دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الأيمان

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 03:42 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شروط وجوب كفارة اليمين

و ( يُشْتَرَطُ ) لوُجوبِ الكَفَّارَةِ ثلاثةُ شروطٍ:
( الأَوَّلُ ) أن تكونَ اليمينُ مُنعقِدَةً، وهي التي قُصِدَ عَقْدُها على مُستقبَلٍ مُمْكِنٍ، فإن حَلَفَ على أَمْرٍ ماضٍ كاذبًا عالِمًا فهي الغَمُوسُ.
و ( لَغْوُ اليمينِ ) الذي يَجْرِي على لسانِه بغيرِ قَصْدٍ كقولِه: " لا واللهِ " و " بلى واللهِ " وكذا يمينٌ عَقَدَها يَظُنُّ صِدْقَ نفسِه فبَانَ بخِلافِه، فلا كَفَّارَةَ في الجميعِ.
( الثاني ) أن يَحْلِفَ مُختارًا، فإن حَلَفَ مُكْرَهًا لم تَنْعَقِدْ يمينُه.
( الثالثُ ) الْحِنْثُ في يمينِه، بأن يَفعلَ ما حَلَفَ على تَرْكِه أو يَتْرُكَ ما حَلَفَ على فِعْلِه مُختارًا ذاكرًا، فإن فَعَلَ مُكْرَهًا أو نَاسِيًا فلا كَفَّارَةَ، ومَن قالَ في يمينٍ مُكَفَّرَةٍ: " إن شاءَ اللهُ " لم يَحْنَثْ.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.......................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(ويُشْتَرَطُ لوجوبِ الكفَّارَةِ) إذا حَلَفَ باللَّهِ تعالَى (ثلاثةُ شروطٍ: الأوَّلُ: أنْ تكونَ اليمينُ مُنْعَقِدَةً، وهي) اليمينُ (التي قُصِدَ عَقْدُها على) أمرٍ (مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ، فإنْ حَلَفَ على أمرٍ ماضٍ كاذباً عالِماً فهي) اليمينُ (الغَمُوسُ)؛ لأنَّها تَغْمِسُهُ في الإِثْمِ، ثُمَّ في النارِ.
(ولَغْوُ اليمينِ) هو (الذي يَجْرِي على لِسَانِهِ بغيرِ قَصْدٍ؛ كقولِهِ) في أثناءِ كلامِهِ: (لا واللَّهِ، بلى واللَّهِ)؛ لحديثِ عَائِشَةَ مرفوعاً: ((اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ كَلاَمُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ: لاَ وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللهِ)). رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، ورُوِيَ موقوفاً. (وكذا يَمِينٌ عَقَدَها يَظُنُّ صِدْقَ نفسِه، فبانَ بِخِلافِهِ، فلا كفَّارَةَ في الجميعِ)؛ لقولِهِ تعالَى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} وهذا منه، ولا تَنْعَقِدُ أيضاًً من نائمٍ وصغيرٍ ومجنونٍ ونحوِهِم.
الشرطُ (الثانِي: أنْ يَحْلِفَ مُخْتَاراً، فإنْ حَلَفَ مُكْرَهاً، لم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ)؛ لقولِهِ عليه السلامُ: ((رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)).
الشرطُ (الثالثُ: الحِنْثُ في يَمِينِهِ؛ بأنْ يَفْعَلَ ما حَلَفَ على تَرْكِهِ)؛ كما لو حَلَفَ لا يُكَلِّمُ زيداً، فكَلَّمَهُ مُخْتَاراً، (أو بِتَرْكِ ما حَلَفَ على فعله)؛ كما لو حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّ زيداً اليومَ فلم يُكَلِّمْهُ، (مُخْتَاراً ذاكِراً) لِيَمِينِهِ، (فإذَا حَنِثَ مُكْرَهاً أو ناسياً، فلا كَفَّارَةَ)؛ لأنَّه لا إِثْمَ عليه، (ومَن قالَ في يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ)؛ أي: تَدْخُلُها الكفَّارَةُ؛ كيَمِينٍ باللَّهِ تَعَالَى ونَذْرٍ وظِهَارٍ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ. لم يَحْنَثْ) في يَمِينِهِ؛ فَعَلَ أو تَرَكَ، إنْ قَصَدَ المشيئةَ، واتَّصَلَتْ يَمِينُهُ لَفْظاً أو حُكْماً؛ لقولِهِ عليه السلامُ: ((مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. لَمْ يَحْنَثْ)) رَوَاهُ أحمدُ وغيرُهُ.


  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(ويشترط لوجوب الكفارة) إذا حلف بالله تعالى (ثلاثة شروط([1]) الأول أن تكون اليمين منعقدة([2]))

وهي اليمين (التي قصد عقدها على) أمر (مستقبل ممكن([3]) فإن حلف على أمر ماض كاذبا عالما فهي) اليمين (الغموس)([4]) لأنها تغمسه في الإثم، ثم في النار([5]) (ولغو اليمين) هو (الذي يجري على لسانه بغير قصد([6]) كقوله) في أثناء كلامه (لا والله، وبلى والله)([7]).

لحديث عائشة مرفوعا: «اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله» رواه أبو داود، وروي موقوفا([8]) (وكذا يمين عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه([9]) فلا كفارة في الجميع)([10]) لقوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}([11]) وهذا منه([12]) ولا تنعقد أيضا من نائم وصغير ومجنون ونحوهم([13]).

الشرط (الثاني: أن يحلف مختارا([14]) فإن حلف مكرها لم تنعقد يمينه)([15]) لقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه»([16]) الشرط الثالث: الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على تركه([17]) كما لو حلف أن لا يكلم زيدا، فكلمه مختارا([18]) أو يترك ما حلف على فعله كما لو حلف ليكلمن زيدا اليوم، فلم يكلمه (مختارا ذاكرا) ليمينه([19]) (فإذا حنث مكرها، أو ناسيا فلا كفارة)([20]) لأنه لا إثم عليه([21]).

(ومن قال في يمين مكفرة) أي تدخلها الكفارة، كيمين بالله تعالى([22]) ونذر وظهار (إن شاء الله، لم يحنث) في يمينه([23]) فعل أو ترك إن قصد المشيئة([24]) واتصلت بيمينه، لفظا أو حكما([25]) لقوله عليه الصلاة والسلام «من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث» رواه أحمد وغيره([26])


([1]) أن تكون اليمين منعقدة وأن يحلف مختارا، وأن يحنث في يمنيه ويأت مفصلا.
([2]) لأن غير المنعقدة، إما غموس أو نحوها، وإما لغو، ولا كفارة في واحد منهما، وأما اليمين المنعقدة، فهي التي يمكن فيها البر والحنث، لكونها للحث والمنع.
([3]) قال الوزير: أجمعوا على أن اليمين المتعمدة المنعقدة، هو أن يحلف بالله على أمر في المستقبل أن يفعله ولا يفعله، وإذا حنث وجبت عليه الكفارة اهـ لأن العقد إنما يكون فيه دون الماضي، قال تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ}.
فدلت الآية على أن وجوب الكفارة في الأيمان المنعقدة، ولا يكون إلا في المستقبل من الزمان، دون الماضي لعدم إمكان البر والحنث، وغير الممكن كلا شربت ماء الكوز، ولا ماء به، لأنه لغو.
([4]) وهي التي يحلف بها على الماضي، كاذبا عالما.
([5]) ولا كفارة فيها، لأنها أعظم من أن تكفر، وهو مذهب الجمهور، فروى البيهقي عن ابن مسعود: كنا نعد اليمين التي لا كفارة فيها، اليمين الغموس، وهي من الكبائر للخبر الصحيح.
([6]) وظاهره: ولو في الزمن المستقبل، لظاهر الخبر الآتي، ولا كفارة فيها لظاهر {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}.
([7]) أي في عرض حديثه.
([8]) رواه الزهري وغيره: عن عطاه عنها.
([9]) فلغو، غير منعقدة وقال الشيخ: وكذا عقدها على زمن مستقبل، ظانا صدقه فلم يكن، كمن حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل، أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف، ونحو ذلك.
([10]) أي اليمين الغموس، لما تقدم، ولغو اليمين، وما يظن صدقه فيها حكاه ابن عبد البر إجماعا.
([11]) أي لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الإيمان، التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة، واللغو: المطرح من الكلام، لا يعتد به، وإنما يقع من غير قصد ولا عقد.
([12]) أي ما ذكر من لغو اليمين، كلا والله، وبلى والله، أو ما يظن صدق نفسه، أو أن غيره يطيعه فيما حلف عليه، ونحو ذلك ولأنه يكثر فلو وجبت به كفارة لشق وحصل الضرر، وهو منتف شرعا.
([13]) كزائل العقل بشرب دواء، أو محرم لأنه قول لا يتعلق به حق، فلم يصح منهما، لحديث رفع القلم عن ثلاثة، نائم حتى يستيقظ، ومجنون حتى يفيق، وصغير حتى يبلغ.
([14]) لليمين.
([15]) كمن حلف لا يدخل دارا، فحمل مكرها فادخلها، أو خالف ما حلف عليه جاهلا، أو ناسيا المحلوف عليه، فلا كفارة لأنه غير آثم.
([16]) فدل الحديث على أن المكره على ما حلف عليه، وكذا الناسي، والجاهل معفو عنه.
([17]) فيحنث بذلك الفعل، وإن لم يفعل لم يحنث، ومن لم يحنث لم يهتك حرمة القسم.
([18]) ذاكرا ليمينه حنث وأثم، وتجب عليه الكفارة.
([19]) حنث، وأثم.
([20]) لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم «عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
([21]) وكذا جاهل حلف لا يدخل دار زيد، فدخلها جاهلا أنها داره.
([22]) أو صفة من صفاته: إن شاء الله، لم يحنث.
([23]) قدم الاستثناء، أو أخره.
([24]) أي: إن قصد تعليق الفعل، على مشيئة الله وإرادته، بخلاف من قاله تبركا، أو سبق لسانه بلا قصد.
([25]) كقطع بنفس أو سعال، أو عطاس، أو قيء أو تثاؤب، وعنه: ينفعه الاستثناء وإن لم يرده إلا بعد الفراغ، حتى لو قال له بعض الحاضرين: قال إن شاء الله، نفعه قال الشيخ: وهو مذهب أحمد الذي عليه متقدموا أصحابه، واختيار أبي محمد وغيره، وهو مذهب مالك، وهو الصواب، اهـ ويعتبر نطقة به، فلا ينفعه بالقلب، إلا من مظلوم كمتأول.
([26]) فرواه النسائي والترمذي وحسنه، وقال: رواه غير واحد عن ابن عمر مرفوعا، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، من الصحابة وغيرهم، ولأنه متى قال: لأفعلن إن شاء الله فقد علمنا أنه متى شاء الله فعل، ومتى لم يفعل لم يشأ الله.

  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 11:12 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله


وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الكَفَّارَةِ ثَلاَثَةُ شُرُوطٍ:
الأوَّلُ: أَنْ تَكُونَ اليَمِينُ مُنْعَقِدَةً، وَهِيَ الَّتِي قُصِدَ عَقْدُهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ،.......
قوله: «ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط» الشرط لغة العلامة، وفي الشرع ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود، يعني أنه إذا عُدِمَ عُدِمَ المشروط، وهو إما أن يعدم حساً إذا كان شرطاً حسياً، وإما أن يعدم شرعاً إذا كان شرطاً شرعياً، فمثلاً الصلاة بلا وضوء، فقد يصلي رجل بدون وضوء صلاة كاملة بقراءتها، وركوعها وسجودها، وأركانها، فهي الآن موجودة حساً، لكنها شرعاً غير موجودة.
وقوله: «لوجوب الكفارة» أفادنا ـ رحمه الله ـ أن الكفارة واجبة بدليل قوله تعالى: {{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}} [المائدة: 89] .
فإن الأمر بحفظها يتناول الأمر بالكفارة؛ لأن ذلك من حفظها.
وكذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فكفِّر عن يمينك» [(111)]، فأمر بالتكفير، والأصل في الأمر الوجوب.
وقوله: «الكفارة» من الكفر وهي الستر؛ وذلك أن الأصل أن الإنسان إذا حلف وجب عليه إتمام الحلف؛ لأنه حلف بعظيم، ومن عظمته أن تقوم بما حلفت به عليه؛ لأن الحلف في الواقع تأكيد للشيء بعظمة المحلوف به، فإذا انتهكت هذا التأكيد فهو كالإشارة إلى انتهاك عظمة المحلوف به، فلهذا وجبت الكفارة، ولولا أن الله تعالى رحم العباد لكان من حلف على شيء وجب عليه أن يتمه بكل حال، إلا لضرورة.
قوله: «الأول: أن تكون اليمين منعقدة» وهي التي تثبت وتتأكد؛ لأن انعقاد الشيء معناه أن يكون كالعقدة ثابتة، ومثبِّتة للمعقود بها، لكن تعريفها شرعاً: يقول المؤلف:
«وهي التي قُصد عقدها على مستقبل ممكن» فجمعت ثلاثة شروط:
الأول: قصد عقدها.
الثاني: على مستقبل.
الثالث: على أمر ممكن.
فقوله: «قصد عقدها» يفيد أنه لا بد أن يكون الحالف ممن له قصد، فإن لم يكن له قصد فلا عبرة بيمينه، كالمجنون لو حلف ألف مرة لا تنعقد يمينه، لأنه ليس له قصد، وكذلك المخرِّف لا تنعقد يمينه؛ لأنه لا قصد له، وكذلك السكران، ومن اشتد غضبه لا تنعقد يمينهما؛ لأنه لا قصد لهما، وكذلك الصبي دون التمييز لا تنعقد يمينه، فإن كان فوق التمييز ودون البلوغ، فظاهر كلام المؤلف أن يمينه تنعقد؛ لأن له قصداً صحيحاً، ولهذا ذكر الفقهاء أن المميز تصح ذكاته؛ لأن له قصداً صحيحاً، وذكروا في باب الإيلاء أنه يصح من المميز، وهذا أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد، والقول الثاني وهو المذهب: أنه لا يصح إلا من المكلف.
فأما الذين قالوا: إنه يكفي التمييز، فاستدلوا بقوله تعالى: {{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ}} [المائدة: 89] ، وقوله: {{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}} [البقرة: 225] ، فقالوا: هذا عام، وهذه يمين، وانعقادها والحنث فيها ليس من باب الأحكام التكليفية، ولكنه من باب الأحكام الوضعية، أي أنه سبب وُضع على مسبب. فالصبي لو قتل إنساناً وجبت عليه الكفارة وإذا حنث في اليمين تجب عليه الكفارة.
وأما الذين قالوا: لا بد من البلوغ، فقالوا: إن الكفارة تكفير إثم متوقع لولا رحمة الله عزّ وجل، ومن كان دون البلوغ فإنه لا يكلف، فقد رفع عنه القلم فلا تنعقد يمينه، وبناء على هذا لو أقسم من له أربع عشرة سنة، وعشرة أشهر على شيء، فإن يمينه لا تنعقد، بل لو كان بلوغه في الساعة الثانية عشرة، وحلف في الساعة الحادية عشرة لم تنعقد، وفي الساعة الواحدة تنعقد؛ لأنه في الأول غير بالغ، وفي الثاني بالغ، والراجح أنها تنعقد؛ لأن هذا من باب الأحكام الوضعية المقرونة بأسبابها، صحيح أن غير المكلف لا يدري ولا يفهم، لكن له قصد صحيح، بدليل أن ذكاته تصح.
الشرط الثاني: أن تكون على مستقبل، فإن كانت على ماضٍ فإنها لا تنعقد، مثل لو قال: والله ما فعلت أمسِ كذا، وهو قد فعله، فهذا لا كفارة عليه؛ لأنها يمين على ماضٍ.
الشرط الثالث: أن تكون على أمر ممكن فإن كان غير ممكن لم تنعقد، والممكن ضده المستحيل، والمستحيل تارة يكون مستحيلاً لذاته، وتارة يكون مستحيلاً عادة، وكلاهما على حد سواء، فإذا أقسم على شيء مستحيل، فإن يمينه غير منعقدة، فلا كفارة عليه، سواء حلف على فعله أم على تركه؛ لأنه مستحيل، والمستحيل لا تتعلق به كفارة، لأن الحالف على المستحيل، إما أن يكون على عدمه وهذا لغو، وإما أن يكون على فعله، وهذا ـ أيضاً ـ لا تكون اليمين فيه منعقدة؛ لأنه من المعلوم أنه إذا حلف عليه فلن يكون، فيكون حلفه عليه تأكيداً له لا وجه له؛ لأن الحلف إنما يقصد به تأكيد فعل المحلوف عليه، وهذا أمر مستحيل، فتكون ـ أيضاً ـ لغواً.
مثال المستحيل لذاته: أن يقول: والله لأقتلن الميت؛ لأن الميت لا يرد عليه القتل، فهذا لا تنعقد يمينه على كلام المؤلف؛ لأن هذا لغوٍ، لأنه لن يقتل الميت أبداً، فقد حلف على نفي المستحيل، والمذهب أن عليه الكفارة في الحال؛ لأن تحقق حنثه معلوم، فيجب عليه أن يكفر في الحال ولا ينتظر.
ولو تأذّى بنباح كلب، فقال: والله لأقتلن هذا الكلب حياً، أو ميتاً، فهنا تنعقد يمينه؛ لأنه قد يكون حياً، وقوله: حياً أو ميتاً، فهو من باب تأكيد قتله.
ومثال المستحيل عادة: لو قال: والله لأطيرنَّ.
فالخلاصة أنه إذا حلف على أمر مستحيل، فعلى كلام المؤلف أنها لا تنعقد، والمذهب: إن كان على فعله فهو حانث في الحال، وتجب عليه الكفارة، وإن كان على عدمه فهي لغو غير منعقدة؛ لأنه حلف على أمر لا يمكن وجوده.
فإذا قال قائل: ما الدليل على اشتراط الاستقبال؟
فالجواب: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف على يمين هو فيها فاجر، يقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان» [(112)].
ولم يقل: إن عليه الكفارة، إنما ذكر أن عليه هذا الإثم، والكفارة تستر الإثم والاقتطاع إما دعوى ما ليس له، وإما إنكار ما هو عليه، وهذا يكون أمراً ماضياً لا مستقبلاً.

فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ كَاذِباً عَالِماً فَهِيَ الْغَمُوسُ،................
قوله: «فإن حلف» الفاعل ضمير مستتر تقديره هو، أي: الإنسان.
قوله: «على أمر ماض» احترازاً من المستقبل، فقد سبق أنه من اليمين المنعقدة.
قوله: «كاذباً» احترازاً من كونه صادقاً، فإن حلف على أمر ماضٍ صادقاً فلا شيء عليه.
قوله: «عالماً» احترازاً مما لو كان جاهلاً، مثل أن يقول: والله لقد حضر فلان أمس، وفلان هذا لم يحضر، بل حضر شخص آخر، ولكنه ظن أنه هو الحاضر، فهو هنا جاهل.
أو يقول: والله لقد حرم الله علينا كذا وكذا، والتحريم سابق ثم قلنا له ما هو الدليل، قال: الدليل كذا وكذا، ثم وجدنا أنه ليس كذلك، فيمينه ليست غموساً.
وظاهر كلام المؤلف ولو كان ناسياً، وليس كذلك، بل إذا كان ناسياً فهو كالجاهل، مثل إنسان حلف على أمر ماضٍ ناسياً، كأن قال: والله ما أقرضني فلان شيئاً، ناسياً أنه أقرضه فلا تكون يمينه غموساً؛ لقوله تعالى: {{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}} [البقرة: 286] .
قوله: «فهي الغموس» أي: فهي اليمين الغموس، و«غموس» على وزن فعول، وأصلها غامسة اسم فاعل، ولكن عُدل عن ذلك إلى غموس للمبالغة، وسميت غموساً؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار؛ لأن الحالف على أمر ماض كاذباً عالماً ـ والعياذ بالله ـ جمع بين أمرين: بين الكذب، وهو من صفات المنافقين، وبين الاستهانة باليمين بالله، وهو من صفات اليهود، فإن اليهود هم الذين ينتقصون ربهم، ويصفونه بالعيوب، فحينئذٍ تكون يمينه غموساً.
وظاهر كلام المؤلف: سواء تضمنت هذه اليمين اقتطاع مال امرئ مسلم أم لا، فالتي تتضمن اقتطاع مال امرئ مسلم هي التي يحلف بها الإنسان في الدعوى عند القاضي، بأن يدعي عليه رجل بمائة ريال، فيقول: ما عندي لك شيء، فيقول القاضي للمدعي: ألك بينة؟ فيقول: لا، فيقول للمدعى عليه: أتحلف؟ فإذا حلف، وقال: والله لا يطلبني شيئاً وهي عليه حقّاً، فهذه اليمين تكون غموساً؛ لأنه حلف فيها على أمر ماضٍ، كاذباً، عالماً، اقتطع بها مال امرئ مسلم.
وقد يكون الاقتطاع بادعاء ما ليس له ويحضر شاهداً، فإذا أتى بشاهد كفته اليمين، وحكم له بها فتكون يمينه غموساً؛ لأنه اقتطع بها مال امرئ مسلم في ادعاء ما ليس له، وهذا أشد من الذي قبله؛ لأنه يتضمن الكذب في اليمين، وأكل مال المسلم.
فاليمين الغموس هي التي يحلف صاحبها على فعل ماضٍ كاذباً عالماً، ليقتطع بها مال امرئ مسلم، وهذا هو الصحيح؛ لأن الأول لا دليل عليه.

وَلَغْوُ اليَمِينِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ، كَقَوْلِهِ: لاَ وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ، وَكَذَا يَمِينٌ عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلاَفِهِ، فَلاَ كَفَّارَةَ فِي الْجَمِيعِ.
قوله: «ولغو اليمين الذي يجري على لسانه بغير قصد» «لغو» مبتدأ، «والذي» خبر المبتدأ، ولهذا يحسن هنا أن يأتي بضمير الفصل؛ ليتبيَّن أن قوله: «الذي» خبر، إذ إن القارئ قد يظن أن قوله: «الذي» صفة لـ «لغو» وينتظر الخبر، فلو قال: «هو الذي يجري...» لكان أبين.
وقوله: «الذي يجري على لسانه بغير قصد» يعني يطلقه لسانه وهو لا يقصده، وهذا ليس فيه كفارة بنص القرآن، قال الله تعالى: {{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}} [المائدة: 89] ، ولغو اليمين يخرج من القيد السابق في اليمين المنعقدة، وهو قوله: «قُصِد عقدها» ، ولغو اليمين لم يقصد عقدها، فلا تكون يميناً منعقدة.
قوله: «كقوله: لا والله، وبلى والله» والدليل على أن هذا من لغو اليمين قوله تعالى: {{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ}} [المائدة: 89] ، وقوله تعالى: {{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}} [البقرة: 225] ، ولا تكسب القلوب إلا ما قصد؛ لأن ما لا يقصد ليس من كسب القلب.
وقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته: لا والله، بلى والله»[(113)]، أي: إن الرجل عندما يقول ذلك لا يقصد القسم والعقد، فهذا نوع من لغو اليمين.
ونوع آخر على ما مشى عليه المؤلف فقال:
«وكذا يمين عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه فلا كفارة في الجميع» أي إنه عقدها ونواها وهو يظن صدق نفسه، فتبين الأمر بخلاف ذلك، مثاله: قال رجل: والله لقد جرى بالأمس كذا وكذا، ظناً منه أنه قد جرى، ولكنه في الواقع لم يجرِ، إذاً عقدها وهو يظن أنه صادق، ولكنه في الواقع غير صادق، يعني تبين أنه يخلافه.
مثال آخر: قال: والله لقد حضر فلان الدرس في الليلة الماضية، وأجمع الطلاب على أنه ما حضر، والواقع أنه لم يحضر، فلا كفارة فيها، يقول المؤلف: إن هذه من لغو اليمين، والذي فاتها من القيود أن تكون على مستقبل، وهو حلف على أمر ماضٍ.
فإذا قال قائل: هل يصح أن نسميها من لغو اليمين، مع أن الرجل قصد يمينه؟
الجواب: هذا ما رآه المؤلف، ولكن الصحيح أنها ليست من لغو اليمين، وأنها يمين منعقدة لكن لا حنث فيها؛ لأنه في الحقيقة بارٌّ لا حانث؛ وذلك لأنه حين قال: والله لقد حضر يعتقد حضوره، وهو إلى الآن يعتقد حضوره، ولكن لأن الشهود شهدوا بأنه لم يحضر فهم آكد مني.
وبناءً على هذا التعليل، فلو أن رجلاً حلف على أمر مستقبل أنه سيكون بناء على غلبة ظنه، ثم لم يكن، فعلى المذهب هي يمين منعقدة، تجب فيها الكفارة إذا تبين الأمر بخلافه؛ لأنها على مستقبل، فإذا قال بناء على ظنه: والله ليأتين زيدٌ غداً، على اعتبار أن زيداً سيأتي، وزيد رجل صادق، فمضى غد ولم يقدم زيد، فالمذهب أن عليه الكفارة؛ لأن هذه اليمين منعقدة على مستقبل ممكن، ولم يكن وعلى ما ذهبنا إليه فليس عليه كفارة؛ لأن هذا الرجل بار في يمينه؛ لأنه لم يزل ولا يزال يقول: حلفت على ما أعتقد، وهذا اعتقادي، وأما كونه يقع على خلاف اعتقادي فهذا ليس مني، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن من حلف على أمر مستقبل بناء على ظنه، ثم لم يكن، فليس عليه كفارة.
مسألة: هل الطلاق كاليمين في هذه المسألة؟
الجواب: الصحيح أنه كاليمين، والمذهب أنه ليس كاليمين في الصورتين، أي: إنه يقع مطلقاً، وكذلك العتق، وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ الشرط الثاني لوجوب الكفارة.

الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَاراً، فَإِنْ حَلَفَ مُكْرَهاً لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ.
قوله: «الثاني : أن يحلف مختاراً» أي: الشرط الثاني لوجوب الكفارة أن يحلف مختاراً، يعني مريداً للحلف وضد المختار المكره، قال المؤلف:
«فإن حلف مكرهاً لم تنعقد يمينه» فلو أن رجلاً مجرماً عثر عليه إنسان فأمسك به، وقال: سأرفع أمرك لولي الأمر، فقال له المجرم: إذا رفعت بي سأقتلك، ثم قال المجرم: أَقْسِمْ بالله أنك لا تخبر بي، وإلا قتلتك، فأقسمَ بالله أن لا يخبر به، فهذه اليمين لا كفارة فيها؛ لأنه حلف مكرهاً، وعلى هذا فلو أخبر ولاةَ الأمور بصنيع هذا المجرم فليس عليه إثم، وليس عليه كفارة؛ لأنه حلف مكرهاً، والدليل من القرآن ومن السنة:
أما من القرآن فقال الله تعالى: {{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }} [النحل:106] . فإذا كانت كلمة الكفر قد صدرت من مُكرَهٍ فلا أثر لها، فما سواها مثلها.
أما من السنة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» [(114)]، وعلى هذا فإن حنث في يمينه في هذه الحال، فلا إثم عليه ولا كفارة.
ولكن هل يشترط أن ينوي في اليمين دفع الإكراه، فإن نوى اليمين انعقدت؟
الجواب: ظاهر كلام المؤلف أنه لا يشترط، لكنهم ذكروا في كتاب الطلاق أنه يشترط أن ينوي بذلك دفع الإكراه، لا حصول المكره عليه، والفرق بينهما أن نية دفع الإكراه أن يقول هذا من أجل أن يسلم من شر الذي أكرهه، وهو لا يريد ذلك.
أما نية الفعل، فأن يقول: والله لا أخبر بك، وهو ينوي فعلاً أن لا يخبر به، وليس قصده فقط أن يسلم منه، فقياس كلامهم في الطلاق أن هذه اليمين فيها الكفارة؛ لأن المكرَهَ على الشيء إن قاله دفعاً للإكراه فلا حكم له ولا يضره، وإن قاله يريده حين أكره عليه، فهذا على المذهب أحكامه ثابتة.
وسبق أن القول الراجح أنه لا يشترط أن ينوي دفع الإكراه، وأنه إذا أكره فلا حكم لكلامه لعموم الأدلة، ولأن كثيراً من العامة إذا أكرهوا فإنهم يقولون ذلك الشيء بنية ذلك الشيء، وليس كل عامي يعرف أنه لا بد أن ينوي دفع الإكراه.
مثاله: رجل أكره على طلاق زوجته، فقال: امرأتي طالق، يريد أن يدفع الإكراه، لا يريد طلاق زوجته، ورجل آخر أُكرِه على طلاق زوجته فطلق يريد الطلاق من أجل أنه أكره عليه، ففي الأولى إذا نوى دفع الإكراه، لا وقوع الطلاق فلا يقع طلاقه؛ لأنه لم يرده، وفي الثانية على المذهب يقع الطلاق؛ لأنه أراد الطلاق وإن كان مكرهاً عليه.
والصحيح أنه لا يقع الطلاق في الحالين لعموم الأدلة، ومسألة الحلف مثلها، كما لو أكره على الحلف أن لا يفعل، فإن حلف يريد دفع الإكراه فلا كفارة عليه، وإن حلف يريد اليمين لكن من أجل أنه أكره عليها فعلى المذهب عليه الكفارة والصحيح انه لا كفارة عليه، لعموم الأدلة ولأن كثيراً من العامة لا يفرقون بين دفع الإكراه وحصول المكره عليه.

الثَّالِثُ: الحِنْثُ فِي يَمِينِهِ، بِأَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، أَوْ يَتْرُكَ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ مُخْتَاراً ذَاكِراً، فَإِنْ فَعَلَهُ مُكْرَهاً أَوْ نَاسِياً فَلاَ كَفَّارَةَ،وَمَنْ قَالَ فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ: إِنْ شَاءَ اللهُ لَمْ يَحْنَثْ،............
قوله: «الثالث: الحنث في يمينه» أصل الحنث الإثم، ومنه قوله تعالى: {{وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ *}} [الواقعة] ، أي: الإثم العظيم، ولكنه هنا ليس إثماً؛ لأن من رحمة الله ـ عزّ وجل ـ بعباده أن رخص لهم في انتهاك القَسَم، وإلا فإن انتهاكه إثم وحرام.
وفسر المؤلف الحنث اصطلاحاً فقال: «بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله» مثاله: يقول: والله لا ألبس هذا الثوب أبداً، ثم لبسه بعد ذلك، فقد حنث؛ لأنه فعل ما حلف على تركه، أو قال: والله لألبسن هذا الثوب اليوم، ثم انقضى اليوم ولم يلبسه فقد حنث؛ لأنه ترك ما حلف على فعله.
لكن متى نتحقق أن الرجل حنث في يمينه؟
نقول: إن قيده بزمن فبانتهائه، مثل أن يقول: والله لألبسنَّ اليوم هذا الثوب، فغابت الشمس ولم يلبسه لزمته كفارة؛ لأنه حنث، أمَّا إذا أطلق فإننا لا نعلم أنه يحنث حتى يتقطع الثوب ويتلف، أو يموت الرجل لأنه لم يقيده بزمن، ولهذا لمّا قال عمر رضي الله عنه للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ألم تحدثنا أنا نأتي البيت، ونطوف به؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: «أقلت: هذا العام؟» قال: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوف به» [(115)]، وقال ذلك في صلح الحديبية قبل أن يأتيه بسنة.
قوله: «مختاراً» ضده المكره، فإن حنث مكرهاً فلا كفارة عليه، كأن يقول الولد: والله لا ألبس هذا الثوب، فقال الوالد: لتلبسنَّه، وإلاّ فعلتُ، وفعلتُ، وهدَّدَه، فلبسه الولد، فهنا لا شيء عليه؛ لأنه مكره والدليل ما سبق من الأدلة.
قوله: «ذاكراً» وضده الناسي، مثل قوله: والله لا أطالع في هذا الكتاب اليوم، ثم نسي وطالع فيه، فليس عليه شيء؛ لأنه ناسٍ، ولكن متى زال العذر، وهو الإكراه في المسألة الأولى والنسيان في الثانية، فإنه يجب عليه التخلي وإلاَّ حنث؛ لأن العذر إذا زال زال موجَبُه.
قوله: «فإن فعله مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة» لكن متى زال العذر، وأقام بعده حنث.
وظاهر كلام المؤلف هنا أنه لو حنث جاهلاً فعليه الكفارة، مثل لو قال: والله لا ألبس هذا الثوب، ثم لبسه ظاناً أنه ثوب آخر غير الذي حلف عليه، فظاهر كلام المؤلف أن عليه الكفارة؛ لأنه لم يذكر إلا شرطين: «مختاراً ذاكراً» ، ولم يقل: عالماً، لكن سبق لنا في مسائل متفرقة من أبواب الطلاق، أنه إذا كان جاهلاً فلا حنث عليه، حتى على المذهب، وهو الصحيح، وعلى هذا فنزيد شرطاً ثالثاً وهو «عالماً»، فنقول: «الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله مختاراً ذاكراً عالماً، فإن كان مكرهاً، أو ناسياً، أو جاهلاً فلا كفارة عليه.
وهل يفرق في هذا الباب بين الطلاق والعتق واليمين، أو هي سواء؟ المذهب التفريق، فيقولون: إن الطلاق والعتق يعذر فيهما بالإكراه، لكن لا يعذر فيهما بالجهل والنسيان، فإذا قال رجل: إن كلمت فلاناً فزوجتي طالق، فكلم رجلاً لا يدري أنه فلان، فهذا جاهل، وعلى المذهب يقع طلاقه.
وإذا قال: والله إن لبست هذا الثوب فزوجتي طالق، ثم لبسه ناسياً، فعلى المذهب يقع الطلاق، وكذلك في العتق، والصحيح أن هذا الباب واحد الطلاق، والعتق، والنذر، والظهار، والتحريم، كل هذه على حد سواء لا يحنث فيها الإنسان، إلا إذا كان عالماً، ذاكراً، مختاراً؛ لأن الحنث على اسمه إثمٌ، فإذا كنتَ جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فلا شيء عليك، وهذا هو الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو الذي تدل عليه الأدلة العامة.
قوله: «ومن قال في يمين مكفَّرة: إن شاء الله لم يحنث» «من» اسم شرط جازم، «لم يحنث» جواب الشرط، فتشمل «من» كل حالف، فأي إنسان يحلف، ويقول: إن شاء الله لم يحنث.
وقوله: «يمين مكفَّرة» أي: تدخلها الكفارة، مثل اليمين بالله، والنذر، والظهار، فهذه ثلاثة أشياء كلها فيها كفارة، وخرج بذلك الطلاق والعتق فلا كفارة فيهما.
فإن قال في اليمين المكفرة: إن شاء الله لم يحنث، أي: ليس عليه كفارة، وإن خالف ما حلف عليه.
مثال في اليمين بالله: قال: والله لا ألبس هذا الثوب إن شاء الله، ثم لبسه فليس عليه شيء؛ لأنه قال: إن شاء الله، ولو قال: والله لألبسنَّ هذا الثوب اليوم إن شاء الله، فغابت الشمس ولم يلبسه، فليس عليه شيء.
والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه» [(116)]، ودليل آخر: قصة سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ في الصحيحين حين قال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقال له المَلَك: قل: إن شاء الله، فلم يقل: إن شاء الله، اعتماداً على قوة عزيمته، فأراه الله ـ عزّ وجل ـ أن الأمر بيده، فطاف على تسعين امرأة، أي: جامعهن في ليلة واحدة، فأتت واحدة منهن بنصف إنسان، وليس إنساناً كاملاً ولو لم تأتِ واحدة منهن بشيء لكان هذا مما لا غرابة فيه، ولو جاءت كل واحدة منهن بولد لكان برَّ بيمينه، لكن أراد الله أن يُريه قدرته تعالى، وأن الأمر بيده جل وعلا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركاً لحاجته»[(117)] ، أي: لو قال: إن شاء الله لأبرَّه الله في يمينه.
مثال النذر: لو قال: إن شفى الله مريضي فللَّه علي نذر إن شاء الله، فلا شيء عليه لو ترك، وكذلك لو قال: لله عليَّ نذرٌ أن لا أكلم فلاناً إن شاء الله، ثم كلَّمه فلا شيء عليه، لكن يشترط لها شروط:
الأول: أن يقولها باللفظ؛ لأن المؤلف قال: «ومن قال» فإن نواها بقلبه لم تُفِده. والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف على يمين فقال إن شاء الله والقول يكون باللسان فلو نوى فلا عبرة بنيته».
الثاني: أن تتصل بيمينه حقيقة أو حكماً، مثال الاتصال الحقيقي: أن يقول: والله لا أكلم فلاناً اليوم إن شاء الله.
مثال الاتصال الحكمي: لو قال: والله لا ألبس هذا الثوب، ثم أخذه العطاس لمدة ربع ساعة، فلما هدأ عنه العطاس قال: إن شاء الله، فهذا اتصال حكمي؛ لأنه منعه مانع من اتصال الكلام، لكنه في الواقع متصل؛ لأنه لمّا زال المانع قال هذا الاستثناء.
الثالث: أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه، يعني أن يقول إن شاء الله قبل تمام المستثنى منه فيقول: «والله لألبسنَّ هذا الثوب إن شاء الله»، فلا بد أن ينوي إن شاء الله قبل أن ينطق بالباء من كلمة الثوب، فإن نوى بعد فلا عبرة به.
الرابع: أن يقصد التعليق بالمشيئة؛ لأن الذي يقول: «إن شاء الله» أحياناً يقولها للتبرك وهو عازم، أو التحقيق، وأحياناً يقولها للتعليق، وفرق بين من يقصد التعليق، ومن يقصد التبرك أو التحقيق، فإن قصد التبرك أو التحقيق فإنها لا تؤثر، ولنرجع إلى أدلة هذه الشروط:
فدليل الشرط الأول: وهو أنه لا بد أن ينطق بها قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله»[(118)] ، والقول يكون باللسان، ولحديث سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ حيث قال له الملك: «قل: إن شاء الله»[(119)].
ودليل الشرط الثاني: وهو أن يكون متصلاً، قالوا: لأنه إذا انفصل فإنه يكون كلاماً أجنبياً، لا رابطة بينه وبين الكلام الأول، فحينئذٍ لا يكون مقيِّداً للكلام الأول؛ لأنك إذا قلت مثلاً: والله لألبسن هذا الثوب، فهذا غير مقيد، فإذا قلت: إن شاء الله صار مقيَّداً، فيقولون: ما دام عندنا مُقيِّد ومُقيَّد، فلا بد أن يكون المقيِّد متصلاً بالمقيَّد، وإلا كان أجنبياً منه.
ودليل الشرط الثالث: وهو أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه، قالوا: لأنك إذا قلت: والله لألبسن هذا الثوب، بدون نية، صار الكلام الذي دخل عليه الاستثناء حسب نيّتك كلاماً مطلقاً غير مقيد؛ لأنك لم تنوِ أن تدخل عليه التقييد، فإذا أدخلت عليه التقييد، فإن هذا التقييد لا ينسخ ما سبق، أي: لا يجعل الكلام الذي تم على أنه مطلق مقيَّداً.
ودليل الشرط الرابع: وهو أن يقصد التعليق؛ لأنه إذا قصد التحقيق، أو التبرك فإنه لم يرد به إلاّ تأكيد الشيء وتثبيته، والمقصود بالتعليق الذي يؤثر هو أن يرد الأمر إلى مشيئة الله عزّ وجل، فإذا كنت لم ترد بذلك رد الأمر إلى المشيئة، وإنما أردت بالمشيئة أن تقوي الأمر وتثبته، فهذا لا يكون مؤثراً، هذا ما ذهبوا إليه فبعضه فيه الدليل وبعضه فيه التعليل.
والصحيح أنه لا يشترط إلا النطق، ودليلنا على ذلك: أن الملَك قال لسليمان عليه الصلاة والسلام: قل: إن شاء الله، بعد أن أتم الجملة، وسليمان لم ينوِ الاستثناء قبل، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لو قالها لم يحنث وكان دركاً لحاجته» [(120)]، وهذا نص كالصريح في أنه لا تشترط النية.
أما اشتراط الاتصال، فإن الاتصال ليس كما قالوا، بل الاتصال أن ينسب آخر الكلام إلى أوله عرفاً، فإذا كان ينسب آخر الكلام إلى أوله عرفاً فإنه يصح الاستثناء، وقد خطب النبي صلّى الله عليه وسلّم عام الفتح، وذكر مكة وحرمتها، وأنه لا يختلى خَلاها، ولا يحش حشيشها، وذكر كلاماً، ثم بعد ذلك قال العباس رضي الله عنه: إلاّ الإذخر يا رسول الله، فإنه لبيوتهم وقبورهم، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إلا الإذخر»[(121)].
وهذا بعد كلام منفصل عن الأول انفصالاً بغير ضرورة، وهو صلّى الله عليه وسلّم لم ينوِ الاستثناء، فدل ذلك على أنه ليس بشرط، وأن الرجل لو حلف عليك أن تفعل شيئاً فقلت له: قل: إن شاء الله، فقالها، فإنه ينفعه الاستثناء على القول الراجح، ولا ينفعه على المذهب.
مسألة: رجل حلف وشك، هل قال: إن شاء الله، أو لم يقلها؟ فنقول: الأصل عدم قول: إن شاء الله، ولكن يقول شيخ الإسلام: إذا كان من عادته أن يستثني فيحمل على العادة؛ لأن الظاهر هنا أقوى من الأصل، واستدل شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ لهذه المسألة بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رد المستحاضة إلى عادتها[(122)]، وقال: فهذا دليل على أن العادة مؤثرة، مع العلم أن المستحاضة قد تكون حيضتها قد تغير زمانها بسبب الاستحاضة، ومع ذلك ردّها النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى عادتها. ولو حلف وقال: والله لألبسن هذا الثوب وإذا أحد من الناس يدخل عليه ويسلم فقال: وعليكم السلام، إن شاء الله للأول فعلى المذهب لا يصح الاستثناء هنا، وعلى القول الثاني وهو الراجح يصح لا سيما إذا كان قد نوى الاستثناء من الأصل، لكن رد السلام هنا جملة معترضة.



[111] أخرجه البخاري في الأيمان والنذور/ باب قول الله تعالى: {{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}} (6622)، ومسلم في النذر/ باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه (1652) عن عبد الرحمن بن سمرة ـ رضي الله عنه.
[112] أخرجه البخاري في الخصومات/ باب كلام الخصوم بعضهم في بعض (2416 ـ 2417)، ومسلم في الأيمان/ باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (138) عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ.
[113] أخرجه البخاري في التفسير/ باب قوله: {{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}} (4613).
[114] أخرجه ابن ماجه في الطلاق/ باب طلاق المكره والناسي (2045)، والبيهقي (6/84).
وأخرجه بلفظ: «تجاوز» ابن أبي شيبة (4/82)، وابن حبان (16/202)، والطبراني في الأوسط (8/161)، والحاكم (2/216)، والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، والألباني في المشكاة (3/372)، وانظر: التلخيص (1/281، 282)، ونصب الراية (2/64).
[115] أخرجه البخاري في الشروط/ باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (2734) عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه.
[116] أخرجه النسائي في الأيمان والنذور/ باب من حلف فاستثنى (7/12)، والترمذي في النذور والأيمان/ باب ما جاء في الاستثناء في اليمين (1531) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وحسنه الترمذي.
[117] أخرجه البخاري في كفارات الأيمان/ باب الاستثناء في الأيمان (6720)، ومسلم في النذور/ باب الاستثناء في اليمين وغيرها (1654) (23) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[118] سبق تخريجه ص(139).
[119] سبق تخريجه ص(140).
[120] سبق تخريجه ص(139).
[121] أخرجه البخاري في العلم/ باب كتابة العلم (112)، ومسلم في الحج/ باب تحريم مكة (1355) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[122] أخرجه البخاري في الحيض/ باب الحيض (306)، ومسلم في الحيض/ باب المستحاضة وغسلها وصلاتها (334) من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ.

  #6  
قديم 2 جمادى الآخرة 1433هـ/23-04-2012م, 01:34 PM
أبو عمر السلامني أبو عمر السلامني غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 1
افتراضي تصحيح خطأ مطبعي

في الروض المربع البهوتي (أو بترك ما حلف على تركه )،والصواب (أو يترك ما حلف على فعله)،وجزاكم الله خيرا

  #7  
قديم 2 جمادى الآخرة 1433هـ/23-04-2012م, 04:44 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمر السلامني مشاهدة المشاركة
في الروض المربع البهوتي (أو بترك ما حلف على تركه )،والصواب (أو يترك ما حلف على فعله)،وجزاكم الله خيرا

صوبت العبارة.

وجزاك الله خيراً على تنبيهك.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
شروط, وجوب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir