دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى الثامن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 20 صفر 1440هـ/30-10-2018م, 03:08 AM
صفاء الكنيدري صفاء الكنيدري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 728
افتراضي

إعادة تخليص مقاصد رسالة كلمة الإخلاص لابن رجب رحمه الله

مسائل الرسالة:
• الأحاديث الواردة في تحقيق التوحيد
• تفسير العلماء في المراد بالأحاديث
• عمل القلب وتحققه بمعنى الشهادتين
• شروط "لا إله إلا الله"
• موانع "لا إله إلا الله"

المقاصد الفرعية:
• المقصد الأول: بيان أن "لا إله إلا الله" تقتضي دخول صاحبها الجنة وتحريمه على النار وأن لها شروطا.
• المقصد الثاني: بيان أن تحقيق شهادة التوحيد يستلزم تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله.
• المقصد الثالث: بيان أن الذنوب والمعاصي مناقضة لإخلاص شهادة التوحيد ومانعة من تحقق مقتضاها من دخول الجنة والتحريم على النار.
• المقصد الرابع: بيان ما يجب على الموحد إذا قارف شيئا من الذنوب والمعاصي، وبيان عناية الله بأهل التوحيد.
• المقصد الخامس: بيان فضائل "لا إله إلا الله"

• المقصد الكلي للرسالة: تحقيق التوحيد وبيان فضله.

تلخيص المقاصد:
• المقصد الأول: بيان أن "لا إله إلا الله" تقتضي دخول صاحبها الجنة وتحريمه على النار وأن لها شروطا.
• الأحاديث الواردة في تحقيق التوحيد
أورد المصنف-رحمه الله-نوعان من الأحاديث في هذا الباب:
-النوع الأول: أن من أتى بالشهادتين دخل الجنة ولم يُحجب عنها، وهذا ظاهر فإن النار لا يخلد فيها أحد من أهل التوحيد الخالص.
-وسناده: ما جاء في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.
-وأيضا: في صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ))
-والنوع الثاني: أن من أتى بالشهادتين حرم على النار.
-وسناده: وفي الصحيحين: (إن الله تعالى يقول وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله)
-وأيضا: في الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)).
-وكذلك: خرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذا يتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما).

• تفسير العلماء في المراد بالأحاديث
اختلف العلماء-رحمهم الله-في المراد بالتحريم على النار هل هو على إطلاقه أم لا، على أربعة أقوال:
-القول الأول: أن المراد بالتحريم الخلود في النار، فأهل التوحيد الخالص لا يخلدون في النار وإن دخلوا النار بذنوبهم سيخرجون منها بشفاعة أرحم الراحمين.
-القول الثاني: قالوا أن الأحاديث الواردة في التحريم كانت قبل نزول الفرائض والحدود، وهو قول الزهري والثوري وغيرهما.
وهؤلاء منهم من قال أن الأحاديث: منسوخة. ومنهم من قال بأنها: محكمة.
وعلق ابن رجب على هذا القول: بأنه بعيد جدًا؛ لأن كثير من الأحاديث كان بالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود، والبعض الآخر كان في غزوة تبوك في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
-القول الثالث: أن النصوص المطلقة جاءت مقيدة في أحاديث أخرى، ففي بعضها: ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا)) وفي بعضها: ((مستيقنا)) وفي بعضها ((يصدق لسانه)) وفي بعضها((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها ((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)).
-القول الرابع: وهو الأظهر، قالوا: بأن المراد من هذه الأحاديث أن "لا إله إلا الله"سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتض لذلك، ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه.
وممّا يرجح هذا القول ما يلي:
1-أن النبي صلى الله عليه وسلم رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة،كما في الصحيحين عن أبي أيوب أن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم)).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان)) فقال الرجل: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا)).
2-أن عقوبة الدنيا لا تُرفع عمن أدّى الشهادتين مطلقا بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام فكذلك عقوبة الآخرة.
وسناده: قوله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله))، ففهم عمر وجماعة من الصحابة أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك فتوقفوا في قتال مانع الزكاة، وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله صلى الله عليه وسلم:((فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله))وقال: ((الزكاة حق المال)).
ومن الآثار:
-قال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة، قال الحسن: نِعم العدة، لكن لـ "لا إله إلا الله" شروطا، فإياك وقذف المحصنة.
-وقيل للحسن: إن أناسا يقولون: من قال: "لا إله إلا الله" دخل الجنة، فقال: من قال: "لا إله إلا الله" فأدّى حقها وفرضها دخل الجنة.

• عمل القلب وتحققه بمعنى الشهادتين
فأمّا تحقيقه بقول "لا إله إلا الله" تقتضي أن لا يأله القلب غير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا واستعانة وخضوعا وإنابة وطلبا.
وأمّا تحقيقه بأن محمدا رسول الله ألا يعبد الله بغير ما شرعه الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

• شروط "لا إله إلا الله"
لكلمة التوحيد شروطا لا يكتمل توحيد العبد إلا بتحقيقها، فمن أتى بهذه الحقوق كان مستحقًا لدخول الجنة والتحريم على النار.
وشروطها: العلم، واليقين، والإخلاص، والصدق، والمحبة، والقبول، والانقياد، ومنهم من يضيف شرطا ثامنا وهو: التبرؤ من كل ما سوى الله.
والمصنف-رحمه الله-ذكر بعض هذه الشروط بشيء من الإسهاب والبعض الآخر ذكره بعبارات مقتضبة.
• العلم
بأن يعلم بمدلولها نفيًا وإثباتًا، فلا إله إلا الله تعني: لا معبود بحق إلا الله.
• اليقين
بأن يستيقن بأن هذه الكلمة حق، وما دلت عليه هو الحق، وكل ما سواه فهو باطل.
سناده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؛ لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك فيهما إلا دخل الجنة)) رواه مسلم.
• الإخلاص
والإخلاص يتطلب أن يخلص العبد العبادة لله وحده لا شريك له، ويصفي عمله من شوائب الشرك.
فلا إله إلا الله تقتضي أن لا إله غير الله، والإله هو الذي يُطاع ولا يُعصى هيبة له وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل.
وهذه الأمور من خصائص الألوهية التي هي حق لله وحده فمن أشرك فيها أحد غيره كان ذلك قدحا في إخلاصه ونقصا في توحيده.
وسناده: ما جاء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحا أنه قال: ((من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة))،قيل: ما إخلاصها يا رسول الله؟ قال: ((أن تحجزك عما حرم الله عليك))
• الصدق
ومن حقوق كلمة التوحيد الصدق في قولها، فيصدّق بها بقلبه، ويقر بلسانه، ويصدق ذلك فعله.
ومن صدق في قول"لا إله إلا الله" لم يحب سواه ولم يرج سواه ولم يخش أحدا إلا الله ولم يتوكل إلا على الله ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه.
سناده: قوله صلى الله عليه وسلم: ((من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار))
• المحبة
ومن حقوق كلمة التوحيد المحبة العظيمة، والمحبة هي أصل العبادة وروحها المتين.
فلا إله إلا الله تقتضي إلا يحب سواه، فالإله هو الذي يُطاع ولا يُعصى محبة وخوفا ورجاء.
ومن تمام محبته محبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، فمن أحب شيئا مما يكرهه الله وكره شيئا مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قول"لا إله إلا الله"
قال تعالى: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}
قال الليث عن مجاهد في قوله: {لا يشركون بي شيئا} قال: لا يحبون غيري.
وقال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.
وسئل ذو النون متى أحب ربي قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر.
وقال بشر بن السرّي: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك.
• القبول
بأن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة العظيمة بلا تردد، ويرد كل ما خالفها.
• الانقياد
بأن ينقاد لكل ما دلت عليه هذه الكلمة العظيمة من الإيمان والعمل الصالح، ويترك كل ما خالفها.
فمن حقوق لا إله إلا الله الانقياد لما دلت عليه ومن أعظم ما دلت عليه التوحيد وهذا هو حقيقة الإسلام.
فالإسلام يعني: الاستسلام والانقياد للطاعة؛ كما قال تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}
والاستقامة تتطلب استشعار قرب الله ونظره ؛ {ألم يعلم بأن الله يرى} {وإن ربك لبالمرصاد}
والانقياد لكلمة التوحيد لا يكتفي بمجرد قولها باللسان بل لا بد من العمل بحقوقها فبعد أن يقبلها بقلبه ينقاد لها بجوارحه.
سئل الجنيد بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إليه.
قال المحاسبي: المراقبة علم القلب بقرب الرب كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره.
وصّى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يستحي من الله كما يستحي من رجل صالح من عشيرته لا يفارقه.
قال بعضهم: استح من الله على قدر قربه منك وخف الله على قدر قدرته عليك.
كأن رقيبا منك يرعى خواطري = وآخر يرعى ناظري ولساني
فما أبصرت عيناي بعدك منظر= لغيرك إلا قلت قد رمقاني
• التبرؤ من غير ما سوى الله.

• موانع "لا إله إلا الله"
من حقوق كلمة التوحيد البعد عن كل ما يقدح فيها وسواء كان هذا المانع في أصل التوحيد أو في كماله، وإذا امتنع العبد عن كل ما يقدح في توحيده كان حقًا على الله أن يدخله الجنة ويبعده عن النار.
وموانعها: الجهل، والشك، والشرك، والكذب، والبغض، والرد، والترك.
• الجهل
• الشك
• الشرك
والشرك من أعظم ما يقدح في توحيد العبد، فمن أشرك مخلوقا في خصائص الألوهية كان ذلك قدحا في إخلاصه ونقصا في توحيده وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك وهذا كله من فروع الشرك.
والشرك منه ما هو مخرج من الملة بالكلية، ومنه دون ذلك وهو ما عُبر عنه بقول: شرك دون شرك وكفر دون كفر.
فمن صور الشرك الأكبر: دعاء غير الله أو رجائه أو الخوف منه أو الذبح لغيره إلى غير ذلك من الأمور التي تخرج العبد من دائرة الإسلام إلى الكفر.
ومن صور الشرك الأصغر: الرياء، والحلف بغير الله، وقول ما شاء الله وشاء فلان، والطيرة، وأتيان الكهان وتصديقهم إلى غير ذلك من الصور القادحة في التوحيد إلا إنها دون الشرك الأكبر.
ومن صور الشرك: اتباع هوى النفس؛ قال تعالى: {أفرأيت من اتخذ أهله هواه}
وقد سمى الله طاعة الشيطان عبادة؛ كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان}
فمن لم يتحقق بعبودية الرحمن وطاعته فإنه يعبد الشيطان بطاعته له، ولم يخلص من عبادة الشيطان إلا من أخلص عبودية الرحمن؛ قال تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}
فكل من أطاع شيئا وأحبه وكان غاية قصده ومطلوبه ووالى لأجله وعادى لأجله فهو عبده وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه.
ومن علم أن معبوده فرد فليفرده بالعبودية ولا يشرك بعبادة ربه أحدا؛ {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار}
• الكذب
من الموانع التي تمنع تحقيق التوحيد والقيام بحقه أن يقولها العبد بلسانه ثم يطيع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفة أمره فيكون قد كذب فعله قوله ونقص من كمال توحيده بقدر معصيته.
سناده: قوله تعالى: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}
وأيضًا: ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار} ومفهومه: أن من لم يصدق لا يحرم على النار.
• البغض
والبغض منافي للمحبة، فمن أبغض شيئا مما يحبه الله أو أحب شيئا مما يبغضه الله كان ذلك قادحا في توحيده وإخلاصه في قول" لا إله إلا الله"
سناده: ما جاء في صحيح الحاكم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض)).
قال الله عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله})) وهذا نصّ في أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة فيه من الشرك الخفي.
وقال أبو يعقوب النهر جوري: كل من ادّعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة.
وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده.
• الرد
•الترك

• المقصد الثاني: بيان أن تحقيق شهادة التوحيد يستلزم تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله.
إذا علم أن محبة الله لا تتم إلا بمحبة ما يحبه وكرهة ما يكرهه فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله ما يحبه وما يكرهه باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته.
قال الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}
قال الحسن: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا نحب ربنا حبا شديدا"، فأحب الله أن يجعل لحبه علما فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقد قرن الله بين محبته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم} إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله} كما قرن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع قال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقده الله منه كما يكره أن يلقى في النار ))
ومحبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى مراضي الرب وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة مولاها عن مرادها وهواها.
وفي بعض الكتب السالفة: من أحب الله لم يكن شيء عنده آثر من رضاه، ومن أحب الدنيا لم يكن شيء عنده آثر من هوى نفسه.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن الحسن قال: ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت على قدمي حتى أنظر على طاعة الله أو على معصيته، فإن كانت طاعة تقدمت وإن كانت معصية تأخرت.

• المقصد الثالث: بيان أن الذنوب والمعاصي مناقضة لإخلاص شهادة التوحيد ومانعة من تحقق مقتضاها من دخول الجنة والتحريم على النار.
الذنوب والمعاصي قادحة في كمال التوحيد ولا ينجو من عذاب الله غدا إلا من أتى الله بقلب سليم ليس فيه سوى الله؛ قال تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}
والقلب السليم هو الطاهر من أدناس المخالفات، فأما من تلطخ قلبه بشيء من المخالفات والمكروهات فلا بد أن يطهرفي النار قبل أن يجاور ربه؛ ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا))
وأول من تسعر بهم النار من الموحدين هم العباد المراؤون بأعمالهم وأولهم العالم والمجاهد والمتصدق.
ويليهم في العذاب أصحاب الشهوة وعبيد الهوى الذين أطاعوا هواهم وعصوا مولاهم، فأما عبيد الله حقا فيقال لهم: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}
فالقلوب الطيبة تستحق مجاورة ربها من أول الأمر؛ { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} وقال تعالى: {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}
فمن لم يكمل تحقيق التوحيد والقيام بحقوقه يحتاج للتطهر بنار جهنم،نسأل الله السلامة والعافية.

• المقصد الرابع: بيان ما يجب على الموحد إذا قارف شيئا من الذنوب والمعاصي، وبيان عناية الله بأهل التوحيد.
الموحد غير معصوم من الوقوع في الذنب ولكن هو مطالب كلما زل أن يتوب ويستغفر ويرجع إلى ربه.
والله عز وجل له عناية بما يحبه فكلما زلق العبد في هوة الهوى أخذ بيده إلى نجوة النجاة، ييسر له التوبة وينّبه على قبح الزلة، فيفزع إلى الاعتذار ويبتليه بمصائب مكفرة لما جنى.
قال زيد بن أسلم: إن الله ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول: اذهب فاعمل ما شئت فقد غفرت لك.
وقال الشعبي: إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب.
وفي بعض الآثار يقول الله تعالى: ((أهل ذكرى أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب)).
وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث)).

• المقصد الخامس: بيان فضائل "لا إله إلا الله"
لكلمة التوحيد فضائل عظيمة لا يمكن حصرها ومن فضائلها ما يلي:
-هي كلمة التقوى كما قال عمر رضي الله عنه.
-وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوة الحق وبراءة من الشرك ونجاة هذا الأمر ولأجلها خلق الخلق، كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
-ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا الله}
-ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
-ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
-وهي مفتاح الجنة ومفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
وفي مسند البزار وغيره عن عياض الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لا إله إلا الله كلمة حق على الله كريمة، ولها من الله مكان، وهي كلمة من قالها صادقا أدخله الله بها الجنة، ومن قالها كاذبا حقنت دمه واحرزت ماله ولقي الله غدا فحاسبه))
-وهي نجاة من النار، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: ((خرج من النار)) خرجه مسلم.
-وهي توجب المغفرة.
سناده: ما جاء في المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما: ((ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله)) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: ((الحمد لله اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني بها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد)) ثم قال: ((أبشروا فإن الله قد غفر لكم)).
-وهي أحسن الحسنات.
سناده: قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كلمني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: ((إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها)) قلت: يا رسول الله "لا إله إلا الله" من الحسنات؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)).
-وهي تمحو الذنوب والخطايا.
سناده: ما جاء في سنن ابن ماجه عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل)).
-وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب.
سناده: ما جاء في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله").
-وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
سناده: كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نوحا قال لابنه عند موته: آمرك بـ "لا إله إلا الله"، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت "لا إله إلا الله" في كفة رجحت بهن "لا إله إلا الله"، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن في حلقة مبهمة فصمتهن "لا إله إلا الله".
-ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها.
سناده: ما جاء في الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)).




تنبيه: أضفت بعض الإضافات اليسيرة من خارج الرسالة، ومما أعاني على كتابة الرسالة-بعد توفيق الله-الاستفادة من الملاحظات التي كتبتها الأستاذة الفاضلة أمل عبد الرحمن للطالبات في إعداد المفسّر، ووفاء لها ورغبة في أن تشاركني الأجر أقتصرت على المقاصد التي وضعتها بهذه الرسالة، فجزاها الله عني خير الجزاء،كما لا أنسى أن أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الفاضل عبد العزيز الداخل على هذه الدورة المباركة وعلى جميع ما بذله للطلاب في هذا المعهد المبارك، فجزاه الله عنّا وعن المسلمين خير الجزاء وأعظمه.
كما أتمنى أن أكون ممن وفق لأداء هذه الرسالة العظيمة بإحسان وضبط تام، وأسأل الله جل جلاله كما أكرمني بأدائها أن يجعلني من أوفر الناس حظا ونصيبا في تحقيق مقصودها.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir