دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 11:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي بم ينعقد البيع؟

و ( يَنْعَقِدُ ) بإيجابٍ وقَبُولٍ بعدَه وقَبْلَه , مُتراخيًا عنه في مَجْلِسِه، فإن تَشاغَلَا بما يَقْطَعُه بَطَلَ وهي الصيغةُ القَوْلِيَّةُ، وبِمُعاطاةٍ وهي الْفِعْلِيَّةُ.


  #2  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 06:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.....................

  #3  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ويَنْعَقِدُ) البيعُ (بإيجابٍ وقَبُولٍ) بفتحِ القافِ وحُكِيَ ضَمُّها (بعدَه)؛ أي: بعدَ الإيجابِ فيَقُولُ البَائِعُ: بِعْتُكَ أو مَلَّكْتُكَ أو نَحْوُه بكذا، ويَقُولُ المُشْتَرِي: ابتَعْتُ أو قَبِلْتُ ونَحْوُه. (و) يَصِحُّ القَبُولُ أيضاً (قبلَه)؛ أي: قبلَ الإيجابِ بلفظِ أَمْرٍ أو ماضٍ مُجَرَّدٍ عَن استفهامٍ ونحوِه؛ لأنَّ المَعْنَى حاصلٌ به، ويَصِحُّ القَبُولُ (مُتراخياً عنه)؛ أي: عَن الإيجابِ ما دَامَا (في مَجْلِسِه)؛ لأنَّ حالَةَ المَجْلِسِ كحالةِ العَقْدِ (فإن تَشَاغَلاَ بما يَقْطَعُه) عُرْفاً أو انقَضَى المَجْلِسُ قبلَ القَبُولِ (بَطَلَ)؛ لأنَّهما صَارَا مُعْرِضَيْنِ عن البيعِ، وإن خَالَفَ القَبُولُ الإيجابَ لم يَنْعَقِدْ.
(وهي)؛ أي: الصورَةُ المذكورَةُ؛ أي: الإيجابُ والقَبُولُ (الصيغَةُ القوليَّةُ) للبيعِ، (و) يَنْعَقِدُ أيضاً (بمُعاطاةٍ وهي) الصيغةُ (الفعليَّةُ) مثلُ أنْ يَقُولَ: أَعْطِنِي بهذا خُبْزاً فيُعْطِيه ما يُرْضِيه، أو يَقُولَ البائِعُ: خُذْ هذا بدِرْهَمٍ فيَأْخُذُه المُشتَرِي، أو وَضَعُ ثَمَنَه عادةً وأَخَذُه عَقِبَه فتَقُومُ المُعاطاةُ مَقَامَ الإيجابِ والقَبولِ للدَّلالةِ على الرِّضا لعدمِ التعبُّدِ فيه، وكذا حُكْمُ الهِبَةِ والهَديَّةِ والصدقةِ، ولا بَأْسَ بذَوْقِ المبيعِ حالَ الشراءِ.


  #4  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وينعقد) البيع (بإيجاب وقبول) بفتح القاف، وحكي ضمها([1]) (بعده) أي بعد الإيجاب([2]) فيقول البائع: بعتك أو ملكتك أو نحوه بكذا([3]) ويقول المشتري: ابتعت أو قبلت ونحوه([4]) (و) يصح القبول أيضا (قبله) أي قبل الإيجاب بلفظ أمر([5]).
أو ماض مجرد عن استفهام ونحوه([6]) لأن المعنى حاصل به([7]) ويصح القبول (متراخيًا عنه) أي عن الإيجاب ما داما (في مجلسه) ([8]) لأن حالة المجلس كحالة العقد([9]) (فإن تشاغلا بما يقطعه) عرفًا([10]) أو انقضى المجلس قبل القبول (بطل) ([11]) لأنهما صارا معرضين عن البيع([12]) وإن خالف القبول الإيجاب لم ينعقد([13]).
(وهي) أي الصورة المذكورة أي الإيجاب والقبول (الصيغة القولية) للبيع([14]) (و) ينعقد أيضا (بمعاطاة وهي) الصيغة (الفعلية)([15]) مثل أن يقول: أعطني بهذا خبزًا، فيعطيه ما يرضيه([16]) أو يقول البائع: خذ هذا بدرهم، فيأخذه المشتري([17]) أو وضع ثمنه عادة وأخذه عقبه([18]).
فتقوم المعاطاة مقام الإيجاب، والقبول([19]) للدلالة على الرضا([20]) لعدم التعبد فيه([21]) وكذا حكم الهبة، والهدية، والصدقة([22]) ولا بأس بذوق المبيع حال الشراء([23])



([1]) حكاه في اللباب، والفتح أشهر وإيجاب الشيء، جعله واجبًا وقبوله التزامه والرضى به.
([2]) بأي لفظ دال على الرضا.
([3]) كوليتكه، أو أشركتك فيه، أو وهبتكه بكذا من الثمن، وكأعطيتكه بكذا.
([4]) كاشتريته، أو أخذته فليست منحصرة في لفظ بعينه، بل بكل ما أدى معنى البيع، لأن الشارع لم يخصه بصيغة معينة، وفي الإنصاف: بعتك أو قبلت إن شاء الله، صح بلا نزاع أعلمه.
([5]) نحو: بعني كذا بكذا، وينعقد الإيجاب بلفظ الأمر نحو: خذه ونحوه: لا بنحو ابتعه واشتره.
([6]) كترج وتمن، فالمجرد نحو: اشتريته بكذا، أو ابتعته أو أخذته، بخلاف: أبعتني؟ أتبيعني؟ لعلك بعتني، ليتك بعتني، أو تبيعني، إذ ليس بقبول.
([7]) أي معنى البيع حاصل، بنحو بعني: فيقول: بعتك.
([8]) أي مجلس البيع، وكذا إن تراخى الإيجاب عن القبول، في نحو بعني كذا بكذا.
([9]) لعموم ما لم يتفرقا، ولأنه يكتفى بالقبض فيه لما يعتبر قبضه.
([10]) من كلام أجنبي أو سكوت طويل، أو أكل، ونحو ذلك بطل.
([11]) أي البيع للخبر.
([12]) أشبه ما لو صرحا بالرد وإن كان المشتري غائبًا عن المجلس، فكاتبه البائع أو راسله، إني بعتك داري بكذا، فلما بلغه الخبر قبل البيع، صح العقد، لأن التراخي مع غيبة المشتري لا يدل على إعراضه عن الإيجاب، واختار الشيخ صحة البيع بكل ما عده الناس بيعًا، من متعاقب أو متراخ، من قول أو فعل.
([13]) أي البيع سواء كانت المخالفة في قدر الثمن، أو صفته أو غيرهما، كما لو قال: بألف صحيحة، فقال: اشتريته بألف مكسرة، لم يصح ولو قال بعتك بكذا، فقال: أنا آخذه بكذا، لم يصح، فإن قال: أخذته بكذا، أو: منك صح.
([14]) فإن له صيغتين يوجد عقده بكل واحدة منهما، والإيجاب والقبول إحدى الصيغتين.
([15]) يعني الحالة بين العاقدين لعموم الأدلة، ولأن الله أحل البيع، ولم يبين كيفيته، فرجع فيه إلى العرف، ولم يزل المسلمون على البيع بالمعاطاة.
([16]) وهو ساكت والفاء للترتيب، فإن تراخى لم يصح البيع.
([17]) وهو ساكت أيضًا، وكذا لو ساومه سلعة بثمن، فيقول البائع: خذها فيأخذها المشتري وهو ساكت، أو: هي لك، أو أعطيتكها، فيأخذها.
([18]) أو قال: كيف تبيع الخبز، فيقول: كذا بدرهم، فيقول خذ درهمًا، قال الشيخ: بيع المعاطاة له صور أحدها: أن يصدر من البائع إيجاب لفظي فقط، ومن المشتري أخذ كقوله: خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه، وكذلك لو كان الثمن معينًا، مثل أن يقول: خذ هذا الثوب بثوبك فيأخذ، ولا بد أن يميز هذا الأخذ عن أخذ المستام، الثانية: أن يصدر من المشتري لفظ، والبائع إعطاء سواء كان الثمن معينًا أو مضمونًا في الذمة، الثالثة: لا يلفظ واحد منهما، بل هناك
عرف بوضع الثمن، وأخذ المثمن اهـ وظاهره اعتبار الترتيب في بيع المعاطاة، قال ابن قندس، وهو أولى منه في الصيغة القولية، وظاهره أيضا: ولو لم يكن المالك حاضرًا، للعرف، ولو ضاع الثمن، فمن ضمان المشتري، لعدم قبض البائع له.
([19]) لأن المعاطاة لا تتضمن الصيغة، والصواب، أن جميع هذه الصور تسمى إيجابا وقبولا، لأن إيجاب الشيء جعله واجبًا، وقبول ذلك التزامه، كما تقدم، وقال الشيخ: عبارة أصحابنا وغيرهم أن المعاطاة ونحوها ليست من الإيجاب والقبول، وهذا تخصيص عرفي، فالصواب الاصطلاح الموافق للغة، وكلام المتقدمين أن لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد، قولية أو فعلية.
([20]) أي من غير لفظ، اكتفاء بالقرائن، والأمارات الدالة على الرضى، الذي هو شرط في صحة البيع.
([21]) أي في البيع، وهو عدم تعليل المعنى، بل المعنى الذي شرع له متعقل، وهو الإرفاق بالناس، والمصلحة لهم، فتقوم المعاطاة مقامه للعرف.
([22]) أي تنعقد بالمعاطاة، قال الشيخ: تجهيز المرأة بجهاز إلى بيت زوجها تمليك .
([23]) ظاهره ولو لم يستأذن، لجريان العادة به.



  #5  
قديم 29 ربيع الثاني 1431هـ/13-04-2010م, 12:08 AM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

وينعقد ( 5 ) بإيجاب وقبول ( 6 ) بعده وقبله متراخيًا عنه في مجلسه ( 7 ) .
فإن تشاغلا بما يقطعه بطل وهي الصيغة القولية ، وبمعاطاة وهي الفعلية ( 8 ) .
( 5 ) أي: البيع ، وهذا بيان لما ينعقد به؛ لأن البيع له ثلاثة أركان : عاقد، ومعقود عليه، وصيغة ، فبدأ بالصيغة ، وأما العاقد والمعقود عليه فيأتيان في الشروط .
( 6 ) الصيغة التي ينعقد بها البيع قسمان : صيغة قولية، وصيغة فعلية، فالصيغة القولية تتكون من شيئين : الإيجاب وهو اللفظ الصادر من البائع كأن يقول: بعتك، والقبول وهو اللفظ الصادر من المشتري كأن يقول : اشتريت أو قبلت .
( 7 ) أي: يصح أن يصدر القبول بعد صدور الإيجاب أو قبله، إلا أنه إذا صدر قبله اشترط ألا يكون بلفظ الاستفهام أو الترجي أو التمني ، وإذا صدر بعده صح أن يكون على الفور أو على التراخي بشرط ألا يتشاغلا بما يقطعه عن الإيجاب : كالكلام الأجنبي أو السكوت الطويل والأكل ونحو ذلك أو انقضاء المجلس؛ لأنه إذا حصل شيء من ذلك صارا معرضين عن البيع ، ويشترط في كل الأحوال أن لا يكون القبول مخالفًا للإيجاب في قدر الثمن أو صيغته أو غيرهما .
( 8 ) أي : وينعقد البيع بالصيغة الفعلية وهي : المعاطاة، وهي الصيغة الثانية ، وبيع المعاطاة له ثلاث صور :
الأولى : أن يصدر من البائع إيجاب باللفظ ، ومن المشتري أخذ بدون تلفظ ، كأن يقول : خذ هذا بعشرة فيأخذه .
الثانية : أن يصدر من المشتري لفظ ومن البائع إعطاء بدون تلفظ .
الثالثة : أن لا يلفظ واحد منهما ، بل هناك عرف بوضع الثمن وأخذ المثمن ، ويشترط لصحة البيع بالمعاطاة عدم تأخر القبض أو الإقباض عن الطلب ؛ لضعفها عن الصيغة القولية .


  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 02:58 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَيَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ. ....
قوله: «وينعقد» أي البيع، والانعقاد ضد الانحلال، والعقد بمعنى الإحكام وربط الشيء بعضه ببعض، تقول: عقدت الحبل أي: ربطت بعضه ببعض، وكلمة: «ينعقد» وصف لجميع العقود، سواء أكانت عقود بيع، أم إجارة، أم رهن، أم وقف؛ لأنها ربط وإحكام وشد.
قوله: «بإيجاب وقبول» الإيجاب هو اللفظ الصادر من البائع أو من يقوم مقامه، والقبول هو اللفظ الصادر من المشتري، أو من يقوم مقامه، والحقيقة أني قلت: أو من يقوم مقامه من باب التوضيح فقط، وإلا فمن يقوم مقام البائع يسمى بائعاً، فالوكيل مثلاً بائع، وكذلك من يقوم مقام المشتري.
قوله: «بعده» اشترط المؤلف أن يكون القبول بعد الإيجاب؛ لأنه فرع عنه، بحيث يقول: بعتك هذا، ويقول المشتري: قبلت، فلو تقدم القبول على الإيجاب، بأن قال المشتري: قبلت، ثم قال البائع: بعتك، فإنه لا يصح؛ لأن القبول فرع الإيجاب.
ولم يذكر المؤلف صيغة معينة للبيع؛ فدل هذا على أنه ينعقد بما دل عليه، مثل أن يقول: بعتك هذا الشيء، أعطيتك هذا الشيء، ملكتك هذا الشيء، فالمهم أنه ليس هناك لفظ معين للبيع، فأي لفظ يدل عليه فإنه ينعقد به.
وهل هذا شامل لجميع العقود؟
الجواب: فيه خلاف، فمن العلماء من اشترط لبعض العقود ألفاظاً معينة وقال: لا بد من الإتيان بها، كالنكاح مثلاً، قال: لا بد أن يقال: زوَّجتك وهذا يقول: قبلت.
ومنهم من قال: جميع العقود تنعقد بما دل عليه عرفاً، وهذا القول هو الراجح، وهو المتعين، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ؛ لأن المعاملات ليست عبادات يتقيد الإنسان فيها بما ورد، بل هي معاملات بين الناس، فما عدّه الناس بيعاً فهو بيع، وما عدّوه رهناً فهو رهن، وما عدّوه وقفاً فهو وقف، وما عدّوه نكاحاً فهو نكاح.
فالصواب: أن جميع العقود ليس لها صيغ معينة، بل تنعقد بما دل عليها، ولا يمكن لإنسان أن يأتي بفارق بين البيع وبين غيره، فإذا قالوا مثلاً: النكاح ذكره الله بلفظ النكاح، قلنا: والبيع ذكره الله بلفظ البيع، فهل تقولون: إنه لا بد أن تقول: بعت؟ يقولون: ليس بشرط، إذاً ينعقد بكل لفظ دل عليه عرفاً بإيجاب، وقبول بعده.
قوله: «وقبله» يعني ويصح ـ أيضاً ـ بقبول قبله، لكن في صور معينة، وهذه الصور لا بد أن تكون دالة على العقد، مثل أن يقول: بعني كذا بعشرة، فيقول البائع: بعتك، مع أن ما يدل على القبول قد سبق الإيجاب، لكننا قعَّدنا قاعدة وهي أنه ينعقد بما دل عليه.
لو قال: أتبيعني كذا بكذا؟ فقال: بعتك، هل ينعقد؟ الجواب: لا ينعقد، فإذا قال: بعتك، يقول: قبلت؛ ولهذا قال في الروض[(1)]: «بلفظ أمر أو ماض مجرد عن استفهام ونحوه»؛ لأن المعنى حاصل به، فلو قال: اشتريت منك كذا بكذا، فقال: بعتك، ينعقد؛ لأنه دل على أن الرجل قابل، فصار ينعقد إذا تقدم القبول على الإيجاب بشرط أن يكون دالاً عليه، أما إذا كان لم يدل كمضارع، يستفهم هل تبيعني كذا؟ أو أتبيعني كذا؟ أو ما أشبه ذلك؟ فهذا لا يعتبر قبولاً مرضياً.

مُتَراخِياً عَنْهُ فِي مَجْلِسِهِ، فَإِن اشتَغَلاَ بِمَا يَقْطَعُهُ بَطَلَ وَهِي الصِّيغَةُ القَوْلِيَّة وَبِمُعَاطَاةٍ وَهِيَ الفِعْلِيَّةُ ..
قوله: «متراخياً عنه في مجلسه، فإن اشتغلا بما يقطعه بطل» متراخياً: هذا حال من القبول، يعني أن القبول يجوز أن يكون عقيب الإيجاب، ويجوز أن يكون متراخياً عنه، أما كونه جائزاً عقيب الإيجاب فالأمر واضح، كأن يقول: بعتك هذا بعشرة، ويقول المشتري: قبلت، فالقبول هنا أعقب الإيجاب وهذا لا إشكال فيه، ويجوز أن يتراخى عن الإيجاب، فيقول: بعتك هذا بعشرة، ثم يسكت المشتري يفكر؛ لأن الإنسان قبل أن يبتاع الشيء يجد في نفسه رغبة فيه، فإذا قال: بعتك، ربما يتريث وتزول هذه الرغبة، وأحب شيء إلى الإنسان ما مُنِعَ، ولهذا تجد الصيادين الذين يصيدون الطيور قبل أن يرمي الطير يكون عنده رغبة في هذا الطير، فإذا رماه وسقط على الأرض صار لا يساوي شيئاً عنده، وهذه السلع التي في يد البائع، إذا قال: هل تبيعني هذا الشيء بعشرة؟ قال: نعم أبيعه بعشرة، فهنا لو تأخر القبول فلا بأس، لكن نقول: إذا تراخى عنه فلا بد من شروط:
الأول: أن يكون في مجلسه.
الثاني: ألا يتشاغلا عنه بما يقطعه.
الثالث: أن يطابق القبول الإيجاب.
أما كونه في المجلس فهو احتراز مما لو كان في غير المجلس، بأن قال: بعتك هذه السلعة بعشرة ثم تفرقا ثم رجع، وقال: قبلت فلا يصح هذا القبول لتغير المجلس.
وكذلك لو تشاغلا بما يقطعه بأن قال: بعتك هذه السيارة بثلاثين ألفاً، فقال: مررت اليوم بالكلية، ووجدت فلاناً ناجحاً، وفلاناً راسباً، وفلاناً مكملاً، وقال: هذه النتيجة ليست بطيبة، ثم قال: قبلت فلا يصح؛ لأنه تشاغلَ بما يقطعه، فلا بد إذاً في صحة هذا العقد من أن يعيد البائع الإيجاب حتى يكون القبول عقبه.
وكذلك لا بد أن يطابق القبول الإيجاب كمية وجنساً ونوعاً، فلو قال: بعتك شرح ابن عقيل بعشرة، فقال: قبلت الروض المربع بعشرة فلا يصح؛ لأنه اختلف القبول عن الإيجاب، وكذا لو قال: بعتك شرح ابن عقيل بعشرة، فقال: قبلته بتسعة فلا يصح لعدم المطابقة، ولو قال: قبلته بأحد عشر صح؛ لأن ذلك في مصلحة البائع، فيقول: آخذ العشرة والباقي لك، إذا كان لا يريد أن يمن عليه بالزيادة فالظاهر الصحة، وأن الذي لا يصح إذا نقص الثمن عما أوجبه البائع.
فإذا زاد فقد زاده خيراً، وعادة لا يرد البائع الزيادة، هذا هو الغالب.
قوله: «وهي الصيغة القولية وبمعاطاة وهي الفعلية» إذاً للعقد صيغتان: صيغة قولية، وصيغة فعلية.
الصيغة القولية هي الإيجاب والقبول.
الصيغة الفعلية هي المعاطاة، وهي أن يعطي كل واحد الثاني بدون قول.
ولها ثلاث صور:
الأولى: أن تكون معاطاة من الجانبين.
الثانية: أن تكون معاطاة من البائع.
والثالثة: أن تكون معاطاة من المشتري.
مثالها من الجانبين: أن يكون هنا أدوية مثلاً قد كتب عليها سعرها، ووضع إلى جانبها وعاء للثمن، فيأتي المشتري، ويضع ثمن هذا الدواء بوعاء الثمن ويأخذ الدواء، هذه معاطاة من الجانبين.
معاطاة من البائع: قال المشتري: أعطني بهذا الدرهم خبزاً، فأخذ البائع كيس الخبز وأعطاه للمشتري، هذه معاطاة من البائع.
معاطاة من المشتري: قال البائع: خذ هذا الكتاب بعشرة فأخذه المشتري، ولم يقل: قبلت، ولكن أعطاه عشرة، فالمعاطاة هنا من المشتري، فالبائع قدر الثمن وأوجب فقال: بعتك هذا الكتاب بعشرة، أو قال: خذ هذا الكتاب بعشرة، فأخذ المشتري، ولم يتكلم وأعطاه العشرة، وهذا يدلنا على أن مسألة المعاملات أمرها سهل يرجع فيه إلى ما تعارفه الناس، والناس كلهم قد تعارفوا على أن هذه المعاطاة تعدّ عقداً واضحاً.
والخلاصة: أن لعقد البيع صيغتين: قولية وفعلية.
القولية: هي الإيجاب والقبول، والإيجاب هو اللفظ الصادر من البائع أو من يقوم مقامه، والقبول هو اللفظ الصادر من المشتري أو من يقوم مقامه، وقد ذكرنا شروط القبول.
وأما الصيغة الثانية فهي الصيغة الفعلية وهي المعاطاة.
وعلل الشارح[(2)] بعلة ينبغي أن نفهمها قال: «لعدم التعبد فيه»، أي: لأنه لا تعبد بالصيغة، فكل ما دل على العقد فهو عقد.
قوله: «ويشترط التراضي منهما» لما ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ تعريف البيع، ذكر شروطه، وكان الأولى أن يذكر حكمه؛ لأن التعريف يستلزم تصور الشيء، وبعد التصور يكون الحكم، ولهذا من الكلمات السائرة عند العلماء: «الحكم على الشيء فرع عن تصوره» وقال ابن القيم في النونية:
إن البدار بِرَدِّ شيء لم تحط
علماً به سبب إلى الحرمان
فالبيع جائز، وقد سبق لنا أنه جائز بالكتاب والسنة والإجماع والنظر الصحيح، لكن لا بد فيه من شروط، ومن حكمة هذه الشريعة أنها جعلت للعبادات شروطاً، وللعقود شروطاً، وللتبرعات شروطاً؛ لأن هذه الشروط هي التي تضبط ما كانت شرطاً فيه، وإلا صارت المسألة فوضى، فالشروط من ضرورات انتظام الأحكام؛ ولهذا كان للبيع شروط، وللإجارة شروط، وللوقف شروط، وللرهن شروط، وهلم جرًّا حتى تنضبط الأحكام والعقود.
وهذه الشروط التي يذكرها العلماء، أو الأركان أو الواجبات ادّعى بعض الناس أنها بدعة، ولا يجوز التصنيف على هذا الوجه.
فيقال لهم: إنْ تعبدنا لله تعالى بذلك التصنيف فبدعة، وإن أردنا تقريب العلوم إلى طالبيها فليس ببدعة، وما زال الناس يؤلفون بالأبواب والفصول والكتب، نعم إذا وضع شرط لا دليل عليه فحينئذٍ يرد، أما مع الدليل فليس فيه إشكال، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يذكر أحياناً ما يدل على ذلك كقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((سبعة يظلهم الله في ظله)) [(3)]، مع أن هناك آخرين يظلهم الله غير هؤلاء السبعة، وكقوله: ((ثلاثة لا يكلمهم الله...)) [(4)]، وما أشبه ذلك.
فالبيع له شروط سبعة، فإذا قال قائل: ما الدليل على هذا الحصر؟
فالجواب: التتبع، أي أن العلماء تتبعوا فوجدوا أنه لا بد من شروط يصح بها البيع وهي سبعة، وسنبين إن شاء الله ـ تعالى ـ أن هذه السبعة تدور على ثلاثة أمور: الظلم، والغرر، والربا، لكن التفصيل حسن.



[1] «الروض مع حاشية ابن القاسم» (4/328).
[2] «الروض مع حاشية ابن القاسم» (4/331).
[3] أخرجه البخاري في الأذان/ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة (660) ومسلم في الزكاة/ باب فضل إخفاء الصدقة (1031) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[4] أخرجه مسلم في الإيمان/ باب بيان غلظ تحري إسبال... (106) عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بم, ينعقد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir