دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 محرم 1442هـ/15-09-2020م, 11:12 AM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي

1- 1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).
التخريج:
- أخرجه مالك بن أنس، وعبدالرزاق الصنعاني، والبخاري، والنسائي، من طريق عروة عن عائشة، وهو عند عبدالرزاق بزيادة "يتدارؤون في الأمر لا يعقد عليه قلوبهم"،
- وأخرجه الشافعي وابن جرير بأسانيد من طريقي عروة وعطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها، وهو عند ابن جرير وفي بعضها بدون قولها: "ما يتراجع به الناس" وهذا أورده من طريق هشام عن عروة.
وفي بعضها بزيادة قالت " لا والله وبلى والله، يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم" وهذا أورده بإسناده من طريق الزهري عن عروة عنها.
ومن طريق هشام عن عروة بزيادة " يصل بها كلامه" وقال السيوطي هذا من كلام ابن جرير.
وفي آخرى بزيادة "ليس مما عقدتم الإيمان" وهو من طريق عطاء عنها، ومن طريق عطاء أيضا بألفاظ أخرى نحو هذا.
-وأخرجه وأبو داوود والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة
-وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عروة بإسنادين أحدهما بزيادة قولها:" فذلك لا كفّارة فيه، إنّما الكفّارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثمّ لا يفعله"، وأخرجه كذلك من طريق عطاء بزيادة " وهو يرى أنه صادق"
وأخرجه وابن مردويه، وابن حبان عن عطاء، ووكيع، وعبد بن حميد عن أبي قلابة، وابن المنذر كما قال السيوطي في الدر المنثور.

تحرير المراد باللغو في قوله تعالى : " لَّا یُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِیۤ أَیۡمَـٰنِكُمۡ وَلَـٰكِن یُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتۡ قُلُوبُكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِیمࣱ"
واختلف المفسرون في المراد ب"لغو اليمين"
على أقوال كثيرة:

الأول : أنه ما تسبق به الألسنة في درج الكلام والاستعجال، وذلك كقول القائل:"فعلت هذا والله، أو أفعله والله"، وهو قول : ابن عباس، وعائشة، وابن عمر ، ومجاهد، وعطاء، والشعبي، والقاسم، وعروة بن الزبير، وأبو قلابة، والضحاك، وعكرمة، والشافعي، وأبي صالح، والزهري، ذكره عبدالرزاق في تفسيره، والنسائي في السنن، والطبري في تفسيره، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن الأثير في جامع الأصول، وابن كثير.
-ويشهد لهذا القول : ما رواه أبو داوود في سننه عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ، كَلَّا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ"، وأخرجه الطبري، والبيهقي، وابن حبان وصححه.

الثاني: كل يمين وصَل الرجل بها كلامه، على غير قصدٍ منه إيجابَها على نفسه، ولا عقد، وما كان في الهزل، والمراء، والخصومة،.وهو قول عائشة، و مجاهد، وابراهيم النخعي، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، وابن كثير.
-واستدل ابن كثير على ذلك بما ثبت في الصّحيحين من حديث الزّهريّ، عن حميد بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: «من حلف فقال في حلفه: واللّات والعزّى، فليقل: لا إله إلّا اللّه» قال: ( فهذا قاله لقومٍ حديثي عهدٍ بجاهليّةٍ، قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللّات من غير قصدٍ، فأمروا أنّ يتلفّظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفّظوا بتلك الكلمة من غير قصدٍ، لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم واللّه غفورٌ حليمٌ} كما قال في الآية الأخرى في المائدة: {ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان}
- وأخرج ابن جرير عن الحسن بن أبي الحسن، قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقومٍ ينتضلون يعني يرمون ومع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجلٌ من أصحابه، فرمى رجلٌ من القوم، فقال: أصبت واللّه وأخطأت فقال الّذي مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: حنث الرّجل يا رسول اللّه، قال: كلاّ أيمان الرّماة لغوٌ لا كفّارة فيها، ولا عقوبة. قال ابن كثير: هذا مرسلٌ حسنٌ عن الحسن.
-واستدلوا بقوله بأنه قسيم للكسب في قوله ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) فالكسب هو التعمد.
-وبقوله تعالى في المائدة : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" أي ما كان منه على قصد القلب.

القول الثالث: قيل هو الرّجلان يتبايعان، فيقول أحدهما: واللّه لا أبيعك بكذا وكذا، ويقول الآخر. واللّه لا أشتريه بكذا وكذا، وهو قول مجاهد، ذكره ابن جرير. وهذا القول يدخل في معنى سابقه.
الرابع: مَا يُحْلَفُ بِهِ وهو يرى أنه صادق، فَيَكُونُ بِخِلَافِهِ، وهو أحد قولي عائشة، وأبو هريرة، وأحد أقوال ابن عباس، وقول آخر لمجاهد، وسليمان بن يسار، والحسن، والربيع بن أنس، وابن أبي جعفر، وابن أبي نجيح، ومكحول، وإبراهيم، ومالك، وعائشة، وأبي مالك، وابن جبير، وزياد، وعطاء، وقتادة، والسدي، ومقاتل، والحسن، وزرارة بن أوفى، وبكر بن عبد اللّه، وأحد قولي عكرمة، وحبيب بن أبي ثابتٍ، والسّدّيّ، ومكحولٍ ،ومقاتلٍ، وطاووس، ويحيى بن سعيدٍ، وربيعة، ومالك في الموطأ، الطبري، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن الأثير، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير.

الخامس: الحلف عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، ذكره ابن كثير، وهو بمعنى سابقه وقريب منه.

السادس: الْيَمِينُ فِي الْغَضَبِ، وهو قول لابن عباس، و طاووس، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير.
واستدلوا عليه بما في صحيح مسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يمين في غضب"

السابع: يمين المعصية، وهو قول لابن عباس، سعيد ابن المسيب، وابن الجبير،ومسروق ، والشعبي، أبو بكر بن عبدالرحمن، وعروة وعبدالله ابنا الزبير، ذكره الطبري، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن أبي حاتم، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، وغيرهم.

-وأدلة أصحاب هذا القول:
ما أخرجه ابن جرير عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصيةٍ للّه فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحمٍ فلا يمين له. والحديث حسن، وجاء بزيادة: (فتركها كفارتها) وهي زيادة منكرة، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ كُلُّهَا: " فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ" وَهِيَ الصِّحَاحُ.
وما روي عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: من حلف على يمينِ قطيعةِ رحم أو معصية لله، فبِرُّه أن يحنَث بها ويرجع عن يمينه". والحديث ضعيف وفيه متروك.
وبما أخرجه أبوداود عن سعيد بن المسيّب: «أنّ أخوين من الأنصار كان بينهما ميراثٌ، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني عن القسمة، فكلّ مالي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: إنّ الكعبة غنيّةٌ عن مالك، كفّر عن يمينك وكلّم أخاك، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرّبّ عزّ وجلّ، ولا في قطيعة الرّحم، ولا فيما لا تملك» وهو منقطع لكن حكم عليه الأئمة بالصحة والانقطاع لا يؤثر كما قال ابن القيم.

الثامن :الحلف على تحريم الحلال، وتَرْكِ الْمَأْكَلِ وَالْمُشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وهو قول مكحول، وابن جبير، ومالك، ذكره عبدالرزاق، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن أبي حاتم، القرطبي، وابن عطية، وابن كثير.
واستدل هؤلاء بقول الله تعالى: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾، ذكره ابن كثير.

التاسع:ما كان من يمينٍ بمعنى الدّعاء من الحالف على نفسه، كقوله: أعمى الله بصره، أذهب الله ماله"، أو كقول الرجل : هو مشرك هو كافر إن لم يفعل كذا وكذا، وهو قول زيد بن أسلم، وابن زيد، ذكره ابن وهب، والطبري، وابن أبي حاتم، وابن عطية، والقرطبي، ابن كثير.

العاشر: هو ما حنث فيه الحالف ناسيًا، وهو قول ابراهيم النخعي، ذكره عبدالرزاق، الطبري، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير.
واستدلوا بقوله تعالى: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)
و بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)،

الحادي عشر:وقيل هي المكفرة فإذا كفرت سقطت وصارت لغواً، وهو قول لابن عباس، والضحاك، ذكره الطبري، والزجاج، وابن عطية، والقرطبي.
واستدلوا بما أخرجه أبوداود عن سعيد بن المسيّب: «أنّ أخوين من الأنصار كان بينهما ميراثٌ، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني عن القسمة، فكلّ مالي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: إنّ الكعبة غنيّةٌ عن مالك، كفّر عن يمينك وكلّم أخاك، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرّبّ عزّ وجلّ، ولا في قطيعة الرّحم، ولا فيما لا تملك» وهو منقطع لكن حكم عليه الأئمة بالصحة والانقطاع لا يؤثر كما قال ابن القيم.

الثاني عشر: قيل هو الرجل يحلف على أمر أضرار أن يفعله أو لا يفعله فيرى الذي خير منه فأمر الله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير منه، وهو قول لابن عباس، ذكره ابن جرير.
-ودليل أصحاب هذا القول :
بسياق الآيات وما ورد من سبب النزول، قال ابن أبي حاتم:
أخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: كان قوم حلفوا على تحريم الحلال فقالوا: أما إذ حلفنا وحرمنا على أنفسنا فإنه ينبغي لنا أن نبر، فقال الله (أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس) ولم يجعل لها كفارة فأنزل الله (يا أيها النّبيّ لم تحرم ما أحل الله لك، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)، فأمر النّبيّ عليه السلام بالكفارة لتحريم ما حرم على نفسه الجارية التي كان حرمها على نفسه أمره أن يكفر يمينه ويعاود جاريته ثم أنزل الله {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}.
وما أخرجه ابن جرير وصححه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الّذي هو خيرٌ وليكفّر عن يمينه"
واستدل بعضهم بحديث : " بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَتْرُكْهَا فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا" لكن زيادة " تركها كفارتها" منكرة لا تصح.

الثالث عشر: وقيل هي أيمان المكره، ذكره القرطبي وألحقه بما جاء على غير قصد لأنها جائت على خلاف قصده فهي لغو محض ويمين المكره بمثابتها.
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).

الدراسة:
وكل تلك الأقوال في حقيقتها تؤول إلى قولين:
الأول: أن اللغو في الأيمان هي التي لا إثم فيها ولا كفارة، وهي الأيمان اللاغية التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد، أو ما حقه لهجنته أن يسقط، واختار هذا القول الطبري، وابن عطية، وابن كثير.
الثاني: هي الأيمان المكفّرة.

فيدخل في القول الأول: ما كان من وصل الكلام كقولهم :" بلى والله وكلا والله"، لأنه من لغة العرب في كلامهم ولا يقصدونه، وتبايع الرجلان من قبيل المثال له، ويدخل فيه دعاء الرجل على نفسه لأنه من سقط الكلام ولا يعتد به، وكذا اليمين في الغضب لأن الغضبان يقول قولا لا يقصده في الحقيقة إن اشتد غضبه، أو يقول قولاً مستهجنا ساقطا وهو من معنى اللغو في اللغة، وكذا يدخل فيه من يحلف ويرى أنه صادق أو يغلب على ظنه أنه صادق لأنه لم يتعمد الكذب، فهذا لا إثم فيه ولا كفارة، ويلحق فيه أيمان المكره لأن المكره لم يعقد قلبه على اليمين، و قول من حنث ناسياً فإنه لا كفارة عليه ولا إثم.

ويدخل في القول الثاني: اليمين في المعصية، ومن حلف على تحريم الحلال وترك المباحات فهو معصية أيضا، ومن حلف على أمر اضرار فرأى غيره خيراً منه، فهؤلاء حقهم الحنث والتكفير عن اليمين.
وعلى القول الأول يكون معنى رفع المؤاخذة في الآية مطلق، فالمؤاخذة مرفوعة في الكفارة والإثم، لأن كلاهما عقوبة ولا وجه لتخصيص أحدهما دون الآخر.
ويكون معنى الكسب تعمُّد وقصد الحلف ابتداءً.
وعلى القول الثاني يكون رفع المؤاخذة عن الإثم دون الكفارة إن كفر الإنسان عن حنثه، ومعنى الكسب على هذا القول أي تعمد الكذب والباطل وهو يعلمه، فيتعمد الحلف على الباطل مع العلم به.

وأدلة القول الأول :
1- أن معنى اللغو في اللغة هو الشيء الذي لا يعتد به، و"اللغو" من الكلام في كلام العرب، كلّ كلام كان مذمومًا وسَقَطًا لا معنى له مهجورًا، يقال منه:"لغا فلان في كلامه يلغُو لَغْوًا" إذا قال قبيحًا من الكلام،، ومنه قول الراجز :
وربّ أسراب حجيجٍ كظّم = عن اللّغا، ورفث التّكلّم.
كما قال أبي قلابة في قول الرجل: لا والله وبلى والله، قال: إنها لمن لغة العرب ليست بيمين، أخرجه ابن أبي حاتم.
2- أنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ اللَّغْوَ قَسِيمًا لِلَّتِي كَسَبَها القَلْبُ في هذه الآية ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) وفي المائدة لِلَّتِي عَقَدَ عَلَيْها الحالِفُ اليَمِينَ في قَوْلِهِ: ﴿ولَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما عَقَّدْتُمُ الأيْمانَ﴾، قال ابن كثير: ( وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ﴾ أَيْ: بِمَا صَمَّمْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَيْمَانِ وَقَصَدْتُمُوهَا)
3- أن الله رفع المؤاخذة في الآية، وحقيقته ما لا إثم فيه ولا كفارة، أما من قصرها على العقوبة الآخروية دون العقوبة الدنيوية التي هي الكفارة فقد تحكم.
4- ويقوي هذا المعنى حديث عائشة إن صح رفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية، قال:هو قول الرجل لا والله وبلى والله"، فهو من وصل الكلام لا تعمد فيه ولا قصد، أخرجه ابن جرير، وابن حبان، والبيهقي.
5- وبما ثبت في الصحيحين عن أبي هرير أن رسلو الله صلى الله عليه وسلم قال:" "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فحلفوا ولم يأمرهم بكفارة.
6- واستدلوا بما وراه ابن جرير عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَوْمٍ يَنْتَضِلُونَ -يَعْنِي: يَرْمُونَ -وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَرَمَى رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ: أَصَبْتُ وَاللَّهِ وَأَخْطَأْتُ وَاللَّهِ. فَقَالَ الَّذِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ: حَنِثَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "كَلَّا أَيْمَانُ الرُّمَاةِ لَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَا عُقُوبَةَ" قال ابن كثير، هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ عَنِ الحَسَن، فبين أن اللغو هو لاكفارة فيه ولا إثم.
7- أن ما ورد من الأحاديث في بعض من تعمد الحنث بسقوط التكفير كما في المعصية في قوله ( تركها كفّارتها) فهو لا يثبت، او في الغضب كحديث : ( أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا" فمحمول على عدم اشتداد الغضب فيقصده وهو كمن حلف على أمر فرأى غيره خيراً منه فهنا يكفر.

- أما أدلة القول الثاني :
-أن سياق الآيات جاء في الحديث عن من حلف فرأى غيره خيراً منه، وما ورد من سبب النزول:
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: كان قوم حلفوا على تحريم الحلال فقالوا: أما إذ حلفنا وحرمنا على أنفسنا فإنه ينبغي لنا أن نبر، فقال الله: (أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس) ولم يجعل لها كفارة فأنزل الله (يا أيها النّبيّ لم تحرم ما أحل الله لك، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)، فأمر النّبيّ عليه السلام بالكفارة لتحريم ما حرم على نفسه الجارية التي كان حرمها على نفسه أمره أن يكفر يمينه ويعاود جاريته ثم أنزل الله {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}.

- واستدلوا بما جاء من الأحاديث التي أمرت بالحنث والتكفير، في بعض الحالات كالمعصية والغضب لمن يرى فيه التكفير بناء على بعض الأحاديث.
مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنِّي وَاللَّهِ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ -لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا"
وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبدالرحمن بن سمرة :" وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ".
وقوله صلى الله عليه وسلم : "لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ" وبما ذكروا من أدلة نحو هذا.

والراجح:
والأرجح هو القول الأول لموافقته للغة، ولقوة الأدلة، وتوارد المفسرين عليه، وعلى نقل تفسير عائشة رضي الله عنها، فإن تفسير الصحابي حجة، ولاختيار كبار المفسرين لهذا القول، وهو ما رجحه الطبري وابن عطية وابن كثير.

2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).

التخريج:
أخرجه ابن وهب في تفسيره ، وسعيد بن منصور في سننه، وابن جرير، وابن أبي حاتم في تفسيره، والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن حجر في تغليق التعليق، جميعهم من طريق أبي إسحاق عن التميمي بأسانيد كثيرة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور الى الفريابي، وابن المنذر وابن مردويه.

تحرير الأقوال :
قال تعالى: (وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمُهَیۡمِنًا عَلَیۡهِۖ) المائدة (48)
اختلف المفسرون في عباراتهم في تفسيرهم لقوله (مهيمنا ) على أقوال :

1- فقال بعضهم: أي شهيدا عليه، هو قول ابن عباس، السدي، قتادة، مجاهد، ذكره عبدالرزاق في تفسيره، والطبري، وابن عطية، وابن كثير.
2- وقال آخرون: مؤتمناَ عليه، وهو قول ابن عباس، وسعيد ابن جبير، وعكرمة، ومجاهد، ومحمد بن كعب، والحسن،وقتادة، وعطاء، والسدي، وابن زيد، والحسين، ذكره ابن وهب في الجامع في علوم القرآن، وسعيدُ بنُ منصورٍ في سننه، والطبري في تفسيره، والبيهقي وذكره عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ في تفسير مجاهد، وابن حجر في تغليق التعليق، وابن كثير في تفسيره
3- أمين على الكتب قبله، وهو قول ابن عباس، وابن جبير، والحسين، وعكرمة،وابن جريج، ذكره البخاري في صحيحه، والطبري، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن كثير
5- مصدقاً، ابن زيد، والحسن، ذكره الطبري، وابن ابي حاتم، وابن عطية
6- حاكماَ على ما قبله من الكتب، وهو قول ابن عباس، ذكره ابن كثير.
7-سيّداً، هو قول ابن عباس، ذكره ابن أبي حاتم.

-والأقوال متقاربة، وجميعها صحيح ويتضمنها لفظ المهيمن، فالقرآن أمينُ وشاهدُ وحاكمُ على كل كتاب قبله.
وذلك أن لفظ المهيمن أصله مهموز (مؤيمن) فقلبت الهمزة هاء، كما هو جارٍ في لغة العرب كما قالوا هراق وأراق، فأصله من مادة أمن، وأمن تأتي بمعنى الأمانة ضد الخيانة وهو سكون الخوف، ويأتي بمعنى التصديق، والمعنيان متقاربان، قال تعالى: ( وما أنت بمؤمن لنا) أي مصدِّق لنا، والإيمان هو التصديق الذي معه أمن.
وهذا كما في قول العباس بن عبدالمطلب وهو يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
حتى احتوى بيتك المهيمن من خذف علياء تحتها النطق
أي حتى احتوى شرفك الشاهد والمصدِّق على فضلك.


3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: «سبيل الخلاء والبول»

التخريج:
أخرجه عبدالرزاق في تفسيره، وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتابه التواضع والخمول، والطبري في تفسيره، والبيهقي، كلهم من طريق عن محمد بن المرتفع عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما.
وأخرجه البيهقي من طريق عبدالله بن كثير عن ابن الزبير، وفي بعضها بلفظ الغائط بدل الخلاء
وعزاه السيوطي في الدر المنثور الى الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن المنذر.

قوله تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} (الذاريات 21)
اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى ( وفي أنفسكم) على خمسة أقوال:
الأول: أي سبيل الخلاء والبول، وهو قول ابن الزبير، ذكره عبدالرزاق، وابن ابي الدنيا في التواضع والخمول، والطبري، وابن أبي حاتم، والبيهقي.
الثاني: تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ، وهو قول علي، ذكره البخاري، والعيني، الفراء، والقسطلاني.
الثالث: وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته، وهو قول ابن زيد، وقتادة، ذكره عبدالرزاق في تفسيره، والطبري، وابن كثير.
الرّابِعُ: فِيما يَدْخُلُ ويَخْرُجُ مِن طَعامِكم، قالَهُ السُّدِّيُّ، ذكره ابن أبي حاتم.
الخامِسُ: في الكِبَرِ بَعْدَ الشَّبابِ، والضَّعْفِ بَعْدَ القُوَّةِ، والشَّيْبِ بَعْدَ السَّوادِ، قالَهُ الحَسَنُ، ذكره الماوردي.
السابع : أي وفِي خَلْقِهِ أَيْضًا، إِذَا فَكَّرَ فِيهِ مُعْتَبِرٌ، وهو قول قتادة، ذكره عبد الرزاق في تفسيره، أبو الشيخ الاصبهاني في كتابه العظة، وقال السيوطي أخرجه ابن جرير، وابن المنذر.
السابع: من تفكر في نفسه عرف أنما لينت مفاصله للعبادة، وهو قول قتادة، ذكره أبو الشيخ الاصبهاني في كتابه العظة، وابن كثير في تفسيره، وبنحو هذا القول قال ابن جرير.
الثامن :وَفِي خلق أَنْفُسِكُمْ حين كنتم نطفة، ثم علفة، ثم مضغة، ثم عظاما، ثم لحما، ثم ينفخ فيه الروح، ففي هذا كله آية أَفَلا يعني أفلا تُبْصِرُونَ قدرة الرب أن الذي خلقكم قادر على أن يبعثكم كما خلقكم، ذكره مقاتل في تفسيره.

وهذه الأقوال كلها صحيحة ومتقاربة وهي كالمثال للمعنى وهو التفكر في خلق الإنسان، فأولى الأقوال من قال أن المراد في خلقكم لمن تفكر فيه معتبر لأنه يشمل كل ما ذُكر فالآية مطلقة فيدخل في خلقكم وتسوية أبدانكم سبيل الخلاء والبول ونفسه ما يدخل ويخرج من الطعام من دخل واحد و يخرج من موضعين، ويدخل فيه مراحل الخلق نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما، ويدخل فيه الكبر بعد الشباب والضعف بعد القوة، ويدخل فيه بدء الخلق من تراب ثم البعث، فهذه كلها من تفاصيل خلق الإنسان.

4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).

التخريج:
أخرجه المروزي، الطبري، والحاكم في المستدرك كلهم من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبدالله، وعزاه السيوطي في الدر المنثور الى وكيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والمحاملي في أماليه.
قوله تعالى :"ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ" الفاتحة (6)
تعددت أقوال المفسرون في المراد بالصراط المستقيم على خمسة أقوال :
الأول: أنه كتاب الله ، وهو قول علي ابن أبي طالب، وقول عبدالله ، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، والحاكم في المستدرك، وابن عطية، وابن كثير
واستدلوا بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال :"الصراط المستقيم كتاب الله" رواه الطبري، وابن أبي حاتم والحديث إسناده ضعيف جداً،
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل وليس بالهزل وهو حبل الله المتين وهو ذكره الحكيم وهو الصراط المستقيم»." رواه الطبري والترمذي وضعفه

الثاني: هو الإسلام، وهو قول ابن عباس، وابن مسعود، وجابر، وابن الحنيفية، وزيد ابن أسلم، ذكره المروزي، والطبري، والحاكم في المستدرك، وابن أبي حاتم وابن كثير، ومكي بن ابي طالب
-واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: ضرب الله مثلا صراطًا مستقيمًا " ثم قال فالصِّراط: الإسلامُ "، رواه الإمام أحمد واسناده صحيح.
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم

الثالث: الحق، وهو قول مجاهد، ذكره ابن أبي حاتم، وابن كثير.
الرابع: النبي وصاحباه من بعده ، وهو قول أبي العالية، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، والحاكم في المستدرك، وابن كثير
الخامس: ما تركنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول عبدالله ابن مسعود ، ذكره ابن وهب في
الجامع، والبيهقي في شعب الإيمان وقال السيوطي أخرجه ابن مردويه، وذكره وابن كثير.
السادس: دين الله الحق، وهو لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وهو قول ابن عباس، أخرجه ابن أبي حاتم

وكل تلك الأقوال صحيحة ويشملها الصراط المستقيم فكلها تستلزم بعضها البعض فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا.

5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).:

التخريج:
أخرجه الترمذي، والطبري في تفسيره ، والرامهرمزي في أمثال الحديث، وأبو الشيخ الاصبهاني في أمثال الحديث، وابن أبي حاتم في تفسيره، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك
وأخرجه ابن الجعد في مسنده، والطبري، والخطابي في غريب الحديث، من طريق شعبة عن معاوية بن قرة، عن أنس
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير، والبزار في مسنده، والطبري كذلك من طريق حيان بن شعبة عن أنس
وأخرجه أبو نعيم في الطب النبوي من طريق حسان بن سعيد عن أنس
وقال السيوطي أخرجه ابن مردويه من طريق حيان بن شعبة عن أنس

قوله تعالى:" وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةࣲ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارࣲ" (إبراهيم: 26)
اختلف المفسرون في المراد بقوله : ( كشجرة خبيثة) على ستة أٌقوال كما يلي:

1- فقيل هو الحنظل، وهو الشريان، وهو قول أنس بن مالك، ومجاهد، ذكره الترمذي، والهمذاني، وابن الجعد في مسنده،ومقاتل بن سليمان في تفسيره، والطبري، والبزار في مسنده والحاكم في المستدرك، وأبو يعلى الموصلي في مسنده، والخطابي في غريب الحديث، وابن حبان في صحيحه، والرامهرمزي في أمثال الحديث، وأبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث، وابن المقريء في معجمه، وابن أبي حاتم في التفسير، ومكي بن أبي طالب في الهداية.

-ويشهد لهذا القول أنه روي مرفوعا، عن أنس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: {ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار} قال: " هي الحنظلة " أخرجه الترمذي، وابن حبان، و ابن جرير الطبري، قال الترمذي : لا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة ورواه غير واحد ولم يرفعوه والأصح وقفه.

2- وقيل أن هذه الشجرة لم تُخْلَق على الأرض وأنما هو مثل ضربه الله للكافر، روي عن ابن عباس، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم في تفسيره.
3- وقيل هو الكشوث، روي عن ابن عباس، ذكره الواحدي في الوسيط، وابن الجوزي، القرطبي، والخازن، والبغوي.
4- وقيل هو الثوم، روي عن ابن عباس، ذكره الواحدي في تفسيره الوسيط، وابن الجوزي، والبغوي، والقرطبي، والخازن.
5- وقيل هو الكمأة والطحلب، ذكره القرطبي.
ولعل مستندهم ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " تَنَازَعَنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} فَقُلْنَا: نَحْسَبُهَا الْكَمْأَةُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَاذَا تَذَاكَرُونَ؟» فَقُلْنَا: هَذِهِ الْآيَةَ فِي الشَّجَرَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ، فَقُلْنَا: نَحْسَبُهَا الْكَمْأَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ، وَالْعَجْوَةُ مِنَ الْجَنَّةِ وَهِيَ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ»
أخرجه الترمذي وصححه والنسائي وأحمد.
6- الشَّجَرَةُ الخَبِيثَةُ الَّتِي تُجْعَلُ في المُسْكِرِ، قول ابن زياد الخراط، ذكره ابن أبي حاتم.

ومبنى قول من قال أنها شجرة الحنظل، على قول النبي صلى الله عليه وسلم إن صح، ولأن تتصف بما ذكر في الآية من أنها خبيثة، فقد خبث جناها وثمرها، وأنها تجتث من الأرض أي تنتزع من أصولها وما لها من قرار أي أصل في الأرض.
وأما قول من قال أنه الثوم والكشوث ونحوها فلأنها تتصف أيضاً بأنها لا ساق لها ولا أوراق، وهذا هو مثل الكافر أنه لا يستقر على شيء ولا ينتفع منه بشيء، والكمأة والطحلب كذلك مع ماورد فيه من حديث إن صحت دلالته عليه.
وأما قول من قال أنها شجرة لم تخلق فهو محمول على أن المقصود ليس شجرة معينة وإنما هو تمثيل من الله تعالى للكافر بشجرة إذا وجدت فيها هذه الأوصاف.

والقول الأقرب للصواب قول من قال أنها شجرة غير معينة إن وجدت فيها تلك الأوصاف، والحنظلة هو مثال على تلك الشجرة لأنها تتصف بما ذكر في الآية، ولتوارد المفسرين على القول بذلك القول وتناقلهم للأُثر وإن كان كذلك فقول الصحابي حجة، وإلا فإن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعه فيتعين الأخذ به ولا يجوز رده كما قال الطبري.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 محرم 1442هـ/16-09-2020م, 01:30 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آسية أحمد مشاهدة المشاركة
1- 1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).
التخريج:
- أخرجه مالك بن أنس، وعبدالرزاق الصنعاني، والبخاري، والنسائي، من طريق عروة عن عائشة، وهو عند عبدالرزاق بزيادة "يتدارؤون في الأمر لا يعقد عليه قلوبهم"،
- وأخرجه الشافعي وابن جرير بأسانيد من طريقي عروة وعطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها، وهو عند ابن جرير وفي بعضها بدون قولها: "ما يتراجع به الناس" وهذا أورده من طريق هشام عن عروة.
وفي بعضها بزيادة قالت " لا والله وبلى والله، يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم" وهذا أورده بإسناده من طريق الزهري عن عروة عنها.
ومن طريق هشام عن عروة بزيادة " يصل بها كلامه" وقال السيوطي هذا من كلام ابن جرير.
وفي آخرى بزيادة "ليس مما عقدتم الإيمان" وهو من طريق عطاء عنها، ومن طريق عطاء أيضا بألفاظ أخرى نحو هذا.
-وأخرجه وأبو داوود والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة
-وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عروة بإسنادين أحدهما بزيادة قولها:" فذلك لا كفّارة فيه، إنّما الكفّارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثمّ لا يفعله"، وأخرجه كذلك من طريق عطاء بزيادة " وهو يرى أنه صادق"
وأخرجه وابن مردويه، وابن حبان عن عطاء، ووكيع، وعبد بن حميد عن أبي قلابة، وابن المنذر كما قال السيوطي في الدر المنثور.
[لعائشة رضي الله عنها قولان: أحدهما القول الذي في رأس السؤال، والآخر في الرجل يحلف على الشيء يرى أنه صادق، ثم يتبين له خلاف ذلك، وهناك اختلاف في القولين على ما سأسبينه لكِ بإذن الله.
فينبغي التفريق بينهما عند التخريج.]

تحرير المراد باللغو في قوله تعالى : " لَّا یُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِیۤ أَیۡمَـٰنِكُمۡ وَلَـٰكِن یُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتۡ قُلُوبُكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِیمࣱ"
واختلف المفسرون في المراد ب"لغو اليمين"
على أقوال كثيرة:

الأول : أنه ما تسبق به الألسنة في درج الكلام والاستعجال، وذلك كقول القائل:"فعلت هذا والله، أو أفعله والله"، وهو قول : ابن عباس، وعائشة، وابن عمر ، ومجاهد، وعطاء، والشعبي، والقاسم، وعروة بن الزبير، وأبو قلابة، والضحاك، وعكرمة، والشافعي، وأبي صالح، والزهري، ذكره عبدالرزاق في تفسيره، والنسائي في السنن، والطبري في تفسيره، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن الأثير في جامع الأصول، وابن كثير.
-ويشهد لهذا القول : ما رواه أبو داوود في سننه عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ، كَلَّا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ"، وأخرجه الطبري، والبيهقي، وابن حبان وصححه. [هذا ليس دليلا بذاته وإنما تخريج أحد الأقوال]

الثاني: كل يمين وصَل الرجل بها كلامه، على غير قصدٍ منه إيجابَها على نفسه، ولا عقد، وما كان في الهزل، والمراء، والخصومة،.وهو قول عائشة، و مجاهد، وابراهيم النخعي، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، وابن كثير.
-واستدل ابن كثير على ذلك بما ثبت في الصّحيحين من حديث الزّهريّ، عن حميد بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: «من حلف فقال في حلفه: واللّات والعزّى، فليقل: لا إله إلّا اللّه» قال: ( فهذا قاله لقومٍ حديثي عهدٍ بجاهليّةٍ، قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللّات من غير قصدٍ، فأمروا أنّ يتلفّظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفّظوا بتلك الكلمة من غير قصدٍ، لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم واللّه غفورٌ حليمٌ} كما قال في الآية الأخرى في المائدة: {ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان}
- وأخرج ابن جرير عن الحسن بن أبي الحسن، قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقومٍ ينتضلون يعني يرمون ومع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجلٌ من أصحابه، فرمى رجلٌ من القوم، فقال: أصبت واللّه وأخطأت فقال الّذي مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: حنث الرّجل يا رسول اللّه، قال: كلاّ أيمان الرّماة لغوٌ لا كفّارة فيها، ولا عقوبة. قال ابن كثير: هذا مرسلٌ حسنٌ عن الحسن.
-واستدلوا بقوله بأنه قسيم للكسب في قوله ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) فالكسب هو التعمد.
-وبقوله تعالى في المائدة : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" أي ما كان منه على قصد القلب.

القول الثالث: قيل هو الرّجلان يتبايعان، فيقول أحدهما: واللّه لا أبيعك بكذا وكذا، ويقول الآخر. واللّه لا أشتريه بكذا وكذا، وهو قول مجاهد، ذكره ابن جرير. وهذا القول يدخل في معنى سابقه.
الرابع: مَا يُحْلَفُ بِهِ وهو يرى أنه صادق، فَيَكُونُ بِخِلَافِهِ، وهو أحد قولي عائشة، وأبو هريرة، وأحد أقوال ابن عباس، وقول آخر لمجاهد، وسليمان بن يسار، والحسن، والربيع بن أنس، وابن أبي جعفر، وابن أبي نجيح، ومكحول، وإبراهيم، ومالك، وعائشة، وأبي مالك، وابن جبير، وزياد، وعطاء، وقتادة، والسدي، ومقاتل، والحسن، وزرارة بن أوفى، وبكر بن عبد اللّه، وأحد قولي عكرمة، وحبيب بن أبي ثابتٍ، والسّدّيّ، ومكحولٍ ،ومقاتلٍ، وطاووس، ويحيى بن سعيدٍ، وربيعة، ومالك في الموطأ، الطبري، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن الأثير، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير.

الخامس: الحلف عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، ذكره ابن كثير، وهو بمعنى سابقه وقريب منه.

السادس: الْيَمِينُ فِي الْغَضَبِ، وهو قول لابن عباس، و طاووس، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير.
واستدلوا عليه بما في صحيح مسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يمين في غضب"

السابع: يمين المعصية، وهو قول لابن عباس، سعيد ابن المسيب، وابن الجبير،ومسروق ، والشعبي، أبو بكر بن عبدالرحمن، وعروة وعبدالله ابنا الزبير، ذكره الطبري، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن أبي حاتم، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، وغيرهم.

-وأدلة أصحاب هذا القول:
ما أخرجه ابن جرير عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصيةٍ للّه فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحمٍ فلا يمين له. والحديث حسن، وجاء بزيادة: (فتركها كفارتها) وهي زيادة منكرة، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ كُلُّهَا: " فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ" وَهِيَ الصِّحَاحُ.
وما روي عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: من حلف على يمينِ قطيعةِ رحم أو معصية لله، فبِرُّه أن يحنَث بها ويرجع عن يمينه". والحديث ضعيف وفيه متروك.
وبما أخرجه أبوداود عن سعيد بن المسيّب: «أنّ أخوين من الأنصار كان بينهما ميراثٌ، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني عن القسمة، فكلّ مالي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: إنّ الكعبة غنيّةٌ عن مالك، كفّر عن يمينك وكلّم أخاك، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرّبّ عزّ وجلّ، ولا في قطيعة الرّحم، ولا فيما لا تملك» وهو منقطع لكن حكم عليه الأئمة بالصحة والانقطاع لا يؤثر كما قال ابن القيم.

الثامن :الحلف على تحريم الحلال، وتَرْكِ الْمَأْكَلِ وَالْمُشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وهو قول مكحول، وابن جبير، ومالك، ذكره عبدالرزاق، وابن المنذر في الاشراف على مذاهب العلماء، وابن أبي حاتم، القرطبي، وابن عطية، وابن كثير.
واستدل هؤلاء بقول الله تعالى: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾، ذكره ابن كثير.

التاسع:ما كان من يمينٍ بمعنى الدّعاء من الحالف على نفسه، كقوله: أعمى الله بصره، أذهب الله ماله"، أو كقول الرجل : هو مشرك هو كافر إن لم يفعل كذا وكذا، وهو قول زيد بن أسلم، وابن زيد، ذكره ابن وهب، والطبري، وابن أبي حاتم، وابن عطية، والقرطبي، ابن كثير.

العاشر: هو ما حنث فيه الحالف ناسيًا، وهو قول ابراهيم النخعي، ذكره عبدالرزاق، الطبري، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير.
واستدلوا بقوله تعالى: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)
و بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)،

الحادي عشر:وقيل هي المكفرة فإذا كفرت سقطت وصارت لغواً، وهو قول لابن عباس، والضحاك، ذكره الطبري، والزجاج، وابن عطية، والقرطبي.
واستدلوا بما أخرجه أبوداود عن سعيد بن المسيّب: «أنّ أخوين من الأنصار كان بينهما ميراثٌ، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني عن القسمة، فكلّ مالي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: إنّ الكعبة غنيّةٌ عن مالك، كفّر عن يمينك وكلّم أخاك، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرّبّ عزّ وجلّ، ولا في قطيعة الرّحم، ولا فيما لا تملك» وهو منقطع لكن حكم عليه الأئمة بالصحة والانقطاع لا يؤثر كما قال ابن القيم.

الثاني عشر: قيل هو الرجل يحلف على أمر أضرار أن يفعله أو لا يفعله فيرى الذي خير منه فأمر الله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير منه، وهو قول لابن عباس، ذكره ابن جرير.
-ودليل أصحاب هذا القول : [وهو قريب من القول السابع والثامن]
بسياق الآيات وما ورد من سبب النزول، قال ابن أبي حاتم:
أخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: كان قوم حلفوا على تحريم الحلال فقالوا: أما إذ حلفنا وحرمنا على أنفسنا فإنه ينبغي لنا أن نبر، فقال الله (أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس) ولم يجعل لها كفارة فأنزل الله (يا أيها النّبيّ لم تحرم ما أحل الله لك، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)، فأمر النّبيّ عليه السلام بالكفارة لتحريم ما حرم على نفسه الجارية التي كان حرمها على نفسه أمره أن يكفر يمينه ويعاود جاريته ثم أنزل الله {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}.
وما أخرجه ابن جرير وصححه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الّذي هو خيرٌ وليكفّر عن يمينه"
واستدل بعضهم بحديث : " بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَتْرُكْهَا فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا" لكن زيادة " تركها كفارتها" منكرة لا تصح.

الثالث عشر: وقيل هي أيمان المكره، ذكره القرطبي وألحقه بما جاء على غير قصد لأنها جائت على خلاف قصده فهي لغو محض ويمين المكره بمثابتها.
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).

الدراسة:
وكل تلك الأقوال في حقيقتها تؤول إلى قولين:
الأول: أن اللغو في الأيمان هي التي لا إثم فيها ولا كفارة، وهي الأيمان اللاغية التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد، أو ما حقه لهجنته أن يسقط، واختار هذا القول الطبري، وابن عطية، وابن كثير.
الثاني: هي الأيمان المكفّرة.

فيدخل في القول الأول: ما كان من وصل الكلام كقولهم :" بلى والله وكلا والله"، لأنه من لغة العرب في كلامهم ولا يقصدونه، وتبايع الرجلان من قبيل المثال له، ويدخل فيه دعاء الرجل على نفسه - إن كان من سقط الكلام فهناك من يتعمد الدعاء والعياذ بالله- لأنه من سقط الكلام ولا يعتد به، وكذا اليمين في الغضب - هنا أيضًا يقيد بعدم القصد لأن حالات الغضب ليست واحدة - لأن الغضبان يقول قولا لا يقصده في الحقيقة إن اشتد غضبه، أو يقول قولاً مستهجنا ساقطا وهو من معنى اللغو في اللغة، وكذا يدخل فيه من يحلف ويرى أنه صادق أو يغلب على ظنه أنه صادق لأنه لم يتعمد الكذب، فهذا لا إثم فيه ولا كفارة، ويلحق فيه أيمان المكره لأن المكره لم يعقد قلبه على اليمين، و قول من حنث ناسياً فإنه لا كفارة عليه ولا إثم.
[من حنث ناسيًا قول مختلف عما قبله، فتسقط الكفارة لكن قصد الحلف بداية موجود، وكذا من حلف على شيء يرى أنه صادق ثم يتبين خطؤه فهذا وإن سقط عنه الإثم إلا أنه قصد بداية]
ويدخل في القول الثاني: اليمين في المعصية، ومن حلف على تحريم الحلال وترك المباحات فهو معصية أيضا، ومن حلف على أمر اضرار فرأى غيره خيراً منه، فهؤلاء حقهم الحنث والتكفير عن اليمين.
وعلى القول الأول يكون معنى رفع المؤاخذة في الآية مطلق، فالمؤاخذة مرفوعة في الكفارة والإثم، لأن كلاهما عقوبة ولا وجه لتخصيص أحدهما دون الآخر.
ويكون معنى الكسب تعمُّد وقصد الحلف ابتداءً.
وعلى القول الثاني يكون رفع المؤاخذة عن الإثم دون الكفارة إن كفر الإنسان عن حنثه، ومعنى الكسب على هذا القول أي تعمد الكذب والباطل وهو يعلمه، فيتعمد الحلف على الباطل مع العلم به.

وأدلة القول الأول :
1- أن معنى اللغو في اللغة هو الشيء الذي لا يعتد به، و"اللغو" من الكلام في كلام العرب، كلّ كلام كان مذمومًا وسَقَطًا لا معنى له مهجورًا، يقال منه:"لغا فلان في كلامه يلغُو لَغْوًا" إذا قال قبيحًا من الكلام،، ومنه قول الراجز :
وربّ أسراب حجيجٍ كظّم = عن اللّغا، ورفث التّكلّم.
كما قال أبي قلابة في قول الرجل: لا والله وبلى والله، قال: إنها لمن لغة العرب ليست بيمين، أخرجه ابن أبي حاتم.
2- أنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ اللَّغْوَ قَسِيمًا لِلَّتِي كَسَبَها القَلْبُ في هذه الآية ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) وفي المائدة لِلَّتِي عَقَدَ عَلَيْها الحالِفُ اليَمِينَ في قَوْلِهِ: ﴿ولَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما عَقَّدْتُمُ الأيْمانَ﴾، قال ابن كثير: ( وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ﴾ أَيْ: بِمَا صَمَّمْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَيْمَانِ وَقَصَدْتُمُوهَا)
3- أن الله رفع المؤاخذة في الآية، وحقيقته ما لا إثم فيه ولا كفارة، أما من قصرها على العقوبة الآخروية دون العقوبة الدنيوية التي هي الكفارة فقد تحكم.
4- ويقوي هذا المعنى حديث عائشة إن صح رفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية، قال:هو قول الرجل لا والله وبلى والله"، فهو من وصل الكلام لا تعمد فيه ولا قصد، أخرجه ابن جرير، وابن حبان، والبيهقي.
5- وبما ثبت في الصحيحين عن أبي هرير أن رسلو الله صلى الله عليه وسلم قال:" "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فحلفوا ولم يأمرهم بكفارة.
6- واستدلوا بما وراه ابن جرير عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَوْمٍ يَنْتَضِلُونَ -يَعْنِي: يَرْمُونَ -وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَرَمَى رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ: أَصَبْتُ وَاللَّهِ وَأَخْطَأْتُ وَاللَّهِ. فَقَالَ الَّذِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ: حَنِثَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "كَلَّا أَيْمَانُ الرُّمَاةِ لَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَا عُقُوبَةَ" قال ابن كثير، هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ عَنِ الحَسَن، فبين أن اللغو هو لاكفارة فيه ولا إثم.
7- أن ما ورد من الأحاديث في بعض من تعمد الحنث بسقوط التكفير كما في المعصية في قوله ( تركها كفّارتها) فهو لا يثبت، او في الغضب كحديث : ( أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا" فمحمول على عدم اشتداد الغضب فيقصده وهو كمن حلف على أمر فرأى غيره خيراً منه فهنا يكفر.

- أما أدلة القول الثاني :
-أن سياق الآيات جاء في الحديث عن من حلف فرأى غيره خيراً منه، وما ورد من سبب النزول:
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: كان قوم حلفوا على تحريم الحلال فقالوا: أما إذ حلفنا وحرمنا على أنفسنا فإنه ينبغي لنا أن نبر، فقال الله: (أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس) ولم يجعل لها كفارة فأنزل الله (يا أيها النّبيّ لم تحرم ما أحل الله لك، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)، فأمر النّبيّ عليه السلام بالكفارة لتحريم ما حرم على نفسه الجارية التي كان حرمها على نفسه أمره أن يكفر يمينه ويعاود جاريته ثم أنزل الله {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}.

- واستدلوا بما جاء من الأحاديث التي أمرت بالحنث والتكفير، في بعض الحالات كالمعصية والغضب لمن يرى فيه التكفير بناء على بعض الأحاديث.
مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنِّي وَاللَّهِ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ -لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا"
وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبدالرحمن بن سمرة :" وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ".
وقوله صلى الله عليه وسلم : "لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ" وبما ذكروا من أدلة نحو هذا.

والراجح:
والأرجح هو القول الأول لموافقته للغة، ولقوة الأدلة، وتوارد المفسرين عليه، وعلى نقل تفسير عائشة رضي الله عنها، فإن تفسير الصحابي حجة، ولاختيار كبار المفسرين لهذا القول، وهو ما رجحه الطبري وابن عطية وابن كثير.
[أحسنتِ وأجدتِ، بارك الله فيك ونفع بكِ]
2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).

التخريج:
أخرجه ابن وهب في تفسيره ، وسعيد بن منصور في سننه، وابن جرير، وابن أبي حاتم في تفسيره، والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن حجر في تغليق التعليق، جميعهم من طريق أبي إسحاق عن التميمي بأسانيد كثيرة [إذن تقولين من طرق عن أبي إسحاق عن أربدة التميمي عن ابن عباس رضي الله عنهما] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور الى الفريابي، وابن المنذر وابن مردويه.
[ورواية ابن وهب فيها إبهام أربدة التميمي حيث قال: (عن رجل من بني تميم) وينبغي بيان ذلك عند تخريجك]

تحرير الأقوال :
قال تعالى: (وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمُهَیۡمِنًا عَلَیۡهِۖ) المائدة (48)
اختلف المفسرون في عباراتهم في تفسيرهم لقوله (مهيمنا ) على أقوال :

1- فقال بعضهم: أي شهيدا عليه، هو قول ابن عباس، السدي، قتادة، مجاهد، ذكره عبدالرزاق في تفسيره، والطبري، وابن عطية، وابن كثير.
2- وقال آخرون: مؤتمناَ عليه، وهو قول ابن عباس، وسعيد ابن جبير، وعكرمة، ومجاهد، ومحمد بن كعب، والحسن،وقتادة، وعطاء، والسدي، وابن زيد، والحسين، ذكره ابن وهب في الجامع في علوم القرآن، وسعيدُ بنُ منصورٍ في سننه، والطبري في تفسيره، والبيهقي وذكره عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ في تفسير مجاهد، وابن حجر في تغليق التعليق، وابن كثير في تفسيره
3- أمين على الكتب قبله، وهو قول ابن عباس، وابن جبير، والحسين، وعكرمة،وابن جريج، ذكره البخاري في صحيحه، والطبري، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن كثير
5- مصدقاً، ابن زيد، والحسن، ذكره الطبري، وابن ابي حاتم، وابن عطية
6- حاكماَ على ما قبله من الكتب، وهو قول ابن عباس، ذكره ابن كثير.
7-سيّداً، هو قول ابن عباس، ذكره ابن أبي حاتم.
[إذا تعددت الأقوال المنسوبة للصحابي الواحد نقول: رواية عن فلان، أو أحد الأقوال عنه.
والمصادر المسندة نقول عنها (أخرجه الطبري مثلا) إن كان رواه بإسناده
أما الناقلة فهي التي نقول عنها (ذكره)]
-والأقوال متقاربة، وجميعها صحيح ويتضمنها لفظ المهيمن، فالقرآن أمينُ وشاهدُ وحاكمُ على كل كتاب قبله.
وذلك أن لفظ المهيمن أصله مهموز (مؤيمن) فقلبت الهمزة هاء، كما هو جارٍ في لغة العرب كما قالوا هراق وأراق، فأصله من مادة أمن، وأمن تأتي بمعنى الأمانة ضد الخيانة وهو سكون الخوف، ويأتي بمعنى التصديق، والمعنيان متقاربان، قال تعالى: ( وما أنت بمؤمن لنا) أي مصدِّق لنا، والإيمان هو التصديق الذي معه أمن.
وهذا كما في قول العباس بن عبدالمطلب وهو يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
حتى احتوى بيتك المهيمن من خذف علياء تحتها النطق
أي حتى احتوى شرفك الشاهد والمصدِّق على فضلك.
[هناك خلاف في اشتقاق الكلمة والصحيح أنها على الأصل بالهاء، وليست من (مؤيمن)، وتحتاجين لدراسة هذه المسألة إلى الرجوع إلى المصادر اللغوية والتفاسير التي تعتني بذلك.
والأقوال المروية في معنى هذه الكلمة هي تفسير للكلمة ببعض معناها، لذا فإن معنى المهيمن هو جميع الأقوال المذكورة، ويجمعها الحفظ والارتقاب كما قال ابن جرير].


3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: «سبيل الخلاء والبول»

التخريج:
أخرجه عبدالرزاق في تفسيره، وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتابه التواضع والخمول، والطبري في تفسيره، والبيهقي، كلهم من طريق عن محمد بن المرتفع عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما.
وأخرجه البيهقي من طريق عبدالله بن كثير عن ابن الزبير، وفي بعضها بلفظ الغائط بدل الخلاء
وعزاه السيوطي في الدر المنثور الى الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن المنذر.

قوله تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} (الذاريات 21)
اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى ( وفي أنفسكم) على خمسة أقوال:
الأول: أي سبيل الخلاء والبول، وهو قول ابن الزبير، ذكره عبدالرزاق، وابن ابي الدنيا في التواضع والخمول، والطبري، وابن أبي حاتم، والبيهقي.
الثاني: تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ، وهو قول علي، ذكره البخاري، والعيني، الفراء، والقسطلاني.
الثالث: وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته، وهو قول ابن زيد، وقتادة، ذكره عبدالرزاق في تفسيره، والطبري، وابن كثير.
الرّابِعُ: فِيما يَدْخُلُ ويَخْرُجُ مِن طَعامِكم، قالَهُ السُّدِّيُّ، ذكره ابن أبي حاتم.
الخامِسُ: في الكِبَرِ بَعْدَ الشَّبابِ، والضَّعْفِ بَعْدَ القُوَّةِ، والشَّيْبِ بَعْدَ السَّوادِ، قالَهُ الحَسَنُ، ذكره الماوردي.
السابع : أي وفِي خَلْقِهِ أَيْضًا، إِذَا فَكَّرَ فِيهِ مُعْتَبِرٌ، وهو قول قتادة، ذكره عبد الرزاق في تفسيره، أبو الشيخ الاصبهاني في كتابه العظة، وقال السيوطي أخرجه ابن جرير، وابن المنذر.
السابع: من تفكر في نفسه عرف أنما لينت مفاصله للعبادة، وهو قول قتادة، ذكره أبو الشيخ الاصبهاني في كتابه العظة، وابن كثير في تفسيره، وبنحو هذا القول قال ابن جرير.
الثامن :وَفِي خلق أَنْفُسِكُمْ حين كنتم نطفة، ثم علفة، ثم مضغة، ثم عظاما، ثم لحما، ثم ينفخ فيه الروح، ففي هذا كله آية أَفَلا يعني أفلا تُبْصِرُونَ قدرة الرب أن الذي خلقكم قادر على أن يبعثكم كما خلقكم، ذكره مقاتل في تفسيره.

وهذه الأقوال كلها صحيحة ومتقاربة وهي كالمثال للمعنى وهو التفكر في خلق الإنسان، فأولى الأقوال من قال أن المراد في خلقكم لمن تفكر فيه معتبر لأنه يشمل كل ما ذُكر فالآية مطلقة فيدخل في خلقكم وتسوية أبدانكم سبيل الخلاء والبول ونفسه ما يدخل ويخرج من الطعام من دخل واحد و يخرج من موضعين، ويدخل فيه مراحل الخلق نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما، ويدخل فيه الكبر بعد الشباب والضعف بعد القوة، ويدخل فيه بدء الخلق من تراب ثم البعث، فهذه كلها من تفاصيل خلق الإنسان.

4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).

التخريج:
أخرجه المروزي، الطبري، والحاكم في المستدرك كلهم من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبدالله، وعزاه السيوطي في الدر المنثور الى وكيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والمحاملي في أماليه.
قوله تعالى :"ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ" الفاتحة (6)
تعددت أقوال المفسرون في المراد بالصراط المستقيم على خمسة أقوال :
الأول: أنه كتاب الله ، وهو قول علي ابن أبي طالب، وقول [أحد قولي] عبدالله (ابن مسعود) ، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، والحاكم في المستدرك، وابن عطية، وابن كثير
واستدلوا بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال :"الصراط المستقيم كتاب الله" رواه الطبري، وابن أبي حاتم والحديث إسناده ضعيف جداً،
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل وليس بالهزل وهو حبل الله المتين وهو ذكره الحكيم وهو الصراط المستقيم»." رواه الطبري والترمذي وضعفه

الثاني: هو الإسلام، وهو قول ابن عباس، وابن مسعود، وجابر، وابن الحنيفية، وزيد ابن أسلم، ذكره المروزي، والطبري، والحاكم في المستدرك، وابن أبي حاتم وابن كثير، ومكي بن ابي طالب
-واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: ضرب الله مثلا صراطًا مستقيمًا " ثم قال فالصِّراط: الإسلامُ "، رواه الإمام أحمد واسناده صحيح.
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟

الثالث: الحق، وهو قول مجاهد، ذكره ابن أبي حاتم، وابن كثير.
الرابع: النبي وصاحباه من بعده ، وهو قول أبي العالية، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم، والحاكم في المستدرك، وابن كثير
الخامس: ما تركنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول عبدالله ابن مسعود ، ذكره ابن وهب في
الجامع، والبيهقي في شعب الإيمان وقال السيوطي أخرجه ابن مردويه، وذكره وابن كثير.
السادس: دين الله الحق، وهو لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وهو قول ابن عباس، أخرجه ابن أبي حاتم

وكل تلك الأقوال صحيحة ويشملها الصراط المستقيم فكلها تستلزم بعضها البعض فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا. [اذكري قائل هذا الكلام فهو منقول وليس من كلامك]

5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).:

التخريج:
أخرجه الترمذي، والطبري في تفسيره ، والرامهرمزي في أمثال الحديث، وأبو الشيخ الاصبهاني في أمثال الحديث، وابن أبي حاتم في تفسيره، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك
وأخرجه ابن الجعد في مسنده، والطبري، والخطابي في غريب الحديث، من طريق شعبة عن معاوية بن قرة، عن أنس
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير، والبزار في مسنده، والطبري كذلك من طريق حيان بن شعبة عن أنس [حبان]
وأخرجه أبو نعيم في الطب النبوي من طريق حسان بن سعيد عن أنس
وقال السيوطي أخرجه ابن مردويه من طريق حيان بن شعبة عن أنس
[ينتبه إلى أنه روي من طريق حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وروي من غير طريق حماد بن سلمة - من طرق متعددة - عن شعيب عن أنس موقوفًا]

قوله تعالى:" وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةࣲ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارࣲ" (إبراهيم: 26)
اختلف المفسرون في المراد بقوله : ( كشجرة خبيثة) على ستة أٌقوال كما يلي:

1- فقيل هو الحنظل، وهو الشريان، وهو قول أنس بن مالك، ومجاهد، ذكره الترمذي، والهمذاني، وابن الجعد في مسنده،ومقاتل بن سليمان في تفسيره، والطبري، والبزار في مسنده والحاكم في المستدرك، وأبو يعلى الموصلي في مسنده، والخطابي في غريب الحديث، وابن حبان في صحيحه، والرامهرمزي في أمثال الحديث، وأبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث، وابن المقريء في معجمه، وابن أبي حاتم في التفسير، ومكي بن أبي طالب في الهداية.

-ويشهد لهذا القول أنه روي مرفوعا، عن أنس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: {ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار} قال: " هي الحنظلة " أخرجه الترمذي، وابن حبان، و ابن جرير الطبري، قال الترمذي : لا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة ورواه غير واحد ولم يرفعوه والأصح وقفه. [أحسنتٍ]

2- وقيل أن هذه الشجرة لم تُخْلَق على الأرض وأنما هو مثل ضربه الله للكافر، روي عن ابن عباس، ذكره الطبري، وابن أبي حاتم في تفسيره.
3- وقيل هو الكشوث، روي عن ابن عباس، ذكره الواحدي في الوسيط، وابن الجوزي، القرطبي، والخازن، والبغوي.
4- وقيل هو الثوم، روي عن ابن عباس، ذكره الواحدي في تفسيره الوسيط، وابن الجوزي، والبغوي، والقرطبي، والخازن.
5- وقيل هو الكمأة والطحلب، ذكره القرطبي.
ولعل مستندهم ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " تَنَازَعَنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} فَقُلْنَا: نَحْسَبُهَا الْكَمْأَةُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَاذَا تَذَاكَرُونَ؟» فَقُلْنَا: هَذِهِ الْآيَةَ فِي الشَّجَرَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ، فَقُلْنَا: نَحْسَبُهَا الْكَمْأَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ، وَالْعَجْوَةُ مِنَ الْجَنَّةِ وَهِيَ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ»
أخرجه الترمذي وصححه والنسائي وأحمد.
6- الشَّجَرَةُ الخَبِيثَةُ الَّتِي تُجْعَلُ في المُسْكِرِ، قول ابن زياد الخراط، ذكره ابن أبي حاتم.

ومبنى قول من قال أنها شجرة الحنظل، على قول النبي صلى الله عليه وسلم إن صح، ولأن تتصف بما ذكر في الآية من أنها خبيثة، فقد خبث جناها وثمرها، وأنها تجتث من الأرض أي تنتزع من أصولها وما لها من قرار أي أصل في الأرض.
وأما قول من قال أنه الثوم والكشوث ونحوها فلأنها تتصف أيضاً بأنها لا ساق لها ولا أوراق، وهذا هو مثل الكافر أنه لا يستقر على شيء ولا ينتفع منه بشيء، والكمأة والطحلب كذلك مع ماورد فيه من حديث إن صحت دلالته عليه.
وأما قول من قال أنها شجرة لم تخلق فهو محمول على أن المقصود ليس شجرة معينة وإنما هو تمثيل من الله تعالى للكافر بشجرة إذا وجدت فيها هذه الأوصاف.

والقول الأقرب للصواب قول من قال أنها شجرة غير معينة إن وجدت فيها تلك الأوصاف، والحنظلة هو مثال على تلك الشجرة لأنها تتصف بما ذكر في الآية، ولتوارد المفسرين على القول بذلك القول وتناقلهم للأُثر وإن كان كذلك فقول الصحابي حجة، وإلا فإن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعه فيتعين الأخذ به ولا يجوز رده كما قال الطبري.


التقويم: أ
أحسنتِ وتميزتِ، بارك الله فيك، وزادكِ توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir