكيب. فإن سكوت المتكلم البليغ في جملة سكوتا خفيفا قد يفيد من التشويق إلى ما يأتي بعده ما يفيده إبهام بعض كلامه ثم تعقيبه ببيانه.
مثال: قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} أنك إن وقفت على كلمة {ريب} كان من قبيل إيجاز الحذف أي لا ريب في أنه الكتاب فكانت جملة {فيه هدى للمتقين} ابتداء كلام وكان مفاد حرف في استنزال طائر المعاندين أي إن لم يكن كله هدى فإن فيه هدى. وإن وصلت {فيه} كان من قبيل الإطناب وكان ما بعده مفيدا أن هذا الكتاب كله هدى.
- من أساليب القرآن العدول عن تكرير اللفظ والصيغة فيما عدا المقامات التي تقتضي التكرير من تهويل ونحوه، ومما عدل فيه عن تكرير الصيغة قوله تعالى {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} فجاء بلفظ قلوب جمعا مع أن المخاطب امرأتان فلم يقل قلباكما تجنبا لتعدد صيغة المثنى.
- إن المقام قد يقتضي شيئين متساويين أو أشياء متساوية فيكون البليغ مخيرا في أحدهما وله ذكرهما تفننا وقد وقع في القرآن كثير من هذا: قال في سورة البقرة: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها} وفي سورة الأعراف: {وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها} فعبر مرة بـ {ادخلوا} ومرة بـ {اسكنوا} وعبر مرة بواو العطف ومرة بفاء التفريع. وهذا التخالف بين الشيئين يقصد لتلوين المعاني المعادة حتى لا تخلو إعادتها عن تجدد معنى وتغاير أسلوب، فلا تكون إعادتها مجرد تذكير.
- كانت أساليب العرب محدودة منها الشعر مع محدودية أغراضه، أو غيره مما هو عسير الحفظ كالخطب، أو قصير لا يفي بالأغراض كالأمثال، أو ما لا يتناقل إلا نادرا كالمحاورات، فجاء القرآن بأسلوب في الأدب غض جديد صالح لكل العقول، متفنن إلى أفانين أغراض الحياة كلها معط لكل فن ما يليق به من المعاني والألفاظ واللهجة: فتضمن المحاورة والخطابة والجدل والأمثال أي الكلم الجوامع والقصص والتوصيف والرواية.
- كان لفصاحة ألفاظه وتناسبها في تراكيبه وترتيبه على ابتكار أسلوب الفواصل العجيبة المتماثلة في الأسماع وإن لم تكن متماثلة الحروف في الأسجاع، كان لذلك سريع العلوق بالحوافظ خفيف الانتقال والسير في القبائل، مع كون مادته ولحمته هي الحقيقة دون المبالغات الكاذبة والمفاخرات المزعومة، فكان بذلك له صولة الحق وروعة لسامعيه، وذلك تأثير روحاني وليس بلفظي ولا معنوي.
- جاءت المحسنات في البديع في القرآن أكثر مما جاءت في شعر العرب، وخاصة الجناس كقوله: {وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
والطباق كقوله: {كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}.. وكان لبلاغته وتناسقه نافذ الوصول إلى القلوب حتى وصفوه بالسحر وبالشعر {أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون}.

مبتكرات القرآن

- للقرآن مبتكرات تميز بها نظمه عن بقية كلام العرب.
- منها أنه جاء على أسلوب يخالف الشعر، ويخالف الخطابة بعض المخالفة، فقد جاء بطريقة كتاب يقصد حفظه وتلاوته، وذلك من وجوه إعجازه.
- ومنها أنه جاء بالجمل الدالة على معان مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد التشريعية، فلم يأت بعمومات شأنها التخصيص غير مخصوصة، ولا بمطلقات تستحق التقييد غير مقيدة، كما كان يفعله العرب لقلة اكتراثهم بالأحوال القليلة والأفراد النادرة. مثاله قوله تعالى: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} فبين أن الهوى قد يكون محمودا إذا كان هوى المرء عن هدى.
- ومنها أن جاء على أسلوب التقسيم والتسوير وهي سنة جديدة في الكلام العربي أدخل بها عليه طريقة التبويب والتصنيف.
- ومنها الأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة، وفي تمثيل الأحوال، وقد كان لذلك تأثير عظيم على نفوس العرب إذ كان فن القصص مفقودا من أدب العربية إلا نادرا،
- ومنها أن القرآن يتصرف في حكاية أقوال المحكي عنهم فيصوغها على ما يقتضيه أسلوب إعجازه لا على الصيغة التي صدرت فيها، فهو إذا حكى أقوالا غير عربية صاغ مدلولها في صيغة تبلغ حد الإعجاز بالعربية، وإذا حكى أقوالا عربية تصرف فيها تصرفا يناسب أسلوب المعبر، وللعرب في حكاية الأقوال اتساع مداره على الإحاطة بالمعنى دون التزام الألفاظ، فالإعجاز الثابت للأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية.
- ومنها حكاية الأسماء الواقعة في القصص فإن القرآن يغيرها إلى ما يناسب حسن مواقعها في الكلام من الفصاحة مثل تغيير شاول إلى طالوت، وتغيير اسم تارح أبي إبراهيم إلى آزر.
- ومنها التمثيل فقد كان في أدب العرب الأمثال، ولكن القرآن أوضح الأمثال وأبدع تركيبها كقوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف}.
- لم يلتزم القرآن أسلوبا واحدا، واختلفت سوره وتفننت، فتكاد تكون لكل سورة لهجة خاصة، فإن بعضها بني على فواصل وبعضها ليس كذلك. وكذلك فواتحها منها ما افتتح بالاحتفال كالحمد، و{يا أيها الذين آمنوا}، و{الم * ذلك الكتاب}، وهي قريب مما نعبر عنه في صناعة الإنشاء بالمقدمات. ومنها ما افتتح بالهجوم على الغرض من أول الأمر نحو {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} و{براءة من الله ورسوله}.
- من أبدع الأساليب في كلام العرب الإيجاز، وقد جاء القرآن بأبدعه إذ كان مع ما فيه من الإيجاز المبين في علم المعاني فيه إيجاز عظيم آخر وهو صلوحية معظم آياته لأن تؤخذ منها معان متعددة كلها تصلح لها العبارة باحتمالات لا ينافيها اللفظ، ولولا إيجاز القرآن لكان أداء ما يتضمنه من المعاني في أضعاف مقدار القرآن ومن ذلك:
• تجد في كثير من تراكيب القرآن حذفا ولكنك لا تعثر على حذف يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ أو سياق.
• جمع القرآن المعاني الكثيرة في الكلام القليل، قال بعض بطارقة الروم لعمر بن الخطاب لما سمع قوله تعالى: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} قد جمع الله في هذه الآية ما أنزل على عيسى من أحوال الدنيا والآخرة.
• من أنواع إيجازه إيجاز الحذف مع عدم الالتباس، وكثر ذلك في حذف القول، ومن أبدع الحذف قوله تعالى: {في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر} أي يتذاكرون شأن المجرمين فيقول من علموا شأنهم سألناهم فقلنا ما سلككم في سقر.
• ومنه حذف المضاف كثيرا كقوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله} وحذف الجمل التي يدل الكلام على تقديرها نحو قوله تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} إذ التقدير: فضرب فانفلق.
• ومن ذلك الإخبار عن أمر خاص بخبر يعمه وغيره لتحصل فوائد: فائدة الحكم العام، وفائدة الحكم الخاص، وفائدة أن هذا المحكوم عليه بالحكم الخاص هو من جنس ذلك المحكوم عليه بالحكم العام.
• من بديع الإيجاز في القرآن وأكثره ما يسمى بالتضمين، وهو يرجع إلى إيجاز الحذف، والتضمين أن يضمن الفعل أو الوصف معنى فعل أو وصف آخر ويشار إلى المعنى المضمن بذكر ما هو من متعلقاته من حرف أو معمول فيحصل في الجملة معنيان.
ومن هذا الباب ما اشتمل عليه من الجمل الجارية مجرى الأمثال، وهذا باب من أبواب البلاغة نادر في كلام بلغاء العرب، قوله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته} وقوله: {طاعة معروفة} وقوله {ادفع بالتي هي أحسن}.
- سلك القرآن مسلك الإطناب لأغراض من البلاغة ومن أهم مقامات الإطناب مقام توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع في قلب السامع، قال تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق}.
- قال المصنف" تتبعت أساليب من أساليب نظم الكلام في القرآن فوجدتها مما لا عهد بمثلها في كلام العرب، مثال ذلك قوله تعالى: {قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات} فإبدال {رسولا} من {ذكرا} يفيد أن هذا الذكر ذكر هذا الرسول، وأن مجيء الرسول هو ذكر لهم، وأن وصفه بقوله: {يتلو عليكم آيات الله} يفيد أن الآيات ذكر.
- من أساليب القرآن المنفرد بها، أنه يرد فيه استعمال اللفظ المشترك في معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإدارة ما يصلح منها، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي إذا صلح المقام لإرادتهما، وبذلك تكثر معاني الكلام مع الإيجاز وهذا من آثار كونه معجزة.
- ومن أساليبه الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات مثل (وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا) قرئ (عند) وقرئ {عباد}.
- مما يندرج تحت جهة الأسلوب "الجزالة "، "والرقة"، ولا تخلو سورة من القرآن من تكرر هذين الأسلوبين، مع بلوغ الغاية، قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
وقال: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}.
عادات القرآن

- على المفسر أن يتعرف عادات القرآن من نظمه وكلمه.
- تعرض بعض السلف لشيء من عادات القرآن،
1. عن ابن عباس: كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر. وذكر ذلك الطبري عن الضحاك أيضا.
2. في صحيح البخاري في تفسير سورة الأنفال قال ابن عيينة: ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا، وتسميه العرب الغيث كما قال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}.
3. عن ابن عباس أن كل ما جاء من {يا أيها الناس} فالمقصود به أهل مكة المشركون.
4. قال الجاحظ في البيان وفي القرآن معان لا تكاد تفترق، مثل الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والجن والإنس قلت: والنفع والضر، والسماء والأرض.
5. ذكر صاحب الكشاف وفخر الدين الرازي أن من عادة القرآن أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة.
6. وفي الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين} الآية: جيء به ماضيا على عادة الله في أخباره.
7. قال فخر الدين في تفسير قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل} من سورة العقود عادة هذا الكتاب الكريم أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع.
- ذكر المصنف أنه استقرأ بجهده عادات كثيرة في اصطلاح القرآن يذكرها في مواضعها
1. منها أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله تعالى: {بل متعت هؤلاء وآباءهم}
2. أنه إذا حكى المحاورات والمجاوبات حكاها بلفظ قال دون حروف عطف، إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى، انظر قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} إلى قوله: {أنبئهم بأسمائهم}.
- استوعب أبو البقاء الكفوي في كتاب الكليات في أوائل أبوابه كليات مما ورد في القرآن من معاني الكلمات، وفي الإتقان للسيوطي شيء من ذلك.
- من جهات الإعجاز في القرآن ما أودعه من المعاني الحكمية والإشارات العلمية فالعرب لم يكن لهم علم سوى الشعر وما تضمنه من الأخبار.
- العلم نوعان:
1. علم اصطلاحي وهو ما تواضع الناس في عصر من الأعصار على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قد يتغير بتغير العصور ويختلف باختلاف الأمم والأقطار، ولا تخلو عنه أمة،
2. علم حقيقي هو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان، وما به يبلغ إلى ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا،
- كلا العلمين كمال إنساني ووسيلة لسيادة أصحابه على أهل زمانهم، وبين العلمين عموم وخصوص من وجه. وهذه الجهة خلا عنها كلام فصحاء العرب، لأن أغراض شعرهم كانت لا تعدو وصف المشاهدات والمتخيلات والافتراضات المختلفة ولا تحوم حول تقرير الحقائق وفضائل الأخلاق التي هي أغراض القرآن.
- اشتمل القرآن على النوعين:
النوع الأول: علوم أهل الكتاب ومعرفة الشرائع والأحكام وقصص الأنبياء والأمم وأخبار العالم، قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} ويقل في القرآن التعرض إلى تفاصيل أخبار العرب لأن ذلك أمر معلوم لديهم، وإنما ذكر قليل منه على وجه الإجمال على معنى العبرة والموعظة بخبر عاد وثمود وقوم تبع.
النوع الثاني: قسمان: قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه، وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم فينبلج للناس شيئا فشيئا، وكلا القسمين دليل على أنه من عند الله لأنه جاء به أمي لم يعالج أهله دقائق العلوم، وهو ثاو بينهم لم يفارقهم.
- من طرق إعجاز القرآن العلمية أنه دعا للنظر والاستدلال، وفتح الأعين إلى فضائل العلوم بأن شبه العلم بالنور وبالحياة كقوله {لينذر من كان حيا} وقوله: {يخرجهم من الظلمات إلى النور}.
- هذا النوع من الإعجاز هو الذي خالف به القرآن أساليب الشعر وأغراضه مخالفة واضحة.
- رد المصنف على قول الشاطبي في الموافقات: "إن القرآن لا تحمل معانيه ولا يتأول إلا على ما هو متعارف عند العرب" بقوله" كيف ينفي إعجاز القرآن لأهل كل العصور، وكيف يقصر إدراك إعجازه بعد عصر العرب على الاستدلال بعجز أهل زمانه إذ عجزوا عن معارضته" قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبيء إلا أوتي أو أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي وإني أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)) * ((ما مثله آمن عليه البشر)) اقتضى أن كل نبيء جاء بمعجزة هي إعجاز في أمر خاص كان قومه أعجب به وأعجز عنه فيؤمنون على مثل تلك المعجزة. ومعنى آمن عليه أي لأجله وعلى شرطه، * ((وإنما كان الذي أوتيت وحيا)) اقتضى أن ليست معجزته من قبيل الأفعال كما كانت معجزات الرسل الأولين أفعالا لا أقوالا، بل كانت معجزته ما في القرآن من دلالة على عجز البشر عن الإتيان بمثله من جهتي اللفظ والمعاني، وبذلك يمكن أن يؤمن به كل من يبتغي إدراك ذلك من البشر ويتدبره ويفصح عن ذلك تعقيبه بقوله: فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا إذ قد عطف بالفاء المؤذنة بالترتب، فالمناسبة بين كونه أوتي وحيا وبين كونه يرجو أن يكون أكثرهم تابعا لا تنجلي إلا إذا كانت المعجزة صالحة لجميع الأزمان.
- هذه الجهة من الإعجاز إنما تثبت للقرآن بمجموعه أي مجموع هذا الكتاب إذ ليست كل آية من آياته ولا كل سورة من سوره بمشتملة على هذا النوع من الإعجاز، ولذلك فهو إعجاز حاصل من القرآن وغير حاصل به التحدي إلا إشارة نحو قوله: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.
- إعجازه من هذه الجهة:
1. للعرب ظاهر: إذ لا قبل لهم بتلك العلوم كما قال الله تعالى: {ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا}
2. إعجازه لعامة الناس أن تجيء تلك العلوم من رجل نشأ أميا في قوم أميين،
3. إعجازه لأهل الكتاب خاصة إذ كان ينبئهم بعلوم دينهم مع كونه أميا.
- وأما الجهة الرابعة وهي الإخبار بالمغيبات فقد جاء ت كثيرا في القرآن كإخباره بغلبة الروم : {الم * غلبت الروم}
- في الختام قرر المصنف مذهب المحققين: أن إعجاز القرآن للعرب هل كان بما بلغه من منتهى الفصاحة والبلاغة وحسن النظم وما احتوى عليه من النكت والخصوصيات. لا كما قاله أهل الصرفة


والحمد لله رب العالمين

جزى الله كل من ساعدنا على قراءة هذه المقدمة غزيرة المنافع خيرا، وضاعف له الأجر، وأعطاه من خيري الدنيا والآخرة، ما تقر به عينه وتسعد به نفسه.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 11:44 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

‎المقدمة السابعة⬛
‎ قصص القرآن

🔹معنى القصة: الخبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها،جمعها قصص بكسر القاف أما القصص بفتح القاف فهو الخبر المقصوص وهو مصدر للمفعول ؛ فذكر الأحداث التي عاصرت زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تعتبر قِصصاً.

🔹مميزات قصص القرآن :
1-أنها مفضلة على سائر جنس القصص فهي أحسن القصص .قال تعالى : {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} أي أنها لم تسق للتسلية والتفكه ولا بغرض معرفة عواقب الخير والشر فقط أو مصير أصحابها من عناية أو غضب بل سيقت للعبرة والموعظة وتحقيق فوائد جمة.
2-عدم ورودها متتالية وإنما جاءت موزعة حسب السياق الذي يناسبها،وذلك لحكمة وهي:
-لأن الغرض منها ليس التفكه وإنما العظة والعبرة بأشرف مواضيعها
-لأن الفائدة لها تتعلق بالسياق الذي ذكرت، وهو ذكر وموعظة لأهل الدين فهو بالخطابة أشبه.
-لأن أسلوب القرآن خاص بالتذكير وبالذكر وهو أجل من أسلوب القصاصين الذين يسردون القصة لأجل معرفتها
-لأن سوقها في مناسباتها يكسبها صفتين: صفة البرهان وصفة التبيان.
3-الايجاز لأنها تذكير أكثر من كونها قصصاً
مثال ذلك قوله تعالى : {فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون} فقد حكيت مقالته هذه في موقع تذكيره أصحابه بها لأن ذلك محز حكايتها ولم تحك أثناء قوله: {إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين} وقوله: {فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين}.
4-ومن مميزاتها طي ما يقتضيه الكلام الوارد كقوله تعالى في سورة يوسف: {واستبقا الباب} ولم يذكر أسباب الاستباق من حضور سيدها وطرقه الباب واسراعها لفتحه لتكون هي البادية وتقطع على يوسف البدء بالشكاية واسراع يوسف لخوفه من مكرها هذا .
5-أسلوبها بديع يحقق غرض الاتعاظ مع المحافظة على الغرض الأصلي للقرآن وهو التشريع والتفريع.

🔹فوائد القصص عشر فوائد:
1-إخبار قصص لا يعلمها الا الراسخون بالعلم من أهل الكتاب يعد تحدياً وتعجيزاً لهم وفي ذلك أيضاً إزالة صفة الأمية عن المسلمين لعلمهم ما يعلمه أحبار اليهود.وهي فائدة لم يذكرها السلف.
2-ذكر قصص الأنبياء المشرعين وأقوامهم يعد تكليلاً لهامة الشريعة. وكان الغرض منها بيان الناحية الايمانية لهم وثواب الله وعقابه ؛ولم يصرف الأنظار إلى أمور لا تفيد مثل أنسابهم أو بلدانهم أو أزمانهم .مثال :أصحاب الكهف.وهذه الفائدة مما فتح الله به على ابن عاشور
3- معرفة ترتب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب ومافيها من المثل العليا وزكاء النفوس أو عكسهما لتقتدي الأمة وتحذر.
4-موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلها، وعصت أوامر ربها ، وكيف يورث الأرض أولياءه وعباده الصالحين قال تعالى: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} وهذا في القصص التي يذكر فيها ما لقيه المكذبون للرسل كقصص قوم نوح وعاد وثمود وأهل الرس وأصحاب الأيكة.
5-اعجاز القرآن بابتكار أسلوب جديد في البلاغة العربية وهو اسلوب التوصيف والمحاورة لا يستطيعون الاتيان بمثله
مثال:قصة الأعراف
6-أن العرب بتوغل الأمية والجهل فيهم أصبحوا لا تهتدي عقولهم إلا بما يقع تحت الحس، أو ما ينتزع منه ففقدوا فائدة الاتعاظ بأحوال الأمم الماضية وجهلوا معظمها وجهلوا أحوال البعض الذي علموا أسماءه فأعقبهم ذلك إعراضا عن السعي لإصلاح أحوالهم بتطهيرها مما كان سبب هلاك من قبلهم، فكان في
ذكر قصص الأمم توسيع لعلم المسلمين بأحوال الأمم السابقة ،التي فقدها العرب لتوغلهن في الأمية والمادية ومن ثم فقدوا الاتعاظ بها .قال تعالى :مشيرا إلى غفلتهم قبل الإسلام: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم}.
7-تعويد المسلمين على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم والاعتراف لها بمزاياها حتى تدفع عنهم وصمة الغرور كما وعظهم قوله تعالى عن قوم عاد: {وقالوا من أشد منا قوة} فإذا علمت الأمة جوامع الخيرات وملائمات حياة الناس تطلبت كل ما ينقصها مما يتوقف عليه كمال حياتها وعظمتها.
8-أن ينشئ في المسلمين همة السعي إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم بدل همتهم القاصرة التي قادتهم إلى الذل واتباع الفرس والروم
9-معرفة أن قوة الله تعالى غالبة وأنه ينصر من نصره وأنهم إذا أخذوا بأسباب البقاء من استعدادوتوكل لم يتسلط عليهم غيرهم، وذكر نصرة الله لأهل الخير كما في قوله: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}.
10-معرفة فوائد في تاريخ التشريع والحضارة وذلك يفتق أذهان المسلمين للإلمام بفوائد المدنية كقوله تعالى: {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} في قراءة من قرأ {دين} بكسر الدال، أي في شرع فرعون يومئذ، فعلمنا أن شريعة القبط كانت تخول استرقاق السارق. وغيرها من الأمثلة.

🔹الحكمة من تكرار القصة في أكثر من سورة :
وفيما ذكرنا ما يدفع عنكم هاجسا رأيته خطر لكثير من أهل اليقين والمتشككين وهو أن يقال: لماذا لم يقع الاستغناء بالقصة الواحدة في حصول المقصود منها. وما فائدة تكرار القصة في سور كثيرة? وربما تطرق هذا الهاجس ببعضهم إلى مناهج الإلحاد في القرآن. والذي يكشف لسائر المتحيرين حيرتهم على اختلاف نواياهم وتفاوت مداركهم
1-أن القرآن- كما قلنا هو بالخطب والمواعظ أشبه منه بالتآليف.
2-أن القصة الواحدة تأتي بما يناسب كل سياق وهو نوع من الإعجاز حيث تظهر البلاغة وتفنن المعاني من مجاز واستعارة وكناية وتفنن الألفاظ وتراكيبها بما تقتضيه الفصاحة وسعة اللغة باستعمال المترادفات مثل: {ولئن رددت}. {ولئن رجعت}. وتفنن المحسنات البديعية المعنوية واللفظية ونحو ذلك كان ذلك من الحدود القصوى في البلاغة،
3- أن يسمع المسلمون ما فاتهم من القصص المماثلة لما نزل قبل اسلامهم أو وقت غيابهم لأن السماع وقت النزول أدعى للتأثر بالقصة .
4-أن حفظ القرآن كاملاً كان نادراً عند المؤمنين فيكون الذي حفظ سورة ذكرت فيها القصة عالماً بالقصة كالذي حفظ غيرها وذكرت فيها القصة
5- أن تلك القصص تختلف حكاية القصة الواحدة منها بأساليب مختلفة ويذكر في بعض حكاية القصة الواحدة ما لم يذكر في بعضها الآخر وذلك لأسباب:
منها :
-تجنب التطويل في الحكاية الواحدة فيقتصر على موضع العبرة منها في موضع وبذكر آخر في موضع آخر فيحصل من متفرق مواضعها في القرآن كمال القصة أو كمال المقصود منها، وفي بعضها ما هو شرح لبعض.
-أن يكون بعض القصة المذكور في موضع مناسبا للحالة المقصودة من سامعيها، ومن أجل ذلك تجد ذكرا لبعض القصة في موضع وتجد ذكرا لبعض آخر منها في موضع آخر لأن فيما يذكر منها مناسبة للسياق الذي سيقت له، فإنها تارة تساق إلى المشركين، وتارة إلى أهل الكتاب، وتارة تساق إلى المؤمنين، وتارة إلى كليهما، وقد تساق للطائفة من هؤلاء في حالة خاصة، ثم تساق إليها في حالة أخرى. وبذلك تتفاوت بالإطناب والإيجاز على حسب المقامات، ألا ترى قصة بعث موسى كيف بسطت في سورة طه، وسورة الشعراء. وكيف أوجزت في آيتين في سورة الفرقان {ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا}
-ومنها أنه قد يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما ينقلونه من تلك القصة، وتارة لا يقصد ذلك.
فهذه تحقيقات سمحت بها القريحة، وربما كانت بعض معانيها في كلام السابقين غير صريحة:

‎المقدمة الثامنة⬛
🔷في اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها وأسمائها
🔹بيان أهمية هذا الباب وعلاقتة بالتفسير والقرآن وهي:
1-أن ما يتحقق فيه ينتفع به في مواضع كثيرة من فواتح السور، ومناسبة بعضها لبعض فيغني المفسر عن إعادته.
2-موضوع علم التفسير هو القرآن لتبيان معانيه وما يشتمل عليه من إرشاد وهدى وآداب وإصلاح حال الأمة في جماعتها وفي معاملتها مع الأمم التي تخالطها: بفهم دلالته اللغوية والبلاغية.

🔹معنى القرآن اصطلاحاً:
هو الكلام العربي المعجز المتعبد به الذي أوحاه الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل ليبلغه للأمة بلفظه المنزل للعمل به ولقراءة ما يتيسر منه في صلاتهم المكتوب في المصاحف المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، أولاها الفاتحة وأخراها سورة الناس.
تحدى الله العرب أن يأتوا بسورة مثله فلم ولن يستطيعوا .قال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار}

🔹معنى القرآن لغةً: قيل في معناه أقوال:
▪القول الأول:أنه ليس مشتقاً وهو علم على ما أوحي من كتاب.وسمي قرآناً كما سمي الإنجيل انجيلاً
▪القول الثاني: قيل اسم مشتق وفيه قولان:
1-اسم مشتق من قرأ وهو مهموز لأنه أول ما بدئ به الرسول من الوحي {اقرأ باسم ربك} الآية.وذكر في القرآن قال تعالى: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}
فهمزة قرآن أصلية ووزنه فعلان ولذلك اتفق أكثر القراء على قراءة لفظ قرآن مهموزا حيثما وقع في التنزيل
2-اسم مشتق من فعل غير مهموز على وزن فعال بمعنى القرن بين الأشياء أي الجمع بينها لأنه قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه لم يقرأ به سوى ابن كثير قرأه بفتح الراء بعدها ألف على لغة تخفيف المهموز وهي لغة حجازية.
وذكر أن القول الأول والثاني صائبان
▪القول الثالث: قيل أنه قران جمع قرينة أي اسم جمع،والقرينة العلامة، قالوا لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق.
ورد ابن عاشور هذا القول بأن قرينة لا تُجمع على فعال في التكثير فالجموع الواردة على وزن فعال محصورة ليس هذا منها. وقرآن لم يطلق على كتاب سبقه وهو أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأشهرها عند السلف.
فاسم القرآن هو الاسم الذي جعل علما على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم،

🔹أسماء أخرى للقرآن:
ذكر في الاتقان نيف وعشرون اسماً أشهرها ستة هي:
: التنزيل، والكتاب، والفرقان، والذكر، والوحي، وكلام الله
1-الفرقان :اسم مصدر علم على الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مثل لفظ الانجيل والتوراة ، وجاء وصفاً ليوم بدر .الدليل على الاسم قوله تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} وسمي به القرآن لأنه امتاز عن بقية الكتب السماوية بكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل،ففيه دلائل وأمثال وبيان التوحيد وصفات لله لم تذكر في التوراة والانجيل كقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} وأيضاً وصف الصحابة في التوراة والانجيل بإيجاز أما وصفه لهم تعالى بالقرآن جامع لأوصاف الكمال أيضاً أحكامه مبرأة من اللبس وبعيدة عن تطرق الشبهة، وهذا من مقتضيات كون القرآن مهيمنا على الكتب السالفة في قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} .
2-التنزيل :فهو مصدر نزل، أطلق على القرآن لأنه منزل من السماء قال تعالى : { تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين}
3- الكتاب :أصله اسم جنس مطلق ومعهود. قال تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} سمي به القرآن :
-لأن الله جعله جامعا للشريعة فأشبه التوراة لأنها كانت مكتوبة في زمن الرسول المرسل بها، وأشبه الإنجيل الذي لم يكتب في زمن الرسول الذي أرسل به ولكنه كتبه بعض أصحابه وأصحابهم،
-لأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم.
وفي هذه التسمية معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب ولذلك اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه كتابا يكتبون ما أنزل إليه؛ منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان.
4-الذكر .وذلك أنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} .
5-الوحي :سمي بذلك لأنه كلام الله أوحي الى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام .قال تعالى: {قل إنما أنذركم بالوحي}

🔹بيان سبب تسميته بالمصحف عند جمعه في عهد أبي بكر :
أن أبا بكر رضي الله عنه لما أمر بجمع القرآن وكتابته كتبوه على الورق فقال للصحابة: التمسوا اسما، فقال بعضهم سموه إنجيلا فكرهوا ذلك من أجل النصارى، وقال بعضهم سموه السفر فكرهوه من أجل أن اليهود يسمون التوراة السفر. فقال عبد الله ابن مسعود: رأيت بالحبشة كتابا يدعونه المصحف فسموه مصحفا يعني أنه رأى كتابا غير الإنجيل.

🔷آيات القرآن:
🔹معنى الآية: هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرامثل قوله تعالى (مدهامتان) التقدير هما مدهامتان أو إلحاقا،مثل فواتح السور من الحروف المقطعة
🔹دليل أن التسمية أمر توقيفي } قال تعالى : {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت}.
🔹خصائص الآيات وسبب التسمية:
1-لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم لشمولها على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة نظم الكلام،
2-لأن وقوعها مع غيرها من الآيات معجز عجز أهل الفصاحة والبلاغة عن تأليف مثله.
🔹أسباب عدم تسمية جمل التوراة والانجيل آيات
لأن اللغة العبرانية والأرامية لا تتميز بما ذكر سابقاً من خصائص الآيات
🔹الرد على شبهة ما ورد في حديث رجم اليهوديين اللذين زنيا من قول الراوي فوضع الذي نشر التوراة يده على آية الرجم فذلك تعبير غلب على لسان الراوي على وجه المشاكلة التقديرية تشبيها بجمل القرآن، إذ لم يجد لها اسما يعبر به عنها.
🔹كيفية تحديد مقادير الآيات :
-هو أمر توقيفي ،وقد تختلف الرواية في بعض الآيات وهو محمول على التخيير في حد تلك الآيات التي تختلف فيها الرواية في تعيين منتهاها ومبتدأ ما بعدها.في الحديث الصحيح أن فاتحة الكتاب السبع المثاني أي السبع الآيات.
-كان أصحاب النبيء صلى الله عليه وسلم على علم من تحديد الآيات.
-كان المسلمون في عصر النبؤة وما بعده يقدرون بعض الأوقات بمقدار ما يُقرأ من الآيات كما ورد في حديث سحور النبيء صلى الله عليه وسلم أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية.
-قال أبو بكر ابن العربي وتحديد الآية من معضلات القرآن، فمن آياته طويل وقصير، ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام.
-بيان أن تعيين مقدار الآية تبعا لانتهاء نزولها ودليله وقوع الفاصلة.
-قال الزمخشري الآيات علم توقيفي.

🔷الفواصل:
🔹معنى الفواصل:الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب، مع تماثل أو تقارب صيغ النطق بها وتكرر في السورة تكررا يؤذن بأن تماثلها أو تقاربها مقصود من النظم في آيات كثيرة متماثلة، تكثر وتقل، وأكثرها قريب من الأسجاع في الكلام المسجوع. والعبرة فيها بتماثل صيغ الكلمات من حركات وسكون وهي أكثر شبها بالتزام ما لا يلزم في القوافي. وأكثرها جار على أسلوب الأسجاع.
🔹من الفواصل النادرة التي لم تنتهي بفاصلة وعدت آية قوله تعالى: {ص * والقرآن ذي الذكر}حيث جاءت نهاية الآيات في السورة (حرف قبله ألف)
🔹فوائد الفواصل:
أن هذه الفواصل من جملة المقصود من الإعجاز لأنها ترجع إلى محسنات الكلام وهي من جانب فصاحة الكلام فمن الغرض البلاغي الوقوف عند الفواصل لتقع في الأسماع فتتأثر نفوس السامعين بمحاسن ذلك التماثل، كما تتأثر بالقوافي في الشعر وبالأسجاع في الكلام المسجوع.
🔹حكم الوقف على رؤوس الآيات :
-في "الإتقان" عن أبي عمرو قال بعضهم: الوقف على رؤوس الآي سنة. وفيه عن البيهقي في شعب الإيمان: الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وان تعلقت بما بعدها اتباعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته،
- وفي سنن أبي داود عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم يقف. {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف { الرحمن الرحيم} ثم يقف.
🔹ضوابط تحديد الآي:
لا بد من وجوب اتباع المأثور من تحديد الآي كما قال ابن العربي والزمخشري.مع وجود ضوابط عامة ولو شذ عنها القليل:مثل:
1-أن بعض الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض السور قد عد بعضها آيات مثل. {الم}. {المص}. {كهيعص}. {عسق}. {طسم}. {يس}. {حم}. {طه}. ولم تعد الر. المر. طس. ص. ق. ن. آيات.
2-آيات القرآن متفاوتة في مقادير كلماتها فبعضها أطول من بعض ولذلك فتقدير الزمان بها في قولهم: مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية مثلا، تقدير تقريبي، وتفاوت الآيات في الطول تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام.
وأطول آية قوله تعالى: {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} إلى قوله: {وكان الله بكل شيء عليما} في سورة الفتح، وغيرها .
وأقصر آية في عدد الكلمات قوله تعالى: {مدهامتان}. في سورة الرحمن وفي عدد الحروف المقطعة قوله: {طه}.
🔹علاقة الوقف بالفواصل:
الوقف:الوقف لا يرتبط بالفواصل بل قد يتكرر في الآية أكثر من وقف .
🔹أسباب اختلاف السلف في عد الآيات :
1- لاختلاف الرواية .
2-لاختلاف الاجتهاد.
قد كان عدد آي السور معروفا في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم: وروى محمد بن السائب عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة، واستمر العمل بعد الآي في عصر الصحابة، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} الآية.وأجمعوا على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية،واختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتين وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمسا وعشرين، وقيل وستا وثلاثين، وقيل وستمائة وست عشرة.قاله أبو عمرو الداني
وأجمعوا على عدم اعتبار البسملة آية في سور القرآن عدا الفاتحة منهم من عدها آية ومنهم لم يعدها آية .قاله مكي بن أبي طالب.
فالمصحف المدني عد آيها أكثر مما في الكوفي، ولو عنوا عد البسملة لكان الكوفي أكثر.قاله المازري
وكان لأهل المدينة عدان ولأهل مكة عدد واحد،وكان اتفاق واختلاف على عد آي السورة الواحدة في مصاحف الكوفة والبصرة والشام،
🔹ترتيب الآي:
1-أمر توقيفي إعجازي وآيات المصحف الموجود الآن هو نفس ترتيب الآيات في العرضات الأخيرة فزيد بن ثابت لم يخالف في ترتيب الآيات
🔹الحكمة من وجود كتاب الوحي:كان القرآن محفوظاً في الصدور كلاً أو بعضاً ولم يعتمدوا على الكتابة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لكتاب الوحي بالكتابة حتى يرجع إليها المسلمون عندما يحدث لهم شك أو نسيان ولكن ذلك لم يقع.
🔹التناسب بين آي القرآن:
-التناسب بين الآيات توقيفي
🔹وجوه التناسب:
-تناسب في الغرض. أو في الانتقال منه أو نحو ذلك وهو من أساليب الكلام المنتظم المتصل، ومما يدل عليه وجود حروف العطف مثل الفاء ولكن وبل ومثل أدوات -تناسب الآيات لايعني تناسب في سبب النزول ؛فلا بد من البحث عن المناسبة وإذا ما كانت الآية مكملة لما قبلها أو مستقلة وما وجه مناسبتها لما قبلها إذا كانت مستقلة.وقد أورد على ذلك أمثلة كثيرة ،
- وقد لا تكون له مناسبة ولكنه اقتضاه سبب في ذلك المكان كقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه} فهذه الآيات نزلت في سورة القيامة في خلال توبيخ المشركين على إنكارهم البعث ووصف يوم الحشر وأهواله، وليست لها مناسبة بذلك ولكن سبب نزولها حصل في خلال ذلك.
وقد تكون الآية ألحقت بالسورة بعد تمام نزولها بأن أمر الرسول بوضعها عقب آية معينة كما روي في صحيح مسلم عن ابن مسعود أن أول سورة الحديد نزل بمكة، ولم يختلف المفسرون في أن قوله تعالى: {وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله} إلى آخر السورة نزل بالمدينة فلا يكون ذلك إلا لمناسبة بينها وبين آي تلك السورة والتشابه في أسلوب النظم، وإنما تأخر نزول تلك الآية عن نزول أخواتها من سورتها لحكمة اقتضت تأخرها ترجع غالبا إلى حدوث سبب النزول.
🔹ضرورة البحث عن المناسبات بالطرق الموصلة من غير تكلف:
لأن الآيات التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضعها في موضع معين قليلة
🔹سبب استقلال آيات الرآن بعضها عن بعض :
لأن كل آية منه ترجع إلى غرض الإصلاح والاستدلال عليه، وتكميله وتخليصه من تسرب الضلالات إليه فلم يلزم أن تكون آياته متسلسلة، ولكن حال القرآن كحال الخطيب يتطرق إلى معالجة الأحوال الحاضرة على اختلافها وينتقل من حال إلى حال بالمناسبة ولذلك تكثر في القرآن الجمل المعترضة لأسباب اقتضت نزولها أو بدون ذلك؛ فإن كل جملة تشتمل على حكمة وإرشاد أو تقويم معوج، كقوله: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار - إلى قوله:- قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} فقوله: {قل إن الهدى هدى الله} جملة معترضة.

🔷وقوف القرآن
🔹معنى الوقف هو :قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة، والوقف عند انتهاء جملة من جمل القرآن
🔹أهمية الوقف:
قد يكون أصلا لمعنى الكلام فقد يختلف المعنى باختلاف الوقف
🔹أمثلة عليه:
-مثل قوله تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) فإذا وقف عند كلمة (قتل) كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتلهم قومهم وأعداؤهم. ومع الأنبياء أصحابهم فما تزلزلوا لقتل أنبيائهم فكان المقصود تأييس المشركين من وهن المسلمين على فرض قتل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوته. على نحو قوله تعالى في خطاب المسلمين: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} الآية، وإذا وصل قوله: (قتل) عند قوله: {كثير} كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتل معهم رجال من أهل التقوى فما وهن من بقي بعدهم من المؤمنين وذلك بمعنى قوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} إلى قوله: {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
-وكذلك قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به} الآية، فإذا وقف عند قوله: {إلا الله} كان المعنى أن المتشابه الكلام الذي لا يصل فهم الناس إلى تأويله وأن علمه مما اختص الله به مثل اختصاصه بعلم الساعة وسائر الأمور الخمسة وكان ما بعده ابتداء كلام يفيد أن الراسخين يفوضون فهمه إلى الله تعالى، وإذا وصل قوله: {إلا الله} بما بعده كان المعنى أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه في حال أنهم يقولون آمنا به.
-وكذلك قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} فإنه لو وقف على قوله: {ثلاثة أشهر} وابتدأ بقوله: {واللائي لم يحضن} وقع قوله: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} معطوفا على {اللائي لم يحضن} فيصير قوله {أجلهن أن يضعن حملهن}. خبرا عن {اللائي لم يحضن وأولات الأحمال} ولكنه لا يستقيم المعنى إذ كيف يكون لللاءلم يحضن حمل حتى يكون أجلهن أن يضعن حملهن.
🔹حكم الوقف:
وعلى جميع التقادير لا تجد في القرآن مكانا يجب الوقف فيه ولا يحرم الوقف فيه كما قال ابن الجزري في أرجوزته، ولكن الوقف ينقسم إلى أكيد حسن ودونه وكل ذلك تقسيم بحسب المعنى. وبعضهم استحسن أن يكون الوقف عند نهاية الكلام وأن يكون ما يتطلب المعنى الوقف عليه قبل تمام المعنى سكتا وهو قطع الصوت حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف، فإن اللغة العربية واضحة وسياق الكلام حارس من الفهم المخطئ، فنحو قوله تعالى: {يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} لو وقف القاري على قوله: {الرسول} لا يخطر ببال العارف باللغة أن قوله: {وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} تحذير من الإيمان بالله، وكيف يخطر ذلك وهو موصوف بقوله: {ربكم} فهل يحذر أحد من الإيمان بربه.
وكذلك قوله تعالى: {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها} فإن كلمة {بناها} هي منتهى الآية والوقف عند {أم السماء} ولكن لو وصل القارئ لم يخطر ببال السامع أن يكون {بناها} من جملة {أم السماء} لأن معادل همزة الاستفهام لا يكون إلا مفردا.
🔹بيان أن التعدد في الوقف قد يحصل به ما يحصل بتعدد وجوه القراءات من تعدد المعنى مع اتحاد الكلمات. فقوله تعالى: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا} فإذا وقف على {قواريرا} الأول كان { قوارير} الثاني تأكيدا لرفع احتمال المجاز في لفظ {قواريرا}، واذا وقف على {قوارير} الثاني كان المعنى الترتيب والتصنيف، كما يقال: قرأ الكتاب بابا بابا، وحضروا صفا صفا. وكان قوله: {من فضة} عائدا إلى قوله: {بآنية من فضة} ولما كان القرآن مرادا منه فهم معانيه وإعجاز الجاحدين به وكان قد نزل بين أهل اللسان كان فهم معانيه مفروغا من حصوله عند جميعهم. فأما التحدي بعجز بلغائهم عن معارضته فأمر يرتبط بما فيه من الخصوصيات البلاغية التي لا يستوي في القدرة عليها جميعهم بل خاصة بلغائهم من خطباء وشعراء، وكان من جملة طرق الإعجاز ما يرجع إلى محسنات الكلام من فن البديع، ومن ذلك فواصل الآيات التي هي شبه قوافي الشعر وأزجاع النثر، وهي مرادة في نظم القرآن لا محالة فكان عدم الوقف عليها تفريطا في الغرض المقصود منها.
🔹ضعف اعتناء السلف بتحديد أوقافه: لظهور أمرها، وما ذكر عن ابن النحاس من الاحتجاج لوجوب ضبط أوقاف القرآن بكلام لعبد الله بن عمر ليس واضحا في الغرض المحتج به فانظره في الإتقان للسيوطي.
فكان الاعتبار بفواصله التي هي مقاطع آياته عندهم أهم لأن عجز قادتهم وأولي البلاغة والرأي منهم تقوم به الحجة عليهم وعلى دهمائهم،
🔹الحكمة من اعتناء أهل القرآن بالوقف:
لما كثر الداخلون في الإسلام من دهماء العرب ومن عموم بقية الأمم، توجه اعتناء أهل القرآن إلى ضبط وقوفه تيسيرا لفهمه على قارئيه، فظهر الاعتناء بالوقوف وروعي فيها ما يراعى في تفسير الآيات فكان ضبط الوقوف مقدمة لما يفاد من المعاني عند واضع الوقف.
🔹أشهر من تصدى لضبط الوقوف :أبو محمد بن الانباري، وأبو جعفر بن النحاس، وللنكزاوي أو النكزوي كتاب في الوقف ذكره في الإتقان، واشتهر بالمغرب من المتأخرين محمد بن أبي جمعة الهبطي المتوفي سنة 930.

🔷سور القرآن
🔹معنى السورة :قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، مسماة باسم مخصوص، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة، ناشئ عن أسباب النزول، أو عن مقتضيات ما تشتمل عليه من المعاني المتناسبة.وهي من مصطلحات القرآن قال تعالى: {فأتوا بعشر سور مثله} وهذه التسمية لم تطلق على ما في التوراة والأنجيل والزبور .
🔹الدليل على أن أقصر سورة تشمل ثلاث آيات : 1-استقراء سور القرآن 2-حديث عمر فيما رواه أبو داود عن الزبير قال جاء الحارث بن خزيمة هو المسمى في بعض الروايات خزيمة وأبا خزيمة بالآيتين من آخر سورة براءة فقال: أشهد أني سمعتهما من رسول الله. فقال عمر: وأنا أشهد لقد سمعتهما منه، ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة إلخ، فدل على أن عمر ما قال ذلك إلا عن علم بأن ذلك أقل مقدار سوره.
🔹المعنى اللغوي لسورة فيه أقوال :
1- قيل مأخوذة من السور بضم السين وتسكين الواو وهو الجدار المحيط بالمدينة أو بمحلة قوم زادوه هاء تأنيث في آخره مراعاة لمعنى القطعة من الكلام، كما سموا الكلام الذي يقوله القائل خطبة أو رسالة أو مقامة.
2-وقيل مأخوذة من السؤر بهمزة بعد السين وهو البقية مما يشرب الشارب بمناسبة أن السؤر جزء مما يشرب، ثم خففوا الهمزة بعد الضمة فصارت واوا،
- وجمع سورة سور بتحريك الواو ونقل في شرح القاموس عن الكراع أنها تجمع على سور بسكون الواو.
🔹فائدة التسوير :
ما قاله صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فأتوا بسورة من مثله} إن الجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن وأنبل من أن يكون ببانا واحدا، وأن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأهز لعطفه كالمسافر إذا علم أنه قطع ميلا أو طوى فرسخا.
🔹تأليف السور في القرآن:
-وضع الآيات وترتيبها في السورة هو أمر توقيفي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول: ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا))، ومجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا، كما في الصحيح أن النبيء صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا
-كان عدد السور مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها،أجمع عليها الصحابة عدا ابن مسعود لم يعتبر المعوذتان سور واعتبر دعاء القنوت سورة من القرآن وجعل الفيل وقريش في سورة واحدة وذلك استناداً على فهمه من نزول القرآن
-جعلوا علامة الفصل بين السور كتابة البسملة ولذلك لم يكتبوها بين سورة الأنفال وسورة براءة لأنهم لم يجزموا بأن براءة سورة مستقلة، ولكنه كان الراجح عندهم فلم يقدموا على الجزم بالفصل بينهما تحريا.
🔹الأقوال في ترتيب السور بعضها إثر بعض:
1-توقيفي :قال الداني: كان جبريل يوقف رسول الله على موضع الآية وعلى موضع السورة. وفي المستدرك عن زيد بن ثابت أنه قال: كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع قال البيهقي: تأويله أنهم كانوا يؤلفون آيات السور.
2-اجتهادي:نقل ابن عطية عن الباقلاني الجزم بأن ترتيب السور بعضها إثر بعض هو من وضع زيد بن ثابت بمشاركة عثمان،
3-أن السبع الطوال والحواميم والمفصل كانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من السور مالم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت كتابة المصحف.قاله ابن عطية
رجح ابن عاشور القول الثالث
دليله هو:
1-وجود سور نزلت قبل سورة وبقيت على ترتيبها في القرآن مثل آيات في الأنعام نزلت قبل آيات في النحل ،ووجود آيات في سورة نزلت قبل آيات سورة ورتبت بعدها في القرآن
مثل آخر آية نزلت آية في سورة البقرة أو في سورة النساء أو في براءة، وهي مقدمة على سور كثيرة.
2-اختلاف سور مصاحف الصحابة قبل نسخة عثمان فالمصاحف الأولى التي كتبها الصحابة لأنفسهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مختلفة في ترتيب وضع السور مثل :مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب،كانا مرتبين حسب الطول والقصر وعلي بن أبي طالب كان مرتباً حسب النزول .وسالم مولى أبي حذيفة.وروي أنه أول من جمع القرآن في مصحف وأمر عثمان رضي الله عنه بترتيب المصحف المدعو بالإمام حسب الطول والقصر.
3- ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري عندما سألها رجل من العراق أن تريه مصحفها ليؤلف عليه مصحفه فقالت: وما يضرك أية آية قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام
4-في صحيح مسلم عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران في ركعة. قال عياض في الإكمال: "هو دليل لكون ترتيب السورة وقع باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف وهو قول مالك رحمه الله وجمهور العلماء.
5-وفي حديث صلاة الكسوف أن النبيء قرأ فيها بسورتين هما آل عمران والنساء ورتب الصحابة السورتين بنفس الترتيب الذي قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم
🔹بيان أن ما قيل من أن التواتر شرط في ثبوته بحسب أصله وليس شرطا في محله ووضعه وترتيبه فضعيف لأنه لو لم يشترط التواتر في المحل جاز أن لا يتواتر كثير من المكررات الواقعة في القرآن وما لم يتواتر يجوز سقوطه وهو يعنى بالقرآن ألفاظ آياته ومحلها دون ترتيب السور.
🔹حكم القراءة حسب ترتيب السور :
قال ابن بطال: "لا نعلم أحدا قال بوجوب القراءة على ترتيب السور في المصحف بل يجوز أن تقرأ الكهف قبل البقرة،
وأما ما جاء عن السلف من النهي عن قراءة القرآن منكسا، فالمراد منه أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها. قلت أو يحمل النهي على الكراهة.
🔹واعلم أن معنى الطولى والقصرى في السور مراعى فيه عدد الآيات لا عدد الكلمات والحروف. وأن الاختلاف بينهم في تعيين المكي والمدني من سور القرآن خلاف ليس بكثير.
🔹وأن ترتيب المصحف تخللت فيه السور المكية والمدنية. وأما ترتيب نزول السور المكية ونزول السور المدنية ففيه ثلاث روايات، إحداها رواية مجاهد عن ابن عباس، والثانية رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس، والثالثة لجابر بن زيد ولا يكون إلا عن ابن عباس، وهي التي اعتمدها الجعبري في منظومته التي سماها تقريب المأمول في ترتيب النزول وذكرها السيوطي في الإتقان وهي التي جرينا عليها في تفسيرنا هذا.
🔹الحكمة من تسمية السور:
-تيسير المراجعة والمذاكرة،
-يميز السورة عن غيرها.
🔹مراحل أسماء السور:
أن تكون بالوصف كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا، ثم شاع فحذفوا الموصول وعوضوا عنه الإضافة فقالوا سورة ذكر البقرة مثلا، ثم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه فقالوا سورة البقرة. أو أنهم لم يقدروا مضافا- وأضافوا السورة لما يذكر فيها لأدنى ملابسة. وقد ثبت في صحيح البخاري قول عائشة رضي الله عنها لما نزلت الآيات من آخر البقرة الحديث وفيه عن ابن مسعود قال قرأ رسول الله النجم. وعن ابن عباس أن رسول الله سجد بالنجم.
🔹صحة ما روي من حديث عن أنس مرفوعا ((لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله)) فقال أحمد بن حنبل: هو حديث منكر، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، ولكن ابن حجر أثبت صحته. ويذكر عن ابن عمر أنه كان يقول مثل ذلك ولا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البيهقي في شعب الإيمان، وكان الحجاج بن يوسف يمنع من يقول سورة كذا ويقول قل السورة التي يذكر فيها كذا،
🔹نسخ المنع لمن قال بصحة الحديث:
والذين صححوا حديث أنس تأولوه وتأولوا قول ابن عمر بأن ذلك كان في مكة حين كان المسلمون إذا قالوا: سورة الفيل وسورة العنكبوت مثلا هزأ بهم المشركون، وقد روي أن هذا سبب نزول قوله تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين} فلما هاجر المسلمون إلى المدينة زال سبب النهي فنسخ، وقد علم الناس كلهم معنى التسمية. ولم يشتهر عن السلف هذا المنع ولهذا ترجم البخاري في كتاب فضائل القرآن بقوله: باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وسورة كذا وأخرج فيه أحاديث تدل على أنهم قالوا سورة البقرة، سورة الفتح، سورة النساء، سورة الفرقان، سورة براءة، وبعضها من لفظ النبيء صلى الله عليه وسلم، وعليه فللقائل أن يقول سورة البقرة أو التي يذكر فيها البقرة، وأن يقول سورة والنجم وسورة النجم، وقرأت النجم وقرأت والنجم، كما جاءت هذه الإطلاقات في حديث السجود في سورة النجم عن ابن عباس.
🔹التسمية أمر توقيفي : أن الصحابة سموا بما حفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها بها ولو كانت التسمية غير مأثورة، فقد سمى ابن مسعود القنوت سورة الخلع والخنع كما مر، فتعين أن تكون التسمية من وضعه، وقد اشتهرت تسمية بعض السور في زمن النبيء صلى الله عليه وسلم وسمعها وأقرها وذلك يكفي في تصحيح التسمية.
🔹مرد التسمية:
-أسماء السور إما أن تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد،
-وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة،
-وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم،
-وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر.
-وقد سموا مجموع السور المفتتحة بكلمة حم آل حم
-وربما سموا السورتين بوصف واحد فقد سموا سورة الكافرون وسورة الإخلاص المقشقشتين.
🔹 كتابة أسماء السور في المصحف:
▪ أن الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور بل اكتفوا بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة علامة على الفصل بين السورتين، وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يكتبوا في أثناء القرآن ما ليس بآية قرآنية، فاختاروا البسملة لأنها مناسبة للافتتاح مع كونها آية من القرآن
▪وفي الإتقان أن سورة البينة سميت في مصحف أبى سورة أهل الكتاب، وهذا يؤذن بأنه كان يسمي السور في مصحفه.
▪وكتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك. قال المازري في شرح البرهان عن القاضي أبي بكر الباقلاني: إن أسماء السور لما كتبت المصاحف كتبت بخط آخر لتتميز عن القرآن، وإن البسملة كانت مكتوبة في أوائل السور بخط لا يتميز عن الخط الذي كتب به القرآن.
🔹وترتيب آيات السورة :
نزل القرآن منجماً في آياته وسوره فربما نزلت السورة جميعا دفعة واحدة كما نزلت سورة الفاتحة وسورة المرسلات من السور القصيرة، وربما نزلت نزولا متتابعا كسورة الأنعام، وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة، وربما نزلت السورة مفرقة ونزلت السورتان مفرقتان في أوقات متداخلة، روى الترمذي عن ابن عباس عن عثمان بن عفان قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، أي في أوقات متقاربة فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب الوحي فيقول: ((ضعوا هؤلاء الآيات في السورة كذا)). ولذلك فقد تكون السورة بعضها مكيا وبعضها مدنيا. وكذلك تنهية كل سورة كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت نهايات السور معلومة، كما يشير إليه حديث ((من قرأ الآيات الخواتم من سورة آل عمران)) وقول زيد بن ثابت فقدت آخر سورة براءة. وقد توفي رسول الله والقرآن مسور سورا معينة، كما دل عليه حديث اختلاف عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام في آيات من سورة الفرقان في حياة النبيء صلى الله عليه وسلم كما تقدم في المقدمة الخامسة. وقال عبد الله بن مسعود في سور بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء "هن من العتاق الأول وهن من تلادي".
🔹من جمع من الصحابة القرآن كله في حياة رسول الله :زيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وعبد الله بن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وسعد بن عبيد، ومجمع بن جارية، وأبو موسى الأشعري، وحفظ كثير من الصحابة أكثر القرآن على تفاوت بينهم.
وفي حديث غزوة حنين لما انكشف المسلمون قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: ((اصرخ يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة)) فلعل الأنصار كانوا قد عكفوا على حفظ ما نزل من سورة البقرة لأنها أول السور النازلة بالمدينة، وفي أحكام القرآن لابن العربي عن ابن وهب عن مالك كان شعارهم يوم حنين يا أصحاب سورة البقرة.
وقد ذكر النحويون في الوقف على تاء التأنيث هاء أن رجلا نادى: يا أهل سورة البقرة بإثبات التاء في الوقف وهي لغة، فأجابه مجيب ما أحفظ منها ولا آية محاكاة
🔹استطرادات:
▪قال ابن عطية: وترك الهمز في سورة هو لغة قريش ومن جاورها من هذيل وكنانة وهوازن وسعد بن بكر، وأما الهمز فهو لغة تميم، وليست إحدى اللغتين بدالة على أن أصل الكلمة من المهموز أو المعتل، لأن للعرب في تخفيف المهموز وهمز المخفف من حروف العلة طريقتين، كما قالوا أجوه وإعاء وإشاح، في وجوه ووعاء ووشاح، وكما قالوا الذئب بالهمز والذيب بالياء. قال الفراء: ربما خرجت بهم فصاحتهم إلى أن يهمزوا ما ليس مهموزا كما قالوا رثأت الميت ولبأت بالحج وحلأت السويق بالهمز.
▪قراءة النبي في صلاة الكسوف البقرة ثم آل عمران :
قرأها النبيء كذلك إما لأن سورة آل عمران سبقت في النزول سورة النساء التي هي من آخر ما أنزل، أو لرعي المناسبة بين سورة البقرة وسورة آل عمران في الافتتاح بكلمة الم، أو لأن النبيء صلى الله عليه وسلم وصفهما وصفا واحدا ففي حديث أبي أمامة أن النبيء قال: ((اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران)) وذكر فضلهما يوم القيامة أو لما في صحيح مسلم أيضا عن حديث النواس بن سمعان أن النبي قال: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما ثلاثة أمثال)) الحديث.
▪أشار ابن عاشور إلى أنه شرح في كتابه"النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح". حديث ((ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة))

⬛المقدمة التاسعة
في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها
🔹تنوع أساليب الكلام عند العرب :
صفات العرب من ذكاء وفطنة أثّر في أساليب كلامهم الذي أساسه الايجاز : مثل المجاز والاستعارة والتمثيل والكناية والتعريض، والاشتراك والتسامح في الاستعمال كالمبالغة، والاستطراد ومستتبعات التراكيب، والأمثال، والتلميح، والتمليح، واستعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية، واستعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار، ونحو ذلك.
&فائدة هذه الأساليب :هو الايجاز وتوفير المعاني وتوضيح مافي النفس بأوضح عبارة وأخصرها ليسهل تذكرها

🔹ايجاز القرآن وبلاغة أساليبه:
القرآن معجز تحدى الله العرب أن يأتوا بأقصر سورة منه قد أعجز بلغاء العرب فأذعنوا له سواء من آمن ومن كفر منهم
ومن إعجازه أن اسلوبه غاية في البلاغة وهو أبدع مما كان يعرفه العرب وأعجب فقد نسج نظمه نسجا بالغا منتهى ما تسمح به اللغة العربية من الدقائق واللطائف لفظا ومعنى بما يفي بأقصى ما يراد بلاغة إلى المرسل إليهم. .ولكونه كتاب تشريع وتأديب وتعليم ، كان حقيقا بأن يودع فيه من المعاني والمقاصد أكثر ما تحتمله الألفاظ، في أقل ما يمكن من المقدار، بحسب ما تسمح به اللغة الوارد هو بها التي هي أسمح اللغات بهذه الاعتبارات، ليحصل تمام المقصود من الإرشاد الذي جاء لأجله في جميع نواحي الهدى،

🔹أمثلة على بلاغة القرآن وإعجازه:
1- تساوى المعنيان مثل قوله تعالى: {وما قتلوه يقينا} أي ما تيقنوا قتله ولكن توهموه، أو ما أيقن النصارى الذين اختلفوا في قتل عيسى علم ذلك يقينا بل فهموه خطأ،
ومثل قوله: {فأنساه الشيطان ذكر ربه} ففي كل من كلمة ذكر وربه معنيان،
-ومثل قوله: {قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي} ففي لفظ رب معنيان.
2-وقد تكثر المعاني بإنزال لفظ الآية على وجهين أو أكثر تكثيرا للمعاني مع إيجاز اللفظ وهذا من وجوه الإعجاز. ومثاله قوله تعالى: {إلا عن موعدة وعدها إياه} بالمثناة التحتية وقرأ الحسن البصري: (أباه)، بالباء الموحدة، فنشأ احتمال فيمن هو الواعد.
3-أن تراكيبه تحتمل الكثير من المعاني التي يمكن استنباطها بشرط موافقته للدلالة الشرعية أوالتوقيفية أو اللغوية وقد دعا الله إلى تدبره والبحث عن معانيه في قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وقوله: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} وقوله: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} وغير ذلك.

🔹الأدلة على جواز استعمالات المعاني المتعددة التي يحتملها اللفظ في التفسير:
1- القرآن هو الحجة العامة بين علماء الإسلام لا يختلفون في كونه حجة شريعتهم يرجعون إليه عند الاختلاف ودعاهم إلى تدبره وبذل الجهد في استخراج معانيه في غير ما آية كقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وقوله: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} وقوله: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} وغير ذلك.
2-تفسيرات النبي صلى الله عليه وسلم لبعض آياته بمعاني أخرى غير التي مسوقة في الآية لإيقاظ الأذهان إلى أخذ أقصى المعاني من ألفاظ القرآن.
&أمثلة:
-ما رواه أبو سعيد بن المعلى قال: دعاني رسول الله وأنا في الصلاة فلم أجبه فلما فرغت أقبلت إليه فقال: ((ما منعك أن تجيبني?)) فقلت: يا رسول الله كنت أصلي، فقال: ((ألم يقل الله تعالى {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم})) فالمعنى المسوقة فيه الآية هو الاستجابة بمعنى الامتثال وأن المراد من الدعوة الهداية بدليل المتعلق وهو قوله: {لما يحييكم} .وجعله النبي صلى الله عليه وسلم صالحا كذلك للحمل على معنى إجابة النداء بقطع المتعلق عنه.
-قوله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا، {كما بدأنا أول خلق نعيده})) أراد الصفة المشتركة بين الخلقين هي التجرد من الثياب والنعال.
-حمل النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} على التخيير مع أن ظاهره يراد به التسوية.
-قول النبيء لأم كلثوم بنت عقبة بن معيط حين جاءت مسلمة مهاجرة إلى المدينة وأبت أن ترجع إلى المشركين فقرأ النبيء قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت} فاستعمله في معنى مجازي هو غير المعنى الحقيقي الذي سيق إليه،
-سجود النبيء صلى الله عليه وسلم في مواضع سجود التلاوة من القرآن .سواء كان فهماً منه صلى الله عليه وسلمأم وحياً.
3-ما ورد عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من الأئمة :
-مثل ما روي أن عمرو بن العاص أصبح جنبا في غزوة في يوم بارد فتيمم وقال: الله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} مع أن مورد الآية أصله في النهي عن أن يقتل الناس بعضهم بعضا.
4-استدلالات الفقهاء على مشروعية أحكام معينة :أمثلة ذلك:
-الاستدلال على مشروعية الجعالة ومشروعية الكفالة في الإسلام، بقوله تعالى في قصة يوسف: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم}
-استدلال الشافعي على حجية الإجماع وتحريم خرقه بقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} .
4-اختلاف القراءات المتواترة في قراءة ألفاظ القرآن اختلافا يفضي إلى اختلاف المعاني .

🔹أوجه استعمالات معاني التركيب المحتمل معنيين فصاعدا:
1- معاني التراكيب التي بينهما العموم والخصوص حمل التركيب على جميع ما يحتمله، ما لم يكن عن بعض تلك المحامل صارف لفظي أو معنوي مثل:حمل الجهاد في قوله تعالى: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} في سورة العنكبوت على معنى مجاهدة النفس في إقامة شرائع الإسلام، ومقاتلة الأعداء في الذب عن حوزة الإسلام.
2-معاني التركيب المحتمل معنيين بينهما التغاير
بحيث يكون تعيين التركيب للبعض منافيا لتعيينه للآخر بحسب إرادة المتكلم عرفا، ولكن صلوحية التركيب لها على البدلية مع عدم ما يعين إرادة أحدها تحمل السامع على الأخذ بالجميع إيفاء بما عسى أن يكون مراد المتكلم، فالحمل على الجميع نظير ما قاله أهل الأصول في حمل المشترك على معانيه احتياطا.
3-معاني التراكيب التي يكون ثاني المعنيين متولدا من المعنى الأول، وهذا لا شبهة في الحمل عليه لأنه من مستتبعات التراكيب، مثل الكناية والتعريض والتهكم مع معانيها الصريحة،مثال:ما في صحيح البخاري عن ابن عباس عندما فسر قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح} بعلامة أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

🔹شروط استخدام معاني التراكيب:
1-يجب حمل الكلام على مختلف المحامل التي تسمح بهاكلمات القرآن وتراكيبه وإعرابه ودلالته، من اشتراك وحقيقة ومجاز، وصريح وكناية، وبديع، ووصل، ووقف، إذا لم تفض إلى خلاف المقصود من السياق،
2- عدم حصرها وعدم جعل الحمل على بعضها منافيا للحمل على البعض الآخر إن كان التركيب سمحا بذلك.ولم يؤدي الى خلاف المقصود من السياق .كالوصل والوقف في قوله تعالى: {لا ريب فيه هدى للمتقين} إذا وقف على {لا ريب} أو على {فيه}.

🔹الحكمة من جعل لغة القرآن اللغة العربية:
-أن تلك اللغة أوفر اللغات مادة، وأقلها حروفا، وأفصحها لهجة، وأكثرها تصرفا في الدلالة على أغراض المتكلم، وأوفرها ألفاظا، وجعله جامعا لأكثر ما يمكن أن تتحمله اللغة العربية في نظم تراكيبها من المعاني، في أقل ما يسمح به نظم تلك اللغة، فكان قوام أساليبه جاريا على أسلوب الإيجاز؛ فلذلك كثر فيه ما لم يكثر مثله في كلام بلغاء العرب.ومن أدق ذلك وأجدره بأن ننبه عليه في هذه المقدمة استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه دفعة.
واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي ومعناه المجازي معا. بله إرادة المعاني المكني عنها مع المعانى المصرح بها، وإرادة المعاني المستتبعات بفتح الباء من التراكيب المستتبعة بكسر الباء.
وهذا الأخير قد نبه عليه علماء العربية الذين اشتغلوا بعلم المعاني والبيان.

🔹سبب تردد علماء العربية وعلماء أصول الفقه في استعمال المشترك في معنييه واستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه في تفسير القرآن :
أنه غير وارد في كلام العرب قبل القرآن أو لسبب ندرته
قال الغزالي وأبو الحسين البصري يصح أن يراد بالمشترك عدة معان لكن بإرادة المتكلم وليس بدلالة اللغة.وقد يكون الداعي لهذا أنهما يريدان تصيير تلك الإرادة إلى أنها دلالة من مستتبعات التراكيب لأنها دلالة عقلية لا تحتاج إلى علاقة وقرينة، كدلالة المجاز والاستعارة.

🔹رد ابن عاشور حجتهم:
أن المشترك يصح إطلاقه على عدة من معانيه جميعا أو بعضا إطلاقا لغويا، فقال قوم: هو من قبيل الحقيقة، ونسب إلى الشافعي وأبي بكر الباقلاني وجمهور المعتزلة. وقال قوم: هو المجاز، وجزم ابن الحاجب بأنه مراد الباقلاني من قوله في كتاب التقريب والإرشاد إن المشترك لا يحمل على أكثر من معنى إلا بقرينة، ففهم ابن الحاجب أن القرينة من علامات المجاز وهذا لا يستقيم لأن القرينة التي هي من علامات المجاز هي القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي وهي لا تتصور في هذا الموضوع ؛ إذ معاني المشترك كلها من قبيل الحقيقة وإلا لانتقضت حقيقة المشترك فارتفع الموضوع من أصله.
وإنما سها أصحاب هذا الرأي عن الفرق بين قرينة إطلاق اللفظ على معناه المجازي وقرينة إطلاق المشترك على عدة من معانيه، فإن قرينة المجاز مانعة من إرادة المعنى الحقيقي وقرينة المشترك معينة للمعاني المرادة كلا أو بعضا.
🔹رد قولالمرغيناني وهو:صحة إطلاق المشترك على معانيه في النفي وعدم صحة ذلك في الإيجاب،وأن منشأ هذا القول لاشتباه دلالة اللفظ المشترك على معانيه بدلالة النكرة الكلية على أفرادها حيث تفيد العموم إذا وقعت في سياق النفي ولا تفيده في سياق الإثبات.

🔹قانون الجمع أو الترجيح:
أن يحمل المشترك في القرآن على ما يحتمله من المعاني سواء في ذلك اللفظ المفرد المشترك، والتركيب المشترك بين مختلف الاستعمالات، سواء كانت المعاني حقيقية أو مجازية، محضة أو مختلفة.
أمثلة عليه:
- استعمال اللفظ المفرد في حقيقته ومجازه قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} فالسجود له معنى حقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض ومعنى مجازي وهو التعظيم،
-وقوله تعالى: {ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء} فبسط الأيدي حقيقة في مدها للضرب والسلب، وبسط الألسنة مجاز في عدم إمساكها عن القول البذيء وقد استعمل هنا في كلا معنييه.
- استعمال المركب المشترك في معنييه قوله تعالى: {ويل للمطففين} فمركب ويل له يستعمل خبرا ويستعمل دعاء، وقد حمله المفسرون هنا على كلا المعنيين.

🔹أخطاء بعض المفسرين:
أن من يرجح معنى من المعاني التي يحتملها لفظ آية من القرآن، يلغي المعاني الأخرى للفظ.

🔹نهج ابن عاشور في تفسيره في الجمع بين المعاني أو ترجيح بعضها على بعض:
-اعتبار المعاني المتعددة التي يحتملها اللفظ بدون خروج عن مهيع الكلام العربي البليغ .أما إذا ترك معنى فليس دليل على إبطاله وإنما لترجيح غيره أو تجنباً للإطالة لأن غيره من المفسرين ذكره


⬛المقدمة العاشرة
في إعجاز القرآن
🔹اعجاز القرآن هو شغل أهل البلاغة الشاغل فقد اشتمل على نماذج اعجاز وفرق بين حقيق القرآن ومجازه وجعلوا الكلام العربي البليغ معياراً للنقد ثم بينوا أن القرآن تفوق على كل كلام بليغ بما له من خصائص لا تجتمع في أي كلام بليغ فكان بذلك معجز

🔹بيان منهج السكاكي في اظهار إعجاز القرآن في كتاب المفتاح:
أنه بين قواعد البلاغة عند العرب ثم بحث في بلاغة القرآن ليظهر الإعجاز جلياً.

🔹منهج ابن عاشور في بيان إعجاز القرآن:
-بيان لمحة عن كيف كان القرآن معجزاً ونواحي اعجازه.
-لم يبين دلائل اعجاز القرآن في آحاد الآيات والسور،لوجود المصنفات في ذلك .
- بيان أن الباحثين قبله يخلطون بين قسم الإعجاز ودلائله وأن قسم الإعجاز يجب أن يكون البحث فيه من مقدمات علم التفسير.
-بيان أصولا ونكتا أغفلها من قبله ممن تكلموا في إعجاز القرآن مثل الباقلاني، والرماني، وعبد القاهر، والخطابي، وعياض، والسكاكي.

🔹إن علاقة هذه المقدمة بالتفسير هي:
-أن مفسر القرآن لابد أن يبين البلاغة في القرآن ولا يقتصر على معاني القرآن حتى يكون مفسراً وليس مترجماً.

🔹تصنيف التفاسير من حيث وجود جوانب الإعجاز فيها :
- تفاسير مقلّة لجوانب الإعجاز : مثل معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج، والمحرر الوجيز للشيخ عبد الحق بن عطية الأندلسي.
- تفاسير مكثرة لجوانب الإعجار : مثل الكشاف.
-تفاسير تخلو من جوانب الإعجاز : مثل كتاب أحكام القرآن لإسماعيل بن إسحاق بن حماد المالكي البغدادي، ومواضع من أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي.

🔹أهمية بيان إعجاز القرآن:أنه أصل كبير من أصول الإسلام وهو المعجزة الكبرى والباقية للنبي صلى الله عليه وسلم
.وذكر الباقلاني أنه معجزة عامة وهو متواتر وهناك معجزات خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم بعضها متواتر وبعضها أحاد أما القرآن فالتحدي به متواتر بنص القرآن وعجز المتحدين أن يأتوا بسورة من مثله أيضا متواتر ؛فلزوم الحجة به باق إلى يوم القيامة،

🔹أقوال العلماء في تعليل عجز العرب عن الاتيان بمثله:
1-الصرفة وهو أن الله صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي، لتقوم الحجة عليهم بمرأى ومسمع من جميع العرب.وهو قول طائفة قليلة مثل ابن حزم ونسب إلى الأشعري والنظام والشريف المرتضي وأبي إسحاق الاسفرائيني وقد عزاه صاحب المقاصد في شرحه إلى كثير من المعتزلة.ورده التفتزاني كما رد القول أن إعجازه بمخالفة أسلوبه لأساليب كلامهم من الأشعار والخطب والرسائل لا سيما في المقاطع مثل يؤمنون وينفقون ويعلمون أو بسلامته من التناقض، أو باشتماله على الإخبار بالمغيبات .
2- بأنه بلوغ القرآن في درجات البلاغة والفصاحة مبلغا تعجز قدرة بلغاء العرب عن الإتيان بمثله، وهو قول جمهرة أهل العلم والتحقيق واقتصر عليه أيمة الأشعرية وإمام الحرمين وعليه الجاحظ وأهل العربية .
▪دليل ابن عاشور على القول الثاني:
بقاء الآيات التي نسخت حكماً وبقيت تلاوتها وكتابتها في المصاحف وذلك لما فيها من البلاغة المعجزة المتحدى بها
مثال :آية الوصية في سورة العقود.

🔹الحكمة من التحدي بسورة وعدم التحدي بآية:
لأن من أفانين البلاغة ما مرجعه إلى مجموع نظم الكلام وصوغه بسبب الغرض الذي سيق فيه من فواتح الكلام وخواتمه، وانتقال الأغراض، والرجوع إلى الغرض، وفنون الفصل، والإيجاز والإطناب، والاستطراد والاعتراض،وقد جعل شرف الدين الطيبي هذا هو الوجه لإيقاع التحدي بسورة دون أن يجعل بعدد من الآيات.

🔷أنواع إعجاز القرآن:
🔹اعجاز خاص للعرب من جهات :
◼الجهة الأولى: بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ من حصول كيفيات في نظمه مفيدة معاني دقيقة ونكتا من أغراض الخاصة من بلغاء العرب مما لا يفيده أصل وضع اللغة، بحيث يكثر فيه ذلك كثرة لا يدانيها شيء من كلام البلغاء من شعرائهم وخطبائهم.
▪دلائل إعجازه من هذه الجهة :
-الدليل الإجمالي وهو أن الله تعالى تحدى بلغاءهم أن يأتوا بسورة من مثله فلم يستطيعوا مع أنهم بلغاء فصحاء لا يستصعب عليهم سابق من المعاني .وذكر قول عياض في الشفاء بعدم قدرتهم ولجوءهم إلى تكذيبه وقولهم انه سحر وأساطير وغيرها من الإدعاءات
-فضح من عارضه مثل مسيلمة ومدح منكريه له أمثال الوليد بن المغيرة .
-تعظيم الأعراب فصاحته وبلاغته .
▪مقياس الاعجاز والفرق بينه وبين البلاغة:
ذكر السكاكي أن مقياس الإعجاز هو الذوق
وأن الفرق بين البلاغة والإعجاز هو أن للبلاغة وجوه متلثمة ربما تيسرت إماطة اللثام عنها لتجلى عليك، أما نفس وجه الإعجاز فلا.
وعرف التفتزاني الذوق بأنه:قوة إدراكية لها اختصاص بإدراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية،ويكون حاصلاً بالفطرة وممكن اكتسابه من خلال المعاني والبيان .
وقال أن كل ما ندركه بعقولنا ففي غالب الأمر نتمكن من التعبير عنه، والإعجاز ليس كذلك لأنا نعلم قطعا من كلام الله أنه بحيث لا تمكن للبشر معارضته والإتيان بمثله ولا يماثله شيء من كلام فصحاء العرب مع أن كلماته كلمات كلامهم، وكذا هيئات تراكيبه.وبين أن الإعجاز نفسه لا يمكن كشف القناع عنه، وأما وجوه البلاغة فيمكن كشف القناع عنها.
▪وجوه الإعجاز في القرآن من هذه الجهة :
أولاً:-المحسنات البديعية مثل :
1-خصوصية التقسيم: مثاله:التقسيم في الحديث القدسي الذي رواه أبي هريرة (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) ؛إذ قسم الفاتحة ثلاثة أقسام.مع ما تضمنه ذلك التقسيم من محسن التخلص في قوله: ((فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين}، قال: هذا بيني وبين عبدي)) إذ كان ذلك مزيجا من القسمين الذي قبله والذي بعده.
2-مراعاة التجنيس في غير ما آية ، ومنه قوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}.
3- محسن المطابقة كقوله: {فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}.
4-الأمثال: كقوله تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وقوله: {ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}.
5- الالتفات :وهو نقل الكلام من أحد طرق التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى طريق آخر منها. وفوائده تجديد نشاط السامع وانضم إليه اعتبار لطيف يناسب الانتقال إلى ما انتقل إليه فصار من أفانين البلاغة وهو معدودا عند بلغاء العرب من النفائس، وقد جاء منه في القرآن ما لا يحصى كثرة مع دقة المناسبة في الانتقال.
6-التشبيه والاستعارة مما أعجز العرب ،كقوله: {واشتعل الرأس شيبا} وقوله: {واخفض لهما جناح الذل} وقوله: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} وقوله تعالى: {ابلعي ماءك} وقوله: {صبغة الله} .
و كمال الشبه، و وسيلته الاحتراس وأحسنه ما وقع في القرآن كقوله تعالى: {فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين} احتراس عن كراهة الطعام {وأنهار من عسل مصفى} احتراس عن أن تتخلله أقذاء من بقايا نحله.
ثانياً :دلالات جمل القرآن:
إن نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة، فجمل القرآن لها:
1- دلالتها الوضعية التركيبية التي يشاركها فيها الكلام العربي كله، ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها كلام البلغاء ولا يصل شيء من كلامهم إلى مبلغ بلاغتها.
2- دلالتها المطوية وهي دلالة ما يذكر على ما يقدر اعتمادا على القرينة، وهذه الدلالة قليلة في كلام البلغاء وكثرت في القرآن مثل تقدير القول وتقدير الموصوف وتقدير الصفة.
3-دلالة مواقع جمله بحسب ما قبلها وما بعدها، ككون الجملة في موقع العلة لكلام قبلها، أو في موقع الاستدراك، أو في موقع جواب سؤال، أو في موقع تعريض أو نحوه. وهذه الدلالة غير متوفرة في كلام العرب لقصر أغراضه في قصائدهم وخطبهم بخلاف القرآن، فإنه لما كان من قبيل التذكير والتلاوة سمحت أغراضه بالإطالة، وبتلك الإطالة تأتى تعدد مواقع الجمل والأغراض.
-مثال ذلك قوله تعالى: {وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون} بعد قوله: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} فإن قوله: {وخلق الله السماوات والأرض} مفيد التعليم والتذكير، وهو لوقوعه عقب قوله: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات}
2-التقديم والتأخير في وضع الجمل وأجزائها مثاله: قال تعالى: {إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا} إلى قوله: {إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا} إلى قوله: {وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا} فكان للابتداء بذكر جهنم ما يفسر المفاز في قوله: {إن للمتقين مفازا} أنه الجنة
. ثم كان قوله: {لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا} ما يحتمل لضمير فيها من قوله: {لا يسمعون فيها} أن يعود إلى {كأسا دهاقا} وتكون في للظرفية المجازية أي الملابسة أو السببية أي لا يسمعون في ملابسة شرب الكأس ما يعتري شاربيها في الدنيا من اللغو واللجاج، وأن يعود إلى {مفازا} بتأويله باسم مؤنث وهو الجنة وتكون في للظرفية الحقيقية أي لا يسمعون في الجنة كلاما لا فائدة فيه ولا كلاما مؤذيا.
ثالثاً:النكت البلاغية :
1-خصوصيات لا يجب الالتفات فيها فقط إلى مواقع ألفاظ الآية،وإنما لابد من الاهتمام بالمقامات التي نزلت فيها الآية، مثال ذلك قوله تعالى في سورة المجادلة: {أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} ثم قوله: {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} فعند الالتفات إلى مواقع الألفاظ يعتبر المفسر التنبيه للاهتمام بالخبر، ولكن عند النظر في مقام النزول يتبين أن الآيتين نزلتا بمسمع من المنافقين والمؤمنين جميعا و أن اختلاف حرف التنبيه في الأولى لمراعاة إيقاظ فريقي المنافقين والمؤمنين جميعا،واجتلاب حرف التنبيه في الآية الثانية لتنبيه المنافقين إلى فضيلة المسلمين فينضموا اليهم وتنبيه المسلمين إلى أن حولهم فريقا ليسوا من حزب الله فيحذروهم.
وهذه الناحية من هذه الجهة من الإعجاز هي أقوى نواحي إعجاز القرآن وبها يتحقق إعجاز أقصر سورة منه.
2- فصاحة لفظ القرآن وانسجام نظمه وذلك بسلامة الكلام في أجزائه ومجموعه من الثقل وهو ما يسمى في علم الفصاحة بتنافر حروف الكلمة أو تنافر حروف الكلمات عند اجتماعها مثل: مستشزرات والكنهبل في معلقة امرئ القيس، وسفنجة والخفيدد في معلقة طرفة، وقول القائل وليس قرب قبر حرب قبر.وبعض العلماء أورد قوله تعالى: {ألم أعهد إليكم} وقوله: {وعلى أمم ممن معك} ، والصواب أن ذلك غير وارد كما قاله المحققون لعدم بلوغه حد الثقل،ولأن حسن دلالة اللفظ على المعنى بحيث لا يخلفه فيها غيره مقدم على مراعاة خفة لفظه. مما تيسر تلقي الأسماع له ورسوخه فيها. قال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}.
3-صراحة كلماته باستعمال أقرب الكلمات في لغة العرب دلالة على المعاني المقصودة، مثل كلمة حرد في قوله تعالى: {وغدوا على حرد قادرين} والتضمين مثل قوله تعالى: {ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء} فجاء فعل {أتوا} مضمنا معنى مروا فعدي بحرف على؛ لأن الإتيان تعدى إلى اسم القرية والمقصود منه الاعتبار بمآل أهلها، فإنه يقال أتى أرض بني فلان ومر على حي كذا.
▪مؤلفات في ذلك الإعجاز:
وقد تصدى أمثال أبي بكر الباقلاني وأبي هلال العسكري وعبد القاهر والسكاكي وابن الأثير، إلى الموازنة بين ما ورد في القرآن وبين ما ورد في بليغ كلام العرب من بعض فنون البلاغة
دلائل الإعجاز، وأسرار البلاغة،والقسم الثالث فما بعده من المفتاح، ونحو ذلك، ومن التفاسير المؤلفة في إعجازه: كتاب الكشاف للعلامة الزمخشري، وما استنبطه ابن عاشور في تفسيره
▪وهو معجز بشكل مباشرلفصحائهم وخطبائهم وشعرائهم سواء من العرب أو ممن درس العربية وأصبح من أئمة البلاغة ،ومعجز لعامتهم لما علموه من عجز علمائهم وخاصتهم،ومعجز لبقية البشر الذين بلغ اليهم خبر عجز العرب .فإعجازه للعرب الحاضرين دليل تفصيلي، وإعجازه لغيرهم دليل إجمالي

◼الجهة الثانية وهى ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في أساليب الكلام البليغ وهذه جهة مغفولة من علم البلاغة،
▪خصائص إعجاز القرآن التي تميزه عن الشعر والنثر:
-بيان أن أسلوب الشعر والخطابة واحد يتشابه بينهم وإن تنافسوا في ابتكار المعاني وتفاوتوا في تراكيب أدائها وقد بين أمثلة على ذلك ، إلا أن القرآن الذي هو أقرب إلى الخطابة ابتكر للقول أساليب كثيرة بعضها تتنوع بتنوع المقاصد، ومقاصدها بتنوع أسلوب الإنشاء.وبلغ أقصى حد في فصاحة العربية مع طول أغراضه وتفنن معانيه وكونه نثرا لا شعرا ترى أسلوبه يجري على الألسنة سلسا سهلا لا تفاوت في فصاحة تراكيبه، وترى حفظه أسرع من حفظ الشعر.
- وذكر قول عمر أن الشعر هو منتهى بلاغة العرب كما قال عمر واتخذه العرب لتخليد أغراضهم وآدابهم لتميزه بالوزن وسلالسته على الألسن وفحول الشعراء مع ذلك متفاوتون في سلاسة الكلام مع تسامحهم في أمور كثيرة اغتفرها الناس لهم وهي المسماة بالضرورات.مثلوتغيير نظمه بإبدال الكلمات أو بالتقديم لما حقه التأخير، أو التأخير لما حقه التقديم، أو حذف أو زيادة،، إلا أن نظم القرآن لم يدع مع تلك الفصاحة داع إلى ارتكاب ضرورة أو تقصير في بعض ما تقتضيه البلاغة، فبنى نظمه على فواصل وقرائن متقاربة فلم تفته سلاسة الشعر ولم ترزح تحت قيود الميزان، فجاء القرآن كلاما منثورا ولكنه فاق في فصاحته وسلاسته على الألسنة وتوافق كلماته وتراكيبه في السلامة من أقل تنافر وتعثر على الألسنة..
بيان إقرار المعاندون ببلاغة أساليب كلامه مثل الوليد قول الوليد بن المغيرة لما استمع إلى قراءة النبيء صلى الله عليه وسلم "والله ما هو بكاهن، ما هو بزمزمته ولا سجعه، وقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه، وقريضه ومبسوطه، ومقبوضه ما هو بشاعر".ووصفه أنيس الغفاري الشاعر حين سمعه فقال "لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعته على أقراء الشعر فلم يلتئم، وما يلتئم على لسان واحد بعدي أنه شعر" ثم أسلم.ووصفوه بالشعر لما فيه من دقائق المعاني وأحكام الانتظام والنفوذ إلى العقول،

▪بيان حكمة اشتمال القرآن على أنواع أساليب الكلام العربي وابتكار أساليب لم يكونوا يعرفونها :
1-ليتبين لهم أنه من عند الله؛ إذ قد تعارف الأدباء في كل عصر أن يظهر نبوغ نوابغهم على أساليب مختلفة كل يجيد أسلوبا أو أسلوبين.وفي ذلك زيادة التحدي للمتحدين به بحيث لا يستطيع أحد أن يقول إن هذا الأسلوب لم تسبق لي معالجته ولو جاءنا بأسلوب آخر لعارضته.

▪بيان اعجاز القرآن بأعظم الأساليب التي خالف بها القرآن أساليب العرب :
1-أنه جمع بين مقصديه الموعظة والتشريع حيث أشبه خطبهم في الموعظة وانطوى على كثير من المعاني التي استخرج منها الأحكام في التشريع والآداب وغيرها .وقد قال في الكلام على بعضه: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} هذا من حيث ما لمعانيه من العموم والإيماء إلى العلل والمقاصد وغيرها.
3-ومن أساليبه التفنن وهو بداعة تنقلاته من فن إلى فن بطرائق الاعتراض والتنظير والتذييل والإتيان بالمترادفات عند التكرير تجنبا لثقل تكرير الكلم،وكذلك الإكثار من أسلوب الالتفات المعدود من أعظم أساليب التفنن عند بلغاء العربية فهو في القرآن كثير، ثم الرجوع إلى المقصود فيكون النشاط متجدد لسماعه والإقبال عليه،ومن أبدع أمثلة ذلك قوله: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون. أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير} .
-وفي هذا التفنن والتنقل مناسبات بين المنتقل منه والمنتقل إليه هي في منتهى الرقة والبداعة بحيث لا يشعر سامعه وقارئه بانتقاله إلا عند حصوله.
-فوائد التفنن:
يعين على استماع السامعين ويدفع سآمة الإطالة عنهم، وهذا يخدم غرض كثرة قراءته بقدر التيسير قال تعالى:(فاقرأوا ما تيسر من القرآن}
قال أبي بكر بن العربي في كتابه سراج المريدين ارتباط آي القرآن بعضها مع بعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسعة المعاني منتظمة المباني، علم عظيم ونقل الزركشي عن عز الدين بن عبد السلام المناسبة علم حسن ويشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط، والقرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة شرعت لأسباب مختلفة، وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض.
وقال شمس الدين محمود الأصفهاني في تفسيره نقلا عن الفخر الرازي أنه قال إن القرآن كما أنه معجز بسبب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه هو أيضا معجز بسبب ترتيبه ونظم آياته، ولعل الذين قالوا إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك.
4-إن بلاغة الكلام لا تنحصر في أحوال تراكيبه اللفظية، بل تتجاوز إلى الكيفيات التي تؤدي بها تلك التراكيب. فإن سكوت المتكلم البليغ في جملة سكوتا خفيفا قد يفيد من التشويق إلى ما يأتي بعده ما يفيده إبهام بعض كلامه ثم تعقيبه ببيانه، فإذا كان من مواقع البلاغة نحو الإتيان بلفظ الاستئناف البياني، فإن السكوت عند كلمة وتعقيبها بما بعدها يجعل ما بعدها بمنزلة الاستئناف البياني، وإن لم يكنه عينه، مثاله قوله تعالى: {هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى} فإن الوقف على قوله: {موسى} يحدث في نفس السامع ترقبا لما يبين حديث موسى، فإذا جاء بعده {إذ ناداه ربه} إلخ حصل البيان مع ما يحصل عند الوقف على كلمة موسى من قرينة من قرائن الكلام لأنه على سجعة الألف مثل قوله: {طوى}، {طغى}، {تزكى} إلخ.و قوله تعالى {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} أنك إن وقفت على كلمة {ريب} كان من قبيل إيجاز الحذف أي لا ريب في أنه الكتاب فكانت جملة {فيه هدى للمتقين} ابتداء كلام وكان مفاد حرف في استنزال طائر المعاندين أي إن لم يكن كله هدى فإن فيه هدى. وإن وصلت {فيه} كان من قبيل الإطناب وكان ما بعده مفيدا أن هذا الكتاب كله هدى.
5-عدم تكرير اللفظ والصيغة فيما عدا المقامات التي تقتضي التكرير من تهويل ونحوه.
مثال: قوله تعالى {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} فجاء بلفظ قلوبكما حتى لا يكرر صيغة المثنى .
وذكر التخالف بين شيئين متساويين أو أشياء متساوية لتلوين المعاني المعادة حتى لا تخلو إعادتها عن تجدد معنى وتغاير أسلوب، فلا تكون إعادتها مجرد تذكير.مثال قوله: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا} بواو العطف في سورة البقرة وقوله فهي الأعراف: {فكلا} بفاء التفريع وكلاهما مطابق للمقام يحكى بكل من الاعتبارين،
قال في الكشاف في تفسير قوله تعالى {قال ربي يعلم القول في السماء والأرض} في سورة الأنبياء "ليس بواجب أن يجاء بالآكد في كل موضع ولكن يجاء بالوكيد تارة وبالآكد أخرى كما يجاء بالحسن في موضع وبالأحسن في غيره ليفتن الكلام افتنانا".
6-اتساع أدب اللغة في القرآن.تميز الشعر بأنه أسهل الكلام للحفظ والتنقل وأبدعه وكان غيره من خطب وأمثال وحوارات عسيرة الحفظ والتنقل وتميز بأغراض وأبواب معروفة أشهرها النسيب والحماسة والرثاء والهجاء والفخر، وأبواب أخر قليلة وهي الملح والمديح. فجاء القرآن بأسلوب في الأدب غض جديد صالح لكل العقول، متفنن إلى أفانين أغراض الحياة كلها معط لكل فن ما يليق به من المعاني والألفاظ واللهجة: فتضمن المحاورة والخطابة والجدل والأمثال أي الكلم الجوامع والقصص والتوصيف والرواية.
7- أسلوب الفواصل العجيبة المتماثلة في الأسماع وإن لم تكن متماثلة الحروف في الأسجاع، مما يسهل حفظه ولذلك تأثير روحاني وليس بلفظي ولا معنوي.
وجاءت المحسنات في القرآن أكثر مما جاءت في الشعر ، وخاصة الجناس كقوله: {وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
والطباق كقوله: {كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}.
▪مؤلفات في هذه الجهة :ألف ابن أبي الإصبع كتابا في بديع القرآن.

🔹اعجازه لجميع البشر :
الجهة الثالثة: ما أودع فيه من المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن وفي عصور بعده متفاوتة.وهذه الجهة أغفلها العلماء مثل الباقلاني والقاضي عياض.
وهو اعجاز مستمر على مر العصور ويدرك من خلال ترجمة معانيه التشريعية والحكمية والعلمية والأخلاقية، وهو دليل تفصيلي لأهل تلك المعاني وإجمالي لمن تبلغه شهادتهم بذلك.

🔹اعجاز القرآن لأهل عصر نزوله إعجازا تفصيليا، ومعجز لمن يجيء بعدهم ممن يبلغه ذلك بسبب تواتر نقل القرآن، وتعين صرف الآيات المشتملة على هذا الإخبار إلى ما أريد منها.
وهو إخباره عن المغيبات وأخبار القرون السابقة مما كان يعلمه علماء أهل الكتاب وهذا معجز للعرب الأميين خاصة وليس معجزا لأهل الكتاب ،وليس معجزا للمكابرين فقد قالوا {إنما يعلمه بشر}
⬛مبتكرات القرآن
وللقرآن مبتكرات تميز بها نظمه عن بقية كلام العرب.
1-إن أسلوبه يخالف الشعر وأسلوب الخطابة ، لأنه يقصد منه الحفظ والتلاوة ولم يتبع الطرائق القديمة للكلام
جمله مفيدة محررة كالجمل العلمية والقواعد التشريعية اختلف بإعجازه عن العرب أنه لم يترك تخصيص العمومات التي تحتاج تخصيص ولا تقييد المطلقات التي تحتاج تقييد .مثاله قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون} وقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا}.
2-فيه أسلوب التقسيم والتسوير وهي سنة جديدة في الكلام العربي أدخل بها عليه طريقة التبويب والتصنيف وقد أومأ إليها في الكشاف إيماء.
3-فيه الأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة، وفي تمثيل الأحوال، وكان هذا الاسلوب نادراً عند العرب مثاله :وصف أهل الجنة والنار في الأعراف
-فهو يصوغ القصة حسب ما يقتضيه الإعجاز لا على الصيغة التي صدرت فيها ؛فالإعجاز الثابت للأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية.
-فيه تغيير ألفاظ أسماء القصة بما يناسب الفصاحة
مثل تغيير شاول إلى طالوت، وتغيير اسم تارح أبي إبراهيم إلى آزر.
4-فيه الأمثال الواضحة البليغة .وكانت الأمثال عند العرب حكاية أحوال مرموز لها بجمل بليغة التي قيلت فيها أو قيلت لهامثالها والتي فقدت الأحوال التي قيلت فيها مع الزمن ولم يبق منها إلا المغزى
5-فيه تعدد الأساليب والفنون فتكاد تكون لكل سورة لهجة خاصة، فإن بعضها بني على فواصل وبعضها ليس كذلك. وكذلك فواتحها منها ما افتتح بالاحتفال كالحمد، و{يا أيها الذين آمنوا}، و{الم * ذلك الكتاب}، كمقدمة، ومنها ما افتتح بالهجوم على الغرض من أول الأمر نحو {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} و{براءة من الله ورسوله}.
6-فيه إيجاز عظيم مختلف عما يعرفه العرب مثل:
-صلوحية معظم آياته لأن تؤخذ منها معان متعددة كلها تصلح لها العبارة باحتمالات لا ينافيها اللفظ.بعضها يمكن اجتماعه وبعضها يحفز الأذهان ويحقق غرضه من التذكير .
-كل حذف فيه عليه دليل من لفظ أو سياق جامع لمعاني كثيرة في لفظ قليل .قال في الكشاف في سورة المدثر الحذف والاختصار هو نهج التنزيل قال بعض بطارقة الروم لعمر بن الخطاب لما سمع قوله تعالى: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} قد جمع الله في هذه الآية ما أنزل على عيسى من أحوال الدنيا والآخرة.
ومن ذلك قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} الآية، جمع بين أمرين ونهيين وبشارتين.وللباقلاني كتاب إعجاز القرآن فيه بيان خصائص سورة النمل
-إيجاز الحذف مع عدم الالتباس، وكتر في حذف القول مثاله: قوله تعالى: {في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر} قال في الكشاف قوله: {ما سلككم في سقر} ليس ببيان للتساؤل عنهم وإنما هو حكاية قول المسؤولين، أي أن المسئولين يقولون للسائلين قلنا لهم {ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين} اهـ.
ومنه حذف المضاف كثيرا كقوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله} وحذف الجمل التي يدل الكلام على تقديرها نحو قوله تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} إذ التقدير: فضرب فانفلق. ومن ذلك الإخبار عن أمر خاص بخبر يعمه وغيره لتحصل فوائد: فائدة الحكم العام، وفائدة الحكم الخاص، وفائدة أن هذا المحكوم عليه بالحكم الخاص هو من جنس ذلك المحكوم عليه بالحكم العام.
7-فيه الإبدال الذي لا يوجد في كلام العرب، مثاله قوله تعالى: {قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات} فإبدال {رسولا} من {ذكرا} يفيد أن هذا الذكر ذكر هذا الرسول، وأن مجيء الرسول هو ذكر لهم، وأن وصفه بقوله: {يتلو عليكم آيات الله} يفيد أن الآيات ذكر.
8-فيه التضمين، وهو يرجع إلى إيجاز الحذف، والتضمين أن يضمن الفعل أو الوصف معنى فعل أو وصف آخر ويشار إلى المعنى المضمن بذكر ما هو من متعلقاته من حرف أو معمول فيحصل في الجملة معنيان.
ومن هذا الباب ما اشتمل عليه من الجمل الجارية مجرى الأمثال، وهذا باب من أبواب البلاغة نادر في كلام بلغاء العرب، وهو الذي لأجله عدت قصيدة زهير في المعلقات فجاء في القرآن ما يفوق ذلك كقوله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته} وقوله: {طاعة معروفة} وقوله {ادفع بالتي هي أحسن}.
9-فيه الإطناب ومن أهم مقامات الإطناب مقام توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع في قلب السامع وهذه طريقة عربية في مثل هذا كقول ابن زيابة:
نبئت عمرا غارزا رأسه = في سنة يوعد أخواله
فمن آيات القرآن في مثله تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق} .
10- فيه استعمال اللفظ المشترك في معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإدارة ما يصلح منها، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي إذا صلح المقام لإرادتهما، وبذلك تكثر معاني الكلام مع الإيجاز وهذا من آثار كونه معجزة خارقة لعادة كلام البشر ودالة على أنه منزل من لدن العليم بكل شيء والقدير عليه. وقد انفرد بهذا الاسلوب
11-ومن أساليبه الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات مثل (وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا) قرئ (عند) بالنون دون ألف وقرئ {عباد} بالموحدة وألف بعدها، ومثل (إذا قومك منه يصُدون) بضم الصاد وكسرها.
12-فيه الجزالة،والرقة ولكل منهما مقاماته وهما راجعتان إلى معاني الكلام، ولا تخلو سورة من القرآن من تكرر هذين الأسلوبين، وكل منهما بالغ غايته في موقعه، فبينما تسمعه يقول: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
ويقول: {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} إذ تسمعه يقول: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} قال عياض في الشفا: إن عتبة بن ربيعة لما سمع هذه الآية أمسك بيده على فم النبيء صلى الله عليه وسلم وقال له: ناشدتك الله والرحم إلا ما كففت.
عادات القرآن
🔷جهات إعجاز القرآن :
🔹الجهة الأولى :عادات القرآن:
▪أمثلة عادات قرآن :
1-ذكرها السلف:
-عن ابن عباس: كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر. وذكر ذلك الطبري عن الضحاك أيضا.
-وفي صحيح البخاري في تفسير سورة الأنفال قال ابن عيينة: ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا، وتسميه العرب الغيث كما قال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}. وعن ابن عباس أن كل ما جاء من {يا أيها الناس} فالمقصود به أهل مكة المشركون.
2-ذكرها الجاحظ في البيان:
أن في القرآن معان لا تكاد تفترق، مثل الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والجن والإنس وأضاف اليها ابن عاشور :النفع والضر، والسماء والأرض.
3-ذكرها صاحب الكشاف وفخر الدين الرازي :
أن من عادة القرآن أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة. ويكون ذلك بأسلوب الاستطراد والاعتراض لمناسبة التضاد،ا
-وفي الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلوننم قال قائل منهم إني كان لي قرين} الآية: جيء به ماضيا على عادة الله في أخباره.
-وقال فخر الدين في تفسير قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل} من سورة العقود عادة هذا الكتاب الكريم أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف أتبعها إما بالإلهيات وإما بشرح أحوال الأنبياء وأحوال القيامة ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع.
4-ذكرها ابن عاشور:
-أن كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله تعالى: {بل متعت هؤلاء وآباءهم} وقوله: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين} وقد استوعب أبو البقاء الكفوي في كتاب الكليات في أوائل أبوابه كليات مما ورد في القرآن من معاني الكلمات، وفي الإتقان للسيوطي شيء من ذلك.
-أنه من أسلوب القرآن إذا حكى المحاورات والمجاوبات حكاها بلفظ قال دون حروف عطف، إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى، انظر قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} إلى قوله: {أنبئهم بأسمائهم}.

🔹الجهة الثانية : وهي ما أودعه من المعاني الحكمية والإشارات العلمية فاعلموا أن العرب لم يكن لهم علم سوى الشعر وما تضمنه من الأخبار: قال عمر بن الخطاب كان الشعر علم القوم ولم يكن لهم علم أصح منه.
▪أنواع العلم:
إن العلم نوعان
1-علم اصطلاحي : وهو ما تواضع الناس في عصر من الأعصار على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قد يتغير بتغير العصور ويختلف باختلاف الأمم والأقطار، وهذا النوع لا تخلو عنه أمة.
2-علم حقيقي : وهو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان، وما به يبلغ إلى ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا،
وهذه الجهة خلا عنها كلام فصحاء العرب، لأن أغراض شعرهم كانت لا تعدو وصف المشاهدات والمتخيلات والافتراضات المختلفة ولا تحوم حول تقرير الحقائق وفضائل الأخلاق التي هي أغراض القرآن، ولم يقل إلا صدقا كما أشار إليه فخر الدين الرازي.
وكلا العلمين كمال إنساني ووسيلة لسيادة أصحابه على أهل زمانهم، وبين العلمين عموم وخصوص من وجه.
▪اعجاز العلم الاصطلاحي في القرآن:
1-هو إبلاغهم بعلوم أهل الكتاب ومعرفة الشرائع والأحكام وقصص الأنبياء والأمم وأخبار العالم،قال تعالى:{تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} فلم يكن أدب العرب مشتملاً على التاريخ إلا بإرشادات نادرة، كقولهم درع عادية، ورمح يزنية، و لا يأبهون بذكر قصص الأمم التي هي مواضع العبرة،ولم تذكر أخبار العرب إلا القليل المجمل على معنى العبرة بخبر عاد وثمودوتبع
▪إعجاز العلم الحقيقي في القرآن:
و ينقسم إلى قسمين:
1-قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه،
2-وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم .
وهما دليل على أنه من عند الله لأنه جاء به أمي من بينهم لم يقف على دقائق العلوم.
ثم إنه ما كان قصاراه مشاركة أهل العلوم في علومهم الحاضرة، حتى ارتقى إلى ما لم يألفوه وتجاوز ما درسوه وألفوه.
▪أمثلتة:
1-قال ابن عرفة عند قوله تعالى: {تولج الليل في النهار} في سورة آل عمران كان بعضهم يقول إن القرآن يشتمل على ألفاظ يفهمها العوام وألفاظ يفهمها الخواص وعلى ما يفهمه الفريقان ومنه هذه الآية فإن الإيلاج يشمل الأيام التي لا يدركها إلا الخواص والفصول التي يدركها سائر العوام أقول: وكذلك قوله تعالى: {أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما}.
▪طرقه في بيان إعجازه العلمي :
1-أنه دعا للنظر والاستدلال،
وذلك بعدة أمور ورد بعضها في الشفاء:
-جمعه لعلوم ومعارف لم تعهد للعرب، ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم، ولا يشتمل عليها كتاب من كتبهم
-جمع فيه من بيان علم الشرائع، والتنبيه على طرق الحجة العقلية، والرد على فرق الأمم ببراهين قوية
-أدلة ذلك:
-كقوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}
وقوله: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم}.
-فتح الأعين إلى فضائل العلوم بأن شبه العلم بالنور وبالحياة كقوله {لينذر من كان حيا} وقوله: {يخرجهم من الظلمات إلى النور} وقال: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وقال: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.
وهذا النوع من الإعجاز هو الذي خالف به القرآن أساليب الشعر وأغراضه مخالفة واضحة.

🔹الجهة الثالثة :دوام إعجازه وعمومه:
▪نقض كلام الشاطبي:
هذا والشاطبي قال في الموافقات: إن القرآن لا تحمل معانيه ولا يتأول إلا على ما هو متعارف عند العرب
ولعل هذا الكلام صدر منه في التفصي من مشكلات في مطاعن الملحدين اقتصادا في البحث وإبقاء على نفيس الوقت، وإلا فكيف ينفي إعجاز القرآن لأهل كل العصور، وكيف يقصر إدراك إعجازه بعد عصر العرب على الاستدلال بعجز أهل زمانه إذ عجزوا عن معارضته، وإذ نحن نسلم لهم التفوق في البلاغة والفصاحة، فهذا إعجاز إقناعي بعجز أهل عصر واحد ولا يفيد أهل كل عصر إدراك طائفة منهم لإعجاز القرآن.
▪أدلة دوام إعجازه وعمومه:
1-قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((ما من الأنبياء نبيء إلا أوتي أو أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي وإني أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)) .قوله ((ما مثله آمن عليه البشر)) أن كل نبي جاء بمعجزة خاصة آمن لأجلها قومه وقوله: ((وإنما كان الذي أوتيت وحيا))أي أن معجزته ليست أفعالاً كباقي الرسل وإنما أقوالاً عجز البشر عن الاتيان بمثلها لفظاً ومعنى .فالمناسبة بين كونه أوتي وحيا وبين كونه يرجو أن يكون أكثرهم تابعا لا تنجلي إلا إذا كانت المعجزة صالحة لجميع الأزمان حتى يكون الذين يهتدون لدينه لأجل معجزته أمما كثيرين على اختلاف قرائحهم فيكون هو أكثر الأنبياء تابعا لا محالة، وقد تحقق ذلك لأن المعني بالتابع التابع له في حقائق الدين الحق لا اتباع الادعاء والانتساب بالقول.
▪إعجازه بمجموعه:
-وهذه الجهة من الإعجاز تثبت للقرآن بمجموعه أي مجموع هذا الكتاب إذ ليست كل آية من آياته ولا كل سورة من سوره بمشتملة على هذا النوع من الإعجاز، ولذلك فهو إعجاز حاصل من القرآن وغير حاصل به التحدي إلا إشارة نحو قوله: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.
- إعجازه من هذه الجهة للعرب ظاهر: إذ لا قبل لهم بتلك العلوم كما قال الله تعالى: {ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا}
-وإعجازه لعامة الناس أن تجيء تلك العلوم من رجل نشأ أميا في قوم أميين،وإعجازه لأهل الكتاب خاصة إذ كان ينبئهم بعلوم دينهم مع كونه أميا، ولا قبل لهم بأن يدعوا أنهم علموه لأنه كان بمرأى من قومه في مكة بعيدا عن أهل الكتاب الذين كان مستقرهم بقرى النضير وقريظة وخيبر وتيماء وبلاد فلسطين،
- ولأنه جاء بنسخ دين اليهودية والنصرانية، والإنحاء على اليهود والنصارى في تحريفهم فلو كان قد تعلم منهم لأعلنوا ذلك وسجلوا عليه أنه عقهم حق التعليم.

🔹الجهة الرابعة:
-اعجازه بالإخبار بالمغيبات : دليل على أنه منزل من عند الله مع أنه قليل وليس له تعلق كبير ببلاغة القرآن
أمثلة:قوله: {الم * غلبت الروم}
وقوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} وقوله: {لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} فما حدث بعد ذلك من المراكب منبأ به في هذه الآية. وقوله: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}
نزلت قبل فتح مكة بعامين. وقوله: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون}

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 20 صفر 1440هـ/30-10-2018م, 12:31 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني من مقدمة التحرير والتنوير.
ملحوظة عامة:
- أؤكد على أهمية التعليق على بعض المسائل الواردة في مقدمة ابن عاشور، بجعل هامش لها، من خلال ما درستم من قبل، مثلا بعض المسائل تعلمون ضعفها، مثل أن لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه مصحف على ترتيب النزول، أو أن مصحف أبي بكر كان مجرد صحف وليس مصحفًا أي أن الصحف مجموعة بين دفتين، أو أن تسمية المصحف كانت باجتماع بين أبي بكر والصحابة.
بعض الأحاديث كذلك، علمتم حكمها مما درستموه من قبل.
والتعليق عليها الآن في هامش فهرستكم أو بتعليق بين قوسين معكوفين [ ] أثناء الفهرسة، مفيد جدًا للبناء العلمي، حين تعودون لمراجعة هذه الفهرسة، خاصة وأن دراسة هذه المسائل لا زال حديثًا لديكم لم يطل به الزمن بعد لنسيان مواضعه ومعرفة مظان بحثه.
- أرجو الاهتمام بمراجعة التعليقات على جميع التطبيقات للفائدة.
نورة الأمير : ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ.
تميزت فهرستكِ باستيعاب أكثر المسائل، وحسن ترتيبها وتسلسل مسائلها، وأرجو أن تتخذيها كأصل لتحرير بعض المسائل المهمة، والتي اكتفيتِ بذكر رأسها.
الملحوظات:
* توضيحات لبعض المسائل:
- تفرق القصص في القرآن والمسألة بعده، يدخلان في مميزات القصص القرآني.
- كان ينبغي بيان رأي ابن عاشور في الغرض من القصص في القرآن، وأنه لا يقتصر على مجرد تجديد النشاط.
- الآية: قبل بيان وجه تسميتها، ينبغي بيان معناها لغة ثم اصطلاحًا، ثم وجه التسمية، ليُفهم المناسبة بين المعنى الاصطلاحي واللغوي من خلال وجه التسمية. [ ما فاتكِ هو المعنى اللغوي ]
* المقدمة العاشرة:
- اختصرتِ كثيرًا في فهرسة المقدمة العاشرة وبها مسائل مهمة، خاصة في الجهة الأولى من وجوه الإعجاز.
- الجهة الثالثة في المعاني الحكمية والإشارات العقلية، ويدخل تحتها الإعجاز العلمي، وليست في الإعجاز العلمي فقط، ليُجعل رأس العنوان.
فكما فصلت تحتها أن العلم اصطلاحي، وهنا في القرآن من العلوم التي اصطلح العرب وقت نزول القرآن على تسميتها علومًا وهي أخبار الأمم السالفة التي لم تكن معروفة إلا عند أهل الكتاب.
والعلم الحقيقي وهذا ما يدخل تحته الإعجاز العلمي في القرآن.
- الجهة الرابعة التي أضافها ابن عاشور وهي الإخبار عن الأمور الغيبية أعم من مجرد الإخبار عن الأمم السابقة أو أخبار أهل الكتاب، بل يدخل فيها ما يحدث في المستقبل، مثل ما بشر به القرآن من انتصار الروم على الفرس في قوله تعالى:{ غُلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين }
ولم تشيري إليها.
* إذا كانت المسألة خلافية، وذكر ابن عاشور الأقوال فيها؛ فيحسن ذكر الخلاف ولو بذكر عناوين الأقوال، ولا يُكتفى بالقول الراجح منها، مثال ذلك: الخلاف في ترتيب السور في المصحف.


سارة المشري: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- راجعي التعليق على الأخت نورة الأمير بخصوص مسائل " الآية ".
- المقدمة العاشرة تحتاج منكِ مزيد عناية لترتيب مسائلها، فابن عاشور ذكر الوجوه الأربعة لإعجاز القرآن إجمالا ثم فصل كل واحدة منها وأشار إلى هذا التفصيل؛ فتُلحق مسائل كل وجه به.
وجوه الإعجاز أربعة:
1: الجهة الأولى مما ذكرتِ = الفصاحة والبلاغة.
وتحت كل منهما مسائل:
مثلا بعض ما ذكرتِ من التحسينات البلاغية يدخل تحت معنى " البلاغة " مثل حسن التقسيم والتقديم والتأخير ...
والفصاحة يدخل تحتها سلامته من تنافر الحروف والكلمات.
2: أساليب القرآن، وما فيها من إبداع لم يكن معهودا في أساليب العرب، ولكنه غير خارج عما تسمح به اللغة.
يمكن إدخال بعض مبتكرات القرآن تحتها.
3: المعاني الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية، ومنه الإعجاز العلمي.
وتحتها العلم الاصطلاحي والعلم الحقيقي.
4: الإخبار عن غيبيات، أو عن أخبار الأمم السابقة التي لم يكن للعرب بها علم.


علاء عبد الفتاح: أ
أحسنت، بارك الله فيك.
* قصص القرآن:
قرر ابن عاشور في بداية هذه المقدمة بعض الأغراض المشتهرة لقصص القرآن ثم نفى اقتصار إيراد القصص عليها، ثم بين مميزات قصص القرآن، ثم فصل ما يراه من فوائد وأغراض لإيراد القصص في القرآن في عشر نقاط، وقد خلطت بين المميزات والفوائد ( أغراض ).
* تحريرك لبعض المسائل، يصلح تقسيمه لتفريعات تحت هذه المسائل، يسهل قراءتها ومراجعتها واستذكارها، بعكس كتابتها في فقرة، يصعب معها تمييز هذه التفريعات وبالتالي القراءة والاستذكار.
* المقدمة التاسعة:
الأمثلة التي وضعتها تحت هذه المسألة : " = القرآن هو الحجة العامة بين علماء الإسلام " هي في الحقيقة أدلة على المسألة السابقة وأمثلة عليها: " =الحث على استخراج المعاني الكامنة في ألفاظ القرآن الكاملة "
* المقدمة العاشرة: راجع التعليق على الأخت سارة المشري.


عقيلة زيان: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، أثني على حسن ترتيبك وتنظيمك للفهرسة، وإليكِ هذه الملحوظات اليسيرة:
- قصص القرآن:
قرر ابن عاشور في بداية هذه المقدمة بعض الأغراض المشتهرة لقصص القرآن ثم نفى اقتصار إيراد القصص عليها، ثم بين مميزات قصص القرآن، ثم فصل ما يراه من فوائد وأغراض لإيراد القصص في القرآن في عشر نقاط.
- قراءة ابن كثير لكلمة قرآن، بتسهيل الهمزة " قُران "
من قال أنه مشتق من " قرأ " فقراءة ابن كثير بتخفيف الهمزة وهي لغة حجازية كما أشرتِ.
ومن قال أنه مشتق من " قرن " فهو على وزن فعال.
- بالنسبة للخلاف في عد الآي هل هو توقيفي أو اجتهادي، راجعي هذا الرابط لفهم آثار السلف:
http://jamharah.net/showthread.php?t=22149
- في المسائل الخلافية:
يُرجى تمييز الأقوال وأنها تابعة لرأس المسألة، بدلا من سردها في نقاط لا تظهر أنها أقوال مختلفة تابعة لمسألة واحدة.
فالأولى أن نقول: الخلاف في كذا : ثم:
القول الأول:
القول الثاني:
والراجح : ...
مثال ذلك:
الخلاف في حمل معنى الآية على جميع معاني المشترك، أو الجمع بين دلالة الحقيقة والمجاز.

يُتبع بإذن الله ...


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 08:31 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني من فهرسة مقدمة التحرير والتنوير
هناء محمد علي: أ+
أحسنتِ وتميزتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
* قصص القرآن:
قرر ابن عاشور في بداية هذه المقدمة بعض الأغراض المشتهرة لقصص القرآن ثم نفى اقتصار إيراد القصص عليها، ثم بين مميزات قصص القرآن، ثم فصل ما يراه من فوائد وأغراض لإيراد القصص في القرآن في عشر نقاط.
* المقدمة الثامنة:
- لم يورد ابن عاشور " المصحف " كاسم من أسماء القرآن، وإنما ذكر مبدأ تسمية القرآن المكتوب بين دفتين بالمصحف كاستطراد أثناء الحديث عن أسماء القرآن، وقد درستم في دورة جمع القرآن ضعف ما أورده ابن عاشور في هذه المسألة والقول الصحيح فيها.
المقدمة العاشرة:
الجهة الأولى من وجوه الإعجاز يمكن تقسيمها إلى أمرين:
1: الإعجاز من جهة البلاغة.
2: الإعجاز من جهة الفصاحة.
وأئمة البلاغة وصفوا هذين الأمرين بعلمي المعاني والبيان.
وقد فصل ابن عاشور ببيان بعض وجوه البلاغة، ثم بين الإعجاز من جهة الفصاحة بقوله: " وفي هذه الجهة ناحية أخرى وهي ناحية فصاحة اللفظ وانسجام النظم وذلك بسلامة الكلام في أجزائه ومجموعه مما يجر الثقل إلى لسان الناطق به، ولغة العرب لغة فصيحة وأهلها مشهورون بفصاحة الألسن "
وبهذا يتضح لكِ التقسيم، ويتضح لكِ أن النقطة الثامنة مما ذكرتِ تحت " الخصوصات البلاغية في القرآن " تدخل تحت ناحية الفصاحة.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 9 ربيع الأول 1440هـ/17-11-2018م, 10:24 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة فهرسة مقدمة التحرير والتنوير



مها شتا: ب
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ وزادكِ إحسانًا وتوفيقًا.
- أرجو مراجعة التعليق الأول على الأخت هناء.
المقدمة الثامنة:
- ابن كثير من القراء السبعة وقد قرأ كلمة " قرآن " في جميع القرآن، بتخفيف الهمزة، قُران.
- الخلاف في اشتقاق كلمة " قرآن " كما أورده ابن عاشور على أقوال : " من قرأ، قرن، قرينة "
- قراءة ابن كثير على القول بأن الكلمة مشتقة من " قرأ " ففيها تخفيف للهمزة، وعلى القول بأنه مشتق من " قرن " فلا يحتاج لتقدير ذلك، وتكون " قران " على وزن " فعال "
المقدمة التاسعة:
تحت مسألة:
*حكم استعمال المشترك في معانيه أو استعمال اللفظ في حقيقة والمجاز
اقتباس:
القول الثاني :هو من قبيل الحقيقة.
قاله الشافعي وأبي بكر الباقلاني وجمهور المعتزلة.
القول الثالث:هو مجاز،وأن القرينة من علامات المجاز.
قاله الباقلاني وابن الحاجب
هذه تفريعات تحت ترجيح ابن عاشور صحة إطلاقه على عدة من معانيه جميعا أو بعضا إطلاقا لغويا، وليست أقوالا منفصلة.

المقدمة العاشرة:
اقتباس:
· طريق اكتساب الذوق مبني على اتقان علم المعاني وعلم البيان في البلاغة.
وهذا قد يحصل بالفطرة، مثل العرب الذين نزل عليهم القرآن، وقد يحصل بالاكتساب بطول خدمة هذين العلمين.
- العضد والتفتزاني من نقلوا القول بالصرفة في كتبهم عمن قاله.
اقتباس:
وقد اختلف العلماء في تعليل عجزهم عن ذلك فذهبت طائفة قليلة إلى تعليله بأن الله صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة أو سلبهم الداعي، لتقوم الحجة عليهم بمرأى ومسمع من جميع العرب. ويعرف هذا القول بالصرفة كما في المواقف للعضد والمقاصد للتفتزاني ولعلها بفتح الصاد وسكون الراء وهي مرة من الصرف وصيغ بصيغة المرة للإشارة إلى أنها صرف خاص فصارت كالعلم بالغلبة ولم ينسبوا هذا القول إلا إلى الأشعري فيما حكاه أبو الفضل عياض في الشفاء وإلى النظام والشريف المرتضى وأبي إسحاق الاسفرائيني فيما حكاه عنهم عضد الدين في المواقف، وهو قول ابن حزم صرح به في كتاب الفصل (ص 7 جز 3) (ص 184 جز 2) وقد عزاه صاحب المقاصد في شرحه إلى كثير من المعتزلة.
وجوه الإعجاز:
- الأولى فهرسة مسائل كل وجه تحته ليتضح ارتباطه به، وراجعي نماذج الأخوات أعلاه، والتعليقات عليها.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10 ربيع الأول 1440هـ/18-11-2018م, 02:48 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة فهرسة مسائل مقدمة التحرير والتنوير
ضحى الحقيل: ب
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
تتميز فهرستكِ بحسن التعبير بأسلوبك عن المعنى بعبارات موجزة، مع حسن الترتيب- في أكثر المواضع - ، لكن ينقصكِ تخصيص عناصر مجملة لبعض المسائل بعنوان مميز معنى وتنسيقًا، حتى يتكون لديكِ عند المراجعة تصور شامل وإجمالي لمسائل المقدمة.
وهذه الملحوظة يشتد الحاجة إليها أكثر في المقدمة العاشرة.
وأرجو منكِ مراجعة الملحوظات العامة أعلاه.
ملحوظات خاصة:
- قصص القرآن: راجعي التعليق الخاص بها على الأخت عقيلة زيان.
اقتباس:
- - الناحية الثانية في الإعجاز هي سلامة القرآن مما يجر الثقل إلى لسان الناطق به، مع تفننه في مختلف الأغراض وما تقتضيه من تكاثر الألفاظ، وهذا من جهة فصاحة اللفظ وانسجام النظم وذلك بسلامة الكلام في أجزائه ومجموعه.
الفصاحة تعد القسم الثاني من الناحية الأولى للإعجاز، وأرجو مراجعة التعليق على الأخت هناء، والأخت سارة بخصوص هذه النقطة.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.

ميسر ياسين: ج+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
سبحان الله
بعض أجزاء تطبيقكِ تشير إلى الملحوظات في أجزاء أخرى وهي:
- التعبير بأسلوبك بعبارات مختصر تدل على المعنى وتنظم المسائل في نقاط، أفضل من النسخ، خاصة وأن في أسلوب ابن عاشور بعض الإطناب، وفي النسخ لا يظهر هذا التنظيم في نقاط.

ملحوظات خاصة:
- معنى القرآن لغة:
= اشتقاق لفظ " القرآن "
اقتباس:
صحة ما روي من حديث عن أنس مرفوعا ((لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله))
الأولى قول: " بيان ضعف ...".

اقتباس:
🔹أمثلة على بلاغة القرآن وإعجازه:
إمكانية تحمل لفظ القرآن لأكثر من معنى
اقتباس:
🔹شروط استخدام معاني التراكيب:
هذه الصياغة غامضة بعض الشيء.
* أرجو مراجعة التعليق على الأخت هناء، والأخت سارة بخصوص جهات الإعجاز، فقد حصل لديكِ خلطٌ في فهرستها، وعادات القرآن ومبتكرات القرآن يمكن إدخالها تحت أساليب القرآن والتفنن فيها ( الجهة الثانية )
ويمكنكِ مراجعة فهرسة الأخت عقيلة زيان للمقدمة العاشرة.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.

بارك الله فيكم ونفع بكم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir