دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الأطعمة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 01:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الصيد والذبائح (1/11) [تحريم اقتناء الكلاب إلا أن يكون كلب صيد أو حراسة]


بابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ
عنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ، انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.

  #2  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 04:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


بابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ

الصَّيْدُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ أَي: التَّصَيُّدِ، وَعَلَى الْمَصِيدِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَبَاحَ الصَّيْدَ فِي آيَتَيْنِ مِن الْقُرْآنِ:
قَوْلِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}، وَالثَّانِيَةِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآيَةَ.
وَالآلَةُ الَّتِي يُصَادُ بِهَا ثَلاثَةٌ:
الْحَيَوَانُ الْجَارِحُ، وَالْمُحَدَّدُ، وَالْمِثْقَلُ.
فَفِي الْحَيَوَانِ:
1/1253 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً، إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ، انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً، إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ، انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِن اتِّخَاذِ الْكِلابِ وَاقْتِنَائِهَا وَإِمْسَاكِهَا، إلاَّ مَا اسْتَثْنَاهُ مِن الثَّلاثَةِ.
وَقَدْ وَرَدَتْ بِهَذِهِ الأَلْفَاظِ رِوَايَاتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَل الْمَنْعُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلْكَرَاهَةِ؟ فَقِيلَ بِالأَوَّلِ، وَيَكُونُ نُقْصَانُ الْقِيرَاطِ عُقُوبَةً فِي اتِّخَاذِهَا، بِمَعْنَى أَنَّ الإِثْمَ الْحَاصِلَ بِاتِّخَاذِهَا يُوَازِنُ قَدْرَ قِيرَاطٍ مِنْ أَجْرِ الْمُتَّخَذِ لَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: ((قِيرَاطَانِ)).
وَحِكْمَةُ التَّحْرِيمِ مَا فِي بَقَائِهَا فِي الْبَيْتِ مِن التَّسَبُّبِ إلَى تَرْوِيعِ النَّاسِ، وَامْتِنَاعِ دُخُولِ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ دُخُولُهُمْ خَيْرٌ وبَرَكَةٌ، وتَقَرُّبٌ إلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَيُبْعِدُ عَنْ فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ، وَبُعْدُهُمْ سَبَبٌ لِضِدِّ ذَلِكَ، وَلِتَنْجِيسِهَا الأَوَانِيَ. وَقِيلَ بِالثَّانِي؛ بِدَلِيلِ نَقْصِ بَعْضِ الثَّوَابِ عَلَى التَّدْرِيجِ، فَلَوْ كَانَ حَرَاماً لَذَهَبَ بالكُلِّيَّةِ.
وَفِيهِ: أَنَّ فِعْلَ الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهاً لا يَقْتَضِي حُبُوطَ شَيْءٍ مِن الثَّوَابِ.
وَذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ الشَّافِعِيَّةُ، إلاَّ الْمُسْتَثْنَى. وَاخْتُلِفَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ رِوَايَةِ: ((قِيرَاطٌ))، وَرِوَايَةِ: ((قِيرَاطَانِ))، فَقِيلَ: إنَّه بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ الأَضْرَارِ، كَمَا فِي الْمُدُنِ يَنْقُصُ قِيرَاطَانِ، وَقِلَّتِهِ، كَمَا فِي الْبَوَادِي يَنْقُصُ قِيرَاطٌ، أَوْ أَنَّ الأَوَّلَ إذَا كَانَ فِي الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالثَّانِي فِي غَيْرِهَا، أَوْ قِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ النَّهَارِ، وَقِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ اللَّيْلِ. فَالْمُقْتَصَرُ فِي الرِّوَايَةِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِن اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْمُثَنَّى بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِهِمَا.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضاً: هَل النُّقْصَانُ مِن الْعَمَلِ الْمَاضِي أَوْ مِن الأَعْمَالِ الْمُسْتَقْبَلَةِ؟
قَالَ ابْنُ التِّينِ: الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَحَكَى غَيْرُهُ الْخِلافَ فيهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَن اتَّخَذَ الْمَأْذُونَ مِنْهَا فَلا يَنْقُصُ عَلَيْهِ، وَقِيسَ عَلَيْهِ اتِّخَاذُهُ لِحِفْظِ الدُّورِ إذَا احْتِيجَ إليهِ، أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لا يَدْخُلُ الْكَلْبُ الْعَقُورُ فِي الإِذْنِ؛ لأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَتْلِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى التَّحْذِيرِ مِن الإِتْيَانِ بِمَا يُنْقِصُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ. وَفِيهِ الإِخْبَارُ بِلُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى فِي إبَاحَتِهِ؛ لِمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي تَحْصِيلِ الْمَعَاشِ وَحِفْظِهِ.

تَنْبِيهٌ:
وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ الأَمْرُ بِقَتْلِ الْكِلابِ، فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: ذَهَبَ كَثِيرٌ مِن الْعُلَمَاءِ إلَى الأَخْذِ بِالْحَدِيثِ فِي قَتْلِ الْكِلابِ، إلاَّ مَا اسْتُثْنِيَ، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى جَوَازِ اقْتِنَائِهَا جَمِيعاً، وَنَسْخِ قَتْلِهَا، إلاَّ الأَسْوَدَ الْبَهِيمَ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ النَّهْيَ أَوَّلاً كَانَ عَامًّا من اقْتِنَائِهَا جَمِيعاً، وَأَمَرَ بِقَتْلِهَا جَمِيعاً، ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِ مَا عَدَا الأَسْوَدَ، وَمَنَعَ الاقْتِنَاءَ فِي جَمِيعِهَا، إلاَّ الْمُسْتَثْنَى، ا هـ.
وَالْمُرَادُ بِالأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذُو النُّقْطَتَيْنِ؛ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ. وَالْبَهِيمُ: الْخَالِصُ السَّوَادِ، وَالنُّقْطَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ.

  #3  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 04:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


بابُ الصَّيْدِ
مقدِّمةٌ

الصَّيْدُ: مصدرُ صَادَ يَصِيدُ صَيْداً، فهو صائِدٌ، وقد أُطْلِقَ المصدرُ على اسمِ المفعولِ، فعُومِلَ معاملةَ الأسماءِ، فأُوقِعَ على الحيوانِ المَصِيدِ؛ كقولِهِ تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌو{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 95-96].
وتعريفُه شَرْعاً: الصيْدُ: هو اقْتِناصُ حيوانٍ حَلالٍ متوَحِّشٍ طَبْعاً، غيرِ مملوكٍ، ولا مَقْدُورٍ عليه.
وهو مُباحٌ بالكتابِ، والسنَّةِ، والإجماعِ، والقِياسِ:
قالَ تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 95-96].
والأحاديثُ كثيرةٌ، ومِنها ما في الْبُخَارِيِّ (2322)، ومُسْلِمٍ (1575) من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً –إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ زَرْعٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ - انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ)).
وقدْ أَجْمَعَ العلماءُ على حِلِّه، وإباحةِ أكلِه، ويَقْتَضِيهِ القياسُ الصحيحُ.
قال في (شرحِ الإقناعِ): والصيدُ أفضلُ مأكولٍ؛ لأنَّه حلالٌ، لا شُبْهَةَ فيه.
وقالَ أيضاًً: الزراعةُ أفضلُ مُكْتَسَبٍ؛ لأنَّها أقربُ إلى التوكُّلِ مِن غَيْرِها، وأقربُ للحِلِّ، ومِنها عملُ اليدِ، والنفعُ العامُّ للآدَمِيِّ والدوابِّ.
وقِيلَ: التجارةُ أفضلُ المكاسِبِ، وأفضلُها التجارةُ في البَزِّ والعِطْرِ، وأَبْغَضُها التجارةُ في رَقِيقٍ وصَرْفٍ؛ للشُّبْهَةِ.
ويُسَنُّ التَّكَسُّبُ، ومعرفةُ أحكامِه؛ قالَ تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15].
فالأخذُ بالأسبابِ المباحةِ المشروعةِ من التوكُّلِ.
ولا يُعْتَقَدُ أنَّ الرِّزْقَ مِن الكَسْبِ، بل هو مِن اللَّهِ، بواسطةِ أسبابِه التي هَدَانَا اللَّهُ تعالى إليها.
ويُشْتَرَطُ لحِلِّ الصيدِ أربعةُ شروطٍ:
أحدُها: أَهْلِيَّةُ الصائِدِ، وهو الذي تَحِلُّ ذَبِيحَتُه.
الثاني: الآلَةُ، وهي نوعانِ:
إمَّا آلةٌ حادَّةٌ، أو سَهْمٌ يَخْرِقُ الجِلْدَ.
والنَّوعُ الثاني: الجارِحُ المُعَلَّمُ؛ كالكَلْبِ، والصَّقْرِ.
الثالثُ: إرسالُ الآلةِ قاصداً للصيْدِ؛ فلا يَحِلُّ إنِ اسْتَرْسَلَ بنفسِه.
الرابعُ: قولُ الصائدِ: (بِاسْمِ اللَّهِ) عندَ إرسالِ جارِحِه، أو سَهْمِه؛ فلا يُباحُ ما لم يُذْكَرْ عليه اسمُ اللَّهِ تعالى من عالِمٍ عامِدٍ.

1161- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً –إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ صَيْدٍ، أَوْ زَرْعٍ - انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


*مُفْرَداتُ الحديثِ:
- مَاشِيَةٍ: الماشِيَةُ اسمٌ يَقَعُ على الإبلِ، والبَقَرِ، والغَنَمِ، وأكثرُ ما تُسْتَعْمَلُ في الغَنَمِ، ويُجْمَعُ على مَوَاشٍ.
- أَوْ: مِن حروفِ العطفِ، ولها فيه معانٍ كثيرةٌ، أحدُها: التنوُّعُ، وهو المرادُ هنا.
- قِيرَاطٌ: القِيراطُ: مِعيارٌ في الوزنِ، اخْتَلَفَتْ مقاديرُه باختلافِ الأزمنةِ، وهو الآنَ وَزْنُ أربعِ قَمْحَاتٍ، وفي القياسِ جُزءٌ مِن أربعةٍ وعشرينَ جُزْءاً، ولكنَّه في مِثلِ هذه النصوصِ أمرٌ مجهولُ المِقدارِ، وقد قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ تَبِعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ، وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطَيْنِ: كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ)).
قيراطٌ: مرفوعٌ على أنه نائبُ فاعلٍ.
- الكَلْبُ: حيوانٌ أهليٌّ، من الفَصيلةِ الكلبيَّةِ، مِن رُتْبَةِ اللواحِمِ، جمعُه كِلابٌ، وأَكْلُبٌ.
قالَ الدَّمِيرِيُّ: الكلبُ حيوانٌ ليس سَبُعاً، ولا بَهِيمَةً، فهو من الخَلْقِ المُرَكَّبِ؛ لأنَّه لو تَمَّ له طِباعُ السَّبُعِيَّةِ ما أَلِفَ الناسَ، ولو تَمَّ له طِباعُ البَهيمةِ، ما أَكَلَ لحمَ الحيوانِ، وهو نوعانِ: أهليٌّ، وسَلُوقِيٌّ؛ نِسبةً إلى سَلُوقٍ،وهي مدينةٌ باليمنِ تُنْسَبُ إليها الكلابُ السَّلُوقِيَّةُ، وكِلا النَّوعيْنِ في الطبْعِ سواءٌ.
*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- جاءَ في (الْبُخَارِيِّ) (172)، ومُسْلِمٍ (279) من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ،أن رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعاً، إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)). فهذا يَدُلُّ على أنَّ نَجَاسَةَ الكَلْبِ نجاسةٌ مُغَلَّظَةٌ؛لشِدَّةِ قَذَارَتِه.
2- حديثُ البابِ يَدُلُّ على تحريمِ اقتنائِه، واتِّخاذِهِ.
فقد رَوَى مُسْلِمٌ (2113) مِن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ،أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لاَ تَصْحَبُ الْمَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ)).
3- ويَدُلُّ الحديثُ على نَقْصِ أجرِ مُقْتَنِي الكَلْبِ كلَّ يومٍ قِيراطاً مِن الأجرِ، وهو قَدْرٌ عظيمٌ،قَرَّبَه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الأفهامِ في بعضِ الأحاديثِ بأنه مثلُ الجَبَلِ العظيمِ: جَبَلِ أُحُدٍ.
4- اكْتُشِفَ بالمُكَبِّراتِ الحديثةِ أن في لُعَابِ الكلبِ مِيكْرُوبَاتٍ مُعْدِيَةً فَتَّاكَةً؛ ولذا صارَتْ نجاستُه مُغَلَّظَةً، فلا يَطْهُرُ ما أصابَتْهُ إلا بغَسْلِه سبعَ مرَّاتٍ، إحداهنَّ بالترابِ الذي يَحْمِلُ قوَّةَ الإنقاءِ والتطهيرِ.
5- قالَ الأستاذُ عفيفٌ طبارةُ: ومِن حِكَمِ الإسلامِ وقايةُ الأبدانِ مِن نجاسةِ الكلابِ، وهذه معجزةٌ علميَّةٌ للإسلامِ، سَبَقَ بها الطبَّ الحديثَ الذي أَثْبَتَ أنَّ الكلابَ تَنْقُلُ كثيراً من الأمراضِ إلى الإنسانِ.
قالَ الدكتورُ الألمانِيُّ (كوسموس): إنَّ زيادةَ شَغَفِ الناسِ باقتناءِ الكلابِ في هذا العهدِ الأخيرِ يَضْطَرُّنا إلى لَفْتِ الأنظارِ للأخطارِ التي تَنْجُمُ عن ذلك، وخاصَّةً إذا دَفَعَ اقتناؤُها إلى مُدَاعَبَتِها وتَقْبِيلِها، والسماحِ لها بلَمْسِ أيدي أصحابِها، وتَرْكِها تَلْعَقُ فَضَلاتِ الطعامِ مِن أَوانِيها.
فكُلُّ ما ذُكِرَ، معَ نُبُوِّهِ عن الذوقِ السليمِ، فإنَّه لا يَتَّفِقُ ومبادِئُ الصِّحَّةِ؛ فإنَّ الأخطارَ التي تُهَدِّدُ صحَّةَ الإنسانِ وحياتَه بسببِ هذا التسامُحِ مما لا يُسْتَهَانُ بها؛ فإنَّ الكلابَ تُصابُ بدُودَةٍ شَرِيطِيَّةٍ تَتَعَدَّاها إلى الإنسانِ بمرضٍ عُضَالٍ، قد تَصِلُ إلى حدِّ العُدوانِ على حياتِه.
وقدْ ثَبَتَ أنَّ جميعَ أجناسِ الكلابِ،حتى أَصْغَرَها حَجْماً،لا تَسْلَمُ مِن الإصابةِ بهذه الدِّيدانِ الشريطيَّةِ.
6- اسْتُثْنِيَ من تحريمِ اقتناءِ الكلبِ ثلاثُ حالاتٍ:
إحداها: الكلبُ الذي يَحْرُسُ الماشِيَةَ من السِّباعِ، كالذئابِ، ويَحْرُسُها من اللصوصِ.
الثانيةُ: الكلبُ الذي يُعَدُّ لحراسةِ المزارِعِ، لاسِيَّما مزارِعُ الأطرافِ والضواحي، التي يُخْشَى على أهلِها، وعلى مَوَاشِيهِم، وثِمارِهم، وزُرُوعِهم من اللصوصِ والسِّباعِ.
الثالثةُ: الكلبُ المَعُدُّ للصيدِ، الذي سَيَأْتِي بيانُه إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
فاقتناءُ الكلابِ واتِّخَاذُها لواحدةٍ من هذه الحالاتِ الثلاثةِ مُباحٌ، ومُسْتَثْنًى مِن التحريمِ.
7- قالَ العلماءُ: حِكْمَةُ التحريمِ في بقاءِ الكلبِ في البيتِ واقتنائِه، هو ما يُسَبِّبُ من تَرْوِيعِ الناسِ، وامْتِنَاعِ دخولِ الملائكةِ في بيتٍ فيه كلبٌ، وما فيه من النجاسةِ والقذارةِ.
*خِلافُ العلماءِ:
اخْتَلَفَ العلماءُ هل اقتناؤُه واتِّخَاذُه لغيرِ حاجةٍ، مُحَرَّمٌ، أو مكروهٌ؟
فذهَبَ الإمامانِ الشافعيُّ وأحمدُ: إلى أنَّ اقْتِناءَه محرَّمٌ؛ لِمَا جاءَ من الأحاديثِ الصحيحةِ من شِدَّةِ نجاستِه، وعدمِ دخولِ الملائكةِ بيتاً هو فيه، ونقصِ الثوابِ والأجرِ باقتنائِه لغيرِ حاجةٍ.
قالَ في (المجموعِ): وحَكَى الرُّويانيُّ عن أبي حَنِيفةَ جَوَازَه.
قالَ النَّوَوِيُّ: ويَجُوزُ اقتناءُ الكلبِ للصيدِ أو الزرعِ أو الماشيةِ بلا خِلافٍ.
وأمَّا اقتناؤُه لحِفْظِ الدُّورِ والدَّوَابِّ فوجهانِ مشهورانِ:
أحدُهما: لا يَجُوزُ؛ للخَبَرِ.
الثاني: يَجُوزُ؛ لأنَّه لحِفْظِ مالٍ، فأَشْبَه الزرعَ والماشيةَ.
واخْتَلَفَ العلماءُ في جوازِ بيعِ الكلبِ:
فذَهَبَ الإمامانِ الشافعيُّ وأحمدُ: إلى بُطلانِه، وأنه لا يَجُوزُ؛ لِمَا جاءَ في (الْبُخَارِيِّ) (5346)، و(مُسْلِمٍ) (1567) مِن حديثِ أبي مسعودٍ عُقْبَةَ بنِ عامرٍ قالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ثَمَنِ الكلبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ، وحُلْوَانِ الكاهِنِ. وغيرِه من الأحاديثِ.
وقالَ بتحريمِ بَيْعِه وبُطلانِه كلُّ مِنَ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، ورَبِيعَةَ، وحَمَّادٍ، والأَوْزَاعِيِّ، ودَاوُدَ.
وذهَبَ أبو حَنِيفَةَ: إلى جوازِ بيعِ الكلابِ كُلِّها، وأَخْذِ ثَمَنِها، وضَمانِها على مَن أَتْلَفَها.
واخْتَلَفَ أصحابُ مالكٍ: فبَعْضُهم أجازَ بَيْعَ الكلبِالمأذونِ في إمساكِه، وبعضُهم قالَ: لا يَجُوزُ.
واحْتَجَّ مَن أجازَ بَيْعَه بما أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1569) مِن حديثِ جابرٍ قالَ: زَجَرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ثَمَنِ الكلبِ والسِّنَّوْرِ. ولأنَّه يُباحُ الانتفاعُ به، ويَصِحُّ نَقْلُ اليدِ فيه، والوَصِيَّةُ به، فصَحَّ بيعُه؛ كالحِمارِ.
ومِمَّن أَجَازَ بَيْعَه مِن السلَفِ: جابرُ بنُ عبدِ اللَّهِ، وعَطَاءٌ، والنَّخَعِيُّ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشيخ, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir