دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الأطعمة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 02:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الصيد والذبائح (7/11) [يشترط في آلة الذبح أن تكون محددة تقتل بحدها ولا يحل الذبح بالعظم والظفر]


وعنْ رافعِ بنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ؛ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشِ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.


  #2  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 04:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


9/1261 - وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ). سَبَبُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا لاقُوا الْعَدُوِّ غَداً، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَنُونٍ سَاكِنَةٍ فَهَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فَرَاءٍ، مَا أَسَالَهُ وَصَبَّهُ بِكَثْرَةٍ؛ مِن النَّهْرِ.
(وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظَّفَرُ فَمُدَى): بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِفَتْحِهَا وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَأَلِفٍ مَقْصُورَةٍ؛ جَمْعُ: مُدْيَةٍ؛ مُثَلَّثَةِ الْمِيمِ، وَهِيَ: الشَّفْرَةُ؛ أَي: السِّكِّينُ، (الْحَبَشَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فِيهِ دَلالَةٌ صَرِيحَةٌ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الذَّكَاةِ مَا يَقْطَعُ وَيُجْرِي الدَّمَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَكُونُ الذَّكَاةُ بِالنَّحْرِ لِلإِبِلِ، وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْحَدِيدِ فِي لَبَّةِ الْبَدَنَةِ حَتَّى يَفْرِيَ أَوْدَاجَهَا. وَاللَّبَّةُ: بِفَتْحِ اللاَّمِ وَتَشْدِيدِ الباءِ؛ مَوْضِعُ الْقِلادَةِ من الصَّدْرِ. وَالذَّبْحُ لِمَا عَدَاهَا، وَهُوَ: قَطْعُ الأَوْدَاجِ؛ أَي: الْوَدَجَيْنِ، وَهُمَا عِرْقَانِ مُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ. فَقَوْلُهُم: الأَوْدَاجُ، تَغْلِيبٌ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، فَسُمِّيَت الأَرْبَعَةُ أَوْدَاجاً.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ؛ فَقِيلَ: لا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الأَرْبَعَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: يَكْفِي قَطْعُ ثَلاثَةٍ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَكْفِي قَطْعُ الأَوْدَاجِ وَالْمَرِيءِ.
وَعَن الثَّوْرِيِّ: يُجْزِئُ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ.
وَعَنْ مَالِكٍ: يُشْتَرَطُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ))، وَإِنْهَارُهُ إجْرَاؤُهُ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِقَطْعِ الأَوْدَاجِ؛ لأَنَّهَا مَجْرَى الدَّمِ، وَأَمَّا الْمَرِيءُ فَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَلَيْسَ بِهِ مِن الدَّمِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إنْهَارُهُ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ الذَّبْحُ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ، فَيَدْخُلُ السَّيْفُ وَالسِّكِّينُ وَالْحَجَرُ وَالْخَشَبَةُ وَالزُّجَاجُ وَالْقَصَبُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ، وَسَائِرُ الأَشْيَاءِ الْمُحَدَّدَةِ.
وَالنَّهْيُ عَن السِّنِّ وَالظُّفُرِ مُطْلَقاً، مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، مُنْفَصِلٍ أَوْ مُتَّصِلٍ، وَلَوْ كَانَ مُحَدَّداً. وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: ((أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ)).
فَالْعِلَّةُ كَوْنُهَا عَظْماً، وَكَأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَن الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ، وَقَدْ عَلَّلَ النَّوَوِيُّ وَجْهَ النَّهْيِ عَن الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، فَيَكُونُ كَالاسْتِجْمَارِ بِالْعَظْمِ.
وَعَلَّلَ فِي الْحَدِيثِ النَّهْيَ عَن الذَّبْحِ بِالظُّفُرِ بِكَوْنِهِ مُدَى الْحَبَشَةِ؛ أَيْ: وَهُمْ كُفَّارٌ، وَقَدْ نُهِيتُمْ عَن التَّشَبُّهِ بِهِمْ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَبَشَةَ تَذْبَحُ بِالسِّكِّينِ أَيْضاً، فَيَلْزَمُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ لِلتَّشَبُّهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الذَّبْحَ بِالسِّكِّينِ هُوَ الأَصْلُ، وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْحَبَشَةِ، وَعَلَّلَ ابْنُ الصَّلاحِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِن تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، وَلا يَحْصُلُ بِهِ إلاَّ الْخَنْقُ الَّذِي لَيْسَ عَلَى صِفَةِ الذَّبْحِ.
وَفِي الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ رِوَايَةٌ عَن الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ حَمَلَ الظُّفُرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى النَّوْعِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الطِّيبِ، وَهُوَ مِنْ بِلادِ الْحَبَشَةِ، وَهُوَ لا يَفْرِي، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْخَنْقِ.
وَإِلَى تَحْرِيمِ الذَّبْحِ بِمَا ذُكِرَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ الْمُنْفَصِلَيْنِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: ((أَفْرِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ)). وَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَامٌّ، خَصَّصَهُ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.

  #3  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 04:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1169- وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ؛ أَمَّا السِّنُّ: فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ: فَمُدَى الْحَبَشَةِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


*مُفْرَداتُ الحديثِ:
- مَا أَنْهَرَ الدَّمَ: (ما) شرطيَّةٌ، أو موصولةٌ، و(أَنْهَرَ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمعلومِ، وأَنْهَرَه؛ أي: أَسالَه، وصبَّه بكثرةٍ.
- فكُلُوا: جوابُ الشرطِ، أو متضَمِّنٌ معناه.
- ليسَ: فعلٌ ماضٍ مِن أَخَوَاتِ كانَ، وهي فعلٌ شَبِيهٌ بالحرفِ، وهنا أتَتْ للاستثناءِ بمعنى (إلاَّ)، والمُسْتَثْنَى بعدَها واجبُ النصبِ؛ لأنَّه خَبَرٌ لها، نحوَ: جاءَ القومُ ليسَ خالداً.
قالَ في (المُحِيطِ): وقد تَخْرُجُ (ليسَ) عن ذلك في مواضِعَ، أَحَدُها: أنْ تكونَ حرفاً ناصباً للمُستثنَى بمنزلةِ(إلاَّنحوَ: أَتَوْنِي ليسَ زَيْداً، والصحيحُ أنها الناسخةُ، وأنَّ اسمَها ضميرٌ راجعٌ للبعضِ المفهومِ مما تَقَدَّمَ، واسْتِتارُه واجبٌ، فلا يَلِيها في اللفظِ إلاَّ المنصوبُ.
قُلتُ: وهي التي وَرَدَتْ في هذا الحديثِ.
- السِّنَّ: منصوبٌ على أنه خبرُ ليسَ، وهو بكسرِ السينِ: قِطْعَةُ عَظْمٍ تَنْبُتُ في الفَكِّ، مؤنَّثَةٌ.
- الظُّفُرَ: منصوبٌ؛ لأنَّه معطوفٌ على خبرِ ليسَ، والظُّفُرُ: مادَّةٌ قَرْنِيَّةٌ في أطرافِ الأصابعِ، جَمْعُه أظافِرُ وأظافيرُ.
- مُدًى: جمعُ مُدْيَةٍ، بضمِّ الميمِ، وسكونِ الدالِ، هي الشَّفْرَةُ الكبيرةُ.
- الحَبَشَةُ: هي بلادٌ تَقَعُ في الشمالِ الشرقيِّ من إفريقيا، وتُسَمَّى الآنَ إِثْيُوبْيَا، عاصِمَتُها أَدِيسْ أَبَابَا، يَحُدُّها شَمالاًَ إرتيريَا، وشَرْقاً وجَنُوباً الصُّومَالُ، وغَرْباً السُّودانُ، وهي مَنْبَعُ النِّيلِ الأزرقِ.
*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- أنه يُشْتَرَطُ لحِلِّ الذبيحةِ ذَبْحُها أو نَحْرُها، وإسالةُ الدمِ من مكانِ الذبحِ أو النَّحْرِ، وذلك بقَطْعِ الحُلْقُومِ والمَرِيءِ.
2- يُشْتَرَطُ في آلةِ الذَّبْحِ أنْ تكونَ محدَّدَةً، تَقْتُلُ الذبيحةَ بحدِّها، سواءٌ أكانَتْ حديداً، أو خَشَباً، أو حَجَراً، أو غَيْرَها، فلا تَحِلُّ آلةٌ لقتلِ الذبيحةِ بثِقَلِها وصَدْمِها.
3- أنه يُسْتَثْنَى مِن الآلةِ المحدَّدةِ السِّنُّ وجميعُ العِظامِ، كما يُسْتَثْنَى الظُّفُرُ؛ فإنَّها وإنْ كانَتْ محدَّدةً، فإنَّه لا يَجُوزُ الذبحُ بها، ولا تَحِلُّ الذبيحةُ بها.
4- أمَّا الظُّفُرُ: فإنَّها مُدَى الحبشةِ الذين يَذْبَحُونَ بها، ولا تَحِلُّ مشابَهَتُهم، كما أنَّ فيه مشابهةً للسِّباعِ التي تَفْرِسُ الصيدَ بأظفارِها، وجوارحِ الطيرِ التي تَفْرِسُ بمَخالِبِها.
5- مِثلُ السنِّ سائرُ العظامِ، فلا يَجُوزُ الذبحُ بها، ولا تَحِلُّ الذبيحةُ بهذا السنِّ، فهي –واللَّهُ أعلمُ - للبُعْدِ عن مشابهةِ السباعِ التي تَفْرِسُ بأنيابِها.
وأمَّا بقيَّةُ العظامِ، فإنْ كانَتْ مِن مَيْتَةٍ، أو حيوانٍ نَجِسٍ: فهي لنجاستِها، وإنْ كانَتْ طاهرةً: فلِحُرْمَتِها عن ملامسةِ النجاسةِ، وهو الدمُ المسفوحُ، فقد نَهَى عن الاستنجاءِ بها خَشْيَةَ تَنَجُّسِها؛ لأنَّها طعامُ إخوانِنا مِن الجِنِّ، كما في الحديثِ الصحيحِ، ولأنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّلَ حُرْمَةَ الذبْحِ بالسنِّ بأنه عَظْمٌ.
6- الرقَبَةُ فيها أربعةُ مَجارٍ: الحُلْقُومُ، وهو مَجْرَى النفَسِ، ومِن خَلْفِهِ المَرِيءُ، وهو مَجْرَى الطعامِ والشرابِ، وعن جانِبَيِ الرقبةِ الوَدَجَانِ: وهما عِرقانِ يَجْرِي معَهما الدَّمُ، فالواجِبُ قَطْعُ الحُلْقُومِ والمَرِيءِ، والأفضلُ: أنْ يُقْطَعَ معَهما الوَدَجَيْنِ؛ لأنَّه يَحْصُلُ بقطعِهما كمالُ النَّزِيفِ، وطهارةُ المذبوحِ، وسرعةُ إراحتِه.
وللأئمَّةِ فيها خلافٌ؛ فعندَ الشافعيِّ وأحمدَ: الواجبُ قطعُ الحلقومِ والمَرِيءِ، وعندَ أبي حَنِيفَةَ: زيادةُ قَطْعِ أحدِ الوَدَجَيْنِ، وعندَ مالكٍ: لابُدَّ مِن قَطْعِ الأربعةِ.
وقولُ الإمامِ مالكٍ جَيِّدٌ جِدًّا، فقدْ عَلِمْنَا من أصحابِ الخبرةِ أنَّ إخراجَ الدمِ ونزيفَه لا يكونُ إلاَّ بقَطْعِ الوَدَجَيْنِ اللَّذَيْنِ هما مَجْرَى الدَّمِ.
7- ويَدْخُلُ فيما أَنْهَرَ الدمَ ما له نُفُوذٌ في البدنِ، كالرَّصاصِ من البُنْدُقِيَّةِ؛ فإنَّها تَنْهَرُ الدَّمَ وتُسِيلُه، وتَقْتُلُ الصيدَ بنُفُوذِها ومُرُورِها في البدنِ، لا بِصَدْمِها وثِقَلِها، فالقتلُ بها حلالٌ، وقدِ انْعَقَدَ الإجماعُ عليه.
8- ومثلُ الصيدِ: الحيوانُ الأهليُّ من الإبلِ، أو البقرِ، أو الغنَمِ، أو الدجاجِ، إذا نَدَّتْ وتَأَبَّدَتْ وعُجِزَ عن إدراكِها، ولم يُقْدَرْ عليها، فإنَّها تكونُ كالصيدِ، يَحِلُّ قَتْلُها بالسهامِ، والرَّصاصِ مِن البُنْدُقِيَّةِ، والمُسَدَّسِ، والرَّشَّاشِ، ونحوِ ذلكَ مِن السلاحِ، بجَرْحِها في أيِّ موضعٍ مِن بَدَنِها.
فقدْ جاءَ في (الْبُخَارِيِّ) (5509) و(مُسْلِمٍ) (1968) من حديثِ رافعِ بنِ خَدِيجٍ قالَ: كُنَّا معَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سَفَرِه، فنَدَّ بَعِيرٌ مِن إِبِلِ القومِ، ولم يَكُنْ معَهم خَيْلٌ، فرَمَاهُ رجلٌ بسَهْمٍ فحَبَسَه، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا، فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا)).
9- قالَ الشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ بَازٍ: الذبْحُ الشرعيُّ هو الذي يَتَضَمَّنُ قَطْعَ الحُلْقُومِ والمَرِيءِ وإسالةَ الدَّمِ؛ فقدْ صَحَّ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قالَ: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ)). رَوَاه الْبُخَارِيُّ(5503) ومُسْلِمٌ (1968).
وأمَّا ما خُنِقَ من الحيوانِ والطيرِ حتى ماتَ، أو سُلِّطَ عليه تَيَّارٌ كَهْرَبائِيٌّ حتى ماتَ، فلا يُؤْكَلُ بالاتِّفاقِ، وإنْ ذُكِرَ اسمُ اللَّهِ عليه حينَ خَنْقِه أو تسليطِ الكَهرباءِ عليه،أو عندَ أَكْلِه، فهذا لا يُحِلُّه.
10- وقالَ الشيخُ عبدُ اللَّهِ بنُ حُمَيْدٍ: أَجْمَعَ العلماءُ على أنَّ مَحَلَّ الذكاةِ هو الحَلْقُ واللَّبَّةُ، ولا يَجُوزُ في غيرِ هذين الموضعيْنِ للمقدورِ عليه؛ فلا تَصِحُّ الذكاةُ إلا بقَطْعِ الحُلْقُومِ والمَرِيءِ عندَ الشافعيِّ وأحمدَ، وعندَ مالكٍ يُشْتَرَطُ معَهما قَطْعُ الوَدَجَيْنِ.
11- وقالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: الصحيحُ أنَّ جميعَ العظامِ لا تَحِلُّ الذكاةُ بها، كما عَلَّلَ ذلك النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ قالَ: ((أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ)). وممَّن اخْتارَه ابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللَّهُ تعالى.
12- وقالَ الأستاذُ صالِحٌ العودُ: لَفْظَةُ الذكاةِ تُنْبِئُ عن الطهارةِ، فقدْ ذَهَبَ علماءُ وظائفِ الأعضاءِ إلى أنَّ الذبحَ يُحْدِثُ صَدْمَةً نَزِيفِيَّةً، فيُجْتَذَبُ كلُّ الدَّمِ السائلِ إلى دورةِ الدمِ، ويَنْسَابُ مِن خلالِ العروقِ المقطوعةِ.
أمَّا الطرُقُ الإِفْرِنْجِيَّةُ الحديثةُ لإزهاقِ رُوحِ الحيوانِ كالصَّعْقِ بالكَهْرباءِ، وضَرْبِ المُخِّ بالمسدَّسِ، وتَغْطِيسِ الطيورِ بالماءِ، وفَتْلِ أعناقِها، وما إلى ذلك مِن الطرُقِ، فهي - إلى حُرْمَتِها الشرعيَّةِ - طُرُقٌ عقيمةٌ مُضِرَّةٌ بالصحَّةِ؛ فإنَّ الحيوانَ بالتدويخِ والصَّعْقِ يُصابُ قبلَ إزهاقِرُوحِه بالشَّلَلِ، ويُسَبِّبُ احتقانَ الدمِ باللحْمِ والعروقِ، حيثُ لا يَجِدُ منفذاً، واحتقانُ الدمِ في اللحمِ يَضُرُّ بصحَّةِ الإنسانِ، كما يُسَبِّبُ تَعَفُّنَ اللحْمِ، وتَغَيُّرَ لونِه.
وقد أَدْرَكَ هذا مُنْتِجُو اللحومِ الدِّنِمَارْكِيَّةِ، فرَفَعُوا شَكْوَى إلى حُكُومَتِهم مُطالِبِينَ بوَقْفِ التدويخِ بالكَهْرَباءِ، وحَظْرِ استعمالِها.
وهنا نَتَبَيَّنُ عظمةَ الإسلامِ، وأنه دينُ العقلِ والنظافةِ والصحَّةِ والرحمةِ.
*قرارُ المَجْمَعِ الفِقْهِيِّ الإسلاميِّ بشأنِ موضوعِ الذبْحِ بالصَّعْقِ الكَهربائيِّ:
الحمدُ للهِ وَحْدَه، والصلاةُ والسلامُ على مَن لا نَبِيَّ بعدَه، سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى آلِهِ وصَحْبِه وسَلَّمَ.
أمَّا بعدُ.
فإنَّ مَجْلِسَ المَجْمَعِ الفِقْهِيِّ الإسلاميِّ برابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ في دَوْرَتِه العاشرةِ المُنْعَقِدَةِ بمكَّةَ المكرَّمَةِ في الفترةِ مِن يومِ السبتِ 24 صَفَرَ 1408 هـ، الموافِقِ 17 أكتوبرَ 1987 م، إلى يومِ الأَربِعاءِ 28 صَفَرَ 1408 هـ، الموافِقِ 21 أكتوبرَ 1987 م، قد نَظَرَ في موضوعَِبْحِ الحيوانِ المأكولِ بواسطةِ الصَّعْقِ الكَهربائيِّ) وبعدَ مناقشةِ الموضوعِ، وتداوُلِ الرأيِ فيه، قَرَّرَ المَجْمَعُ ما يَلِي:
أوَّلاً: إذا صُعِقَ الحيوانُ المأكولُ بالتيَّارِ الكَهربائيِّ، ثمَّ بعدَ ذلك تَمَّ ذَبْحُه أو نَحْرُه، وفيه حياةٌ، فقد ذُكِّيَ ذكاةً شرعيَّةً، وحَلَّ أَكْلُه؛ لعمومِ قولِه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3].
ثانياً: إذا زَهَقَتْ رُوحُ الحيوانِ المصابِ بالصعْقِ الكهربائيِّ قبلَ ذَبْحِه أو نَحْرِه، فإنَّه مَيْتَةٌ يَحْرُمُ أكلُه؛ لعمومِ قولِه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}.
ثالثاً: صَعْقُ الحيوانِ بالتيارِ الكَهربائيِّ–عالِي الضَّغْطِ - هو تعذيبٌ للحيوانِ قبلَ ذبحِه أو نَحْرِه، والإسلامُ يَنْهَى عن هذا، ويَأْمُرُ بالرحمةِ والرأفةِ به، فقد صَحَّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قالَ: ((إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)). رَوَاه مُسْلِمٌ.
رابعاً: إذا كانَ التيَّارُ الكَهربائيُّ مُنْخَفِضَ الضغْطِ، وخفيفَ المَسِّ،بحيثُ لا يُعَذَّبُ الحيوانُ، وكانَ في ذلك مصلحةٌ، كتخفيفِ أَلَمِ الذبْحِ عنه، وتَهْدِئَةِ عُنْفِه ومُقاومتِه، فلا بأسَ بذلك شَرْعاً؛ مراعاةً للمصلحةِ، واللَّهُ أعلَمُ.
وصَلَّى اللَّهُ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشيخ, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir